مسرحية للفتيان " الملك البديل " تأليف طلال حسن
مجلة الفنون المسرحيةالكاتب طلال حسن |
الفصل الأول
قاعة العرش ، نافذة تطل
على الحديقة ، الملك ، الملكة
الملك : الوقت يمرّ بسرعة ، هذه المرة ستكون
النهاية ، لقد تأخر ، يا للشؤم ، إلامَ
أنتظر ؟
الملكة : ليتك تهدأ قليلاً ، يا عزيزي ، لا داعي
لكل هذا القلق .
الملك : لن أكون ارا ـ ايميتي ، ملك ايسن ،
وحفيد اشبي ـ ارا " بغيظ " سموئيل ،
أيها اللعين " يصيح " أريد الكاهن .
الملكة : اصبر ، يا عزيزي ، سيأتي الكاهن في
الحال .
الملك : يا للآلهة ، سموئيل هذا ، يريد أن يتشبه
بجده الجزار كونكتوم " بانفعال "أين
هو ؟ أرسلتُ في طلبه أكثر من مرة .
الملكة : أنت تنسى أن الليل يوشك على الانتهاء .
الملك : وأنتِ تنسين ، أنني أنا الملك .
الملكة : وفوق ذلك هو " تتمالك نفسها " هو
رجل عجوز .
الملك : وأنا أيضاً .
الملكة : " تنظر إليه " ….
الملك : فلتأخذه الآلهة .
الملكة : يبدو أنني لن أنام الليلة .
الملك : " يطل من النافذة " آه ، تعالي ،
وانظري .
الملكة : " تقترب من النافذة " ماذا ؟
الملك : " يشير برأسه " انظري ، انظري .
الملكة : " تنظر عبر النافذة " آه .
الملك : " ينظر إليها مستنكراً " ….
الملكة : إنه الربيع .
الملك : الربيع !
الملكة : هذا يذكرني ..
الملك : دعك مما يذكرك ، انظري من يقف إلى
جانب أحواض الورد .
الملكة : هذا انليل ـ باني .
الملك : ومعه الأميرة ، ابنتي أنا .
الملكة : آه .
الملك : من انليل ـ باني هذا ؟
الملكة : البستاني الجديد .
الملك : لعله من لارسا ، دسّه عليّ سموئيل ، يا
ويلي .
الملكة : دعك من هذه الوساوس ، إنه بستانيّ
شاب من ريف ايسن .
الملك : حلمي لم يخب مرة ، هذه هي النهاية،
أين هذا الكاهن ال ..؟ " للملكة " نادي
ابنتكِ .
الملكة : لا داعي ، هاهي قادمة .
الملك : عليها أن لا تنسى أنها الأميرة ، وهذا
واجبك أيضاً ، فأنت " يتمتم مغتاظاً "
لم يأتِ بعد .
تدخل الأميرة ساهمة ،
وفي يدها وردة
الأميرة : أبتِ .
الملك : " يهمهم " هم م م م .
الأميرة : ليس من عادتك أن تستيقظ مع الفجر .
الملك : وهذا ، على حد علمي ، ليس من
عادتك أيضاً .
الأميرة : أنت محق ، يا أبتِ .
الملكة : " تبتسم " ….
الأميرة : إنه الربيع .
الملكة : " تنظر إلى الملك مبتسمة " ….
الملك : الربيع !
الملكة : إنني أفهمكِ ، يا بنيتي ، فقد كنتُ ذات
يوم فتية ، في عمرك ، يا عزيزتي .
الملك : مهما يكن ، يا بنيتي ، فيجب أن لا
تتحدثي مع البستاني ، في ضوء القمر .
الأميرة : بالعكس ، يا أبتِ ، ثم .. إنه شاب ..
شاب طيب .
الملك : هراء ، لم أرَ في حياتي طيباً من لارسا،
سواء كان شاباً أو غير شاب .
الملكة : إنه ليس من لارسا ، يا للآلهة ، لقد قلتُ
لك هذا قبل قليل .
الملك : مستحيل ، لابد أنه من لارسا ، فله أنف
ملكها .. سموئيل .
الأميرة : لابدّ أن سموئيل جميل ، مادام له مثل
هذا الأنف .
الملك : صه ، لا أريد أن أسمع اسم سموئيل "
يهرش متضايقاً " هذا اللعين ، إنه
يسبب لي حكة شديدة .
يفتح الباب ، ويدخل
الحارس ، وينحني للملك
الحارس : مولاي ، الكاهن .
الملك : دعه يخل .
الحرس : أمر مولاي .
الملك : " يصيح " تحرك ، بسرعة .
الحارس : " يخرج بسرعة " أمر مولاي .
الأميرة : أبتِ ..
الملك : امضي الآن ، إنني مشغول ، هيا ،
اذهبي مع أمكِ .
الأميرة : من فضلك ، لحظة واحدة .
الملك : لقد سمعتِ الحارس ، الكاهن بالباب ،
وسيأتي حالاً .
الأميرة : أريد أن أراه ، فقد رأيتُ الليلة حلماً .
الملكة : آه .. هذا هو الربيع .
الملك : سحقاً للربيع ، اذهبي الآن .
الملكة : هيا يا بنيتي ، فأبوك أيضاً رأى الليلة
حلماً .
الملك : نعم ، لكن ليس بفعل الربيع ، اذهبي ،
يا بنيتي ، الكاهن قادم ، فلتأخذ الآلهة
سموئيل .
الملكة والأميرة تخرجان ،
الكاهن يدخل متأوهاً
الكاهن : عمت صباحاً ، يا مولاي .
الملك : ماذا جرى ؟ يبدو أنني لم أعد ارا ـ
ايميتي ، منذ أكثر من ساعة ، وأنا
أنتظرك هنا .
الكاهن : عفواً مولاي ، عفواً ، لكن الطبيب ، يا
مولاي ، نصح جلالتك أن تنام حتى ..
الملك : أنام !
الكاهن : نعم ، يا مولاي ..
الملك : وأنى لي أن أنام ؟ " بانفعال " الحلم
نفسه مرة أخرى .
الكاهن : يا للآلهة ، مولاي ، لقد كتبتُ الرقية
بنفسي .
الملك : لا عجب ، إنه أمي ، لا يقرأ السومرية ،
ولا يكتبها .
الكاهن : من ؟ الأسد ؟
الملك : كلا ، ليس الأسد ، بل الحمار .
الكاهن : مولاي ، أرجوك ، لا تقل هذا ، قد يدخل
حلمك التاريخ .
الملك : لا يهمني التاريخ ، أريد الخلاص .
الكاهن : مع هذا ، يا مولاي ، لنقل أن ..
الملك : لقد رفسني هذه المرة .
الكاهن : مولاي ، لنقل أنه .. أعني .. الأسد ..
هاجمك ..
الملك : " يهز رأسه " …..
الكاهن : وأنك ، مثل جدك العظيم اشبي ـ ارا ، قد
صرعته ، وقضيت عليه .
الملك : بل هو .. صرعني .
الكاهن : الأسد .
الملك : كلا ، الحمار .
الكاهن : مولاي .
الملك : وكل ما أخشاه ، أن يكون هذا اللعين ،
حماراً من لارسا .
يفتح الباب ، ويدخل
الحارس ، وينحني للملك
الحارس : مولاي ، الوزير .
الملك : الوزير ! يا للآلهة ، إنني لم أرسل في
طلبه .
الكاهن : للوزير ، يا مولاي ، كما تعرف ، حاسة
خاصة .
الملك : هذا ما يريبني منه ، ويقال أن جدة أمه
من لارسا .
الكاهن : الخطر في رأيي ، ليس كله في لارسا .
الملك : هذا رأيك ، لكن حلمي " يحدق في
الحارس " تحرك .
الحارس : " مضطرباً " مولاي .
الملك : دعه يدخل .
الحارس : " يخرج مسرعاً " أمر مولاي .
الملك : الوزير ، أهذا وقته ؟ سيصدع رأسي
بـ… " بانفعال " الحمار .. هو ما
يهمني الآن .
يدخل الوزير ،
وينحني للملك
الوزير : عمت صباحاً يا مولاي .
الملك : " يحدق فيه منزعجاً " …
الوزير : تحياتي .. سيدي الكاهن .
الكاهن : أهلاً بك .
الوزير : جيد أنك هنا ، يا سيدي .
الكاهن : خيراً ، أقلقتني .
الملك : لا يبدو أنه خير ، انطق .
الوزير : مولاي ، ملك لارسا ..
الملك : محال ، لن أدعه يرفسني .
الوزير : مولاي !
الكاهن : لا تقل ، أن سموئيل ، يتجه بقواته
نحونا.
الوزير : هذا ما سيفعله يا سيدي ، إذا لم نردعه .
الملك : إنه الشؤم ، أريد حلاً .
الوزير : فلنردع لارسا .
الكاهن : هذا انتحار .
الملك : أريد حلاً .. أريد حلاً .. وإلا …
يدخل الحارس ،
وينحني للملك
الحارس : مولاي .
الملك : أريد .. " يصيح " ماذا ؟
الحارس : عفواً مولاي .
الملك : ما الأمر ؟ تكلم .
الحارس : البستاني ؟ يا مولاي .
الملك : انليل .. باني !
الحارس : " يهز رأسه مضطرباً " …
الملك : لم يعد لي شأن بالربيع ، أريد .. "
يصيح " لقد رفسني .
الحارس : مولاي .
الملك : لابد من حل وإلا .. " يصيح بالحارس "
أخرج .
الحارس : يخرج مسرعاً .. أمر مولاي .
يدخل البستاني ،
وفي يده باقة ورد
البستاني : أسعدت صباحاً يا مولاي .
الملك : يا لآلهة العالم الأسفل ، والأنكى أن
يكون من لارسا .
البستاني : سمعتك يا مولاي ، تصيح منزعجاً ،
فقدمت .. لعلي .. " يقدم للملك باقة
الورد " مولاي .
الملك : " يتأمله مفكراً " …
البستاني : هذه أولى الزهور يا مولاي ، وما زال
ندى الفجر فوقها .
الكاهن : يبدو أن السومرية ستعرف شاعراً
جديداً.
الملك : " يصيح فرحاً " وجدته .
البستاني : مولاي !
الملك : وجدت الحل ، وجدته .
الوزير : الحل !
الكاهن : مولاي .
الملك : أيها الكاهن ، تأمله .
الكاهن : إنه الربيع ، ربيع ايسن .
الملك : الربيع ! فليكن ، الربيع المؤقت .
البستاني : " يقدم باقة الورد للملك " تفضل يا
مولاي .
الملك : " يمسك يده " أنت .. تفضل .
البستاني : مولاي .
الملك : " يقوده إلى العرش " تفضل .
الوزير : مولاي .
البستاني : أرجوك يا مولاي .
الملك : هذا مكانك .
البستاني : إنني بستاني .
الملك : " بحزم " أجلس " ثم يبتسم " من
فضلك.
الوزير : مولاي الملك .
الملك : لست الملك .
الوزير : مولاي .
الكاهن : مسكين أيها الربيع ، لن تطول أيامك ،
لكنك ستدخل التاريخ .
الملك : " للبستاني " لا خيار ، أنت الحل ..
المؤقت " يضع التاج على رأس
البستاني " فلننحن ِ للملك .. الملك
البديل.
الملك ينحني قليلاً ،
ومعه ينحني الكاهن والوزير
إظلام
الفصل الثاني
قاعة العرش ، الوقت
ليل ، الملك ، الملكة
الملك : يا للآلهة " يتأمل العرش " عرشي ،
عرشي العزيز " بانزعاج " ما أطول
المائة يوم هذه .
الملكة : لا تتعجل ، لم يبقَ إلا ساعات .
الملك : أكاد أجن ، ليس بإمكاني أن أحتمل
أكثر.
الملكة : أنت لا تنام ، ولا تدعني أنام .
الملك : يا ويلي ، تريد أن تنام " يصيح " أنتِ
الملكة " بغيظ " آه أيها اللعين ..
سموئيل .
الملكة : دعك من الغضب ، هذا كله وهم .
الملك : " بغضب " كلا ، الكاهن .. ، والوزير
جدة أمه من .." قلقاً " لقد تأخر .
الملكة : هذه ساعته الأخيرة ، ليتك تدعه ينام .
الملك : سينام طويلاً ، لعلي بعدها أرتاح .
الملكة : مسكين انليل ـ باني ، شاب كالربيع ،
إنني أرثي له .
الملك : " بانزعاج " أنتِ ترثين للجميع عداي ،
أنا الملك .
يفتح الباب ، ويدخل
الحارس ، وينحني للملك
الحارس : مولاي ، انليل ـ باني .
الملك : لم تتعلم ، ولن تتعلم ، أيها الأحمق ، لا
تقل انليل ـ باني ، قل الملك .
الحارس : عفواً مولاي ، الملك انليل .
الملك : ليتفضل .
الحارس : أمر مولاي .
الملك : " يصيح " أسرع .
الحارس : " يسرع " أمرك مولاي " يخرج " .
الملك : الملك انليل .
الملكة : المسكين ، سيغرب مع شروق الشمس .
الملك : يا للآلهة ، ليتك تكرميني بصمتكِ .
يدخل انليل باني ،
والتاج في يده
البستاني : عمتم مساء .
الملكة : أهلاً انليل .
الملك : انليل مرة أخرى ؟ قولي .. جلالة الملك.
الملكة : بنيّ ، أتمنى أنك بخير .
الملك : بنيّ ! آه ، ستقتلني .
البستاني : إنني ، مولاتي ، بخير .
الملكة : أرى أن التاج لا يعجبك ، فقلما أبصرته
في مكانه ، فوق رأسك .
البستاني : لم أتعود عليه ، إنه ثقيل .
الملك : ذهب وأحجار كريمة ، ثقيل ! لا عجب،
بستاني .
البستاني : ثم إن رائحته ..
الملك : " يحدق فيه حانقاً " ….
البستاني : أعني ، وربما لأني بستاني ، أنا أحب
رائحة الأزهار .
الملك : منذ أيام ، لم أرك تتجول ، على عادتك ،
في الحديقة 0
البستاني : لقد انقضى الربيع .
الملك : الصيف عندنا جميل ، وأزهاره أيضاً
جميلة .
البستاني : هذا حق ، لكن ما يعقبه ، ويا للأسف ،
الخريف .
الملك : لا تقل هذا " يقاوم الحكة " لا تقله ،
إنني أتشاءم .
البستاني : والخريف يعقبه ..
الملك : " يتلوى مقاوماً الحكة " يقول الكاهن ،
وهو حجة في هذا الموضوع ، أن العالم
الآخر ربيع دائم .
البستاني : " ينظر إلى الملك " ….
الملك : " اللعنة " يحك " سأقيم لك الساعة ..
وليمة .
البستاني : كفى ، يا مولاي ، كفى ولائم ، لقد سمن
خروفك .
الملك : خروفي ! أنت الملك .
البستاني : سيضحى بي مع شروق الشمس ، وبذلك
ينتهي الشؤم .
الملك : تعال " يمسك يده " تعال واجلس على
عرشك .
البستاني : لا يا مولاي ، دعني أجلس هنا " يجلس
قرب العرش " آه .. إنني تعبان ..
تعبان .
الملكة : ليتك تذهب إلى فراشك ، وتنام بعض
الوقت .
البستاني : سأنام قريباً ، وبعدها لن أستيقظ .
الملكة : مسكين ، يا انليل ، مسكين .
الملك : مرة أخرى ؟
الملكة : " لا تلتفت إليه " ….
الملك : " للبستاني " تماسك ، لا تنسَ أنك
الملك.
البستاني : الملك البديل ، كيف أنسى ؟ آه .
الملكة : إنه متعب ، متعب جداً " تمسك يد الملك
" تعال ، ولندعه يرتح قليلاً .
الملك : دعيني ، لم أحدثه بعد .
الملكة : لقد قتلته بالأحاديث ، هيا ، لتشرب
حساءك ، لعلك تنام أنت أيضاً .
الملك : حساء مرة أخرى ؟ يا للآلهة ، سيقتلني
هذا الحساء .
الملكة : " تجر الملك " تعال .. تعال .
الملك : أريد .. خروفاً .
البستاني : الخروف .. قد .. سمن .
الملك : اللعنة ، آه سموئيل .
الملكة : الطبيب أوصى بالحساء ، ولن تتناول
غير الحساء .
الملك : " يسحب يده ، ويخرج منفعلاً " حساء
.. حساء .. آه .. حالما أعود إلى
العرش، مع شروق الشمس ، سآمر
بشنق هذا الطبيب .
الملكة : انليل .
البستاني : " يقف " مولاتي .
الملكة : اسمعني ، يا بنيّ .
البستاني : خيراً ، يا مولاتي .
الملكة : لا تبقَ في ايسن .
البستاني : مولاتي !
الملكة : اهرب ، يا انليل ، اهرب .
الملك : " من الخارج " أين أنتِ ؟ تعالي ، إنني
جائع .
الملكة : ها إني قادمة " تتراجع خارجة " الحياة
أمامك ، اهرب ، اهرب .
البستاني : هذا سبب آخر للبقاء ، آه ، ألا تكفي
الأميرة وايسن ؟
البستاني يتجه إلى النافذة ،
الحارس والوزير عند الباب
الحارس : مهلاً سيدي ، جلالته متعب .
الوزير : يا للوقاحة ، هذا ليس شأنك ، أنا الوزير.
الحارس : لكن سيدي ..
الوزير : عد إلى مكانك .
الحارس : " متردداً " أمر .. سيدي .
الوزير : إذا جاء أحد ، أبلغني .
الحارس : أمر سيدي .
الوزير : امض ِ الآن ، بسرعة .
الحارس : " يمضي منزعجاً " ….
الوزير : انليل .
البستاني : انليل ! أيها الوزير ..
الوزير : أصغ ِ إليّ .
البستاني : يبدو أنك لم تتعلم بعد ، كيف تخاطب
الملك ؟
الوزير : كفاك تبالهاً ، أنت مجرد أضحية .
البستاني : كلا .
الوزير : نعم ، أضحية ..
البستاني : لتعلم أنت بالذات ، أنني ملك .
الوزير : وسيضحى بك ، عند شروق الشمس .
البستاني : ليكن ، وحتى تلك الساعة ، أنا ملك ،
وأنت وزير .
الوزير : اهرب.
البستاني : أهرب ! لابد أنك جننت .
الوزير : اهرب قبل فوات الأوان .
البستاني : أنا ملك ، والملك لا يهرب .
الوزير : ستموت ، يا انليل ، وتنسى بعد أيام .
البستاني : هناك أمر ، وسأعرفه .
الوزير : لا أريد أن تموت عبثاً ، هذا كلّ الأمر .
البستاني : الملك ارا ـ ايميتي ، أرادني أن أموت
من أجل ايسن .
الوزير : هذا وهم ، ايسن ليست بحاجة إلى
موتك، هيا ، الوقت يمرّ ، اهرب ،
اهرب .
يفتح الباب ، ويدخل
الحرس ، ويخاطب البستاني
الحارس : مولاي .
الوزير : ما الأمر ؟
الحارس : الأميرة ..
البستاني : الأميرة !
الوزير : ما الذي جاء بها الآن ؟ " يتمتم " لا
أريد أن تراني هنا " يتجه نحو الحديقة
" فلأخرج من هذا الباب " وهو يخرج
" اعمل بما قلته لك ، وإلا متّ .
الحارس : " قلقاً " مولاي .
البستاني : لا عليك ، كل شيء على ما يرام .
الحارس : عاشت ايسن .
البستاني : " يبتسم له " اذهب ، يا صديقي ،
الأميرة قادمة .
يسرع الحارس إلى
الخارج ، وتدخل الأميرة
الأميرة : انليل .
البستاني : " يسرع إليها " مولاتي .
الأميرة : اسمعني ، اسمعني ، يا انليل .
البستاني : ما الأمر ؟
الأميرة : اهرب .
البستاني : مولاتي .
الأميرة : لولا ايسن لهربت معك .
البستاني : مولاتي ، لم أجرؤ أن أقولها ، فقلتها
أنتِ .
الأميرة : انليل .
البستاني : " يهز رأسه " لن أهرب .
الأميرة : أيها المجنون ، أنت تنتحر .
البستاني : فليكن ، لقد قلتها ، وسأبقى من أجل
ايسن ، ومن أجل ..
ترتفع أصوات عويل،
من داخل القصر
الأميرة : يا إلهي ، ما الأمر ؟
البستاني : لا تقلقي ، يا مولاتي .
الأميرة : أرجوك ، نادِ الحارس .
البستاني : سأناديه ، اهدئي يا مولاتي " يصيح "
أيها الحارس.
الحارس : " يدخل مضطرباً " مولاي .
البستاني : أسمع عويلاً داخل القصر .
الأميرة : ماذا يجري ؟
الحارس : لا أدري ، لا أدري ، يا مولاتي .
البستاني : اذهب ، وانظر ما الأمر .
الحارس : سمعاً وطاعة ، يا مولاي .
الأميرة : أسرع .
الحارس : " يسرع " أمر مولاتي .
الأميرة : يا إلهي ، العويل يزداد .
البستاني : اهدئي ، سنعرف الأمر بعد قليل .
الحارس : " يتوقف عند الباب " مولاتي .
الأميرة : لماذا توقفت ؟ أسرع ، وانظر ما الأمر .
الحارس : مولاتي ، هناك جارية ، تسرع نحونا .
الأميرة : هيا إذن ، استعجلها .
الحرس : أمر مولاتي " يشير للجارية " أسرعي،
اسرعي .
يتنحى الحارس قليلاً ،
تدخل الجارية مولولة
الجارية : يا ويلنا ، يا ويلنا .
البستاني : مهلاً ، أخبرينا ..
الأميرة : ماذا جرى ؟ تكلمي .
الجارية : مولاي .. الملك .
الأميرة : أبي ؟
الجارية : نعم ، الملك .
الأميرة : ما باله ؟ ما بال أبي ؟
الحرس : كفى بكاء ، تكلمي .
الجارية : سرط .. حساء.. ومات .
البستاني : مات !
الأميرة : يا ويلي " تسرع باكية نحو الخارج "
أبي .. أبي .
البستاني : " يحاول تهدئتها " مولاتي .
الأميرة : أرجوك ، دعني " وهي تخرج " أبي ،
أبي ، أبي .
الجارية : " تخرج في إثرها باكية " ….
الحارس : مولاي ..
البستاني : " ينظر إليه " ….
الحارس : لم أسمع في حياتي ، أن الحساء قد قتل
أحداً .
البستاني : إلا إذا كان هذا الحساء ..
الحارس : من يدري .
البستاني : أيها الحارس .
الحارس : مولاي .
البستاني : أريد قائد الجند ، في الحال .
الحارس : أمر مولاي .
البستاني : أسرع من فضلك ، أسرع .
الحارس : " يخرج مسرعاً " أمر مولاي .
البستاني : ايسن بلا ملك ، مات ارا ـ ايميتي "
يضع التاج على رأسه " لن تبقى ايسن
بلا ملك " يقترب من كرسي العرش "
ليعلم الجميع ، الأعداء قبل الأصدقاء ،
أن لايسن ملكاً وأنني أنا الملك ، أنا
ملك ايسن .
البستاني يجلس على
العرش ، صمت تام
إظلام
الفصل الثالث
قاعة العرش ، قبيل الفجر ،
البستاني يقف عند النافذة
البستاني : هاهو الفجر ، لقد ولى الليل ، أيتها
الآلهة ، ليكن هذا فجر ايسن ، رحل
ارا ـ ايميتي ، ورحل قبله ، وسيرحل
بعده ، كثيرون ، لكن لتبقَ ايسن .
الحارس : " يدخل لاهثاً " مولاي ، إنهم آنون .
البستاني : ها أنذا ، فليأتوا .
الحارس : " الضجة تقترب " مولاي .
البستاني : الذئب في الشرك ، امض ِ ، وأعط ِ
الإشارة لقائد الجند .
الحارس : " يتجه إلى باب سري " أمر مولاي .
البستاني : وحالما يتم الأمر ، أبلغني .
الحارس : أمرك .. " يتوقف " مولاي ، الأميرة
والكاهن ..
البستاني : سيكونان بخير ، أسرع أنت .
الحارس : " يخرج مسرعاً " أمرك مولاي .
البستاني : لن أرحم الذئب ، إذا مسّ شعرة منها "
الضجة تقترب " هاهو آت، ومعه
ضباعه .
البستاني أمام العرش ،
يدخل الوزير وأعوانه
الوزير : انليل .
البستاني : ها أنت هنا مع ..
الوزير : عرفتُ أني سأجدك في هذه القاعة .
البستاني : إنني أنتظرك ، فأنا أعرف أن العرش
هو هدفك .
الوزير : أنت ترى ، لقد سقط القصر .
البستاني : ايسن ليست القصر فقط .
الوزير : من يمسك القصر ، يمسك ايسن .
البستاني : هذا رأي جدير بذئب .
الضابط : يتقدم ويده فوق مقبض سيفه " اخرس يا
بستاني ..
الوزير : توقف .
الضابط : مولاي ، دعني ..
الوزير : دعه لي .
الضابط : " يتراجع " أمر مولاي .
البستاني : منذ ساعات أردتني أن أهرب .
الوزير : أردت مصلحتك ، لو كنت مكانك
لهربت .
البستاني : وأنا أردتُ مصلحة ايسن ، فبقيت .
الوزير : هذا ليس شأنك ، فأنت .. بستاني .
البستاني : " يجلس على العرش " أنا الملك ، ملك
ايسن .
الوزير : " يمسك مقبض سيفه " انهض ، البستان
مكانك ، وليس العرش .
البستاني : كلا ، هذا مكاني ، حتى شروق الشمس،
فأنا الملك البديل .
الوزير : " يتقدم من البستاني " انهض ، انهض
وإلا لن ترى الشمس تشرق .
البستاني : مهلاً " ينهض " كنتُ بستانياً ، وأنا
أحب الشروق .
الوزير : ستبقى بستانياً .
البستاني : من يدري ، أنت لا تعرف ما يخبيء
الغيب .
الوزير : " يمد يده " والآن ، أيها البستاني ،
اعطني التاج .
البستاني : التاج ؟ " يخلع التاج "
الوزير : هاته .
البستاني : لكنه ، كما تعلم أيها الوزير ، إنه للملك
ارا ـ ايميتي .
الوزير : لقد مات ارا ـ ايميتي ، أخذته الألهة إلى
العالم الأسفل ، وقد تأخذك معه إذا ..
البستاني : حسن ، سأعطي التاج ، لكن بحضور
الأميرة والكاهن .
الضابط : " يمسك مقبض سيفه " مولاي ، هذا
البستاني لا ينفع معه إلا ..
الوزير : مهلاً .
الضابط : " يتراجع مغالباً انفعاله " ….
الوزير : لا بأس ، ستأتي الأميرة ، وكذلك
الكاهن.
البستاني : هذا عين العقل .
الوزير : " للضابط " هات الأميرة والكاهن ،
بسرعة .
الضابط : أمر مولاي " يخرج بسرعة "
الوزير : سيأتيان حالاً .
البستاني : إنني أحب النظام ، والدقة ، ربما لأني ..
كنت بستانيا ً .
الوزير : يبدو أنك لن تكون حتى بستانياً ، فقد
تلحق سريعاً بصاحبك ارا ـ ايميتي .
البستاني : رغم أني كنتُ بستانياً ، إلا أنني أحذر
الحساء .
الوزير : " يتمتم " الحساء !
البستاني : وخاصة إذا كان فيه .. بهارات .. من
ملك لارسا ، أو من ملك الأموريين .
يفتح الباب ، ويدخل
الضابط بالأميرة والكاهن
الوزير : هاهي الأميرة والكاهن .
البستاني : " يسرع إلى الأميرة " مولاتي .
الأميرة : انليل .
البستاني : لا تقلقي ، لست وحيدة .
الأميرة : لم تصغ ِ إليّ ، قلت لك ، اهرب .
البستاني : لا يا مولاتي ، لستُ من يهرب ، في
ظرف كهذا .
الكاهن : " يئن " آه .
البستاني : " يسرع إليه ويسنده " سيدي الكاهن .
الكاهن : ايسن .
البستاني : تفضل هنا ، أنت متعب .
الكاهن : " يجلس منهكاً " آه .. ايسن .
البستاني : لا عليك ، ايسن بخير " يضع التاج على
رأسه " وبخير أنا .. الملك .
الوزير : " بغضب " انليل .
البستاني : بل جلالة الملك ، يا وزير .
الوزير : كفاك لعباً بالنار .
البستاني : حقي ، وهو حق مقدس " يطل من
النافذة " أن أبقى الملك ، حتى شروق
الشمس .
الوزير : هاهو الكاهن ، وهو أعرف منك بهذا
.. المقدس.
البستاني : الكاهن متعب، ولا داعي لإحراجه.
الوزير : "للكاهن" مره وإلا..
الكاهن : مولاي .
الوزير : " غاضبا " لا تقل مولاي ، انه مجرد
بستاني.
الكاهن : إنني كاهن ، ولن آمر إلا بما تأمر به
الآلهة .
البستاني : والآلهة لا تأمر إلا بان أبقى الملك "
يطل من النافذة" حتى شروق الشمس .
الوزير : "للأميرة " كلميه أنت ، فهو يصغي
إليك .
الأميرة : لقد كلمته كثيرا، دون جدوى .
الوزير : لا أريد أن ألوث هذه القاعة بالدماء
كلميه، وسأحفظ حياتك، وحياته أيضا .
البستاني : من جهتي ، أنا لا تهمني حياتي .
الوزير : وحياتها حياة الأميرة .
البستاني : " يقف واجماً "…..
الوزير : لا تقل لي ، إنها لا تهمك.
الأميرة : دعك منه ، لست بأفضل من أبي.
الوزير : أنتما شابان ، في عمر الورود ، وقد
تعيشان .. معا.. سنين طويلة .
البستاني : لنتمهل قليلاً ، لم العجلة ؟ " يطل من
النافذة " هاهي الشمس تكاد تشرق،
وستشرق فوق ايسن.
الوزير : " يستل سيفه غاضبا" لن أدعك ترى
الشمس .
الحارس يدخل لاهثاً
من الباب السري
الحارس : مولاي.
البستاني : هاهي الشمس قد أشرقت " أصوات
مختلطة ترتفع من القصر والحديقة " .
الوزير : "يقف مضطربا" اسمع قعقعة سلاح،
ماذا يجري؟
الضابط : "يستل سيفه" إلى السيوف " الجنود
يستلون سيوفهم " مولاي ، نحن هنا،
والقصر بأيدينا.
الوزير : "يقترب من البستاني" أيها البستاني
اللعين، هات التاج.
البستاني : تاج ايسن ليس للخونة.
الوزير : "يهجم على البستاني" سأمزقك.
البستاني : "يمسك يده" ستركع ذليلا أمام ايسن ،
ولن ترحمك ، أو ترحم من أراد بيعها
للغريب " يدخل قائد الجند ومعه جنود
مسلحون.. هاهم فرسان ايسن ..
فرسان الشمس.
القائد : " للضابط وجنوده " ارموا سيوفكم "
الضابط والجنود يرمون سيوفهم القائد
يتقدم من البستاني " مولاي.
البستاني : "يدفع الوزير..خذوا هذا الذئب الخائن ،
حتى تقول ايسن فيهم كلمتها .
القائد : امر مولاي.
القائد وجنده المسلحون
يخرجون بالوزير وأعوانه
الحارس : مولاي، مرت العاصفة .
البستاني : نعم ، مرت يا صديقي .
الحارس : "يتململ محرجاً" سأقف .. بالباب .
البستاني : أشكرك.
الحارس : "ينسحب محرجا"…
الشمس تشرق،
وتغمر بنورها قاعة العرش
البستاني : هاهي الشمس تشرق.
الكاهن : وتشرق دائما فوق ايسن.
الأميرة : "تبكي" أبي المسكين.
الكاهن : بنيتي، هذه مشيئة الآلهة .
الأميرة : تركت أمي للوحدة والحزن.
الكاهن : كوني قوية يا بنيتي وستفرح أمك بك
وبايسن.
الأميرة : "تحاول أن تتمالك نفسها" ….
البستاني : مولاتي .
الأميرة : انليل .
البستاني : ايسن الآن حرة ، كريمة .
الأميرة : ونريدها أن تبقى دائماً حرة ، كريمة .
البستاني : البارحة أمرتني ، يا مولاتي أن
أهرب.
الأميرة : وقد عصيتني ، ولم تهرب .
البستاني : عفواً مولاتي ، سأنفذ اليوم ما أمرتني به
البارحة .
الأميرة : اليوم ليس البارحة .
البستاني : مهما كان الأمر ، فقد آن لي أن أذهب .
الأميرة : وهذا محال .
البستاني : مولاتي .
الأميرة : مولاي ، أنت الملك .
البستاني : " محتجاً " مولاتي .
الأميرة : هذا ليس رأيي فقط .
الكاهن : حقاً ، إنه رأي ايسن كلها .
البستاني : لكن الشمس أشرقت .
الكاهن : لولاك لأشرقت فوق ايسن ذليلة
مستعبدة.
الأميرة : انليل ، ايسن بحاجة إليك .
البستاني : مولاتي ، مريني فأطيع .
الأميرة : مولاي ، ابقَ .
البستاني : مولاتي .
الأميرة : ابق … أو … أهربُ معك .
البستاني : " ينظر إليها صامتاً " ….
الكاهن : سيبقى يا مولاتي .
البستاني يمد يديه ،
الأميرة تمسك بهما
الكاهن : لتباركما الآلهة ، فأنتما ربيع ايسن ،
وشمسها المشرقة ، وليدم ، باسم
الآلهة، هذا الربيع .
إظلام
ســــــــــتار
ايسن ولارسا مملكتان عراقيتان قديمتان ، نشأتا في وقت واحد تقريباً ، وقد كانتا متنافستين خلال فترة طويلة.
الملك البديل : من التقاليد الغريبة والنادرة في وادي الرافدين تنصيب الملك البديل ، فعند ظهور نذير شؤم ، يعمد الملك إلى تنصيب شخص من عامة الناس على العرش ، يحكم مائة يوم ، ثم يقتل ، وهذا ما فعله الملك ارا ايمتي ، فقد نصب البستاني انليل ـ باني على العرش وحدث أن شرب ارا ايمتي حساء ساخناً ، فمات وثبت انليل ـ باني مكانه على عرش ايسن.
0 التعليقات:
إرسال تعليق