أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الاثنين، 11 مارس 2024

الكلام المرصع والكلام المرقع بين الاحتفالية والماتمية(79) / د.عبد الكريم برشيد

مجلة الفنون المسرحية 
الكلام لمرصع والكلام المرقع بين الاحتفالية والماتمية(79) 

                فاتحة الكلام

والكلام المرصع، هو كلام الشعراء والحكماء، وهو كلام احتفالي بالضرورة، واما الكلام المرقع، فهو كلام ماتمي  او هو كلام عبثي، او هو كلام فوضوي، أو هو كلام عدمي، او هو كلام ظلامي، وقد يكون هو اللاكلام، وشتان بين كلام وكلام. أحدهما يحتفي بالإنسان والانسانية، والحياة والحيوية، وبالجمال والجمالية، وبالعيد والعيدية، ويحتفي بالحق وبالنظام وبالنور وبالضياء وبالفكر وبالفن وبالعلم وبالفرح. وبالحق في الفرح، وباقتسام الفرح مع كل الناس
وكلام المبدعين الحقيقيين، في الأزمان الحقيقية، مرصع دائما بالأحجار الكريمة، اما الكلام المرقع، فهو مثل مرقعة الدراويش،  فهو مرقع بخيط وابرة، والإبرة عوراء بعين واحدة، والخيط تابع اعمى، يصنع بهما مظلوم بن ظالم الخياط ازياء خادعة، وذلك في كرنفال الأزياء والأقنعة والألوان، ولهذا فقد يكون ضروريا أن نحترس من الكلمات، تماما كما نحترس من الأزياء والأقنعة، وأن نقول مع المثل الفرنسي بأن زي الراهب لا يصنع الراهب 
وعندما تخدعنا الكلمات، وعندما نسعى من اجل ان نخدع الناس بالكلمات، فإنه لابد ان يموت العلم، وان ينتحر الفكر، وأن يكون الفن مجرد بهرجة، وتصبح كثير من الكلمات ومن المصطلحات ومن الشعارات مجرد فقاعات صابون طائرة في الهواء

                         كلمة التجريب بين حد القول وحد الفعل

وفي النقد المسرحي، المغربي والعربي معا، كثير من الكلمات ومن المصطلحات ومن التعبيرات التي افرغت من معانيها الحقيقية، واصبحت تشير إلى كل شيء، من غير أن تعني اي شيء، وهذا هو الحال بالنسبة لكلمة التجريب، والتي ترد في حديث كثير من النقاد ومن المخرجين، من غير أن يكون توظيفها توظيفا موفقا
 هي إذن مجرد كلمة من الكلمات، وعندما تأتي في سياقها فإنه لابد ان يكون لها معنى، اما عندما تأتي خارج السياق، فإنه لا يمكن أن يكون لها أي معنى، وعندما نمارس التجريب على امتداد عقود طويلة جدا، ونسأل من (يقترف) هذا التجريب، أين اوصلكم هذا التجريب؟ وما هي خلاصات وما هي نتائج هذا التجريب؟ وهل تمكنتم في صياغة هذه النتائج العلمية في قوانين ثابتة؟ واذا كان لهذه القوانين وجود حقيقي، فاين هي؟
وهذه الكلمة، والتي هي التجريب، قد كان لها في المسرح المغربي والعربي بريقها، ولقد صالت وجالت على امتداد عقود طويلة، ولقد فعلت الأفاعيل بكثير من الأذهان والنفوس والأرواح، والتي ادخلتها في متاهات لم تعرف كيف تخرج منها، وكم هي الجرائم التي ارتكبت باسم هذا التجريب البرئ، وذلك في حق هذا المسرح، ولقد اعتقد البعض ان ألف باء  فعل التجريب هو مخالفة الكائن، وهو معاكسة الموجود، وهو انكار وجود الموجود، وهو إعادة تاريخ المسرح الى درجة الصفر، وهو تحدي فعل الكتابة بفعل اللاكتابة، وهو مواجهة الامتلاء العلمي والفكري والجمالي بالخواء، وهو تحدي الكلام بالصمت، وهل يكون هذا التجريب، هو ان نناقش البديهيات والمسلمات، وأن نواجه المعرفة بالجهل وبالأمية، وان نستبدل العقل بالنقل؟
 فمن حقك ان تخالف ما هو قابل للاختلاف، وذلك في حدود ادبيات واخلاقيات الاختلاف طبعا، ولكن الأمية ليست وجهة نظر،  والهذيان في العلم والفكر ليسا وجهة نظر ايضا، وعندما تخالف الحق، وتخالف الحقيقة، وتخالف الجمال، وتخالف الكمال، فبالتاكيد ستجد نفسك، من حيث تدري او لا تدي، في خانة الباطل وفي خانة الوهم وفي خانة القبح، وهذا هو حال عقود طويلة جدا من التجريب المسرحي، المغربي والعربي، والذي ظل ينتج الكلام بعد الكلام، ويردد الادعاءات، ويروح الأوهام، ويعيد إنتاج ما تم إنتاجه من قبل، وذلك في الثقافات الأخرى، وفي المسارح الأخرى، ويصر على أن يسميه تجريبا، وما هو بتجريب، ولا هو فعل يمكن ان يشبه التجريب، ولقد حاول هذا النقد دائما، أن يعيد اكتشاف العجلة، وأن يستورد التجريب الجاهز في الكتب المعلبة، من غير تجربة وجدانية، ومن غير تفكير، ومن غير تنظير، ومن غير طرح اي سؤال فكري او علمي، وهو يقف عند درجة المعروف والمالوف والمتداول والمتاح والمستباح، ولا يزيد درجة او خطوة الى الأمام، وهو يكتفي في هذا التجريب العبثي بان يعيد تجريب ما تم تجريبه من قبل، وذلك في السياقات الثقافية والفكرية والجمالية الأخرى 

                      إنك لا تنزل نهر التجريب مرتين
  
والمنطق الذي بني عليه هذا التجريب المسرحي العربي هو منطق فاسد بكل تأكيد، وهو يفترض أن يكون كل جديد احسن من سابقه، وأن يبدأ الخلق الجديد من قتل الأب القديم، وأن تكون نقطة انطلاق فعل التجريب ااجديد والمجدد من الشك في كل مسارح المسرح العالم، من اسخيلوسةاليوناني إلى الآن، وان يتم التنكر لكل الاجتهادات الفكرية والجمالية الكبرى، والتي انبنى عليها تاريخ هذا المسرح، عبر كل عصوره المتعاقبة والمتكاملة
هو إذن تجريب بدرجة تخريب، لأنه (يحسن) هدم كل شيء، ولكنه لا يقدر أن يبني اي شيء جديد، وبهذا تتعدد في مسرحنا العروض المسرحية، ويبقى المسرح واقفا، وتتعدد المهرجانات واللقاءات المسرحية، من غير أن تجد إضافة مسرحية جديدة واحدة فبها 
ولعل اكبر واخطر عقبة واجهت هذا المسرح، هي تلك العقبة التي تمثلها الكتابة، والتي يمثلها النص المسرحي، والذي هو اساسا علم، وهو أدب، وهو فكر، وهو هندسة روحية ووجدانية، وهو نبوءة عرافين ومتنبئين، وهو رسالة مصلحين، وهو بهذا المعنى يشكل حاضر المسرحية، وهو تاريخها الذي مضى، وهو تاريخها المستقبلي ايضا 
وقد تجد في المخرجين من يسعى لأن يقدم مسرحا بلا كلمة، من غير أن بعرف معنى الكلمة، وأن يدرك روح وجوهر هذه الكلمة، ومن غير أن يتذوق سحر الكلمة، ومن غير أن يستخرج الصور التي في رحم الكلمة، ومن غير أن يعرف ان الكلمة طاقة محركة، وأن اصل الوجود كلمة، ومن العبث أن يعتقد اي احد انه يمكن أن يبدع حقيقيا خارج الكلمة، أو أنه يمكن أن يفكر بغير كلمة، وأنه يمكن أن ينقل رساله الى الناس بغير الكلمة
وفي مسرحية (الحسين ثائرا ) لعبد الرحمان الشرقاوي يطلب الوليد حاكم المدينة المنورة من الحسين بن علي ان يبايع يزيد بن عبد الملك بن مروان، وقال له
( نحن لا نطلب إلا كلمة 
فلتقل بايعت 
واذهب بسلام لجموع الفقراء
فلتقلها واذهب يا ابن رسول الله
حقنا للدماء
فلتقلها ما ايسرها، ان هي إلا كلمة)
 وكان جواب الحسين بن علي:
(كبرت كلمة
وهل البيعة إلا كلمة؟ ما دين المرء سوى كلمة
ما شرف الرجل سوى كلمة
ما شرف الله سوى كلمة
اتعرف ما معنى الكلمة؟)
ولكل الذين يستهينون بالكلمة في المسرح، والذين لا يعرفون سحر هذه الكلمة، والذين لا يدركون شرف الكلمة، والذين لا يحسنون الانصات إلى سحر الكلمة، نقول لهم ما يلي:
-- اتعرفون اولا ما معنى الكلمة؟

                  براءة المعجم المسرحي 

عندما تم تعييني من طرف السيد مصطفى الخلفي وزير الاتصال سابقا رئيسا للجنة دعم السينما، اتصلت بي صحفية لا أذكر اسمها، في مجلة مغربية(تقدمية) لا اعرفها، وسألتني السؤال التالي:
-- هل ترى بان السينما المغربية سيكون لها مستقبل، مع وجود مثقف (محافظ) على رأس لجنة الدعم؟
وكان في نيتها أن ابادر بأن انفي عن نفسي هذه ( التهمة) ولكن الذي حدث كان العكس، إذ رحبت بكلمة محافظ، وأنا اردد داخل نفسي، هذه تهمة جميلة لا اردها، وهي ايضا شرف كبير لا ادعيه، ولقد قلت لها:
-- نعم، انا محافظ، ويسعدني ان اكون محافظا، وأن تكون لي قيم إنسانية جميلة احافظ عليها، وأن يكون لي إرث لغوي وحضاري واخلاقي وجمالي احافظ عليه، وهل يرتبط اسم المحافظ إلا بالمتاحف وبالتحف النفسية والغالية؟ 
وهل هناك ما هو أغلى واسمى من قيمنا الإنسانية والمدنية التي تميزنا عن الحيوانات؟
ومثل هذه الكلمة، في معناها القدحي، وكل الكلمات الأخرى غيرها، والتي قد تشبهها، قليلا او كثيرا، فإنه لا وجود لها في معجمي، وما هو موجود هي الكلمات البريئة والمحايدة والبيضاء، او هي الكلمات الشفافة، شفافية الماء والهواء، والتي لا لون لها، والتي لا يمكن ان تكتسب معناها الحقيقي إلا بالسياق وفي السياق، أو بإضافة كلمة اخرى غيرها تحدد معناها المقصود، فالصبر مثلاً، قد يكون  جميلا احيانا، وقد يكون غير ذلك، في احيان اخرى، وحتى المكر، يحتمل ان يكون سيئا، ويحتمل أن يكون خيرا ايضا،  عندما يكون ردا على مكر سابق، ويكون الله بذلك خير الماكرين، تماما كما يمكن ان يكون الصبر الجميل قبيحا، في كثير من الحالات والمقامات

            التجريب المسرحي في درجة التحدي

 والتجريب، بالنسبة للاحتفالي، اساسا هو حياة اخرى مختلفة، وهو حياة حقيقية وصادقة دائما، وبه وفيه ومن خلاله نسابق انفسنا، ونتحدى امكانياتنا، وذلك بحثا عن الإنسان الآخر فينا، وبحثا عن الزمن الآخر الأجمل والأكمل. وبحثا عن الفكر الآخر، وبحثا عن العلم الآخر، وبحثا عن الزمن الآخر الممكن الوجود، وكل شيء في التجريب ممكن، والمحال فيه لا وجود له، والتجريبي لا يقول لنفسه لا أعرف أو لا اقدر، ولكنه يقول لقرينه أو لمضاعفه أو لظله ما يلي
-- (جرب اولا) وأن فشلت مرة، فعاود التجربة من جديد، بشكل جديد، وبنفس جديد، وبإصرار اكبر
والأصل في هذا التجريب هو انه فعل مفتوح على كل الاحتمالات، وهو بهذا مؤثث بالمحو ومؤثث بكثير من الفشل ومن الأخطاء التي تحتاج للتصحيح، وتحتاج إلى التصويب وإلى اعادة التركيب، وهو بهذا ليس علما في ذاته، وليس فنا في حقيقته، ولكنه مجرد آلية علمية وجمالية، ان احسنت التعامل معها، بشكل علمي، اعطتك نتائج علمية، وأن تعاملت معها بشكل جميل اعطتك  الإبداعات الفنية الجميلة، وهو ايضا منهجية علمية، وهو مقاربة علمية، وليس مجرد شعار لمرحلة من المراحل التاريخية، أو لجيل من الأجيال، أو لحساسية جمالية من الحساسيات، ولا وجود لتجريب هلامي وضبابي عام؛ تجريب بدون رؤية فكرية، وبدون أسئلة، وبدون قضية، وبدون فرضيات فكرية محددة، وبدون رهاناتة جمالية، وبدون قناعات واختيارات
وفي التجريب يقول الفنان المفكر، او المفكر الفنان، بأنه ليس في الإمكان ابدع ولا اروع ما سوف يكون، يقول قوله هذا ويسعى باتجاه ما يمكن أن يكون. وما ينبغي أن يكون، والذي له وجود حقيقي في الآتي من الساعات ومن الأيام ومن الأعوام، وفي احتفالية (عبد السميع يعود غدا) يقول المسافر التائه والمشاغب عبد السميع بن عبد البصير لصديقه الحكواتي ما يلي:
(الأبعد هو الأصل دائما
والأعلى هو الأصل وهو البدء
والآتي هو الأجمل والأكمل
وإلى جانب كل هذا، فهو الأشرف، وهو الأنبل يا صاحبي)
وكما يقول الاحتفالي، في احد كتبه، فإن (التجريب يعني التجديد، ويعني فعل التجديد، ويعني الحرية والتحرر، ولا معنى لفعل هذا التجريب أن لم تكن فيه مجدا ومجتهدا ومجددا وساحرا وعرافا، وان تكون طارق أبواب مغلقة، وأن تكون مبدعا وخلاقا، وأن تكون مشاغبا ومستفزا، وأن تتوفر بداخلك على روح الفنان المبدع، وأن يكون لك سؤال آني وجديد، وأن تبحث له يوميا عن جواب جديد، وأن تكون لك فضية فكرية وجمالية حقيقية، تعيش بها ولها، وتقتسمها مع الناس، وأن نكون لك ارض تقف عليها، وأن تكون لك فضاءات واسعة تتمدد فيها، وأن يكون امامك أفق رحب تمشي باتجاهه. وأن تكون بداخلك ذاكرة غنية بالحالات والصور والمشاهدات، وأن يكون لك في عملك الفكري والجمالي هدف،  لأنه لا معنى لتجريب لا يعي نفسه، ولا يدرك حدوده، ولا يتمثل شروطه الذاتية والموضوعية، ولا وجود لتجريب حقيقي مع التكرار والاجترار، ومع ترديد المسلمات والبديهيات، ومع حضور النقل وغياب العقل، ففي التجريب نحيا بشكل مختلف، ونعرف انه لا معنى لأية حياة جديدة إن لم تكن حياة مختلفة ومخالفة، ولم تكن تحمل رؤية جديدة للوجود والحياة، ولم تكن حاملة لقيم جديدة مغايرة)
 وبهذا المعنى يكون التجريب فلسفة وجود، قبل أن يكون حرفة او يكون صنعة، وعليه، فإنه كل من يسعى لأن يبدع مسرحا جديدا، فانه مطالب ان يؤسس حياته اولا، وأن يبدعها وفق تصور فلسفي قبل كل شيء
يقول الاحتفالي، الباحث عن حياته وعن حياة مسرحه، كيفما نكون نحن في هذه الحياة، تكون حياة مسرحنا، وهل يعقل ان نبحث عن مسرح علمي تجريبي، في مجتمع يعادي التجريب، ويعادي الاجتهاد الفكري والعلمي؟
وتغيير حياتنا وحياة مسرحنا لا يمكن أن يتما بالنوايا الحسنة فقط، ولقد تعود الاحتفالي أن يقول دائما ما يلي:
-- حيثما يوجد الحق هناك المسرح معه المسرح، فهما معا وجهان اثان لعملة صعبة واحدة 
-- وحيثما تكون الحقيقة، يكون مولانا المسرح روحها وجوهرها، ويكون جسدها وظلها، ويكون  صوتها ولسانها
-- واينما يوجد الحسن والجمال، يوجد المسرح، ويوجد فعل التمسرح، وكل شروط الاحتفال وشروط العيد والتعييد 
-- وفي أي ظرف زمكاني، له رسالته وخطابه، فإنه لابد أن يحضر الاحتفال ايضا، ويحضر العيد والتعييد، ويحضر المسرح الذي يستحقه ويليق به
-- وفي أي حوار إنساني ومدني وفكري وديمثراطي صادق وحقيقي، فإنه لابد أن يكون عنوانه المسرح، وان تكون لغاته المسرح، وان تكون ابجدياته المسرح
ويسعى الاحتفالي، الباحث دوماةعن مسرح حيوي، قريب من الناس ومن احوال الناس، إلى الغوص عميقا في روح وجوهر الاحتفال، وذلك قبل البحث عن أشكاله والوانه وعن آلياته وتقنياته، والأساسي وااجوهري هو الإنسان المحتفل والمعيد اولا، وليس هو أدوات التعييد الاحتفالي، والتي تمثلها الأضواء والشموع والأزياء والأشكال والأحجام والألوان المبهرة، والتي هي مجرد محسنات بلاغية، أو هي مجرد توابل، ولا أحد يتغذى بالتوابل وحدها، ولا معنى للتاثيث المسرحي الجميل، اذا لم يكن موظفا من اجل ان يقول شيئا، ومن اجل أن يكون في خدة الإنسان الممثل في المسرح 
وكل دعوة الى مادبة فكرية وجمالية باذخة. فإن هذه المادية الاحتفالية، لا يمكن أن تكون إلا مسرحا، ومثل هذه الدعوة لا يمكن أن تكون جادة وصادقة، اذا لم تكن هذه المادبة غنية، فكريا وجماليا، وأن تصل لحد البذخ، وعليه، فإن المطلوب من الفنان المسرحي ان يكون سخيا، وان يكون كريما، وألا يدعو الناس الى مائدته المسرحية، من اجل ان يقدم لهم سندويتشات مسرحية، قصيرة وفقيرة، فكريا وجماليا
وبخصوص فعل هذا التجريب، يتساءل الاحتفالي، اهو ضروري ألا يوجد المسرح الفن والفكر إلا في المسرح اليناية؟ 
ومسرح بدون ديكور وبدون أضواء وبدون ازياء هل هو مسرح؟
وبالنسبة للمسرحية الاحتفالية، فإن الأسبقية فيها تكون للإنساني، في مقابل الوحشي، وللحيوي في مقابل الآلى، وللاني في مقابل الماضوي، وللمعيش الحي في مقابل الحكي،  وللتمثل في مقابل التمثيل
والكل يربط اسم المسرحي البولندي جيرزي غروتوفسي بالمسرح الفقير، وكأن هذا المسرح الفقير له وجود حقيقي، في حين ان الموجود هو فعل البحث عن مسرح فقير، او هو السير في طريق قد يؤدي إلى مسرح فقير، ونعرف ان الأصل في المسرح المسرحي انه فقير ماديا، ولكنه غني فكريا وجماليا ووجدانيا وروحيا، وهو بهذا غني بغنى الإنسان الكاتب  وغني بغني الانسان المخرج، وغني بغنى الانسان الممثل، وغني بغنى الإنسان المؤثث للفضاء، وغني بغني الجمهور المثقف، وبخصوص عنوان كتاب جيرزي غروتفسكي فهو ليس (المسرح الفقير) ولكن هو ( نحو مسرح فقير) وكذلك الأمر بالنسبة للمسرح الاحتفالي، فهو أساسا مشروع، وهو ورش مفتوح داخل التاريخ لصناعة ولتركيب مسارح احتفالية متعددة ومتنوعة، وليس بحثا عن مسرح واحد اوحد. له مواصفات واحدة ثابتة وجامدة

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption