أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الخميس، 27 يوليو 2017

تكريم الكاتب المسرحي لينين الرملي

مجلة الفنون المسرحية

 تكريم الكاتب المسرحي لينين الرملي

ماهر حسن 

يعد لينين الرملي الكاتب المسرحي الأبرز خلال النصف قرن الأخير وتعددت إسهاماته بين المسرح والسينما والدراما والتليفزيون، وله أكثر من خمسين عملًا وقد أسهمت أعماله المسرحية في تقديم مجموعة كبيرة من الشباب المتميز بين الإخراج والتمثيل للمشهد المسرحي وصاروا نجوما كبارا، وهو مولود في 1945 وحصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم النقد وأدب المسرح عام 1970، كما شكل ثنائيا ناجحا مع الفنان الكبير محمد صبحي في عدد من المسرحيات والمسلسلات التليفزيونية.
ومن مسرحياته «تخاريف وانتهى الدرس يا غبي وإنت حر وأهلا يا بكوات وعفريت لكل مواطن وسعدون المجنون وبالعربي الفصيح ووجهة نظر والهمجي وسك على بناتك»، ومن أفلامه «العميل 13 وفرصة العمر والإرهابي وبخيت وعديلة والبداية»، ومن مسلسلاته التليفزيونية «هند والدكتور نعمان وحكاية ميزو ومبروك جالك ولد وشرارة».

وقد احتضن المسرح القومي، مساء الأربعاء، احتفالية لتكريم الكاتب الكبير بحضور الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة، والمخرج خالد جلال، رئيس قطاع شؤون الإنتاج الثقافى، والفنان إسماعيل مختار، رئيس البيت الفنى للمسرح، والدكتور عماد سعيد، رئيس المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، والفنان يوسف إسماعيل، مدير المسرح القومى، والفنان نبيل الحلفاوى، والفنان والمخرج المسرحي محمد أبوداود، وحسن عطية، رئيس مهرجان المسرح القومى.

وقد بدأت الاحتفالية بعرض فيلم تسجيلى بعنوان «الشواف» من إنتاج المركز القومي للمسرح والموسيقى والبيت الفنى للمسرح، تحدث فيه لينين الرملى عن حياته ومسيرته الفنية، كما تحدث فيه آخرون ومنهم محمد أبوداود، ومن الفيلم نعرف أن الرملي بدأ الكتابة وله من العمر عشر سنوات وأنه من المدهش أن نشرت له «صباح الخير» مقاله هذا وأنه ابن كاتب وكاتبة وكان أكبر الأبناء وأكثرهم تأثرا بتجربتي أمه وأبيه الصحفي. وقال الرملي في الفيلم أيضا إنه مارس الكتابة والإخراج والتمثيل أيضا وإن له تجربة صحفية وهو فتى صغير تمثلت في مجلات حائط أنجزها وقال إنه حين كان طالبا في معهد المسرح وقعت النكسة وكتب عملا للتليفزيون بعنوان الأسرى متأثرا بالنكسة لكنه مُنع، كما تحدث عن تجربته مع المخرج السينمائي صلاح أبوسيف وبخاصة في فيلم البداية، وعن تجربته مع عادل إمام في «الإرهابي وبخيت وعديلة» وغيرهما.

وعن تجربته مع المخرج جلال الشرقاوي الذي أخرج له مسرحية «إنهم يقتلون الحمير» في عام 1972 وكان الرملي وقتها عمره 28 سنة وخلافهما حول تغيير موضع في هذا النص المسرحي، كما تحدث الرملي في الفيلم عن تجربته مع محمد صبحي بدءا من مسرحية انتهى الدرس ياغبي وتأسيسهما تجربة «استوديو 80» والتي أثمرت مسرحيات المهزوز وإنت حر والهمجي وتخاريف ووجهة نظر وبالعربي الفصيح، وقال إنه كتب لمسرح القطاع الخاص «سك على بناتك» و«تكسب ياخيشة» وأنه أسس فرقة استوديو 2000 بعد انفصاله عن صبحي معتمدًا على الشباب.

كما تحدث المخرج المسرحي والفنان محمد أبوداود في الفيلم عن تجربته مع الرملي قائلا إنه كاتب يتمنى كبار المخرجين التعاون معه وأن الفنان الراحل ممدوح وافي كان سببا في التعاون بين أبوداود والرملي.

أما المخرج المسرحي عصام السيد فقد تحدث في الفيلم عن الشهرة التي تحققت للكثيرين ممن تعاونوا مع الرملي وتحدث عن ملابسات التي أحاطت بإخراجه لمسرحية أهلا يابكوات للرملي والذي كان يغامر بالمخرجين الشباب، كما تحدث في الفيلم جرجس شكري الذي أصدر كتابًا عن لينين الرملي وتم توزيعه على الحاضرين على هامش الاحتفالية والكتاب بعنوان «الشواف» وهو لقب محمد صبحي حين كان يقوم بدور الأعمى في «وجهة نظر»، وقال جرجس شكري إن الرملي بعطائه الممتد لنصف قرن ينتمي لجيل الرواد.

كما تحدث عادل اسكندر، رئيس جمعية الصداقة المصرية الكندية، عما يحتله الرملي من مكانة عربية ودولية وأنه تم تكريمه في كندا ثلاث مرات، فيما تحدثت عنه فاطمة المعدول مبدعًا وإنسانًا وزوجًا وأبًا، وقالت إنه في إبداعاته منحاز للناس.

كما تحدثت في الفيلم ابنته هند عنه كمحب للرسم وأنه شجعها عليه وأنهما يرسمان سويا لكنه يحب الرسم بالرصاص ويتقنه وأنه أب مثالي. فيما تحدث ابنه شادي عن رغبة والده أن يكون ابنه مخرجا.

وبعد الفيلم تحدث عماد سعيد، رئيس المركز القومي للمسرح، عن حرص المركز على المشاركة في تكريم الرملي لأنه يرى أن الرملي من أهم كُتاب المسرح عبر نصف قرن ثم تحدث عما يميز أعمال الرملي.

فيما أشاد خالد جلال باستجابة وزير الثقافة حلمي النمنم لفكرة التكريم الشهري لرموز المسرح المصري بحيث يتم تكريم واحد منهم كل شهر، ووصف لينين الرملي باعتباره كاتبا مختلفا وأنه كان من الشباب الذين ساعدهم وتعاون معهم وأنه أخرج له مسرحية «تحب تشوف مأساة؟؟» ووصف الرملي بأنه فليسوف ومفكر مسرح وأنه يتابع بروفات أي عمل له من البداية للنهاية وأنه تعلم في مدرسته الكثير.

وتحدث وزير الثقافة حلمي النمنم واصفا لينين الرملي بأنه حالة خاصة في الثقافة والإبداع المصري في السينما والمسرح والتليفزيون، وهو معني بتثقيف الجمهور والمواطن وإشراكه معه في السؤال الإبداعي وأنه تعامل مع الجمهور بدون تعال ولكنه حريص في إبداعاته على إثارة الوعي واعتبر أن فيلم البداية يقدم يوتوبيا سينمائية لعالم نحلم به.

وبعد قيام وزير الثقافة تسليم درع التكريم للكاتب المسرحي لينين الرملي، طلبت «المصري اليوم» من الرملي إلقاء كلمة في المناسبة على الجمهور لكنه رفض.
واختتم حفل التكريم بفقرة غنائية تضمن أغاني لأم كلثوم وعبدالحليم حافظ.

----------------------------------------------------------
المصدر : المصري اليوم 

مسرحية للأطفال " سنان والعم حمدان " تأليف : عدي المختار

مجلة الفنون المسرحية
المؤلف عدي المختار 

قراءة في مسرحية “سأموت في المنفى” للمسرحي الفلسطيني غنام غنام

مجلة الفنون المسرحية 

قراءة في مسرحية “سأموت في المنفى” للمسرحي الفلسطيني غنام غنام


جمال عبد الناصر الفزازي - جسور 


  عرض المبدع غنام غنام مسرحيته ” سأموت في المنفى” في ذكرى استشهاد المناضل المثقف والسياسي الكبير غسان كنفاني،  وختما لعروض المهرجان الدولي للمسرح الجامعي لابن مسيك 8 يوليوز 2017 بمركب ستيديو الفنون بالدار البيضاء- المغرب ، في قاعة مستطيلة طوعها لتكون فضاء لعبيا لفرجة حكواتية دائرية استغرقت ساعة من الزمن لكنها امتدت بعيدا في مفاصل التاريخ ومجازات التخييل. ثلاثة مفاتيح لعرض ناجح : 

أولا :

النص المسرحي : … نص يحفر عميقا في الجسد الفلسطيني المهجر أشتاتا بعيدا عن الارض –الموطن- التي تم تشتيتها بين الاحتلال الاسرائيلي والمملكة الاردنية الهاشمية و المملكة الخديوية المصرية والنظام السوري وبإرادة من بريطانيا المستعمرة “وعد بلفور2017” والغرب عامة.

…في هذا المسرح العالمي تمت مصادرة تركة الشهيد صابر ..صابر من كفر عانا ، انتزع الاستيطان ارضه و مات محروقا كمدا على ابنه المثقف والمناضل المنفي في الاردن ،إثر مكيدة مبيتة من ذوي القربى…

أما غنام غنام الذي يصغره سنا ، فلم يغنم سوى التهجير القسري باسم النزوح او اللجوء.. مثلما غنم ماسي الاسرة وتراجيديا فلسطين ترابا ورمزا .. ولم تتبق لديه سوى حقيبة كانت تحتفظ بتراب وحجر فجرده حرس الحدود منهما، لتصير تلك الحقيبة هويته المجروحة و قبره المفترض.

بهذا سيضع الجمهور أمام غنامين: أحدهما الأصل الذي كان يمكن أن يحيا حياته الطبيعية في وطنه الأم وقريته كفر عانه ، ومدينة مولده أريحا ..وغنام البديل “بدل فاقد” الذي بات يتجرع إهانات المطارات،وجحيم المنافي في إنتظار إسترجاع النسخة الأصلية. لينتهي العرض إلى إستضمار السؤال الوجودي الشكسبيري : “أكون أو لا أكون” أيهما غنام الكائن؟ ..أهو الطبيعي أم الممسوخ بالإحتلال ؟ .. هل هو الميت في وطنه أم في بلاد الغير؟ هل هو الإنسان الذي كان سيكون حرا كريما في وطنه لو لم يوجد إستيطان ..؟ أم هو ظله وقرينه ونسخته المشوهة. قيمة النص الدرامية لا تتأتى فقط من مرجعية النص وقضيته : فلسطين ..بل من إعادة إنتاج فلسطين النصية بشكل جمالي ..ألم يصرخ محمود درويش في الذين يستغلون القضية الكبرى بما دون الفن : ” أنقذونا من هذا الحب القاسي ” ..وهذا النص يمنح للقضية زخما فنيا بعد أن توارت خلف الكوارث العربية بإسم “الربيع العربي”.

وفي الواقع لا يوجد نص مكتوب تم إعداده و الإشتغال عليه ..لأن العرض يوحي إلى أن النص تم التفكير فيه “منجزا فرجويا” ومشروعا مسرحيا تجريبيا منفتحا على الفضاءات العامة…

وبالتالي فهو مشروع عرض يحتوي نصا ملفوظا،  يتم تعديله في كل عرض بحسب طبيعة الفرجة والمتلقي ، وإن كانت بنيته العميقة، و الأساس هي تمثيل الأنا الفردية (غنام غنام) والعائلية (صابر) والجماعية (فلسطين)…باعتبارها موضوعا قابلا للقراءات المتعددة ..النفسية والاجتماعية والتاريخية …

إنه نص محبوك بإتقان يجعل المعقد بسيطا لإمتاع المتلقي وأفهامه ، بل وإرباكه أيضا بدءا من لازمة الإستهلال :” الله يمسيكم بالخير ويمسي الخير فيكم، لأن الإنسان بيحلى بالأيام والأيام بتحلى بالإنسان. و أحلى الناس هم البني آدم،  و أحلى البني آدميين هم الناس، ومساء الخير عالبني آدميين.” . و هي التي ختم بها العرض، وما بينهما كثافة نصوص متداخلة : نصوص شعرية -خاصة شعر محمود درويش –  و أسماء أعلام فلسطينيين : كإميل حبيبي وسميح القاسم و إدوارد سعيد وناجي العلي وغسان كنفاني … و أماكن:  كالقاهرة وجرش وكفر عانه والشارقة… بالإضافة إلى نصوص حكم و أمثال و أخبار تنحت مادتها من السياسة والتاريخ و أحوال المجتمعات. ومن ميزات النص العرضي إنتقال سلس من اللهجة العامية الفلسطيني إلى المصرية ..ثم إلى العربية الفصحى؛  ومن الخطاب الفقهي إلى المحكي المتداول لدى العامة؛  إلى خطاب الرقيب والحاكم أو العالم، بحيثيات القضية و أسرار الشخصيات .

كما أن قيمة النص تعود إلى التلاعب بالزمن من خلال الإسترجاع غير المنتظم للتواريخ و الأحداث،  ووو والإستشراف من خلال إستباق الموت…موت الشخصية في المنفى …

النص يجعل الشخصية معلقة بين- بين…بين الحاضر والماضي و المستقبل .. بين الحياة و الموت ..بين الجسد في فلسطين وفلسطين المحتلة ..بين المنفى بإعتباره وصلا لإحياء فكرة الأرض وبعثها في الأجيال الصاعدة والمنفى بإعتباره فصلا للإنسان عن موطنه الطبيعي .

وبلا شك يتميز النص بل يمتاز بقيمة درامية تفتحه على امكان تجسيده فرجويا ، لأنه يتمحور حول DRAMA الفعل الدرامي أي ما يمكن انجازه هنا والآن مسرحيا، وليس فقط الإكتفاء بالتعبير الإنشائي ذي النزعة البكائية،  كما في كثير من المسرحيات التي تزعم الدفاع عن فلسطين ، أو النزعة المدحية التي تمجد الأسطورة الفلسطينية إلى حد التقديس… 

ثانيا :

– التشخيص: يستثمر التشخيص تقنيات الحكواتي التي تقوم على انجاز الفعل الدرامي هنا هو ما نشاهده عبر حفر القبر او حمل حقيبة او صفع الشخصية واستنطاقها او ندب صابر لمقتل ابنه بحركة اليد وترنح الجسد او التحرك الدائري الذي يشير الى الترحال المستمر دون مغادرة الفضاء المغلق ..انه نص يفتح باب الابتسام والضحك كما يفتح باب المأساة التي نراها في عيني غنام وملامحه كالتركيز على المشاهدين بنظرات حادة والالتفات اليهم باستمرار لانتشالهم من كراسيهم المترهلة وادماجهم في فن الحلقة بفرجة تروم تكسير الجدران وفتح مساحة التباعد بين الشخصية وموضوعاتها بل خلق مسافة نقدية بين الذات الحية وذاتها الميتة. ويهيئ الفرجة للتغريب بحيث تتم اعادة بناء المشهد لفضح منطق الاشياء وربط المعلول بالعلة لكن بلمسة فنية مسائلة ..مما يوفر مساحات للنقد والسخرية والادانة وجعل المشاهد/الجمهور مندهشا بوعي من عالم متوحش ولا مبال او متنكر في صورة انسان متحضر. كما انه تشخيص لا يروم تقمص الشخصية كما عند ستانسلافسكي لأنه لا يعرضها للاندماج فيها بشكل كلي بل لقراءتها بوعي و تجاوزها .وهو لا يعرضها امام العقل كما عند بريخت لان الممثل هو ذاته الكاتب والشخصية والمخرج والانسان الفلسطيني: غنام غنام الذي يحمل مأساته الوجودية في جسده ويتعذر عليه تمثيلها وسلخها من جلده .. وهو لا يحكي كما في تراث الحكواتيين من اجل التفكه او سرد سير الامم الغابرة او البطولات الخارقة واساطير الاولين للسمر والسهر بل يتجاوز فرجة الحلقة التقليدية لأنه يمسرح الفرجة الشعبية ويعيد انتاجها من زاوية اخرى متمثلا الارث المسرحي الجمالي عالميا … 

ثالثا :

الإخراج.. هذا الخيط الذي يتماهى فيه صوت المؤلف وحركة الممثل ورؤية المخرج ، ناسجا ايقاعا حركيا بصريا وسماعيا، اشتغل عليه الاخراج بإضاءة اعتيادية وظيفتها الكشف ..وهو ما سيضطلع به الخطاب المسرحي ،لإبلاغ الجمهور بحقيقة القضية الفلسطينية وتنسيب العلاقة معها ، وفي نفس الان عرض الجسد الجريح بكل ماضيه وندوبه واحلامه واسئلته ..سواء بالصمت والصراخ او باختيار اللون الابيض والاسود في اللباس او من خلال توظيف اكسسوارين : مقعد وكوفية فلسطينية ..وكأننا امام مسرح فقير ل “غروطوفسكي” يغتني بمنح الأشياء الفرجوية القليلة، امكانات فنية بوظائف جمالية ومعرفية شتى، تفترضها الحكاية كأن يتحول الكرسي الى قبر أو نعش ولحد أو أداة استنطاق أو حقيبة، وتصير قطعة ثوب كوفية فلسطينية او خريطة لفلسطين ورمزا .وعلى امتداد العرض ظل الجمهور مأخوذا بالحكاية مندمجا فيها نفسيا لكنه لم يغن الفرجة الحكواتية دراميا وعرضيا بتشخيص او انشاد او رقص او محاورة للحكواتي ،مادام العرض تشاركيا اذ لا شيء فيه خفي ولا كواليس. بهذا تكون الفرجة قد انغلقت في المكان الدائري مثل انغلاق الحدود في وجه الشخصية ..وانفتحت على الجمالي والانساني بإرادة في التحرر من المأساة . انها نداء انساني لتحرير الانسان من التاريخ الممسوخ.. نداء فني يضيء الحقيقة التي تدين الضمير العالمي ..إن كان للعالم ضمير.

تونسيون وسوريون وأفارقة في رحلة مسرحية إلى الموت

مجلة الفنون المسرحية

تونسيون وسوريون وأفارقة في رحلة مسرحية إلى الموت

محمد ناصر المولهي

يواصل مهرجان الحمامات في نسخته الثالثة والخمسين تقديم عروض مميزة، تمازجت بين العروض الموسيقية المنتقاة التونسية والعالمية وبين العروض المسرحية، في رهان على الفن والجودة الجمالية وعلى التنوع الثقافي للمادة المقترحة، لا على العروض التجارية كما بات رائجا في العديد من المهرجانات التونسية.


ضمن فعاليات الدورة الـ53 من مهرجان الحمامات الدولي قدمت مساء الأربعاء 19 يوليو الجاري مسرحية “الشقف” لسيرين قنون ومجد أبومطر، وهي العمل الذي كان من بين آخر مشاريع المسرحي الراحل عزالدين قنون قبل أن يباغته الموت.

“الشقف” هو لفظ يطلقه التونسيون على مراكب الصيد التي تتحول إلى مراكب هجرة سرية، خالية من كل مقومات الرحلة، أو ضمانات الوصول، متهالكة تماما كمن يقامرون بحياتهم لأجل بلوغ ضفة أخرى يكون فيها الحلم متاحا.

تبدأ المسرحية على ظهر “الشقف” (القارب)، رحلة هجرة سرية يؤديها تونسيون وسوريون وأفارقة إلى سواحل إيطاليا، يختضون داخل المركب، لكل منهم هدفه، شاب تونسي يريد الفرار من مجتمعه الذي يسمه بالمجرم، شابة تونسية تهرب من حياتها اليومية كبائعة متجولة ممن يمثلون ظاهرة لافتة في تونس ألا وهي الانتصاب الفوضوي أو ما تطلق عليه الدولة تسمية التجارة الموازية، أيضا نجد امرأة أفريقية تحمل طفلها الرضيع وحالها لا يختلف عن حال الأفريقيين الآخرين، الهاربين جميعهم من حروب القارة السمراء العقيمة.

نجد أيضا امرأة سورية تحاول اللحاق بابنها الذي هاجر على نفس المركب سريا إلى إيطاليا وتحمل إليه طبخة سورية، فيما تحاول العودة وإياه إلى سوريا، ونجد أيضا شابة لبنانية، تدعي أنها سورية إلى أن نكتشف الحقيقة، حيث أنهكها جواز سفرها اللبناني، في إحالة على وضع المرأة اللبنانية، وشاب تونسي آخر تخلت عنه حبيبته، ختاما بقائد المركب.

الشخصيات تمثل نسيجا متكاملا يجسد حالات جنوب المتوسط، بشكل إيحائي، حيث لم تتطرق المسرحية إلى سرد فج عن الفقر أو الإحباط أو غيرهما، إذ تنقد الأوضاع العامة من خلال جزئيات حياتية بسيطة، فيكفي مثلا حديث المرأة السورية الباحثة عن ابنها، والتي ستكتشف أنه غرق ومات لاحقا، للحديث عن أوضاع سوريا، ويكفي حديث اللبنانية عن شوارع بيروت للحديث عن حال لبنان وعلاقته بالجار السوري.

المسرحية لم تقدم عملا يصور الهجرة السرية بشكل مكرر، بل غاصت في حيوات الشخصيات من خلال تفاصيلهم البسيطة
ويكفي غناء الأفارقة لنسمع أنين المهمشين، يكفي حديث شاب تونسي أنه لا ينام لنفهم ما وراء ذلك من ألم، ويكفي حديث تونسي آخر عن حبيبته لنفهم واقع الشباب التونسي الذي مازال يعاني البطالة والتهميش وسطوة التقاليد والعادات، كما يكفي حديث التونسية الأخرى عن عملها كبائعة على الطريق وأحلامها بسيارة ومنزل لنفهم إلى أي مدى بلغ تهميش الإنسان. فحتى قائد المركب يقرر أن رحلته هذه هي الأخيرة، وبعدها سيحرق المركب.

ونلفت إلى أن التطرق إلى تفاصيل الرحلة كان بذكاء كبير، حيث لم تهتم المخرجة التونسية بالصورة النمطية عن رحلات قوارب الموت، بل تطرقت إلى تفاصيل منسية ربما حول المهاجرين السريين، مثلا كيف يقضون حاجاتهم في عرض البحر، كيف ينامون، كيف يتعايشون.

الشخصيات تتقلب مع البحر، إلى أن تكتشف أنها تائهة فيه منذ يومين، هنا تواجه كل شخصية الموت، لأول مرة، حيث تتحول رحلة الحلم بالوصول إلى الضفة الأخرى إلى رحلة حياة أخيرة، تحاول كل شخصية أن تحكي عن أحلامها وعن عالمها البسيط، لا شكوى، بل استذكارا، وكأن الذكرى تميمة ضد الموت المحدق.

تحول آخر يشهده مسار الرحلة، إذ بعد عاصفة بحرية شديدة يتعرض المركب إلى التلف ويتسرب إليه الماء، مهددا الجميع بالغرق بعد الضياع، لذا يقرر قائد المركب أن عليهم تخفيف الحمل، بدأوا بالأغراض، ثم قرروا أن عليهم أن يلقوا أحدهم في البحر، هنا يبدأ منعرج جديد في مواجهة الموت، من منهم سيلقي بنفسه؟

لكن جميعهم متشبث بقليل من الأمل، متشبث بحياته على علاتها، لذا يحاولون الاختيار من بينهم والاتفاق حول من سيلقي بنفسه. لكن لا أحد يقبل بذلك، لكل منهم مبرر لبقائه على قيد الحياة، مبررات قد تبدو بسيطة جدا، لكنها كافية للتشبث بالحياة، أملا في غد أفضل، إلى أن تقرر المرأة السورية الإلقاء بنفسها بعد أن فقدت الأمل تماما إثر معرفتها خبر موت ابنها في البحر، وفقدت الأمل في عودة وطنها سوريا كما كان، لكن الآخرين يمنعونها. هنا يتوحد المصير، إما حياة للجميع وإما موت للجميع.

على هذه الحال مع لعبة الضوء، مع هدير الموج الحقيقي الذي وفرته ظروف العرض في الهواء الطلق وصوت البحر القريب من المسرح، تكتمل الرحلة على صوت المروحيات، وحرس الحدود المتكلمين بالإنكليزية، فيلقي كل فرد بنفسه من ظهر المركب إلى البحر، ولا يبقى إلا اثنان واقفان مبهوتان كتمثالين.

الاشتغال كان ذكيا من قبل المخرجين؛ فالمسرحية لم تقدم عملا يصور الهجرة من الموت إلى الموت بشكل سطحي ومكرر، بل غاصت عميقا في حيوات الشخصيات من خلال تفاصيلهم البسيطة، لتقدم مشهدا حيا، وحكايات من لحم ودم، حيث أن بعض الشخصيات التي قدمتها كانت حقيقية وموجودة في الواقع مثل شخصية البائعة التونسية.

ونلفت إلى الأداء المميز الذي قدمه الممثلون على الركح وعلى ظهر المركب الرخو الذي لا يثبت في محاكاة لحركة البحر، ولتقلبه بشكل مميز.

ونذكر أن مسرحية “الشقف” نص لسيرين قنون ومجد أبومطر وسعاد بن سليمان، وتمثيل كل من عبدالمنعم شويات وريم الحمروني وبحري الرحالي وأسامة كشكار ومريم دارا وغي أنصونوصي وصوفيا موسى وندى الحمصي، وإخراج سيرين قنون ومجد أبومطر.

----------------------------------------------
المصدر : جريدة العرب 

'مغامرة رأس المملوك جابر' تكشف خبايا الصراع على السلطة

مجلة الفنون المسرحية

'مغامرة رأس المملوك جابر' تكشف خبايا الصراع على السلطة

شريف الشافعي

يحفل المسرح السياسي العربي بقضايا مصيرية تخص حياة المواطنين وعلاقة الشعوب بالحكام، كما يكشف هذا المسرح في جانب منه خبايا الصراع الدامي على كراسي السلطة، ويفضح انتهازية المتملقين والوصوليين، ويزيل أوراق التوت معرّيا سلبية الكثيرين ممن يحترفون الثرثرة ولا يملكون الفعل، وعلى رأسهم النخبة ومثقفو الصالونات.

 “مغامرة رأس المملوك جابر”، مسرحية سياسية جادة تبرز جنون السلطة وانسحاق الشعب، كتبها السوري الراحل سعدالله ونوس (1941-1997) منذ سبعة وأربعين عاما بعد نكسة 1967، وشهدتها القاهرة منذ أيام قليلة بملامح ونكهات مصرية حديثة، حيث قدمتها فرقة كلية الآداب بجامعة القاهرة على مسرح ميامي، ضمن فعاليات “المهرجان القومي العاشر للمسرح” المنعقد بمشاركة 36 فرقة خلال الفترة من 13 إلى 27 يوليو الجاري.

“أن يبيع الإنسان رأسه مقابل مصلحته”، مدخل مفتاحي لقراءة مسرحية سعدالله ونوس، التي أعدها وأخرجها للعرض القاهري الجديد مصطفى طه، وألف موسيقاها عمرو عبدالحكيم، وصمم ديكورها حسن نبيل، وشارك في بطولتها كل من أحمد مصطفى كامل وسعيد سمير وعمرو سامي ويوسف علي ودنيا عبود وسارة عثمان وغيرهم.


بيع الرأس والأفكار

يدور الحدث الأساسي للمسرحية الذي يرويه “الحكواتي” لزبائن المقهى في بغداد القديمة، حيث يتعمق الخلاف بين الخليفة الحاكم وكبير وزرائه الذي يفكر في الانشقاق عنه، ويحاول الوزير الاستعانة بملك العجم ليمده بجيش خارجي ليتمكن من العرش.

يُحسن المسرح العربي تصوير الصراعات المتصاعدة، خصوصا المجتلبة من التاريخ، مُسقطا أحداثها وتفاصيلها على ما يجري على أرض الواقع من تكرار للمآسي ذاتها
وفي صراعهما المحموم على السلطة يغلّب الخليفة والوزير مصالحهما الشخصية متناسيين تماما أن هناك شعبا له حقوق ومطالب، حيث يقولان “يكفي التلويح للشعب بالعصا لكي يرتدع”، ويستكين الشعب بالفعل ولا يصدر منه صوت اعتراض، ويظل مستسلما لكل صنوف القهر وكافة مذاقات الحرمان، ويعبر أحد أفراد الرعية في المسرحية “اللي يتجوز أمنا نقول له يا عمنا”، وهي إحدى العبارات التي أدخلها معد المسرحية كـ”قفشات مرحة” بالعامية المصرية ولم تكن في النص الأصلي لمسرحية ونوس.

ويزداد الصراع يوما بعد يوم بين القطبين: الخليفة والوزير، ولا يجرؤ أحد من الرعية على الخوض في تفاصيل الخلاف بينهما، وهنا تبدأ خيوط سيناريو “بيع الرأس” في التشكل، إذ يرغب الوزير في إرسال رسالة إلى ملك العجم للاستعانة به وبجيوشه لإزاحة الخليفة، وفي ظل إجراءات التفتيش المشددة على كل خارج من المدينة “حتى الهواء، لا يكاد يمر من بين أيدي الجنود”، يقترح المملوك الانتهازي جابر على الوزير الخائن حلا عجيبا، هو أن يمنحه رأسه كي يكتب عليه رسالته بعد حلق شعره، ثم ينتظر فترة حتى ينمو شعره من جديد فيخرج من المدينة آمنا، ليصل إلى ملك العجم بالرسالة التي سيكون من الممكن قراءتها بسهولة عندما يحلق شعره من جديد.

والمملوك جابر، كما يصوره سعدالله ونوس، ومثلما يشخّصه العرض المصري: شاب تجاوز الخامسة والعشرين من عمره، معتدل القامة، شديد الحيوية، يمتاز بملامح دقيقة وذكية، وفي عينيه يتراءى بريق نفاذ يوحي بالفطنة والذكاء.

وتنجح الخطة، ويقرأ ملك العجم رسالة الوزير المنحوتة على رأس المملوك جابر الذي كان يطمع في أن يكافئه الوزير بمنحه كيسا من الذهب ومكانة مرموقة في المجتمع وتزويجه الجارية زمرّد بعد تحريرها، لكن شيئا من ذلك لم يحدث بطبيعة الحال، فالوزير كتب على رأس المملوك جابر في نهاية رسالته لملك العجم حاشية صغيرة “لكي يظل الأمر سرا بيننا، اقتل حامل الرسالة من غير إطالة”.


وهكذا تُبرز مسرحية “مغامرة رأس المملوك جابر” أن الموت هو الجزاء الوحيد الذي تمنحه السلطة الغاشمة لأبناء الشعب، مهما كانت انتماءاتهم وتباينت حظوظهم من الوعي والثقافة واختلفت أفعالهم بين صون الكرامة أو بذل الدناءة، فما يعيشه المواطنون المقهورون على الأرض يشبه ما يسمعونه من الحكواتي، ولا أحد يقدر على تغيير الواقع مثلما أن أحداث التاريخ لا يمكن تعديلها، أما النخبة والمثقفون، على وجه التحديد، فمن الكلام تبتدئ رحلتهم الدائرية وإليه تنتهي.

ويترحم زبائن المقهى على زمن “الظاهر بيبرس” ويطلبون سماع سيرته المليئة بالبطولات والانتصارات والأمان والعز والازدهار، لكن الحكواتي الذي يدور بالمقهى يرفض قراءة سيرة بيبرس، لأن “دور الظاهر لم يأتِ بعد، ولم يحن بعد الزمن الذي يغلب فيه الحق الباطل وينتصر العدل على الظلم”.

ثم يشرع الحكواتي في تلاوة سيرة الاضطراب والفوضى والهم “كان في قديم الزمان، وسالف العصر والأوان، خليفة في بغداد يدعى شعبان المنتصر بالله، وله وزير يقال له محمد العبدلي، وكان العصر كالبحر الهائج لا يستقر على وضع والناس فيه يبدون وكأنهم في التيه يبيتون على حال ويستيقظون على حال، تعبوا من كثرة ما شاهدوا من تقلبات وما تعاقب عليهم من أحداث، تنفجر من حولهم الأوضاع فلا يعرفون لماذا انفجرت، ثم تهدأ حينا من الزمن فلا يعرفون لماذا هدأت، يتفرجون على ما يجري، لكنهم لا يتدخلون فيما يجري”.


تمصير المفردات

تمصير مسرحية “مغامرة رأس المملوك جابر”، لم يكن باللعب في القصة الأساسية ولا الحدث التاريخي في نص السوري سعدالله ونوس، لكن بإدخال مفردات وعبارات، كوميدية أحيانا، بالعامية المصرية، على أحاديث زبائن المقهى والحكواتي، وأبرز الشخوص: المملوك جابر، الخليفة، الوزير والمملوك منصور، ومثل هذه الإضافات جاءت مقحمة لابتعادها عن النسق اللغوي للعرض وعن الطقس النفسي السائد بجديته وقتامته.

واقتصر العرض المصري على تقديم الحدث التاريخي المحوري بمسرحية ونوس (واقعة كتابة الرسالة على رأس المملوك جابر التي تنتهي بقتله)، في حين لم يتعمق العرض التعمق الكافي في بقية الشخوص الذين قدمهم كمجرد مسامرين لجابر، ومنهم المملوك منصور، صديق جابر، ذو الخامسة والثلاثين، و”صاحب القامة القصيرة والبنية القوية والملامح التي تشف عن وداعة وطيبة”، كما في مسرحية ونوس.

المملوك جابر، كما يصوره سعدالله ونوس، ومثلما يشخّصه العرض المصري: شاب تجاوز الخامسة والعشرين من عمره، معتدل القامة، شديد الحيوية، يمتاز بملامح دقيقة وذكية
هذا المملوك منصور يشكل ملمحا شديد الخصوصية في النص الأصلي لمسرحية ونوس، فهو رمز المثقفين في ذلك العصر الذي دارت فيه المسرحية وفي عصور أخرى لاحقة بالتأكيد، حيث القدرة على فهم وتحليل الأمور، لكن بقدر من التعالي على البسطاء والعاديين والتكاسل عن تقديم أية مبادرة إيجابية على أرض الواقع، الأمر الذي يهدر كل فرص النجاة أمام الشعب القابع في ظلام الجهل والفقر وقلة الحيلة.

على هذا النحو الذي فصّله سعدالله ونوس في مسرحيته وأهمله عرض فرقة كلية الآداب المصرية، يبدو رأس مثل هذا المثقف معادلا لرأس المملوك جابر، فكلاهما مبتور في الحياة ومقطوع بعد الممات، وكلاهما رأس لا يعمل لصالح الشعب، وكلاهما تمكنت السلطة من تحييده واحتوائه ثم القضاء عليه في النهاية.

“مغامرة رأس المملوك جابر” هي مغامرة مسرحية أيضا بامتياز، حيث الثيمة الجديدة التي يتماهى فيها رواد المقهى مع جمهور المسرحية، في حين يأتي الحدث الدرامي من الخلفية التاريخية التي يرسمها الحكواتي لبغداد القديمة وخليفتها ووزيرها ومماليكها وشعبها، وتقود هذه الآليات إلى لعبة اجتذاب الجمهور إلى قلب الحدث ليشارك فيه بشكل تفاعلي، ثم تطغى ألاعيب السياسة على المشهد تدريجيا، ومع تلاحق الأنفاس تفرض بغداد القديمة نفسها عنوانا لمدن العرب الراهنة، وما أكثرها.

ويُحسن المسرح العربي تصوير الصراعات المتصاعدة، خصوصا المجتلبة من التاريخ، مُسقطا أحداثها وتفاصيلها على ما يجري على أرض الواقع من تكرار للمآسي ذاتها، إذ تبدو العلاقة بين الشعوب العربية والحكام بمثابة مأساة وملهاة في الآن ذاته، يشاهدونها صامتين على طول الخط ويكتفون بأن يضربوا كفًّا بكف عند كل زلزلة أو بركان، وتبقى الحال على ما هي عليه، أو تزداد سوءا.

-------------------------------------------
المصدر : جريدة العرب 


الأربعاء، 26 يوليو 2017

إنجازات ثورة 23 يوليو فى المسرح وأهم كتابها وأعمالهم

مجلة الفنون المسرحية


إنجازات ثورة 23 يوليو فى المسرح وأهم كتابها وأعمالهم


 لم يكن المسرح ببعيد عن تناول الحدث الأهم فى حياة المصريين وهو ثورة 23 يوليو عام 1952 فقد قدم المسرح المصرى مجموعة من الأعمال بفضل كتاب كبار تناولوا الثورة ومبادئها وأهدافها وتكونت أول فرقة باسم فرقة المسرح الحر وقدمت مسرحية " الرضا السامي " وكانت هناك ارهاصات  مسرحية أخرى عن الثورة.
 
لكن يكاد يكون الكاتب الكبير توفيق الحكيم هو أفضل من عبر عن ثورة يوليو فى كتاباته فقد قدم الكثير من الأعمال التى دافعت عن الثورة ومجدتها مثل مسرحيات " الصفقة " و" الأيدى الناعمة " كما أنه فى مرحلة أخرى انتقد الثورة فى مسرحية " السلطان الحائر " حينما طرح السؤال المهم : هل الحكم بالسيف أم بالقانون ؟ كما كتب فى مرحلة أخرى " بنك القلق " التى جمعت بين فنى المسرح والرواية وتناول فيها فكرة ضياع الحلم وتغيير مسار الثورة فى مرحلة النكسة .

 كتاب واعمال ومسرحيات ثورة يوليو
 
ومن الكتاب أيضا الذين كان لهم إسهامات فى كتابة أعمال مسرحية عن ثورة يوليو، الكاتب الكبير نعمان عاشور فى مسرحيات : " الناس اللى تحت " و"الناس اللى فوق" و"الجيل الطالع " و"عيلة الدوغرى "، والذى اتجه فى أعماله نحو النقد الاجتماعى للظواهر الاجتماعية السلبية فى قالب كوميدى ساخر، كما كتب سعد الدين وهبة أعمالا مسرحية جسدت العديد من الواقع المصرى ومدى تأثيرها على الفقراء والبسطاء ومنها مسرحية "السبنسة- كبرى الناموس- كفرالبطيخ" وبعدها فى مرحلة أخرى انتقد سعد الدين وهبة الثورة فى "سكة السلامة" لسعد الدين وهبة و"يا سلام سلم الحيطة بتتكلم"، كما قدم على سالم مسرحيات " أنت اللى قتلت الوحش" و"عفاريت مصر الجديدة " و"عملية نوح " ، وكان أيضا الكاتب محمود دياب من الكتاب الذين تناولوا الثورة فى مسرحيات " أرض لا تنبت الزهور ".
 
وبعيدا عن المسرحيات التى تناولت الثورة، فقد شهد المسرح المصرى نهضة حقيقية، والسنوات التى أعقبت قيام الثورة من عام 1952 إلى عام 1967 تعد العصر الذهبى للمسرح المصرى والعربى على حد سواء وفى تلك الفترة تأسست العديد من الفرق المسرحية ولمعت عشرات الأسماء لكتاب ومخرجين وممثلين أفذاذ تركوا بصماتهم الواضحة فى تاريخ فن المسرح فى مصر أمثال عبد الرحمن الشرقاوى، ويوسف إدريس وصلاح عبد الصبور، وألفريد فرج، وكبار النقاد أمثال رجاء النقاش، ومحمد مندور، ولويس عوض وغيرهم.. ونجحت الثورة فى تفريخ كوكبة من كتاب المسرح المصرى الذين تأثروا إلى حد كبير بالمناخ الثورى الذى أشعلته الثورة، والذين كشفوا النقاب عن أوجاع الوطن من خلال مؤلفاتهم التى عبرت عن مدى تفاعلهم مع روح وأفكار ثورة يوليو، إلى جانب تأثرهم بالحركات المسرحية العالمية
ومن مسرحيات تلك الفترة: "على جناح التبريزى وتابعة قفة"، و"سقوط فرعون" لألفريد فرج والأعمال المسرحية للأديب الراحل "يوسف إدريس" ومنها "المخططين" التى تناول فيها رؤيته للنظام السياسى، إلى جانب تألق العديد من الوجوه المسرحية البارزة فى تلك الحقبة مثل سعد أردش، وكرم مطاوع، كما تألق المسرح الشعرى على يد صلاح عبد الصبور، وعبد الرحمن الشرقاوى، ونجيب سرور وغيرهم .
 
أما من حيث الفرق المسرحية، فقد كان هناك ثلاث فرق قبل الثورة، اثنتان تحت إشراف الحكومة هما : "الفرقة المصرية للتمثيل" وتقدم الهزليات والميلودراما والمسرحيات الشعرية، والفرقة الثانية "فرقة المسرح الحديث"؛ وكانت تسير على نفس النهج، وبعد الثورة ضُمت الفرقتان تحت اسم "المسرح المصرى الحديث" بإدارة يوسف وهبى حتى 1956.
 
ومن إنجازات الثورة فى المسرح أيضا ما سمى بمشروع مسرح التليفزيون الذى بدأ تأسيسه مع بدايات النهضة الثقافية بعد ثورة 23 يوليو ويعد الأب الروحى لمعظم الفرق المسرحية التى ساهمت فى خلق مناخ مسرحى غير مسبوق فى مصر بالإضافة إلى أن مسرح التلفزيون هو صاحب الفضل فى تقديم معظم النجوم الكبار من الرعيل الأول والثانى من ممثلين ومخرجين وكل العناصر الفنية التى قدمها مسرح التلفزيون للجمهور المصرى والعربى ومنهم على سبيل المثال لا الحصر عبد المنعم مدبولى وعبد المنعم ابراهيم وأبو بكر عزت ومحمد رضا ومحمد عوض وزوزو ماضى وفؤاد المهندس ونور الدمرداش، وكرم مطاوع وعبد الرحيم الزرقانى وسعد أردش .


----------------------------------------------
المصدر : اليوم السابع 

"سالومي" التأويلات الجديدة المرتبكة، وتمويهات لغة الإخراج

التعبير الحركي والعروض البينية والاستيعاب الطقسي لثقل العالم

مجلة الفنون المسرحية

التعبير الحركي والعروض البينية والاستيعاب الطقسي لثقل العالم

د. صبري حافظ 

لا يتوقف مهرجان أفينيون عن التطور، ليس فقط في استيعابه لما يمور به عالم الفنون المسرحية من تجديدات، وتقديمه أفضل ما في جعبتها من ابتكارات، ولكن أيضًا لملاحقته متغيرات الثورة الرقمية وما تتيحه من إجراءات. فمع أنني ما زلت أقاوم الهواتف الذكية، التي تمكن العالم بأخياره وأشراره من متابعة حامليها طوال النهار والليل، وقد تحولت لجواسيس أليفة تصاحب حاملها، وتستأثر بمعظم اهتمامه، حتى ولو كان مع أقرب الناس إليه، وتخبر من يريد معرفة كل حركاته وسكناته بما يريد؛ إلا أنني وجدت أن الثورة الرقمية قد أحالت تذاكر المسرح الأليفة، وما بها من قسم يأخذه المسرح عند الدخول إلى أثر من آثار الماضي العتيق. 
كانت الثورة الرقمية تتيح للمشاهد أن يحجز تذاكره عبر الإنترنت، وأن يدفع ثمنها سلفًا ببطاقات الائتمان، ولكن كان على المشاهد ما أن يصل إلى أفينيون أن يذهب لشباك تذاكر المهرجان، وأن يحصل على تذاكره. لكن هذا الأمر تغير لأول مرة هذا العام، في خطوة أولى نحو الإجهاز على التذاكر الورقية كلية، بل إن التذكرة الورقية أصبحت تحمل اسم شاريها لأول مرة. فحتى قدامى المشاهدين مثلي الذين يحصلون على تذاكر ورقية، لم يعد المسرح بحاجة إلى ذلك الجزء من التذكرة، الذي يأخذه منها من يسمح لك بالدخول، والذي يبدو أنه تحول إلى زائدة من آثار الماضي، بل يتركونه لي وكأنني لم أستعمل تلك التذكرة؛ لأن في يد الفتيان والفتيات الذين يسمحون لك بالدخول إلى كل فضاءات المهرجان الآن جهاز صغير يقوم بقراءة التذكرة من خلال ماسح ضوئي. كما أن الكثيرين من المشاهدين أتوا وقد انطبعت تذاكرهم على شاشة هواتفهم الذكية، وهي خطوة أكثر تقدمًا من تلك التي طبع أصحابها تذاكرهم على طابعاتهم الخاصة في البيوت، وعلى ورقة عادية تحمل الكود الرقمي للتذكرة، والذي يقرأه الماسح الضوئي.

وكان من تجديدات مهرجان هذا العام البدء بعرض لصغار المشاهدين، ابتداء من التاسعة من العمر، بعنوان أين الغيلان/ العفاريت؟ Ou Sont Les Ogres في المهرجان الرسمي؛ بعدما كانت عروض الأطفال قاصرة على المهرجان الهامشي Avignon Off وحده، وكانت تستأثر بقدر كبير من اهتمامه وفضاءاته، خاصة أن أغلبها يدور في الصباح. وهو نفس الأمر الذي انتهجه المهرجان الرسمي حيث يعرض عمله للأطفال في الحادية عشرة من صباح كل يوم. كما أصبح من تقاليد المهرجان في الأعوام القليلة الماضية توسيع رقعة اهتماماته الجغرافية، حيث نجد في مهرجان هذا العام أعمالا من نيوزيلندا وفيتنام وجورجيا، والتركيز على منطقة جغرافية بعينها، واستقدام عدد من عروضها المتميزة، وهو الأمر الذي خصصه مهرجان هذا العام لأفريقيا من جديد، فقد سبق له أن ركز على مسرحها في أكثر من مهرجان سابق. 

لكن يظل حرص المهرجان على أن يقدم أرقى ما في جعبة المسرح الأوروبي من إنجازات هو مركز ثقله المستمر، والذي جعله أهم مهرجانات المسرح في أوروبا بشكل عام. وإذا كنا نفتقد في مهرجان هذا العام عددًا من الأسماء الكبيرة في عالم الإخراج المسرحي عودنا المهرجان على أعمالهم المتميزة: مثل الألماني توماس أوسترماير، أو الإيطالي روميو كاستيلوتشي، أو اللبناني الكندي وجدي معوض، أو البلجيكي إيفو فان هوفا الذي استحوذ على إطراء كل من شهد عمله في العام الماضي، يقال لإحساس مديره، أوليفييه بي، بالغيرة من مثل تلك الأسماء اللامعة؛ فإننا نجد فيه الياباني ساتوشي مياجي، وهو نجم مهرجان هذا العام بلا نزاع، والإنكليزية كيتي ميتشل، والبرتغالي تياغو رودريغيز، والأسترالي سايمون ستون وغيرهم.

العروض البينية العابرة للأنواع

وكان من اكتشافات هذا العام بالنسبة لي اليوناني ديميتريس بابايوانو، الذي قدم عرضًا تركيبيًا مدهشًا، بعنوان (المروّض الكبير The Great Tamer) لم يشأ المهرجان أن يصنفه في مجال المسرح أو الرقص، وإنما اختار أن يدعوه بالعمل البيني العابر للأنواع Indiscipline. فهو بحق عرض عابر للأنواع، لا يستخدم أي لغة بالمعنى التقليدي للغة الحوار المنطوقة، ولكنه يبدع لغته الخاصة بمفرداتها وما يمكن دعوته بأجروميتها النابعة من البنية التكرارية لبعض المشاهد، والتغايرات الطفيفة في التكرارات. يحيل أجساد الممثلين العشرة، وحركاتهم على المشهد، إلى لغة شاعرية بالغة الشفافية وثرية بالدلالات. فبالرغم من أن هذا المخرج اليوناني (مولود عام 1964) يحظى بسمعة كبيرة في بلده، أسسها بعد أن كرس اسمه كرسام أولاً، ثم كمخرج ومصمم للرقص ثانيا، حتى أنه اختير لإخراج عرضي افتتاح وختام الألعاب الأولمبية في اليونان، حينما جرت فيها عام 2004، فإن هذه هي المرة الأولى التي يدعوه فيها مهرجان أفينيون. وقد جلب إليه عملاً متميزًا سيترك أثره في ذاكرة المهرجان بلا شك. فقد قدم للجمهور عرضًا ممتعًا ومثيرًا للتأمل والتفكير من النواحي البصرية والحركية والموضوع الذي يطرحه معًا.

ويحمل العرض عنوانا بالغ الدلالة لن نكتشف حقيقة معناه إلا بعد الاستمتاع بالعرض، لأن "المروّض الكبير" هنا هو الموت الذي مهما خادعناه، وراوغناه، وحاولنا التغلب عليه، فإنه هو الذي يروضنا في نهاية المطاف؛ ولكن ليس من دون أن يتحول الطراد الطويل بيننا وبينه إلى حياة بالغة الشاعرية، وجديرة بأن تعاش بكل أبعادها الحسية والاجتماعية وحتى الفلسفية. فالعرض بجمالياته الحركية والبصرية المدهشة ليس احتفاء بالموت، بالرغم من وعيه بأنه المروّض الكبير الذي سينتصر في نهاية المطاف؛ ولكنه احتفاء صاخب بالحياة، بكل ما تنطوي عليه من تحققات وإخفاقات على السواء، وبكل ما نعيشه فيها من حميميّة حسّيّة تمكننا من النمو والإبداع. وحينما ندخل إلى المسرح، نجد أن خشبته قد تحولت إلى أرض غير مستوية مفروشة بألواح كبيرة متر في مترين (وهي قياسات القبور)، أو رقائق من"الأبلكاش" أو البلاستيك كلها بدرجات من اللون الرمادي تحيل خشبة المسرح الفسيحة إلى نوع من الأرض الجرداء ذات التضاريس المتباينة. وهناك في امتداد الفضاء المسرحي وفي زاوية بعيدة نسبيا كرسي صغير وبجواره حذاء رجل. أما في منتصف مقدمة المسرح، فثمة رجل في حلّة سوداء نائم على الأرض وبجانبه حذاء، ثم يقوم ويلبس حذاءه، ويقف ثابتا ينظر إلينا، بينما لايزال المشاهدون يتوافدون إلى المسرح.


وما أن يظلم المشهد ويبدأ العرض من دون أي إعلان عن بدءه كما هي العادة في بقية العروض التي يعلن فيها صوت أن العرض على وشك أن يبدأ ويطالب بإغلاق الهواتف المحمولة، حتى يخلع هذا الرجل ملابسه ثم يتجه إلى وسط أعلى المسرح، فخلفية المسرح مرتفعة قليلا عن مقدمته، في هذه الأرضية غير المستوية، ويقلب أحد الألواح الرمادية فنكتشف أن الجانب الآخر فيها أبيض، وينام عاريا عليه، ويجيء من يفرد عليه ملاءة بيضاء. هكذا نبدأ بمفردة الموت، ولكنها مفردة مرفوضة بدءا. لذلك يجيء من يقيم لوحًا من تلك الألواح على جانبه على مبعدة أكثر قليلاً من متر من الميت المغطى بالملاءة، ويتركه يسقط بإيقاع محسوب فيطيّر هواء سقوطه الملاءة التي تغطي الميت، فيجيء من يغطيه بالملاءة من جديد، ويتكرر هذا الفعل عدة مرات يقوم بعدها الميت من ميتته. ويشارك في المشاهد التي تتابع فصولها أمامنا. بما فيها من خلع الأحذية ولبسها، واستخدام تعرية أجزاء من جسم الممثلين، بينما هم دائما في ملابس سوداء، فيبدو لنا أننا بإزاء أطراف، سيقان أو أذرع، تتحرك وحدها؛ فالعرض يستخدم فقط اللون الأسود والرمادي والأبيض ولكل دلالاته فيه.
ولن أستطيع أن أحكي للمشاهد كل ما دار في العرض الثري الجميل، لأننا معه بإزاء لغة مغايرة كلية، وبالتالي بنية جديدة تنبثق عن تلك اللغة المختلفة، تذكرنا بمقولة مارشال ماكلوهان الشهيرة أن الوسيط/ الشكل/ الصيغة هو الرسالة The Medium Is the Message. أننا بإزاء مشاهد حركية بصرية متشابكة ومتراكبة معا، تسعى لصياغة سردية ليست بأي حال من الأحوال بأقل من أن نسميها سردية الحياة اليومية، بما فيها من أفراح وأتراح، ورغبات وإحباطات، وشهوات ومخاوف، بل حتى حروب مجانية وصراعات. لكنني أحب أن أشركه في بعض الصور المدهشة التي تتخلق من مفرداتها تفاصيل هذه السردية. فهناك مثلاً مشهد يمد فيه حذاء أحد الممثلين جذوره في أرض الخشبة، فينزعه الممثل من الأرض بصعوبة لنجد أن الجذور قد انبثقت من نعله فروعا وأغصان، وأنه يخلعه من الأرض بتؤدة، وقد تشعبت الجذور خارجة من حذائه فلا يسعه إلا أن يرفع قدميه عاليًا، ويمشي على يديه. وهناك في المقابل المرأة التي تحمل أصيصًا كبيرًا، فتنبثق فيه النباتات ويورق، وذلك الذي يحفر في أرض الخشبة فيخرج ترابا ثم تتبعه أجزاء أجساد حية تتحرك، وأطراف أجساد أخرى سرعان ما تتجمع فتتخلق امرأة من ساقي رجلين، وجسد امرأة ورأسها تتحرك أمامنا حيث يقوم بدورها ثلاثة ممثلين ببراعة مدهشة في التناغم الحركي. وهناك هذا المشهد اللاذع الذي يتم فيه تعرية شخص على مائدة، ثم تمزيقه، واستخراج أحشائه وكل ما في جوفه، وتحويله إلى وجبة شهية وقد مُدت المفارش على المائدة، ونظمت الصحون لعدد من الذين مزقوه ونهشوا لحمه حيا، فجلسوا يأكلون بكل طقوس الأكل المحترمة؛ في نوع من التجسيد الشعري لبشاعات التعذيب، أو قل لطقوس النهش الجماعي التي اعتدنا ممارستها في حياتنا اليومية.

وهناك هذا المشهد البديع الذي يدور فيه الصراع بين شخص وشخصين آخرين، فيهرب منهما ويبني له مخبأ تحت بعض الألواح التي تتعدد استعمالاتها بطرق مبتكرة طوال العرض، فتبدو هذه المرة وكأنها خيمته التي يحتمي بها، فيذهب المعتدون ويأتون بآخرين من أطراف الخشبة يصبون عليه وابلا من السهام، التي تنهال عليه بالعشرات، بل المئات، وتُرشق كلها في الألواح التي يحتمي بها، ويخرج بعد هذه المعركة سليما. وهناك مشهد ينفتح فيه أحد المربعات عن حوض من الماء، يطلع منه شخص يدفع عن نفسه الماء، ويطفو ثم يخرج ويجلس على حافة الحوض. وهناك مشهد آخر يأتي فيه عارض وقد تم تجبير "تجبيس" ساقيه وذراعيه ورقبته وكل جسمه. يهدهده آخر فيكسر "الجبس" عن ساق بعد أخرى، ثم عن ذراع بعد الآخر، ثم عن بقية الجسدن باحتضان كل جزء وتكسير الجبس من عليه قطعة قطعة في نوع من الرعاية الحميمة التي ينهض بعدها المحطم معافى وسليمًا مرة أخرى. ناهيك عن مشاهد اللقاءات الحسية الجميلة التي يتعانق فيها جسدي الرجل والمرأة، وهما يعزفان لحن التمازج أو التناغم والاندغام كل منهما في الآخر، والتي يجسدها العرض بشاعرية مرهفة، يصبح فيها العري قصيدة لجماليات الجسد الإنساني، وفعلا يدرأ به الإنسان عن نفسه وحشة الحياة وصدماتها القاسية.

إننا هنا بإزاء سيمفونية من المشاهد المتتابعة التي يتولد أحدها من رحم الآخر، بصورة تشد انتباه المشاهد وتدهشه باستمرار، وهو يرى ما تنطوي عليه الحياة من تجدد وحيوية. يرجع فيها العرض ثلاث مرات إلى ما يمكن دعوته بنغمة القرار فيه، وهو مشهد جسد الرجل العاري المسجى على لوح أبيض وسط مؤخرة/ أعلى المسرح في بداية العرض، يفرد عليه شخص ملاءة بيضاء، ثم يجيء آخر فيقيم أحد الألواح على جانبه، ثم يتركه ليسقط فتطير الملاءة من فوق الجسد المسجى، فيعيدها من فردها عليه من جديد؛ ويتكرر هذا الفعل عدة مرات، ثم يفسح مكانه لعدد آخر من المشاهد يعود بعدها المشهد ليذكرنا بنفسه من جديد، وبنفس إيقاعه التكراري البطيء. حتى نصل في نهاية العرض إلى ذروة هذا المشهد وقد انتقل من مؤخرة المسرح إلى مقدمته؛ حين ينفتح أحد المربعات وفي الوسط تماما عما يشبه القبر، به هيكل عظمي انطبع على أرضية القبر، وحينما يرفع تلك الأرضية عارضان، ويميلانها بالتدريج تبدأ العظام في التساقط، في مقدمة المسرح، حيت تسقط الجمجمة وتتدحرج إلى صالة المشاهدين! وهكذا يعلن المروّض الكبير عن وجوده الطاغي بيننا. لكن العرض يعلن أيضًا عن أن قوة الإنسان نابعة من رفضه له رغم تسليمه بسلطته، حينما يترك العارض الذي أمال القبر كي تتساقط العظام الجمجمة التي سقطت بيننا، ويرتد هو إلى المسرح ينفخ ورقة تطير، ويحافظ على طيرانها بأنفاسه كي لا تسقط ويظلم المسرح على تلك النغمة المتفائلة التي تؤكد أن الحياة تسير، برغم عبء الموت.

الوقوف في الوقت وطقوس درء الموت

العمل الآخر الذي شاهدته في مهرجان هذا العام والذي اهتم كذلك بدرء عبء الموت عن الإنسان باللجوء إلى الشعر بمعناه الحرفي هذه المرة، كان في الواقع أول ما شاهدت من عروض هذا العام. وهو عرض جاء من آخر العالم، أي من أوكلاند عاصمة نيوزيلندا، أغراني باختياره أن من ساهمت في كتابته شاعرة سورية تدعى رشا عباس، تؤبن فيه ضحايا الحرب المجرمة التي تدور في سورية منذ سنوات، أو تكشف فيه عما تنطوي عليه من جنون وسعار. إذ يبدو أن هذه الحرب قد شتت السوريين في كل أرجاء المعمورة، حتى آخر رقعة مأهولة في العالم، حيث تثبت المهاجرة السورية قدراتها الإبداعية. بل وتدمجها في قلب الثقافة القديمة في هذا الجزء من العالم. وهو بعنوان (الوقوف في الوقت Standing in Time) ومن تصميم وإخراج ليمي بونيفاسيو Lemi Ponifasio، يصنفه المهرجان على أنه من العروض البينية Indiscipline أيضًا. مع أنه يستخدم اللغة، ولكنها لغة الماوري Maori القديمة، وهي لغة سكان نيوزيلندا الأصليين، قبل استيطان الأوروبيين فيها. بل ويحرص على ألا يتم ترجمتها في شريط الترجمة فوق الخشبة عادة، لأن لها دورا صوتيا غنائيا فحسب. وليمي بونيفاسيو مصمم العرض ومجمع رؤاه وطاقاته، راقص ومصمم رقصات أسس فرقته في أوكلاند عام 1995 وسماها MAU وهي مفردة تعني السعي للحقيقة في لغة الماوري، من فنانين من مختلف جنسيات العالم لسبر أغوار ما يمور به عالمنا من تناقضات واستقطابات مدمرة، وحروب.

وفي لغة الماوري Maori وهي اللغة الأصلية للنسوة العشر اللائي يتعامل معهن في عرضه، ثمة مفردة تعرف المرأة بأنها هي التي تتعهد أمور الموتى بعد الموت، وهي التي تضمن لهم أن يدلفوا بكرامة إلى العالم الآخر. وهو التصور الذي يقول أنه انطلق منه في بلورة عرضه الذي يهتم باستعادة كرامة الإنسان في عالم يطيح بكرامته في كل مكان تقريبًا من دون رحمة. وفضلاً عن ذلك فقد ربط بين هذا التصور وبين ما لاحظه في الثقافة الأوروبية من أن جوستيسيا Justicia ربة العدالة عند الرومان هي أيضًا امرأة تعيش بيننا وتوزع العدل بطريقة محايدة. ويصورها الضمير الأوروبي معصوبة العينين تمسك بميزان العدالة، وبسيف ذي حدين. فهل تمثل بحق العدل؟ أم أن عينيها المعصوبتين تعميانها عن الحقيقة، بما يترتب على هذا العمى من إراقة دم الأبرياء؟ هذا السؤال المحوري بدأت تطرحه عليه أشعار رشا عباس، المهاجرة السورية، التي تجسد عبرها المأساة السورية بكرامتها وما تنطوي عليه من عنف مؤلم ودمار لا عقل له، بصورة يصعب معها معرفة الحقيقة. هل نستطيع حقًا أن نعرف الحقيقة؟ وهل يمكن أن نقوم بأي عمل لتخفيف حدة العنف والدمار الذي يسود العالم؟ هل باستطاعتنا الحياة بتواؤم مع البيئة المحيطة بنا والطبيعة التي نعيش بها؟ ألا نعيش في عالم نقوم بتدميره واستنزافه بمعدلات غير مسبوقة؟ ألا تعكس الطريقة التي ندمر بها العالم نزعة الدمار التي ندمر بها أنفسنا؟ من هذه الأسئلة المدببة ينطلق العرض.

ويسعى ليمي بونيفاسيو إلى خلق لغة تعبيرية قادرة على بلورة هذه الأسئلة الملحة، وإلى مساءلة مفهوم العدالة والكرامة الإنسانية، من خلال استثارة جدلية الخلق والدمار معًا، عبر رحلة الإنسان عبر الحياة وصوب الموت. يسعى إلى خلق مسرح قادر على تمكين المشاهدين من الإنصات إلى أرواحهم وتذكيرهم بأفضل ما فيهم. لذلك فإنه ينصت إلى إيقاع الحياة الخام البسيطة والقاسية معا في جزيرة ساموا Samoa الصخرية التي جاء منها، وليس إلى تقاليد مدارس الرقص وتصوراتها الغربية أو حتى المسرحية، من أجل أن يتعانق في عمله الكوني والإنساني. بين هذين الوترين/ المحورين أو بالأحرى الرؤيتين المختلفتين للعالم ولدور المرأة فيه، بين إيقاع الحياة والموت الهادئ في جزيرة ساموا وصخورها الأليفة، وبين الحياة المرعبة التي خلفتها رشا عباس في سورية وراءها، وكرست أشعارها لتجسيد وقائعها المرعبة، يسعى ليمي بونيفاسيو لتخليق طقس مسرحي يدعو إليه المشاهد، للحديث عن مصير النساء اللواتي يختفين من الحياة الاجتماعية من دون توضيح.

وحينما ندلف إلى فضاء ساحة ليسيه سان جوزيف الكبير، نجد مسرحًا فارغًا ليس عليه غير مجموعة من الصخور أو الأحجار المكسرة قرب يسار المسرح، وأن هناك دكة طويلة سوداء على كل جانب من جوانبه، تجلس على الموضوعة في يسار المسرح امرأة متشحة بالسواد وعلى مبعدة قليلة منها تتناثر الحجارة، وعلى الواقعة في يمينه سبع نساء متشحات بالسواد مثلها، لا تظهر من أجسادهن غير الرقبة والرأس والكفين. ويبدأ العرض بأن تبدأ النساء، وكأنهن جوقة تقودها المرأة الجالسة وحدها يسار المسرح، نوعًا أقرب إلى التعديد الجمعي بلغة الماوري؛ يستهدف إدخال المشاهدين في إيقاعاته البطيئة المختلفة. وبعد قليل تظهر امرأة في ثياب بيضاء وشعر سادل طويل تنشد شعرًا، يوشك أن يكون شعرًا عربيًا من حيث الإيقاع والموسيقى، ولكن كلماته غير واضحة، لأن العرض كله لا يهتم بما يقال، بل بطريقة قوله وإنشاده.

وأهم ما يهتم به هو ما يحدث أو ما يدور أمامنا من تشكيلات حركية من أجساد النساء التسعة اللواتي تظهرن في بعض الأحيان كالمشبوحات، وفي أخرى كالراقصات اللواتي تقمن بأدوار إيقاعية محسوبة ومتعمدة. ويتغير التكوين التشكيلي للمشهد باستمرار، حينما تأخذ النساء واحدة وراء الأخرى الأحجار، ثم ترصها بشكل يحدد خطًا يقسم المسرح إلى نصفين. ثم تصعد الممثلة الوحيدة التي ترتدي ملابس بيضاء إلى ما يشبه المائدة أو النعش، بينما يتبدل وضع كرات الضوء التي كانت تنير المشهد، كي يتغير دور الظلال على الخشبة، وتتنامى في الخلفية أصوات تظاهرات، قد يكون بعضها مأخوذًا من تظاهرات الحراك السوري، من دون أن يهتم العرض بأن يمكن المشاهد من فك شفراتها. ثم تصعد ممثلة أخرى فوق النعش وتتعرى بينما يتصاعد صوت الهتافات، وتتحول رقصات النسوة في القسم الثاني من المسرح إلى الصخب والعنف، وفي أيدي بعضهن أدوات معدنية يهددن بها، ثم تقبل بعضهن لرش الرماد على جسد العارية المسجى على النعش، بينما يقوم بعضهم الآخر بحسو الرماد على وجوههن. كل هذا يدور بينما تواصل المنشدة في ملابسها البيضاء الدوران وسط ما يتصاعد من دمار، وقد عاد تناثر الحجارة من جديد. هكذا يتتابع إيقاع العرض، ومن خلال التوزيع بين الأسود والأبيض تتخلق علاقات أو جدليات بين الواقعي والتأملي، حيث تنتصر المشاعر على المعاني، بطريقة تحاول فهم ما يحيط بنا وما يدور لنا في الوقت نفسه. وقد تعمد العرض كما ذكرت عدم استخدام شريط الترجمة الفوقي الذي يستخدم عادة في مثل هذه الظروف، كي يركز المشاهد على الجماليات الصوتية للغة وكأننا إزاء شعرية الفقد والدمار دون تحديد لغة أو مجتمع بعينه، حيث يستشري هذا الفقد في كل ما حولنا من خراب. فمهما كانت معرفتنا باللغة، فإن الوصول إلى المعنى الكامل أمر بالغ الصعوبة، بل ربما أمر مستحيل، وهذا هو ما دفع العرض إلى الاهتمام الشديد بالبعد الطقسي للفعل المسرحي.

وقبل الانتقال من تلك الأعمال البينية للحديث عن جانب آخر مما شاهدت في هذا المهرجان، لا بد من الوعي هنا بأن هذه الأعمال البينية تعي برغم استخدامها لأكثر من عنصر من عناصر الفرجة المسرحية، أهمية أن يكون العمل المسرحي دراميا، وأن ينبني على مجموعة من الحتميات المتتابعة التي تتخلق منها الدراما، وتتوتر حدتها وقد استطاعت أن تمسك بخناق المشاهد، وأن تستولى على اهتمامه. فبدون هذا التوتر الناظم يتحول العمل إلى مجموعة من الاسكتشات المفككة أو المترهلة. كما نرى كثيرا مع مخرجين من طراز أقل. بل كما رأينا هذا العالم وفي أهم فضاءات المهرجان للأسف، في عرض فييستا!

----------------------------------------
المصدر : العربي الجديد 

جماعة الناصرية للتمثيل في رسالة ماجستير ..

مجلة الفنون المسرحية

جماعة الناصرية للتمثيل في رسالة ماجستير ..

ياسر البراك 

جرت صباح الثلاثاء 25 / 7 / 2017 الساعة العاشرة صباحاً في قاعة المسرح الرئيس لكلية الفنون الجميلة - جامعة البصرة مناقشة رسالة الماجستير للطالب ( حيدر رثام غايب ) والموسومة ( الخصائص الإخراجية في عروض جماعة الناصرية للتمثيل ) وتشكلت لجنة المناقشة من الاستاذ الدكتور عبد الكريم عبود عودة رئيسا والاستاذ الدكتور محمد كريم خلف عضواً والمدرس الدكتور فراس جميل جاسم عضواً والأستاذ المساعد الدكتور أحمد إبراهيم محمد عضواً ومشرفاً وبعد مناقشة مستفيضة لتفاصيل الرسالة تم قبول الرسالة بدرجة ( جيد جدا ) .

الدورة الثالثة لـ ” مهرجان الكوميديا الدولي ” تنطلق اليوم بـ ” أبها يجمعنا “

مجلة الفنون المسرحية

الدورة الثالثة لـ ” مهرجان الكوميديا الدولي ” تنطلق اليوم بـ ” أبها يجمعنا “

بمشاركة واسعة من نجوم وصناع الكوميديا السعودية والخليجية والعربية، تنطلق في الساعة التاسعة من مساء اليوم الأربعاء على مسرح المفتاحة بمدينة أبها السعودية فعاليات الدورة الثالثة لـ ” مهرجان الكوميديا الدولي ” الذي يستمر على مدى أسبوع كامل خلال الفترة من 3 إلى 9 ذي القعدة الجاري، الموافق 26 يوليو وحتى الأول من أغسطس المقبل.

ويشهد حفل الافتتاح تكريم مجموعة من النجوم لإسهامهم في صناعة الكوميديا بألوانها ونكهاتها المختلفة، وتضم قائمة المكرَّمين الفنانين عبدالمحسن النمر من السعودية، ومحمد المنصور من الكويت، وزهرة عرفات من البحرين.

وسيتم الإعلان عن الفائزين بجوائز المهرجان في المجالات الآتية: ” جائزة أفضل مسلسل كوميدي، جائزة أفضل فيلم كوميدي، جائزة أفضل ممثل كوميدي، جائزة أفضل ممثلة كوميدية، جائزة أفضل ممثلة شابة، إضافة إلى جائزة أفضل نجم إعلام اجتماعي “.

ويشهد حفل الافتتاح عرضًا لفرقة ” موزار طيف الخيال ” المغربية التي تقدم فقرة خاصة عن عروض الظل بطريقة مشوقة.

يذكر أن المهرجان –الذي تنظمه مؤسسة ” رواد ميديا ” ضمن ” مهرجان أبها يجمعنا ” المواكب لاحتفالات المدينة بلقب عاصمة السياحة العربية، يضم عددًا من الفعاليات الكوميدية تتنوع ما بين مسرحيات وعروض لفرق شهيرة، منها مسرحية ” بايعها ” الكوميدية من بطولة الفنان فايز المالكي مقدمة لفئة الجمهور رجال ونساء وأطفال، وأخرى نسائية باسم “سوبر كيوت ” وتتحدث عن الرياضة النسائية من بطولة الفنانات: ” من الكويت هيا الشعيبي، وآلاء الهندي، من السعودية نيرمين محسن وهند محمد وسارة اليوسف، بالإضافة إلى عروض متنوعة للفرق الخليجية والعربية المشاركة، منها ” فرقة الشياب الكويتية ” التي برزت خلال برنامج ” arabs got talent ” وعرض ” ستاند آب كوميدي ” ، وعرض ” الظل ” الذي تقدمه فرقة “موزار الخيال المغربية ” التي شاركت أيضاً في برنامج ” arabs got talent ”  في نسخته الأخيرة.

ويشارك في المهرجان نخبة من صناع ونجوم الكوميديا السعودية والخليجية والعربية، ويهدف إلى توطين صناعة الكوميديا الراقية، وأن يصبح نواة لمهرجان كوميدي سنوي يقام في المملكة العربية السعودية بمفردات عالمية، وكذا تشجيع التعاون بين النجوم العرب وصقل وتشجيع المواهب الشبابية، وهي الأهداف التي تصب جميعًا في إطار تحقيق الرؤية المستقبلية (2030) للمملكة العربية السعودية على المديين القريب والبعيد

-----------------------------------------------
المصدر : صدى 

المسرحي فرحان بلبل و”مراجعات في المسرح العربي”

مجلة الفنون المسرحية

المسرحي فرحان بلبل و”مراجعات في المسرح العربي”


صدر مؤخراً عن الهيئة العربية للمسرح في إمارة الشارقة طبعة جديدة من كتاب ” مراجعات في المسرح العربي: منذ النشأة حتى اليوم” للمسرحي السوري فرحان بلبل، الذي سبق وأن صدر عن اتحاد الكتّاب العرب في دمشق عام 2000 .

رأى بلبل في كتابه هذا أن المسرح العربي، رغم توزعه في أقطار متباعدة في المكان، ورغم تعدد منازعه بتعدد أقطاره، يحمل سمات مشتركة وخصائص متشابهة تجعله واحداً في تعدده، وقائماً على أسس أصيلة في تنوعه. وصار من مهمة النقد والتأريخ أن يستكشف ما هو عام في المسرح العربي بقدر ما يكتشف الخاص في مسرح كل قطر، وأن يجمع الخصائص المشتركة التي تجعل من هذا المسرح الممتد بعيداً والمتنوع كثيراً، نشاطاً عربياً إنساني النزعة ركين القوة، وهذا الكتاب محاولة في اكتشاف بعض هذه الخصائص المشتركة ، ولأن المسرح العربي صار ممتداً على مدى قرن ونصف القرن من الزمن، فقد مر في مراحل كثيرة طورت أساليبه ونقلته من فن جديد جلبناه، إلى فن عريق أصّلناه.

جاء الفصل الأول من الكتاب خاصاً بتناول ( التاريخ ) في المسرح العربي منذ نشأته حتى اليوم. لأن المادة التاريخية كانت واحدة من أهم الأسلحة في بناء العملية المسرحية العربية وإدخالها في الذائقة العربية وفي معالجة الموضوعات التي رآها العرب ضرورية لهم في كل مرحلة من مراحل مسرحهم. وتحدث في عن خصائص واتجاهات المادة التاريخية في المسرح العربي. وكان الفصل الثاني عن نشأة وتطور النقد المسرحي منذ أن رافق المسرح في خطواته الأولى مكتفياً بالحد الأدنى من الملاحقة والتقييم، حتى تحول إلى تأريخ واسع للمسرح العربي كله.

ويرى المؤلف بلبل في ختام هذا الفصل أن ما قدمه النقد كثير، لكن ما لم يقدمه أكثر، ورأى إذا كان قد واكب الحركة المسرحية مدافعاً عنها محققاً لها الإعلام والإشهار والتأريخ، فإنه لم يتمكن من وضع نظرية للدراما العربية في أقطارها المختلفة، كما رأى أنه آن الأوان لكي يقوم النقد بهذه المهمة، ويتم ذلك بأمرين: أولهما أن يقوم بتحليل النصوص المسرحية العربية ليستخلص تطورها والقواعد التي انتهت إليها كما استخدمها وطورها الكتاب المسرحيون، وثانيهما تحليل العروض المسرحية لتبيان وسائلها التي استخدمها المخرجون والممثلون لجعل المسرح فناً اجتماعياً وثقافياً صارت له مكانته في المجتمع العربي.. ويعتقد بلبل أن ما تركه النقاد خلال قرن ونصف القرن يصلح مادة غنية لكي يقوم النقد المعاصر بهذه المهمة المزدوجة.

وكان الفصل الثالث تحليلاً وتأريخاً ووصفاً واستخلاص نتائج لمراحل المسرح العربي منذ غرسته البكر الأولى حتى تحوّلِه إلى نهر عريض يملأ جنبات النشاط الثقافي العربي اليوم.

ويرى بلبل في ختام مؤلفه ” إن استخلاص ما هو عام مشترك في المسرح العربي يتيح لدارسه في كل قطر عربي أن لا يغلق أبوابه وعيونه على مسرح بلده وحده. وأن يجد بينه وبين المسرح في البلدان العربية جسوراً أثبت الزمن أنها قوية. وباكتشاف هذه الجسور نتعمق في فهم مسرحنا العربي ونستطيع أن نضعه موضعه الصحيح في مجمل الإبداع العربي والعالمي، وذلك يعني التفتيش عن أدب جديد بأساليب جديدة، وعن مسرح جديد يفكك المسرح العربي الذي مضى إلى عناصره الأولية ، ليصوغ منها نوعاً جديداً مختلفاً عنه في البناء والأشكال، ومتفقاً معه في نقاء الحلم وصفاء الأمل، ولولا الحلم والأمل لما كان أدب على ظهر الأرض ولما أطلق الأدباء أغانيهم”.

----------------------------------------------
المصدر : نضال بشارة ـ تشرين أونلاين :

استمرار ورش عمل مسرح "ميسولا"

مجلة الفنون المسرحية

استمرار ورش عمل مسرح "ميسولا"

الثلاثاء، 25 يوليو 2017

المسرحي جواد الأسدي يطرق باب المسرح المغربي بعرضه “الخادمتان”

مجلة الفنون المسرحية

المسرحي جواد الأسدي يطرق باب المسرح المغربي بعرضه “الخادمتان” 

يدخل المسرحي العراقي جواد الأسدي تجربة مسرحية فريدة مع فريق من المسرحيين والفنانين المغاربة، لإخراج عرض “الخادمتان” الذي اعده عن نص الكاتب المسرحي الفرنسي جون جونيه. اختار الأسدي في إخراجه لهذا العرض ان  يضع نفسه امام تحدي المزج بين اللغة الفصحى واللهجة الدارجة المغربية واللغة الفرنسية ايضا.. ولغة الحوار داخل هذه التجربة المسرحية لجواد الأسدي في المغرب ليست إلا جزءا داخل اللغة المسرحية والجمالية العامة التي يمتح منها الأسدي مشهدياته ومفردات تصوراته البصرية. يقول جواد الأسدي بخصوص عرض الخادمتان انه يقوم على لعبة التعرية والسخط والنبش عن المسكوت والمؤجل المزمن الذي حول الأنوثة وحياة الخادمتان إلى درجة عالية من الهتك اليومي فالخادمتان يستخرجان من خزانة السيدة ملابسها واكسسواراتها وعفنها وشبهاتها ويبدآن في لعبة تبادل النبش والحفر في جوفيهما التواقان الى إطاحة موروث طويل من الانسحاق تحت استبداد وعجرفة السيدة التي لا تظهر في العرض أبدا، حيث أنها تتساكن معهما وتسلب ملذاتهما. إنها لعبة الاضمحلال والتلاشي تحت ضربات قطار يمر يوميا ليخترق ويزعزع أرواحهما / ارواحنا في لعبة شهية للبحث عن الحرية. وعن جون جونيه يشير الأسدي الى انه أحد أهم وأكبر الكتاب الفرنسيين المناصرين للحرية، حيث وقف ضد التمييز العنصري وناصر فكرة الإنسان الحر في الدفاع عن أرضه وموروثه الإنساني لذلك فهو صاحب نصوص أصيلة وعميقة تؤسس لمجتمعات مدنية حرة. ويذهب عبد الجبار خمران المدير الفني لفرقة “دوز تمسرح” المغربية التي تحتضن هذه التجربة الفنية إلى أن عمل فريق من الفنانين المحترفين المغاربة مع اسم مسرحي عربي وازن بحجم وأهمية المخرج العراقي القدير جواد الأسدي إضافة مهمة ومتميزة للمشهد المسرحي المغربي، إنها تجربة مسرحية مختلفة وسيكون لها الاثر المهم داخل الحركة المسرحية المغربية.. وقد سبق للأسدي ان اشتغل مع ممثلين مغاربة في مسرحيتيه “المصطبة” و”السيدة جولي” اللتان كان لهما الاثر الفني الذي ما يزال يتردد صداه بين المسرحيين والمهتمين والجمهور المتتبع إلى الآن.. إلى أنها المرة الاولى التي سيقدم فيها المخرج العراقي جواد الأسدي مع فريق فني مغربي بالكامل عرضه المسرحي وباسم فرقة مغربية بدعم وإنتاج من مؤسسة المسرح الوطني محمد الخامس. ومسرحية “الخادمتان” من إنتاج فرقة “دوز تمسرح” بدعم من المسرح الوطني محمد الخامس. يشخص أدوار مسرحية “الخادمتان” الممثلتين جليلة تلمسي و رجاء خرماز – مساعد مخرج عبد الجبار خمران – سينوغرافيا وملابس يوسف العرقوبي – موسيقى رشيد برومي. المدير الإداري رضوان خمران – العلاقات العامة غزلان الادريسي. 


النفالي مسؤولاً للإدارة و التنظيم في الهيئة العربية للمسرح

مجلة الفنون المسرحية


النفالي مسؤولاً للإدارة و التنظيم في الهيئة العربية للمسرح

استقبل اللأمين العام للهيئة العربية للمسرح الأستاذ اسماعيل عبد الله في مكتبه بمقر الأمانة العامة للهيئة في الشارقة، الحسن النفالي، عضو مجلس الأمناء، بمناسبة التحاقه للعمل ضمن الفريق الإداري للأمانة العامة بمهمة “مسؤول للإدارة و التنظيم”، اعتباراً من شهر يوليو 2017.
من ناحيته أكد الأمين العام اعتزازه بانضمام النفالي الذي أنجز خلال السنوات الماضية نشاطاً كبيراً ضمن فعاليات الهيئة و برامجها كما في الدورة السابعة لمهرجان المسرح العربي التي عقدت في الرباط عام 2015 بوصفه منسقاً عاماً للمهرجان مكلفاً من طرف وزير الثقافة المغربي، و كذلك الدور الذي لعبه في تنسيق فعاليات الدورة التاسعة من المهرجان في الجزائر.
شغل النفالي و حتى وقت قريب منصب مستشار لوزير الثقافة.
من ناحيته اعتبر النفالي أن التحاقة للعمل في مركز الإدارة للأمانة العامة أمر يضيف إلى فرص خدمة المسرح العربي مدى جديداً ينحاز إليه، مؤكداً أنه سوف  يمنح جهده الكامل لهذه المهمة التي يعتبرها تكليفاً هاماً يعتز به، موجهاً الشكر للأمين العام على هذه الثقة التي أولاها إياه.
يذكر أن الحسن النفالي قد بدأ مسيرته المسرحية ضمن مسرح الهواة (الفرق التمثيلية البيضاوية لبوشعيب رشاد (1968 – 1974) و حصل عام 1975 على التنويه به كممثل صاعد ، تولى في الفترة من1980 -1984 الإشراف الإداري والفني على مهرجان المسرحية القصيرة بالدار البيضاء

كما سجل مشاركته كممثل بفرقة المسرح البلدي بالدار البيضاء في مسرحيات :

امرؤ القيس في باريز لعبد الكريم برشيد إخراج سليم بن عمر.
ابن الرومي في مدن الصفيح لعبد الكريم برشيد إخراج نجيب غلال
جحا في الرحى والدجال والقيامة لعبد الكريم برشيد إخراج مصطفى التومي.
عمل الحسن النفالي رئيساً لقسم الأنشطة الإجتماعية والتربوية والثقافية والفنية بنيابة وزارة التربية الوطنية بالدار البيضاء آنفا 1986 – 2000،
1980 – 1986 الاشتغال بالمسرح البلدي للدار البيضاء (تقني – إداري)
الاشتغال مع مجموعة من الفرق المسرحية الوطنية (مسرح 80 لعزيز سعد الله – الفنانين المتحدين لمحمد الخلفي – نجوم الخشبة وغيرها..) كمدبر للجولات.
التحق النفالي في الفترة من 1987 – 1997 بفرقة مسرح اليوم “رفقة الفنانة ثريا جبران، عبدالواحد عوزري، عبداللطيف خمولي ومحمد بصطاوي و عمل في عدة مسرحيات منها (حكايات بلا حدود – بو غابة – نركبو لهبال – سويرتي مولانا – أيام العز – الشمس تحتضر – النمرود في هوليود) كمحافظ عام ومسؤول على العلاقات العامة في الفرقة.
كما تولى إدارة وتسيير فرقة كاليدو سكوب لمسرح الطفل.

و تميز النفالي في إدارة العديد من المهرجانات، نذكر منها:

1983 الإشراف على مهرجان الصويرة كمدير مساعد للفنان أحمد العصري.
1992 مستشار فني لمهرجان الفكاهيين المغاربة بأكادير.
1996 – 1997 المسؤول عن المهرجان الوطني للمسرح المدرسي.
1995 – 1998 مساعد مدير مهرجان الرباط الدولي الفنان عبد الواحد عوزري
1999 – 2005 مدير مهرجان الرباط الدولي.
2006 – 2017 مستشار فني لمهرجان موازين مكلف بالبرمجة المغربية.
2010 – 2011 منسق أشغال ندوة همزة وصل بمكناس التي نظمتها الهيئة العربية للمسرح.
2015 المنسق العام للدورة السابعة لمهرجان المسرح العربي للهيئة العربية للمسرح بالرباط.
2015 – 2016 المساهمة في تنسيق أشغال المهرجان الوطني للمسرح المغربي بتطوان.
2012 – 2016 المدير الفني لمهرجان صيف الاوداية بالرباط.

أما المسار النقابي للحسن النفالي،فقد كان ثرياً و هاماً، و يسجل له في هذا المجال:

1993 أحد مؤسسي النقابة الوطنية لمحترفي المسرح.

1993 – 1996 الكاتب العام لفرع الجهوي للنقابة الوطنية لمحترفي المسرح بالبيضاء.
1996 – 2000 الكاتب العام للفرع الجهوي للنقابة الوطنية لمحترفي المسرح بالدار البيضاء وعضو المكتب التنفيذي (أمين المال)
2000 – 2003 الأمين العام للنقابة الوطنية لمحترفي المسرح.
2003 – 2008 رئيس النقابة الوطنية لمحترفي المسرح.
2008 – 2011 رئيس النقابة المغربية لمحترفي المسرح.
2004 – 2008 رئيس الائتلاف المغربي للثقافة والفنون.
2008 – 2011 الرئيس المنتدب للائتلاف المغربي للثقافة والفنون.
2004 – 2008 عضو المجلس التنفيذي للفيدرالية الدولية للممثلين ببودابست بهنغاريا.
2008 – 2012 عضو المجلس التنفيذي للفيدرالية الدولية للممثلين بمراكش.
2005 عضو مكتب الشبكة المغربية الأورو متوسطية للمنظمات غير الحكومية.
2005 عضو سكرتارية المجموعة الوطنية لمساندة العراق وفلسطين.
2005 – 2009 عضو المجلس التنفيذي الدولي للإئتلافات من أجل التعددية الثقافية.
2007 مؤسس التعاضدية الوطنية للفنانين.
2003 – 2016 المشاركة في إعداد قانون الفنان.
المشاركة في إعداد مرسوم البطاقة المهنية.
المشرف على إنجاز الإتفاقية المتعلقة بالتغطية الصحية للفنانين بين وزارة الثقافة والائتلاف المغربي للثقافة والفنون.
المساهمة في إنجاز القرارات المشتركة للدعم المسرحي.
المشاركة في إنجاز دفاتر تحملات طلبات دعم المشاريع الثقافية والفنية.
كما شارك النفالي في أعمال لجنة الدعم المسرحي في المغرب:
عضو اللجنة الوطنية للدعم المسرحي من 1998 إلى 2004.
عضو لجنة دعم المشاريع الثقافية والفنية في قطاع المسرح 2016 – 2017.

المسرح المدرسي:

منسق اللجنة الوطنية للمسرح المدرسي من 1992 إلى 1998.
المهام الرسمية:
2007 – 2010 مستشار وزيرة الثقافة السيدة ثريا جبران.
2012 – 2017 مستشار وزير الثقافة السيد محمد الأمين الصبيحي.
2017 مسؤول عن الإدارة والتنظيم بالهيئة العربية للمسرح.

-----------------------------------------
المصدر : الهيئة العربية للمسرح 

القبح بوصفه خطاباً فـي مسرحية "أخاديد"

آنا عكاش تفتتح عرضها “هن” على مسرح القباني

مجلة الفنون المسرحية

آنا عكاش تفتتح عرضها “هن” على مسرح القباني 

بعد قرابة الثلاثة أشهر من التدريبات المتواصلة افتتحت الفنانة آنا عكاش عروض مسرحيتها “هن” على خشبة القباني ذاهبة هذه المرة إلى هموم المرأة في الحرب وهواجسها الأكثر صخباً ليكون العرض بمثابة هجاء للعنف أرادته مؤلفة العمل ومخرجته وفق أسلوب كورالي متعدد الأصوات من خلال خمس نساء على المسرح مزجن الغناء بالصراخ والترتيل والحركة جنباً إلى جنب مع مادة بصرية رافقت العرض.

المسرحية التي أنتجتها مديرية المسارح والموسيقا “المسرح القومي” قامت بأدائها كل من الفنانات “إيمان عودة وإنعام الدبس ورشا الزغبي ولبابة صقر وجولييت خوري” حاولت النفاذ إلى وحشية الحرب وما تتركه من آثار نفسية وعاطفية على نساء تعرضن لفقدان أزواجهن وأشقائهن وآبائهن وأبنائهن وذلك عبر مونولوجات بدت متجاورة دون أن تؤلف صراعاً درامياً بل بالتركيز على مفارقات العبارة وتلوينها حيث لم تذهب عكاش في هذه التجربة إلى تقديم الشخصيات وفق قالب درامي واضح بل تركت كل شخصية تحكي قصتها لتبدو النساء الخمسة وكأنها امرأة واحدة دون تمييز بين شخصية وأخرى.

وحاول “هن” تقديم نوع من طقوس العزاء والنقر على الدفوف والاتشاح بالأسود مستخدماً حركية صارمة على صعيد التشكيل مع كراسي سوداء وكرفانات متحركة تقوم الممثلات الخمس بتوزيع مونولوجاتهن عليها جنباً إلى جنب مع إسقاط مادة بصرية من فوتوغراف وفيديو صاغه المخرج سيمون صفية في محاولة لإغناء الفضاء وجعله أكثر كثافة على مستوى التلقي.

وعملت المخرجة عكاش في أول عرض للكبار تقوم بتقديمه مع المسرح القومي على تكوينات قوامها الشاشة المجزأة مع الممثلات اللواتي بقين يرددن خطبة مطولة من الفقد والهجران وخسارة الرجال مما أدخل العرض في رتابة الإيقاع ضمن أجواء كابوسية تتحرك شخصياته في أزياء سوداء قاتمة.

وساعدت المادة البصرية السينوغرافيا التي صممها نزار بلال ولكن من دون تقديم حلول فنية قادرة على تعمير الفضاء اللعبي للممثل بل ترك هذا الأخير يواجه الجمهور بحركات هندستها المخرجة عكاش مرة على يسار الخشبة ومرة على يمينها في تناظر فاقع بين الكراسي والممثلات الخمس وعدم تمكن العرض من الدخول في مسرح البوليفونيا “تعدد الأصوات”.

الإضاءة بدورها جاءت جانبية ومنفلشة على خشبة المسرح دون القدرة على توزيع الضوء بما يتناسب مع الشاشات المتحركة التي طغت على مادة العرض وجعلت الممثلات كملحق لقطع الديكور إلا في استثناءات نادرة خارج الكتل التي حاولت عكاش رسمها على الخشبة مستعينة بصوت جولييت خوري التي قامت بأداء مقاطع تراتيل بصوتها كطقسية رافقت المونولوجات التي كانت أشبه بخمسة مونودرامات على المسرح.

يذكر أن عرض “هن” من إنتاج وزارة الثقافة وساعد في الإخراج ابراهيم عيسى والتأليف الموسيقي محمد عزاوي والإضاءة ريم محمد وصناعة المادة الفيلمية مؤسسة “الفيلم الفقير” للفنان سيمون صفية والعرض مستمر يومياً الساعة السابعة مساء على مسرح القباني.

--------------------------------------------
المصدر : سانا 

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption