بحث في " التحولات الفكرية في النص المسرحي العراقي "
مجلة الفنون المسرحية
التحولات الفكرية في النص المسرحي العراقي
م .م.عقيل زغير عبيس حمزه العزاوي
جامعة بابل / كلية الفــنون الجميلـــة/ قسم الفنون المسرحية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملخص البحث :
بدأت رحلة المسرح العراقي منذ الثلث الاخير من القرن التاسع عشر ويسجل التاريخ للمسيحيين فضل أدخال هذا الفن الجديد الى العراق وتنبيه الجمهور اليه , وقد سبق التأليف المسرحي غيره من الاجناس الادبية الحديثة في العراق المعاصر و كانت بداياته على أيدي الآباء الكلدان السريان الاشوريين في مدينة الموصل , حيث كانت أولى محاولات التاليف المسرحي في العراق على يد الشماس حنا حبش الذي كتب لنا ثلاث تمثيليات أطلق عليها كوميديا ( أدم وحواء , طوبيا , يوسف الحسن ) حيث كانت هذه البادرة هي فاتحة لظهور المسرح وكتابه في العراق أذ بدأ هنالك ولادتاً حقيقية لأجيال من كتاب عراقيين أستطاعوا أن يعكسوا واقعية الحياة من خلال كتاباتهم التي عبرت عن وعي الكاتب وتطلعه الفكري الذي تزود بزاده من مرجعياته التي أثر وتأثر بها ليعكسها عبر تحولات رافقت مسيرته في مجال التأليف المسرحي , لذا فقد عني البحث الموسوم بتناوله أبرز هذه التحولات الفكرية في النص المسرحي العراقي . حيث أحتوى على أربعة فصول , تناول الفصل الاول : مشكلة البحث التي تتلخص بالأستفهام الاتي (ما التحولات الفكرية في النص المسرحي العراقي) . كما ضم الفصل أهمية البحث والحاجة اليه من كون أن البحث حصيلة معرفية تفيد القراء والدارسين , كما ضم الفصل هدف البحث الذي تمحور في التعرف على التحولات الفكرية في النص المسرحي العراقي , كما ضم الفصل حدود البحث, الذي تحدد زمانياً بالفترة من 1950-2006 ومكانياً في (العراق) وموضوعياً كدراسة وصفية تحليلية للتحولات الفكرية في النص المسرحي العراقي . أختتم الفصل بتحديد المصطلحات وتعريفها .
أحتوى الفصل الثاني : الاطار النظري والدراسات السابقة ومناقشتها , حيث ضم هذا الفصل مبحثين , عني المبحث الاول , (التحولات الفكرية للكاتب المسرحي العراقي) , فيما عني المبحث الثاني (بمرجعيات الكاتب المسرحي العراقي) حيث تناول الباحث ثلاثة كتاب مسرحيين عراقيين ( يوسف العاني , قاسم محمد , فلاح شاكر)
أختتم الفصل بأهم المؤشرات التي أسفر عنها الاطار النظري ومن ثم الدراسات السابقة ومناقشتها .
عني الفصل الثالث : بأجراءات البحث حيث ضم مجتمع البحث (خمسة عشر نصاً) للكتاب (يوسف العاني , قاسم محمد , فلاح شاكر) كما ضم الفصل عينة البحث , حيث وقع أختيار الباحث على ثلاثة نصوص مسرحية عراقية هي (راس الشليلة) ليوسف العاني 1951 (كان ياماكان) لقاسم محمد 1976 (الجنة تفتح أبوابها متأخرة) لفلاح شاكر 1995- 1998 . وبطريقة قصدية ولأسباب بررها الباحث , على أن هذه النصوص المسرحية المختارة تنتمي بطبيعتها الى مراحل مختلفة مما يتيح للباحث الكشف عن التحولات الفكرية في النص المسرحي العراقي بمراحله المختلفة والممتدة حسب حدود البحث من (1950-2006)
كما ضم الفصل (منهجية البحث) حيث أختار الباحث (المنهج الوصفي – تحليل المحتوى) لملائمته للبحث
كما أختتم الفصل بأداة البحث ومن ثم تحليل العينات .
وتضمن الفصل الرابع النتائج والاستنتاجات والتوصيات والمقترحات , ومن ابرز النتائج التي توصل اليها الباحث:
اقتربت النصوص المسرحية نحو مواءمة الحراك الاجتماعي والسياسي والديني من خلال تناول طبقات متنوعة من المجتمع في موضوعات مختلفة ولغة بسيطة خالية من التعقيد .
تميزت النصوص المسرحية باسلوب النقد اللاذع الذي اتسم بالمباشرة والحدية في نقل الافكار التي بدى عليها حرية التعبير .
عولت النصوص المسرحية في السبعينيات على تناول الموروث الشعبي والحكاية البغدادية القديمة والامثال الشعبية من خلال لغة مسرحية سهلة في تشكيل بنية النص الدرامية .
وخلص البحث الى مجموعة من الاستنتاجات أهمها :
استطاعت النصوص المسرحية في بداية الخمسينيات ان تقترب من المشهد السياسي من خلال تناولها موضوعات واقعية استطاعت ان تجسد وتعبر عن قضايا المجتمع العراقي .
توجه الاسلوب الكتابي في مطلع الستينيات نحو اعطاء دلالات رمزية وايقونية صعبة الفهم من خلال تسطيح الاحداث وعدم تحليلها موضوعياً .
وقد اوصى الباحث بـ :
أقامة المهرجانات الخاصة بالتأليف الروائي والقصصي والشعري والمسرحي ودعمها من ذوي الاختصاص.
تبني الطاقات الشبابية الواعدة سيما في مجال التأليف المسرحي والعمل على تطوير هذه الطاقات بسقل موهبتها من خلال الدراسة الاكاديمية التي هي ملاذهم الوحيد .
كما اقترح الباحث الدراسات الآتية :
المضامين الفكرية والتربوية في النصوص الحسينية
الخصائص الفنية والتربوية في نصوص مسرح الاطفال
وقد اختتم البحث بثبت المصادر والمراجع , وملخص البحث باللغة الانكليزية .
Abstract
Iraqi theater trip started since the last third of the nineteenth century and the history records of Christians favored the introduction of this new art to Iraq and to alert the public to him, has already authoring theatrical other races literary modern in contemporary Iraq and had its beginnings at the hands of parents Chaldean Syriac Assyrians in Mosul, where the first attempts opus theater in Iraq at the hands of the deacon Hanna Habash, who wrote us three plays called comedy (Adam and Eve, Tobia, Yusuf Hassan) where this gesture is the light of the emergence of the theater and book in Iraq because there began a real and EDTA generations of writers Iraqis they were able to reflect the real life through their writings that expressed awareness of the writer and his aspiration intellectual who provide Bzadeh of its terms of reference the impact and influenced by the reflected across shifts accompanied his career in the field of writing theater, so I Me Find marked by capturing the most prominent of these intellectual transformations in the theatrical text of Iraq. And it contains four chapters, the first chapter: the research problem that boils Balostvham follows (the intellectual shifts in the Iraqi theater text). Chapter also included the importance of research and the need for him by the fact that the search proceeds cognitive benefit readers and scholars, also featured a chapter goal of the research focused on identifying intellectual shifts in the theatrical text of Iraq, also included chapter boundaries of research, which identifies temporally period 1950-2006 and spatially in (Iraq) and objective as a study descriptive analysis of intellectual shifts in the text of the Iraqi theater. Concluding chapter select terminology and definition.
Consisted Chapter II: theoretical framework and previous studies and discussed, where the inclusion of this chapter two sections, Me First Section, (intellectual transformations playwright Iraq), while Me second section (Bmarjaaat playwright Iraq) where the researcher three playwrights book Iraqis (Yusuf al-Ani, Qasim Mohammed Falah Shaker)
Concluding chapter of the most important indicators that resulted from the theoretical framework and then the previous studies and discussed.
Me Chapter III: The rules and regulations of search where the inclusion of the research community (fifteen text) book (Yusuf al-Ani, Qassim Mohammed, a farmer Shaker) also featured a chapter of the research sample, in terms of selection researcher signed a three texts Iraqi theater is (Ras Shalila) for Yusuf al-Ani, 1951 ( the Yamakan) to Qasim Muhammad 1976 (Paradise opens its doors late) to Falah Shaker 1995-1998. And deliberate manner and for reasons justified by the researcher, that this play texts selected inherently belong to different stages allowing the researcher detected intellectual shifts in the Iraqi theater text various stages and extended by the limits of research (1950-2006)
Also included chapter (Methodology) where Akhtar researcher (descriptive method - content analysis) for suitability for Search
The chapter concludes with a tool search and then the analysis of samples.
And ensure that the fourth quarter results, conclusions, recommendations and proposals, and the main findings of the researcher:
1. approached theatrical texts towards harmonizing the social, political and religious movement by eating various layers of the society in different topics simple language free of complexity.
2. marked by theatrical texts style vitriol that characterized proceed with the marginal and in the transfer of ideas that seemed the freedom of expression.
3. relied theatrical texts in the seventies to eat the popular tradition and the old Baghdadi tale and folk sayings through the language easy to play in the formation of the dramatic structure of the text.
The research found a set of conclusions, including:
1. able to play texts in the early fifties approaching from the political scene through the handling and realistic subjects were able to embody and express the Iraqi society issues.
2. style guide written in the early sixties about giving symbolic and iconographic difficult to understand through the flattening of the events and the lack of an objective analysis.
The researcher would recommend:
1. stay for authorship novelist and fiction and poetry and theater and support from specialists festivals.
2. adopt energies Youth promising, particularly in the field of writing and theater work on the development of these energies Bsagl her talent through academic study, which is the only refuge.
The researcher proposed the following studies:
1. Intellectual and Educational Implications in Husseiniya texts
2. Technical and educational characteristics in the texts of Children's Theatre
Find bibliography of sources and references have been concluded, the research summary in English.
الفصل الاول : الاطار المنهجي للبحث
مشكلة البحث :
يعتبر المسرح من الفنون التراكمية التي تؤثر وتتأثر بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية في المجتمع , لهذا قد يتبع النص المسرحي هذه التأثيرات او انه يتخطاها ليصبح منهجاً ذاتيا يصدر محمولاته الى المجتمع , ولربما كان المسرح طوال تاريخه فن محاكي مثلما يعرفه ارسطو عن طريق التراجيديا بأنه"محاكاة لفعل جاد تام في ذاته له طول معين في لغة ممتعة "(1) أي انه نقل للواقع وتجديده كفعل قائم بذاته دون أي قيد او تردد ومصادر هذا الفعل هي المخاضات الفكرية التي يعيشها الكاتب المسرحي بعقله ووجدانه فالكاتب المسرحي هو النواة الاولى لولادة المسرح وبشكل مضامين ذات رسالة تدغدغ مشاعر المجتمع ولكن ... هل هذه المضامين نقلت الى المتلقي بواقعية ؟ او انها تكون حملت بايديولوجية وشذبت سياسياً ؟
حيث ان الكاتب المسرحي يقتني مادته من متغيرات المجتمع وتحولاته اكثر من غيره على اعتبار انه يستمد مادته الابداعية الخام من هذه المتغيرات التي تطرأ بين الحين والآخر كما انه مرآة عاكسة لما يدور في المجتمعات من متغيرات باعتباره اكثر التصاقاً بالمجتمع وحاجاته واوسع تأثيراً على طبائع الافراد وسلوكهم , رغم ظهور الافكار الفنية والتطلعات الى النصوص العالمية المترجمة التي برزت في فترة من الفترات والتي اصبحت فيها النصوص المحلية عاجزة في طرح الحلول واكتفت بنقلها صوراً فوتوغرافية تجسد الحياة اليومية بمخاضاتها ومعاناتها , لذلك لجأ اكثر الكتاب المسرحيين الى الاعداد المسرحي معبراً عن ما يقوله شكسبير بدلاً من ان يقوله هو, وبظهور الكتاب المسرحيين وتعدد وتلون اشكال الحياة اليومية تلونت اساليب المسرح عبر ارسالياته التعبوية الهادفة الى الاصلاح والتوعية والتوجيه , فالمسرح كما يصوره لنا برخت عندما يقول (انا ادعوا الى مسرح يثور الواقع لاينقله كما هو) وبالتالي تتلخص مشكلة البحث بالتساؤل الآتي .. (ما التحولات الفكرية في النص المسرحي العراقي)؟
اهمية البحث والحاجة اليه:
تتجلى اهمية البحث من خلال:
يعد البحث حصيلة معرفية يفيد القراء والدارسين في مجال الكتابة المسرحية لمعرفة التحولات الفكرية التي رافقت النصوص المسرحية العراقية للفترة من (1950-2006) م .
وتتجلى الحاجة الى البحث
من خلال مايتيحه للدارسين وذوي الاختصاص للأطلاع على نتائج هذه الدراسة التي رصدت التحولات الفكرية في النص المسرحي العراقي .
هدف البحث : يهدف البحث التعرف على (التحولات الفكرية في النص المسرحي العراقي)
حدود البحث:
زمانياً : (1950-2006)
مكانياً : (العراق)
موضوعياً : (دراسة وصفية تحليلية للتحولات الفكرية للنص المسرحي العراقي)
تحديد وتعريف المصطلحات :
1- التحول لغةً : يعرفه ابن منظور بانه " تحول عن الشئ زال عنه الى غيره , يحول مثل تحول , وحال الشئ نفسه يحول حولاً بمعنيين يكون تغييراً ويكون تحولاً(2)
2- التحول اصطلاحاً: يعرف التحول اصطلاحاً بانه "تغير مجرى الفعل الى عكس اتجاهه(3)
3- التحول اجرائياً: هو التغير الحاصل في البنى والمفاهيم المحمولة في النص المسرحي العراقي وصولاً الى نظام جديد.
4- الفكر لغةً: الفكر اعمال العقل في المعلوم للوصول الى معرفة المجهول " والفكرة هي الصورة الذهنية لأمر ما(4) ويعرفه البستاني على انه "فكر في الشئ فكراً أي بمعنى عمل النظر فيه وتأمله , والفكر تردد القلب بالنظر والتدبر بطلب المعنى, وقيل هي ترتيب امور في الذهن يتوصل الى المطلوب فيكون علماً او ظناً , ويقال لي في الامر فكر أي نظر بروية(5)
5- الفكر اصطلاحاً: يعرف الفكر اصطلاحا على انه "عملية معرفة تتم عن طريق المفاهيم او التصورات لاننا في التفكير انما نقيم علاقات ما بين مفهوم او تصور ما يعد محمولاً وبين تمثيل جزئي ليكون بمثابة موضوع(6) ويعرفه ارسطو بانه"كل مايقوله الاشخاص لاثبات شئ او التصريح بما يقرون(7) في حين يعرفه مسعود "بأنه مجموع اعمال الفكر والعقل ليتوصل الى حله او ادراكه(8)
6- الفكر اجرائياً: هو النجاعة التي تمكننا من الوصول الى نتاجات معلومة عن اشياء مجهولة.
7- التحولات الفكرية اجرائياً: هي كل التغيرات الحاصلة في البنية المفاهيمية للنص المسرحي العراقي لانتاج نص مؤثر وفعال وفق نظام يتوافق والسياق الخارجي.
الفصل الثاني :الاطار النظري
المبحث الاول : لتحولات الفكرية للكاتب المسرحي العراقي:
بات الكاتب المسرحي العراقي مخاطباً لهموم الشارع العراقي بمخاضات وتحولات فرضتها عليه الثورات والحروب والحياة المتذبذبة , وبما ان (المسرح) هو مرآة عاكسة , فقد تزود اكثر كتاب المسرح من هذه التحولات التي طرأت في بداية الخمسينيات حيث إن "مسرحنا العراقي اصبح اكثر التصاقاً بالمجتمع وحاجاته واوسع تأثيراً على طبائع الافراد وسلوكهم(9) من خلال عدة تجارب تأليفية لـ (يوسف العاني) و (نور الدين فارس) و(عادل كاظم) و(طه سالم) وغيرهم من الذين تميزوا بنقدهم لبؤس وفقر الشعب العراقي في ظل النظا م الملكي وسيطرة الاستعمار دون الاشارة الى تغيير الاوضاع السائدة والاكتفاء بوصفها . وفي هذه السنة المرتبطة مابين (1950-1958) برزت عدة ظواهر جديدة كظهور المسرحيات المترجمة لكل من (شاكر خصباك) و سعاد الهاشمي) و (صالح مهدي شريدة).(10)
إلا ان فكرة الاعداد والترجمة عن النصوص الاجنبية لم تستمر طويلاً حتى ايقن كتاب المسرح انهم الاقرب والاصدق في التعبير عن معاناة الشعب العراقي وكان ذلك عبر نصوص كان من ابرزها . (مجنون يتحدى القدر) لـ (يوسف العاني) حيث يعد هذا العمل اول عمل مونودرامي عراقي متكامل (11). وبداية تحرك الساكن عبر جمعية (جبر الخواطر) التي اسسها يوسف العاني مع مجموعة من طلبة كلية الحقوق اضافة الى فرقة (المسرح الفني الحديث) التي اسسها (ابراهيم جلال) 1952 التي كان لها الاثر البالغ في ارتباط الكاتب المسرحي بالناس وعياً وتعبيراً (12).
اما مرحلة الستينيات فقد كانت من المراحل المهمة بالنسبة لكتاب المسرح العراقي حيث " زخرت هذه الفترة بمختلف الاصدارات المسرحية , سواء تلك التي جائت من (سوريا و لبنان و مصر) ام تلك التي ظهرت في العراق, حيث كانت سلسلة المسرحيات المؤلفة والمترجمة خير معين لكتاب المسرح لتعلم تقنيات الكتابة المسرحية , اضافة الى التعرف على نظريات واتجاهات وتيارات المسرح عن طريق مجلة (السينما والمسرح) المصرية(13) حيث اخذت وتيرة العمل المسرحي بالتسارع لاسيما بعد عودة العديد من الدارسين للفن المسرحي من خارج القطر وتاسيس (مصلحة السينما والمسرح) مما اثار غلياناً في كتابة النصوص كـ(عادل كاظم) الذي كتب (الطوفان) و (الحصار) و (تموز يقرع الابواب) و (نورالدين فارس) الذي كتب (اشجار الطاعون) و (الكراكي) و (الغريب) و (البيت الجديد) و (طه سالم) الذي كتب (فوانيس) و (طنطل) و (الكورة) و (ورد جهنمي) و (قرندل) و (علي حسن البياتي) الذي قدم (الدبخانة) و (اليعوفة الحرامي) و (جفجير البلد)(14).
لجأ اكثر كتاب المسرح في منتصف الستينيات الى الهروب من الواقع والرجوع الى التاريخ والاسطورة الشعبية بسبب صعوبة ايجاز النص من قبل دائرة الرقابة وبالتالي حاول الكاتب المسرحي ان يرمز ويعطي دلالات ايقونية صعبة الفهم واذا ما اتجه الى الواقع فهو بمثابة اسقاط فرض , حيث يخطئ التشخيص ويسطح الاحداث ويجعل القضاء والقدر هو الاثر الاساسي بدلامن تناول تناقضات المجتمع وتحليلها موضوعياً " فالمشكلة الرئيسية التي ارقت كتاب المسرح هي انهم كتبوا عن واقع سريع التغيير سريع التبديل باساليب فنية هي الاخرى سريعة التبديل(15) لذلك لجأ كتاب المسرح نحو التعبير عن الواقع المرير للدول العربية المجاورة والهيمنة الصهيونية الساعية الى اضطهاد الشعوب وبخاصة الشعب العربي الفلسطيني مع عدم الاكتفاء بذكر الحالة وانما تسجيلها وتحليلها كمسرحية (الخرابة) لـ (يوسف العاني) التي ادان فيها الصهيونية , مما جعل الكثير من المسرحيين العراقيين يراجعون افكارهم واساليبهم وبدأوا وكأنهم يقدمون ادانة لاسلوبهم وطرق تعبيرهم السابقة ولاول مرة يبدأ الفنان بفهم معنى ان يكون المسرح تسجيلياً(16)
وبعد العام 1968 وحدوث التغيرات والتحولات الجوهرية في بنية السلطة الحاكمة , حدث تحول في مجال الكتابة المسرحية تماهت مع تطلعات بعض الكتاب وتوجهاتهم الفكرية والسياسية باعطاء دلالات ورموز صعبة الفهم وعبروا بطريقة مغايرة عبر ماطرحته هذه التغيرات , ومن هذه التحولات :
اتجاه بعض المؤلفين الى المسرحية التي تستلهم التراث الشعبي والتاريخ القومي .
الاهتمام بكتاب العالم الثالث , كالكاتب البرازيلي (جولهيم فيجويردو) و (غورغي) و (برخت).
ظهور النصوص المعدة للأطفال , وقد اعتمد الكتاب على النصوص الاجنبية حيناً , وعلى الحكايات الشعبية حيناً آخر .
الاتجاه بصورة متزايدة الى احلال اللغة الفصحى محل العامية (17).
اما في مرحلة (السبعينيات) فاقل مايمكن ان يقال "ان مسرحاً رسمياً عليه سيماء الجد قد انشئ على يد اساتذة نشطين وتلامذة مشبعون بروح المسرح , فيهم من يعد نفسه للأخراج وفيهم من يعد نفسه للتأليف المسرحي على اسس وقواعد اكاديمية اخذت منحاً (تجريبياً) متأثرة بنظرية التغريب (البرختية) وواقعية (ستانسلافسكي) (18) كما يؤكد ياسين النصير على "ظهور تيارات جديدة في مسرح اللامعقول العبثي والوجودي (19) خاصة بعد قدوم عدد من كتاب المسرح العراقي من خارج الوطن كـ(يوسف العاني) الذي عاد من (المانيا) و (قاسم محمد) من (موسكو) و (محسن العزاوي) من (جيكوسلوفاكيا) و(سعدون العبيدي) و (سامي عبد الحميد) من (لندن) (20).
حيث بدت كتاباتهم اكثر رصانة بسبب الخبرة التي اكتسبوها من تجاربهم خارج القطر, فبرز عدداً من المسرحيات كمسرحية (الخرابة ) و (المفتاح) لـ (يوسف العاني) ومسرحية (النخلة والجيران ) لـ (قاسم محمد) التي استلهم فيها التراث القصصي العراقي كما استلهم التراث الادبي العربي في (بغداد الازل بين الجد والهزل) والموروث الشعبي في (كان ياما كان) و (مقامات الحريري) و (مجالس التراث) ... كما كتب الاديب (محي الدين زنكنه) عدداً من المسرحيات كمسرحية (السؤال) (21).
بدأ كتاب المسرح في (الثمانينيات) بشحذ همم المواطنين وادامة الحماس في نفوسهم وفق تسميات "(مسرح المعركة) او (مسرح الحرب) او (المسرح التعبوي) او (المسرح المقاتل) او (العسكري)(22) وحقيقة الامر ان الانشطة المسرحية الجادة في ذلك الوقت قد ضعفت الى حد ما واستبدلت باعمال مسرحية كتبت بلغة سهلة سلسة قريبة الى اللغة (العامية) المتداولة "للتخفيف عن هموم الشعب العراقي وانعاش وضع الفنان المادي الذي ساء بسبب اللا استقرار الذي كان سبباً في تردي الظاهرة المسرحية في الثمانينيات ومنها تفشي ظاهرة (المسرح الشعبي)(23) حيث اقتربت النصوص التي كتبت في اجواء المعركة من المباشرة والعجالة بقصد التوصيل السريع , وهي حالة استثنائية لم تكن سائدة في زمن السلم لكنها قبلت في اجواء الحرب وقد تم تبرير شيوع هذه الحالة في اطار متطلبات التعبئة العامة "فالظرف آنذاك يتطلب – كما يقول يوسف العاني – الاسراع لا الانتظار والتأمل , وعلى الكاتب المسرحي ان يلهث وراء الزمن الراكض في ساحات القتال وملاحقة الانباء السريعة التي تاتي عبر الراديو والتلفاز(24). ليكون حاضراً ومعبراً عن كل مايدور في الواقع الحياتي وتكون كتاباتهم متنفساً لهموم الناس والحاجة الى "خلق جو من المرح والتسلية التي يجب ان تشيع في نفوس الذين يعودون الى اهلهم وذويهم بعد ايام الحرب الموجعة والمعاناة المتعبة(25) لذلك كانت هنالك نصوص مسرحية كوميدية استهوت العاملين في المسرح الشعبي كمسرحية "(الخيط والعصفور) لـ (مقداد مسلم) و (مملكة الشحاذين) لـ (صباح عطوان) و (نديمكم هذا المساء) لـ (عادل كاظم) و (ناس وناس) لـ (عبد الجبار حسن) و (المحطة) لـ (صباح عطوان) و (حال الدنيا) لـ (مقداد مسلم) و (بيت وخمس بيبان) لـ (فاروق محمد) و (اطراف المدينة) لـ (عبد الامير شمخي) (26).
ومن جانب آخر برزت هنالك عدداً من النصوص المسرحية التي عكست واقع الحياة الجديد كموضوعة الأسر والحرب وانعكاساتها على الاسرة والمجتمع كمسرحية . (الجنة تفتح ابوابها متأخرة) و (الف ليلة وليلة) و (الف رحلة ورحلة) و (الف امنية وامنية) و (الف حلم وحلم) لـ (فلاح شاكر) و (حكايات العطش والارض والناس) لـ (قاسم محمد) و مسرحية (الغائب) لـ (فاروق محمد) و (ام المقاتلين) لـ (فتحي زين العابدين) و (شجرة العائلة) لـ (عزيز عبد الصاحب) و (ملحمة الحب) لـ (وجدي العاني) و (جذور الحب) لـ (ابراهيم البصري) و (على طريق المجد) لـ (سامي عبد الحميد) و (البيارق) لـ (لؤي حقي) و (الأم) لـ (طه سالم) و(العودة) لـ (يوسف الصائغ) و (السيف والطبل) لـ (سعد الجبوري) (27).
توجه كتاب المسرح في مستهل (التسعينيات) الى تناول مواضيعاً (بكائية) تعبر عن افرازات واقع الحصار المفروض على العراق , كما ان تيار المسرحية الاستهلاكية ظل ملازماً مع تخريب مباشر للذائقة الجمالية , ونتيجةً لذلك غاب العديد من رموز المسرح العراقي مع غياب التعددية في النصوص المسرحية , ومن جانب آخر "برز هنالك عدد من المؤلفين الشباب التي تميزت كتاباتهم المسرحية باسلوب مختلف من خلال مسرح تجريبي لايرتاده الا النخبة ومن هؤلاء الكتاب (عبد الكريم جمعة) و (عباس الحربي) و (عقيل مهدي) في حين اعتمدت تجارب (صلاح القصب) حول ماسمي بـ (مسرح الصورة) , على نصوص معدة عن المسرح العالمي مثل (الملك لير) و (طائر البحر) و (العاصفة) و (احزان مهرج السيرك) (28).
شهد العام 2006 انخفاضاً في مستوى التأليف والتوجه نحو (مسرح الصورة) من خلال اعداد اعمال فيها من ثراء اللون والصورة اكثر من الافكار والمضامين الفكرية التي تحملها النصوص المسرحية أي احلال الصورة المسرحية على حساب الكلمة وما تحمله من محمولات ومضامين وبنى فكرية , وهذا ماسار عليه (صلاح القصب) على غرار (آرتو) اذ يرى ان الكلمة المنطوقة لم تعد تصلح كأداة تعبير فني , وعلى هذا الاساس عمد (القصب) نحو اختصار النص المسرحي الى ادنى حد حتى يصل احياناً الى الحذف العشوائي لكثير من الجمل التي تحمل معاني ودلالات لايمكن الاستغناء عنها (29).
ومن جهة اخرى يصف لنا (القصب) مسرح الصورة فيقول "ان الصورة لاتلغي المؤلف بل تقرأه بشكل يمنحه الوجود المستمر المرتبط بزمن متحرك , تمنحه فلسفة العصر , وهي لينه (30).
المبحث الثاني: مرجعيات الكاتب المسرحي العراقي
يوسف العاني :
يعد يوسف العاني من الكتاب المسرحيين المهمين الذين ظهروا في بداية الخمسينيات "وهو من مواليد (1927) ولد في بغداد في محلة سوق حمادة , قدم اول عمل مسرحي في 24شباط 1944 , وكان ذلك في كلية الحقوق حيث تم تاسيس (جمعية جبر الخواطر) (31)
بدأ (العاني) كتاباته المسرحية التي كانت معبرة بحق عن اهم التحولات التي حدثت للمجتمع العراقي , حيث تناولت كتاباته موضوعات اجتماعية وسياسية واقتصادية تحت مبدأ واحد , هو التعبير عن المعاناة التي يشعر بها الانسان الواقع تحت الظلم والضغط النفسي الناتج من عدم تحقيق آماله وطموحاته .
اسس العاني مع (ابراهيم جلال) و(سامي عبد الحميد) في العام 1952 (فرقة المسرح الحديث) والتي جذبت لفيفاً من الشباب المقثف حيث "استفاد (العاني) من المسرح العالمي من خلال البعثات التي كانت توفد اليها (فرقة المسرح الحديث) الى الخارج في 1957 , حيث امضى (العاني) عاماً بفرقة (البرلينز انسامبل) في المانيا الشرقية(32) كما انه وقبل كل هذا قد عكس البيئة الاسرية التي كان يعيشها على نصوصه المسرحية , ومن الجدير بالذكر ان (العاني) قد استفاد كثيرا ً من عمه الذي اضطر ان يسكن معه بعد وفاة والديه حيث يقول "من عمي تعلمت الكثير , كان يقضي اسعد لحظاته مع البلامة رغم انه كان يمتلك علاقات كثيرة مع من كانوا يسمون بعلية القوم , كنت الحظ علاقاته بعوائل كادحة عديده يرعاها ويهتم بها ويقدم المساعدة لها بصمت (33).
انعكست هذه الأشياء الحياتية البسيطة في اغلب نصوصه المسرحية التي تناولت معاناة الناس البسطاء من الكادحين والحمالين والبقالين والبلامة , كما انه انتقد ما يحصل من فساد اداري في دوائر الدولة وتفشي ظاهرة (الرشوه) , وتجسد ذلك في مسرحية (راس الشليلة) 1951 .
اخذ الفكر الكتابي لدى العاني بالنضوج شيئاً فشيئاً وبدأ يتوجه توجهاً سياسياً للتعبير عن الحق الضائع لهوية الفرد العراقي "حيث كتب (العاني) في هذه الفترة عدداً من المسرحيات مثل (حرمل وحبة سودة 1952) ( اكبادنا – تؤمر بيك 1953) فلوس الدوه – ست دراهم 1954) اني امك ياشاكر 1957) (اهلا بالحياة 1959) (الدواء والغذاء 1962) (34).
قضى العاني مابين . (1963 – 1967) خارج العراق وهي اطول السنوات التي قضاها في ( لبنان – المانيا – موسكو) زار خلالها مسرح (برخت) وعمل فيه (35).
ومن هنا بدأت الرحلة السعيدة , والتي تركت اثراً في كتاباته التي اخذت منحاً ملحمياً برختياً بعد ماكانت واقعية تخاطب واقع الحياة الاجتماعية , اخذ توجه (العاني) توجهاً سياسياً ثورياً مرتكزاً على النقد والتحريض ووضع الحلول التي كانت غائبة في بداية الخمسينيات , اما في العام (1968) فالحال قد اختلف فقد وضع (العاني) برخت في رأسه وتوجه توجهه من خلال مشاهدته عدداً من مسرحيات (برخت) في مسرح (فرقة البرلينز انسامبل) حيث يذكر العاني "كنت حريصاً في كل مرة ازور فيها (برلين) على ان احضر العرض المسرحي الذي تقدمه هذه الفرقة العتيدة , غير ان حضوري هذه المرة ... كان للتعرف على مسرح (برخت) والاطلاع على معظم مسرحياته وانتاجه , وكانت مسرحية (خوف وبؤس الرايخ الثالث) اول مسرحية شاهدتها عام ( 1958) ويومها كان (برخت) بالنسبة الي لغزاً كبيراً لايحل (36).
في الفترة ما بين (1967 – 1970) ظل (العاني) فترة خمس سنوات متقطعاً متأملاً لاعماله بعد تحولاً فكرياً سيطر على كل نصوصه المسرحية وفكره المعرفي , حتى اصبح جاهزاً للكتابة باسلوب وفكر جديد من خلال عدة اعمال مسرحية كمسرحية (صورة جديدة) و (المفتاح) و (الخرابة) و (الخان) و (الشريعة) ومن الواضح ان (العاني) ظل توجهه سياسي في اغلب النصوص التي قدمها اضافة الى اعادة صياغة القديمة منها مع اضافة التعديلات وربطها فيما بينها كمسرحية (الخان) التي اوجد صلة بينها وبين (الشريعة) (37).
ظل عميد المسرحيين (يوسف العاني) يكتب للمسرح ناقداً للنظم السياسية , معبراً عن هموم الناس من خلال كتاباته التي اساسها البحث والدراسة والتواصل ووضوح الرؤية , ويقينه بدور المسرح الدائم والذائب من اجل الانسان , موحداً مابين الفكر الذي يحمله , والاسلوب والطريقة التي تتلائم ومتطلبات أكمال الرؤية جمالياً .
قاسم محمد :
ينفرد (قاسم محمد) من بين جميع زملائه المسرحيين العراقيين بغزارة الانتاج المسرحي ولاسيما ( النص ) الذي هو موضوعة بحثنا التي سوف يتناولها الباحث مروراً بأهم المصادر التي شكلت مرجعية لاعماله ونتاجاته المسرحية والتي أشتغل تحت تأثيرها فكرياً وأسلوبياً , ونبدأها من ( البيت ) , حيث ولد ( قاسم محمد ) عام 1934 في أحدى محلات بغداد وكان والده حكواتياً فقيراً وقد رفض في البداية دخوله الى معهد الفنون الجميلة , لعدم أقتناعه بجدوى الفن في الحياة العملية , لكن قاسم محمد لم ييأس بل سارع الى التقديم للمعهد عام 1955 , متأثراً ببيئته الاسرية وأهتمامه بالموروث الشعبي الذي ورثه من أسرته التي كانت تتداول الحكايات والاساطير والشعر الشعبي وتتعاطاه بألفة وشغف " فحفظ الابن عن أبيه الكثير الذي سحره وأستهواه فكان يقلده حين يسمع عنه الحكايات والاساطير (38).
حيث أن الاسرة عاشت في ( البارودية ) أحدى محلات بغداد العريقة والمعروفة بموروثها الشعبي الاصيل , أضافة الى البيت البغدادي القديم وما يجري فيه من حركة وبشر وحياة , كان بمثابة مسرح له من خلال الالوان المتوارثة , شكل المعمار ووظائفه وطقوسه الروحية , الملابس وزخارفها ومناسباتها , النباتات والاشجار والطبيعة والزهور , بالاضافة الى الاحداث التي كان يمر بها الناس المحيطين به , ألتقت كل هذه الروافد لتصوغ شخصية ( قاسم محمد ) ولتمهد له السبل للانعطاف نحو الثقافة الشعبية ,
حيث بدأ ( قاسم محمد ) نشاطه المسرحي من عام ( 1955 ) وكان ممثلاً في فرقة ( المسرح الحر ) 1957 التي أسسها ( جاسم العبودي ) ومن ثم عمل في فرقة ( مسرح الشعلة ) وفرقة ( المسرح الحديث ) وعمل أيضاً في ( الفرقة القومية للتمثيل ) " في العام 1958 درس ( قاسم محمد ) في معهد ( موسكو ) الفني على يد ( يوري زفادسكي ) أحد تلاميذ فاختانكوف(39) لتتيح له دراسته هذه الاطلاع عن كثب على نتاجات الفرق المسرحية العالمية الزائرة للعاصمة الروسية .
عندما عاد ( قاسم محمد ) من موسكو عام 1971 وبعد التغيير الثوري الذي حصل في البلاد بعد العام 1958 , كان محملاُ بطموحات فنية مسرحية كبيرة جداً , وحقيقة الامر أن المضمون السياسي الانساني والاجتماعي و ( الثوري ) هو الذي شغل تفكير ( قاسم محمد ) بعد عودته من موسكو العاصمة البراقة لليسار العالمي آنذاك , مع الاخذ بنظر الاعتبار تأثير البيئة التي عاشها والموروث الشعبي الذي أستمده من محلات بغداد وشناشيلها بالاضافة الى الخبرة التي أكتسبها ليعكسها في أعماله التجريبية " فشرع في العام 1969 بدأ ( بالنخلة والجيران ) في أرساء ركائز قوية وواضحة قوبلت من الجمهور المسرحي الشعبي بحماسة كبيرة منشوبة بالعاطفة الدافئة , ولقيت الحذر من بعض المثقفين والمسرحيين بل التجاهل وسوء الفهم , فقد كسر في أول أجتياح للساحة سلاسل المألوف والركود والرتابة التي كانت تقيد حركة الابداع المسرحي (40).
فقد ساهم ( قاسم محمد ) في أعدادها- مسرحية النخلة والجيران- مع ( غائب طعمة فرمان ) وحقيقةً تقال أن الرواية قد منحت نفسها للمسرح وبسهولة , بحكم واقعيتها , أذ كانت خاضعة تماماً للمذهب الواقعي والذي شكل مرجعية الكاتب – قاسم محمد – الفكرية والسياسية ,
تناول ( قاسم محمد ) شخصيات نمطية مماثلة لنمطية الشخصيات المسرحية في المسرح التقليدي , أضافةً الى ألفة المكان في الرواية ( أزقة بغداد وبيوتها الشعبية ) وتجسيدها ( كسينوغرافيا ) على المسرح مما أضفى عليها شيئاً من الابهار " الذي أكتسبه ( قاسم محمد ) أثناء دراسته في ( موسكو ) الاخراج من مفاهيم ( فاختانكوف ) المدرسة الحديثة في الاخراج والتي تعتمد على ( الواقعية الخيالية )(41).
في العام 1974 بدأت أولى محاولات ( قاسم محمد ) في أستلهام التراث الادبي العربي . بعد ما شاهد في ( دمشق ) مسرحية ( مقامات الهمداني ) للطيب الصديقي , وهو مخرج من أصل مغربي , فشرع في كتابة ( بغداد الازل بين الجد والهزل ) والذي أعدها من مصادر عدة, وعلى رأسها كتاب ( البخلاء ) للجاحظ , ومقامات الهمداني , وحاول أن يربط في معالجته بين أحداث الماضي والحاضر ومعاناة الانسان العراقي(42). فقد كان ( قاسم محمد ) من المهتمين بهذه المعاناة التي أقتنصها من الحياة اليومية لمشاكل عامة الناس من الاناس البسطاء والفلاحين " الذين أمدوه بمادة درامية نابعة من ذكرياتهم وأرثهم(43) فمسرحية ( حكاية العطش والارض والناس ) عام 1981 كان قد . أستمدها من أحد معارفه , وهو يتحدث عن شخص في مدينة ( البصرة ) , أما مسرحية ( أنها أمريكا ) فقد كتبها بعد متابعته خبراً صغيراً نشر في صحيفة محلية عام 1973 حيث كان ( قاسم محمد ) بارعاً في الغوص الى المخزون العربي والمحلي في خزائن الفكر التاريخي والتراثي وكذلك في الموروثات والفلكلور , التي حملها الدهشة للمتلقي(44). الذي يشاهد ويستمتع رغم أنها تحكي عذاباته , لأنه أبن عذابات هذه الطبقة التي نشأ وترعرع بين أحضان أزقتها , فحاكاها بلغتها منطلقاً منها الى مضامينها الفكرية والانسانية العالية وأشكالها الاقرب الى نفسه ونفوس ناسها الذين أستقى منهم أفكار مسرحياته الشعبية . وصاغ منها تساؤلاتهم وعما يخلصهم من مخاوفهم وما يقلقهم , قاسم محمد صاحب الاسئلة الحديثة في فضاء المسرح العراقي سواء في عمله مع ( النص التراثي ) أو ( الكلاسيكي ) أو ( الحديث ) (45). فكلها نابعة من رحم حكايات شعبية ممسرحة لأناس بسطاء ولسان حاله يلهج " أنا مسكون بهؤلآء الناس , هم هاجسي الاول والاخير(46).
قدم ( قاسم محمد ) كماً كبيراً من المسرحيات التراثية قياساً الى غيره من المسكونين بالمسرح في العراق ومن هذه المسرحيات"( رسالة طير) المستمدة من رسالة الغفران لأبي العلاء المعري و ( مقامات أبي الورد ) التي أخذها من ( مقامات الحريري ) و ( بغداد الازل بين الجد والهزل ) والتي هي أول مسرحية تنتقد البخل في شخصيات فذه كريمة و ( أنا ضمير المتكلم ) التي عالجت القضية الفلسطينية (47).
أن التنوع في صناعة النص المسرحي أبعد (قاسم محمد) عن الشعور بغياب (النص) أو شحته , حتى ليكاد أن يكون الوحيد الذي لم يتعطل نشاطه بسبب غياب النص أو أزمته , للجوءه الى حالة ( الاعداد والترجمة والتناص والتعريق ) وهي الحالة التي يقول عنها (قاسم محمد)" أن عدم خضوع هذه الحالة المسرحية- نصاً وعرضاً- للأساليب التقليدية لايعني أنها لاتخضع كلها أو بعض منها لقانون ما , أن الشيئ الاكيد أن هذه الحالة المسرحية تخضع لقوانينها الخاصة(48) ومن هنا يؤكد ( قاسم محمد ) أن لاوجود لأزمة نص والمشكلة في الفنان نفسه , فبعد أن أصبح لقاسم محمد رصيداً كبيراً من الاعمال . بدأ مشروعه في العام 1981 كمحاولة لخلق مسرح عراقي ليسميه ( مسرح الفرجة ) أو ( الاحتفالي ) أو ( المسرح المفتوح ) لكون أن المسرح أساساً هو عبارة عن حفل , يؤومه الناس , وهذا الحفل يحفل بالافكار والناس والبصريات والسمعيات الكثيرة مثل , الحكم والحكايا والامثال والاغاني وأنماط الفرجة التي تجمع بين الممثل والمتفرج (49).
أهتم ( قاسم محمد ) بالشعر كما أنه أهتم بالطفولة فكتب عدداً من النصوص في هذا المجال ( طير السعد 1970) ( الصبي الخشبي 1971 ) ( سر الكنز 1976 ) و ( رحلة الصغير في سفرة المصير) والتي كتبها في العام 1981 .
أمتاز ( قاسم محمد ) بالدقة والتنظيم التي أكتسبها من أختلاطه ببعض المسرحيين ( الروس ) حيث كان . يضع مايسمى بالطاولة ويبني عليها مخططاً لأحداثه التي سوف يجسدها على خشبة المسرح , ورغم أن هذا في صنف الاخراج وبعيد عن موضوعة بحثنا , ألا أن ما يهمنا فيه هو أن ( قاسم محمد ) كان يضع خطوطاً أولية أخراجية أثناء التأليف المسرحي , وهذا ما يشبه الارشادات المسرحية التي كان يضعها شكسبير في كتاباته حيث يجزم ( قاسم محمد ) بأن المخرج الكاتب هو مستقبل المسرح مع أصراره وتأكيده بأنه مخرج ومؤلف بنفس الوقت (50).
فلاح شاكر:
ولد الكاتب المسرحي العراقي ( فلاح شــاكر ) في العام 1960 في مدينة البصرة التي كان لها أثراً كبيراً في بناءه وتكوينه وتوجهه نحو الكتابة المسرحية حيث كانت مدينته ملهماً له " درس (فلاح شــاكر) الفلسفة والفنون التطبيقية (51) ومن ثم بدأ أهتمامه بدفق اللغة التي تميزت بها أغلب كتاباته .
بدأ تأثر( فلاح شــاكر ) وولعه ( بالألفيات ) من خلال تأثره بقصص ( ألف ليلة وليلة )(52) حيث بدى ذلك واضحاً في أغلب كتاباته المسرحية ( ألف أمنية وأمنية ) و ( ليلة من ألف ليلة وليلة ) و ( ألف رحلة ورحلة ) و ( ألف حجارة وحجارة ) و ( ألف قتيل وقتيل ) " حيث أكتشف ( فلاح شــاكر ) في ( ألف ليلة وليلة ) أحلام يقظة لأجيال بأكملها(53).
في الثمانينات من القرن العشرين , حدث تحولاً فكرياً في كتابات ( فلاح شاكر ) حيث تحولت كتاباته من الســرد التاريخي والحكاية الخرافية الى مخاطبة واقعية لما يحدث في الثمانينات حيث الحرب وآثارها التي حلت بالدمار بمدينته , فبدأ يحاكي بألم قضايا الحرب وما تجلبه من نقم , وبدى ذلك واضحاً في كتاباته التي أسماها ( بخماسية الحب والحرب ) " وهي ( قصة حب معاصرة ) ( مئة عام من المحبة ) ( في أعالي الحب ) ( مأساة مؤلف النكات ) و( الجنة تفتح أبوابها متأخرة ) التي تناولت مفهومة الحرب والحصار(54) حيث جلبت حرب الثمانينات على أهلها بالكثير من الكوارث والاقاصيص التي أستمد منها أكثر كتاب المسرح مواضيعهم التي نقلت واقع الحياة المعاش في ساحة المعركة وفي داخل البناء الأسري للأسرة العراقية التي عانت من جراء الحروب التي مرت بها أزاء ثمان سنوات , خرج منها الشعب العراقي كسيراً متعباً ليزج ( بحصار) جار على العراق وأهله في التسعينات .
أنتقى (فلاح شــاكر) مواضيعه من كل هذه الالآم التي أورثتها المعركة حيث يقول ( فلاح شــاكر ) " نحن عشنا في فوهة المدفع , وعشنا الاحداث ( نقطة دم ) مع ( نقطة دم ) فأي عمل فني ســيثيرنا ؟ .... أن عجب العجاب لايهز لنا ( شعره ) لقد واجهنا أبشع حرب , وأبشع أحداث في هذا العصر(55).
لقد كان لهذا التحول الذي عاشه ( فلاح شـــاكر ) كمواطن عراقي عاش الازمة بتفاصيلها ومر بظروف صعبة كالحرب والحصار والتي أصبحت المادة الخام والاساسية في بناء مسرحياته , حافزاً لأن يغادر " بعض برود الفلسفة ( المتمثل بالألفيات ) الى نار توقد فينا ( الحماسة ) عبر ( خماسية الحب والحرب ) (56).
حصد الكاتب العراقي ( فلاح شــاكر ) العديد من الجوائز فقد حصل على " جائزة أفضل نص ثاني في مهرجان المسرح العراقي التجريبي عن مسرحية ( ألف قتيل وقتيل ) 1987 , وجائزة أفضل مؤلف شاب للموسم المسرحي عن مسرحيته ( ليلة من ألف ليلة وليلة ) ( ألف رحلة ورحلة ) , وفي العام 1990 فازت مسرحيته ( ألف أمنية وأمنية ) بالعديد من جوائز المركز العراقي كما فازت في العام 1991 مسرحيته ( قصة حب معاصرة ) بجائزة أفضل نص بمهرجان ( قرطاج ) حيث ترجم الى ( اللغة الفرنســية ) (57). وحقيقة الامر فقد ترجمت أكثر أعمال ( فلاح شــاكر ) الى اللغات ( الانكليزية, الفرنسية,الهولندية,السويدية,الكردية ) ولعل هذا أمراً مفرحاً فبعد أن كنا ( نترجم ونقتبس ونعرق ) عن النصوص العالمية بدأ الغرب يترجمون أعمالنا , وطبعاً لما لهذه الاعمال من قيمة درامية وفنية فيها روح العراق . في العام 1993
فازت مسرحية ( العقاب والجريمة ) بجائزة أفضل مؤلف مسرحي في المسابقة التي أقامتها ( دارالشؤون الثقافية ) في العراق , أما مسرحية ( مائة عام من المحبة ) فقد فازت في العام 1995 بجائزة أفضل نص مسرحي في مهرجان ( قرطاج ) الدولي , حاز الكاتب المسرحي العراقي ( فلاح شــاكر ) على جائزة الدولة للأبداع 1997 للمرة الثانية , وفي العام 1999 فازت مسرحيته ( تفاحة القلب ) في مسابقة أفضل نص مسرحي للجنة المسرح العراقي (58).
أما مسرحية ( الجنة تفتح أبوابها متأخرة ) والتي كانت عينة من عينات البحث لكونها تناولت مرحلة الثمانينات والتسعينات أي أنها تناولت أهم حدثين في هذه الحقبة ( الحرب العراقية الايرانية - الحصار ) . فازت هذه المسرحية في العام 1999 - 2000بجائزة ( الابداع الكبرى ) في مهرجان ( قرطاج ) الدولي وقد عرضت المسرحية في ( بغداد , قطر, الشارقة , أبو ظبي , عمان , القاهرة , ألمانيا ) , كتب ( فلاح شــاكر ) عدداً آخر من مسرحياته كمسرحية ( أكتب بأسم ربك ) ( ليلة محمد الزرقطوني ) ( كلمات متقاطعة ) ( كذبة بيضاء ) ( الختان والانسان ) ( دولة الصعاليك ) ( في أعالي الحب ) ( رأس الحسين ) نشــر كتابين في محاورات فلســفية على شكل مسرحي هما ( مملكة الأغتراب ) ( العقاب والجريمة ) (59).
المؤشرات التي اسفر عنها الاطار النظري :
تميزت مرحلة الخمسينات بواقع حياة معاش مملوء بصراعات مابين الظالم والمظلوم والخادم والمخدوم ومابين الفلاح وصاحب الارض . حيث تعددت مشاكل الحياة بتعدد صورها وطبقات المجتمع .
دخول بعض الاصدارات الحديثة من الكتب والمسرحيات لكتاب عالميين الى العراق كمسرحيات ( برخت ) و ( ستانسلافسكي ) .
أرســال بعض البعثات الى خارج العراق للدراسة في الجامعات الاوروبية حيث سافر عدداً من كتاب المسرح العراقي للدراسة في جامعات أوروبية ( كيوسف العاني وقاسم محمد )
أنتشار المقاهي البغدادية التي تحكي وتروي القصص والحكايات الشعبية عن طريق الراوي( الحكواتي ) الذي يعتمد على ( التاريخ والموروث والخرافة ) .
دخول عدد من التيارات المسرحية الجديدة مثل (مسرح اللامعقول - العبث) و ( المسرح الملحمي - البريختي ) الى الساحة المسرحية العراقية .
بروز عدد من الاعمال الفنية والاوروبية التي تعتمد التاريخ الوطني مادة أساسية لها متمثلة ( بالرواية والقصة و الشــعر, والاسطورة ) .
دخول التقنية الفنية الحديثة في المسارح الاكاديمية , حيث ظهرت بعض المسرحيات التي تعتمد على اللون والصورة والديكور والاضاءة - كل عناصر العرض المسرحي- أكثر من أعتمادها على النص المكتوب .
الدراسات السابقة ومناقشتها :
دراسة (ثامر كريم)
( الملامح الأجتماعية والسياسية في المسرح العراقي . تأليفاً وأخراجاً وتصميماً - من سنة 1965 - 1980 ) وهي رســالة مقدمة الى مجلس أكاديمية الفنون الجميلة في جامعة / بغداد كجزء من متطلبات درجة الماجستير في الفنون المسرحية ( أخراج ) بتاريخ تموز 1978 م .
تناول الفصل الاول أهمية البحث وفرض الفروض وتحديد المصطلحات والدراسات السابقة وحدود البحث , حيث جعل الباحث تمهيداً بشكل لمحة تاريخية عن المسرح العراقي ,
وأحتوى الفصل الثاني : تحديد أهم ملامح التحولات الاجتماعية والسياسية لجعلها قاعدة ومنطلقاً
لدراسة المسرح العراقي شكلاً ومضموناً وما ضمنه في تلك التحولات .
وعالج في الفصل الثالث : أهم النصوص والعروض المسرحية التي حاولت أن تصور في مواضيعها سمات الواقع وملامحه أجتماعياً وسياسياً وكذلك أتجاهات الاخراج والتصميم المنظري للفترة من 1965 - 1968
وفي الفصل الرابع والخامس : تناول حركة المسرح العراقي بعد عام 1968 .
ثم خلص الى أستنتاجات وتوصيات وملاحق .
مناقشة الدراسة :
بعد أطلاع الباحث على دراسة ( ثامر كريم عبد )
الملامح الاجتماعية والسياسية في المسرح العراقي , تاليفاً وأخراجاً وتصميماً من سنة 1965- 1980 ,
وجد الباحث أن الدراسة أقتربت من دراسته بتناولها موضوعة ( النص المسرحي ) وأبتعدت عنها في بعض النقاط التي يدونها الباحث كالآتي .
تناولت الدراسة الملامح الاجتماعية والسياسية بينما تناولت دراستي التحولات الفكرية في النص المسرحي العراقي , ومما لاشك فيه أن المضمون يختلف عن التحول .
تناولت الدراسة السابقة حدوداً للبحث أمتدت من 1965 - 1980 بينما شملت دراستي حدوداً زمانية أوسع وأشمل أمتدت من 1950 - 2006 .
الفصل الثالث : اجراءات البحث
مجتمع البحث :
أحتوى مجتمع البحث على (خمسة عشر نصاً ) - ينظر الملحق الخاص بمجتمع البحث - مسرحياً لثلاث كتاب مسرحيين عراقيين (يوسف العاني- قاسم محمد- فلاح شاكر) شملت نصوصهم حدود البحث التي يحددها الباحث في دراسته من(1950-2006 )
عينة البحث : أختيرت عينات البحث بالطريقة القصدية وللأسباب الأتية .
أن هذه النصوص المسرحية المختارة تنتمي بطبيعتها الى مراحل مختلفة مما يتيح للباحث الكشف عن التحولات الفكرية في النص المسرحي العراقي بمراحله المختلفة والممتدة حسب حدود البحث من (1950-2006 )
تناولت بعض النصوص التي أختارها الباحث , أكثر من موضوع وأكثر من فترة أو حقبة زمنية .
(( نماذج عينة البحث ))
منهج البحث :
أنتهج الباحث المنهج (الوصفي – تحليل المحتوى) في هذه الدراسة لملاءمة هذا المنهج لطبيعة البحث والخروج بالنتائج المتوخاة .
أداة البحث :
أستخدم الباحث الادوات الآتية :
الوثائق التي تشمل ( الكتب والمجلات والصحف والمعاجم والقواميس ) أضافةً الى النصوص المسرحية العراقية .
أعتمد الباحث على ماتمت الاشارة اليه في الاطار النظري من مؤشرات لتحليل عينة بحثه بحسب الفترات الزمنية التي حددها ببحثه .
( تحليل نماذج عينة البحث )
نموذج (1)
( راس الشليلة )
يوسف العاني 1951
المتن الحكائي :
تدور فكرة المسرحية حول ظاهرة الفساد الاداري في دوائر الدولة أبان الحكم الملكي في العراق , اذ تحاكي المظلومين من أبناء الشعب أزاء ما يحدث لهم من أستغلال وجشع وتسلطية الرؤساء , حيث نجد أن ( المراجع ) يقع تحت سلطة الموظف المسؤول في دوائر الدولة وما موجود من فساد اداري وأنتشار لظاهرة (الرشوه) المعمول بها في تلك الفترة ( 1951 ) بالتحديد , لذلك فالمراجع الفقير قد يدور ما بين طوابق الدوائر دون فائدة ودون أكمال معاملته , على العكس من المراجع الذي يعد من علية القوم الذي يملك جاهاً ومعارفاً في الدولة ,
وفي مسرحية ( راس الشليلة ) نجد أن يوسف العاني قد زرع لنا شخصية بسيطة من عامة الشعب ومثلها بشخصية ( المراجع ) الذي لايأبه له أحد من الموظفين حتى يجد ( راس الشليلة ) والذي رمز له يوسف العاني , بكارت ( رفعت بك ) الذي سقط من أحد المراجعين وتلقفه المراجع الفقيرليشيرأنه من معارف جوهر بك , وفعلاً أستطاع أن يكمل معاملته بعد أن عثر على ( رأس الشليلة ) .
تحليل النص :
أراد يوسف العاني من خلال مسرحيته ( راس الشليلة ) أن يفضح ما موجود في دوائر الدولة من فساد أداري وتفشي ظاهرة (الرشوه) التي أستفحلت فأصبحت كالسرطان الذي يسري في أكثر الدوائر ليتبدى سلباً على طبقات الشعب الفقيرة , من بسطاء الناس الذين يجدون مشقة وعناء في مراجعتهم لهذه الدوائر .
ويصور لنا العاني في بداية المسرحية أحداثاً تجري في دائرة حكومية رسمية فساداً يتنوع ويتعدد ويتلون بتلون الانسان , فالموظفين ( كامل - عبد الجبار ) يصورهما لنا وهم غارقين في ملذات الحياة وشهوانياتها من خلال ترددهم على (الملاهي) الليلية و السينمات .
عبد الجبار : صبحك الله بالخير
كامل : الله بالخير
عبد الجبار: ( وهو يشير الى الجريدة ) أفلام عظيمة في هذا الاسبوع
كامل : ماهي
عبد الجبار : أسمع . العصابة الجهنمية , الحب الناري , اللص المقنع , وفيلم عفريتة هانم
كامل : عفريتة هانم فيه (رقص) كثير كما يقولون
فقد كان المجتمع في العام 1951 متعطشاً للنساء التي تظهرعلى المسارح وعلى صالات الملاهي لاسيما النساء البغي اللوات يجدن الرقص , لهذا فأن جمهور النظارة وفي أكثرالاحيان يذهب ليشاهد عرضاً راقصا وليس عرض مسرحي , حتى أنه يسأل عن أسم الراقصة التي ترقص قبل أن يسأل عن أسم المسرحية . بالاضافة الى ان عامة الشعب كان غارقاً في كيفية أن يجد له عملاً لكي يؤمن عيشته فتراه يقلب بعض الصحف والجرائد التي تهتم (بالتعيينات) أما باقي الامور المتعلقة بالسياسة, فلم يكن يبالي لها عامة الناس , ويتجلى ذلك واضحاً من خلال .
عبد الجبار : (وهو يقلب الجريدة) ياأخي لاأدري ماهي علاقتنا بهذه الاخبار الغريبة , مجلس الامن , كوريا , مادخلنا نحن ياكامل
كامل : لم أقرأفي حياتي أفتتاحية جريدة واحدة
عبد الجبار : وأنا أيضاً لاأقرأ غير أخبار تنقلات الموظفين والافلام بدور السينما
صور لنا العاني شخصية (المراجع) ذلك الرجل الفقير الكبير السن تلك الشخصية التي أختارها من عامة الشعب العراقي الذي يعاني من الفقر في ظل النظام الملكي والسيطرة الاستعمارية , حيث أراد أن يوضح أنسانية تلك الشخصية في ظل تعدد طبقات المجتمع في الخمسينات
عبد الجبار : أنت ماذا
المراجع : أنا أنسان خلقني الله كما خلقكم
كما أنه - العاني- يصور لنا ومن جانب آخر مدى جشع وقساوة الحياة التي كان يعيشها الشعب العراقي أبان الخمسينات , حيث التدهور السياسي المتمثل بالأنقلابات المستمرة والسيطرة الاستعمارية وتفشي الفساد وتدهورالاوضاع الاقتصادية حتى يصور لنا الحياة بأنها (نقيض جنة) يسودها الرزق الحرام من خلال الرشوه ومص دم الفقيرالذي بات حائراً كيف يعيش
كامل : أخرج أذاً
المراجع : أخرج الى أين
كامل : الى جهنم
المراجع : ومن قال لك انني في الجنة
عبد الجبار : حقيقة أنت أنسان متفسخ
المراجع : (بحرارة) متفسخ وكيف لاأتفسخ وماحولي عث ولاأملك الاسفنيك الذي يقضي عليه
كامل : أخرجه من هناوألا سفكت دمه
المراجع : لم يبق في جسدي دم لكي يسفك , لقد سلبتم حتى الدم الذي يسري في عروقي
أما بخصوص طبقات المجتمع التي كانت تحمل شيئاً من الترف , لم تكن تجد تلك الصعوبة والروتين الذي يمر به عامة المجتمع من الطبقات الفقيرة , حيث نجده مقرباً الى السلطة - سلطة المدير- الذي يوقع المعاملة وهو مغمض العينين
الفراش : سعادة المدير يقول أنجزوا هذه المعاملة
(مع نفسه) لعنة الله عليك يابني آدم لو كانت المعاملة لمراجع فقير أو مسكين لرماها كل واحد منهما على الثاني , لكن هذه المعاملة ... معاملة .....
وفي هذه الاثناء كان هنالك بعض من الخريجين الذين ذهبوا للدراسة خارج البلاد حيث كانوا يعينون في دوائر الدولة وخاصة خريجي كلية الحقوق الذين يتابعون قضايا الحسابات والملاحظة في دوائر الدولة فيصورهم لنا العاني بأنهم أصحاب أرادة حديدية لاينجرفون بما يجري في دوائر الدولة من فساد
الصديق : لقد عينوا ملاحظاً جديداً من خريجي كلية الحقوق , يتفلسف ويدعي أن لديه خطة عمل جديدة
كامل : مازال طازه
ويبدو من خلال حوارات المسرحية بأن الفساد الاداري قد سرى الى أعلى سلطة في الدائرة وهي سلطة المدير , حيث يصور لنا (العاني) بأن ما يحدث في الدائرة هو أنعكاس لمديرها فالمدير المنضبط سوف ينجب موظفين منضبطين , أما المدير الفاسد المرتشي الذي لايهم بما يحدث في دائرته , فنراه يعطي الحرية الكاملة لموظفيه ليدبوا فساداً في الدائرة التي هي جزء من المجتمع .
وحقيقة الامر أراد العاني أن يقول , أن مايحدث من فساد أداري في دوائر الدولة بسبب سلطة الدولة الفاسدة ,
عبد الجبار : المدير نائم نوماً عميقاً
كامل : نائم
عبد الجبار : وحلمان أيضاً
ويبدوا لنا واضحاً بأن سبب شقاء المجتمع ولاسيما طبقات المجتمع الفقيرة كان بسبب الاوضاع الفاسدة التي تمتد من أصغر سلطة في المجتمع الى أكبرها , فقد جسد لنا العاني - شخصية - المراجع الفقير الذي هو عامة طبقات الشعب الفقيرة والمسلوبة والتي تعيش بشقاء , ومن جانب آخر فقد صور لنا شخصية المدير, ذلك الشخص الذي لايبالي بما يحدث في دائرته من ظلم وجور حيث قصد به سياسة الدولة وعدم أكتراثها بما يحدث , حيث بدأ توجه العاني في كتاباته بملامح بسيطة نحو السياسة , ولكنه لم يبلغ عنها بشكل مباشر حتى أنه كان يتكلم بلسان الطبقة الفقيرة في كتاباته التي تناولت ذلك الجانب من ظاهرة الفساد الاداري الذي شمل حتى أكبر موظف في الدائرة وهو المدير
المراجع : (يخرج المراجع من غرفة المدير بعد أن ضربه ضرباً مبرحاً )
أخ....أخ....تصورته عوناً لي وجدته فرعوناً ... ولاية ضايعة الى أين أذهب أذا شليلة راسها ضايع .
فقد قصد (يوسف العاني) من خلال حوار شخصية (المراجع).. شليلة وراسهه ضايع , برأس الشليلة أي السلطة التي ضاع رأسها , بما يحدث من فساد جماعي لأنظمة الدوائر التي صارت تتعاطى الرشوه من خلال أستفزاز المراجع الذي يجبر على أعطاء الموظف رشوه لتسهيل مهمته
عبد الجبار : تعال بعد يومين
المراجع : المعاملة لاتحتاج ألا الى تسجيل في سجل الصادرة
كامل : أذن تعال غداً ربما تستطيع أكمال المعاملة
عبد الجبار : لا والله سيد كامل لايمكن أن تنتهي غداً
المراجع : طيب والنتيجة
كامل : (ينهض من مكانه ) أنت تعرف شغلك
( بعد أن يسلم المراجع النقود الى كامل)
كامل : سيد عبد الجبار .. الاخ يستاهل أكتشفت أنه من أقاربنا ..
وتشير لنا بعض حوارات المسرحية الى فساد من نوع آخر وهو منتشر في الدوائر أبان مرحلة (الخمسينات) ألا وهو (الفساد الاخلاقي ) لموظفي الدوائر الذين ينظرون الى المرأه نظرة شهوانية بكل ما لهذه الكلمة من معاني , فهو- الموظف- يحاول أن يغازل المراجعة التي يعتقد أنها سوف تتماشى مع هواه لتكون ضريبة المعاملة التي تحملها
كامل : قهوه
المراجعة : شكراً
عبد الجبار : شاي
المراجعة : شكراً
كامل : لبن
المراجعة : لاتجيب
عبد الجبار : ماء
ويصور لنا (العاني) في نهاية المسرحية مدى الاهتمام بشخصيات معروفة في المجتمع والتي تلقى ترحاباً على عكس الشخصيات الفقيرة , التي لا تستطيع أن تحصل على أبسط حقوقها , كما يصور لنا (كارت رفعت بك) بأنه رأس الشليلة أي رأس الدولة أو السلطة في مكان ما في المجتمع وبشتى مكاناته الذي يحصل عليه المراجع الفقيرفيكمل معاملته
المراجع : لاياعزيزي لم أعثر على الكارت وأنما عثرت على (راس الشليلة)
لقد حاول (يوسف العاني) أن يصور لنا صراعاً حقيقياً مابين الخير والشر من خلال شخصية (المراجع) ذلك الشخص الفقير الذي لايملك قوت أطفاله ليقابله من جهه أخرى شخصية الشر المتمثلة بالسلطة التي كانت وفي شتى مكاناتها وكما أراد أن يقولها العاني في سلطة الموظف والمدير في دائرة الدولة , حيث كان الواقع الذي عكسه (العاني) هو ظاهرة متفشية في دوائر الدولة , ورغم أن العاني لم يقدم الحلول لما قدمه من مشاكل في مسرحية راس الشليلة , ألا أنه أستطاع أن يعبر ويصور لنا ماكان موجوداً وسائداً في الخمسينات ومدى ما يعانيه الفقراء من عامة أبناء الشعب العراقي من ظلم وتفرقة وجور وسلب لحقوقهم .
نموذج (2)
مسرحية ( كان ياما كان )
قاسم محمد 1976
المتن الحكائي :
تروى الحكاية عن طريق ( الحكواتي ) الذي يروي لنا أحداث المسرحية ويبدأها بحكاية الملك وبناته الثلاثة , حيث كان هنالك ملك أنجب ثلاث بنات ولهن من الجمال مايسحر, الكبيرة أسمها (نجوم) والوسط أسمها (شموس) والصغيرة (بدور) تميزن بالكسل والاكل والنوم فلا عمل لهن ويروي الراوي أن البنت الصغيرة (بدور) كانت تقضي الليل والنهار في عزلة وكأبة حتى أبصرت في مرة من المرات بستانياً من شباك القصر فتملكها الفضول بأن تذهب اليه وتكلمه , فذهبت الى ذلك الرجل البستاني الذي كان يحمل صفات الرجل الوقور الملتحي بشعر أبيض , كان ذلك الرجل يعمل في حدائق القصر دون كلل ولا تعب حتى سألته الاميرة وقالت له أني أراك طول النهار منشغلاً في عملك ألا تتعب ؟ فقال لها أنما أنا عندما لاأشتغل .. أتعب فأخبرته أنها تقضي الليل والنهار بدون أي عمل تقوم به أضافة الى أنها تشعر بالملل والحزن الشديد ... فأشار اليها البستاني بأن ... تعمل . وقص لها قصة ذلك الملك الذي لايعرف العمل لأنه مقتنع بأن الامير لايحتاج الى العمل , حتى أعجب ببساط رأه في السوق فسأل عن الذي نسجه , فقالوا له .. أمرأه فقيرة وأبنة أفقر نساج في البلدة فطلب حضورها وكانت أمرأه تتميز بجمال وأخلاق فأنبهر بها الملك ونام مريضاً في الفراش حتى جلبوا له حكيماً فعرف بأنه (عاشق) فأشار الحكيم للملك بأن شفاء الملك هو بزواجه , فقال الملك سأزوجه بنت ملك الملوك , ولكن الامير رفض وقال أنا أتزوج أبنة النساج . فذهبوا لخطبتها من أبيها فرفضت الامرأة الفقيرة أن تتزوج من الملك لأنه لا يملك (صنعه) فوضعت شرطاً بأن يعمل لترضى به زوجاً , فأخذ الامير يعمل ليل نهار بحياكة السجاد حتى أصبح أفضل حايك في البلدة , فقبلت به الامرأة وتزوجته .
وفي يوم من الايام سأل الامير زوجته عن مقصدها من وراء تعلمه (صنعه) ؟ فأجابته .. أنك كنت تعاني من الكأبة والحزن الشديد وقد تعلمت الصنعة وأتقنتها في ثلاث سنوات ولكني أنا الان أسألك . في هذه الثلاث سنوات ..أشعرت يوماً بالحزن أو الضجر.. فأنتبه الامير الى الامر وأدرك فعلاً أن خلال فترة العمل لم يشعر يوماً بأي حزن ولاضجر .
ويروي القارئ..... أن في تلك المملكة كان يكثر السراق واللصوص .. ففكروا في أن يسرقوا الامير ويطالبون الملك بدفع (ألف ليرة) وألا يذبحون الامير , وفعلاً خطفوا الامير من فراشه فقال الامير لشيخ السارقين بانه أذا طلب من الملك الف ليرة ربما يكتشف أمرهم فاقترح عليهم بان ينسج لهم كل يوم سجادة ويبيعونها لزوجته... فوافقوا .. فنسج الامير سجادة فذهبوا بها الى زوجة الامير فأشترتها منهم وبعد دقائق .. قبض على اللصوص من قبل الملك وحاشيته الذين دخلوا عليهم وأمروا شيخ السارقين بأن يخرج الامير من (السرداب) فقال لهم وما أدراكم باني أضع الامير في السرداب ؟ فقالوا له بأن كل التفاصيل مكتوبة على السجادة .
وينتقل بنا (الحكواتي) بعد أن يكمل غناءه لأغنية من التراث القديم الى سرد صورة وحكاية جديدة ..... وهذه المرة يقص لنا حكاية ..... الحرمة الارملة ( أم حسن ) وأبنها الكسلان (حسن) الذي يقضي النهار نائماً تحت الشجرة التي ينتظر منها ان توقع في فمه (رطبه) ليأكلها .
تموت هذه المرأة (أم حسن) لترث له (خمس ليرات) ليبدأ بها حياته في بغداد ,فيذهب حسن الكسلان ليسأل عن بغداد فيقع في يد واحد (نصاب) يدعى (أبولوتي) حيث كثر السلب والنهب والسراق في ذلك الوقت , يسأل حسن النصاب عن بغداد فيجيبه النصاب بانه هو .. بغداد .. فيفرح حسن لانه وجد بغداد , فأخذ النصاب حسن الى البيت بعد أن عرف بانه - حسن - يملك خمس ليرات وأخذ يخطط لسرقته , وفعلاً استطاع أن يقنع حسن بان لديه ( سطل ) يجلب الارزاق بمجرد أن تكلمه وفعلاً نصب المحتال على حسن وأخذ منه الخمس ليرات بعد أن أعطاه ( االسطل ) . فخرج حسن وهو فرحان ضناً بأن السطل حقيقي .... أراد حسن أن يجرب السطل فوجده لايعمل كما أنه نسى مكان الرجل الذي باعه أياه..
يذهب بنا ( الحكواتي ) بعد أن تناول موضوعة ( العمل) و( العقل ) الى تناول موضوعة (التدبير والتبذير) وربطها بالعمل والعقل .. ويرجع بنا الى (الملك) وبناته الثلاثة . حيث يجلب الملك بناته الثلاثة ليطرح عليهن سؤاله ( من يدير البيت , الرجل أم المرأه ) فتأتي الثلاث بنات ويبدأ الامتحان بالكبيرة (الاميرة شموس ) فيسألها .. من الذي يدير البيت الرجل أم المرأه ؟ فتجيبه الاميرة شموس بانه الرجل .. فيعطيها هدية أكبر جوهرة من جواهر الخزينة الملكية أضافة الى خمسين بستاناً من بساتين الفواكه هي وحاصلاتها وفلاحيها وعبيدها . ثم يسأل البنت الوسطى (الاميرة نجوم ) نفس السؤال ( من الذي يدير البيت الرجل أم المرأه ) فتجيبه بانه الرجل هو الذي يدير البيت .. أعجب الملك أيضاً بجوابها وبدأ بأعطائها جميع مزارع الحنطة الملكية وطواحينها وفلاحيها مع عمال المطاحن .
ويأتي الدور الى أبنته الصغيرة (بدور) فيسألها (من هو الذي يدير البيت الرجل أم المرأه ) فتجيب الملك وتخبره بأن جواب أخواتها كان غير صحيح ... والجواب هو غير ثابت .. فلا يوجد شيئ يبقى ثابتاً .. كل شيئ متغير ومتبدل لأن الاساس هو عقل البشر . ولهذا السبب نفهم عقل البشر .. لكن أي عقل يدير البيت .... عقل واحد مفاده التعاون مابين الرجل والمرأة ...
لم يعجب الملك جواب الاميرة (بدور) فطردها من المملكة .. وأمر بأن تتزوج من أكسل واحد بالمملكة , فوقع الاختيار على حسن الكسلان (التمبل) فأحضروه الى ديوان الملك وقد جمع كل المواصفات التي تؤهله بأن يتزوج من الاميرة (بدور) فأمر الملك القاضي بان يزوجهما وبعدها طردهما الملك من المملكة لمدة سنة حتى تثبت الاميرة (بدور) بأن (العقل والعمل) يصنع أنسان..
وفعلاً بدأت الاميرة بدور رحلتها مع حسن الكسلان حتى أستقرا في خان مهجور تابع لاحد أعيان البلدة يدعى ( ابو الملك ) - أي أنه يملك ملكاً وعقارات- كان مسكناً ومأوى لحسن ينام فيه داخل كيس من الصوف .. فخطر ببال الاميرة (بدور) أن تعمل بحياكة (البسط) وفعلاً تحوك الاميرة أول بساط فيداهمها (أبو الملك) فيعجب بالبساط , ولأنه شخص ملأ قلبه الطمع قرر أن لا يباع هذا البساط لأحد غيره وضل يشتري كل ما تنتجه الاميره (بدور) ألا أن طمعه أعماه فقام بأختطاف الاميرة ... رجع حسن من السوق فلم يجد الاميرة .. فحزن حزناً شديداً ضناً منه أنها تركته , وضل يطوف في شوارع المدينة ويصيح (بدور... بدور) حتى سمعت صوته فاخبرته بأنها سجينة لدى (أبو الملك) ولاتستطيع أن تخبره بمكانها , لانها لاترى ألا الظلام .. وأشارت اليه بأن يستخدم (عقله) ليجدها ..
وحقيقة الامر أن ( أبو الملك) قد حبسها في محبس . حيث خيوط الحياكة وعدد من الجومات المختلفة الحجوم , وحيث أكوام من الصوف , وأجبرها على أن تعمل ليل نهار , وألا قتلها وقتل زوجها (حسن)
وافقت الاميرة (بدور) وأقنعة ( أبو الملك) بانها سوف تنسج بساطاً غريباً عجيباً يغنيه طول العمرويبيعه في (سوق العجائب) وبأي سعر يريد .. ففي ذلك السوق يحضر الملك كل سنة ليشتري واحدة من العجائب . بدأت الاميرة (بدور) بالعمل وبدأ الحواتي مترنماً بأبيات من الشعر
فكرت الحرة الابية ... شلون تطلع من هبية... ماكالت على الظالم خطية ... وبتفكيرها حفرتلة هبية
في هذه الاثناء رأى (حسن ) الكسلان بائعاً في السوق يبيع (العقل) فذهب ليشتري عقلاً له ليجد الاميرة (بدور) التي صارت له الامل ... والهدف ...والسعي ... والنور فيعطيه (أبو العقول) (عصا) ويقول له هذه العصا هي التي (تدل الاعمى) وتعطيه الارادة الدافعة , وهي أداة لحل المشكلات , كما أنها سلاح قوي تدافع به عن نفسك وتزيح المخاطر وتقاتل (أبو الملك) فأدرك حسن أهميتها وأخذها وبدأ يطوف في الارض ليتعلم حتى أصبح بعدها يبيع العقول .. رجع الى بلدته عله يجد الاميرة (بدور) فيصادف شخص (تعبان) ويذهبان سويه الى (سوق العجائب) فيعطيه حسن حكمتان ...الاولى (كلشي سويه بوكته) ... والثانية (لاتجاوب أذا ما يسألوك) . يصل حسن والرجل التعبان الى (سوق العجائب) وقد وصل الملك الى السوق ليشتري أحدى العجائب . فقدموا له الناس عجائبهم فوصل الدور الى (فلاح) زرع ثلاث (بطيخات) واحدة (حلوه) وواحدة (مره) وواحدة (بلا طعم) ... لانه-الفلاح- كان يفكر حلو فزرع حلو وحصد حلو... وفكر مر فزرع مر وحصد مر ... كما أنه فكر بلا طعم فزرع بلا طعم وحصد بلا طعم .
أراد الملك أن يتذوق البطيخات فأسرع وناوله الرجل التعبان سكيناً , فجن جنون الملك لأن السكين هي له وفقدت منه قبل سبع سنوات فأتهم الملك الرجل التعبان بأنه لص وسارق , فضحك حسن على الرجل التعبان ضحكاً شديداً لأنه لم يستفد من الحكمتين اللتين أعطاه أياها .. فقرر أن يساعده بأن يدعي أنه وجد السكين مغروسة في قلب والده .. وفعلاً خلصه حسن .
أتى الدور الى ( أبو الملك ) الذي يحتجز الاميرة (بدور) ليقدم أعجوبته .. السجادة التي نسجتها الاميره (بدور) والتي هي أبنة الملك دون أن يعلم (أبو الملك) وقد وضعت الاميرة (بدور) حزورة تجعل من يقرأها يفكر .. فقرر الملك بأن يشتري البساط .. ولكن (حسن) قرر أن يدفع ضعف ما دفعه (الملك) لكي يشتريه .. بحجة أنه فهم الحزورة .. لا لأنه أعجبه البساط , فيأمر الملك الوزير بالقبض على حسن لتجرؤه ومجادلة الملك.. وهنا يتدخل (القارئ) ويوقفهم ويشير الى (الملك) بأنه لا يملك الحق بأيقافه ومنعه من الكلام .. أو من المجادلة .. أو من المزايدة , فيعطي الملك مجالاً لحسن لكي يتكلم فيشير (حسن) الى أن السجادة كان لها (وجهان) وجه ظاهر وهو الشكل ووجه خفي وهو المضمون , أما ناحية الشكل فهو ما أعجبك وأما من ناحية المضمون فهو ما فهمته أنا من خلال ما كتب على السجادة ( مغرور.... غادر ومغدور ) فأنت غادر ومغدور-الى الملك- لانك لم تسمع كلام أبنتك ورأيها... وأنت مغدور .. لان أبنتك ووحدة من رعيتك مغدورة ومحبوسه في بيت ذلك الطماع (أبو الملك) الذي يعذبها ليل نهار.
أستغرب الملك لكلام حسن وأشار عليه بأن يعرف بنفسه .. فأجابه بأنه ( حسن الكسلان التمبل أبو رطبة) فأجابه الملك بأنه شخص آخر .. فيجيبه حسن بأن أبنته بعقلها جعلت منه أنساناً آخر , ففسر حسن ثيمة ما مكتوب على البساط بأنه (العقل) وقرر بأن يأخذ من كل كلمة حرفاً فيجمعها ليبدو له عنوان المكان التي حبست فيه الاميرة (بدور)
فيخلص حسن الاميرة بدور ويطلب منهم (الملك) بأن يعيشوا في المملكة , فترفض بدور وتقرر أن تعيش مع الناس الذين علموها العقل , فيستغرب الملك ويسألها أين وجدت الناس وأنت محبوسة ؟ فتشير له الى فلاح حديقتهم الذي علمها الحكمة , والى الناس الذين علموا (حسن) كيف يفكر , وأخيراً يقرر حسن وبدور العيش مع الناس , فهم لايحتاجون لشيئ من قصر الملك لأنهم يملكون (العقل والعمل) .
يختم الحكواتي المسرحية ببعض الامثال البغدادية الشعبية و( تنتهي الحكاية )
تحليل النص :
أتجه (قاسم محمد) في كتابته لمسرحية (كان ياما كان) نحو الموروث الشعبي المستمد من حياة الناس الواقعية وقصصهم التي يغلب عليها طابع .. البساطة و ..المفارقة و ..الحكم , وقد أستخدم (قاسم محمد) بعض من مقاطع الغناء البغدادي الاصيل المستند على المقام العراقي من خلال أداء (الحكواتي) الذي أبدع وأجاد في المسك بدفة المسرحية سيما أنها تحكي عدد من القصص والاحداث المتشابكة والمتداخلة حيث يقوم (القارئ) أو الحكواتي بعرض عدد من الافكار التي تتخللها ( النصائح والحكم والدروس والعبر ) حيث كانت أغلب قصص المسرحية تعتمد الاشارة الى أهمية (العقل والعمل) في حياة الانسان الذي يحيا بهما .
أستخدم (قاسم محمد) وبأعتماده على موروثه الشعبي على الحكاية الشعبية والاهزوجة والمثل السائروالحكم الشعبية , وأعتمد على البساطة في نقل الاحداث التي تبدأ بـ (كلمة أوحكاية)
بالبداية كلشي حجاية ..
وكلشي يبدي من حجاية ..
حجاية تجيب ..
وحجاية تودي..
حجاية تثير..
حجاية تهدي
تالي حجاية تدك بحجاية تصير سطور"1
لقد كان للموروثات الشعبية التي أبدع في توظيفها (قاسم محمد) في مسرحياته موقفاً درامياً مؤطراً بشكل درامي ويحوي أصلاً وجذراً درامياً له خواصه المحلية الصرفة وأشكاله التي لها نظائر مع فنون المسرح الدرامي في أماكن وفي أساليب مسرحية أخرى , وقد أبدع وأجاد في في نقل الواقع المعاش في زمن أحداث الحكاية ليعطي عبراً ودروس وحكم تفيد من يحتاج الى مثل هذه الحكم والدروس البسيطة التي تعيش مابين السوق والقصر والمدينة , وقد ركز (قاسم محمد) في (كان ياماكان) على موضوع (العقل والعمل) من خلال
البستاني: الشغل ملح بنيادم.... أو أبوية جان يكلي بنيادم ملح الكاع ... والشغل ملح بنيادم
ماكو شغل بلا علم , الشغل والعلم صديق للما عندة صديق .. أخ للغريب بغربته ..
الشغل والعلم سلاح بيد الانسان ضد عدوه الشغل حرية البشر وخيرهم وضوه بظلمتهم
أعتمد أيضاً (قاسم محمد) على بعض المهن التي كانت متداولة وبعض الحرف التي كان يتداولها أهل بغداد (كحياكة السجاد) التي كانت من المهن المحببة التي يزاولها أفقر الناس , ولكن رغم هذا فقد يتمسك (الحايك) بمهنته لأنه يحبها ويجد اللذة والرغبة والمتعة في مزاولتها ,
الملك : أسمع ياحايج .. أني لازم أعينك بوظيفة جبيرة وأغنيك .. يلله أخطب بنتك
الحايج : أني حايج أشتغل بيدي وأعيش من تعب جتفي .. وما أريد كل تعيين ولاكل وظيفة , أذا أنت تريد تخطب بنتي , فأني حايج .. أخطب من حايج .. ماتريد ......الله ويـــاك
يربط (قاسم محمد) مابين الحكاية الشعبية ومابين (الأغنية التراثية) التي كانوا يسمعونها أهل بغداد أبان تلك الفترة فيغني لحن ( ياكهوتك عزاوي) بصوت القارئ الذي تشاركه المجموعة بنفس اللحن ... وبكلام مرتبط مع مجريات احداث الحكاية الشعبية الذي يتناغم مع اللحن , حيث نرى (قاسم محمد) يحاكي عامة الناس بلغتهم البسيطة والسهله وبأمثالهم التي كانوا يتداولوها فيما بينهم .
كالو كبل بلأمثال.. بيده سبع صنايع..لاكت بخته ضايع..لتصدك كلشي لينكال..البيده هسه صنعة.. يصبح لك أحسن أنسان..ياكهوتك عزاوي.......
أعتمد (قاسم محمد) أيضاً في حكايته على المفارقة المضحكة من خلال شخصية (حسن الكسلان التمبل أكال كشور الباكلة) حيث صور لنا المؤلف شخصية لاتملك عقلاً لتفكر به , كما أنها لاتملك عملاً تعيش من خلاله , وقد مرت هذه الشخصية بعدة مفارقات مضحكة قدمها لنا (قاسم محمد) ببساطة وعفوية تدخل الى قلب كل من يقرأها دون تكلف
حسن : (يقف أمام حمار نافقاً) الله يرحمك أنشاء الله بوجهك للجنه
تمطر المسرحية بكم غزير من العبر والحكايات والامثال الشعبية التي تقتحم متن النص الحكائي وبأوقات ملائمة جداً حيث أستطاع أن يستفيد المؤلف من موروثه الشعبي في تقوية العمل الدرامي الحكائي وسير وضبط أيقاع المسرحية أضافة الى أعطاء أوقاتاً للراحة والتنفيس عن المشاهد الذي يتم حقنه بجرعة من الامثال والحكم التي لا تخلو من الفائدة
حسن : أول حكمة
كلشي سويه بوكته
ثاني حكمة
لا تجاوب أذا مايسألوك
كما يعرض لنا (قاسم محمد) في نهاية الحكاية ( حزوره ) كتبتها الاميرة (بدور) على البساط الذي حاكته , وهو دليل على أتقان مهنة الحياكة على السجاد , وكما تدل أيضاً على الذكاء الذي كانت تتميز به (الاميرة) ومدى براعة الكاتب في أثارة المتلقي وجذبه نحو الحل الذي هو خلاص الاميره عن طريق فتح رموز وشفرات تلك الحزوره
أبو الملك : حزوره تحير وتخلي الواحد يفكر
وفي نهاية الحكاية يعلن لنا (قاسم محمد) أنتصار (العقل والعمل) الذي أستمده حسن وبدور من الناس وتعلموه في مدرسة الحياة الكبيرة واستطاع (قاسم محمد) أن ينقل لنا ماكان موجود في بغداد في حاراتها وشناشيلها وعاداتها وطبائعها التي هي من طبائع أهلها من موروثات شعبية أصيلة سمعناها في المقامات البغدادية الاصيلة وشاهدناها ولمسناها بمتن الحكاية التي بنيت على لغة بسيطة سهلة ممتنعة غنية بمضمونها وبأحداثها وعبرها ودروسها التي عمت بالفائدة .
نموذج (3)
مسرحية ( الجنة تفتح أبوابها متأخرة )
فلاح شــاكر 1995
المتن الحكائي :
تتحدث المسرحية عن قصة أسير يعود الى بيته بعد سنوات من الغياب , ولكن عند وصوله يكتشف أن أول من يتنكر له في هذه الحياة التي غادرها عنوة ثم عاد اليها بقدرة قادر , هي زوجته ... والمصيبة أنها تتنكر اليه لالأنها لم تعد تحبه أو لاتميل له أو أنها أستبدلته برجل آخر , بل لأنها لم تعد تعرفه ( أنت لست زوجي ) ويجيبها الاسير ( الى هذا الحد غيرني الاسر) وهذا هو الخط الدرامي الرئيسي الذي تأسست عليه حكاية المسرحية ومنعطفاتها التي أعتمدت عدة مواضيع ( أجتماعية , سياسية , عاطفية , ووجودية , ودينية ) تناولها المؤلف جميعاً دفعة واحدة بأعتبارها سبباً ومسبباً مركزياً للحدث الرئيسي الذي تتمحور حوله وفيه المسرحية .
تحليل النص :
يقول المؤلف : لقد أوجعت الحرب نومي بكوابيس كأن جهنم تتمرن على ذاكرتي .. ورجف قلبي... قلت شهادتي... وأرجو أن يؤجل أستشهادي , فربما يستجد قول عن شعب أكلت منه عشرون عاماً من الحروب والحصار كل أحلام التشهي , شعب وكأنه أعد للنحر ولولا ضمائر بعض الاصوات , لرمينا في النسيان ... فالعالم الجديد لايعلمك بعذابات المقتول بقدر ما يبهجنا بشجاعة القاتل .
أن هذا مانطلق عليه ببكائية الموقف ونشيد الحزن وتلآوة الصراخ المكظوم , حيث لغة الشعر ممزوجتاً بدماء وصبر العراقيين ... وهاهم بعض الاسرى يعودون الى بيوتهم , حيث يسألون عن المكان في زمان أكل عليه الدهر وشرب , فالحرب كابوس يرقص على أجسادنا في وضح النهار كما أنها خسارة للطرفين ... وهاهو الاسير يبدأ يتلذذ برائحة تربة العراق ..فيتذكر... مابين مدينة .. وحارة .. وشارع ليرى باب بيته الذي نكره مثلما نكرته (زوجته) التي تصر على عدم معرفتها له بحجة أن الاسر قد غيره
المرأه : أنت لست زوجي
الاسير : الى هذا الحد غيرني الاسر
لقد أبحر بنا الكاتب (فلاح شاكر) في مسرح تعبيري مستخدماً فيه مخزونه الصوري في حالة من اللاشعور للأحداث التي أنتجت واقعاً مبعثراً مشوهاً , أستبدلته مرارة الحياة من ورد يفوح بعطر الحياة الى أشواك تمزق أحشاء من لايملك رغيف خبز ..
الاسير : أهكذا تكون مملكتي بيتي تسكن حديقته الاشواك ..؟ ( والكرفس والسلك والرشاد والفجل والبصل ) أين الورود التي رشفت دمي .. لكي تصبح حمراء .
لقد أراد (فلاح شاكر) أن يصور لنا ما للحرب من جور وظلام بأن غيرت حتى من هم ليسوا خلف قضبان الجحيم ( الزوجة ) التي تغيرت وأنكرت زوجها حيث لم يعد الزوج يعرف أن كان بيته أم لا .
الاسير : بيتي ماتركته هكذا ولا أريد أن أعود أليه وهو خرب
أن لأسلوب فلاح شاكر المأساوي والموجع الذي أستخدمه من أجل تحريك وتنويع وقيادة أيقاع العمل نحو الامام , لايتوانى عن قلب المأساة رأساً على عقب من خلال تساؤلنا عن مجرى سير الاحداث , وهاهو (فلاح شاكر) يعرض لنا مأساة الحرب وخسائرها الفادحة التي قضمت رزماً من العراقيين وغيرت أخرين عن معرفة وجوههم
الاسير : ليلة أسري كافية أن تغير أشكال كل الناس , لم لا أتغيروأنا الحي الوحيد وسط الآف الجثث ولا صوت ... ولا حتى آهة جريح
المرأه : أحس بحبك لكنك لست أنت
الاسير : لست أنا ... وما ذنبي أن كانت الحرب تهدي الاطفال شوارب بيضاء .. كلنا عميان
بلهاث القلب نهتدي الى بعضنا
لقد أجاد (فلاح شاكر) في طرحه لمعاناة العائلة العراقية أبان الحروب الموجعة التي مرت بها
حيث غياب الزوج وكثرة المفقودين وأسرى الحرب التي أبعدت رب الاسرة عن عائلته وزوجته التي عاشت حالة من العزلة والوحدة وعدم أمتلاكها أطفال كما أن نار الحرب قد أستعرت فدخلت الى داخل وجود الانسان وأوقفت المستقبل لأنها أكلت نصف السرير الذي يشير اليه المؤلف بانه بداية الوجود والمستقبل القائم على بذرة أمل تزرع في رحم الحياة .
الاسير : أنا لا أتذكر بأن لي أولاداً
المرأه : لأنك أسرت قبل أن ... ؟
الاسير : أن ماذا ؟
المرأه : ليس لنا أولاداً لأن الحرب أكلت نصف السرير
الاسير : كان من الممكن أن ننام على نصفه الآخر
المرأه : لكنك أسرت قبل أن نتناصف السرير
ويعرض لنا (فلاح شاكر) موضوعة الحرب وفي داخله أحساس دفين بعدم نهايتها , وهي تراكمات نقلتها الحروب وخاصة أبان الثمانينات وأيام الحصار وما بعده من أحتلال
الاسير : ليس الامر سوى أجازة من الجبهة وها أنا أعود الى الحرب
لقد ربط (فلاح شاكر) موضوعة الاطفال بموضوعة الحرب وأستمراريتها من خلال أن الاطفال يولدون وهم محملون بأدوات الحرب التي صنعت لهم ليكونوا مقاتلين ينزفون دماً من أجل حرب خاسرة تأكل أجيالاً وترمي أجيالاً في سراديب الاسر والضياع
الاسير : سيكون لنا أطفالاً ..... وألا ..... كيف ستستمر الحروب
حيث شبه لنا (فلاح شاكر) الاسر .. بالموت .. والموت هو نهاية الحياة التي تهدي الى زمن متوقف لاحياة فيه ولاروح .. جسد خامل لايعرف معنى للحياة الراكدة وغير المتحركة شبيهة بالموت الذي يسرق الروح من الجسد
الاسير : الاسر أسوأ من الحرب , لقد سرق مني أجمل أيامي, تلك الايام التي قضيتها في الجبهة
حالماً بالأجازة لأعود اليك , لأعود لأشياء نسيتها منذ موتي ... أعني أسري
ويصور لنا (فلاح شاكر) العلاقة مابين (الاسر والموت) ورغم فاجعة الموت والشهادة فقد كان الشهيد بمنزلتاً أعلى وأكثر جلالاً من الاسير الذي ربما يقع في الاسر بسبب تخاذله أو أستسلامه للأعداء , أضافة الى أن ( الاسير والمفقود ) كان يدر لأهله بالحزن الشديد بسبب لوعة الانتظار مابين حلم ويقين وما بين أسير ومفقود , فحرب الثمانينات خلفت دماراً أوقف العقول وأكثر الارامل ويتم الاطفال , فأكلت سنوات الانتظار من جسد النساء اللواتي أتعبهن مرار الانتظار
المرأه : فجرت ذئب أنوثتي .. وكالحمل ساقوك الى الاسر
الاسير : نفذ عتادي
المرأه : لم لم تمت وتعود الي شهيداً فأرتاح من أنتظاري ..
فقد مر الشعب العراقي في أبان الحرب بأزمات عدة , ولعل من هذه الازمات , التدهور الاقتصادي التي كانت تمر به العائلة العراقية وبوجه الخصوص من تركن مابين زوجة شهيد وأسير ومن تركت حائره مابين الاثنين , فقد دب الفقر والجوع وتردي الاوضاع المعيشية ويظهر ذلك جلياً من خلال حوار الاسير مع ( يوسف حارس المدرسة )
الاسير : أستاذ يو .... عمي يوسف ؟
يوسف الحارس : حارس المدرسة
الاسير : لكنك
يوسف الحارس : أشبه المدرس ... الجوع جعلنا كلنا متشابهين .
فالأنسان جائع ويموت لتلتهمه الارض لتشبع من الموت , تلك الارض التي أكلت جثثاً لاتعد ولاتحصى , وذلك العلم الذي غطى الملايين شاهداً على العصر , فقد زادت وتعددت المقابر التي تحوي شهداء الحروب , الذين كانوا في يوم من الايام يحلمون أن يربوا أبنائهم ليكونوا ذا شأن فأخذتهم الحروب التي ستأخذ أبناء أبناءهم لتموت الاحلام
الاسير : يصرخ ..... رباه .. لم القبور أكثر من الاحلام
حتى أن الحرب طالت الاطفال والشيوخ فالحرب لم تكن فقط في الجبهة .. وأنما تسري في عروق عاجز لايملك الدواء وفي معدة طفل أتلفها رغيف من الشعير
يوسف الحارس : وهل تظن أن القتال كان في الجبهات فقط
الاسير : أن لم يكن أين أذاً
يوسف الحارس : في الشمس
الاسير : الشمس
يوسف الحارس : كانت حرارته تخجل الشمس وأصرخ فوق السجادة ... رباه .. خذوه لبرد الجنة
الاسير : رباه
يوسف الحارس : وكبريائي الذليل يتوسل بالرغيف .. يارغيف كن عافية .. كن قمحاً لا شعيراً
ويحط بنا (فلاح شاكر) في محطة ( الحصار ) تلك الازمة التي خلقها نظام الحكم والشعب منهك جراء حرب الثمانينات فالحصار , حرب ثانية شملت حتى الاطفال في أرحام أمهاتهم ومن يتلذذون ويرضعون حليباً من صدر أم يرضع جوعاً .
وفي مشهد حارس المدرسة المؤمن المسكين أمام مشهد موت أبنه , يفقد صوابه ويبدأ بمناجاة ربه مثل أي صوفي فقد السيطرة على نفسه , فصار يلهج بأسم الرب لأنه أحس في قرارة نفسه أن الرب قد تخلى عنه في أحلك اللحظات وأشدها قسوة
يوسف الحارس :يا الله لم تركت أبنك في الحصار .. أستغفرك .. ما أقرب الكفر من كفن جاء في
غير أوانه .. أحمد .. وحامد .. و. و. و أننا نموت يا الله
فهل كان حساب عزرائيل أن يموت عشرون مليون في ساعة ..؟ رأفتاً به
أرحمنا ... أللهم أجعل حجارة السجيل رغيفاً .. أللهم نسألك بعض جنتك في
جحيمنا الأرضي ... فأي جنة أن كان الصدر يرضع جوعاً
الاسير : ياحصار أنك تجعل من كل أطفالنا أنبياء لأنهم كفروا بملذات الحياة قبل أن يعرفوها ..
طفل زاهد عن مباهج الدنيا , كيف يكون الكفر أذاً , وكيف يخلق الانبياء
وفي لوحة المسرحية الاخيرة تشير المرأه بأن ساترها قد أنهار بأسره ورحيله عنها طوال فترة الاسرالتي نهشت جسدها ونخرته , فالزوج كان ستراً وساتراً لها تنام وتصحوا بضله وظلاله
المرأه : سقط ساتري فكم ألف عاهره ستخرج من جسدي لو .....
الاسير : أنه ذنبي أنا , فأنا الذي ذهبت الى الحرب
بعد سنوات الألم الحاره وعذابات الاشتياق التي أفرغت العقول وأدارتها الى غير مكاناتها ورغم مرارة الاشتياق ولهفة الحلم الذي مر به الزوج الاسير والزوجه الاسيرة التي عاشت كل مأسي الحرب من يأس وحرمان وشوق ولهفة وعوز وغيرها من الامور التي خلفتها الحروب ..
قرر الزوجين أن ينسوا كل ما دار في (سنوات الظلام ) سنوات الحرب ويتزوجا من جديد .. وقد أعطى المؤلف جرعتاً من الامل لقتل اليأس
المرأه : لننسى كل ماحصل .. لنعد الى أسبوعنا الاول من زواجنا , لنبدأمن جديد
ولكن فالأسر عم البلاد والزوجة ليست واحدة حيث أظهر لنا فلاح شاكر في نهاية المسرحية مدى الالم الذي عم البلاد وشمل الكثيرين من الذين ذاقوا الاسر وجربوه ونكروا في نهاية المطاف من قبل الزوجة ومن قبل الوطن الذي يناشده الاسير ليكون ساتراً له ليستعيد أستقامته , حيث يرجع فلاح شاكر الاحداث الى بدايتها , وذلك للدلالة على أن قضية الاسر هي قضية باقية وعامة وغير منتهية وهي متجددة بتجدد الحروب
الفصل الرابع: النتائج
. في ضوء ماتم تحليله لنماذج عينة البحث , توصل الباحث الى جملة من النتائج .
اقتربت النصوص المسرحية في نموذج عينة البحث (1) (2) (3) نحو مواءمة التحولات (الاجتماعية) و(السياسية) و (الدينية) من خلال :
تناول طبقات متنوعة من المجتمع (العامل – الملك – الموظف – الجندي – الفراش) ....
التنوع في تناول مواضوعات مختلفة . (واقعية) (خيالية)
بساطة اللغة الخالية من التعقيد . (اللغة العامية) (اللغة العربية الفصحى) او الاثنان معاً
تباينت النصوص المسرحية في نماذج عينة البحث باختلاف الاسلوب الكتابي من خلال:
الكتابة بالاسلوب النقدي اللاذع مصحوباً بحرية التعبير . كما في نموذج رقم (1)
اعتمدت النصوص المسرحية على الاسلوب الوصفي في نقل الاحداث وتصويرها دون وضع الحلول ودون الاشارة الى تغيير الاوضاع السائدة . كما في نموذج رقم (1)
عولت النصوص المسرحية في السبعينيات نحو تناول الموروث الشعبي والحكاية البغدادية القديمة والامثال الشعبية في تشكيل بنية النص الدرامي . كما في نموذج رقم (2)
اعتمدت النصوص المسرحية في فترة (الثمانينيات) على لغة شعرية عالية ذات اسلوب عاطفي امتزجت مع بنية النص المسرحي . كما في نموذج رقم (3)
التزمت بعض النصوص المسرحية بوحدة (الزمان) و(المكان) و (الموضوع) كما في نموذج رقم (1) في حين تطرقت بعض النصوص الى التجريب نحو زمانات ومكانات ومواضيع مختلفة . كما في نموذج رقم (2)
اقتربت نماذج عينة البحث نحو تصوير معاناة الشعب العراقي من خلال اسلوبين :
الاسلوب المباشر
الاسلوب الغير مباشر
الاستنتاجات :
استطاعت النصوص المسرحية في بداية الخمسينيات ان تقترب من المشهد السياسي من خلال تناولها موضوعات واقعية اجتماعية استطاعت ان تجسد وتعبر عن قضايا المجتمع العراقي .
توجه الاسلوب الكتابي في مطلع الستينيات نحو اعطاء دلالات رمزية وايقونية صعبة الفهم من خلال تسطيح الاحداث وعدم تحليلها موضوعياً .
توجهت اغلب النصوص المسرحية الى الاعداد والترجمة والاعتماد على المسرحيات العالمية المستوردة من خارج القطر وعلى الحكايات الشعبية المحلية القديمة .
تناولت اغلب النصوص المسرحية بعد عام (2003) موضوعات تعبوية تهتم بقضايا الحرب والاسر.
التوصيات :
أقامة المهرجانات الخاصة بالتأليف الروائي والقصصي والشعري والمسرحي ودعمها من ذوي الاختصاص.
يوصي الباحث بتبني الطاقات الشبابية الواعدة سيما في مجال التأليف المسرحي والعمل على تطوير هذه الطاقات بسقل موهبتها من خلال الدراسة الاكاديمية التي هي ملاذهم الوحيد .
العمل على ضرورة أحياء جذور المسرح العراقي الاصيل من جديد بعد هيمنة المسرح العالمي , من خلال العوده الى اصول ونشأة وجذور المسرح العراقي بالدراسة والتتبع التاريخي لأبرز اعلامه وكتابه المسرحيين .
المشاركة في المهرجانات القطرية والعالمية التي تهتم بكتابة النصوص المسرحية بأعمال مسرحية عراقية التأليف .
المقترحات :
يقترح الباحث الدراسات الآتية :
المضامين الفكرية والتربوية في النصوص الحسينية
الخصائص الفنية والتربوية في نصوص مسرح الاطفال
الهوامش :
ارسطو, فن الشعر,تر. ابراهيم حمادة (مصر,هلا,1999) ص111
ابن منظور, لسان العرب,ج2(القاهرة,المؤسسة المصريةالعامة,2004) ص432
ارسطو,فن الشعر,تر:ابراهيم حمادة(القاهرة,مكتبة الانجلو المصرية,1972) ص122
ابراهيم مصطفى وآخرون , المعجم الوسيط,ط5(ايران,باقري,2005)ص698
بطرس البستاني, قطر المحيط,ج2(بيروت,دار الثقافة,بلا)ص1616
ابراهيم زكريا,الفلسفة النظرية (القاهرة, بلا,بلا) ص81
ارسطو,فن الشعر,تر:عبد الرحمن بدوي(بيروت, دار الثقافة,1952)ص19
جبران مسعود,الرائد,ج2(بيروت,دار العلم للملايين,1981) ص1129
احمد فياض المفرجي,الحركة المسرحية في العراق,ط1(بغداد,مطبعة الشعب,1965) ص40
احمد فياض المفرجي.,المصدر نفسه ,ص40 ص46
عامر صباح المرزوك , قراءات في كتب مسرحية(بغداد,دار الكتب والوثائق,3009) ص10
احمد فياض المفرجي, م,س,ذ,ص42
سامي عبد الحميد,اضواء على الحياة المسرحية في العراق,ط1(سوريا,دار المدى للثقافة والنشر,2010) ص14
سامي عبد الحميد, اضواء على الحياة المسرحية في العراق , المصدر نفسه ,ص113
ياسين النصير, وجهاً لوجه (بغداد, مطبعة دار الساعة , 1976) ص11
ياسين النصير , في المسرح العراقي المعاصر ,ط1 (دمشق , مؤسسة سندباد للطباعة والفنون , 1997 ) ص26
ـــــــــ , المسرح العراقي اليوم , اعداد قسم الابحاث والوثائق المسرحية (بغداد,دار الصياد,1968) ص10
علي جواد الطاهر , مسرحيات وروايات عراقية في مآل التقدير النقدي(بغداد,دار الشؤون الثقافية,1993) ص19
ياسين النصير , في المسرح العراقي المعاصر , م,س,ذ,ص27
ياسين النصير . في المسرح العراقي المعاصر , م ,س , ذ, ص27
سامي عبد الحميد , اضواء على الحياة المسرحية , م, س, ذ , ص114
احمد فياض المفرجي , مسرح الثمانينات في العراق (بغداد,وزارة الثقافة والاعلام , 1989) ص14
فاضل خليل , مسرح ضد مسرح , من اصدارات مجلة المسرح , العدد 22 , 2010 , ص88
يوسف العاني , الصدق النزيه , جريدة الجمهورية , العدد 4103 , 1981 , بغداد
يوسف العاني , المسرح الوجود الحلم (بغداد , دار الشؤون الثقافية , 1998) ص13
سامي عبد الحميد , اضواء على الحياة المسرحية , م , س , ذ , ص116
ياسين النصير , في المسرح العراقي المعاصر, م , س , ذ , ص33
سامي عبد الحميد , م , س , ذ , ص116
سامي عبد الحميد , اضواء على الحياة المسرحية في العراق , م, س , ذ , ص183
صلاح القصب , مسرح الصورة بين النظرية والتطبيق , ط1 , (قطر, مطابع قطر, 2002) ص10
قاموس المسرح, تحرير. فاطمة موسى محمود , ج3 (القاهرة , الهيئة المصرية العامة , 2008) ص985
قاموس المسرح , م , س , ن , ص986
ياسين النصير , بقعة ضوء بقعة ظل , مقالات في المسرح العراقي المعاصر (بغداد, دار الشؤون الثقافية , 1989) ص244
حسين علي هارف , يوسف العاني رائد المونودراما العربية , ط1 (العراق , دار الشؤون الثقافية العامة , 2007) ص69
حسين علي هارف , يوسف العاني رائد المونودراما العربية ,م , س , ن ,ص71
يوسف العاني , المسرح رحلة الحياة السعيدة , م , س , ذ , ص11
حسين علي هارف , يوسف العاني رائد المونودراما العربية, م , س , ذ , ص71
لطفي الخوري , في علم التراث الشعبي , الموسوعة الصغيرة , 1979 , ص20
ياسين النصير , بقعة ضوء بقعة ظل , م , س , ذ , ص274
علي مزاحم عباس , لاتسدلوا الستارة (العراق , دار الشؤون الثقافية العامة , 2005) ص119
ياسين النصير , بقعة ضوء بقعة ظل , م , س , ذ , 274
ـــــــــ , ذاكرة المسرح العراقي تسترجع اعمال (قاسم محمد) , جريدة الخليج , الامارات , العدد 8163 , 2011
محمد الجوهري , لم الفلكلور , ج2 , ط3 (القاهرة , مطبعة القاهرة , 1980) ص344
قاسم محمد , المخرج الدراماتورج , مجلة المسرح , العدد1 , الشارقة , 1999 , ص65
عبيدو باشا , ممالك من خشب (بيروت , دار الريس للكتب والنشر , 1999) ص421
قاسم محمد , مسكون بالناس الشعبيين , جريدة الانباء , 1985
ــــــــ : ذاكرة المسرح العراقي تسترجع اعمال (قاسم محمد) , م, س , ذ
عزيز عبد الصاحب , لاترسم عصفورا ناقصا , يوميات مسرحية , مجلة الاقلام , العدد 9 , السنة 15 , بغداد , 1980 , ص46
علي مزاحم عباس , التراث في مسرح قاسم محمد , جريدة المدى الثقافي , العدد 229 , الاحد 27 تشرين الاول , 2004
قاسم محمد , لقاء اجرته نادية شداد , جريدة الثورة السورية , العدد 1974 , الثلاثاء , 25 آيار 1979
ارادة الجبوري , الف ... الف , م , س , ن
ـــــــ : الفيات فلاح شاكر, جريدة القادسية (بغداد) العدد 2695 , 1988
سهام جبار , المؤلف المسرحي (فلاح شاكر) واحلام (الف ليلة وليلة) , جريدة الجمهورية , بغداد, العدد 6848 , بتاريخ 17/6/1988
ذكرى الجبوري , فلاح شاكر على الهاتف , جريدة الجمهورية , بغداد , العدد بلا , 30/9/1998
حسن عبد الحميد , بكيت على نص انا كاتبه , في جريدة الجمهورية , بغداد , العدد 8046 , في 25/ 11 / 1991
سامر المشعل , مسرحياتي تمثل المسرح الشعبي العراقي , مجلة الف باء , بغداد , العدد 6253
فلاح شاكر , مسرحية جسر الأئمة , الحوار المتمدن , 20 / 3 / 2006 http:www.ahewar.org
فلاح شاكر , المصدر نفسه
فلاح شاكر , المصدر نفسه
ثبت المصادر والمراجع :
أولاً : الكتب
أرسطو : فن الشعر, تر. أبراهيم حمادة (مصر , هلا , 1999 )
أبن منظور : لسان العرب ,ج2 (القاهرة , المؤسسة المصرية العامة , 2004 )
ارسطو فن الشعر , تر: ابراهيم حمادة (القاهرة , مكتبة الانجلو المصرية , 1972 )
البستاني (بطرس) : قطر المحيط , ج2 ( بيروت , دار الثقافة , بلا )
أرسطو : فن الشعر , تر . عبد الرحمن بدوي (بيروت , دار الثقافة , 1952 )
المفرجي (أحمد فياض) : الحركة المسرحية في العراق , ط1 (بغداد , مطبعة الشعب , 1965)
المرزوك (عامر) : قراءات في كتب مسرحية (بغداد , دار الكتب والوثائق , 2009 )
ــــــــــــ : المسرح العراقي اليوم , أعداد قسم الابحاث والوثائق المسرحية (بغداد , دار الصياد , 1968 )
النصير (ياسين) : وجهاً لوجه (بغداد , مطبعة دار الساعة , 1976 )
الطاهر (علي جواد) : مسرحيات وروايات عراقية في مآل التقدير النقدي (بغداد , دار الشؤون الثقافية , 1993)
النصير(ياسين): بقعة ضوء بقعة ظل , مقالات في المسرح العراقي المعاصر(بغداد , دار الشؤون الثقافية , 1989)
المفرجي (أحمد فياض): مسرح الثمانينات في العراق (بغداد , وزارة الثقافة والاعلام , 1989)
العاني (يوسف): المسرح الوجود الحلم (بغداد , دار الشؤون الثقافية العامة , 1998 )
القصب (صلاح): مسرح الصورة بين النظرية والتطبيق,ط1(قطر,مطابع قطر الوطنية 2003)
أردش (سعد): المخرج في المسرح المعاصر(الكويت , سلسلة عالم المعرفة , 1979)
الخوري (لطفي): في علم التراث الشعبي ,الموسوعة الصغيرة ( العراق , بلا , 1979)
الجوهري (محمد): لم الفلكلور , ج2 , ط3 (القاهرة , مطبعة القاهرة , 1980)
باشا (عبيدو): ممالك من خشب (بيروت ,دار الريس للكتب والنشر, 1999)
خليل (فاضل): مسرح ضد مسرح , ط1 (السليمانية , فرقة مسرح سالار, 2010 )
عبد الحميد (سامي): أضواء على الحياة المسرحية في العراق , ط1(سوريا , دار المدى للثقافة والنشر, 2010)
عباس (علي مزاحم): لاتسدلوا الستارة (العراق , دار الشؤون الثقافية العامة , 2005)
غاسنر(جون) وأدوارد كون , قاموس المسرح ,تحرير, فاطمة موسى محمود ,ج3 (القاهرة , الهيئة المصرية العامة , 2008)
مصطفى (أبراهيم): وآخرون , المعجم الوسيط , ط5 (أيران , باقري , 2005)
مسعود (جبران): الرائــد ,ج2 (بيروت , دار العلم للملايين , 1981)
هارف (حسين علي): يوسف العاني رائد المونودراما العربية ,ط1(العراق , دارالشؤون الثقافية العامة , 2007)
ونوس (سعدالله): بيانات لمسرح عربي جديد , ط1 (بيروت , دار الفكرالجديد , 1988)
ثانياً : الدوريات
العاني (يوسف): الصدق النزيه , جريدة الجمهورية , العدد 4103 , بغداد , 1981
العاني (يوسف): العراق تحول لمسرح مأساة تجاوز كل تصور, جريدة صوت الحرية 19/5/2008
: ذاكرة المسرح العراقي تسترجع أعمال (قاسم محمد) جريدةالخليج ,الامارات ,العدد 8163 , 2011
الجبوري (أرادة): ألف ... ألف , جريدة الجمهورية (بغداد) , العدد 7021 , التاريخ 7/12/1988
ـــــــ : ألفيات فلاح شاكر, جريدة القادسية (بغداد) العدد 2695 , 1988
الجبوري (ذكرى) فلاح شاكرعلى الهاتف , جريدة الجمهورية , بغداد , العدد بلا , 30/9/1998
المشعل (سامر) مسرحياتي تمثل المسرح الشعبي العراقي , في مجلة ألف باء , بغداد العدد 6253
جبار(سهام): المؤلف المسرحي فلاح شاكروأحلام (ألف ليلة وليلة) الجمهورية , بغداد العدد 6848 , بتاريخ 17/6/1988
شاكر(فلاح): مسرحية جسرالأئمة, الحوار المتمدن 20/3/2006 http:www.ahewar.org
عباس (علي مزاحم): التراث في مسرح قاسم محمد , جريدة المدى (الثقافي) العدد229 الاحد 27 تشرين الاول , 2004
عبد الحميد (حسن) بكيت على نص أنا كاتبه , جريدة الجمهورية , بغداد , العدد 8046 25/11/1991
عبد الصاحب (عزيز): لاترسم عصفوراً ناقصاً, يوميات مسرحية ,الاقلام العدد9, السنة 15, 1980
محمد (قاسم): لقاء اجرته نادية شداد,جريدة الثورة السورية , العدد 1974 , الثلاثاء 25/آيار/1979
محمد (قاسم): المخرج الدراماتورج , مجلة المسرح , العدد1 , الشارقة , 1999
محمد (قاسم): مسكون بالناس الشعبيين , جريدة الانباء , العدد5 ,1985
ثالثاً : المسرحيات
العاني (يوسف): مسرحية (راس الشليلة) , مسرحية مطبوعة على الآلة الطابعة , 1951
43. محمد (قاسم): مسرحية (كان ياماكان) , مطبوعة على الآلة الطابعة , في كانون الثاني 1976
44. شـاكر(فلاح): مسرحية (الجنة تفتح أبوابها متأخرة) أبتدأ بكتابتها عام 1995 وأنتهت 14/3/ 1998
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحق
( مجتمع البحث )
0 التعليقات:
إرسال تعليق