أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الاثنين، 8 يونيو 2020

مسرح ما بعد الحداثة: اشكالية العلاقة بين المخرج والنَّص

مجلة الفنون المسرحية

مسرح ما بعد الحداثة: اشكالية العلاقة بين المخرج والنَّص 

مروان ياسين الدليمي


المتعة الجمالية المنتظرة في التجربة الفنية تعتمد على التجاوز والافتراق عما هو منتج ومتداول، أي أنها قائمة على فعل الإبداع، وقرائن الحس الجمالي الناتجة عنه، والمتجسدة بشكل مرئي في تركيبة بنيته التصويرية. وبناء على ذلك لم يعد المخرج المسرحي المعاصر ينطلق في جوهر عمله على ما يتيحه النص المسرحي من أبواب ونوافذ للدخول إلى  التجربة، بل لم يعد المخرج يحتمل التعامل مع نفسه بهذه الصيغة من العلاقة التي تنحرف بتجربته خارج آفاق ما ينشده من خطاب فني، إنما أخذ يتطلع من خلال دوره الخلاق إلى إخضاع النص، وتطويعه لصالح بنية العرض المسرحي التي لا تنسجم مع أي عنصر لا يتوافق مع طبيعة الفضاء المسرحي وتقنياته المتحركة، بمعنى أن المخرج إنحاز لمنطق الخشبة وما تتيحه من مساحة فضفاضة للتخييل، مضحيا في مقابل ذلك بسلطة النص ومغادرا بها إلى سلطة نص جديد لا يتأكد حضوره على الورق إنما على الخشبة، ويغيب إذا ما غاب عنها، بمعنى أن لغته الجوهرية ليست الكلمات بذاتها بل بما تحمله من أفعال ودلالات وتجوال في غابة من التخيلات التي تطلقها مخيلته.



دينامية الفضاء المسرحي

بعد تجليات ما بعد الحداثة التي بدأت تتخذ أدوارها المتنوعة في معظم الفنون الإبداعية في ثمانينات القرن الماضي باتت النصوص المسرحية من وجهة نظر المخرج، مخططات أولية لمشاريع عروض مسرحية، وباعتبار المخرج يجد نفسه خالقا ومبتكرا ومكتشفا للعرض فإن حدود هذه المسؤولية تستدعي منه أن يصحب النصوص إلى محترفه الذاتي، ليسلط عليها مشرطه بدون الوقوف عند محددات نماذج معينة، مستندا في فاعلية دوره إلى منطق قائم في قواعده على الافتراض والتخييل لشكل العرض بدون أن يضع في اعتباره ضرورة الحفاظ على أي صلة مع النص، فالمهم بالنسبة له أن يكون خطابه مستمدا ديناميته من الفضاء المسرحي وليس من لغة النص  .

 ما يخطط له المخرج في افتراضاته البصرية والسمعية مصدرها قراءة ذاتية للنص، في محصلتها النهاية تكون بمثابة كتابة جديدة لنص آخر لا يصلح للقراءة إنما للتلقي في صالة العرض بكامل الحواس، وما يجمعه مع نص المؤلف علاقة انزياح تضعه في مواجهة نديّة معه، بالتالي ستنتج عن هذه العلاقة قراءات أخرى تتشكل ملامحها بعد انتهاء العرض من قبل مجموع المتلقين الذين بدورهم يستقبلون العرض وهم يحملون مشارطهم بحثا عن أسئلة وأجوبة جديدة بقيت بعيدة عن الظهور أمام المؤلف والمخرج على حد سواء.

بمثل هذا المنطق سيتم تشييد زمن جمالي جديد يتسع لكل ما هو مستور ومستقر في أنساق العرض السمعية والمرئية، والمخرج في هذا المنظور ينظر إلى التجربة المسرحية باعتبارها مغامرة فنية يلتمس من وراء الخوض في مجاهيلها تفكيك اللغة الفنية المتوارثة واقتحام سلطتها المحافظة وهدم أسوار لغتها المتعالية ليشكل فوق أنقاضها لغة أخرى تنحدر من مهيمنات الفضاء المسرحي.

هذا الفهم يتم الوصول إليه عبر تكثيف الجهد القائم على البحث والتأمل بشكل متواصل من أجل استنتاج تجارب فنية تنسف آلية العلاقة القائمة ما بين الجمهور والتجربة المسرحية.

رؤية تاريخية

مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين شهدت مناطق مختلفة من العالم تجارب مسرحية لمخرجين ينتمون لدول مختلفة تجلى فيها دور عدد من الأسماء وهي تحاول اكتشاف أسرار فن الإخراج وتقنينه بجملة ضوابط واشتراطات فنية، فقد سعى هؤلاء إلى إيجاد قواعد مفاهيمية للإخراج المسرحي، ونتج عن ذلك أفكارا جديدة، هيكلت العلاقة التي تجمع فن الإخراج مع النص المسرحي. فمن الناحية التاريخية يتفق الباحثون على أن دوق ساكس ماين نغن الألماني جورج الثاني (1826-1914) أول من ضع أسس فن الإخراج وارتبط ذلك بأول عرض مسرحي قدمته فرقته الخاصة عام 1874 الذي يعد تاريخ ولادة فن الإخراج، وتبعه اندريه انطوان في فرنسا حيث يؤرخ له في 30 اذار/مارس 1886بداية أول عرض مسرحي في باريس يقف خلفه مخرج مسرحي وليس المؤلف أو الممثل الأول كما كان متبعا، ولحق بهم الروسي ستانسلافسكس في الفترة نفسها.

ثياب ثقيلة

لا جدال في أن مخرجو المسرح الغربي لعبوا الدور الأبرز في التفكير بوظيفة المخرج والأخذ بها بعيدا عن سلطة المؤلف في مقدمتهم ماكس راينهارد هو مخرج وممثل نمساوي أمريكي (1873- 1943) والألماني اروين بيساكتور (1893-1966) والمصور والمزخرف والمخرج السويسري ادولف آبيا (1862- 1928) والمخرج الانكليزي ادوارد كوردن كريك (1872-1966) وأعقب هؤلاء في مراحل زمنية لاحقة أسماء أخرى توالت اجتهاداتها في مسارات فنية داخل منطقة الاشتغال الجمالي للإخراج المسرحي، غايتها نسف ما كان قد تلبّس تجربة العرض المسرحي من ثياب ثقيلة كان قد كدَّسها عليها كتاب النصوص المسرحية الذين اعتادوا أن يكتبوا من خلف مكاتبهم المنعزلة عن المشغل المسرحي، مثلما يفعل الروائيون والشعراء .

الخروج من الدائرة المغلقة

أن الحرية هي غاية المخرج، حرية الشكل، حرية التلقي، حرية القراءة، إذ لم يعد مجديا الركون إلى ارتباطات فنية مسبّقة لقيام التجربة المسرحية، لأن المسرح في جوهره فعل معرفة، وتقنية رؤيوية يعبر من خلالها الفنان عن تطلعات الإنسان وهواجسه ازاء ما يشغل وجوده في هذا الكون.

يمتلك الفن المسرحي افقا واسعا تتيحه معطيات مشغله التقني القائم على استمرارية عملية هدم وبناء الأفكار والأشكال المعبرة عنها طيلة فترة التمرين بقصد استيعاب المغامرة الفنية والأخذ بها إلى أقصى مدى من الانفصال عن ذات الفنان في حضور موضوعي قابل للإدراك الحسي، بما يجعلها في موضع متبلور يفضي إلى مجترحات وحلول جديدة، تتواصل مع الأسئلة المتحركة في ذات الإنسان حول القضايا المطروحة في العرض.

في تعامل المخرج مع النص الأدبي بدون أن يستجيب إلى مدركات النماذج النصية المتداولة فإنه بذلك يعيد اكتشافه من جديد متحركا في مواطن مغلقة لم تُستنطق من قبل المؤلف، بذلك يكون دوره متجاوزا ما يتحرك على السطح من مكاشفات، مصحوبا بعدته المسرحية القائمة على التقنيات والتخييل للخروج من النمذجة في التعاطي مع النص والتي لا ينتج عنها  سوى حلقة مفرغة من التكرار والنمطية في بناء العرض، فهو ينظر إلى النص المسرحي باعتباره دائرة مغلقة من المعاني والدلالات المكتفية براهنيتها، ويجد العلاقة معه أشبه بالعلاقة ما بين خطين متوازيين لا يمكن لهما أن يلتقيا، وهذان الخطان هما: النص والمخرج قبل العرض، والمخرج والمتلقي بعد العرض. فالصراع هنا بغاية الثراء، ولا ينتهي، وعلى ذلك تتسع وتتعدد زوايا الرؤيا إلى الموضوعات والأفكار ما بين المؤلف والمخرج والمتلقي في إنتاج التجربة المسرحية.

وعليه فإن كل الصياغات الإجرائية في الحذف والتعديل والإضافة وإعادة التركيب من قبل المخرج ماهي إلا محايثة للنصوص بمعان جديدة للوصول بالعمل المسرحي إلى أن يكون حركيا في آلية تعامله مع النص ومشتبكا معه وليس مستسلما، وهذا الاشتباك لن يتوقف حتى بعد انتهاء العرض، بل تستدعي هذه العلاقة الجديدة كل عوامل التحريض على طرح الأسئلة والسير في طريق التأمل والتاؤيل.

عودة الروح إلى جسد العرض

في كتابه الموسوم “الدراما بين النظرية والتطبيق” للمؤلف ديفيد برتش الصادر عن المشروع القومي للترجمة في مصر يتطرق إلى الأزمة التي حصلت عام 1973 بين كل من جون اردن ومارغريتا دارسي مع مخرج  العرض المسرحي المأخوذ عن نصهما الموسوم “جزيرة الأقوياء” الذي قدمته فرقة شكسبير اللندنية، حيث عبرا عن احتجاجهما الشديد على ما أقدَم عليه المخرج من تعديلات على النص بالشكل الذي جعل العرض يطرح أفكارا جديدة تبتعد كثيرا عما طرحه مُؤلِفَا النَّص، فلم يحتملا هذا الإجراء الذي أقدم عليه المخرج، ووجدا فيه خيانة للنص، لأنهما كانا يعتقدان أن لا أحد غير المؤلف المسرحي يمكنه أن يؤكِّد المعنى، وأن مهمة المخرج تقتصر على تفسير النص من خلال أفكار المؤلف، ووظيفة المخرج من وجهة نظرهما لا تكمن في تغيير الحقيقة التي هي أفكار المؤلف، إنما في عرضها على خشبة المسرح بدون أدنى مواربة، بمعنى أن المخرج ليس مسؤولا عن المعنى، إنما عن أسلوب وأداء التمثيل المسرحي.

في مسرح ما بعد الحداثة سيكون من المنطقي أن يجد مؤلفو النصوص المسرحية أنفسهم غرباء داخل صالة العرض وهم يشاهدون نصوصهم وقد خرجت من ملكيتهم ومملكتهم وحلقت في زمن آخر شكلته الحرية المشاعة لكل أطراف اللعبة المسرحية بما في ذلك المتلقي، بمعنى لم يعد النص مُنغلقا على الزمن الذي أراده المؤلف، بل تعداه إلى زمن مفتوح على دلالات يشكلها المخرج في الأرض البِكر للنص، وهذا الكشف الجديد في العلاقة ما بين المخرج والنص بمثابة عودة الروح إلى جسد العرض. وهنا بهذا السياق يبدي المؤرخ الأدبي البريطاني ستيفن كونور وجهة نظره حول اشكالية العلاقة بين المخرج والمؤلف، إذ يقول: “لو أن كل مؤلفي المسرح خافوا من حدوث تحطيم أو تمزيق أو تشويه أو انقطاع لاستمرارية النص من خلال عملية القراءة أو التفسير أو الإخراج وإنتاج النص ومن ثم عمل كل واحد منهم بتوجيه وتفسير أعماله المسرحية بنفسه، فسوف يكون ذلك مجالا لبسط سيطرة المؤلف والتحكم في عملية القراءة أو تداول العمل واستحضار أداء فكرة العمل وتوضيحها داخل النص المكتوب، وكذلك الأداء المسرحي”.

مسرح جديد

في مسرح ما بعد الحداثة ضاقت الأرض تحت أقدام المؤلف التقليدي وانزوى خارج اللعبة المسرحية ومسارها الجديد وانطوت صفحته، ليقفز عوضا عنه إلى الخشبة أو مساحة العرض المخرج/المؤلف الذي يشتغل وهو يفكر بلغة المعالجة الإخراجية للخطاب الذي ينوي ترويجهُ على الخشبة، فهو لا يستطيع الخروج من ثنائية: (التركيب + المعنى) عندما يخطط (للنص/العرض) لأن في ذلك يتجلى الدالين (النص+ العرض) في سياق واحد متراكب داخل أنساق تجربة العرض السمعية والبصرية، والتي تفرض علاقة  تجانس وتوافق حتى في ما يبدو متناقضا بين عناصر تشكيل الصورة/المشهد. وهذا الفهم لطبيعة وظيفة المخرج في المسرح وعلاقته مع النص عبَّر عنه الكاتب المسرحي الانكليزي إدوارد بوند في المقدمة التي وضعها لنصه المسرحي الموسوم “الحزمة” حيث يقول: “إن الكاتب الدرامي يستطيع أن يساعد في خلق مسرح جديد، وذلك من خلال الطريقة التي يكتب بها، إذ يجب عليه ألاّ يمسرح القصة، لكن الأهم هو التحليل، فنوايا الكاتب لا تتغير، لأن قراءة التحليل والإنتاج وطريقة استقبال النصوص، كل ذلك أيضا يتغير، وإدراك ذلك يسمح لنا بتطوير المفهوم، فالمهم وهو المعنى المتغير، والذي يتغير من الكاتب إلى  القارئ ومن المخرج إلى الممثل ومن الممثل إلى جمهور العرض”.

الإجهاز على المؤلف

 حضور المخرج على هذه الصورة الاشكالية في علاقته مع النص لا يأتي إلا من خلال إعادة تفكيك مفاهيم التجربة المسرحية بعلاقتها المتشابكة أثناء التمرين والتحضير للعرض. يقول كاندس دالنغ: “إن النصوص تقول دائما لا أكثر ولا أقل من مقاصد مؤلفيها، أو أنها تقول ببساطة شيئا آخر”.

على ذلك عندما يرتبط المخرج مع نص ما فإنه سيحاول أن يكمل النقصان الحاصل داخله واستدعاء ما هو غائب عن لغة المؤلف عبر تقنيات مسرحية ليس لها مرجعيات في النص، وهذا يتأتى عبر سلسلة إجراءات لا تتوقف عند حدود معينة داخل مشغل التمارين إلى آخر يوم عرض، فعمل المخرج على هذا الفهم سيكون عبارة عن رحلة ابستمولوجية إضافة إلى جوهريتها الجمالية.

-----------------------------------------
المصدر :القدس  العربي 

الأحد، 7 يونيو 2020

ناشئة الشارقة تنظم عدداً من البرامج الافتراضية المنوّعة لتنمية مهارات منتسبيها

مجلة الفنون المسرحية

خلال شهر يونيو الجاري  
ناشئة الشارقة تنظم عدداً من البرامج الافتراضية المنوّعة
 لتنمية مهارات منتسبيها 

انطلاقاً من حرصها على اكتشاف مواهب منتسبيها وتنمية مهاراتهم في مختلف المجالات، تنظم ناشئة الشارقة التابعة لمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين عدداً من البرامج الافتراضية المنوّعة التي تُقَدّم عن بعد ضمن مسارات الفنون،والعلوم والتكنولوجيا، والرياضة خلال شهر يونيو الجاري. 

تُنفذ البرامج والأنشطة عبر حسابات ناشئة الشارقة على مواقع التواصل الاجتماعي @ShjYouth، وتقنيات الاتصال المرئي بواسطة منصة زوم، وبمشاركة منتسبي مراكز ناشئة الشارقة الثمانية، إضافة إلى غير المنتسبين من متابعي صفحات المؤسسة في الأعمار من 13 إلى 18 سنة، والراغبين في الانضمام إليها والمشاركة في برامجها.
ويشمل مسار العلوم والتكنولوجيا برنامجاً بعنوان "برمجة الروبوتات كيبو"، لتعليم المنتسبين مهارات التحليل والبرمجة لهذا النوع من الروبوتات، وتدريبهم على توظيف مهارات التفكير الناقد في حل مشكلات تسريب الهواء بمحطة الفضاء الدولية.

فيما يقدم مسار الرياضة برنامجاً بعنوان "وقت الرياضة" ليقضي منتسبو مراكز ناشئة الشارقة من خلاله أوقات ممتعة خلال فترة تواجدهم في منازلهم، لمساعدتهم في الحفاظ على مستوى لياقتهم البدنية، وإكسابهم المهارات الفنية الأساسية لبعض أنواع الرياضات.
أما مسار الفنون فيتضمن تعريف الناشئة والشباب بأشكال فنون العرض المختلفة، وتدريبهم على تحليل عناصر عرض مسرحي مسجل بما يتيح لهم فرصة التعبير عن آرائهم، في ورشة المشاهدة المسرحية ضمن برنامج الفنون المسرحية.

كما تسعى ناشئة  الشارقة إلى تنمية معارف منتسبيها وتوسيع مداركهم وإثراء مخزونهم الثقافي والمعرفي في برامج المسابقات المنوّعة التي تُقام تحت شعار "لنتنافس" ضمن مساري الآداب واللغات، والرياضة، في مسابقتي "القراءة الإبداعية"، و"المعلومات الرياضية".

وقال عبد الحميد الياسي مدير إدارة رعاية الناشئة في ناشئة الشارقة: "نسعى إلى احتواء الناشئة في الأعمار ما بين 13 إلى 18سنة، واكتشاف مواهبهم وتطوير قدراتهم وتأهيلهم للمشاركة في مختلف المحافل، بما يحقق رؤية ناشئة الشارقة المستمدة من رؤية مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين وهي (شريك مجتمعي في بناء أجيال واعية ومؤثرة)، وذلك عبر تقديم مجموعة من البرامج المنوّعة التي تتناسب مع ميولهم وتثري معارفهم بمهارات جديدة ومتفردة تواكب مهارات القرن الحادي والعشرين".

عن ناشئة الشارقة
تعتبر ناشئة الشارقة، التابعة لمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، مؤسسة شبابية تركز على الإبداع والابتكار والاكتشاف المبكر لمواهب الناشئة في الأعمار من 13 إلى 18 عاماً والعمل على رعايتها بشكل مستمر، وتهيئة البيئة الجاذبة للشباب لممارسة الهوايات وتعلم المهارات عبر مراكزها الثمانية المنتشرة في مختلف مدن ومناطق إمارة الشارقة، وتزودهم بالخبرات التي تنمي حسهم الوطني وتساعدهم على القيام بأدوارهم للنهوض والارتقاء بالمجتمع الإماراتي. 

المُيَسر في المسرح التفاعلي / وسام عبد العظيم عباس

مجلة الفنون المسرحية

 المُيَسر في المسرح التفاعلي / وسام عبد العظيم عباس 


شكل ظهور المسرح التفاعلي نقطة انطلاق لدخول عصر جديد في المسرح، إذ تجسد ذلك في رصيده الوافر، من عروض ونصوص وتنظيرات وتجارب تسعى الى اعادة ثقة جمهور الشارع في المسرح، من خلال رؤية مركزية شاملة، رسم بها ملامح إستراتيجيته الفنية، مرتكزاً على مفاهيم أظهرها في تجاربه المسرحية تطبيقياً من خلال مجموعة من التقنيات التي ظهرت في المسرح التفاعلي دون غيره من المسارح فلم تقف وسائله التقنية والجمالية من تحقيق العرض التفاعلي في حدود خصوصية كتابته للنص المسرحي أو الرؤية الإخراجية وما تحمله من معالجات، بل سار بها إلى توظيف جمالي جديد وشامل، شمل العملية المسرحية برمتها، محققاً معها نمط لعلاقة جديدة في المسرح بين الممثل والمتفرج ، وقد امتدت اشتغالات المسرح التفاعلي في مجمل توجهاته الحديثة إلى منعطفات متنوعة, ابتُكِرَتْ لتغطي الاحتياجات المتطورة للمسرح وردم الفجوة بينه وبين الجمهور , فضلا عن استعراض القدرات التي يمكن للمسرح التفاعلي الوصول إليها, عبر مخاطبة فئات المجتمع كافة ، لما يتميز بيه من مرونة ويُسر في الخطاب والاداء والتواصل  ، اذ جاءت خلال العرض صيغ ومرتكزات جديدة قادرة على تحويل المتفرج تدريجياً من منطقة المتلقي السلبي ، الى المتلقي الفاعل المشارك بصورة حقيقية في منظومة العرض المسرحي ، اذ ان هذه الانماط من العروض توصف بشموليتها وقدرتها على التوجيه والمتعة والتسلية معا بإشراك الجمهور إشراكا فعليا وإنزاله إلى ميدان التمثيل . (1) بوصفه  (المسرح التفاعلي) مسرح حي للتنشيط الاجتماعي ، يتيح للجمهور امكانية التفكير التواصل والتفاعل والتعبير والمناقشة مع الممثلين وفيما بينهم بكامل الحرية لدرجة يصبح المتفرج مشتركاً بالنص والتمثيل ورسم الحركة .  
       ومن جملة المرتكزات التي يعتمدها هذا المسرح هي (المُيَسر) في المسرح التفاعلي  ، وهي تسمية اطلقها الباحث على الشخص الوسيط بين الممثلين والمتفرجين للتحكم في سير العرض وتوجيهِ الممثلين، ودفع المتفرج بالاتجاه الذي يساعدهُ للاشتراك والتفاعل مع احداث العرض ، اذ انه بمثابة الشريان الرئيسي في العرض التفاعلي يأخذ على عاتقه ضبط ايقاع العرض من خلال توجيه بوصلة العرض اثناء فتح النقاشات مع المتفرجين . 

     ولهذه التسمية مرجعيات عديدة ومتنوعة ، اختلفت من بلد الى اخر ، واذا ما اردنا ان نبحث عن مقاربات هذه الشخصية ومرجعياتها يمكن ان نلتمسها في الموروث العربي من خلال شخصية (الحكواتي) و ( الراوي ) و ( المعلم )  فيما اطلق عليها الكاتب البرازيلي اوجستو بوال بــ (الجوكر) كل هذه التسميات يمكن ان تُشَكل ملمح اولي عن شخصية (المُيَسر) وفي الحقيقة هي تسمية متعددة ومتشعبة المعان، الا ان الباحث يرى ان هذه التسميات جميعها لا تتطابق مع تقنيات مرتكزات المسرح التفاعلي ، بوصفة صورة متطورة ومُحدثة للمسرح ، وان التسميات السابقة الذكر ألتصقت بجملة من العوامل البيئية والاجتماعية التي بلورت هذه المصطلحات بما ينسجم مع اماكن ظهورها ، لان كل مصطلح اكتسب العوامل الاجتماعية والثقافية للبيئة التي ظهر فيها ، اما اختيار تسمية الـ ( المُيَسر ) بوصفها تسمية اكاديمية ولها دلالات واضحه تتسق وطروحات المسرح التفاعلي ، كنمط قائم بذاته ، يختلف عن تقنيات المسرح الارسطي والملحمي على صعيد النص ، والاداء ، والفضاء ، الروى الاخراجية ، اذ ان بنية النص في المسرح التفاعلي تختلف عما هو علية في النص التقليدي ، بوصفه مسودة اولية تنقسم الى جزئيين ، الاول يقوم بأنشائه فريق العرض ، اذ يكتبوا الخطوط العامة للموضوعات المراد طرحها ومناقشتها ، اما الجزء الثاني من النص يُكتب بعد نهاية العرض ، اذ تُدرج حوارات المتفرجين المشاركين في العرض ، وهو متعلق بالجمهور الذي بامكانه ان يُغيير النص الاصلي ويطوره بما يراها مناسباً ، وبذلك فهو نصٌ مفتوح لا يكتمل الا بنهاية العرض عن طريق اضافة حوارات ومداخلات الجمهور المشارك ، اما على صعيد الاداء فان الاداءات في المسرح التفاعلي متعددة تبعاً لتقنيات العرض المقدمة ، و تقنيات العرض في المسرح التفاعلي تنقسم الى سبعة تقنيات.(2) 
     منها تقنية مسرح الجريدة ، الذي يمتاز اداء الممثل فيها بالاداء التمثيلي لان الممثل فيه يحتاج الى المبالغة والتكلف ، كونه يتقمص شخصية معينة ، مراد ايصالها للجمهور كما لو كانت في الحدث الرئيسي ، اما التقنية الثانية هي تقنية مسرح الصورة الرمزية فهو يحتاج تقنيات الاداء الصامت لان هذه التقنية قائمة على انشاء العرض التفاعلي بأجساد الممثلين فقط من خلال تقديم صور ثابته تحمل مضامين متعددة باجسادهم ، ويمكن في هذه التقنية تقديم مشاهد تمثيلية متحركة باجسادهم دون اللجوء الى الحوار ، اما تقنية حلقة النقاش .   فان الاداء فيها هو اداء تقديمي ، لا ينتمي الى المبالغة والتكلف ، اذ ان المؤدي يسعى لتقديم ذاته بصورة عفوية بخاصية الـ (performance ) ، اذ انه لا يسعى لتقديم شخصية غير شخصيته ليُقنع الناس بها ، وانما يقدم ذاته كما هي . وكذا الحال بالنسبة لبقية التقنيات ولكل منها نمط ادائي خاص بها . 
      اما شخصية (المُيسَر) فهو شخصية متعددة الانشطة والوظائف داخل العرض المسرحي، اذ يستمر عمله منذ دخول الجمهور فضاء العرض حتى مغادرته اياه ، فعلى مستوى المواصفات يتميز بوصفه شخصية تواصلية بأمتياز ، مطواع مرن على الصعيد الجسدي , قادر على استيعاب الحالة التي تتنامى أمامه,  و انه يعطي اللعبة المسرحية مجالاً اوسع في تكوين علاقاته مع المتفرج للارتقاء بجدل واسع النقاش من خلال تبديل الدور واختيار اللحظات التي من شأنها تغيير مجرى الاحداث ، وان شخصية الممثل المُيَسر اضافت رونقاً فكرياً بجعل الحراك المسرحي نحو بلوغ الهدف وتعميق افكار المسرح ، كما يسعى لجذب الجمهور تجاه صيغة اللعب الجماعي او المشاركة سواء بأستدعاء بعضهم الى مناطق التمثيل  للدخول في اللعبة ، او لتعديل الاداء او حتى لمجرد التعليق ، اذ ان دور الميسر قائم على جعل التواصل ممكن بين المرسل والمتلقي ، ويكون دوره توجيهياً تعليمياً تحريضياً في آن واحد ، حيث تكمن مهمته في ربط العلاقات الموجودة على خشبة المسرح والمحافظة على توازن امكانية التواصل وجذب الاخر كمتفرج ليشارك في عملية تبادل الآراء ، وفي بعض الاحيان يكون له الحق في تغيير مفردات النص وابدال الممثل بأخر من المتلقيين ليقوم الاخر بالدور وطرح همومه من خلال الشخصية الممثلة . 
ان المُيَسر يشكل النواة العملية او المركز الذي تقع عليه الانظار ويحظى بمتابعة مكثفة من قبل الجمهور، وان ما يقدمه المُيَسر يساند المتفرج  الذي ابدى استعادة للتفاعل والتمثيل في الوقوف على الطريق الصحيح لأنشاء الاسلوب المطلوب للأداء ـ بوصفه حلقة الوصل بين الاحداث على خشبة المسرح وبين المتفرجين ، تمتاز هذه الشخصية بحياديتها العالية ووسطيتها ، اذ انه لا يتبنى ما يطرحه العرض ليُشعر المتفرجين بحياديته واعتداله ، كما لا يتبنى طروحات المتفرجين ، لانها قد تكون متضاربة وغير دقيقة ، بوصفها منطلقة من تقافات متعددة وكلها جديرة بالاصغاء والاحترام ، فهو لا يؤيد ولا يؤكد حتى في الحوار ، اذ ينتقي الفاظه بعناية كبيرة ويتجنب كلمات كـــ ( الصح ) او ( الخطأ ) الـ (نعم ) و الـــ(لا) بوصفه ميسراً فقط يسهل عملية التفاعل بين الممثلين وبين المتفرجين ، ويحفز المتفرج على المشاركة في منظومة العرض المسرحي من خلال كسر حاجز الجليد الذي يفصل بين الخشبة والصالة ، اذ انه يبدأ بتوضيح فكرة ونمط العرض في المسرح التفاعلي ، كما يبدأ بتعريف الجمهور بالممثلين بشخصياتهم التمثيلية و شخصياتهم الحقيقية كخطوة اولى لمد جسور التواصل والتفاعل بينهم وبين الممثلين ، ثم يبدأ بطرح الاسئلة العامة على المتفرجين، هذه الاسئلة تمتاز بعموميتها وبساطتها لان الغاية منها جعل المتفرجين يشعرون بالاطمئنان تجاه العرض ، بوصفه يطرح اشياء لا تجلب الحرج للمتفرج ، ثم تتطور عملية الميسر من خلال طلبه من الممثلين ان يعرضوا صورة ثابته باجسادهم ، هذه الصورة تحمل معان متعددة ، يبقى الممثلون في موقف الثبات ـ (Still picture  )  ليُعاود الميسر الى دوره ، من خلال فتح باب حوار جديد من خلال توجيه الاسئلة للمتفرجين بطريقة ودية عالية تشعرهم بذواتهم واهميتهم كأن تكون صيغة السؤال ، لو شاهدت هذه الصورة في مجلة ، او جريدة ، او مواقع التواصل الاجتماعي ماذا ستعلق عليها ؟ ان هذا السؤال في حد ذاته مفتوح وسهل وبأمكان الجميع ان يُجيبوا عليه ، فيبدأ الميسر ، بالاستماع لآراء المتفرجين واحداً تلو الاخر بشأن الصورة الثابتة التي قدمها المتفرجين بأجسادهم ، ويحاول ان يشجع المتفرجين المشاركين ، ويحفزهم بعد نهاية جواب كل متفرج ، ويمكن للميسر ان يكون مهذباً معهم وينهي جواب كل فرد من المتفرجين ، بكلمة شكراً و بلطافة ، ان هذا الاداء التفاعلي للميسر ، يساعد في تحفيز الاخرين للمشاركة والتفاعل مع الصورة التي عرضها الممثلين بأجسادهم ، هذا ما تحقق في عرض في مسرحية (ERROR) التي قدمها الباحث لصالح المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) ومنظمة الاغاثة والتنمية الدولية في بغداد ، قُدم هذا العرض في منتدى شباب الفاروق في حي الجامعة ببغداد بتاريخ  22/8/ 2017 ، استمر العرض لمدة يومين ، ناقش اهم القضايا العالقة بين المجتمع ( المُضيف ) و المجتمع (النازح ) في بغداد ، اذ تناول جملة من القضايا التي يواجها المجتمع النازح في مخيم حي الجامعة ببغداد ، ومن اهم هذه المشاكل هي مشكلة التعليم والالتحاق بالجامعات بالنسبة لخريجي الدراسات الثانوية من النازحين وطريقة التحاقهم ، بوصفهم نزحوا قسراً من مناطقهم، ما سبب التخلف بالالتحاق في جامعاتهم الام ، وعدم السماح لهم بالقبول في جامعات اخرى ، بسبب جملة من المعوقات الادارية التي تواجههم، تناول العرض هذه الموضوعات بمشاهد مسرحية قدمت من قبل شباب هم غير ممثلين ولم يُمَثلوا من قبل وهم من المجتمع النازح ومن المُخيم ذاته جاء هذا العرض نتاج ورشة قام بها الباحث استمرت لمدة (14) يوم  اذ عملت المنظمات الراعية للعرض ، بدعوة جميع المسؤولين في وزارة التعليم والتربية الذين هم اصحاب قرار وذات صلة بالمشاكل المطروحة ، فتناول العرض معاناة الطلاب النازحين من مدينة الموصل باتجاه بغداد ، ومشكلة عدم التحاقهم بالجامعات والموقع البديلة لجامعاتهم الاصلية بسبب المعوقات الادارية ، وعندما انتهى  العرض ، قام المُيَسر بفتح باب الحوار والنقاش مع الجمهور ، تمثل الحضور بالمسؤولين و اصحاب القرار في الوزارة المعنية ، والمجتمع النازح في مخيم حي الجامعة ، اذ قام الميسر بفتح حوار واضح وصريح امتاز بدرجة كبيرة من الشفافية ، اذ اتاح الوقت للمسؤولين المختصين بوزارة التربية والتعليم ، كما اتاح للطلبة النازحين ان يدافعوا عن طروحاتهم ضمن انساق العرض ، وقد انتهى العرض بجُملة توصيات ، ألزَمت ممثلي وزارة التربية و التعليم بمتابعة الموضوع ، وتسجيل جميع الطلبة الذين تخلفوا عن الالتحاق بالجامعات البديلة ، او الذين لم يتسنى لهم الالتحاق ، وقد تابع الفريق الاداري المختص بعد فترة من نهاية العرض وتم تلبية الاحتياجات للحالات القانونية . 
ان العرض المسرحي التفاعلي يعتمد في مجملة على جهد ادارة الميسر للحوار بين طرفين المعادلة ، وضبط ايقاع العرض ، وتلافي المواضيع الجانبية التي لا تمت للعرض بصلة ، عن طريق ثكثيف الحوار وايجازه بالشكل الذي يتناسب مع اهداف العرض وجمالياته، آخذاً  بنظر الاعتبار نهاية العمل المسرحي بالطريقة الحرة التي يمكن من خلالها الوصول الى نتائج مجدية تساهم تقريب وجهات النظر . 
___________________________________
1- للمزيد ينظر ، وسام عبد العظيم ، المسرح التفاعلي من الصفر الى العرض ، ( دمشق ، دار و مؤسسة رسلان للطباعة والنشر والتوزيع ، 2019)  .  ص27 .
2- للاستزادة ينظر ، وسام عبد العظيم ، المصدر نفسه ، ص17 . 

ملحمةالحرب بين اورك وارتا / علاوة وهبي

مجلة الفنون المسرحية 

ملحمةالحرب بين اورك وارتا  / علاوة وهبي

يحدثنا صوئيل كريمر في كتابه عن الاساطير السومرية التي ترجمها عن ملحمة الحرب التي جرت بين مدينتين هما اورك وارتا  ويقدم ترجمة كاملة لنص الملحمة .
وانت تقرا نص الملحمة كما اورده تلاحظ ان الملحمة قد جاءت وكنأها نص مسرحي في شكله البدائ .مما يدفع الي الاعتقاد  القائل بان المسرح كما عرفناه من الاغريق  ليس مهده  الاغريق ولكن الموطن الاول هو بلاد السومريين في العراق اضافة الي بعض النصوص كذلك من الاساطير المصرية  وان الاغريق الذين سبقتهم الحضارة السومرية والمصرية بالاف السنين ايتولوا  علي هذا الفن ضمن ما استولوا عليه من الفنون الاخري ونقلوهوااي بلادهم    وعملوا علي تطويره وتحوير قصصه  لتتناسب مع مجتمعهم الاغريقي وفي ذلك اشارات اخري في كتب اخري اهمها كتاب التراث المسروق لجورجي جي جيمس  وخلافه 
في اسطورة حرب اورك مع ارتا  تتوفر الكثير من عناصر المسرحية في بداياتها الاولي  قبل ان تضاف شخصية ثانية الي الشخصية الوحيدة كما بدات .
تقول الاسطورة ان حاكم اورك اينمركار  وهو اخ الالهة انانا الهة الحب  وتقابلها الهة اخري  عند الغريق والرومان وهما افروديت الاغريقية وعشتار الرومانية . حاكم اورك يتطلع الي بسط يلطته علي ارتا واخضاع سكانه لسلطته ويطلب من انانا المساعدة واعدا اياها بان يبني لها معبدا  ويعبر لها عن رغبته في الحصول عليوالكنوز التي تتوفر عليها ارتا من لؤلؤ وذهب  وغيرها .وقبل ذلك كان استشار في الامر مستساره وهو الذي اوحي له بطلب المساعدة من اخته انانا .ولكن انانا كانت هي التي منحت مدينة ارتا لحاكمها الحالي .الاان عاطفة الاخوة تتغلب فتعد اخاها بما  طلب .وعليه ان يرسل الي ارتا رسولا بعد ان يختار له اللباس وفق شروط تضعها انانا .ويوافق اينمركار  ويرسل رسوله الي حاكم ارتا طالبا منه الاستسلام له والحاق ارتا باورك وان يرسل اليه الذهب والؤلؤ وان يبني له قصرا ومعبدا لانانا .ولكن حاكم ارتا يرفض ذلك ويقول للرسول بان انانا هي التي نصبته حاكما علي ارتا ليعود الرسول الي اورك ويخبر حاكمها برد حاكم ارتا وانه يفضل الحرب علي الاستسلام وبقاء مدينته حرة علي ان تستعبد .وتقوم الحرب بين المدينتين وينتصر فيها اينمركار . ويضم ارتا الي حكمه ويبني قصره ومعبد اخته انانا.
الاسطورة القصيدة  التي كتبها  الشاعر الذي لا ذكر لاسمه هي من النوع اللحمي التراجيدي  تتوفر فيه عناصر عدة من المسرحية .ولا اكاد اشك في ان هذا النوع من القصائد كان يقدم في باحات المعابد السومرية التي تشبه السارح البدائية قبل البنايات التي وصلتها منها  وان انشادها كان يتن تمثيلا كذلك بالنظر قلت الي ما يتوفر في باحات المعابد من فضاء كفبل باحتضان مثل  عروض انشاد هذه الاعمالوالملحمية .الماساوية والتي كانت محل فخر المنتصر في الحرب  
ونجد اذن في هذه الاسطورة الملحمة  عنصر الشخصيات المسرحية وعنصر الصراع   والمشاهد.
ولو حاولنا  وضع مشاهد العرض الملحمي هذا فسنجده كالتالي
اولا...مشهد اينم
ركار ومستشاره
ثانيا..مشهد اينمركار وانانا
ثالثا مشهد اينمركار  والرسول 
وتاتي بعدد رحلة الرسول وهنا يتدخل الكورس ليحكي لنا مشاق رحلة الرسول مناورك الي ارتا
 رابعا مشهد الرسول وحاكم مدينة ارتا 
خامسا ..عودة الرسول يرويه الكورس .
سادسا  .وصول الرسول الي اورك ولقاءه مع سيده اينمركار  واخباره برد حاكم ارتا.
سابعا ..اعلان الحرب وقيامها .ويروي اخباره الكورس  كما وصلنا ذلك لان كل ما لا يشاهد يرويه  الكورس الذي تلك هي وظيفته .
المشهد النهائ الاحتفال بالنصر 
هذه القصيدة كما اوردها كريمر واورد ترجمتها في كتابه  من الالواح السومرية  وكما راينا تتوفر علي كل عناصر النص المسرحي في بداياته الاولي وهي اسبق من النص الاغريقي بحوالي ثلاثة الاف سنة  ومع الاخذ  بمقولات  ان الاغريق سرقوا تراث الشرق ونسبوه تلي انفسهم مع التحوير فيه وادخال عليه ما يتوافق وحياتهم   نكاد نجزم بان مبلاد المسرح ومهده هو بلاد المشرق والرافدين وليس الاغريق  .ان الامر يحتاج الي وقفات اطول ودراسات  وابحاث اعمق وتمحيص في الامر ..هنا نكتفي باثارة الموضوع والتلميحات .وعلي المختصين في الجامعات التاكيد وارجاع الحق لاصحابه.

السينما في العراق

مجلة الفنون المسرحية

السينما في العراق 

الجمعة، 5 يونيو 2020

كتاب السيكودراما فلسفتها وممارستها نأليف د. رأفت عبد الحميد أحمد

مجلة الفنون المسرحية



كتاب السيكودراما فلسفتها وممارستها  نأليف د. رأفت عبد الحميد أحمد

مقدمة الكتاب

عندما بدأت مشروع هذا الكتاب، وتعرفت على جاكوب ليفى مورينوJacob L. Moreno الطبيب النفسى ومؤسس السيكودراما من خلال أعماله، وبعد خوض هذه التجربة اكتشفت أن ما أعرفه كان قشورا متعلقة بتقنيات السيكودراما وليس فلسفتها وعمقها وتأثيرها الساحر على الإنسان، وتبين لى أن مورينو صاغ مسلماته بطريقة قد لا يفهمها عادة أولئك الذين يمارسون التفكير النقدى. وتقول زيركا Zerka بأن الجانب الشاعرى الملهم فى أعماله يغيم على عرضه العلمى. فهو كما تحدث دوريس تويشل ألين Doris Twitchell Allen، بأنه “فعال، مثل السماء والمحيط” يساعد الناس على التجاوز الدينوى، لتوسيع واقعهم (See Zerka’s foreword,1994 in book Psychodrama since Moreno).
ولعذارى السيكودراما، هذا الكتاب يستعرض لكم أحد طرق العلاج النفسى الذى يمزج بين الدراما كنوع من أنواع الفنون وعلم النفس كأحد العلوم الإنسانية التى تكشف عن الواقع النفسى للإنسان، فهو يعمل على تكامل العقل والجسد، والفن والعلم. وينقسم مصطلح Psychodrama إلى شقين الشق الأول Psycho ويعنى نفس، والشق الثانى Drama وتعنى دراما أو الفعل أو التمثيل الحركى، بالتالى Psychodrama تعنى الدراما النفسية أو المسرحية النفسية.
وتقول زيركا مورينو Zerka T.Moreno، أن السيكودراما أثبتت أن العمل يسبق الكلام، والكلام ينمو متأخرا وليس الطريق الملكى إلى النفس. ففى التعليم التفاعلى لا يمكننا فصل الجسم عن النفس(See Zerka’s foreword,1994 in book Psychodrama since Moreno) .
وسوف يتبين فى هذا الكتاب أهمية المجموعة العلاجية باعتبارها نموذج صحى لتعاملاتنا مع الناس، حيث تقول زيركا ، أننا مبدعين مشاركين فى عالمنا والكون والمسئولية الشخصية والمعالج فى الداخل. وما تذكره عن زوجها مورينو وظل معها إلى الآن، تعريفه للعلاج النفسى الجماعى، بأنه شخص واحد هو العامل العلاجى للآخرين، ومجموعة واحدة هى العامل العلاجى للآخر. وأيضا يرى أن السيكودراما هى استكشاف الحقيقة الشخصية للبطل/المريض، بطرق الإرتجال الدرامي(See in Ibid).
وهناك العديد من الملاحظات حول الإبداع السيكودرامي: فمن الأفضل الوصول إلى تنفيس عبر الفعل أو التمثيل بشكل كامل، لأن هذا سيزيد من تنفيس باقى أعضاء المجموعة، فعندما يكون الواقع قمعيا للغاية فإننا نحتاج إلى تجاوزه فى مجال الواقع الباقي(القدرات الخيالية)، الذى يجعلنا نقوم بما كان يمكن أن نقوم به أو كان يجب أن نقوم به، لاستكمال الواقع الفعلى، وتجاربنا وخبرتنا تستند على فهمنا لهذه الأحداث والأشخاص وأن التصورات العقلية قابلة للتغيير(See Ibid).
هذا الكتاب هو بمثابة مصدر منعش لإلهام الذين يمارسون السيكودراما. وهو يركز على أفكار مورينو التى تركت بصماتها فى مجال علم النفس العلاجى المتمثله فى العديد من مفاهيمه السيكودرامية، مثل المواجهة الشخصية والعفوية والإبداع، والمخزون الثقافى، وفعل الجوع، ومفهوم تيلى، والواقع الباقى وغيرها من المفاهيم السيكودرامية، هذا إلى جانب السياق التاريخى والفلسفى للسيكودراما وعرض لتأثير اللاشعور فى العملية العلاجية، وكذلك استعراض العديد من التقنيات والتطبيقات السيكودرامية والتمارين الاحمائية المتعلقة بالتطبيقات النفسية، بالإضافة إلى تناول المراحل الرئيسية فى السيكودراما بشكل متعمق( مرحلة الاحماء، ومرحلة الفعل ومرحلة المشاركة، ومرحلة المعالجة أو التحليل)، وكذلك يركز على الأدوات الرئيسية للسيكودراما بصورة أكثر عمقا(البطل/المريض، الأنا المساعدة، المخرج الجمهور/باقى أعضاء المجموعة والمسرح). وبحكم عملى فى مجال علاج الإدمان خصصت الفصل الرابع عشر من هذا الكتاب لتقديم مجموعة كبيرة من تمارين منع الزلة/الانتكاسة لمرضى إدمان المخدرات وأهدافها وخطوات تطبيقها. والخلفية المرجيعة لهذه التمارين، جزءً منها، من خلفية تحليلية بهدف الكشف عن الديناميات النفسية لمتعاطى المخدرات، وجزءً آخر، من خلفية سلوكية تشدد على المتغيرات أو المنبهات البيئية التى تؤدى إلى الزلة أو الانتكاسة. حيث يمكن إعادة بناء المتغيرات أو الاشارات الظرفية أو الشرطية من خلال السيكودراما والتدرب على السلوكيات البديله التى تقى من الانتكاسة. وكذلك الاهتمام بالعلاقات البين – شخصية ودورها فى الانتكاسة والتعافى.
فهذا الكتاب صالح للمبتدئين أو كما تصفهم مارسيا كارب Marcia Karp لعذارى السيكودراما، (وكذلك لغير المبتدئين)، فهم عذارى لأن اسألتهم تحافظ على إلهام وعفوية وأساسيات وفلسفة السيكودراما، فهم فى حاجة لطرح أسئلة مثل، ما هى السيكودراما؟ ما الأساس الفلسفى والنظرى الذى يجب أن نفهمه ونفسره وفقا لما يحدث؟ كيف يمكنى كمخرج أو معالج أن أقوم بتعظيم الأنوات المساعدة والإستفادة من الحكمة الجماعية للمجموعة؟ وما هو دور المخرج؟ وما هو نوع الاحماء الأكثر ملاءمة لهذه المجموعة المعنية؟ وكيفية عمل الاحماء لتحرير العفوية؟ وكيف نختار البطل من هذه المجموعة؟ كيف نصل إلى الإغلاق، وماذا يمكننا أن نتركه مفتوحا لمزيد من الاستكشاف؟ وكيفية ممارستها؟ وما علاقة الدراما النفسية بالدراما الكونية؟ وما هو تأثير الفراغ المسرحى على المرء؟ وغيرها من الأسئلة التى تعكس قائمة موضوعات هذا الكتاب، متمثله فى وحدة متماسكة.
تقول زيركا، أن أحد الأمور المهمة التى تعلمتها من عملية الاحماء وهى أنه عندما يتم احماء البطل بشكل كامل، لن يكون هناك جزء من الذات متاحا للوقوف جانبا، ولا يمكن لأى جزء أن يلاحظ أو يسجل الفعل؛ أى لا يكون هناك الجزء الناقد فى الذات (See Zerka T.Moreno’s Preface,1998. In book The Handbook of Psychodrama).
يعتقد مورينو أن كل شخص منا لدية ثلاث مكونات فى داخلنا المخرج والممثل والمراقب/الناقد. يخبرنا المخرج بما يجب فعله، فمثلا يقول المخرج “ابدأ بإجرا مكالمة هاتفية لا تحضرها”، مشيرا للممثل بإجراء المكالمة الهاتفية فلا يمكن للمراقب/الناقد أن يسجل ما يحدث من فعل إذا كان الممثل أو الفاعل مشاركا بشكل كامل؛ أى فى حالة من التعايش فى الموقف بعفوية باعتباره واقعا حقيقيا. هذا يعنى أن الممثل لا يمكنه تذكر ما قيل أو فعل ولكن يحدث التذكر عندما يسمح الممثل للمراقب/للناقد بأن يسجل التفاعل. فالممثل الذى يحترق تماما لا يترك أى مجال للمراقب/الناقد. وهكذا فإن عدم التذكر ليس هو الكبت لأن المرء لا يستطيع إلا كبت ما تم تسجيله فى الواقع. كل من المخرج والمراقب/الناقد بعيدا عندما يبدأ الممثل. إنه سبب رئيسى لماذا فى كثير من الأحيان لا يمكننا تذكر ما قيل أو حدث، ويسمي مورينو هذا “حرارة الفعل الأبيض”. عندما نرى أنفسنا فى وقت لاحق على شريط فيديو على سبيل المثال نحن نكون مذهولين: “هل فعلت هذا حقا؟” “كيف نظرت هكذا أو تصرفت بهذه الطريقة؟” حرارة الفعل الأبيض تحترق بعيد عن المراقب/الناقد. فعندما يكون المراقب/الناقد حاضرا، فى صورة صوت صغير داخلى يقول لك مثلا ” أنت ربما لا تفعل هذا جيدا”. فالآثار المترتبة على عدم التذكر هو عندما تُظهر نسيانا أو غيابا للذهن، فإن ذلك يرجع إلى أن عملية الاحماء الفعلية قد اكتملت(See Ibid).
ويتعين على المخرج إعادة البطل إلى مكانه فى المجموعة بأمان، وأن مشاركة المجموعة تتم بموادة ولطف. وتتيح هذه المشاركة للبطل أن يشعر بأنه مدعوم من البناء المعرفى لبعض الخبرات بطريقة إنسانية وغير صريحة فى المجموعة، ويتبن ذلك عندما يشارك عضو فى المجموعة عضوا آخر، ويقول له مثلا “تذكرنى خبرتك بخبرتى..إلخ”. وتقول زيركا، بأن مورينو علمنا أن التأكيد على الآخر والتصديق على خبرته أمر مهم جدا. مع هذا التأكيد فمن الممكن الوصول إلى”مفهوم تيلى” Tele أو “عن بعد”. وأفضل فهم لـ”تيلى” هو عبارة عن الوصول إلى مشاعر شخص آخر وقبول ومشاركة حقيقة تلك المشاعر فى اعتراف متبادل بالحقيقة. تعمل “تيلى” بين المخرج والبطل، والأنوات المساعدة والبطل، وبين أعضاء المجموعة. ولكن كيف تعمل “تيلى” بهذا الشكل الخفى؟. يحدث ذلك مرارا وتكرارا، وتستكمل قائله: فى الأونة الأخيرة اختارت بطلة وهى امرأة شابة، أحد الأعضاء( باعتباره الأنا المساعدة) ليمثل أبيها الذى توفى قبل بضعة أشهر، كان شاب يعمل فى نفس عيادة الصحة العقلية. لم يتم مناقشة موت والدها معه أبدا على الرغم من أن الموت كان له بعض الملامح الغير عادية. وفى عرض المشهد أظهرت أن والدها توفى أثناء نومه بجوار والدتها، بسبب أزمة قلبية حادة. لم تكن والدتها على علم بما حدث لأنها نامت من خلال الوسائد المتواجدة بينهما لتسهيل النوم الهادىء. وتمكنت البطلة أن تستكمل واعيها لوالدها، وهو عمل ذو مغزى عميق. وتمثل دهشتنا عندما بدأ مشاركة الأنا المساعد وقال: ” لم أتحدث ابدا عن هذا، لكن والدى توفى تماما بنفس الطريقة”. يا لها من دهشة، فالبطلة اختارت هذا الشخص من بين 45 شخصا، اختارت الشخص الوحيد الذى شارك خبرتها تماما. وتمكن العديد من أعضاء المجموعة أيضا بالمشاركة والتنفيس. فالحياة معقدة للغاية، لكن خصوصية الموقف كان يخص هذين الشخصين فى المجموعة اللذان كانا مرتبطين بشكل غير مرئى. ويتبين تيلى أيضا فى اختيار الشخص للعضو الذى يريد الجلوس بجواره فى المجموعة. إنه “تيلى” المسؤول عن العديد من تفاعلاتنا الخفية والغير مرئية. والاستفادة من هذا الوعى، لأن قدرتنا على التواصل بشكل مثمر مع كينونة زملائنا التى تؤسس أمننا فى الحياة نفسها وتحافظ على توازن بيئتنا الاجتماعية – العاطفية . (Ibid)
وفى هذا الكتاب سوف تقرأ أيضا عن مفهوم الدور وعكس الدور، وأن الأدوار التى تلعبها أو تحتاجها للعب تؤثر على سلامتنا المتبادلة وتساعدنا فى التفكير بأنفسنا كممثلين مرغوبين فى مسرح الحياة لأننا ونحن نرتجل يمكننا أن نلاحظ إذ كنا نتفاعل بطريقة مثمرة أو غير منتجه، بينما ونحن ننخرط فى هذا التعلم تكمن العفوية والإبداع فى الخلفية السيكودرامية، والتراجع والقيام بالفعل مرة أخرى بطريقة مختلفة هذا هو المكان الذى يمكن فيه إتقان العفوية والإبداع باعتبارهما مبدأن متلازمان(See Ibid).
قد يبدأ المرء فى إدراك أن الحقيقة الذى يعيش فيها قد لا تكون حقيقة بالنسبة لشخص آخر، وأن هذا هو مصدر الصراع بين الأفراد. والطريقة الرئيسية لتخفيف بعض الأذى فى تباين هذه الحقائق هى أن ندرك أن ما يتعامل معه كل منا هو “إدراكنا الذاتى” لهذه الحقائق التى غالبا ما تكون مفككه. سيطلب منك فى السيكودراما كما فى الفن تعليق الحكم النقدى أو رفعه لفترة من الوقت، ليتحدث قلبك وليس فقط رأسك. الذكاء والفطنة فى السيكودراما هى الفخاخ. إن فكرة “الإدراك الذاتى” تمنحنا الأمل لأن الإدراك دائما خاضع للتغيير وإعادة التقييم فى ضوء النتائج الجديدة. هل تذكر عندما ذهبت إلى المدرسة لأول مرة أو الجامعة؟ عدت إلى المنزل بعد فترة وبدا وكأن منزلك قد تقلص. هل تقلص المنزل حقا أم أنه مفهومك الذاتى الذى تغير؟ هل اكتشفت مؤخرا شيئا مثيرا للدهشة فى شخص ما أو صديق كنت تعتقد أنك تعرفه جيدا؟ هل هذا الاكتشاف احدث فرقا فى علاقتك؟ إن الوعى بالجوانب الجديدة أو الأدوار الجديدة، فى الذات وفى الذات الأخرى، هو الذى يخلق هذا التغيير، أى يحركك الإدراك الذاتى إلى منظور مختلف. نحن ليس لدينا الوعى الكامل بالذات الأخرى، والتعلم العميق فى السيكودراما يعنى أن نكون متواضعين حول ما نعرفه ونكون متفتحيين ومتحمسين للتعلم الجديد الذى يقدمه، مثل الفنيات السيكودرامية المتمثله فى البديل، وعكس الدور، والمرآة ومناجاة النفس والعديد من التقنيات الأخرى، كلها طرق لمساعدتنا فى التعلم(Ibid).
ولا يسعنى فى ختام هذه المقدمة غير أن أقول يا له من سحر وروعة درامية المسرح الداخلى للإنسان عندما تلتقى مع الفارغ الخارجى وتضع حدودا لها فى هذا الفضاء المسرحى فى حالة من التناغم الغير عادى مع مسرح وسحر الدراما الكونية لتظهر الذات فى شكل ثلاثي الأبعاد. فمن بداية هذا الكتاب تعمدت أن أخذ القارىء إلى قلب الحدث مباشرة، إلى قلب السيكودراما، ومناقشة مبادئها فى صورة دراماتيكية مرآوية عاكسة سبب معاناة الإنسان المتمثلة فى كذبة فى داخله. وهذا بالطبع يجعلنا نضع أيدينا على أعظم ثروة يمتلكها الإنسان وهى تلك الطاقة الغير قابلة للبقاء، أو السمة الأصيلة الملهمة للسيكودراما وهى العفوية والإبداع.
لذا أتمنى للقارىء أن يكتشف من خلال هذا الكتاب، المبدع الذى فى داخله. وأن يكون هذا الكتاب مرجعا حقيقيا له كمعالج غير تقليدى. وفى مناطق كثيرة فى هذا الكتاب سوف يتعايش القارىء مع واقعه الباقى، وسيصبح فى لحظات كثيرة مؤلف ومخرج وممثل مشارك من خلال ما يقرأه فى هذا الكتاب.

د. رأفت عبد الحميد أحمد

السيكودراما بين الواقع والخيال / وائل زكريا مصطفى

مجلة الفنون المسرحية 


السيكودراما بين الواقع والخيال 
 

السيكودراما (بالإنجليزية: Psychodrama)‏ هوكلمة مركبة من Psychee الروح و Drama الفعل , وهى تعنى حرفيا " الدراما النفسية " أطلقت تسمية سيكودراما على شكل من أشكال المعالجة النفسية من خلال التقنيات المسرحية والدرامية وعلى استخدام المسرح كوسيلة تربوية كما انه  مصطلح يطلق عليه نوع من أنواع العلاج النفسي الذي يجمع بين الدراما كنوع من أنواع الفنون وعلم النفس و تكمن فعاليته في مساعدة الشخص على تفريغ مشاعره وانفعالاته من خلال أداء أدوار تمثيلية لها علاقة بالمواقف التي يعايشها حاضراً أو عايشها في الماضي أو من الممكن أن يعايشها في المستقبل و جلسات علاج السايكودراما تتخذ وقتاً من 90 دقيقة إلى ساعتين وهي ليست العلاج الجماعي بل هي جزء منه تشترك فيه في منطق التنفيس الجماعي و تستخدم لعلاج الصدمات العاطفية, والعنف الاسري وللذين تعرضوا للعنف والمدمنين على الكحول وغيرها من المشاكل النفسية الاجتماعية والعائلية التي يعيشها الفرد والهدف من السايكودراما هو إيجاد حلول للمشاكل عن طريق مساعدة الشخص في فهم مشاعرهم عبر تجسيد الواقع بشكل تمثيلي تحاول إخراج الشخص من عزلته النفسية وتعتبر السيكودراما  أسلوب عملي لحل مشاكل الشخص بدلاً من الأساليب الشفهية المتبعة في العلاج النفسي التقليدي كالتخيل والتنويم المغناطيسي وان العلاج بالسايكو دراما يتمحور على ثلاثة عناصر وهم
المخرج وهو نفسه المعالج النفسي والذي يكون وظيفته اخذ المشكلة من المريض وكتابتها سيناريو وتجسيدها في التمثيل والشرط الاساسي لحل المشكلة ان يكون المريض هو البطل الاساسي في العمل المسرحي او الدرامي ومن ثم إختيار الممثلين  كما تتكون جلسة العلاج من مجموعة وهم المممثلين الباقيين المساعدين للمريض في أداء دوره بالقيام بأدوار أخرى في المسرحية، عادة يتراوح عددهم من 10 إلى 15 وقد يصلون لخمس وعشرين شخصاً. كلما قل العدد كلما زادت فاعلية العلاج كما ان المريض وهو نفسه الذي تتمركز حوله أحداث المسرحية ويقوم بتمثيل واقع حدث له من أجل إيجاد فهم أكثر عمقا ( استبصار) ويجب أن تكون السيكو دراما تعبيرا صادقا عن مشكلة خاصة أو مشكلة جماعية او اجتماعية وأثناء تمثيلهم للأدوار التى يقومون بها يتذكرون ما حدث لهم ويقدمونه بالصورة التى تتطلبها عملية التنفيس الانفعالى ويتخلصون من مخاوفهم وشعورهم بالنقص أمام الجمهور فيحسون بالراحة والاندماج فى المجتمع ومعنى هذا أن الجمهور أو المشاهدين شرط جوهرى في خفض حدة اضطراب الانتباه المصحوب بالنشاط الحركي الزائد  ونذكر ايضا ان السيكودراما هو أسلوب لحل المشكلات كافة فعندما يميل الطفل لتقليد دور الأب والام والمدرس والضابط والطبيب والنجار وساعي البريد وعامل النظافة والممثل الخ هنا يتطور الطفل نتيجة تأديته لهذه الأدوار التي لها جاذبية خاصة للصغار وهنا تعتبر حالة من حالات اللعب التلقائي الذي يجمع بين الخيال والواقع والحقيقة والخرافة كأسلوب علاجي له وجاذبية خاصة لدى الطفل وتفريغ ما بداخله و تنمية المعلومات العامة واكتساب المهارات التي تم تقليدها وتنمية مفاهيم تعمل على تغيير السلوك للمتعلم كمفاهيم الجمال.. الأشكال.. الأحجام.. الألوان.. الاحساس والتعايش مع بيئة توصي على استخدام الحواس الخمسة من خلال تركيز الطفل على مباديء وقيم مكتسبة من خلال السيكودراما والقصة مثل.. التعاون.. الصدق.. الأمانة.. الحب.. الاحترام.. النظافة.. تنمية الثقة بالنفس.. تنمية الجانب العقلي والبدني و الوصول للمعلومة بشكل تلقائي غير مباشر من أهداف السيكودراما  تنمية اللغة و تنمية مهارة الاتصال و تنمية المفاهيم و الانتقال من لعب الحس الحركي إلى اللعب الدرامي من خلال السيكودراما و مثال لذلك عند الذهاب إلى البائع  فهناك تعلم للمفاهيم مثل معرفة النقود وقيمتها وفائدتها والتعرف على الطريق.. السير على الرصيف.. التعرف على نوعية المحلات بالشارع والدمج في المجتمع و الأتصال بالعالم الخارجي و القواعد الهامة للمشاركة في السيكودراما اولا ألا يكون المشارك تحت تأثير مخدر أو دواء قوي ثانيا ألا يكون في حالة عقلية غير طبيعية لا تسمح له بالتفاعل مع الآخرين. 
وأثناء الجلسة لا يسمح بالآتي: 
1. الحوارات الجانبية بين المشاركين.
2. استخدام الموبايل أو فتحه أو سماع رناته.
3. الخروج قبل انتهاء الجلسة. 
4. مقاطعة المتحدث أياً كان وضعه مشاركاً أو بطلاً.
واهم محاور السيكودراما هــي اولا  التفاعل الجماعي ثانيا غرس الأمل فإن المريض يجد الأمل في الشفاء عندما يجد آخرين معه مشاركين في مراحل التحول والتغيير إلى الأفضل كذلك مقابلة المعالج الذي لديه الاعتقاد والحماس الشديد في الدور المؤثر العلاجي للسيكودراما ثانيا الشعور بانتشار الشكوى الفردية :
إن المريض يشعر أولا أن مشكلته فريدة من نوعها وهي خاصة به فقط فيشعر  بالخوف والخجل ولكن أثناء السيكودراما يشعر أن خبراته المرضية منتشرة وشبيهة لتجارب الآخرين ويؤدي ذلك إلى تقليل الشعور بالوحدة والانعزالية ثالثا اكتساب مهارات فنية علاجية حيث يتعلم المريض مهارات التواصل وإيجاد حلول للمشاكل بين الأشخاص وبعضهم حيث يحدث تحرير وتنفيس المشاعر والأحاسيس المكبوتة في العقل اللاواعي ويتعلم معنى حياته وأنه مسئول عن كل اختياراته وأهدافه ومشروعاته يؤدي ذلك إلى حدوث خبرة مشتركة في المجموعة تؤدي إلى تقليل الشعور بالخجل والخوف و يقوم الفرد بالتعبير عن المشاعر الدفينة والداخلية في العقل اللاوعي ويحررها إلى الوعي ويؤدي ذلك إلى إدراكه بهذه الأحاسيس المكبوته و أيضا يقوم الفرد أثناء السيكودراما بمناقشة هذه المشاعر مع مشارك آخر وان الخبرات التي قد تم تخزينها داخل الجهاز العصبي عند التعرض للصدمة والتي أحدث المرض النفسي تقوم السيكودراما بتحريرها من الجهاز العصبي بالتعبير الجسدي وكلنا نعلم ان ( المسرح رسالة ) 
أن التمثيل المسرحي عمل فني راقي و هدف و رسالة فيها إنبهار للصغير  الطفل والكبير وفيها إثارة للقدرة العقلية و الذكاء و تثير القصة المسرحية إنتباه و تفكير ليحدث التميز البصري وهو ينظر إلى الممثلين
 و يستمع و يركز إلى ما يقال مثلا  قصص لتعديل السلوك و تجنب العنف و التعايش مع الأحداث الإجتماعية و التدريب على الذاكرة السمعية و إثارة اللغة و سرد الأحداث التي تساعد على النضج العقلي و عادات وقيم و مبادئ يحتاجها المستمع و يعيشها و يتفاعل فيها و معها وهنا يجب ان نفرق بين السوسيودراما والتي تهدف إلى تسهيل الاستبصار والتركيز على قضايا المجموعة حيث يتم طرح مشكلة معينة يشارك الجميع في التمثيل والعمل الدرامي أما السيكودراما هي التركيز  على قضية فردية داخل المجموعة (  المريض ) فالسوسيودراما هي  لاكتشاف تحديات العمل أو المهنة لدى مجموعة من الممرضين والممرضات و التعامل مع نوع معين من المرضى كمرضى الإيدز أو السرطان أو الأمراض المهلكة ويشارك فيها الجميع لإكتشاف تحديات المهنة بشكل عام

الهيئة العامة لقصور الثقافة تعلن أسماء الفائزين بجوائز مسابقة الكتابة المسرحية 2020 .. في التأليف و الإعداد المسرحي

مجلة الفنون المسرحية 
 الهيئة العامة لقصور الثقافة تعلن أسماء الفائزين بجوائز مسابقة الكتابة المسرحية 2020 .. في التأليف و الإعداد المسرحي 

أعلن الدكتور أحمد عواض رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة نتيجة مسابقة الكتابة المسرحية لعام ٢٠٢٠ والتي نظمتها الإدارة العامة للمسرح التابعة الإدارة المركزية للشئون الفنية بالهيئة ، برعاية وزير الثقافة الفنانة د.ايناس عبد الدايم .
ويصل إجمالي جوائز المسابقة ( ٥٤ ألف جنيه ) تشجيعا للكتاب علي تقديم نصوص مسرحية جديدة لتدعيم فرق الأقاليم المسرحية بنصوص جيدة .
وجاءت نتائج المسابقة في التأليف المسرحي كالتالي حيث فاز بالجائزة الأولي وقيمتها (١٥ ألف جنيه) نص "المهان" للكاتب سليم كتشينر ، وبجائزة المركز الثانى وقيمتها (١٠ آلاف جنيه) نص " دوار البحر " للكاتب محمد علي إبراهيم، بينما جاء في المركز الثالث بجائزة قيمتها (٧ ألاف جنيه) نص " هنَّ " للكاتبة أميرة أشرف طه . 
و قررت لجنة تحكيم نصوص التأليف المسرحي والتي ضمت في عضويتها الناقد  د. محمود نسيم ، الكاتب د. علاء عبد العزيز سليمان ، الناقد د. محمد سمير الخطيب ، منح شهادات تقدير لعدد من النصوص، استنادا إلى تميزها الفنى، وهذه النصوص هى : " القصر" للكاتب هشام حامد عبد الحافظ ، " "القفص المفتوح" للكاتب الأمير حسن شحاته ، " الفاختة " للكاتب عبد الهادي محمد عبد الهادي ، "خد لك ساتر" للكاتب طنطاوي عبد الحميد طنطاوي ، "الآخرون لا ينتصرون أحيانا" للكاتب أيمن محمد أحمد .
وأوصت اللجنة بإنتاج النصوص الفائزة بجوائز مالية والتي تم منحها شهادات تقدير ، ضمن خطة الموسم المسرحي المقبل لفرق الأقاليم المسرحية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة .

 وفي سياق متصل قررت لجنة تحكيم المسابقة في الإعداد المسرحي والتي ضمت في عضويتها الكاتب د. حاتم حافظ ، الفنان أحمد مختار ، الكاتب د. ياسر علام  ، منح الجائزة الأولي وقيمتها ( ١٠ آلاف جنيه )   لنص "العمى" عن رواية جوزيه سارماجو ، إعداد الكاتب إسلام محمد محمد توفيق .
وفاز بالجائزة الثانية وقيمتها ( ٧ آلاف جنيه )  نص "تاروت" عن رواية بيرسية ميريميه "كارمن" ، إعداد الكاتب محمود محسن السيد  .
 وفاز بجالزة المركز الثالث وقيمتها ( ٥ ألاف جنيه ) نص "أحدب نوتردام" عن أحدب نوتردام لفيكتور هيجو ، إعداد الكاتب خالد توفيق السمان .
 و منحت لجنة تحكيم الإعداد المسرحي شهادات تقدير للنصوص التالية لتميزها وهي :  "دعاء الكروان" عن رواية طه حسين "دعاء الكروان" ، إعداد الكاتبة إيمان سمير عبد القادر ، و نص "مدد يا سيدي المنصوري" عن كتاب الأهالي "فجر الاشتراكية المصرية" لمصطفى حسين المنصوري ، إعداد الكاتب أشرف أبو جليل ، مع التوصية بمنح الأعمال الفائزة والحاصلة علي شهادات تقدير أولوية الإنتاج بالموسم المسرحي المقبل لخطة الإنتاج التي تقدمها فرق الأقاليم المسرحية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة .
 وقال المخرج عادل حسان مدير الإدارة العامة للمسرح أن الهيئة العامة لقصور الثقافة أعلنت عن مسابقة الكتابة المسرحية في نوفمبر ٢٠١٩ الماضي ،  وتقدم لها (١٧١ نصا مسرحيا ) في فرعي التأليف والإعداد المسرحي لكتاب من مختلف الأجيال دون تقيد بالمرحلة العمرية  ، وبدأت لجنتي التحكيم أعمال فحص النصوص وتقييمها قبل أربعة شهور .
 وأكد الفنان أحمد الشافعي رئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية بالهيئة أنه سيتم طباعة النصوص الفائزة بالمسابقة في كتاب خاص لتكون متوفرة لجميع لفناني الفرق المسرحية بالأقاليم لتقديمها ضمن المواسم المسرحية القادمة ، تنفيذا لتوصيات لجنة التحكيم و تحقيقا لأهداف المسابقة بتقديم أعمال و كتاب جدد لحركة المسرح المصري في الأقاليم. 
وفي سياق متصل قال المخرج هشام عطوة نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة ، أن الهيئة سوف تحرص علي إقامة هذه المسابقة سنويا تقديرا لأهميتها والعمل علي إحداث  حراك مسرحي يسهم في تقديم و اكتشاف أسماء جديدة في التأليف المسرحي بجانب كتابنا المهمين .

____________________
ملحوظة : 
علي السادة الفائزين بجوائز مالية ضرورة التواصل مع الإدارة العامة للمسرح بهيئة قصور الثقافة لاستيفاء بعض الإجراءات عبر الهاتف التالي ( ٠١٠٠٢٠٢٩٦٥٣ )

الخميس، 4 يونيو 2020

المسرح فضاء ثالث للامتزاج الحر بين الثقافات

مجلة الفنون المسرحية
مسرح هجين لايعترف بحدود ثقافية وفنية 


المسرح فضاء ثالث للامتزاج الحر بين الثقافات

المسرحي العراقي حليم هاتف جاسم: الأجناس الفنية ما بعد الحداثة فقدت نقاءها.

محمد الحمامصي - العرب 

انتهى زمن الفنون النقية ودخل الإنسان إلى مرحلة جديدة، مرحلة تواكب التطور الهائل الذي تشهده المجتمعات البشرية التي صارت أكثر ترابطا وتداخلا اقتصاديا واجتماعيا ولغويا وثقافيا وغيرها، ما خلق مجتمعات بعيدة عن وهم النقاء الثقافي القديم، وهذا ما يدعو أيضا إلى خلق فنون تقوم على التهجين، ولا تعترف بدورها بالحدود القديمة، وهو ما يبرزه كتاب المسرحي العراقي حليم هاتف جاسم “هجنة الأداء التمثيلي في عروض مسرح ما بعد الحداثة”.

يتمتع الممثل والمخرج والباحث المسرحي العراقي حليم هاتف جاسم بحضور متميز في المشهد المسرحي العراقي والعربي، فإخراجيا قدم “سفر طاس” و”ملف مغلق” و”تداعيات”، وتمثيلا شارك في الكثير من المسرحيات أهمها “مسافر ليل” و”الخروج من دائرة الجنون” و”نزيف الذاكرة” و”المفتاح” و”لا قرار” و”المسخ” و”رحلة السندباد”، وهو مدرس مادة الإخراج والتمثيل في كلية الفنون الجميلة بجامعة القادسية، وأدار أكثر من مهرجان مسرحي.

كما أنه ناقد يتابع تجليات الرؤى الفنية، ومن إصداراته النقدية “هجنة الأداء التمثيلي في عروض مسرح ما بعد الحداثة”.

يشكل كتاب “هجنة الأداء التمثيلي في عروض مسرح ما بعد الحداثة”، الصادر أخيرا عن دار النفيس، إحدى أهم الدراسات التي تعالج مفهوم الهجنة في الدراسات الفلسفية والجمالية، تتناول بالتحليل أداءاتها الفنية وتمرحلات الأداء المسرحي من التجريب إلى مسرح ما بعد الحداثة.

التداخل بين الثقافات
يعالج الناقد الهجنة كأثر ثيمي واسع المدى ارتبط بآراء فلاسفة ما بعد الحداثة، ورأى أنه “لم تعد الأجناس الفنية جنساً نقياً، بل ظلت في جملة من التداخلات التي ساهمت في تفعيل الجوانب الجمالية والإبداعية فيها، والهجنة مفهوم ما بعد كولونيالي، إذ أن للكولونيالية الأثر الأشمل على هذه التمظهرات نظراً إلى ما تشيعه من طابع إشكالي كاسر للأطر والحوافز الأحادية، فهي تفرض سلطتها على المستعمَر ذي الثقافة الأقل انتشاراً أو الأقل مقبولية مع البنى المجاورة، ومن ثم تجعل من منظومتها الكريولية البداية الأشمل لحضورها، بحيث تكتسح ثقافة هذا البلد لتحيلها إلى أخرى”.

حليم هاتف جاسم :الثقافة الهجينة تبحث عن عبور
 الهويات لتجسيد روح العصر 
ويتابع “من هنا ظهرت في نهايات القرن العشرين صيحات مختلفة الأثر اتصفت بالهجنة، إذ برزت كفعل مغاير لكل ما سبقتها من المراحل، كونها ارتبطت بجملة أهداف أدائية بدءا بتمريرها الآخر فلسفياً، ومن ثم تأسست ثقافة هجينة وهي مرحلة البحث عما هو متداخل وعابر للهويات تجسيدا لروح العصر، من أجل خلق آفاق معرفية متناسلة، ومنها تتولد التساؤلات الكونية مع المتلقي ومغادرة كل الأشكال المألوفة/ العادية التي تضج بالمعنى الواحد كونها تنطلق من هيمنة الواحدية والسرديات الكبرى، لتشكل سردية افتراضية متوالدة بعيدا عن سرديات سلطوية مركزية”.

ويلفت جاسم إلى أن ظهور مفاهيم جديدة إلى الحياة الفكرية تمثلت في مفاهيم ما بعد البنيوية وما بعد الكولونيالية وما بعد الحداثة، أدى إلى تراجع الكثير من الأسس التي كانت سائدة كمحورية وعمادة النص المسرحي، وتغيرت النظرة إلى قداسة النص، وأصبح المخرج المسرحي أكثر هيمنة من المؤلف، وصار للعرض المسرحي نصه الخاص به، والأداء هنا يتبع أسلوب المخرج الذي يؤمن به، وكون الإخراج ضمن مفهوم ما بعد الحداثة لم تعد فيه تلك الأصولية والمنهجية للمدارس الإخراجية السابقة، فقد خضع لعدة مبادئ متناقضة، ولم يخش من دمج أساليب مشتتة، ويقوم بعملية إلصاق لأساليب تمثيل غير متناسقة ومتعددة، ومثل هذا الخلط والمزج في طبيعة أداء الممثل جعل من المستحيل تركيز الأداء التمثيلي حول مبدأ أو تقليد موحد، أو إرث لأسلوب أو طريقة معينة.

ويضيف “بذلك فإن عروض ما بعد الحداثة لم تعتمد الأسلوب الواحد في عملية الأداء، بل اعتمدت على تداخل الأساليب الأدائية، لاسيما في الأداء التمثيلي المهجن، ومنها ما اعتمد جسد الممثل مثل عروض ‘البانتومايم، والرقص الدرامي أو التعبيري’ ومنها ما اعتمد التكنولوجيا الحديثة في توظيف المنظر المسرحي، وأخرى ذهبت إلى أبعد من ذلك من خلال الخروج عن كل ما هو مألوف، وبات الأداء المسرحي يأخذ الشكل الدلالي/ العلاماتي الخاضع لمنظومة عرض سيميائي مشفر”.

ويتابع “ومثلما اختلفت الرؤى والطروحات في أسلوبية هذه العروض؛ غاب أسلوب الأداء التمثيلي الذي لا نستطيع أن ندرجه في أسلوب معين من ضمن الأساليب المتعارف عليها، كأسلوب غروتوفسكي في المسرح الفقير أو أنطوان أرتو في مسرح القسوة، إذ أخذ الأداء المسرحي المعاصر -كونه انعكاسا لأنساق الثقافة المعاصرة- يجمع أكثر من أسلوبين متداخلين، ومن هنا حل مفهوم هجنة الأداء التمثيلي في عروض مسرح ما بعد الحداثة كونها غير قادرة على فرز أسلوب معين لتداخل تلك الأساليب”.

في ضوء هذه الرؤية يتساءل جاسم عن الأساليب والتقنيات التي استخدمت لتحقيق التداخل والتعدد في الأساليب الأدائية في العروض الأدائية في المسرح المعاصر، وعن طرائق تمازجها الجمالي والدلالي. كما يحاول تحديد مفهوم الهجنة في العرض المسرحي كونها مفهوما إشكاليا ويعد من المصطلحات الحديثة الداخلة على الحياة المسرحية في العراق، لذا يقر بضرورة فك الاشتباك والتداخل ما بين الهجنة كمفهوم مستورد والأداء التمثيلي كأساس للعرض المسرحي العراقي، سعيا إلى توضيح أهمية ارتباط الأداء التمثيلي في المسرح العراقي وفق طروحات ما بعد الحداثة، وهي خلق شكل تثاقفي جديد داخل نطاق الاحتكاك الذي يخلقه الاستعمار، وهو مصطلح استخدم في خطاب ما بعد الكولونيالية، ليعني ببساطة التداخل بين الثقافات المتعددة وبأشكال متعددة لغوية ـ ثقافية ـ سياسية ـ عرقية.

ويشير الناقد إلى أن موضوع الهجنة يتمثل بكثير من الأداءات المحايثة لها التي وجدت لها أرضية واسعة في تنظيرات ما بعد الحداثة، ومع مجيء هذا العصر وثورة الاتصالات والمعلومات والتداخل الأيديولوجي الذي يتصف بالتنوع، وكذلك الهجرة التي من شأنها هي الأخرى أن تولد لنا تنوعا ثقافيا وهو ناتج من ثقافتين مختلفتين، وبالتالي فإن تلك المواضيع ما هي إلا انعكاس على المسرح كونها متواجدة في تركيبة العمل المسرحي سواء أكان في النص، أي نص المؤلف، أو في نص العرض الذي يشكله عبر منظومة عناصر العرض.

التناص وآفاق الممثل
الهجنة اعتمدت على الممثل كعنصر أساسي في توصيل لغة العرض المسرحي من خلال الحوار والتقمص في أداء الشخصية

يشدد جاسم على أن “التناص” قد يكون متواجدا في رؤية سابقة أو أداء سابق؛ كون التناصات، حسب رولان بارت، هي شأن أي نص. وهذه التناصات ما هي إلا رؤى متلاقحة ومزدوجة في نتاجها النهائي، مما يؤكد هجنتها في تعدديتها التي اتسمت بها، وكذلك المثاقفة التي باتت اليوم جزءاً مهما من ثقافة أي مجتمع عبر التداخل الثقافي والاحتكاك الذي تشكله والمسرح بوصفه واحدا من الفنون التي تؤثر وتتأثر بكل ما هو جديد.

معتبرا أن التجارب الأدائية ما هي إلا تجارب أغلبها وافدة جاءت نتيجة المثاقفة ما بين الشعوب والتأثر بثقافة تلك الشعوب، وخير دليل على ذلك نتاج العملية المسرحية العربية وتأثرها بالغرب وممارسة المسرح الغربي وتأثره بالمسرح الشرقي الذي اعتمد لغة الجسد في تجسيد العرض المسرحي والتي هي بالتالي تخضع لتعددية في الأداء، وهذه التعددية والمزاوجة أو التلاقح لا تؤكد هوية الأداء الخاضع هو الآخر إلى التنوع والتعدد والتداخل، فهو نتاج ثقافات أخرى لتنتج لنا بالتالي أداء هجينا، جاء من خلال اختلاط أداءات متعددة تشابكت وتعددت فيما بينها ليكون ناتجها متسما بالصفة الهجنوية”.

ويقول المؤلف “على الرغم من أن الفن يتصف بالجوهر الواحد، إلا أنه يمتلك سمة التنوع، وهذا التنوع أحدث بدوره تداخلا متخالطا ومتشابكا ولد نمطا هجينا غير خاضع لأسلوب واحد، بل تعددت فيه الأساليب بعد أن تشابكت ليكون ناتجها حصيلة أجناس متعددة لتولد لدى هذه الأجناس أسلوباً هجيناً جديداً، حيث أصبح موضوع الهجنة كثير الاستخدام في عالم ‘الموضة‘ والأدب والموسيقى والفن والمسرح والثقافة بصورة عامة”.

ويتابع حول مفهوم الهجنة أنه “غالبا ما يشير إلى الامتزاج الحر بين الأجناس أو الأساليب على أساس امتزاج ألوان الجلد، وغالبا ما نجد هذا المصطلح عند مفكري ما بعد الحداثة كونه يرتبط ارتباطا وثيقا بنظرية ‘ما بعد الكولونيالية‘ وهي تشير إلى خلق أشكال تثاقفية جديدة داخل نطاق الاحتكاك الذي يخلفه الاستعمار، وتتخذ بذلك أشكالا متعددة منها ما هو سياسي أو عرقي أو ثقافي، وقد ارتبط هذا المصطلح ‘الهجنة‘ بأعمال هومي بابا الذي يؤكد تحليله لعلاقة المستعَمر بالمستعِمر باعتمادها المتبادل بعضها على بعض في صياغة متبادلة، حيث كل البيانات والأنظمة الثقافية تصاغ بما يسمى بـ ‘الفضاء الثالث‘ وعادة ما تظهر الهجنة في هذا الفضاء المزدوج والمتناقض”.

وحول فضاءات الهجنة التناصية يؤكد جاسم وجود تداخل بين مفهوم التناص، بناء على حضوره الأدبي والفني، ومفهوم الهجنة في النص الأدبي المسرحي، وكذلك في نص العرض المقدم إلى جمهور يتفاعل بصورة جماعية آنية، فالتناص يحدث وفق قراءات متخصصين لتواجد نصوص أخرى سابقة من خارج حدود النص المكتوب التابع لمؤلفه، لتكون متماهية مع النص وبداخله إذا كان المؤلف يعي ذلك أو لم يعه، أو إذا كان يقصد ذلك أو لم يقصده، فعملية الحضور التناصي موجودة وفاعلة، لأن التناص لم يأتِ وفق رغبة أو نزوة، بل نتيجة لتفكير ومجهود أخذ زمنا، فضلا عن تطور المناهج النقدية والدراسات الحديثة التي قرأت الماضي والحاضر بمنتجاته الأدبية، ثم إن التناص يمنح أفق النص أبعادا جمالية وحضوراً تاريخياً، شأنه شأن الهجنة التي تمثل قراءة العصر وتناول تلويناته الفكرية والفنية.

ويوضح أن العروض المسرحية المهجنة تباينت وفق جملة أفكار وطروحات امتازت بنوع جديد من الأفكار أطلق عليه “التثاقف” وهو حالة راكزة في بصيرة الفضاء المسرحي الداعي إلى إنتاج فضاء تحولي/ مهجن يعنى بعدم صفاء الرؤية والأجناس التمثيلية، الأمر الذي جعل من هذا الأمر ذا حالة متحولة تسهم في إعطاء الأبعاد الكريولية للفضاء الإخراجي، وهي ذات تعددات غائية هامة فيما بينها حيث برزت جملة آراء وتناظرات داخل بنية العرض، فالمنظومة الهجينة تلاقحت وفق المدارس الإخراجية وتمرحلاتها التاريخية.

ويرى جاسم أن الهجنة اعتمدت على الممثل كعنصر أساسي في توصيل لغة العرض المسرحي من خلال الحوار والتقمص في أداء الشخصية، وأخرى اعتمدت المنظر المسرحي ليشكل علامة العرض وألغت هيمنة الممثل معتمدة الصورة في فك شفرات العرض، ومنها زاوجت بين الصورة والأداء الجسدي للممثل في عملية الاشتغال، مانحة للعرض أفقاً آخر في تشكيل مجموعة عناصره، وبعد ذلك اعتمدت الجسد حاملا للعلامات والرموز وفق عملية مشفرة في توصيل لغة العرض.

 إلا أنه يشدد على أن أداء الممثل ظل يحمل الصفة الأساس في العرض المسرحي، وهو يجسد الواقع وفق منظومة أفعال واشتغالات تمنح العرض المسرحي هيمنته وسطوته، لكنها بقيت في حالة متباينة، وينسب التباين إلى التحولات التي عاشتها المجتمعات، على المستوى الفكري والحضاري، كذلك التحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وتأثر تلك المجتمعات بعضها ببعض عبر الاحتكاك الثقافي أو الهيمنة الثقافية التي فرضها الغرب.

ويقول حليم هاتف جاسم “المسرح بوصفه واحدا من الفنون التي تتأثر بالحوارات الثقافية المتعددة إذ أخذ يبحث عن كل ما هو جديد وفق عملية تجريبية تهجن كافة مداليل العرض بغض النظر عن الآليات المتبعة والمكرسة سابقاً، ولأن الهجنة ضمن فضاء الكولونيالية ظلت تحاول أن تشكل قالبا أو برستيجا يتراصف مع كل المحتويات السابقة لأن في ذلك حالة تدعيمية لإنتاج فعل غير نقي، وهو الأمر المفضل في مرحلة ‘الزنوجة‘ واندحار العنصر الأبيض داخل العمليات ‘الخلاسية‘ وهي تبحث عن تداخل ثقافات متعددة لتحرر من الوصايا الكلاسيكية ونبذ الهوية الواحدة”.

ويضيف “شكل العرض المسرحي المعاصر أنموذجا للوفاق والتقارب، كذلك الحوار بين الثقافات، وساهم في رسم ملامح جديدة بعيدة عن كل ما يؤكد الخصوصية لينطلق إلى مرحلة كونية تتشابك فيها تلك الثقافات عبر قنوات متعددة في الاطلاع على التجارب الأخرى، وهذا ما حصل مع المسرح الغربي بعد لجوئه واستناده على المدرسة الشرقية معتمدا الجسد لغة للعرض المسرحي من خلال احتكاكه وتأثره بتجربة المسرح الياباني والصيني والهندي، وما أفاض به المخرجون العالميون عبر إدخال أكثر من شخصية تمثيلية في العرض الواحد، والدليل على ذلك ما ظهر لنا في مسرح (الرور) الذي راح ينقل تجربته عوني كرومي مبنية على هذا النوع من التلاحمات والتداخلات المعرفية.

الأربعاء، 3 يونيو 2020

“العشاء ما بعد الأخير” إصدار مسرحي جديد للكاتب المسرحي عمار نعمه جابر

مجلة الفنون المسرحية

“العشاء ما بعد الأخير” إصدار مسرحي جديد للكاتب المسرحي عمار نعمه جابر

صدر عن دار الوفاء في مدينة الإسكندرية ، في جمهورية مصر العربية لعام 2020 ، كتاب ( العشاء ما بعد الأخير ) للكاتب المسرحي عمار نعمه جابر ، وهو كتاب من القطع المتوسط بواقع ( 210 ) صفحة، بغلاف سميك ، من تصميم الفنان ( تضامن العضب ) . يضم ثلاثة عشر نص مسرحي ، كتبت جميعها نهاية عام 2018، وعام 2019. وهو الإصدار العاشر للكاتب خلال مسيرته في كتابة النص المسرحي ، والتي تمتد لثمانية عشر عاما .

ويشار للكاتب كونه أحد الكتاب المسرحيين العرب، والذين قدمت أعمالهم المسرحية على طول مساحة الوطن الكبير ، حيث قدمت له أكثر من ستة وخمسين عرضا مسرحيا تناولت نصوصه ، ببصمات لمخرجين عرب مختلفين ، في أغلب الأقطار العربية .

ويملك الكاتب رصيد بأكثر من خمسة وثمانين نص مسرحي ، حقق فيها اهتمام الجمهور العام ، وجمهور المتخصصين بالمسرح ، ليتم تناولها في النقد والدراسات ، وبحوث الماجستير وأطاريح الدكتوراه . ومحققا نصيب ممتاز من الجوائز العربية والعالمية ، كان آخرها ، حصولة على جائزة الهيئة العالمية للمسرح (الاورودرام ) في أوربا لعام 2020 .

 ----------------------------------------
المصدر : إعلام الهيئة العربية للمسرح

مسرحية " صهيل الحصان " تأليف فارس الذهبي

مجلة الفنون المسرحية



الاثنين، 1 يونيو 2020

مسرحية " القبعة ...وزهرة الأوركيد " تأليف محمد الكامل

مجلة الفنون المسرحية 
الكاتب محمد الكامل 

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption