أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 14 مايو 2017

المعهد العالي للفنون..«المسرحية»!.. والخطفُ خلفـاً

مجلة الفنون المسرحية

المعهد العالي للفنون..«المسرحية»!.. والخطفُ خلفـاً

يوسف الحيدر:

المكان: المعهد العالي للفنون المسرحية.. قسم التمثيل سنة رابعة، الديكور والملابس والمكياج والإكسسوارات واللوازم: حسب المتوفر، الإضاءة: فوق الممتاز أضيء الأمر بشكل كبير، الشخصيات الرئيسة: عميد المعهد العالي والطلاب التسعة عشر من السنة الرابعة، ضيوف الشرف حسب ترتيب الأفول ومع حفظ الألقاب: تامر العربيد، عروة العربي، زهير العمر، غسان مسعود، أحمد الأحمد، عبد المنعم عمايري، مصطفى المصطفى، الإخراج: تصدينا له في ظل اعتذار عدة أساتذة، نوع العرض ميلودراما (مضحك مبكي)، الموضوع: قراران أحدهما عقوبة بطلاب الدفعة كاملين والآخر يحمل في طياته عقوبة بإلغاء مشروع التخرج بشكله المعتاد، الهدف: ردع أخلاقي للطلاب وفق الإدارة، والمطالبة بمشروع تخرج وفق الطلبة.
كسر العرض الحياتي السابق ضمن المعهد العالي للفنون المسرحية الإيهام بأنّ المسرح السوري يتعافى ربّما، أو يستعيد شيئاً من نشاطه ودوره في المجتمع في الآونة الأخيرة، وذكّرنا بطريقة سريالية بواقعنا المتخبط، ليس على الساحة الثقافية فقط بل في أغلب مناحي الحياة، وأعادنا إلى واقع تسلل ببطء إلى مكان يعدّه الكثيرون مختلفاً، حالماً، مبدعاً، متفرداً، من حيث بنيته وطلابه وتعليمه ومخرجاته، وأصبح يصرُّ مثل المعنيين به والمسؤولين عنه في كل مناسبة (ثقافية) على التذكير بالخراب والدمار والآلام وإعادة الجميع وأولهم الطلاب إلى واقع يحاولون الهرب منه باتجاه الفن (كما تعلموا في المعهد) بحثاً عن حلولٍ لواقع أفضل.
دائماً قسمُ التمثيل
ليس قسم التمثيل الوحيد الذي تعرض لمشاكل إدارية أو فنية، ليس الأول ولن يكون الأخير الذي يتعرض طلابه للعقوبة أو يجلسون بلا كادر تدريسي وإمكانات تدريسية، ولكن يبدو أنّ خصوصية القسم تتمثل في أنّ طلابه في الصفوف الأمامية له دائماً يشكّلون واجهة له، وهم أول من يعكس صورة واضحة عن المعهد بحكم انتشارهم الأسرع والأكبر، ولأنّ الإدارة التي تستطيع التعامل مع طلاب قسم التمثيل لخصوصية قسمهم وتدريباته ومنهجه التعليمي وبنائه للطالب، تستطيع التعامل بسهولة وبساطة مع كل طلاب الأقسام الأخرى، ناهيك بتعاطف نجوم التمثيل الأكثر تأثيراً في الوسط مع زملاء المستقبل، ووعي وقدرة طلاب هذا القسم وجرأتهم على التحرك من دون خوف ولو أنّهم استخدموا هذه الهمة والمسؤولية خلال السنة لما ساهموا في خسارة إشراف د. تامر وعروة، والأستاذ غسان، والعمايري ومساعده المصطفى، وأخيراً قدرتهم الكبيرة على«التمثيل» وكسب التعاطف معهم، وهُمس لنا من باب التحذير بألا يضحك عليكم الطلاب كما ضحكوا علينا والاعتراف بالحق فضيلة.
بين الطلاب والإدارة
وصل القراران وتخميناتهما وبعض الإرهاصات عنهما إلى الإذاعات والصحف والمواقع الإلكترونية العربية قبل المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي وتضامن الغريب قبل القريب مع طرفي المعادلة، والإدارة ممثلةً بالعميد «جيانا عيد» تتحفظ على منحنا أيّ توضيح من شأنه شرح أسباب القرارين قائلةً: إنّ هذا أمرٌ داخلي لا يجوز خروجه إلى العلن والإعلام خاصة لأنّكم ستسهمون في تسيب وفلتان الأمور، وواجبي أن أجيب بالعمل، مطالبةً بعدم «التشويش» عليهم سلباً أم إيجاباً.
من طرف آخر طلاب المعهد الذين يعانون نقصاً في الدروس لديهم بسبب قلة الكادر وعدم التزام البعض بحجج مختلفة ومنها مثلاً نقص المواد في مادة المكياج، لجؤوا إلى مطالعة كتاب النظام الداخلي للمعهد (بصيغة pdf على الجوال) عوض كتب المنهاج الذي تقلّ مواده تباعاً كل فصل وسنة وتتغير مفرداته أيضاً، لعلّ القانون يفيدهم في دفع ما يعدونه ظلماً عنهم أو يجدون فيه ما يسبب إحراجاً للإدارة في أحقيتها بإدارة هذا المكان أم لا، وحاولوا مقابلة وزير الثقافة ولمّ شملهم الممزّق لكي يظهروا بمظهر البطل المظلوم المضطهد في صراعهم مع الشر المغدق.
غاب عن الطرفين وهما يشرحان تضحياتهما البطولية في ظل الحرب ومقدار ما قدموه لهذا الصرح، ويدفعان عن نفسيهما تُهم الآخر أنّهما شريكان في قصر النظر وتغليب الهوى والمصلحة الشخصية على مصلحة الزملاء والعملية التدريسية والعمل، وقدرتهما دونما اتفاق -وكلّ يحمل وزر عمله- على إلغاء خمسة مشاريع أو خلق الأسباب والعراقيل في سبيل ذلك.
مراوحة في المكان
وبالانتقال للمكان الذي تجري فيه فصول ومشاهد هذه المأساة العبثية، فالمراقب لعمل المعهد العالي للفنون المسرحية بآلياته وتجهيزاته ومناهجه ومخرجاته يلاحظ أنّ هذا المكان المفعم بالمواهب والإبداع والمملوء بـ(الأقسام والاستديوهات والكتل البشرية المتراكمة)، يواجه مراوحة في المكان منذ مدة طويلة وحالتي ركون وثبات أدتا بشكل أو آخر إلى تراجع كبير فيه، ظهر ذلك جلياً في عزوف كثير من الأساتذة وأصحاب الخبرة والموهبة والباع الطويل عن التدريس والعمل فيه لأسباب مختلفة أولها تصرفات الإدارات المتتابعة والاحتكاك معها، والكثير من هؤلاء الأساتذة ما زال داخل البلاد وراح يعمل في مجال آخر، وآخرون أنشؤوا معاهد خاصة بهم وراحوا يطبقون رؤيتهم فيها، و«ثلاثة أرباع» الأساتذة الحاليين في المعهد يدرسون في غير اختصاصاتهم –وفق ذات الهامس- وظهر هذا التراجع أيضاً في تصنيف قيمة المعهد العلمية خارجياً، فقد بات تصنيف هذا الصرح الأكاديمي علمياً الآن متراجعاً جداً غير متناسين تأثير الحرب فيه.
المراوحة والثبات والحفاظ على الوضع على ما هو عليه أمور تتطلب مواصفات خاصة للعمادة لتستطيع -أيّاً كان العميد- ضبط المكان والحفاظ على سير عمله لا أكثر، وهذه مهمة صعبة على من تعرض عليه العمادة فقبل حملها, راجين ألا يكون ظالماً جهولا، وفرض هذا الواقع الجامد والمتوارث على من يقود هذا المكان أن يقوم بإجراءات (صحيحة كانت أم لا) لتصحيح ما ورثه من تبعات كما يرى ويعتقد، والاجتهاد قدر الاستطاعة للمحافظة على سير العمل، إن كان من خلال التودد والمحاباة أو العقوبات وإقصاء الغير أو تكوين مجموعة عمل قريبة منه (شللية)، والتمسك بالقوانين أو بروحها وابتداع أيّ طريقة من شأنها مساعدته على إنهاء مهمته بسلام، ولو أنّ الإدارة الحالية اكتفت بالعقوبة الإدارية للدفعة بكامل عددها وحسب لما سمعنا هذا الحراك، ولكنّها اجتهدت وذهبت أبعد من ذلك وقامت بإلغاء مشروع التخرج أمام الجمهور واستعاضت عنه بلجنة، فما كان من الجمهور إلا أن أتى قبل أوان التخرج ومن دون دعوة لمتابعة ما ستسفر عنه الأمور.
«شلليّة».. وخليط غريب من القوانين
د. عجاج سليم أستاذ مدرس في المعهد وعميد سابق في رأيه أنّ ما وصل إليه المعهد اليوم من مشاكل ومطبات أمرٌ تراكميٌ على مدى طويل، ويذكر أنّه عندما تسلم أحد الوزراء السابقين وزارة الثقافة لم يكتف حينها بالتوجيه، بل تدخل بشكل شخصي في كل أمور المعهد فكرس عادات وأعرافاً أضرت به إلى هذا اليوم، منها إمكانية قيادة المعهد لأيّ شخص تنطبق عليه المواصفات القانونية من أيّ جهة أو وزارة كان، والأمر الآخر والمهم الذي أشار إليه أنّ الأساتذة أصبحوا يبتعدون عن العمل في المعهد لأسباب وظيفية, فهم لا يعاملون معاملة الهيئة التدريسية في الجامعات، بل كموظفين عاديين تنتهي خدمتهم في الستين من العمر، ولا يخضعون للنظام الأكاديمي من تفرغ وبحث علميين، وهذا أحالنا وأعادنا إلى الحديث عن النظام الداخلي للمعهد العالي للفنون المسرحية الذي يحوي في رأيه خليطاً غريباً من القوانين العلمية والإدارية، ويتمّ الاتكاء فيه دائماً على مادة تشكّل مخرجاً لأيّ معضلة وهي الرجوع إلى نظام جامعة دمشق عند استنفاد الحلول.
ثمّ ذكر سليم أيضاً حالة الشللية التي انتقلت من الوسط الفني وسوق العمل إلى المعهد المسرحي، وحسب رأيه فإنّ أعداداً من الأساتذة والدكاترة ما زالوا موجودين في البلد ولكن الإدارة لا تكلف أحداً منهم ولا تحاول الاقتراب منهم أو التعامل معهم!.. متسائلاً عن السبب، مبدياً تعاطفه مع الإدارة والطلاب لما آلت إليه حالهم، مشيراً إلى أنّه قدم النصيحة عدة مرات لمعرفته بثقل المهمة على أصحاب الشأن.
العمادة تصفية حسابات
مدير المسرح المدرسي في وزارة التربية موسى الأسود عمل مساعداً لرئيس قسم التمثيل مانويل جيجي بداية العام الدراسي الحالي في المعهد العالي ثمّ ناب عنه بعد سفره، كان من بين الأشخاص الذين كانوا على صلة مباشرة بالإدارة والطلاب مدة تقارب الأشهر الثلاثة وكانت لديه الشجاعة والمبادرة لمساعدتنا في فهم ماهية العلاقة الإشكالية التي وصل إليها الطرفان بكل صراحة وبعيداً عن الهروب والنأي بنفسه والشماتة بالحال التي آل إليها المعهد وأهله، قائلاً: أوجدنا في بداية العام الدراسي حالة انضباطية وهذا واجبي ومن مهامي انعكست على العملية التدريسية، وفق كلام بعض الأساتذة والطلاب أيضاً، وامتد أثر الانضباط إلى أقسام أخرى، مضيفاً: لكن العمادة طلبت مني بداية العام الدراسي تخفيف الحالة الانضباطية على الطلاب لكيلا تتكرر تجربة الوزير السابق مع المعهد، وذكرتني بطلبي الانتقال بشكل كلّي إلى المعهد لأني مكلف من وزارة أخرى والخوف من رفض الطلب في حال لم أسمح لطالب معين بالذهاب إلى التصوير ما قد يغضب أصحاب القرار!. وقلت لها: لا أساوم, عليك بنسيان الأمر وأنا لا أستطيع محاباة طالب ومنع أو مساءلة الطلاب الآخرين.. ومن مثل هذا الموقف بدأت المشاكل بين الأساتذة والطلاب، فالطلاب الذين قامت الإدارة بمحاباتهم على حساب بعض الأساتذة ها هي الآن تعاقبهم بأشد أنواع العقوبات الانضباطية قسوة في حين كانت أشد عقوبة اتخذتها أثناء وجودي الفصل مدة يومين بغض النظر عن السبب, لأنّ لطالب التمثيل والمعهد العالي بشكل عام خصوصية يجب فهمها وأخذها في الحسبان.
وأشار موسى إلى أنّ تأليب الطلاب على أساتذتهم ومنحهم حق اختيار مشرف المشروع وخاصة في حالة الدكتور تامر عربيد كان لتصفية حساب معه من قبل الإدارة، من أجل مشكلتها مع بسام كوسا حيث تمنّعت عن حضور عرض التخرج الذي أشرف عليه العام الماضي، ومع تكرار هذه المحاباة فُتح باب التمرد للطلاب على الأساتذة والإدارة، وزُرع الخلاف بين الطلبة أنفسهم لأنّ لكلٍّ منهم هوى ورؤية وشخصية وأغلبهم تضرر من اعتذار الدكتور تامر عربيد وعروة العربي عن إتمام مشروع التخرج.
وأكد مدير المسرح المدرسي أنّ ما تمّ ذكره سابقاً وعدم قدرته على العمل في هذه الأجواء شجعه على تقديم اعتذاره عن متابعة العمل في المعهد بإدارته الحالية بقوله: آثرتُ الابتعاد عن المعهد لأنّي وجدتُ في الاستمرار وفق الآلية المتبعة حالة عبثية ولا منطقية.
أين الأساتذة؟
وأوضح الأسود أنّ عيوب هذه الدفعة كثيرة ومتراكمة من العمادة والأساتذة السابقين، وأنّه من خلال تجربته المجتزأة في المعهد العالي للفنون المسرحية وجد أنّ المعهد يفتقد إلى علاقة منهجية مع الطلاب والالتزام من بعض الأساتذة ولاحظ غياب التواصل والقطيعة بين الإدارة والأساتذة وبين الأساتذة أنفسهم، متسائلاً: لماذا لم تحاسب الإدارة الأساتذة الذين يعطون خمس أو عشر دقائق فقط ويخرجون بحجة عدم الانضباط أو الانزعاج، أو الذين يتغيبون ويسافرون كثيراً ورغم كلّ ذلك يتقاضون كامل مستحقاتهم والذين يرفضون التدريس، هم موظفون أم لا؟! أم إنّ العقاب للطلاب فقط. وهذا ليس من باب الدفاع عن الطلاب وشغبهم.. فلتراجع الإدارة جوازات سفر البعض وستجد العجب، كما أنّ هناك محضراً شهرياً يرفع إلى وزارة الثقافة أين الوزارة منه؟! أم إنّ هذه المحاضر ترفع مجمّلةً ومنمقة.
وعن اعتقاده ويقينه بأنّ المشكلة ستتفاقم, حسب ما كتب في كتاب اعتذاره عن المتابعة في التدريس, قال أسود: الطالب تضبطه بفهم خصوصيته، لكن لا يمكن ضبطه عندما يغيب العلم والمنهج العلمي، وعندما لا يوجد كادر تدريسي في الفصل الثاني كافٍ لإعطاء المنهاج وشغل الطالب بالعلم فمن الطبيعي حدوث الفراغ والفوضى وانشغال الطلاب بالمشاكل بينهم ومع الإدارة.
هل فات الأوان؟
علمنا من خلال لقاءاتنا مع الطلاب في المعهد العالي ومبنى الصحيفة وعلى الهاتف اختلاف مشاربهم ودفعاتهم وعددهم الكبير مقارنة مع السنوات الماضية ورغم ذلك فإنّهم صعدوا خشبة المسرح جميعاً وبدؤوا العمل في أكثر من مشروع بكامل العدد وتلاشت المشاكل خلال العمل، وأنّهم الآن يحاولون تدارك ما فاتهم والعمل معاً للحصول على مشروع يتخرجون بموجبه أسوةً بطلاب تخرج في كل سنة واليأس الذي أصاب بعضاً منهم لصعوبة وجود من يقبل التصدي لهذه المهمة لو عادت الإدارة عن قرارها.
إلغاء مشروع التخرج أمرٌ لا يستطيع تخيله الدكتور عجاج، بينما قال فيه أسود: لا أعتقد أنّ هناك وقتاً معيناً لمشروع التخرج وأيّ أحد لديه القدرة على فهم واقع الدفعة ولديه حسٌّ إداري وتربوي وتقني وجانب جمالي وفكري ويحمل انتماءً للمكان بإمكانه تأدية المهمة.
تيــمـــــــات
عرضُ واقع صغير يعكس واقعاً أكبر وأكثر إيلاماً وفوضى وعبثية غايتنا، لا الانتصار لأحد.
عند اتخاذ قرارٍ تمعن فيه فربّما تكون أول المتضررين.
نِلْتُمْ مشروع تخرجكم وأصبحتم نجوماً من دون اعتلاء خشبة المسرح، ربّما لن يصفق لكم أحد لو رآكم على الخشبة.
إن أوصلتَ من معك إلى «نقطة انتهى»، فانظر في قدرتك وجدارتك.
ما وجدتموه في المعهد لا يقارن مع ما ستلاقونه من المنتجين والمخرجين وأشباه النجوم.
التنازلات أيّاً كانت والتي يقدمها البعض بطيب خاطر سيجبر على أكثر منها وفوق طاقته مع انتهاء وقت العرض.
الخطأ في الحرب خطآن، ولا معصوم عن الخطأ، لا تسمعني «خطة قدمكم»، دعنا نخطوها.
اختاروه منتمياً مكترثاً محباً عارفاً مدركاً ملماً قادراً، ليستطيع هضم 19 مراهقاً بالغاً عاقلاً مجنوناً فيلسوفاً معتوهاً مأزوماً مغروراً…
كتبوا عنهم
خليل صويلح (روائي وصحافي): سابقة لم تشهدها هذه المؤسسة التعليمية منذ تأسيسها في العام 1977.
أمل عرفة (ممثلة): حجب مشروع تخرج طلاب السنة الرابعة في المعهد العالي للفنون المسرحية يشبه الإعدام.
خلدون عليا (ناقد صحفي): ما حصلت عليه من تفاصيل دقيقة دفعني لقول «ما بدي عرض تخرج للرابعة لأنو الدراسة بالمعهد العالي للفنون المسرحية مو هيك».
ماهر منصور (ناقد صحفي): عروض التخرج كانت تجربة الأداء الأخيرة لعدد من المخرجين (على قلتهم) قبل أن يختاروا وجوههم الجديدة في أعمالهم الدرامية الاحترافية، وذلك لا يعني أبداً حرمان إدارة المعهد من حقها باتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط سير العملية التدريسية والفوضى.
عنود خالد (كاتبة): «لمّا ابني بيغلط أكيد رح نبهو.. ولما بيكرر الغلط أكيد رح عاقبو.. ولما بتصير أغلاطو أكبر مني ومنو.. رح دوّر عالخلل بعلاقتي معو.. بتربايتي الو وممكن احرمو من بعض الأمور إذا كان ولداً نشازاً.. بس ما بعمم العقاب على كل إخواتو… وقناعتي الشخصية أن سوء العلاقة تبدأ من الكبير وتفرض نفسها على الصغار».

----------------------------------------------------------
المصدر : جريدة تشرين 

الفنانة المسرحية لطيفة القفصي : حصاد نصف قرن من المسرح... لنحبّ بعضنا أكثر ونحبّ وطننا ونحافظ عليه

مجلة الفنون المسرحية

الفنانة المسرحية لطيفة القفصي : حصاد نصف قرن من المسرح... لنحبّ بعضنا أكثر ونحبّ وطننا ونحافظ عليه


تتميز الحركة المسرحية بجهة قفصة، بالثراء والتنوع، وتعدد المشاريع والتجارب، والأسماء الهامة، التي نحتت مستقبل هذا القطاع، جيلا بعد جيل، عبر مختلف الأجيال والمدارس، والتيارات المسرحية التي جعلت من الجهة منارة للمسرح، منذ ثلاثينات القرن الماضي إلي يومنا هذا.
ومن هذه الأسماء، الفنانة المبدعة لطيفة القفصي التي عانقت خشبة المسرح لمدة حوالي نصف قرن، وقدمت عديد الأعمال المسرحية، والتلفزية الهامة، عرفها الجمهور من أولى أعمالها عن دورها: «باكة» في مسرحية «حمة الجريدي» والان «جمعة» أم الفاهم في سيتكوم «نسيبتي العزيزة» التقتها «المغرب» على هامش فعاليات النسخة الخامسة لمهرجان قفصة للفرجة الحية، والذي سيتم من خلاله تكريمها، اعترافا بما قدمته للمسرح، في الحوار التالي:
• هل يمكن ان نتعرّف اكثر على لطيفة القفصي؟
لطيفة القفصي، فنانة مسرحية، وعلاقتي بالمسرح تناهز النصف قرن، اكتسبت خبرتي من مشاريع التكوين داخل تونس، وخارجها لا سيما في مجال الإضاءة، لأتمكن من القراءة فوق الركح. مررت خلال مسيرتي بعديد التجارب والأعمال المسرحية والتلفزية، وايضا السينمائية، وكانت اغلبها أعمالا ناجحة، ما عدا البعض القليل، لاسيما الأعمال التلفزية التي لم تلق الرواج الكافي. وأكثر ما اكتسبته طيلة هذا المشوار، هو حب الناس وتقديرهم. والاعتراف بما قدمته للمسرح.

• إذا، التحاقك بفرقة مسرح الجنوب بقفصة، لم يكن وليد صدفة، ولا تطفلا على المسرح، كما يفعل البعض اليوم؟
كما أشرت في البداية، فقد التحقت بفرقة مسرح الجنوب بقفصة، بزاد معرفي محترم، وكان ذلك سنة 1974. بمعية الفنان المسرحي عبد القادر مقداد، والمرحوم محمد الطاهر السوفي، ولزهر مسعاوي والمنصف بلدي ومحمد ساسي القطاري، والفاضل قلنزة، ومصطفى قضاعي، وغيرهم... واشتركنا في انجاز مسرحية «حمة الجريدي» التي لاقت نجاحا هاما، ولا تزال حاضرة الى الان. ثم تتالت الاعمال الاخرى، ومنها: «الدنيا حكايات» و»البرني والعطراء»، و»عمار بالزور»، و»الجراد»، و»العريش، والقائمة طويلة، وكنا حينها نتقاضى 20 د. شهريا، والكاشي 500 مليم، ورغم ذلك، تمكنا من تقديم مسرح جيد حظي باعجاب الجماهير عبر مختلف جهاد البلاد.

• رغم صعوبة العمل انذاك، فإن فرقة مسرح الجنوب، قدمت اعمالا مسرحية، ناجحة، فما السر في ذلك؟
كل ما في الأمر، أن مختلف تلك الأعمال، كان منطلقها الواقع، والمشاغل اليومية للمواطن، فهي تعالج همومه، وتبلغ صوته، وتقول ما لا يقدر أن يصرح به، أضف إلى ذلك صدق الأداء، والإحساس الصادق للممثلين رغم صعوبة العمل. فقد قدمننا العروض في الأسواق، والمدارس، والشوارع وحتى في معصرة للزيت، ولم نرفض طلب الجماهير في أي شبر من ربوع الوطن وكنت شخصيا ارتدي زي التمثيل فوق ملابسي، لعدم وجود فضاءات خاصة بالممثلين. ومن العوامل الأخرى التي ساهمت في إنجاح الأعمال. صغر السن والإيمان برسالة المسرح، وهو ما أكسب الفرقة تلك الشهرة.
وإحقاقا للحق، فان الرئيس الراحل المرحوم الحبيب بورقيبة، عمل على تقليص هذه الصعوبات، ببعث المعهد الأعلى للفن المسرحي، بمقتضى أمر صدر يوم 16 فيفري 1986 بالرائد الرسمي، إلى جانب ضبط الأعمال المسرحية الدرامية، وإسناد بطاقات الاحتراف، وسحب التغطية الاجتماعية على العاملين في القطاع.

• الفنان المبدع، عبد القادر مقداد، اقترن اسمه بفرقة مسرح الجنوب طويلا، فكيف كان التعامل معه؟
حين التحقت بفرقة مسرح الجنوب، كان عمري 16 سنة، ومعه تعلمت المسرح، وكغيري من الممثلين، كان يعاملنا بندية، ونشاركه في ورشة كتابة النص، والإخراج، والإضاءة، فعبد القادر مقداد كان على درجة عالية من الذكاء، من خلال طريقة طرحه للمواضيع، التي سرعان ما يتفاعل معها الجمهور، وهي خصال لا نجدها عند البعض الأخر، كما حرص على تعليمنا ابجديات العمل المسرحي، وبالتالي يعود له الفضل في تكوين عديد الأجيال المسرحية، مما جعلنا نتفق على تسمية تلك المرحلة «بالمدرسة المقدادية» التي حملت بصمات عصرها، وهموم ومشاغل أجيالها.

• ماهي أهم الذكريات، التي لا تزال عالقة بذهن الفنانة لطيفة القفصي بعد المسيرة المطولة، والحافلة بالأعمال المختلفة... ؟
في الواقع لكل عمل ذكريات بحلوها ومرها، ولكل هذه الذكريات قيمة في حياتي، ورغم أن هذه المسيرة كانت وردية في اغلب مراحلها إلا أنه تعذر علي الزواج، وحرمت من الأمومة، ولكن اللحمة التي كانت تجمعنا كفرقة مسرحية، خففت عني هواجس هذه النقيصة ومن الذكريات الأليمة أيضا مخلفات الحادث، وأثاره على ساقي، والذي تعرضنا له سنة 1983، بعد عرض مسرحي في «بلاريجيا» وكنت رفقة الفنان عبد القادر مقداد، والمرحوم محمد الطاهر السوفي، وسائق السيارة وكنا في طريقنا إلى تونس العاصمة، وأيضا حادثة، منع مسرحية «عمار بالزور» من مواصلة العرض تلفزيا، بعد أن صورها لطفي البحري وإقالة مدير التلفزة، من طرف وسيلة بورقيبة، ثم منع عرض مسرحية «العريش» وتوقيف الفنان عبد القادر مقداد بوزارة الداخلية، وتجميد نشاط الفرقة لمدة اشهر، غير ان تاريخ 7 نوفمبر 1987، انقذنا من تلك المظلمة لنعود الى سالف نشاطنا. وكان سببها أيضا منصور السخيري.

• من فرقة مسرح الجنوب، الى مركز الفنون الدرامية، ما الذي تغير، والى اي اتجاه سار هذا التغيير إن وجد؟
في الواقع ما حدث هو أن خلية الفرقة بقيت بالمركز، ولم نستفد كثيرا كممثلين، فلا ترسيم، ولا قانون أساسي لهذه المراكز، فأنا شخصيا تبلغ منحة تقاعدي 301 دينارا، بعد مسيرة حوالي نصف قرن من العمل، وإعاقة في ساقي، ما تغير أيضا انفتاح المركز على محيطه واستقطاب الكفاءات الشابة، إلى جانب الرسكلة والتكوين واليوم اثمن هذه البادرة الرائدة، والمتمثلة في تكريمي من طرف مركز الفنون الدرامية بقفصة، وفي اطار فعاليات مهرجان الفرجة الحية وبالتالي فللفرقة خصوصياتها، وللمركز افاقه واختصاصه وهما يلتقيان من اجل المسرح، والمسرحيين، ومن حيث الاعمال شاركت مع مركز قفصة في مسرحية «نوارة الملح» التي تكونت على اثرها علاقة وطيدة مع المخرج علي اليحياوي، والذي انتقل الى مركز الفنون الدرامية بمدنين، ومعه شاركت في مسرحية «كعب الغزال» و»رايون سيتي» وانا احظى بالتقدير والاحترام في كلا المركزين...

• شاركت في عديد الأعمال التلفزية، ومنها سيتكوم «نسيبتي العزيزة» فهل انت مقتنعة بالأدوار التي قمت بها، وهل سنراك في التلفزة خلال شهر رمضان؟
مشاركاتي التلفزية متعددة، أولها كان سنة 1987، في مسلسل «ابحث معنا» ثم مسلسل «الدوار»، و«الخطاب عالباب»، و«العاصفة»، و«الحصاد»، و«أخوة وزمان»، و«منامة عروسية»، وبعض الاعمال الاخرى التي لم تحقق النجاح المطلوب وهي: طاولة وكراسي، ووردة وكتاب، ثم شكل سيتكوم «نسيبتي العزيزة» نقلة نوعية بالنسبة لي، واعتز بمشاركتي التمثيل مع المرحوم سفيان الشعري، الذي عرفت فيه الانسان الصادق والنقي، فهو دائم الابتسامة والمرح، والتواضع، رغم تالقه في ادواره، واكتسابه شهرة هامة. وسيكون لي موعد خلال شهر رمضان مع المتفرجين من خلال الجزء السابع «لنسيبتي العزيزة» الذي سيتميز بديكور جديد، وعديد المفاجآت....

• كيف يمكن أن نختم هذا اللقاء؟
بتوجيه رسالة الى كل التونسيين من الشمال الى الجنوب، لنحب بعضنا اكثر، ونحب بلادنا، ونحافظ عليها، ونعمل جميعا من اجل سلامتها وحمايتها، وحين يتعلق الامر بالمصالحة لا بد ان ننظر اليها من مختلف الزوايا، ونستفيد من ايجابياتها، ونتعض من سلبياتها.

-------------------------------------------------
المصدر : حاورها محمود الأحمدي - المغرب 

الرستاق المسرحية تمثل السلطنة في مهرجان ليالي المسرح الحر الدولي بالأردن

مجلة الفنون المسرحية

الرستاق المسرحية تمثل السلطنة في مهرجان ليالي المسرح الحر الدولي بالأردن


تكمل فرقة الرستاق المسرحية استعداداتها للمشاركة ضمن فعاليات الدورة الـ12 من مهرجان ليالي المسرح الحر الدولي بعرض «مسرحية العيد» الذي يقام في العاصمة (عمّان) بالمملكة الأردنية الهاشمية خلال الفترة من (13 – 18) مايو الحالي، حيث ستقام دورة هذا العام تحت رعاية وزير الثقافة الأردني سعيد شقم وعلى مسارح المركز الثقافي الملكي والجامعة الأردنية بعمّان.
كما ستشارك في المهرجان عروض من تسع فرق مسرحية عربية وأجنبية من الأردن ومصر وتونس والكويت وسلطنة عمان وفرنسا وبولندا والمكسيك وتشيلي.
وقد كشفت اللجنة المنظمة مجلس إدارة مهرجان ليالي المسرح الحر الدولي في دورته الثانية عشرة عن تفاصيل لجنة تحكيم المهرجان التي ستكون برئاسة المخرجة الأردنية سوسن دروزة، والدكتور مخلد الزيودي من الأردن، فيما أعلنت اللجنة المنظمة مجلس إدارة المهرجان عضوية لجنة التحكيم لكل من المخرج ناصر عبدالمنعم من جمهورية مصر العربية، والدكتور سامي الجمعان من المملكة العربية السعودية.
وأقرت كذلك بجوائز المهرجان التي تتمثل في ذهبية المسرح الحر لأفضل عرض مسرحي متكامل وفضية المسرح الحر لأفضل عرض مسرحي متكامل وبرونزية المسرح الحر لأفضل عرض متكامل، وذهبية المسرح الحر لأفضل سينوغرافيا، وذهبية المسرح الحر لأفضل ممثل، وذهبية المسرح الحر لأفضل ممثلة، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة.
كما أقرت اللجنة المنظمة مجلس إدارة مهرجان المسرح الحر في الدورة 12 العروض التي تدخل ضمن المسابقة الرسمية وهي بولندا بعرض (Tuba Dei and Angels)، والمكسيك بعرض (Venom Hamlet)، وفرنسا بعرض (Sweety Sweety)، وسلطنة عمان بعرض (مسرحية العيد)، وتونس بعرض (مسرحية الصبية والموت)، ومصر بعرض (يا سم)، والتشيلي بعرض (Bunker)، وأخيرا الكويت بعرض (العائلة الحزينة).
تجدر الإشارة إلى أن مسرحية العيد من تأليف الكاتب العماني بدر الحمداني، وإخراج الفنان محمد المعمري رئيس فرقة الرستاق المسرحية، كما يجسد المسرحية الفنانة نهاد الحديدية، وعلي المعمري، وزاهر السلامي، وحاتم الحراصي، وعبدالله الفارسي، وهشام الحراصي، ويوسف الخروصي، ويوسف البلوشي، ويشارك في الديكور والإضاءة جمال الضوياني، والإكسسورارات والأزياء خليل المعمري، وإدارة المسرحية حسن الغافري، وفريق الإعلام المرافق سلطان الشكيلي وأسعد العدوي وعبدالرحمن العبري، وفي الإشراف العام خالد الضوياني.
وحول مشاركة الفرقة في الدورة الـ12 من مهرجان ليالي المسرح الحر الدولي يقول الفنان محمد المعمري رئيس الفرقة: حصلنا على إشادات حول عرض مسرحية العيد في المؤتمر الصحفي الذي عقد في الأردن للإفصاح عن تفاصيل مهرجان المسرح الحر الدولي في دورته الثانية عشرة، وقد شاركت المسرحية في مهرجان المسرح العماني السادس العام الماضي، كما شاركت في مهرجان أول بمملكة البحرين.
ونحمد الله تعالى على استكمال استعداداتنا لأعمال المشاركة في الدورة الـ12 من مهرجان ليالي المسرح الحر الدولي، ونتمنى أن نكون خير سفراء للمسرح العماني، والشكر موصول لوزارة التراث والثقافة بالسلطنة على الدعم المعنوي والتسهيلات التي قدمت لنا، ونحن على أتم الاستعداد لتشريف المسرح العماني في هذا المهرجان خير تمثيل.

----------------------------------------

المصدر : عمان 

المسرحي فرحان بلبل: حمص حملت شعلة المسرح السوري بعد توقف القباني

مجلة الفنون المسرحية

المسرحي فرحان بلبل: حمص حملت شعلة المسرح السوري بعد توقف القباني

تشير المراجع والكتب إلى أن لا أثرَ للنشاط المسرحي في نهاية القرن 19 وأول العشرين إلاّ في دمشق وحمص، ما عدا إشارة سريعة عن كاتب مسرحي من حلب هو توما أيوب1861- 1911، أما دمشق فمنذ أن تحقق لها ريادة المسرح العربي على يد أبي خليل القباني، امتلأت لياليها بفنه المدهش.

فلما أُوقِفَ عن العمل عام 1880، خلت دمشق من العمل المسرحي خلواً تاماً حتى السنوات الأولى من القرن العشرين وصمتت صمتاً تاماً مدة تزيد على عشرين عاماً، أما حمص فقد بدأت نشاطها المسرحي الفعلي منذ عام 1870 أي بعد بدء القباني بعامين أو ثلاثة، وقد توقف هذا النشاط توقفات قصيرة جداً لكنه استمر حتى الحرب العالمية الأولى، فكانت خلال 45 عاماً موئل النشاط المسرحي، وكانت بعد توقف القباني، تحمل شعلة المسرح السوري.

بتلك الإشارة استهل المسرحي العتيق فرحان بلبل محاضرته “من تاريخ المسرح في حمص” التي ألقاها مؤخراً في المكتب الفرعي لاتحاد الكتّاب العرب في حمص، ثم مضى يتحدث عن كيف كان المسرح في حمص فقسّم حديثه  عن مرحلتين، الأولى من 1870 إلى 1914.

وقبل الخوض في هذه المرحلة أشار بلبل إلى أنه لم يكن غريباً على حمص أن تلد وتحتضن المسرح السوري، فقد كانت رغم صغرها، حافلة بالنشاط الثقافي والفني. فإن سلسلة الشعراء فيها لم تنقطع. وكانت أحد المراكز الموسيقية الهامة في سورية. وكان شأن الموسيقا فيها كشأنها في حلب ولهذا أمكن لحمص أن تلد المسرح السوري أولاً، وأمكن لها أن تمنحه خلال أربعين عاماً فقط (من 1870 إلى 1911) أربعة كتّاب مسرحيين كتبوا أكثر من خمسة وعشرين نصاً مسرحياً، ثانياً.

ثم انتقل بلبل للحديث عن الكتّاب الأربعة الذين ظهروا في هذه المرحلة وكان أولهم عبد الهادي الوفائي وهو ابن بيت فن وصُقلت موهبته عندما عمل في دمشق فالتقى بالشيخ أبي خليل القباني وحضر مسرحياته، فلما عاد إلى حمص بدأ بأعماله المسرحية عام 1870 فأحيا  النشاط المسرحي الذي كان متوقفاً بعد أن بدأ على يد الحاج سليمان صافي 1860 الذي قدّم في حديقة بيته عروضه المؤلفة من شخصين أو ثلاثة على طريقة ما كان معروفاً في المسرح الأوروبي، قدّم الوفائي خمس مسرحيات بين 1870 و1880 ، وخصص ريعها للمشاريع الخيرية في المدينة واستطاع أن يغرس هذا الفن المثقف في نفوس مشاهدي عروضه رغم ثقافتهم المحدودة واستعان على ذلك – كما استعان الرواد قبله – بالموسيقا، فكانت مسرحياته تحوي الغناء والموسيقا.

الكاتب الثاني هو داود قسطنطين الخوري الذي أخذ عن والده اللغة العربية وآدابها، وتعلّم الموسيقا وكان له صوت شجي، وخلال وظيفته بدمشق تعرف على القباني الذي اصطفاه لعبقريته، فرافق القباني لمصر وعمل معه لسنوات، ثم عاد لحمص واتجه للمسرح 1890 وكتب ست مسرحيات، وعدداً كبيراً من الروايات الصغيرة والمشاهد الهزلية، التي ضاع أكثرها.

أمّا الكاتب يوسف شاهين فلم يكن له باع طويل في المسرح، فقد ظهر مع الخوري في عام 1890 وقدم لطلاب المدرسة الأرثوذكسية (الملك كورش)، وقد وضع ألحانها داود قسطنطين الخوري، وفي عام 1891 اشترك مع الخوري في كتابة مسرحية (سميراميس).

والكاتب الرابع هو أكبر الكتّاب الذين عرفتهم حمص في تلك الفترة وأبعدهم أثراً فيها وفي بلاد الشام وهو الشيخ محمد خالد الشلبي، فهو من أوائل من اتجه بالمسرح نحو السياسة وجعله يخوض المعركة الوطنية في وجه الاحتلال العثماني، وقد كان المسرح قبله يكتفي بالجانب الاجتماعي وعظاً وتوجيهاً، وهو أول كاتب مسرحي عربي استغنى عن الغناء في بعض مسرحياته، لاعتقاد منه أن المسرح توعية سياسية تحتاج إلى تفتّحٍ في الذهن وإصغاء إلى الأفكار، وكتب ثمان مسرحيات.

وفي حديث المسرحي بلبل عن المرحلة الثانية (1918- 1925 ) يقول: تأسس النادي العربي عام 1919 وكان فرعاً للنادي العربي الذي أسس في دمشق في عهد “حكومة الأمير” فيصل، قدم هذا النادي في أول تأسيسه مسرحية (مظالم جمال باشا السفاح) ومسرحية (جلاء الأتراك عن سورية) وكلتاهما من تأليف خالد الشلبي.

وأشار بلبل إلى تشابه بين الحركة المسرحية في حمص ودمشق حتى هذه المسرحية، إذ كان النص نفسه يقدم في كل منهما، لكن المسرح في حمص بعد هاتين المسرحيتين يتّخذ مساراً مختلفاً عن مساره في دمشق، فالمسرح في دمشق يتوقف أو يضعف، أما في حمص فيستمر ويقوى بقوة، ويستمر في تصاعده حتى انطلاق الثورة السورية الكبرى عام 1925 وكان النادي العربي حتى تلك اللحظة قد قدّم عشر مسرحيات وطنية، لكن هذا النادي أغلقه الفرنسيون بمجرد دخولهم حمص.

ورأى بلبل أن من أهم ميزات المسرح في حمص خلال الاحتلال الفرنسي لسورية أنه استمر يقدم مسرحاً سياسياً لأن المسرح ولد في سورية سياسياً، لكنه اتخّذ خلال الاحتلال وجهاً جديداً هو (العدائية) السافرة للسلطة الفرنسية، وتدرك هذه السلطة ذلك تمام الإدراك فتقوم بينها وبين المسرح في حمص حرب خفية ومعلنة، ويختلط النشاط المسرحي بالحرب الدائرة بين السوريين والفرنسيين، فلا نكاد نفرّق بين الحرب بالمسرح وبين الحرب بوسائل النضال المتاحة للمواطنين يومذاك  سواء كانت بالإضرابات والتظاهرات أم كانت بالسلاح.

وبرز في هذه الفترة نشاط فرقة الشباب الوطني الذي أزعج السلطات الفرنسية بالعروض المسرحية التي قدمها ما دفعه لأخذ قرار منع أي عرض مسرحي في حمص، ولتنشغل الناس بالثورة السورية الكبرى، فلا يعود المسرح في حمص إلاّ بعد توقف الثورة ولكن عودته  تكون بإطار جديد.

------------------------------------------------------
المصدر : نضال بشارة - تشرين 

المسرح الجديد في‮ ‬القرن العشرين

مجلة الفنون المسرحية

المسرح الجديد في‮ ‬القرن العشرين

 ‬داجمار كاس


أرضية هذا المقال هي‮ ‬التكنولوجيا التي‮ ‬تم تهميشها من خلال رغبتنا في‮ ‬اكتشاف العالم والإنسان،‮ ‬والمسرح الذي‮ ‬لا‮ ‬يحتاج بالضرورة إلي‮ ‬القاعات،‮ ‬والذي‮ ‬ينتشر بعيدا عن الكلمة،‮ ‬ويقول‮ »‬مايكل هاكسلي‮« ‬و»نويل ويتس‮« ‬في‮ ‬كتابهما‮ »‬قارئ المسرح في‮ ‬القرن العشرين‮« ‬إن التكنولوجيا ابتكرت رؤية جديدة للعالم،‮ ‬وأننا‮ ‬يمكن أن نتوقع أن‮ ‬يتعامل المسرح مع المعالجة المركبة للموضوعات والاستجابات المركبة في‮ ‬القرن العشرين‮.‬
وسوف أقدم عدة أشكال للمسرح الجديد‮ (‬علي‮ ‬أساس تصنيف العروض وليس الفرق المسرحية أو الفنانين‮) ‬مع بيان ثلاث طرق مختلفة في‮ ‬استخدام الإنترنت‮.‬
1‮- ‬الإنترنت كأداة‮: ‬وسوف نقدم من خلالها مختلف الأشكال المسرحية التي‮ ‬تقدم الحقيقة الفعلية مقابل الحقيقة الافتراضية من خلال استخدام الإنترنت‮.‬
2‮- ‬الإنترنت كمخرجات‮: ‬المسرح الذي‮ ‬يستخدم الحقيقة الافتراضية لكي‮ ‬يصبح جزئيا آلة وإنسان وآلة‮.‬
3‮- ‬الإنترنت كأداة ومخرجات‮: ‬أشكال المسرح التي‮ ‬تعتبر البيئة أهم من المساحة الخالية‮.‬
وهدفي‮ ‬هنا ليس تقديم تحليل عميق،‮ ‬بل تقديم المصطلحات والشروط‮.‬
‮< ‬الإنترنت كأداة‮:‬
حظي‮ ‬المسرح التفاعلي‮ ‬باسمه من العوض التفاعلي‮ »‬فندق الجحيم‮« ‬الذي‮ ‬أخرجه‮ »‬كيلي‮ ‬ديبل‮« ‬والذي‮ ‬استخدم فيه البرمة الموجهة‮ ‬Max/Msp‮ ‬متتبعا حركة المؤدي‮ ‬البشري،‮ ‬ويرسل المعلومات عبر شبكة وسيطة لكي‮ ‬يتحكم في‮ ‬المستوي‮ ‬السمعي‮ ‬لشكل الصوت وإطار الزمن لإعادة تشغيل الفيديو كليب‮. ‬والنص كوسيلة توضيحية‮ ‬يتم استبداله بصوت جمهور حقيقي‮ ‬بعض الجيران مسجل مسبقا،‮ ‬وصور فيديو تخلق فراغ‮ ‬إيهامي‮ ‬يفهم باعتباره فراغًا حقيقيًا من جانب المتلقين‮. ‬ولدينا صيغة لسلسلة متنوعة ومتكررة تربط الفراغ‮ ‬وحركة الشخص وتقنية الكمبيوتر والإنترنت،‮ ‬ولابد أن تعمل هذه المكونات الثلاثة وإلا سوف تنهار السلسلة ويتلاشي‮ ‬ذلك العالم‮.‬
‮< ‬مسرح الوسائط المتعددة‮:‬
وهو‮ ‬يقوم علي‮ ‬عرض‮ »‬معدل سرعة الهروب‮« ‬الذي‮ ‬قدمته فرقة المسرح الأسترالي‮ ‬في‮ ‬الفراغ،‮ ‬وهذا العرض‮ ‬يخلق حوارا بين مفاهيمنا البصرية والشفاهية والحركية باستخدام الفراغ‮ ‬الحقيقي‮ ‬والفراغ‮ ‬الافتراضي‮ ‬المبتكر بواسطة‮ »‬خدمات الشبكة الرقمية المتكاملة‮ ‬ISDN‮« ‬والفيديو كونفراس‮ (‬أو اللقاء عبر الفيديو‮). ‬وتستخدم الفرقة المفهوم الذي‮ ‬يقول إن الفراغ‮ ‬المسرحي‮ ‬يفهم علي‮ ‬أنه‮ ‬غير مرئي‮ ‬ولا محدود ومرتبط بمستخدميه،‮ ‬وكما‮ ‬يقول‮ »‬باتريس بافيس‮« ‬إن الفراغ‮ ‬لا‮ ‬يمكن ملئه بل‮ ‬يتم توسيعه،‮ ‬ويمكن تجاوز الحقيقة عندما‮ ‬يصحب الممثل الحقيقي‮ ‬ممثلاً‮ ‬افتراضيًا‮ ‬يتم احضاره إلي‮ ‬خشبة المسرح باستخدام وسائل تقنية،‮ ‬ويمكننا أن نصف حقيقتين الفراغ‮ .. ‬الذي‮ ‬يحدث فيه العرض حيث تتم مشاهدة الراقصين بواسطة الكاميرا،‮ ‬وهاتان الحقيقتان تخلقان حقيقة ثالثة مشتركة بين كلا الراقصين‮ (‬الحقيقي‮ ‬والافتراض‮).‬
ويستفسر مسرح‮ »‬الحركة عن بعد‮ ‬Telematic theates‮« ‬عن مفاهيم مثل الهوية والفراغ‮ ‬والزمن،‮ ‬ومفهوم الحقيقة الطبيعية والاصطناعية،‮ ‬وفي‮ ‬عرض‮ »‬جنون الملائكة‮« ‬(1994)‮ ‬لفرقة كوربسندايس الكندية‮ ‬يحظي‮ ‬كل راقص بحضور مزدوج،‮ ‬الأول حقيقي‮ ‬ومباشر،‮ ‬والآخر حضور حركي‮ ‬عند بعده ويمتلك كل راقص إشارة مشفرة علي‮ ‬جسمه تولد البيانات وترسل هذه المعلومات المنظمة إلي‮ ‬موقع آخر وتولد فراغًا موسيقيًا،‮ ‬وفي‮ ‬هذه الدائرة الإبداعية التفاعلية‮ ‬يمكن لكل راقص أن‮ ‬يعي‮ ‬نتيجة أفعاله وحركاته‮ - ‬فالصوت الصادر من مكان له تأثير علي‮ ‬الصوت في‮ ‬مكان آخر،‮ ‬ويضع نظام الفيديو كونفراس‮ ‬(ISDN)‮ ‬الزمن في‮ ‬مركز الأداء ويوسع معانيه،‮ ‬وربما‮ ‬يتصادف أثناء تحول الراقص أن تختلط وحدات الزمن ومناطقه‮ - ‬أو الزمن من حيث تضافر الماضي‮ ‬والمضارع والمستقبل هو الزمن الذي‮ ‬أسميه‮ »‬الزمن الحجمي‮ ‬Dinensional Time‮«. ‬فالمسرح لم‮ ‬يعد‮ ‬يتعامل مع الأشياء بل المادية،‮ ‬بل أصبح‮ ‬يتعامل مع الإشارات الرقمية المتوائمة والمتناسقة مع الزمن الحقيقي‮.‬
والأداء التجسيدي‮ ‬Avatar Performance‮ ‬هو المعمل الذي‮ ‬يلعب فيه الممثل دور فأر التجربة ويلعب فيه المخرج دور العالم،‮ ‬ففي‮ ‬عرض‮ »‬موفاتار‮« ‬الذي‮ ‬قدمته الفرقة الأسترالية‮ »‬ستيلارك‮« ‬هو تجربة‮ ‬يتم من خلالها تحريك الجسم البشري‮ ‬باستخدام كمبيوتر ثلاثي‮ ‬الأبعاد‮ ‬يولد جسما افتراضيا‮. ‬والعرض‮ ‬يقوم علي‮ ‬التحريك العكسي‮ ‬لنظام تحكم،‮ ‬بدلا من التحريك المجسم لجوهر الكمبيوتر،‮ ‬فالنموذج المجسد‮ ‬يمتلك جسما ماديا موجودًا في‮ ‬الفراغ‮ ‬الحقيقي،‮ ‬إذ‮ ‬يمكن التحكم في‮ ‬ذراعي‮ »‬ستيلارك‮« ‬والجزء العلوي‮ ‬من جسمه بواسطة العموض الفقري،‮ ‬بينما تظل رجلاه‮ (‬قدماه‮) ‬حرتي‮ ‬الحركة،‮ ‬وتلامسا الأرضية التي‮ ‬تهدئ من حركته،‮ ‬وهذا العرض‮ ‬يوضح أن التطور التقني‮ ‬أوصلنا إلي‮ ‬نقطة أن خيالنا حول موائمة الإنسان ليست محصورة فقط في‮ ‬استخدامنا العادي‮ ‬للأشكال‮ (‬الملابس‮) ‬والألوان‮ (‬المكياج‮).‬
‮< ‬الإنترنت كمخرجات‮:‬
يسمح عرض‮ »‬التميز في‮ ‬مساحة السيطرة الآلية‮« ‬الذي‮ ‬قدمته فرقة‮ »‬سايبر ثياتر‮ ‬Cyber theater‮« (‬عام‮ ‬1997‮) ‬للمشاهدين باستخدام‮  ‬الإنترنت والكمبيوتر أن‮ ‬يظلوا في‮ ‬البيوت،‮ ‬فالعرض‮ ‬يعكس الزمن الذي‮ ‬نعيشه‮. ‬إذ‮ ‬يمكننا أن نقابل الذين لم نقابلهم ولم نراهم أبداً‮ ‬عن طريق الإنترنت،‮ ‬ومن خلال النصوص المتبادلة بينهم سوف تولد الشخصيات،‮ ‬ولكن سوف‮ ‬يظل هذا الشخص مجرد معلومات نصية حتي‮ ‬نقابله شخصيا،‮ ‬ومسرح التحكم في‮ ‬الاتصال هو وسيط إدراك المشاهدين‮ - ‬فالحواس الرقابية محدودة،‮ ‬وتحرك خبرة العمليات العصبية في‮ ‬بيوت المشاهدين،‮ ‬ويري‮ »‬جاي‮ ‬ديبور‮« ‬التكنولوجيا ووسائل الاتصال أنها آليات قوية تجعل الأفراد طائعين بلا إحساس‮ ‬يشاهدون ويستهلكون فضلا عن العمل والتفاعل،‮ ‬وأن الأداء عبارة عن ترفيه‮ ‬يسيطر علي‮ ‬المشاهد،‮ ‬مع أنه‮ ‬يوضح من الناحية الأخري‮ ‬أن الحياة ليست في‮ ‬جانب والمسرح في‮ ‬جانب آخر‮.‬
وعرض‮ »‬هامنت‮ ‬Hamnet‮« ‬الذي‮ ‬قدمته فرقة‮ »‬IRC‮ ‬دراما‮« ‬باستخدام الحضور العام للناس والمشاهدين‮ ‬يستعرض فيه المؤلف‮ »‬ستيوارت هاريس‮« ‬مداعباته اللغوية من خلال مزج الشخصيات الأساسية في‮ ‬نص شكسبير مثل‮ »‬هاملت‮« ‬و»أوفيليا‮«... ‬إلخ باستخدام افتتاحية معاصرة،‮ ‬ودور المشاهدين في‮ ‬هذا العرض هو أداء النص وليس المسرحية نفسها،‮ ‬فـ»هامنت‮« ‬يتلاعب باللغة ويبتكر فكاهات لفظية تغير كل شيء‮ - ‬الأنشطة والشخصيات والأصوات‮ - ‬إلي‮ ‬نص،‮ ‬ومن أجل الاستمتاع بالنكات من الضروري‮ ‬نكون ملمين بنص شكسبير واللغة الإنجليزية ولغة الإنترنت المشفرة والأسماء المختصرة وأوامر برنامج‮ ‬IRC‮ ‬جيداً‮. ‬كما‮ ‬يتم إثراء النص بواسطة ارتجالات الممثلين الذين‮ ‬يظهرون براعة في‮ ‬الاستخدام اللغوي‮.‬
ويؤكد‮ »‬هاريس‮« ‬أنه‮ ‬يمكننا أن نمتلك زمام النص عندما تكون موسيقي‮ ‬الممثل فقيرة،‮ ‬لأن النصوص خالدة ولا‮ ‬يهم الزمن التي‮ ‬تقدم فيه‮.‬
وقدمت مؤسسة‮ »‬يلسان‮« ‬الإيطالية نص‮ »‬ماكبث‮« ‬وأضافت له أصواتًا وصورًا عن طريق وسيط جديد هو‮ »‬النص المتوالد‮ ‬hypertext‮« ‬في‮ ‬عرض بعنوان‮ »‬هايبر ماكبث‮« ‬(2001)،‮ ‬يروي‮ ‬القصة بشكل متزامن بالإنجليزية والإيطالية،‮ ‬وتم تزويد المسرح التقليدي‮ ‬بالشخصيات التي‮ ‬وقفت جميعها علي‮ ‬خشبة المسرح معا في‮ ‬وقت واحد وبشكل متساوي،‮ ‬والعرض ترك لكل مشاهد الحرية في‮ ‬ابتكار حكايته،‮ ‬والعمل علي‮ ‬تطويرها حتي‮ ‬تكون فريدة بشتي‮ ‬الوسائل،‮ ‬باعتبارها شبكة احتمالات مماثلة لحياتنا اليومية المليئة بالبدائل والنتائج،‮ ‬والنص المتوالد في‮ ‬عرض‮ »‬هايبر ماكبث‮« ‬هو عرض مميز لأنه مبتكر بواسطة برنامج من تصميم الفرقة‮ ‬يقرر أي‮ ‬الكلمات والرسوم هي‮ ‬التي‮ ‬تصل،‮ ‬رغم أن المشاهدين‮ ‬يصنعون اختيارتهم بأنفسهم‮. ‬وقد ابتكرت الفرقة مسرحًا رمزيًا كاملاً‮ ‬وطبقت الفكرة التي‮ ‬نادي‮ ‬بها‮ »‬آرتو‮« ‬أن الكلمة‮ ‬يجب أن تعامل مثل الشيء الجامد لكي‮ ‬نستخدمها في‮ ‬تحريك الأشياء،‮ ‬فالمسرح مثل الحياة اليومية لا‮ ‬يهتم الناس بالكلمات كثيرا‮.‬
ومن خلال‮ »‬التحكم الآلي‮ ‬في‮ ‬الأداء الثنائي‮ ‬البعد‮ ‬The two dimenstonel cybesformance‮« ‬الذي‮ ‬ابتكرته‮ »‬هيلين فاليري‮ ‬جايمسون‮« ‬لوصف الفعاليات التي‮ ‬تقدمها فرقة‮ »‬سايبر بودي‮ ‬كوليجين‮«‬،‮ ‬إذ قدمت الفرقة أربعة عروض في‮ ‬مدة‮ ‬12‮ ‬ساعة لمسرحية‮ »‬تجميل الأمة‮« ‬(2003)‮ ‬والتي‮ ‬تم ابتكارها من خلال تطبيقات الدردشة‮ ‬Chat Applicatiore‮ ‬القابلة للتحميل،‮ ‬فالقصر المذكور في‮ ‬النص والممثلين والمشاهدين كانوا جميعا حاضرين علي‮ ‬الإنترنت،‮ ‬بأشكال مجسدة ثلاثية الأبعاد،‮ ‬مع أن حوارهم كان مكتوبا بطريقة مجلات الرسوم المتحركة في‮ ‬شكل فقاعات الرسوم الكرتونية‮.‬
‮< ‬الإنترنت كأداة ومخرجات‮:‬
قدمت الفرقة الإنجليزية‮ »‬نظرية الصخب‮« ‬في‮ ‬عرضها‮ »‬اختطاف‮« ‬(1998)‮ ‬لعبة الرقابة اللصيقة،‮ ‬إذ عرضت الفرقة ورقة‮ ‬يانصيب‮ ‬يحصل الفائز بها علي‮ ‬فرصة الاختطاف،‮ ‬ثم‮ ‬يتم اختيار عشرة فائزين للتصفية النهائية بشكل عشوائي‮.‬
وهذه العملية تعرض مباشرة باستخدام كاميرا فيديو داخل المقر للاتصال الحي‮ ‬بالخاطفين،‮ ‬وتعكس لعبة الرقابة الواقعي‮ ‬صورة المجتمع الذي‮ ‬يعامل أفراده كحيوانات تجارب،‮ ‬وجوهر عرض‮ »‬الخطف‮« ‬يقوم علي‮ ‬أسلوب ستانسلافسكي‮ ‬التجريبي،‮ ‬فالعرض له قواعد ثابتة ومؤدين وبداية ونهاية ووسط مرتجل وشكل مفاهيمي‮ ‬وزمن ومهمة محددة‮.‬
وبذلك‮ ‬يحمل المسرح الجديد نفس تقاليد المسرح القديم،‮ ‬ويروي‮ ‬أهم القصص التي‮ ‬تدور حول العلاقات الإنسانية ومشكلات المجتمع،‮ ‬ولكن العملية نقلت إلي‮ ‬دائرة الاتصال المعاصر،‮ ‬وأكدت الرؤية القائلة إن المسرح لا‮ ‬يقف بعيداً‮ ‬عن المجتمع،‮ ‬بل هو جزء منه،‮ ‬يتوظف باعتباره مكونًا كاسحًا،‮ ‬والمعني‮ ‬الذي‮ ‬تعلو فيه الحقيقة باعتبارها اتصال دون عوائق‮ ‬يقدم احتمالات كامنة لأحياء فعال في‮ ‬أساسيات مسرح القرن الحادي‮ ‬والعشرين،‮ ‬سواء ظل هذا المسرح الجديد‮ ‬يوتوبيا أم لا،‮ ‬فإن هذا الأمر متروك لرؤية المسرح والمشاهدين‮.‬

-----------------------------------------------------------
المصدر:  ترجمة‮: ‬أحمد عبد الفتاح  - مسرجنا 

السبت، 13 مايو 2017

مسرح المخرج محمد العلاقي

مجلة الفنون المسرحية

مسرح المخرج محمد العلاقي

"محمد العلاقي مخرجاً" هو عنوان الندوة التي نظمتها الجمعية الليبية للآداب والفنون يوم امس الثلاثاء بمبنى دار نويجي - القنصلية البريطانية سابقا - داخل أسوار مدينة طرابلس القديمة وحضرها لفيف من الأدباء والمسرحيين والنقاد، في إطار خطتها الثقافية المبرمجة لهذا العام، حيث استضافت الجمعية بعض الوجوه المعاصرة للمخرج الراحل للحديث عن مسيرته الفنية في مجال المسرح وتسليط الضوء على مشروعه الفني.
علي خليفة تلميذ المخرج الراحل كما قدم نفسه من خلال الحديث هو الذي تكفل بإدارة المنشط وتقديم الندوة، وبعد تناوله لأهم السمات التي طبعت مسرحه ومدرسته أعطى الإذن للناقد الفني أحمد عزيز لقراءة ورقته التي أعدها والتي جاءت بعنوان "الفنان المخرج محمد العلاقي أستنطق الفضاء المسرحي ليتحدث بلغة بصرية جديدة".
وفي التفاصيل أكد على أن العلاقي أسهم في إثراء الحركة المسرحية الليبية من جهة، وساهم من جهة مقابلة في تكوين وإعداد أجيال من الخريجين بمعهد جمال الدين الميلادي للموسيقى والمسرح انخرطت لاحقا في مسيرة المسرح وبرز بعضهم بقدراته العالية، وأكد كذلك على انطلاق العلاقي من خلفية ثقافية شاملة ورؤية فنية ناضجة، أما عن أول عمل فقد أشار الباحث إلى أن العلاقي أخرج أول عمل عام 1964 وكان عبارة عن مشهد من مسرحية " العباسة " بطرابلس، وكان العلاقي بحسب الباحث قد انتسب إلى المسرح القومي قبل أن يُرشح لدورة دراسية في مجال المسرح بفرنسا العام 1967 ثم ليعين كمدرس بمعهد الموسيقى والمسرح إثر عودته العام 1972، وكان طبيعيا أن يتأثر العلاقي ببعض المخرجين الفرنسيين أثناء دراسته وتفتحت مداركه على أراء فنية تنادي بالعمل من خلال المسرح على حث المتلقي والدفع به إلى التفكير والتأمل والقراءة الواعية للواقع وليس الأهتمام فقط بما يثير انفعالاته وعواطفه، وفي المُجمل أستعرض الباحث في ورقته بعض أراء المخرجين الذين تأثر بهم العلاقي واستفاد من أراءهم لاحقا، وظهر تأثير كل من " لوي جوفيه وبر يخت وخلافهم، ولا زلنا في سياق سرد الباحث أحمد عزيز الذي بيَّنّ بأن العلاقي كان قد أخرج أول مسرحية له بعنوان "قراقاش" للشاعر  سميح القاسم ثم تتالت المسرحيات فأخرج مسرحية الأقنعة والكرسي وجالو والميت الحي والشنطة طارت والطابية وملحن في سوق الثلاثاء، بالفصحى وبالعامية، وجال بِمَشاهدِهِ التي قدمها لطلبته بالمعهد طيلة ثلاثون عاما ما بين روائع المسرح العالمي مع يوربيدس وشكسبير وبريخت وغيرهم، ولهذا السبب حملت الأعمال بذرة تجديدية متأثرة بموجة الحداثة حين مارست نوعا من الانزياح عن السائد والمقولب والنمطي لتتجه إلى أفاق أرحب ومدارس أحدث، وفي حديثه عن مرحلة التجريب عرَّجّ الباحث على بقية المخرجين الليبيين الذين تبنوا التوجهات والرؤى الجديدة بعد الأطلاع على أصولها في أوروبا وتلا أسماء البعض منهم إلى جانب العلاقي، ولا زال الباحث ينتقل بنا من نقطة إلى أخرى متجولا في هذه التجربة الواسعة إلى أن يصل إلى ما قاله الأديب الراحل كامل المقهور عن العلاقي ذات مرة إذ يقول "ما جلست مرة أو مرتين مع العلاقي إلا وانبهرت بتخيلاته وبتصوراته وشخوصه التي كنت أحس انها تسكنه، حتى خلتُ أنه مسكون". وفي تحليله للتجربة أشار الباحث إلى إفادة المخرج من الاتجاه الكوميدي فقدم أعمالا باللهجة العامية تستثمر هذه الخاصية بأعمال ذات حبكة طريفة وغير مرهقة بالتفاصيل والثرثرة وحرص على أن تكون ممتعة في ذات الوقت. هذا تقريبا أهم ما جاء في الورقة.
عبدالرزاق العبارة بدوره أعد ورقة عنونها بـ "محمد العلاقي كما عرفته" وإلى جانب بعض المعلومات التاريخية التي تخللت الورقة والتحليل المختصر أنطوت الورقة على الكثير من العاطفة والأحتفاء بالمخرج لأنه وقبل كل شيء كان صديقه وجمعتهما علاقة ود وترابط إنساني جميل كما فهمنا من كلام الأستاذ عبدالرزاق الذي لم يكتفي بعرض انطباعاته مقروءة فقط وإظهار تقديره واحترامه لصديقه الراحل إذ قام بإحضار صور قديمة تمثل الراحل في مناسبات عديدة وحتى في لقاءات ودية ومع الأصدقاء والفنانين وصور أخرى لبعض أعماله المسرحية ولبعض الفعاليات المسرحية التي شارك فيها كمحكم وكمراقب على ما يبدو من الصور حيث ومن خلال توزيع وإلصاق الصور هنا وهناك على جدران القاعة التي أُقيمت بها الندوة كوَّنَ المتابع لها فكرة مهمة عن المخرج الراحل.
وبين الأوراق المقروءة ما انفك مدير الندوة يسرب بعض المعلومات والوقائع التي أضاءت جوانب عديدة من التجربة. وعن علاقة المخرج بالممثلين تحدث الدكتور والممثل القدير علي الخمسي عن بعض الأمور الفنية الدقيقة التي استثمرها المخرج الراحل في تعامله مع الفنانين والأهتمام بالإيقاع الحركي والإيماءات وغيرها من التقنيات التي يعتمد عليها فن المسرح، وتحدث كذلك عن الرمز في مسرح العلاقي وعن الأريحية التي يجدها الممثل عند العمل معه.
وتناول المخرج الدكتور حسن قرفال من جهته عما عدَّهُ انفتاحا على القضايا الإنسانية من قبل العلاقي وتجاوزه للخصوصية المحلية وتطرق إلى تأثراته بالمخرجين الفرنسيين وعن اهتمامه بالسينوغرافيا خاصة وتأثيث الفضاء المسرحي الذي انعكس بشكل أو بآخر بالإيجاب على مسرحه. فيما تحدث الناقد منصور أبو شناف عن المخرج والإنسان محمد العلاقي وأكد على جهوده الحثيثة لبناء مشهد مسرحي أسوة بالدول العربية الشقيقة والمجاورة لنا ومساعيه لرسم خارطة ليبية للدلالات والإشارات في المسرح. من ناحيته علق الأستاذ امين مازن ببعض الملاحظات المهمة التي تخص التجربة.
آخر المتحدثين كان الأستاذ والناقد المسرحي والمتخصص في نقد الأعمال الدرامية عبدالله هويدي الذي اتفق مع بعض من سبقوه بالحديث على أن مسرح المخرج محمد العلاقي مسرح تجديدي حاول بما اكتسب صاحبه من علم ومعرفة تجاوز حالة الجمود والتقليدية السائدة متخذا من مقولة " المسرح تغيير وليس تفسير " شعارا يرفعه وينطلق منه عمليا، وأكد الأستاذ عبدالله أيضا على انشغال العلاقي بالسينوغرافيا أو علم الصورة كما عرّفها الناقد، إلى جانب اهتمامه بالمضمون، وكان بحسب الأستاذ عبدالله مهتما وإلى حد بعيد بردة فعل المتلقي على ما يقدمه له من مادة مسرحية وأعتقد أن النجاح قد حالفه لهذه الأسباب ولهذه الصرامة والجدية في التعامل مع المسرح الذي عشقه وأحبه كثيرا وكان لذلك الأثر الإيجابي على إنتاجه.
واستدراكا تواصل الحديث، وفي كلماتهم القصيرة اتفق كل من الناقد السينمائي رمضان سليم والفنان إسماعيل العجيلي وهم الذين عاصروا المخرج وتابعوا بعض أعماله، على انه مجدد في المسرح الليبي وصاحب بصمة واضحة فيه لعدة أسباب بيَّنها كل منهما ولعل الرمزية التي توخاها العلاقي واشتغل عليها والقفزة التي صنعها للخروج من الحالة البسيطة للمسرح إلى حالته المعقدة والنخبوية هي أهم ما اتكأ عليه كل منهما في حكمهم عليه بأنه مجدد وتجريبي. عند هذا الحد تنتهي الندوة على أن يلتئم شمل المثقفين مع انشطة أخرى يتم الإعداد لها الآن من قبل الجمعية لتقام خلال  ليالي شهر رمضان المبارك.

-----------------------------------------------
المصدر : ناصر سالم المقرحي - لبيا المستقبل 

المسرح.. يرسّخ الخير والحب والجمال

مجلة الفنون المسرحية


تعميمه في مدارس الشارقة تجربة جديرة بالاهتمام
المسرح.. يرسّخ الخير والحب والجمال


إلى أي مدى يسهم المسرح في تشكّل وعي الطفل، ويحصنه ضد التطرف والعنف؟، هذا سؤال كبير لجهة انفتاح وسائل الاتصال الحديثة على مصاريعها في تقديم وعرض أشكال لا حصر لها من المشاهدات التي تخدش عالم الطفولة، ونقصد هنا، ما تبثه وسائل الإعلام من حروب وكوارث يومية أصبحت تغزو الشاشات الصغيرة والكبيرة.

في هذه الحالة، تصبح المسؤولية كبيرة سواء على المربين أو الموجهين التربويين وأيضاً فئة الكتاب والمثقفين الذين تقع على عاتقهم مهمة تشكيل وجدان وخيال الأطفال. 

إن التعامل مع هذه المشاهد اليومية التي تحتوي على قدر كبير من الدمار والعنف، يتطلب جهوداً مضاعفة من التربويين والأهل والجهات الرسمية والأهلية، في الحيلولة دون وصولها للطفل.هل نتحدث عن رقابة من نوع ما؟ نعم، وهو المطلوب لكي نبعد شريحة الأطفال عن مثل هذه المشاهد التي تتضمن تأثيراً عنفياً ونفسياً، ينعكس سلباً في عقول ووجدان الطفولة التي يجب تنشئتها وتحصينها ضد التطرف والعنف.

الموضوع بالأساس هو موضوع تربوي، يبدأ من فكرة توجيه الأطفال نحو تمجيد قيم الخير والحب والسلام، من دون التطرق لنصوص مباشرة غارقة أفكارها في الحروب والدمار، ونحو ذلك مما يحرّف بوصلة الطفل بعيداً نحو الخوف والهلع وكثير من الارتدادات النفسية التي لا يمكن حصرها.

وفي هذا المقام، تعد تجربة الشارقة بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في تطوير المسرح المدرسي، خطوة جادة نحو تنمية مهارات الطلبة الفنية، وترسيخ ثقافة نشر دمج الفنون في العملية التعليمية، لاسيما بعد أن أعلن مسرحيون وتربويون يمثلون وزارات التربية في الوطن العربي، في الشارقة عن تبنيهم لاستراتيجية تنمية وتطوير المسرح المدرسي في الوطن العربي، والتعاون مع الهيئة العربية للمسرح لوضع الآليات وطرق التنفيذ لها، بموجب بيان يحمل اسم «إعلان الشارقة».

وينص «إعلان الشارقة» على عدد من البرامج ترسم خريطة طريق للتطوير والتنمية الحقيقية للمسرح المدرسي بصفته أساساً لتنمية المسرح وأداة مهمة للتنمية المجتمعية ونقطة انطلاق نحو تطوير العملية التربوية والتعليمية التي تبدو الآن أكثر أهمية لتحصين طلبة اليوم قادة الغد ضد موجات التطرف والتعصب، التي باتت تجتاح وطننا والعالم.
وتهدف الاستراتيجية إلى نشر ثقافة المسرح المدرسي، ونشر الممارسات المسرحية في الوسط المدرسي، واكتشاف المواهب المسرحية الطلابية والعمل على صقلها، وبناء شخصية الطالب لإكسابه مهارات وقيماً من خلال الممارسة المسرحية حتى يكون عنصراً فاعلاً في تنمية مجتمعه، إلى جانب تأهيل كفاءات متخصصة لتفعيل النشاط، وبناء شراكات مجتمعية للنهوض بالمسرح المدرسي.
ومن الخطوات المشهودة أيضاً في إمارة الشارقة «عاصمة الثقافة»، احتضان معهد الشارقة للفنون المسرحية، 18 فرقة مسرحية مدرسية، تم انتقائها من بين 66 فرقة مسرحية مدرسية، وسجلت مدينة الشارقة أعلى نسبة مشاركة، إذ تقدمت ب 29 مدرسة، وتقدمت مدينة كلباء ب 13 مدرسة، وتلتها خورفكان ب 12، ودبا الحصن ب 4، ومن المنطقة الوسطى 22 مدرسة، ووصل عدد المشاركين في العروض إلى ما يقارب 860 طالباً وطالبة، وبلغ عدد المشاركين في الإشراف والإعداد من المعلمين والمعلمات نحو 262.
وقاربت العروض موضوعات عدة بين الأمانة والحلم والصبر وحب الوطن، وحثت إلى السلم والتعاون ومراعاة قيم الأخوّة والصداقة، وانتقت لمظاهرها الجمالية فضاءات مفعمة بالألوان والموسيقى والأزياء واختبرت العديد من الأشكال الأدائية التي تداخلت ما بين الحركة والسرد والاستعراض والتمثيل.
التوجه للطفل

هذا ما يؤكده عدد كبير من المسرحيين الإماراتيين، حيث يرى المؤلّف والممثل عبدالله صالح أن الابتعاد عن طرح القضايا السياسية المباشرة في المسرح الموجه للطفل، هو أمر مهم، وفي الإمارات تتحسس لجان اختيار النصوص المسرحية وكذلك لجان المشاهدة، حين يقدم لها نصوص غارقة في المشاهد العنفية كما هو حال الحروب والنزاعات المسلحة وغيرها.. إن الأصوب في هذا المجال هو «ترك الطفل يتعامل مع عالمه البريء باختيار نصوص تناسب سنّه، وتحرص على غرس قيم الحب والخير والجمال».
ويضيف: مثل هذه الطرق غير المباشرة، تنعكس إيجاباً في وجدان الأطفال، وتزرع في أحاسيسهم وعقولهم ما يشبه المناعة الذاتية التي تشجب العنف والإرهاب والتطرف.
من جهة ثانية يشير صالح إلى مسألة في غاية الأهمية، وهي تتعلق بكتابة النصوص المسرحية، التي يغلب عليها الاجتهاد الشخصي، حيث يؤكد على أن الساحة الفنية والمسرحية في الإمارات لا تمنح الكاتب المسرحي تفرغاً تجعله يبدع نصاً مسرحياً خاصاً يعالج مثل هذه المسألة بموضوعية وبنوع من الحرفية، وهنا أيضاً، فنحن بحاجة ماسة إلى أفكار وأقلام جديدة على مستوى الكتابة المسرحية الواعية التي ترصد مثل هذه القضايا وتقدمها بموضوعية تليق بأحاسيس وعقول الطفولة.

التوجيه والإرشاد

يؤكد المخرج حسن رجب على أهمية هذا الموضوع، وهو يصر على أنه قبل الحديث عن مسرح الطفل ودوره في الارتقاء بذائقة الطفل وتحصينها ضد التطرف والعنف، فإن الموضوع برمته يحال إلى مفهوم التربية، لا سيما ونحن نتعامل مع شرائح عمرية غضة، بحاجة إلى التوجيه والإرشاد، لذا فلا بد من أن نبدأ من البيت والمدرسة، فالمدرسة لها دور كبير في تنشئة الأطفال وتصميم برامج تثقيفية وتوعوية تناسب أعمارهم، وتنمي عندهم قيم الجمال ونبذ العنف ورفع سوية الخير ضد الشر وهكذا.

البدء بالتربية مهم لجهة تمكين الأطفال من تنمية حس الجمال عندهم، وهي التي تساعدهم على محاربة الشرور بكافة أنواعها، ومن خلال التربية أيضاً يصبح الطفل رقيب نفسه، وقادراً على التمييز وميالاً لإشاعة أجواء البهجة والتفاؤل ورفض السلبيات بكافة أنواعها.

ويشير إلى أن نصيب المسرح من مسألة العنف هو جزء يسير، إذا ما قورن بشاشة التلفاز، فالطفل يقضي وقتاً أطول في البيت، ومؤثرات ما يعرضه التلفاز سرعان ما تنتقل مباشرة إليه وهنا يبرز دور الأهل في الرقابة، التي لا بد منها، وإشغال الأطفال ببرامج تثقيفية وتوعوية تنمي لديهم حس الخيال والمتعة وتغليب المهارات التي تناسب أعمارهم وعقولهم على حد سواء.

يجب أن يقرأ

ويرصد الفنان المسرحي إبراهيم سالم هذا الموضوع من عدة زوايا أبرزها يتعلق بالثقافة، حيث يؤكد على هذا الموضوع الإشكالي والتاريخي في الوقت ذاته فيقول: «إن الطفل يجب أن يقرأ، وأن يتثقف، وأن يزود بالمعرفة التي تساعده على التمييز بين الخير والشر، فالثقافة أمر مهم تمكن الطفل من ترسيخ مكانه الصحيح في المجتمع وتلمس الدور المنوط به في المستقبل».

فالثقافة تمكن الطفل، بل تنقذه من الانزلاق والتعثر والسير في دروب جانبية، هو في غنى عنها، طالما أحسن توجيهه.

ومن خلال الثقافة والمعرفة التي تمنى سالم أن تأخذ مداها من لدن المؤسسات على اختلاف تخصصاتها سواء كانت تربوية أو فنية أو ثقافية، يمكن تنشئة جيل قابل للتعاطي مع كافة أشكال الفنون ومنها المسرح.
ويبين أن فكرة المسرح الأساسية ترتكز على الدراما التي تفرق بين الخير والشر، ولا بد للطفل من تأسيس ثقافي ومعرفي، يجعله حين دخوله خشبة المسرح قادراً على استيعاب مثل هذه الأساسيات، والدراما المسرحية مهمة بكل تأكيد لتنمية خيال الطفل وتنمية وعيه ومدركاته الحسية والعقلية، التي تذوب أمامها كل أشكال التطرف والعنف والإرهاب.

سذاجة في التعامل

الكاتب والمخرج المسرحي علي جمال يرى أن مسرح الطفل في الإمارات، ما زال حتى اللحظة يتعامل مع هذه الشريحة العمرية بنوع من السذاجة، خاصة في ما يتعلق بالنص أو التأليف المسرحي، وهذه الأعمال لا ترتقي بوعي طفل اليوم، الذي أصبح بفعل التكنولوجيا المعاصرة أكثر انفتاحاً من الأمس.
ويضيف: في الوقت ذاته، فإن المشكلة تتكرر على مستوى السينوغرافيا، التي ما زالت هي الأخرى بذات العقلية الماضية، مع إضافة بعض التعديلات التقنية التي لا تفيد مخيلة الطفل ولا تحرك عقله ووجدانه.
على المستوى الشخصي يوضح جمال بأنه يشتغل الآن على فكرة نص جديد يخاطب طفل اليوم، ضمن فهمه لهذه الشريحة العمرية، التي نشهد عزوفها عن حضور المسرح، بسبب افتقار هذه الأعمال لخصائص وميزات العروض الناجحة التي ينبغي أن تكون على صلة بالطفولة التي تعيش واقعاً مغايراً ولديها هواجس وأحلام مختلفة.

وتمنى أن تشكل لجان لمراجعة النصوص قبل اتخاذ القرار بعرضها، حتى لو أجيزت هذه النصوص من قبل الجهات المعنية، ويكون لهذه اللجان حرية رد النصوص أو تعديلها، لكي نرتقي بأحاسيس وتوقعات هذه الطفولة التي تعيش اليوم.

احترام الآخر

الممثل المسرحي حميد فارس يرى أن للمسرح دوراً كبيراً في بناء الطفل والتأثير على أفكاره من خلال الأعمال التي تستهدف هذه الشريحة، وهذا يتطلب أن تكون الرسالة نفسها هادفة وتحمل الوعي في داخلها. ويؤكد فارس على ضرورة أن يتم تضمين مسرح الأطفال في المناهج الدراسية، والاهتمام به تربوياً بحيث يصبح جزءاً من ثقافته التعليمية، حتى ينتمي الطفل إلى عوالم الخير والحب والجمال، وهي العوالم التي تشكل حصانة ضد الآراء الفاسدة والمتطرفة والمتشددة، وتعزز القيم الإنسانية وترى بضرورة احترام الآخر وثقافته وعرقه ولونه، ولا تعترف بالتفرقة على هذه الأسس، وبالتالي تسهم هذه العوالم في تشكيل وعي الطفل وفكره، وتؤثر على اتجاهاته بحيث تشكل حصانة حقيقية ضد الأفكار الهدامة، وتنسجم بالتالي مع القيم الجميلة.

ويشير إلى أحد العروض المسرحية التي قدمها خلال أيام الشارقة المسرحية، وذكر أن كثيرين وجدوا أن هذا العمل يصلح للأطفال لما يحتوي من قيم إنسانية وتربوية تهدف إلى محاربة الأفكار الهدامة مثل التطرف والتشدد.

وجدان وعقل الطفل

بدوره يؤكد المخرج علاء النعيمي أن للمسرح تأثيراً كبيراً في تشكيل وجدان وعقل الطفل، وينطلق النعيمي من خلال تجربته الشخصية في مسرح الطفل، كونه متخصصاً في هذا المجال الذي يرى فيه فناً صعباً جداً، فالأطفال يقدمون ملاحظاتهم أثناء العرض وليس بعده بعكس الكبار، إذ يتمتعون بخاصية الالتقاط السريع وخصوبة المخيلة، وهو يرى أن هناك تقصيراً في هذا الجانب رغم وجود مهرجان لمسرح الطفل، منادياً باهتمام أكبر على كل الصعد والمستويات، وضرورة أن يشاهد الطفل أعمالاً مسرحية تثري مخيلته.

ويرفض النعيمي القول الشائع بضرورة النزول إلى مستوى الطفل، ويقترح استبدال ذلك بضرورة الارتقاء إلى مستوى مخيلة الطفل.

وينادي بالاهتمام بمسرح الطفل، والعروض الموجهة إليه، والتركيز عليها لأهميتها القصوى، وهو ما يتطلب اهتماماً كبيراً وعلى كافة المستويات في الدولة، كوزارة التربية والتعليم، والإدارات الثقافية والفنية في كل المدن، ويرى أن الارتقاء بالطفل والإسهام في تشكيل وجدانه وعقله، يتطلب الارتقاء بمسرحه وتطويره والاهتمام به، مقترحاً «مسرحة المناهج الدراسية»، وتقديم أعمال خارج المنهاج الدراسي، إذ إن مسرحة المناهج تسهم في توضيح الأشياء وتقريبها لذهنية الطفل.

ويشير إلى ضرورة التفرقة من حيث الفئة العمرية لكل مرحلة، فإذا كانت مراحل الطفولة الأولى قبل البلوغ تطلب تنمية الخيال، فإن مرحلة البلوغ تكون العقول فيها مستعدة للتوجيه، ويصف تلك المرحلة بالخطيرة، وأن الاهتمام بهذه المرحلة العمرية يكاد يكون مفقوداً، من حيث تناولها وتناول قضاياها واهتماماتها ومشاكلها.

أما الفنان حميد سمبيج فيعتقد أن المسرح بما يتضمنه من فعاليات وقصص وحكايات، لها انتماؤها الإنساني والوجداني، وبما تركز عليه من قيم الخير والجمال، لها تأثير كبير على الطفل، وعلى انحيازه للقيم الجميلة، فتجعله يحترم ثقافات الشعوب، ويذوب نفوره من الآخر.. ونوّه إلى أن هذا العالم المتعدد الثقافات واللغات موجود في الإمارات التي يتعايش فيها الجميع بكل احترام وحب بغض النظر عن التباين الثقافي والعرقي، وقد استوعب الفنانون والمسرحيون الإماراتيون ذلك التعدد وهضموه وقدموه أعمالاً مسرحية تتناول قيم الحب والخير والجمال، وهو ما انعكس على الأعمال المقدمة للطفل.

بناء جيل متسامح

المسرحي د.سعيد الحداد يؤكد على أهمية مسرح الطفل، وعلى ضرورة الارتقاء به وبالمسرح بشكل عام، الأمر الذي يحتم على المسرحيين الابتعاد عن تقديم العروض التي لا تحمل رسالة أو هدفاً، والتي تحتشد بالكلمات السلبية التي تؤثر على الأطفال، إذ إن الكلمة هي التي تبني الطفل، منبهاً إلى أن الأطفال يلتقطون الأشياء بنباهة بالغة، وهذا يتطلب الحذر والاهتمام بالرسالة المسرحية. 
ويشيد في هذا الصدد بإسهامات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في إقامة المهرجانات المسرحية والاهتمام بالحركة الفنية وبالذات مسرح الطفل، وفي ذلك اهتمام بالمستقبل، وبناء جيل متسامح ينتمي إلى القيم الجميلة والعظيمة، التي تجعل الأطفال منتمين إلى الإنسانية بكل تفاصيلها، بغض النظر عن الاختلاف الثقافي والديني والمذهبي، مشيراً إلى أن ذلك هو ديدن دولة الإمارات التي يتعايش فيها الجميع بمحبة وألفة.

-----------------------------------------------------
المصدر : عثمان حسن وعلاء الدين محمود - الخليج  

الجمعة، 12 مايو 2017

دراسة في "الفضاء الجمالي للتقنيات الحديثة في العرض المسرحي العراقي "

زيتون ومهران وكريمي بالندوة الفكرية الرئيسة لمهرجان المسرح الحر الدولي

مجلة الفنون المسرحية

زيتون ومهران وكريمي بالندوة الفكرية الرئيسة لمهرجان المسرح الحر الدولي

تحت عنوان «المسرح والموسيقى» وضمن فعاليات مهرجان ليالي المسرح الحر الدولي في الـ 13 من ايار الحالي تشارك نقيب الفنانين اللبنانيين الفنانة شادية زيتون بالندوة الفكرية الرئيسة والتي ستعقد في كلية الفنون والتصميم /قسم الفنون المسرحية بالجامعة الاردنية ويشرف عليها اساتذة متخصصين، بالمحور : الموسيقى والممثل والنسيج السينوغرافي، وسيحل ضيوف مسرحيون من العالم العربي كمشاركين في الندوة والتي يتفرع عنها محاور متعددة ويشارك فيها الدكتور سامح مهران من مصر بمحور: التلاقح المتبادل بين الفنون للمسرح والدكتور سعيد كريمي من المغرب بمحور لغة الموسيقى ونسق العرض المسرحي ويدير الجلسات د. عمر نقرش.
ونوهت رئيس اللجنة العليا للمهرجان الفنانة امل الدباس « ان المهرجان يحمل عنوان مسرح ضد العنف والتطرف، ويبدو ان هناك مشكلة لدى كل من صاحب القرار، ومؤسسات المجتمع المدني في فهم دور المسرح، ودور خطابه الثقافي والتنويري، الذي يعتبر الاكثر تاثيرا من الخطابات الاخرى.
هذا وستبدأ فعاليات المهرجان الذي سيفتتحه وزير الثقافة الاستاذ «نبيه شقم»، يوم 13 أيار 2017، على مسارح المركز الثقافي الملكي، وحفل الافتتاح تشارك به جوقة الغناء العربي، بوصلة من التراث الاردني والخليجي، ومشاركة الفنانة «عبيدة ماضي».وزيتون، تحمل شهادة الهندسة الداخلية – سينوغرافيا من بروكسل، ومشاركة نشيطة على مستوى العالم العربي،ومنذ عام 1975، بدأت بتصميم ديكور وسينوغرافيا العديد من المسرحيات اللبنانية، الى جانب انتاجها للعديد من البرامج والمسلسلات، واشرافها على تنفيذ مسلسلات كرتونية ووثائقية.وتدرجت في العديد من المناصب داخل نقابة الفنانين المحترفين اللبنانيين عام 1993، الى ان تم انتخابها نقيبة للنقابة عام 2013.وهي اول سيدة متخصصة بالسينوغرافيا في لبنان وقد حصلت على الكثير من الجوائز وشهادات التقدير من العالم العربي،ومهرجان الكويت المسرحي، وجمعية المسرحيين الكويتيين، ومهرجان شرم الشيخ المسرحي الدولي للشباب.

----------------------------------------------------
المصدر :  حسام عطية - الدستور 


يوسف عيدابي: هوية الموسيقى والمسرح والشعر"من الإبداع الى الاتباع"

"المسرح طاقة الإبداع لدى الشباب"

مجلة الفنون المسرحية

"المسرح طاقة الإبداع لدى الشباب"

الميتانقد والنقد: أي علاقة وأي منظور؟

مجلة الفنون المسرحية

الميتانقد والنقد: أي علاقة وأي منظور؟


التفكيرُ في النقد (أعني النقد الأدبي بشكل خاص) وتأمل الخطاب الذي ينتجه، لا يقل أهمية ًعن كتابة النقد نفسه، بل قد يكون هذان الأوّلان أوجب من الثاني، وألزم، لاسيما في وقتنا الراهن، حيث الانتشار الكبير لفوضى المصطلح والعبث باستخدامه، وتجــــرؤ الناس على النقد واستسهالهم الخوض فيه بارتجال وقلة معرفة لا تخفيها لعبة الاحتماء بالإبهام والغموض، ومحاولة إرهاب القارئ عن طريق استدعاء أسماء منظّرين معينين والاستشهاد بهم وبمؤلفاتهم بمناسبة وبدونها. 
يستوجب التفكيرَ في النقد أيضاً سوءُ الفهم هذا الذي تتعرض له النظريات، وعدم الاحترام لها ولمبادئها، والتطاول على منزلتها، والاستخفاف بدورها من قبل كثيرين من كتّاب المقال النقدي اليوم. المشكلة أن بعض هؤلاء السادة أكاديميون مختصون لهم، في كتبهم المنشورة، فتاوى نقدية ونظريات سردية، أسبغ عليها المحبون لهم والتابعون قدسيةً كبيرة، حوّلتهم برضا منهم أو بدونه، إلى سلطة معرفية يُخشى مخالفتها وقد لا تحمد عواقب إزعاجها والتحرش بها. 
لا شك أن نقاداً في هذا المستوى يدركون الفرق بين السؤال عن النص ومساءلته، والكلام فيه والكلام عنه والحفر حوله والحفر داخله. كما أنهم يعون أهمية التفكير العلمي في الممارسة النقدية، على صعيد المقال أو الكتاب، ويعرفون أن الاحتكام إلى الحماسة والذوق والانطباع، والانسياق وراء المشاعر يعيد النقد إلى مرحلة قديمة كان المزاج فيها هو المعيار بالحكم على النصوص. مع ذلك لا يتردد قسم من هؤلاء الأساتذة المحترمين عن كتابة مقالات نقدية عجولة فيها تبسيط مضر لمفهوم النقد عموماً، واستسهال لكتابة المادة النقدية، وتسودها جملٌ مكررة وعبارات مبتورة وأفكار مبتسرة لم تتم مراجعتها بشكل كاف، ورؤى مضطربة مشوشة وتائهة لا يُعرف بالتحديد مقصدها ولا معناها، ناهيك عن الكرم الزائد في وهب المديح لأعمال فنية بلا قيمة أدبية عالية. كل هذا وغيره يحدث بشكل روتيني ولا يحرك أحدٌ ساكناً، لكأنَّ من الطبيعي أن يتحول كاتب النقد المتخصص إلى عارض حال (كما نقول في العراق) يكتب مقالات ركيكة، يعفي نفسه فيها من اتباع منهج علمي مبرر، ويستسلم للاسترسال بالكلام عن النص الأدبي بحسٍّ وصفي يليق بصحافي مبتدئ، أو معلق أدبي قليل الخبرة.
لا بد من الإشارة إلى أن النقد المطلوب منه التروي وتأمل خطابه والتفكر فيه هو النقد العلمي الخاضع للنظرية الأدبية، والمتقيد بقوانينها والذي يكتبه المتخصصون سواء كانوا من الجامعة أم من خارجها. أما التعليقات والمتابعات التي ينشرها الصحافيون الأدبيون، أو كتابات الروائيين عن بعضهم، فإنها غير مشمولة بكلامي، إذ لا يفترض في نوع كهذا من منشورات، الالتزام بنظرية أو الخضوع لقانون، لذا فهي، من هذا الباب، خارج اهتمام النقد العلمي. لا أعني بهذا الأخير النقد الذي نشأ على يد هيربرت سبنسر في فرنسا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أي الحركة التي أرادت من النقد الاّ يكون جنساً أدبياً، بل أن يصبح علماً وضعياً يبحث عن حقائق، ويتجرد من الروح، كي يجاري العلوم الطبيعة التجريبية، يتمثل مناهجها وينهل من مبادئ نظرية التطور وعلم النفس الفيسيولوجي والتجريبي. النقد العلمي المقصود بكلامي هنا هو المنبثق عن نظرية الأدب التي تبنت دراسة هذا الأخير، على أساس كونه ظاهرة ثقافية لغوية استطيقية يمكن تحليلها بالاستناد إلى تفكير نظري. 
تقع منطقة مراجعة المكتوب النقدي ضمن ما يعرف بالميتانقد، أو بنقد النقد، لا بحسب معناه الكانتي طبعاً، بل وفق بعده المعرفي العام الذي يشير إلى توجه الفكر النقدي نحو تأمل خطابه، والتفكير بنفسه وأدوات اشتغاله المعرفية وفرضياته الأساسية. في هذه الحالة، توضع الممارسة النقدية بحد ذاتها ومباني النقد نفسها، لا مباني النصوص الإبداعية موضع تساؤل وفحص ومراجعة ونقاش. بعبارة أخرى أكثر وضوحاً ودقة: الميتانقد ميدان علمي بحثي، لا أهمية كبيرة للقول بتبعيته لنظرية الأدب أو استقلاله عنها، لأنه بها أو بدونها يتحمل مسؤولية تنظيم المفاهيم وتحديد الأطر الخاصة بالكتابة النقدية، وفحص سلامة مبادئها النظرية، ومراجعة أدواتها التحليلية وتقييم إجراءاتها التفسيرية والتأويلية. على أساس هذا الوصف المختصر، من الممكن أن يتحدد واحد من معاني الميتا، التي تسبق كلمة نقد في مقالي الحاضر، وهو معنى اعتمد به على رومان ياكوبسون ورولان بارت، كما سأبين. 
في مخططه التواصلي، يستخدم العالم الروسي السابقة «ميتا» التي يضعها أمام كلمة «لغوي» فتصبح «ميتالغوي»، للإشارة إلى خطاب ثان يعلِّق على خطاب سبقه، وذلك لشرحه وتوضيحه باستخدام المرموزات اللغوية ذاتها التي ينشأ منها الخطاب الأول. يعني هذا أن الرسالة اللغوية التي يصعب على المستقبِل لها فهمُها، جزءاً أو كُلاً، يعاد شرحها بعناصر ليست غريبة عن طبيعة مكونات الإرسال الأصلي. سيتحدث رولان بارت عن فكرة مماثلة لهذه الأخيرة، في إحدى مقالات كتابه «دراسات نقدية»، لكن كلامه سيكون لتعريف النقد وليس الميتانقد. مع ذلك فإن هذا التعريف مفيد لنا في محاولتنا التقرب أكثر من مفهوم نقد النقد. يقول رولان بارت بأن النقد «خطاب على خطاب» ثم يعود ليصفه مرة أخرى بكونه «ميتالغة»، أي أنه تعليق على اللغة الأدبية للنص الإبداعي بلغة غير مفارقة، تستخدم العناصر ذاتها التي تنتج عنها شيفراتُ النص الأدبي. 
يهمني من هذا الوصف والذي سبقه أمر واحد، هو أن «ميتا»، في عرف ياكوبسون كما رولان بارت، تتضمن معنى المراجعة وإعادة النظر، والتعليق عن طريق توظيف أدوات وآليات إجرائية من جنس الخطاب الأول نفسه. أضيف إلى المعاني السابقة مفهومَ المراقبة لغرض التصويب والتعديل، وهو معنى لا يمكن نكران وجوده في البادئة «ميتا»، حسب ما يسنده إليها من إحالات، في الأقل. بحسب ما تقدم، يكون الميتانقد قولاً على قول، ورأياً على رأي، الغاية منه المراجعة والتدقيق والتمحيص واختبار تطابق النظرية مع الإجراء العملي. تلتئم تحت هذا المفهوم العام والعريض للميتانقد كلُّ المراجعات التي عرفتها العلوم الإنسانية والمحضة. أذكر منها، على سبيل المثال ليس إلاّ، مراجعات أرسطو لأفلاطون وسارتر لهيغل وأدورنو وليوتار ودريدا، كل من جهته، لظاهرية هوسرل. في مجال النقد الأدبي، تندرج أسفل عنوان الميتانقد، من بين أمثلة أخرى كثيرة، اعتراضاتُ ومؤاخذات مارسيل بروست الكبيرة والجوهرية على منهجية سانت- بوف النقدية، وقراءات ميك بال لنظريات جيرار جونيت السردية، كما تنضوي تحت مسماه الدراسات الاستقبالية للمؤلفات النقدية على اختلاف مدارسها ومناهجها.
لا أجدني ميالاً كثيراً لتبني فكرة أن الميتانقد يتبع النقد ويحاكيه، كما قد يوحي بهذا المعنى الوصفُ الذي يمنحه ياكوبسون للبادئة «ميتا». ينبغي التأكيد، هنا، على أن هذه الأخيرة تحمل، عند بارت أيضاً، معنى التبعية. إن الإقرار بهذه الفكرة (أي تبعية الميتانقد للنقد) سيؤدي إلى عدِّ النقد نصاً أعلى، والميتانقد نصاً أسفل، وبالتالي تتحول العلاقة بين الاثنين إلى مجرد مواجهة معرفية يختزلها صراع بين قراءة سابقة وأخرى لاحقة. في هذه الحالة، سيتم إقصاء الخاصية الحوارية للخطاب الميتانقدي، وهي واحدة من أهم خواصه، التي لم ينتبه إليها دارسوه. ليس الميتانقد، بحسب فهمي البسيط، قراءة على قراءة، ولا تعليقاً على تعليق ولا معركة فكرية بين ناقد ومنظِّر يختلفان على معنى مصطلح ما، أو حدود نظرية معينة، أو طريقة تفسير ظاهرة سردية تجلت في مكتوب أدبي. الميتانقد، وهذا رأي خاص بي، رؤية علمية واعية أوسع بكثير من أن تكون مجرد ردِّ فعل على فعل، ولا أن تتلخص في عملية ملاحقة الناقد وتتبعٍ هفواته وإثارة الإشكالات بخصوص منهجيته ولغته ومراجعة آليات اشتغاله. إنه إضافة إلى شيء مما سبق، بنية مفتوحة غايتها الحوار وتنمية الحدود المعرفية بينها وبين الخطاب النقدي. هذه العلاقة الحوارية لا تلغي حقيقة أن الميتانقد يتفوق على النقد في نقطة مهمة وجوهرية، هي أن الأول تجسيد لمنهج والثاني تمثيل لنظرية والمنهج أوسع من النظرية وأشمل. إذا كان النقد عملاً إجرائياً تطبيقياً، فالميتانقد علم خالص محض والعمل، كما تقول قاعدة حوزوية أصولية، تابعٌ للعلم ومبنيٌ عليه يصح بصحته ويبطل ببطلانه. 
بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف حول مفهومه يبقى ثابتاً، في الحالين، أن هذا النوع من النشاط الذهني المتعِب والصعب لا يحظى بمكانة مناسبة في حياتنا الثقافية العربية الراهنة، بل لعله بلا حضور فعّال يذكّر به ويشير إليه. قد يعود السبب في هذا الإهمال إلى طبيعة مزاج المثقف العربي الذي يميل إلى المجاملة أحياناً وإيثار السلامة وراحة البال أحياناً أخرى، ناهيك عن استهانته بالمراجعة بشكل عام، إما من باب التعالي عليها، أو لأنه لا يرى فيها، أصلاً، ضرورة ولا فعلاً معرفياً جاداً ومكوِّناً محورياً من مكونات الابتكار والتجديد، ومنطلقاً جوهرياً لإثارة الإشكاليات وتفكيك الخطابات النقدية ودراستها وتجديد مصادرها. 
خلاصة ما أريد قوله هنا إن لتفعيل دور الميتانقد في حياتنا الثقافية وتواصل الكتابة فيه فوائد أهمها، تسليط الضوء على المشهد النقدي وضبط إيقاعه ودراسة اتجاهاته وكشف ميوله والتنظير له، وأقلها تمييز حسنه من رديئه، استناداً إلى مدى الاحترام لمبادئ النقد الجاد، المتقيد بمعايير الكتابة النقدية العلمية التي تهتدي بهدي النظرية الأدبية وتسير على مسارها. أليس في هذه الفوائد المتنوعة وغيرها، مما غفلت عنه، ما يوجب علينا الاهتمام بشكل أكبر بالميتانقد والتشجيع على ممارسته وتدريسه ودرسه والتعظيم من شأنه كما يفعل أصدقاؤنا الغربيون؟
كاتب من العراق
-----------------------------------------
المصدر : القدس العربي 

مسرحية «أيوبة»: في مديح «الصبر العالي» للمرأة الفلسطينية

مجلة الفنون المسرحية

مسرحية «أيوبة»: في مديح «الصبر العالي» للمرأة الفلسطينية
من إخراج عوض عوض ابن الـ 22 ربيعا وتمثيل أستاذته في الجامعة الأمريكية


زهرة مرعي


عندما تزوجت أيوبة والتحقت ببيت زوجها، في أحد مخيمات اللجوء في لبنان قلب حياتها رأساً على عقب، لكن والدتها أوصتها وهي تغادر بيت العائلة بوصية حملتها طيلة عمرها «البيت سر ببطنك مفتاحه رحمك». حفظت الوصية تماماً وكانت أمينة عليها.
«أيوبة» اسم صار عنواناً لمسرحية كتبها وأخرجها عوض عوض وستعرض ابتداء من الثامن إلى غاية العاشر من أيار/ مايو الجاري على مسرح «غلبنكيان» في الجامعة اللبنانية الأمريكية، التي تخرّج منها العام الماضي. خريج مجتهد بادر للاستنباط الفني من بيئته، فهو ابن المخيم ويدرك قضاياه لأنه يعيشها. رئيس قسم المسرح في الجامعة منحه الموافقة بعد قراءة النص، وأستاذته الدكتورة والمخرجة والممثلة علية الخالدي وافقت على تجسيد دور أيوبة في عمرها المتقدم. وتلعب الممثلة المحترفة ميرا صيداوي الشخصية في العمر المتوسط. أما الطالبة في قسم المسرح تالة نشّار فتلعب دورها في المراهقة وبداية الصبا. وهكذا تكون من المراحل الثلاث عرض بحدود الساعة من الزمن.
في توقيعه الأول كمخرج وكاتب لعرض مسرحي يرى عوض أنه كلاجئ فلسطيني في لبنان من الطبيعي أن يأخذه البحث إلى موضوع من بيئته. ويقول «بالتأكيد سأكون مع موضوع أعرفه وأدركه، وبالتالي أتمكن من تكسير القواعد بعد معرفتها. درايتي بالمخيم والمرأة الفلسطينية واسعة. المرأة الفلسطينية نهر من الحضور الإيجابي في بيئتنا، هي ربة العائلة، الركن الاقتصادي، أم الشهيد، المقاومة، والحائزة على درجات علمية». ويضيف «رغبت القاء الضوء على تلك الوجوه الإيجابية في مسيرة المرأة، خاصة في ظل التهميش الكبير لها على الصعيد العربي عموماً، والفلسطيني بشكل خاص. يدفعني إلى هذا حافز للمساهمة في تمكين المرأة وتشجيعها على المواجهة ورفض القمع الممارس بحقها». ويكشف أن «سيناريو أيوبة استوحيته من حكايات واقعية لثلاث نساء من مخيمي برج البراجنة والرشيدية.كتبته لشخصية امرأة واحدة تجسد على المسرح بثلاث شخصيات. هي نفسها تروي محطات مؤثرة في حياتها ترغب بالإضاءة عليها. وهي في عمرها المتقدم توقظ ذاكرتها لتروي حكاياتها من جديد». ويؤكد أن «الذاكرة مهمة في حياة الفلسطيني. ارتباطه بأرضه مبني على ذاكرة رواها له أجداده، فمن ولد بعد النكبة لا يعرف الوطن. كمخرج أجد للعمل الفني دوراً في الاضاءة على تلك الذاكرة».
في أبحاثه وصولاً لكتابة السيناريو المقنع يقول: «اكتشفت مدى تضحيات المرأة. وكم لها قدرة على تحمل القهر، وفي الوقت نفسه التمسك بالأمل. وكم تضحي لتكون جسراً لعبور ابنائها إلى بر الأمان. «أيوبات» المخيمات عددهن كبير، وبدونهن لما صمدت العائلات». 
وعن معيار اختيار الممثلات الثلاث يقول: «علية الخالدي أستاذة في الجامعة اللبنانية الأمريكية. ميرا صيداوي ممثلة فلسطينية محترفة. تالة نشّار سورية وطالبة مسرح في الجامعة، واخترتها لأن جامعاً مشتركاً يربط بين اللاجئين الفلسطينيين والسوريين و»الأيوبات» إلى تمدد…في العمل مع الممثلين سواء كانوا محترفين أم لا، يعيش المخرج مسؤولية تجاه عمله الفني.هم اشخاص يعيروننا خبراتهم، أجسادهم، طاقاتهم ووقتهم، لهذا مسؤوليتي وواجبي نحوهم أن يظهروا بأفضل صورة».
تخرج عوض من قسم المسرح في 2016 ونال موافقة رئيس القسم ليقدم عرضه المسرحي في الجامعة. ويرى أنه على الجامعة منح الفرصة للخريجين لتكون لهم عروضهم على المسرح الذي شهد على دراستهم، ليكون لها إنتاج مسرحي جديد، وكذلك فرصة للخريجين في بداية مشوارهم. ويضيف «سنقدم ثلاثة عروض في الجامعة فقط، وعندما ننتقل إلى مسارح أخرى فنحن نحمل اسم الجامعة معنا كخريجين. ومن المؤكد أن الجامعة تهتم بأن يكون خريجوها من الناجحين».
وتعيش الدكتورة علية الخالدي حيرة من أمرها، فهي عندما رغبت كممثلة في لعب دور امرأة لبنانية قيل لها «لا تمتلكين اللهجة اللبنانية بما فيه الكفاية. مع أنني ممثلة ويفترض أن أتقن كافة اللهجات. وعندما رآني عوض دون غيري في دور المرأة الفلسطينية كانت المفاجأة بأنني لم أكن أيضاً أتقن اللهجة فلسطينية بما فيه الكفاية. ولدت في لبنان وأعيش فيه، لكن الانتماء إلى وطن غير متاح أكبر من أي أمر آخر. العودة هي الأمل والرجاء الأول والأخير». وتضيف: «عوض كان طالباً عندي، وعندما قدّم لي تلك الشخصية لتجسيدها، وجدتها مثيرة للاهتمام. معاناة أيوبة أكثر من مضاعفة. إنها امرأة الشتات والمخيم. فأن أكون حيال شخصية امرأة وفلسطينية معاً أمر في غاية الجاذبية». وترى أن «أيوبة تختزل في شخصها النكبة. وتسلسل أحداث حياتها يشبه حياة الفلسطينيين منذ النكبة حتى الآن. كأستاذة جامعية أرغب في دعم طلابي. أنا وعوض وميرا صيداوي وتالة نشّار تعلمنا الكثير من هذه التجربة. ذاتياً درّبت نفسي لأكون ممثلة وليس مخرجة». وتثق في خبرات عوض رغم عمره الصغير الذي لا يتعدى الـ 22 ربيعاً. وتقول أنها كل يوم تتعلم ضبط الذات، والابتعاد عن كونها أكاديمية في مواجهة مخرج كان طالباً قبل أشهر. في تضيف أن «عوض يعاني من هذا الجانب، وهو بدوره يدرب نفسه لينسى بأني أستاذته، وبالتالي أن يعتمد الرؤيا التي وضعها لعمله كمخرج. وأكرر بأني كممثلة ومخرجة ليس لي كلياً الجلوس في المقعد الخلفي والفرجة من بعيد. إنها مشكلة جدية أحاربها بضبط الذات. والمهمة الأهم في هذا العرض أن أتعلُم اللفظ الفلسطيني كما هو بالتمام».
وتقول علية الخالدي إنه بعد عرض المسرحية في الجامعة اللبنانية الأمريكية لثلاثة ليال، فمكان عرضها الطبيعي في مخيمات اللجوء، « فالمخيم وجمهوره هو الذي سيحتضن أيوبة. من الضروري لكل من يعيش الشتات الفلسطيني أن يرى صورته على المسرح في هذا العرض. صحيح أن معاناتنا كفلسطينيين لم تنته، لكننا نحتاج إلى النقد الذاتي فيما يتعلق بتاريخ نضالنا. لن نكون بمواجهة رواية واحدة حيال قضايانا، إنما السليم أن نبدأ بالكلام، وأن نقول بأننا أخطأنا في الكثير من المواقع، وهذا ما لم يعترف به أحد بعد. ومن لا يعترف بخطئه لن يتعلم منه».
بدورها أعلنت الممثلة ميرا صيداوي أنها على توافق مع دورها بتجسيد أيوبة في مرحلة عمرها المتوسط. تقول: «ربما تتحمل تلك المرحلة من العمر المعاناة الأكبر من حياة البشر. هذا كان واقع أيوبة. جذبتني أيوبة لأنها تعاملت مع الحياة بإيجابية رغم المعاناة. ولم تستسلم يوماً، بل كانت دائمة الشحن لقوتها. هذا الشحن شكل عامل صمودها وصولاً لأيوبة في عمرها الكبير. وأصعب ما عانته أيوبة منذ زواجها هو حرمانها من والدتها بعد أن شكل زوجها حولها ما يشبه حالة الاعتقال. منذ قرار حجبها عن والدتها تحولت أيوبة إلى إنسانة أخرى. الأسى الذي عانته انعكس قساوة عليها كإنسانة».
الرسالة التي حمّلتها الأم لابنتها أيوبة هل كانت عبئاً أم قوة لها؟ توضح صيداوي بأنها رسالة من التراث حرفيتها «الزلمي زي البطيخة والبيت سر ببطنك ومفتاحه رحمك». جملة تراثية ترمز لمعاناة الفلسطينيين. والمراحل الثلاث لحياة أيوبة تجسد تلك المعاناة. مكان المعاناة الفعلية هو رحم أيوبة. باستئصاله تعيش الخواء والفراغ. لكن هذه الأيوبة تخترع الأمل مهما كان. وعندما قص زوجها شعر طفلتها بالسكين، حوّلت تلك القضية إلى فعل ايجابي. جمعت الشعر وصنع لعبة ووضعت الشعر على رأسها وأهدتها لطفلتها. اجتهدت للتغلب على كل قبح واجهها. ففي الصبر قوة. إنها حالة من المجتمع الفلسطيني وليست جميعه. ففي هذا المجتمع ثمة مناضلات كما ليلى خالد ودلال المغربي. أيوبة زوجة جابر المنتمي إلى منظمة التحرير والذي يعيش الفشل خارج البيت، وكذلك الاستضعاف والخسارة، صار يقهرها كتعويض وهي تتمسك بالصمود.
لازالت تالة نشّار تدرس المسرح في الجامعة اللبنانية الأميركية. تعلمت اللهجة الفلسطينية لتتمكن من دور أيوبة في عمر الجمال والصبا قبل أن ينهال عليها نهر الأسى. تقول: «أحببت أن أمثل أيوبة عندما كانت فرحة كما ساندريلا، وحين لم يكن ينغص حياتها سوى الفلقة. أيوبة حلمت بأن تكون طبيبة لإنقاذ المرضى، دخل العريس عنوة إلى حياتها، وكان نصيبها رجلاً قاسياً. حافظت على حلمها ليس الشخصي بل من خلال أبنائها الذين عاشت لأجلهم. حياتها المأساوية انعكست قوة على تصرفاتها ومسؤولياتها».

----------------------------------------

المصدر : القدس العربي 

عرض مسرحى عن اشترط داريوفو"امرأة وحيدة"

تجاعيد الفراغ.. الأفكار المتساقطة من ذاكرة هزاع البراري

مجلة الفنون المسرحية

تجاعيد الفراغ.. الأفكار المتساقطة من ذاكرة هزاع البراري


 "مثُل كذبة.. يخدع الكحل أفق العين.. نظرتك قنديل.. وشارع يتراكم فيه السؤال.. لا قمرَ يمر.. وحدَه المساء.. يجرُّ أذيالَ الليل"... أبيات من كتاب "تجاعيد الفراغ" للروائي هزاع البراري.

ويقول هزاع البراري، في كتابه الصادر حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون" في عمان، إن الفراغ بالنسبة للكاتب ليس إلا تجاعيد تحتوي بين ثنياتها نثار الأفكار المتساقطة من الذاكرة، التي تشبه النوى الصغيرة اللذيذة التي تختفي داخل القشرة الصلبة الصماء، التي توحي بالفراغ، وفقط الفراغ.

وأوضح أن النصوص التي استنبتها في "تجاعيد فراغه" تشبه أزهار الربيع متعددة الألوان، التي تبشّر دائما بحقول الربيع.

"تجاعيد الفراغ" كتاب جديد خارج سياق كتابات الروائي والكاتب المسرحي هزاع البراري، يجمع ما بين جزالة الشعر ورحابة السرد الروائي.

يُذكر أن، هزاع البراري يشغل حاليًا منصب أمين عام وزارة الثقافة، وعضو رابطة الكتاب الأردنيين، و عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وعضو مؤسس لفرقة طقوس المسرحية، وعضو مؤسس لجمعية حسبـان الثقــافيـة.

حاز البراري على جوائز عدة منها: جائزة عويدات اللبنانية لأفضل رواية في الوطن العربي لعام 2001، وجائزة محمـد تيمـور المصـريــة لأفضـل نـص مســرحـي عـربي 2004، وجائزة أفضـل تأليف مسـرحي عـن مسـرحية "ميشع يبقى حيــاً"، في الاردن لعام 2001، وجائز الدولة التشجيعية في الآداب عن كتابة السيناريو لعام 2008، وجائزة أبو القاسم الشابي التونسية لأفضل نص مسرحي عن نص "قلادة الدم" 2009م، وجائزة مهرجان المسرح الأردني 2009 لأفضل نص مسرحي عن مسرحية "ميشع يبقى حياً".

وصدر للكاتب البراري عدد من الروايات والأعمال المسرحية، منها: "الجبل الخالد" (رواية )، "حواء مرة أخرى" (رواية)، "الغربان" (رواية)، "الممسوس" (مجموعة قصصية)، "العُصاة" (نصوص مسرحية) ، "قلادة الدم" (مسرحية)، "تراب الغريب" (رواية)، "أعالي الخوف" (رواية)، ونشر العديد من الأعمال الدرامية بثت في الإذاعة والتلفزيون، ومنها: "دروب الحنة"، و"نقطة وسطر جديد"، و"أزمنة الحب والحنين"، و"قصة وحكاية" (إذاعي)، و"صور اجتماعية" (إذاعي)، و"دفن المرحوم" (تمثيلية إذاعية).

وفي المسرح قدّم عددا من المسرحيات في مهرجان المسرح الأردني، منها: "العرض المجهول"، "حلم أخير"، "مرثية الذئب الأخيرة"، "العُصاة"، "الناي والنهر"، "قلادة الدم"، "هانيبال".

--------------------------------------------
المصدر :ايمان بحيري - العرب نيوز 

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption