"مسرحية "سيلفون" العراقية تتكئ على فيزياء الجسد وترتقي بالقيم الجمالية
مجلة الفنون المسرحية
"مسرحية "سيلفون" العراقية تتكئ على فيزياء الجسد وترتقي بالقيم الجمالية
"مسرحية "سيلفون" العراقية تتكئ على فيزياء الجسد وترتقي بالقيم الجمالية
اتكأت المسرحية العراقية "سيلفون" تأليف واخراج محمد مؤيد، التي عرضت مساء امس الاحد على المسرح الرئيس بالمركز الثقافي الملكي، على تقنية فيزياء الجسد في المسرح من خلال التعبير الادائي، وارتقت بالقيم الجمالية التي توجتها عناصر السينوغرافيا بإتقان.
كشفت ستارة العرض المسرحي الذي وافق مدرسة ما بعد الحداثة في المسرح، واتخذ الوعي بالجسد منبعا للإيقاع بالاستناد الى الموسيقا والحركة لتحقيق تعبيرات الجسد الادائية الدلالية والتعبيرية، في استهلاله، عن 8 اجساد لشخصيات المسرحية مغلفة بالكامل بورق القصدير ومتموضعة وقوفا كأنها تماثيل في منتصف الخشبة وموزعة بشكل منتظم، بمصاحبة موسيقا غرائبية، ما تلبث ان تلتحق بها وقوفا في عمق الخشبة شخصيتا فتاتين بزييهما الابيض، ثم تنزع الشخصيات الثماني ورق القصدير وتباشر الاداء الحركي التعبيري والدلالي.
العرض المسرحي الذي اختزل من خلال لوحاته الادائية والتكوينات البصرية المختلفة بحضور الاضاءة عنصرا رئيسا محوريا، والمؤثرات المصاحبة (صوتية وموسيقية) كل المعاناة العراقية من حروب واعتقالات وتعذيب واعدامات وتفجيرات ارهابية، اقتصر فيه حضور النص المنطوق على بعض المؤثرات الصوتية الانسانية المستمدة من تسجيلات حقيقة لعذابات امهات ونساء فقدن ذويهن، في الوقت الذي حضر فيه النص غير المنطوق الذي كان محور العرض كلغة علاماتية من خلال لغة الجسد تعبيرا وحركة علاوة على الاضاءة المتميزة، وقطعة ديكور (منصة مرتفعة) واكسسوارات، التي صاغت مع لغة الجسد نصها الخاص المحمل بمختلف الدلالات.
وفق المخرج مؤيد الذي امتلك فكر خلق تكوينات وصناعة جسد الممثل في الفضاء، بتوظيف جسد الممثل كعلامة بصرية وسيكولوجية من خلال عكس انفعالات الشخصية/الشخصيات، وانثربولوجية بوصفها تتبع نسقا ثقافيا لبنية طقسية، والتي اندغمت وتناغمت مع عناصر السينوغرافيا الاخرى وخصوصا الاضاءة التي ابتدعها السنوغراف بشار عصام بتميز.
وفق المخرج في العرض المسرحي الذي جاء ضمن مهرجان الاردن المسرحي في دورته الــ23، بتحقيق مستوى ادائي رفيع للشخصيات من خلال قدرة جسد الممثل على الانتقال والتلون واستنطاق ادوات المنظومة الادائية وفقا للفكر الإخراجي بين لغة حركية دلالية وتعبيرية وبين نسق التشكيل وبناء صورة في الفضاء المسرحي.
وشارك في اداء ادوار الشخصيات الادائية: كاترين هواش وصدام خلف وسلام محمد ومحمد جزل وعماد سمعان ومحمود مشيهل وعمار هادي وشهد العبيدي.
وكانت عرضت المسرحية العمانية "خيوط من احلام" إخراج وليد البادي وتأليف وفاء الشامسي مساء اول امس السبت على المسرح الدائري بالمركز.
العرض المسرحي "خيوط من احلام" الذي لامس العروض الطقسية واقترب من الرمزية، أعلن عن نفسه منذ البدء انه حلم ولاسيما ان المشهد الاستهلالي يطل علينا بالشخصيات وهي نائمة، هو حلم او لربما شذرات من احلام، وما يعزز انه حلم او احلام، ليس العنوان والاستهلال فحسب، بل ورود عبارة "حلم" في النص المنطوق بوضوح 8 مرات ومشهد الشحاذ الرابع /لاعب الاكروبات حين يتهيأ له انه يرى امه، وهو الذي قال انه نشأ على الرصيف بلا رعاية ام.
العرض المسرحي المتشح بالكوميديا الخفيفة مع جرعات من الالم، يتحدث عن 5 شخصيات لشحاذين يجمعهم مكب للقمامة والنفايات ويمثل لهم الملجأ الامن الذي يعيشون ويفرحون ويحلمون فيه، ومن ثم يقتحم حياتهم رجل ابيض الشعر شخصية "سمحون".
تداعيات مآس ومعاناة وحكايات فشل واقصاء، في العرض الذي جاء محملا برمزية عالية، اوصلت الشخصيات الخمس إلى موقع النفايات، إذ بينها مشروع الكاتب والطبال اللذين لم يحققا حلمهما في الابداع الكتابي والموسيقي، ولاعب السيرك الذي تخلت والدته عنه رضيعا، ورجل الاعمال الذي خسر كل ثروته، فيما الخامس كان سليل اسرة فقيرة، وجدوا في مكب النفايات مأوى ومكانا للعب ومصدرا للمتعة ومنهلا للحلم، لغاية حضور شخصية سمحون التي سعت لاستغلالهم من خلال مراودة احلامهم، وذلك لحياكة ثوب سحري يحقق أحلاما، ما لبث ان كشف عن وجهه الحقيقي بانه ساحر شرير.
ورغم غياب مخارج الحروف وعدم القدرة على التحكم بالانتقال من منطقة صوتية الى اخرى لدى بعض الممثلين، الا ان النص المنطوق جاء ثريا بالمحمولات والمضامين الرمزية وحضور الوطن ومنها "رسالة الشاب المهاجر عن وطن امه"، حيث تحضر ثنائية الوطن والام، وجملة "شارع مزدحم بالصمت والبرد" بما تحمل من اسقاطات على مجتمعاتنا العربية التي اخذتها الثقافة الاستهلاكية بعيدا عن قيمها وروحها الحية، و" للظلمة وجهان، ظلمة النور وظلمة الجوع"، في الوقت الذي لم يتم فيه توظيف قطع الديكور بالشكل المطلوب وبقيت جامدة في مكانها الا ان الجهد الجماعي المكلل بالحب للفريق كان واضحا وتجلى في لحظات الفرح والغناء الذي نهل من الموروث العماني والثقافة الصوفية التي اعلنت عن نفسها بالمؤثر الموسيقي الاستهلالي.
وشارك في العرض عبدالرحمن الزيدي ومحمد النعيمي وسالم النعيمي وعمير البلوشي وهزاع العيساني وحمد النعيمي.
كما عرضت مساء اول امس مسرحية "ظلال انثى" من إخراج إياد شطناوي، على المسرح الرئيس بالمركز، وتحدثت عن قضايا تمس المرأة جسدتها 3 شخصيات أدى دورهن باقتدار الفنانات مرام ابو الهيجاء، واريج الجبور، واريج دبابنة، رغم أن الاداء الحركي لم يكن موفقا ومحملا بصورة بصرية دلالية وتعبيرية.
العرض المسرحي الذي اتكأ على اداء الممثل والاضاءة التي صممها محمد المراشدة، طرح 3 حكايات تعبر عن اضطهاد الرجل للمرأة وانتهاكه لحقوقها.
------------------------------------------------------
المصدر : مجدي التل - بترا
0 التعليقات:
إرسال تعليق