مسرحية (انا و رأسي) تحصد جوائزمهرجان يوسف العاني للمونودراما الثالث بجدارة واستحقاق .
مجلة الفنون المسرحية
• مسرحية (انا و رأسي) تحصد جوائزمهرجان يوسف العاني للمونودراما الثالث بجدارة واستحقاق .
ضمن مهرجان يوسف العاني للمونودراما الثالث والذي عرضت فية عدد من المسرحيات على خشبة مسرح الطليعة للفترة من 11/24/ 2023 ولمدة خمسة ايام بواقع عرضين في اليوم الواحد كان من ضمنها عرض مسرحية (انا و رأسي) تمثيل الفنان علي الغزي تأليف الكاتب لؤي زهره ومن اخراج الفنان عبدالامير الصغير الذي قدم لنا عرضا رائعا مستغلا بها خشبة المسرح بكل تقنية واحتراف رغم الامكانيات البسيطة في اجهزة تقنيات مسرح الطليعة ، حيث فوجئنا بمشهد استهلالي بدء به العرض بمادة فلمية
(داتاشو) تستعرض بطل العرض (علي الغزي) وهو مطارد من قبل اشباح خارج خشبة المسرح يبحثون عنه يطاردونه لاقتياده الى جهة مجهولة .
ويمسكون به حال ظهوره على الخشبة بمشهد لاول مرة نراه في العروض المسرحية وهي سابقة فنية رائعة تحسب للمخرج الصغير وهي ليست المرة الاولى حيث تعودنا ومن خلال مشاهداتنا باخراجه لاعمال مسرحية غيرها بشيء يختلف عن سابقاته في طرق اخراجه وهذا دليل على انه مخرج مبدع برؤية متجددة في كل عمل مسرحي جديد ، بعدها تبدء معاناة الانسان المهموم الذي يعاني الامرين بين الواقع المرير الذي يعيشه وبين الحيرة التي يريد التخلص بها من رأسه الذي يحمله مشاكل العصر ، فالمسرحية التي يقول في بعض مفرداتها (انت ايها الرأس اللعين انت سبب تعاستي ...) هي ذاتها الجملة التي تنتهي بها المسرحية حين يتهم الجسد بأنه غير قادر على حمله ، ليجد نفسه في انه كان يحلم متخذا قرارا بالبحث عن بصيص امل يستنير به .
عن هذا العرض المسرحي حدثنا الفنان عبدالامير الصغير مخرج العرض قائلا : المسرحية من نوع المونودراما تتحدث عن صراعٍ من نوع جديد لإثبات وجود اشكالية ما بين الرأس والجسد، فكلما كبر العقل نما ضعف الجسد عن الحركة، وهذه الاشكالية يعانيها كبار السن فهم لديهم رؤى وافكار وطموحات قد نضجت بعد كل هذه السنوات، ولكن لا احد يستقبلها وتبقى حبيسة في ذهن الانسان.. المسرحية تسلط الضوء على هذه الاشكالية،اذ تعمدت صناعة مشهد من خلال مادة فلمية تعرض على الشاشة يستدعي بها قطع الرأس عن الجسد ليدور بينهما حوار عقيم هو ثيمة العمل ، حينها يتهم الرأس الجسد بأنه لا يستطيع تلبية طموحاته وهو في غاية النضج.. فالجسد قد تهالك وبات غير قادر على مجاراته وتلبية طموحاته ، بينما يوجه الجسد اتهامه الى الرأس بأن السبب يكمن فيه فهو لم يكتمل في مرحلة الشباب عندما كان قادراً على الحركة. ومنها اشير الى ضرورة أن ينتبه المجتمع لهذه الاشكالية وخلق مؤسسة جديدة تعتمد على افكار الكبار وطاقة الشباب لبناء مستقبل جديد.. بالتأكيد لا تخلو المسرحية من نقد للأداء السياسي والحكومي والمجتمعي ، حيث تتحمل الدولة جزءاً من المسؤولية اذ انها لا تعمل على اقامة مؤسسات ذات تنمية عقلية مستدامة بل تركت الامر للفطرة وما يتمتع به الانسان من موهبة عقلية.. وهو أمر يمكن الحصول على تأويلاته من خلال فكرة أن الرأس هو المدبر والمسيّر لذلك الجسد وكل شيء في الكون يتكون من رأس وجسد، حتى الدولة التي تتعامل اليوم مع الجسد وفق عقلية شبابية متهورة فهي تنعم بالملذات مثلما يفعل الانسان في صباه . يجب أن تغادر المؤسسات الحكومية تلك العقلية وأن تعلن مصالحة بين الرأس والجسد.. لكن الاثبات الآخر كما يقول المخرج إنه لا يمكن أن يستغني الرأس عن الجسد والعكس صحيح .
بقي ان نقول ان مسرحية (انا و رأسي) نقلة نوعية في مسار الحركة المسرحية في العراق لما كان لها الصدى الكبير في الوسط الفني العراقي الاصيل من خلال الاعجاب والارتياح الكبير لكل من شاهد العرض من جمهور ونخبة واسعة من المهتمين بالحركة المسرحية ، وهنا لابد من الاشارة الى بطل العرض الفنان علي الغزي الذي ابهر الجمهور بأبداعه المتميز خلال الثلاثون دقيقة من زمن العرض بأنتقالاته وحركته الرشيقة وتنوع طباقاته الصوتية في التغيير بين مفردة واخرى كذلك للفنان حسين زنكنه الذي اختياره للموسيقى التصويرية مع دقة ووضوح مادته الفلمية التي كانت فريدة من نوعها في العروض المسرحية الاخرى وهذا بالتأكيد بما رسمها له مخرج العرض ..
ولابد من الاشارة بعد كل ما تقدمنا فأن حصول هذه العمل على اربعة جوائز في المهرجان كانت لهم بأستحقاق وجدارة حيث بالمحصلة حصل الفنان عبدالامير الصغير على جائزة افضل مخرج بينما حصل الفنان حسين زنكنه على جائزة افضل موسيقى تصويريه فيما حصل الفنان علي الغزي على جائزة افضل ممثل مناصفة وكذلك حصول الكاتب لؤي زهره على جائزة افضل نص مسرحي مناصفة .. مبروك لفريق مسرحية ( انا ورأسي ) والى المزيد من التألق والإبداع .
0 التعليقات:
إرسال تعليق