أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

السبت، 20 يناير 2024

مسرحية " فتاة النهر " تأليف : طلال حسن

مجلة الفنون المسرحي
الكاتب طلال حسن 


 مسرحية " فتاة النهر " تأليف : طلال حسن


                                                                        
    شاطئ النهر ، تبرز من

                             الماء فتاة شابة جميلة


الفتاة : " تتلفت حولها " الشمس تكاد تشرق ،
ولم يأتِ بعد ، سيأتي ، سيأتي بالتأكيد ،
فهو قلما تغيب ، حتى لو كان الجو
مكفهراً ، أو ممطراً ، وكأنه على موعد
معي " تبتسم " موعد ! هذا محال ، فهو
لا يعرفني ، فكيف ..؟ " تصمت وتتراجع
" أسمع وقع أقدام ، أهو الصياد ؟ "
تنصت جيداً " لا ليس هو ، وليس شخصاً
واحداً ، فلأسرع بالاختفاء .


                         يدخل الصياد الأول والثاني ،

                           وكلّ منهما يحمل شصاً 


الثاني : كفى ، يا أخي ، لابد أن يصيد كلّ منا
اليوم ، ولو سمكة واحدة .

الأول : ماذا جرى ؟ كأن الأسماك غضبت منا ،
فهاجرت بعيداً عن هذا المكان .

الثاني : من يدري ، لعلنا كبرنا ، ولم نعد نقوى
على صيد السمك .

الأول : " يضحك " هذا ما تقوله عني زوجتي ،
كلما عدت من النهر ، وليس معي سمكة
واحدة .

الثاني : أنت أيضاً ؟

الأول : " يضحك " يبدو أن زوجتك تعلمت هذا
من زوجتي .

الثاني : وربما العكس ، لكن مهما يكن ، فقد
أوقفت زوجتي عند حدها .

الأول : ضربتها !

الثاني : لا ، قلتُ لها ، سأتزوج ، إذا لم تتركي
مثل هذا الكلام .

الأول : سأتزوج ، هذا ما سأقوله لزوجتي اليوم
، أنا أيضاً .

الثاني : قله  لها ، ولن تسمع منها ، هذا الكلام
مرة أخرى .

الأول : " يتوقف " أنظر ، الفتى الصياد ، لم
يأتِ اليوم حتى الآن  .

الثاني : " يتوقف هو الآخر " آه ، هذه ليست
عادته .

الأول : أخشى أن تكون  أمه العجوز مريضة .

الثاني : ومتى لم تكن مريضة ؟

الأول : لا عجب ، فهي امرأة كبيرة في السن ،
ربما تجاوزت الثمانين .

الثاني : يا لحياته الموحشة ، لو كنت مكانه
لتزوجت ، ماذا ينتظر ؟

الأول : من يدري ، لعله ينتظر أن تغرم به فتاة
، وتقول له ، أرجوك تزوجني  " يضحك
" كما فعلت زوجتك .

الثاني : " يسير " هذه البلهاء زوجتي ، يبدو
أنها ما تركت شيئاً لم تحكه لزوجتك .

الأول : " يلحق به " المرأة والسر نقيضان .

الثاني : تعال نصطد ، وإلا لن ينفعنا حتى
تهديدنا ، سأتزوج .

الأول : لنجرب ذاك الجرف القريب ، خلف هذا
المنحنى ، لعلنا نقع على صيد اليوم .

الثاني : " وهو يخرج " كما تشاء ، لنجرب
الجرف .

الأول : " يخرج في أثره " يبدو لي أن زوجتي
ستفرح اليوم ، وتعتبرني صياداً شاباً .

الثاني : " من الخارج ضاحكاً " أضغاث أحلام
.. هيا أسرع  .


                         يدخل الصياد الفتى ، 

                           والشص في يده


الفتى : الشمس أشرقت ، وأنا لم أبدأ الصيد بعد
" يتوقف عند حافة الماء "  فلأرم ِالشص
، وأصطد ولو سمكة واحدة ، وأعود
بسرعة إلى الكوخ " يرمي الشص "
صحيح أن أمي تحسنت صحتها ، لكن
عليّ أن أكون إلى جانبها ، حتى تشفى
تماماً .

الثالث : " من الخارج " يا بط .. يا بط 

أسبح بالشط

 الفتى : " يهزّ رأسه " ....

الثالث : " يدخل وهو يترنم ويرقص " ..                                          

  قل للسمكة

أتت الشبكة

ميلي عنها 

تنجي منها

الفتى : " يحرك خيط الشص " ....

الثالث : " يقترب من الفتى " 

وإلى الجرفِ 

خفي .. خفي

الفتى " يحرك خيط الشص " ....

الثالث : لا تحاول ، فالبط يسبح بالشط ،
والسمك خفّ إلى الجرف ، ولم يبقّ هنا
سمكة واحدة لتصطادها ، وتأخذها إلى
البيت . 

الفتى : لكني ، رغم بطك ، الذي لا أراه يسبح
بالشط ، أصطاد كلّ يوم ، سمكتين أو
ثلاث سمكات .

الثالث : وهذا ما يحيرني ، فلا أنا ، ولا غيري
من أمهر الصيادين في القرية ، اصطاد
هنا سمكة واحدة .

الفتى : لكَ أن تحتار ، وتضرب أخماساً في
أسداس ، لكن شصي لن يحتار ، وستبقى
الأسماك تأتي إليه و .. " يسحب الخيط
بسرعة " و .. 

الثالث : و .. " فرحاً " ولا شيء .

الفتى : " يرمي الشص في النهر" الصبر طيب
، والسمك طيب .. وسيأتي إلى شصي .

الثالث : جاءتني بطة في المنام ..

الفتى : يبدو أنك لن ترى الصيد إلا في المنام ..

يا بط .. يا بط .

الثالث : وقالت لي ، إنك لن ترى اليوم سمكة
واحدة .

الفتى : إنها محقة ، تلك البطة التي جاءتك في
المنام ، صدقها ولا تتعب نفسك ، وعد
إلى البيت .

الثالث : إنها لا تقصدني أنا ، بل تقصدك أنت ،
وستصدق تلك البطة .

الفتى : " يسحب الحبل بشدة  " هم م م م .

الثالث : " يضحك متشفياً " حقاً ستصدق ، إن
بطة حلمي لا تكذب أبداً .

الفتى : " يرمي الشص مرة أخرى " لا عليك ،
        النهار مازال في أوله .

الثالث : " يبتعد وهو يترنم " ..

يا بط .. يا بط

أسبح بالشط

قل للسمكة

أتت الشبكة

ميلي عنها 

تنجي منها

وإلى الجرف 

خفي .. خفي

الفتى : " يحاول جهده سحب الخيط " خفي إليّ يا سمكتي ، خفي ، خفي .

الثالث : " يتوقف ثم يلتفت " سأذبح البطة إذا
كذبت عليّ .

الفتى : " يسحب الخيط دون جدوى " مهما
كانت قوتكِ ، سأسحبك من أعماق النهر ،
وسأكذب تلك البطة .

الثالث : أنت تمثل " يسرع إليه " لن تخدعني ،
فالبطة قالت لي في الحلم ..

الفتى : " يُجذب ببطء " ماذا يجري ؟ أنا
الصياد ، ولن أسمح لسمكة ، مهما كان
حجمها وقوتها ، أن تصطادني ، وتجرني
إلى النهر وتأخذني إلى الأعماق . .

الثالث : " يبدو أن الأمر جديّ " يمسك الخيط "
يا إلهي ، إنها تكاد تجرنا معاً ، لنطلب
النجدة .

الفتى : كلا ، سأخرجها ، وبمساعدتك ، مهما
كلف الأمر .

الثالث : " يبذل قصارى جهده " لا فائدة ، إنها
تسحبنا معاً ، وستغرقنا " يصيح بأعلى
صوته " النجدة .. النجدة .

                            يدخل الصيادان الأول 

                        والثاني يركضان مسرعين


الأول : ما بالكما ؟

الثاني : أسمعك تستغيث ، ما الأمر ؟

الثالث : أسرعا ، ساعدانا ، السمكة ضخمة جداً
وهي .. 

الثاني : السمكة !

الأول : تكاد تسحبنا إلى أعماق النهر ، وتغرقنا
، تعالا بسرعة ، تعالا .

الأول : " يسرع نحوهما " تعال نسحبها معهما
، عسى أن يصيبنا  منها شيئاً .

الثاني : " يسرع معه " بل نقتسمها ، هيا ، يا
صاحبي هيا ، هيا .

الأول : " يمسك بالخيط ويسحب بكل قوته " ما
أضخمها من سمكة .

الثاني : " يسحب هو الآخر " وما أقواها .

الفتى : " بصوت مبحوح " اسحبوا .. اسحبوا
.. اسحبوا .

الأول : سنسحبها ، مهما كلف الأمر ، فهي لنا
جميعاً .

الثالث : نحن إخوة ، ومن قرية واحدة ، ولن
يأكل أحدنا ، ويشبع ، وأخوه جائع هو
وعائلته .

الفتى : " وهو يبذل جهداً كبيراً " اسحبوا الآن
، اسحبوا ، ولكم ما تريدون  .

الأول : اسمعوا " يرتفع صوت غريب من
النهر " اسمعوا .. اسمعوا .

الثالث : يا للصوت البشع .

الثاني : كأنه آتٍ من الأعماق .

الفتى : اسحبوا .. اسحبوا .. اسحبوا .

الثاني : أيعقل أنها سمكة ؟ أنظروا إلى هذه
الدوامة .

الثاني : قال جدي .. 

الأول : دعنا من جدك الآن ، اسحب لنرَ ما هذه
الهامة .

الفتى : حبل الشص يكاد ينقطع ، اسحبوا .

الثالث : ستأخذنا هذه السمكة إلى الأعماق ،
وسنغرق جميعاً . 

الأول : هذا إذا كانت سمكة .

الثاني : أنظروا إلى خيالها في الأعماق .

الثالث : " بشيء من الخوف " إنها تقترب .

الثاني : أهي سمكة ؟

الأول : ألم يخبرك جدك ، أن في أعماق النهر ،
لا يعيش غير السمك .

الثاني : أو التنين .. 

الثالث : " خائفاً " التنين !

الثاني : هذا ما قاله جدي .

الفتى : اسحبوا ، ها هي  تقترب ، اسحبوا ،
اسحبوا .

الثالث : " يتوقف " إذا كان ما قاله جدك ..

الأول : جدي لا يخطئ أبداً .

الثالث : " ينسحب خائفاً " الجوع خير ألف مرة
من الموت .

الأول : " يتوقف " الدوامة تزداد عنفاً ، يا ويلي
، لا أريد أن أموت " ينسحب " 

الثاني : " مذعوراً " فلنهرب .


                        التنين يبرز شيئاً فشيئا، الجميع

                             يلوذون بالفرار عدا الفتى


الفتى : " مذهولاً " أوه .

التنين : " يقف في الماء " ....

الفتى : " يتلفت حوله " ....

التنين : يا للأسف ، لم يبقَ  أحد معك .

الفتى : حسبوا أنك سمكة .

التنين : فقالوا لك ، إننا إخوة ، وأبناء قرية
واحدة ، وأرادوا أن يقتسمون معك   .

الفتى : نعم ، هذا ما أرادوه .

التنين : لكن ما أن رأوني ، أبناء قريتك هؤلاء
، حتى لاذوا بالفرار .

الفتى : إنهم بشر ، والبشر ضعاف أمام الخطر
، إنني لا ألومهم .

التنين : أنت إنسان طيب للغاية ، ولهذا فأنت
تستحق ما جئتك به .

الفتى : أشكرك مهما كان ما جئتني به ، فأنا
إنسان بسيط ، أعيش مع أمي العجوز ،
في كوخي الصغير المتواضع .

التنين : " تظهر من وراء ظهره فتاة شابة " ما
رأيك ؟

الفتى : فتاة !

التنين : وأي فتاة .

الفتى : لم أرَ فتاة في هذا .. الجمال .

التنين : ولن ترى .

الفتى : " يتطلع إليها مذهولاً " ....

التنين : إنها جميلة جداً ، ولن يحلم بها أي فتى
، حتى في منامه .

الفتى : محظوظ من ستكون له .

التنين : أنت المحظوظ  .

الفتى : أنا !

التنين : " يهز رأسه " ....

الفتى : لي أنا !

التنين : وليس لأحد غيرك .

الفتى : " يقف مذهولاً حائراً " ....

التنين : " يدفع الفتاة برفق " هيا يا بنيتي ،
اذهبي إلى فتاك .

الفتاة : " تتقدم على استحياء " مرحباً .

الفتى : " متردداً " مرحباً .

الفتاة : " تنظر إلى التنين مبتسمة ممتنة " ....

التنين : آه ، آن لي أن أذهب .

الفتاة : أشكرك ، يا أبتي ، أشكرك .

التنين : لو لم تكن هذه رغبتك لما .. " يتراجع "
ناديني إذا احتجتِ إليّ .

الفتاة : " تنظر إلى الفتى " يكفيني ..

التنين : أتمنى لكما التوفيق .

الفتاة : وداعاً ، يا أبتي .

التنين : " يلوح لها " ....

الفتاة : " تلوح له مبتسمة " ....


                         التنين يتراجع ، ثم يغوص

                          إلى الأعماق حتى يختفي


الفتى : " يتأملها " عندما أنظر إليكِ ، أقول في
نفسي ، ليتني رأيتكِ من قبل .

الفتاة : أنا لن أقول هذا ..

الفتى : " ينظر إليها مندهشاً " ....

الفتاة : فقد رأيتك من قبل مراراً .

الفتى : أنتِ رأيتني !

الفتاة : نعم ، رأيتك ، هنا على هذا الشاطئ .

الفتى : لا يمكن ، فلو رأيتني هنا مراراً ، لكنت
رأيتك ولو مرة واحدة . 

الفتاة : هذا محال ، فقد كنت أراك ، أما أنت
فكان لا يمكن أن تراني .

الفتى : لا أفهم ما تقولين ، أوضحي لي الأمر ،
أرجوك .

الفتاة : كنت أخرج من قصر أبي ، وأتجول في
أرجاء النهر ، وذات يوم رأيتك .

الفتى : " يحدق فيها مذهولاً " ....

الفتاة : رأيتك تصطاد السمك في هذا المكان ،
الخالي من السمك تقريباً .

الفتى : عجباً هذا ما يقوله الصيادون في القرية
جميعاً .

الفتاة : وهم على حق .

الفتى : لكني كنت أحصل كلّ يوم على سمكتين
أو ثلاث أسماك .

الفتاة : هذا لأني أريد أن أراك هنا وحدك ، كلّ
يوم .

الفتى : " ينظر إليها حائراً " ....

الفتاة " لم يكن هنا سمك تصطاده ،
فكنت أضع  ، سمكتين أو ثلاث سمكات ،
في الشص الذي ترميه في النهر .

الفتى : آه فهمت .

الفتاة : وقد أحببتك ، فطلبت من أبي أن يأتِ
بي إليك .

الفتى : " ينظر إليها مندهشاً " ....

الفتاة : نعم أحببتك ، منذ أن وقع نظري عليك
لأول مرة . 

الفتى : " يبتسم حائراً " ....

الفتاة : أعرف أنك تستغرب هذا ، وستقول إنها
فتاة من عالم آخر .

الفتى : أخبريني .

الفتاة : تفضل .

الفتى : ذاك الذي تقولين عنه .. " يشير إلى
النهر " أبي ..

الفتاة : نعم ، إنه بمثابة أبي .

الفتى : هذا يعني أنه ليس أباك حقيقة ..

الفتاة : " تهز رأسها " ....

الفتى : هذا ما خمنته ، فأنت فتاة جميلة ..

الفتاة : " فرحة " جميلة ؟

الفتى : جميلة جداً .

الفتاة : " تنظر إليه فرحة " أشكرك .

الفتى : " بتردد وخجل " عفواً ، لم أقصد ..

الفتاة : لقد قلت كلمة جميلة ، فلا تعتذر .

الفتى : " يصمت " ....

الفتاة : وأرجو أن أستحقها .

الفتى : بل أنتِ ..

الثالث : " يطل برأسه ثم ينسحب " ....

الفتاة : " تحتمي به " آآآ .

الفتى : لا تخافي " يتلفت حوله "..

الفتاة : ما الأمر ؟

الفتى : لا شيء ، اطمئني .

الثالث : " يطل برأسه ثانية " أهذا ممكن !

الأول : "  من الخارج " حذار ِ .. التنين .

الثالث : يا لها من تنين .

الثاني : لابد أنه مزق الصياد الفتي .

الأول : " من الخرج " حدثنا عما تراه .

الثاني : كن حذراً ، ونبهنا في الوقت المناسب ،
فالتنين أسرع من البرق .

الأول : " من الخارج " فلأنظر كما تنظر .

الثالث : تعال وانظر .

الأول : " يطل برأسه خائفاً " يا لله .

الثاني : " من الخارج " ماذا تريان ؟ أخبراني .

الأول : لا تخف ، تعال .

الثاني : " من الخارج " لا ، إنني أخشى التنين.

الأول : تعال ، ولن تندم .

الفتاة : " خائفة " الأصوات تتزايد .

الفتى : لا تخافي " يبتسم " إنهم إخوتي ، وأبناء
قريتي .

الفتاة : لعلي رأيتهم معك أكثر من مرة .

الفتى : هذا محتمل ، فهم يصطادون غالباً عند
الجرف .

الفتاة : هذا حق ، فالسمك هناك كثير .

الفتى : " مبتسماً " أما أنا ، فعلى العكس منهم ،
لم أحتج للذهاب إلى الجرف .

الفتاة : نعم ، لكنك ستحتاج إلى ذلك منذ الآن .

الفتى : سأذهب إلى آخر الدنيا ما دمتِ معي .

الثالث : " يتقدم خطوات مذهولاً " إنها فتاة .

الأول : " يتبعه " وأي فتاة .

الثالث : إنني لم أرَ هذه الفتاة مرة في قريتنا .

الأول : لا أظن أن امرأة من قريتنا ، يمكن أن
تنجب مثل هذه الجوهرة .

الثاني : " يتقدم خطوات " قال جدي ..

الثالث : " ينظر إليه " ....

الأول : أريد هذه المرة ، أن أعرف ماذا قال
جدك ، لعل فيه فائدة هذه المرة .

الثاني : جدي لا يقول إلا الحكم ، المفيدة .

الأول : أسمعنا .. المفيدة .

الثاني : التفاحة الواحدة تكفي سبعة .. إخوة .

الثالث : هذه ليست تفاحة .

الأول : بل تفاحة ، وأية تفاحة .

الثالث : ثم إننا أربعة وليس سبعة .

الثاني : هذا أفضل .

الأول : " يتجه إلى الفتى والفتاة " هيا نطالب
بنصيبنا من التفاحة .

الثالث : " ينظر إلى الثاني " ....

الثاني : لماذا لا ؟ هذا حقنا " يلحق بالأول " هيا
فنحن إخوة ، وأبناء قرية واحدة .

الثالث : " يلحق بهما " أنت محق ، وللأخوة
استحقاقاتها .

الفتاة : " خائفة " إنهم قادمون .

الفتى : لا عليك ، إنهم كما قلتُ لك ، إخوة لي ،
وأبناء قريتي .


                        الصيادون الثلاثة يتقدمون ،

                         ويحيطون  بالفتى والفتاة


الثاني : ها أنت حيّ ، حمداً لله ، ظننا أن التنين
قد مزقك ..

الفتاة : " تبدو غير مرتاحة لكلامه " ....

الأول : والتهمك قطعة .. قطعة ..

الثالث : فأنت فتيّ ، ولحمك طازج .

الفتاة : " تتململ متضايقة " ....

الفتى : " يربت على يدها " ....

الثاني : أو اختطفك ، وأسرع بك معه ، إلى
أعماق النهر .

الفتى : لم يحدث ، كما ترون ، أي شيء من
هذا ، فالتنين الذي رأيتموه ، كان تنيناً
هادئاً ، طيباً ، وكريماً . 

الأول : طبعاً هادئ ، هذا واضح ، فهو لم يلحق
بنا ، حين هربنا مذعورين كالأرانب .

الثالث : وطيب أيضاً ، حتى أنه لم يؤذك .

الثاني : " يحدق في الفتاة " وما أكرمه .

الفتاة : " تحتمي بالفتى " ....

الفتى : " يشير إلى الفتاة " أعرفكم بجوهرتي ،
إنها هدية ..

الثاني : " يتأمل الفتاة " ما أروعها من هدية ..
جوهرة بحق .

الثالث : إنها لم تهبط من السماء طبعاً ، هذه
الجوهرة .

الثاني : " يلكزه " أنت تعرف ، كما أعرف ،
إنها هدية .

الأول : " يرمق الفتاة بنظرة خاطفة " ترى كم
تساوي ، هذه الهدية .. الجوهرة ؟

الفتاة : " تحتمي بالفتى " ....

الفتى : " يربت على يدها " إنها ، كما ترى ،
إنسان ..

الأول : وأي إنسان .

الفتى : والإنسان لا يقدر بثمن .

الثالث : من يدري ، لعل الملك يقدر بالضبط ..
الثمن ، فهو يعشق الجواهر .

الثاني : الملك لديه جواهر كثيرة من النساء ،
لكنه سيعرف ثمن هذه الجوهرة ، التي لا
مثيل لها بين جواهره .

الأول : " للفتى " ترى كم سيقدر الملك ثمنها
في رأيك ؟

الفتى : أرجوكَ ..

الفتاة : " للفتى " لنذهب من هنا .

الفتى : " يمسك يدها " مهلاً ، لا تقلقي .


                        الثلاثة يدورون حول الفتى 

                        والفتاة ، بمبادرة من الأول


الفتى : كفى مزاحاً .

الأول : نحن لا نمزح .

الفتى : أنتم تخيفونها ، كفى أرجوكم .

الثالث : نحن إخوة .

الثاني : وأبناء قرية واحدة .

الأول : هذه الجوهرة ، لنا جميعاً ، لنقتسمها .

الفتى : ماذا !

الأول : لقد وعدتنا بأن نقتسم .. .

الفتى : كنتُ أظن أنها سمكة ، سمكة كبيرة ،
تكفينا جميعاً .

الثاني : الجوهرة أهم من السمكة .

الثالث : و أثمن منها  .

الفتاة : لنذهب .. لنذهب . 

الأول : اسمعنا جيداً " يضيقون الدائرة عليه "
نحن أربعة ، وسنقتسم ثمن هذه الجوهرة
بالتساوي .

الفتى : " يحاول إبعادهم " كلا .

الأول : لا تضطرنا أن نبقى ثلاثة .

الثاني : نحن نفضل أن نبقى أربعة ، إلا إذا
أجبرتنا ..

الفتى : " يدفعهم بقصارى جهده " كلا ، كلا ..

الثالث : أنت تضطرنا أن لا نبقى أربعة .

الفتى :  " يقاوم الثلاثة " كلا .. كلا .. كلا .

الأول : " يطبق على يد الفتاة " تعالي ، يا
جوهرتي .

الفتاة : " تقاوم دون جدوى " دعني .. دعني ..
دعني .

الفتى : " يحاول تخليصها " دعها أيها المجرم
، إنها هديتي ، هديتي وحدي .

الأول : " يسحب الفتاة بقوة " هذا خياركما "
للثاني والثالث " لنبقّ ثلاثة .

الثاني : " ينقض على الفتى " هذا أفضل .

الثالث : " ينقض على الفتى في الوقت نفسه "
ليكن ، فالحصة ستكون أكبر .

الفتاة : " تصيح باكية " دعوه أيها الوحوش ،
دعوه ، دعوه .

الفتى : يتهاوى على الأرض جثة هامدة " ....

الفتاة : " تصيح بأعلى صوتها " أبي .. النجدة
.. النجدة .. النجدة .


                         ينشق النهر ، ويبرز التنين ، 

                        الثلاثة يلوذون بالفرار خائفين   


الفتاة : " تلوذ بالتنين " أبي .. أبي .. أبي .

التنين : " يحضنها " اطمئني ، يا بنيتي ، فأنا
معك .

الفتاة : أبي ، إنهم وحوش .

التنين : هؤلاء ، كما قال فتاك ، بشر .

الفتاة : أرادوا أن يأخذوني ، ويبيعوني للملك
العجوز ، ويقتسمون ثمني .

التنين : " يهز رأسه " ....

الفتاة : حاول أن يمنعهم ، ودافع عني بكل قواه
، لكنهم استذأبوا ، وقتلوه .

التنين : كفى ، يا ابنتي ، كفى .

الفتاة : قتلوه ، يا أبي ، قتلوه .

التنين : " يربت على كتفها " ....

الفتاة : لا أريد الحياة بدونه ، لا أريد ، ولا
أستطيع .

التنين : " يهز رأسه " ....

الفتاة : " تنظر إليه " أبي ..

التنين : " ينظر إليها " ....

الفتاة : أبي .. أبي .

التنين : هذا محال ، يا ابنتي .

الفتاة : لقد أنقذتني عندما غصت في النهر .

التنين : لم تكوني قد متّ ، يا ابنتي .

الفتاة : أبي ، أنقذه لي .

التنين : ليتني أستطيع .

الفتاة : لابد أن تستطيع ، أنت تعرف ماذا يعني
بالنسبة لي .

التنين : لقد قتل هنا ، على الأرض ، وبأيدي
إخوة له من البشر .

الفتاة : لا أحتمل أن أراه هكذا .

التنين : لو كنت أستطيع ، يا بنيتي ، لما ترددت
لحظة .

الفتاة : أبي ، أنا سبب موته ، لو لم آتي إليه ،
لبقي حياً .

التنين : لا يمكن أن يعود إلى الحياة إلا في حالة
واحدة .

الفتاة : سأعطيه حياتي ، إذا اقتضى الأمر ،
لينهض من الموت ، ويحيا بها .

التنين : هذا غير ممكن .

الفتاة : تكلم ، يا أبي ، قل ما يحييه ، وسأنفذه
في الحال .

التنين : ليس هناك إلا حلّ واحد .

الفتاة : قله مهما كان .

التنين : أن تعودي إلى القصر .

الفتاة : أتركه عنه !

التنين : بنيتي ..

الفتاة :  أترك حلمي ! أتركه بعد أن تحقق ؟ 

التنين : أنظري إليه .

الفتاة : " تسيل الدموع من عينيها " أتركه ؟

التنين : أو يبقى ميتاً .

الفتاة : " تلوذ بالصمت " ....

التنين : إذا عدتِ إلى القصر ، يا بنيتي ،
فسينهض من رقدته ، وسيبدو الأمر له ،
وكأنه كان في حلم .

الفتاة : حلم !

التنين : " يهز رأسه " ....

الفتاة : كلّ هذا حلم ؟

التنين : حياة الإنسان نفسها حلم ، حلم عابر ،
وهذا ما لا يريد ، أن تصدقه هؤلاء
البشر .

الفتاة : ربما أنت على حق ، يا أبي .

التنين : بنيتي ، أتريدينه حياً ؟

الفتاة : " تنظر إلى الفتى صامتة " ....

التنين : الأمر لك .

الفتاة : مازالت تنظر إليه صامتة " ....

التنين : ابقي معه ، لكنه سيبقى في هذه الحالة ،
جثة هامدة .

الفتاة : " تتراجع نحو الأعماق " لنعد إلى
القصر ، يا أبي .

التنين : " يتراجع في أثرها " هيا يا عزيزتي ،
هيا .

الفتاة : " تلقي نظرة أخيرة وتختفي " ....

التنين : " يختفي في أثرها " ....

                

                           الفتى يفيق ، ثم يعتدل ،

                        يتلفت حوله مذهولاً وحائراً 


الفتى : يبدو أنني غفوت " ينهض متحاملاً على
نفسه " ماذا جرى لي ؟ لم يسبق أن
غفوت لحظة واحدة بعيداً عن سريري "
ينظر إلى صنارته " عجباً ، لم أصطد
اليوم حتى ولو سمكة ، مع أني ، ومنذ
فترة طويلة ، أصطاد هنا كلّ يوم ، سمكة
أو سمكتين ، وحتى ثلاث سمكات ، أما
اليوم .. " يهز رأسه " النائم طبعاً لا
يصطاد السمك إلا في الحلم " يصمت
مفكراً " أكل ما مرّ بي حلم ؟ فتاة ..
وتنين .. وقتل .. ، أيعقل أن هذا كله حلم
؟ " بشيء من المرارة "  والصيادون
الثلاثة .. إخوتي ..أبناء قريتي .. حلم ؟ "
ينصت " ها هم قادمون .


                       يدخل الأول والثاني ، وكل

                        منهما يحمل عدة أسماك


الأول : " دون أن يتوقف " الصيد اليوم ، كما
ترى ، وفير .

الثاني : " يبطئ قليلاً " منذ أيام ، ونحن نكاد لا
نصطاد شيئاً .

الأول : " يضحك " لن يشكو أحد منا اليوم من
الجوع ، يا أخي .

الثاني : " يضحك " سنشبع جميعاً ، بل ستشبع
حتى قططنا .

الأول : " يبطئ قليلاً " يبدو أنك لم تصطد
شيئاً حتى الآن .

الفتى : هذا واضح ، يا أخي ، إنني مع هذا
فرح فاليوم لكم .

الأول : " وهو يخرج " نتمنى لك التوفيق ،
نحن أخوة .

الثني : تعال إلينا إذا احتجت إلى شيء من
السمك  ، نحن أبناء قرية واحدة .

الفتى : أشكرك .  

الثاني : " يخرج " ....

الفتى : " وحده " أخوة ، وأبناء قرية واحدة ،
كأني سمعتُ هذا منذ بعض الوقت ، أهذا
أيضاً حلم ؟ من يدري .

الثالث : " من الخارج "

يا بط .. يا بط

أسبح بالشط 

قل للسمكة

أتت الشبكة

الفتى : " يبتسم " جاء يا بط .. يا بط

الثالث : " يدخل حاملاً ثلاث سمكات "

ميلي عنها

تنجي منها  

 الفتى : " ينظر إليه باسماً " ....

الثالث : " يقترب من الفتى "

وإلى الجرف

خفي .. خفي

الفتى : أهلاً بالبط .

الثالث : لابد أنك لم تصطد شيئاً اليوم .

الفتى : الذنب ذنب البط .

الثالث : لا ، لا يا أخي ، البط طيب ، ولا يمكن
أن يرتكب ذنباً .

الفتى : لقد حذر السمك ، فهرب من شصي إلى
الجرف .

الثالث : " يضحك " هرب من شصك ليقع في
شصاصنا ، نحن إخوتك الثلاثة ،
واصطدنا منه الكثير .

الفتى : فلنذهب ، إنني متعب ، وأريد أن أرتاح
قليلاً .

الثالث : هذه السمكات الثلاث ثقيلة ، أرجو أن
تساعدني في حمل بعضها .

الفتى : طالما ساعدتني ، وحملت عني بعض
ما كنتُ أصطاده ، هات .

الثالث : " يقدم له سمكة " هذه سمكة ضخمة ،
وثقيلة ، احملها أنت . 

الفتى : " يحمل السمكة ويسير " كما تشاء ،
سأحملها لك حتى بيتك .

الثالث : " يلحق به " لا يا عزيزي ، بيتك أقرب
، خذها ، إنها هدية مني .

الفتى : " يهم بالاعتذار " ....

الثالث : هذه الهدية لك ، ولخالتي العزيزة أمك ،
مع أطيب تحياتي وتمنياتي لها بالصحة
والعافية وطول العمر .

الفتى : أشكرك .

الثالث : " يغني متراقصاً " ..

يا بط .. يا بط

الفتى : أسبح بالشط

الثالث : قل للسمكة

الفتى : أتت الشبكة 

الثالث : ميلي عنها

الفتى : تنجي منها

الثالث : " يضحك " وإلى الجرف

الفتى : " يضحك " خفي .. خفي 


                          الفتى والثالث يخرجان ، 

                          وهما يواصلان الغناء

                                   إظلام

ستار

31/ 3 / 2012

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption