أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الخميس، 9 يوليو 2020

«روميو وجولييت»… وليام شكسبير والحب الخالد

مجلة الفنون المسرحية

«روميو وجولييت»… وليام شكسبير والحب الخالد

 *زيد خلدون جميل - القدس العربي 

من الصعوبة بمكان العثور على شخص لا يعرف شيئا عن قصة «روميو وجولييت» التي كتبها الكاتب المسرحي البريطاني وليام شيكسبير (1564 – 1616) كمسرحية، فقد ترسخت في أعماق الثقافة الشعبية والإعلام العالمي. ولا يتوقف إنتاج الأفلام المأخوذة عنها، أو المتأثرة بها، حيث أنتج حتى الآن أكثر من مئة فيلم عنها، بالإضافة إلى آلاف الأفلام التي تأثرت بها والسينما العربية ليست استثناء. وكثير من الأفلام التي تقع أحداثها في الصعيد المصري أو الغرب الأمريكي، أو الخيال العلمي تعكس بوضوح آثار هذه المسرحية بالذات.

أحداث المسرحية

تدور أحداث المسرحية في القرن الرابع أو الخامس عشر، فقد كانت مدينة «فيرونا» تعاني من صراع محتدم بين اثنتين من أشهر عوائلها، وهي عائلتي «مونتاغيو» و»كابوليت». وتجرأ شاب في السادسة عشرة من العمر من عائلة «مونتاغيو» يدعى «روميو» للدخول خلسة في حفلة للطبقة العليا من مجتمع المدينة، أقامتها عائلة «كابوليت» المعادية لعائلته، وشاهد بالصدفة «جولييت كابوليت» ذات الثلاثة عشر ربيعا، التي تخطط عائلتها لتزويجها بأمير من عائلة حاكم المدينة. ويتبادل الاثنان النظرات، وسرعان ما يتبادلان التحية والكلام. وخلال ثوان قليلة فقد الاثنان الشعور بوجود الآخرين، حيث أصبحا في عالم خاص بهما، وعرف الاثنان أن ما يجمعهما هو الحب العميق والمصير الواحد. ولكن الحياة ليست خالية من المفاجآت، إذ اكتشف «تيبولت»، ابن عم «جولييت» وجود ابن العائلة المعادية «روميو» في عقر دار عائلته، وفي هذه الحفلة المهمة، فأراد قتله، ولكن والد «جولييت» منعه فورا، كي لا تحدث معركة في منزله وأمام الحضور المكون من كبار القوم. ويلتقي العاشقان المراهقان عند شباك القصر ويقرران الزواج، وينجحان في إتمام الزواج سرا في اليوم التالي. وتحدث معركة بالسيوف بين صديق «روميو» العزيز «مركشيو» وابن عم «جولييت». وعندما يحاول «روميو» منع صديقه من القتال يستغل «تيبولت» الفرصة ويطعن «مركشيو» طعنة قاتلة ليخر صريعا بين يدي «روميو». ولم يصدق «روميو» ما حدث، فقام بتحدي «تيبولت» وقتله بعد مبارزة حامية الوطيس. ونتيجة لهذا قام حاكم المدينة بإصدار أمر بنفي «روميو» إلى خارج المدينة. ولكن أحد رجال الدين يقترح خطة معقدة على «جولييت» كي تلحق بحبيبها، وهي أن تتناول «جولييت» مخدرا يجعلها مغشيا عليها بطريقة تعطي الانطباع بأنها ميتة لفترة محددة، كي يُلغى زفافها من الأمير، ويأتي «روميو» في موعد استعادتها لوعيها ويأخذها معه إلى خارج المدينة، ولكن الخطة تفشل وتنتهي القصة بانتحار «روميو» بالسم، وكذلك انتحار «جولييت» بطعن نفسها بخنجر كان «روميو» يحمله في حزامه.

تاريخ القصة قبل المسرحية

تمثل قصة «روميو وجولييت» مثالا لكيفية تطور القصص وتأثرها ببعضها بعضا، فقد تكون بداية هذه المسرحية قصة «ثيسبي وبيراموس» للكاتب الروماني «أوفيد» المتوفى في القرن الأول الميلادي، والتي تدور أحداثها في بابل، حيث نجد عشيقين من عائلتين متخاصمتين. ونجد المخدر الذي يجعل من يتناوله يبدو ميتا لفترة معينة للمرة الأولى في قصة يونانية شهيرة من القرن الثاني الميلادي. وفي بداية القرن القرن الرابع عشر، ظهر اسما العائلتين المتخاصمتين «مونتاغيو» و»كابوليت» للمرة الأولى في «الكوميديا الإلهية» للكاتب الإيطالي دانتي. وعلى ما يبدو أنهما كانتا من العوائل القوية، إذ تذكر المصادر التاريخية، أنهما كانتا في صراع مع بعضها بعضا في شمال إيطاليا آنذاك. وتطورت القصة حتى ظهر اسما «روميو» وجولييت» أخيرا في نسخة للقصة نشرت عام 1531 من قبل الكاتب الإيطالي لويجي دا بورتو، ونرى فيها للمرة الأولى الأسماء التي استعملها «شيكسبير» في مسرحيته. وانتقلت القصة إلى بريطانيا عندما ترجمها أرثر بروك إلى الإنكليزية عام 1562، والتي كانت أساس المسرحية التي كتبها «شيكسبير» بعد أن قام ببعض التحويرات عليها. وكان قد اعتاد المسرحيون البريطانيون في تلك الفترة على أن يحولوا بعض هذه القصص إلى مسرحيات، ولم يكن «شيكسبير» استثناء حيث حول خمس قصص إلى مسرحيات لاقت رواجا ملحوظا في إنكلترا، وأشهرها «روميو وجولييت» و»تاجر البندقية»، ولكن مسرحية «روميو وجولييت» كانت أول مسرحية تندمج فيها الكوميديا والتراجيديا بالرومانسية، وكانت هذه بداية لنوع جديد من المسرح لا يزال حيا حتى الآن.

كان أول فيلم شهير للمسرحية قد أنتج عام 1936 ومن تمثيل ليزلي هوارد في دور «روميو» ونورما شيرر في دور «جولييت»، وأثار تقدم كلاهما الواضح في السن، سخرية الكثيرين، حيث كان الممثل في الحقيقة في الثالثة والاربعين من العمر بينما كانت الممثلة في الرابعة والثلاثين.

عرض المسرحية

يُعتَقَد أن شيكسبير بدأ بكتابة المسرحية عام 1591، ولكنه نشرها عام 1597. وتتسم المسرحية بجميع سمات أسلوب «شيكسبير» الذي تميز بحوادث القتل بمختلف الأساليب خاصة السم، وكذلك حالات الانتحار، فقد أدرك شيكسبير أن الموت يمثل أقصى درجات التراجيديا. ونجد هذه السمة كذلك في مسرحية «روميو وجولييت» التي امتازت بالعنف والانفعالات الشديدة حيث قُتِلَ شخصان في مبارزات وانتحر اثنان. ولكن لماذا كان السم الوسيلة المفضلة للكاتب؟ قد يكون السبب أن الانتحار بالسم يمثل حالة متطرفة من العذاب النفسي للإنسان. وأما القتل بالسم والذي نجده بكثرة في مسرحيات شيكسبير، فإنه الطريقة التي لا تترك علامة على القتيل، ودليلا على مؤامرة محبوكة بشكل مثير، حيث لم يكن الطب متقدما آنذاك لكشف السم.
الغريب في الأمر أن نجاح مسرحية «روميو وجولييت» كان محدودا في البداية، واضطر الممثلون الرجال أن يمثلوا الأدوار النسائية بسبب قوانين تلك الفترة التي كانت تمنع النساء من التمثيل. واستمر الحال على هذا المنوال حتى عام 1662 عندما مثلت دور «جولييت» الممثلة ماري سوندرسن. وسرعان ما تغيرت الظروف، حيث ازدادت شهرة المسرحية وأصبح الاشتراك فيها أمنية الممثلين من كلا الجنسين، ففي القرن التاسع عشر مثل دور «روميو» أدوين بوث، الذي كان أشهر ممثل في الولايات المتحدة، وهو شقيق جون بوث، الذي اغتال الرئيس الأمريكي إبراهام لينكولن. وفي الولايات المتحدة كذلك قامت الشقيقتان شارلوت وسوزان كوشمان بتمثيل دوري «روميو» و»جولييت» في العروض نفسها. أما في القرن العشرين، فقد ازدادت شهرة المسرحية وتوالت العروض المسرحية، وأنتجت العشرات من الأفلام السينمائية عنها، واشتهر بعضها بشكل خاص. وحاول بعض الكتاب والسينمائيين تغيير بعض التفاصيل وكذلك النهاية، بل إن فيلما فكاهيا اقتبس عن المسرحية من تمثيل بيتر يوستينوف، حيث تحب ابنة السفير الأمريكي ابن السفير السوفييتي في إحدى الدول الاوروبية.
كان أول فيلم شهير للمسرحية قد أنتج عام 1936 ومن تمثيل ليزلي هوارد في دور «روميو» ونورما شيرر في دور «جولييت»، وأثار تقدم كلاهما الواضح في السن، سخرية الكثيرين، حيث كان الممثل في الحقيقة في الثالثة والاربعين من العمر بينما كانت الممثلة في الرابعة والثلاثين.
أما الفيلم الشهير التالي عن المسرحية، «قصة الحي الغربي» (1961)، فقد كان فيلما غنائيا، وأصبح «روميو» شاب امريكي أبيض يغرم بفتاة بورتوريكية في منطقة تشهد صراعا بين البيض والبورتوريكيين. ونال هذا الفيلم شهرة واسعة، واعتبرت موسيقاه التي وضعها الموسيقار الأمريكي الشهير ليونارد برنشتاين، من كلاسيكيات الموسيقى التصويرية في الولايات المتحدة. ومثلت النجمة الأمريكي ناتالي وود دور البطولة فيه، ما جعلها إحدى أشهر ممثلاث السينما الأمريكية حينها. وفي عام 1968 قام المنتج والمخرج الإيطالي فرانكوزيفرللي بإنتاج الفيلم، الذي اعتبر الأقرب إلى المسرحية الأصلية، حيث استعان بالبريطانية أوليفيا هسي ذات الخمسة عشر ربيعا لتمثيل دور «جولييت» والبريطاني ليونارد وايتنغ في دور «روميو»، الذي كان أكبر من الممثلة بعام واحد. وقد أثار الفيلم ضجة لقيام الممثلين المراهقين بتمثيل مشهد فاضح فيه. وكان للموسيقى للمرة الثانية دور مهم في شهرة الفيلم، حيث قام الموسيقار الإيطالي نينوروتا بتأليف إحدى أجمل المقطوعات الموسيقية في تاريخ السينما العالمية. ولكن هذه النسخة كررت خطا مقصودا ظهر في الكثير من الأفلام والمسرحيات عن هذه القصة، حيث تحول الشباك، الذي تقف عنده «جولييت» وهي تصرح بحبها لـ»روميو»، إلى شرفة. وقد تكون الشرفة أجمل وعملية أكثر من الشباك، ولكنها لم تكن موجودة في البنايات في عهد شيكسبير، بل إن كلمة شرفة لم تكن موجودة في اللغة الإنكليزية آنذاك، ولذلك ذكر شيكسبير الشباك، وليس الشرفة. وتشترك جميع هذه المسرحيات والأفلام عن المسرحية في إظهار «روميو» كمراهق خجول وبالغ الرقة. ولكن قراءة دقيقة للمسرحية تعطي الانطباع أنه ربما كان شابا بالغ الجرأة والتهور.

نجاح المسرحية على مدى كل تلك القرون، يثبت أن الطبيعة البشرية لم تتغير مهما تغير العالم، فلا تزال الرومانسية تؤثر في الطبيعة البشرية في كل مكان.

تم إنتاج أربعة وعشرين أوبرا حول المسرحية وعدة عروض للباليه، كان أشهرها من تأليف الموسيقار الروسي الكبير بروكوفييف. وأما أشهر سيمفونية عن المسرحية، فقد ألفها الموسيقار تشايكوفسكي.

المسرحية والتاريخ

قصة المسرحية خيالية، ولكن الكثير من التفاصيل كانت من مظاهر الحياة في إيطاليا في القرن الرابع عشر، فالمدن الإيطالية، كانت فعلا تحت سيطرة عدد قليل من العوائل القوية، التي كانت أحيانا تدخل في صراع ضد بعضها بعضا يقع ضحيته أفراد منها، وقد تكون أشهرها محاولة اغتيال كبار أسرة «مديتشي» من قبل عائلتين منافستين لها أثناء حضورهم صلاة عيد الفصح في إحدى كنائس مدينة «فلورنسا» عام 1478. أما المبارزات بالسيوف، فقد كانت من أشهر الوسائل المستعملة حينذاك لإنهاء الخلافات، على الرغم من وضع قوانين صارمة لإيقافها. وهذه علامة مهمة، حيث لم تكن المبارزة بالسيوف معروفة قبل أواخر العصور الوسطى في العالم، على عكس ما تظهره الأفلام السينمائية وتدعيه الحكايات الشعبية.
لم يكن للحب أي دور في أي زواج حتى القرن الثامن عشر، حيث كانت هناك أسباب عملية وبعيدة عن الحب، تجعل المواطنين يبحثون عن شريك للحياة. ولهذا فإن الزواج الذي كان من المفروض أن يتم بين الأمير و»جولييت» كان هو المعتاد. وأما زواج «روميو» منها الذي كان نتيجة قصة حب، فكان في الواقع شيئا نادرا. كان لنجاح المسرحية نتائج لا علاقة لها بالفن، حيث استفادت مدينة «فيرونا» كثيرا من المسرحية وأصبحت مدينة معروفة يقصدها السياح من مختلف أنحاء العالم، خاصة العشاق منهم. وكان هذا عاملا اقتصاديا مهما بالنسبة للمدينة. واستفاد كذلك عدد كبير من المخرجين والمؤلفين والممثلين من المسرحية، حيث كانت الاختبار الحقيقي لقدراتهم الفنية، ومثلت نقطة انطلاق لمسيرتهم المهنية، ومنهم الممثل ليوناردو دي كابريو. ولا يمكن تجاهل استفادة بريطانيا والمسرحية من بعضهما بعضا، حيث عززت المسرحية من مكانة المسرح البريطاني لتظهر بريطانيا كقوة ثقافية عالمية، بالإضافة إلى كونها قوة سياسية، وفي الوقت نفسه ساهم كون شيكسبير إنكليزيا بشكل أساسي في شهرة المسرحية، حيث صاحب نمو الإعلام البريطاني تأسيس الامبراطورية البريطانية العملاقة. وبذلك أصبح شيكسبير ومسرحياته وبريطانيا رموزا بالغة الأهمية للثقافة العالمية.
إن نجاح المسرحية على مدى كل تلك القرون، يثبت أن الطبيعة البشرية لم تتغير مهما تغير العالم، فلا تزال الرومانسية تؤثر في الطبيعة البشرية في كل مكان.

٭ باحث ومؤرخ من العراق

المسرح الأفغاني: وجه آخر لأفغانستان المنسية

مجلة الفنون المسرحية


المسرح الأفغاني: وجه آخر لأفغانستان المنسية

 *عثمان بوطسان - القدس العربي 



لا يمكن الحديث عن أدب وثقافة أفغانستان بدون الحديث عن المسرح، باعتباره من الفنون المتجذرة في تاريخ الثقافة الأفغانية منذ فترة طويلة. يرتبط المسرح ارتباطًا وثيقًا بالحياة المشتركة واليومية للأفغان، بمعتقداتهم الأسطورية والدينية وطرق تفكيرهم. ويعتبر من الأنشطة الفنية الأكثر انتشارا في المنطقة، يستوحي مواضيعه من السياقات الاجتماعية، التاريخية، الجغرافية والثقافية لأفغانستان والبلدان المجاورة والبعيدة. أصبح المسرح اليوم تقليدًا بين الأفغان، وهذا ما يؤكد وفرة المسرحيات التي تم تنظيمها أو إصدارها.
يعود السياق المسرحي في أفغانستان إلى فترة حكم الملك أمان الله خان (1919 ـ 1929) عندما انتشر هذا الفن لأول مرة ودخل مرحلة جديدة مع إنشاء «جامعة نانداري» في عهد محمد ظاهر شاه (1933 ـ 1973 تأسس المسرح الأفغاني المعاصر خلال فترة أمان الله خان، وبفضل محمود ترزي، سيتم تعميمه في جميع أنحاء البلاد. كان من بين أهداف حكومة أمان الله تعزيز التقدم والحداثة من خلال نشر ثقافة المسرح، الذي كان يعدُّ أفضل وسيلة لتشجيع الناس على التحديث وتجنب الإيمان بالخرافات. ولتحقيق ذلك، استعان أمان الله بالعديد من وزراء حكومته وشخصيات ثقافية، الذين شاركوا في الأنشطة المسرحية كعلي محمد (وزير المحكمة)، محمود ترزي (وزير الخارجية)، محمد كبير لودين (وزير الأشغال العامة)، سيد عبد الله (وزير العدل)، فايز محمد زكريا (وزير التربية والتعليم)، محمد سروار جويا، محمد حسين ضياء سروار سابا، عبد الرؤوف رشيدي، عبد الجبار رسام، محمد حسن سليمي، عزيز خان شرخي، غلام ساخي سامان، قاري دوست محمد، وشخصيات سياسية وثقافية أخرى. ساهمت هذه الأسماء في بناء وتشكيل أسس المسرح الأفغاني عن طريق الترجمة، أو الكتابة أو اللعب على الخشبة.
ومن بين الفنانين والكتّاب المسرحيين، الذين ساهموا أيضا في تأسيس وازدهار المسرح الأفغاني نذكر: عبد الرشيد جاليا، عبد الرحمن بينا، غلام عمر شاكر، أكرم نغاش، عبد القيوم بازيد، ضياء قري زاده، مقدس نجاه، غلام علي أوميد، محمد يوسف كوزاد، علي نعيمي، عبد الرؤوف بنوا، أكبر نماد، أكبر نديم، عبد اللطيف نشأت، علي محمد زاره، مالك خليل، رحيم سربان، براق شافعي، سيد مهدي شفا، أسد الله مهربان، عظيم فايز، نجيب عرام، موسى أريزو، هارون يامس تنفير، قادر فاروق، كريم جاويد، محمد يعقوب مسعود وغيرهم. فقد كان بعضهم من الكتاب المسرحيين أو المخرجين، والبعض الآخر كانوا ممثلين.
تميز المسرح الأفغاني بشكل رئيسي خلال هذه الفترة، بهيمنة الشخصيات الذكورية والغياب التام للنساء في المسرحيات التمثيلية. وتعكس هذه الهيمنة، صورة مجتمع تقليدي يتميز بعمق بالرغبة في تعزيز دور الرجال، والقضاء على الفردية الأنثوية، من خلال طمس هويتها المتقلبة وهشاشتها وتناقضاتها. وبالتالي، لم يكن للمرأة الحق في لعب دورها على خشبة المسرح، بسبب وضعها في نظام القيم الاجتماعية الأفغانية. وكانت مسرحية «الوطن الأم» التي كتبها غلام حضرت كاشان من مسرحيات «Paghman»، التي لأول مرة، سيلعب فيها شاب دور امرأة على خشبة المسرح الأفغاني. استمر هذا التقليد واستمر معه غياب النساء عن المشهد المسرحي، حتى بدأت النساء في أخذ أدوارهن على الخشبة. كان عبد الغياس ومحمود فاروق أفندي، من بين الممثلين الأفغان البارزين، الذين لعبوا دور النساء في المسرحيات. تعد مسرحية «أبناء أريانة» واحدة من المسرحيات المكتوبة في ذروة المسرح الأفغاني، التي كتبها عبد الرحمن باجهوك. كانت واحدة من المسرحيات الأولى، التي تم إصدارها بشكل مستقل، حيث لم يكن فيها أي دور للمرأة. بحسب باجهوك، كان الغرض من كتابة المسرحية ونشرها تعزيز الوحدة الوطنية. سيستمر غياب المرأة عن الخشبة المسرحية إلى تأليف خوشان لمسرحية «ولاء المرأة» وستكون واحدة من الأعمال المسرحية الأولى التي وجدت فيها الشخصية الأنثوية مكانها وصوتها.
كان الشعب الأفغاني ولا يزال متمسكًا بالثقافة المسرحية، أصبح المسرح ممارسة فنية مرتبطة بالحياة اليومية، يتم تقديمها في المهرجانات والشوارع والمدارس. ساهم حضور العديد من المعلمين والطلاب الذين التحقوا بمدارس الدراما بشكل غير مهني، بشكل كبير في نمو هذا الفن في أفغانستان. كانت مدارس غازي الثانوية، مالالاي، عائشة دوراني، سورية، وزرقونة، وبيبي مهرو، الاستقلال، ربيعة بلخي، الأميرة مريم، ومدرسة حبيبي الثانوية من بين المدارس الأولى التي تولت زمام المبادرة، وشجعت الفن المسرحي. كانت سميه ميرزاد، الأخت الكبرى لصالحة فاروق اعتمادي، واحدة من الطلبة الذين كتبوا المسرح بشكل مبكر، فقد كتبت مسرحيتها الأولى عندما كانت في الصف السابع في مدرسة مالالاي الثانوية. تم تمثيل مسرحيتها الموسومــــــة بـ «الملكة» في ثلاثة مشاهد، واستقبلها الجمهور بشكل جيد للغاية.

إن المواضيع الجديدة التي يعالجها المسرح، يحظرها المجتمع في أفغانستان، لذلك يخاطر المسرحيون بحياتهم للكشف عن الواقع المرير لبلدهم. فالنشاط المسرحي أكثر من مجرد فن بالنسبة للأفغان، إنه نوع من التمرد والتحرر في الوقت نفسه.

وبالتالي فإن المسرح المدرسي سيشارك في ازدهار المسرح في أفغانستان، خاصة بين الشباب. وهذا ما يدل على أن المسرح الأفغاني لم يكن حكرا على نخبة أو فئة معينة. كان الفنانون والهواة، كبارا وأطفالا يمارسون كتابة المسرح ويلعبون أدورا على الخشبة.
تخلق المسرحيات الأفغانية اليوم نقاشات حادة وجدلا واسعا، لأن تمثيل الصورة الحقيقية لأفغانستان يصدم الجمهور ويزعج المنتسبين إلى جماعات طالبان. يحاول رواد المسرح التطرق إلى كل المواضيع، التي تتربط بشكل مباشر بالحياة الأفغانية من قبيل: الفقر، البؤس، الحرب، تعليم الفتيات، الحب، المنفى، السجن، الانتحار، إلخ. فإذا كانت الرواية الأفغانية شهدت ازدهارًا ملحوظًا منذ عام 2000، إلا أن المسرح لم يمارس كثيرًا حتى السنوات الأخيرة. ويُفسر ذلك حقيقة أن الفنانين الأفغان، لم تكن لديهم الحرية الكافية للتمثيل على خشبة المسرح، في بلد أصبح يصنف هذا الفن من بين المحرمات بعد وصول طالبان إلى الحكم. لذا، فمعظم المسرحيات تُلعب خارج أفغانستان، من قبل فنانين أفغان فروا إلى أوروبا أو أمريكا. يُقدم المسرح المعاصر وجه أفغانستان الدموي ويرجع الفضل إلى استمراره إلى فرقة مسرحية تسمى «مسرح أفتاب، مسرح الشمس» التي تقدم مسرحياتها بشكل رئيسي في فرنسا وألمانيا. بفضلها، يحتل المسرح الأفغاني اليوم مكانه بين الفنون الأفغانية الشائعة في أوروبا. يمكن تعريف المسرح الأفغاني على أنه الفن المستخدم لإدانة الظلم، لتمثيل الأحداث الدموية، أو المتعلقة بالواقع اليومي الأفغاني. إذا كان الأدب الكلاسيكي يعرّف المسرح على أنه عالم الأقنعة، فإن الأفغان يرون في المسرح الوسيلة للتعبير عن التزامهم تجاه وطنهم، ووسيلة لفضح الظلم الاجتماعي، والدفاع عن حقوق المرأة، ومناهضة الحرب والعنف بكل أشكاله.
إن المواضيع الجديدة التي يعالجها المسرح، يحظرها المجتمع في أفغانستان، لذلك يخاطر المسرحيون بحياتهم للكشف عن الواقع المرير لبلدهم. فالنشاط المسرحي أكثر من مجرد فن بالنسبة للأفغان، إنه نوع من التمرد والتحرر في الوقت نفسه. فهو بمثابة اللوحة، والإيحاءات المستمدة أساسا من الوجود الإنساني، ومرآة ملموسة تسمح للمتلقي بفهم الشعور الوجودي لشعب يعاني من ألم دائم. ففي السياق الاجتماعي والثقافي والجيوسياسي الحالي، لا يزال العالم يتجاهل الصورة الحقيقية لأفغانستان. بالتأكيد، فقد كان هذا البلد ولا يزال نقطة تقاطع مجموعة من الثقافات. لذا، يجب النظر إلى مسرحه على أنه ثورة فكرية قادرة على تغيير كل الأفكار النمطية، التي أزالت أفغانستان من المشهد الثقافي والأدبي العالمي.
ومن بين الممثلين الرئيسيين للمسرح الأفغاني الحديث والمعاصر نذكر: هارون أماني، عارف بنوهار، طاهر بيغ، صبور دلاوار، مجتبى حبيبي، مصطفى حبيبي، سيد أحمد هاشمي، فريد أحمد جويا، شفيق كوهي، آصف مودودي وغيرهم. يقدم هؤلاء الفنانون والكتاب المسرحيون أعمالهم في فرنسا وألمانيا وفي باقي البلدان الأوروبية، التي تهدف إلى إسقاط القناع عن الحرب والعنف والتعصب الديني في أفغانستان. في مقابلة مع صحيفة «La Croix» ، قالت الفنانة شوهرا سباغني إنه ينظر للمسرح بصورة سلبية في أفغانستان، ويضيف هارون أماني، أن مجرد القول بأنه كاتب مسرحي يمثل مشكلة في بلده. فالمجتمع الأفغاني ليس منفتحًا على هذا النوع من الفن اليوم، لأن التعصب الديني الذي تمارسه طالبان يحظر الفنون مثل، المسرح والرقص. يقول هارون أماني: «في المرات القليلة الماضية التي ذهبت فيها إلى أفغانستان، تجنبت بعناية الحديث عن هذه المسألة. لم أخبر أحدا عن وظيفتي. قلت إنني عملت في ورشة خياطة في باكستان! حيي في كابول غير آمن للغاية. في النهار، يبدو هادئًا، يشغله الحرفيون، في الليل، تسيطر عليه جماعات طالبان المنحدرة من الجبال». على الرغم من كل هذا، يستمر النشاط المسرحي الأفغاني في النمو رغم كل المشاكل المترتبة على التلقي المسرحي. يستمر المسرح في معالجة الموضوعات التي لا يمكن تحملها، والتي يضحي اليوم مجموعة من الفنانين بحياتهم من أجل التطرق لها. وهكذا فإن المسرح الأفغاني جزء من التيار الثقافي الملتزم والمدافع عن قضايا الشعب الأفغاني المضطهد. يُعرَّف المسرح الأفغاني بأنه انفتاح على العالم، وهو شكل من أشكال المقاومة ضد اللاإنسانية والتعصب الديني. ويعبر عن الهوية والأزمة الوجودية للنساء والرجال بحثا عن أنفسهم في فوضى وخراب الحرب.

٭ كاتب وباحث مغربي

تأجيل انعقاد المهرجانات المسرحية الوطنية التسعة التي تنظمها الهيئة العربية للمسرح بالتعاون مع شركائها إلى العام 2021

مجلة الفنون المسرحية

تأجيل انعقاد المهرجانات المسرحية الوطنية التسعة التي تنظمها الهيئة العربية للمسرح بالتعاون مع شركائها إلى العام 2021.


ترفع  الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح إلى كافة المسرحيين العرب التحية التي تليق بقاماتهم، وتليق بروح الوعي والتنوير التي تفيض على عالمٍ يعاني ما يعاني من جائحة كورونا ومن العديد من الكوارث والظروف الشائكة، هذه الظروف التي تتطلب الكثير من الصبر والأناة في مواجهتها، إلى أن يتمكن الإنسان كعادته من حماية استمرار الحياة وحماية البشرية.
ونظراً لأن الجائحة وآثارها ممتدة وليس من المعلوم بشكل واضح إلى متى، وكم نتمنى كما كل المسرحيين في العالم أن نشهد نهاية لها، فقد كان لزاماً علينا في الهيئة العربية للمسرح أن نفكر بشكل عملي وإيجابي، خاصة في الشأن المتعلق بالمهرجانات الوطنية للمسرح التي تنظمها الهيئة في تسع دول عربية، لذا تواصلنا مع الجهات الشريكة بتنظيم هذه المهرجانات وتوصلنا إلى قرار تأجيل تنظيمها هذه خلال العام 2020 ليصار إلى برمجة تنظيمها في العام 2021.
إننا إذ نحيي وعي الجهات الشريكة ونحيي حرص كل المسرحيين على أن يكون المسرح في منأى عن مسببات الألم لمحبيه، فإننا سنعمل بكل تأكيد على تحويل التحديات إلى فرص، لذا فإن الهيئة العربية بالتعاون مع الجهات الشريكة في تنظيم هذه المهرجانات، تستثمر هذا التأجيل للقيام بعملية المراجعة الشاملة والتجديد والتصويب من خلال ضبط مفاتيح المستقبل المتمثلة في تنقيح الاتفاقيات وتطوير اللوائح التنظيمية وآليات التنفيذ والضوابط الفنية والمالية الخاصة بالمهرجانات الوطنية التي تدعمها الهيئة العربية للمسرح، لتؤدي الغرض المأمول منها في رفع سوية المنتج المسرحي وتعميم ثقافة المسرح.
سنعبر معاً إلى أفق أرحب، فهذا المسرح قد عبر بنا عبر القرون كل ما واجه البشرية من صعاب ومنحها الامل.
عشتم وعاش المسرح
عن الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح

"ناشئة الشارقة" تُحلّق بمنتسبيها في الفضاء بمخيم "صيفك ويانا"

مجلة الفنون المسرحية

الأربعاء، 8 يوليو 2020

نعمان عاشور والواقعية الاشتراكية / علاوة وهبي

مجلة الفنون المسرحية 

نعمان عاشور والواقعية الاشتراكية / علاوة وهبي

(وهكذا همت بالمسرح هياما جنونيا.ضاعف منه تعرفي علي استاذ انجليزي.كان يدرس لنا شكسبير. ويقطن بجوارنا في الجيزة.في البيت المجاور لبيتي هذا الاستاذ هو المستر مارتن لنجر او ابو بكر نور الدين  وكان اسلم وتصوف.لقد عشت معه عامين كاملين اتزود بفهمه العميق الغائر لفن العملاق الذي لم يكن ممكنا ان يكون المسرح في العالم كله وجود من بعده) اعتراف صريح من كاتب  مسرحي بمكانة شكسبير المسرحية وعظمته   وكونه تعلم الكثير علي يد استاذ كان يدرسه له في الجامعة
الكاتب المسرحي العربي الكبير نعمان عاشور هو صاحب هذا الاقرار  . ولد الكاتب نعمان عاشور سنة1918 بمدينة ميت غمر محافظة الدقهلية  وتوفي سنة1987بعد مسيرة حافلة في مجال الكتابة ومجال المسرح .عائلة نعمان عاشور من العائلات الكبيرة في ميت غمر .وعائلة مثقفة وقد تحدث عن ذلك في مذكراته بحيث ان جده كان يملك مكتبة كبيرة بها امهات الكتب التراثية .وقد كان نعمان ملازما لها وفي قرأ امهات كتب التراث العربي وكان كما ذكر يلازم المكتبة في معظم الايام منذ الصباح في قراءة ما بها من المجلدات مثل الاغاني للاصفهاني .وتاريخ الجبرتي. والاماني للقالي  .وسيرة بن هشام. وتفسير الطبري. والعقد الفريد لابن عبد ربه  وطبقات الشعراء.
هكذا اذن كانت القراءات الاولي لمن اصبح فيما بعد احد نجوم الحركة المسرحية في مصر الستينات  قراءت تراثية .وهي التي اسهمت في تكوبنه لغويا  فيما بعد  ويذك نعمان انه تعلم حب المسرح في سن مبكرة من ابيه الذي كان مداوم علي المسرح وفرقة نجيب الريحاني .كما احب الكتب وكان مداوما علي اقتنائها الي جانب المحلات واتخذ من سطح المسكن مخبأ له ولكتبه ومجلاته .بدأ نعمان مسيرته الادبية قبل المسرحية بكتابة الازجال وقد نشر بعضها كما يذكر في مذكراته   يذكر كذلك انه احب السيرك واعحب به وكل ذلك يدخل في تكوبنه الفني وقد نجد اثر ذلك في نصوصه المسرحية .في طفولته كان له زميل كما يذكر .له فرقة مسرحية وهومحمد طلعت عبد الرحمن كان ذلك في مدينة المنصورة كما يذكر .وكان نعمان يشترك معه في وضع  التمثيليات كلما التقيا .ومن الذين يذكرهم كذلك وكان لهم تأثير عليه محمد الصياد صاحب مدرسة خاصة وكان نعمان يتعلم فبها هذا الاستاذ الذي كان يدرس نعمان مادة الحساب كان هو الاخر مولع بالمسرح ومشاهدة المسرحيات التي تقدمها فرقة نجيب الريحاني مثل اب نعمان نفسه وكان هذا الستاذ يعيد علي مسامع التلاميذ في مدرسته  قصص المسرحيات التي شاهدها وحتي تقليد اصوات شخصياتها كما رأها علي الركح من هنا تبدأ مرحلة الوعي السياسي والاجتماعي عند نعمان عاشور. الوعي بالحياة الاجتماعية كذلك .الامر الءي سنجد اثره في مسرحياته .ذات الاتجاه الاجتماعي .والمطلب السياسي او التغيير الاجتماعي كل هذا منعكس في جل اعمال وهي كثيرة الشيئ الذي جعل النقاد يصنفون نعمان ومسرحه في خانة المسرح الواقعي او الواقعية الاشتراكية ويطلقون عليه لقب فارس الدراما المسرحية الواقعية وقد بقي كذلك علي مدار ازيد مز ربع قرن .
اول عمل مسرحي يقدم علي الركح لهذا الكاتب الفارس واول عمل يكتبه هو مسرحية الممغماطيس  سنة 1851 وهي المسرحية التي قدمت نعمان للجمهور المسرح في مصر وكانت الساحة تعج بكتاب له مكانتهم  ولكن نعمان خطف الاضواء باول اعماله وقد ت
اخرجه مسرحيا ابراهيم الشقنقيري  ولقي صدي وتجاوب معه النقاد الذين راوا فيه ما لم يكن موجودا عند كتاب امثال توفيق الحكيم ويوسف ادريس والشرقاوي عبد الرحمن ورساد رشدي .نعمان عاشور الطالع من جبة نجيب الريحاني وكوميدياته لم يتنكر لمن تعلم منه بل سار علي نهج الريحاني في الكوميديا .والتزام الواقعية . والسعي الي التغيير الاجتماعي باختيار النهج الاشتراكي.
اعمله في اغلبها لا تخرج علي هذا النهج الذي اختاره وامن به ويؤكد ذلك في مذكراته الجميلة التي رواها بتفاصيلها الصغيرة احيانا 
من اعمل نعما ن عاشور وهي كثيرة نذكر.
1..المغماطيس(المقصود هو المغناطيس)
2 .الناس اللي تحت
3  ..الناس اللي فوق
4..سنيما اونطة
5..عيلة الدوغري
6..عطوة افندي قطاع عام
7  ..بلاد برة
8..برج المدابغ
9..وابور الطحين 
وابور الطحين التي احدث ضجة يوم عرضت وقد احتار بعض النقاد في تصنيفها في اي خانة  مسرح استعراضي غنائ ام مسرح اوبرالي .ام  كوميدبا غنائية .لان اغلب هذه الانواع موجود فيها .فهي مسرحية شمولية .لكنها لا تخرج عن نهج نعمان عاشور الواقعي الاشتراكي الاجتماعي . واذكر انني كنت متابعا لكل جديد له  في مجلة المسرح تلتي كان يرأس تحريرها الكاتب الكبير والناقد الدكتور رشاد رشدي اذكر تلك الموجة من ردود الفعل التي اثارته وابور الطحين واذم انني تعرفت علي اسم نعمان  عاشور لاول مرة في مجلة المسرح واذكر ان اول نص قرأته له هو  اول نصوصه المغماطيس .لأسعي بعدها للحصول علي نصوصه اللاحقة وقراءتها.
عام1968يحرز عاشور جائزة الدولة التشجيعية في الاداب.وعام1975التقي نعمان عاشور في الجزائر وكان ضمن وفد بلاده في مؤتمر الكتاب والادباء العرب .وارافقه وبقية الوفود الي مدينة قسنطينة .واجول معه احيائها القديمة بطلب منه..
نعمان عاشور اذن هو ابو الواقعية الاشتراكية الاجتماعية في المسرح في مصر وحتي في البلاد العربية الاخري  كان يسعي من خلال اعماله وحتي غير المسرحيات كالرواية والقصة القصيرة الي دفع عجلة التغيير الي  الامام .تغيير  العقلية الاقطاعية التي هيمنت في مصر لفترة طويلة قبل الثورة .وها هي الثورة تقوم واذن هو زمن التغيير  ومحو الفروقات الاجتماعية والطبقية .والباشوية  تغيير هده المفاهيم والعقليات كانت هي مهمة نعمان عاشور الذي امن بالثورة وبالاشتراكية وقدرتها علي ذام لذك استحق لقب فارس الدراما المسرحية الواقعية.وانه لكذلك في حقبته التاريخية وبين اقرانه في جيله المسرحي.مقش

الثلاثاء، 7 يوليو 2020

مسرحية " أوراق ميت " تأليف هشام شبر

مجلة الفنون المسرحية
الكاتب والفنان هشام شبر 

الاثنين، 6 يوليو 2020

محترف ميسان المسرحي يطلق النسخة الاولى لـ( ملتقى يوسف العاني الدولي للقراءة المسرحية المعاصرة اونلاين 2020 )

مجلة الفنون المسرحية

محترف ميسان المسرحي يطلق النسخة الاولى لـ( ملتقى يوسف العاني الدولي للقراءة المسرحية المعاصرة اونلاين  2020 )

العراق – خاص

اطلق محترف ميسان المسرحي وبالتعاون مع منصة المسرح theater. Tv  استمارة المشاركة في النسخة الاولى من (ملتقى يوسف العاني الدولي للقراءة المسرحية المعاصرة اونلاين 2020).

وقال الكاتب والمخرج عدي المختار المشرف العام على محترف ميسان المسرحي : بعد النجاح الكبير الذي تحقق في الدورة الاولى من مهرجان محترف ميسان الدولي للمونودراما اونلاين 2020 والذي اختتمت فعالياته في مايو من العام الحالي وبمشاركة (7) دول عربية فقد عقدنا العزم على تنظيم (ملتقى يوسف العاني الدولي للقراءة المسرحية المعاصرة اونلاين 2020) وهو ملتقى رقمي لكتاب النص المسرحي عربيا وعالميا  وذلك للاطلاع على التجارب النصية  المسرحية المعاصرة والتنقيب في متونها نقدياً وتسويقها رقمياً , طبعا بشراكة مهمة من قبل منصة المسرح theater. Tv  .

واضاف المختار ك ان الهدف من الملتقى هو , تخليد الراحل يوسف العاني بملتقى سنوي , الاطلاع على تجارب الكتابة المسرحية بين الكتاب , اكتشاف تباين المستوى الكتابة من بلد لاخر , التسويق الاعلامي للكتاب المسرحيين , الوقوف عند منجزهم نقديا , تحفيز الطاقات الواعدة للكتابة .

واشار المختار الى ان خطة الملتقى تتمحور بقراءة نص مسرحي للكاتب المشارك اونلاين , وعقد جلسات نقدية عن كل نص مشارك لاحد النقاد اونلاين

من جهته قال المدير الفني للملتقى السينوغراف علي محمود السوداني : ان شروط  حددت المشاركة لكتاب النص المسرحي حصرا  وان يكون النص باللغة العربية الفصحى حصرا  ولايوجد اي تحديد للعمر والتجربة الاحتكام للنص الجيد وان يكون النص قد كتب خلال السنوات ( 2018- 2019- 2020 ) وان يناقش القضايا العربية والعالمية دون خدش او اساءة لمكون او شخص او جهة .

واوضح السوداني : من بين الشروط ايضا ان لا تتجاوز القراءة النصية (30) دقيقة فقط  وتقبل نصوص الاطفال والمونودراما والنصوص الشعرية ويشارك المشاركون اعلان ومواعيد الملتقى في صفحاتهم فيما سينظم الملتقى جلسات نقدية لكل نص مشارك على ان يلتزم المشارك في تثبيت البرنامج الخاص بالبث الرقمي الذي يتم ابلاغه عنه من قبل الادارة الفنية للملتقى  وارسال سيرة ذاتية مع صورة شخصية وايضا النص على البريد  الالكتروني (  almkhtardy@gmail.com ) ويرفق معها اسم الكاتب , اسم البلد , اسم النص , تاريخ كتابة النص, ونوع النص .

وختم تصريحه ك ننتظر مشاركة كتاب النص عربيا وعالميا في واحدة من اهم الملتقيات الفريدة من نوعها وسنعمل على اخراج الصورة البصرية بشكل اكثر احترافية للمتفرج .

الأحد، 5 يوليو 2020

باب ما جـــاء في احتفاليـــة " كــورونـــا " (02) / نـجيـب طــلال

الشعر ضرورة مسرحية في رؤية نصية حداثوية مسرحيات الخباز الأربعة أنموذجا / عدي المختار

مجلة الفنون المسرحية

الشعر ضرورة مسرحية في رؤية نصية حداثوية مسرحيات الخباز الأربعة أنموذجا 
كل شيء في خدعة

أنا وعرشي

وهذا الزيف المترهل في هوامش لا تنتهي

خدعة،

خدعة

حتى صرت أخشى

أن أموت لا كما يموت الناس

خشيت أن اخدع الموت

أو يخدعني فمت قبل الموت

( مسرحية الخدعة)

لعل أكثر ما يميز الشعر هو انه البوح الذاتي المتأمل الذي غالبا ما يكون في أعلى درجات الوعي لدى الشاعر فيجتاحه مباشرة او يكون في اعلى درجات التخيل الفنتازي فيدخل دخول الفاتحين الى حيث المسكوت عنه في ذاتية موضوعية من التأمل , وهذا مايجعل الشعر متفردا او شاعرية هذا الشاعر لها بريق مما سواه من الشعراء،هذا الموضوعي المسكوت عنه تأمليا يعد وهج كل قصيدة شعرية , الا انه يختلف في الفعل الدرامي المسرحي بالتأكيد الذي يحتاج – أي الفعل الدرامي- إلى إيصال الأبعاد الاجتماعية والثقافية والنفسية جميعها بحزمة واحدة وبدقائق عرض محددة وفق مقياس ملل المتلقي وضجره ومدى وعيه في الترجمة الآنية لكل ما يراه ويسمعه من فعل درامي وبوح شعري وهذا ما يجعل العملية الشعرية في المسرح تواجه الكثير من المصاعب ولعل أهمها مدى تقبل المتلقي لذلك النسق الإبداعي (( المسرح الشعري)) والإقبال على مشاهدة نماذج منه،ولعل هذا ما أكده وذهب أليه الكاتب أبو الحسن سلام في مقالة منشورة له تحت عنوان (التعبير المسرحي الشعري بين التأمل الذاتي والانفتاح على المعنى) حيث يقول (إذا ارتبط البوح التأملي الذاتي بشخصية مسرحية بعينها بما يتناسب مع أبعادها الاجتماعية والثقافية والنفسية وفي الحدود التي لا تستغرق من المتلقي للعرض المسرحي الشعري إلاّ زمن ترجمتها ترجمة معنوية فورية والواقع يكشف عن استحالة ذلك في تلقي الصورة الشعرية حالة تبتلها التأملي الذاتي إذ أنها عندئذ تحتاج إلى زمنين أحدهما لفك شفرة الغلاف الذهني للصورة الشعرية في حوار الممثل (أولاً) تمهيداً للترجمة المعنوية لتلك الصورة من جملة تعبيرات الشخصية على لسان ممثلها، (ثانياً)على اعتبار أن الأصل في عملية الإرسال والاستقبال في العرض المسرحي هو حالة الحضور الآني الذي يفترض ترجمة المتلقي الفورية لخطاب الشخصية المسرحية المحمول وجدانياً على لسان الممثل. وهو أمر يبدو متعذراً أمام الصورة الشعرية الدرامية المصطبغة بالتأملات الذاتية التي يشكل بوح الشخصية القناع الذي ينسرب من ورائه بوح الشاعر نفسه محمولاً على لسان فكر الشخصية،وهو أمر يلزم التلقي بكل مستوياته وطاقاته باستغراق زمنين وصولاً إلى معنى الخطاب الجزئي:

-         أولهما: لفك شفرة الصورة المركبة من الصورة الذهنية إلى الصورة المعنوية

-         ثانيهما: اكتشاف الدلالة طبقاً للمتوسطات القرائية (متوسطات التلقي)) ووفقا لماذكر سلام كان لابد من استحداث نسقا جديدا ضمن نسق المسرح الشعري وهو الشعر المسرحي الذي يكون فيه الشعر الدرامي ضرورة من ضرورات العرض والإقناع  وان تكون الصورة الشعرية اساس دراما الفعل وهي هنا لا تعلن نهاية الطاقة الانفعالية وموتها لصالح الطاقة التأملية الفكرية بل أنهما يعادلان الأخر بعملية توازنية مدروسة بما يتيح للفعل الدرامي ان يتجسد بطريقة درامية حقيقية من خلال لغة شعرية تتجلى فيها عناصر التصوير الشعري الدرامي للأحداث في العمل المسرحي.

وبناءا لما تقدم فأننا نستطيع أن نجزم بان المسرحيات الأربعة التي أصدرها الشاعر والكاتب المسرحي علي حسين الخباز  بدءا من (الصراع) و(عتبات الندم) و(محاكمة حميد ابن مسلم)  وانتهاءا بمسرحية (الخدعة) كان في جميعها تتجسد المغايرة بأبهى صوره ليعلن بنصوصه تلك نهاية زمن الخوف من المسرح الشعرية والتوجس من هروب المتلقي عنه بعيدا اوعدم استساغته له .

فقد أعلنت هذه المسرحيات إن تلك المخاوف  قد ولت وحان الأوان للتنظير (بضرورة الشعر كفعل درامي) يعلن عن زمن البوح الدرامي الشعري ويلامس المسكوت عنه في ذهنية المتلقي بعيدا عن مطبين مهمين ألا وهما:

أولا- النخبوية الفجة والخطابية الشعرية في الإلقاء والأداء والتجسيد للفعل الدرامي أو شعرية الحدث

ثانيا- المباشرة والسطحية المغلفة بالإيقاعية الموسيقية كبديل عن الإيقاعية الشعرية التأملية.

إن مسرحيات الخباز علي الأربعة، يعتريها البوح التأملي الموضوعي وتجتاحها أفعال درامية لشعرية الحدث المباح عنه وسط زحمة ضجيج المتخيل في عقلية المتلقي، اتسمت جميعها بالاجتراحات الإبداعية المبتكرة من ناحية النسق والصياغة وتوظيف المفردة وانسيابية اللغة والأحداث وفخامة الطرح واللغة العالية جدا، وليست الصعبة طبعا على عقلية وثقافة الجميع بل كانت كالسهل الممتنع في القول والفعل فكانت الأقرب للجميع دون استثناء .

الإيقاع ألتشويقي للأحداث في الخطاب والبناء الهرمي للأعمال الأربعة كان حاضرا وبقوة ولم يخفت ولع المقتفين اثر نهايات الصراعات المسرحية في الإصدارات الخبازية الأربعة،كان كل شيء ممتلئ في النصوص المسرحية ومكتنز بالثقة النابعة عن عقلية إبداعية ممتلئة بكل معارف الوجود ولها خلفية متخمة بالاكتفاء المعرفي من كل مسارات التدفق البلاغي المحبب،لا بل إن كتاباته المسرحية هي حفر وتنقيب في المخيال الجمعي للشعر، والتوهج المحترف في الأدب، وجهر معلن للخزين المعرفي، ودقة عالية الجودة للابتكار الصوري الذي تراه في كتابات الخباز، وهذا يحسب له ولا لغيره .

تجده  يبتكر الصورة والتأويل والتساؤلات في كلمة تارة أو في لحظة صمت كان حاذق جدا في وضعها بالمكان المناسب من الصراع الدرامي تارة أخرى، فتتحول لسؤال أو تأويل أو صورة تحمل أكثر من معنى في صلب ثيمة العمل أو متطلبات العرض المسرحي فهو يجسد التأويل الشعري في فعل درامي لا يقل عن شعرية الشعر في حدثيته.

إن هذا التفرد والاشتغال الإبداعي الساعي نحو اجتراح مناطق وعوالم جديدة غير تلك التي جاء بها الأولون فأنها مساع واشتغالات تجعلك أمام ظاهرة كتابية جديدة في مجال الكتابة المسرحية للنص الحسيني وفق النظريات الحديثة للمسرح الحسيني .

راح الخباز يخط له عنوانا ويعبد له دربا جديدا وخطا متفردا في كتابة النص المسرحي الحسيني الذي كان ولا يزال -أي النص الحسيني- لم يتخلص بعد من المباشرة والتكلف والتصنع في الأداء وبالسطحية والتاريخية النصية للكتابة حتى بات كل ما كتب للحسين (عليه السلام) من نصوص مسرحية وما يعرض من أعمال مسرحية خلال كل تلك السنوات للشيعة فقط لا غيرهم دون أن تتحول إلى نصوص تصل بحبكتها وخطابها ومضمونها للعالمية،وهذا تحديدا ما فهمه الخباز جيدا وعرف  جدا هول استمراره،فعمل بصمت دون الإعلان عن ما يخطط له على تأسيس خطاب مسرحي اجزم انه بعد سنوات سيكون مرجعا إن لم يصبح مدرسا في الكتابة المسرحية الحسينية، ذلك لأنه كتاباته المسرحية الأربعة  تحيل الواقعة الحسينية إلى خطاب أنساني عالمي شعري جماهيري /نخبوي، يصل للجميع من خلال الحبكة الدرامية واللغة الشعرية العالية والتي تفرد بها الخباز دون سواه في أن يجعل الشعر ضرورة مسرحية في النص عكس ما يطرح في إقحام وتطويع وترويض  الشعر للنص لا بل تجد لديه الشعر هو محور الحركة والصراع في الكتابة والعمل، حتى إن خلت أي مسرحية من مسرحياته من تلك الشعرية الدرامية أصبحت نصا خطابيا وليس مسرحيا،فهو يحيل الخطابية والنمطية في المسرح لفعل شعري محسوس،بهذه الطريقة لعب الخباز لعبته وأسس لشيء لابد أن يلتفت له الكتاب والنقاد والمهتمين في مجال تطوير نظريات المسرح الحسيني.

إن الخباز استطاع وبكل جدارة أن يخرج عن إطار المألوف ويتمرد على السائد والمنتج المبستر الوافد ألينا كنظريات وأسس معلبة مع العلبة الايطالية وكسر زجاج (القسمة والنصيب) في عرائس كتاباته المسرحية الأربعة وعمل وناضل وبكل اقتدار وثقة بان يحدث المغاير في معايير السائد ونجح في ذلك حتى أحال رتابة ونمطية وملل ما كان سائد في الكتابة إلى مساحات من الهيام والتحليق بلا أجنحة في فضاءات التجدد والحداثة في الخطاب البديل والنمط والمدرسة البديلة التي يطرحا الخباز كنموذج لتطور النظريات والحفريات في مشروع كبير انطلق من ارض كربلاء المقدسة ولن ينتهي أبدا إلا بعدما يكون مشرعا تأسيسيا لخطاب مسرحي حسيني عالمي.

ان الخباز يجسد في جميع أعماله الآم أل بيت النبوة الأطهار على امتدا طول الألم من الكوفة للنجف وكربلاء،دون أن يقدم الخباز في أعماله المسرحية كلها وثائق تاريخية تسجيلية بل يجسد التاريخ بحذافيره دون المرور بمروياته بحذافيرها،يتحسس الآلام والوجع ويشعرك بهما دون أن يقدم لوحات خطابية لصفحات تاريخية وثائقية،هو يسير على هامش كل تلك الأحداث ويراها وينقلها بلسان البوح التأملي وعقلية الوعي المعرفي بخطاب لا حدود له أو جمهور محدد .

 إن مسرحيات (الصراع - عتبات الندم - محاكمة حميد ابن مسلم ) كانت محاكمات تأملية مابين الخير والشر داخل كل إنسان لذلك هي مسرحيات الممثل الواحد الذي ينشطر لممثلين أو لممثل وصوت،مسرحيات الصوت الداخلي الآخر في شخصية العمل،مساحات للبحث عن مناطق الصحوة في داخل تلك الشخوص،مسرحيات النادمين والناقمين في ذات الجسد الواحد وان اختلفت الإيقاعات الداخلية لتلك الشخصيات وهو بذلك يؤمن بمقولة الأمام جعفر الصادق (عليه السلام) التي يقول فيها (يعطي الله أعداءه بعض صفات أولياءه )، لذلك يرى الخباز إن داخل كل نفس بشرية جلاد وضحية،ظالم وعادل، خير وشرير  ووفق ذلك كان يحرك دفة الصراع في مسرحياته،باستثناء مسرحيته الأخيرة (الخدعة) التي يصور فيها عنفوان ألطف وأخلاقية النصر والهزيمة مابين كربلاء الشهادة وقصور الخديعة في الكوفة والشام،واستطاع الخباز بإصداره الأخير أن يحيل الوثائق والمرويات من الم نمطي مستهلك في التقديم والكتابة إلى متعة وتشويق وانسيابية عالية رغم طول الخطبة الزينبية التي اشتغل عليها الخباز  بحرفنة إبداعية حتى جعل القارئ أو المتلقي لا يشعر بها .

إن رقي الكلمة وتفرد النهج وسمو المنهجية وجودة الاشتغال تجعلنا نرفع القبعات له،فهو اثبت عبر خبازياته الأربعة بأنه داهية لا بل كاهن الخطاب الجديد للكتابة في المسرح الحسيني وسيتحول إلى مرجع ومدرسة كبرى إن وفرت له الظروف اللازمة حتى يمتد بتأسيساته نحو بناء جيل جديد من الكتاب عبر الإصدارات وجلسات الحوار  وورش العمل، لأنه يؤسس لأفعال درامية شعرية جديدة يكون فيها الشعر بؤرة الصراع والفعل الدرامي ومحركه .

وختاما لابد أن نهمس بأذن من لا يعرف علي حسين الخباز  أو من يعرفه ويصعب عليه أن يقرأ أفكاره،بان الخباز علي يخدع حتى الخداع كي لا يموت كما يموت الناس،حتى الموت لا يتوانى في خداعه طالما هو ماض نحو الق النزف الإبداعي،خاف الخباز ويخاف أن يغادر الدنيا وهو في منتصف الطريق الذي رسمه لنفسه سعيا للوصول للكتابة الإبداعية المتنورة في بحور عشق آل البيت الأطهار (عليهم السلام)، يخاف أن تنسل النهاية خلسة إلى الخباز الصغير الحالم والهائم في صبا العشق الإبداعي والمتمترس في تلك الصلعة الكهنوتية التي يختبئ ورائها فضاء من التنوير والشاعرية والإحساس والعذرية والابتكار لذلك افتتحت هذه الورقة بمقاطع شعرية تتحدث عن خداعه للأشياء والموت حتى،هذا هو الخباز فمن عرفه فقد عرفه ومن لم يعرفه أنبأته به والله على ما أقول شهيد.

نص ( انكح بإسم ربك ) للكاتب عدي المختار مرآة تعكس العنف ضد المرأة في المجتمعات المتأسلمه

مجلة الفنون المسرحية
الكاتب حسام الدين  مسعد - مصر

نص ( انكح بإسم ربك ) للكاتب عدي المختار مرآة تعكس العنف ضد المرأة في المجتمعات المتأسلمه

حسام الدين مسعد 

حين تطالع نص الكاتب المسرحي عدي المختار «إنكح بإسم ربك» هذا العنوان الصارخ والذي يحمل فجاجة لم يعهدها القارئ في عنواين النصوص المسرحية هذه الفجاجة كانت بمثابة عنصر الجذب الأول للقارئ الذي حاول تفسير العنوان لتكوين تخيل مبدئي عن النص لكنه وجد نفسه يغوص في الفاظ ومعاني وصور عدي المختار الذي جرد المكان وجرد الزمان في دعوة منه للقارئ ان يتجادل مع «الفتاة »الشخصية الرئيسية في نصه والذي يروي لنا قصة هذه الفتاة التي تدحرجت الى هذا العالم  نتيجة خطيئة لأمها مع والدها رجل الدين الذي تنكر لنسبها.

 ثم تعترضها الشخصيات الذكوريه التي تستبيح بكارتها بإسم الدين في رحلة جهاد النكاح الى ان تتحول الى متطرفة تمقت ذلك العنف الموجه ضدها في مشهد التماثيل الذكورية مقطوعة الرأس لتسخر من واقعها بالضحك علي حالها وفي رغبة منها لتغيير الواقع .

لقد استطاع عدي المختار ككاتب ان يعزف على اوتار التغيير الذي ينشده بداية من عنوان النص ومعارضة الآية القرأنيه «أقرأ باسم ربك» ليحل الفعل الأمر «انكح» في تغيير للمعرفة الأطلاعيه الى الفعل المستهجن ليطوعه حسب المعنى الكامن في النص  ليشكل عامل جذب جدلي للقارئ ودعوة صريحه للغوص في الدال والمدلول للكشف عن المعنى الكامن في النص .

إن تجريد المكان والزمان يقود القارئ للبحث في إطلاقية هذا التجريد اي ان الكاتب لم يقصد المعنى الظاهر في النص وهو الفاجعة التي حدثت لتلك الفتاه .إنما قصديته ذهبت الى ابعد من ذلك حين اخبرتنا الفتاة كيف أتت الى هذا العالم  بكلمة (تدحرجت) وهو لفظ يعبر عن استمرار سقوط الشيء وهو الأمر المستمر لسقوط الفتاه منذ ولادتها كطفلة خطيئه يلاحقها العار الي نهايتها الأنتقامية التطرفية.

إن عدي المختار قدم لنا وجبة من العنف الموجه ضد المرأة على مر العصور ونظرتها الخاصه لرجل الدين المتأسلم الذي يطوع النص القرآني حسب اهوائه الشخصيه وهذا التطويع الذي قصده الكاتب في عنوان النص كان للتأكيد على المعنى الكامن في النص وهو تحت ستار الدين ترتكب الفواحش .

لقد اختزل عدي المختار وظيفة المرأه في المجتمعات الى وظيفة النكاح ليبرز لنا اننا نواجه قبح مجتمع ذكوري ميكافيلي يتستر خلف عباءة الأديان ليسيطر على شعوبها وهذا كان المبرر لظهور امير الجماعة والشيخ و«احدهم » هذا المجهل الدال على شخصية ذكر ميكافيلي متأسلم.

 ان الكاتب قدم لنا نص مسرحي اشبه بالمونودراما فهو يحكي معاناة لشخصية عن طريق السرد حتي ان الحوار مع شخصيات اخري كان من الأوقع ان تشخصه الفتاة كسخرية من الواقع الذي ابرزه الكاتب ببراعة من حيث استخدام اللفظ حتى بلوغ المعنى.
ان عدي المختار قدم لنا نص يعكس العنف الموجه ضد المرأة في المجتمع الذكوري المتأسلم.

السبت، 4 يوليو 2020

أيام قرطاج المسرحية تتحدى كورونا بدورة جديدة

مجلة الفنون المسرحية

أيام قرطاج المسرحية تتحدى كورونا بدورة جديدة

المهرجان سيحافظ على طابعه الدولي وسيستقبل وفودا أفريقية وعربية، لتكون دورة ناجحة بمختلف المقاييس.

 وأكدت مديرة الدورة الـ22 لأيام قرطاج المسرحية نصاف بن حفصية أن موعد هذه التظاهرة سيقام من الـ5 إلى الـ13 من ديسمبر 2020.

وتحافظ الأيام على موعدها القار في ديسمبر من كل سنة، حيث قالت بن حفصية بعد تحديد موعد المهرجان “بدأ العمل بجدية أكبر بعد فترة الحجر الصحي الشامل توقيا من انتشار فايروس كوفيد – 19، الذي تسبب في إلغاء العديد من التظاهرات وأربك كل العالم وجعلنا متشككين هل سينتظم المهرجان في موعده أو لا”.

وأضافت مديرة الدورة الجديدة أن القرار كان شجاعا بالحفاظ على تنظيم المهرجان في موعده، خاصة وأنه ما زال أمامهم متسع من الوقت.

وأكدت أن المهرجان سيحافظ على طابعه الدولي وسيستقبل وفودا أفريقية وعربية، مؤكدة أن هيئة التنظيم بصدد الإعداد لتكون دورة ناجحة بمختلف المقاييس رغم الظروف الاستثنائية التي تمر بها تونس ومختلف بلدان العالم.

موفى سبتمبر القادم سيكون آخر أجل لقبول ملفات الأعمال المشاركة في الدورة الـ22 لأيام قرطاج المسرحية
وتابعت بن حفصية أن الهيئة المديرة للمهرجان فتحت باب الترشح للمشاركة في هذه الدورة أمام الهياكل والفرق المحترفة للإنتاج المسرحي من تونس ومن مختلف أنحاء العالم، بداية من مطلع شهر جويلية الجاري.

وتمّ تحديد موفى شهر سبتمبر القادم كآخر أجل لقبول ملفات المشاركة، ثم فسح المجال أمام لجنة الفرز للقيام بأعمالها، حيث سيقع اختيار الأعمال التي ستكون ضمن المسابقة الرسمية، كما ستختار اللجنة أعمال مسرحية أخرى خارج المسابقة.

وبيّنت مديرة الدورة الجديدة أن حضور الفرق الأجنبية سيكون استنادا إلى تطوّر الوضع الصحي العالمي وكذلك استنادا إلى مؤشر الحالة الوبائية في الدول التي ستكون ممثلة بفرق مسرحية في المهرجان.

وأفادت أن أيام قرطاج المسرحية ستحافظ على هويتها العربية والأفريقية التي بُعثت من أجلها سنة 1983، كما ستحافظ على المسابقة الخاصة بالأعمال المسرحية المحترفة التونسية والعربية والأفريقية التي تم إنتاجها خلال سنتيْ 2019 و2020، على ألا تكون قد شاركت في دورة 2019.

وعلى الراغبين في المشاركة تقديم ملفاتهم مرفقة وجوبا بمطلب ترشح والسيرة الذاتية للمؤلف والمخرج والممثلين والتقنيين وملخص العمل المسرحي المقترح.

ويجب أن يحتوي الملف الفني والتقني للعمل المتطلبات الركحية وتحديد احتياجات الإضاءة والصوت، مع شهادة في تقديم العرض الأول وصور فوتوغرافية للعمل المترشح، وتسجيل سمعي بصري لكامل العرض.

وتعتبر أيام قرطاج المسرحية من أعرق المهرجانات المسرحية عربيا وأفريقيا، والمهرجان تشرف عليه وزارة الثقافة والمحافظة على التراث التونسية، ويحاول أن يسلط الضوء بشكل خاص على المسرح الأفريقي والعربي إضافة إلى مختلف مسارح العالم من كل القارات.

وإضافة إلى المسرحيات المشاركة في المسابقة الرسمية والأعمال التي تعرض خارج إطار المسابقة استحدث المهرجان تجربة مسرح السجون تحت مسمّى “خارج القضبان”، حيث يقوم مسرحيون بالعمل مع السجناء لتقديم أعمال مسرحية في القاعات، وقد لاقت التجربة استحسانا كبيرا وترحيبا واسعا.

كما نجد أيضا تظاهرة موازية بعنوان “أيام قرطاج للمسرح المدرسي” التي تقدم مسرحيات مدرسية تكون مفتوحة أمام الجمهور من مختلف الشرائح العمرية.
-----------------------------------
المصدر : تونس - العرب 

الشاعر سيد عبدالرازق بعد فوزه بجائزة الفيصل : الشعر المسرحي لا يقل أهمية عن صنوف الأدب الأخرى ويواجه تحديات تفوق غيره

مجلة الفنون المسرحية

الشاعر سيد عبدالرازق بعد فوزه بجائزة الفيصل : الشعر المسرحي لا يقل أهمية عن صنوف الأدب الأخرى ويواجه تحديات تفوق غيره

احمد مصطفى :

أوضح الشاعر الدكتور سيد عبد الرازق أن أهمية جائزة الأمير عبد الله الفيصل تكمن في لفت نظر المبدعين من كل بقاع الدنيا إلى الشعر المسرحي باعتباره لونا أدبيا فريدا لا يقل أهمية عن صنوف الأدب العربي الأخرى بل إنه يواجه تحديات قد تفوق غيره من أشكال الكتابة الإبداعية.
مشيرًا إلى أبرز التحديات التي تتمثل في أن الشعر المسرحي يعد مزيجا بين الشعر والمسرح، حيث يقوم فيه الحوار على اللغة العربية الفصحى المعتمدة على موسيقى الشعر مقام الحوار النثري المعتاد، وهو ما يمثل تحديا للمبدع الذي يجب أن يكون على احتكاك بعالم المسرح وعالم الشعر على السواء، وربما هذا ما أدى إلى قلة الأعمال الصادرة في هذا اللون الإبداعي.
وأشاد الشاعر الدكتور سيد عبد الرازق بجهود أكاديمية الشعر العربي وعلى رأسها الدكتور منصور الحارثي التي تولي اهتماما بالغا بإعادة الرونق إلى الأدب العربي وهو ما أكدته في ابتكارها فرعا في جائزة عالمية للمسرح الشعري خصيصا تقيمها المملكة العربية السعودية ممثلة في أكاديمية الشعر العربي، ليعود بها المسرح الشعري للضوء من جديد برعاية كبيرة من سمو الأمير خالد الفيصل، 
كما أشار إلى أن الجوائز الأدبية العالمية الكبرى كجائزة الأمير عبد الله الفيصل تخدم الأدب العربي المعاصر بأكثر من طريقة فهي تكرم في أحد فروعها شاعرا له تجربة إبداعية فريدة، وتكرم أفضل مبادرة لخدمة الشعر العربي، وتكرم شاعرا في مجال القصيدة المغناة، وتكرم شاعرا في مجال الشعر المسرحي، وهي كلها مجالات حيوية وضرورية للشعر المعاصر.
هذا، حيث أعلن سمو الأمير خالد الفيصل مؤخرًا أسماء الفائزين بجائزة الأمير عبدالفيصل العالمية للشعر العربي، التي توجت هذا العام الشاعر المصري الدكتور سيد عبدالرازق في فرع الشعر المسرحي، وذلك عن نتاجه المسرحي ممثلاً في مسرحية "البيدق الأخير" والتي تحمل دلالات تاريخية وأدبية حول حياة عبد الله بن المعتز الأمير العباسي المعروف، وبهذه المسرحية حصل سيد عبد الرازق على الجائزة ليضيفها إلى جوائزه الأخرى كجائزة البردة العالمية من دولة الإمارات العربية المتحدة، وجائزة الحرية من فلسطين، وجوائز أخرى من المغرب وتونس.
يذكر أن الشاعر الدكتور سيد عبدالرازق من أبناء محافظة أسيوط، وله أكثر من خمسة دواوين شعر منشورة، وغيرها تحت النشر، كما سبق وكان عضواً بمجالس إدارة أندية الأدب وبعض الكيانات الثقافية الرسمية وغير الرسمية.




التنوع في أوقات الأزمات دليل ناشئة الشارقة إلى عالم الفن

مجلة الفنون المسرحية

التنوع في أوقات الأزمات دليل ناشئة الشارقة إلى عالم الفن

في بادرة غير مسبوقة، نظمت ناشئة الشارقة التابعة لمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، جلسة حوارية مساء أمس، حول المعرض الرقمي الفريد من نوعه، الذي تقيمه هيئة الشارقة للمتاحف احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف، تحت شعار "المتاحف من أجل المساواة: التنوع في أوقات الأزمات".

عُقدت الجلسة في أجواء تفاعلية عن بعد بواسطة منصة "زوم"، وأدارها يوسف آل علي المنتسب إلى مركز ناشئة واسط، عبر طرح مجموعة من الأسئلة المفتوحة التي وجهها للمشاركين في الجلسة بطريقة مُسلّية ومبتكرة، ساعدتهم في التّخيل الإبداعي وإطلاق العنان لأفكارهم، بالإضافة إلى تمكينهم من التعبير عن آرائهم في بعض الأعمال الفنية المشاركة بالمعرض الرقمي لهيئة الشارقة للمتاحف، بما يحقق المتعة والفائدة للمشاركين كافة.

وتطرق يوسف آل علي، إلى تفاصيل بعض الأعمال الفنية المشاركة في المعرض لفنانين من مختلف دول العالم بأسلوب مُبسّط، حيث أتاح للجمهور فرصة استكشاف التقنيات الفنية المستخدمة في إنجازها، فضلاً عن الاستماع إلى رؤاهم فيما يمكن إضافته أو تغييره بالشكل الذي يبرز المعنى ويوضح الفكرة، في الأعمال الفنية التي استعرضها ودارت جميعها في فلك التلاحم والترابط الأسري، وأهمية اتباع الإجراءات الاحترازية في الأوقات الصعبة. 

وأقيمت الجلسة بهدف تمهيد الطريق إلى عالم الفن أمام منتسبي مراكز ناشئة الشارقة، وتعريفهم بمختلف المدارس الفنية ومهارات استخدام الألوان ومعانيها، وتدريبهم على التعبير عما يجول في خواطرهم في الأعمال الفنية باستخدام الرسم والفن التشكيلي والرقمي. 

وأعربت فاطمة محمد مشربك، مدير ناشئة الشارقة بالإنابة عن سعادتها بالتعاون المشترك مع هيئة الشارقة للمتاحف، بالشكل الذي يحقق التكامل المؤسسي، ويعود بالنفع على الشباب واليافعين، ولفتت إلى أن ناشئة الشارقة أطلقت مجموعة من المبادرات والبرامج التي تتخطى حدود الزمان والمكان، تناغماً مع استراتيجيتها في الوصول إلى منتسبيها أينما كانوا واحتوائهم ودعم مواهبهم.

وقالت مشربك: "نحن محظوظون لوجودنا في إمارة الشارقة التي تولي اهتماماً كبيراً بالإنسان والاستثمار فيه، ونعمل جاهدين على تحقيق رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقرينته سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيس مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، في تنشئة أجيال تبدع في كافة المجالات لتحافظ على ثراء الإنتاج الإنساني وتنوعه؛ عبر  تطوير برامجنا وفق أفضل معايير الجودة، لتحقيق ما نصبوا إليه من غايات من خلال إكساب الشباب ما لدينا من مهارات لتمكينهم من قيادة المستقبل.

قالت سعادة منال عطايا، مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف: ”يسعدنا قيام ناشئة الشارقة بتخصيص جلسة لتسليط الضوء على معرضنا الرقمي الخاص الذي يعكس إيمان الهيئة بقوة الفن والثقافة في التقريب بين الناس وفي دور المتاحف لضمان التواصل مع جماهيرها المتنوعة ومجتمعاتها ككل.”

- انتهى -
عن ناشئة الشارقة
تعتبر ناشئة الشارقة، التابعة لمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، مؤسسة شبابية تركز على الإبداع والابتكار والاكتشاف المبكر لمواهب الناشئة في الأعمار من 13 إلى 18 عامًا والعمل على رعايتها بشكل مستمر، وتهيئة البيئة الجاذبة للشباب لممارسة الهوايات وتعلم المهارات عبر مراكزها الثمانية المنتشرة في مختلف مدن ومناطق إمارة الشارقة، وتزودهم بالخبرات التي تنمي حسهم الوطني وتساعدهم على القيام بأدوارهم للنهوض والارتقاء بالمجتمع الإماراتي. 

عن هيئة الشارقة للمتاحف
تأسست هيئة الشارقة للمتاحف في عام 2006 كدائرة حكومية مستقلة، برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى - حاكم الشارقة، وتدير الهيئة 16 متحفًا على مستوى الإمارة، والتي تتميز بتنوع هائل في مواضيعها بين الفنون والثقافة الإسلامية، وعلوم الآثار والتراث، والعلوم والأحياء المائية، وتاريخ إمارة الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة.

الخميس، 2 يوليو 2020

ديودرام " زيادة في وزن الامتعة " :تأليف جان بييار مارتيناز / ترجمة علاوة وهبي

مجلة الفنون المسرحية 

الأربعاء، 1 يوليو 2020

دينامية المسرح في ظل الجائحة… فعل استمرار وليس انحسار

مجلة الفنون المسرحية

دينامية المسرح في ظل الجائحة… فعل استمرار وليس انحسار

*نور الدين الخديري 

في قولة الشاعر المسرحي الإنكليزي وليم شكسبير، دعوة صريحة إلى اعتبار الحياة مسرحا كبيرا، فيه يمثل الناس رجالا ونساء أدوارا متعددة، ورغم أن الحياة نفسها ليست هي المسرح منقولا إلينا عبر أيقونة الجسد، وعبر كل المكملات الفنية والجمالية، التي ينطبع بها فن المسرح في بعده المعاصر، إلا أن مؤثر الواقع في الحياة له بأسه المباشر، أو اللامباشر على الفكر والفن ومنه المسرح، فلا يمكن القول إن هذا الأخير يشتغل أو يحيا بمعزل عن شروط قيامه الوجدانية والاجتماعية والفكرية، الراشحة بقيم الديمقراطية، التي تجسر له سبل الانطلاق إلى الآفاق التي تحقق له الفاعلية والاستمرارية والخلود.
ففي صلة المسرح بالواقع يمكننا استحضار الراهن الوبائي الكوني، الذي يعيشه العالم منذ مارس/آذار الماضي، وما أعقبه من هزات زعزعت كل الأصعدة، خاصة الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، هذه الهزات التي كشفت العديد من الاختلالات والأعطاب التي تعرفها البنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمجتمعات المتضررة من الوباء التاجي كوفيد 19، ولأن هذا الواقع الذي تفشى سريعا في أوصال المجتمعات وأودى بحياة عدد كبير من المواطنين، كان لا بد له من إسعافات طبية أولا، وتدابير وترتيبات احترازية واستباقية ثانيا، تستدعي استنفار كافة الطاقات والقوى الحية في هذه المجتمعات لدرء تفشي العدوى بين الناس، وفي هذه المعركة تجند الأطباء في الصفوف الأولى، غير آبهين بمخاطر الوباء، أو أنهم بوعي كبير منهم عملوا على تحديه والنضال في مواجهته، والحد من انتشاره، كما أن باقي الجبهات الأخرى كانت مسنودة لطاقات وكفاءات أخرى، لا تقل أهمية، كل من موقعه، كالتعليم، والأمن، والسلطات المحلية، والفكر والثقافة والفن، وقوى المجتمعات المدنية، دونما نسيان الأحزاب والقوى السياسية، التي رغم تعارض أيديولوجياتها، إلا أنها توحدت ضد العدو البيولوجي الواحد.
لكن هذه العلاقة غير المتكافئة أو غير المتجانسة بين المسرح كفن، والحجر كتدبير صحي احترازي، جعلتنا نرى الحياة منكفئة على ذاتها، حياة تفتقد إلى حيويتها المعهودة، وشيء طبيعي أن تتبدى بهذا المنظور الاستثنائي الذي تعطلت معه الحركة في مختلف المناحي، ولأن الإنسان هو الفاعل والمحرك لدورة هذه الحياة، فهو يعيش في أسوأ حالاته هو الآخر في ظل الحجر، الذي شرع في مصادرة حريته ليس في القول، ولكن في الحركة والتفاعل الحي، وفي التجمعات البشرية، التي تضفي على هذه الحركة بعدها الاجتماعي العام، ولعلنا في هذا نمثل بالمسرح، الذي أصبح في ظل الحجر فعلا معطلا، أو أنه مسرح مع وقف التنفيذ، أو لنقل إنه مسرح تحايل على زمن الحجر، وأبدع زمنه الخاص في زمن استثنائي خاص.
في هذا الزمن الموبوء، انفلت المسرح عبر المواقع الاجتماعية المتعددة، وانسلخ من انكفائيته إلى الظهور الافتراضي، فكان يعيش حياته بتمظهرات أخرى تكفيه حاجته، وتعلن عن اختراقه الواقعي لزمن الحجر، بما أن التواصل اليوم أضحى تواصلا عن بعد، ليس لأن المسرح مجبول على هذا البعد، ولكن لأنه يعيش زمنا طارئا، فهو يتكيف وفق الزمن الذي ينتمي إليه، فكان المسرح عبر هذه الوسائط، وكانت اللقاءات الافتراضية تناقش القضايا المسرحية الحارقة، وأضحى التواصل يستحضر البعد الحضاري للفعل المسرحي، كما أصبح المسرحيون يتأملون من داخل بيوتهم راهن الفن المسرحي من المحيط إلى الخليج، ويستقرئون أوضاعه وأحواله، رغم ضيق الحجر، ورغم موانع التجمعات، بل ربما كان تأملهم في شؤونه وقضاياه طيلة زمن الحجر دفعا قويا لتطويره وتخصيب عوالمه، لأن العبرة تكون أحيانا في المابعد، وليس دائما في الماقبل، لذلك تكون الخواتيم هي المنتهى، الذي يضحك فيه المسرح ومعه المسرحيون عامة، كما يعبر عن ذلك المثل الفرنسي.

إن المسرح كفعل إنساني خالد، لا يمكن أن يصمت، أو ينحسر مهما كانت الظروف والطوارئ، ومهما تقلبت عوادي الزمن، لأنه ببساطة فعل محاكاة غريزي في الإنسان، كما ألمح إلى ذلك أرسطو، يسعى من خلاله إلى التعبير عن حاجاته النفسية والاجتماعية والعقدية التي تمكنه من فعل الوجود.

فبإطلالة على التاريخ البشري الطويل، نجد الإنسان قد شهد فيه عدة أوبئة، وعايش عددا لا يستهان به من الحروب والثورات والقلاقل، والهزات الكبرى، لكنه تغلب عليها بفعل العقل أولا، وبفعل التعايش الإيجابي مع هذه المتغيرات ثانيا، ولأننا نؤمن جميعا بفعالية العقل البشري، فإننا لا نختلف في ما يفرزه هذا العقل من خلق إبداعي وفني وفكري وثقافي، به يستطيع صد هذه الأوبئة، وهذه الحروب والتصدعات، وبذلك يعتبر الفن المسرحي أحد أهم هذه الإفرازات العقلية، التي تقدم رؤيتها للعالم، من خلال ما يجري في الواقع من متغيرات، وتحولات، وطوارئ مختلفة ومتعددة. ولأن الفعل المسرحي ظاهرة بشرية تتبدى في مختلف البلدان والمجتمعات، وتعيشها وتحياها الشعوب الحضارية، فإن هذه الظاهرة الفنية العريقة، لا يمكن أن تصبح نسيا منسيا تحت وطأة الحجر الطارئ، أو الوباء العارض، لأن الأبقى للظاهرة وليس للعارض، ولأن الغلبة للقاعدة وليس للاستثناء، فالزمن المسرحي يستطيع بفعل تاريخيته المتجذرة، وبحكم خلفيته الفكرية، أن يخترق كل طارئ وعارض، كما يستطيع أن يتكيف مع مختلف المحيطات والبيئات، مادام فنا وإبداعا عقليا، يحاكي الواقع وينتقده، ويحاول التأثير في حاضره، واستشراف مستقبله.
ولأن المسرح بهذه الخصوصيات، وبغيرها التي ينماز بها عن غيره من الفنون، فهو قادر على الخلق والإبداع، ما دام يرتكز على الفكر البشري، الذي يسعفه التخييل على اقتراف عوالم جديدة، وصناعة أحياز وأفضية أخرى تنزاح عن الواقع، الذي قد يكون موبوءا إما حقيقة أو مجازا، يقول عبد الكريم برشيد في»الرحلة البرشيدية»: «إسمعوا رحلتنا اليوم يا رفاقي هي رحلة افتراضية، وسفرنا هو سفر افتراضي، والمدينة التي أدعوكم إليها هي مدينتنا الممكنة، وهي مدينة افتراضية، وكل ما فيها افتراضي أيضا.. وهي موجودة بقوة الخيال وبفعل السحر الحلال.. وأقول لنفسي إنني أهرب مني إليّ، وأبحث عن مدينة بحجم مسرح، وأبحث عن مسرح بحجم مدينة، وأبحث عن مدينة بحجم الدنيا».
لذلك لا خوف على المسرح من الحجر، إنه زمن عابر، لا يقاس عليه، والمسرح فن خالد، يظل قاعدة لا يمكن تجاوزها، أو القفز على رصيدها التاريخي الحافل بالمنجزات الفكرية التي أنجبتها العبقرية الإنسانية، خاصة في العصور التي شهدت معالم الحضارة في أبهى صورها، بدءا من المجتمع الإغريقي القديم إلى عصر النهضة، إلى الامتداد. ماذا لو لم يكن المسرح؟ هل كان بالإمكان أن نوثق لهذا الزمن الوبائي الطارئ، لكي تطلع عليه الأجيال القادمة؟ هل كان بالإمكان أن يكون التاريخ وحده كفيلا بلملمة وقائع الوباء ومخلفاته وانعكاساته المختلفة على بني البشر؟ وكيف ستتم محاكاة هذا الواقع فنيا عن طريق المسرح؟ لا شك في أن الحياة ستفتقد صورتها الفنية التي تعكس حركيتها، وتعكس بعدها الآخر الذي يزكي امتدادها واستمرارها، فبالفن نرى الحياة مختلفة، ونراها أجمل، ونحلم بكونها هي تلك المعبر عنها بواسطة الفن، وليست هذه التي نحياها في الواقع المعيش، خاصة إذا ما افتقدنا فيها الأشياء التي نحب، أو التي نسعى إلى تحقيقها، ولذلك نفتش عنها في العروض المسرحية التي تطفئ فينا هذا الغبن الذي نستشعره، وبالتالي يجعلنا هذا الفن المسرحي نقبل على الحياة ونرتضيها بحلوها ومرها، لأننا نكون في حضرة المسرح الذي يجذبنا إليه في شبه إدمان.
لقد عمل المسرح على التوثيق للوباء، كان ذلك منذ فجر التاريخ البشري، في القرون الأولى قبل الميلاد في بلاد الإغريق، حين أطل علينا الشاعر المسرحي الغنائي العملاق سوفوكليس بمسرحيته الأسطورية «أوديب ملكا»، التي ضمنها حادث الطاعون، الذي حل بمدينة ثيبة، التي وجد فيها الملك أوديب نفسه حاكما عليها، بعد وفاة الملك «لايوس» وبعدما قتل أوديب الحيوان الوحشي «أبو الهول»، فقد تمت مكافأة أوديب بحكمه لمدينة ثيبة، ما جعله يتزوج من «جوكاستا» التي لم يكن يعلم أنها أمه، كما أنها لم تكن تدرك أنه ابنها. هذا الوباء الذي كان بإيعاز من الآلهة التي لعنت فعل الزواج، ما أسفر عن اكتشاف البطل أوديب لحقيقة زواجه من أمه، وإنجابه منها، فكان القصاص تراجيديا بفقء أوديب لعينيه ونفيه لنفسه خارج البلاد، بينما انتحرت أمه واضعة حدا لحياتها.
فوباء كوفيد19، لاشك سوف يثمر عددا من المسرحيات الناطقة بواقع الظرف الوبائي الكوني، خاصة أن زمن الحجر كان يكبل حرية الفاعلين المسرحيين من حيث الاشتغال الفعلي في المسارح ودور العروض المسرحية، وفي كل الميادين التي ينشط فيها المسرح، حتى في الساحات العمومية الكبرى، صحيح قد تكون معايشة الوباء ليست بتلك الحدة التي تصير في المابعد، إذ لابد من منح الذات هامشا من الزمن لاختمار التجربة الإبداعية، وإكساب هذه الذات مسافة مناسبة عن زمن الوباء الفعلي، لصالح الزمن الإبداعي الذي لا يأتي بالضرورة متوازيا مع ظرفية (الحادث) الوباء. لذلك يظل المسرح فعلا محرضا على الإبداع المستمر، الذي يتغذى على الأحداث الكبرى، والمحطات الأكثر وقعا على الإنسان، ولطالما كان هذا المسرح مرآة عاكسة للحضارة الإنسانية، وكان بمثابة الوعاء الفكري والثقافي والإبداعي الذي يتواشج مع البحث التاريخي في قضايا التوثيق لهذه الوقائع الإنسانية في مختلف المناحي والأصعدة، مع وجود الفارق.
عموما يمكن القول إن المسرح كفعل إنساني خالد، لا يمكن أن يصمت، أو ينحسر مهما كانت الظروف والطوارئ، ومهما تقلبت عوادي الزمن، لأنه ببساطة فعل محاكاة غريزي في الإنسان، كما ألمح إلى ذلك أرسطو، يسعى من خلاله إلى التعبير عن حاجاته النفسية والاجتماعية والعقدية التي تمكنه من فعل الوجود.

٭ باحث مسرحي مغربي
----------------------------------------------
المصدر : القدس العربي 
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption