مونودراما " ومازالت تمطر دما " تأليف حسين عبد الخضر
مجلة الفنون المسرحية رجل بزي مقاتل يقف وسط فضاء مظلم تحت تساقط أمطار من الدم.
الجندي: هل يعقل هذا؟ من أجل مقتل رجل واحد تظلم الدنيا كل هذا الظلام ويتساقط الدم مطرا. . رجل واحد، رجل كغيره من الرجال!
(يشتد تساقط المطر)
صوت: ليس مثل غيره من الرجال. . كلكم تعرفون أنه ليس كغيره من الرجال.
الجندي: (يتلفت حوله خائفا) من؟ من؟
(لا يسمع ردا)
الجندي: (يسحب سيفه) أقول من؟ عرّف عن نفسك يا هذا.
الصوت: وما الفائدة أن تعرف من؟ قتلتموه وأنتم تعرفون.
الجندي: نعم، كنا نعرف. ليس من المعقول أن نقتل من لا نعرف. . لقد كان عنيدا كصخرة.
الصوت: كان راسخا كجبل.
الجندي: كان يمكن لنعم صغيرة أن تحول دون قتله.
الصوت: الموت هو أن تقول نعم مرغما.
الجندي: عبارات رنانة مرة أخرى. يكفي ما سمعت اليوم من عبارات رنانة. يمكنك أن تقول ما تشاء، ليس هذا هو المهم الآن. لكن أخبرني إذا كنت تعرف، لماذا كل هذا الظلام ونحن في وسط النهار؟ لماذا تمطر السماء دما؟
الصوت: أنت تعرف.
الجندي: لا أعرف.
الصوت: كلكم تعرفون، لكنكم تنكرون، وستنكرون حتى آخر الدهر.
الجندي: لا، أنا لا أعرف حقا.
(لا يسمع ردا)
الجندي: هي، أنت يا من كنت هنا، لماذا سكت؟
(يدور بعينيه في الظلام فلا يرى أحدا)
الجندي: تعال لنناقش الموضوع. نعم، كنا نعرف، لكننا لم نتوقع أن تمطر السماء دما.
(يشتد نزول المطر)
الجندي: دم حقيقي، دم مرعب، وكأننا قطعنا رأس السماء، فأطفأنا نورها وهذا دمها يسيل. . لكنه كان مجرد رجل قال لا. . مجرد رجل قال. . .
صوت الإمام الحسين عليه السلام: لا أرى الموت إلا سعادة والعيش مع الظالمين إلا برما.
الجندي: يرى الموت سعادة والعيش برما. أي رجل هذا؟! أي رجل؟! الموت سعادة. . الموت سعادة!
(يشتد نزول المطر)
الجندي: يا صوت، أخبرني يا صوت، أنا ميت أم حي! أهذه هي الحياة أم أني أعاني عذاب القبر؟
الصوت: وهل كنتم تظنون أنكم تعيشون بعده؟
الجندي: أنا ميت إذن.
الصوت: الحياة نفسها ماتت. . أنت تعيش الآن في حياة ميتة.
الجندي: تكلم بوضوح. ماذا يعني هذا؟ كيف يمكن أن تموت الحياة؟
الصوت: عندما يكون العيش تحت نار الظالمين تموت الحياة.
الجندي: لكنه كان مجرد رجل.
(لا يسمع ردا)
الجندي: حسن، ليكن كما تقول. . ليس مجرد رجل.
(لا يسمع ردا)
الجندي: أنا متعب جدا. تكلم أرجوك. متى يتوقف طوفان الدم هذا وتنحسر أمواج الظلام؟
(لا يسمع ردا)
الجندي: لم يكن رجلا مختلفا فقط، كان شجاعا ونبيلا.
( لا يسمع ردا. يدور بحثا عن شيء يلمسه، لكنه لا يجد ما يلمس في الفراغ الأسود)
الجندي: ليكن كما تريد. لقد كان أكثر الناس شجاعة ونبلا وعلما. . لن تكتفي بذلك، أعرف أنك لن تكتفي بذلك. . لقد كان مقدسا كجده، يحمل في كفه خلاص العالم.
(لا يسمع ردا)
الجندي: أفهمك. تريد أن تسمع الاعتراف كاملا. قتلناه لأنه كان أطهر مما يجب.
(لا يسمع ردا)
الجندي: قتلناه لأنه كان أطهر مما نحتمل.
(لا يسمع ردا)
الجندي: تريد أن تسمع الحقيقة. . أعرف أنك تريد ذلك، لن ترتفع مجددا حتى تسمع الحقيقة. . قتلناه لأنه أطهر مما نريد.
الصوت: أفعجبتم أن مطرت السماء دما؟! ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون.
(يشتد سقوط المطر)
ستار
الناصرية
5/10/2024
0 التعليقات:
إرسال تعليق