أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

السبت، 2 سبتمبر 2023

(عزرائيل) ..الحياة والموت في مقاربة مسرحية ناجحة / د. جبار خماط حسن

مجلة الفنون المسرحية 
(عزرائيل) ..الحياة والموت في مقاربة مسرحية ناجحة

 من فرضيات التفكير المأساوي لدى الانسان ، تفكره بالموت ، اذ يبقى متمسكا بالحياة لانها مشروع دائم لم يكتمل ، لذا نجد الانسان تناسي الموت وليس نسيانه ، لانه ان بقي في فكرة الموت ورعبها ، توقف الفعل البشري ولم تتقدم الحياة ، لهذا نجد الانسان ابتكر فعل دفاعي يواجه الموت ، اطلق عليه التناسي ، اي تأجيل حضوره بارادة العمل . حتى أن الفيلسوف الفرنسي ((ادغار موران )) يردد قوله" احمق من يفكر بالموت احمق من يفكر .. ب فالتفكير بالموت صناعة  له !  نجد  الرجل البدائي الذي لخص وجوده بعالم ثاني خالد ، لانه  نسي التفكير بالموت المعطل لاستمرارية العالم !
ثمة من  تمسك بالحياة وفقدها رغبة منه ،  حين تلبي نداء الوطن  دفاعا عنه ! 
هكذا هو الانسان ييعيش وجوده اللامعقول  ، يصنعه ويدعو له تفكيرنا ! اليس هذا نوعا من الحماقة . 
عرض مسرحي ( عزرائيل )  تأسس على فرضية  تتلخص بالاتي : عبث الحياة وجدوى الموت ،
يظهر لنا  ملك الموت انيقا ، يتجول في المكان ،  يتأخر في قبض روح المرأة ، حوار فائض عن حاجة عزرائيل ، فهو موكل باتمام المهمة ،  تنغلق ابواب السماء ، يبقى  ( عزرائيل ) في الارض يجدها موحشة ، لا تستحق البقاء فيها مدة اطول ، ينفتح ابواب السماء ، يذهبان معا في رحلة ما بعد الموت .
عرض مسرحي تحقق  فيه اجتهادا دراميا من لدن كاتب ماهر (( مثال غازي))  ومخرج (( اسامة ا لسلطان )) اوجد لنا عرضا مسرحيا ،   من دون زوائد واستطالات ،  حساب متقن الايقاع ، ملاحقة للفكرة المتحكمة بالعرض ( جدلية الموت والحياة  ) في انساق بصرية وسمعية وحركية ، فلا تعقيد في الصورة المسرحية ، انسياب للاحداث وتحولاتها على نحو يسير تفاعل معه الجمهور ، شخصيتان عاشتا في بيئة متحولة ( غرفة الملابس ، مكان عزرائيل في السماء ، الشارع العمومي ) ثلاث امكنة اعطت للاداء جغرافيا انفعالية غير مستقرة ، لانها تتراوح بين الهدوء والانفعال والصمت ، تتناسب مع شكل ونمط البيئة المحيطة بالشخصيتين / المرأة الممثلة وعزرائيل . 
اظهر العرض المسرحي عزرائيل  سينوغرافيا انيقة من دون ثرثرة بصرية ،  تعمل  بفاعلية الاضاءة وانقسام المنظر الى مستويين يعمل ببتدخل بشري / المجموعة التي نجدها الفاعل السببي لافتاح البيئة وانغلاقها.
  للتمثيل افقه الابداعي في العرض ، تنافس عليه كلا الممثلين ((بشرى اسماعيل )) و (( جاسم محمد )) سجال جمالي اكسب العرض حضوره واثره ، في حساب ادائي  محسوب بعناية يتناسب مع الحالات الوجودية للمرأة / التمسك بالحياة .يقابلها مندوب الموت السامي / عزائيل الذي يستعجل مهمة قبض الارواح ، لكنه يتأخر مع المرأة . مما اوجب  لعبا ادائيا  ثنائيا ، اظهر احساسا في الانتقالات  بين الواقع واللاواقع ، الفكرة ونقيضها ، اسهم في ايجاد معادلة ادائية متصاعدة لدى بشرى اسماعيل وجاسم محمد ، مع تناغم بيئي للمجموعة  بحساب ايقاعي ورقابة ذهنية لعلامات الجسد والصوت . 
(عزرائيل ) عرض مسرحي يعمد مخرجه (( اسامه السلطان))  الى  فن النقيض الجمالي في التكوين وصناعة الاداء ومراقبة عمل السينوغرافيا ،  يستدعي لدى الجمهور القدرة والمراقبة وكسر افق توقعه ازاء ما يحصل في مقولتي الحياة والموت في مقاربة مسرحية ناجحة .

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption