أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الخميس، 15 فبراير 2018

قراءة في مسرحية ( البوشيه ) الإماراتية .. حضور النص وغياب الرؤية الإخراجية ..

مجلة الفنون المسرحية

قراءة في مسرحية ( البوشيه ) الإماراتية .. حضور النص وغياب الرؤية الإخراجية ..

 يوسف الحمدان

اختتمت فرقة مسرح أوال مهرجانها الدولي 11 بعرض مسرحية ( البوشيه ) لمؤلفها الإماراتي المبدع إسماعيل عبدالله ومخرجها المؤلف الإماراتي المبدع أيضا مرعي الحليان ، إنتاج فرقة مسرح رأس الخيمة ، وذلك على خشبة مسرح مركز شباب المحرق الثقافي ، بمشاركة شابة وحضور لا تعوزه خبرة للفنان خالد البناي .

في هذه المسرحية الشاعرية المتدفقة بحكاياها وموروثها الشعبي ، يلامس المخرج الحليان عالم الصراعات الطبقية التي تقتضيها العلاقات الاجتماعية غير المتكافئة بين غانم بن حمود بن غانم ، سليل إحدى العائلات المهيمنة والمتنفذة ، وبين الراقصة جواهر المتمردة على تقاليد القبيلة وعاداتها ، حيث يتورط غانم بعشقها إلى درجة يحسم فيها أمر هذا العشق بالزواج السري منها وقبوله بكل ما يترتب على هذا الزواج من مصائب ، إلى أن تأتي لحظة الحسم الأصعب لمثل هذه العلاقة وذلك بعلم والده المتغطرس حمود بن غانم عن زواجه من الراقصة سرا ، فيبدأ معها الصراع المعلن بين الأب حمود والراقصة جواهر ، الأمر الذي يصل بحمود بن غانم إلى حد التصفية الجسدية والروحية للراقصة جواهر ، لولا طفر صوت والدته المحذر في اللحظة الأخيرة وهي تدعوه عندما كان طفلا للبقاء في البيت ساكنا صامتا حتى تنهي مهمة رقصها في ستر إحدى الدور المجاورة لمنزلهم ، بينما يظل الإبن العاشق غانم مندسا في قاع خوفه ورهبته من أبيه ، وخوفه على زوجته الراقصة جواهر .

هذه هي الحكاية التي نسج حرير حدوثتها المغمورة بالموروث الخليجي المكتنز بحكايا وأغنيات المسكوت عنه ، نسجه المؤلف إسماعيل عبدالله بروح شاعرية تغري أي مخرج للتصدي لها ، وها هو مرعي الحليان المخرج الثالث أو الرابع الذي يتصدى لمثل هكذا نص ، فهل تمكن الحليان من طرح رؤية جديدة على النص ؟ أم ظلت الحكاية هي المسيطرة بنص مؤلفها على العرض كله ؟

يبدو أن نص إسماعيل عبدالله كان أقوى وأكثر سطوة في العرض من لغة المخرج ، بل أن قراءة المخرج للنص أفقدت النص نفسه روحه الحاثة والمحفزة على التأويل وتعدد الرؤى فيه ومن خلاله ، حيث كنا أمام خطاب منولوجي مباشر ومنمط ، بل أن هذا الخطاب أصبح صوتا لا يحكي بقدر ما يذهب عكس الحكاية نفسها ، ولولا بعض الرقصات الشعبية الشجية ومن بينها ، بل أهمها أغنية البوشيه ورقصتها السامرية ، لتصلبت الحكاية كلها في هذا الخطاب الأدائي .

لقد كان بإمكان المخرج الحليان أن يبحث عن منافذ بحثية أخرى في قراءة النص ، ولعل ( البوشية ) نفسها تحمل دلالات لا حدود لها حين الوقوف عندها ، فهي ليست خمارا أو عباءة فحسب ، هي مساحات لقراءات يتداخل ويحتدم فيها الجمال بالقبح ، الجرأة بالخوف ، الظلام بالنور ، الستر بالفضح ، الملاك بالشيطان ، المرأة بالرجل ، الطهر بالعهر ، والتي من خلالها تفتح الحكاية أبوابا لا حدود لها لقراءة ما لم يحكى في هذه الحكاية ، خاصة وأن المؤلف يجوس عميقا في قراءة المسكوت عنه في حكايانا وموروثنا الشعبي .

ما رأيته في هذه الحكاية أن كل هذه الممكنات التأويلية تخرج من مازورة واحدة تتشابه في أغلب مخرجاتها ، أداء حد الصراخ وحد الضعف وحد الغضب ، ولا يوجد ماء يتسلل بين هذه الحدة فيمنحها جداول وانسيابات متعددة في الأداء ، بل أن حتى الفرقة الشعبية التي قدمت الموروث الغنائي لهذه المسرحية لم يمنحها المخرج بعدها الدرامي في العرض ، فظلت بعيدا عن روح الحكاية في المسرحية إلا بقدر ما يتقبله وجداننا الشعبي من نغم اعتدنا الارتياح إليه عندما نصغي إليه ونراه مجسدا بشكله الطبيعي المعهود عبر الرقص .

كما أن توظيف هذا الموروث الغنائي الشعبي الراقص بشكله العفوي غير المخرج مسرحيا أرهق فضاء العرض بثقله ، مثلما أخل بروح المشاهدة للمحور الأساسي في الأداء للعرض ، حيث ازدحمت المشهديات كلها في زوايا لا تعرف بالضبط مقدمتها من عمقها على الخشبة أحيانا .

وأتساءل : ما هي وظيفة هذه الأطر المجردة على الخشبة ؟ هل هناك تعامل أو توظيف مبرر لوجودها الجمالي أو الأدائي أو الحركي ؟ فليعذرني المخرج الصديق الحليان ، أرى أنها أربكت العرض أكثر مما أضافت إليه ، كما أن وجودها المجرد على الخشبة يتناقض تماما مع الشكل الواقعي للأداء وللأزياء التقليدية ولكل مفردة على خشبة المسرح بما فيها الإضاءة التي تحولت إلى إنارة للكشف المؤقت للدور وليس بوصفها جمالية دلالية تثري التجربة .

لا شك أن العرض توفر على طاقات شابة مميزة ولديها استعداد كبير لأن تذهب إلى أبعد ما ذهبت إليه أدائيا في هذا العرض ، وخاصة الشابة ميرة العلي التي قامت بأداء دور الراقصة جواهر ، إذا ما قارنها بالشاب حسن بلهون الذي قام بأداء دور غانم العاشق المرعوب والذي في رأيي ينبغي الاشتغال كثيرا على أدائه الصوتي الذي غيب الكثير من المعاني الدالة في النص ، ولكن العرض في رأيي يحتاج إلى تأمل أكثر من قبل المخرج الحليان في قراءة ما يكتنز به هذا النص من قدرة لا محدودة على تفجير الطاقات الأدائية شبه المعطلة في هذا العرض .
وختاما تحية حب لفرقة مسرح رأس الخيمة ، إذ لا يزال في الوقت متسع لتأمل العرض وتقديمه بما هو أفضل .






المخرج إسماعيل خلف: لن يسدل الستار على مشهد الحياة في سورية

مجلة الفنون المسرحية

المخرج إسماعيل خلف: لن يسدل الستار على مشهد الحياة في سورية


نزار حسن - سانا


“لن يسدل الستار على مشهد الحياة في سورية” منهاج عمل أطلقه المسرح القومي في محافظة الحسكة منذ بداية الحرب الإرهابية استطاع خلالها تصدر الواجهة الثقافية والفنية حتى في أحلك الظروف التي شهدتها المحافظة فكانت أعماله انعكاسا لواقع معيشي أثقلت كاهله أوجاع الحرب وهموم الناس باتجاه أمل بغد أفضل.

وفي لقاء مع سانا الثقافية تحدث مدير المسرح القومي في محافظة الحسكة الكاتب والمخرج المسرحي اسماعيل خلف عن واقع الحراك المسرحي ودوره في حياة المواطنين قائلا إن “المسرح القومي شريك أساسي في النشاطات والفعاليات الثقافية ولم يقتصر دوره على الحالة المسرحية بل قدم بصمة واضحة في جميع الأنشطة سواء عن طريق المسرح أو حفلات افتتاح المهرجانات أو الأفلام التوثيقية أو الإشراف الفني والإخراجي لأي فعالية فنية أو أدبية”.

ويضيف خلف “عندما كانت المحافظة تمر بظروف صعبة لا تسمح بارتياد الناس للمراكز الثقافية لحضور العروض المسرحية كانت فرقة المسرح القومي تنفذ عروضها في المدارس وروضات الأطفال وصالات الكنائس ومعهد الصم والبكم” مبينا وجود عدة عوامل ساعدت المسرح القومي على إنجاح مسيرة عمله خلال السنوات السبع الماضية أهمها الاهتمام الكبير من قبل وزارة الثقافة ممثلة بمديرية المسارح والموسيقا.

ويشير خلف إلى أن المسرح القومي يضع خطة عمل سنوية تواكب رغبات المشاهدين يتم خلالها التركيز على تنوع العروض المقدمة وملامتها للكبار والصغار بطابع شعبي حتى في الأعمال المقدمة بالفصحى لتكون أقرب إلى عقول وقلوب الناس مع الحرص على استمرار تقديم هذه العروض طيلة أيام العام وعدم حصرها بالمهرجانات والفعاليات كمهرجان الحسكة المسرحي ويوم المسرح العالمي ويوم الثقافة السورية.

وعن دور المسرح في حياة الناس قال “تم التركيز على مسرح الطفل لتقديم الكثير من العروض ومنها مسرحية (كوخ الأصدقاء) التي تدور قصتها حول مجموعة من الأصدقاء الذين يشعرون بأن بيتهم أصبح قديما ولا بد من البحث عن بيت جديد أفضل منه وفي رحلة البحث عن منزل جديد في المدن الأخرى بعيدا عن أرض الوطن يتعرضون لمعاملة غير إنسانية فيقررون العودة إلى منزلهم القديم ويجرون له بعض الإصلاح ليصبح أجمل” مشيرا إلى أنه على الرغم من بساطة الفكرة إلا أنها لاقت استحسان الحضور الصغار والكبار وأدت الهدف المنشود من العرض.

وذكر مدير المسرح القومي أن المسرح قدم العديد من الأعمال المسرحية المخصصة للكبار تم التركيز فيها على مسرح المونودراما وكان لها دور كبير في إحداث تأثير في المتلقي عبر الزخم الكبير الذي يظهره الممثل من المشاعر والأحاسيس.

وعن مشاركة المسرح القومي بالحسكة في أسبوع الثقافة السورية الذي أقيم في تونس مؤخرا عبر تقديم العرض المسرحي وجوه أحن لرؤيتها رأى خلف أن العمل ترك أثرا رائعا في الجمهور التونسي وكتبت عنه الصحافة التونسية وحقق حالة من التواصل الاستثنائي ولا سيما المشهد الأخير من العرض المسرحي الذي يتحدث عن خيانة بعض الأنظمة العربية لسورية رغم كل ما قدمته للقضايا العربية والقومية فما كان من الجمهور إلا أن وقف وصفق مظهرا حالة فريدة من التأثر لم تخفها الدموع على وجوههم.

وعن دور المسرح القومي في استقطاب مواهب الشباب ورعايتها أشار خلف إلى مشروع “الأيقونة السورية” لتبني هذه المواهب الذي ترعاه نقابة الفنانين حيث تم تشكيل لجنة فنية مهمتها سبر المواهب حتى عمر 18 عاما ومن ثم تقديم مجموعة من الأعمال الفنية ذات البعد الوطني لتكون نواة للفن السوري في المحافظة مستقبلا.

يذكر أن اسماعيل خلف وهوعضو نقابة الفنانين ويعمل مديرا للمسرح القومي في المحافظة منذ عام 2010 قام بكتابة وإخراج نحو 70 عملا مسرحيا وسينمائيا وتوثيقيا منذ عام 1983 وله كتابان في الدراسات المسرحية النقدية بعنوان مسرح الهواة في سورية والمسرح في محافظة الحسكة ومجموعتان شعريتان هما النهايات المفتوحة و كرنفالات الخيبة ومشاركات بنصوص تلفزيونية قدمت في مسلسلي مرايا وبقعة ضوء وغيرهما .

كما صدر له عن طريق وزارة الثقافة النصان المسرحيان سوناتا الانتظار وعويل الزمن المهزوم للذان قدما في أعمال مسرحية في سورية وعدد من الأقطار العربية كمصر وعمان والعراق والجزائر وحصدت نصوصه وأعماله المسرحية العديد من الجوائز وكرم في محافل ثقافية وأدبية داخل سورية وخارجها كما شارك في الكثير من لجان تحكيم ضمن مهرجانات ثقافية وفنية.


عصام محفوظ وسؤال المسرح العربي

مجلة الفنون المسرحية

عصام محفوظ وسؤال المسرح العربي

ضحى عبدالرؤوف  - المدى

ما استقرت الشخصية اللبنانية في مسرح "عصام محفوظ " إلا من خلال الموروثات البيئية التي نسجها تبعاً للحالة الشعورية النابعة من الذات، والمثيرة للمفاهيم المسرحية التي قدمها من خلال كتابه "سيناريو المسرح العربي في مئة عام " عن "دار نلسن" وهو مختارات" من كتابين ، أولهما بعنوان سيناريو المسرح العربي "، والثاني بعنوان المسرحي والمسرح" وقد تضمن مدخل الكتاب العودة الى بداية القرن العشرين، والمسرح المعروف انذاك مثل خيال الظل والقراقوز وصندوق الفرجة " إضافة الى الفن الشعبي العربي الوحيد في هذا المجال المجسد في الحكواتية " مع أبراز عدة جوانب لماهية هذا المسرح معتبراً" أن الحكواتية هي التعبير الأولي للشكل المسرحي" كما انتشر فن الدمى، وهنا أعود بالذاكرة الى القباني في الشام وجعفر لقلق زادة وابن الحجامة في العراق في القرن التاسع عشر، وهو عوضاً عن السينما والتلفاز يجلسون في المقاهي على المنابر يقرأون قصص أبو زيد الهلالي والسيرة الهلالية، وهم يماشقون سيوفهم يمثلون البطولة عند القراءة مثل صبري قباني وابن الحجامة 1875 . هكذا كانت أوليات العروض حتى دخل نابليون مصر فجاء بالاوبرا ورافيل والمسرح، ومسرح الدمى وخيال الظل الفنون التي تكلم عنها "عصام محفوظ" في كتاب سيناريو المسرح العربي في مئة عام والانغراس في الواقع الشعبي العربي من خلال عدة نصوص مسرحية قدمها محفوظ "بأسلوب العرض الوثائقي من خلال نقولا نقاش والرحالة الانكليزي" دافيد اركهارت " وهكذا فالكتاب رحلة في المسارح العربية ونشأتها وبداياتها. لتستوقفنا عدة مسرحيات لنقولا نقاش مفصلاً الكثير من الاساليب التي اعتمدها النقاش في لغة المسرح التي ابهرته منذ عرفها 1846 عند سفره ايطاليا وبوصف"لهذه البداية على لسان شاهد ثاني" وهذا انما يدل على تأثر "عصام محفوظ" بمسرح النقاش مع الاهتمام بالشخصية اللبنانية .
يثير "عصام محفوظ " في كتابه سيناريو المسرح العربي في مئة عام شجون الشخصية اللبنانية التي انهكتها الروايات الافرنجية على لسان سمعان الشخصية التي تحدثت في مشاهد مسرحيته الأخيرة "وتلك جرأة الفنان أمام التحدي التاريخي الذي يقوم به بصرف النظر عن نتائج هذا التحدي" فالمسرح الذي انتقل مع النقاش الى بلادنا بقوة الأمل في خلق الفن الممتلىء بالمادة الحيوية او الرواية المترجمة كالعائدة المترجمة عن الايطالية عادت لتشعر النقاش باليأس فقال " إن دوام هذا الفن في بلادنا أمر بعيد" ربما لأن فصاحة الالفاظ في المسرح لم تكن تستساغ آنذاك ، فالمسرح العربي بعد ذلك دام وتوسع وانتشر وصار جامعات واكاديميات ، والقفزة المسرحية التي بدأت في الماضي وصلت الى المستقبل الذي كان يجهله النقاش وأدركه العصر أو تحول عبر الزمن الى عدة مدارس كان هو من اضاء مشعله . 
برزت الشخصية العربية الأجمل في نعوم وصفصف ومسرح صنوع الشعبي، وما بين تغريب وتعريب ومسرح موليير وغيره، ولدت الشخصية العربية مترنحة مع ما رافقها من نقد مسرحي من خلال " الناقد المسرحي العربي الاول سليم البستاني "وان كنت لاستغرب الاقتياسات عن الكثير من الروايات مثل اقتباسات عن رواية "هوراس لكورني " اضافة الى تلحين العمل المسرحي أو تطعيم العمل الشعري على المسرح. إضافة الى ندرة وجود الممثلة المسرحية انذاك والمشكلات التي واجهت المؤلف والمخرج ، والقائم على الاعمال المسرحية ونخبة نتاجها، وبهذا ندرك من خلال هذا الكلام إن الكثير من الصعوبات واجهت المسرح العربي أو بالاحرى إن صح القول المستعرب بتحديث تدرجي وفق الازمنة التي انتقل منها ، كما في الفصل الخامس من هذا الكتاب الذي يحمل الصورة التوصيفية للمسرح الذي اعجب به "عصام محفوظ" وتناقض معه وكأنه مر بمراحل من التذبذب . وربما هذا دفعني للقول ان المسرح الفينيقي في لبنان وتدمر وفي بابل أقدم من المسرح الاوروبي والاغريقي ، فالمسرح هو ساحة العرض والمدرجات هي اكبر دليل على ذلك ، ولم يخلف تاريخنا مسرحية عدا كلكامش ، فالمسرحية هي تراث الغرب ويبدو إن ما كنا نقوم به هو محاولات مسرحية نصوصها مترجمة الى العربية . 
في الفصل السادس برزت كلمة المشخصين، وربما لإبراز قيمة التقمص والسعي لفهم الشخصية بعد تمرس طويل في الاداء المسرحي. اذ لا يوجد في الحياة شخصين متشابهين، فكيف في الاداء المسرحي أو تحديداً في التشخيص المسرحي خاصة في مسرحية هاملت وبنقد اختصره عصام محفوظ بقوله" وتصرف انطانيوس عبده في الترجمة هو مثال لما كان يحدث في غالبية الترجمات في الفترة ما بين ولادة المسرح العربي على يد مارون النقاش وولادة الوعي العصري للتأليف المحلي على يد فرح انطون" فالوعي العصري هو سمة ذات دوافع توضح الافكار والمشاعر والهموم التي تنازع هواجسها "عصام محفوظ" مع سيناريو المسرح العربي في مئة عام والذي يمكن تقديمه على المسرح حاليا بتحديث لأزمنة ترسم مجد المسرح العربي قديماً، أوالمسرح الاوروبي المترجم برواياته على الخشبات المسرحية إن صح التعبير، والمسرح العربي الحالي والينبوع الذي نهل منه قبل قرون مضت.
مسيرة لمسرح عربي في سيناريو هو لمسرحية واحدة تضم تاريخ المسرح العربي في مئة عام هي مؤسسة له من كل النواحي التراجيدية والكوميدية والشعرية، ومن يوسف وهبي لعلي الكسار ونجيب الريحاني " وكذلك المسرحية الشعرية التي كانت قد بلغت ذروة تقنيتها الغنائية مع أحمد شوقي ثم عزيز أباظة وأحمد باكثير وغيرهم" فأين المسرح الهزلي؟ ومتى بدأ ؟ وكيف كانت عروضه وعلى ماذا اعتمد الريحاني الأكثر إطلاعاً على المسرح العربي؟ 
نمى المسرح الحقيقي بعد الحربين بشكل مؤثر، وظهرت مدارس عدة العلمية والمنهجية خلال القرن الماضي حصراً، فالاوروبيون رسموا انطباعياً العصر العربي من القرن السابع عشر، وهذا يضعنا أمام تساؤلات من نحن في المسرح العربي ولمن ننتمي ؟

الأربعاء، 14 فبراير 2018

رسميا.. الثقافة تطلق قوافل التنوير المسرحية في مصر

مجلة الفنون المسرحية

رسميا.. الثقافة تطلق قوافل التنوير المسرحية في مصر

الصباح العربي

أطلقت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزير الثقافة بحضور الدكتور عبد الوهاب عزت رئيس جامعة عين شمس ، مبادرة تحت عنوان " قوافل التنوير المسرحيه وحملت شعار المسرح بين إيديك" والتى نجحت في إعادة ضخ الثقافة والفن الي شراين وقلب المسرح الجامعى من جديد .

و شهد الطلاب من جامعة عين شمس عرض"السيرة الهلامية" بطولة، محمد ابراهيم ،رأفت سعيد ،محمود المصري ،حسن عبدالله، رامى عبدالمقصود، بلال على، مصطفى السعيد، مها حمدي ، محمود سليمان ،تأليف موسيقى محمود وحيد، ديكور مصطفى حامد ، أزياء هبة مجدى ،تعبير حركي سمير وجوليا ،تأليف الحسن محمد، إخراج محمد الصغير والذى قدم بالتعاون مع وزارتي التعليم العالي و التربية و التعليم، ونظمها المجلس الأعلي للثقافة برئاسة الدكتور حاتم ربيع بالتعاون مع قطاع الانتاج الثقافي برئاسة الفنان خالد جلال ممثلا في البيت الفني للمسرح برئاسة المخرج اسماعيل مختار وحضور عددا من عمداء الكليات واعضاء هيئة التدريس بالجامعة .

وأكدت عبد الدايم ان تفعيل دور المسرح الجامعي يساهم بشكل كبير الى التطلع للنهوض بتشكيل وعي الشباب وبناء الانسان بأعتبار المسرح أحد منابر الأدب والثقافة ومختلف الفنون واضافت ان هذه القوافل المسرحيه سوف تطوف باقي الجامعات في القاهرة الكبري، بعدها تنتقل المبادرة إلى المحافظات وخاصة الصعيد، وأشارت عبد الدايم إلى أن المبادرة هي بداية للتعاون مع الجامعات في أنشطة وفعاليات ثقافية وفنية أخرى وأشادت بالعرض المسرحي (السيرة الهلامية ) وبطاقات الشباب ، مشيرة أن الوزارة ستعمل على تفعيل بروتوكول التعاون مع وزارة التعليم العالي ، لضمان استمرار وتعميم التجربة وأكتشاف مواهب المبدعين من شباب الجامعات في مختلف المحافظات واعلنت ان خلال شهر فبراير الجاري سيتم تقديم العرض المسرحى (سلم نفسك ) من أخراج خالد جلال وانتاج صندوق التمية الثقافية برئاسة الدكتور فتحي عبد الوهاب في قاعة الاحتفالات الكبري بجامعة القاهرة .

وحرص الدكتور عبد الوهاب عزت رئيس الجامعة علي إهداء الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة درع الجامعة تقديرا لتفعيل الخدمات الثقافية واعادة شعلة التنوير الى مسرح الجامعة بأبداعات الشباب في مسرح الدولة .

أول فرقة مسرحية جديدة لذوي الاحتياجات الخاصة بمصر

مجلة الفنون المسرحية

 أول فرقة مسرحية جديدة  لذوي الاحتياجات الخاصة بمصر 

رويترز

قال أكبر مسؤول عن مسارح الدولة في مصر إن فرقة جديدة ستخرج للنور خلال أسابيع قليلة تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة وقضاياهم وسيكون لها مسرحها الخاص المجهز بمعدات للمكفوفين والصم والبكم.

وقال إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح، وهو المظلة التي تجمع تحتها معظم مسارح القطاع الحكومي، في مقابلة مع رويترز “قريبا جدا، ربما خلال أقل من 20 يوما، سيتم تدشين أحدث فرقة مسرحية تحمل اسم ‘الشمس‘ وتندرج تحت مسمى المسرح النوعي”.

وأضاف “هي فرقة لذوي الاحتياجات الخاصة، أو من نفضل تسميتهم ذوي القدرات الخاصة، سيكون مقرها مسرح الحديقة الدولية (في حي مدينة نصر). من خلال هذا المسرح سننتج عروضا عن هموم ومشاكل وقضايا ذوي القدرات الخاصة إضافة إلى عروض أخرى تجمع بين ذوي القدرات الخاصة وممثلين من البيت الفني للمسرح”.

وقبل تأسيس الفرقة كانت للبيت الفني للمسرح بعض التجارب بمجال مسرح ذوي الاحتياجات الخاصة منها عرض (ورد وياسمين) لمسرح الشباب الذي دمج بين الممثلين وذوي الاحتياجات الخاصة وعرض (العطر) لمسرح الطليعة الذي قدمه فنانون من الصم والبكم وهو ما شجع على تأسيس فرقة دائمة لذوي الاحتياجات الخاصة بهدف دمجهم في المجتمع.

وقال مختار “نخطط لتزويد مسرح الفرقة الجديدة بتجهيزات تساعد ذوي القدرات الخاصة على متابعة العروض بكل يسر، سيكون هناك نحو 30 مقعدا مزودا بسماعات للمكفوفين، وستكون هناك شاشات خاصة بالصم متصلة بكاميرا مسلطة على مترجم متخصص بلغة الإشارة ينقل كل ما يقال على خشبة المسرح للمشاهدين”.

ويضم البيت الفني للمسرح تحت مظلته عدة مسارح من بينها المسرح القومي والمسرح الحديث والمسرح الكوميدي ومسرح الشباب ومسرح الغد ومسرح الطليعة والمسرح القومي للأطفال ومسرح القاهرة للعرائس.

* مسرح جديد

وكشف رئيس البيت الفني للمسرح عن تفاصيل مسرح جديد يجري العمل حاليا على إعداده وتجهيزه ليضاف إلى مسارح الدولة التي لم تشهد أي زيادة في عددها منذ نحو خمسة عقود.

وقال إسماعيل مختار “كانت هناك قطعة أرض مقام عليها مسرح قديم بشارع عماد الدين في وسط القاهرة استولى عليها البعض لكننا استطعنا استردادها وسارعنا بوضع حجر أساس مسرح جديد. انتهينا حاليا من المرحلة الأولى وأصبح الهيكل الخرساني للمبنى جاهزا”.

وأضاف “المسرح الجديد عبارة عن قاعة رئيسية تسع 400 مقعد إضافة إلى قاعة علوية متعددة الأغراض تصلح للمسارح التجريبية والطليعية وغيرها تسع 150 مقعدا وذلك بالطبع بجانب غرف الفنانين والمخازن وطابق لانتظار السيارات أسفل المبنى”.

وتابع قائلا “المبنى مصمم على الطراز المعماري للقاهرة الخديوية وننتظر التمويل اللازم للبدء في أعمال التشطيبات والتجهيز وبعدها يمكن افتتاح المسرح خلال عام واحد”.

ورغم ترحيبه بإضافة هذا المسرح الجديد لمسارح الدولة، يشير مختار إلى أن معظم المسارح التابعة للبيت الفني للمسرح لا تزال تتركز في قلب العاصمة.

وقال مختار “نحتاج لأن تكون لنا مسارح في أكثر من مكان بعيدا عن وسط العاصمة، نحتاج أن يكون لنا مسرح في السادس من أكتوبر (على مشارف القاهرة) وفي القاهرة الجديدة وكذلك في طنطا وأسيوط وغيرها من المدن المصرية”.

وأضاف “نعمل على حل مؤقت لنقص المسارح باستخدام مسارح قصور الثقافة المنتشرة في مدن مصر، لكن هذا الحل يتطلب تنقل الفرق كثيرا وتوفير أماكن لإقامتها ووسائل إعاشة. نحتاج حقيقة لتأسيس فرقة مسرحية في كل مدينة”.

وتشير الإحصاءات إلى أن البيت الفني للمسرح بمختلف فرقه أنتج في عام 2017 نحو 29 عرضا مسرحيا وأعاد تقديم 31 عرضا.

* خطط مستقبلية

ويرى إسماعيل مختار أن مسرح الدولة هو الذي حمل عبء الإنتاج المسرحي خلال السنوات القليلة الماضية التي تراجع فيها إنتاج القطاع الخاص بشكل كبير.

وقال إنه رغم القيود الكثيرة التي تعوق مسرح الدولة فهو يؤدي دوره بشكل رائع وهناك خطط يجري إعدادها لتحديثه وتطويره.

ومضى قائلا “كقطاع حكومي بالتأكيد تواجهنا مشكلات كثيرة تتعلق باللوائح والقوانين التي لا يتناسب بعضها مع النشاط الفني لذلك نعمل حاليا على تعديل بعض هذه القواعد المنظمة للعمل حتى نواكب التطور الجاري حولنا ونقدم مسرحا يليق بالمشاهد المصري”.

وأضاف “لدينا الكثير من الأفكار الخاصة بالحجز الإلكتروني للتذاكر والدعاية وتمويل العروض والشراكة مع القطاع الخاص، هذه مشروعات كانت موجودة منذ فترة لكن بانتظار الإرادة التي تطبقها، ومع تولي الفنانة إيناس عبد الدايم منصب وزيرة الثقافة تتجه الأمور للتحرك بشكل أسرع وأفضل”.

وتولت عازفة الفلوت ورئيسة دار الأوبرا المصرية السابقة إيناس عبد الدايم منصب وزيرة الثقافة في 14 يناير كانون الثاني.

وتشكو فرق مسارح الدولة في مصر من ضعف الإنفاق على الدعاية للعروض والترويج لها خاصة في القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية لذا تقتصر الدعاية على لافتات الشوارع والدعاية عبر وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت.

وقال مختار إن الفترة القادمة ستشهد أيضا إيجاد حلول لمشكلة تسجيل وبث العروض المسرحية لفرق الدولة وذلك في إطار منظومة جديدة ستعلن تفاصيلها قريبا.

وقال “المشاهد تعود على مستوى معين لعرض المسرحيات على التلفزيون ونحن لا نستطيع أن نقل عن هذا المستوى، وكذلك نحن كفنانين لدينا رؤى وطموح في تقديم منتجنا الثقافي في أفضل صورة، لذلك تطلب الأمر دراسة دقيقة للوصول إلى أفضل الحلول”.

وأضاف “ستشهد الفترة القادمة نقلة كبيرة في هذا المجال حتى تصل عروض المسارح للمشاهد في كل مكان وفي أفضل صورة سواء عن طريق تلفزيون الدولة أو القنوات الفضائية”.

حصول د. عماد هادي الخفاجي على براءة أختراع خاصة بمشروعة ( الإضاءة المسرحية البديلة )

مجلة الفنون المسرحية

حصول  د. عماد هادي الخفاجي على براءة أختراع خاصة بمشروعة ( الإضاءة المسرحية البديلة ) 

 حصل د. عماد هادي الخفاجي على براءة أختراع خاصة بمشروعة ( الإضاءة المسرحية البديلة )  عن تطوير جهاز عرض البيانات (Data Show Projector) كبديل ضوئي في العرض المسرحي وقد جاءت براءة الأختراع من خلال   التقييم العالي  من قبل ثلاث مقيمين لبراءة الاختراع المرقمة (5218) والأختراع له  أهمية عالية في إحداث تغييرات مهمة على مستوى التوجه الفكري لمصممي الإضاءة المسرحية  بهدف إعادة تشكيل الإنتاج وتوظيف التقنية الرقمية في الفن المسرحي المعاصر, والبراءة هذه كما قال المخترع  د. عماد  هي بداية لمشروع قادم ومهم بتصنيع جهاز الإضاءة الرقمي الجديد بعونه تعالى . 
وإن التحول الذي أوجده المخترع  من توظيف التقنية الرقمية في الإضاءة المسرحية البديلة وبجزء كبير منه هو تحول على مستوى النظرة إلى الإنتاج الفني واليات العملية الإنتاجية بالاختزال الكبير بالكلفة الإنتاجية وحجم المعدات والإعدادات وإمكانية تحويل أي فضاء إلى فضاء مسرحي احترافي وهو ما يعد مُدخلاً كبيرا على مفهوم المشاهدة المسرحية.



الثلاثاء، 13 فبراير 2018

الأدب المسرحي عند جمال أبو حمدان أطروحة ماجستير في جامعة فيلادلفيا

مجلة الفنون المسرحية

الأدب المسرحي عند جمال أبو حمدان أطروحة ماجستير في جامعة فيلادلفيا 

أوصت اللجنة المكوّنة من: د. غسان عبد الخالق مشرفا ورئيسا، د. محمد عبيد الله عضوا، د. يوسف ربابعة عضوا، د. يحيى البشتاوي مناقشا خارجيا، بمنح درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها للباحث زيد محمد صالح العليمي الذي قدّم بأطروحة عنوانها (الأدب المسرحي عند جمال أبو حمدان/ دراسة فنية).
وتكونت الأطروحة من: مقدّمة، وتمهيد تناول الأدب المسرحي العربي والأردني والمنحى الشخصي والإبداعي لجمال أبو حمدان والمضامين التي ركز عليها في مسرحياته.
وتناول الفصل الأول؛ المفاهيم الضرورية لدراسة المسرح مثل الرمز والقناع والحوار والشخوص. وأما الفصل الثاني فقد أفرده الباحث للتطبيقات النقدية في ضوء المفاهيم التي عالجها في الفصل الأول. ثم خلص إلى أن المسرح عند جمال أبو حمدان لم يتقيّد بنوع أدبي محدّد، بل طال كثيرا من الفنون الأدبية والنثريّة، لأن المسرح الأدبي كما فهمه صورة تعبيريّة حية تمس الواقع بكل تفاصيله.
وتناولت الدراسة كيف أن العلاقة الجدلية بين الموت والحياة محاولة لدحر مظاهر الحياة البائسة من خلال الشخصيات، كما جاء توظيف الرّمز لدى جمال أبو حمدان عبر نمطين؛ أحدهما خاص بالمستوى الكتابي للمسرحيّة والآخر مجسَّد على خشبة المسرح؛ حيث انبثق الرمز في المسرحيّات من الواقع المأساوي، لمعاينة الوضع المتردّي الذي تعيشه الشخصيّات وتتخفّى خلفه وتتأمّل مستقبلها الغامض دائما.
وجسّد القناع عند جمال أبو حمدان وجها آخر للحقيقة، فجاء عكس ما تم التعارف عليه، لأن أبو حمدان جعله واضحا كاشفا للشخصية، كما زاوج أبو حمدان بين الحوار الداخلي والخارجي ليبدع نصا مسرحيا متكاملاً يكشف عن الصراع الاجتماعي بين الطبقات، ويوضح البعد الفكري لكل منها بلغة عالية، تستدعي التاريخ وتراوح في التعبير بين الوعي الذاتي والوعي الجمعي، كما تبيّن ثقافة الكاتب الواسعة، وتنوّع الشخصيّات عند جمال أبو حمدان؛ إذ تراوحت ما بين رمزيّة وفرديّة وأسطورية ومهنيّة ومجهولة.
وتتحدث الدراسة عن إسهام التراث بقوّة في بناء التجربة المسرحيّة عند أبو حمدان؛ فكان بنية أساسية من بنى النص المسرحي لتعميق معنى الهُويّة والثقافة، مع ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث التي تستنبط التقنيات الفنيّة للأدب المسرحي عند جمال أبو حمدان، وضرورة الاعتناء بإجراء المزيد من الدراسات حول أدب المسرح الأردني.
ويذكر أن الكاتب الراحل جمال أبو حمدان ولد في العام 1944 وتوفي في العام 2015، وقد نال جائزة الدولة التشجيعية في الآداب/ موضوع النص المسرحي من وزارة الثقافة العام 1993، وجائزة الدولة التقديرية في حقل الآداب/ الكتابة الدرامية التلفزيونية من وزارة الثقافة العام 2008، وجائزة رابطة الكتاب الأردنيين مرتين؛ في مجالَي المسرح والقصة.
كما نال جائزة أفضل كتاب في مجال أدب الطفل في العام الدولي للطفل، وجائزة أفضل تأليف مسرحي في مهرجان المسرح الأردني الخامس الذي نظمته وزارة الثقافة العام 1997، وجائزة التأليف (مجال الرواية) من اللجنة الوطنية العليا لإعلان عمّان عاصمة للثقافة العربية للعام 2002 عن روايته "شرق القمر غرب الشمس"، وقد اختيرت هذه الرواية لإنتاجها في أول فيلم سينمائي أردني.

"فاطمة السمحة": تجريب في حكاية تراثية

"الخادمتان": لعبة المهانة ما زالت مستمرّة

الاثنين، 12 فبراير 2018

قراءة في عرض ( remember ) لكوريا الجنوبية .. المخرجة hwa تشعل حريق ذاكرة اغتصاب النسوة ..

مجلة الفنون المسرحية

قراءة في عرض ( remember ) لكوريا الجنوبية .. المخرجة hwa تشعل حريق ذاكرة اغتصاب النسوة ..

 يوسف الحمدان

بعد أن تسيدت في ذاكرتنا روح الطقس والأسطورة والسحر والموروث المتخم بأزيائه واكسسواراته وألوانه الحارة الفاقعة والمذهبة في العروض المسرحية الكورية التي تسنى لنا مشاهدتها في مهرجانات ومناسبات مسرحية دولية عدة ، تأتي مسرحية ( تذكر ) أو ( remember ) من كوريا الجنوبية لمؤلفتها ومخرجتها ( ha kyoung hwa ) والتي عرضت ضمن مهرجان أوال المسرحي الدولي 2018 ، لتقترح على متلقيها رؤية مسرحية أخرى متحررة من تلك الروح الفضفاضة التي عهدناها في أغلب العروض المسرحية الكورية ، ومتواشجة مع قضايا الإنسان في همه الإنساني الصعب والذي يتعذر نسيانه بسهولة ، خاصة ما إذا اتصل هذا الهم بالحروب وما تبعها من اعتداءات يصعب على الذاكرة نسيانها أو تجاهلها ، مثل الاعتداء على الفتيات واغتصابهن في معسكرات العدو ، وهو المحور الذي طرقت من خلاله المخرجة (ha kyoung hwa ) أبواب الذاكرة بقوة ، إذ لا يزال الشعب الكوري الجنوبي ، وخاصة النسوة اللواتي شهدن هذه الكارثة ، لا يزال يتذكرها ويحذر منها ومن تكرارها .

في هذه المسرحية تشعل المخرجة ha kyoung hwa حريق الذاكرة ، ذاكرة الاغتصاب ، عبر استذكار واحدة من اللواتي نجون بأعجوبة من هذا الاغتصاب الدامي والبشع ، حادثة ما قبل الاغتصاب ، حيث البراءة النقية تحتل مكانا أثيرا في نفوس وعلى سلوك الفتيات في حياتهن اليومية ، وما حدث بعد الحرب واستعمار إحدى الدول المجاورة لكوريا من انتهاكات غير عادية لحقوق الإنسان وخاصة النسوة اللواتي اغتصبن عنوة في معسكرات المستعمر ، ويطلق على هذه المرأة الناجية التي تستذكر الحكاية عبر إنشادها لموشح الأموات ، يطلق عليها ( امرأة المواساة ) .

ويأتي هذا الاستذكار الصاخب من الداخل ، عبر ومضات بليغة لحالات صعبة تطفر بين حين وآخر في الظلمة الاستحضارية والنور الفاضح والشاهد على عذابات النسوة المغتصبات اللواتي تعرضن لاعتداءات بشعة آلت بأغلبهن إلى الموت ، لتشكل هذه الومضات مشهدية متواترة الزمن والذاكرة في العرض .

وتأتي الموسيقى والمؤثرات المؤلفة خصيصا لذاكرة العرض ، بوصفها محورا حيا ومؤازرا لدور الشخصيات في هذا العرض ، وبوصفها مشحاذا للذاكرة الجميلة والمؤلمة ، ولاعبا أساسيا في تحديد الانتقالات المشهدية الزمنية والمكانية .

وقد وفقت المخرجة ha kyoung hwa أيما توفيق ، باستعاضتها للموسيقى والمؤثرات بديلا عن الشخصيات التي ارتكبت جريمة الاغتصاب البشعة ، وبديلا عن هوية العدو المستعمر ، وذلك كي تصبح مثل هذه القضية في متناول كل من تعرض من النساء للاغتصاب في بلدان كثيرة عانت من جرائم الاستعمار ، ويمكن أن تلامس الكثير من النسوة في هذا العالم وليس في كوريا الجنوبية فحسب .

وقد تمكنت الممثلات المؤديات لهذا العرض الاستذكاري المؤلم ، من أن يقدمن عرضا مؤثرا بوصفه قضية تبنينها وآمنّ بها ، وكما لو أنهن محترفات ولسن هواة ، فكان الاشتغال على الذاكرة المحفز الأساسي لتشكيل الروح والجسد المقاومين والمستباحين في هذا العرض ، واللذين من خلالهما تتشكل اللعبة الصعبة المرتكزة على بساطة أدائية لا حدود لها ، بعيدة عن أي تصنع أو افتعال أو مبالغات .

أداء ينسل في الروح من خلال مشهديات وامضة مبرقة ، يبدو عفويا وتلقائيا في لحظات ويبدو إيمائيا مركبا متداخلا ومتشكلا من خلال هذه العفوية والتلقائية في أحيان أخرى ، ويبدو أحيانا كرقصة الذبيح على جمر الحزن والفتك ، حيث تتشكل من كل هذا المزيج الأدائي الهائل كوريغرافيا الفدح ، وخاصة في مشهدية الهلع الذي أربك أرواح الممثلات وأجسادهن لحظة استشعارهن بقدوم العدو ، ولحظة الاغتصاب التي مزقت هذه الأرواح والأجساد وطلتها بدم السفك المجرم البشع ، ولحظة القتل المادي المضاعف لقتل الروح وهدرها .

وأعتقد أن هذه المسرحية ، وإن لم تتخللها لغة منطوقة ، فإنها بالإمكان أن تصل قضيتها إلى المتلقي وتلامس روحه .

وقد كانت المخرجة hwa موفقة في استخدام الأبيض في زي النسوة ، ذلك اللون الذي اكتساهن نقاؤه وسلامه أطفالا فصبايا فموتى ، إنه اللون الشاهد على جريمة الاعتداء على الإنسانية بوصفها قيمة مثلى ينبغي ألا تمس أو تخدش ، وكانت اللحظة التي تمزق فيه أزياؤهن البيضاء ، تشعرك وكما لو أن الاعتداء على هذه الأزياء هو اعتداء على أجسادهن وأرواحهن نفسها .

هذا الأبيض المخترق والملوث بدم العدو المغتصب ، تحيله المخرجة hwa مقبرة موشّاة بالزهور التي نثرتها امرأة المواساة على جثثهن كشاهد على الجريمة البشعة التي ارتكبت في حقهن ، ولتنهي هذه المأساة بوثيقة بصرية صامتة حية لضحايا الاغتصاب وهن يتجمعن في كتلتين حول كرسيين تعرشتا مقعديه امرأتين من الضحايا ، رامية من خلال هذه الوثيقة إلى ضرورة تذكر هؤلاء النسوة الضحايا اللواتي لم يزلن يعشن بعد في دواخلنا وذاكرتنا .

كل هذه الجريمة تحدث في فضاء مسرح عار إلا من كرسيين وسقالة ومطوية ورقية كبيرة ، تاركة كل فسح هذا الفضاء للذاكرة ، وقد كان استخدام الكرسيين للشهادة على ما حدث ، ولتوظيفه كمخدع مفضوح لحالات الاغتصاب ، الذي تستر عورته مطوية ورقية مزقت الحسرة والفجيعة أوراقها ليبدو كل شيء شاهدا بفضحه على الجريمة .

إنه مسرح القضية الذي أتقنت المخرجة ( hwa ) تشكيل أركان مقومات شكله وهويته في هذا العرض ، وهو مسرح نسوي بامتياز من حيث تناول القضية ، ومن خلال من تصدى لها من النسوة في هذا العرض ، فتحية لفراشات عرض ( تذكر ) ، فقد تعلمنا منها كيف نتعامل مع الذاكرة بوصفها قضية ، ومع البساطة بوصفها فنا ..

الجسد والمرايا.. قراءة في نماذج من النصوص المسرحية لغنّام غنّام

مجلة الفنون المسرحية


الجسد والمرايا.. قراءة في نماذج من النصوص المسرحية لغنّام غنّام

حاتم التليلي

نظّم  مخبر “بحوث في التنوير والحداثة والتنوّع الثقافي”/ ورشة بحث الجماليات المعاصرة، ندوة حول “صـورة الأرض في المـمارسات الفـنية الفـلسطينية المـعاصرة”، بإشراف: د. أمّ الزّين بنشيخة المسكيني، شارك فيها أكاديميون وجامعيون ومسرحيون من تونس وفلسطين وفيما يلي مداخلة الباحث حاتم التليلي محمودي حول تجربة الفنان الفلسطيني غنّام غنّام.

الجــــــــــــــــــــــــــــــسد والمـــــــــــــــــــــــــرايا قراءة في نماذج من النصوص المسرحية لغنّام غنّام
تـــــــــــأصـيل: المـسرح من الأرض إلى مغالطات المدينة

منذ قدم قديمه، قبل أن يُمَأْسَسَ، وحتّى قبل نشأة المدينة – ربّما منذ عشرة آلاف عام مضت بعد أن ضرب جفاف مروّع منطقة الشرق بأسرها، فعمّت المجاعات وساد الفناء-، ولد ذلك الفنّ – الذي صار فيما بعد اسمه مسرحًا-، من رحم الأرض، صيغةً عُلْيَا عن غوائل الحياة ورعب الفلاح القديم وخوفه من الجدب:  منذ تلك الأزمنة السحيقة، الإنسان يبحث له عن الخصب، لذلك كلّما عمّت المصائب؛ علت الأصوات البشريّة بالنّواح والأغاني الجنائزيّة الحزينة، حيث لا ثمّة غير الاندثار والهلع والخوف من الانقراض، وكلّما قدم ربيع، ما، بعد فصل من الأمطار، علت طقوس الاحتفال والانبعاث والولادة.
المسرح ابن الطبيعة، أمّا ما قيل في شأنه من أساطير فهي محلّ تشكيك، فعلى الأغلب إنّ إلهه (تمّوز) أو (أدونيس) أو (إيزوريس) أو (دموزي) كان آدميّا، وإلا كيف نقرأ هذه الشذرة التي اقتطعها (فاضل الربيعي) من “كتاب الفلاحة النبطية” لصاحبه (ابن وحشية): “إنّ هذا الشهر المسمّى (تمّوز)، فيما ذكر النبط ما وجدت في كتبهم، اسم رجل، كانت له قصّة عجيبة طويلة، وقتل، وزعموا، قتلات قبيحة بعضها بعقب بعض” . ألا يمكن أن يكون نفسه الاله الاغريقي (ديونيزوس) وهو القادم إلى اليونان من أحراش شرقية بعيدة كما تمّ التّأكيد مع (إيكار السقّاف) ؟ ألم تكن نهاية هذا الاله الأخير مماثلة للأوّل وهو الذي مات مشويًّا، قربانًا بائسًا وشهيدًا كما وصفه (المسكيني) في كتابه “الهوية والحرية” ؟  ليس المسرح ابن المدينة كما ساد الاعتقاد، ولكنّه ابن الأرض وطفلها في أوّل المطاف، وإن شئنا الاعتراف بأنّه وليد المدنيّة والتحضّر، علينا أوّلا الاعتراف بأنّه الضدّ النّوعي لتلك الطقوس الأولى والاحتفالات القائمة على انفعالات الطبيعة.
لقد كانت الأرض ركحه الأوّل، ذلك الفضاء المفتوح على السماء والأصقاع، فيما بعد صار هذا الركح مغلقًا منذ نشأة المدينة، أو لنقل بإيعاز  سياسي، منذ تلك اللحظة التي أشرف فيها (بيزاستراتوس) على مهرجان ديونيزوسي بالكامل، ومن ثمّ كان أن رفعت الاحتفالات الجمعية من الساحات العامة إلى أفضيتها وقاعاتها ، مرورا بقصائد الشعراء الغابرين، إلى أن حلّت فلسفة القرن الرابع قبل الميلاد  فأرست جملة من القواعد والضوابط لهذا الفنّ.
صحيح أنّ هذا الفن يهدم نفسه ويتجدّد باستمرار، ولكنّ منعطفاته الفكرية والجمالية وتقاطعاته مع الحالة السياسية والاجتماعية لا يمكن أن تفصله عن كلّ فاصلة قد تقطعه مع جذوره الأولى، وإلا كيف نفسّر عودته الآن إلى ينابيعه الأولى رغم حيف التقنية والديجتال؟ إن ارتباطه العميق كفنّ حيّ بالذّات الآدمية هو ما سيجعله قرين الأرض دائمًا، محاكيًا جسدها الكوكبي وفقًا لمنظورات هذا الانسان الذي يسكنها، ووفقًا لآلامه العظيمة، بوصفه حفيد ذلك الاله الغابر، ودمه الذي شربت شقوقها حرارته، منذ (أوزريس) في مصر الفرعونية، و(دموزي) في بلاد الرافدين، و(أنكيدو) المطعون بقرن الخنزير، مرورا بـ(اليسوع) معلّقة أوصاله على الصليب وجسد (الحسين) المبتورة أطرافه، ووصولا إلى الجسد الفلسطيني: لم تُقَطَّعْ أعضاء جسده فحسب، وإنّما مُزِّقَتْ أرضه إلى خرائط فاستحالت كما حدّث عنها القرآن “فراشا مبثوثا”.
ماذا إذن بوسع الفن المسرحيّ الفلسطيني أن يقول الآن لهذا الآدمي؟ كيف يمكنه مسرحةُ هذه الأرض؟ أيّ صورة يمكن أن يقدّمها أمام هذا الحيف؟ لقد تحوّل الجدب القديم إلى آلة استيطانية حديثة تتحرك بأشداق كلب الجحيم (سربروس) لتعذّب الأرواح البريئة وتشرّدها، مثلما تحوّل الخصب القديم إلى مجرّد بيان غاضب يلقيه رهط من السياسيين المتخاذلين. نقرأ لـ(شمعون ليفي) في كتابه “المسرح الاسرائيلي، الأنا والآخر ومتاهة الواقع” ما يلي:”في السنوات الأولى للاستيطان اليهودي في أرض إسرائيل (فلسطين) أشبع الأدب العبري، نثرا وشعرا ومسرحا ونقدا بمصطلحات المكان، وبالذّات الأرض”، ونقرأ أيضا لنفس الكاتب من نفس الكتاب “في المرحلة الأولى من إقامة المسرح الاسرائيلي حيث كان الربط بين الماضي والحاضر، كان الفضاء هو البطل الحقيقي، ويمكن الاشارة إلى أمرين ملحوظين في هذه الفترة: في المسرحيات الرائدة لم تكن صراعات بين الشخصيات، ويتبين أن الطرف الآخر للصراع المسرحي كان المكان/الفضاء”  ، إنّ ما نستنتجه هو كيف قامت السرديات الإسرائيلية على مغالطات فكرية وسياسية عديدة، هي الآن تنعكس على راهن الفن المسرحي الإسرائيلي واشتغاله، لا سيّما من حيث موضوعاته وخلفياته وخرائط هويته بصفته يتحرك ضمن دائرة مُأَدْلجةً ومرسومة له سلفًا، هذا ما  يدعونا الآن إلى التساؤل عن الدور الذي لعبه المسرح الفلسطيني ضمن معادلة النوائر والنزاعات هذه؟ أي صورة للأرض انعكست في مراياه وهي التي انعكست في مرايا المسرح الاسرائيلي كما لو أنّها حقيقة تاريخية تقول بمشروعية التواجد الصهيوني وأحقيته التاريخية؟  كيف يمكن أن نقوّض، مسرحيًّا،  ذلك الادّعاء القائل بالأحقّية الاسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، إذ لم يعد يخفى علينا سبيُ الفنّ وتوظيفه سياسيّا ومعرفيّا وأنتروبولوجيّا لتكريس جملة من المغالطات التاريخية.
جسد الأرض في مرايا الجسد الكتابي
نحن في هذا السياق، سوف لن نذهب إلى تفكيك المسرح الاسرائيلي ذاته، وإنّما سنحاول البحث في التجربة المسرحية الفلسطينية، من خلال نصّي”صفير في الرّأس، صلاة للقدس” و”سأموت في المنفى، بدل فاقد” للفنّان المسرحي (غنّام غنّام)، القاطن حاليا بمدينة الشارقة، مسئول على الاعلام والنشر بالهيئة العربية للمسرح، منهما نسلّط الضوء لا على رمزية الأرض بما هي الآن تمثل جسدًا مُمزَّقَةٌ أوصالهُ في مرايا المشهد السياسي،  وإنما على امكانية تقول بمدى قدرة الفنّ المسرحي والتجربة الفلسطينية بالخصوص، على تقويض مزاعم السرديات الكولونيالية الخاطئة ومشروعيتها في استباحة تلك الأرض.
كتب النصّ الأوّل سنة 2012، أمّا شخصياته ففلّاح فلسطيني وصحفي فرنسي من أصول فلسطينية وضابط صهيوني، وتدور أحداثه برمّتها عن كيفيّة صمود ذلك الفلاح في وجه حملات الاستيطان وتشبثه بأرضه إلى أن تمّ ايقاعه في المكيدة، مكيدة الأعداء الذين هجّروه عن بيته،  أما الثاني فقد كانت صياغته النهائية في سنة 2017، قائم على ممثل واحد، بوصفه نصا مونودراميا، وبطله الكاتب (غنام غنام) نفسه، يدلي بسيرته وسيرة الأرض الفلسطينية، كما يدلي بسيرة عائلة كاملة وزّعت قبورها خارج الأراضي الفلسطينية وفي مدن شتّى نتيجة الملاحقة والهروب من سياسات التوحّش والاستيطان والقتل والتشريد والسجون الاسرائيلية وغيرها العربية، لهذا كانت صرخته واضحة المعالم منذ عتبة النص “سأموت في المنفى”، وعلينا أن ننتبه إلى تلك العبارة التي رافقت هذه العتبة “بَدَلُ فاقِدٍ” (بَدَلْ فاقِد) ، بما هي تحيل إلى  “تعبير حكومي في بلاد المشرق للوثيقة التي تستخرج بدل وثيقة مفقودة أو ضائعة أو تالفة”: فاقد هويّة إذن أم فاقد أرض وتاريخ وأهل؟ وما نجاعة هذا (البدل) إن كان لا يتعدّى وثيقة ما من خلالها نكتشف تلك الاجراءات والحلول الوقتية والترقيعية لمهاجر أو لاجئ، لا لشيء إلا لكي يبقى حيّا؟ وهل ثمّة في المقابل بدل للأرض؟ حتما لا، إنّها مجرّد وثيقة لتقنين ومأسسة المنفى: كأّنه لم يعد ثمّة أمل، كأنّه ثمّة اقرار نهائي لا مفرّ منه بضرورة نسيان الوطن، وكأنّه ثمّة اقرار نهائي أيضا بضرورة العيش خارج الخرائط والمدن، وكأنّه ثمّة ما يوحي بمولد الانسان الفلسطيني الجديد، ذلك الانسان الذي يجرّ تاريخه على طريقة (سيزيف) ليصبح في النهاية انسانا كوكبيّا لا ملّة ولا هوية له. وعلى العكس، إنّه انسان يبدو في نظر من أفقدوه كينونته انسانا مسقطا على الزمن والمكان: جسدٌ  مراياه أرضٌ تُشْطَبُ عنوة من الذّاكرة.
ما يمكن أن ننتبه إليه أوّلا، هو تلك الممارسة الميتانصية التي بني عليها كلّ من النصين، بوصفها “عملية إدماج للبعد النقدي داخل العمل الإبداعي”  وشكلا من أشكال تعالق نصّ بنصوص أخرى، صار يمكن تنزيلها ضمن أطر الخطاب الواصف أو الشارح، بما هو خطاب يسمح “للمتكلم في أيّة لحظة أن يعلّق على تلفظّه الشخصي داخل هذا التلفّظ” ، إنّ ما يدفعنا إلى القول بأنّ “صفير في الرأس، صلاة للقدس” و”سأموت في المنفى” نصان ميتامسرحيان – يمكن فيما بعد قراءتهما من منظورات عديدة مثل التجويف والمرآوية وقاعدة التأمّل الذّاتي كإحدى الآليات التي قام عليها الميتامسرح منذ أن تمّ اعلانه وريثا شرعيا للتراجيديا مع (ليونويل أبيل) في مطلع الستينات من القرن الماضي، وبوصفه نتيجة جراحات علمية وفلسفية قوّضت القيم المطلقة ونسّبتها- ، أنّهما “مثابة شبكة خلافية، ونسيج من الآثار تشير بطريقة لا نهائية إلى شيء غير نفسها، أي إلى آثار خلافية أخرى، وهكذا فإن النص  يتخطّى كلّ الحدود  المخصّصة له”.
فبقدر ما ثمّة انعكاس لرؤية المؤلّف ومنظوراته إزاء العالم والقضية التي يعالجها، ثمّة نقدٌ مُمَسْرَحٌ من داخل النص المسرحي نفسه وهو ما يحيل إلى موقف جمالي، وثمّة أيضا في كلّ من النصين نوع من المضاعفة اللعبية وذلك من خلال تقنية التضمين، بمعنى رفد خرافة فرعية داخل خرافة أصلية، وهو ما يمكن الاصطلاح عليه بالمسرح داخل المسرح.
ما لا يمكن إغفاله، أن الميتامسرح كرؤية أنطولوجية وفلسفية للعالم – نسبة إلى قراءة أبيل-،  كان موعدا مع وقوف الإنسانية على “شفا جرف هار”، وخاصّة بعد انهيار قيمها المطلقة والثابتة وبعد أن تمّ تقويض كل التصورات التي حافظت لعصور على ذلك الزمن المجرّد المتعالي والثابت، فلم يكن ثمّة غير الاستلاب وتخريب المفاهيم والالتباس والتعقيد والفوضى، لقد أجبرت أسسه وخلفياته الفكرية الانسان ليكون على عدم ثقة بنفسه. الأنكى من ذلك، هو مسلوب الإرادة، شكّاك وهدّام، وأمام قوى وحشيّة لا براء له منها غير أن يخبط في دهماء المعنى.
ربّ أسئلة ستلاحقنا الآن: من سيكون هذا الانسان الفلسطيني/ “البدل فاقد” للفلسطيني الأصلي؟ كيف ينتسب إلى أرض بدل فاقدها هو المنفى؟ ألا يمكن القول بأن تلك الأرض أرض اسرائيلية نسبة إلى هذه المغالطة المروّعة التي تشرّع إليها هذه العبارة اللغوية؟ كيف يمكن مسرحة هذه الفاجعة كتابيا؟ أو لنقل على لسان (غنّام غنّام): لقد “صار هناك فلسطينيون وليس هناك فلسطين”، وليكن: إن هذه العبارة “بدل فاقد” تحوّلت الآن إلى مرايا لذلك الجسد الجغرافي الضائع.
أن نبحث الآن عن صورة تلك الأرض من زاوية الوظائف الميتامسرحية ورهاناتها، فمعناه استنطاقنا لأصولها من منظور الجسد الكتابي في النصين، بالبحث في دلالاتها التاريخية والأنثروبولوجية: تصاحبنا في هذه النقطة شخصية الفلاح (صبري غريب) التي نقرأ عنها في “صفير في الرأس، صلاة للقدس”، ومعناه تفكيك ما تعرّضت له من تخريب سياسي وتهجير قسري لأهلها من خلال الحفر في شبكة العلاقات بين الشخصيات وأفعالها ومنظوراتها، هذه المرّة ستصاحبنا شخصية نفس ذلك الفلاح وابنه (سمير) الذي مات شهيدا مقابل الضابط الصهيوني من نفس النص، وشخصية (صابر غنام)، أب (غنام غنام)، من نص “سأموت في المنفى”، ومعناه أيضا الهجرة في مراياها بوصفها انعكاس الهوية في قلوب الذين شرّدوا قسرا خارجها، ربما ليس ثمّة شخصية مسرحية أكثر تعبيرا على ذلك من شخصية (غنام غنام)، البدل فاقد عن (غنام غنام الأصلي) من النص الثاني، ومعناه أخيرا رمزيتها الانسانية خارج دائرة الانتماء، نقتطع هذه الرمزية من زاويتين، الأولى تمثلها شخصية الصحفي الفرنسي من أصول فلسطينية، أما الثانية فتمثلها الممارسة الميتانصية للنصين حدّ السواء، بما توفرا عليه من آثار عديدة، حيث تضافرت فيهما أكثر من لغة على غرار اللجة الفلسطينية، وتعالقت فيهما نصوص بأخرى، تاريخية وشعرية وقانونية وشذرات عديدة من النصّ القرآني أيضا، فولدت نوعا من التسامي النصي، أفضى إلى كتابة كونية.
أرض وتاريخ
نقرأ في نص “صفير في الرأس، صلاة للقدس” حوارا بين شخصيتي الصحفي الفرنسي (سمير) والفلاح الفلسطيني (صبري غريب) ما يلي:
(صبري : بتعرف إنه أول بيت للبني آدم في أريحا؟
سمير : شعب من القبرات يبني أعشاشه في تربته.
صبري : هذا الحكي قبل عشر آلاف سنة..أريحو مدينة القمر.
سمير : شعب من القبرات يبني أعشاشه في تربته
صبري : سألت مرة شيخ مقرئ الأقصى عبد الله يوسف ألله يرحمه.
سمير : شعب يتلوا أناشيده على ضفاف الشريعة.
صبري : قال لي ابونا ابراهيم عليه السلام يمكن عمره أربع آلاف سنة.
سمير : شعب من القبرات يبني أعشاشه في تربته و يتلوا أناشيده على ضفاف الشريعة.
صبري : يعني أبو جدهم عمره أربع آلاف سنة ، معناته الريحاوي اللي بنى أول بيت على الأرض أعتق منه بست آلاف سنة، و زيتونة سيدي أحمد البدوي في قرية الولجة زرعها فلاح فلسطيني قبله بألف سنة.
الأرض، والفلاح، وشجرة الزيتون، والنبوّة، أضلاعُ تاريخٍ تحاول المزاعم الاسرائيلية طمسه، صار ممكنا الآن تفنيدها بتسليط الضوء على ذلك “الريحاوي” الذي عمّر تلك الأرض، أمّا ما يؤكّد صحّة هذه المعلومة التي أوردها (غنّام غنّام) على لسان شخصية (صبري غريب)، فتلك المفارقات لقد كرّست الدولة الإسرائيلية جهودَها كي تطمس حقائق تاريخية كبيرة لتبرّر احتلالها فلسطين، وتمّ تقويضها بشكل نهائي، ربما في هذا السياق نستدلّ ببحوث العراقي (فاضل الربيعي) وكتبه: “القدس ليست أورشليم” و”فلسطين المتخيلة” و”حقيقة السبي البابلي” وغيرها من المقالات التي استندت إليها مؤخرًا منظمة (يونسكو) كقرائن تنسف نهائيًا مقولة العلاقة التاريخية لليهود بالمسجد الأقصى وحائط البراق . لقد ذهبت “إسرائيل” إلى تشغيل “المظلومية”، لا “مظلومية” محرقة الهولوكست فحسب، وإنما سردية السبي البابلي أيضًا، فادّعت أنها ضحية النوائر، ومن ثمّ تجاهلت كونها قبيلة عربية بائدة من أصول يمنية مثلها مثل عديد القبائل الأخرى، وهذا ينم عن حقيقة تقول إنه ليس ثمة “إسرائيل واحدة” بل ثمة “إسرائيل أخرى” أيضًا، الأولى بائدة مثلها مثل القبائل اليمنية القديمة، أما الثانية فكيان كولونيالي واستعماري، التجأ إلى تشغيل الأولى واستثمارها تاريخيًا؛ كي يجد مشروعية التواجد.
أرض وتـخريب
كيف تمّ – منذ معاداة العُرُوبِيين التَتْريك إلى العمالة لبريطانيا وصولًا إلى استنبات الورم الصهيوني هناك-،  تخريب تاريخ فلسطين وتهجير أهلها؟ يكشف لنا (غنّام غنّام) عن عاملين مهمّين ساهما في ذلك، ففي النص الأوّل “صفير في الرأس، صلاة للقدس” نكتشف عامل الغطرسة والقوّة من خلال حملات التهجير والاستيطان والقتل والتنكيل التي مارسها الاسرائيليون ضدّ الفلسطينيين، نكتشف ذلك من خلال شخصية ذلك الفلاح (صبري غريب) ومقتل ابنه، ثمّ تشبثّه ببيته إلى أن تمّ ايقاعه في مكيدة لا براء له منها، فصار لزاما عليه المغادرة والالتحاق بصفوف المهجّرين، لقد تمّ اتهام ابناءه باغتصاب فتيات يهوديات وعربيات ومن ثمّ سجنهم، هكذا تمّت مساومته بين موتهم أو الرحيل. أما في النص الثاني “سأموت في المنفى”، بوصفه نصّا يؤرّخ لمحنة شخصية عايشها الكاتب، فنكتشف مع شخصية “صابر غنام” و”ناصر غنام”، حجم الخيانات العربية…
لقد مات صابر محروقًا ومشويًّا وشهيدًا مثله مثل ذلك الاله المسرحي (ديونيزوس) بعد أن التهمته النّار في مدينة جرش وهو الذي غادر (كفر عانا) إلى (أريحا) صغيرا بعد أن تمّ التحيّل عليه من الأقرباء ليسطوا على ما تركه له أبيه، هذا الرجل الذي نكتشفه من خلال ما قال عنه (غنّام غنّام) “اشترى بارودة ألمانية ليدافع عن أرض خسرها بالخديعة قبل أن يخسرها بالاحتلال”،  أما ابنه (ناصر) فقد كان رهين الاعتقال في أقبية مخابرات جرش، يتساءل المؤلّف المسرحي هنا عن أبيه الذي مات بعيدا عن مجمل أبناءه “من قتل صابر؟ نار الحاكورة أم نذالة المحقق؟ أم تلك المنافي التي أخذتنا بعيداً عنه فيبس مثل شجرة مهجورة؟” لصالح من مات (صابر غنام) بهذا الشكل؟ يا لوطأة ذلك اللحم المشوي الذي تفوح رائحته، ألم يكن ربّ اليهود (يهوه) إلها (أوموفاجيّا) إلى حدّ بعيد، عاشقا لتلك الرائحة مثلما تحدثت عنه (التوراة) كما نقرأ في هذه الشذرة “ونزلت نار من قبل الربّ، وأحرقت الشحم والذبيحة الكاملة التي على المذبح” ، فكم من (يهوه) الآن يتحالف ضدّ الجسد الفلسطيني ويتقدّس بالقرابين منه؟
أرض ومنفى
نقرأ في نص “سأموت في المنفى” ما يلي: “أنا غنام البدل فاقد عن غنام، حين أموت في المنفى، يكون غنام الأصلي قد مات، وظل البدل فاقد معلّقا في الفراغ”، لقد دفن كلّ من الأخ (فهمي) والأم  (خديجة) والأب (صابر) في مكان غير مكان الآخر، ولم يعد ثمّة بدل فاقد عن الأرض إلا المنفى، وليس ثمّة من يحمل ذاكرتها غير القبور، نقرأ أيضا تلك الشذرة النصية التي تصف (غنام غنام) وهو في مقبرة (سحاب): “قلّبت بصري ورحت أنظر للشواهد في المقبرة، من العبّاسية، من اللد، من رام الله، من جنين، من بيسان، من الطنطورة، من بئر سبع، من أريحا.. يا الله، فلسطين بمدنها وقراها توزعت على شواهد القبور”.
يتساءل هذا المنفي، ابن (كفر عانا)، وهو الذي ولد في (أريحا) ومنها التجأ إلى (جرش) فـ(عمان) وصولا الآن إلى (الشارقة) في دولة (الامارات) عن أين سيكون قبره هو الآخر؟ إنّها لأعنف تراجيديا يشهدها العالم أن يكون المنفى بدل فاقد عن الأرض، وأن تكون القبور بدل فاقد عن فلسطين، وأن لا تعرف حتّى أين سيكون قبرك في المستقبل بوصفك أيضا بدل فاقد عن كينونتك الحقيقيّة، وأحيانا يتمّ حرمانك من الموت بالصياغة التي تريدها كما وقع مع الفلاح (صبري غريب) وهو الذي أراد أن يموت “غزّا”، بمعنى أن يغرس في الأرض ويظل رأسه في العراء مطلّا على القدس، وهو الذي أراد أن يكون قبره أيضا بين جذري شجرة زيتون فإذا به يُرَحّلُ من بيته نهائيا ويتمّ استبعاده من مسقط رأسه (بيت إجزا).
في كتابه “الشيطان هو الضجر” نقرأ لـ(بيتر بروك) ما يلي: “نمارس المسرح حيثما نكون، المسرح في كل مكان، كل واحد منا ممثل، إذن، نستطيع أن نفعل أي شيء أمام أي انسان، هذا هو المسرح”، ويضيف بالقول في موضع آخر: “يمكنني أن أتناول أي مكان خال، فأسميه مسرحا عاريا” ، أما أن ننتبه إلى فضاء اللعب الذي ستدور فيه أحداث “سأموت في المنفى”، فيمكننا مراقبة (غنام غنام) وسماعه في أوّل النص/ العرض وهو يخاطب الجمهور: “لن أستعمل إضاءة مسرحية خاصة، فلا شيء مثل الوضوح بيننا، و لن استعمل المؤثرات و الغناء المسجلين (…) أنتم الآن معي في قاعة المطار”، ليس ثمّة بهذا الشكل ركح اعتيادي كالذي تعرفه المسارح اليوم، أما الأرض، ركح المسرح الأوّل، فهي غائبة أيضا، هذا ما يوحي بدلالتين، الأولى نقد ممسرح ضدّ المسرح نفسه، أما الثانية فنوع من الاقامة في “الفضاء الخالي” كتدليل على ضياع الأرض نفسها، وضياع الفضاء الفلسطيني برمّته، ويبقى الحلم عالقا في الفراغ نتيجة أوّل طعنة حاسمة لحقت بالفلسطينيين، هكذا يردّد في آخر النص: “أنا الذي ولدت عام 1955 دعوني أختار يوم وفاتي :  إنه  15 /5 /1948”.
الأرض والإنـسان والهوية
ثمّة مفارقة مدهشة من حيث تسمية الشخصيات، فالصحفي الفرنسي (سمير) من أصول فلسطينية يحمل نفس التسمية لابن الفلاح (صبري غريب)، مات الثاني مقتولا من قبل الضباط الاسرائليين فإذا بالعائلة تسمّي معظم أبناءها بنفس الاسم كنوع من اختراق الموت والانتصار على الحيف والظلم والإصرار على سكنى الوجود الفلسطيني، أما الأوّل الذي نكتشف أبعاده في “صفير في الرأس، صلاة للقدس”  فقد أدلى بالقول “يمكن لمثلي أن يعرف الإجابة عن سؤاله الذي لم يكن يؤرقه ” أنا لا أشعر بالانتماء”، فهل صارت فلسطين لا تعني شيئا لبعض أبنائها، أولئك الذين ولدوا في المنفى وشرّدوا؟ للوهلة الأولى قد يبدو لنا ذلك، ولكن النهاية تقول بالعكس، فـ(سمير) رغم جنسيته الفرنسية الحالية لم يسلم هو الآخر من الاعتقال، لقد دافع عن (صبري غريب) ضد الضابط الصهيوني. هذا ما يكشفه الحوار التالي.
(الضابط : إذا بدك مستعد أجيبلك السفير الفرنسي لهون، بس أنت هيك بتعمل أزمة دبلوماسية.
سمير : السفير ما بلزمني.
الضابط : لأنك مستعد تخون فرنسيتك)
وهذا ما يمكن اكتشافه حين نتحدث على لسانه الآن: “في فلسطين، يمكن للمرء أن يعرف سر الكون و سر الإنسان، أسرار الأرض و أسرار السماء”. لقد تحوّلت تلك الأرض إلى مركز لكل الأشياء، تجتمع فيها التناقضات والمفارقات برمتها، أما ما يؤكد ذلك فالممارسة الميتانصية لعوالم الكتابة المسرحية في النصين، فبقدر ما تم توظيف المعجم الديني في نص “صفير في الرأس، صلاة للقدس”، كان النص الثاني “سأموت في المنفى” عبارة عن نهر متدفق من الأصوات: ثمّة  رَفْدٌ لنصوص عديدة، أغاني فلسطينية شعبية، وقصائد لمحمود درويش وأحمد شوقي، ومقاطع من المواثيق الدولية ووعد بلفور، إضافة إلى حضور اللهجة الفلسطينية والعربية الفصحى معيّة شذرات من اللغة العبرية والفرنسية والانجليزية، هذه الكتابة القائمة على التسامي النصي، ستحيل حتما  إلى نوع من الرمزية الكونية لتلك الأرض، ولكن من يسكنها الآن؟ من يقيم في جلدها منذ أن تمّ طرد ذلك الفلاح؟  رغم أننا نعرف الاجابة سلفا، إلا أنه سيبدو لنا جليّا، أن شيطان (بيتر بروك) سيظل يؤرّق، مسرحيّا،  ذلك الورم الصهيوني، ما دام ثمّة كُتَّابٌ وشعراء ومسرحيون في كلّ مكان في العالم يهتفون باسم فلسطين، بعد أن صار ممكنا اللعب في أيّ “فضاء خال” و”مسرح عار” باسمها.

مسرحية «البيت» تسخر من عداوات الأشقاء القاتلة في «مسرح مونو» حين يصبح الماضي خنجراً مسموماً

مجلة الفنون المسرحية

مسرحية «البيت» تسخر من عداوات الأشقاء القاتلة في «مسرح مونو»
حين يصبح الماضي خنجراً مسموماً

سوسن الأبطح - الشرق الأوسط


التعلق بالبيت العائلي، الذكريات الحميمة الملتصقة بكل زاوية وتفصيل، الحنين إلى الأيام الخوالي، كل ذلك مقروناً بالجشع أو اللامبالاة، العقد النفسية المتراكمة، ضغط الحروب الذي لا يوازيه شيء، فقدان روح الأخوة، التناقضات القاتلة داخل الأسرة الواحدة، كلها أمور شديدة التركيب استطاعت أرزة خضر، في نصها أن تجمعها، وعملت المخرجة كارولين حاتم على وضعها على الخشبة بعد ترجمة النص من الإنجليزية إلى المحكية اللبنانية.
العمل يجوب المناطق اللبنانية تحت عنوان صغير ودالّ هو «البيت» ويستقر في بيروت في 14 من الشهر الحالي، ليعرض في «مسرح مونو». فقد جاب كل من حمانا، و«جامعة اللويزة» في زوق مصبح، و«مركز الصفدي الثقافي» في طرابلس. وهو يذكّر بأعمال سابقة عرضت في بيروت، كانت البيوت محورها لا سيما القديمة منها، أبرزها مسرحية بيتي توتل صفير «آخر بيت بالجميزة» التي تذهب بالمتفرج إلى قصص المنازل القديمة الجميلة التي تهدم في حي الجميزة العريق بعد أن اجتاحته ملاهي السهر، وتدخلنا ببراعة إلى معاناة إحدى العائلات وهي ترى نفسها تفقد منزلها وسط هذا الجشع المخيف. أمّا مسرحية «البيت» فهي تنظر إلى حكايا البيوت الأليمة من الداخل إلى الخارج، وليس العكس. هذه المرة العائلة نفسها هي التي تتصدّع وتستدعي الخراب من الخارج. إذ تسعى الأخت الصغرى ريم (جيسي خليل)، للتخلص من بيت العائلة القديم بأي ثمن بعد وفاة الوالد وبالكاد مرّ 40 يوماً على فقد الوالدة، وسط معارضة شقيقتها نادية (يارا بوحيدر) التي أبدعت وتميزت بدور لم يكن سهلاً، وشقيقها نبيل (طارق يعقوب) الهارب من جو «هالنسوان المهسترين».
«فكرة أنّ هذا البيت لم يعد موجوداً تجعلني أطير» تقول الأخت الصغرى، وفي مكان آخر تضيف تجعلني «أستريح». تتخيل الصبية ريم، بما يشبه التشفي، (أوتوستراد) طريقاً سريعاً، يخترق البيت من وسطه ويجعله نثاراً، وأنّ كل شيء انتهى وبات بمقدورها نسيان طفولتها البائسة خلال الحرب.
الخشبة ذات الستارة المفتوحة التي تسمح لنا عند الدخول إلى المسرح أن نرى الأشقاء يجلسون بانتظار انطلاق العرض، تجعل الحياة هنا وكأنّها بدأت قبل وصولنا. ثم نرى الأختين تتحدثان في أربعين الأم التي غادرتهما. التوتر يرتفع تدريجياً، نحتاج إلى أن نتابع الحوارات التي تأتي في بعض الأحيان مكرورة وطويلة، لنعرف أنّ العلاقة ليست على ما يرام. لا بدّ أن ننتظر مرور الثلث الأول من المسرحية الطويلة نسبياً (نحو ساعة ونصف) لنستشف كم أنّ المشكلة عصية على الحل. وأنّ كلا من الإخوة يعيش في عالمه الخاص الذي ذهب إليه بمفرده. الأخ الذي تزوج ويتهرب من نزاع الشقيقتين، نادية التي لازمت البيت مع والدتها، وهي طيبة، تعيش على الحنين، بينما ريم التي غادرت المنزل باكراً تُظهر نفوراً من أجوائه وتعتقد أنّ عليها فعل المستحيل كي تتخلص منه كعبء يجثم على صدرها.
كنبة كبيرة في الواجهة وأخرى صغيرة إلى يسارها وكرسي إلى اليمين، طاولة في الوسط كي تكتمل غرفة الجلوس، ومشجب معاطف إلى يسار الخشبة، بينما خُصّصت طاولة مرتفعة صغيرة تصطف عليها مشروبات قليلة ومأكولات أقل لتناولها كلما اشتد وطيس الشجار ورغب الأشقاء بتهدئة الأجواء. وعند اللزوم تستعين نادية بفراش على الأرض لتستلقي عليه وتستريح.
الموسيقى التي تميل إلى الجنائزية لا نسمعها إلّا في أوقات قليلة حين تحتدم الأجواء أو أغنيات قديمة تعود إليها نادية طالما أنّها تعيش في الماضي، ويصمت الكلام. زمن المسرحية ممتد، حيث إن ريما تذهب إلى قطر في عمل لأشهر، وتعود والمشاهد مستمرة والصراع بين الأشقاء لا يزال محتدماً بين نادية التي تربط علاقتها بكل شيء بالحنين، وريما التي تحلم بزوال الماضي بأسره. بعد أن تفشل ريم في إقناع الورثة ببيع البيت وتقسيم الحصص، تفجرّ كل ما لديها، حقدها، حساباتها مع والدتها الكئيبة دائماً التي كانت تقول لها «لو ما كنت غنوجة كان بيك بعدو عايش»، محملة إياها مسؤولية مقتل والدها وهو يناولها كوب ماء، وقد أرهقتها بمحاسباتها ومحاصرة سلوكها.
لحظات قاسية لتصفية حسابات داخل العائلة الصغيرة، لنكتشف كم أنّ كل بيت ينطوي على أسرار، على صمت كل فرد عمّا يعتمل في نفسه من الآخر من دون أن يصارحه. الحفاظ على أحاسيس الأخوّة لم يعد أمراً بديهياً، والحب بين أقرب الناس أيضاً. هذا على الأقل ما تنتهي إليه مسرحية تخلط الحزن بكثير من المرح، والاجتماع سيكولوجيا النفوس ومآسي الحرب، وتعقيدات المشاعر الإنسانية العميقة حين تصطدم بما استجدّ من علاقات مبنية على المصالح الضيّقة والآنية.

الأحد، 11 فبراير 2018

مسرح للمضطهدين يبدأ رحلته من الموصل

مجلة الفنون المسرحية

مسرح للمضطهدين يبدأ رحلته من الموصل

تلفزيون  الآن - وسام يوسف

مسرح المضطهدين أسلوب فني جديد إعتمدت من خلاله مجموعة من المسرحيين في الموصل على تقديم عروض مسرحية تحمل هموم الناس وتعكس تطلعات الشباب وأحلامهم.

العرض المسرحي الذي يقدمه ممثلون موصليون يحاول توجيه تأثيرات إيجابية إلى المجتمع العراقي وبثَ الأملِ فيه لاسيما بنفوس ضحايا الإرهاب وذلك بطريقة تختلف من حيث الشكل والمضمون عن المسرح المعروف لدى الناس.

ما يميز هذا النوعَ من المسرح هو تفاعلُ الناس مباشرة مع القضية المطروحة , فالممثلون يتقمصون شخصياتٍ من روح المجتمع الذي يعيشون فيه ويقضون ساعات طويلة بمناقشة طبيعة كل شخصية وما تحمله من أبعاد إيجابية مؤثرة قبل عرضها على خشبة مسرح المضطهدين.

تفاعلٌ كبير حظي به هذا النوعُ من العروض المسرحية بعد أن جرى تقديمه في عدد من المدن العراقية ما دفع هذه المجموعة من الممثلين الى الإجتهاد والخوض أكثر في مشاكلَ مجتمعاتهم بهدف عرض حلولها بأسلوب مسرحي جديد.

دعوة للمشاركة في المهرجان الدولي إكلان للطفل في دورته السادسة من 10 إلى 14 ابريل 2018 تحت شعار : " طفولة تبتسم .. ترسم الفرحة بالألوان "

المسرح في المقهى.. مغامرة صفق لها الجمهور طويلا

مجلة الفنون المسرحية


المسرح في المقهى.. مغامرة صفق لها الجمهور طويلا

ساوس24

المسرح هو الحياة عينها، لذلك لا يجب أن يظل سجين القاعات المسرحية، وعليه أن يعرض على الناس أينما كانوا في الشارع، في المقهى فضلا عن المسارح القليلة أصلا ببلادنا. هذا هو الأفق الذي اشتغل عليه الفنان طارق بورحيم رفقة فرقة مسرح سيدي يحيى الغرب، عندما مَسْرَحَ على ديوان “رماد اليقين” للشاعر محمد بلمو، حيث أعد ثلاث صيغ، واحدة للقاعات المسرحية والثانية للمقهى والثالثة للشارع.

كان الموعد مساء الأحد الماضي، ضمن فعاليات الملتقى الوطني السابع للمقاهي الثقافية الذي احتضنته مدينة سيدي يحيى الغرب، بمقهى المامونية، مع العرض التجريبي لمسرحية “رماد يقين” في مغامرة جديدة كان الكل يتساءل عن مبناها وفحواها، ليس فقط بالنسبة للفضاء (المقهى) الذي لم يكن قط مكانا للعرض المسرحي، ولكن أيضا لعملية تحويل ديوان شعري إلى عرض مسرحي. لذلك عم الصمت مع انطلاق العرض، في انتظار الحصول على أجوبة للأسئلة التي راودت رواد المقهى.

لقد عرف العرض التجريبي للمسرحية انتباها كبيرا وتجاوبا لافتا من قبل الجمهور الذي وقف وصفق بحرارة للفرقة المسرحية الشابة على أدائها المتميز وهي تمسرح مقاطع شعرية من الديوان، وتقدمها في قالب مسرحي أبدع فيه المخرج كما أبدع فيه الممثلون.

المسرحية من درمتورجيا وإخراج الفنان طارق بورحيم، يشخصها كل من أحمد البرارحي، شيماء عكور، علي بومهدي، حمزة بومهراز، سينغرافيا: عبد الحق السالمي، تصوير: أنور حريبلة، المحافظة عبد الله الحيمر، المؤثرات الصوتية: إلياس رخيلة، التواصل والإعلام: بوعزة الخلقي، إدارة الإنتاج: سناء التطواني.

هذا وستقدم الفرقة عرضها الأول في نهاية هذا الشهر بمدينة القنيطرة على خشبة المسرح هذه المرة في بداية جولة مسرحية بمختلف المدن المغربية.

  

فتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة 25 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي

مجلة الفنون المسرحية

فتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة 25 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي

سبتمبر 2018 – اليوبيل الفضي
الموعد النهائي لتلقي طلبات المشاركة 15 إبريل 2018

يعلن مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي عن فتح باب التقدم للمشاركة في دورته الخامسة والعشرين والتي تنعقد في القاهرة فى سبتمبر 2018
المهرجان تنظمه وزارة الثقافة المصرية ، وهو غير تنافسي ويهدف إلي خلق حالة من التواصل والحوار بين مختلف الشعوب والجماعات عن المسرح وأشكال الأداء ، إضافة إلي تعريف الجمهور في مصر والمنطقة العربية بأحدث التيارات في المشهد المسرحي الدولي ، وإتاحة نافذة يطل منها المسرحيون حول العالم علي أحدث تطورات المشهد المسرحي في مصر والبلاد العربية .
يقدم كل عرض مشارك عرضين علي الٔاقل ، ويجوز للمهرجان في تنظيم ليالي عرض إضافية خارج القاهرة بعد التنسيق مع مسئولي الفرق المشاركة .
يتحمل المهرجان نفقات الإقامة كاملة والانتقالات الداخلية بحد أقصي 15 فرداً للفرقة الواحدة ، وتتحمل الفرقة المشاركة نفقات تذاكر الطيران ذهابا وعودة وشحن المهمات والمعدات المسرحية الخاصة بالعرض المسرحي .
علي الراغبين في التقدم تعبئة نموذج طلب مشاركة مصحوبا برابط فيديو كامل للعرض بدرجة نقاء عالية الصورة والصوت
برجاء العلم أنه في حالة قبول مشاركتكم سيتم جدولة العرض في يومين من أيام المهرجان خلال الفترة المذكورة . لذا
يرجي مراعاة عدم الارتباط بأي نشاطات أخرى طوال فترة المهرجان . برجاء تعبئة استمارة المشاركة الإلكترونية مصحوبة ب-رابط فيديو العرض كامل
dpi – صور رقمية بجودة عالية لا تقل عن 300
– ليس من حق الفرقة تغيير العرض عن القرص المدمج المرفق
ارفاق كتيب العرض مع الاستمارة



E.mail:info.cifcet.ar@gmail.com – info.cifcet@gmail.com
Website: cifcet.gov.eg / Tel: 0020227364535       


السبت، 10 فبراير 2018

المسرحي حسن المؤذن : تميّز المسرح التونسي لا يقاس بتقييم لجان التحكيم

مجلة الفنون المسرحية

المسرحي حسن المؤذن : تميّز المسرح التونسي لا يقاس بتقييم لجان التحكيم


 ليلى بورقعة   - المغرب 

كما يرسم الشاعر حسن المؤذن وحي اللحظة بحبر الكلمة ونبض القصيدة، فإنه يجسد الفكرة على ركح الفن الرابع بتعابير الوجه ولغة الجسد...

وهكذا قضى المسرحي حسن المؤذن حوالي 35 سنة من محاورة الخشبة واقتناص الومضة العابرة من الهواجس والأحلام، الآلام والآمال ... وأخيرا جاءت مسرحية «في العاصفة ...» لتضرب بين الرجل ومسرح العرائس موعدا جديدا ومتجددا مع الإبداع في حضرة أب الفنون.

• هذا المساء سيكون لك لقاء مع عشاق الفن الرابع على نخب مسرحيتك الجديدة «في العاصفة...»، حدثنا عن هذا العمل؟ 
«في العاصفة ...» هي مسرحية عرائسية عن نص «الملك لير» لوليام شكسبير نستعد لتقديم عرضها الأول اليوم على الساعة السادسة مساء بالمركز الوطني لفن العرائس بالعاصمة. 
احتفالا بمرور 25 سنة على تأسيسه، أنتج المركز الوطني لفنّ العرائس مسرحية «في العاصفة...» لتكون أول عمل موّجه للكهول أو الكبار في تاريخ المركز. وهي مسرحية مقتبسة عن واحد من أهم نصوص شكسبير ألا وهو نصّ «الملك لير». وإن أقوم 
بدراماتوجيا وإخراج هذا العمل المسرحي انطلاقا من المدونة الشكسبيرية الخالدة والصالحة لكل العصور فهذا لا ينفي توفر صياغة درامية جديدة ورؤية مختلفة تنزاح عن التناول المسرحي المعتاد لنص «الملك لير». وأعتقد أنه من النادر إخراج مثل هذا النص في مسرح العرائس على الأقل في تونس.

• لماذا هذه العودة دائما وأبدا إلى مدونة شكسبير، هل مرّد ذلك فقر وضعف في النصوص الجديدة أم استسهال النص الجاهز والناجح مسبقا؟ 
إن المسرحي في كل العالم يتغذى من المدونة المسرحية العالمية ولا يخضع للحدود الجغرافية والفواصل الزمانية والمكانية... وكما هو من المهم الاشتغال على نص مبتكر وجديد فإن الاشتغال على المدونة العالمية الكلاسيكية والمعاصرة يبقى عنصرا حيا في المسرح. وفي عملنا الجديد «في العاصفة...» قمنا بشبه إعادة كتابة لنص شكسبير وفقا لسياقات الآن وهنا ...

• إن كان مسرح العرائس متجذرا في الماضي البعيد ومنخرطا في مسار الموروث الفني الشعبي... فهل يحتل مسرح الدمى المكانة التي يستحق في تونس؟ 
منذ نهاية السبعينات انطلقت تجربة مسرح العرائس في تونس وكانت ثمرتها انجازات مهمة ونجاحات قيّمة ...مما أسس قاعدة محترمة من الجمهور العريض. وإن كان المسرح العرائسي الموجه للأطفال يجد المتابعة والاهتمام ... فللأسف فإن مسرح العرائس الموجه للكبار بقي حلقة مفقودة في مسار هذا الفن المهم والممتع. وأعتقد أن سدّ هذا الفراغ هو من مسؤولية المؤسسات المختصة وأيضا من واجب المبدع المسرحي تطوير واقع وخطاب مسرح الدمى.

• بعد أن كان التميز حليف المسرح التونسي في السنوات الأخيرة، كان الإخفاق قدره على ركح أيام قرطاج المسرحية وكذلك مهرجان المسرح العربي بتونس... لماذا فشل مسرحنا في الصعود على منصة التتويج؟ 
أعتقد أن مدى نجاح المسرح التونسي لا يقاس بتقييم لجان الانتقاء أو التحكيم .. .وكل مسار مسرحي في بلد ما يمرّ بفترات من الانعراجات والمنعطفات كمـــا يشهد محطات مضيئة ومزدهرة. وحسب رأيي فإن المسرح التونسي بما سجله من تراكمات منحته التميز في فترة ما بحاجة إلى مسافة من البعد بينه وبين زخم الأحداث التي نعيشها اليوم حتى تكون الرؤية واضحة وصادقة وثابتة. وفي سياق الجوائز والتتويجات، لابد من التأكيد على أن الأسماء الاعتبارية والمهمة في مسرحنا التونسي كثيرا ما تعرض أعمالها خارج المنافسة والمسابقة. في المقابل نجد موجة من الشباب تسعى إلى افتكاك المكانة والصدارة ولكن هذه التجارب بحاجة إلى مزيد من النضج حتى تكون في مستوى اللحظة.

• إلى أي مدى تصح مقولة القطيعة بين المسرحيين الميدانيين والمنظرين في المسرح من الجامعيين والأكاديميين... ؟ 
المسرح لا يبدعه إلا المبدعون. إن المسرح في حاجة إلى ما يسمى بالنقد الحي الذي لا يخضع إلى معايير الدراسات الأكاديمية التي نقرأها في الكتب عن المسرح. ومقابل انحسار النقد المسرحي في تونس بسبب غياب الأقلام المعروفة والمختصة في النقد نجد صعود موجة الأكادميين ليس فقط على مستوى المداخلات في الندوات الفكرية عن الفن الرابع بل أيضا على مستوى إدارة التظاهرات وعضوية اللجان المسرحية... ولكن تبقى مقارباتهم ميتة لأن المسرح كيان حي وفي حاجة إلى النقد الحي.

• هل كان مشروع قانون الفنان والمهن الفنية في مستوى الانتظارات أم جاء مخيّبا للآمال؟ 
اطلعت على مسار مشروع قانون الفنان والمهن الفنية منذ بدايته وفي توارث ملفه من وزير إلى آخر ما بعد الثورة. وإن كان مشروع هـذا القــانون عموما بادرة محمودة تعكس الاستفاقة المتأخرة بضرورة إيلاء الفنان المكانة التي يستحق في مجتمعه وبلده... فللأسف كانت نسخته المقدمة إلى مصالح مجلس النواب محل جدل كبير باعتبار أن الساحة الفنية غير متجانسة وتشقها حسابات ومصالح متضاربة ولكن وهو الأهم احتواء هذا المشروع على عديد الثغرات والنقائص التي هي بحاجة أكيدة للتعديل حتى لا تبقى مفاهيمه هلامية وفصوله ضبابية...

• وأنت كاتب عام النقابة الوطنية لمحترفي الفنون الدرامية، هل من أثر وصدى للنقابات المسرحية؟ 
لابد من الإقرار بأن واقع النقابات غير متجانس كما هو الحال في القطاع السينمائي الأفضل تنظيما سواء على المستوى الجمعياتي أو على مستوى المنظمات المهنية ... وكثيرا ما تعيق ظروف داخلية وأخرى خارجية عمل النقابات المسرحية على غرار اتحاد الممثلين الذي لا يفعل شيئا بسبب الخلافات الشخصية داخله والصراعات خارجه... وإن تشترط النقابة الوطنية لمحترفي الفنون الدرامية التفرغ للمهنة فإن عدد المتفرغين في السنوات الأخيرة أصبح لا يتجاوز ربع المشتغلين في القطاع والحال أن الوزارة تسند بطاقات الاحتراف ولا تسحبها إذا التحق أصحابها بمهن أخرى ! وعموما تشكو النقابات المسرحية في علاقتها فيما بينها من تشابك الاختصاصات وتقاطع المصالح...

• وقد اشتغلت مستشارا فنيا لمؤسسة المسرح الوطني طيلة عقود ومع أكثر من مدير، كيف تقيّم مردود هذه المؤسسة اليوم تحت إدارة المسرحي فاضل الجعايبي؟ 
جمعتني علاقة العمل مع مؤسسة المسرح الوطني قبل الثورة في عهد المدير محمد إدريس وأتاحت لي هذه الفرصة معرفة المسرح الوطني من الداخل ... وبعدها انقطعت العلاقة نسبيا لتعود مع المدير فاضل الجعايبي. وللأمانة أقول إن الجعايبي من أفضل المدراء الذي تداولوا على إدارة المسرح الوطني. وحين تسلم المخرج فاضل الجعايبي دواليب الإدارة لم ينجح فقط في تسديد ديون المؤسسة بل حقق الرهان في الرفع من الدخل المالي الذاتي للمؤسسة من 25 %إلى 35% في سابقة من نوعها في مؤسسة المسرح الوطني. ويرى فاضل الجعايبي ضرورة أن يتم تعيين مدير المسرح الوطني على أساس تقديم الترشحات القائمة على مشروع فني . وأن تكون مدة هذا التعيين ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة لضمان التداول على تسيير المؤسسات المسرحية العمومية.

• ولكن تعيين المخرج فاضل الجعايبي على رأس المسرح الوطني كان مخالفا للصيغة التي ذكرت وجاء بقرار من الوزير مراد الصكلي؟ 
لم يأت هذا التعيين من فراغ بل كان نتيجة لمشروع فني اقترحه الجعايبي واشترط توفر مقومات نجاحه... وأعتقد أن الفاضل الجعايبي باشتغاله وفق عقد أهداف واضح المعالم نجح في استقطاب الكفاءات والمراهنة على التكوين ببعث مدرسة الممثل والتعاون مع مسارح مهمة على مستوى دولي غلى غرار بلجيكيا والمانيا وفرنسا...

• ما بين المسرح وتونس، هل من إرهاصات، من ارتسامات...؟ 
المسرح التونسي في علاقته بالمجتمع والسلطة محكوم بثنائية الشدّ والجذب، التناغم والتنافر ... ولأن المسرح هو الكلمة الحية فإن قوته تتأتى من علاقته العضوية بقضايا المجتمع. وكما البلاد في مرحلة البناء الديمقراطي مما يفترض التعدد والتعايش فإن الوضعية نفسها مطروحة على مستوى الخطاب الفكري الذي يتطلب التنوع والاختلاف والابتعاد عن سلطة النموذج. فمن الضروري أن يكون لكل فنان صوته الخاص به وحده ومن المهم ألا يتغذى المسرح من لحمه حتى لا ينتهي وذلك بالانفتاح على الفنون الأخرى من شعر ورسم ورواية... ويبقى المسرح عنوان الجمال والحب... والحياة.


أولى جولات عروض " أوبريت أرﯕانة "لفرقة مسرح تافوكت

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption