أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

‏إظهار الرسائل ذات التسميات حوارات مسرحية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حوارات مسرحية. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 25 سبتمبر 2017

بريق نجم جديد في سماء الفن المسرحي العراقي

مجلة الفنون المسرحية

بريق نجم جديد في سماء الفن المسرحي العراقي

الفنان جاسم محمد: ساخرج نصا مسرحيا عالميا .. لأن سمة المسرح العراقي ابداع مفتوح

حوار : فلاح خيري 

نجم المسرح القادم .. هكذا وصفه زملائه الفنانيين بدا من القمة فعندما تشاهده للوهلة الاولى تشعر انك امام عملاق في الأداء و التهذيب.. يمتلك ملكة خاصة على المسرح ليؤدي دوره بحرفية عالية، يعشق التمثيل ويطمح ان يكون مخرجا مسرحيا.. حاصل على دبلوم المسرح من معهد الفنون الجميلة، ثم اكمل دراسته في كلية الفنون الجميلة وحصل على البكالوريوس في نفس الاختصاص ..لانه يؤمن أن دراسة المسرح هي من تعزز موهبته الفنية وتصقلها وتدفع بها الى الامام .. انه الفنان المبدع جاسم محمد .. التقاه الموقع الالكتروني الرسمي لدائرة السينما والمسرح في اروقة المسرح الوطني واجرى الحوار التالي معه :
*بعد النجاح الذي حققته مؤخرا هل انت راض عن وصفك بالنجم الفني القادم ؟
النجومية تاتي من الرضا .. و الرضا متوقف على مدى تقبل الجمهور لك و وتجاوبه مع ادائك.. و يبقى الوصف نسبيا يعتمد على اجتهاد الفنان و تطوير أدواته الفنية في السينما او المسرح أو الإذاعة والتلفزيون كل له أدائه الخاص .. لكن للمسرح خصوصية لا توصف فأنت مع الجمهور بشكل مباشر و يمكنك ان تقيس ردة الفعل .. و الحمد لله لي جمهور يتابعني ويسعى إلى معرفة اخباري وأنا معكم في هذا اللقاء من أجل ذلك . 
*هناك معلومة تشير انك تسعى ان تكون مخرجا ايضا ؟
كيف حصلتم على هذه المعلومة، بصراحة نعم وفكرة الاخراج المسرحي تراودني منذ فترة طويلة، بدأت معي بعد انتمائي للعمل في الفرقة الوطنية للتمثيل عام 2006، وهنا اود ان اشير الى ان العمل المسرحي فيه انماط عدة، وانا عملت فيها جميعا، واديت اكثر من عمل ذو النمط (الاحتفالي) وقد انجزت عملين منه للفرقة الوطنية للتمثيل وعرضت على المسرح الوطني ، وجدت نفسي فيهما (مخرجا أكثر من كوني ممثل ) ضمن هذا النمط استطيع ان اعمل في الاخراج المسرحي ولدي القدرة على السيطرة وتوجيه أداء (مجموعة من الفنانين).
* لماذا لاتخوض التجربة الاخراجية؟

لا اخفيكم سرا (الخوف من التجربة) هو الذي اخر قليلا خوضي تجربة الاخراج كونه عمل ليس بالسهل، اما كممثل ممكن ان اهتم بنفسي وادواتي الخاصة وتمثيلي واحساسي بالدور المناط بي، اما كمخرج فيجب علي ان اهتم بادوات وادوار الجميع، اضف الى انه يتحتم علي ان اضع خطة اخراجية مع منظومة من الخيال الواسع ومنظومة جمالية بصرية ناهيك عن السينوغرافيا والديكور... وهذه بعض الامور التي اخرت من خوضي تجربة الاخراج.
*ما هو جديدك من الاعمال الفنية؟
لدي عمل مسرحي وفيلم سينمائي سيعرضان في الايام القادمة.. وبمناسبة حلول شهر محرم الحرام سيتم عرض مسرحية تتحدث عن قضية الامام الحسين (ع) في مهرجان الحسين الثالث وبالتعاون مع فرق مسرحية مصرية، وستعرض على خشبة المسرح الوطني... وكذلك هناك فيلم سينمائي اشتركت فيه مع الفنان المبدع مازن محمد مصطفى ومع نخبة طيبة من الفنانين سيعرض في شهر محرم يتناول بطولات اخواننا رجال الحشد الشعبي.. والفيلم انجز وهو الان في مرحلة المونتاج لتجهيزه للعرض.

* هل غادرنا زمن الابداع المسرحي؟
لا على العكس الابداع المسرحي العراقي موجود في كل زمان، لكن هناك تعاقب للاجيال والمسرح هو ابداع مفتوح ومكان للتجريب ايضا، ويمكن ان توظف كل ما يمتلكه خيالك فيه، لكن علينا المحافظة على عناصر النجاح مثل الجمال والدهشة، الابداع موجود بالرغم من وجود بعض المعرقلات، لكن اؤكد هنا ان المسرح العراقي بخير.. والدليل وجود اعمال مسرحية فيها ابداع وجمال وخيال وحضور جماهيري في ايامنا الحالية.. واود ان اشير الى الابداع في العمل المسرحي.. سابقا كان من يكلف بعمل مسرحي ينصب كل جهده له، وينحسر تفكيره في انجاز وانجاح العمل بكل ادواته البشرية والفنية واللوجستية، ولا يتم التفكير سوى في انجاح عمله المكلف به، اما الان فلدينا مشكلة كبيرة مثلا.. اذا وجد نص يعتمد على 14 شخصية يتم اختصار هذه الشخصيات الى 4 وعندما تسأل عن السبب يأتيك الجواب ان هذا العمل سوف نسافر به كي نعرضه خارج البلاد.. لذلك تغيير التفكير من الحرص على المنجز الفني الابداعي الى المنجز التقني الذي يأتي دوره ثانويا.
* هل سنشهد غد مشرق لمسارحنا ؟
انشاء الله سنشهد غد مشرق لمسرحنا، نعم مرت فترة خمول في المسرح بسبب ظروف مختلفة ، لكن من دون ان تشعر ترى ان المسرح قد استعاد حيويته ونشاطه ومن دون سابق انذار وبقوة.. وبالنتيجة النهائية لايصح الا الصحيح.
* هل تصدى المسرح لظاهرة التطرف والارهاب؟
اكيد حارب وبكثرة جدا.. وشخصيا اشتركت بعمل اوبريت عرض على المسرح الوطني تدور احداثه حول مدينة الموصل وعالج القضية بطريقة مختلفة تماما، وتحدث عن مكانتها وتاريخها وفنها وشخصيات بلوحات فنية وصورية مع شرح بطريقة شيقة.. استحسنه الجمهور، ناهيك عن ان مسارحنا ارسلت رسائل كثيرة من خلال العروض تحارب فيها ظاهرة الارهاب والتطرف بكل انواعه.. وعولجت القضية باساليب مختلفة وحسب رؤية المخرج او الكاتب واداء الممثل.
* مسرحية (شنكال) ماذا اضافت لك ؟
اكيد هذا العمل اضاف لي كما ان كل الاعمال التي اشترك فيها ومن اي نمط مسرحي تضيف لي الكثير من الخبرة وصقل الموهبة وما جلب انتباهي اثناء العرض ان المشاهد لم يتعاطف مع الاداء فقط، بل تعاطف مع القضية نفسها وتأثر كثيرا.. بالمناسبة نجاحي في هذا الدور يعود بالفضل الى كل زملائي بالعمل، وتلاحظ ان احد زملائي في العمل شكل معي ثنائيا متجانسا ومتوازنا في الاداء بين (الجاد والكوميدي).
*كلمة اخيرة
اود ان اتحدث عن مجال ومكان عملي في دائرة السينما والمسرح.. لدي طموحات كثيرة لاتخصني بشكل مباشر بل هي مرتبطة بكل زملائي الموجودين معي في الدائرة، وانا بتماس مباشر معهم، ومتأكد وواثق من امكانياتهم وخبراتهم الفنية، فهم معطلين تماما عن العمل والسبب هو ان لكل مخرج فريقه الخاص او ما يسمى بـ (الكروبات).. التي تذهب اليهم الادوار بحكم العلاقات الاجتماعية على حساب الموهبة والخبرة الفنية ناهيك عن الطموح.. اتمنى ان تعالج هذه الظاهرة.. وخصوصا من قبل فناننا واخينا الكبير فلاح ابراهيم مدير المسارح والفنانة اسيا كمال مدير الفرقة الوطنية ان يكتشفوا هذا الامر، وهي غير غائبة عنهم واعتقد ان هذه الامور هي من اولوياتهم وموجودة في حساباتهم لمعالجتها..

------------------------------------------------------------
المصدر : دائرة السينما والمسرح 

الجمعة، 22 سبتمبر 2017

الأمين العام الهيئة العربية للمسرح : مجموعة المسرح ثقافة شريك أساسي…متواجدين وداعمين لنا في عملنا

مجلة الفنون المسرحية

الأمين العام الهيئة العربية للمسرح :   مجموعة المسرح ثقافة شريك أساسي…متواجدين وداعمين لنا في عملنا  

غاده كمال : 


 التقت مجموعة المسرح ثقافة مع سعادة الأستاذ إسماعيل عبد الله أمين عام الهيئة العربية للمسرح خلال تواجده في مهرجان القاهرة التجريبي والمعاصر المقام هذه الفترة ، حيث تم سؤاله عن التواجد اليوم في القاهرة .. ؟ 
كواحد من العديد من القضايا التي تبنتها الهيئة االعربية للمسرح وهي الحريصة دائماً على المشاركة في جميع المهرجانات ، والتواجد في كل العواصم العربية ..

أجاب سعادته : ” كلما تواجدوا في القاهرة فهي إضافة لنا بالتأكيد .. نحن لا ننفصل عن مصر ، وعن هذا الحراك الثقافي الفني المهم جداً…

مصر الحاضرة الثقافية الفنية التي نستمد منها دائما قوه الدفع حتى نمضي قدماً بمشاريعنا، دائما هناك جديد …
دائما هناك تفكير في المستقبل… دائما هناك تخطيط لرؤى واستراتيجيات جديدة كلما جئنا إلى مصر بالذات .

هذا المهرجان كان فاتحة كبيرة على المسرح العربي منذ تأسيسه ، ما زال هذا المهرجان أحد الحصون المهمة العربية التي من شأنها أن تكون وعاءاً أميناً للمسرح العربي ، وأيضا تأخذنا إلى عوالم منفتحة على تجارب مسرحية عالمية من خلال استضافة العديد من الفرق العالمية .

من.خلال لقاءاتنا بهذه القامات المسرحية العالمية ، من خلال الورش المتميزة التي تنفذ على هامش المهرجان .
وهذا العام.هناك ورش،متميزة جداً ، كل هذا التنوع مهم في عملنا .

أيضاً حضورنا مهم في مهرجان كمهرجان المسرح التجريبي والمعاصر ، وإضافة المعاصر هذه مسألة مهمة جداً لأننا نسعى جميعاً لأن نكون متجددين في اكتشاف المسرح .

وفي سؤال لسعادته عن مجموعة(المسرح ثقافة) وما تناقشه من قضايا مسرحية ؟..

قال : الحقيقة هي مسألة.مهمة جداً ، كلما اتفقنا كلما تواجدنا وفكرنا ، ووضعنا وأطلقنا الخيال ، لوضع رؤى مستقبلية ، لوضع استراتيجيات ، هذه مسألة.مهمه جداً .

كلما اتحدت مجموعة.من أجل أن تفعل المشهد ، من أجل أن.تصنع خطوات تقودنا للأمام ، هذه مسأله مهمه جدا.

نأمل أن نكون.طرفاً أيضاً في هذا التجمع ،
ونحن أيضا لنا تجربة مهمة سابقة في الهيئة من.خلال التعاونيات العديدة التي أطلقناها سواء للنقاد ، أو للسينوغرافيين ، أو المسرحيين في المهجر ، أو تعاونيات ، أو.مواقع إلكترونية.

أعتقد أن هذه التجارب مهمة جداً ، وواجبنا أن ندعمها حتى يظل هذا المسرح قادراً على التنفس .

المسأله الأخيرة ؛ أنا أحييكم وأحيي جهودكم أنتم متواجدون معنا
أنتم شريك أساسي معنا ، بشكل كبير ، وداعمين لنا في عملنا .
اشكركم شكراً جزيلاً على كل الجهود التي تبذلوها .

---------------------------------------------------------
المصدر : الشبكة الإعلامية السعودية

الخميس، 31 أغسطس 2017

الكاتب المسرحي علي عبد النبي الزيدي:أجدني أكتشف الكثير حينما أتعامل مع مخرجين شباب مع ايماني ان الابداع هو التعريف الأفضل

مجلة الفنون المسرحية

 الكاتب المسرحي علي عبد النبي الزيدي:أجدني أكتشف الكثير حينما أتعامل مع مخرجين شباب مع ايماني ان الابداع هو التعريف الأفضل



حوره : عبد العليم البناء 

نص ( آخرُ نسخةٍ منّا ) يسخر من فكرة التطرف ويعلن ان لا مكان لها في حياة الاوطان المتمدنة
نحن نحتاج الى ثورة كبرى يقودها العشاق ننظف من خلالها رؤوسنا وشوارعنا وبيوتنا من فكرة إلغاء الآخر وسحقه وتدميره
أجدني أكتشف الكثير حينما أتعامل مع مخرجين شباب مع ايماني ان الابداع هو التعريف الأفضل
المخرج علي صبيح أثق بقدراته وأفكاره وهو مخرج عاشق للمسرح وينتمي له بشكل عجيب
المسرح العربي قدم لي أكثر من ( 70 ) عرضا وهذا رقم حسب علمي لم يحظ به أي كاتب عراقي عاش في الداخل وهو محط اعتزاز وسعادة عندي
ستقرؤني الاجيال القادمة بهدوء ودون انفعال بعيدا عن الاتهامات وسوء الفهم الذي يحصل عادة لأن أعيش مع جيل محتدم ومنفعل على طول التلقي بسبب حياتنا المنفعلة أصلا 
يتواجد الان الكاتب العراقي الكبير علي عبد النبي الزيدي ( مؤلفا ) في تونس والمغرب وسوريا وسلطنة عمان والعراق عبر سبعة نصوص مسرحية وهو ربما لم يحظ به أي كاتب مسرحي عراقي أو عربي من قبل وهذه النصوص هي :تشابه اسماء ( المغرب) وحقائب باردة ( سوريا ) وكوميديا الايام السبعة ( سلطنة عمان ) وواقع خرافي تونس ( عرض لفرقة كلية الفنون بجامعة واسط العراقية وقد حازت على جائزة افضل نص في مهرجان المسرح الجامعي ) وكوميديا الايام السبعة ( سلطنة عمان ) نفس النص لفرقة مسرحية اخرى و لهيب الروح ( اطفائثيوس ) تونس.- صفاقس والمسرحية الاخيرة هي (آخر نسخة منا) التي يعكف على اخراجها المخرج الشاب علي صبيح لمنتدى المسرح التجريبي في دائرة السينما والمسرح في ثاني تجربة له مع المخرجين الشباب بعد نجاحه مع المخرج الشاب مصطفي الركابي في مسرحية (يارب) التي نافس فيها نخبة من مخرجي المسرح العربي بمهرجانها الذي اقامته الهيئة العربية للمسرح مطلع هذا العام بدورته التاسعة في مدينتي وهران ومستغانم الجزائريتين ومسرحية (آخر نسخة منا) كانت نقطة انطلاقنا لحوار جديد ومتجدد لكاتب عراقي أصيل جبل على الجرأة والاقتحام وإثارة الجدل والكثير من الاسئلة الاشكالية التي لا ترضى بالسكان والثوابت التي أجدبت ارواحنا وعقولنا منها ولعل هذا هو السبب الكامن في جعل نصوصه محل استقطاب كثير من مخرجي المسرح والعربي والتي جاوزت حتى الان أكثر من (70) عرضا وهذا رقم حسب علم الكاتب وعلمي لم يحظ به أي كاتب عراقي عاش في الداخل وهو محط اعتزاز وسعادة للزيدي ذاته ولنا نحن معاشر العراقيين عامة والمثقفين والفنانين خاصة.. لا أريد أن استعرض المنجز الفريد والاستثنائي شكلا ومضمونا لمبدعنا علي عبد النبي الزيدي ولكن محاورتي له هنا هي تسليط مزيد من الاضواء على مشروعه في (الالهيات) و(مابعد الالهيات) ورؤيته المتحضرة والنبيهة للمقدس ولتوابعه في حياة الشعوب المغلوبة على أمرها حين يستباح الحب الذي يراه الزيدي بمعناه الانساني الحل الامثل لمشاكلنا كافة ولهذا نحن نتفق معه حين يؤكد :"ستقرأني الاجيال القادمة بهدوء ودون انفعال بعيدا عن الاتهامات وسوء الفهم الذي يحصل عادة لأن أعيش مع جيل محتدم ومنفعل على طول التلقي بسبب حياتنا المنفعلة أصلا " :
*ما الذي تنطوي عليه المسرحية من فكرة ومعالجة درامية؟
- نص ( آخرُ نسخةٍ منّا ) ينطلق من فكرة الجسد بمعناه الانساني وهو يشير الى الجسد العراقي الذي شوِّه منذ 2003 الى الآن بفعل ( الأفكار )، والأفكار هنا بشتّى تسمياتها تذهب الى التطرف في أفعالها ، وقد استهواني كثيرا أن أؤكد أن الوطن هو جسد يحمل ثنائية جميلة ورائعة في وجودها ، ولكنها خرّبت بفعل الصراع القائم بين هذه الثنائية نتيجة لنوازع القتل والكراهية التي استطاع التطرّف أن يصنعها بين الطرفين ، وعندما أؤكد هذه الثنائية أزعم بأن الإنسان لا يمكن له العيش معزولا دون الاخر .. هذا هو مبدأ الحياة أصلا مع ميل الفرد الأول الذي عاش في الكهوف الى تكوين جماعات من أجل الاستئناس وطرد الخوف ، ومن هنا ينطلق هذا النص من فكرة انسانية مهمة وهي أن الانسان كمخلوق هو كائن يميل للحياة مع الآخر بسلام ومحبة منذ الأزل ، ولكن هذه الفكرة دمّرها التطرف بشتى تسمياته وحاول أن يهدم هذه الثنائية الجميلة بطرق بشعة ومؤلمة الى حد كبير ، حاول النص ان يرمز للوطن عموما من خلال ( الجسد الانساني الواحد ) فجعل هذا الجسد ملتصقا مع جسد آخر بمعنى انه ( سيامي منذ الولادة ) وعاش وكبر على هذا المنوال على اعتبار ان الانسان كائن اجتماعي وبعد ان دخل التطرف الفكري بدأ هذا الكائن يعيش صراعا محتدما مع بعضه الاخر من خلال تكفيره وقتله بدون أي سبب سوى انه لا يؤمن بأفكار الطرف الثاني ، النص هنا يشتغل على مفهوم التهكم من هذه الافكار التي أخذت تجتاح العالم بأسره وتحوّلت الى أدوات لتهديد حياته ويحذر من خطرها على حياة الناس ، بل راح النص يسخر من فكرة التطرف ويعلن ان لا مكان لها في حياة الاوطان المتمدنة والتي تهتم بالاستقرار والسلام والمحبة.
*وما الذي يميز هذا النص عن باقي نصوصك المسرحية أم انه يصبُّ في أطار ما أسميته بالإلهيات؟
- هو ضمن هذا المشروع .. بل هو آخر نصوص ( الإلهيات ) التي كتبتها وقد ظهر ضمن كتاب ( ما بعد الإلهيات ) .. وما يميزه عن باقي النصوص ذهابه الى ( التهكّم ) من فكرة التطرف التي أخذت اعمارنا بالحديث عنها ، وكيف يمكن للإنسان أن يتحوّل الى ( إله ) يُحيي ويميت كما يظن ، يحكم بما يشاء ويكفّر من يشاء ، يجد لنفسه كل التبريرات التي من شأنها سحق الانسان الاخر أو ما اسميته بـ ( ثنائية الجسد ) وتدمير حياته وشطب أحلامه . وبعد رحلة طويلة مع الألم في نصوص ( الإلهيات ) وهي رحلة متعبة جدا لقلبي وروحي وجدت من التهكم ملاذا مع التأكيد على وجود المقدس في هذا النص ولكن من زاوية أخرى تختلف عن النصوص الأخرى. 
*اذا كان الامر كذلك فما الذي دعاك الى تكرار المحاولة في منح الثقة لمخرج شاب وممثلين شباب كما فعلت في مسرحية ( يا رب ) التي سلمت قيادها لمخرج شاب ولكن الممثلين كانوا محترفين؟
- العمل مع مخرجين شباب أتعلم منه ويستهويني كثيرا ، ولا تستغرب من كلمة ( أتعلم ) ، نعم مازال البحث جاريا عندي وأجدني أكتشف الكثير حينما أتعامل مع مخرجين شباب مع ايماني ان الابداع هو التعريف الأفضل هنا بدلا من الذهاب الى مصطلح مخرج شاب أو مخرج كبير في السن ، والمسرح بشكل خاص لا يحفل بالعمر على الاطلاق ، فهناك من بلغ من العمر عتيا وهو مازال يفكر بروح الشباب في تقديم عروضه بل ويعمل مع الشباب معهم ليعطوه طاقة وحيوية ، ومخرج مثل مصطفى الركابي في عرض ( يا رب ) أكد هذه الفكرة التي تحدثت عنها ، وذهب للجزائر لينافس كبار المخرجين العرب ويمثل العراق خير تمثيل ويعطي صورة مشرقة لمسرحنا ، أما المخرج علي صبيح مخرج مسرحية ( آخر نسخة منا ) بالرغم من أنني لم احضر بروفاته إلا أنني اثق بقدراته وافكاره وهو مخرج عاشق للمسرح وينتمي له بشكل عجيب وقد تواصل معي طيلة شهورالبروفات الطويلة. شباب المسرح اليوم تجدهم في كل محافظات العراق وهم من سيشكّلون المشهد المسرحي العراقي في المستقبل القريب ويجددون في بنيته وافكاره وتصوراته وروحه وربما يغادرون الكثير من مناطق الاشتغال التي سبقت جيلهم. 
*في هذا السياق ما الرسالة التي تريد ايصالها عبر هذه المسرحية شكلا ومضمونا؟
- فكرة الحب أجدها هي الحل لكل مشكلاتنا اليوم ، الحب بمعناه الانساني ، هي فكرة سامية لخلق حياة مستقرة وآمنه بعد مشوار طويل من القتل وانهار الدماء ، لا حلول على الاطلاق سوى الحب ان يكون هو دستورنا العظيم ، أن ننظف قلوبنا من الكراهية والحقد والتطرف وتكفير الاخر ، نغسل أرواحنا بماء المحبة ونتمنى للآخر مثلما نتمنى لأنفسنا من أجل خلق حياة فاضلة ، نحن نحتاج الى ثورة كبرى يقودها العشاق ننظف من خلالها رؤوسنا وشوارعنا وبيوتنا من فكرة إلغاء الآخر وسحقه وتدميره.
*نشرت على صفحتك ان سبع مسرحيات تقدم لك الان داخل وخارج العراق مما يجعلك ربما أكثر كتاب المسرح العراقيين والعرب انتشارا واستقطابا لاهتمام المخرجين كيف تنظر لهذا الامر؟
- المسرح العربي أخذ ينتبه لنصوصي ما بعد 2003 وقدم لي حسب الوثائق المتوفرة لدي أكثر من ( 70 ) عرضا مسرحيا لمختلف مخرجي الوطن العربي من أقصاه الى أقصاه وهذا رقم حسب علمي لم يحظ به أي كاتب عراقي عاش في الداخل وهو محط اعتزاز وسعادة عندي، هذا الاهتمام المتزايد ربما لأنهم يجدونني مختلفا أو يرون أن أفكاري فيها جرأة كبيرة تنسجم مع ما يحدث اليوم من كوارث في المشهد السياسي العربي يعطيهم جرعة من البوح بحرية أمام قمع الافكار وتكميم الارواح، برغم ايماني ان هناك كتابا على قدر من الروعة والأهمية عراقيا وعربيا. انسحب هذا الاهتمام ايضا للمشهد النقدي العربي وبدأت اقرأ بفرح عارم الكثير من الدراسات على مستوى الصحف والمجلات العربية لنقاد شكلوا الحياة النقدية عربيا، ناهيك عن الدرس الاكاديمي في بعض جامعات العرب المتخصصة بالمسرح وسواها التي راحت تدرسني في دراساتها العليا . المخرج العربي كما أرى يميل الى النصوص التي تشكّل مغايرة وجدّة في بنائها وافكارها ومشاكساتها حتى تلك النصوص التي كتبتها مطلع التسعينيات ما زالت تقدم على خشبات المسارح العربية . المسرحيات السبع الأخيرة عربيا وعراقيا وفي وقت واحد التي ذكرتها في سياق سؤالك تعزز عندي قيمة ما أكتب بصفتي شاهد عيان وليس كاتبا مسرحيا فقط ، وهو احتفاء مسرحي عربي بي كما يحلو لي أن اصنفه يجعلني أقف أمامه بتواضع جم. 
*ولكن ذلك كله لم يدفعك الى الغرور فواظبت على الكتابة والنشر بموضوعية يندر وجودها لدى نظرائك...
- ولن يدفعني ذلك للغرور أبدا ، أنا عاشق للمسرح وللكتابة والعشّاق لا يدخل لقلوبهم الغرور لأنهم يترفعون عن ذلك ، الغرور مرض يصيب البعض ويجعله أسيراً له مدى العمر ويكون مع مرور الوقت أداة لوأد موهبته . الكتابة للمسرح عندي مشروع حياة وفي وسط هذا المشروع ما زال هاجس التعلّم والاكتشاف والذهاب لما هو أبعد مستمرا ، وما زلت أرى ان المستقبل سينصفني أكثر مما انا عليه الآن خاصة بعد رحيلي عن الحياة ، ستقرأني الاجيال القادمة بهدوء ودون انفعال بعيدا عن الاتهامات وسوء الفهم الذي يحصل عادة لأني أعيش مع جيل محتدم ومنفعل على طول التلقي بسبب حياتنا المنفعلة أصلا لذلك أجد بعض ( التلقي ) هو رد فعل فيه الكثير من الانفعالات التي نعيش في وسطها ، وكل تلك الاتهامات والتشويهات هي ضريبة قالها لي مرة الدكتور مرسل الزيدي رحمه الله عندما كنت أشكو له بعض الكتابات التي تهاجمني وتتهمني ظلما وعدوانا وحسدا ، ابتسم لحظتها وقال هذه ضريبة المبدع في العراق فلا تحزن وكن قويا وصلبا أمامها ولا تهتم لها . وعلى أية حال أنا أفتخر بأنني الآن ضمن جيل مهم من كتّاب المسرح العراقي وجزء من احلامهم ومشروعهم التنويري وأعتز بكل حرف يكتبونه ولا اريد كتابة الاسماء لأنهم يعرفون أرائي بهم واحدا واحدا. *وما جديدك ضمن مشروعك المسرحي هذا ؟
- الجديد .. أستعد الان للدخول الى تجربة جديدة ومهمة مع المخرج مصطفى الركابي في مسرحية ( فلك أسود ) من تأليفي وهي ايضا انتاج دائرة السينما والمسرح - قسم المسارح – منتدى المسرح ، وهو النص الفائز بجائزة الهيئة العربية للمسرح عام 2015 وستبدأ بروفاتها مطلع الشهر التاسع ، هذه التجربة ستكون ربما فيها شيء من روح مسرحية (يا رب) من حيث المناخ العام لهذا النص وهو ضمن مشروع الالهيات وفيه ايضا استدعاء للمقدس ولكن من زاوية أخرى .مصطفى الركابي – كما ارى - يريد أن يؤكد بإصرار على اسلوبيته وبعض مفرداته التي تخلق له مناخه الخاص ، الركابي سيكون اشكاليا أكثر في عرضه الجديد بل ومتمردا كعادته، سيقف معه الدكتور احمد شرجي ويحيى ابراهيم صنّاع لجمال العرض كممثلين لهما ثقلهما البارز وثقافتهما العالية. 
*كلمة أخيرة.
- شكرا لك استاذ عبد العليم البناء بحجم كل ورود العالم لاهتمامك المتواصل ولحوارك الجميل بجمال روحك.

الثلاثاء، 15 أغسطس 2017

هيا صالح: أدب مسرح الطفل شهد تطورا ملحوظا في الفترة الأخيرة

مجلة الفنون المسرحية

هيا صالح: أدب مسرح الطفل شهد تطورا ملحوظا في الفترة الأخيرة

الدستور - عمر أبو الهيجاء

على الرغم من أن أدب مسرح الطفل في العالم العربي قد شهد «تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، وتم رفده بنصوص تناقش قضايا أنتجها العصر وتتفاعل مع مستجدات الراهن، غير أن دربا طويلا لم يزل أمام هذا الأدب، ليلبي احتياجات الطفل العربي ويواكبها، ذلك ما ذهبت إليه الأديبة هيا صالح، التي تؤكد أن «وزارة التقافة تبدي اهتماماً متزايداً بالطفولة في السنوات الأخيرة».
«الدستور» التقت الأديبة هيا صالح، وحاورتها حول مسرحيتها «عالم مايكرو»، التي شاركت منذ أيام في مهرجان مسرح الطفل الأردني، والتي قام بإخراجها الفنان وصفي الطويل، وحول قضايا أخرى متعلقة بأدب الطفل، فكان الحوار الآتي..

] كيف تنظرين إلى أدب مسرح الطفل، وهل استطاع مسرح الطفل العربي أن يلبي طموحات واحتياجات الأطفال؟

- شهد أدب مسرح الطفل في العالم العربي تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، وتم رفده بنصوص تناقش قضايا أنتجها العصر وتتفاعل مع مستجدات الراهن، بعد أن كانت العروض المسرحية فيما مضى ترتكز غالباً على نصوص عالمية يتم تعريبها أحياناً من دون «تبيئة» لها.. وقد رافق هذه النهضة تقديم أعمال لافتة على الخشبة بفعل الرؤى الإخراجية التي تبني على ما هو موجود وتراكم لتحقيق قفزات نوعية. لكن ما زال أمام مسرح الطفل العربي درب طويل ليلبي احتياجات الطفل العربي ويواكبها.

] كيف تنظرين إلى المسافة بين النص المكتوب والعرض المسرحي البصري؟

- يستثمر الكاتب جميع العناصر اللغوية من أجل إيصال رؤيته وبلورة فكرته في مكان وزمان محددين. ومؤلف النص المسرحي بعامة، والموجه للطفل على نحو خاص، تسكنه هواجس ثلاثة تتمثل في: الهاجس الفكري، والهاجس اللغوي، والهاجس الجمالي.. وكلما تمكن من التعبير عن هذه الهواجس استطاع صياغة نص مسرحي للعرض.
وبالطبع لن يحقق النص ما يرومه من تواصل مع الجمهور إلا في حضور رؤية إخراجية تتمكن من تحويله إلى حياة تتدفق على خشبة المسرح. فالمخرج هو الذي يطوّع النص بما يراه ملائماً للعرض، وهو الذي يقود فريق العمل من مصممي الإضاءة والديكور والأزياء والفنيين والممثلين. بمعنى أن النص القوي يحتاج إلى رؤية إخراجية قوية تتحقق رسائله ومقولاته الفكرية.
ومن الأهمية بمكان أن يتم التواصل بين الكاتب والمخرج في إطار ما يسمى الورشة، لتحقيق مضامين النص وطروحاته.

] كيف تنظرين إلى دور وزارة الثقافة في دعم مهرجانات مسرح الطفل وغيرها من المهرجانات؟

- من المعلوم أن وزارة التقافة تبدي اهتماماً متزايداً بالطفولة في السنوات الأخيرة وهذا لا يقتصر على مهرجانات مسرح الطفل والإبداع الطفولي، وإنما يتعداه ليشمل برامج مركز تدريب الفنون والمسابقات الموجهة للأطفال في الحقول الأدبية والفنية المختلفة. والاهم ان الوزارة تحرص على إدامة هذا الفعل التنويري رغم ما تواجهه من شح في الموازنة وقلة في الإمكانيات المادية، وذلك انطلاقا من استراتيجيتها التي تأخذ في الحسبان رعاية الطفولة ومخاطبتها وإطلاق الطاقات الكامنة فيها.

] حدثينا عن مشاركتك في مهرجان مسرح الطفل الثالث عشر، وماذا تعني لك هذه المشاركة؟

- هذه ليست مشاركتي الأولى، فقد شاركت العام الماضي بمهرجان الإبداع الطفولي الذي نظمته وزارة الثقافة، من خلال مسرحية «في يدي نجمة»، التي كتبتُ نصها وأخرجها وصفي الطويل ونالت جائزة أفضل عرض متكامل. بالطبع، المشاركة في المهرجان تتيح لي فرصة لأكون على تماسّ مباشر مع جمهور الأطفال، والذي أتوجه له منذ أكثر من عقد ونصف العقد بالكتابة في المجالات التي تخصّه، وهذا يشمل القصص، والحكايات والروايات، والنصوص التفاعلية، والمسرحيات.. لإيماني بأنه هو الجمهور الذي يعوَّل عليه ليكون عنصراً فاعلاً في تنمية المجتمعات في المستقبل.

] ما الجديد الذي تقدمينه في مسرحيتكِ «عالم مايكرو»، على الصعد التربوية والثقافية والإرشادية؟

- هناك قاعدة تربوية تُقرّ بأن الأطفال يتعلّمون بشكل أفضل حينما يكونون مستمتعين، وبناء على ذلك فقد غذّيت النص المسرحي بمجموعة من القيم التربوية وحرصت على تقديمها في إطار يراعي الخصائص الأساسية لمسرح الطفل من مثل وضوح الشخصيات وأدوارها وسماتها الأخلاقية، وسهولة الحبكة وطرافتها وتشويقها، والقيم الإيجابية التي تنتصر في النهاية لتحقق السعادة والخير، كل ذلك في جو يتسم بروح الفكاهة وبمنأى عن الإسفاف والوعظية.
هذه المسرحية تدعو إلى حماية الأطفال من مخاطر الانغماس في عالم التكنولوجيا الذي أصبح عدواً للتواصل الإنساني وللتفاعل بين البشر. وقد أردتُ منها التأكيد أن الطفل الذي يتلقى الإبهار البصري بكل أشكاله من خلال جهازه «الذكي»، لا يمانع في ترك هذا الجهاز جانباً ليتابع ما يقدَّم على خشبة المسرح مثلاً، بمعنى أن حكمنا على جيل اليوم بأنه مرتبط بحبل سري لا فكاك منه مع وسائل التكنولوجيا والأجهزة الرقمية، بما يمكن وصفه بـ»الإدمان»، هو حكم جائر ومسبق، وأن الطفل بإمكانه أن يشيح عنها إن وجد بديلاً مناسباً ومقنعاً.

الأحد، 13 أغسطس 2017

صالون الرصيفة الثقافي يستضيف الفنانة مجد القصص

مجلة الفنون المسرحية

صالون الرصيفة الثقافي يستضيف الفنانة مجد القصص


ضمن برامجها ورسالتها الهادفة لإبراز دور الفنان الأردني في الساحة الأردنية استضافت جمعية أبناء الرصيفة الثقافية/ صالون الرصيفة الثقافي الفنانة والمخرجة المسرحية مجد القصص في اللقاء الشهري رقم (36).
بدأت فعاليات الجزء الأول من اللقاء والذي قدمه الأديب أحمد زهدي عرموش بافتتاح المعرض الشخصي الأول للفنانة التشكيلية ندى الطاهر، حيث قامت الفنانة مجد القصص يرافقها رئيس الجمعية ومؤسس صالون الرصيفة الثقافي عمر قاسم أسعد وبعض المهمين بالحركة الفنية بالاستماع لشرح حول لوحات المعرض، وبعدها كان الشعر حاضرا من خلال القاء قصائد متنوعة من قبل الشعراء: محمد رمضان الجبور، الدكتور محمد السماعنة، الأديب قاسم الشرقاوي، الدكتور عبد الكريم الملاح، والشاعرة النبطية مريم أبو عمارة، كما شارك الناقد محمد المشايخ أمين سر رابطة الكتاب الأردنيين بتقديم قراءة نقدية لمجمل القراءات الشعرية.
وفي الجزء الثاني الذي قدمه مؤسس الصالون ويرافقه الناقد المشايخ تم تقديم الفنانة والمخرجة المسرحية مجد القصص من خلال تناول سيرتها الذاتية/ ثم تحدثت القصص عن بداياتها في مسرحية «وبعدين» على مسرح الجامعة الأردنية – حيث تم اكتشافها من قبل الفنان الكبير زهير النوباني براتب مقداره (17) دينارا، تحدثت عن مدى التزامها بفنها لإيصال رسالة فنية وثقافية جادة وملتزمة للمشاهد الأردني والعربي لأنها فنانة ملتزمة بقضايا الأمة العربية وان أي عمل مهما كان لا يمكن أن يكون بمعزل عن القضايا العربية ومحورها فلسطين، وأضافت إنها قدمت لغزة والقدس وهي من خلال المسرح تقدم أكثر لان المسرح لا يخضع لرقابة وقيود قياسا على ما تتعرض له المسلسلات او الأفلام، وأضافت: المسرح هو المتنفس الحقيقي لي كفنانة ومخرجة، ولذلك ما زلت أكمل رسالتي من خلال عملي في الجامعة الأردنية وأسعى لتخريج جيل يحمل ذات الرسالة، الدراما الأردنية بشكل عام والمُنتَج الأردني بكل أشكاله الفنية بشكل خاص تمت محاربته وإقصائه عن الساحة العربية نظرا لموقف سياسي رغم انه بإمكاننا تقديم أعمال أقوى وأفضل من كل الأعمال العربية الأخرى نظرا لأننا نمتلك فنان حقيقي ولكن الإمكانات تقف حائلا، وأضافت القصص أنها وظفت علمها الأكاديمي في (فيزياء الجسد) في الحركة المسرحية ومن الجميل أنه لقي قبولا من الجمهور وبدا ذلك جليا في مسرحية (بوابة رقم 5)، وأضافت أن كل فنان هو عبارة عن لون وأنا كمخرجة أقوم بتجميع الألوان لإنتاج لوحة جمالية تعبر عن أي عمل. وإلى هنا انتهى حديث الفنانة لتبدأ مداخلات الجمهور وطرح الأسئلة وقد دار حوار ايجابي بناء كان معظمة حول دور الفنان والمعيقات التي تواجهه ودور النقابة.

-------------------------------------------
المصدر : الدستور 

السبت، 5 أغسطس 2017

المسرحي أنور الشعافي : نحتاج إلى ميثاق شرف مسرحي حتى نعانق «المسرح النبيل»

مجلة الفنون المسرحية

المسرحي أنور الشعافي : نحتاج إلى ميثاق شرف مسرحي حتى نعانق «المسرح النبيل»

ليلى بورقعة - المغرب 

بعيدا عن السائد والمألوف ينزع المسرحي أنور الشعافي إلى التجديد وابتكار جماليات متطورة ومرجعيات معاصرة تخلق عوالم مختلفة ومناخات مسرحية جديدة وطريفة. وبعد مغامرة مسرح التجريب يطمح المدير السابق للمسرح الوطني إلى معانقة المسرح المعاصر بحثا عن التفرد وتجاوز الموجود في طموح مشروع

إلى خلق لون جديد في فسيفساء المسرح التونسي.
وهو مثقل بالأفكار الخلاّقة والأحلام الوّقادة بواقع أجمل وأفق أرحب للمسرح التونسي تحدّث رجل المسرح أنور الشعافي  فكان الحوار  التالي:

• لو كنت مغني راب لاستقبلني رئيس الجمهورية... لكنني مسرحي «غروتفسكوي» لا تنفد تذاكر مسرحياته قبل أيام من العرض ... نحن في بلد «الكيتش» ولا عزاء لمن يقدم فنّا راقيا... ما الذي دفع بك إلى كتابة هذه التدوينة التي وشت بخيبة مشوبة بعتاب؟ 
هي «تدوينة ألم» نابعة من إحساس بالقهر والظلم والجحود... في زمن يعربد فيه أشباه المثقفين ويبّجل فيه الفنانون المزيفون... إنها صرخة في وجه ثقافة العروض الاستهلاكية و المسرحيات التجارية بحثا عن طيف المسرح النبيل!

• ما مدى صحة خبر رفض وزير الشؤون الثقافية لمقابلتك على إثر أزمة صحية ألمت بك ؟
في الحقيقة راسلت سابقا الوزير إلكترونيا في مناسبتين على حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي «فايس بوك» ...دون جدوى ! لكنه اتصل بي في الساعات الأخيرة ليعلمني عن استعداده لمقابلتي صباح اليوم معربا عن إحاطته بالمبدعين وانشغاله بالوضعيات الاجتماعية للفنانين... ولكني في كل مرة أتساءل:»لماذا ينهمر الحب بيننا - نحن المسرحيون- أنهارا إلا عند المرض ولماذا لا تنساب عبارات المديح إلا عند تأبين من يغادرنا من الفنانين والمبدعين؟»

• تعيش تونس على وقع المهرجانات الصيفية، لماذا تراجع حضور المسرح على هذه الأركاح؟
للأسف غالبا ما تتولى الوزارة اقتراح عروض مسرحية مدعومة على مديري المهرجانات الصيفية إلا أنهم كثيرا ما يرفضون هذه المسرحيات ويهرعون إلى استبدالها بعروض «مضحكة» تجلب الجمهور حسب منطقهم ! وهو ما أدى إلى انحسار حضور المسرح في المهرجانات الصيفية حيث أصبح مهرجان قرطاج يبرمج عروض «الوان مان شو»، وحاد مهرجان الحمامات عن عراقة تاريخه في استضافة العروض المسرحية على ركحه... وهذا التوصيف ينسحب على كل المهرجانات مما يجعل الحاجة ملحة إلى إرساء أسس مشروع ثقافي متأن ومتكامل يحدث ثورة في قطاع المسرح.

• وما هي ملامح هذه الثورة المسرحية وماذا عن شروطها ورهاناتها ؟
هي ثورة تنطلق أولا وأساسا من المبدع في حدّ ذاته بإعادة التفكير والنظر في الفن الذي يقدمه في مساءلة نزيهة للذات عن مدى جودة ورقي أعماله ومدى احترامه لمرجعيات المسرح وطقوسه وجمهوره ...فللأسف يتعامل البعض على الركح بعقلية «العمل السريع بغاية الربح السريع» مما أضر كثيرا بالفن الرابع في تونس.لهذا علينا - نحن الفنانين- أن نكنس أمام منازلنا أوّلا...

• هل تعتبر أن المسرح التونسي يعيش انتعاشة أم يمرّ بانتكاسة؟
أعتقد أن المسرح التونسي يمرّ بأتعس فتراته على كل المستويات.. والسبب الأكبر هو أن الهياكل من نقابات واتحادات المفترض أن تدافع على المهنة وتعمل على تطويرها انصرفت إلى الدفاع عن مصالحها الخاصة وحساباتها الضيقة بعيدا عن احتياجات القطاع ونداء الواجب...

• وهل من وصفة علاج لأمراض الفن الرابع ؟
أوّلا وقبل كل شيء على تنسيقية المسرح التونسي أن تهتم على رأس أولوياتها بوضع ميثاق شرف للمسرحي حتى يعمّ المسرح النبيل الأركاح والمسارح وينتصر المسرحي النبيل للجمال والإبداع والرقيّ ...

• ماذا تقصد بالمسرح النبيل أو المسرحي النبيل ؟
إنه ذاك المسرحي المتمكن من عمله والحرفي في مهنته والمحترم لأخلاقيات المهنة والمنضبط بالطقوس المسرحية والمنتصر للقضايا الجادة والعميقة وطبعا الرافع للواء الطرافة والتجديد. 
وللأسف أصبح المسرح التونسي يشبه بعضه البعض لاعتماده المرجعيات المسرحية نفسها والمنطلقات الجمالية ذاتها في غياب لروح المغامرة ...حتى صار المسرحيون القدامى يكرّرون أنفسهم كما لم يخرج المسرحيون الشباب من جلباب القدامى!

• وهل تجنّدت وزارة الشؤون الثقافية لإصلاح العطب أم اكتفت بموقع المتفرج ؟
حتى لو كانت رغبة الإصلاح ونيّة التغيير موجودة لدى سلطة الإشراف فإنها حتما ستتحطم على صخرة الواقع طالما أن المشهد المسرحي يسوده التشاحن والتباغض والصراع وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة...
لابد للمسرحيين من ترتيب بيتهم الداخلي أوّلا ليكون صوتهم مسموعا وطلبهم مستجابا...

• سبق وأن تقلدت مهام إدارة مؤسسة المسرح الوطني، كيف تقيّم أداءها اليوم ؟
بكل نزاهة، أعتبر أن مدير المسرح الوطني الحالي المسرحي فاضل الجعايبي قد نجح في سن أسس تنظيم إداري محكم لهذه المؤسسة إلا أن بعض الخيارات المسرحية كانت دون المأمول ولم ترتق إلى ما يجب أن تكون عليه انتاجات المسرح الوطني.

• وجهت سابقا أصابع الاتهام بالفساد إلى مركز الفنون الدرامية والركحية بمدنين، ولكن لا شيء تغيّر إلى الآن؟
لا أبالغ في القول بأن كل المسرحيين في مدنين على علم بالتجاوزات المالية والإدارية بمركز الفنون الدرامية والركحية بمدنين وقد صرحت علنا بالتفاصيل الدقيقة لهذا الفساد. ولكني أستغرب من صمت وزارة الشؤون الثقافية أمام هذا الملف في حكومة ترفع شعار مكافحة الفساد؟

• قريبا تستقبل بلادنا أيام قرطاج المسرحية، هل تتكهن بدورة جديدة في مستوى عراقة هذا المهرجان ؟
أشفق على صديقنا الفنان حاتم دربال من جسامة المهمة وثقل المسؤولية بعد أن تسلّم بصفة متأخرة إدارة مهرجان أيام قرطاج المسرحية. وأمام ضيق الوقت وحصار الزمن يكون من التجنّي المطالبة بمهرجان ناجح وعروض قيّمة باعتبار أن المسرحيات الجيّدة تكون مطلوبة ومحجوزة منذ أشهر طويلة تمتد لسنوات فلا يتبقى أمام مهرجانات اللحظة الأخيرة سوى المسرحيات الرديئة أو الأقل جودة وتلك هي ضريبة برمجة الدقيقة التسعين.

• بعد مسرحيتك الأخيرة «أولا تكون» هل من ملامح مشروع مسرحي جديد في الأفق؟
أخصّ صحيفتكم بخبر استعدادي لعمل مسرحي جديد اخترت له اسم «شظايا» كعنوان أولي. وقد كانت كتابة النص بإمضاء المؤلف «بوكثير دومة» الذي سبق له أن صاغ نص مسرحيتي «أو لا تكون». كما سيكون إخراجي لهذا العمل المسرحي الجديد بالتعاون مع مخرج بلجيكي. أما جهة الإنتاج فستكون تونسية. 
«شظايا» وإن كان ظاهرها عبارة عن سيرة ذاتية لمسيرتي الفنية التي بلغت سنواتها الثلاثين فإن باطنها هو التعريج على معاناة المهنة ...
وطبعا سيكون التجديد على مستوى التقنيات والمضامين حاضرا في هذه المسرحية، كما سيكتشفني الجمهور ممثلا على الركح ألعب الدور بكثير من الصدق إلى حد انتفاء الخيط الفاصل بين التمثيل والحياة !

أنور الشعافي في سطور
انطلقت مسيرة أنور الشعافي المسرحية سنة 1988 بتخرجه من المعهد العالي للفن المسرحي بتونس ليقترن اسمه بالتجديد ورفض السائد والمألوف. أسس فرقة مسرح التجريب بمدنين سنة 1889.قام ببعث المهرجان الوطني لمسرح التجريب سنة 1992. كان أول مدير مؤسس لمركز الفنون الركحية والدرامية بمدنين سنة 2011.تقلد منصب مدير عام لمؤسسة المسرح الوطني من 2011 إلى 2014. في رصيده أكثر من 20 مسرحية اشتهرت بمنحاها التجريبي بالخصوص ومن آخر هذه المسرحيات»أولا تكون».

الخميس، 3 أغسطس 2017

المسرحي إبراهيم الحسيني : جذرية الإبداع تخترق الحدود إلى المتلقي العالمي

مجلة الفنون المسرحية

المسرحي إبراهيم الحسيني : جذرية الإبداع تخترق الحدود إلى المتلقي العالمي

حاورته :نجوى المغربي - كتابات 

حين يتحرك النص المكتوب.. ويضحك أو يبكي, يضئ ويظلم, يجرجر ملاحم الماضي أو يبقر بطن الحاضر.. نسميه مسرح. في الماضي البعيد بدأ بترانيم المعابد وصراع الخير والشر، ماراً بملاحم العمالقه وأساطيرهم، وصولاً إلى بوابات عصرنا ونمنماته المختلفة التي أجادها المجددين أمثال “إبراهيم الحسيني”.. الذي أعتلى ظهر النص وملك نواصيه حتى لا يرهق المتلقي في اللهاث وراء الفكرة والمضمون.. فجمع بين الدراما والكوميديا في حدوتة شيقة تلائم شرائح المجتمع الثقافية المختلفة, فجاءت أعماله لتحصد الجوائز أولاً بأول حتى أنني أقول أن ما كتبه أيقظ حتى “الجوائز النائمة”.. لذا حاورته  لتلمس بعض من ملامح ابداعه وفنه..

 من سبق الآخر نصك المسرحي أم تفاعل الجمهور ؟

كلاهما جاء في الوقت المحدد له.. أعتقد أن شغف الجمهور واستعداده لتلقي السمين كان مشجعاً لسؤالك الذي يحمل العديد من أوجه الإجابة.. فالجمهور كان مشتاقاً ليجد نفسه وينظر إليه والنص كان محققاً لذلك بأجود ما يكون من عناصر فعالة.

 جماليات الفصحى والعامية في البناء المسرحي.. هل احداهما تطيل عمر النص زماناً ومكاناً لتحقق هدفها الأكبر للإنسان فى كل.. وأى منهما كما فعلت “جنة الحشاشين” و”كوميديا الأحزان” ؟

حين يحتاج النص لتحولات اللغه لابد أن يستجيب حتى الإتساق التاريخي والشعبي.. هكذا أرى فالتجريب عشقي, والتجربه المكتوبة ليس لها أن تثري إلا إذا آثرت وأثرت. وفي “جنة الحشاشين” كانت محاولة مني لرؤية آثر تحولات اللغة وجمالياتها على البناء المسرحي فقصة العمل تدور حول واقع تاريخي.. كتبت 23 مشهداً منها بالعامية ثم تصورتها بعد ذلك بالفصحى فكانت النتيجة مذهلة لـ27 مشهد يصور فكرة التصادم بين انسانية الشاعر وتملق السياسي والتعصب الديني، وذلك من خلال ثلاث شخصيات مهمة فى التاريخ الإسلامي كأبطال العمل “عمر الخيام” ومن يمثل نظام الملك ورجل السياسة و”حسن الصباح” مؤسس جماعة الحشاشين التاريخية المشهورة التي كانت تتخذ من الدين ستاراً للوصول لأهدافهم السياسية, وحصد العمل بجدارة “جائزة ساوريس 2003” مرتين.. مرة للعامية وأخرى للفصحى عام 2011.

 “الحسيني” الناقد المسرحي وصاحب “كوميديا الأحزان”، المعروضة على أهم مسارح الغرب واميركا لسبع سنوات متصلة، الحكاية المتسقة بكل خطواتها مع الإبداع ذاته.. هل تعتقد أن المتلقي الآن أكثر وعياً وظمأ للإبداع الإنساني بعيداً عن الإسم واللغة والهوية لصانع العمل مروراً بالمسارح عالمياً وعربياً ووصولاً للقائمين على الجوائز ؟

إنطلاق الحكاية وعناصرها عبر وعائها الإنساني كالسهم نحو أهم مسارح العالم في “برادواي” بأميركا وغيرها كان خير شاهد ودليل على جذرية الإبداع في الكتابة والهدف منها والإقتراب قدر الإمكان من عوالم البشر الخفية بعد بعثرة الأقنعة للكتابة عن قيمة وانسان وحكاية تجمعهما, لذا كان الإحتفاء بحكاية الأحزان ومنحها مزيداً من الحيوية والطاقة، عبر أروقه المتلقى العالمي سواء بالعرض المبهر كنص شباك أو بترجمتها أو بإحتفاء المتلقي والمتخصص والجهات الإعلامية بها.

 النصوص الكوميدية السهلة بمعنى الاستخدام المسئ للمسرح.. أين الثقل المسرحي.. أم هذا منطق الوقت الحالي ؟

“نظام” العمل الثقافي داخل مصر لا يتعدى داخل أروقتة, ولا يؤثر على المحيط الخارجي كما هو منوط به, ومنطق الثقافة والصعود للكاتب عندنا يأتي بالصدفة.. لابد من ارتفاع الوعي الثقافي داخل المجتمع المصري والوصول للهدف من وجود كل الأشكال والمؤسسات الثقافية لدينا, حينها فقط ستقدم النصوص المسرحية الهادفة والكوميدية وسيطرد تباعاً ذوق الجمهور – المربى ثقافياً – كل ما هو تافه وبلا قيمة.

 تتهم “العولمة” بانعدام الضمير كثيراً ونصيبنا منها نحن العرب لا يتعدى المزيد من قوى الإستهلاك والإستهلاك فقط.. كيف تنجو بنصوصك من حالات سهام المادية ولوثة العصر ؟

بتظافر جهودي وحدي.. وبألا يشغلني أي نص عن الآخر, وايمان راسخ بأن من لديه شغف بالسؤال الثقافي الكبير لابد ألا يتوقف عن خطط الإبداع.

هل هناك أزمة مسرح ؟

هناك أزمة فكرة ونص وإبداع وتربية ثقافية يجب أن تزور المتلقي المنعزل بفعل فاعل وبفعل الظروف, أما ما يوجد الآن فما هو إلا تضليل ثقافي, ونصوص غارقة في التراجع والهزل, على الرغم من وجود قضايا كثيرة وجادة يمكنها أن تتمسرح وبإمتياز.
(كتابات): ماذا تقدم الورش المسرحية للمستهلك المسرحي والكاتب باعتباركم أحد روادها في العالمين العربي والعالمي ؟

تقدم تنقية خالصة لأي تشوه أو لبس قد يعيق أو يؤخر التنمية الإبداعية, كما أنها محرض وداعم في ذات الوقت للتجديد والحوار بين المبدع ومدربه, علاوة على خبرات منتقاة تقدم على مرحلتين للمتلقي المبدع المباشر ولهيئة الثقافة في دولته أو مكانه من خلاله، وهي ما تمثل العملية الثقافية برمتها في عالمنا, نحاول دعم الحركات الشبابية المسرحية في دولنا وخاصة دول الخليج والمغرب العربي لبناء نهضة مسرحية فنية حافلة في بلادها.


 ما رأيك في تجارب “أفلمة” النص المسرحي ؟

النص المسرحي قابل دائماً للتحليق بعناصره وعناصر مضافة أخرى ببراعة, فهو كجنس واقع بين الأدب والسينما قبل أن تتم تأديته على الخشبة, إلا أن النص المسرحي يتفوق على ما سواه كون الصورة هي من تكون في خدمتة, فقراءة مسرحية مكتوبة تفي بحاجه القارئ لمراحل كبيرة عن رؤيتها, عكس الفيلم الذي لا تكفي ولا تفي بأي حال قراءة سيناريو له عن رؤيته ومشاهدته, لكن هناك بعض النصوص المسرحية التي تتراجع قليلاً أمام الصورة المشهدية بوجود ممثلين معينين ويجب أن يتم بإخلاص شديد للنص بلا شك, وإذا ما أخذنا “روميو وجوليت” كمثال نجد النص حين نقل للسينما اقترب من المشاهد والصور, كذلك حين تمت تأديته كعروض بالية حيث الإعتماد كلية على الصورة والموسيقى والإخراج والآداء, هنا اختفى النص تماماً واستبدل بالراقصات وتمت المحاورة بالرقص وهناك نصوص آخرى كـ”هاملت” و”أوثيلو”, وفي كل الأحوال “أفلمة النص المسرحي أو عرضه كـ”باليه” هو إعادة قراءة للنص ضمن ما يوضع أو يحذف من أدوات جديدة.


 كل نص مسرحي عليه إيصال رسالة لمتلقيه ماذا أوصلت من رسائل ؟

هو مستخلص كبير حسب الفضائل والعادات والتقاليد والنظم والقوانين والمسموح والمحظور، وفي النهاية أعتقد أنني فتحت شبابيك كثيرة كلها على حرية وأمل وحب وفرص جديدة لمبدعيين جدد من جيل المسرحيين.


نبذة عن الكاتب والناقد المسرحي: “إبراهيم الحسيني”.. حصل على العديد من الجوائز العربية والخليجية والعالمية المتنوعة، فلم يترك عمل له إلا وحصل على جائزة أو جائزتين.
ترجمت مؤلفاته المسرحية لأكثر من خمس لغات عالمية.

عرضت المسارح العالمية بأوروبا وأميركا أعماله لسنوات، ورحب بها الوسط الإعلامي والنقدي المتخصص، وتمت بشأنها توصيات الإهتمام والتحليل والدراسة وحصدت الجوائز.

يعد الكاتب والناقد المسرحي من أغزر المؤلفين إنتاجاً والذي تنوع بين المسرح والنقد والسيناريو والشعر.

الاثنين، 31 يوليو 2017

حوار مع رئيس مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي د. سامح مهران : مسرح ما بعد الحداثة أنتج ما يسمى بموت الناقد

مجلة الفنون المسرحية

حوار مع رئيس مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي د. سامح مهران : مسرح ما بعد الحداثة أنتج ما يسمى بموت الناقد

حاوره: أحمد الطراونة - الرأي

قال المخرج المسرحي والاكاديمي المصري د.سامح مهران: انه ورغم الاشتباك الآني الخجول مع الفعل المسرحي إلا ان ما بعد الحداثة انتج ما يسمى بموت الناقد، لأننا إذا اعتبرنا الممثل جسدا سيميائيا أو وسيطا، فأن ذلك يعني أن ما يقدمه مفتوح على مجموعة من المعاني، وبالتالي انتفاء دور الناقد.

ويضيف مدير مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي ان المسرح مستهدف، وان التمويل الخارجي انتج ما يسمى بالاستعمار الخطابي.

ويرى رئيس كلية الفنون السابق ان المسرح لايعاني المعظلات، كما يدّعي البعض، لأن هنالك من يصطنع هذه المشاكل، ويحاول أن يبرر فشله.

وأكد رئيس أكاديمية الفنون المسرحية السابق والذي يعد شخصية ثقافية اكاديمية متنورة ان الأكاديميات الرسمية ضد الخروج عن هذه الأكاديمية، وحتى تاريخيا وفي فرنسا كانت الأكاديميات ضد الأشكال التي تخرج عليها وتدرس بعيدا عنها، لاعتقادهم أن الخروج عنهم هو خروج عن المألوف.

وفيما يلي  الحوار:

مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي، مؤسسة ثقافية جذرية أسهمت ولا تزال في خلق الوعي وتجذيره. هل هذه الصفات المهمة لهذا المهرجان كانت وراء اغتياله للحظة من الزمن؟ أم أنه كان محط صراع بين من يحملون مشعل التنوير وسواهم ؟
ـــ في العصور الماضية كان المسرح مستهدفاً لأنه تميّز من جهتين: حضور الممثل كوسيط سيمولوجي أو كجسد سيمولوجي، وحضوره بجسده الفعلي. ولعل حضوره بجسده الفعلي قد يثير بعض الغرائز لدى المتلقين، إذ هو محط أنظارهم، ومن هنا هاجمه رجال الدين، وأعني هنا المسرح بشكل عام وليس التجريبي فقط، خاصة وأن التجريبي يثير هذه القضية أضعافا مضاعفة عن المسرح العادي، لأنه يستنبط القيمة من فعل التجربة ذاتها، ولا قيمة سابقة على فعل التجربة، إضافة إلى أن المسرح التجريبي يقول إن الهويات ليست فعلا متجذرا في تراث، ولكن متجذر في الـ(هنا والآن)، وهذه خطورة المسرح بشكل عام أيضا، إلا أن التجريبي يؤكد على القيمة التالية لفعل التجريب والتي تنطلق من الجسد المادي للممثل، لذلك هنالك اهتمام بالجسد المادي وليس هنالك اهتمام بالهوية المتجذرة بالتراث، أي أن المسرح التجريبي ليس حاملا لعالم سابق التجهيز. وعندما استعدنا مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي لم يكن هدفنا أن ندخل في صراع مع أي جهة لأننا في إدارة المهرجان الحالية نميل إلى سياسة التفاوض وليس إلى سياسة التصادم، ومن خلال سياسة التفاوض نستطيع أن نقف بالمهرجان من جديد ونعيد له الألق الذي اختفى خلال سنوات غيابه.
• هل هنالك تجريب حقيقي على صعيد المسرح العربي ؟ وهل استوعب المسرحي العربي فكرة التجريب وأعاد إنتاجها وقدم أعمالا مهمة في هذا السياق ؟
ــ هنالك تجارب مفصلة، فتجربة مسرحية «الطوق والأسوارة» سنة 1996 التي فازت بجائزة الإخراج للمهرجان التجريبي وكانت من إنتاج مسرح الطليعة، من خلال هذه المسرحية وضعنا كل الموروثات على محك التساؤل، وهنا أريد القول إن المسرح يعبر حقولا بربرية، وهو معني بتساؤلات تستدعي بالضرورة أدوات مغايرة للتعامل معها، والنص التجريبي مفتوح على احتمالات لأنك إذا ألغيت الجسد السيمولوجي حامل المعنى تفكك الثقافة بشكل عام، فتصبح أمام تفسيرات مغايرة تماما وفقا لثقافة المتفرج ومرحلته العمرية وانتماءاته الماقبلية والآنية وذلك بسبب التأويلات المربحة للعملية المسرحية.
• هل تقصد أن التجريب يعمل على اخضاع المقولات التراثية، ام انه فحص لكل ما هو قبل الان ؟
ــ منذ عصر النهضة كانت هنالك مقولة هي (هنا والآن) وقد أثرت على الفن بشكل عام، وهي تؤكد أنك معني بسياق، وأنه لابد من ربط المسرح بالسياق الحاوي، إلا أنه يمكن أن ينفتح المسرحي على ثقافات أخرى كما فعل بريخت مثلا ليغني الأداة المسرحية ذاتها.
• هل هنالك باحث حقيقي ينظر للحالة المسرحية العربية ؟
ــ أنا ضد هذا المنهج، لكنني مع التفاعل، وأنا ضد أن يكون هناك شكل مسرحي، فالأشكال لا توجد من فرد، إنما هي حصيلة تطور، كما هي الميلودراما والتي نشأت مع ظهور الطبقة البرجوازية في أوروبا، والتي انتهجت أسلوب المصالحة بين الطبقات، كما حدث في مسرحية فقراء نيويورك والتي تنتهي بالتصالح مع الشرير من أجل أن يتقدم المجتمع، والمصالحة هي شكل من أشكال التسامح، يعني أنه لا يوجد شكل جاهز وإنما الشكل هو حصيلة تطورات اجتماعية وثقافية وغيرها، وأنا ضد البحث عن شكل مسرحي عربي رغم أن لدينا أنماطا مختلفة من الأشكال المسرحية وغيرها والتي لم توضع في سياقاتها لكي تكشف سوءات المجتمع، وضمن إطار ساخر مثلا، وتدفعه للتطور، وما يميز المسرح في فترات سابقة وما بعد الحداثة هو تكنيك الخفاء أي أنه يتم اللجوء إلى بنية استعارية مصحوبة بمحاكاة ساخرة والتي تعمل شكلا من أشكال الإفاقة لهذا المتفرج فتعيده إلى التفكير فيما يرى.
• هل لايزال المسرحي العربي مبهورا بالنصوص الغربية ولايزال يعيد اجترارها بعيدا عن طرح قضاياه الملحة على خشبة المسرح ؟
ــ لا أميل كثيرا إلى ذلك لكنني أميل إلى فكرة أن الأشكال لا تأتي بقرار أو رغبة في التنظير وإنما بمحاورة ثقافية، فالمتابع للمسرح المصري في الستينات وفي سياق التفريق بين الكوميديا والتراجيديا يرى أن هنالك أحداثا ما قبل رفع الستارة، أو ما يسمى بالوضعية الأساسية، كقتل والد هاملت والذي يحدث قبل رفع الستارة، ثم الوضعية الاستهلالية، لذلك فإن حل الصراع من ناحية البنية في التراجيديا يتم بين التناقض بين الوضعيتين الأساسية والاستهلالية، ولعل المسرح المصري في الستينات كان يجد أن حل الصراع هو بتكرار الوضعيتين كما حدث في مسرحية «بلدي يا بلدي» لرشاد رشدي إذ تبدأ بظهور الفرنجة وتنتهي بعودة الفرنجة، وبذلك لا نستطيع القول إنه تماهى مع الغرب وإنما هنالك حساسية عالية بين الوعي واللاوعي، وهذا يقود إلى ما يسمى بالازدواجية الأيديولوجية أي أن المسرح المصري والعربي بالعموم تعامل مع التقنيات الخاصة بالعرض باعتبار أنها حلية وليست حوامل لأيديولوجيته، وهذه كانت قضية، إلا أن الأجيال الجديدة من المسرحيين الآن أصبحوا على درجة جيدة من الوعي فيما يخص هذه المؤثثات المرافقة للعرض.
• هل ترى أن هنالك استنساخا للمهرجانات العربية، أم أن هنالك عجزا لدى إدارات المهرجانات لخلق فضاءات جديدة ؟
– لعهد قريب كان المشتغلون بالمسرح هم خريجو المعاهد الفنية، أما الأجيال الجديدة فأغلبهم جاءوا من مراكز اجتماعية ومراكز حقوق الإنسان وليس لهم علاقة جذرية بالدراسات المسرحية المتعارف عليها، وبالتالي فإن بداياتهم كانت في فضاءات غير تقليدية والمهرجانات الآن تستوعبهم، وهذا جزء من الثقافة الرسمية التي بدأت باستيعاب الثقافة الخارجة عن الثقافة الرسمية في المهرجانات، وذلك كمحاولة لاحتوائهم للفضاءات الرسمية عبر المهرجانات وهذا هدف سياسي غير منظور، لأن هؤلاء جاءوا من فضاءات مجهولة وغير معروفة للمسرحيين الذين نعرفهم كما هي حركة المسرح المستقل في مصر، وكما هو في بعض الدول المختلفة ولديهم أفكار متطورة عن الحريات وعن الدولة المدنية وحقوق الإنسان وغيرها، لذلك أتصور أن أي حركة مسرحية مهما كانت، تقود إلى غنى وتطور الفكر المسرحي.
• حقوق الإنسان، تقود إلى ما يسمى بالتمويل الأجنبي تحت عناوين كبيرة كحقوق الإنسان مثلا. هل ترى أن هذا التمويل يأتي من فراغ ؟
– كنتُ طرحت قبل فترة فكرة «الاستعمار الخطابي»، وهذا جزء من الاستعمار الخطابي، فأنا كمسرحي عربي لست معنيا بقضية الشواذ جنسيا، لأن لدي من القضايا الكبيرة والمهمة وأهم كثيرا من هذه القضايا الصغيرة، وأن تملى علي معالجات بعينها هذا هو الاستعمار الخطابي، ولست ميالا للعديد من القضايا التي يتم معالجتها بطريقة مفرطة في التناول، كالعنف المبالغ فيه والجسدية المبالغ فيها، وأنا لست ضد تناول السائد في المجتمع ولست مع الاستكانة له، لكن إذا كان ولابد علي أن أتناوله بقدر محسوب بعيدا عن الحدية في الطرح حتى لا يفقد المسرح أتباعه .
• بين فكرة «الاستعمار الخطابي» و»مسرح النخبة» كيف سيكون المسرح جماهيري ؟
ــ المحاكاة الساخرة هي شكل سهل الوصول، وقادرة على تناول جميع ما هو جاد بشكل ساخر، والمحاكاة الساخرة تستدعي ممثلا وليس مؤديا والفرق كبير بين الاثنين، فالمؤدي يمتلك سيرة ذاتية تشتبك مع المواقف والأشياء المعلنة وتمزج الذاتي بالموضوعي فيدخل كذات وليس كحامل للمعاني أو حامل سيميولوجي، وهذا يبين أنه يتماس مع الموضع من خلال ذاته هو، فيحمل قاموسا من النكات الشعبية والأمثال الساخرة والرقصات الشعبية الخاصة بالبيئة التي يمثلها والأفكار والآراء، وهذا يأتي بارتجال من خلال الدخول والخروج الذكي والربط ليوصل الفكرة للذين هم أقل ثقافة، إضافة إلى الصورة التي توصل الفكرة بأقل جهد لأن الصورة قادرة على إيصال ما تريده أفضل من الخطاب.
• هل تأثر المسرح بالإعلام وفكرة الصورة التي تحدثت عنها ؟
ــ طبعا، كان «قرامشي» يعمل على ثقافة الأميين، وعندما تربط كلام «قرامشي» بما قاله «دينس ددرو» والذي قال إنه لابد من وضع الحقيقة في حيز التحقق المرئي، لذلك فقد تعارض الملفوظات الإشارة أو الحركة أو الإيماءة، والصور تعبر عن علاقات اجتماعية أيضا كما قال «جي ديبور»، لذلك فهي توصل أسرع بكثير من كل المقولات، وهذه تضع المتفرج البسيط أمام تساؤلات ولا تعطيه إجابات وتدفعه للبحث عنها أيضا وأن يكون جزءًا من هذه الإجابات من خلال تطوير وعيه وأن يصل إلى قناعة ما تجاه ما هو مطروح.
• إعادة كتابة التاريخ من خلال المسرح، أو إعادة طرح ما سلف بصورة أكثر وعيا ونضجا، هل يسمح السياسي للمثقف أن يمسك الخطاب في الشارع من خلال المسرح، أم أن هنالك صراعا حقيقيا بين المسرح كمثقف جذري معنوي وبين المؤسسة الرسمية أو السياسي الذي يعي فكرة إلى أين يذهب المثقف بالشارع ؟
ــ المسرح هو حلبة صراع على مستوى الجسدية وعلى مستوى الخطاب وعلى مستوى المعنى، وفي العالم كله السياسي يتبع المسرح إلا في العالم العربي، فلو استسلم المثقف للسياسي لضاع المسرح، لكن المسرح يعمل فلترة للفعل السياسي، فالمسرح منذ بداياته وعلى زمن آرسطو وأوديب كان يكرس للمدينة والبنية البطريركية باعتبارها فكرة سابقة آنذاك، لذلك فقأ أوديب عينيه لأنه لم ير واقع المدينة الجديد، وعندما نحلل أوديب نرى أن قتل الأب عودة للمجتمعات الأمومية والزواج من الأم عودة للمجمعات الأمومية، فحل المسألة بنموذج سفنكس، فمن أين أتى بهذا النموذج، من خلال العمق الانثربولوجي للمجتمع، حيث يمثل سفنكس الآلهة مزدوجة الجنس التي ترعى الانتقال من المجتمعات الأمومية إلى المجتمعات الذكورية، ونموذج للاستعمار الثقافي الدياني المصري، وبالتالي الخلاص منه هو خطوة للأمام مقابل خطوتين إلى الخلف وبالتالي يمكن القول إن اوديب هو من سلفيّ ذلك الزمان، وهذا ما قصدته بالسياق الحاوي فيما سبق، ويؤكد على أن المسرح هو لعبة انحياز، وكان هنالك صراع زمني عند سفوكليس في لحظة نادرة جدا في المسرح العالمي، صراع بين الزمن الدائري (زمن القبيلة والعشيرة والاسطورة) ومع الزمن الغائي أو زمن المدينة، وكلما عدت إلى الوراء كلما تقدم زمن المدينة إلى الأمام فهذا صراع لرؤيتين للزمن الدائري والغائي.
• ضاع المسرح في سياقات الصراع بين السياسي والمثقف، المسرح العربي هل لديه فعل مسرحي حقيقي يطهّر الذهنية العربية من الزمن الدائري واخذها للزمن الغائي ؟
ــ الرؤية غائمة، فأنت إما أن تكون متماهيا تماما مع الغرب أو ترتد إلى الجذور، وهذه رؤى حدية، لذلك لابد من انتهاج أسلوب التفاعل وهو يعني الإضافة، لأن هنالك قرارات صعبة في لحظة تاريخية معينة يجب على الناس أن يتفاعلوا معها ليتابعوا صيرورة التطور وأن يتنازلوا عن جزء من تراثهم ليكون في نفس اللحظة قادرا على الإضافة إلى التراث العالمي وإلا سيكون خارج السياقات.
• شخصية «حبّاك» التي خلقتها لمقاومة الفساد، هل لاتزال موجودة رغم ما أهرق من دم على أسوار المدينة العربية ؟ وهل لايزال يمتلك قدرا من المقاومة للسائد الطاغي ؟
ــ حبّاك موجود في كل لحظة وفي كل مكان، وهو يعبر عن الشخصية المصرية التي تملك خفة الدم والتي تعمل مقالب في السلطة، وهذا أحد أسئلة الشعب المصري، ولذلك نحن في المسرح نمد الخطوط على استقامتها، وقد حققنا نجاحا كبيرا بهذه المسرحية، ومع الضغوط الاقتصادية يقاوم المصري ذلك بالسخرية، لذلك فحبّاك موجود وسيبقى.
• المسرح يعاني بعض المعظلات، مخرج ونص وتمويل، بحكم خبرتك الإدارية والأكاديمية والإبداعية هل أنت مع ذلك ؟
ــ أنا ضد هذا الكلام، لكن هنالك من يصطنع هذه المشاكل، ويحاول أن يبرر فشله، النص موجود والإخراج موجود والممثل موجود لكن للأسف قنوات التواصل هي الضائعة والتي تفقد التواصل بين هذا الفعل المسرحي وجمهوره، وقد شاهدنا عرض «الشقف» التونسي – مسرحية تونسية عرضت في مهرجان شرم الشيخ للمسرح الدولي- وهو عرض أكثر من رائع لأنه يمس العصب العاري، ولا ينفصل عن مجتمعه، ويلتحق بمجتمع آخر ليعرض هذا الصراع بين ثقافتين وبمنتهى البساطة، وهذا بتكلفة بسيطة، ونحن مصرّون على صيغ قديمة لابد من التحرر منها وإعطاء فرص جديدة لكل الشباب، لذلك لابد من الابتعاد عن الفكرة التاريخية والتواري خلفها لاسقاطها على الواقع، فالواقع مليء بما فيه وهو ليس بحاجة لاسقاطات.
• إذا كيف ترى من يذهبون للبحث عن النص العالمي ليحقق حضورا عاليا ؟
ــ المسرح مثله مثل أي ساحة أخرى للصراع بين القديم والجديد، فالقديم لم ينسحب بشكل كامل والجديد لم يحقق الاكتمال بعد، إضافة لذلك فالمشهد النقدي غير موجود أيضا إلا من بعض الأصوات، إلى جانب طغيان النظريات التقليدية في تدريس المسرح نفسه وكأن التقليدية هي التي يجب أن تقاس عليها جميع النصوص، لذلك أنت بحاجة لحساسية أخرى وثقافة أخرى، ومن هنا ألغيت الحبكة من العديد من النصوص والأعمال، لأن الحبكة تعني أن ثمة حتمية تاريخية، ولأن فكرة الحتميات التاريخية قد انتهت فإن الحبكة قد انتهت.
• المشهد النقدي في الوطن العربي غير قادر على متابعة المشهد المسرحي العربي سواء على مستوى التنظير أو على مستوى التطبيق، أنت ماذا ترى ؟
ــ أنا معجب جدا بمركز دراسات الفرجة في المغرب، سواء على مستوى التنظير والبحث والتطبيق وغيره، وتقدم الباحثون المغاربة في المراكز الثلاثة الأولى لمسابقة البحث العلمي التي أجرتها الهيئة العربية للمسرح وقد كنت حينها رئيسا للجنة التحكيم، لكن كل مركز من هذه المراكز الشبيهة يخدم منطقته فقط وهذه مشكلة حينما يختصر نشاطه النقدي فقط في النشاط المسرحي الخاص بمنطقته.
• هل ثمة ما يبرر الظهور على استحياء للأكاديمي العربي في المشهد النقدي المسرحي ؟
ــ الأكاديميات الرسمية هي ضد الخروج عن هذه الأكاديمية، وحتى تاريخيا وفي فرنسا كانت الأكاديميات ضد الأشكال التي تخرج عليها وتدرس بعيدا عنها، لاعتقادهم أن الخروج عنهم هو خروج عن المألوف.
إلا أن الهيئة العربية للمسرح قد انتجت العديد من البحوث النقدية وأسهمت في إيجاد العديد من الكتب النقدية، التي تربط التنظير بالتطبيق، إضافة إلى خزانات المسرح العربي كخزانة المسرح الأردني.
• لكن هل هنالك حركة نقد آنية تشتبك مع الفعل المسرحي على الخشبة ؟
– دعني أقول إن ما بعد الحداثة قد أوجدت ما يسمى بموت الناقد، لأننا إذا اعتبرنا الممثل جسدا سيميائيا أو وسيطا، فإن ذلك يعني أن ما يقدمه مفتوح على مجموعة من المعاني، وبالتالي انتفاء دور الناقد، لم يعد هذا الناقد وسيطا أو موجها لي، فانفتاح النص على تعددية معانيه أوقف مهمة الناقد كسلطة فكرية أو ذهنية على النص أو المخرج، لذلك هذا ما عنيته بموت الناقد.

الأحد، 23 يوليو 2017

المخرج المسرحي فاروق صبري: ( منيكانات ) قراءة جديدة في نص (أسئلة الجلاد والضحية ) لصباح الأنباري معرفياً وجمالياً

مجلة الفنون المسرحية

المخرج المسرحي فاروق صبري:
( منيكانات ) قراءة جديدة في نص (أسئلة الجلاد والضحية ) لصباح الأنباري معرفياً وجمالياً
هي صرخة تقول : أيها البشر ساهموا في خلق حياة أمنة محبة وفعالة لا في صناعة المزيد من الجلادين ..

حاوره – عبد العليم البناء

يشهد مسرح الرافدين الساعة السابعة مساء الايام الثلاثة المقبلة الاربعاء والخميس والجمعة 25 و26 و27 من شهر تموز الحالي عرض مسرحية (منيكانات) التي أعدها وأخرجها الفنان فاروق صبري عن نص مسرحية ( اسئلة الضحية والجلاد) للكاتب صباح الانباري لحساب الفرقة الوطنية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح ويتقاسم دور البطولة فيها الفنانان ميلاد سري وطه المشهداني والادارة المسرحية علي عادل السعيدي ومساعده سعدي الجريح وديكور محمد النقاش واختيار الموسيقى محمد الربيعي وتنفيذ علاء قحطان واضاءة عباس محمد ومحمد فؤاد وليث هادي وتنفيذ الديكور حسين علاوي ومهند حسين علاوي ورائد محمود عبد الله ومكياج كريم فاضل حيث يحاول صبري في هذا العرض المسرحي أن يجتهد فكرياً ويبتكر بصرياً في صياغة وقراءة جديدة لثنائية (ضحية والجلاد) هذه القضية السرمدية التي باتت تلازم البشرية جمعاء منذ بدء الخليقة.. عن (منيكانات) وآفاقها الابداعية والجمالية والفكرية كانت لنا هذه الجولة من الحوارمع مخرجها المبدع فاروق صبري :

*ما الذي تنطوي عليه مسرحية ( منيكانات) التي أعددتها عن مسرحية (أسئلة الضحية والجلاد) لصباح الانباري من فكرة ومعالجة درامية في وقت تم فيه تناول هذه الثنائية في الكثير من العروض المسرحية العراقية والعربية والعالمية لاسيما انها تدور في فلك مشروعك الذي اسميته المونودراما التعاقبية ؟

- منذ الكلمة الأولي التي نطق بها البشر وعبر تاريخ الثقافة ومن ضمنها المسرح (تم تناول هذه الثنائية) المتمثلة بالضحية والجلاد ، القاتل والقتيل ، القبح والجمال ، الضوء والظلام ، والتساؤل : خلال فترات مختلفة هل كان هذا (التناول) إستنساخاً أو تناصاً فقط!!؟؟ أعتقد بنية الثقافة وسياقاتها المعرفية والجمالية تؤكد أن صناعها حاولوا أن يبتكروا ويجتهدوا في تناول ما يخص حياة الإنسان ، وفي سفر المسرح العالمي والعراقي أيضاً نلمس محطات متنوعة من هذا الإبتكار والإجتهاد وبل المغايرة في طرح (الثنائية ) التي أشرت إليها ، وكوني أحد تلاميذ هذا السفر المسرحي أحاول في عرضي المسرحي ( منيكانات) أن أجتهد فكرياً وأبتكر بصرياً في صياغة هذه القضية السرمدية ، والمؤكد أن مشاهدة هذا العرض الذي كتبه صديقي صباح الأنباري بعنوان ( أسئلة الجلاد والضحية ) تعطي لك إجابات أكثر اهمية مما قلت هنا !!

*وما الجديد الذي سيلاحظه المتلقون في الداخل العراقي بعد ان قدمت هذا العرض عام 2014في كندا ضمن المشروع ذاته المونودراما التعاقبية وبتعامل مع نص محترف لكاتب عرف باهتمامه العميق والواسع بفن المونودراما ؟

- مع كل عرض من عروضي المسرحية احاول قراءة النص وفقاً للتغييرات التي تطرأ في يومياتي وعلى ذائقتي وأتوقف عند ملاحظات ومقترحات ووجهات النظر النقاد والمشاهدين ، لذلك احاول في هذا العرض الذي سميته ( منيكانات ) قراءة نص (أسئلة الجلاد والضحية ) لصباح الأنباري بشكل جديد في المستويين المعرفي والجمالي وذلك عبر معالجات بصرية فنتازية وتأويلات متباينة لبناء شخصيتي ـ أوحالتي الجلاد والضحية ليس فقط من الجانب السيكلوجي لكل منها وإتما أيضاً لفضائيهما التاريخي الممتد ليومنا هذا وبشكل قاتم وأكثر إشكالية ...

*وماذا عن خياراتك على صعيد الممثلين طه المشهداني وبشرى جعفر لاسيما انك ربما لم تتعايش او تتعرف على امكاناتهما الذاتية من قبل ؟

- وأنا أختار الممثلين طه المشهداني وميلاد سري تخيلت نفسي كفلاح ترك الأرض لسنوات ومن ثم رجع إليها ليزرعها وبأنواع مختلفة من المزروعات ، وبعد هذه الأيام من البروفات التي دخلنا إلى عوالمها الكرنفالية والشاقة ، خرج الزرع وإذا به شجرتي النارنج تفوح زهورهما باريج الجمال والعشق للإبداع والمسرح والحياة ...

* وهذا سيقودنا الى السؤال عن سينوغرافيا العرض وباقي العناصر الفنية الأساسية ودورها في الصياغة الكاملة للعرض فكريا وجماليا وابداعيا؟

- العرض المسرحي فرح جماعي ، شغل جماعي ، جهد جماعي وهكذا يبنى فضاء العرض بإحساس عال وإصطدام جمالي حينما تلتقي وتتفاعل مفردات وحيوات هذا العرض عبر سيناغرافيا يخطط لها وينفذها المخرج والممثلون والتقنيون في الإضاءة والمؤثرات الصوتية والموسيقى والأزياء والمكياج والإكسسوار ويبقى مصمم الديكور ومنفذه عنصراً مهماً في صناعة السنيوغرافيا وهنا أيد أن أتوقف عند الفنان محمد النقاش الذي كان وما يزال ساحراً في مساهمته صناعة وتنفيذ ديكور عرضنا المسرحي ..

* طيب دعنا نتوقف عند الرسالة التي تريد ايصالها عبر هذا العرض شكلا ومضمونا؟
- هي ليست رسالة ، هي صرخة تقول : أيها البشر ساهموا في خلق حياة أمنة ، محبة ، وفعّالة ولا تساهموا في صناعة المزيد من الجلادين ..

أيها العراقيون لا تسكنوا داخل (منيكانات) الضحايا ، ولا تتخذوها أطلالاً لبكائكم السرمدي ، هل تستطيعون ذلك ، هل تمزقون منيكاتكم التي تمثل في الجوهر الوعي الراكد والإستسلامي والبكائي!!!!!؟؟؟

* وما الذي تراهن عليه في هذا العرض من بين حصيلة شاملة من العروض التي عملت على إخراجها وقدمتها على خشبات المسارح العربية والأجنبية؟

- لا أراهن أبدأ ، بل أنا قلق جداً فيما ينتجه هذا العرض وإلى أين يقودني ويقود هواجسي واحلامي..؟

الخميس، 13 يوليو 2017

السي فرنيني: في لبنان يعيش الفنان حالة من الرعب والخوف على المستقبل

مجلة الفنون المسرحية

السي فرنيني: في لبنان يعيش الفنان حالة من الرعب والخوف على المستقبل


تستضيف كابي لطيف السي فرنيني الممثلة اللبنانية القديرة في حوار تناول مسيرتها الفنية والتلفزيونية والإعلامية. كما تطرقت الى الكثير من مواضيع الساعة وعلاقتها بمهنتها وعائلتها والاستمرارية في الابداع ووضع الفنان في لبنان.

لم أكن أدرك ان الحرب ستطول 
تحدثت عن مسيرتها في عالم التمثيل ونجاحاتها في العالم العربي قبل الحرب اللبنانية التي أطاحت بالدراما اللبنانية حيث قالت: " الحرب تركت اثار سلبية جدا بحياة كل فرد، كنت في قمة نجاحي وانطلاقتي الفنية جاءت الحرب وكبلتنا وتلفزيون لبنان اول من أنتج الدراما العربية ومسلسلاتنا كانت تعرض بعدة دول عربية قبل عرضها في لبنان، الحرب جعلت نتاجات أخرى تطغي عليها". واضافت: " عرضت عليّ الكثير من فرص العمل خارج لبنان ولكن التعلق بالعائلة وبلبنان جعلني أبقى في بلدي، وكنت اعتقد ان الحرب ستمر ونعود كما في السابق الى تقديم أجمل المسلسلات ولم أكن أدرك ان الحرب ستطول كل هذه الفترة".

التوازن في حياتي
كما تحدثت عن أسباب نجاحها وتقبل الجمهور لها قائلة: "البساطة بالمظهر وفي التعبير بدون أي تكلف وبدون تصنع أدخلني الى قلوب المشاهدين وهذا ما انصح به الممثلات الان، كنت متأثرة بالفنانة فاتن حمامة تجذبني بحضورها وبساطتها وبحلاوتها وتنوع أدوارها هي مثلي الأعلى وهي التي جعلتني أحب التمثيل احترمها كثيرا لذلك ما زلت مستمرة لأني اعتقد أنى ما زلت قادرة على العطاء واختار الأدوار التي تناسب مرحلتي العمرية. لدي الكثير من التوازن في حياتي بين شغفي بالدراما والتمثيل وشغفي للحياة العائلية ".

الموهبة أساس كل شيء
عن زوجها الممثل القدير جورج شلهوب رفيق الدرب قالت السي فرنيني : " جورج شخص مثقف جدا صقل موهبته في الدراسة في الولايات المتحدة الامريكية ولديه مخزون من الثقافة وقارئ نهم وهذا ما يضيف الكثير الى شخصيته كفنان ناجح كما يتعاطى مع الأمور بمهنية عالية. عن ابنها "يورغو" شلهوب الممثل النجم قالت: "لديه حضور جميل ووجه جميل وشاب وشخصية مميزة إضافة الى الموهبة التي هي أساس كل شيء ".

أتمنى ان تنتهي الحروب
عن الوضع الراهن قالت الممثلة اللبنانية القديرة: " أتمنى ان تنتهي الحروب ويؤمن الناس بالتفاهم والتقارب والصدق، ما يحدث الان هو وضع الدين في قوالب بشعة يجب ان يوضع حد للفوضى والجنون والموت الذي نعيشه، الانسان وجد ليزرع الفرح ويعيش بفرح، الدين بالنسبة لي موضوع شخصي وهو امر خاص ". وعن الضمانات التي تقدمها الدولة للممثلين قالت: "الى الان لا توجد لدينا أي ضمانات للمستقبل او معاش تقاعدي ولم يُقر حتى هذه الساعة الراتب التقاعدي للفنانين. هذا الموضوع يشكل حرقة كبيرة جدا بقلب كل الممثلين، ليس لديهم ضمان للمستقبل يعتمدون عليه وهذا يجعلهم يعيشون حالة من الرعب والخوف على المستقبل".

--------------------------------------------------------
المصدر : مونت كالو الدولية 

الأحد، 18 يونيو 2017

حوار مع الفنان المخرج غنام غنام عن رائعته المسرحية (سأموت في المنفى)

مجلة الفنون المسرحية

 حوار مع الفنان المخرج غنام غنام عن رائعته المسرحية (سأموت في المنفى)

حاوره – عبد العليم البناء 


المخرج غنام غنام : في هذا العرض أقدم مرافعة تنعش أرواح الناس وتخيف الأعداء
*هذه هويتي المسرحية والفكرية والسياسية هذا ما يجب أن يكون لأكون جديراً بكوني فناناً فلسطينياً عربياً
*أنا ابن الفرجة المسرحية / الفرجة الشعبية/ الحلقة/ الجلسة من عام 1992 وابن (مسرح لكل الناس)
*المعالجة الدرامية خرجت بالنص من (سردية أدبية) إلى (سردية مسرحية تتواشج مع الفعل الدرامي)

قدم الفنان الفلسطيني غنام غنام مؤخرا وفي أكثر من بلد وقاعة مسرحيته المونودرامية المثيرة للجدل بعنوان "سأموت في المنفى"، وكانت من تأليفه وإخراجه وأدائه ، وتميز العرض بعدم اعتماده على تقنيات المسرح التقليدية، بل فقط على أداء الممثل بمرافقة كرسي متعدد التحولات، دون استخدام إضاءة أو صوتيات أو منصة للمسرح. وقدم غنام خلال العرض جوانبا من حكايته الشخصية وحكايات والده واخوته بالتوازي مع التاريخ الفلسطيني، والأسئلة المربكة عاطفيا التي تسببت بها نكبة فلسطين تجاه مصطلحات الإنسان الذي يعيش في المنفى، معتبراً نفسه "بدل فاقد" للإنسان الذي كان يجب أن يعيش حياة عادية على أرضه .الفنان والكاتب والمخرج غنام صابر غنام المولود في اريحا عام 1955 ،عضو نقابة الفنانين الأردنيين شعبة الإخراج ، ورابطة الكتاب الأردنيين ، والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب ،وعضو مؤسس في الهيئة العربية للمسرح / المقرر للمجلس التنفيذي الأول ، ورئيس مكتب الأردن/ الهيئة العربية للمسرح ، وعضو مؤسس في فرقة المسرح الحر، ورابطة مسرح بلا حدود – رماح ،ولديه مؤلفات وبحوث ودراسات أدبية ومسرحية عدة ،وسبق أن قدم العديد من الاعمال المسرحية ممثلا ومؤلفا ومخرجا ،إضافة لتأليف الأعمال التلفزيونية الدرامية والوثائقية ، وحاصل على جوائز عدة في التأليف والإخراج والسينوغرافيا ، ومن أشهر اعماله جماهيريا مونودراما (عائد من حيفا) ، المأخوذة عن رائعة الراحل غسان كنفاني ، ويشغل الان منصب مسؤول الاعلام والنشر في الهيئة العربية للمسرح في الشارقة. معه كانت هذه الجولة من الحوار الذي يجرى للمرة الأولى في الصحافة العراقية، وانفردت به جريدة (المواطن) العراقية ، وتوقف عند الابعاد الفكرية والجمالية والإنسانية والوطنية والفنية ،لمسرحيته (سأموت في المنفى) التي انتجت ردود أفعال مهمة شكلاً ومضموناً:

*ما الذي تنطوي عليه المسرحية من فكرة أساسية وكيف تمت معالجتها دراميا ؟
- تنطوي المسرحية على تقديم جوانب من السجل العائلي والشخصي والتي تمثل إنموذجاً لمعاناة الفلسطينيين الذين شردوا وهجروا من بلادهم إلى المنافي إضافة إلى المسارات السياسية التي حاولت طمس الهوية الفلسطينية، وتقع هذه السجلات في الفترة من 1920 وحتى اللحظة التي يتم فيها العرض. وكما تلاحظ أنها سيرة أناس عاديين كما يبدو للوهلة الأولى ، لكنك تكتشف حجم المعاناة والبطولة التي يمثلها هؤلاء العاديون في سجل القضية الفلسطينية، هذه السجلات التي تسردها البيانات السياسية لا الاتفاقات، إنها سجلات الأسئلة الوجودية و المصيرية، والتي اعتادها الإنسان، لذا لم تعد تبدو له بهذا العمق، لكن عندما تراها خلال المسرحية تكتشفها مجددا وتعيد ترتيبها، وتعيد كتابتها على سجلك الشخصي، وتتحسس رأسك وهويتك، ترى مكان موتك وما سيكتب على شاهدة قبرك. إن تحويل السجل الشخصي إلى شأن عام و موضوع لعمل مسرحي، قد أخذ مني وقتاً من الإنضاج يصل إلى سنوات من 2011 إلى 2016، والعمل على الفعل المسرحي و الأداء والإخراج استمر سبعة أشهر، لكي أتطهر من الألم الذي يسببه العمل على السجل الشخصي، ولكي أصبح مصباحاً يضيء سجل المشاهد الشخصي (سواء) كان هذا المشاهد فلسطينياً أم غير فلسطيني، عالي التعليم والثقافة أم بسيطاً عادياً، من أصحاب التجربة الثورية أم من أؤلئك الذين خافوا العمل الثوري والسياسي وتجنبوه. إن المعالجة الدرامية خرجت بالنص من (سردية أدبية) إلى (سردية مسرحية، تتواشج مع الفعل الدرامي) في تقاطع وتواز وتماهٍ وتكامل ضمن انتقالات مدروسة من صيغة المخاطب، إلى صيغة المتكلم، إلى صيغة نائب الفاعل، إلى صيغة الحكواتي الراوي، وهنا استعير من اللغة والقواعد والنحو تسميات لحالات وتحولات البناء الدرامي.

*لو توقفنا عند الاسم (سأموت في المنفى) الذي يحمل ربما اكثر من دلالة لعل أبرزها نبوءة استحالة العودة الى فلسطينك الأرض والجذر والهوية.. 
-عندما أعلنت في مطلع 2016 أنني سأبدأ العمل على مونودراما (سأموت في المنفى – بدل فاقد) وردتني رسائل كثيرة من الأصدقاء و الأهل وهم يعلنون أن العنوان صادم، وفيه من اليأس الذي لا يليق بي، و أنه فأل شؤم على أننا لن نعود لفلسطين، وكان جوابي بشيء من المداعبة الساخرة : حسنا سأغير الإسم إلى سأعيش في المنفى.. وحينها كنت أعلم أن المفارقة تصدمهم أكثر، فالعيش في المنفى أكثر ألماً من الموت في المنفى، وهو ليس تشاؤماً من العودة، بل هي حقيقة لأن مشوار العودة طويل، وطريقها صعب، ولكن هذا لا يعني أن لا (أدق جدران الخزان) كما أراد كنفاني في رجال في الشمس، أنا بهذه الصرخة أتحدث عن الحياة، حياة من ماتوا، حياة من ما زالوا على قيد الأمل بالعودة... لذا فإن المشهد الأخير في العمل هو مشهد جنازتي المفترضة.. وهو مشهد ساخر بامتياز، وأختمه بسؤال صادم مجدداً (عندما أموت.. من الذي يموت فعلاً، غنام بدل الفاقد، وإلا غنام الأصلي؟) بالمناسبة فإنني أفتح المجال أمام المشاهد ليقول حكايته بعد أن أنتهي من العرض، أي أتحول لمشاهد، فيما يصبح المشاهد هو اللاعب المؤدي.. وقد سرد المشاهدون في معظم العرض صفحات من دفاتر كانت مخبأة في صدورهم.
*اذا كان الامر كذلك فما الذي دعاك لجعلها من نوع المونودراما ؟
- إن اختيارات العرض الفنية والتقنية تنبع بداية من تفاعل المخرج مع النص، دعني أؤكد أن غنام المخرج يتعامل بعقلية أخرى منفصلة عن غنام المؤلف (شيزوفرينيا إيجابية) وحيث أن النص الأصلي كان سرد تداعيات، فقد ذهب غنام الكاتب المسرحي لتحويله إلى نص مونودرامي، وحين تناول غنام المخرج النص وبدأ العمل عليه إخراجياً، غير وبدل وقدم وأخر وأزال وأضاف، وبعد تمرين ستة أشهر تقريباً كانت الخطة التي عمل عليها غنام المخرج والتي تتضمن التصور السينوغرافي الذي يحتوي على قطع ديكور وإكسسوار ومؤثرات وموسيقى وخطة إضاءة، كلها تتغير و تتبدل وتسقط كل المتطلبات التقنية والديكورات والاكسسوارات، كلها انتفت فنياً، لأن العمل فرض أن يكون متخففاً من كل ذلك لذلك قلت في وقت سبق ظهور العمل أنه (عرض ببعدين) (2D ) البعد الأول (اللاعب والمتلقي) والبعد الثاني (الحكاية) وهي حكاية الجميع، وأشير إلى الشيء الذي لم يتغير حتى حينه هو أن العرض يقدم في حلقة أو جلوس يحيط باللاعب سواء كان دائرياً أم مضلعاً، حسب الفضاء الذي لن يكون (خشبة مسرح).عند اقتراب العرض من انتهاء تدريباته، صرت أحس في التمارين أن هناك شخصية أخرى (و هي شخصية حقيقية مثل شخصيتي) ألا وهو واحد من أبنائي في المسرح (سليمان زواهرة) هذه الشخصية صارت تتواجد في مخيلتي أثناء التمرين، وهو أحد شركاء بعض الأحداث التي تقوم عليها المسرحية أصلاً، كان يظهر لي دون سواه، فقررت وقد أنهيت تجهيز المونودراما أن أجهز نسخة أخرى هي الدويتو دراما، و قد قطعنا مشواراً فيها، و ستكون جاهزة أيضاً ، حيث يمكن لي أن أقدم أي الصيغتين على حد سواء.

* جمعت بين التأليف والتمثيل والإخراج فلم تكن لك خيارات أخرى ما السر في ذلك؟
- من قال بأنه لم يكن لدي خيارات أخرى؟ دوماً هناك خيارات متاحة، كأن تأتي بممثل ليلعب الدور، أو تتفق مع مخرج ليقوم بالإخراج، لكن أن أختار كوني مؤلفاً ومخرجاً ولاعباً فهو خيار فني تماماً، وبالمناسبة كثيراً ما كنت ممثلاً لنصوصي، وكثيراً ما كنت ممثلاً ومخرجا لأعمالي سواء من تأليفي أو من تأليف غيري، وأذكرها من البداية لطرح نفسي مؤلفاً على مستوى المسرح الاحترافي كنت مؤلفاً وممثلاً في (اللهم اجعله خيرا) مع فريق مكون من سبعة فنانين حيث كان العمل من إخراج جبريل الشيخ لفرقة موال، كما كنت معداً ومخرجاً وممثلاً إلى جانب حوالي 20 فناناً في (الجاروشة) عام 1991، وكذلك معداً ومخرجاً وممثلاً في (من هناك؟) مع ثلاثة من الفنانين عام 1992، ومؤلفاً ومخرجاً وممثلاً إلى جانب أربعة فنانين في عنتر زانه والنمر، ومؤلفاً وممثلاً إلى جانب عشرة فنانين في (الزير سالم) من إخراج محمد الضمور عام 1994، و هكذا أيضاً في البحث عن نوفان وحياة حياة مؤلفاً ومخرجاً وممثلاً، وقد كنت ممثلاً في عائد إلى حيفا (مونودراما) من إخراج يحيى البشتاوي عام 2009، إذن أنا ممثل ورصيدي في التمثيل لا يقل أهمية عن عملي كمؤلف وكاتب. وقد أوردت في إجابة السؤال السابق أن خياراً فنياً آخر وقع لسأموت في المنفى ستكون جاهزة كعرض ثنائي.

* من الملاحظ أيضا أن العمل خلى من عناصر مهمة كالديكور والاضاءة وغيرها باستثناء الكرسي في قصدية مباشرة امتدت الى اقصاء خشبة المسرح التقليدية واقتحام او اشراك الجمهور في اللعبة المسرحية ..
- نعم، هو ما تشير إليه، و لكي اؤسس مرجعيتي لمن لا يعرف تجاربي السابقة، أنا ابن الفرجة المسرحية / الفرجة الشعبية/ الحلقة/ الجلسة من عام 1992، انا ابن (مسرح لكل الناس) البيان الذي أصدرناه عام 1992 على هامش مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، وقدمت العروض الخارجة على الخشبة الإيطالية في ما يزيد على عشرة عروض، وقد عرضت بعضها على الخشبة لأثبت أن العرض الفرجوي يمكنه أن يكون على الخشبة بسهولة، ولكن لا يمكن لعرض الخشبة أن يكون في حلقة فرجوياً. من هذه العروض، من هناك؟، عنتر زمانه والنمر، معروف الاسكافي، آخر منامات الوهراني، غزالة المزيون، فصيلة على طريق الموت.. و قد أصدرنا عام 1994 بيان الفرجة، و أنا أعمل على مسرح الجلسة في الشارقة منذ عام تقريباً. لذا فإن الكرسي الذي أشرت إليه كنت قد صممته لأقوم بتفصيله بحيث يؤدي أكثر من مهمة دلالية، لكنني تخليت عن هذا أيضاً و استعضت عنه باي كرسي من كراسي الجمهور، و هكذا أكون قد تخلصت من كل الزوائد، و أصبحت ضمن تطبيق (2 D or not 2 D ) وحين يكون أصل تصميم العرض هو هذا يكون الحضور/ الجمهور/ المتلقي (سمه ما شئت) مكوناً أساسياً في العرض، شريكاً عضوياً.

* العرض قدم داخل وخارج الأراضي الفلسطينية وفي أكثر من بلد عربي هل أجريت تغييرات شكلية ومضمونية ؟ ولماذا ؟
- من حسن حظي أن رحلة هذه العروض بدأت من مدن فلسطين، فقد عرضت ستة عروض في فلسطين بحضور من شرائح وطبقات مختلفة، خاصة من أهلي في المناطق المحتلة منذ 1948، وإن عرضاً كعرض مخيم الدهيشة بحضور عشرات من أمهات الشهداء من المؤكد أنه عرض استثنائي بالنسبة لي، كما عرضت في الدوحة / قطر، وعرضت في الأردن ( العروض من بداية إبريل نيسان وحتى نهاية شهر حزيران يونيو بلغت اثني عشر عرضاً، وسيكون هناك عروض في المغرب في الشهر القادم، وهناك دعوات من مصر وسوريا و العراق وتونس والبحرين، وهناك عشرة عروض مطلوبة في الأردن حتى الآن خلال هذا العام ، وأؤكد أن كل هذه العروض تتم حسب ما تم تصميم المسرحية عليه، دون تغيير في الشكل و المضمون، و لكن لاحظ أن الحضور من الجمهور يمكن أن يغيروا في التفاعل، كما حدث بوجود فنانين كبيرين هما عبد الحليم أبو حلتم و كمال خليل و كذلك عازف عود هو نور الأطرش والذين قدموا ارتجالات داخل العرض، وقد يتدخل شكل المكان في تريب وضع حضور المتلقين، لكنه لا يغير روح العلاقة معهم.إ ن هذا التمسك بمقومات منظومة العرض هو جزء من رسالة العرض الجمالية والفنية والفكرية، وإن أي تغيير يجب أن لا يغيبها بل يجب أن يدخل في منظومة العرض.

* نسبة الى الابعاد الفكرية والفنية والجمالية ما الذي كنت تراهن عليه في خطاب هذا العرض ؟
- لقد وضحت في اجاباتي السابقة جزءًا هاماً من الأمور التي راهنت عليها في هذا العرض، وأضيف إلى أن القيم الجمالية تعتمد على تفعيل خيال المشاهد وتشغيل مخيلته، لذا فإن مناظر المشاهد (التي يتخيلها كل مشاهد بطريقته و حسب مرجعيته المعرفية) تنتج مجموعة لا متناهية من المناظر التي يساهم بها عقل المتلقي، أما من الناحية الفنية فإن رسالة الفرجة مستمرة وقادرة على التفاعل مع المكان و الإنسان، أما الناحية الفكرية فإن التأسيس لإعادة إنتاج الملفات الحياتية للشعب الفلسطيني وقد صار هناك ما يشبه هذه السجلات في حياة شعوب عربية عدة، وتحويلها إلى رايات رأي و منارات طريق لغد أفضل أقرب للحرية و الكرامة هو ما يتحقق في هذه العروض، فعندما تبكي محامية كبيرة أو أديب كبير أو فنان كبير، و عندما تكون هي نفس اللحظة التي تبكي عجوزاً في الثمانين من عمره، وعندما يضحك كل هؤلاء في نفس اللحظة، ومن ثم يغنون نفس الأهزوجة، فإن الهدف متحقق، وعندما يطلب فلسطيني رمته المنافي ليكون إيطالياً ويطلب من منظم الحفل بعد متابعة عرض سابق أن يضع له كرسياً فارغاً يضع عليه إشارة بصفته (مغترب، مهجر، منفي) فإن الجانب الفكري يكون قد تحقق أثره. قال درويش عن الشهداء الذين يصعدون إلى حتفهم باسمين، وعن خوف الأعداء من الأغنيات، وخوف الأعداء من الذكريات.. إنني في هذا العرض أقدم مرافعة تنعش أرواح الناس وتخيف الأعداء.
* كلمة أخيرة..
- علينا أن لا نساهم في زيادة الفقدان والبعد وضياع الهوية، بل علينا أن نقوم بطرد الشوائب عنها، وترسيخها، فمن أنت دون هويتك؟ وهذا لا يعني الهوية السياسية فقط، بل والفنية، وهكذا .. هذه هويتي المسرحية و الفكرية و السياسية، هذا ما يجب أن يكون، لأكون جديراً بكوني فناناً فلسطينياً عربياً.

---------------------------------------------------------
المصدر : جريدة المواطن 

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption