أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 6 أغسطس 2023

مسرحية للفتيان " الساحرة " تأليف طلال حسن

مجلة الفنون المسرحية

الكاتب طلال حسن 


    مسرحية للفتيان    "  الساحرة    " تأليف طلال حسن


شخصيات  المسرحية

1 ـ شولا

2 ـ اشوميا 

3 ـ المربية العجوز

4 ـ الساحرة العجوز

5 ـ الإلهة سيفانمو

6 ـ الخادمة العجوز

7 ـ الحارس






     المشهد الأول


                     الساحرة العجوز ترقد تحت 
                      الشجرة ، والقطة بجانبها

القطة : " تتحرك متضايقة " ميو .
الساحرة : " تضع يدها عليها " ....
القطة : ميو .. ميو .
الساحرة : كفى ، دعيني نائمة .
القطة : ميو .. ميو .. ميو .
الساحرة : " تفتح عينيها " ما الأمر ، يا ابنتي ؟ 
القطة : ميو .
الساحرة : " تتلفت حولها " لا أرى ما يدعو إلى 
  ميوك هذا ، تعالي نامي ، تعالي ، 
  ودعيني أنم .
الهرة : " محتجة " ميو .. ميو .
الساحرة : " تتثاءب " البارحة ، وكالعادة ، لم أنم 
  حتى الفجر ، آه إنها الشيخوخة ، فنحن 
  الساحرات أيضاً نشيخ ، وكذلك أنتم .. 
  القطط .
القطة : " تتمسح بها " ميو .
الساحرة : ترفعها بين يديها : ابنتي العزيزة " 
  تقبلها " لم يعد لي أحد غيرك ، ولم يعد 
  لك أحد غيري ، في هذا العالم .
القطة : " ميو .
الساحرة : " تضمها إلى صدرها " لعلي ظلمتك ، 
  حين أخذتك صغيرة ، من بين أمك 
  وأخوتك وأخواتك ، فلو تركتكِ معهم ، 
  لعشت حياة طبيعية هانئة سعيدة ، ولكان 
  لكِ الآن صغار وأحفاد يركضون على 
  مقربة منكِ .
القطة : ميو .. ميو .
الساحرة : وأنا نفسي ، لو تركني الآخرون ، 
  أن أعيش في القرية ، ولم يتهمونني 
  بالسحر ، ويطردونني شرّ طردة ، مما 
  اضطرني أن أعيش في كوخي وحيدة ، 
  بعيداً عن الناس ، لكن ما العمل ؟ لقد 
  اتهموني بالسحر ، أي سحر ؟ لعل كلّ 
  ما في الأمر إنني أعرف أكثر مما 
  يعرف أولئك الجهلة ، فدفعت الثمن غالياً 
  ، آه .
القطة : ميو .
الساحرة : لا فائدة الآن ، حتى لو أعدتك إلى 
  القرية ، لن يقربك أي هرّ ، وحتى لو 
  قربك ، فما الفائدة ، لن يكون لكِ صغار 
  ، لقد شختِ كما شختُ ، يا أختي .
القطة : ميو .
الساحرة : نعم ، لا فائدة ، لقد مرّت سحابة العمر 
  ، ولم تمطر ، إنهم الآخرون ، لكن 
  الغريب ، أنني كلما تقدم بي العمر ، 
  أحنّ إليهم ، وأغفر ما فعلوه بي ، بل 
  وأتمنى لهم ما حرمت أنا منه ، من هناء 
  وراحة وسعادة .
القطة : " تنتفض مبتعدة " ميو .. ميو .
الساحرة : ما الأمر هذه المرة ؟
القطة : " تحاول الابتعاد مترددة " ميو .. ميو.
الساحرة : تعالي ، لا تبتعدي ، يا أختي " تنهض 
  "  تعالي ، تعالي .
القطة : " تحوم حولها قلقة " ميو .. ميو .
الساحرة : " تنهض " هذه ليست عادتكِ ، لابد أن 
  هناك ما يقلقك " تنظر إلى الخارج " آه 
  فهمت ، تعالي ، لا تخافي .
القطة : تبقى في مكانها " ميو .
الساحرة : تعالي ، إنهما شاب وشابة ، يلهوان 
  متراكضين ، فرحين بحياتهما ، لكن ، 
  هذان الأحمقان ، ما الذي جاء بهما إلى 
  هنا ؟ مهما يكن ، هاهما يقتربان ، تعالي 
  نبتعد عن هذا المكان .
القطة : " القطة تقترب منها " ميو .. ميو .
الساحرة : " تأخذ القطة بين ذراعيها " تعالي 
  نختبىء الآن بين تلك الأشجار ، ريثما 
  يبتعدان " تتجه إلى الخارج " لا أريد أن 
  أذهب إلى الكوخ ، إنه الآن معتم رطب 
  وكئيب " تخرج حاملة قطتها " .

                     تدخل اشوميا راكضة ، وهي
                     تضحك ، يلاحقها شولا لاهثاً

شولا : " يتوقف لاهثاً " توقفي .
اشوميا : " تتوقف ضاحكة " لقد شختَ .
شولا : لن أشيخ مادمتِ شابة .
اشوميا : سأبقى إذن شابة دائماً ..
شولا : " يضحك " هيهات .
اشوميا : " تقترب منه " بعون عشتار .
شولا : " يرفع عينيه إلى الأعلى " عشتار .
اشوميا : عشتار رؤوفة ، وستستجيب إن لم يكن 
  من أجلي ، فمن أجلك أنت .
شولا : الجو هنا رائع " يجلس تحت الشجرة " 
  ، تعالي واجلسي إلى جانبي .
اشوميا : الجو رائع ، مهما كان " تجلس إلى 
  جانه " مادمتُ معك .
شولا : مادمنا معاً .
اشوميا : نعم ، مادمنا معاً .
شولا : " يتأملها بوله " اشوميا ..
اشوميا : عينيْ سونة .
شولا : ما أسرع ما يمرُ الزمن ..
اشوميا : " ضاحكة " لقد مرّ سبعة وخمسون ..
شولا : لا تقولي سنة ..
اشوميا : ولن أقول شهراً ..
شولا : ولا أسبوعاً ..
اشوميا : سبعة وخمسون يوماً .
شولا : توقفي أيتها الأيام ..
اشوميا : " تهز رأسها " لا يمكن .
شولا : للأسف .
اشوميا : هذه السعادة ..
الشابة : الربيع ..
شولا : لا أريدها أن تركض .
اشوميا : إنها مثل الربيع ، مهما أبطأت ، ستمرُ 
  ، و ..
شولا : يضع يده على فمها " لا ..
اشوميا : " تصمت " ....
شولا : لا يا حبيبتي .
اشوميا : شولا ..
شولا : عينا شولا .
اشوميا : أغرقتني بالأشعار ، قبل أن نقترن..
شولا : لا تنكري ، إنني أمطر عليك شعراً كلّ 
  يوم ..
اشوميا : حسن ، يا حبيبي ، إنني عطشى دائماً 
  ، أمطرني .
شولا : " يعتدل في جلسته " اسمعي إذن ..
اشوميا : " تضع وجهها بين كفيها " إنني أسمع 
  ، أمطر .
شولا : " يقرأ قصيدة بصوت مؤثر " 

فريدتي اشوميا
الحبيبة التي لا مثيل لها
تبدين كنجمة الصباح الطالعة
في بداية سنة جديدة
جلدهكِ مشرق ناصع البياض
رائعة نظرات عيونكِ
عذبة كلمات شفتيكِ
مع ندرة ما تنطقين به 
اشوميا : لو أن المطر كله كمطرك هذا ، 
  لعاشت الطبيعة ربيعاً دائماً .
شولا : أريد أن أعيش ، أنا وأنت ، ربيعاً لا 
  يذبل ، ولا يشيخ ، ولا ينتهي .
اشوميا : " تبتسم " عشتار .
شولا : أدعو معك .
اشوميا : هيهات .
شولا : دعينا نأمل .
اشوميا : هذا حلم ، والحلم كما تعرف ، كالندى 
  ، يتبدد مع شروق الشمس .
شولا : لنحلم يا اشوميا ، ولنحاول تحقيق هذا 
  الحلم الجميل .
اشوميا : " تهز رأسها وتبتسم " ....
شولا : لا أستطيع ، ولا أريد ، أن أتصور ، 
  أن تمرّ علينا السنون بسرعة ، ونكبر .. 
  ونشيخ .. و ..
اشوميا : لنتعاهد هنا ، أمام هذه السماء 
  والأشجار والأطيار ، أن نبقى معاً ، 
  ونبقى متحابين ، كما نحن الآن ، مهما 
  حدث ، ومهما تقدم بنا العمر .
شولا : كلا ، لا أريد أن أكبر ، ولا أريد أن 
  أشيخ .. ولا ..
اشوميا : " معاتبة " شولا .
شولا : أريد أن نبقى معاً ، ولكن شابين ، 
  فتيين ، جميلين ..
اشوميا : كلّ شيء يكبر ، ويشيخ ، عدا ـ وهذا 
  ما أتمناه ـ حبك لي .
شولا : أصارحك ، حبي لكِ سيكبر ..
اشوميا : " تنظر إليه مترقبة " ....
شولا : لكنه لن يشيخ أبداً .
اشوميا : " تعانقه " أخفتني .
شولا : " يبعدها عنه قليلاً " آه لم أكن أظنّ ، 
  أن الشك يمكن أن يخامرك في ..
اشوميا : هذا مستحيل ، لكن ..
شولا : " ينظر إليها مترقباً " ....
اشوميا : حبيبي ، لنكن واقعيين ، الآلهة 
  استأثرت بالخلود ، وقدرت علينا الموت 
  ،  فلا ..
شولا : لا .. لا ..
اشوميا : " تلوذ بالصمت حزينة " .....
شولا : " يهز رأسه " يا لي من أحمق .
اشوميا : لا ، لا تقل هذا .
شولا : لنترك هذا الموضوع الآن .
اشوميا : كما تشاء " تتراجع قليلاً " سأتركك 
  لحظات " تمسح عينيها الدامعتين " 
  سأغسل وجهي بماء النهر القريب .
شولا : سآتي معكِ .
اشوميا : لا ، سأذهب وحدي ، لن أتأخر .
شولا : كما تشائين ، سأنتظرك .
اشوميا : " وهي تخرج " لحظات .

                    تدخل الساحرة العجوز ، 
                       والقطة بين يديها 

الساحرة : طاب يومك .
شولا : " يلتفت إليها مندهشا " من ! من أنتِ ؟
الساحرة : ما تراه .
شولا : أرى امرأة عجوز ، في مكان منقطع ، 
  موحش .
الساحرة : وأنا أرى شاباً ، كانت معه قبل قليل ، 
  فتاة شابة .
شولا : " يتلفت حوله " لابد أنكِ كنتِ تتنصتين 
  ، من مكان قريب .
الساحرة : امرأة مثلي ، ليست بحاجة إلى 
  التنصت ، يا بنيّ ، لتعرف ما تريد أن 
  تعرفه .
شولا : " ينظر إليها ملياً " ....
الساحرة : فيمَ تفكر ؟ أخبرني ، وسأكون صريحة 
  معك .
شولا : يُقال أن في هذا المكان ، أو في مكان 
  قريب ، ساحرة .
الساحرة : "تبتسم " ....
شولا : وهي امرأة عجوز ، ومعها .." ينظر 
  إلى القطة ويصمت " ..
الساحرة : ومعها قطة عجوز .
شولا : " ينظر إليها صامتاً " ....
الساحرة : ليتني عشتُ حياتك ، أو حياة فتاتك ، 
  وعندئذ ما كنت لأفكر في الخلود .
شولا : هذا يؤكد أنكِ كنت ..
الساحرة : لم أتنصت عامدة ، لكني سمعت كلّ ما 
  قلتماه ، أنت فتاتك .
شولا : " يهمهم " هم م م م .
الساحرة : إنني معجبة بفتاتك .
شولا : يبدو أنكَ لا تتفقين مع ما قلته .
الساحرة : بالعكس إن ما قلته حلم رائع .
شولا : حلم .
الساحرة : لكنه ، لعلمك ، ممكن .
شولا : ما تقولينه ، أنت بالذات ، يعني أن هذا 
  ممكن أن يتحقق .
الساحرة : " تهز رأسها "....
شولا : ممكن !
الساحرة : لكن كأي ممكن كهذا ، دونه مصاعب 
  كثيرة ، يمكن أن تكون قاتلة .
شولا : المهم أنه ممكن .
الساحرة : " تلتفت إلى الخارج " أظن أن فتاتك 
  قادمة " تتراجع " .
شولا : " يتقدم منها " آملاً ، دعيني أعرف ، 
  طبيعة هذه المصاعب ، و ..
الساحرة : " دون أن تتوقف " كوخي قريب من 
  النهر ، زرني إذا أردت أن تعرف " 
  تخرج حاملة قطتها " .
شولا : " يتوقف " ....

                      تدخل اشوميا ، وتنظر
                       مستغربة إلى شولا

اشوميا : شولا .
شولا : تأخرتِ .
اشوميا : سمعت حركة تصدر من بين تلك 
  الأشجار .
شولا : آه ، إنها امرأة عجوز .
اشوميا : امرأة عجوز !
شولا : تقول إنها تقيم بكوخ هنا ، في الجوار.
اشوميا : هي وقطتها .
شولا : نعم ، كانت معها قطة عجوز .
اشوميا : إنها الساحرة العجوز .
شولا : اشوميا ، لقد تأخرنا ، هيا نعد ، إن 
  أمي تنتظرنا الآن .
اشوميا : أخشى أن تكون قد تحدثت إليك .
شولا : نعم " يتجه نحو الخرج " تحدثنا .
اشوميا : مهلاً " تلحق به " قل لي ، عمّ تحدثتما 
  ؟ أنت وتلك الساحرة العجوز .
شولا : " وهو يخرج " تعالي الآن ، سنتحدث 
  فيما بعد ، وسأخبرك بكل شيء .
اشوميا : يا ويلي " وهي تخرج " هذه الساحرة 
  العجوز ، ترى بماذا حدثته ؟ مهما يكن 
  ، فلن تكون مصدر خير .
            
                     تخفت الأصوات شيئاً
                     فشيئاً ، لحظات صمت

                            إظلام















    المشهد الثاني


                       الكوخ  ،الساحرة تقف ، 
                          والقطة بين يديها 

الساحرة : لم يأتِ .
القطة : ميو .
الساحرة : شولا ، هذا اسمه .
القطة : ميو .
الساحرة : مرّ يومان ، ولم يأتِ .
القطة : ميو .
الساحرة : أنا لا أريده أن يأتي ، صدقيني ، يا 
  أختي .
القطة : ميو .
الساحرة : لقد أحببته ، وأحببتُ أيضاً فتاته .
القطة : ميو .
الساحرة : أولئك الحقراء ، لو لم يعادوني ، 
  ويطردوني من القرية ، لتزوجت ، وكان 
  لي ولد مثله ، أو بنت مثل فتاته " تبتسم " 
  إنها جميلة ، وفتية ، من حقه أن يسعى 
  إلى الخلود ، لكن هذا حلم ، مستحيل .
القطة : " تثب من بين ذراعيها " ميو .. ميو . 
الساحرة : أوه ابنتي " تنظر إلى يدها " خمشتني ، 
  ما الأمر ؟
القطة : " تبتعد عن الباب " ميو .. ميو .
الساحرة : آه فهمت ، أحدهم قادم ، لابد أنه شولا ، 
  نعم إنه هو ، آه شولا ، لا أريدك أن تأتي 
  ، صحيح إنني أحبك ، وأريد أن أراك ، 
  لكني لا أريدك أن تأتي إليّ مطلقاً " الباب 
  يُطرق " .
القطة : ميو .
الساحرة : كلا ، يا ابنتي ، لابد أن أفتح له ، إنه 
  شولا ، وأنا أتفهم أمله في الخلود " الباب 
  يُطرق ثانية " .
القطة : ميو .. ميو .
الساحرة : سأفتح الباب " تتجه نحو الباب " 
  سأفتحه ، سأفتحه .

                         الساحرة تفتح الباب ،
                         شولا يلوح عند العتبة

الساحرة : شولا .
شولا : طاب يومكِ .
الساحرة : تفضل ، أدخل .
شولا : " يدخل " عفواً أخشى أن أكون قد جئتُ 
  في وقت مبكر .
الساحرة : لا أبداً ، إنني عجوز ، وكذلك قطتي ، 
  ونحن عادة نستيقظ ، حتى قبل أن تستيقظ 
  الشمس نفسها .
شولا : " يتلفت حوله " ....
الساحرة : كوخي ، كما تراه ، صغير جداً " تشير 
  إلى فراشها " تفضل ، اجلس هنا .
شولا : أشكركِ ، إنني مرتاح هكذا .
الساحرة : " تنظر إليه " أهلاً ومرحباً بكَ .
شولا : أهلاً بكِ ، أشكركِ .
الساحرة : عرفتُ أنك ستأتي .
شولا : فتاتي ، لقد رأيتها ، لم تردني أن آتي 
  إليكِ .
الساحرة : إنني أتفهم موقفها .
شولا : نحن في غاية السعادة ، منذ أن اقترنا 
  حتى الآن ..
الساحرة : هذا ما لمسته ، وغبطتكما عليه ، أنتما 
  تستحقان ذلك .
شولا : لكن السعادة ، كما تعرفين ، لا تدوم .
الساحرة : " تبتسم متفهمة " ....
شولا : إنها تذوي وتذبل مع الأيام ، ويأتي يوم 
  ، عاجلاً أو آجلاً ، تنتهي فيه ، وكأنها لم 
  تكن .
الساحرة : هذا ما يحدث عادة ، منذ أن وجد 
  الإنسان حتى الآن .
شولا : وأنا لا أريد أن تنتهي سعادتي مع فتاتي 
  ، بل أريد أن تبقى إلى الأبد ، نعم إلى 
  الأبد .
الساحرة : " تنظر إليه صامتة " ....
شولا : وقبل ذلك ، لابد أن نبقى ، أنا وفتاتي ، 
  إلى الأبد .
الساحرة : البقاء إلى الأبد ، الخلود ، هذا ما 
  استأثرت به الآلهة ، وقدرت الموت على 
  الإنسان .
شولا : ولهذا جئتُ إليكِ .
الساحرة : إذا أردت رأيي ، يا شولا ، فأنا مع 
  فتاتك .
شولا : فتاتي تتفهمني ، لكنها تخاف عليّ .
الساحرة : وأنا أيضاً أخاف عليك ، يا شولا .
شولا : سأموت ، يا سيدتي ، إذا لم أحقق 
  الخلود لسعادتي مع فتاتي .
الساحرة : لكن الأمر ليس هيناً ، كما تتصوره ، يا 
  شولا .
شولا : مهما يكن ، فلابد أن أحاول .
الساحرة : " تنظر إليه صامتة " ....
شولا : أنا لا أستطيع أن أرى سعادتي مع فتاتي 
  ، تذبل يوماً بعد يوم ، وتنتهي ذات يوم ، 
  مهما كان ذلك اليوم بعيداً .
الساحرة : " تطرق صامتة " ....
شولا : أرجوكِ ..
الساحرة : " ترفع عينيها إليه " ....
شولا : لقد فتحتِ لي طاقة صغيرة للأمل ، فلا 
  تغلقيها في وجهي ، وتتركيني أتخبط في 
  ظلام التعاسة .
الساحرة : حتى لو ساعدتك ، وبكل ما أملك من 
  قوة ، ستبقى الأخطار ماثلة ، لا تستطيع 
  تجنبها .
شولا : لا عليكِ ، المهم أن أحاول .
الساحرة : لابد أن تصل أولاً إلى الإلهة العظيمة 
  سيفانمو .
شولا : سأصل ..
الساحرة : إنها تعيش في كهف عميق ، في أعلى 
  جبل كوتلون .
شولا : سأصل .
الساحرة : سيجابهك دب ضخم في مدخل الجبل .
شولا : سأقتله .
الساحرة : وتجابهك شلالات عظيمة تحرسها هامة 
  مهولة بشعة شرسة .
شولا : سأقتل الهامة ، مهما كانت شراستها  
  وبشاعتها ، وأجتاز تلك الشلالات .
الساحرة : وأخيراً يعترضك تنين ، ينفث من فمه 
  ومنخريه ، ناراً حارقة .
شولا : سأقتله .
الساحرة : الكلام سهل ، يا شولا .
شولا : من أجل الخلود ، والعيش الدائم مع 
  فتاتي بسعادة ، سأجترح المستحيل .
الساحرة : وحتى لو اجتزت هذه العقبات كلها ، 
  فإن الإلهة العظيمة سيفانمو ، قد لا 
  تعطيك ما تريده .
شولا : مهما يكن ، فما دام هناك أمل ، فسأنفذ 
  ما عزمت عليه .
الساحرة : " تلوذ بالصمت " ....
شولا : فقط دليني على الطريق .
الساحرة : لابد لي ، ما دمت قد قررتُ مساعدتك 
  ، أن أعطيك ما قد يمكنك من اجتياز 
  العقبات ، والوصول إلى الإلهة 
  العظيمة سيفانمو .
شولا : أشكركِ ، يا سيدتي ، حين أتيت إليك ، 
  عرفتُ أنك ستساعديني .
الساحرة : كم أخشى ، يا شولا ، أن أندم على 
  محاولتي لمساعدك هذه .
شولا : لن تندمي .
الساحرة : سأندم أشدّ الندم ، إذا تعرضت للخطر ، 
  أو أصابك مكروه .
 شولا : بل ستفرحين ، إذا رأيتني وقد حققتُ ما 
  أتمناه .

                        تتناول من تحت الفراش ،
                       قوساً ومجموعة من السهام

الساحرة : هذا قوس مسحور ، ونبال خارقة ، 
  وستعينك كثيراً في مهمتك الصعبة .
شولا : أشكركِ .
الساحرة : " تقدمها له " تفضل .
شولا : " يأخذها ويتأملها مذهولاً " ....
الساحرة : حافظ عليها ، فبدونها لن تصل مطلقاً 
  إلى الإلهة العظيمة سيفانمو .
شولا : " يرفع القوس والسهم " سأصل ، 
  والفضل لكِ .
الساحرة : " تنظر إليه مبتسمة " ....
شولا : غداً مع الفجر ، سأبدأ رحلتي .
الساحرة : سأتابعك خطوة بعد خطوة " تبتسم " 
  فأنا كما تعرف ساحرة .
شولا : " يتراجع نحو الباب " أشكرك .
الساحرة : صحبتك السلامة .

                         شولا يخرج ، الساحرة
                          تأخذ القطة بين يديها 
 
                                إظلام





     المشهد الثالث


                           اشوميا تجلس على 
                           مصطبة في الحديقة

اشوميا : شولا .. " يتناهى صوت شولا ، وهو ينشد القصيدة "..
فريدتي اشوميا
الحبيبة التي لا مثيل لها
الأجمل بين الجميع
تبدين كنجمة الصباح الطالعة
في بداية سنة جديدة
جلدكِ مشرق ناصع البياض
رائعة نظرات عيونكِ
عذبة كلمات شفتيكِ
مع ندرة ما تنطقين به
اشوميا : آه شولا ، اسمعني إذن " تنشد وعيناها تغرقان بالدموع شيئاً فشيئاً "..
حبيبي يعذب قلبي
إنه يسلمني للمرض 
إنه توأم قلبي
وأنا لا أستطيع الابتعاد عنه
يؤلم قلبي التفكير بمفارقته
إنني ممسوسة بحبه 
أيها الحبيب
تعال إليّ 
تعال ولا تفارقني
فقلبي توأم قلبك
قلبي توأم قلبك

    تصمت اشوميا ، تدخل
   المربية قادمة من البيت
المربية : اشوميا .
اشوميا :" تمسح عينيها بسرعة " ..
المربية : " تقترب منها " بنيتي اشوميا . 
اشوميا : " تغالب دموعها " نعم .
المربية : الوقت يمرّ ، ولم تتناولي غذاءك .
اشوميا : إنني أنتظر شولا .
المربية : شولا تأخر ، وسأسخن له الطعام حين 
  يأتي .
اشوميا : لن اتغدى إذا لم يأتِ .
المربية : " متضاحكة " لن تتغدي إذن .
اشوميا : لابد أنك تعرفين أين ذهب .
المربية : كلا ، لا أعرف " تجلس إلى جانبها " 
  أين ذهب ؟
اشوميا : " تنظر إليها صامتة " ....
المربية : أين ذهب ، يا عزيزتي ؟ أخبريني .
اشوميا : " تبقى صامتة " ....
المربية :شولا طيب جداً لكنه عنيد .
اشوميا : " تنظر إليها " ....
المربية : عملت في هذا البيت ، قبل أن يولد 
  شولا، وبقيت فيه بعد أن توفي والداه 
  الواحد بعد الآخر ، كنت دائماً ، أنا أمه ، 
  وأنا أبوه ، وما زلتُ .
اشوميا : " تنظر إليها صامتة " ....
المربية : لم تخبريني ، أريد أن أعرف ، أين 
  ذهب شولا ؟
اشوميا : ذهب إلى الساحرة .
المربية : الساحرة العجوز !
اشوميا : نعم .
المربية : يا للآلهة ، لماذا ؟
اشوميا : إنه يريد أن .. " تنظر إلى الخارج " ها 
  هو قادم .
المربية : " تنهض مسرعة " حدثيني بالتفصيل 
  فيما بعد " تتجه إلى الداخل " سأدخل 
  الآن " تخرج " .

                       يدخل شولا حاملاً القوس
                       والسهام ، تنهض اشوميا 

شولا : طاب يومك ، يا حبيبتي .
اشوميا : " تنظر إلى القوس والسهام " يبدو أنه 
  لن يطيب .
شولا : " يضع القوس والسهام على المصطبة 
  " بل سيطيب إلى الأبد .
اشوميا : سراب قاتل .
شولا : " يحضن وجهها بكفيه " الربيع لا 
  سراب فيه .
اشوميا : " تبعد وجهها عنه " أنت تحلم .
شولا : دعيني أحقق هذا الحلم ، لي ولك ، يا 
  حبيبتي .
اشوميا : أنت حلمي المتحقق ، وأنا أخاف أن 
  توقظني على صحراء لا نهاية لها من 
  الأحزان والخواء والتعاسة .
شولا : اشوميا ..
اشوميا : " تنظر إليه صامتة " ....
شولا : حبيبتي .
اشوميا : قلتُ لك أن لا تذهب إلى تلك الساحرة 
  العجوز المشؤومة .
شولا : لا يا حبيبتي ، إنها إنسانة طيبة ، 
  وسترين .
اشوميا : " تشير إلى القوس والسهام " إنني أرى 
  ، وهذا شؤم .
شولا : حبيبتي ، ليس شؤماً أن أدافع عنك 
  وعني ، عن سعادتنا .
اشوميا : نحن نعيش السعادة ..
شولا : نعم ..
اشوميا : حتى الآن .
شولا : وأريدها أن تبقى .
اشوميا : لن تبقى بساحرة الشؤم هذه .
شولا : " يأخذها بين ذراعيه " ستبقى ، 
  وستبقى إلى الأبد ، بإرادتي وإرادتك ، يا 
  حبيبتي .
اشوميا : دعنا نتمتع بسعادتنا مادمنا نعيشها ، 
  ولا تدعها تفلت من بين أيدينا .
شولا : لكي لا تفلت هذه السعادة منّا ، سأذهب 
  ، يا حبيبتي . .
اشوميا : " تنسحب من بين ذراعيه " تذهب  !
شولا : عدة أيام .
اشوميا : إلى أين ؟
شولا : سأذهب إلى الإلهة سيفانمو .
اشوميا : يا ويلي ..
شولا : لن أتأخر . 
اشوميا : كلا .
شولا : من أجل خلود سعادتنا ، يا حبيبتي ، 
  لابد أن نضحي ببضعة أيام .
اشوميا : بل من أجل السراب ، تضحي بما هو 
  متحقق .
شولا : اشوميا ..
اشوميا : لن أدعك تذهب .
شولا : لابد أن أذهب ، يا حبيبتي .
اشوميا : " تغالب بكاءها " لا تذهب .
شولا : حبيبتي ..
اشوميا : " باكية " لا تذهب .. لا تذهب .
شولا : " ينظر إليها صامتاً " ....
اشوميا : " تنظر إليه والدموع في عينيها " ....
شولا : طوال حديثنا ، لم تقولي مرة واحدة ، 
  يا حبيبي .
اشوميا : " تبكي " ....
شولا : " يأخذ القوس والسهام ، ويمضي إلى 
  الداخل " ....
اشوميا : شولا ..
شولا : " يخرج " ....
اشوميا : " تنهار باكية على المصطبة " ....

                         تدخل المربية العجوز ، 
                           وتقترب من اشوميا

المربية : اشاميا .
اشاميا : " تكفكف دموعها " ....
المربية : يا للعجب ، يا بنيتي ، لقد عاد شولا ، 
  فلا داعي للبكاء .
اشاميا : كيف لا أبكي ، وقد وقع أفظع مما كنت 
  أتوقعه .
المربية : الساحرة اللعينة .
اشاميا : سيذهب طلباً للمستحيل ، في طريق بلا 
  عودة .
المربية : يا للآلهة ، بنيتي ، أنت تخيفينني .
اشوميا : سيذهب إلى الإلهة سيفانمو الكبيرة .
المربية : لكن هذا مستحيل .
اشوميا : وسيطلب منها ترياق الخلود .
المربية : آه .
اشوميا : هل عاد يوماً من سار في هذا الطريق 
  ؟ هل عاد ؟
المربية : ابنتي اشوميا .
اشوميا : " تبكي " ....
المربية : البكاء لا يجدي ..
اشوميا        : " تنظر إليها بعينين غارقتين بالدموع....
المربية        : اذهبي إليه الآن ..
اشوميا        : " تهز رأسها " ....
المربية       : وتوسلي إليه ، ابكي على صدره ،لاسلاح أمضى من دموع المرأة ،مع رجل محب مثل شولا .
اشوميا        : لا ، لا فائدة .
المربية        : سأتركك الآن ، فكري ، وسترين أنني على حق .
اشوميا        : " تلوذ بالصمت " ....
المربية        : " تنهض ثم تتجه إلى الخارج " ...
اشوميا         : " تبقى صامتة لا تريم " ....
المربية      : " تخرج " ....
اشوميا       : " بصوت هامس " شولا .
 
        يتناهى من بعيد ، 
صوت شولا ينشد

            فريدتي اشوميا
            الحبيبة التي لا مثيل لها 
            الأجمل بين الجميع
            تبدين كنجمة الصباح الطالعة
            في بداية سنة سعيدة
            جلدهكِ مشرق ناصع البياض
            رائعة نظرات عيونكِ
            عذبة كلمات شفتيكِ
            مع ندرة ما تنطقين به 
            
                  يتلاشى الصوت ، تنهض 
                اشوميا ، وتمضي إلى الخارج                    إظلام




     المشهد الرابع


                            الساحرة سيفانمو تذرع 
                             الكهف ذهاباً واياباً

الساحرة : منذ فترة طويلة ، لم يجرؤ أحد ، على 
  الاقتراب من كهفي ، فالاقتراب من هذا 
  الكهف ، يعني الموت المحتم ، لكن ها 
  هو شاب أحمق ، متهور ، يحمل قوساً 
  وسهاماً ، ربما يظن أنها يمكن أن تنجيه ، 
  وتبلغه هدفه ، هذا الأحمق يواصل سيره 
  ، بعد أن قتل الدب الهائل ، يريد 
  الوصول إليّ .

                         تدخل الخادمة العجوز ، 
                           وتقترب من الإلهة

الخادمة : " تنحني " مولاتي .
الإلهة : آه ، أردتُ أن أناديكِ .
الخادمة : ها أنا أمامك ، مولاتي ، مريني .
الإلهة : هذا الشاب .. شولا ، حدثيني عما يفعله 
  الآن .
الخادمة : هذا ما جئتُ من أجله ، يا مولاتي .
الإلهة : لابدّ أن هامة الشلالات العظيمة قد قتلته 
  ، ولم يفده هنا قوسه وسهامه الخارقة .
الخادمة : بالعكس ، يا مولاتي ، إن شولا هذا ، 
  قتل هامة الشلالات العظيمة ، بعد أن 
  قتل الدب الهائل .
الإلهة : " تبتسم " ....
الخادمة : " مستغربة " مولاتي !
الإلهة : هذه سابقة ، لم يخطر لي يوماً ، أنها 
  يمكن أن تحدث .
الخادمة : لقد حدثت ، يا مولاتي ، وهنا مكمن 
  الخطر ، الذي يجب الانتباه إليه .
الإلهة : " تنظر إليها " ....
الخادمة : تصدى للهامة ، وأطلق نحوها سهماً 
  واحداً ، اخترق إحدى عينيها .
الإلهة : يا له من شجاع ، لقد انهار غيره ، 
  لمجرد رؤيته للهولة .
الخادمة : مولاتي .
الإلهة : نعم ، لنعترف أنه شجاع ، وربما أشجع 
  من حاول الوصول إليّ لأي سبب من 
  الأسباب .
الخادمة : " بنبرة تحذير " مولاتي ..
الإلهة : " تنظر إليها " ....
الخادمة : إنه يقترب من التنين ، الذي يحمي 
  بوابة هذا المكان ، والقوس والسهام ، 
  التي قتل بها الدب الهائل  وهامة 
  الشلالات العظيمة ، في يده .
الإلهة : التنين ، ونيرانه الحارقة ، كما تعرفين 
  ، لا يمكن اجتيازهما .
الخادمة : مولاتي ..
الإلهة : إلا بإرادتي .
الخادمة : " تنظر إليها مترقبة " ....
الإلهة : وبإرادتي سيجتاز هذا الشولا التنين ، 
  دون أن يطلق عليه سهماً من سهامه 
  الخارقة .
الخادمة : مولاتي ..
الإلهة : أريد أن أرى شولا هذا .
الخادمة : لكن .. 
الإلهة : لم ألهُ منذ فترة طويلة ، أحب أن ألهو 
  اليوم .
الخادمة : الأمر لك ، يا مولاتي .
الإلهة : اذهبي ، وقولي للتنين ، أن يحتفظ 
  بنيرانه الحارقة لمناسبة أخرى ، وليدع 
  شولا يمرّ .
الخادمة : أمر مولاتي .
الإلهة : اذهبي بسرعة .
الخادمة : " تنحني ثم تخرج بسرعة " ....
الإلهة : هؤلاء البشر العاديين ، يثيرون إعجابي 
  أحياناً " تجلس على العرش " فرغم 
  ضآلة قدراتهم ، يسعون لتحقيق المستحيل 
  ، مع أن هذا قد يكلفهم حياتهم نفسها ، 
  إني لم أدع أحدا من هؤلاء البشر ، أن 
  يقترب من مقري هذا ، لكن اليوم ، 
  وبإرادتي ، سأدع شولا ، أن يأتي إليّ ، 
  أريد أن أراه عن كثب .
الخادمة : " تدخل وتنحني " مولاتي .
الإلهة : نعم .
الخادمة : التنين ، وكما أمرتِ ، سمح لهذا الشاب 
  أن يمرّ بسلام ، وهو الآن بالباب ، ينتظر 
  الإذن .
الإلهة : فليدخل .
الخادمة : أمر مولاتي " تنحني وتخرج " .
الإلهة : " تتمتم " شولا .

                      يدخل شولا متوتراً ،
                      يحمل قوسه وسهامه

الإلهة : شولا .
شولا : " يسدد سهماً نحوها " ....
الإلهة : ضع لعبة الأطفال هذه جانباً ، يا شولا .
شولا : ما تسمينه لعبة أطفال ، قتلت بها دبك 
  الهائل ، وهولة الشلالات العظيمة ..
الإلهة : أنت شجاع ، يا شولا .
شولا : ووصلت إليكِ .
الإلهة : نعم ، لقد وصلتني ، ولكن ليس بدون 
  إرادة مني ، وإلا لكان التنين ، حارس 
  بوابة مقري هذا ، حولك بنيرانه الحارقة 
  ، إلى رماد في لحظة واحدة .
شولا : مهما يكن ، فقد أردت الوصول إليك ، 
  وها أنا قد وصلت ..

الإلهة : " تنظر إليه صامتة " ....
شولا : " يضع القوس والسهام جانباً " ....
الإلهة : هذا أفضل .
شولا : " ينظر إليها " سيدتي .
الإلهة : نعم .
شولا : جئتُ إليك ، رغم المصاعب والأخطار 
  القاتلة ، من أجل أمر في غاية الأهمية 
  بالنسبة لي .
الإلهة : أعرف .
شولا : " ينظر إليها مذهولاً " سيدتي .
الإلهة : أعرف منذ أن زرت الساحرة العجوز ، 
  وتابعتك حتى دخلت مقري هذا .
شولا : أمري بين يديك إذن ، يا سيدتي .
الإلهة : الخلود ..
شولا : " متلهفاً " سيدتي ..
الإلهة : هذا حلم الإنسان ، منذ أن وجد ، وهدد 
  وجوده الموت .
شولا : لي هدف من الخلود ، أنت تعرفينه ، 
  أحرص على تحقيقه .
الإلهة : تذكر جلجامش .
شولا : جلجامش لم يكن هدفه هدفي .
الإلهة : لكنه مثلك ، أراد الخلود ، وذهب في 
طلبه إلى جده اوتونا بشتم .
شولا : أراده ، وهو ملك مطلق الحكم ، خوفاً من الموت والفناء .
الإلهة : " تبتسم " ....
شولا : أما أنا ، فأريده لهدف آخر ، أنتِ تعرفينه .
الإلهة : هدفك حلم كبير ، يا شولا .
شولا : ولهذا جئتُ إليكِ ، يا سيدتي ، فأنت الوحيدة التي تقدر على تحقيقه .
الإلهة : نعم ، أنا قادرة ، وليس أحد غيري .
شولا : سيدتي ، فتاتي تنتظرني ، أفرحيها ، وأفرحيني معها .
الإلهة : حسن ، سأعطيك ما جئت من أجله .
شولا : " فرحاً " ترياق الخلود !
الإلهة : " تبتسم " نعم ، ترياق الخلود .
شولا : " يبدو في غاية الفرح " ....
الإلهة : " للحارس " أيها الحارس .
الحارس : " ينحني " مولاتي ..
الإلهة : اذهب إلى خادمتي ، ولتأتني بقنينة من ترياق الخلود . 
الحارس : أمر مولاتي " ينحني ويخرج " .
الإلهة : شولا ..
شولا : سيدتي .
الإلهة : سأعطيك ترياق الخلود ، كما أردت ، لكن لي شرطاً واحداً .
شولا : لكِ الأمر ، يا سيدتي ، وعليّ الطاعة .
الإلهة : سأعطيك مع الترياق رسالة ..
شولا : " ينظر إليها مترقباً " ...
الإلهة : لك ولفتاتك اشوميا .
شولا : " ينظر إليها حائراً " ....
الإلهة : هذه الرسالة مختومة ، لا تفتحها إلا بحضور فتاتك اشوميا ، وطبعاً قبل أن تفتح قنينة ترياق الخلود .
شولا : " يلوذ بالصمت مفكراً حائراً " ....
الإلهة : عدني ، يا شولا .
شولا : أعدكِ ، يا سيدتي . 

                         تدخل الخادمة العجوز ،
                          تحمل قنينة صغيرة 

الخادمة : مولاتي .
الإلهة : هاتي القنينة .
الخادمة : " وهي تقدم لها القنينة " تفضلي ، يا مولاتي .
الإلهة : اذهبي أنتِ .
الخادمة : أمر مولاتي " تنحني ثم تخرج " .
الإلهة : " ترفع القنينة قليلاً " هذه القنينة الصغيرة ، تحتوي على ما أردته ، يا شولا ، ترياق الخلود .
شولا : " يبتسم فرحاً " نعم ، يا مولاتي .
الإلهة : " تقدمها له " تفضل .
شولا : " يأخذ القنينة " أشكركِ " ينظر إلى الإلهة " والآن سأذهب ، اشوميا تنتظرني على أحرّ من الجمر .
الإلهة : قبل أن تذهب عليك أن تأخذ الرسالة .
شولا : أعطنيها ، يا سيدتي ، إنني متلهف للعودة إلى اشوميا .
الإلهة : لحظة " تتجه إلى مكتب في الزاوية " سأكتبها حالا .

                          الإلهة تنكب على 
                        المكتب ، وتكتب الرسالة

شولا : " ينتظر صامتاً " ....
الإلهة : " ترفع رأسها " انتهيت " تعود إليه " هاهي الرسالة ، وهي مختومة " تقدمها له " تفضل .
شولا : " يأخذ الرسالة " ....
الإلهة : شولا .
شولا : نعم ، يا سيدتي .
الإلهة : تذكر شرطي ، وإلا لن يفيدك الترياق ، الذي في هذه القنينة .
شولا : لن أنساه ، يا سيدتي ، ولن أنسى موقفك مني ، ما حييت .
الإلهة : اذهب الآن ، صحبتك السلامة .
شولا : " ينحني " أشكركِ ، يا سيدتي .

                         شولا يتجه نحو الباب ، 
                       الإلهة تراقبه حتى يخرج  
                      
                               إظلام

  
 


 
 
 




     المشهد الخامس



                         غرفة النوم ليلاً ،
                        اشوميا في فراشها

اشوميا : " تتمتم بصوت دامع " شولا " من بعيد 
  يتناهى صوت شولا منشداً " .

فريدتي اشوميا
الحبيبة التي لا مثيل لها 
الأجمل بين الجميع
تبدين كنجمة الصباح الطالعة
في بداية سنة جديدة 
جلدك مشرق ناصع البياض
رائعة نظرات عيونك
عذبة كلمات شفتيك
مع ندرة ما تنطقين 
الصوت : " يتلاشى حتى يسود الصمت " ....
اشوميا : " تتمتم باكية " شولا .. شولا .
المربية : " تطرق الباب " اشوميا .
اشوميا : " تعتدل وتكفكف دموعها " ....
المربية : " تطرق الباب ثانية " اشوميا ..اشوميا.
اشوميا : الباب مفتوح ، تفضلي .

                       المربية العجوز ، تدفع
                       الباب ، وتدخل مبتسمة

المربية : أعرف أنك لم تنامي .
اشوميا : سأحاول أن أنام .
المربية : بل نامي ، أنت فتاة شابة ، وليس مثلي 
  امرأة شائخة ، النوم قلما  يشتهي أن 
  يزور عينيها .
اشوميا : " تلوذ بالصمت " ....
المربية : " تربت على كتفها " نامي ، يا بنيتي ، 
  وسترتاحين .
اشوميا : " تغالب دموعها " لن أرتاح ، يا جدة .
المربية : بل سترتاحين ، يا بنيتي ، وفي القريب 
  العاجل .
اشوميا : " تنظر إليها صامتة " ....
المربية : البارحة ، زارني في المنام ، شولا ، 
  وقال لي ..
اشوميا : أيتها الجدة ، لقد زارك مراراً وتكراراً 
  ، في المنام . 
المربية : ليس كهذه المرة .
اشوميا : من يذهب في هذا الطريق ، الذي 
  مضى فيه شولا ، لا يعود .
المربية : بل سيعود شولا .
اشوميا : " تلوذ بالصمت " ....
المربية : بنيتي ..
اشوميا : إنني متعبة " تتمدد في فراشها " أريد 
  أن أرتاح .
المربية : " تحكم الغطاء حولها " تصبحين على 
  خير .
اشوميا : " تغمض عينيها " تصبحين على خير .
المربية : " تخرج وتغلق الباب " ....
اشوميا : " بصوت باكٍ " شولا .. " يتناهى من 
  بعيد صوت شولا منشداً " .

فريدتي اشوميا
حبيبتي التي لا مثيل لها
الأجمل بين الجميع
تبدين كنجمة الصباح الطالعة 
في بداية سنة سعيدة
جلدك مشرق ناصع البياض
رائعة نظرات عيونك
عذبة كلمات شفتيك
                مع ندرة ما تنطقين به

شولا : " من الخرج " فريدتي اشوميا ..
اشوميا : " تفتح عينيها " ....
شولا : " من الخارج " فريدتي اشوميا .
اشوميا : " تعتدل " شولا !
شولا : اشوميا الأجمل بين الجميع ..
اشوميا : " تهب نحو الباب " شولا .

                    اشوميا تفتح الباب ، شولا 
                    عند العتبة ، والقنينة بيده

اشوميا : شولا !
شولا : نفسه .
الخادمة : " تبدو وراءه " لكي تصدقي ما أراه في 
  منامي .
اشوميا : " فرحة تكفكف دموعها " أيتها الجدة ..
الجدة : لا مكان لي بينكما الآن ، تصبحان على 
  خير .
اشوميا : تصبحين على خير .
شولا : " يلوح لها دون أن يلتفت " ....
اشوميا : شولا ..
شولا : فريدتي اشوميا .
اشوميا : " تسحبه " تعال " وتغلق الباب " .
شولا : " يبعد القنينة " مهلاً يا اشوميا ، مهلاً ، 
  مهلاً ، ستكسرين القنينة .
اشوميا : لا تهمني القنينة ، مهما كانت ، المهم 
  أنك عدت .
شولا : لو تعرفين كم اشتقت إليك ..
اشوميا : " تغالب بكاءها " لم أصدق أنك ستعود
إليّ .
شولا : قلت لكِ سأعود ، وها أنني عدت " 
  يريها القنينة الصغيرة " ومعي ما أردته ، 
  وما سيخلد لنا سعادتنا .
اشوميا : " تعانقه بشدة " أنا وأنت فقط ، من 
  سيخلد سعادتنا .
شولا : " يبعد القنينة الصغيرة " مهلاً ، مهلاً ، 
  فهذه القنينة لا تقدر بثمن .
اشوميا : " تعانقه بشدة " دعنا من هذه القنينة ، 
  حدثني .. حدثني .
شولا : " يحاول الحفاظ على القنينة " آه ما 
  أطول الطريق وأكثر الصعوبات 
  والأخطار ..
اشوميا : " مازالت تعانقه " ....
شولا : قتلتُ الدب الهائل ..
اشوميا : " آه شولا ..
شولا : ثم قتلت هامة الشلالات العظيمة ..
اشوميا : أوه ..
شولا : وأخيراً وصلت إلى الإلهة العظيمة 
  .. سيفانمو .
اشوميا : " تنظر إليه صامتة " ....
شولا : " يريها القنينة " ترياق الخلود .
اشومي : الخلود ..
شولا : نعم ، الخلود .
اشوميا : لا أدري لماذا لا أشعر بالفرح .
شولا : كلا يا اشوميا ، لقد حصلت عليه بشق 
  الأنفس ، لي ولكِ .
اشوميا : ليس لأنه أبعدك عني أياماً طويلة فقط ، 
  بل لأنه أيضاً ، وربما هذا هو الأساس ، 
  كاد يأخذك مني إلى الأبد .
شولا : نادرتي اشوميا .
اشوميا : " تنظر إليه صامتة " ....
شولا : ها إنني أمامكِ .
اشوميا : " تغالب بكاءها " ....
شولا : نادرتي " يعانقها " استقبلتني بفرح 
  عظيم ..
اشوميا : " تعانقه بشدة " مازلت فرحة أشد 
  الفرح ، لكن لا أدري لماذا صدري 
  منقبض ، سامحني يا حبيبي ، سامحني .
شولا : " يبتعد قليلاً " لا بأس ، يا حبيبتي ، 
  إنها ربما صدمة المفاجأة .
اشوميا : ربما " بلهجة مصالحة " حدثني عن .. 
  " تشير إلى القنينة " ..
شولا : لنترك هذا إلى الغد .
اشوميا : يبدو أنك لم تسامحني " تعانقه " قل إنك 
  سامحتني .
شولا : اشوميا ، أنتِ .. " يبتسم لها " نادرتي 
  اشوميا .
اشوميا : ها هو شولا الذي أعرفه " تنظر إلى 
  القنينة " هيا إذن لنرَ .. ترياق الخلود .
شولا : " يرفع القنينة قليلاً " هذا الترياق ، 
  ترياق الخلود ، قدمته لي ، كما أخبرتكِ ، 
  الإلهة العظيمة سيفانمو .
اشوميا : " تبتسم لكن بدون فرح " ....
شولا : ولم تقدمه لأحد غيري ، هذا ما قالته لي 
  ، إنه ترياق الخلود .
اشوميا : " تنظر إليه مبتسمة " ....
شولا : صحيح ، لقد ضحينا ببضعة أيام من 
  سعادتنا ، وعانيتِ على ما يبدو الكثير من 
  الأحزان ، لكن ما سنحصل عليه من هذا 
  الترياق ، شيئاً لا يقدر بثمن ، الخلود 
  سعيدين .
اشوميا : " تبقى صامتة مبتسمة " ....
شولا : لكن الإلهة العظيمة سيفانمو ، 
  اشترطت شرطاً .. 
اشوميا : شرطاً !  
شولا : ربما لا أهمية كبيرة له .
اشوميا : هذا ما أرجوه .
شولا : أعطتني رسالة مختومة .
اشوميا : تنظر إليه " ....
شولا : " وهو يخرج الرسالة من جيبه " ها 
  هي .. الرسالة .
اشوميا : " تنظر متوجسة إليها " ....
شولا : وقالت لي ، الإلهة العظيمة ، سيفانمو 
  ، لا تشرب الترياق ، قبل أن تقرآ الرسالة 
  ، أنت وفتاتك اشوميا .
اشوميا : " مازالت تحدق في الرسالة " إنها 
  رسالة ساحرة ، افتحها .
شولا : " يفتح الرسالة ، وهو ينظر إلى اشوميا 
  " ....
اشوميا : اقرأها .
شولا : نعم ، هذا شرطها " ينظر إلى الرسالة " 
  سأقرؤها .
اشوميا : " تراقبه متوجسة " ....
شولا : " يجمد وقد شحب وجهه " ....
اشوميا : ما الأمر ؟
شولا : " يقدم لها الرسالة " اقرئيها بنفسكِ .
اشوميا : " تأخذ الرسالة وتقرأها " ....
شولا : " يراقبها قلقاً متوتراً " ....
اشوميا : حقاً إنها رسالة ساحرة .
شولا : الترياق إذن يكفي لشخص واحد .
اشوميا : نعم ، هذا ما تقوله الرسالة .
شولا : " يقترب منها " اشوميا ..
اشوميا : " تنظر إليه " ....
شولا : " يقدم لها القنينة " خذيه ، أنتِ 
  تستحقينه ، كوني خالدة .
اشوميا : " تبعد يده " لا يا شولا ، إنه لك ، لقد 
  عانيتَ الكثير، من أجل الحصول عليه .
شولا : " يقدم القنينة لها ثانية "  خذيه ، يا 
  اشوميا .
اشوميا : لا ، ما فائدة الخلود من غيرك ؟ " تدفع 
  القنينة " إنه لك ، لك أنت " بصوت باكٍ 
  " يا شولا .
شولا : " يحدق فيها " مادام هذا الترياق لي ، 
  يا اشوميا " يتجه إلى النافذة "  فليس له 
  إلا مكان واحد .
اشوميا : شولا .
شولا : " يفتح القنينة ويرميها من النافذة " ....
اشوميا : شولا ..
شولا : " يلتفت إليها " نادرتي اشومياً .
اشوميا : " ترتمي بين ذراعيه " هذا هو الخاود ، 
  يا شولا ، هذا هو الخلود .
                         شولا يعانقها بقوة ، 
                           إظلام تدريجي

                               ستار

                                    26 / 2 / 2013

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption