أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

السبت، 26 نوفمبر 2016

سعد الله ونوس.. سخر منا جميعا

مجلة الفنون المسرحية

سعد الله ونوس.. سخر منا جميعا
كرار العامل

 ونحن نحاول قراءة ونوس سنعرض بريشتيته ،و سخريته و دعوته هو لمسرح عربي  ، يحمل وجها ونوسيا جديدا، وتنظير ونوس لهكذا مسرح في مقالنا هذا المتواضع ، على نحو عام ، وقراءة خاصة لمسرحيته "مغامرة رأس المملوك جابر، التي حملت بين طياتها ،مرارتنا ،واقعنا الباعث على السخرية ! ،برؤية ونوسية تستحق التبجيل، فونوس كاتب ذكي و له قدرة عجيبة في تناول القضايا الاجتماعية الآنية تناولا عظيما يحدث الأثر التحريضي الذي يريده هو ونوس ، ولأنه بريشتيا ومتأثر بالبريشيتة فقد أستطاع- بمحاولته في دفع المشاهد الى أتخاذ القرار - أن يجعل المتفرج في مجال السيطرة على الواقع الذي يعرضه ومن ثم منع إغترابه بدلا من وضعه في حالة التطهير (١) .هكذا فعل ونوس والبريشتيين الآخرين. ويبدو تأثر ونوس بمسرح بريخت واضحا ،ليس على مستوى الأسلوب فحسب ،بل على مستوى المضمون أيضا،فجابر في مسرحية ونوس تلك تشبه شخصية "شجاعة" في مسرحية الأم شجاعة لبرتولد بريشت ، " وفيها تستغل الأم ظروف الحرب تنتهز لتكسب المال وتحقق ربحا  ولكنها تكوى بنارها ، وتدفع ثمن إنتهازها  ، إذ تفقد أبناءها الثلاث وكان يراد منه اثارة مشاعر الازدراء والمقت والادانة ، ولكنها اثارت مشاعر الإعجاب والشفقة والعطف " (٢) .إن ونوس في مسرحه آثر أهمية الهدف و الدور الاجتماعي وراء العمل على أهمية الشكل ، فهو يقول " إننا نضع مسرحا لأننا نريد تغيير وتطوير عقلية ، وتعميق وعي جماعي بالمصير التاريخي لنا جميعا " (٣)، فكان يناقش مع جمهوره تلك المواضيع الشائكة المتصلة بلحضته تلك ومكانه ذاك ، و منها يمكن المشاهد من رؤية التناقضات المعروضة في العمل حينها ليدفعه الى التغيير ، بمنع أغترابه . فهو يثير الغرابة والدهشة فيه لتلك التناقضات (أي تغريبه) وعندما يدفعه بعدها لإتخاذ موقف منها ،يحقق منع التغريب (٤).و أدواته في إظهار ذلك، مرة في تقطيع الحدث الى مشاهد منفصلة دون إهتمام بالتتابع في خط مستقيم ، ومرة يقوم بعزل الممثل عن دوره و يعرض الشخصية بحيادية لا أن يحاكيها ، او يجعل الشخصيات تتبادل الأدوار فيما بينها ، او الإنفصال عن الحدث عن طريق السرد بدلا من التشخيص و أستخدام الراوي كوسيلة لكسر الإيهام المسرحي من خلال تعليقه على الأحداث وشرحه لها (٥).  كما إن الرفض ذاك للمتقبلين من قبل الحكواتي يدفع بالمشاهد نحو التغريب ، كون هذا الرفض جاء مخالفا للعادة ، مخالفا للمألوف ، هو فعل يجعل المشاهد يقظا ، يمنعه من الإنبهار والإندماج والسقوط في شرك الإيهام المسرحي الارسطي  ،"يحدث التغريب أحيانا بخرق العرف والقاعدة والتمسّك بالإستثناء مثال:
*الحكواتي في العرف القديم أنه يستجيب لرغبات المستمعين.
* أبطال الحكايات في الموروث القديم غالبا ما ينتصرون أو يثأرون لمن يغدر بهم ويتحداهم.
- تعمد المؤلف المسرحي كشف قوانين اللعبة وتقطيع أوصال الحكاية من الداخـــل والسخرية مما يقدّم واللعب به لعبا:
"زبون: بعد من قدامنا يا أبومحمد. 
(يغير الخادم مكانه... بينما جابر يوالي كلامه ولعبته دون أن يتوقف(٦). أن ونوس يربط بواسطة الحكواتي زمانين مع بعضهما ، ويقارن بينهما مثل ما قلنا سابقا، زمان وقوع أحداث الحكاية المروية وزمان المتقبلين. ويشير بعقلية فذة الى تشابه الأحداث بين الزمانين . فاللأمبالاة واحدة ، هنا وهناك.فرواد المقهى في المسرحية الذين يمثلون عامة الناس ،يحتسون الشاي ببرودة أعصاب ، وليس بأستطاعة أي حدث مهما كان عظيما - و هذا واقعهم المزري المثقل بأصناف الهموم- أن يهز سكونهم الطاغي ذاك. منتظرين قدوم الحكواتي الذي يحضر مع حضوره ماضيهم . وهم لا يريدون غير الماضي ، ماضي الأمجاد وأنتصارات الأجداد ،لا يريدون غير البكاء على أطلاله . ويحاربون اي فكرة تفصلهم عنه ، ولكن  ونوس ومن خلال الحكواتي يرفض ذلك ويصر على سرد حكاية آخرى قاتمة ، في محاولة منه لإعادتهم الى حاضرهم بقمائته و بؤسه. يحاول صفعهم ليؤكد لهم بأن الواقع يسكن هنا ، على مقربة منهم ،لا خلف سطور حكاية سيرة الضاهر وأنتصاراتها الوهمية.أن ونوس في مغامرة رأس المملوك جابر لم يقرأ واقعنا فحسب، بل سخر منه ، ببلاغة الكاتب المتمرس وقراءة الدارس المتمعن،ومادته في إظهار ذلك كله ؛ اولاً في المقارنة بين واقعين -رسمهما ونوس بعناية وقارب بينهما - وفي اختيار الشخصيات اختيارا يبعث على السخرية ثانياً ،يقول علي البوجديدي (وتتجلى السخرية في مسرحية رأس المملوك جابر واضحة في المكان وتخير شخوص المسرحية. ولقد أتخذ ونوس من المقهى العربي التقليدي فضاء المسرحية الاول ، كما تخير فضاء المقهى/ المدينة في تقابل بين الداخل والخارج ،بين الحاضر والماضي ،وهو يشي ببعد المسرحية الساخر)(٧) . وعامة بغداد وهم شخوص حكاية الحكواتي في محاولاتهم المستمرة للتملص من الصراع الدائر بين الوزير والملك وحرصهم على الغياب عن ساحته ،يشبهون اللامبالاة تلك التي يبديها رواد المقهى للاحداث اليومية ، و لواقعهم المرير .فيؤكد على وجود تشابه في الاوضاع القائمة بين كلا الزمانين ،زمان المتلقي وزمان الرواية المحكية على لسأن الحكواتي ورواد المقهى " الحكواتي :الحكايات مرتبطة مع بعضها البعض .. سيرة الضاهر بيبرس يحل دورها عندما نفرغ من قصص هذا الزمان ... زبون ثاني: اي زمان؟ ..الحكواتي : زمن الاضطرابات ..زبون ٢: هذا الزمان نعيشه .. زبون ١: نذوق مرارته كل لحظة... زبون ٣: فلا تقل من أن ننسى همنا في حكاية مفرحة ...زبون ٢: حكاية البارحة كانت كئيبة يسود لها قلب السامع.. الحكواتي: هذه الحكايات ضرورية ..الزبائن ضرورية ...الحكواتي : وينبغي أن نرويها"(٨) .وهو عندما  يتناول الحكاية بشيء من الإختلاف، لا يريد خلقها في ثوب جديد ، او تفسيرها تفسيرا مختلفا ،هو يريد أن يقارب فقط بين زمانين ،بين حدثين لا أكثر،حدث ماض وحدث معاصر ،يقول احمد زياد محبك  "أن رد سقوط بغداد الى تقصير في تحمل مسؤولية الواقع ،هو سقوط معاصر على الماضي ،لا يراد منه تفسير التاريخ تفسيرا جديدا ،لأن المسرحية لا تعتمد التاريخ أساسا مصدرا لها ،إنما تعتمد الحكاية الشعبية ، لتصنع بواسطتها المناخ التاريخي ، وإنما يراد به تفسير لحدث معاصر من خلال تفسير حدث ماضي ،يشبهه ويماثله" (٩)  .إن ونوس يعرض شخصية بطله جابر عرضا ساخرا ممتعا جدا ، فيسخر منه ويسخر منا ، من فرديته وفرديتنا المفرطة ، فاذا كان يؤكد على تقارب الازمنة ،فهو يؤكد أيضا على تقارب الشخوص في كلا الزمانين . "فلقد حاول جابر الصعود من العبودية والفقر الى ما به يحقق منفعته و يجوز زوجة فاتنة ويغنم مالا وفيرا ، وفي محاولة صعوده تلك يرتكب رذيلة الصعود الفردي على حساب خدمة عدوه الطبقي و وطنه ،فيكون مصيره القتل"(١٠). ففي صعود  جابر الفردي ذاك - الذي لا يحبذه ونوس - إشارات بليغة الى ما يحدث من خيانات في حاضرنا لعامة الناس والوطن .فكم شهد تاريخنا و حاضرنا شخصيات كشخصية جابر. أناس تسعى للحيازة الفردية ، حتى وإن كان في ذلك السعي خيانة للوطن . وعندما يضع ونوس الموت كنهاية لخائن مثل جابر فهو لا يسخر من شخصية كهذه فحسب ،بل يتعدى ذلك ليشمل رواد المقهى -الذين يمثلون عامة الناس في زمان ما ، ربما يكون زماننا هذا او زمان آخر. "و تتجلى السخرية الاكثر دلالة في إعجاب طوائف من المجتمع بنماذج ممسوخة من الابطال ،وهو ما يكشف عن تدني وعي زبائن المقهى"(١١).ونوس يحمل الشعب هذا السقوط ، ويراه ناتجا عن عدم مبالاتهم وتراخيهم و أنسحابهم عن الشأن السياسي ،فيعود ليؤكد رأيه في ختام المسرحية على لسان المجموعة" تقولون : فخار يكسر بعضه ومن يتزوج أمنا نناده عمنا،لا احد يمنعكم من أن تقولوا ذلك ، لكل واحد رأي وتقولون هذا رأينا ، لكن اذا   يوما و وجدتم أنفسكم غرباء في بيوتكم ...الرجل الرابع: إذا عضكم الجوع و وجدتم أنفسكم بلا بيوت ..المجموعة: إذا هبط عليكم ليل ثقيل ومليء بالويل ..الجميع : لا تنسوا أنكم قلتم يوما ؛ فخار يكسر بعضه"(١٢) .وعندما يوجه الكلام في المشهد الأخير الى رواد المقهى ورواد المسرح فهو يشركهم في الحدث،وكأنه يقول لهم ؛ إنكم يا رواد المقهى ومن ورائكم رواد المسرح مسؤولين عن واقعكم ،عن سقوطكم هذا ، ولا تنسوا إن النكبات التي نتعرض لها كعرب -من قبيل نكبة ٥ حزيران-هي بسبب قولنا هذا ؛ فخار يكسر بعضه . ونوس في حله الميلودرامي هذا للعقدة وبنائه الدرامي اللاحتمي يحدث فينا أثرا تغريبيا ومن ثم يخلق في بالنا حزمة من التساؤلات. " فبدلا من بناء الشخصيات بشكل يساعد المتفرج على توقع النتيجة فإنه يعمل على إدراج كل ما يمنع اي تأويل ممكن ، بالتالي الوقوع في خلق الفكر كمسبب رئيسي ، لإعادة النظر في العالم ،كما تختلف أيضا فيما يتعلق بالنهاية وحل العقدة التي تتميز بالتنافر و اللا تناسب مع مجريات الاحداث ، الشيء الذي يجعل المتلقي يغادر القاعة وفي جعبته عدة تساؤلات "(١٣) . والجمهور يفعل هذا كله ، عندما يطرح التساؤلات تلك في كل مرة يدخل بها المسرح ، عندما يدخل مسرح ونوس  سيخرج بحزمة تساؤلات ، و مواقف اجتماعية - سياسية ، وربما أكثر من ذلك .  وهو يريد من جمهوره أن يناقش ،أن يرفض ويقبل ، أن لا يمنح الفرصة لمن يحاول تغييبه عن واقعه ، أن يقاطع المسارح التي تسعى الى تخديره ، يقول ونوس " مطلوب من المتفرج أن يكون واعيا و وقحا وبذلك فقط يمكن ان تتساقط كثير من ارتفاعا ت والاكاذيب و أن يصبح المسرح نشاطا أجتماعيا وثفافيا فعالا يجمع الخشبة والصالة في علاقة جدلية وثيقة وغنية " (١٤)  وهنا نرى أن ونوس قد وفق كثيرا في مسعاه ، قد كان يرى المسرح محركا لا بأس به للجماهير  . وهنا نرى أن ونوس قد وفق كثيرا في مسعاه ، قد كان يرى المسرح محركا لا بأس به للجماهير  . اراد ونوس أن يكون مسرحه مشارك فعال في حياة المتفرج ،يتقاسم معه همومه وآلامه ،فكان كما أراد  له أن يكون، مسرحا ثوريا لصيقا بالجمهور وقضاياه .


                                            

المصادر :
(١) احمد العشري ، مسرح برتولد بريخت بين النظرية والتطبيق.
(٢) احمد زياد محبك  ، مغامرة رأس المملوك جابر ،مجلة الموقف الادبي، دمشق السنة ١٥ ، العدد ١٧٨-١٧٩ ، شباط اذار ١٩٨٦
(٣) سعد الله ونوس ،بيانات لمسرح عربي جديد ،بيروت ،دار الفكر الجديد  ١٩٨٨،صفحة ٢٤
(٤) احمد العشري ، مسرح برتولد بريخت بين النظرية والتطبيق ،عالم الفكر ،م ٢١ ع ٣ ،الكويت شباط ١٩٩٢ ،ص
(٥) محمد عزام ، مسرح سعد الله ونوس ،دار علاء الدين ، دمشق ،ص  ١٢٥-١٣٥
(٦) عبد الرزاق السومري، مسرحية "مغامرة رأس المملوك جابر" التقنيات الملحمية و أشكال التأصيل ـ
(٧) علي البو جديد ي ، تجليات السخرية في مسرحية مغامرة رأس المملوك جابر ،مجلة الوحدات للبحوث والدراسات ،تونس سنة ٢٠١١ ،العدد ١٣
(٨) مسرحية مغامرة رأس المملوك جابر ،سعد الله ونوس ، صفحة ٥٥
(٩)احمد زياد محبك ،مغامرة رأس المملوك جابر، مجلة الموقف الادبي، دمشق السنة ١٥ ، العدد ١٧٨-١٧٩ ، شباط اذار ١٩٨٦
(١٠) علي البو جديد ي ، تجليات السخرية في مسرحية مغامرة رأس المملوك جابر ،مجلة الوحدات للبحوث والدراسات ،تونس سنة ٢٠١١ ،العدد ١٣ ص ٢١
(١١) احمد زياد محبك  مجلة الموقف الادبي، دمشق السنة ١٥ ، العدد ١٧٨-١٧٩ ، شباط اذار ١٩٨٦
(١٢) سعد الله ونوس ،مسرحية مغامرة رأس المملوك جابر ،الخاتمة.
(١٣)  احمد زياد محبك  مجلة الموقف الادبي، دمشق السنة ١٥ ، العدد ١٧٨-١٧٩ ، شباط اذار ١٩٨٦
(١٤) سعد الله ونوس ،بيانات لمسرح عربي جديد، ،بيروت ،دار الفكر الجديد  ٨٨١٩، ص ٢٩

جولة عروض مسرحية لـ'مولات السر' بالمغرب

مجلة الفنون المسرحية


جولة عروض مسرحية لـ'مولات السر' بالمغرب

مسرحية 'مولات السر' هي عمل إبداعي يحاول تقييم انعكاس الأثر الفرجوي على المشهد المسرحي باعتبارها تمثل شكلا من أشكال المسرح التقليدي.

تواصل فرقة “محترف فاس لفنون العرض” جولتها الفنية بعرضها المسرحي “مولات السر” بمجموعة من المدن والمناطق المغربية إلى غاية نهاية العام 2016. وتأتي هذه الجولة الفنية للفرقة بعد الإقبال الجماهيري الكبير الذي حققته مسرحية “مولات السر”، خاصة بعد فوزها بجائزة برج النور “الانسجام الجماعي” ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان فاس الدولي للمسرح المحترف في دورته الحادية عشرة التي احتضنتها مدينة فاس المغربية مؤخرا.

وتدور أحداث مسرحية “مولات السر”، وهي من تأليف الكاتب المسرحي سعدالله عبدالمجيد وإخراج الفنان حميد الرضواني، والتي تم إنتاجها خلال السنة الحالية بدعم من وزارة الثقافة المغربية حول حكاية امرأة تمارس فرجة الحلقة داخل المنازل، محاولة عبر تقنيات السرد تفكيك النظرة الذكورية للمجتمع المغربي إلى المرأة، وبالتالي تفكيك نظرة الإنسان العربي نفسه.

واعتمد مخرج المسرحية حميد الرضواني في تصوره الإخراجي على توظيف بعض المكونات التراثية المغربية بطريقة فنية، باعتبار التراث مكونا يصلح للتوظيف الجمالي بالنظر إلى حمولته الثقافية والفنية، التي تنطوي عليها الرموز التراثية والحكايات والشخصيات والمواقف والعادات والتقاليد.

وحسب المشرفين على العرض فإن مسرحية “مولات السر” التي يلعب أدوارها الرئيسية كل من الخمار المريني وإيمان أبيلوش وفريد بوزيدي وحسن بوعنان وعدنان مويسي وجواد النخيلي، هي عمل إبداعي يحاول تقييم انعكاس الأثر الفرجوي على المشهد المسرحي المغربي، باعتبارها تمثل كمسرحية شكلا من أشكال المسرح التقليدي الذي هو ركيزة أساسية في البحث السوسيولوجي الفرجوي بالمغرب، خاصة على صعيد ما يسمى بـ”سوسيولوجيا النوع”.

-------------------------------------------------
المصدر : جريدة العرب 

عروض أيام قرطاج المسرحية تثير قضية صراع الأنا والآخر

مجلة الفنون المسرحية

عروض أيام قرطاج المسرحية تثير قضية صراع الأنا والآخر

تتواصل بالعاصمة تونس عروض مهرجان أيام قرطاج المسرحية في دورته الثامنة عشرة، مقدمة لعشاق الفن الرابع بانوراما من الطروحات الفكرية والرؤى الإخراجية لثلة من المخرجين المسرحيين على المستويين العربي والأفريقي، حيث اتفق أغلبهم على الاشتغال على سؤال الهوية في صراع أزلي بين الأنا والآخر.

 تتنوع الأعمال المسرحية المقدمة في الدورة الثامنة عشرة لأيام قرطاج المسرحية التي تتواصل إلى غاية السادس والعشرين من نوفمبر الجاري بالعاصمة تونس، بين المونودراما والكوريغرافيا والعروض الفرجوية والمسرحية، لتقدم تنويعات تعبيرية من أكثر من 25 دولة مشاركة في الأيام، يمكن اختزالها في ثيمة الأنا والآخر. وبعنوان “ليس لي اسم” قدمت جزر القمر ضمن مشاركتها في فعاليات أيام قرطاج المسرحية عرضا مونودراميا عن تصور وإخراج لأحمد سومات، والعمل مقتبس من نصوص الشاعر الفرنسي الراحل كريستوف تركوس. وينطلق أحمد سومات في عرضه المونودرامي “ليس لي اسم” من بين الجمهور، ثم يصعد على الخشبة وسط ديكور بسيط يتكوّن من كرسي وستار أبيض خلفه، ليتحوّل الستار في ما بعد إلى لوحة يدوّن عليها الممثل جملا ومقاطع شعرية وجودية.

وعلى امتداد 60 دقيقة من عمر العرض المسرحي يعرف الممثل نفسه بأنه رجل بلا اسم وبلا هوية، لكنه رغم ذلك يستطيع مواصلة العيش والتشبث بالحياة، داعيا الجميع، الجمهور وهو أيضا، إلى التحلي بالتحدي والحب والأمل، رغم الجنون العام الذي تعيشه الإنسانية. وبين هذيان الخيال وبيان الواقع الذي يعيشه أحمد سومات/ الممثل، يستعيض عن تيهه في بعض المفاصل من العرض بمقاطع شعرية وموسيقية مفعمة بالأحاسيس والمشاعر، محاولا التعبير بالجسد والكلمات عن شعر كريستوف تركوس مُلهم عمله.

بأضواء خافتة وديكور مختصر يغوص العرض التونسي "غفلة" في عالم متذبذب باستمرار بين الهشاشة والخطورة
مسرحية “ليس لي اسم” قدمت إيقاعا مُتسارع الكلمات والحركات، في مزج طريف بين الفنون والألعاب التقنية والمشهديّة التي تُعلي من ثيمة الجنون كحل أبدي لشفاء النفس البشرية من أوجاع العالم، وذلك من خلال بحث مُستجد للممثل/الشخصية عن ولادة جديدة وسط الضحك والحب والأمل. وغير بعيد عن تجربة الجنون التي استعرضها أحمد سومات في عرضه المونودرامي “ليس لي اسم”، قدم الثنائي التونسي مريم بوعجاجة ومحمد شنيتى عرضا مسرحيا راقصا حمل عنوان “غفلة”، وهو عرض رقص معاصر يحمل رؤية مختلفة لثنائية الروح والجسد.

ينطلق العرض الذي امتدّ لأكثر من نصف ساعة بظهور الراقصين وسط دائرة ضوء، يجسدان رقصة ثنائية ضمن تشكيلات حركية متناسقة ومتناغمة إلى حدّ التماهي بينهما. ورويدا رويدا يتصاعد النسق حينا ويتباطأ أحيانا في انسجام مع الموسيقى المرافقة، ليختلط الأمر أحيانا على المتلقي الذي يتابع العرض فيصبح غير قادر على تمثل حقيقة الدلالات التعبيرية لحركات جسد الراقصين ورمزيتها، فهما يتواجهان ويلتحمان ثم ينجذبان وينفصلان ويتدافعان.

بأضواء خافتة وأجواء هادئة وديكور مختصر تغوص مريم بوعجاجة في أول أعمالها الكوريغرافية في عالم متذبذب باستمرار بين الهشاشة والخطورة؛ راقصان يلبسان الأسود على الخشبة، تتناسق حركاتهما وجسداهما في انسجام مع الموسيقى، رغم تذبذب إيقاعاتها بين السرعة والبطء، لكنهما ينجحان في الحفاظ على تقنية التناظر المحوري التي انبنى عليها عرض “غفلة” حيث لم يغفل عن طرح إشكاليات: الأنا والآخر، الذكر والأنثى، القريب والبعيد، الحبيب والغريب، لتبقى الأسئلة الأهم؛ من نحن؟ من نكون؟ وإلى أين نمضي؟

يهتز جسدا الراقصين ويهدآن، ثم ينتفضان ويثوران في حركات متداخلة فوضوية تعبر عن اضطراب المشاعر وتقلبها بين المتناقضات، لينتهي العرض بإزالة الراقصة للحواجز الموجودة على الخشبة في حين يظل محمد الشنيتي وحيدا في دائرة ضوء بداية العرض، ربما كي ينطلق من جديد. وعن نص مقتبس للكاتب الألماني برتولد بريخت والذي يحمل عنوان “القاعدة والاستثناء” قدمت المسرحية المصرية “زي الناس” لمخرجها هاني عفيفي، فكرة الصراعات الطبقية من خلال فضح أبطال العمل (وهم هشام إسماعيل، أحمد السلكاوي، سارة هريدي، سارة عادل، ماهر محمود، شادي عبدالسلام وكريم يحيى) للسياسات الرجعية وعودة ظهور الفاشية من جديد، إضافة إلى نقد ظاهرة الرشوة وطريقة تعامل الطبقات الغنية مع الطبقات الكادحة لتتحول الرحمة إلى شذوذ.

وتدور أحداث المسرحية حول توجّس تاجر اسمه كارل لونجمان من مرافقيه (الدليل والحمال)، حيث يصطحبهما معه في رحلة تجارية من أجل الاستيلاء على بئر للنفط، والرحلة تكون هذه المرة في اتجاه الصحراء وفي بلد جديد. ويظل التاجر كارل لونجمان يحمل معه طوال الرحلة شعورا بالخوف والرعب من فكرة أن مرافقيه سيتآمران عليه، ويمكن أن يصل بهما الأمر إلى قتله والاستيلاء على ممتلكاته، وتسيطر فكرة التآمر على التاجر بعد أن يرصد نوعا من التقارب والعطف بين الحمال والدليل، مما يضطره إلى اتخاذ قرار بطرد الدليل من العمل ليواصل رحلته مع الحمال.

المسرحية المصرية "زي الناس" لمخرجها هاني عفيفي، قدمت فكرة الصراعات الطبقية من خلال فضح أبطال العمل للسياسات الرجعية وعودة ظهور الفاشية من جديد
ومع ذلك يظل الشك يرافقه إلى أن يصل به الأمر إلى قتل الحمال بعد أن ظن أنه سيقتله، في حين أنه كان سيقدم له الماء ليروي عطشه، وهو في قلب الصحراء، يتعلل التاجر الغني بأنه كان يدافع عن نفسه، ومن البديهي أن يقتل الحمال، لأنه كان ينوي الاعتداء عليه. وفي النهاية تترك المسرحيّة المشاهد حائرا بخصوص حكم القاضي ببراءة التاجر المتهم، فكيف يمكن للقاتل أن يتحصل على البراءة؟ وكيف يتحول القتيل إلى مذنب، لأنه خالف القاعدة وكان استثناء؟

وضمن أجواء انقلاب المعايير في زمن الكل ضد الكل يأتي العمل الكوريغرافي السوري “تخريب للمبتدئين 1ـ مكرر” عن فكرة لمي سعيفان وإخراج زياد عدوان، تشريحا ومحاكاة لحالة التخريب الحاصلة بسبب الحرب في سوريا، حيث بحثت الكوريغراف السورية مي سعيفان في العلاقة بين اللاوعي والوعي وتأثيرهما في حركة الجسد زمن الحرب.

وخلال تقديمه للعمل أشار مخرجه زياد عدوان أن الفكرة الأولى للعرض انطلقت من تجميع مقابلات مع سوريين في المخيمات والسجون والمعتقلات، حيث يروون عبر الرسائل الإلكترونية أو عبر الفيسبوك أو اللقاءات الشخصية تجربتهم مع الحرب في سوريا، فتشكلت بالتدريج ملامح مشروع “منامات سورية” الذي يندرج في إطاره عرض “التخريب للمبتدئيين 1- مكرر”، وهو من تجسيد كل من كريسكا فاغنر، مارتين نيكول روينا وفادي واكد. ومشروع “منامات سورية” يوثق منامات السوريين منذ بداية الاحتجاجات في سوريا سنة 2011 وحتى اليوم، وقد تم تقديم الجزء الأول من السلسلة عام 2013، وفي عام 2014 قدم الجزء الثاني “التخريب للمبتدئين 2”.

ليضيف الجزء الثالث من “التخريب للمبتدئين 1- مكرر” فصلا جديدا في البحث الكوريغرافي، وهو محاولة لتلمس ما الذي تبقى من عرض قدم قبل ثلاثة أعوام؟ وما الذي يحلم به السوريون اليوم؟ وكيف يجيبون على أسئلة طرحت عليهم قبل ثلاث سنوات؟ هي أعمال أربعة من بلدان مختلفة اتفقت وإن اختلفت في طريقة طرحها السينوغرافي بين مونودراما وكوريغرافيا وعروض مسرحية على إعلاء قيمة الحق في الاختلاف، وفي الحياة بعيدا عن ثنائية الهويات والأيديولوجيات.

--------------------------------------------------------
المصدر : صابر بن عامر - العرب 

الجمعة، 25 نوفمبر 2016

فرقة مسرح الشارقة الوطني تقدم عرضا ناجحا في ايام قرطاج المسرحية بتونس

مجلة الفنون المسرحية

فرقة مسرح الشارقة الوطني تقدم عرضا ناجحا في ايام قرطاج المسرحية بتونس 

عرضت فرقة مسرح الشارقة الوطني البارحة مسرحية " تحولات حالات الاحياء و الاشياء " وذلك خلال اعمال الدورة ال18 من مهرجان ايام قرطاج المسرحية .

حضر العرض سعادة سالم عيسى قطام الزعابي سفير الدولة لدى الجمهورية التونسية وطاقم السفارة وعدد من المسؤولين المسرحيين والفنانيين التونسيين.

وتوجه مخرج المسرحية محمد العامري بالتحية الى روح الفنان و المخرج الراحل منصف السويسي الذى قال ان فرقة مسرح الشارقة تستذكره حيث كان له بصمة واضحة على المسرح في الامارات وفي العالم العربي عموما .

و اضاف ان حضور سعادة سفير الدولة لدى تونس والطاقم الدبلوماسي للسفارة للعرض يعطي مسؤولية مضاعفة وشرف كبير مشيرا الى ان هذه المسرحية تحظى بدعم هيئة الثقافة في الشارقة و ان المسرح و الثقافة عموما يحظيان بدعم خاص من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

تعرض المسرحية ضمن 62 عملا مسرحيا من تونس و العالم العربي و افريقيا ودول غربية في اطار ايام قرطاج المسرحية التي تنظم مابين 18 و 26 نوفمبر الحالي .


---------------------------------------------------
المصدر : وام

الخميس، 24 نوفمبر 2016

بسيسو يشيد بمسيرة المسرح الشعبي واستحضار شخصيات الشهيد كنفاني في عرض "رحلات أبو الخيزران"

الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

" أنطولوجيا الاداء الحي " تأليف كـــوليــــن دوتـــي ترجمــة : أحمد عبد الفتاح

العرض العراقي "سيلفون" حين يصرخ الجسد بوجه الموت

مسرحية " الناقوس " تأليف أحمد ابراهيم حسن

تواصل عروض مهرجان جائزة خالد بن حمد بمسرحية و "نجمة سهيل" و "لن ألبس حذاؤكم"

الباحث الأمريكي مارفن كارلسن يتحدث عن التجريب المسرحي العربي في ندوة « شكسبير بلا حدود »

مجلة الفنون المسرحية



الباحث الأمريكي مارفن كارلسن يتحدث عن التجريب المسرحي العربي في ندوة « شكسبير بلا حدود »

افتتحت يوم الثلاثاء  بتونس العاصمة الندوة الدولية « شكسبير بلا حدود » التي تنتظم ضمن فعاليات الدورة 18 لأيام قرطاج المسرحية (18-26 نوفمبر 2016) بحضور ثلة من المفكرين والجامعيين والباحثين والنقاد العرب والأجانب.

ومثل محور « شكسبير من الشمال إلى الجنوب » فرصة للنقاش وتبادل الآراء بين المتدخلين في الجلسة الأولى لهذه الدولة التي تتواصل على مدى يومين، ومناسبة تحدث فيها مارفن كارلسن، أستاذ المسرح والأدب المقارن بجامعة نيويورك، عن التجريب المسرحي العربي من خلال تسليط الضوء على تاريخ المسرح في العالم العربي وتحديدا في مصر والمغرب العربي.

وعرج كارلسن، بالمناسبة، على كتابات الشاعر والمترجم اللبناني الراحل نجيب الحداد (1867-1899) الذي تحولت جل مؤلفاته المترجمة الى أعمال مسرحية طبعت فترتي العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، ومن بينها « روميو وجولييت » لشكسبير.

وبين أن هذه المسرحية التي حملت بالعربية عنوان « شهيد الحب » تعد من أهم الأعمال المسرحية العربية المعاصرة التي شهدتها العاصمة المصرية القاهرة سنة 1901 .

وبين مارفن كارلسن أن عديد المؤرخين العرب آخذوا على الحداد وغيره من الكتاب والمترجمين عدم وفاءهم للنص الأصلي لشكسبير إلا أن ما يحسب للحداد، وفق الباحث الامريكي، هو أنه قدم للجمهور العربي كاتبا كبيرا في حجم شكسبير بلغة مبسطة مع إدخال بعض الأغاني لتبسيط القصة، وتقريبها من المتلقي آنذاك.

وفي حديثه عن خصوصيات المسرح المغاربي، اعتبر كارلسن أن بدايات المسرح الوطني في المنطقة المغاربية اتسمت بتقديم مسرح شكسبير التقليدي مع إدخال بعض الإضافات البسيطة وفق قوله، مضيفا أن اقتباسات أعمال شكسبير كانت عاكسة لتغير العقليات وطرق التفكير في المحيط القريب آنذاك، ومتزامنة مع ظهور المسرح التجريبي. واستدل على ذلك بالعمل المسرحي الشهير « عطيل والخيل والبارود » (1973) للكاتب المسرحي المغربي عبد الكريم برشيد.


-------------------------------------------------
المصدر : وات

فى الندوة العلمية « شكسبير بلا حدود » : قراءات جزائرية فى مسرح شكسبير

مجلة الفنون المسرحية

فى الندوة العلمية « شكسبير بلا حدود » : قراءات جزائرية فى مسرح شكسبير

تواصلت بعد ظهر الثلاثاء بتونس العاصمة أعمال الندوة العلمية التي تنتظم فى إطار الدورة الثامنة عشرة لأيام قرطاج المسرحية (18-26 نوفمبر 2016) تحت عنوان « شكسبير بلا حدود » ، حيث تضمن برنامج الجلسة المسائية مجموعة من المداخلات تناولت تأثر عدد من التجارب المسرحية العربية بكتابات وليام شكسبير.
وفى هذا الإطار قدمت الناقدة المسرحية الجزائرية جميلة مصطفى الزقاي مداخلة بعنوان « شكسبير فى المسرح الجزائري خفوت وتوهج » أشارت فيها الى أن كتابات شكسبير لم تجد حظها فى المسرح الجزائري إلا مع الأجيال المعاصرة من المسرحيين الشبان خريجي المعاهد والمدارس الأكاديمية موضحة أن العديد من هؤلاء المسرحيين اقتبسوا من كتابات شكسبير أساسا المنقولة إلى اللغة الفرنسية و »مسرحوها باللهجة الجزائرية وخاصة العاصمية، وقدموا عديد الأعمال برؤى ركحية رائعة على غرار مسرحيات « عودة عطيل » و »هاملت » والمرأة المتمردة » و »عطيل ».
وأوضحت أن المسرحيين الجزائريين المعاصرين نجحوا، بتكوينهم الأكاديمي ورؤاهم الفنية المغايرة، في إخراج المسرح الشكسبيري من سياقه الكلاسيكي إلى سياق درامي فيه الكثير من الإسقاط على الواقع المعيش وهو ما سهل رواجه صلب المولعين بالفن الرابع فى الجزائر.
وبينت ان المسرحيين من الرعيل الاول اهتموا أكثر بمسرح موليار أولا لأنه مسرح فرنكفوني على عكس مسرح شكسبير (كتب بالانقليزية) وقدموا عشرات المسرحيات على امتداد عقود عديدة كادت أن تأسر المسرح الجزائري فى خانة محددة غير متفتحة على الكتابات المعاصرة.
وفى مداخلة ثانية بعنوان « شكسبير والمسرح العربي، من الملك لير الى الحريق لقاسم محمد » اوضح حسن التليلاني أن المسرح العربي كما المسرح العالمي قد تأثر إلى حد كبير بكتابات شكسبير التى شغلت العالم الى وقت قريب جدا مقدما بالمناسبة قراءة مقارنة لمسرحية « الملك لير » التى أخرجها سمير سيد ومسرحية « الحريق » لقاسم محمد، والمسرحيتان تتناولان برؤية فنية وركحية مغايرة نفس النص الشكسبيري الذي تدور أحداثه حول شخصية الملك لير الذي سقط فى عاقبة سوء التصرف وضعف الحيلة مع بناته الثلاثة.
واشار االتليلاني الى أن المخرج قاسم محمد تنبأ فى رؤيته المسرحية لعمله « الحريق » الذي أنتجه سنة 2013 بما سيؤول إليه حال العديد من دول الربيع العربي نتيجة سوء الحكمة والتصرف وأن شخصية « الملك لير » هي فى الحقيقة ترمز الى الحكام العرب الذين لا يحسنون إدارة الأمور من حولهم ومع شعوبهم على حد قوله.

-----------------------------------------------
المصدر : وات



فنانو سلطنة عمان يقدمون “رؤيا فلسفية” في قالب مسرحي متنوع

مجلة الفنون المسرحية

فنانو سلطنة عمان يقدمون “رؤيا فلسفية” في قالب مسرحي متنوع

احتضن مسرح مدرسة مسقط الدولية مساء أمس الأول العرض المسرحي”رؤيا فلسفية” الذي نظمته وزارة التراث والثقافة ممثلة بدائرة المسرح والسينما والفنون التشكيلية ، وتحت رعاية سعادة الشيخ مهنا بن سيف بن حمد المعولي والي بوشر، المسرحية”رؤيا فلسفية” للكاتب محسن النصار وإخراج الدكتور عبدالله شنون وإشراف كل من قاسم بن سالم الريامي وحسنة بنت سيف الحديدية، وتدور أحداثها حول مناقشة الرؤية الفلسفية للإنسان وكيف يمارسها في حياته اليومية متطرقة إلى أحد أمثلة الحياة وهو الأستاذ الجامعي الذي يبذل جهدا كبيرا للخروج بدراسة فلسفية مستفيدا بدراسات السابقين،وبكل سهولة يقوم أحد موظفي الجامعة بسرقة دراسته، ليثور الأستاذ عليه، كاشفا تحايله الذي يمارسه ويصر على تقديمه للعدالة. يأتي هذا العرض المسرحي ضمن ثمانية عروض مسرحية تقيمها الوزارة في مختلف المحافظات لتنفيذ أنشطة وفعاليات تستهدف الشباب، وقد بدأت هذه الخطة منذ السنة الماضية، حيث تم الاشتغال على حلقات مسرحية في العام الماضي. وارتأت وزارة التراث والثقافة في هذا العام الاشتغال على أعمال مسرحية يدرب بها محاضرون من خارج السلطنة لتجويدها تمثيلا وإخراجا. وحول العرض المسرحي تحدث مخرج هذا العمل الدكتور عبدالله بن شنون وقال: المسرح وجد لتنوير العقول والفكر ولقضايا وخدمة المجتمع والحياة العصرية تتمثل الآن في الإنسانية وما قدم بهذا العرض من جمالية في الأداء والحركة وما قدم من سنوغرافية يلامس وجع بداخلنا وهذا هو الترابط. والنص الفلسفي ليس للنخبة والمفكرين فقط، العرض هو للعقل الإنساني ومسرحية “رؤيا فلسفية” تخاطب العقل وليس الوجدان لا يوجد هناك عرض للعواطف وإنما يوجد عرض للعقل.وأضاف تناول هذه النصوص صعبة تحتاج إلى إخراج وإعداد أطول، وأضاف أنا تجرأت في تناولي لهذا النص ولأول مرة في السلطنة يقدم مثل هذه المدرسة الفنية وأستطاع نجوم هذا العمل أن يظهروا هذا العمل بشكل جميل وراقي وأنا راضي كل الرضا وأقدم شكري وتقديري لهم وأشكر كل من ساهم وله دور بهذا العمل المختلف.
كما تحدث الفنان طالب بن محمد وقال: في البداية أحب أن أشكر وزارة التراث والثقافة لهذا الموسم المسرحي الذي شمل تقريبا كل ولايات ومحافظات السلطنة بحضور كبار الاساتذه لتقديم حلقات عمل بهذا المجال الفني المفعم بالجمال.
وأضاف إلى أن هذا النص يحمل ثيمه عمانية أعتقد لما سمعنا أغنية الرأب في العرض المسرحي هو يخص الحدث الأخير للطفل السوري والأحداث الموجودة في الوطن العربي بشكل عام. ويحمل هذا العرض فلسفة أرسطو في زمن معين وفي أيضا فلسفة اليوم أراد مخرج العرض لعمل مزيج وخليط ليوجد فلسفه خاصة به وبالتالي تم تقديم نص ناضج وجميل ومكتمل.
وحول هذه المسرحية تحدثت الفنانة أمينة عبد الرسول وقالت: أنا أتحدث بواقعية النص الفلسفي لفئة معينه من المجتمع.الفلسفة لها أبعاد لا يفهم تفاصيلها إلا القليل.وأضافت نحن للأمانة نحتاج على نصوص بسيطة بحيث يستطيع المتلقي استيعاب ما يطرح على خشبة المسرح.ولكن فوق هذا يبقى النص المسرحي نص مطلوب لكي يرتقي البعض ويحاول أن يصل إلى مرحله متقدمه من الاستيعاب وهذه طبعا نصوص عالمية لها قيمتها.وأبارك للمخرج وطاقم هذا العمل على كل هذا الجمال والرقي والعذوبة.
وتحدث الفنان خميس الرواحي وقال: هذا العرض الفلسفي هو مطلب جميل ومهمة للساحة الفنية واعتقد هذه النصوص تنحصر على فئة معينة من شريحة المجتمع الذي هو بدوره يستطيع أن يستوعب هذا النوع من النصوص.والفلسفة بشكل عام صعب أن تفهم جميع تفاصيلها بذات أذا كنت لا تملك تلك الثقافة والمعرفة.وأضاف أما عن عرض”رؤيا فلسفية” الخلاصة كانت سهله للمتلقي نحن الممثلين والمخرج الدكتور عبدالله شنون حاولنا أن نقدم النص بشكل مبسط وسلس بعيدا عن التعقيد.أما عن فكرة النص تتمحور عن السرقة الأدبية بشكل عام ، وأضاف الرواحي: البعض من الجمهور الحاضر يسأل لماذا لا ينقل هذا العمل من خشبة المسرح إلى شاشة التلفزيون؟ أنا من وجهة نظري أعتقد هذا النص مسرحي صعب أن ينقل على شاشة التلفزيون. هذا النص على خشبة المسرح لا يستغرق أكثر من ساعة بينما على شاشة التلفزيون يحتاج أن نتطرق ونخوض في أشياء أعمق وأكبر.نحن نحتاج إلى التنويع في النصوص لان قضايا المجتمع قضايا متنوعة وهذا طبيعي والتغير مطلوب ومن الجميل أن نبدأ بالجديد، ومع الوقت المجتمع راح يتقبلها بحيث نصنع جمهور جديد متذوق إلى جميع الأعمال المطروحة في الساحة الفنية.
كما تحدثت الممثلة الصاعدة حوراء البلوشية حيث قالت: هذا ليست المشاركة الأولى لي شاركت بعدد من المسرحيات.وما شدني بهذه المسرحية فكرة النص فكرة جديدة وراقية وجميلة تتحدث عن السرقة الأدبية وهذا العرض هو رسالة إلى هذه العقول المريضة على أمل أن تصلهم هذه الرسالة بكل ود ويبقى النص الأدبي حق وملكية للصاحبة.وأحب أن أشكر أسرتي على كل هذا الدعم المستمر لمسيرتي الفنية.
في الإطار ذاته استضافت «التراث والثقافة» المحاضر والمدرب العالمي هشام شكيب من جمهورية فرنسا لإلقاء العديد من حلقات العمل حيث سعت للكشف عن المواهب الشبابية المتميزة وإفساح المجال لها لإظهار إمكانياتها الفنية واكتساب الخبرات اللازمة التي تؤهلها مستقبلا للعمل المحترف في هذا الفن النبيل.يأتي هذا الاهتمام من منطلق حرص وزارة التراث والثقافة على دعم الفنانين وتجميع المواهب العُمانية الشابة التي تمتلك مهارات إبداعية في فن المسرح، والتي تحتاج إلى دعم وصقل للموهبة بالتدريب على أيدي متخصصين في مجال المسرح وتشجيعهم على إبراز طاقاتهم وإبداعاتهم من خلال العديد من البرامج والأنشطة الفنية المختلفة والتي من بينها حلقات العمل الفنية التي تقام في مختلف مجالات الفنون المسرحية.الجدير بالذكر أن العرض المسرحي والحلقة المصاحبة له في مسقط بدأت منذ يوم الثلاثاء الأول من هذا الشهر واختتمت أمس الأول على مسرح كلية التصميم .

------------------------------------------------------
المصدر : خالد بن خليفة السيابي - الوطن

مسرحية "رؤيا فلسفية " تأليف محسن النصار

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2016

فرقة المجلس تستعد لعرض مسرحية “مسكون لا محسود” .. في إزكي

مجلة الفنون المسرحية

تواصل فرقة المجلس المسرحية بولاية إزكي استعداداتها لعرض العمل المسرحي “مسكون لا محسود” والذي سيعرض على مسرح فريق شباب ازكي تزامنا مع الحفل الذي ستقيمه الفرقة بمناسبة العيد الوطني السادس والأربعين المجيد بحضور العديد من الممثلين المسرحيين والجماهير المتابعة لأعمال فرقة المجلس .
تتناول المسرحية بطابعها الكوميدي قضية اللجوء إلى الكهان لأبسط الأسباب من اجل علاج المرضى او تحقيق بعض الرغبات .
يشارك في التمثيل كلا من صالح الدرمكي ومهند القصابي وسالم الخويطري وحسام العبيداني واحمد السليمي ومحمد الندابي وعيسى السليمي وجابر الخويطري .
وحول المسرحية تحدث المخرج امجد بن عبدالله الدرمكي قائلا : يأتي هذا العمل ضمن الأنشطة التي اعدتها إدارة الفرقة حيث تنظم بشكل سنوي احتفالا بالعيد الوطني ويتضمن كفقرة اساسية عمل مسرحي ، اما إذا تحدثنا عن التفاصيل فهي قضية منتشرة في مجتمعنا تبحث عن حلول وكما هو متعارف علية المسرح مرآة لطرح مثل هذه القضايا وسيتم اخراج هذا العمل بشكل مختلف كليا عن الأعمال السابقة .
------------------------------------------------
المصدر : يوسف بن سعيد المنذري - الوطن

مسرحية "ليلة سقوط طيبة" تسقط اسطورة انتيغون على الراهن العربي

"مسرحية "سيلفون" العراقية تتكئ على فيزياء الجسد وترتقي بالقيم الجمالية

ماريو فارغاس يوسا من الرواية إلى المسرح إلى التمثيل

مجلة الفنون المسرحية


 ماريو فارغاس يوسا من الرواية إلى المسرح إلى التمثيل 

عرف ماريو فارغاس يوسا برواياته وقد حقق بفضل إبداعه شعبية واسعة جدا كما حاز جوائز عديدة منها جائزة نوبل للآداب في عام 2010. ولكن قليلين يعرفون أن يوسا كتب مسرحيات أيضا وعددا أقل من الأشخاص يعرفون أنه مثل بعضا من مسرحياته على خشبة المسرح. 
أصدر يوسا أولى مسرحياته في عام 1952 تحت عنوان "الهرب من انكا" غير أن ولادة مسرحيته الثانية تأخرت حتى عام 1981 وجاءت تحت عنوان "السيدة الشابة من تاغنا" ثم انتظر عامين قبل نشر مسرحيته الثالثة في عام 1983 وهي "كاثي وفرس النهر" وأعقبها بالرابعة في عام 1986 تحت عنوان " طائر الشنغا"، ثم وبعد سنوات، وفي عام 1993 نشر "مجنون بحب الشرفات العتيقة"، ثم أصدر "عيون جميلة ورسومات قبيحة" في عام 1996، ثم انتظر عدة أعوام أخرى قبل أن يصدر "اوديوس وبينيلوب" في عام 2007 وبعدها أصدر "على ضفاف نهر التايمز" في عام 2008، و "ألف ليلة وليلة" في عام 2010. 
آخر مسرحياته هي "حكايات الطاعون" وقد صدرت في عام 2014 وهي مأخوذة عن كتاب حكايات قديم يعود تاريخه إلى عام 1350 لمؤلفه جيوفاني بوكاتشيو ويضم 100 حكاية يرويها عشرة أشخاص على مدى 10 أيام بمعدل 10 حكايات يوميا.
يروي الحكايات ثلاثة شبان وسبع فتيات لجأوا إلى حدائق قصر ريفي في فترة انتشار الطاعون ثم راحوا يمضون الوقت بسرد قصص لنسيان المآسي المحيطة بهم. ويحمل الكتاب عنوان ديكاميرون -  كلمة ديكا تعني عشرة وميرون تعني أيام. 
عرضت المسرحية في مدريد خلال الربع الأول من عام 2015 وأدى فيها يوسا دور نبيل من القرن الرابع عشر هو دوق اوغولينو وشهدت نجاحا كبيرا لاسيما لصعود يوسا على خشبة المسرح وهو في الثامنة والسبعين من العمر. 
ويقول يوسا "جاءت مشاركتي في التمثيل باقتراح من المخرج نفسه" ثم وصف التجربة بكونها رائعة وأضاف "عندما تكتب روايات طوال حياتك فإن تجربة قضاء ساعتين يوميا على خشبة المسرح على مدى شهر تقريبا، يعتبر تجربة خيالية رائعة". 
وقال يوسا خلال زيارته الحالية إلى مانيلا "لست ممثلا ولكنني لاحظت أن النقاد أبدوا تجاهي تفهما وكرما واضحين وأنا أتفق معهم على أنني لست بممثل. أنا روائي ولكنني أكتب للمسرح أيضا. وأحب المسرح جدا جدا. أما التمثيل فمجرد تجربة على هامش كل هذه الأعمال". 

موت بائع متجول
تأثر يوسا بعدد من أفضل كتاب المسرح ومنهم تشيخوف وبريخت والإسباني رامون ديل فال إنكلان غير أن أهمهم هو آرثر ميلر. ويقول يوسا إنه تأثر برواية الكاتب الفرنسي غوستاف فلوبير "مدام بوفاري" التي أوحت له بالتوجه نحو فن الرواية، لكن رائعة ميلر "موت بائع متجول" هي التي دفعته للكتابة للمسرح. ويشرح "عندما كنت في الحادية عشرة أو الثانية عشرة من العمر، شاهدت في ليما (بيرو) مسرحية لآرثر ميلر قدمتها فرقة أرجنتينية وكان عنوانها "موت بائع متجول". وقد شعرت بافتتان كبير بهذه المسرحية التي تنتقل فيها القصة من الماضي إلى المستقبل ثم من المستقبل إلى الماضي، وأعجبت بالطريقة التي طرح بها ميلر حيوات أفراد أسرة البائع المتجول الفقير مسرحيا". 
ويقول يوسا إن هذه التجربة هي التي جعلته يكرس بعض وقت لكتابة مسرحية "الهرب من انكا".  
ويضيف "كان يمكن أن أكون كاتب مسرحيات أكثر من أن أكون روائيا. لكن ذلك لم يحدث. وربما كان السبب هو ضعف حضور المسرح في بيرو في تلك الفترة وهو ما دفعني إلى القصة والسرد".

مختلفة تماما
ويرفض يوسا تحويل رواياته إلى مسرحيات رغم الشعبية الواسعة التي حققتها ويقول: "الاختلاف كبير بين القصة والمسرحية، فالمسرح يقوم على الحوار، دون حاجة إلى كثير وصف. أما القصة والرواية فمن المستحيل تخليهما عن الوصف وهو ما يفرض قيودا على الكاتب. وعلى أية حال، يتعلق الأمر بطريقتين مختلفتين لرؤية العالم، وهما لا تنسجمان. وأشير هنا إلى مسألة يلفها الغموض بالنسبة لي ولا يمكنني تفسيرها وهي أنني عندما أعثر على فكرة قصة ما، أعرف في اللحظة نفسها أنها أنسب لرواية أو لمسرحية. ولكنني أحب المسرح إلى حد بعيد وسأواصل تأليف مسرحيات. أما التمثيل فلا.. لن أمثل بعد الآن". 

---------------------------------------------
المصدر :ميسون أبو الحب - ايلاف

الاثنين، 21 نوفمبر 2016

المسرح التونسي : مائة عام من الفن و الفرجة

مجلة الفنون المسرحية

المسرح التونسي : مائة عام من الفن و الفرجة 

تتمثل خصوصية الحركة المسرحية التونسية في عراقتها و في ريادتها في التأسيس و الفعل عربيا و إفريقيا و التي تتواصل على مدى أكثر من قرن من الزمن ، حركة تطورت مع التطورات السياسية و الاجتماعية التي عرفها المجتمع التونسي و مثلت طيلة هذه الفترة دعامة أساسية من دعائم الحركة الفنية و الثقافية في تونس و عنصرا فعالا في محاولات التغيير رغم سعي السلطة في كل الفترات إلى تدجينه و تدجين الفاعلين فيه .
البدايات :
بدأت تونس في التعرف على المسرح الأوروبي خاصة منه الايطالي منذ أوائل القرن 19 حيث تثبت الوثائق التاريخية قدوم فرقة مسرحية ايطالية من البندقية إلى تونس سنة 1826 و تقديم بعض العروض للجالية الايطالية في تونس طيلة موسم كامل .
كما حل بتونس الجوق المصري سنة 1908 بقيادة سليمان قرداحي وقدم بعض العروض في كل من سوسة و صفاقس و العاصمة و القيروان لمسرحيات » صلاح الدين الأيوبي » و » هاملت » و » عطيل » و » هارون الرشيد » و » روميو و جوليات » و إثرها استقر قرداحي بالعاصمة ليقدم عروضه بمسرح روسيني ( سينما البالاص حاليا ) بانتظام كل جمعة و سبت و أحد .
بقدوم قرداحي شاهد الجمهور التونسي لأول مرة تمثيل الرواية العربية على المسرح و التي كان يحضرها الامراء و كبار الموظفين و الأعيان و الأدباء .
ولادة المسرح التونسي :
في الثاني من جوان سنة 1909 صعد مجموعة من الممثلين التونسيين على الركح لأول مرة و هم محمد بورقيبة و محمود بوليمان و احمد بوليمان و الهادي الارناؤوط و محمد بن تركية و محمد الحجام ، و كانوا ينتمون إلى الجوق التونسي المصري الذي تأسس بعد وفاة سليمان قرداحي وقدموا مسرحية » صدق الإخاء » بالاشتراك مع ممثلين مصريين .
و في الثاني و العشرين من سنة 1910 تم تأسيس أول جمعية مسرحية و هي جمعية » الشهامة الأدبية » التي لم تتوفق في تقديم عملها المسرحي الأول لتتأسس في فترة لاحقة جمعية » الآداب العربية » و تقدم مسرحية صلاح الدين الأيوبي يوم 7 افريل 1911 .
و في الجهات تأسست اول فرقة مسرحية في مدينة بنزرت سنة 1923 و هي فرقة » النهضة التمثيلية العربية ، مدنين عرفت المسرح عن طريق » فرقة الشبيبة الورغمية » سنة 1930 ،كما عرفت القيروان تأسيس فرقة الاغالبة من طرف إبراهيم القديدي سنة 1933 ، صفاقس شهدت أيضا ميلاد فرقة » التاج » سنة 1933 و « النجم المسرحي » سنة 1934 و » الهلال الصفاقسي « سنة 1936 ، كما تاسست بالمهدية فرقة » التمثيل » سنة 1922 و » الشباب الناهض « سنة 1931 و » الناشئة الأدبية » سنة 1933 ، سوسة أيضا عرفت » فرقة الجوق التمثيلي الاكودي » 1949 كما انبعثت في المنستير فرقة » المنستيري » سنة 1936 و » جمعية المسرح المنستيري » 1937 ، قابس تكونت فيها فرقة » النهضة التمثيلية » سنة 1936 و في توزر تأسست فرقة » الينبوع » سنة 1937 كما تكونت » فرقة الشباب التمثيلي في قفصة سنة 1937 .
كما تأسست فرق مسرحية أخرى في بعض المناطق و التي ساهمت في نشر الوعي المسرحي و كذلك في إذكاء روح التحرر الوطني و مقاومة الاحتلال بأشكال مختلفة .
أول فرقة مسرحية محترفة في تونس :
تكونت الفرقة البلدية بصفة رسمية بمقتضى قرار بلدي مؤرخ في 25 جانفي 1955 و كلف المسرحي المصري زكي طليمان بتسييرها فنيا في مرحلتها الأولى و أسندت إدارتها إلى محمد عبد العزيز العقربي و هي اول فرقة عاشت تجربة الاحتراف و قع انتقاء نخبة من الممثلين البارزين آنذاك لتأثيث الفرقة و هم الطاهر بالحاج و احمد التريكي و حمدة بالتيجاني و عز الدين السويسي و الهادي السملالي و حمادي الجزيري و الزهرة فايزة كما انضم اليها في فترة لاحقة جميل الجودي و نور الدين القصباوي و رشيد قارة و منى نور الدين و علي بن عياد الذي تولى إدارتها سنة 1963 الذي عرفت الفرقة في عهده تطورا و تغييرا في الأداء و في الإنتاج . ومن الأسماء الأخرى التي أشرفت على إدارة الفرقة نجد محمد كوكة والبشير الدريسي ومنى نورالدين وغيرهم وعلى امتداد مسيرتها قدمت فرقة بلدية تونس للتمثيل عديد الأعمال المسرحية الخالدة: تاجر البندقية، هملت، عطيل، أنطيقون، الماريشال، ثورة صاحب الحمار، مراد الثالث، كاليغولا..
أول مدرسة لتمثيل في تونس :
في فيفري 1955 تأسست مدرسة التمثيل العربي كمدرسة مستقلة تتحصل على منحة سنوية من ادارة العلوم و المعارف ثم من كتابة الدولة للتربية القومية و تعطي دروسا ليلية ، و قد تخرج منها عدد هام من الممثلين و الممثلات .
و في أكتوبر 1959 تم تأميم مدرسة التمثيل العربي و أصبحت فرعا من المعهد القومي للتمثيل و الرقص و الموسيقى تعطي دروسا يومية كغيرها من المدارس العمومية و منها تخرج المرشدون المسرحيون من حاملي شهادة الفن المسرحي الذين تم توزيعهم على ولايات الجمهورية لتسيير الفرق المسرحية المدرسية و تنشيط الحركة المسرحية داخل الولايات .
في أكتوبر 1965 تحولت مدرسة التمثيل العربي الى مركز للفن المسرحي تابع لمصلحة المسرح و تنقسم المواد التي يتلقاها الطلبة الى قسم نظري و قسم تطبيقي .
و في أكتوبر 1982 تحول المركز إلى معهد عال للفن المسرحي تحت إشراف مزدوج لكل من وزارة الثقافة و وزارة التعليم العالي يستقبل حاملي شهادة الباكالوريا تستغرق فيه الدراسة أربع سنوات ، و إضافة إلى التكوين الأساسي يضطلع المعهد بالتكوين المستمر لإطارات المسرح المباشرين كما يساهم في النهوض بالبحث التطبيقي في مجالات التكوين و التنشيط و الوسائل التربوية المسرحية .
في أكتوبر 1998 تحولت المؤسسة إلى وزارة التعليم العالي لتمثل مخبرا هاما لتجارب مسرحية كثيرة قام بها الطلبة بتاطير من الأساتذة و بمشاركة حرفيين كثيرين .
مسرح الدولة الحديثة :
مع دولة الاستقلال اتخذ المسرح موقعا هاما في المشهد الثقافي مواصلا بذلك مسارا مختلفا عما كان في الفترة السابقة سواء من خلال المسرح الهاوي أو من خلال المسرح المحترف في الفرق العمومية في العاصمة و الجهات أو من خلال المسرح الخاص الذي مثل نقلة نوعية للمسرح التونسي بواسطة نخبة من الفنانين سواء منهم من تكونوا في المدرسة التونسية أو من تلقوا تكوينا في الخارج و جاؤوا محملين بأفكار و معارف جديدة و برؤى مختلفة لفن المسرح .
و إلى جانب الفرقة البلدية بالعاصمة تكونت عدة فرق محترفة بصفاقس و الكاف و سوسة و القيروان و قفصة و نابل و المهدية و زغوان و بنزرت و هو ما مثل نقلة في مستوى الإنتاج المسرحي من حيث الكم و الكيف و جعله يتماشى مع الواقع التونسي و قدمت انتاجات عديدة متفاوتة المستوى و ساهمت بدرجة كبيرة في إثراء المشهد المسرحي و تكوين جمهور متابع للحركة المسرحية ، و في سنوات التسعينات تحولت الفرق الجهوية الى مراكز للفنون الركحية و الدرامية في كل من الكاف و قفصة و صفاقس و مدنين و القيروان لمزيد استقطاب المسرحيين المحترفين و تمكينهم من آلية العمل و الإنتاج .
كما يعد انبعاث المسرح الوطني التونسي سنة 1984 مرحلة هامة من مراحل تاريخ المسرح التونسي العمومي فبعد اعتماد اللامركزية توجه الاهتمام إلى خلق إطار عمومي مركزي بطموحات اكبر و إمكانيات أهم خاصة بعد تعثّر الكثير من الفرق المسرحيّة التونسيّة، وتراجع إنتاجها، وكان الهدف من بعثه تطوير الخطاب المسرحيّ في تونس وفتحه على آفاق تعبيريّة وفنيّة جديد ة .
مسرح الدولة الحديثة كانت مساهمته جادة في بناء دولة ما بعد الاستقلال و في محاولة تثقيف و تطوير المجتمع ، كما اسس هذا المسرح لوجود قاعدة جماهيرية متابعة للشأن المسرحي خاصة في المناطق الداخلية كما مثل ايضا في بعض الاحيان » العين الناقدة » للواقع و للسلطة التي التجأت في بعض الفترات الى الرقاية الصنصرة .
من العمومي إلى الخاص :
بولادة جيل جديد من المسرحيين في أواخر ستينات و أوائل سبعينات القرن الماضي ، جيل له معارف و رؤى جديدة للمسرح و للثقافة بصفة عامة و للواقع السياسي و الاجتماعي كان لا بد من اتخاذ سبل و طرق جديدة للفعل المسرحي حيث مثل تأسيس فرقة المسرح الجديد سنة 1975 نقلة نوعية و مرحلة جديدة في تاريخ المسرح التونسي ، حيقا قدمت مجموعة من المسرحيين الشبان تتكون أساسا من الفاضل الجعايبي و محمد إدريس و جليلة بكار و الفاضل الجزيري و الحبيب المسروقي على الشروع في العمل وفق مقاييس جديدة و تنظير جديد للخطاب المسرحي و آلياته و للعلاقة التي تربط المنتج بالدولة و أنتجوا أعمالا مثلت نقلة فنية فارقة في الخطاب المسرحي في تونس .
بعد المسرح الجديد عرف نسق ظهور هياكل الإنتاج المسرحي الخاصة حيوية كبيرة حيث تكونت الفضاءات الخاصة و شركات الإنتاج الخاصة و هي الآن بالعشرات إلا أن الإمكانيات المحدودة لهذه الهياكل و انعدام فضاءات التمارين و التوزيع الخاصة جعل أعمالها متفاوتة و بقيت في اغلبها مرتهنة لدعم الدولة الذي لم يرقى رغم أهميته لإنتاج أعمال ضخمة و ذات قيمة فنية عالية لأغلب هذه الهياكل .
أيام قرطاج المسرحية :
تبلغ أيام قرطاج المسرحية هذه السنة دورتها الثامنة عشر و هي أهم تظاهرة مسرحية في تونس ، حيث تأسست سنة 1983 كمهرجان دولي يقام كل سنتين على غرار أيام قرطاج السينمائية يساعد على تطويرالفنون المسرحية العربية و الافريقية و ذلك باستجلاب العروض التي تمثل نسق تطور بلدانها و تعبر عن واقعها الفني و الثقافي و الاجتماعي ، كما يدعم المهرجان التجارب الرائدة و البحوث المتقدمة في مجال المسرح مع إذكاء روح التنافس بين المسرحيين العرب و الأفارقة .
و كان المهرجان يقوم على مسابقة رسمية تمنح ضمنها جوائز إضافة إلى العروض الموازية و الندوات المختصة التي تهتم بالراهن المسرحي و الدورات التدريبية و الفقرات التنشيطية المتنوعة إلى جانب تكريم المبدعين المسرحيين التونسيين و الأجانب .
و في فترة لاحقة تم الاستغناء عن الجوائز على اعتبار أن التظاهرة هي بالدرجة الأولى فرصة لاتقاء الفنانين و عرض تجاربهم خارج اطر المنافسات و قد تحولت منذ الدورة الفارطة إلى موعد سنوي عوض تنظيمها كل سنتين .
هل استفاد المسرح التونسي من الثورة :
على أهميته و جديته و ريادته خاصة في المنطقة العربية كان المشهد المسرحي يرزخ تحت وطأة السلطة قبل 14 جانفي ، التي تتحكم فيه و تحاول تطويعه من خلال مسألة الدعم العمومي أو من خلال سلطة الرقابة و مع ذلك كان المسرح التونسي في جزء منه يستشرف الواقع و يحاول طرح القضايا الأساسية و الهامة و ثوريا في طرحه و في آليات بحثه .
و لعل طفرة الحرية التي ظفر بها بعد الثورة مازال الوقت لا يسمح بتقييمها لان الفن الحقيقي على اهمية علاقته بالواقع لا بد له من بعض الوقت لتقييم الواقع و جعله مادة فنية عميقة خارج نسق الاثارة و » الانتهازية » الفنية .

---------------------------------------------
المصدر : محمد سفينة -  مجلة الحياة الثقافية

بعد 33 سنة من عمر أيام قرطاج المسرحية: أحلام المهرجان تكبر... التحديات تزداد ... والقاعات تندثر

مجلة الفنون المسرحية


بعد 33 سنة من عمر أيام قرطاج المسرحية:  أحلام المهرجان تكبر... التحديات تزداد ... والقاعات تندثر

ليلى بورقعة

في سنة 1983 بُعث للوجود مهرجان أيام قرطاج المسرحية ليكون شاهدا على العصر ومرآة عاكسة لعطاء أجيال وأجيال من المسرحيين وملتقى للمسارح العربية والإفريقية... وبعد 33 سنة من التأسيس والإبداع، يطمح هذا المهرجان في دورته 18 إلى تأكيد التزامه بالتنوع الثقافي

والمزج بين مختلف الخصوصيات الفنية للمسرح العربي والإفريقي من خلال رؤية واضحة للإبداع المسرحي المعاصر في العالم العربي وإفريقيا...ومن سنة إلى أخرى يكبر الحلم وينمو طموح الأيّام مقابل تفاقم أزمة القاعات وفضاءات العرض من سنة إلى أخرى ...

على امتداد أكثر من مائة سنة تراكمت خبرات المسرح التونسي ونضجت تجاربه ...حتى صار له شأن وباع على ركح الفن الرابع في تونس وخارجها خصوصا وأن هذا الطموح إلى التميز والنجاح رافقه بعث مهرجان تونسي مختّص في أب الفنون، فكان مهرجان أيام قرطاج المسرحية بما هو موعد هام منتظم الدورات عنوانا بارزا للإشعاع في سماء المسرح العربي والإفريقي ...

مسرحيات بمعدّل عرضين اثنين لاحتواء أزمة القاعات
بعد أن أصبح موعدا سنويا قارا بعد أن كان ينتظم كل سنتين بالتداول مع أيام قرطاج السينمائية، فإن رهانات مهرجان أيام قرطاج المسرحية تزايدت وتحدياته تعاظمت ... مقابل الإصرار على الظهور البارز والحضور اللافت وجذب الاهتمام بالرغم من منافسة مهرجانات مسرحية عربية تفوق مهرجان تونس للمسرح ميزانية ووسائل تقنية...

ولعل من أهم الصعوبات التي تواجه مهرجان أيام قرطاج المسرحية وأيضا مهرجان أيام قرطاج السينمائية وشتى التظاهرات الكبرى هي أزمة القاعات وشح فضاءات العرض التي تتفاقم من سنة إلى أخرى حيث لم تنفع «الرُقيّة» الوقتية في تهيئة القاعات ظرفيا حسب المناسبات في حل معضلة الفقر المدقع في الفضاءات...

الدورة 18 من أيام قرطاج المسرحية حاولت تلافي هذا الإشكال وتجنب الفوضى والتدافع العنيف للدخول إلى قاعات العرض بتأمين عرضين اثنين لجلّ المسرحيات التونسية والأجنبية المبرمجة في الأيام. وأن تتضمن الدورة 18 مشاركة 62 عملا مسرحيا : 18 تونسيا و17 عربيا و10عروض إفريقية و17 أجنبيا، فإن عدد العروض المبرمجة هو 96 عرضا أي مع تكرار جل المسرحيات لمرتين ليتوزع عدد العروض المسرحية كما يلي : 31 تونسيا و21 عربيا و18 إفريقيا و26 أجنبيا .

مدينة الثقافة : الحلّ أم المشكل؟

ربما من المشروع اعتبار أن الخاسر الأكبر من غلق المسرح البلدي للصيانة والترميم هو مهرجان أيام قرطاج المسرحية باعتبار أنه الفضاء الأكبر مساحة والأنسب من ناحية التقنية لاحتضان عروض الفن الرابع. ولهذا سعت بوصلة المهرجان الى البحث عن حل بديل للفضاء الأثير لديها لتقديم إبداعات الفن الرابع ، فلم يكن من مجال سوى تكرار العروض لمرتين حتى لا تهضم حقوق ضعاف البنية الجسدية أو المترفعين عن كر وفر التدافع بالمناكب والأطراف في مواكبة مسرحيات الأيام . وما بين فضاءات الريو والفن الرابع والكوليزي والمونديال والحمراء والتياترو والمدار وابن رشيق ومركز فن العرائس وفضاء كارمن والمعهد العالي للفن المسرحي ... تتوزع عروض الفن الرابع ضمن فعاليات مهرجان أيام قرطاج المسرحية في العاصمة. ولا شك أن المشكل أعمق والإشكال أكبر في الجهات والمعتمديات التي تفتقر إلى الفضاءات الثقافية المتوفرة على أبسط التجهيزات والتقنيات... !

وأمام أزمة الفضاءات ومشكلة النقص في القاعات القديمة الجديدة، المتزايدة في الاستفحال والخطورة يفرض ملف مشروع مدينة الثقافة نفسه في تساؤل ملّح ككل مرة: متى تنتهي الأشغال وتجهز المسارح والمكتبات وقاعات السينما فيكون الخلاص لحلم طموح في الإبداع لكنه يختنق بضيق المكان وانسداد الفضاء؟

-------------------------------------------------
المصدر : المغرب

زنزانة تتحول إلى ورشة للفن الدرامي في مسرحية 'التمثيل'

مجلة الفنون المسرحية

زنزانة تتحول إلى ورشة للفن الدرامي في مسرحية 'التمثيل'
أبو بكر العيادي

كيف يمكن أن نجعل من سجين لم يمارس التمثيل قط ممثلا كفؤا؟ وكيف يمكن لممثل قاتل أن ينهض بالمهمة؟ وكيف يمكن أن يتم ذلك داخل زنزانة تضمّ ثلاثة مساجين يعانون ما يعاني أمثالهم في مثل تلك الظروف التي تفقد الإنسان إنسانيته، فضلا عن ولعه بالفنّ؟ إمكانات مثلت المحاور الرئيسية لعمل مسرحي خارج عن المألوف عنوانه “تمثيل”، يلقى الإقبال الواسع حاليا في مسرح “بوف باريزيان” بباريس.

“تمثيل” التي تعرض حاليا في مسرح “بوف باريزيان” الباريسي، هي مسرحية صاغها وأخرجها غزافييه دورانجيه، صاحب الإنتاج الغزير والمتنوع، إذ جمع بين التأليف (أكثر من عشرين مسرحية) والإخراج المسرحي (خمس مسرحيات) والإخراج السينمائي (أربعة أفلام طويلة) والتلفزيوني (ثمانية أشرطة ومسلسلان)، فضلا عن كتابة السيناريو والفيديو كليب (آخره لمطرب فرنسا الأول جوني هاليداي).

في زنزانة لا يؤثث فضاءها غير طاولة من الفورميكا وأسرّة حديدية منضّدة وركن لقضاء الحاجة، كانت الحياة مرتبة على نحو ما بين جيبيتو، محتسب متحيّل حكم عليه من أجل التدليس، وهوراس، وهو رجل أخرس لا ينطق بحرف ولا يجيد غير الطبخ، حين التحق بهما سجين ثالث يدعى روبير، استرابا منه أول الأمر، فالقادم إلى ذلك المكان المغلق، قد يكون دخيلا يستولي على الفضاء الخاص، ماديا وذهنيا، وقد يكون، بالعكس، ذلك الذي سوف نحيا من خلال نظرته بشكل أفضل.

اكتشفا أنه ممثل ومخرج حكم عليه بالسجن ثمانية عشر عاما لارتكابه جريمة قتل، ووجد جيبيتو في ذلك فرصة لتحقيق حلم طالما راوده: أن يصير ممثلا، فطلب من روبير أن يعلمه أسرار المهنة، وهو مقتنع بأنه قادر على بلوغ غايته. فكيف يمكن أن يتحقق ذلك والرجلان يختلفان في تحديد مهنة التمثيل، فجيبيتو لا يعرف سوى الثقافة الشعبية الرائجة، ولا يفكر إلاّ في منظومة النجومية وأبطال “لبلاكبوستر” الأميركية كآل باتشينو وجورج كلوني، فيما روبير ذو ثقافة راقية اعتاد معاشرة أعمال شكسبير وتشيخوف وستانيسليفسكي وأورسن ويلز.

وبعد أن استهان روبير بقدرات جيبيتو وحتى هيئته وطاقاته الجسدية، إذ قال له صراحة “ينقصك كل شيء، أنت لا تملك أي شيء”، فرد عليه جيبيتو “علمني إذن كيف أصبح ممثلا”، قبل الرهان، وقرّ منه العزم على أن يجعل من رفيق زنزانته أكبر ممثل في العالم.

وما أسرع ما تحولت الزنزانة إلى ورشة للفن الدرامي، بين رجل ميدان يلقي دروسا درامية، وتلميذ ليس له من مؤهلات الفن غير رغبة جامحة في التمرس بالتمثيل، وبينما كان جيبيتو يشرب كلام أستاذه شربا وينام وفي يده هاملت، ينبري روبير لتعداد مساوئ أهل الفن كالنرجسية وتضخم الذات، وضعف الذاكرة لدى عدد منهم، وغياب الموهبة، إضافة إلى قلة شجاعة المنتجين وضحالة ما يقدمه التلفزيون.

المسرحية نجحت في إقامة توازن بين عناصر جعلت للضحك وأخرى تؤكد عمق الرهانات الفنية دون أن يطغى أحدها على الآخر.
وبين لحظات يأس وأزمات من بكاء أو ضحك أو أرق، ينمو الحوار بين الرجلين في تناوب بين المفاهيم والتمارين الأساسية التي يقوم عليها التمثيل، وتحوم أغلبها حول الذاكرة الحسية ومخارج الحروف وقابلية تقمص عدة أدوار، قبل المرور إلى إحدى مسرحيات شكسبير، “هاملت”، والوصول إلى مشهدها المركزي “نكون أو لا نكون”، وهو سؤال جوهري يضع ضرورة التمثيل في صلب الحياة نفسها.

وتتوالى التدريبات لتثري معيش جيبيتو اليومي كسجين خلف قضبان، فيبحث في أعماق ذاته عن حقيقة نصّ ما، ويروّض ذاكرته، وذاكرته الحسية، إلى أن يصير قادرا على قراءة هاملت، عاريا تحت مشمل أحمر.

ومسار تحول جيبيتو، كما شاء له روبير، كان تصعيدا دراميا قويا، أمكن للممثل كاد مراد (واسمه الحقيقي قدور مراد وهو ممثل ومخرج سينمائي من أصل جزائري) عن طريقه أن يكشف عن روحه المرحة التي اشتهر بها في أفلامه، عبر مواقف مسلّية نستشف من خلالها إنسانية الشخصية التي يتقمصها، فيتحول المتفرج من الكوميديا إلى الضحك قبل أن يلج التراجيديا، وحول هذا المراس تنشأ العلاقة بين رجلين يختلفان في كل شيء: الأصول، ومسيرة الحياة، والثقافة، وتصورهما لمفهوم التمثيل.

نجحت المسرحية في إقامة توازن بين عناصر جعلت للضحك وأخرى تؤكد عمق الرهانات المطروحة فنيا، دون أن يطغى أحدها على الآخر، مثلما أبدع نيلس أريستروب في دور الممثل المولع بمهنة يعرف خباياها وسلبياتها، وكذلك كاد مراد في تقمص دور الرجل البسيط التائق إلى غاية لا يملك أسباب تحقيقها، فيما ظل باتريك بوسّو، نجم الـ”وان مان شو” في حياته الفنية ملغزا في صمته ليضفي على المسرحية جانبها القاتم، وبذلك وضع المتفرج أمام نبرتين مختلفتين: الكوميديا والتراجيديا، عبر شخصيتين لا يجمعهما أي شيء.

والمسرحية في النهاية هي دعوة إلى التفكّر في مفهوم المسرح ومهنة التمثيل، من جهة الأستاذ حينا، ومن جهة التلميذ حينا آخر، فكلاهما ينظر إلى المسألة من زاوية معينة.

وهذه الزنزانة التي تحولت إلى مسرح، هل هي كناية على أن المسرح فرصة أمام الإنسان كي يهرب من وضعه ليحلق في عوالم أخرى، أم هو في وجه من الوجوه زنزانة استعارية ينغلق الإنسان داخلها ليوهم نفسه، ولو لزمن محدود، بأنه تجاوز مشاكله الراهنة؟

-------------------------------------------
المصدر : جريدة العرب 
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption