(عيشة سعيدة) رائعة جديدة للكاتب علي عبد النبي الزيدي والمخرج كاظم نصار من إنتاج نقابة الفنانين العراقيين وتعرض غداً الإثنين 13/11/2023 وعلى خشبة المسرح الوطني
مجلة الفنون المسرحية
(عيشة سعيدة) رائعة جديدة للكاتب علي عبد النبي الزيدي والمخرج كاظم نصار
الزيدي : النص يتحدث عن (مصائر الشخصيات) والضمانات التي يمكن أن تجعلها سعيدة
نصار : أقدم فرضية تبتعد وتقترب من النص ولوضعنا العراقي بأسلوب السخرية السوداء
يحاول نص حياة سعيدة لعلي عبد النبي الزيدي أن ينبِّه، أو يحذر مما حدث على مدى عقدين دمويين، باتجاه أن ننظر الى المستقبل بعيون متفائلة، ونستفيد من الدرس الدموي الذي حدث.. على وفق قراءة إخراجية فيها الكثير من الوعي والجمال والإختلاف مع المخرجين المجايلين لكاظم نصار..
كتب – عبد العليم البناء
يواصل مبدعو المسرح العراقي حضورهم المهم والمؤثر والعميق في المشهد الثقافي عامة والمشهد المسرحي خاصة في تجلياته المحلية والعربية والدولية، والذي ما زال يجاهد لاثبات رسالته والمساهمة الفاعلة في الاحتجاج وصناعة الرأي العام لبناء مجتمع يحترم كرامة الإنسان ويلبي متطلباته الأسايية في العيش الحر والكريم.. وفي هذا السياق تبرز مسرحية (حياة سعيدة) التي صاغها الكاتب الكبير علي عبد الني الزيدي مؤلفاً عرف بنصوصه الوافرة التي تكللت بحصاد وافر من الجوائز والمراكز المتقدمة، والمبدع كاظم نصار مخرجاً والذي يعمل بدأب على مشروعه المسرحي الذي يغوص فيه في غمار الحياة بكل تداعياتها وانعكاساتها الإيجابية والسلبية، بأسلوب الكوميديا السوداء التي عمل عليها عبر أكثر من عرض، ودراماتورج د. سعد عزيز عبد الصاحب، ومن تمثيل الفنانين المبدعين: حسن هادي، ولبوة صلاح، وعلاء قحطان، وهديل سعد، وبمعيتهم مجموعة من الفنيين الذين كانوا من العناصر الفاعلة في هذا العرض، الذي أنتجته نقابة الفنانين العراقيين بتوجيه مباشر من النقيب الدكتور جبار جودي، وفق مسارات دعمها ورعايتها للتجارب المهمة لمبدعي المسرح العراقي وبقية الفنون..
وبغية تسليط الضوء على هذه التجربة المسرحية الإبداعية الجديدة، كانت لنا هذه الجولة من الحوار مع كل من مؤلفها ومخرجها، فابتدأناه بسؤال الكاتب الكبير علي عبد النبي الزيدي:
*ما الفكرة التي ينطوي عليها نص مسرحية حياة سعيدة؟
- النص يذهب الى نتائج ما حدث ما بعد 2003 من متغيرات كبرى في نسيج المجتمع العراقي، والخوف والرعب الذي سببته السياسات الكارثية، وكان الإنسان هو الضحية بالتأكيد، ولكن النص يحاول أن يسخر من الواقع بطريقة مبطنة، وهي سخرية من المشهد السياسي الذي ورَّط المواطن بشعارات وخطابات تحوّلت فيما بعد الى أنهار من الدماء.
* وما الرسائل التي تحاول إيصالها عبر النص؟
- يحاول نص حياة سعيدة أن ينبِّه، أو يحذر مما حدث على مدى عقدين دمويين، باتجاه أن ننظر الى المستقبل بعيون متفائلة، ونستفيد من الدرس الدموي الذي حدث، وبالتأكيد.. نحن هنا نتحدث عن (مصائر الشخصيات)، والضمانات التي يمكن لها أن تجعلها سعيدة، وتعيش حياة كريمة داخل الوطن.
*وكيف تنظر للمعالجة الاخراجية التي اعتمدها النصار لاسيما انك شاهدت بعضاً من بروفات العرض؟
- لي العديد من التجارب مع المخرج كاظم النصار، وهو مخرج عراقي متفرد بوعيه، وبنظرته الاستشرافية للواقع الذي يعيش في وسطه، ويمتلك القدرة الفائقة على قراءة ما حدث قراءة فيها الكثير من الوعي والجمال والإختلاف عن مجايليه من المخرجين، وأيضاً نحن نتحاور بشكل يومي عن كل التفاصيل الصغيرة منها والكبيرة التي يمكن لها أن تخدم العرض، لذلك جاءت المعالجة الإخراجية على قدر كبير من الفهم للنص، بل أعطت زخماً كبيرة في هذه المعالجة على مستوى التأويل.
* وما الذي يميز هذا العرض عن عروضك السابقة لاسيما تعاونكما أنت والنصار في أكثر من عمل سابقاً وحقق صدى إبداعيا مهماً؟
- هذا العمل هو امتداد للنجاحات الكبيرة التي حققها كاظم النصار في عروضه، ومنها التي كانت نصوصي حاضرة فيها، أو نصوص غيري من الكتاب، وأقول بصراحة التعامل مع هكذا مخرج بما يمتلكه من وعي كبير ومساحة له خصوصيته وطعمه، وهو يكتشف معالم مناطق جديدة على قدر مهم في روح النص، وأيضاً جاء اختياره لكادر مهم ولهم تجارب رائعة، فالممثلان المبدعان حسن هادي ولبوة صلاح يشكلان ثنائياً مدهشاً في هذا العرض مع المبدع علاء قحطان وهديل سعد، ولا ننسى الشراكة الإبداعية المتواصلة مع الدكتور سعد عزيز عبد الصاحب كدراماتورج مواكب لتجارب النصار، ومن هنا لابد من القول أن هذه التجربة جاءت لتؤكد تجاربنا السابقة معاً أولاً، وثانياُ أجدني أشكل ثنائياً مع النصار لكون تجربة الكتابة عندي، وتجربة الإخراج عنده باتت من النضج وفهم أحدنا للآخر تمكننا أن نقدم عروضاً استثنائية مهمة.
- نقابة الفنانين العراقيين أصبحت تشكل المكان الخصب والآمن لكل الفنانين العراقيين، ورعايتها لعرض (حياة سعيدة) يشكل إضافة رائعة في مسيرة هذه النقابة التي ننظر لها دائماً بكونها الراعي على طول خط سيرها.. منذ تولي الدكتور جبار جودي زمام هذه النقابة، والذي حوّلها الى مكان للإبداع والمحبة والألق.
& أما الجولة الثانية من الحوار فكانت مع المخرج المبدع كاظم نصار في هذا التجربة الإبداعية التي كانت إمتدادا حيوياً لمشروعه المسرحي الجاد فسألناه ابتداءً:
* ما الفكرة التي ينطوي عليها نص المسرحية؟ وما الذي اجتذبك اليه وهو لكاتب كبير يكاد يصر على ملامسة موضوعات ذات طابع إشكالي لاسيما بعد انقطاعكم ليس بالقصير عن الخشبة ؟
- غالباً ما أحاول أن اشتبك مع موضوعات ذات مساس بالبنية الاجتماعية وانعكاس السياسة عليها وقد وجدت ضالتي في هذا النص الذي يقترح مصائر لأولادنا في خضم هذه التحولات فضلاً عن كونه مكتوب بأسلوب الكوميديا السوداء التي عملت عليها عبر أكثر من عرض ...لم انقطع عن الخشبة بطراً وإنما كانت لي قراءة مبكرة لما سنؤل اليه في وضعنا المسرحي، لكن سفرنا الى المغرب بداية هذا العام ولكون بغداد ستكون حاضنة لهذا العرس المسرحي قررت أن أتجاوز قناعاتي وأعمل، وفعلاً كما توقعت فقد تأخر العمل ستة أشهر وكاد أن يتوقف لولا صبري وبعض الخيرين ممن دعموا التجربة، وهاهي ستخرج والحكم بالنهاية للجمهور وآمل أن نوفق مع هذا النص المكثف والدال والمؤثر.
* إذا كان الأمر كذلك فكيف كانت معالجتك ومعادلك الإخراجي له إذاً؟
- سأقدم فرضية تبتعد وتقترب من النص وبقراءة لوضعنا العراقي وتحولاته مضافاً اليها اعتمادي على أسلوب السخرية السوداء وتكثيف النص وتقريبه من فكاهة دالة، ومعالجة تعتمد السهل الممتنع والعمق في الكشف عن الرواسب الاجتماعية وهناك نسق أدائي ينهل من النص حفرياته.
* لكل عرض رسائل فما الرسائل التي تريد إيصالها عبر هذا العرض؟وبماذا يتميز عن عروضك الاخرى السابقة ؟
- أغلب عروضي تحفر في الوجدان العراقي أو تقترب منه وهناك رسائل عن الحرب والإرهاب وأسباب الموت الأخرى، ورسائل في الحب ..النص مادتنا الأولى بكل مافيه من غنى وجمال لكن المؤلف بما معروف عنه مرونته في التعاطي مع الأخراج جعلنا نترجم مامكتوب عبر وسائل مختلفة، ربما في هذا العرض قلصت من مساحة المشهدية البصرية وأزحت اللغة التلغرافية لنعيد لتراكم المعنى بعضاً من الضوء والجمال.
* وماذا عن خياراتك على صعيد الممثلين بعد أن قضيت ردحاً طويلاً من الزمن وأنت تبحث عن ممثلين يتماهون مع تطلعاتك وإيمانك وهمومك باتجاه مسرحي جاد وفاعل ومعطاء ومقتحم لأسرار اللعبة المسرحية بقدسية وفروسية إبداعية ؟
- هذه التجربة كانت صعبة وبذلت فيها مجهوداً وصبراً لكي نستقر على مجموعة دون أخرى.. جرت تغييرات وتبدلات في مسار الممثلين ومن إستقر الآن سترون كيف تماهى مع الشخصية ومع العرض، وصار العرض ملكاً له وليس موظفاً فيه، وهذا بسبب أن التشارك والثقة صنعت هذا التماهي، ممثلون لديهم خبرة وإخلاص ويتطورون باستمرار.
*الآن وقد أوشكت على وضع اللمسات الأخيرة لهذا العرض كيف تنظر للدعم وتعاون نقابة الفنانين التي تغامر معها للمرة الأولى ؟
- النقابة دعمت هذا العرض وماتزال وهي خطوة باتجاه فتح قنوات لإنتاج عروض برغم صعوبة ذلك، والنقابة دعمت عروضاً عدة، وآمل أن تنجح لكي تستمر وتتواصل وتترسخ، إنها خطوة تبعث على الأمل في فتح منافذ جديدة، قصدت أنها أنتجت هذا العرض برغم أنها ليست جهة إنتاجية لكن إشعال شمعة مثل هذه هو مايحتاجه مسرحنا حتى تتعدد مصادر تمويله ورعاته.
* وهل من كلمة أخيرة..؟
- شكرا لكم وللجريدة وانتم تتابعون ماننجز بحرص ومسؤولية.. وآمل أن يخرج العرض بحلته الجديدة، وشكراً لمن دعمنا وتضامن معنا وقدم ملاحظات عبر كل المسارات التي سلكناها.
0 التعليقات:
إرسال تعليق