أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الثلاثاء، 17 أبريل 2018

مسرحية توبيخ نموذج للميتا مسرح

مجلة الفنون المسرحية

مسرحية توبيخ نموذج للميتا مسرح

ظفار المفرجي 

المسرحية من تأليف و اخراج و سينوغرافيا    انس عبد الصمد
فريق العمل حسب اخر عرض في بغداد 
محمد عمر ايوب                 علا علاء                اليسار الربيعي              ايمان الربيعي            هشام الكناني        ياسر فاضل المعموري       صائب حداد             ناظم حسن شجر             ضرغام قاسم مظلوم      صادق عبد الرضا مناتي  حيدر محمد حمدي     احمد نزار              راسم كريم مسعود        يوسف عبد الرحيم هامل   حسنين فاضل راشد    مرتضى هاشم زعيج         ياسين ضياء ياسين  مصطفى علاء صاحب     مرتجى ابراهيم رحمة       محمد تحسين              ابو الحسن علي              همام قاسم مظلوم         منتظر الشواك              صباح سنفور            احمد سنفور               ليث نعمة                     علي رسول                 ياسين مشتاق            هشام الكناني  
عرضت في بغداد على خشبة المسرح الوطني يوم الأحد المصادف  28 / 10 / 2013 ضمن مهرجان بغداد الدولي الأول للمسرح 
عرضت على مسرح دار الثقافة في مدينة بجاية في الجزائر يوم الأثنين المصادف 31 / 10 / 2016 ضمن مهرجان بجاية الدولي الثامن للمسرح . 
عرضت يوم الخميس المصادف  4 / 5 / 2017 على مسرح دار الثقافة الشيخ ادريس بمدينة بنزرت في تونس ضمن مهرجان الجيلاني الكبير الثالث للمسرح 
عرضت على مسرح سوماتو في مدينة ازمير في تركيا يوم السبت المصادف  28 / 10 / 2017 ضمن مهرجان سوكاتا الخامس و الثلاثين
عرضت في بغداد يوم السبت المصادف  25 / 3 / 2018 على خشبة المسرح الوطني ضمن الأحتفال بيوم المسرح العالمي 
عرضت في بغداد يوم الجمعة المصادف  30 / 3 / 2018 على خشبة المسرح الوطني ضمن الأيام الثقافية العراقية التونسية . 

يستند التلقي في هذا العرض إلى أحكام مسبقة حول تجربة المخرج و الممثل العراقي ( انس عبد الصمد ) التي اختزلها في مسرحه الذي اسماه  (الميتا مسرح ) ، و يستمد العرض ( توبيخ ) أهميته من تجربة العرض المستمر التي فرضها هو ، بخروجه عن دائرة العرض المعتاد ( لمرة او مرتين خلال سنين ، أو عدة عروض خلال مدة زمنية قصيرة ) الى نظام عرض مستمر منذ 2013 سنة انتاج هذا العرض و لا زال مستمرا ، و هو يعلن انه سيتصدى لعروض اخرى و في دول اخرى حول العالم . و هو بهذا ينتج ربتوار متنقل يقدم فيه ( توبيخ ) و الـ ( ميتا مسرح ) بوصفه عرض و  منهج / طريقة تلازمه ، ان القول بجرأته نابع من اشتغاله على العرض العالمي الأقليمي و خارج الأقليمي رغم كونه يسكن العراق و لا يحمل جنسية اخرى و هو بهذا يعد نموذج حي للمسرحي المستمر بالعمل من داخل العراق و المتنقل خارجه عكس المتوقع .
و المتابع لتطور المخرج ( انس عبد الصمد ) يعرف انه ابتدأ ممثلا للتمثيل الصامت قبل ان يتوقف عند تجربة العرض في العاصمة اليابانية ( طوكيو)  التي شكلت نقطة تحول غيرت مساره لأنه ابتدأ بدمج اساليب جديدة مع الفن الصامت و سرعان ما تحول الى ( الميتا مسرح)  ثم اعلن القطيعة من مدينة ( الديوانية ) العراقية  بالمسرح الصامت . و هو يقدم نفسه مختصا في عروض ( الميتا مسرح)  . و لكن ما هو ( الميتا مسرح)  ؟ اذ لم تذكر فرقة المستحيل ، و هي فرقته التي انشأها منذ سنين  بيانا منهجيا بهذا الخصوص ، و على مواقع التواصل الخاصة بالمخرج  او بالفرقة .
و في اطار بحثي ايضا لم اجد اي دراسات عربية متداولة عن هذا المصطلح ، كما زاد ما كتبه المعلم ( د .  سامي عبد الحميد )  من حيرتي حول بطلان هذا المفهوم لأنه اعتبره غير موجود  ( 
 ) ،  كما ان اخرين اكدوا وجود المصطلح ، مثل دراسة ادبية لـ الأستاذة العراقية ( د . نهى الدرويش )  ( ) و كتابا للباحث المغربي ( د . حسن يوسفي )  (  ) و هي دراسة متخصصة في النص و ليست في اجراءات العرض المسرحي ، كما وجدت دراسة ماجستير تم تقديمها الى مجلس جامعة بابل من قبل الباحث( احمد ضياء هادي ) بعنوان ( الميتا مسرح و تمثلاتها في العرض المسرحي العراقي المعاصر ) للعام الدراسي 2016 و لم احصل عليها لظروف حالت دون ذلك و لم يتبق لي الا ان اتصدى لها بنفسي اعتمادا على المتوفر على شبكة الأنترنت العالمية و استنتاجاتي الشخصية .
و الـ ( ميتا ) " هي كلمة يونانية الأصل تعني (بعد) أو (وراء) ، وهي بادئة لفظية تستخدم في تكوين اشتقاقات وتعني بعد شيء ما ، أو انتقال إلى شيء آخر" ( ) ينتمي الى مجموعة مصطلحات هي موضوع جدل دائم لأنها تتعلق بما بعد الحداثة مثل (  ما بعد الرواية ، ما بعد الشعر ، ما بعد النص ، ما بعد الرسم ، ما بعد النحت ، ما بعد المسرح ) و ارتبطت في الفلسفة بفكرة الموت ( موت النص ، موت الشعر ، موت الفن .. الخ )   .
يعتقد الباحث المغربي  ( د . حسن يوسفي ) " ان الميتامسرح - كمصطلح ظهر مع بداية الستينات في النقد الأنكلو- أمريكي " ( ) و يرى ان أن كتاب " الميتا مسرح : نظرة جديدة للشكل الدرامي  لليونيل أبيل ، الذي ظهر في نيويورك سنة 1963هو صاحب الفضل في إثارة الإنتباه إلى ظاهرة ( الميتامسرح)  " ذاكرا فيه ان الميتا مسرح هو المسرح الذي يقدم نصوصا ذات بنيات متعددة بنيتين متضاربتين او اكثر . و عارضه الناقد الفرنسي (  باتريك بافيس ) عند تعريفه لـ ( الميتا مسرح )  ، في معجمه المسرحي على انه  " مسرح تتمركز إشكاليته حول المسرح، أي مسرح «يتحدث» عن نفسه: ويعرض ذاته" ( )
و تذكر الأستاذة المصرية (  د . نهاد صليحة ) ان مسرحية ( ست شخصيات تبحث عن مؤلف )  للكاتب الأيطالي ( لويجي بيراندلو )  هي نموذج واضح للمسرح التكعيبي ( الذي ينتمي للمدرسة التكعيبية ) ، كما يعتقد الناقد الأمريكي ( ليونيل ابيل )  صاحب كتاب ( الميتا مسرح )  ان نفس المسرحية هي نموذج للمصطلح .
و يتضح بالفعل التقارب ما بين نموذج ( ابيل ) ( الذي يمثل النص ) و نموذج التكعيبية ( الذي يمثل العرض الفني )  ، اذ يذكر الباحث المغربي ( د. حسن يوسفي )  ان الناقد ( ليونيل ابيل )  ركز في كتابه على البعد الميتافيزيقي لظاهرة الميتا مسرح و فكرة انها تتضمن بنيات متعددة في النص مثل المسرح داخل المسرح والمسرح الملحمي و الوثائقي و كل مسرح فيه بنيات متعددة او يحتمل تضمين بنيات اخرى و هو غير المسرح الأرسطي المعتاد ، ما يعني عدم وجود التراجيديا و الكوميديا بسبب حمل المسرحيات بنيتين متضاربتين معا ما يعني موتهما و حضور نسق جديد و قد انتقد الناقد ( باتريك بافيس )  هذه الفكرة بقوله  "إن هذه الأطروحة ..  لا تعمل سوى على توسيع نظرية المسرح داخل المسرح القديمة " ( ) و هو رأي الأستاذ ( د . سامي عبد الحميد ) على جريدة المدى . و يعد اعتبار ( الميتا مسرح )  مسرح لا يتفق مع البنية الأرسطية الواحدة هو امر يبيح اعتبار العروض التي لا بنية واضحة لها جزءا من ( الميتا مسرح )  مثل العروض الصامتة والعروض الممسرحة القادمة من الفن التشكيلي لأنها جميعا لا تخضع للتقييم الأرسطي . 
و في نموذج ( التكعيبية )  للعرض نراها تحرض فيه على التجزئة و النظر الى الموضوع من عدة جهات و على تفسير العمل الفني على انه كولاج ،  و هي اساس الحداثة التي فجرت بعدها التقاليد الفنية في ( المستقبلية و الدادائية و السريالية ) على وجه الخصوص و كلها مدارس عملت على ذات  المفاهيم بالأضافة الى التجريد و  التجميع و التداعي الحر ( الأنية ) و الأرتجال الحسي و التركيب و تدمير السائد من الفنون ، هذه المفاهيم التي تطورت  في ما بعد الحداثة الى مفاهيم القطيعة و استبدال الفنون المعروفة بأساليب و فنون جديدة اكثر تداولا و سهولة خارج مفهوم العمل الفني المعتاد ، خارج اللوحة و خارج الخشبة و خارج الشاشة .. الخ  الأمر الذي ادى الى ظهور فنون جديدة دعيت بفنون ما بعد الحداثة و كانت جلها غريبة و غير مفهومة مثل ، فن الحدث( الحدوث )  ( ) ،  فن الجسد ، فن الأداء ( ) ، فن التنصيب ، فن التجهيز ( ) ، الفن المفهومي ، فن المنيمال .. الخ   . و كلها فنون لا تحتوي على بنية واضحة و مفهومة و اغلبها اجزاء او اجزاء الأجزاء جرى تجميعها لعمل كولاج قابل للتأمل و قد لا يحمل بنية او فكرة او هدف .
كما يجب الأنتباه الى ان هذه الفنون المذكورة و مصطلحات ( الميتا )  بما فيها ( الميتا مسرح )  كلها ظهرت خلال ستينيات القرن الماضي حتى السبعينات منه .
و يمكن فهم المقصود من هذا الجدول البسيط 
النص في الميتا مسرح                                              العرض في الميتا مسرح 
البنى المتعددة في النصوص الناطقة                                التجزئة   - التجميع – التداعي الحر - الأنية
اللابنية في النصوص الصامتة                          الأرتجال الحسي – التركيب 
و من هذا كل يتضح ان ( الميتا مسرح )  هو منهج يعتمد التضمين و الأضافة المستمرة الى بنيته الأساسية .
و في نصوص العروض الصامتة التي ينتمي اليها المخرج ( انس عبد الصمد ) يكفي اضافة فكرة عامة بوصفها بنية مجزئة غير واضحة او اجزاء ( بنى ) مضافة للفكرة ، و كما نعلم ان نصوص العروض الصامتة هي ورقة عمل تبيح البحث عن الحركة الجميلة و الممكن تنفيذها و التي تخدم البنية ، لذا تكتب اغلب نصوصه بعد العرض ، اي ان نصوص المسرح  الصامت هي نصوص عرض . رغم انني اعتقد شخصيا ان كل نصوص ( الميتا مسرح )  هي نصوص عرض ولا تعتمد على نص مسرحي مكتوب مسبقا كنص ،  بل على ورقة عمل مختلفة كليا ربما تحتوي على المفهوم و اليات تنفيذه او ما يمكن وصفه بأنه افكار اولية للمخرج
لذا فـ(  الميتا مسرح ) هو اسلوب عرض ما بعد حداثي حر لا محاذير في استخدامه المفردات استنادا الى الحدود الحرة التي وضعها لنفسه الا انه بالمجمل يكون اسلوب سهل ممتنع .
و البنية على هذا الأساس بنية مركبة من بنيات متعددة صغيرة  داخلها قد لا تنتهي و لا تهدف الى غاية كبيرة بل عدة غايات في ان واحد تتضاعف اعتمادا على توليد مكرر لأحاسيس بشرية ، و يؤدي هذا التكرار الى اللعب المتداخل وهذا الأسلوب يدفع المتلقي ليتساءل حول الغاية من هذا المسرح و حول قربة من الحياة و بين الوهم و الحقيقة بحثا عن معنى . او ما يمكن تسميته بالتأمل .
و العنوان توبيخ هو ( التهديد و التأنيب ) ( ) و هي ايضا ( لامه و هدده و عيره ) ( )‏ اي ان تهديدا و تأنيبا جرى لهذا الواقع المؤلم كما اعتقد .. لأنه اكثر من يستحق التوبيخ . 
و يمكن القول ان العرض توبيخ يتكون من مقاطع تتركب على خط الزمن خلال البروفات هي : - 
1- صور مسرحية : - و هي مشاهد مسرحية تبدأ من المخرج او يطورها بنفسه و تنفذ على اساس التوازن و الحركة المسرحية  مثل 
أ‌- صورة البداية او استهلال العرض  ، صورة تقديم للشخوص كما استهلال ساكن ، يجلس احدهم و بيده كاميرا ( اداة للتوثيق ) يرتدي زيا قديما ، قصير القامة . ثم تفتح الستارة على الممثل ( د . محمد عمر)  واقفا بالزي الرسمي ( شخص رسمي )  و بيده ملفات و في بقعة ثانية هناك ممثلة الفتاة ( في كل عرض مختلفة تقريبا ) ترتدي الملابس السوداء لسبب ما رغم ان داخلها مختلف في كل مرة ترتدي لونا . و بقعة ثالثة فيها كومة ملابس على السايكلوراما تنعكس صورة لمكتب رسمي اداري كبير على خلفية ( منضدة ) ، و يظهر الممثل ( انس عبد الصمد ) بشخصية البطل  شبه عاري قادم من المؤخرة ، هو يرتدي الملابس يحصل على هيئة جديدة ، و الفتاة ترمي ملابسها تتعرى من بعضها،  تكشف نفسها  
ب‌- صورة الممثلين يجلسون في صالة انتظار بأنتظار مقابلة وظيفة او دورهم في اجراء المعاملة .. الخ
ت‌- الصورة التي التقطها لهم الرجل القصير تظهر حال التقاطها في الواقع على الشاشة على خلفية ( السايكلوراما )  مع صوت الذبابة الذي يزداد و يرتفع
ث‌- الصورة بليغة الفتاة ترمي بسطلها الماء و الرسمي يستنسخ الاشياء و البطل و المجموعة يرقصون على أساس من تفسير الحالة على الطريقة الأمريكية
ج‌- الرسمي يفرغ الملفات بطريقة متوالية في حاوية في الأعلى ، هل يموت اصحاب الملفات ، هل تهمل ملفاتهم ، ما الذي يقصده العرض من هذه العملية . و لماذا مكان مرتفع .. يعبر المكان المرتفع على ما يتمتع به كل ما هو فوق إنساني القدر ، الإلهة ، الحاكم .. الخ ، هل الملفات هي لأناس اندثروا قصصا مختلفة لأناس ، فتاتان تساعدان الرسمي لاحقا على تصعيد الملفات الى الحاوية في الأعلى
ح‌- الرسمي تستعبده الفتاة الشقراء و تضع سلسلة على رقبته و تأخذه ككلب
خ‌- هناك من كيس ازبال يخرج شخص عاري اخر يمشي كمسخ
د‌- صورة بليغة حدثت في العرض الثاني حول استنساخ اشكال البشر و التي تتحول الى صور مجرمي داعش على الشاشات ، و تحمل هذه الصورة معنى بليغ ، يتمحور حول تحول اطراف من المجتمع الى داعش 
2- حيل ادائية : مجموعة الحيل الأدائية و الحركات التي يبرع بها كل ممثل سواء امتلكها لوحده او علمها لغيره ، و يمكن تسميتها بحيل ( باربا ) ( 
3- ) لأن المخرج الأيطالي الأصل ابتكر هذا الطريقة وفق نظام ( المقايضة )  فكان العرض لديه مجموعة متوالية من الحيل ، بينما هي في ( الميتا مسرح)  جزء من كل متنوع  ، و يمتلك الممثل ( انس عبد الصمد )  قدرات ادائية في التمثيل خصوصا تعابير الوجه استخدمها في توبيخ  ، كما يمتلك لمسات ادائية في جسده لم يرينا اياها في توبيخ رغم انها كانت واضحة في عروض اخرى له من قبل  في ( حلم في بغداد )  مثلا ، و هو هنا يمثل شخصية حائرة حركيا غير واثقة مرتبكة لأنها خاضعة لاحتمالات الواقع و ضغطه  ، و من امثلة تلك الحيل : - 
أ‌- تحول الفتاة الى آلة
ب‌- الممثلين يسيرون بطريقة مكسورة الركبة
4- رقص تعبيري : رقص يستبدل المعنى بالحركة ، و قد يعني شيئا او يسعى الى الحركة المتناسقة مع الموسيقى مثل : - 
أ‌- حركات راقصة يؤديها البطل لوحده و مع القناع
ب‌- الفتاة الأولى ترقص مع القناع و تتمرغ بالأرض
ت‌- البطل يرقص رقصة موحدة مع واحد من  المجموعة 
ث‌- رقصة المجموعة على انغام الأغنية ان هناك رابط جماعي بينهم و بين البطل
5- حدوث : و هي احداث تبدأ بموعد معلوم ، تمارين خيال تعتمد على اطلاق فرضية و يترك للخيال و الأرتجال الحسي اتمام الحدث ( و هي تمارين مشابهة لتمارين درس الأبتكار و الصامت في المعاهد و الكليات المسرحية ، درس ابتكر فيه كثيرا المرحوم عدنان نعمة في الثمانينات في معهد الفنون الجميلة بغداد ، او معهد البنين الكرخ اليوم ) و بهذا لا نعلم وجهة الحدوث الا بعد اتمام الحدوث ، فكرة هي اساس الهابننج الذي ابتكره الان كابرو ، طورت في عروض المسرح الحركي و الميتا مسرح الصامت  و عروض الأداء بعد استحسان الحدوث ليعاد تقديمه عدة مرات حتى يتحول الى نص ابتدع ارتجالا و هو يتحول الى مسرح بفعل التكرار اصله حدوث . كما في بروفات المسرح كلها التي تعتمد على الحدوث دون ان ينتبه المسرحيون .
أ‌- يبحث البطل عن الذبابة و الفتاة الأولى بدورها تبحث عنها يتحركان حركة مزدوجة متناسقة ليلتقط لهم الرجل القصير صورة من زاوية حركية تصورهما في وضعية حميمة تحيل الى الجنس و هو بهذا يقدم دليلا على حدوث اتهام لهما بأمر لم يقترفاه فعلا .. انهما مذنبين بأمر لم يفعلاه
ب‌- الرجل القصير يحدد منطقته بشريط لاصق ثم يضع لاصق على فمه
ت‌- الفتاة الأولى تحمل سطلا تفرغ الماء من المكان و هو رمز الغرق و انها تحاول انقاذ شيء ما بتقليل الماء منه
ث‌- تنظيف البراد شيء كمالي من الرسمي 
ج‌- الفتاة الأولى تدخل جهاز الأستنساخ
ح‌- الفتاة الثانية  و حملها الجنين بيدها
6- تجيز الفراغ :- بيئة ارتجالية من التأثيث حسب المواد و الخامات و الأشياء التي يتم العثور عليها و تجميعها بالصدفة ثم توزيعها حسب تركيب حسي على المكان و اعادة تعديلها بتعميق التباين بين الأشياء بوصفها قطع اللوحة الفنية التي تتركب من مواد مجمعة في فضاءها و هي نفس اليات البناء في الكولاج ما يجعل فن التجهيز كولاج من الأدوات المجمعة ( كولاج بالأثاث و المكان ) و يختلف ذلك في كل مرة حسب مكان العرض و الأشياء التي يتم الحصول عليها 
أ‌- اكوام من الأشياء حول الدوار كومة بشر كومة ملابس كومة ملفات
7- الموسيقى التصويرية : - توفر الموسيقى جوا من التأمل و الأنتباه و تشتيت الأنتباه حسب توجيهها .. و هي حجر الأساس في هذا النوع من العروض بسبب عدم استخدام الحوار و بالأضافة الى الموسيقى التصويرية التي هي مستعارة من موسيقى تصويرية لأفلام ، استخدمت هنا اغنية غربية انكليزية . و رقص الممثلون على ايقاعها بالأضافة الى مؤثرات صوتية مثل صوت الذبابة 
8- التقنيات المعتادة للمسرح : -  
أ‌- الهيرسات انزلت في نهاية العرض الأول لتجلب ملابس لوليد كيس الأزبال المسخ العاري
ب‌- الخشبة الدوارة : و عليها تكومت اكوام من الملفات و الأجساد البشرية و الملابس 
ت‌- الأضاءة : المعتادة لأي عرض 
ث‌- السايكلوراما : الستارة الخلفية الثابتة التي تستر الخلفية و التي استخدمت ايضا كشاشة لعكس الصور في العرض الأول، التي ترتفع كحاجز ما بين الخلف و الامام
ج‌- الغرفة الخلفية العلوية : و هي غرفة سيطرة في التصميم الأصلي للمسرح على الأضاءة و التقنيات ، استخدمت ووظفت في مشهد مفترض داخل العرض
ح‌- الجدران الخارجية للمسرح الوطني التي استخدمت في العرض الثاني كشاشات لعكس الصور و الأفلام 
و من الملاحظ ان هذه التقنيات لم تكن لتتوفر على مسرح الرافدين مثلا ، و هكذا يختلف كل عرض عن الأخر في تجوال توبيخ في المهرجانات و الدول . بسبب من اختلاف بناء و تقنيات قاعات العرض . 
9- الأزياء و الباروكة و الأقنعة : - 
أ‌- الشعر المستعار يتحول الى ممسحة ارض
ب‌- قناع انسان ابيض بلاستك خفيف ، يرتديه البطل بقدمه و بخلفية وجهه و يرفعه بيده ليظهره
ت‌- قناع حمار في العرض الثاني ترتديه الفتاة و يرتديه البطل 
ث‌- يرتدي البطل القميص الأبيض و البنطلون الأسود و هو نموذج للمجموعة التي ترتدي نفس الزي و للوليد المسخ الذي يخرج من كيس الأزبال
ج‌- الزي الرسمي يرتديه الممثل ( د . محمد عمر) 
ح‌- الفتاة الرئيسية ترتدي زيا اسود خارجي و تحته في العرض الأول اسود و في الثاني احمر
خ‌- بقية النساء يرتدين ازياء عادية 
د‌- شاب قصير يرتدي ملابس طرازية قديمة
ذ‌- الزي العاري الذي لا يحمل صفة و ( العاري ) لا يملك شيئا ، عادي ، من العامة فقير ، واضح ، مكشوف
ر‌- البطل يرتدي زيا ابيضا و قناع خلف ظهر رأسه فيظهر برأسين
10- صور منعكسة : 
أ‌- صورة لمكتب رسمي اداري كبير على خلفية ( منضدة ) و المنضدة وظيفتها نابع من استخدامها منضدة مكتب ، طعام ، حاسبة .. الخ 
ب‌- الذباب
ت‌- الجنين و مراحل نموه 
و اختلف مكان انعكاس الصور في العرض الأول على السايكلوراما و الثاني على الجدران الخارجية للمسرح الوطني و لم يعرض الجنين في العرض الأول بل في الثاني فقط . 
11- اظهار الرموز بالأداء : عن طريق رفع القناع و الملف و الأشارة اليهما باليد الأخرى بأصبع الأشارة او تحريك الرمز بطريقة توضحه .. او حمل اداة طيلة العرض
أ‌- حمل ( اناء للزراعة ، زراعة ، امل ، حلم ( من زرع حصد ) 
ب‌- الذبابة لأنها رمز ثابت بالصورة و الصوت و تفاعل الأداء و رغم صغر الذبابة فأنها يمكن ان تغير مزاجنا و تعكره ففي اللحظة التي تحتاج فيها الى التركيز مثلا او القراءة ، فأن الذبابة تشتت انتباهك بسبب حركتها على الجسد و سرعة هروبها
ت‌- اضافة ممثل طفل في العرض الأخير اكد رمز استمرار المشكلة و رحلها الى المستقبل المظلم .
ث‌- الشقراء ليست غربية و هي تتشبه بالشقراء لأن شعرها اسود و هي شرقية على ذلك
ج‌- الحمار الذي يعتلي الكرسي ويظل ينهق في اليمين وفي الشمال دون جدوى .. اشارة الى من إعتلوا الكراسي .
ح‌- البطل يرتدي قناع الحمارلأمداد  فكرة الفراغ الفكري والجهل 
خ‌- سطل البطل الذي زرع فيه نبتته اخضر
12- الصمت : بلا موسيقى طبعا و بلا حوار .. حركة في الصمت ، حركة الأموات السائرين ، في هذا العرض للموسيقى مسار و متى تنقطع الموسيقى يعم الصمت ، و الصمت يؤدي الى التأمل ،  الصمت لا يعطي تلميحا و لا يقدم اي اشارة لغوية او صوتية بل اشارات تعبيرية تحيل الى الأستنتاج الفلسفي الخيالي و هو امر يعقد التلقي ما يجعل من كل هذا امرا مقصودا ، كما انه يفضل التحالف مع الموسيقى لكبح الوضوح و تحويل الحدوث الى جزء من ملحمة بأثارة الموسيقى .
13- الأرتجال : - فعل يقوم به الممثل عن وعي اثناء العرض بفعل وجود فراغات بين المتسلسلات اعلاه و يؤديه ممثل العرض الواحد بطريقة تختلف عن الممثل القديم مع المنهج ، و الذي قدم اكثر من عرض .
و العرض على هذا متجه مع الزمن حال بدء التنفيذ و كل ممثل يعرف مهمته و موقع مهمته المتفق عليه ، و يمضي العرض في تتابع مهام .
و يدعم هذا التفصيل ما ذهبت إليه أعلاه و يمكن استخلاص الأتي منه  : - 
1- اختفاء نص المؤلف تماما و سيادة نص المخرج ( نص العرض ) 
2- إن نص العرض الصامت متشعب و فيه بنى مرمزة و اجزاء لبنى و اجزاء الأجزاء اي افكار متوالدة 
3- سيادة التشاركية الطقسية منذ  تمارين الحدوث في الورشة التي تتطور الى مناسبة طقسية مفردة و منها الى التشاركية 
4- الحدوث يعني تداعي حر ،  و الأرتجال ، و الأبتكار بالصدفة ، و الأنية ، و بهذا ينفذ العرض بالتداعي الحر و ما يجعله مسرحا هو التمرين الذي يؤدي الى استحسان التداعي الحر و اعادته و ما ان يعاد يتحول الى نص 
5- ابقاء الأرتجال الحسي حاضرا في العرض
6- استخدام التكرار الحركي للتأكيد من جهة و لتدعيم مفهوم العبث ايضا ، و احيانا لا معنى منه سوى التكوين الجمالي 
7- تركيب الممكن من ( الصور و الأفلام و مواد و تكوينات ) 
8- الأهتمام بالملابس و طرازها و الأكسسوارات على نحو واضح 
9- سيادة الرمز المقصود و غير المقصود
و اعتقد 
 ان مسار الزمن لديه يتكون من  ( حدوث حركي ارتجالي  + تجهيز اثاث + رقص + ما تيسر من تكنولوجيا ( صور و افلام منعكسة ) + موسيقى + صمت   + ازياء و اكسسوار + تمثيل بدون حوار + بعض الأصوات ) + صور مسرحية = عرض ( الميتا مسرح)  ( توبيخ ) 
منطقة النص في ( الميتا مسرح )  =  بحث ( ورشة ) + منطقة تمرين تكرار ما توصل اليه في المرحلة الأولى +  انجاز بروفة يومية من كل هذا و تثبيت العمل و الحركات المناسبة = نص عرض ( الميتا مسرح ) 
و التمارين تبدأ على تمارين الحدوث التي يحفزها الأثاث اولا ثم اشياء اخرى مثل كلمة ما ، ( ذبابة )  مثلا و يتطور الموضوع للوصول الى تكوين حركي . وصولا الى نظام مقطعي ، يتكرر في كل مرة بنفس الطريقة و مع فكرة مختلفة ثم نظام البناء الذي يعتمد على التجميع من ما تم بناءه خلال البروفات من الأفكار
و يتضح هنا ان قراءة المعنى هي ايضا متعددة و مجزئة و لا يمكن ان يجري في ( الميتا مسرح) اي قراءة متعالية مكتملة لأن ما يقدم مجزء و يتم تلقيه مجزء ، و لا يمكن الربط بين الرموز ففي النهاية كل منها يحمل معنى مختلف تماما عن الرمز الأخر . 
كما ان المرتجلات و الحدوثات و الصدف ليس شرطا ان تفسر لأن التأمل غاية ايضا  ، بمعنى ان  العرض ( توبيخ )  و عروض ( الميتا مسرح )  يتم تلقيها و تكون الحصيلة هي التأمل و الأسترجاع و اختيار المعنى الأنطباعي الفردي ، و اعتقد ان العرض ( توبيخ ) ايضا يحتاج الى بيئة من الأبهار لأنه يفتقد لها ، لكنه محمل بالمعاني لكل جزء منه .
اي ان كل متلقي يفهم ما يراه استنادا الى الجزء الذي علق بذاكرته و ما يجعله فهما متعددا و مختلفا بين كل متلقي و اخر و في هذا السياق نفسه يقول المخرج ( انس عبد الصمد ) نفسه ان ( ان المسرح منشور سري ) و هو بهذا لا يعلن ما يقصده و كيف يعلن و عروضه بلا حوار  ، الا انه يزيد من تشفيرها و لا يمارس الأظهار الا في حالات معينة اي انه يتقصد تقديم عروضه بطريقة صامتة مشفرة . 
و انا مثلا كنت قد توصلت الى فكرة مفادها ان هذه الشخصيات الشيزوفرينية التي تمثلنا بطريقة ما ، تمثل اخطائنا بصفتنا المجتمع و هي و النظام بحاجة الى ( توبيخ )  ، لأن نتائج افعالنا ادت الى فوضى عارمة . عبث ، و حياة غير معقولة . 
و لا يمكن القول ان انجاز ( توبيخ)  بناءا على ما تقدم هو الربتوار و اعادة العروض في بقاع مختلفة فقط  ، انما في نظام معقد سهل في اصله ، صعب في تكوينه يؤدي الى منظومة متكاملة اخترقها هذا المخرج العراقي و تمكن من نحت اسمه و بقوة على الساحة العراقية ، في قلب المسرح العراقي تماما . 
و كل عرض و ( توبيخ )  بخير 

الهوامش :
 - سامي عبد الحميد ، ماذا عن الميتا مسرح ؟ جريدة المدى ، العدد 3616 ، السنة الثالثة عشر ، الثلاثاء / 5 / نيسان /2016 
 - نهى الدرويش ،  الميتا مسرح : بين مردانية المسرح و ابداع الفنان و ذائقة الناس الشبكة العالمية للأنترنت ، الموقع الشخصي 
 - المسرح و المرايا : شعرية الميتا مسرح ، و اشتغالها على النص المسرحي العربي و الغربي ، اتحاد كتاب المغرب 
  - الموسوعة الفلسفية, وضع لجنة من العلماء السوفياتيين, ترجمة سمير كرم, طبعة دار الطليعة, بيروت, ص 425.
 - حسن يوسفي ، المسرح و المرايا ، اتحاد كتاب المغرب ، ص 7
 - باتريس بافي ، معجم المسرح ، تر : ميشال ف . خطار . مراجعة : نبيل ابو مراد ، المنظمة العربية للترجمة ، بيروت ، لبنان ، شباط ( فبراير ) ، 2015 ، ص 326
 -  حسن يوسفي ، المسرح و المرايا ، اتحاد كتاب المغرب ، ص 18
 - فن الحدث happening، ( الحدوث ) ابتكره الرسام الأمريكي ( الان كابرو ) فن يقوم على مفاجئة الموعد بوصفه نقطة معلومة ، و حدث مجهول يجري ارتجالا ، من الفنون التي قدمت بديلا للمكان و الحدث و  الرسم و النحت ، محولة اياها الى نشاط انساني و صار الفراغ هو مكان العرض بدلا من اللوحات و الأطر . اعتبره البعض مسرحا و قدمه ( كابرو) على انه فن تشكيلي . الكاتب
 - فن الأداء Performance، حدث مشهدي عابر ، تتحالف معه شتى الفنون التوليفية (مؤثرات صوتية، وضوئية، إلى السينوغرافي، والكوليغرافي، والرقص، والحركات الإيمائية، والديكورات المسرحية، والتصوير الجداري وإسقاطات الفيديو إلخ…) هو وليد التعبير الدادائي المشهدي (الاحتفائي)و يمكن اداءه في الشارع أو السوق وغيرها ،  أسعدعرابي ، مقال بعنوان "اتجاهات ما بعد الحداثة"، مجلة "الحياة التشكيليّة" /فصلية/ تصدرها وزارة الثقافة- دمشق، العدد 55-56، 1994.
  - فن التجهيز : و اسمه الكامل ( فن التجهيز في الفراغ ) عمل فني تشكيلي مركب ، يتكون من تكوينات من المواد الحقيقية (الخامات المعروفة ، والأجهزة و المصنوعات  ) بوصفها مواد اولية و تجميعها في اي فراغ متوفر و على نحو ارتجالي لأيصال فكرة مفهومية 
 - محمد بن ابي بكر عبد القادر الرازي ، مختار الصحاح ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان ، ص 706
 - المنجد في اللغة و الأعلام ، الطبعة الثالثة و الأربعون ، دار المشرق ، بيروت ، 2008
  - يوجين باربا : مخرج مسرحي ايطالي الأصل ، عمل لفترة مع غروتوفسكي ، و انشأ نظام متداخل من التدريب المتواصل على الحركات ، حرض الممثل على ان تكون له قدراته الخاصة و حركاته ، دعاها بالحيل ، انشأ نظام المقايضة بين الممثلين كل ممثل يقدم حيله و يقايضها . ( ينظر سامي عبد الحميد ، ابتكارات المسرحيين في القرن العشرين ، الناشر بلقيس الدوسكي . 

الاثنين، 16 أبريل 2018

«هنري الرابع» لبيرانديللو: الخيط الرفيع بين العقل والجنون

مجلة الفنون المسرحية

«هنري الرابع» لبيرانديللو: الخيط الرفيع بين العقل والجنون

ابراهيم العريس 


للوهلة الأولى، وانطلاقاً من عنوانها، تبدو مسرحية «هنري الرابع» للكاتب الإيطالي لويجي بيرانديللو، وكأنها اقتباس لواحدة من مسرحيات شكسبير التاريخية. لكن الأمر ليس كذلك على الإطلاق. مسرحية بيرانديللو هذه هي، مثل القسم الأكبر من مسرحياته، عمل معاصر لا علاقة أساسية له، لا بشكسبير ولا بحياة ذلك الملك التاريخي الشهير الذي يمكن ان يكون مسرح شكسبير من أهم المؤرخين لحياته وجرائمه. مسرحية بيرانديللو هي، في نهاية الأمر، مسرحية عن ازدواج الشخصية، وعن التماهي بين الممثل ودوره، كما حال بعض أهم مسرحيات بيرانديللو وفي مقدمها «ست شخصيات تبحث عن مؤلف». و «هنري الرابع» - أو بالإيطالية «إنريكو الرابع» -، تتوسط، زمنياً، مسار بيرانديللو الكتابي، إذ إنها كتبت، ونشرت وقدمت للمرة الأولى في العام 1922، أي بعد 24 سنة من بدايات مؤلفها، وقبل 22 سنة من كتابته آخر مسرحية له «عمالقة الجبل» في العام 1934. ومن هنا لا تعتبر المسرحية التي نتحدث عنها هنا، فقط واسطة العقد في مسار هذا الكاتب، بل خصوصاً ذروة هذا العمل إذ إنها حملت في آن معاً، خلاصة تجربته السابقة، وإرهاصات مسرحياته التي سيكتبها خلال السنوات العشر التالية. ومن هنا أهميتها الفائقة، وما يجعلها أكثر مسرحيات الكاتب الإيطالي الكبير، تقديماً على خشبات المسرح حتى أيامنا هذه.

> كما أشرنا، مسرحية «هنري الرابع» مسرحية معاصرة. الشخصية المحورية فيها، شخصية نبيل كهل في مقتبل العمر، يعيش في فيلا حديثة في منطقة إيطالية راقية في زمننا الراهن هذا. وهذا السيد النبيل يعيش الآن، جنونه الخاص المتمركز من حول عشرين سنة من حياته قضاها وهو يمثل على الخشبة دور الملك هنري الرابع - الامبراطور الألماني-. والذي حدث هو انه خلال مسيرة كارنفالية كان خلالها يرتدي ثيابه المسرحية التي كان يرتديها للقيام بهذا الدور، يقع صاحبنا من على حصانه ويُغشى عليه وحين يفيق يخيّل إليه، لجنون أصابه، أنه في حقيقة الأمر ذلك الامبراطور. وهكذا يعيش في الفيلا تحت قناع تلك الشخصية فارضاً على أهل الفيلا بمن فيهم الخدم ان يتزيوا دائماً بثياب عصر الإمبراطور، الذي لا يتخلى هو عن ملابسه بالطبع. وإضافة الى هذا يتوجب على حياة الفيلا بأسرها ان تتطابق مع الحياة الامبراطورية القديمة التي عرفها هو، من خلال ديكورات وأزياء المسرحية التي مثّلها طوال كل تلك السنوات التي لم يكن فقد فيها عقله بعد. اما اليوم، مع بداية المسرحية فها هم أربعة اشخاص يأتون لإنقاذه مما هو فيه: ماتيلدا سبينا، المرأة التي كانت حبيبته ذات يوم وعادت وتخلت عنه، لكنها أتت حفظاً للود القديم. ومع المرأة هناك عشيقها الجديد بلكريدي، وابنتها فريدا، وخطيب هذه الأخيرة، الذي هو في الأساس ابن اخت «الامبراطور». وهؤلاء اذ يأتون الآن في محاولة لإنقاذ «إنريكو الرابع» يحضرون معهم طبيباً، يرى ان أفضل طريقة للمعالجة ستكون في إحداث صدمة لدى المريض تكشف له حقيقة أمره، من خلال عرض مشاهد أمامه تنتمي الى الماضي وإلى الحاضر معاً، وتتعلق بماتيلدا وابنتها فريدا. بيد ان «إنريكو» ما إن يجابه بعلاج الصدمة هذا، حتى يثور غضبه إذ يتبين لنا بسرعة ان الدور الحاضر الذي يلعبه في حياته، كان يخدمه طوال السنوات الأخيرة إذ يوفر له حماية من مجابهة الواقع الذي كان عبره يعزيه، من دون ان يعطيه أي أبعاد رضا واكتفاء حقيقية. وهنا إذ يكشف أنريكو نفسه امام نفسه، نجده يكشف في الوقت عينه الأمر ووعيه له، امام أربعة من مرافقيه، يفضحونه امام ماتيلدا. لكن ماتيلدا لا تريد ابداً ان تصدق ان «إنريكو» يمكن ان يكون واعياً ما ألم به، وأنه إنما يواصل تمثيل دور يدرك هو، قبل الآخرين، انه دور تمثيلي نقله من خشبة المسرح الى مسرح الحياة لا أكثر. وهنا يتدخل إنريكو نفسه ليقول انه، قبل ثماني سنوات، حين «استعاد» عقله، بعد فترة الجنون الأولى، اكتشف بسرعة ان الأمر سيان وأنه يمكن ان يكون مرتاحاً وسعيداً في الحالين معاً: حال الجنون وحال امتلاك العقل. إذاً؟ إذاً قرر ان يبقي على قناع الجنون، لأن هذا القناع الأخير أخف وطأة من القناع الآخر. والأدهى من هذا ان الرجل سرعان ما يكشف أمام المتجمعين المذهولين من حوله، ان حصانه يوم الكرنفال لم يسقط صدفة، بل ان من أوقعه عمداً كان بلكريدي نفسه، الذي إنما أراد ان يتخلص منه. اما هو فإنه استمرأ اللعبة تاركاً المجال لكل واحد ان يعيش ويتصرف على هواه. هنا، إذ يدرك بلكريدي لعبة إنريكو هذه ويفهم ان غريمه في غرام ماتيلدا سليم العقل، ينهار تماماً ويُحمل هالكاً فاقداً عقله الى الخارج، بعد ان يكون إنريكو في ثورة غضبه قد قتله. وهنا امام هذا الحدث الجديد، وإذ «يكتشف» إنريكو انه الآن بات مرتكباً جريمة سيعاقبه عليها القانون، يرسم خاتمة للدائرة: يدّعي مرة أخرى الجنون، ويعود سيرته الامبراطور إنريكو الرابع، حتى يفلت من العقاب. في معنى ان عليه من الآن وصاعداً ألا يتوقف عن الجنون وعن لعب الدور - القناع، حتى النهاية.

> من الواضح، بالنسبة الى هذه المسرحية، التي اعتبرت دائماً من أعمق وأجمل ما كتب بيرانديللو، ان من الخطأ النظر إليها على اعتبارها عملاً ذا أطروحة أو رسالة أخلاقية أو فكرية. فبالنسبة الى بيرانديللو الذي كان دأبه الدائم ان يرسم، أو حتى يزيل، الخط الفاصل بين الحقيقة والوهم، لا يتوجب على الفنان المبدع ابداً ان يترك المكان للفيلسوف، او لفيلسوف الأخلاق في شكل خاص. لكل دوره. ومن هنا كان حسب بيرانديللو، في هذا العمل، كما في أعماله الأخرى، ان يشعر بأنه وصل الى غايته من خلال خلق تلك العلاقة الجاذبة - النابذة بين الوهم والحقيقة، بين الواقع والقناع. من المؤكد هنا ان رسمه المتقن، والمبرر في كل لحظة لملامح شخصية نبيله الإيطالي اللاعب دور «إنريكو» على الخشبة أولاً ثم في الحياة. وفي الحياة كاختيار طوعي أولاً ثم كضرورة وجودية، هذا الرسم يستجيب الى تلك الرغبة الفنية والإنسانية التي طالما عبّر عنها في كل أعماله. لكنه هنا يوصلها الى ذورتها من خلال تأرجح بطله بين تناقضيه وحاليه. فالواقع ان «إنريكو» إذا كان يناضل هنا في كل لحظة من لحظات هذه المسرحية، فإنه يناضل ضد أشباحه الخاصة. وهذا النضال يرميه في عزلته الواقية له في المرتين: حين كان يلعب، ثم حين صار اللعب ضرورة. ومن هنا ندرك عبثية كل المحاولات التي يقوم بها المحيطون به، من اجل «إنقاذه» فيما هو يجابههم بـ «كشف سره». ومن هنا ايضاً، ما يبدو لنا في نهاية الأمر انه اذا كان ثمة ما يفعله إنريكو طوال هذه المسرحية فإن هذا ليس سوى سرده مونولوغاً طويلاً، ينتمي الى تيار وعي مبتكر، لا تعود الشخصيات الأخرى سوى جمهور يصغي إليه عاجزاً عن أي فعل. وهذا المونولوغ هو في الحقيقة جوهر هذه المسرحية، وضامن بعدها الإنساني العميق المنتمي حقاً الى الحداثة.

> انطلاقاً من هنا يمكن القول، بالطبع، ان لويجي بيرانديللو (1867 - 1936)، إنما كتب هذا العمل في ارتباط تام مع هواجسه من حول تأملاته في الشرط الإنساني خلال الزمن الصاخب والمتأرجح الذي عاش فيه. ونعرف ان هذا الكاتب الذي كان تأرجحه السياسي، أحياناً، على ضخامة والتباس تأرجح زمنه، أبدع في المسرح وفي القصة القصيرة وكان واحداً من كبار كتّاب ايطاليا خلال الثلث الأول من القرن العشرين، حتى وإن كانت مكانته لطخت خلال بعض الوقت بسبب تواطؤ غير واضح قام بينه وبين فاشيي موسوليني. غير ان هذا لم ينقص - بالطبع - من قيمته ومكانته كمبدع، ترك للحياة الثقافية العالمية، بعض أبرز المسرحيات التي شكلت وتشكل بعض أفضل ما في الريبرتوار العالمي، من «ستّ شخصيات تبحث عن مؤلف»، الى «الجرة» ومن «الإجازة» الى «قواعد اللعبة» مروراً بـ «لذة ان يكون المرء نزيهاً» و «الأحمق» و «الابن الآخر» و «كما تريدني» وغيرها.

الهيئة العربية للمسرح و نقابة المهن الدرامية تطلقان مشروعا لتوثيق المسرح المغربي

مجلة الفنون المسرحية

الهيئة العربية للمسرح و نقابة المهن الدرامية تطلقان مشروعا لتوثيق المسرح المغربي

وقعت الهيئة العربية للمسرح و النقابة المغربية للمهن الدرامية، مذكرة تفاهم، تشكل الأساس الذي سينطلق منه الطرفان لتنفيذ مشروع توثيق المسرح المغربي، حيث ستعمل النقابة خلال شهر من التوقيع على اقتراح المخطط العملي ، العلمي و الزمني و الذي يشمل إشراك المؤسسات و الجماعات و الأفراد المعنية بالأمر.
من ناحيته أكد الأمين العام اسماعيل عبد لله أن انجاز هذا المشروع سيكون لبنة أساسية لصياغة مشاريع عربية على ذات النهج، مما يثري مشروع خزانة المسرح العربي، الذي بدأته الهيئة العربية للمسرح قبل سنوات، مدشنة المشروع بخزاتة مهرجان المسرح الأردني..
د. مسعود بوحسين رئيس نقابة المهن الدرامية أكد أن العمل في هذا المشروع التاريخي سيحتاج تضافر كل الجهود الوطنية، و أنه سيشكل فارقة هامة في المسرح المغربي.
من الجدير بالذكر أن الهيئة و النقابة قد عقدنا اجتماعا تحضيريا في الرباط قبل توقيع المذكرة و من المتوقع إنجاز هذا المشروع نهاية عام 2019.






مسرح الغرباوى اغتراب وغُربة تتجاوز مُدن الأحَيْاء فى (سائق الموتى)؟

مجلة الفنون المسرحية

من أصدارات احمد الغرباوي 

مسرح الغرباوى اغتراب وغُربة  تتجاوز مُدن الأحَيْاء فى (سائق الموتى)؟

تغريد شتا

 لاشىء يَهمّ.. حَيْث الأزمنة هى الأزمنة.. والأمِكنة هى الأمِكنة.. فلاشيء يَهم.. لأنّه لن يَحدث شيْئاً..!
لن يَحدث غيْر الموت ـ إنْ اعتبرناه حَدثا ًـ فما السكون غير مَوْتٍ.. والفرق بين أحيْاء  شخوص الغرباوى وأموات قاطرته.. هو الفرق بين الفعل واللا فعل.. فعل يُمْكن مُمْارسته باختيْارنا فيحيينا..!
وحيث.. أنا وأنت.. أو أىّ آخر مِثلنا.. يَعيش حَيْاة لايرغبها.. ويمارس أفعالا مُجبر عَليْها.. فلسنا غَيْر أموات..!
وإن كُنّا ـ لحظة أو بُرهة ـ فى عام واحد فقط أو فى حيْوات عُمرنا ـ سنفعل ما يَجعلنا من الأحَيْاء.. فأيْضا ً بهذه الخدمة نحن من الأمَوات..!
فالغرباوى فى مَجموعته المسرحيّة (سائق الموتى) .. أقصد بين سطوره الفِكريّة يحوّلنا إلى (أجساد سَائرة على أقدام.. فقط أجساد وأقدام..!)  كما يذكر على لسان أحد أبطاله.. ويحوّلنا إلى أصنام قدريّة المَصير..؟
حواديت.. وأفَعال.. وأفكار.. مَلضومة بخيْط حَرير فى نِهايْته وجود واحد.. تجسّده رؤيته فى لوحته: 
( لاشيء يَهمّ.. لايكدرنّكم شيء.. فكلّنا مسافرون.. راحلون فى قِطار الموت.. كُلّنا عَربات.. 
كُلّنا مَوتى..!
كُلّنا فى العَربات.. والموت..
الموت يَقود..!)
استسلام لمصير مَعروف لكلّ من يُولد.. أو مَن يركب قطاره..!
فبيْن أدب المَسرح وإبداع الفِكر.. تأتى عَوالم مَسرح المونودراما للغرباوى فى مَجموعته المسرحيّة (سائق الموتى).. التى ضمّت مسرحيات ( سائق الموتى) و( ثورة المراهق) و(سأقتلها).. ثلاث مسرحيات هى بمثابة أطروحات فِكريّة.. وأوراق فلسفيّة.. زاخرة بحيْرة تساؤلات أبديّة حَول الموت.. جَدليّة القصر والاختيْار.. واعتلال النفس وتأرجحها بَيْن الهَوى والعَقل.. والرغبة وتدوير الفِعل.. وركوب فارس على صهوة جَواد برّى بلا سرج.. يحاول ترويضه.. وهو لايَملك أبجديّات مَهارة ركوب الخيْل.. ولايَعرف الفرق بين مِضمار الخيْل وملعب الكورة.. اجتهاد وتمنّع؟
مَسرحيّات مونودراميّة الشكل.. تضرب العقل بمعاول فِكر.. من خلال حركات مضطربة لشخصيّات تتلاءم مرحلتها العُمريّة.. ودوام بَحثها عن إجابات أزليّة فى النفس البشريّة..!
مَسرحيّات يضفّرها حُلم وخيْال.. واقع وشاذ.. عبث ومنطق..!
وتلصّ من النفس البشريّة سوادها.. وأرقها.. وعَذابات الحِيرة.. بين اختيْارات الذّات، وسوط الشعور بالذنب، ولذّة الخطيئة..!
خطيئة دفينة فى الأعماق..!
مونودراما تعرّينا بقسوة.. رغم محاولتنا سَتر عوراتنا..!
وتلطم خدودنا بصفعات متتاليْة.. رَغْم إنّه قد أُغمىّ عليْنا من شِدّة الصَفْعة الأولى..!
إنه كعادته.. وسمات خريطة إبداع الغرباوى يضغط.. ويضغط بعنف على (الجَرح).. رغم صراخ الألم قبيْل النزف..؟
إبْداع أدبى يصرّ على فضح ( الجُرم ).. ويلبسنا عِنوة ثوب الفضح.. رغم ستر الربّ لنا..!
مَشرط قدر يسرى دون حَاجة إلى يدّ.. تدفع وتُسرع به فى أرواحنا..!
ما كُلّ هذه القَسوة التى تَحملها شَخصيّات القطار.. أقصد الحيْاة.. بالعمل الأدبى الذى ينضح بمُتعة إثارة الفِكر.. ولوحات نَثره الفنّى.. وجَدليّاته الفكريّة.. وتماوج حَركات شخوصه.. ويحوّلنا كقراء.. وكأننا لاعب سيرك.. يسير على حبل.. وحَتى آخر جملة فى مسرحه نسقط ونتهاوى مع  غلق ستار نصوصه الإبداعيّة..! 
وهى أعمال فنيّة كثيراً ما يتركها بلاغلق نهايتها دائما.. امتزاجاً بالحيْاة وتواصلا والجمهور، فى وعاء مكانى وزمانى وفكرى واحد..!
وكأنه يدخل قبضته فى أحشائنا.. وتتحوّل خشبة المسرح لمرآة حَيْواتنا صراعاً.. وضجيجاً.. وطحناً لمشاعرنا وأفكارنا.. ويخلفنا نثرات دقيق.. دون خبز نافع يسدّ جوع اضطرابنا.. أو حتى يتقاسم رغيف خبزه معنا..؟ 
بل يهيل به عليْنا.. ويعفّر به بصيرة أحاسيسنا.. وما كَفاه غيْم بَصرنا..!
عمل أدبى يجيش بتساؤلات حَائرة فى أغلب أعمال الكاتب المصرى (أحمد الغرباوى).. ويبعد عن تجاريّة البيع.. ولا ينظر إلى إغراءات جذب القارئ.. ويخلف لنا شجنا ً.. شجنا ً مؤرقا ً.. ويبعثرنا نثرات روح.. وجزيئات فِكْر هنا بلا هوادة ودون استقرار..!
ويرمينا بكرات رَمل ( عَجز ).. مملّحة بـ (عذابات حِرمان).. وتهدّها ريح عاصف شعوراً جارفاً بــ (الحزن والافتقاد).. ويفتقر للحُبّ.. الذى يجعل الكاتب يركن للهدوء والسكينة.. ويدنو للخنوع  فى ملامح وسلوكيات شخوصه قولاً وفعلاً..!
وكثيراً ما يلهث المؤلف أسلوبا ً.. والغامض فكرا ً فى كثيرمن الأحايين.. حيث تشدّ قوّة كلماته القارئ لمناطق شديدة الرماديّة.. ينشد سواداً.. قد تصل أحيانا ً إلى حِدود مُحرّمة من الفِكر.. ولكن بحسن نيّة دَهشة طفل يبحث عن إجابة..!
ولا أحد يستطيع.. أن يُنكر أنّها فى الأخير تضيف، ويؤخذ منها ثراءا ً وإثراءا ً للعمل الفنى..
وفى المجموعة المسرحيّة.. التى بين أيدينا تدفعنا الشخصيّات لإعمال الفِكر.. وتدور بِنا فى عَالم واحد.. تسلسلنا بأغلال (الموت) و(القتل) و (العجز) و(الخيانة) و(الغدر).. وغيْرها من المعانى.. التى يَحاول أن يغربلها بيْن أنامل (الهذيْان) و(الحقيقة).. يطرحها على مائدة  النقاش تارة بــ (وعى) وأخرى بــ (لاوعى)..؟
وتهتز بنا جيئةً ورواحا ً.. وتتحاور الشخصيّات بلغة مكثفة جداً.. قليلة المُفردات قاسيّة الشجن.. خشنة فى ظاهرها ومؤلمة المعانى.. ورحيمة فى لطمتها.. بقصد وبغير قصد فى كثير من المواقف.. وتعبيراً عن أحَداث مُفجعة..!
وهى نصوص تحتاج للقراءة أكثر من مَرّة..
ومثل ذاك (الإبداع الأدبى) فى حَاجة لمخرج مُبدع خلّاق.. يبتكر فى رؤيْته الحركة.. التى لاتهدأ منذ بدايْة المسرحيّة.. حركة تمتزج وفعل؛ يتنقل بيْن وضعيْة لغة سريعة؛ ومَعانى تندفع وتندفع وتندفع.. حتى آخر مَحطة فى مسار قطار دراما (سائق الموتى) للساخر البائس أحمد الغرباوى..
و بعدما فرغت من قراءة النصّ الأدبى.. أتأمّل سقف حُجرتى.. ويمنع نومى تسارع نهجان قلبى وتساؤلات شتى..
 فما كُلّ ذاك الحُزن الدفين فى الأعماق.. نسيج مغزول بين رقّة جدائل شِعر، ورَحْابة خيْال نثر فنّى.. قماشة أدبيّة مُمتعة على جميع المستويْات الحسّية والمّعنويّة.. حتى تكاد تلامس تلوّثات واقع حَيْاتى نعيشه آنيّا..؟
وما أقسى غِلوّ فِعل مُنحرفاً عن المألوف.. حتى الوصول لحافة موت..؟
وأعود بالذاكرة إلى مَجموعته المسرحيّة الأولى (المتحزّمون).. فأجد الغرباوى ساخراً بائساً.. وأيضا يائساً..!
ويصفع القارئ وجعا ً وألما ً فى مجموعته الثانيْة (السقوط إلى أعلى)..! 
بدايْة من إمعان الفِكر فى العناوين التى يختارها لأعماله كما نرى..؟
وبلا هَوادة.. يَصرعنا مواطنه المقهور جَبراً فى أحلامه.. ومُغتصبا ً فى شَرفه فى (سائق الموتى)..!
وتتركنى دنيْا (خلقه الفنى) فى ترنّح فكر..؟
فمن هم موتاه..؟ 
أهو السائق..؟ 
أم الراكب..؟ 
عربات قطار تحمل نعوش ذواتنا من (أحاسيس) و(فكر).. و.. و..؟
عمل أدبى لايمنح أملا ً (لكل ما يجب أن يكون) بناءا ً درامياً، أو لغة واقعية، أو وضوحا ً فكرياً، أو مهادنة وإنسيابية شعورية..!
اغتراب يَضرب جذوره فى أعماق نفس تغور وتغور.. وثورة عَاشق مايزال يَحلم بمثاليّة عروس قطار.. ينتظرها لى أمل ما لايجىء  سكون مقاعد المحطة الخالية.. دون حياة..!
وأحيانا ًيَهرول خلفها.. ثور هائج يغتالها بفروسيّة ميتادور عاشق..!
ويجلس مُتْرنّحا وباكيْا.. يرثى روحه.. ويعزّى بطولته دون جدوى..!
الجميع لدى (الغرباوى) أموات.. والمحطات خاويّة.. بلا قيْم ولا أخلاق..!
بانوراما عَوالم مِشوّهة من شدّة بؤس مُرّ خواء.. ورغبات عَارمة تنشد (اللامنطق) بمبرّرات (سلوكيّات منحرفة ) و (أفعال مُراهقة )..!
ولكن يظلّ بطل الإبداع يركن فى منطقة بعيدة.. يثير الفكر..ويقلق النفس.. ويوقظ فينا مشاعر وأحاسيس.. تكاد تندثر.. وتنسحب من أعماقنا فى نعومة خدر.. وغفلة خمر.. وسُبات روح..!
إنها دراما الحيْاة.. دراما الإنسان منذ بدء الخلق.. ستحيْا كثيراً على أرفف النفس البشريّة.. قبل أن تركن وعَفرة غبار المكتبة العربيّة..!
 تشكيل جمالى يَدبّ فيه حيْاة قلمٌ ساخر يائس.. يحمّل قطاره (عِشق فن) و(إبداع متميْز) لأحياء الأرض.. حتى لو شحنه فى عَربات (سائق الموتى..!)
وتأكّد سيّدى المُبْدع الشارد.. مَهما اختلفنا فى الرأى.. أيّها الكاتب المصرى المتميز (أحمد الغرباوى).. فإننا على  محطة الأدب نتلهّف لوصول إبداعك الفائق.. والقادم مهما.. تأخّر أو تجاوز القطار مُدننا.. أوحتى تجاوز انتظارنا غضباً أو شططاً..؟


 الغرباوى في سطور

مؤلف وعضو اتحاد الكتاب ـ بكالوريوس اعلام – قسم صحافة – جامعة القاهرة مايو 1985م ـ عمل بجريدة الوفد 86 – 88 ـ عضو النقابة العامة للصحافة والإعلام ـ عمل محرراً صحفى بالشركة العربية لخدمات المعلومات الرياض 1989 – 1991 م ـ مدير القسم الصحفى – الملف رقم واحد ( دار البيان للدعاية والإعلان ) الرياض 1991 – 1993 م .ـ مسؤول الإعلام ( دار طوايق للخدمات الإعلامية والنشر والتوزيع ) الرياض 1991 – 1993 م ـ مدير التحريرمجلة ( بتروبل ) سابقاً ـ حالياً مدير عام مساعد قطاع الإعلام  ( شركة بترول بلاعيم ) .
ـ حصل على المراكز الأولى؛ من الأول حتى الثالث؛ فى المسرح والقصة القصيرة فى المسابقة السنوية لوزارة القوى العاملة والهجرة على مستوى الجمهورية أعوام 2012 حتي 2017م ـ والمركز التاسع فى المسرح فى مسابقة التليفزيون العربى بروما على مستوى العالم العربى والشرق الأوسط .
ـ أصدر العديد من المؤلفات الأدبية والثقافية في مصر منها (المتحزمون)؛ (السقوط إلى أعلى)؛ ( سائق الموتى)  مجموعات مسرحية، و(حب حتى أطراف االأصابع) مجموعة قصصية، و(وجع العشق والبعاد )؛ (اللهم.. اللهم لست أدرى..؟)؛ شيء ما يعنى ربما يكون الحب)؛ من فن الإبداع الادبى الخالص..
وفي السعودية منها (كلمات فى حب الوطن فى ذكرى توحيده) و( مؤتمر الأقليات الإسلامية .. الدعوة والاصداء) و(استجواب غازى القصيبى) و(مركز الامير سلمان الإجتماعى للمسنين)  وغيرها من الكتب الإعلامية
تحت الطبع بإذنه تعالى :
مسرحيات مونودراما ..( مسرح ) .
إنكسار الحلم وسقطة بطل .. ( إبداع أدبى ) .
ولا بأس .. ( إبداع أدبى ) .



الغلاف 

ظهر الغلاف 

بيراندييللو ودور الاقنعة

مجلة الفنون المسرحية

بيراندييللو ودور الاقنعة

 وضاء قحطان حميد

( حياته )
" ولد لويجي بيرانديللو في مدينة جير جنتي وهي قرية قديمة بناها الاغريق في جزيرة صقلية 
في 28حزيران عام 1867"
ومات في 10 ديسمبر عام 1936 , كان أبوه وأمه من أسرتين أشتهرتا بالوطنية وكان جده لامه عضو بالحكومة المؤقتة عام 1848 بصقلية .
" درس في الصبا وفي الثانوية في قريته وقد اغرم بالتأليف والتمثيل وقد أتم دراسته الثانوية 
في باليرمو ثم رحل الى روما ليلتحق بكلية الاداب ولم تعجبه الدراسة وانتقل الى بون بالمانيا 
بنااءاً على نصيحة أحد أساتذته حيث أتم دراسة الاداب عام 1891وعمل لمدة عام بالكلية في
تدريس اللغة الايطالية "(1).
وبعد عودته الى روما نشر ديوان شعره الثاني في 1895 وفي عام 1894تزوج أبنة أحد شركاء أبيه في الصناعة ."(2). وقد أدى هذا الزواج الى سلسلة من المتاعب العائلية كان لها 
أثر كبير في فن بيرانديللو . فينجب طفلين وبنت وعندما تحدث الحرب العالمية الاولى عام 1915 يجند ابنه فيؤسر وتعاني زوجته من اضطرابات وتغار عليه حتى من بنته , فتدخل 
الى مصحة "(3) .
( فلسفته )
" يعد بيرانديللو من أهم كتاب المسرح في ايطاليا في هذا القرن بدأ حياته روائياً وكاتب 
قصة قصيرة . يشرع بيرانديللو في مناقشة طبيعة الحقيقة نفسها ويهتم بالحقيقة الباطنية 
للانسان كما يهتم بنفس القدر بالمظهر أو الشخصية الخارجية التي يعرف بها الفرد في 
العالم أو المجتمع الذي يعيش فيه .
ينجح بيرانديللو في جعل أعظم الموضوعات عسرا وتعقيداً عظيمة التأثير على المسرح "(4).
تعد مسرحية ( الانسان والحيوان والفضيلة 1991 تعد ملهاة مريرة فيها يتعين على العاشق أن يفكر بسرعة ليتخلص من موقف خطير فقد أورط عشيقته في الحمل وقد حان ميعاد عودة زوجها البحار الى الوطن .
ومن أهم مسرحياته ( ست شخصيات تبحث عن مؤلف )1921و ( هنري الرابع )1922          
و ( كما تشتهي ) 1930 , ويطلق على مسرحه بما يعرف المسرح داخل المسرح او الميتامسرح حيث يحوي على ثنائية الحقيقة والوهم وثنائية الفن والحياة .ومن وجهة نظره
فان في الفن الحقيقة لان الحقيقة في الحياة أكثر حقيقة من الحياة نفسها وان الحياة هي 
الوهم لان اغلب الناس يرتدون اقنعة ملئها الزيف والخداع .
وأوضح مثال على هذه الفلسفة فلسفة بيرانديللو في مسرحية ( ست شخصيات تبحث عن مؤلف ), فيقول(ريموند وليامز ) عن مسرحية ( ست شخصيات تبحث عن مؤلف ) ان شيئاً من حوار الاب يفضح الحدود الضيقة التي تفرضها المدرسة الطبيعية في ثقل التجربة الشعرية , ان الطبيعة لا تسمح بالفلسفة لانها تعتمد على حركة الواقع ..
على نمو الحدث الدرامي بشكل يشد الجمهور للتعايش معه .
ان تحليل مفهوم الطبيعية يوصلنا الى الاكتفاء بالمسرحية بحد ذاتها " (5) .
وملخص مسرحية ( ست شخصيات تبحث عن مؤلف ) لبيرانديللو هو ان هناك زوجة تنجب
طفل ثم تترك زوجها وتنجب من رجل اخر طفل وابنتان ثم تضطر الى العمل في محل ملابس 
,حتى يقتحم الاب وعائلته المسرح ليبحثوا عن مؤلف ويبدؤا مسرحيتهم لعرض قضيتهم وشرح 
أحوالهم فتتداخل فلسفة مسرح داخل مسرح , وفي النهاية يسمع دوي اطلاق نار فبقتل الطفل نفسه والممثلون غير مصدقون بما حدث .
" ويتكرر الامر في مسرحية ( الليلة نرتجل ) حيث يسخر بيرانديللو من من اسلوب كوميديا ديلارتي الذي يعتمد على الارتجال وعلى الشخصيات النمطية .
وعندما يرسم المفارقة بين الاسلوب التجاري وبين رغبة الممثلين في الخروج عن الاطار , 
بحيث يطردون المخرج ليقدموا للمتفرجين مأساة تدفع الدموع من مآقيهم , حتى ليتسائل المرء
هل هم يمثلون نصاً أم انهم أصبحوا تلك الشخصيات الخيالية فعلاً " (6).
( أهم مسرحياته )
 "(فكر في الامر يا جيا كومينو _ هنري الرابع _ الانسان والحيوان والفضيلة _ الجرة _ ليولا_ست شخصيات تبحث عن مؤلف _ الليلة نرتجل _ كما تشتهي _ ستر العرايا _ كل شيخ له طريقة _ عملاق الجبل _ الملزمة _ واجب الطيب _ ليمون صقليا )" (7) .
ثم يبدأ بيرانديللو بكتابة مسرحيات ذات الفصل الواحد مثل الجرة والملزمة ثم كتابة مسرحيات تنتمي الى المسرح داخل مسرح مثل مسرحية ( ست شخصيات تبحث عن مؤلف _ والليلة نرتجل ) .
" أما نموذج مسرحيات ذات الفصل الواحد لبيرانديللو هي مثلاً مسرحية ( الجرة ) وملخص المسرحية أن هناك في قرية صاحب أملاك وضيعة وكان لديه فلاحين يعصرون الزيتون 
ويجلبونه اي الزيتون على البغال ويضعون هذا الزيت في جرة , ومصادفة يكتشف المالك 
بأن هذه الجرة مكسورة فيحزن صاحب الارض ويجلب صانع جرار ليصلح الجرة , فيقرر 
أن يضع لها معجون ويسد الجرة من الداخل ولكن الجرة فيها أكثر من ثقب , فيقرر هذا الصانع 
أن يدخل الى داخل الجرة ليصلح الثقب ولكن عندما يدخل الى الداخل لا يستطيع الخروج من الجرة , فيزداد حزن صاحب الجرة , فيقرر جلب محامي لحل الازمة , فيقول له المحامي 
اما أن تكسر الجرة أو أن يدفع الصانع ثمن الجرة , فيرفض الصانع ويطلب أن يدخن سيجارة 
ويدخن وهو يقول ان الجو داخل الجرة منعش وهو أشبه بالجنة , فيقومون الفلاحون حوله بالغناء والرقص حول الجرة , وتوضع الجرة أعلى مرتفع ثم تتدحرج فتنكسر الجرة ويخرج
الصانع وهو يقول لقد ربحت لقد فزت ويحزن المالك حزناً شديداً وسط فرحة الفلاحون بهذا الامر, وبهذا الحال تنتهي هذه المسرحية ذات الفصل الواحد "(8) .
قائمة المصادر
عوض شعبان , بيرانديللو , ط1 , بيروت , 1979, ص5 .
مقدمة مسرحية لويجي بيرانديللو , قواعد المبارزة , ترجمة : أحمد سعد الدين , تقديم :
سعد أردش, مصر , ص 11_ ص13 .
مقدمة مسرحية لويجي بيرانديللو , مسرحية : قواعد المبارزة أو قواعد اللعبة .
المرشد الى فن المسرح , لويس فارجاس , ترجمة : أحمد سلامة , بغداد , ص 188.
رياض عصمت , البطل التراجيدي في المسرح العالمي , ط1 , بيروت , 1980,ص109.
المصدر السابق , ص 113.
ايليا حاوي , بيرانديللو في سيرته ومسرحياته , ط1 , بيروت , 1980, ص51.
سلسلة أعلام الفكر العالمي , لويجي بيرانديللو , ترجمة : عوض شعبان .

مسرحية " رماد أحزان الكوفة " تأليف حسين عبد الخضر

مجلة الفنون المسرحية
الكاتب حسين عبد الخضر 

الأحد، 15 أبريل 2018

مسرحية "أيقونة الشجاعة " تأليف نجيب طلال

السبت، 14 أبريل 2018

"المغتربان" عرض مسرحي متقن لفرقة مسرح "نعم" الخليلية الفلسطينية

في اختتام دورتها الخامسة نور الدين عدلي يفتك جائزة "الفوارة الذهبية"

"تقاسيم على الحياة": في المصح الوجودي الكبير

"المئة كرسي": مسرح لجمهور متخصّص

مجلة الفنون المسرحية

الجمعة، 13 أبريل 2018

المسرح التربوي

مجلة الفنون المسرحية


المسرح التربوي 

المسرح هو ذلك العالم الذي شغل أذهان وعقول كثير من الناس ووصلوا به ووصل بهم إلى أن أصبحوا علماء في الفنون وعلماء في الأداب في كل بقاع الأرض منذ بدأ التاريخ، أو منذ بدأ الإنسان الحياة على هذا الكوكب، وليس من العسير إدراك السبب في ذلك؛ فالمسرح كما لا يخفى علينا هو المكان الذي يستطيع أن ينطق بكل لغات البشر وبكل أحاسيسهم، ويعرض الماضي والحاضر وتخيلات المستقبل، فهو المكان الذي لا يقف عند حد معين، وهو قابل للتغير طبقًا لما هو معروض عليه من مادة فنية بإحساس ينبثق من الفنان المبدع.

وفى دراسة بعنوان: «المسرح التربوي»، للأستاذ الدكتور أحمد حسن جمعة، أستاذ المسرح المتفرغ بأكاديمية الفنون، يستعرض المسرح التعليمي والمسرح التربوي، ودور مؤلف النص المسرحي التربوي.


دور المؤلف في المسرح التربوي

المؤلف المسرحي هو ذلك الأديب الذي تقوم على أكتافه مسئولية النص المسرحي المكتوب. وتختلف المؤلفات المسرحية من مؤلف لآخر ومن نص إلى نص آخر كما سبق القول.

وعلى ذلك لا يوجد مؤلف مسرحي يكتب لمجرد الكتابة، بل لا بد ولأن يكون لدى المؤلف فكرة يحاول الكتابة عنها، أو أن يكون له هدف يراه هو وحده في خياله قبل أن يظهره في شكل نص مكتوب، فإن الفكرة والهدف الكامنان داخل رأس المؤلف هما الأساس، ثم تأتي بعد ذلك الوسيلة التي يظهر بها هذه الفكرة وهذا الهدف، فإن الفكرة والهدف يسبقان الوسيلة إلا وهي اللغة التي يكتب بها النص المسرحي سواء كانت لغة عربية أو لهجة عامية تابعة لبيئة معينة أو قرية معينة أو شعرًا أو نثرًا... وهكذا.

ولكن هل جميع النصوص المسرحية تتناسب مع كل المشاهدين على اختلاف ثقافاتهم وأعمارهم وبيئاتهم... إلخ. أم أنه يجب ان يراعى المؤلف المسرحي لمن يكتب هذا النص المسرحي فإن كان المؤدون على المسرح من الممثلين المحترفين وكان الجمهور من الكبار وأصحاب الثقافات العالية أو حتى المتوسطة. جاء النص موافقًا لهؤلاء المشاهدين. أما إذا كان الجمهور من صغار السن فهنا يجب أن يقف المؤلف وقفة مع النفس ليراجع نفسه. ما هو النص المناسب لهؤلاء الصغار؟ ثم هل يقصد بالنص المسرحي مرحله عمرية محددة؟ وأيضًا هل هو نص تعليمي؟ أي أنه ينتمي إلى المسرح التعليمي، أم أنه نص مسرحي لمسرحة المنهاج؟ أم أنه نص تربوي؟ ولذا فإننا هنا بصدد أن نكتب عن موقف المؤلف المسرحي للمسرح التربوي لأن في مثل هذه النصوص المسرحية ما هو هام ومهم.

وعليه فإذا كان المؤلف المسرحي للمسرحية التربوية غير قادر على أن يكون النص له هدف تربوي فمن الأفضل إلا يكتب لمسرح الأطفال؛ ذلك لأنه إذا لم تكن عند المؤلف القدرة على صياغة نص مسرحي تربوي يتناسب مع المرحلة السنية فيفضل إلا يقترب من هذا الفعل ذلك لأن النص المسرحي التربوي لا بد وان يكون له عائد إيجابي على المشتغلين على المسرح وأبضًا على المشاهدين من نفس المرحلة السنية.

والمسرحية التربوية يجب أن تحتوي على كل العناصر المتضمنة المسرحيات عمومًا، فيجب أن تحتوي على مقدمة وتعريف بالشخصيات ثم تبدأ المشكلة الأساسية في الظهور ومنها يظهر الصراع ويكون النسيج الدرامي به وضوح للعمل حتى تصل المسرحية إلى الذروة وتضح الأزمة ويزداد الصراع حتى نصل إلى نهاية المسرحية. التي لا بد وأن تنتهي بنهاية سعيدة وبانتصار الخير على الشر، وحتى يشعر المشاهد الصغير وأيضًا المؤدي الصغير أن الشر بشتى أشكاله لا بد وأن ينهزم أمام قوى الخير، وحتى يصبح الأمل عاملًا من العوامل المهمة في المسرحية التربوية.

والطبيعي أن المسرحية التربوية تنقسم إلى فصول ومن الممكن أن يشتمل الفصل على مشاهد، وأن كل مشهد به عدة مواقف ولا بد للمؤلف أن يعطي كل جزء في العمل المسرحي حقه وأن يبتعد عن الإطالة أو التقصير. وكذلك يجب على مؤلف النص المسرحي للمسرحية التربوية حسن اختيار الألفاظ والعمل على وجود هدف تربوي من هذه المسرحية والموضوعات التي يمكن أن تحتويها المسرحية التربوية ليس بالقطع كل ما سوف أذكره هنا ولكن على المؤلف أن يتناول ما يريد أن يظهره ويؤكد عليه من حيث الناحية التربوية. وهذه السلوكيات والقيم التي ينتج عنها إيجابيات تصل للطالب المؤدي أولًا ثم الطالب المشاهد ثانيًا وهي:

الإيمان بالله وحب الخير للنفس وللغير على السواء.
الولاء والانتماء للأسرة والوطن.
تنمية الإحساس بمسئوليات حقوق المواطنة.
احترام المجتمع ومعاييره وعاداته وتقاليده وترسيخ هذه العادات والتقاليد.
الانسجام والتوافق الأسري والالتزام بقيم العائلة.
القدرة على نقد الذات لتحسين الأداء.
القدرة على التعاون مع الأسرة والزملاء.
تجنب الأفعال الخاطئة والشريرة.
الابتعاد عن الكذب والالتزام بالصدق والابتعاد عن النفاق والرياء.
طاعة المعلمين وأولى الأمر.
الصبر على الشدائد؛ كأن يصاب المؤدي بموت عزيز أو الوقوع في أي شدائد.
النظافة بكل أشكالها: نظافة اليد وعدم الغش– نظافة الملبس– نظافة اللسان والابتعاد عن الألفاظ البذيئة.
الابتعاد عن الغيرة والحقد والأنانية.
الالتزام بالأمانة.
تشجيع الطلاب على العمل الجيد وإثابتهم على ذلك، حتى يبتعدوا عن الأعمال السيئة فنكون سببًا لمعاقبتهم.
تجنب الشرور والمال الحرام وبث روح القدوة الحسنة والالتزام بالنماذج المشرفة في الشرف.
احترام الكبير والعطف على الصغير؛ واحترام بعضهم البعض.
حب العمل واحترامه وتنمية الرغبة في التعلم والتطور– وحب الاستطلاع.
تنمية الإحساس بالإخاء والتسامح، وأن ممارسة ذلك ليس من قبيل الشفقة أو التفضل بل فضيلة إنسانية لازمة وملزمة.
إقامة العدل والمساواة وعدم التحيز.
تنمية النزعات الوجدانية تجاه الأحداث العالمية بما يؤدي إلى التعاطف الإيجابي والتعاون في الشدائد للتخفيف من آثار الكوارث.
الاهتمام بنظافة البيئة وحمايتها من التلوث الناتج من المجتمع، ومحاولة تثقيف الأقربين.
الابتعاد كل البعد عن مظاهر العنف بكل أشكاله.
تنمية الخيال العلمي والذي يتناسب مع المرحلة السنية.
هذه النقاط ليست هي كل ما يجب أن يكتب عنه مؤلف النص المسرحي بل هناك المزيد من النقاط لم أذكرها؛ ذلك أن العلم والمعلومات لا يقتصر عليها فرد. ولكن المهم أن يكون النص المكتوب للمرحلة السنية يتوافق تمامًا معها وأن يكون هدفه التربوي واضحًا.

من هم الممثلون على المسرح التربوي؟ هذا السؤال كثيرًا ما يسأله المتخصصون، ولنا هنا إجابة واضحة من خلال بعض الأسئلة

أولًا: لماذا المسرح التربوي؟

ثانيًا: ما هو العائد من المسرح التربوي؟

ثالثًا: لمن يقدم هذا المسرح التربوي؟

وغيره من الأسئلة.

 

أولًا: لماذا المسرح التربوي؟

يجب أن تكون المسرحية التربوية نموذجًا ومثلًا أعلى لبث مجموعة من القيم يكون الناتج والعائد منها له إيجابية واضحة في تغيير السلوك السيء إلى سلوك حسن، ومع استمرار تنمية السلوك الطيب سيصبح المجتمع كله بعد ذلك يحمل هذا السلوك، فالمجتمع هو مجموعة أسر والأسرة ما هي إلا مجموعة أطفال ذكور وإناث وهم النواة التي بعد ذلك تكون اليد المنتجة لهذا المجتمع. ومن أجل هذا لا بد من تكاتف كل الجهات المسئولة عن تنمية السلوك الجيد لتربية ونمو الوازع الأخلاقي في الطلاب على مستوى جميع مراحلهم السنية، ومنها المسرح وباقي أنواع الفنون.

ثانيًا: أن العائد من المسرح التربوي إذا نجح في مهمته مضافًا إليه أن المؤدي على المسرح ينمي هوايته ويرى بعد ذلك المسألة الفنية بعيون أخرى أكثر إدراكًا ووعيًا عما كان يراها قبل ذلك- فقد دخل المعمل المسرحي نفسه وأصبح هو الذي يؤدي بعد أن كان هو المشاهد وبالتالي سيكون العائد عليه بعد ذلك عائدًا إيجابيًا؛ أما بالنسبة للسؤال الثالث وهو لمن يقدم المسرح التربوي؟ فقد أوضحت ذلك في دور المخرج. ولكن أفضل أن أضيف هنا هل يقدم المسرح التربوي من خلال ممثلين محترفين أم يقدم من أطفال؟ أم يقدم باشتراك الكبار المحترفين مع الصغار؟

لو افترضنا أن هناك دور (جد) مثلًا كما في مسرحية ما. هل يكون الجد من الصغار؟ ام يجب ان يكون رجلًا كبيرًا في السن. إن كان طفلًا فسيكون عبارة عن أضحوكة بين زملائه وإن كان كبيرًا في السن وممثلًا محترفًا، هنا سيكون بالنسبة للصغار نموذجًا، خاصة إذا كان ممثلًا مشهورًا فستكون نظرة الصغار له نظرة إعجاب أكثر فهو كان معروفًا لهم من خلال شاشات التليفزيون وهنا هو معهم ويستطيعون أن يكلموه ويكلمهم، وبالتالي سيحاول كل منهم أن يؤدي دوره بإتقان ويحاول كل منهم أن يظهر نفسه لينال رضا الممثلين المحترفين المشهورين الذين يعملون معهم في المسرحية. إذن على هذا المسرح يشترك الكبار المحترفون مع الصغار الناشئين.

 

دور المخرج في المسرح التربوي

يختلف دور المخرج في المسرح التربوي عن دوره في مسرح المحترفين في عدة مهام. فهو ليس فقط مخرجًا وظيفته نقل النص المسرحي المكتوب إلى عمل مسرحي مسموع ومرئي بإبداع فني جمالي. بل يشتمل على ذلك ويضاف إليه بعض المهام الأخرى التي من شأنها أن يكون هذا الإبداع في الإخراج يتمتع بنواحٍ تربوية كي يتحلى بها المؤدون على هذا المسرح، وهو مسرح الصغار وعلى ذلك لا بد لمخرج هذا النوع من المسرح أن يُلِم إلمامًا تامًا بسيكولوجية المرحلة السنية التي يقدم لها هذا النص المسرحي المكتوب لهذه المرحلة النسية على المسرح بممثلين أطفال ولجمهور أيضا من نفس مرحلة سنهم وغيرهم. ذلك أن معرفة المخرج بهذه السيكولوجية سينتج عنها عرض فني يتخطى السلبيات، بل ويكون له عائد إيجابي على الطالب المؤدي وأيضًا على الطالب المشاهد.

وفى واقع الأمر فإن الطالب المؤدي ستكون الاستفادة بالنسبة له من خبرات المخرج ومساعديه أكثر بكثير من الاستفادة العائدة على الطالب المشاهد، لأن العلاقة المباشرة بين المخرج ومساعديه والطلاب المؤدين ينتج عنها فهم الطالب لآراء المخرج وملاحظاته والاستجابة لها على الفور.

ومن أجل هذا سنوضح بعض النقاط التي ستعود على الطالب المؤدي بأسلوب جديد تربوي وسلوك أكثر تطورًا من خلال مخرج المسرح التربوي. وهي تتمثل في الآتي:

نحن نعرف أن المسرحية المكتوبة لا يعرف الطالب المؤدي مضمونها إلا عندما يوزع المخرج الأدوار على الطلاب. هنا تبدأ تدريبات نسميها تدريبات المنضدة. وهي التي يكون فيها كل طالب معه نسخه من النص المسرحي، وهو يعرف دوره الذي كلف به، وتبدأ التدريبات بقراءة كل طالب لدوره في حضوره المخرج ومساعديه إن وُجد له مساعدين. وهنا يمكن لأي طالب أن يسأل المخرج أسئلة تدور حول شخصية الدور الذي سيقوم به، وعلى المخرج أن يشرح لكل طالب أبعاد هذه الشخصية وما يجب أن تكون عليه. وهذه الأسئلة في حقيقة الأمر ليست ضياعًا للوقت بل هي من صميم العمل. حتى يمكن أن يتولد عند الطالب المؤدي مزيدًا من معرفة الدور الذي سوف يؤديه والانفعالات المتوافقة مع كل موقف. وفي واقع الأمر فإن المخرج هنا ليس بالمعلم الذي يطرح معلومة وعلى الطالب ألا يتناقش معه. بل بالعكس فإن لغة الحوار بين المخرج والطالب المؤدي سينتج عنها مودة وألفة ينتج عنها حب للعمل.
ومن أجل أن يتحقق ما جاء في النقطة السابقة يجب أن يراعي المخرج أن يكون أسلوب التعامل بينه وبين الطلاب يبتعد تمامًا عن التخويف أو التهديد حتى يحبب الطلاب في العمل المسرحي.
في بعض المراحل السنية خاصة عند دخول الطلاب مرحلة البلوغ (سن المراهقة) ينتاب بعض الطلاب من الجنسين شيء من الخجل والانطواء وعدم الثقة بالنفس، ولذا فإن الأداء التمثيلي يعتبر نوعًا من العلاج لمثل هذه الحالات وخروج الطلاب من هذه الأزمة النفسية. وبالتالي فإن العمل المسرحي بما فيه من مواجهات متعددة وهي: أ- مواجهة الطالب بأداء دوره أمام المخرج ومساعديه. ب- أداء الطالب لدوره في حوار مع زميله في الموقف. ج- مواجهه الطالب المؤدي لدوره في العمل الجماعي المشترك للمسرحية ككل. د- مواجهة الطالب المؤدي لدوره أمام جمهور المشاهدين. كل هذه المواجهات قادرة على أن تخرج المنطوي إلى المجتمع فيكون عنصرًا من العناصر الفاعلة في المجتمع بعد ذلك ويكون عنده ثقة في نفسه. يعمل المخرج على تنمية احترام الطالب المؤدي لعنصر الوقت، لأن العمل المسرحي من أوله إلى آخره مرتبط بزمن العرض، ولذا فإن كل دقيقة في العمل المسرحي تتقدم بالأداء حتى يصل إلى نهاية المسرحية. ومن هنا يتعلم الطالب المؤدي الحرص على الوقت وألا يضيعه في أشياء لن تعود عليه بفائدة. فكل دقيقة وكل ساعة وكل يوم يجب أن يعطى للتطور والتقدم والارتفاع بمستوى الأداء. سواء العلمي أو الحرفي أو الفني.
على مخرج المسرحية التربوية أن ينمي عند الطلاب المؤدين للمسرحية حب العمل واحترامه وبذل كل الجهد وكل ما يؤهله إلى الارتفاع بمستوى الأداء الحرفي والفني على المسرح.
المخرج في المسرح التربوي عليه أن يربي عند الطلاب المؤدين الالتزام بالمواعيد وأن يعلمهم ثقافة المهنة، وأن العمل المسرحي كي يتم لا بد وأن يكون كل مشترك فيه في مكانه ويكون مستعدًا، فالمؤدون لا بد وأن يكونوا في ملابسهم الخاصة بالدور وأن يكون المؤدي حافظًا لدوره ويعرف تمامًا تحركاته على خشبة المسرح. ودخوله وخروجه. وعلاقته بالآخرين وهكذا.
وأيضًا جميع المشتركين من عمال ديكور وإضاءة وجميع المشتغلين بعناصر العرض المسرحي وباختصار كل المهنيين حتى يتم العرض كما أراده المخرج ويظهر بشكل جمالي، ولذا فإن تعود الطلاب المؤدين على الالتزام بالعمل المسرحي سيصبح بالنسبة لهم سلوكًا جيدًا، ويصبح هذا السلوك أحد السمات الأساسية في التربية الحديثة.
إن من مسئولية مخرج المسرحية التربوية ومساعديه هي تعليم الطلاب المؤدين كيفية المحافظة على ملابس الدور الذي يؤدونه وأن تكون دائمًا في مكانها الذي تحدد لكل دور وأن يتم (تعليق) الملابس الخاصة بالدور بعناية بغرفة الملابس حتى تبقى دائمًا نظيفة لإمكان استخدامها في اليوم والأيام التالية.
وهذا السلوك وهذه التربية ستصبح بالتدريج نمط سلوكي متميز، ستشعر به الأسرة التي سوف تلاحظ التغير إلى الأفضل الذي وصل إليه ابنهم بعد أن مارس العمل المسرحي، وأصبح مهتمًا بملابسه بعد أن كان مهملًا ولا يبالي.
من المعروف في مرحلة سن المراهقة أن الطلاب يميلون إلى المزاح والاستهزاء بعضهم لبعض، ولذا فمن الممكن أن يكون بالمسرحية دور لابن شخصية ذات سلطة ونفوذ، ودور آخر لابن شخصية خادم مثلًا، من هنا نجد أنه من الممكن ان يستهزء الطالب القائم بدور ابن الشخصية الكبيرة من الطالب ابن الشخصية الأخرى. ولذا وجب على المخرج أن يبدل الأدوار بين الطلاب حتى لا يستهزئ طالب بطالب آخر. كما أن تبادل الأدوار يعطي فرصة أكبر للطلاب لاكتساب الخبرات الأدائية المسرحية، ويساعدهم على كثير من الحفظ. وهذا أيضا من سمته ألا ينفرد طالب دون آخر بالدور الرئيس ويتملكه الغرور.
إن فن التمثيل المسرحي يعطي المؤدي القدرة على الحفظ، فهو من خلال النص المكلف به يجب أن يحفظه حفظًا تامًا بل ويحفظ أيضا مفاتيح الجمل التي يقولها الممثل (نهايات الجمل التي تسبق حديثه) ونلاحظ أيضا في المسرح التربوي أن المؤدين من خلال التدريبات يكادون يحفظون النص المسرحي كله وهذا يجعل الطالب عنده سرعه الحفظ لما يدرسه من مواد دراسية تهتم بالحفظ. والحفظ عند الصغار عملية هامة جدًا، فهم يحفظون آيات قرآنية وأشعار ونثريات وقوانين علمية وغيرها ويستطيعون استدعاء هذه المعلومات من ذاكرتهم وقت اللزوم. وبالتالي تصبح عندهم ذخيرة علمية ومعرفية مختزنة في ذاكرتهم. كما يوسع بها آفاقه المعرفية والثقافية والعلمية.
فن التمثيل المسرحي يعلم المؤدي لغة الحوار التي يفتقدها كثير من الناس، ولغة الحوار توضحها في أن المؤدي أو المتحدث يجب أن يكون فردًا واحدًا، أما المستمعون فمن الممكن أن يكونوا مجموعة أو اقل. ولذا يجب أن يحترم الجميع المتحدث وألا يقاطعونه حتى يفرغ من كلامه. ثم بعد ذلك يتحدث الآخر ويكون المتحدث السابق هو المستمع أو أحد المستمعين، وأيضًا لا يقاطعه أحد حتى يفرغ من كلامه أيضًا.
إن من مهام مخرج المسرحية التربوية أن يوضح للمؤدين الصغار كيفية الالقاء المسرحي، فلا يصح أن يتحدث المؤدي بسرعة ويصبح كلامه غير مفهوم للمشاهدين وإن علو الصوت أو انخفاضه لا بد وأن يكون تابعًا لمتطلبات الموقف، كما أن مخارج الحروف ووضوحها له جاذبيته الخاصة، وضبط إيقاع المسرحية له أيضًا تشويقه الذي يعود على المشاهدين بالاستمتاع من المسرحية.
إن العمل المسرحي هو عمل جماعي ويشترك فيه العنصر البشرى المتمثل في المؤدين للتمثيل أو المغنيين أو الراقصين. والذين يوصلون النص المسرحي للمشاهدين. والعناصر البشرية الأخرى التي نعتبرها خلف الكواليس ومنهم مهندس الديكور ومصمم الملابس وعمال الورش التابعين لهم وعمال الإضاءة.... الخ. هذه العناصر هي عناصر لها أهميتها على خشبة المسرح وعلى ذلك يجب أن يوضح مخرج المسرحية التربوية للطلاب المؤدون على خشبة المسرح كيفية المحافظة على العمل كفريق واحد له هدف واحد هو توصيل المعلومات التي داخل النص المسرحي للمشاهدين. ولذا فلا يسمح أن يتغيب أحد عن التدريب وبالتالي ينمو عند الطلاب المؤدين حب العمل في هذا الفريق الذي ينتمي إليه وهو مشترك معهم في توضيح الرؤية المسرحية التي يراها زملاءه المؤدين من نفس المرحلة السنية كما سيشاهدها أيضًا أولياء أمور الطلاب وأقاربهم وأعضاء هيئة التدريس بالمدرسة والإداريين والعمال، ويصبح العمل هنا ليس فقط مشاركة أعضاء الفريق مع بعضهم؛ ولكنها مشاركة اجتماعية. ومن هنا يعرف أولياء أمور الطلاب أن الأداء المسرحي يهم الطالب وأن الهواية التي يميل إليها الطلاب يجب أن يمارسوها حتى يمكن تنمية العقل والحس والوجدان وأيضًا تربية الجسم والارتقاء بالسلوك الاجتماعي.
يجب على مخرج المسرحية التربوية أن يكتشف المواهب عند الطلاب فيعطيهم الفرصة للأداء ومتابعة هذا الأداء بما عنده من خبرة مسرحية تمكنه من اكتشاف الطالب الموهوب وتشغيله وتوجيهه حتى يفرغ كل ما عنده من طاقة في مجال هوايته ولنفترض أنها التمثيل.
ومن الممكن أيضًا أن يكون أحد الطلاب المشتركين في العرض غير موهوب في هذا النوع ولكنه موهوب في نوع آخر من الفن؛ فمثلًا قد ينشغل أحد الطلاب بفن الديكور المعلق على المسرح فبملاحظة المخرج لهذا الطالب يستطيع أن يعطي فكره لولي أمر هذا الطالب عن ميول هذا الطالب.

ذلك لأن كل جيل لا بد وأن يوجد فيه كل مهنة ففي كل زمان يوجد المحامي والمحاسب والطبيب والصيدلي... إلخ كما يوجد أيضًا الشاعر والمؤلف الموسيقى والمغني والممثل والمخرج، ولذا فان جميع القيادات وأيضًا الأسر يجب ملاحظة ومتابعة أبنائهم والتركيز على ما يهون حتى يعملوا بموهبتهم ويحسنوا الأداء فعندما تكون صنعة الإنسان هوايته فهو لن يمل من العمل ولن يبخل بالجهد في سبيل الوصول بهمته إلى أعلى المناصب والدرجات.
--------------------------------------
المصدر :المنتدى العالمي للتربية 

 
 


جولة عربية للهيئة العربية للمسرح لتنفيذ مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي

مجلة الفنون المسرحية

جولة عربية للهيئة العربية للمسرح لتنفيذ مبادرة صاحب السمو  الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي 
                                        
  وفد الهيئة العربية للمسرح برئاسة الأمين العام إسماعيل عبد الله يصل إلى المغرب، حيث سيشارك الوفد في افتتاح فعاليات وجدة عاصمة الثقافة العربية 2018، حيث سيلتقي اسماعيل عبد الله وزير الثقافة المغربي و عددا من وزراء الثقافة العرب المشاركين في الافتتاح لبحث سبل التعاون من أجل تفعيل مشاريع تنمية المسرح العربي، خاصة المبادرة الأخيرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، و المتعلقة بعقد مهرجان للمسرح في كل بلد عربي، حيث بدأت الهيئة العربية للمسرح بالإعداد للمرحلة الأولى و هي إقامة مهرجانات في الدول التي لا تنظم مهرجانات وطنية للمسرح المحلي فيها.
تأتي هذه المشاركة لوفد الهيئة بعد أن قام بلقاءات مع إدارة المسرح الوطني محمد الخامس و دار الفنون في إطار بحث مشروع لتوثيق المسرح العربي.
من الجدير بالذكر أن الوفد قد أنجز منذ مطلع ابريل الحالي لقاءات عمل في مصر مع وزيرة الثقافة و أطر الوزارة لوضع برنامج العمل الخاص بالدورة الحادية عشرة من مهرجان المسرح العربي الذي سيعقد في يناير 2019، كما أنجز لقاءات عمل في تونس لإنجاز بعض المشاريع الهامة.
هذا و سوف يتوجه الوفد في ذات الإطار إلى موريتانيا مطلع الأسبوع القادم

الثلاثاء، 10 أبريل 2018

الملمح المسرحي .. في ديوان البطوسى الرثائي

مجلة الفنون المسرحية



الملمح المسرحي .. في ديوان البطوسى الرثائي

أصدر الشاعر والمؤلِّف المسرحي (عادل البطوسى) ديوانًا كاملًا في رثاء السيِّدة والدته ـ رحمها الله ـ تحت عنوان (رحيل السيِّدة الورد) ضمَّ أكثر من أربعين قصيدة شعرية صاحبتها أكثر من خمسين لوحة فنية تمثل (وجه أمه) من تصميم الفنان السوري (رضوان بصطيقة) كما كتب الأستاذ الدكتور (صلاح جرَّار) وزير الثقافة بالأردن سابقًا والأستاذ بالجامعة الأردنية حاليًا مقدِّمة له أكَّد فيها على مظاهر التجديد في شعر ومسرح (عادل البطوسى) الشعري واستخدامه لتفاعيل عروضية نادرة ومهجورة، وأشار لمكانة الرثاء في تراثنا الشعري الذي أسهم في صياغة الوجدان العربيِّ وقال (إنَّ قراءة واحدة في دواوين الشعر العربيِّ من ديوان الخنساء قديمًا إلى ديوان الصديق المبدع "عادل البطوسي" سوف تكشف للقارئ كم نحن أمَّة مرهفة مسكونة بالحزن والحبِّ والشوق والحنين) ثم أشار لمعرفته الوثيقة على المستويين الإبداعي والإنساني بالبطوسى (لقد عرفت الأستاذ البطوسي كاتباً مسرحيّاً متميّزاً وناقداً أدبيّاً بصيراً بالشعر وقضاياه، وشاعراً متمكّناً من أدواته الشعريّة ولا سيّما في الشعر المسرحيّ) وأضاف (وقد تجلّت هذه الميزات الثلاث لدى شاعرنا في هذا الديوان، فالقارئ له قد يظنّ في الوهلة الأولى أنّ الكتاب نصٌّ مسرحيّ، ولا سيّما أنّ صاحبه بدأه باقتباسٍ من "يوريبيدس" في مسرحيته "ألكيستيس" سنة438 قبل الميلاد يقول فيها على لسان الجوقة :
اليوم يشهد موت امرأة
ليست غالية فحسب
وإنّما أغلى النساء جميعاً
وقال الدكتور جرَّار ـ أيضا ـ في تقديمه للديوان مؤكدًا ما يذهب إليه ( ويطفى على هذا الديوان أدوات الخطاب المسرحيّ وأساليب النداء والإستفهام والتعجب التي تكثر كثرة واضحة، لأنها تناسب حال الشاعر الذي يعاني حزناً شديداً على رحيل والدته، فيناديها ويلحّ في النداء وكأنّه يتوقَّع منها أن تجيب نداءه، ويتساءل عن هذا الموت وما الذي فعله بأمّه ويلقي عليه وعلى أمّه وعلى نفسه حشداً هائلاً من الأسئلة ومن إشارات الإستفهام والتعجب) واستطرد مؤكدا على "الملمح المسرحي" في ديوان "البطوسى" الرثائي قائلا ( ويتجلّى "الملمح المسرحي" في الديوان في الحوار الداخلي (المونولوج) بكثرة، حيث يخاطب الشاعر نفسه مثلما خاطب في حوار خارجي يائس والدته الراحلة وخاطب الموت، فضلاً عن الترابط والبناء السردي في الديوان) ....
وهكذا حمل ديوان "البطوسى" الشعري الرثائي ملامح كثيرة من ثوابت "الخطاب المسرحي" تتجلى لنا من القراءة الأولى للديوان الذي جاء في 128 صفحة من القطع المتوسط وتمت طباعته في طبعتين في وقتٍ واحد (على ورق أبيض ـ على ورق ملون) ومن هنا يلح علينا السؤال بالمناسبة : لماذا لا يصدر عادل البطوسى نصًا مسرحيًا كاملًا عن أمِّه التي رثاها في ديوان كامل؟! أو عن الام والأمومة؟ نترقب وننتظر، بل ونثق في ذلك إن شاء الله قريبا ..!!!


"أيام إبراهيم حجازي المسرحية": أربعة عروض فقط

"أيام مسرح المدينة": دورة أولى وتجميع عروض

"مسرح الفكر": استعادة مفاهيم فالتر بنيامين

الاثنين، 9 أبريل 2018

كتاب "مقالات في المسرح"

مجلة الفنون المسرحية

كتاب "مقالات في المسرح" 
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption