أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 5 فبراير 2017

اشكاليات مسرحنا العراقي المعاصر

مجلة الفنون المسرحية

اشكاليات مسرحنا العراقي المعاصر

وليد خالد احمد 

مجموعة اشكاليات يعاني منها مسرحنا العربي اليوم، تتركز في: مسؤوليته كرسالة سياسية/ اجتماعية، وثوريته في استلهام التراث، وبالتالي فان هاتين الاشكاليتين تتركز اساساً في وجود النص المسرحي المبدع (المفقود) والقادر على ايصال الرسالة المسرحية الى الجمهور المنتمي الى كل الطبقات الاجتماعية.
فاشكاليات مسرحنا العراقي تتمثل في كونه لم يصل بعد الى ان يكون عليه المسرح الاحترافي، حيث مازال غير منظم ولا تحكمه أية قوانين او اسس او تخطيط، كما ان ثمة هم يواجه ويحد من دوره يتمثل في الخوف من الكلمة الصادقة التي تكشف وتعري ولا تجامل ولا تداهن.
ان المسرح في عراقنا يحتاج الى مناخ من الحرية والى الاجواء التي يستطيع ان يتنفس فيها حتى يكون مسرحاً ايجابياً. وأنا هنا لا اتحدث عن المسرح الغوغائي والفوضوي والتهريجي الذي يلوح بالشعارات السياسية الجوفاء، ويحرض لمجرد التحريض، وانما عن المسرح الملتزم الهادف، المسرح الذي يعرف جيداً رسالته وينطلق من واقع مدرك لحقيقة الدور الذي ينبغي ان يقوم به. والمتمثل في توعية الجماهير وتوصيل الافكار الثورية الملتزمة عن طريق مخاطبة عقل المتلقي بكل طبقاته، وفضح الانظمة المضطهدة للانسان وقيمه التاريخية والتي تعمل على استلابه وضياع حريته بطرق تعسفية لا انسانية، وبالتالي حث هذه العقول المتلقية للتفكير من اجل اتخاذ موقف من المطروح والعمل على تغييره نحو الافضل.
من هنا يستوجب على مسرحنا اليوم ان يواكب كل التطورات والتغيرات التي تطرأ على الواقعين السياسي والاجتماعي في عراقنا ليكون واجهة من واجهات نضاله الوطني اليومي.. وانه يستوجب على المسرحيين العراقيين العمل الدؤوب والنضال المستمر للحصول على المزيد ولو جزئياً من حرية التعبير المفقودة التي اصبحت اكثر بكثير من المعوقات التي حدث من انطلاقته في عرض جوانب حياتنا السياسية/ الاجتماعية، ايجابية كانت ام سلبية، ليتمكنوا من بناء مسرح تتسع افاقه للنقد وان لا يضيق صدرنا به، لأن مهمة المسرح يجب ان تتمثل في النقد، والمسرح الذي يكون المجتمع/ الشعب اهم مجالاته ولا يؤدي هذه الرسالة، مسرح عديم الفائدة. هو الامر الذي اعتبر فيه المسرح اكبر الواجهات المهيأة لذلك.
*اشكالية الكتابة للمسرح
ان هذه الاشكالية تتفرع الى مجموعة من الفروع المتقاربة والمتباعدة. فالكتابة للمسرح يفترض فيها حد ادنى من السيطرة على تقنية الكتابة المسرحية، كما تفترض معرفة بتاريخ المسرح ومدارسه واتجاهاته.
فالكاتب المسرحي العراقي يسير على نهج المسرح الغربي ويتأثر بطرائقه وفنونه ومذاهبه وتياراته، فمنهم من تأثر بالرومانسية او الواقعية او الرمزية او اللامعقول، ولا نستبعد ان نجد منهم من تأثر بشعراء اليونان او شكسبير او تشيخوف او آبسن.. وقد تجتمع في كاتب واحد عدة تأثيرات لعدة كتّاب وتيارات، فمثلاً بعضهم اخذه التصنيف مثل المسرح السياسي الوثائقي البريختي العبثي.
وخطورة الامر تكمن، ان هذا التراث العالمي صب دفعة واحدة دون ان يستند الكاتب العراقي الى تراث مسرحي عربي يعينه على التمييز والتقييم، لذا يسهل على النقاد المسرحيين ان يتبنوا في الكاتب المسرحي تأثيره بتلك المسرحية او بذاك المذهب. ولا ينتبه الكاتب العراقي الذي يعتمد على عدد من البنى الفنية والاشكال المسرحية، لا ينتبه انه يضيع خصوصيته، عدا ان تلك الاشكال الغريبة تنتمي الى مراحل زمنية وظروف حضارية متعددة ومتغايرة.. لذا، قد نلاحظ في بعض المسرحيات ان التأثر بالشكل الغربي، وان حمل مضموناً عربياً، قد ادى الى انفصام العلاقة بين الشكل والمضمون، مما جعلنا نرى او نلحظ خلطاً كبيراً على مسارحنا.
فمن ابرز عيوب التقليد للشكل الغربي، انه جعل بين مسرحياتنا الدرامية وشخصياتنا المسرحية لا تسير في مسار خاص بها رغم انها من واقعنا المحلي، وتحمل اسماء عراقية / عربية، فهناك بطبيعة الحال اختلاف في الرؤية بين الكاتب المسرحي العراقي وقرينه الغربي، نظراً لاختلاف ظروف الواقع الاقتصادي والاجتماعي في كل بلد، ونظراً لتنوع مصادر التأثير الغربي، مما يدفع الادب العراقي / العربي للانتقال من تغيير الى تغيير بشكل مستمر.
لكن ذلك لم يمنع وجود تيارات جديدة للكتابة المسرحية في عراقنا تحاول باخلاص البحث عن اشكالنا التراثية، كمحاولة جادة لتأصيل مسرح عراقي.
* اشكالية النص المسرحي
اما بخصوص النص المسرحي المبدع، فأن المسرح العراقي عاش لفترة طويلة على الترجمة والاقتباس منذ ان ترجمت اول مسرحية لموليير، وفيما بعد اتجه الى التراث.
يجب ان نعترف اننا ترجمنا واقتبسنا الكثير، ومازلنا للاسف، وقد آن لنا ان نعطي، واعتقد انه بأمكان المسرحي العراقي الآن ان يقدم اعمالاً جيدة. صحيح نحن في حاجة الى نصوص مسرحية جيدة، لكن ينبغي الا ننسى ان المسرح العالمي يعاني من ازمة نصوص في بلدان غربية لها تقاليد في المسرح. واني اعتقد ان ازمتنا المسرحية ليست بالدرجة الاولى ازمة نصوص وانما الكلمة الحرة التي لا يمكن لمسرحنا التطور الا في مناخها الحر.
ان الحل الانسب لمعالجة هذه الازمة وللنهوض بالحركة المسرحية، هو ان يتم اولاً رد الاعتبار للعمل المسرحي واعتباره رسمياً من اهم المجالات التي تكوّن الشعب. وان يعلم الجميع ان مسيرة التنمية الاقتصادية لا يمكن ان تتم الا بمؤازرة التنمية الفكرية والفنية، وهو الامر الذي يعتبر المسرح اكبر الواجهات المهيأة لذلك. ثم لابد من التفكير بحرية واتزان في وضعية المبدع المسرحي اانطلاقاً من المؤلف ثم المخرج ثم الممثل ثم التقنيين.
فلا يمكن بأي حال من الاحوال ان نطالب هذا المبدع بنهضة مسرحية دون ان نؤمن له مستوى الحياة اللازمة وكل الضمانات الضرورية للاطمئنان على مستقبله، وكل هذا يتطلب العديد من العزائم القوية والنيات الحسنة حتى يمكن للمسرح ان يؤدي وظيفته الاجتماعية والتربوية والتكوينية التي خلق لها اصلاً.
* الرقابة الذاتية على النص المسرحي.
الكاتب المسرحي في هذه الاشكالية محاصر بمجموعة من المقاييس الاخلاقية والفنية التي تقيد حريته. وتتفرغ الرقابة الذاتية لتصبح رقابة اخلاقية من جانب آخر، فهذه الرقابة تسلط على الكاتب المسرحي من خارج العملية الابداعية باعتبار
ان النص موجه الى مجموعة من المتفرجين لهم قيم ومستويات اخلاقية وحضارية تشمل الدين والجنس والسياسة وهذه تختلف عن الرقابة الرسمية التي تحمل صفة الزجر، تعتمد على اجراء وقائي. اما الرقابة الفنية، فهي تنبع من الفن ذاته، ومعروف لدينا ان لكل منا حدوده وقوانينه التي تبرر المعاناة وتضبط مقاييس الجودة وتحدد ثقافة الكاتب ومستوى هذه الرقابة.
* اشكالية اللغة
وهي من اخطر الاشكاليات في المسرح العراقي. واللغة الفصحى هي المظهر الوطني القومي الاول، فالمسرح له نحوه وقواعده وله لغة فيها رموز واصطلاحات، وهذا ما يجعله مختلفاً عن مجال الادب، بل تتميز عنه، الا ان تأرجح اداء بعض الممثلين العراقيين بين الفصحى والعامية، ابرز عقبة اللهجة العامية المحلية المسيطرة على لغتهم الفصحى، فانه على الرغم من استعمال الكاتب المسرحي لغة عربية حاول تبسيطها في المسرحية العصرية الى اقصى حدود التبسيط، الا ان الممثل فوق خشبة المسرح لا يمكن ان يندمج تماماً في شخصية عصرية عادية باستعمال الاعراب واسماء الاشارة والاسماء الموصولة التي نراعيها عند الكتابة، وكذلك فأن النص المسرحي عملية اختزال للواقع نستقي منه مواضيعه بشكل مكثف، اي اعادة خلق الواقع لا وصفه وصولاً لنفهم قوانين الواقع بغية تغييره بحرية ومسؤولية. فللنص سيادة تفرض نفسها، وهي تثبت كتابة وتتحدى بذلك المكان والزمان، اما بقية عناصر العرض فانها تتهاوى مع العرض وتغوص في الذاكرة ولا يبقى من مساهمة الممثل والمخرج وبقية الفنيين في ايجاد مادة العرض الا بعض الذكر الذي يمحى بسرعة.
ان المادة المسرحية شيء مركب متعدد العناصر متنوع التركيب متحول الاشكال، وكلها مرتبطة ببعضها ويصعب تحديد العنصر المسير او الغالب الا داخل الشكل المسرحي نفسه، والفكرة في المسرحية ليست منفصلة عن الشكل، فهي تذوب في العمل نفسه ككائن موضوعي، وهنا يكتسب العمل الفني شخصيته المميزة له ويصبح عالماً قائماً بذاته، والنص الجيد المدروس ينقذ عرضاً مسرحياً لمخرج وممثلين ذوي امكانيات متوسطة، بينما لا يستطيع مخرج عبقري وممثلون موهوبون ان يقدموا عرضاً متميزاً من نص رديء يستطيعون ان يقدموا امكانياتهم دون وظيفة شأنها شأن مشاهد استعراض الجمال الجسماني، بينما الكتابة للمسرح متحركة لأن المسرح لغة حركة، ويجب ان يكون عنصر الكتابة فيه وظيفياً وجدلياً، مع بقية العناصر من ناحية ومع ثنائي البصر والدهشة من ناحية اخرى.
ان معظم المسرحيين العراقيين راغبون في القفز عن مسألة النص، بالتركيز على العرض المسرحي ومستلزماته وآفاقه وايجاد الحلول له، وهذا ما ادى الى تراكم العروض الرديئة التي قتلها غياب النص المسرحي، فالمادة المسرحية ليست من عمل خالق واحد فقط بل انسجام بين عناصر العرض المسرحي.
* جمهور المسرح
من الواضح ان الدراسات المتعلقة بجمهور المسرح في عراقنا ما زالت قليلة الى حد الندرة، وان الاهتمام بالجمهور قد بدأ متأخراً بعدما لوحظ من انصراف هذا الجمهور عن كثير مما يقدم على مسارحنا، وكان رد الفعل المباشر لانصراف الجمهور هو ارتفاع اصوات هنا وهناك ملقية باللوم على الجمهور لارتياده المسرحيات الهابطة وعزوفه عن المسرحيات الجادة ــــــ على ندرتها ــــــــ التي تحمل مضموناً ورسالة، في الوقت الذي لم يتوقف احد ليسأل عدداً من الاسئلة ذات مغزى: هل وضع كتّاب المسرح عندنا الجمهور في اهتمامهم وهم يكتبون؟ وهل حدد كل كاتب نوعية الجمهور الذي يرتاد مسرحه؟
وهل حاول الكاتب ان يدفع جمهوره الى الاهتمام بالقضية المطروحة بنفس مستوى اهتمامه؟ وهل وازن الكاتب بين متطلبات الدراما والعرض المسرحي وبين الافكار التي تزخر بها مسرحيته؟ وهل بذل احد جهداً ليعرف علة انصراف الجمهور عن ما هو جاد واقباله على الهابط؟
ان مثل هذه الاسئلة هي التي تحدد نوعية العلاقة بين كتاب المسرح وجمهورهم. ولكن من الواضح انها اسئلة لا تلقى الاهتمام الكافي من كتابنا، وربما كان هؤلاء الكتّاب مهتمين بالجمهور لاسباب متعددة ولكن يبدو ان الاعتبارات السابقة لا تحتل لديهم المقام الاول.
ان الجمهور هو الذي يحس بصورة تقديم لون مسرحي جديد، وعلى الكتّاب ان يبادروا الى استشعار هذه الرغبة الملحة والاستجابة لها. فعلى الكاتب المسرحي عندما يكتب نصه، عليه ان يدرك في قرارة نفسه ان الجمهور بحاجة الى نوع جديد من المسرح يتفق وتطلعاته. لذلك مثل هكذا مسرحيات تنجح نجاحاً كبيراً ويقابلها الجمهور بحماس بالغ ويضع كاتبها في مكان الصدارة. وهذا دليل على ان الكاتب كان يفكر في جمهوره ويعرف ميوله ورغباته دون ان يعني هذا بطبيعة الامر الخضوع لنزواته او تملق غرائزه على حساب الفن المسرحي.
ان ما نسميه بجمهور المسرح ينقسم الى ثلاثة انواع: النساء، ورجال الفكر، والعامة. النساء تميل في المقام الاول الى العاطفة، يبحث رجال الفكر عن تصوير الطبيعة البشرية، بينما تستهوي الحركة المسرحية عامة الشعب قبل اي امر آخر.. وكل هذه الفئات تبغي المتعة. فالنساء يرغبن في المتعة العاطفية، ورجال الفكر ينشدون المتعة الذهنية، والعامة يبحثون عن المتعة المحسوسة. لهذا فان المادة المسرحية تنقسم الى ثلاثة انواع، عام واقل مستوى وعمقاً من النوعين الآخرين- فالميلودراما للعامة والمأساة العاطفية للنساء والملهاة التي تصور الطبيعة البشرية لرجال الفكر.
مشكلة جمهور المسرح ليست وليدة الفترة الراهنة فحسب، كما انها مشكلة ذات جوانب وابعاد عديدة، ولسوف احاول ان اتعرض لهذه الاشكالية من خلال جانبين فقط، لسبب بسيط وهو ان الجوانب الاخرى تتطلب من هو اكفأ مني واكثر مقدرة، فليس بوسعي على سبيل المثال ان اقوم بدراسة ميدانية عن جمهور المسرح او ان اعتمد على استبيانات عن هذا الجمهور –ولوكان لمثل هذه وجود- اذ اعتقد ان هذا من اختصاص البيوت المسرحية او الفرق المسرحية بالتعاون مع علماء النفس وعلماء الاجتماع وغيرهم من المهتمين بقياس الرأي العام واتجاهاته: سأتعرض اذن للمشكلة من جانبين هما –كتّاب المسرح اولاً، والحركة النقدية ثانياً.
فاذا ما تناولنا الجانب الاول الذي يتعلق بالكاتب المسرحي فاننا قد نصاب بالدهشة حينما نعلم انه باستثناء عدد محدود جداً من كتّاب مسرحنا العراقي حاولوا التعرف على ميول الجمهور العربي، وادركوا ان هناك ما يميزه عن غيره من جماهير المسرح الاوروبي، وعملوا مع تفاوت في النجاح على وضع ذلك في اعتبارهم عند التأليف.
اقول، باستثناء هذا العدد المحدود لا نعثر على من يهتم بذلك او من يحاول فيما لو اهتم. ومن اكثر الامور التي تبعث على الحيرة ان بعض الكتّاب يتصوران جمهوره يتكون من كافة سكان العراق، في الوقت الذي لم يشغل نفسه بفهم ما يدور ابعد من حدود وطنه.
ان قدرة الفنان على استخدام ادواته وصياغة افكاره داخل الشكل الفني تأتي نتيجة للاحتكاك، ومن تعلم الفن المسرحي السابق عليه استيعابه وهضمه.
ومن الانصاف ان نذكر هنا، ان المسرح العراقي في بداياته كان مهتماً بما يكفل توفر هذا الاحتكاك، وانه وضع نصب عينه ان يقدم الكثير من التجارب المسرحية العالمية الراسخة جنباً الى جنب مع القليل من الاعمال العراقية و العربية الرائدة. ولقد تمخضت هذه السياسة عن ظهور كتّاب ممتازين دون جدال، لكن هذه السياسة الحكيمة قد تغيرت واصبح معظم ما يقدم على مسارحنا الآن من الاعمال المحلية، وبات لزاماً على الفرق في العراق ان تظل في نوع من السبات الى ان تجود عليها قريحة احد كتّاب المسرح المحليين بنص مسرحي جديد دون ان تفكر طوال العام في تقديم عمل من روائع المسرح العالمي، على الاقل ليتدرب ممثلوها على انماط مختلفة من الاداء، وليتعلم مخرجوها كيف يطبقون اساليب متنوعة في الاخراج او من اجل اتاحة الفرصة امام مختلف الفنانين لاستنباط طرق جديدة في مجال الديكور والازياء المسرحية والاضاءة.
انني لا اعتقد ان الفن المسرحي لدينا سيتطور لو ظل هذا الحال كما هو دون تفكير في تغييره. فاذا انتقلنا الى الجانب الآخر وهو الحركة النقدية فعلينا ان نوضح بادئ ذي بدء ان الحركة النقدية مرتبطة دائماً بالانتاج الادبي او الفني لأن الادب والفن هما المادة الخام التي يقوم الناقد بدراستها بغية تقنيتها او بغرض تفسيرها وتقييمها والخروج من هذا بمنظور يساعد على فهم القوانين المنظمة للابداع، ومن الضروري ان تواكب الحركة النقدية حركة الابداع او تأتي على الاقل كمحصلة لها، ولكن ما حدث في عراقنا هو ان حركة النقد قد تأخرت عن هذه المواكبة، ويرجع هذا الى عدة عوامل من اهمها- تأخر انشاء الكليات التي تعد الناقد المتخصص وتؤهله للاضطلاع بهذه المسؤولية حيث ان النقد علم ودراسة قبل ان يكون خبرة مكتسبة ورغم وجود عدد غير قليلمن الدراسات النقدية الجيدة وظهور عدد من النقاد البارزين، الا ان الكم النقدي المتراكم عبر سنوات الثلاثين الاخيرة لم يتحول لدينا حتى الآن الى كيف. بمعنى انه لم يسفر عن نظرية نقدية متميزة يتم من خلالها تفسير الانتاج الادبي والفني المتزايد بصورة مطردة. ولكي لا نظلم الحركة النقدية في وطننا العربي ينبغي القول بأنه في المقابل لم تتبلور داخل ابداعنا الفني والادبي حتى الآن اتجاهات او ظواهر واضحة او تيارات فنية لها صفة الاستمرار والتأثير، بحيث تتيح للناقد ان يصوغ منها قوانين للابداع او ان يبلور على اساسها نظرية نقدية مبتكرة، وحينما يصبح الابداع الادبي والفني عندنا ابداعاً متميزاً بمعنى ان يتخذ لنفسه اتجاهاً لا يعتبر محاكاة لما هو سائد في الاداب الاخرى التي ينقل عنها، فلا شك ان الحركة النقدية عندنا ستجد امامها مجالات خصبة تؤدي بها الى التطور الخلاق، ومنذ اقدم العصور لم يقم انتاج ادبي بمعزل عن النقد او في غيبته، فكلاهما جناحان لطائر واحد.
* اشكاليات استلهام التراث
على الرغم من التجارب العديدة التي حاولت ان تستلهم التراث في مسرحنا، يواجهنا السؤال التالي: كيف يجب ان نفهم استلهام التراث دون ان يجرنا احياناً الى مزالق خطرة؟
ان الحديث عن استلهام التراث يذكرني بقول للمخرج المسرحي الطلائعي الفرنسي جان ماري سيرو، حين شاهد عرض لمسرحية عربية استلهمت مادتها من التراث الشعبي العربي قائلاً: ان العالم استنفد كل المنابع التي يمكن ان تغني المسرح، وامام مزاحمات عناصر الرؤيا الاخرى، لم يبق امام المسرح سوى نبع واحد هو التراث العربي.. نعم، انه حقاً لكلام جميل ولكن كيف نتعامل مع هذا التراث؟
التراث في رأيي هو كل ماضٍ له انعكاس على الحاضر، لأن الحياة هي استمرار وتجديد، فاذا استلهمنا الحكاية والاقصوصة والاسطورة الشعبية او ما تركه لنا الاجداد من فكر.. سواء تلك التي حملتها لنا المخطوطات العربية او الكتب الصفراء او تلك التي وصلتنا شفوياً وجعلناها ماضياً ينعكس على الحاضر نكون قد عرفنا كيف نستغل تراثنا.
اما ان نأخذ التراث بكل ما فيه وكما هو ونقدمه في المسرح، وهذا ما نرفضه ونرفض حتى الامثال التي تحد من جماح الفرد وتدعوه الى الكسل والتواكل. نحن نعرف ان المثل حكمة ولكن هناك امثلة لا فائدة فيها.
لابد اذن من ان نتعامل بوعي مع التراث، لابد من ترصد الحكمة عند الاقدمين، لأن هؤلاء لم يكونوا بلداء. القصص الشفوية التي وصلتنا عميقة ولو لم تكن كذلك لما بقيت في ذاكرة الشعوب، يجب ان نستفيد من هذه القصص، وذلك بمسرحتها او اعادة كتابتها. ينبغي الا نأخذ التراث بشكله المسطح بل بعمقه الواعي الذي يتصل اساساً بالانسان عاطفة وفكراً. بهذا الاسلوب وضمن هذا الفهم يجب ان نتعامل مع التراث.
انني اعتقد ان المسرح الذي يتعامل مع التراث ضمن فهم عميق للواقع، لا يمكن ان يرتكب الهفوات التي يجرنا اليها استلهام التراث، وان الخطر يتمثل في رأيي في الاهتمام المتزايد بعناصر الاثارة والابهار. وفي هذا النوع من الشعوذة سائدة للاسف في المسرح العراقي او العربي. هناك تهويل وتهريج ومباشرة وسطحية في اعمال كل المسرحيين عراقيين وعرب .
وانا اقول هذا حتى اكون صريحاً مع نفسي ووفياً لرسالتي كمثقف ملتزم بقضايا مجتمعي ووطني وامتي ، ولكلمة الحق التي ارى نفسي ملزماً بقولها. نعم، كل المسرحيين العراقيين والعرب سقطوا في هذا التهريج بشكل او بآخر حتى ان بعضهم اساء الى اعماله المسرحية الكبرى. والامثلة عديدة كأن نتحدث عن زعيم من الماضي ونسقط ظروفه على زعيم معاصر. وكثيراً ما يقع هذا بطرق ميكانيكية وفجة لا تليق بمسرحي فنان.
هناك مباشرة تدغدغ عواطف الجمهور بدلاً من ان تعالج مواضيع اساسية في حياتنا اليومية معالجة عميقة، تمتع وتربى في آن.
المسرح فن واخلاق ومتعة ايضاً يجب على المسرحي ان يقدم لجمهوره نماذج بشرية معينة في حالاتها المتعددة، نماذج تخاطب عقل هذا الجمهور ووجدانه. هذا هو المسرح الذي نتوق اليه.

-------------------------------------
المصدر : كتابات 

الحصان الرابح في سباقنا المسرحي

مجلة الفنون المسرحية

الحصان الرابح في سباقنا المسرحي 

عبد الجبار خُمران

“أيها الغد لن ننتظر قدومك نحن ذاهبون اليك. سنمضي اليك مكحلة عيوننا بالأمل ومطرفة سواعدنا بالعمل” هكذا لخص الامين العام للهيئة العربية للمسرح ذ.اسماعيل عبد الله – في واحدة من كلماته الرصينة دوما والمعبرة دائما بكلمتين عميقتين – هما الأمل والعمل – فلسفة المهرجان وتوجهه العام.

كثيرة ربما هي المهرجانات المسرحية على امتداد رقعة وطننا الكبير من الماء إلى الماء.. لكن ناذرا ما تجد في مشهدنا المسرحي المعاصر مهرجانا حاملا لمشروع يبني تصوراته الفكرية وتوجهاته الجمالية بلبنات حاملة قيم الفن الخالصة و مبادئ المعرفة النبيلة.

لقد جعلت الهيئة العربية للمسرح من أنشطتها بيتا لكل المسرحيين العرب.. بيت حاضن لإبداعاتهم وأفكارهم وتجاربهم النظرية والعملية.. ومهرجان المسرح العربي هو النشاط الاكثر إشعاعا ضمن الفعاليات العديدة التي تنظمها وتؤطرها “الهيئة” طيلة السنة.

تسير فعاليات المهرجان بخطى حثيثة لأجل تكريس ممارسة مسرحية عربية تخول الخروج باتجاه الانخراط مع المهرجانات العالمية في المساهمة بتطوير تقنيات ورؤى الفعل المسرحي في بعده الجمالي والانساني.. لا ينقص فعاليات مهرجان المسرح العربي – الذي “يسكب المبدعون من كل أرجاء الوطن العربي في جراره رحيق إبداعاتهم” – في ان يكون واحدا من الحدائق المعرفية والمسرحية والجمالية العالمية، إلا أن يستمر في مسيرته التصاعدية رابطا تجارب الرواد المؤسسين برؤى شبابية متجددة وأن يشد أطناب الفكر بأوتاد الابداع.

وإننا لننظر بعين الامل إلى التراكم الفكري والجمالي الذي يحققه مهرجان المسرح العربي والذي تدعمه مناشط “الهيئة” ووُرشها الفكرية ومشاتلها العملية والعلمية. هذا التراكم الذي يجعل من دورات المهرجان المتتالية أحصنة رهان حقيقية في “سباقنا” المسرحي والمجتمعي. سباق أعطت إنطلاقته كل تك التجارب الجادة المتعددة في رصيدنا المسرحي والثقافي الذي خلفه رواد عملوا في ظروف صعبة وقاسية أما نقطة وصوله فهي هذا المسير الحثيث الذي لا نهاية له.

مسير باتجاه التحاور مع ما يغلي به الشارع العربي من أفكار وأحداث وذلك من خلال أفق جديد في صياغة الندوات وتحيين مواضيعها ومحاورها الفكرية بما يستجيب ومساءلة التحولات المتعاقبة والجوهرية داخل منظومتنا الاجتماعية والسوسيوثقافية. فعلى سبيل المثال ذلك السؤال العام والضمني المطروح في كل ندوات هذه الدورة عن دور المسرح والتجارب الرائدة والناشئة على حد سواء : “العبور إلى المستقبل بين الريادة والقطيعة المعرفية” .

وما حضور اسمي شهيدي المسرح الجزائري في ندوات المحور الفكري للنسخة التاسعة من عمر المهرجان (عز الدين مجوبي الذي اطلق اسمه على هذه الدورة والمبدع المتفرد عبد القادر علولة) إلا تكريس لفهم عميق ومتجذر للدور الطلائعي للعب المسرحي المحفوف بالمخاطر لجديته وفعّاليته وفاعليته. ذلك ان للمسرحيين منصّتهم التي لا مناص منها بغية بلورة فكر متنور ودورهم الذي لا غنى عنه لأجل بناء مجتمع حداثي. دور يلعبونه على الخشبة حد الجنون وفي الحياة حد الاغتيال.

وواسطة عقد تكريس مسرح حقيقي و الإشادة بدوره “النضالي” الطبيعي داخل مجتمع في امس الحاجة إلى تعميق معرفته بالرواد الحقيقيين في هذه النسخة من عمر المهرجان هو التكريم – الذي لم يأت جزافا – للفرقة المسرحية التي ساهمت في دعم استقلال الجزائر من خلال جبهة التحرير الجزائرية.. تلك الفرقة التي كان لها التأثير الكبير والمساهمة الفاعلة في اسقلال الجزائر.. الفرقة التي أسسها مصطفى كاتب 1958 وجالت العالم مبشرة بثورة الجزائر والمطالبة باستقلالها.

ثم أليس المسرح حصان رابح لا محالة في سباق حداثتنا وبناء مجتمعاتنا المتطلعة إلى ربيع جمالي، ديمقراطي، حقيقي و زاهر؟


--------------------------------------
المصدر :  الفوانيس

المسرح العراقي بعيداً عن الالتزام قريباً من الارتزاق

مجلة الفنون المسرحية

المسرح العراقي بعيداً عن الالتزام قريباً من الارتزاق

وليد خالد احمد  

هناك عدد من العروض المسرحية تجعلنا نتساءل: هل يعطي هذا الكم من الاعمال بالنسبة للعناصر البعيدة عن فهم حرفيات وأصوليات هذه الحرفة مؤشرات على نشاط مسرحي؟ وأين دور المؤسسات التربوية والاعلامية ذات العلاقة في التصدي لمثل هذا التوجه من الاعمال والارتزاق الفني المشوه؟
لنكن اكثر ايجابية في تقويم اوضاع حركتنا المسرحية ولنكن اكثر قسوة في ايجاد ضوابط تحفظ للمسرح وللمسرحيين وجههم المشرق. فلا يمكن ان يوجد فن في انفصال عن الحياة او حياة انسانية دون فن. ان منبع الفن وأساسه هو نزعة الانسان الى تمثل تجربته الحياتية واستنباط مفهومها ودلالتها القيمية وتثبيت هذا الاستنباط وتوصيله الى آخرين عن طريق استعادة التجربة استعادة حركية. وتتم استعادة التجربة وصياغتها حركياً على بعد زمني كافٍ يكفل قدراً من الموضوعية الشعورية والعقلانية بحيث يصبح الفرد في آن واحد عنصراً من عناصر التجربة ومشاهداً لنفسه عن بعد.
ان المسرح في حياتنا، مرآة نتلذذ في النظر اليها لرؤية انفسنا، ندقق النظر، ونمعن في التطلع.. التطلع الى اعماقنا داخل ادوار الممثلين، وفي تعابير وجوههم، وعبر حركاتهم وضحكاتهم ولحظات البؤس القنوط التي تكتنفهم. لهذا، فان المسرح سيبقى يعبر عن الحياة، يراقبها ويصوغها ويطرحها من جديد، ينظر الى الماضي ليتحدث عن الحاضر ويحرك صورة الحاضر ليطرح خيال المستقبل، وسيظل الخير والشر يتخاصمان فيه بهدف (التطهر) والانتقال بالحياة الانسانية الى حالة من الحالات الاسمى والوصول بالبشرية الى ما تشعر وتفكر بأنه الافضل.
وتأسيسا على هذا الفهم .. فالمسرح مدرسة المجتمع الثقافية ، فعلى خشبته تشرح القضايا الفكرية والاجتماعية والتربوية ، مهما تعددت طبيعة المعالجات التي تقدمها المدارس المسرحية ، يبقى الانسان جوهر الخطاب المسرحي الذي يتأثر ويؤثر بما حوله، ويتفاعل مع الظروف والاجواء السائدة في مجتمع ما. فان رسالة المسرح لا تقل في اهميتها عن دور اي تربوي مرشد، فهي الطابع الفعال في المجتمع. واذا كانت هناك انماط من المسرحيات الهزلية يعلقها اصحاب الفكر (الخرب) على شماعة الجمهور راغب بذلك!! فقد فاتهم ان للمسرح دور قيادي ورئيس في الارشاد والتوجيه وبث القيم الفاضلة في نفوس جمهوره واتحافه باعمال مسرحية تحثه على التفكير والفعل، تعالج مشاكله الحياتية باشكال يتوخى منها امكان اسعاد هذا الجمهور واستنهاضه وشحنه بطاقات الوعي السياسي المرتكز على فهم عميق للانسان ودوره الفاعل والخالق في الممارسة الثورية والانقلابية الاجتماعية.
الا اننا نجد ان عامة الجمهور مازالت تعتبر المسرح في وقتنا الحاضر، مكاناً يجتمع فيه الناس للهو والاستمتاع لكثرة المعروض من المسرحيات البائسة. غير انه قد غاب عنهم ان المسرح
شيء يختلف كثيراً بما يقدم من اعمال فنية وادبية هادفة، وانه مرآة للمجتمع وعاملاً مؤثراً من عوامل التطوير والتوجيه والنمو، لذا يجب ان يكون عاكساً صادقاً له لما يشهده من تطورات اجتماعية واقتصادية وسياسية باعتبار انه كان وما يزال مقياساً لحضارات الامم.
فمنذ بداية المسرح وهاجس مؤسسيه والمشرفين عليه معرفة ما يريده الجمهور وما يقبل عليه اكثر من غيره، واضعين في الاعتبار، ان للجمهور المسرحي دوراً كبيراً في المسرح. فالى جانب كونه المتلقي فهو شريك في العملية المسرحية، ويختلف عن المتلقى في باقي الالوان الادبية والفنية، في ان ردود فعله تكون فورية لحظة تقديم العرض المسرحي، ولتجاوبه وفعاليته دور كبير في نجاح العرض المسرحي.
ان المسرح في حياتنا مرآة نتلذذ في النظر اليها لرؤية انفسنا، ندقق النظر ونمعن في التطلع الى اعماقنا داخل ادوار الممثلين، وفي تعابير وجوههم وعبر حركاتهم وضحكاتهم ولحظات البؤس والقنوط التي تكتنفهم. لهذا فان المسرح سيبقى يعبر عن الحياة، يراقبها ويصوغها ويطرحها من جديد، ينظر الى الماضي ليتحدث عن الحاضر، ويحرك صورة الحاضر ليطرح حيال المستقبل. وسيظل الخير والشر يتخاصمان فيه بهدف التطهر والانتقال بالحياة الانسانية الى حالة اسمى والوصول بالبشرية الى ما تشعر وتفكر بأنه الافضل.
لكن المسرح عند فناني القطاع الخاص أصبح هدفاً ووظيفة محددة يسعى الى تحقيقها الا وهي اضحاك متفرجيه دونما اللجوء الى مناقشة قضايا المجتمع الميحيط بهم. فالمتفرج عقد اتفاقاً ضمنياً بينه وبين مسرحيات القطاع الخاص، على انه يدفع ثمن تذاكرها الباهضة في مقابل ان يحصل على تلك المتعة التي تجعله لا يفكر وهو جالس في مقعده في اية مشكلة تعكر صفو ليلته ومن ثم فلا بد من تحقيق شروط تلك الاتفاقية من خلال عرض نص مسرحي بسيط يكون سبباً لوقوف شخصيات المسرحية جنباً الى جنب لاضحاك هذا الجمهور.
ويستمر الحال هكذا الى ان تنتهي المسرحية وقد بلغ الانهاك كلاً من الممثل الذي قدر له ان ينتزع الضحكات من الجمهور وذلك الأخير المستمتع الذي انغمس بالضحك ولكن لم يرسخ في ذهنه سوى بعض الالفاظ والنكات التي يتفوه بها الممثل، وعند الوصول الى تلك النهاية يكون قد تم الايفاء بالعقد المتفق عليه بين مهمة مسرح القطاع الخاص ومتفرجيه.
هناك عدة تساؤلات نوجهها الى منتجي ومخرجي وفناني تلك الاعمال: هل انتهت قضايانا الاجتماعية فأصبحنا نلهث وراء مسرح فارغ لا يحمل في طياته اي مضامين عصرية تمس قضايانا والصراعات المؤلمة التي تحيط بنا من كل جانب والتي تحتاج الى جهود فكرية عنيدة تقهرها بالكلمة الصادقة التي تهذب اخلاقنا وترقى بطباعنا ومشاعرنا لكي نرتفع الى مستوى الاحداث؟
اننا اليوم في أشد الحاجة الى مستويات صادقة تخاطب وجداننا، مسرحيات تلقي الضوء على هموم الناس ومعاناتهم واحتياجاتهم لكي تفتح امامهم آفاقاً جديدة وخدمة ثقافية حقيقية. اننا نريد نهضة
فكرية تنهض بعقلية الناس وتنير لهم الطريق، نريد مسرحاً يدرك مهمته المزدوجة المتمثلة في ان يعلم ويحفز متفرجيه، مسرحاً لا يريح المتفرج او ينفس عليه كربته بل على العكس يقلق، يزيد المتفرج احتقاناً ، وفي المدى البعيد يهيئه لمباشرة تغيير القدر.
اننا نطالب المعنيين بشؤون المسرح- كّتاب ومنتجين ومخرجين وممثلين..- ان يساهموا في تربية اجيال قادمة تنشأ على القيم والمبادىء والولاء للارض والوطن. نطالبهم بصحوة الضمير الفكري والفني والبعد عن الزيف، آخذين بنظر الاعتبار ان التيارات الفكرية التي يصدرها او يأتي لنا بها البعض، هي اخطار تهدد قيمنا الاجتماعية وتراثنا الأصيل.
فعلينا ان نتكاتف ونرتفع الى مستوى الأمانة الادبية لكي نتصدى لكل ما هو مناف لقيمنا واخلاقنا.. اما ما عدا ذلك فهو مسألة تدخل في الحسابات والارقام والبعد عن الضمير الفني سعياً وراء المكاسب المادية ليس باضحاك الجمور بل بالضحك عليه وليس باسعاده بل بتزييف براءته.
ففي غمرة الدعوة الى النهوض بمستوى المسرح، نسي المتحمسون لها ان يفكروا في ابعادها الخقيقية، فراحوا يفسرونها طبقاً لمفهومهم الخاص حتى انها انطبعت في اذهان البعض على انها قد تعني الفوضى واللامبالاة والاستهانة بما رسخ في ضمير الانسان.
فاذا ما نظرنا الى المسرح الجاد نجده قاصراً عن ان يلبي حاجات جمهور متطلع بدأ يتربى منذ سنوات على المسرح المادي/ الربحي والدراما التلفزيونية البائسة، وهما ينافسان هذا المسرح بما يقدمانه من عروض جذابة في الوقت الذي لا يلتفت الى هذه الحقيقة المسرح الجاد ويلقي جزءاً من تقصيره على اكتاف غيره ويتغاضى عن مخزون الكوميديا الشعبية.
ان المسرح الجاد الآن على ندرة عروضه هو مسرح للمثقفين نوعاً ما، وهذا تقصير خطير اذ ينبغي ان ينتبه المشرفون عليه وكُتابه الى حقيقة انهم لا يستطيعون تقديم مسرحيات فئوية ترضي بعض الناس وليس كل الناس وانما مسرحيات عامة.
ان الحل الانسب لمعالجة هذه الازمة والنهوض بمسرحنا هو ان يتم اولاً رد الاعتبار للعمل المسرحي واعتباره من اهم المجالات التي تكون العقل الجماهيري وتكييف اتجاهاته الادبية والسياسية، وان يعلم الجميع ان مسيرة التنمية الاقتصادية لا يمكن ان تتم الا بمؤازرة التنمية الفكرية والفنية وهو الامر الذي يعتبر المسرح اكبر الواجهات المهيأة لذلك، ثم لابد من التفكير بحرية واتزان في وضعية المبدع المسرحي انطلاقاً من المؤلف ثم المخرج ثم الممثل ثم التقنيين.
تبقى هناك نقطة جوهرية هي اساس الموضوع/ الازمة، تتمثل في ان المسرح العراقي لم يصل بعد الى ما يجب ان يكون عليه المسرح الاحترافي، حيث مازال غير منظم ولا تحكمه أية قوانين او أسس او تخطيط. كما ان ثمة هم يواجهه ويحد من دوره يتمثل في الخوف من الكلمة الصادقة التي تكشف وتعري ولا تجامل ولا تداهن.
ان المسرح العراقي اليوم بحاجة الى اجواء صحية يستطيع ان يتنفس فيها حتى يكون مسرحاً خلاقاً. وانا هنا لا ادعو الى مسرح مثل ذلك المسرح الفوضوي التهريجي الذي يلوح بالشعارات ويحرض لمجرد التحريض وانما الى المسرح الملتزم الهادف، المسرح الذي يعرف جيداً رسالته وينطلق من واقع مدرك لحقيقة الدور الذي ينبغي ان يقوم به والمتمثل في توصيل الافكار الخلاقة الملتزمة عن طريق مخاطبة عقل المتلقي بكل طبقاته وفضح الوسائل المضطهدة للانسان وقيمه التاريخية والاجتماعية التي تعمل على استلابه وضياع حريته بطرق تعسفية لا انسانية، وحث العقول المتلقية من اجل اتخاذ موقف من المطروح السائد والعمل على تغيره نحو الافضل.
ان على مسرحنا اليوم ان يواكب كل التطورات والمتغيرات التي تطرأ على الواقعين السياسي والاجتماعي وان يعمل بدأب صادق في عرض بعض من مفاصل حياتنا اليومية ايجابية كانت ام سلبية، لأن المسرح الذي يكون الشعب اهم مجالاته ولا يؤدي هذه الرسالة، مسرح عديم الفائدة، وكل هذا يتطلب الكثير من العزائم القوية والنيات الحسنة حتى يمكن للمسرح ان يؤدي وظيفته الاجتماعية والتربوية والتكوينية التي خلق لها اصلاً.

------------------------------------------------
المصدر : كتابات 

السبت، 4 فبراير 2017

دائرة السينما والمسرح مالها وما عليها منذ 2003 ولحد الآن ..

مجلة الفنون المسرحية

دائرة السينما والمسرح  مالها وما عليها منذ 2003 ولحد الآن ..
( وجهة نظر شخصية .. مكاشفات من الداخل )( ح 1- 2 - 3 )

د . جبار جودي

بعد التغيير الكبير الذي حدث في العراق ( 2003 ) بتنا جميعاً تحت وقع الصدمة وتأثيرها إذ أصبحنا بين يوم وليلة لانعرف أين نضع أقدامنا وفي أي إتجاه نذهب فآثر الكثيرون التزام الصمت لحين انجلاء الغبرة التي أحاطت أيامنا ، وبالفعل أعقبت الشهور الثلاثة الأولى عمليات التغيير في وزارة الثقافة وتم تجميد عمل السيد لؤي حقي المدير العام السابق لهذه الدائرة علماً انه كان السبب الرئيسي لتكون دائرة السينما والمسرح الأولى بين دوائر الدولة في استلام مكافآتها ورواتبها ، ومن ثم تم تنسيب الفنان الرائد سعدون العبيدي مديراً عاماً لهذه الدائرة وبإشراف مباشر من قبل السيد صادق الصائغ وبمباركة وزير الثقافة حينها السيد مفيد الجزائري ، وكانت تلك فترة سوداء لم تشهد لها الدائرة ولا موظفيها مثيلاً لها سوى هذه الأيام التي نمر بها حالياً والتي سآتي على ذكرها بالتفصيل ، لعدة أسباب منها عدم كفاءة السيد العبيدي في الإدارة العامة ، الذي نكن له كل الاحترام والتقدير كفنان رائد ، لكن لاعلاقة له بفن الإدارة وآليات عملها فأصبح سبباً في انشاء الكثير من التقاطعات مع الفنانين ، وأيضاً تنصيبه في ادارة مفاصل هذه الدائرة الحيوية لأناس لاقدرة لهم على القيادة الادارية والفنية ومناوراتها والابداع فيها خصوصاً في تلك الفترة الحرجة جداً من عمر العراق وعمر الدائرة لأنها تعلقت بوضع السياسات الستراتيجية على المدى الطويل والتي ارى انهم اخفقوا اخفاقاً كبيراً فيها ، ندفع جزء من ثمنه حالياً ، إذ تصدى للعمل الاداري في حينها السادة المخرج فتحي زين العابدين ، والفنان حافظ عارف ، والفنان ربيع الشمري ، والفنان طارق شاكر ( كبير احترامي ووافر تقديري لذواتهم وفنهم وابداعهم ) وشخص مجهول الهوية لعمر هذه الدائرة جاء من الخارج مع صادق الصائغ اسمه عامر السلطان وكان سيء الصيت بكل معنى الكلمة ، وتمخضت هذه الفترة على مستوى الانتاج الفني والرؤية الستراتيجية لهذه الادارة اعادة تقديم مسرحية البستوگة !! لأن السيد الصائغ كان معجباً بها !!! ( هذا الصائغ الذي لايصلح للحكم بين تلميذين فما بالك بالإشراف على هكذا دائرة والتحكم بها ) .. وكذلك وفي ظل انطلاق المبالغ المالية المحترمة في الدولة وبدء اعادة الاعمار للمنشآت الحكومية انبرت هذه الادارة وبتوجيه من السيد الصائغ وبمباركة الوزير لإقامة مهرجان المسرح الفقير !!! ومهرجان المونودراما !!!! ( لاحول ولاقوة الا بالله ) ارتضت هذه الادارة بالفتات من الاموال لهذه الدائرة وبشكل لايستسيغه عقل ولامنطق سليم ولم تسعى اطلاقاً لتنشيط الانتاج المسرحي ولا السينمائي ولا إعمار أي شيء من منشآت هذه الدائرة المتضررة وكانت الفرصة طبعاً وفي ظل وجود الامريكان والمستشار الايطالي گولدوني الذي كان يشرف على وزارة الثقافة مفتوحة من أوسع الأبواب لولا ضياع التخطيط والتخصص الستراتيجي لهذه الادارة المتخبطة في ظلماء ايامها التي استمرت اكثر من ثلاث سنوات عجاف ضاعت فيها علينا فرصة تأهيل مسرحنا العراقي بشكل حقيقي .. ( وأشهد للفنانين المذكورين أعلاه بنظافة اليد في المال العام ) لكن شكل الفساد في هذه الإدارة غياب التخصص المطلوب في التخطيط الستراتيجي وعمل الأولويات ، وإعتماد الكفاءات المعروفة والمشهود لها ، إذ تم إقصاء وتهميش كل ذي فهم وعلم في مفاصل عمل الإدارة والتخطيط الفني ، فذهب الكثيرين من موظفي هذه الدائرة للبحث عن فرصة عمل في القطاع الخاص المتمثل بالفضائيات العراقية والعربية التي راج سوقها في حينه ومحدثكم واحد من هؤلاء .. 

اتجه أغلب فنانو وموظفو الدائرة الى البحث عن فرص عمل يرممون بها وضعهم المالي خصوصاً وان من بركات الإدارة السابقة إنضواء دائرتنا تحت مرتبات المائة ألف والمئتي ألف والثلاثمائة ألف وليس ضمن سلّم رواتب باقي خلق الله من الموظفين في الدوائر الأخرى كوننا تمويل ذاتي ! ولم يسعى أحد بشكل جدي لإزاحة هذه الظليمة التي رزحنا تحت نيرها مايقارب الخمس الى ست سنوات ! ، حقيقة الأمر اتجهت الى العمل في قناة السومرية الفضائية وكنت من المؤسسين الأوائل فيها وابتعدت عن دائرتي التي أحب مرغماً لسوء الأحوال المعيشية التي كانت تعصف بالجميع ، وكان هذا حال أغلب موظفي الدائرة ممن يمتلكون كفاءة العمل الفني والتخصص الذي يؤهلهم للعمل في كنف الفضائيات المستغِلة !! لكن ذلك لم يمنع من متابعة الأخبار وأن نكون على تماس مع بعضنا البعض كفنانين كذلك تجمعنا في أغلب الأحيان رأس كل شهر لنستلم مرتباتنا الضئيلة [ ( 200.000 ) ألف دينار كان مرتبي الشهري ] بعد سنتين انتهت علاقتي بالسومرية أي في نهاية 2005 وفي نفس السنة صممت السينوغرافيا لمسرحية نزهة مع المخرج أحمد حسن موسى بعدها العرس الوحشي في 2006 لنفس المخرج لإعتذار الفنان فلاح ابراهيم الذي كان هو السينوغراف الأساسي لهذا العرض الذي اشترك في مهرجان عمّان المسرحي بدءاً قبل أن يتم عرضه في بغداد ، وأيضاً صممت الإضاءة لمسرحية نساء في الحرب للمخرج كاظم النصار التي اشتركت في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في نفس العام ، استلم السيد رياض المرسومي مهام عمله مديراً عاماً للدائرة ،وكنت لا أعرفه أبداً سوى أن المعلومات التي توافرت لدي أنه كان مديراً في قسم المهرجانات في الوزارة ومن ثم مديراً لمكتب نوري الراوي وزير الثقافة حينها الذي أسهم بترقيته الى درجة مدير عام عند انتهاء أيام توزيره ، إذ كانت هذه الدرجة من صلاحية الوزير في ذلك الوقت ، وفي اليوم الثاني لإستلامه مهام عمله وُجّهَ لي كتاب تنبيه بضرورة الالتزام بالدوام الرسمي ( نحن الذين نعمل ليل نهار اذا تم تكليفنا بعمل ما ) ، آثرت الإبتعاد عن الدائرة لإكمال دراسة الماجستير في 2006 ، والغم والهم كان ملازماً لنا نحن أبناء الجيل الوسط الذي مازل الكثيرين يصفوننا بالفنانين الشباب وقد أضعنا المشيتين ! لا نحن من الرواد ولا نحن من جيل الشباب حقاً ! 
انهمكت تماماً لمدة عشرة أشهر في السنة التحضيرية الأولى التي كانت صعبة جداً ، وكنت لا أستطيع الحركة الى أي مكان سوى انني اذهب الى الكلية واعود منها الى البيت فقط طيلة عشرة أشهر فكنت لا أعلم شيئاً عن الدائرة سوى بعض الأخبار المتناقلة هنا وهناك ، وبعضٌ مما يخبرني به الفنان قاسم الملاك قبل احالته على التقاعد لبلوغه السن القانونية ، كنا نتبادل الحديث احياناً بين فترات متباعدة عن الدائرة ومتغيراتها ، وسئلني ذات مرة عن أحمد حسن موسى وماهو رأيي فيه ؟ وهل يصلح لمنصب معاون المدير العام ؟ كان يريد مني إجابةً مباشرة لهذا السؤال الذي بدا مُلِحاً فيه جداً .. 

سألني الفنان قاسم الملاك عن أحمد حسن موسى ومدى صلاحيته ليكون بمنصب معاون المدير العام ، وحين استفسرت منه عن الأمر تبين لي ان رياض المرسومي صديق مقرب جداً من الملاك وطلب استشارته حول هذا الموضوع ، فما كان مني الا أن بذلت كل مالدي من عبارات المديح والثناء بحق أحمد الذي التحق بمعهد الفنون الجميلة بعدي بدورة واحدة وتخرجنا مع بعض وينطبق على لسان حالي وقتها المثل الشعبي ( محزمة والعرس چنه لإبنهه ) ، كنت سعيداً جداً لهذا الخيار أن يكون صديقي ورفيق رحلتي أحمد بهكذا منصب ، دار هذا الموضوع بمنتهى السرية ولم يعلم به أحد وقتها وبالفعل في قادم الأيام أصبح صديقي معاوناً للمدير العام .
أكملت السنة التحضيرية الأولى للماجستير وبدأت رحلة الكتابة التي تأخذ وقتاً كثيراً ، مما حدا بي الى الرجوع الى الدائرة لأمارس نشاطاتي الفنية ومنها إخراجي لمسرحية حصان الدم ( سأكتب عن ميزانيتها وظروف انتاجها لاحقاً ) التي ترافقت مع الدراسة النظرية وكان زمن تقديمها في الثانية عشر ظهراً للأيام 12 و 13 / 3 / 2007 لما لتلك الفترة المظلمة من ظروف مررنا بها جميعاً ، وبدأ حراكي بإتجاه الإدارة إذ قدمت دراسة تفصيلة للسيد المدير العام من أجل تحويل شعبة الإنتاج المسرحي ، التي ينتمي لها سبعة وستون موظفاً فنياً وبتخصصات متعددة ، الى قسم إسمه قسم التقنيات الفنية ، تم عرض دراستي على مجلس المديرين وبمباركة المدير العام تمت الموافقة ورُفع الموضوع الى وزير الثقافة أسعد الهاشمي في حينها إذ وافق على المقترح ، وجئنا لمنطقة أخرى هي إختيار مدير لهذا القسم والمنطق يحتم أن يكون صاحب المقترح أو الدراسة هو أولى ، بدأ الشد والجذب بهذا الموضوع وأنا غير مبالي وليست لدي فكرة إطلاقاً عما يدور في الأروقة الجانبية للإدارة من اتفاقات وتفاهمات لاعلاقة لي بها إطلاقاً ، اقترح السيد المرسومي ان تكون هناك انتخابات وترشيحات في اجتماع مجلس المديرين لما لمسه من معارضة من البعض ( أخبرني بكل شيء لاحقاً ) ( مجلس المديرين متكون من مدراء جميع الأقسام الأحد عشر إذ لم يكن هناك حينها مجلس إدارة وإنما تم تشكيله لاحقاً ) كان البعض يهمس لي أن هناك من لايريدك مديراً لهذا القسم وكنت غير مهتم بهذه الأحاديث الجانبية لأنني أؤمن بالمقولة ( لا يصح الا الصحيح ) ، في اجتماع مجلس المديرين تمت الترشيحات وكان المعاون داعماً ومرشحاً للسيد معتز عبد الكريم فني الصوت الألمعي الذي حصل على ثمانية أصوات !!! مقابل ثلاثة أصوات لي !!!!! ( أعرف من صوت لي ومن صوت ضدي ) وصلني الخبر وكنت متذمراً والتجأت الى صديقي أحمد الذي بدا غير مكترث للأمر بل لقد كان مؤيداً لهذه النتيجة التي أدار دفتها داخل مجلس المديرين بحذاقة ، فدار الحوار التالي :
أنا : معقول هذا الأمر ؟ كيف لكم سلبي مقترحي ودراستي واعطاءها لغيري 
المعاون : هكذا سارت الأمور بالضد منك في الإجتماع .. ماذا نفعل ! 
أنا : لكن السيد معتز لايمتلك مؤهلاً دراسياً عالياً فهو خريج متوسطة ؟ كيف يتم قانوناً أمر تنصيبه مديراً لقسم ؟؟؟
السيدة بشرى جعفر : ( مديرة الإدارة ) يجوز أن يكون رئيس قسم بالوكالة !! 
أنا : وهل تتركون الرأس لتمسكوا بالذيل ؟ انا الدارس للماجستير في صلب التقنيات والتخصص ..
كل هذا وأنا لا أدري ولا أعرف ( يشهد ربي ) ماهو السبب ومن المسبب ، لم أكن أعرف العديد من الأشياء التي تتعلق بالممرات الخلفية للإدارة بشكل عام .. المهم .. أرسل المرسومي بطلبي ، دخلت عليه ، جابهني بضحكة جميلة ومريحة وقال لي بالحرف الواحد ( أبو هاشم جماعتك المدراء شگد يحبووووووووك ) ههههههههههههههه .. 
قلت له مستغرباً ، والله لا زعل لدي مع أحد ولا ضغينة ولا أي شيء سيء وأنا وكما تعرف مرافقٌ لهم في هذه الدائرة منذ عام 1991 .. قال لي : خيراً سيكون إنشالله .. بعد عدة أيام أخبرني هادي البدري ( مدير المكتب ) أن السيد المدير العام يطلبني فذهبت اليه وكان الوقت ظهراً في نهاية الدوام الرسمي تقريباً ، طلب مني المرسومي شيئاً بصيغة التكليف فقلت له ماعلاقتي أنا بالأمر ؟ فقال لي أنت مدير قسم التقنيات ! قلت له لا لم يحصل شيء من هذا ! فقال لي أو لم يصدر أمرك الإداري مديراً لقسم التقنيات الفنية ؟؟؟ قلت لا .. فإستشاط غضباً بهدوء وأرسل في طلب مدير مكتبه وقال له ألم يصدر أمر مدير التقنيات ؟ أرسل لي بطلب مديرة الإدارة قال له مديرة الإدارة مجازة هذا اليوم ، قال لقد كلفتها يوم أمس بإصدار أمر إداري لمدير التقنيات !!! إطبعو الأمر الآن ، لن أخرج إلا بعد توقيعه .. وللحديث صلة ..

مسرحية عراقية جديدة "اثنان في العتمه ..واحد في.." فكرة واخراج سنان العزاوي

عرض مسرحى.. "مدينة الضحك" على العرب

مقارنة بين مسرحيتي الأشباح والبجعة لأبسن وستنبيرغ

مجلة الفنون المسرحية

مقارنة بين مسرحيتي الأشباح والبجعة لأبسن وستنبيرغ  

صباح هرمز 

اذا كانت مسرحية البجعة، قد كتبت عام 1907، فان مسرحية الأشباح، كتبها أبسن عام 1881، أي قبل البجعة بستة وعشرين عاما. وكلتا المسرحيتين يدور موضوعها حول السقوط في أحضان الرذيلة. ففي الأشباح الأب مع الخادمة، وانتقال هذه اللوثة الى الابن، وفي البجعة الأم مع صهرها.

وعلى الرغم من أن الرذيلة في البجعة، أقوى من الأشباح، أو هكذا تبدو للوهلة الأولى، لممارستها من قبل شخصين، تحرم عليهما هذه العلاقة،  وقوتها تظهر في هذا الجانب فقط الذي لا يخلو من المراوغة والتلاعب بالمشاعر ودغدغة العواطف، فان هذه القوة في الأشباح، تتسم بمصداقية أكثر، لنأيها عن غلو سترندبرج في ربط العلاقات. وتصويرها من قبل أبسن، اتساقا والنهج الذي يتبعه  في مسرحياته الأخرى، ألا وهو الأسلوب الاسترجاعي، هذا الأسلوب الذي يعيد الأم والقس الى ماضي الأب، عبر الرذيلة التي يمارسها الابن ( الآن)، أي ظهور صورة  الأب في ابنه.  
يقول عبدالله عبدالحافظ بهذا الخصوص: وقد وضع أبسن هذا الصراع في اطار فني رائع اعتمد فيه سواء في تسلسل الأحداث أو المناظر على الطريقة الاسترجاعية (6).  
رجينا:أوزفولد! أجننت! اتركني!
مسز الفنج:( تجفل في فزع) آه!
ماندرز: (غاضبا) ما الذي يحدث يا مسز؟  ما هذا؟
مسز الفنج: (بصوت أجش) الأشباح. الاثنان في المشتل- يعودان! 
هذه الواقعة هي ذاتها  التي حدثت عندما كان الكابتن الفنج يغازل خادمته (والدة رجينا). كما أن الأب في الأشباح، يأتي ذكره،( بالرغم من عدم ظهوره)، على لسان  الشخصيات على امتداد المسرحية، محتلا مساحة لابأس بها، وموقعا مؤثرا لا، وبل فاعلا وجوهريا في نمو وتطور أحداث المسرحية، بعكس الأب في البجعة، فقد ترك سترندبرغ هذين الدورين، ( احتلال المساحة، والموقع المؤثر للأم).
كما يبدو لي ثمة تناص بين الأشباح والبجعة، وأن تأثيرات الأولى واضحة في الثانية، وتأتي أولى هذه التأثيرات في حصر شخصيات البجعة بخمس مثل الأشباح. واذا كان قد أجرى سترندبرغ من تغيير في مسرحيته، مقارنة بالأشباح، فان هذا التغيير لم يتعد حدود الشخصيات، وذلك بالاستعانة بشخصيتي الصهر والابنة، بدلا عن شخصيتي القس ماندرز والنجار أنجستراند. ليلعب شخصية الصهر الدور الذي لعبه الأب  في الأشباح مع الخادمة جوانا، وهو مع أم زوجته. واضافة الابنة في البجعة، لم يأت بجديد، وجاء بسبب ايجاد المسوغ لاقامة الصهر في منزل الأم، وبالتالي ربط علاقة معها. وأقول لم يأت بشيء جديد، ذلك أن دورها لم يقتصر أكثر من شكواها على تصرفات والدتها، واكتشاف خيانة والدتها لها مع زوجها، وهذان الأمران، أداهما الابن كذلك، ولكن ليس كشقيقته  متأخرا، وأنما رغم المرض الذي يعاني منه، منذ صغره، من بداية المسرحية. وهذا يعني أن اضافة هذه الشخصية، لم تأت الا تابعا لزوجها.
أما الاختلاف الجوهري الذي أجراه سترندبرغ  على شخصية الخادمة في مسرحيته عن مسرحية أبسن، في ظهورها بمظهر المربية العجوز، وليس اللاهثة وراء نزواتها، جعلها أقرب الى شخصية القس ماندرز في الأشباح، وهي تبدي حرصها واهتمامها بصحة وسلامة الابن والابنة، وتفضح تقصير الأم تجاههما وتجاه زوجها، مذكرة الأم بين حين وآخر بماضيها الكالح معهم. ولكنها، بعكس القس تغادر المنزل قبل نهاية المشهد الأول، وغادره القس قبل نهاية المسرحية بقليل. ولكن رغم قصر دورها، فقد استطاع المؤلف، أن يمنحها التأثير الذي لعبه القس في الأشباح.
وبقدر ما استطاع الصهر أن يلعب الدور الذي لعبه الأب في الأشباح، بنفس القدر لم يستطع أن يلعب دور الابن في نفس المسرحية، ذلك أنه مثل الأب، كان غرضه خسيسا، بينما غرض الابن نبيل. والأغراض النبيلة، كما يقول غوتيه، لا تؤخذ بالوسائل الخسيسة. لذا فقد أناط سترندبرغ دور الأب بالأشباح للصهر، ودور الابن في نفس المسرحية للابن (فريدريك). ولعل قول الأم لصهرها:( لكم تشبه الآن زوجي، وأنت تجلس على كرسيه الهزاز)، أدل نموذج على ذلك، بينما تأتي هذه الجملة، أو ما يقاربها على لسان القس ماندرز وهو يخاطب مسز الفنج، ردا على قول أوزفولد، عثوره على غليون والده:( عندما ظهر أوزفولد في المدخل والغليون في فمه بدا لي وكأن والده عاد الى الحياة من جديد). وكلتا الجملتين، جملة الأم في البجعة، وجملة القس في الأشباح، يستحضران ماضي الأب في صورة الابن والصهر، أي أن كليهما يسيران على خطاه الآن، في هذه اللحظة.  
ومثلما أحدث ستريندبرغ، تغيرا جذريا في شخصية الخادمة، كذلك فقد أحدث نفس التغير في شخصية الأم، من رزينة وهادئة وحكيمة في الأشباح، الى ماكرة ومتهورة وخائنة في البجعة. وجعلها أقرب في نرجسيتها، واستبدادها برأيها، الى شخصية (هيدا) في مسرحية (هيدا جابلر) لأبسن. وهي بعد أن تبلغ درجة اليأس، تطلب من ابنتها أن  تعيش معها ومع شقيقها كخادمة، ويعد هذا الانحدار السريع والمباغت من برجها العالي،  بمثابة انتحار هيدا، أن لم يكن أسوأ منه، بعد انسداد كل الأبواب بوجهها.
وليس من باب الصدفة، أن تبدأ كلتا المسرحيتين بجو عاصف وومطر. وتوحيان من خلال جوهما العاصف والممطر الى نفس المعنى. فاذا كان في الأشباح، توحي جملة رجينا: ( أنه مطر شيطاني لعين)، الى موقفها السلبي من زوج أمها ( أنجستراند)، ولا تطيق رؤيته، لما يرافقه من شر. فان جملة:( أغلقي الباب رجاء، من الذي يعزف الموسيقى؟) التي تلفظها الأم في البجعة، توحي هي الأخرى الى موقفها السلبي من ابنها، ولا تطيق رؤيته. ليعمد المؤلفان هنا الى التعبير عن نزعة  الشخصيات من المعنى الكامن وراء الكلمات. فهدف رجينا من ايقاف أنجستراند، حيث هو، ليس لتساقط المطر منه على أرضية الغرفة، وانما لعدم ازعاج أوزفولد، لايقاظه من نومه، وهو يحدث صوتا نشازا بقدمه العرجاء، وهذا الصوت النشاز يوازي صوت الموسيقى الذي تسمعه الأم في البجعة، الصادرة من عزف الابن، والمنبعثة من رائحة الكربونيك والأغصان المحروقة التي تكرهها، لا لأنها قد حرمتها على ابنها وابنتها فحسب، وانما أيضا في نهاية المسرحية، تختنق برائحة الكربونيك والأغصان المحروقة. 
وتمتد هذه المقاربة الى اصابة كلا الابنين، في الأشباح والبجعة بلوثة الأب، وليس من باب المصادفة أيضا، مثل بداية المسرحيتين بجو عاصف وممطر، أن يعاني كلاهما من هذا المرض، بعد عودتهما من الخارج. فردريك نادبا حظه العاثر الذي بفعل الخلافات العميقة بين أبيه وأمه، ساقه هذا الحظ الى مربية، يرافقها الى منزل أختها التي كانت تتعاطى الدعارة، ليشاهد هناك كل شيء بأم عينيه. وأوزفولد مثل فردريك، بعد عودته من باريس، يشكو من نوبة صداع في رأسه. 
فردريك: أنا لم أرضع أبدا من حليب الأم، كنت بعهدة احدى المربيات، وكان علي أن أرضع من قنينة. وحينما كبرت قليلا، صرت أرافقها الى منزل أختها التي كانت تتعاطى فيه الدعارة، حيث رأيت مشاهد حافلة بالأسرار يستبيحها للصغار مربو الكلاب فقط. . .
أوزفولد: بعد زيارتي الأخيرة هنا وعودتي ثانية الى باريس بفترة قليلة – عندئذ بدأت أشعر بآلام غاية في العنف في رأسي – غالبا في مؤخرة رأسي، على ما يبدو، كما لو أن حلقة حديدية محكمة قد ثبتت بمسمار حول عنقي وفوقه تماما.
ونتيجة الخوف الذي يقع فيه أوزفولد، جراء تحذيره الطبيب من مواجهته للنوبة مرة ثانية، لأنها ستؤدي الى نهايته، يفضي به هذا الخوف الى الجنون. وفردريك لا يقل جنونا عن جنون أوزفولد، ولكن لافساح أبسن مساحة أوسع لحركة أوزفولد، قياسا بحركة فردريك المحدودة، حدا لأن تبرز هذه العاهة لدى الأول أكثر من الثاني. وعلى الرغم من ذلك، فانها تظهر من بداية المسرحية لدى  فردريك، ويتأخر ظهورها لدى أوزفولد.

وعملية التناص بينهما هذه، تتضح أكثـر، في اقتباس البجعة جملة من الأشباح،  تعبر عن لب المسرحية، ان لم تكن هذه الجملة كل المسرحية، وهذه الجملة تأتي في الأشباح على لسان مسز الفنج، وفي البجعة على لسان الأم. ومع أن الجملة الأولى طويلة، والثانية قصيرة، غير أن كلتيهما تعبر عن نفس المعنى، وما يضاعف ذلك هو بالاضافة الى ذلك ورود كلمة الأشباح على لسان الأم في مسرحية سترندبرغ، مع أن هذه الكلمة هي عنوان مسرحية أبسن.

مسز الفنج: أنني خائفة لأنه في أعماق نفسي شيء أشبه بالشبح لا أستطيع الفكاك منه أبدا.عندما سمعت رجينا وأوزفولد هناك بدا لي وكأنني أرى أشباحا. أنني أكاد أظن أننا جميعا أشباح. . .
الأم: احذري (بعد برهة) أثمة شخص يمشي هناك؟
مارجريت(الخادمة): لا ليس هناك أحد.
الأم: أترينني كمن يخاف الأشباح؟
والأشباح هنا، وفي كلتا المسرحيتين، رمز للماضي الذي  تخشى منه مسز الفنج، وكذلك تخشاه الأم، لأنه امتداد للحاضر، فما كان يحدث بالأمس، يحدث اليوم. وكلتاهما تشاهدان صورة ابنيهما في شبح أبويهما، وقد عادا الى الحياة من جديد. ويهدف أبسن من الماضي، كل تراكمات العادات والتقاليد البالية والسائدة في المجتمع النرويجي. 
ويعلق عبدالله عبدالحافظ على حوار مسز الفنج قائلا: (هذه صرخة عقل يحتج على كل أشكال الاعتقاد التي لا تقوم على المنطق، وعلى الأشباح التي تعيش في الظلام وتبطش بالضحايا الأبرياء)(7). 
ويستطرد:( ولعل هذا التزمت في هذا المجتمع النرويجي الصغير هو الذي دفع كثيرا من النرويجيين الى الهجرة لباريس والى أمريكا حيث جو الحرية وحيث ينعم الأنسان ببهجة الحياة).  
في كلتا المسرحيتين أيحاءات كثيرة، تأتي  في البداية، وتتحقق في النهاية، وأبرزها ما يحل بفردريك وأوزفولد، لاصابتهما بمرض الزهري الذي ينتقل بالوراثة الى الأبناء عن طريق الأب. ولكن كليهما لم يلقيا حتفهما، أو بقيا على قيد الحياة،  فسيان كلا الأمرين، عن طريق هذا المرض، وأنما كان هذا المرض سببا لجنونهما، وهذا الجنون هو الذي آل ما آل اليهما . فردريك  بإحراق المنزل، وأوزفولد سعيه في شرب السم. اذن أن هذا المرض، وأن يبدو وراثيا، غير أنه لايخص فردا واحدا، وأنما كل المجتمع. بدليل أن كل الناس من وجهة نظر مسز الفنج والأم، تتحول الى أشباح، لذا فإن هذا المرض، ما هو الا وسيلة لبلوغ الغاية الأسمى، وهي رفض كل الأفكار والعادات والتقاليد البالية للمجتمع النرويجي جملة وتفصيلا. هذا بالنسبة لمسرحية الأشباح. أما بالنسبة لمسرحية البجعة، فان الغاية الأسمى، هي التصدي لخيانة المرأة لزوجها وابنتها، وظلمها لأسرتها ككل، وابراز هاتين الحالتين، عبر حرمان ابنها وابنتها وقبلهما والدهما من الأكل والملبس الجيدين، ودفء الحطب في برودة الشتاء الجليدية، وتوظيفهما في احراق المنزل.
وبالتعويل على وصف الفصل الأول لمسرحية الأشباح، والمشهد  الأول لمسرحية البجعة، وبتفكيك رموز هذين الفصلين، وجدنا بدلا من أن يسود التقارب بينهما، يشطرهما التباعد الى خطين متوازيين، يبدو من الصعب، أن يلتقيا في نقطة معينة، الأول بانفتاحه على المستقبل، يشوبه بقسط وافر من التفاؤل، والثاني بالولوج في دهاليز الأغصان المحروقة ورائحة الكربونيك الطافحتين بالتشاؤم. فغرفة حديقة فسيحة لها باب في الحائط من جهة اليسار، وبابان في الحائط من جهة اليمين، بالاضافة الى انفتاح الغرفة على مشتل للزهور، وله حيطان زجاجية كبيرة، وفي الحائط الأيمن للمشتل باب يفضي الى الحديقة، فمثل هذا المنظر المنفتح بأبوابه ونوافذه على العالم الخارجي، لا بد أن يحتوي، أو يريد أن يحتوي على شخصيات، تتسم ولو بجزء ضئيل من الأمل في الحياة. وشخصية أوزفولد هو هذا النموذج.  بدليل أن الكلمة الأخيرة التي أطلقها في نهاية المسرحية، كانت : الشمس. 
بينما المنظر الذي يتكون من باب واحد للشرفة، وصالة جلوس تفضي الى صالة أخرى للطعام، وأريكة مغطاة بغطاء أحمر، وكرسي هزاز... فكل مفردة من هذه المفردات، تشكل بحد ذاتها علامة من علامات التشاؤم التي تنتظر مستقبل شخصيات المسرحية. ولعل احتراق الثلاثة في نهاية المسرحية، الأم وابنها وابنتها في آن، يؤكد ذلك. لنفهم أن أبسن يتبع في الفصول الأولى في مسرحياته طريقة العرض، مع تقنية اقتران البداية بالنهاية. وسترندبرغ يتبع التقنية الثانية أيضا، ولكن ليس  بتجزئة العناصر الدرامية الثلاثة كلا على حدى، كما يفعل أبسن، وانما بخلطها في تركيبة متماسكة معا.
وفي المنظر الثاني للأشباح، تجري الأحداث في نفس الغرفة. الا أن تعزيزه بجملة ( لا يزال الضباب يخيم على المنظر العام)، جعل المؤلف ينحو هذا الفصل، منحى (العقدة)، وأغلب الظن، أن هذه الجملة جاءت، امتدادا للفصل الأول، حيث كان المطر يهطل.
بينما يخلو  المشهد الثاني للبجعة من أي وصف أو شروحات. وهذا يعني أنه كالمشهد الأول، أن عناصره الدرامية تسير على نفس الوتيرة. ولكنه في المشهد الثالث، ومع صوت ارتجاج الباب، وطرقات متسارعة عليه من قبل الصهر، هذه الطرقات التي تذكرنا بمسرحية ماكبث لشكسبير، نفهم من خلالها، أن عقدة مسرحية البجعة قد بدأت. وفي المشهد الرابع أن هذه العقدة تتطور، عبر هبوب رياح عاتية، يسمع صفيرها من النوافذ والمدفأة، والباب الخلفي ينصفق، ليذكرنا هو الآخر بمسرحية الملك لير لشكسبير أيضا. وفي المشهد الخامس والسادس، عزف موسيقى في الخارج، وفي السابع، يدخل الصهر وفي يده عصا غليظة، أشارة واضحة الى أنه سيتعامل مع أم زوجته بشكل فظ. وفي المشهد الثامن، توقف الأم الكرسي الهزاز، ويدخل الابن ثملا، لتوحي المفردة الأولى على القلق، والثانية على جرأة التطرق للمواضيع الحساسة، وتوجه الأم نحو النافذة في المشهد التاسع، وتفتحها تنظر بعيدا، تتراجع بعد وهلة الى الغرفة حيث تأخذ مسافة استعدادا للقفز، لكنها تعدل عن قرارها حين تسمع ثلاث طرقات على الباب، وأذا كانت النافذة تشكل عالمها الخارجي الذي تتوق من خلاله أن تعيش بحرية، فأن الغرفة التي هي في داخلها ، تشكل عالمها المحاصر بقيود محكمة.
وهي بين الاثنين، بين ضميرها الذي يؤنبها، ويدفعها الى الانتحار، وبين توقها للحرية، المتمثلة بطرقات على الباب، لتنقذ هذه الطرقات حياتها، تختار الأخيرة.
وهنا يلجأ سترندبرغ الى استخدام تقنية الاسترجاع كأبسن، من خلال استحضار  صورة الابن على هيئة والده، وهي تقول: من هناك؟ ما الذي يجري؟ ( تغلق النافذة) أدخل ! هل هناك أحد . أنه نفسه وهو يعدو في حقل التبغ، ألم يكن ميتا؟
. . . . 
وفي منظر الفصل الثالث للأشباح، يعود المؤلف، مانحا أياه مواصفات الفصل الأول نفسها تقريبا، أقول تقريبا لأن شابته بعض روح التشاؤم، ولكن ليس بغلبة هذه الصفة على التفاؤل، بل بالعكس، بغلبة الأخيرة على الأولى. وجاء هذا الفصل كذلك، اتساقا مع تطورات أحداث المسرحية التي قادت أوزفولد المحب للحياة، التفكير في الانتحار. مثله مثل الأم في البجعة، واقعا تحت وطأة الشعوربتأنيب الضمير في أصابته بهذا المرض، ظنا منه أنه المسؤول الوحيد عنه والذي ألحق الأذى، ليس برجينا فقط، وأنما بالمجتمع ككل. 
وتكمن روح التشاؤم في هذا الفصل فقط في جملة ( في الخارج ظلام)، وتعقبها جملة، تحتوي على قدر ضئيل من الأمل: (باستثناء وميض خافت من النار ينبعث من خلفية المسرح).
أما التفاؤل فيمكن ملاحظته في هاتين الجملتين: ( كل الأبواب مفتوحة) و( لا يزال المصباح مضيئا على المنضدة.)

---------------------------------------------------
المصدر : جريدة المدى 

تفاعلية الجمهور والمكان بمسرح المقهورين في عرض (مفتاح الفرج)

مجلة الفنون المسرحية

د. فيصل عبد عودة

تجربة ثانية بعد مسرحية ( ورطة ) تصنعها ( جماعة الناصرية للتمثيل) يومي 13 و 14 / 1 / 2017  بنص الكاتب المسرحي عمار نعمة: ( مفتاح الفرج )، إخراج الدكتور ياسر البراك ..
هذه التجربة التي اختلفت تماما عن النسق المسرحي الذي تجاوز الكثير من الحدود في التجارب المسرحية المعروفة ،من ناحية الفكرة المتشظية على مساحة وطنية - إنسانية لامست القهر البشري اليومي الذي يعيشه الانسان العراقي اليوم .. بل هي توليف منظم وذكي كما ظهر في خطاب العرض من مرتكزات المسرح التسجيلي والوثائقي مع اختلاف الوسائل .. اعتمد الدكتور البراك في إنتاج عرضه المسرحي على قصدية التعامل مع الجمهور والممثل في آن واحد اللذين شكلا ثنائية تحكمت بتدفق الافكار وسردها لفظاً وإيماءً مما أوجد جدلية أستطيع أن أطلق عليها  ( جدلية العرض المستمر ) .. التي اختلفت تماما عن المحاكاة الأرسطية والبرشتية التي ترى المتحرك داخل الذات .. فالمتحرك في العرض هو الممثل الذي يستفز ويستلب بين الحين والاخر ذات الجمهور ويضعه أمام علامات استفهام وردود فعل باعتبار أن الجمهور هو ركيزة العرض وهو حاضنة لخطاب العرض .. هنا ابتعد البراك عن تأثيث المسرح المفتوح بل إنحاز العرض الى مسرح فقير غني بالإيماءة وحركة جسد الممثل وتلاشي جدران الوهم المسرحي الذي به أصبح المكان متحركا وواعيا أمام الجمهور .إن اختزال الحكاية على وفق المنطق الروائي هو أن يجد الجمهور متونا حكائية متعددة تماهت وتطابقت مع البناء الخارجي لشكل الممثل ( الأزياء) حيث وظّف المخرج الزي بسابقة فريدة تجردت عن الزي المسرحي الذي يتمحور على الشكل المسرحي المألوف وتعداه الى عمق الشخصية وتأريخيتها .. فكل شخصية أصبحت دلالاتها الفكرية من خلال الزي وملحقاته التي استخدمها الممثل طيلة زمن العرض.  هذا المنحنى هو لإسقاط الغموض والتشفير المركب كون العرض خاطب جمهورا  أتى من عمق الشارع والمقهى والجسور والHسواق والمارة.. 
إن اختيار المخرج لفضاء مفتوح هو قصد لقلب المعادلة ما بين مكان العرض والجمهور .. فتقصّد المخرج أن يذهب بعرضه المسرحي الى الجمهور وليس العكس وهذه من التجارب الصعبة والمركبة جدا حيث واجه العرض شارع السلطة - وهنا أعني سلطات الافكار المختلفة الميول والاتجاهات .
ومن خلال هاتين التجربتين برزت بعض المرتكزات التي تؤسس الى تفاعل كبير من أن يكون المسرح مكانا منبريا مؤثرا في المجابهة والتغيير ومنها:
اشتغال المخرج مع مجموعة شكّل لها المسرح هاجسا جماليا على وفق التجارب المعملية المختبرية التي قام بها المخرج لفترات زمنية طويلة. 
تبلور الطاقات الشابة الواعدة ومنها العنصر النسوي لإيجاد ثقة أدائية بالعرض.
اختزال الانتاج المسرحي المبالغ به وتوفير عناصر العرض المرئية بأقل تكلفة إنتاجية الأمر الذي يلعب الانتاج الفني اليوم دورا كبيرا لتأسيس عرض جمالي مبهر.
ركز العرض لمفهوم العمل الطاقمي الذي نرى به المؤلف ممثلا .. وهذا ما كان لدى المبدع عمار نعمة جابر الذي وظّف جسده الرشيق لإنتاج علامات وفواصل وأفكار نقدية لاذعه وهادفة ومبتكرة.

-------------------------------------------
المصدر : جريدة المدى 

كتاب "المخيّلة الخلّاقة في تجربة محيي الدين زنكنة"

محيي الدين زنكنه ... المسرحي والأديب الكردي ذو اللسان العربي

مجلة الفنون المسرحية

محيي الدين زنكنه ... المسرحي والأديب الكردي ذو اللسان العربي

احمد نجم


كردي القومية وعربي اللسان والقلم ، هكذا كان المؤرخ والاديب ابن خلكان وهكذا كان رائد الشعر الحديث بلند الحيدري وهكذا كان الشاعر الكبير معروف الرصافي ومنافسه جميل صدقي الزهاوي ، وهكذا هو اديبنا الراحل محيي الدين زنكنة الذي يعده بعض النقاد افضل كاتب مسرحي عراقي معاصر ، ولد في كركوك عام 1940 وقضى فيها طفولته قبل ان يتخذ من بعقوبة مقرا لسكنه ليرتبط اسمه فيها وفي شوارعها ومقاهيها مما جعله يعد من ابرز رموز مدينة البرتقال في القرن العشرين.  تخرج من كلية الاداب قسم اللغة العربية وعمل بعدها مدرسا في محافظات عدة حتى استقر في الاعدادية المركزية وسط بعقوبة في ستينيات القرن الماضي.
ارتباطه ببعقوبة
عاش زنكنه في بعقوبة اكثر من 37 سنة وارتبط بمجالسها ومقاهيها واحب جلسات البساتين وعلى ضفاف الانهار ، وكون علاقات اجتماعية مع معظم عوائل بعقوبة وادبائها ، واحد من اقرب اصدقائه الذي اعده زنكنه فردا من عائلته هو الاستاذ كريم الدهلكي صاحب المكتب الوحيد لتوزيع الصحف في بعقوبة الذي تحدث لي عن علاقته بزنكنه التي وصفها بالعلاقة الابوية، حيث كان الراحل زنكنه يقضي الكثير من اوقاته في مكتبة الدهلكي وحتى ساعات متأخرة من الليل وكان يحضر الاحتفال السري بذكرى تأسيس الحزب الشيوعي الذي يقيمه الدهلكي سنويا . للدهلكي ذكريات كثيرة مع صديقه الروحي تحدث عن احداها حين ذهب الى مديرية امن #ديالى للحصول على اذن بالسفر الى برلين بعد الدعوة الرسمية التي وصلت الى زنكنه ولم يعط ضابط الامن الاذن بالسفر الا بعد ان تعهد الدهلكي بأن يقضي طيلة حياته مسجونا ان لم يعد زنكنه الى العراق مجددا وسط ذهول الراحل الكبير الذي اصبح بعدها صديقا لضابط الامن بعد ان عرفه ميله للثقافة والقراءة ، ولم ينقطع الدهلكي عن زيارته بعد ان انتقل الى #السليمانية عام 2006 واستمر يزوره شهريا وتحدث عن الوحشة التي شعر بها زنكنه على الرغم من انه بين اهله وابناء قوميته الا ان حنينه وشوقه الى بعقوبة لم ينته وكان يسأله عن اهل بعقوبة فردا فردا.
بعيد عن الاضواء
كان هادئا وقورا يطبع الجد قسماته وحركاته حتى خلت انه لا يضحك ، هكذا يصفه صديقه المقرب الدكتور عبد الحليم المدني الذي كان يرافق زنكنة بشكل مستمر حتى في مهرجان المربد حيث كان ضيفه الدائم . رغم كونه الكاتب المسرحي الاول الا انه لم يكن راغبا بأية شهرة لانه يرى ان العمل الابداعي يقدم نفسه بنفسه فكان بذلك واحدا من اكثر ادباء العراق ابتعادا عن الاضواء ، لا يحب الحديث عن نفسه حتى لطلاب الماجستير الذين اختاروا مسرحياته كمادة لرسائلهم العلمية ويرفض الحوارات الصحفية بشدة حتى احتاج بعض الصحفيين لوساطة تلميذه المقرب صباح الانباري لاقناعه بتسجيل الحوارات الصحفية. كتب زنكنة مجموعته القصصية الاولى بعنوان (كتابات تطمح ان تكون قصصا) في تواضع كبير منه فلم يجرأ على تسميتها قصصا فعلق الناقد الكبير علي جواد الطاهر على هذه المجموعة بالقول: ( انها لقصص فيها ما يفوق ما كتبه الاخرين مصحوبا بدعاء طويل).
علاقته مع السلطة
رغم كونه يساريا ويميل للانتصار للمظلومين والمسحوقين الا انه لم ينتم لأي حزب سياسي ولم يكن يحب قيود العمل الحزبي ، مع ذلك مارست السلطة ضده ضغوطا لكي يقدم عملا يخدم الحرب الا انه كان يخرج نفسه بذكاء من هذه المواقف المحرجة ويقدم احيانا اعمالا عن بشاعة الحروب والظلم فيتجاهلها المسؤولون حينما يجدونها لا تثقف لقضية الحرب ، مارست السلطة ضده تضييقا وعرقلت احدى المرات سفرته الى مصر واخذت الوزارة ترسله للاخرى حتى حرم من المشاركة في مهرجان القاهرة. في العام 1967 كتب مسرحية (الجراد) التي عرض فيها بجرائم الحرس القومي وعرضت على المسارح عدة مرات وهرب بسببها الى جبال كردستان بسبب ملاحقة البعثيين له. بعد عام 2003 رفض زنكنة عدة مناصب عرضت عليه اهمها مستشارا لغويا لرئيس الجمهورية الا انه فضل الاستمرار في كتابة قصصه ومسرحياته الخالدة على المناصب الزائلة.
محطات الابداع
علاقة زنكنه بالكتابة بدأت وهو بعمر 14 عاما فقط واستمرت حتى ايامه الاخيرة التي منع فيها من القراءة والكتابة ومشاهدة التلفاز لان مرض السكري الذي لازمه في سنواته الاخيرة أثر على عينيه حتى انتهى به الامر متوفيا في صباح 21 اب 2010 اثر نوبة قلبية ، توفي وهو لا يزال ينتظر تأشيرة الدخول الى اوروبا للعلاج. زنكنه من اكثر كتاب المسرح فصاحة في الاسلوب واللغة ومع ذلك كتب بعض مسرحياته باللهجة المحلية ، وقائع حياتية كثيرة يسردها عن شخصياته المسرحية وكانه يريد ان يفتح لها سجلا
حياتيا.
عشرات المسرحيات كتبها طيلة حياته عرضت بعضها في برلين والقاهرة والخرطوم وتونس والمغرب ولبنان وفي بعض دول الخليج ، اول اعماله هي مسرحية (السر) تبعها بعدة اعمال مهمة منها (الجراد) و (السؤال) و (الاجازة) و (صراخ الصمت الاخرس) و (الاشواك) و (رؤيا الملك) اضافة الى عدة روايات ابرزها رواية (بحثا عن مدينة اخرى). كرم في قرطاج والقاهرة التي نال فيها جائزة افضل كاتب مسرحي وحازت مسرحيته (الخاتم) على المركز الاول من وزارة الثقافة عام 2005.
وعلى الرغم من كل هذا الابداع الان انه لا يزال اسما مجهولا لدى معظم اهالي #ديالى ولم تلتفت الحكومة المحلية للاحتفاء به او تسمية مدرسة او شارع باسمه على اقل تقدير.

------------------------------------------
المصدر : الصباح

«مجنون» جبران و«جنون» الجبالي

مجلة الفنون المسرحية
يوسف الحمدان

ليست العبرة في الغالب في كل العروض التي يستضيفها المهرجان، إنما العبرة قد تكون في عرض مسرحي واحد وحيد، يشكل اتجاها نوعيا واستثنائيا في المسرح، ويفتح أفقا يتجاوز في معطياته ودلالاته الفكرية والفنية، التوصيفات الإبداعية التي نلهج بها كلما شاهدنا عرضا مسرحيا لافتا وآسرا في مفرداته وعناصره الخلقية.
هكذا قرأت أفق (المجنون) لساحر وفيلسوف الصورة الحية الخلاقة والمتشظية والمتفلتة والمحيرة والمبهمة والمورطة في وطننا العربي المخرج التونسي توفيق الجبالي، حيث تتحول كل مفردات وعناصر الخلق المسرحي، من صوت ولون وتشكيل ونحت ورقص وسمهجات وهلوسات وحكايات وموسيقى وذبذبات ووشوشات وتجليات صوفية مهووسة بالذي لن يأتي ولن يستقر، تتحول إلى صورة حية تختزل كون جبران وتضعه في محور فلكي يشبه درب التبانة، حيث لا تميز الضوء عن السديم، ولا حركية الكون عن ثبات محورها وتفلته.
إن اشتغالات واشتعالات الجبالي المخبرية القلقة في المسرح، غالبا ما تقترح على مؤديها ومتلقيها لغة هي من (الجنون) الذي لا يأبه بالتوصيف أو التصنيف، ولا يأبه بالتوضيح أو الغامض والمبهم. هي لغة ليست في وارد التعاطي مع المسرح بوصفه فعل ممثل وفضاء للتمثيل أو التمسرح، إنما هي لغة اشتباكية مع الأحياء والأشياء، مع النقائض والمتضادات، مع المخفي بوصفه أكثر (جُنًا) من المخفي ذاته، مع الوهم بوصفه حلما، ومع العذابات بوصفها مسارات لا حدود لانتهائها ولا ملامح لأسرار منابعها.
إنه يلج بنا إلى ذرى أمواج يصعب علينا تخطف ُطشارها الزبدي، وإلى استقصاءات مخبرية تتجاوز حصرها في البحث الجسدي السائد، إذ كل الحالات في (مجنونة) الخلاق المتفلت، هي في كل حالة منها استقصاء مخبري، ففي الوقت الذي ترعف فيه أجساد ودواخل خيوله الحرة، بما يعتمل بها من قلق ومحاولة للهروب نحو الفضاء الأكثر تحررا، في الوقت ذاته يكشف لنا ليلها الخلاق عن مبهمات لكائنات يكتسيها ظلام مريب وملبس، وكما لو أن هذه الحيوات المبهمة ظلالات تحيا في جوانح كمائن هذه الأجساد (الخيول)، وهذا الظلام المتعدد الحيوات والمبهمات والأوهام والدروب الغرائبية المريبة.
إن الجبالي لا يعنيه أن يكون الممثل في (مجنونه) و(جنونه) محورًا كي يتحقق العرض، ولا تعنيه التماثلات المرتبة كي تتحقق النتائجية والتماثلية البصرية والصوتية في العرض، يعنيه أن يكون المسرح وإن لم يكن الفضاء، تعنيه الحالة التي من شأنها أن تنتج حياة في المسرح وإن لم تكن حية بالمعنى البيولوجي أو المادي، تعنيه اشتباكات الأزمنة النفسية والميتافيزيقية في حيزها الأكثر مواربة وقلقا وحيرة.
لذا حتى لو كانت الأصوات المسجلة والوشوشات والذبذبات وحدها تتملك فضاء العرض أو فضاء الجنون، فمن شأنها أن تنتج وتشكل عرضها وأفقها. كل الأجساد في هلوسات الشاعر المجنون (جبران والجبالي)، صورًا حية، تتآخى وتتقاطع مع كل الكائنات الأخرى في العرض، كما أنها صور تتمنتج في الآن ذاته ويخبو وهجها في الآن ذاته أيضا، ويظل بحثك عنها، هو بحثك عن الصور التي ضلت طريقها في مخيلتك البصرية.
وتظل تبحث وتبحث، تصعد وتهبط، وكما لو أنك سيزيف الجنون الكوني الذي أومضه الجبالي في لحظة صورية بصرية هائلة الضوء والعتمة والريبة، لتبدو أمامه متكأ الأثر الأول لقدم الصعود نحو سلم العذابات الكوني، ونحو أمل يأخذنا نحو الصعود إلى الهاوية.
يستحضر (جنون) الجبالي سيزيف كوننا المضني في لحظة برقية مؤثرة، ليظل في كل وهلة ماثلا بقوة في دواخلنا، ولتتشكل من بين محيط عتمته (التبانية)، أفضية صورية تتجلى في نثار ضوء هنا يخطف أعيننا نحوه للحظات ومن ثم يخبو، لتتشكل معه مواويل حزن تأتي من بعيد قاع ذاكرتنا ومخيلتنا، لتستقر في ذاكرة ومخيلة حضرت اللحظة وتجاوزتنا إلى لحظات غريبة ظلت تشاغب أوهامنا وستظل حتى قاع أخرى أشد شراسة وفتكا لتكهناتنا بمصيرها ومصيرنا.
هو الليل، هو الظلام، هو سحر اللون، هو منبلج الخلق والكون والصورة، هو الصوت المبتدى واللامنتهى، هو نحن والآخر وما بعد الآخر، هو شاشة المسرح والفيلم والوهم والحلم، هو ورطة لعبة ( البازل) التركيبية والمركبة التي اختزل فيها (جنون) الجبالي رؤية أخرى جديدة لبورتريه جبران خليل جبران، ليتماهى في حيزها غير المكتمل (المجنون) و(الجنون)، ولينتج من خلالها الجبالي أفقا جديدا وخلاقا وساحرا في عالمنا المسرحي بكونيته المنفتحة على رؤى نحلم يوما أن نحقق شظايا صورة منها.

-----------------------------------------
المصدر : الأيام 

الخميس، 2 فبراير 2017

"أميركية الشارقة" تفتتح المهرجان المسرحي العالمي الأول

المعايير الجمالية للباليه الحركية والفنتازيا الساحرة في مسرحية "بيتر بان" للموسيقي"فيليب فيني"

أسعد عبد الرزاق في ذاكرة المسرح العراقي .. ذكرى رحيل مؤسس فرقة 14 تموز

مجلة الفنون المسرحية

أسعد عبد الرزاق في ذاكرة المسرح العراقي  .. ذكرى رحيل مؤسس فرقة 14  تموز 

فائز جواد

استذكار رموز الفن والثقافة والذين اثروا المكتبة التلفزيونية والاذاعية والسينمائية واغنوا المشهد التشكيلي العراقي باعمال نحت ورسم كانت وستبقى رموزا للفن العراقي ، ووفاء منا نقلب مسيرة عمالقة الفن والثقافة العراقية تقديرا لما قدموه من جهود كبيرة تكللت بروائع عراقية كبيرة ،

 ايقونة المسرح العراقي الراحل اسعد عبد الرزاق الذي ودع المسرح والفن في العام 2013  كان وحتى ايامه الاخيرة يتابع الاعمال المسرحية ويحرص على اعطاء ملاحظاته لطلبته من خلال الحضور الجاد لللعروض المسرحية التي كانت تقدم على خشبة الوطني واكاديمية الفنون الجميلة فكان لطلبته كافة الاستاذ والمربي والاخ والصديق ولم يبخل عليهم بكل معلومة ولم يشعرهم انه عميد لاكاديمية الفنون الجميلة بل ممثلا يستمع لملاحظات المخرج بكل جوارحه ومخرجا ومؤلفا في ذات الوقت للطلبة في اطاريحهم التخرجية حتى عقد مع طلبة قسم المسرح صداقات امتدت الى العائلية وكان رحمه الله يشعر بالفخر في نقاش يختلف به براي مع احد تلامذته وكان يرفع شعارا ان الانسان يبقى يتعلم ويتعلم لاخر يوم من عمره لان المسرح عالم قابل للتطور والتعلم والابداع وكان يصغي باهمية كبرى لملاحظات المخرجين الشباب اثناء التمارين المسرحية التي كان حريصا على ان يحضرها قبل ان يعطي ملاحظاته القيمة بالتالي احبه وعشقه الجميع ، ومثلما كان صادقا ومطيعا وملتزما ومبدا في المسرح كان في التلفزيون كذلك عرف بابداعه والتزامه وعلاقاته الطيبة مع كافة المخرجين والممثلين من زملاءه الذين عاصروه وتوج هذا الحب والالتزام والابداع باعمال مازالت في ذاكرة العائلة العراقية عموما والبغدادية خصوصا  لتترك اعماله اثرا طيبا لدى جمهوره الكبير الذي يكن له الاحترام والتقدير .

 لقد عمل الراحل مخرجا ومدربا ومشرفا على المدارس الإعدادية في بغداد ، قبل ان يسافر  الى روما  وتحديدا عام 1955  وبقيّ هناك لمدة أربع سنوات ، لدراسة فن المسرح ، وعاد في عام  ، 1959  ويبدو أن من المحطات الرئيسية في حياة وتاريخ  الفنان الراحل اسعد عبد الرزاق  هي تلك التي أصبح فيها رئيسا لفرع التمثيل في معهد الفنون الجملية.

ومن اجل ان نؤكد على حقيقة تلك الدراية المشغوفة بالق فن المسرح التي تسكن هواجس هذا المبدع الكبير ، علينا ان نُشير الى ظاهرة فريدة من نوعها تبقى علامة مضيئة منيرة على رأس المحطات الرائعة الجميلة في حياة الفنان المبدع الكبير  اسعد عبد الرزاق  وهي من أروع الأزمنة ، بل من أخصب وأجمل التواريخ ، والمحطات التي سجلت بأحرف من ماسٍ بغدادي لتاريخه المجيد الحافل بتلك الخلجات الفنية التي راح يترجمها بألق وروعة على أرضية الواقع ، تلك اللحظة الكبيرة والخالدة ، هي لحظة تأسيسه لفرقة (14 تموز) مع جملة من الفنانين العراقيين ، تلك الفرقة الخالدة التي أنجبت العديد من رموز الفن العراقي بمجمل مناخاته الإبداعية الرائعة .

الدبخانة مسرحية خالدة

ولعل الذي يبقى خالدا في الذاكرة الجمعية تلك المسرحية الشعبية البغدادية العراقية الأصيلة (الدبخانه ) تأليف الفنان المبدع  علي حسن البياتي  ذلك العمل المسرحي الذي ظل خالدا يحاكي الذاكرة العراقية على مدى أكثر من خمسة عقود وهو يقف شامخا على رأس الأعمال المسرحية العراقية الخالدة التي يحن لها ذلك الإحياء الخفي بالانتماء للوطن أولا ، ولفن المسرح العراقي ثانيا ، ولمتعة الفرجة البغدادية الأصلية ثالثا ، رغم أن الوضوح كان قائما بتواضع الإمكانيات التقنية والفنية المسرحية وقتها ، لكنه كان عرضا مسرحيا مدهشا ، استنفر قوام المشاهدة التلفزيونية لأعوام خلت ، وسيبقى خالدا على مدى العقود القادمة ، لأنه يمتلك ذلك الحس الشفيف الذي يربط العرض المسرحي بالاستجابة الحقيقية لفرضية المشاهدة ، لتحقيق منهجية البهجة والفرجة ابتداءا ، ومن ثم ليحيلها بذات اللحظة الى التغيير عبر الوعظ المباشر ، ولأنه كان من إخراج هذا المبدع الكبير ( اسعد عبد الرزاق ) الذي أضاف اليه من ملكته الإخراجية السلسة ، ذلك الإضفاء الابهاري البغدادي الأصيل ، وبأدوات فنية بسيطة ، ومما ازدان به ذلك العرض المسرحي الرائع هو ذلك الأداء التمثيلي الرائع السهل والغير ( اندماجي- معقد ) والواضح المعالم والأطر ، والمؤثث باسترخائية تجسيدية محببة واقعية المذهب والإسقاط ، والمقرونة بدلائل استقرائية واضحة للشخصيات ، والذي أبدع في صياغة وتقريب العرض الى الأذهان بغض النظر عن ارتباطها المعرفي والثقافي أثناء عملية التلقي والاستقبال ، وأشاع أيضا في مواطنها روح البهجة والمتعة والفرجة المثالية  ، وكان مجسدو الأدوار الرئيسية فيها الفنان الراحل المبدع  وجيه عبد الغني  والفنان المبدع الكبير  قاسم الملاك اطال الله عمره كانا مبدعين في تجسيد أدوارهما ، لأنهما ارشفا لعمل مسرحي عراقي رائع أصيل ، اخترق بثبات مواطن الذاكرة ، ليستقر مطمئنا بداخلها .

رحلته مع اكاديمية الفنون

في عام 1967 عمل الفنان  اسعد عبد الرزاق  أستاذا مساعدا في أكاديمية الفنون الجملية ، ثم مساعدا للعمـــــــــيد فيها ، ثم عميدا لها من عام 1972  الى عام 1988 .

ومن خلال عمله أستاذا قديرا ، وعميدا مخلصا متفانيا في أداء عمله في أكاديمية الفنون الجملية ، اشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه لطلبته الذين أصبحوا فيما بعد أعمدة كبيرة ، وقامات شامخة وأسماء مهمة في عموم مخاصب الفن ، والمسرح العراقي .الفنان والمعلم الكبير  اسعد عبد الرزاق  تلك القامة الخالدة في الذاكرة الجمعية ، والملاذ الدافئ ، والحاضنة الحضارية العلمية والمعملية الأكاديمية التي تررع بداخل ثيماتها الناهضة جل الفنانين العراقيين .الكاتب سعدي عبد الكريم كتب عن الراحل في مؤسسة النور الثقافية (يا أيها القمر النير الذي يشع في سماء فن المسرح العراقي ، والذي لا يطاله الظل ولا الحرور ، ويظل نوره يداهم الليالي والصباحات المورقة ، ليُعرش فوق متاهاتنا المد لهمة الفائتة ، لنستضيء بظله الوارث ، وحكمته العبقرية ، وعلميته الأكاديمية الراقية .إليك يا ( عراب الفنانين العراقيين ) وشيخهم النبيل الجليل ، نهدي أجمل التحايا واجلها ، ونحمل إليك في ثنايانا (العتيقة – الجديدة ) عبق وأريج العراق ، ذلك الوطن المتألق الذي يتربع في القلوب ، ويسكن في المآقي ، لعلنا نغفر لأنفسنا شيئا من خطايا نسيانك ، وان كنت على الدوام تسكن في سويداء الأفئدة ، ومحاجر العيون ، لأنك شاهد مجيد من شواهد فطنتنا المعرفية الإبداعية التي تخالج أذهاننا ، بل وتؤشر معالم مفاتننا الفنية ، وتجدد فينا ملامح تجاربنا المسرحية ، وتوقض في لواعجنا مفازات القيض ، لتسقيها بغيث المعرفة ، التي نستقيها من مطر سماءك المخصب ، لأنك ذلك (الجابي ) الذي نُقشَ في ذاكرة السينما العراقية ، ولأنك  عراب  المسرح العراقي النبيل) .

الراحل في سطور

الفنان أسعد عبد الرزاق هو أحد الفنانين العراقيين المخضرمين. قدَّم عدداً من الأعمال للمسرح مخرجاً وممثلاً. وشارك في العشرات من التمثيليات والمسلسلات التلفزيونية.وكذلك الافلام السينمائية . تولى عبد الرزاق منصب عميد معهد الفنون عام 1961. وفي عام 1971 أصبح عميداً لكلية الفنون الجميلة. وعلى مدى 17 عاما من عمادته للكلية، نجح عبد الرزاق في استحداث وتأسيس عددٍ من الأقسام في الكلية التي كانت تتكون من قسمين و150 طالباً. وعند إحالته إلى التقاعد عام 1988 كانت الكلية تحتوي على سبعة أقسام وثلاثة آلاف طالب. بدأ الفنان اسعد عبد الرزاق التمثيل حينما كان طفلاً، اصطحبه اخاه الأكبر ليشاركه ومجموعة من الهواة في تقديم عمل مسرحي. ولكن في العام 1939 أعلن الفنان الراحل حقي الشبلي عن طلب ممثلين للمسرح العراقي. فرشحه أحد زملائه في المدرسة المتوسطة. وفعلا تقدم للمشاركة وأعطاه الشبلي دور البطولة في مسرحية الصحراء التي قدموها ضمن النشاط المدرسي لوزارة المعارف حينذاك. وبعد تأسيس معهد الفنون عام 1940 دعاه الفنان الشبلي للدراسة في المعهد، لكنه أبدى له رغبته في إكمال دراسته الثانوية. وفعلا أكمل دراسته والتحق بكلية الحقوق وانضم في ذلك الوقت إلى مجموعة “جبر الخواطر” التي شكلها الفنان الراحل يوسف العاني الذي كان طالباً في كلية الحقوق أيضاً. وقدموا من خلال الفرقة عدداً من الأعمال بعضها كان عبارة عن مقاطع وفصول هزلية. لكن هاجس التمثيل بقي في داخله؛ فسارع إلى الالتحاق بالدراسة المسائية في معهد الفنون الجميلة . وقد قاطعه أهله بسببها عندئذٍ لأكثر من أسبوعين. وبعد تخرجه من الحقوق، عمل في هذا الحقل لفترة وجيزة ثم عين مدرساً في معهد الفنون لتدريس مادة التمثيل. ثم أتيحت له فرصة الدراسة في روما التي عاد منها عام 1958 بعد حصوله على الماجستير. كماأسس مع المرحوم وجيه عبد الغني فرقة 14 تموز عام 1959 وكان معه فوزي مهدي وصادق علي شاهين. وكانت أهم الفرق في بغداد إلى جانب فرقة المسرح الفني الحديث التي أسسها الفنانين ابراهيم جلال ويوسف العاني. وقدموا عدداً كبيراً من العروض و بعضها مازال عالقاً بذاكرة المشاهد، مثل مسرحية الدبخانة التي اخرجها : اسعد عبد الرزاق والتي عرضت لأول مرة عام 1960 ولقيت شهرة واسعة. و وكذلك مسرحية كملت السبحة و أيدك بالدهن و جزه وخروف و جفجير البلد وغيرها، والتي كنت مخرجا لأغلبها. ومن الافلام السينمائية التي قدمها نذكر : فيلم الجابي 1968 وهو اول بطولة سينمائية له على الساحة السينمائية والذي اخرجه الراحل جعفر علي ، وتوالت اعماله السينمائية بعد ذلك في افلام سنوات العمر للمخرج الراحل  جعفر علي ، وفيلم النهر 1977 للمخرج فيصل الياسري ، وفيلم الفارس والجبل للمخرج محمد شكري جميل . اما المسرحيات التي مثلها نذكر منها : خان بطران ومملكة الشحاذين وغيرها توفي الفنان ااسعد عبد الرزاق في العام 2013 بعد صراع مرير مع مرض الشيخوخه ليترك لنن ارثا مسرحيا وتلفزيونيا وسينمائيا كبيرا .

------------------------------------------------------
المصدر : جريدة الزمان 

الفنان المسرحي كامران حاجى الياس : هناك عروض مسرحية مستمرة ولاكن ليس بالشكل المطلوب

مجلة الفنون المسرحية
الفنان المسرحي كامران حاجى الياس : هناك عروض مسرحية مستمرة ولاكن ليس بالشكل المطلوب 

ولد الفنان والكاتب ( كامران حاجى الياس ) في مدينة رواندز عام 1965، تخرج من معهد الفنون الجميلة قسم المسرح من تربية بغداد عام 1993وكلية التربية في الموصل عام 2007 . عين كأستاذ للأخراج المسرحي ومن ثم رئيس قسم المسرح في معهد الفنون الجميلة في أربيل ، وحاليا مشرف فني تربوي في أربيل . 

لدية العديد من الأعمال الفنية في التلفزيون والمسرح والسينما، ابرز اعماله الدرامية :

دموع بيخال ، الخط الابيض ، الكمنجة ، ممي الآن. وابرز الاعمال المسرحية : الاستثناء والقاعدة (للكاتب بريخت) ، اوديب ملك للشاعر والمسرحي اليوناني سوفوكليس ، مدينة العشق (الكاتب طلعت سامان) سرالمهنة(الكاتب أحمد بودشيشة) الرجل الذي رفضه الموت (الكاتب د.ابراهيم البصري) ، زمبيل فروش اعداد( الكاتب زيلوان طاهر) .

ومسلسل اذاعي اسمه ( غواره) للكاتب عزيزملارش كان يذاع في صوت كوردستان سنة 1999. اشهر كتبه المطبوعة : كتاب خشبة المسرح ، كتاب المسرح المدرسي ، كتاب معا المسرح ، كتاب ازمة المسرح بين المسرحين ووزارة الثقافة والاعلام،سعدنا بلقاء الفنان كامران وقد اجاب مشكورا على اسئلتي :

 استاذ كامران لوسمحتم حدثنا عن بداياتك الفنية وكيف تعلمت فن التمثيل ؟ والممثل الذي تأثرت به وتحب اداءه على المسرح الكردي ؟ 

 كنت احب التمثيل منذ الصغر واول مسرحية اشتركت فيها سنة 1978 في مدينة رواندز وهي مسرحية ( صراخ من فلسطين ) تأليف واخراج استاذي زرار محمد ، وبسبب حبي للتمثيل ولتطوير موهبتي ذهبت الى معهد الفنون الجميلة في بغداد كي ادرس التمثيل بشكل اكاديمي ، كنت معجبا جدا ولغاية الأن بأستاذي أحمد سالار و صباح عبد الرحمن.

 سيدي .. لو سمحتم ما هي أبرز ادوارك المسرحية وأحبها إلى قلبك؟ 

 مسرحية (الرجل الذي رفضه الموت ( كنت أمثل شخصية يوسف من أخراج الاستاذ زرارمحمد .

استاذ كامران اذا ممكن حدثنا عن المسرح الكردي وكيف ترى مستوى المسرح في اقليم كوردستان ؟ 

 ليس لدى المسرح الكردي مدرسة خاصة على المستوى العالمي مثل المسرح الإنكليزي والروسي والألماني هناك محاولات من اجل جعل المسرح الكردي مدرسة أو مذهبا خاص . رغم الوضع الراهن والازمات الاقتصادية والمالية هناك عروض مسرحية مستمرة ولاكن ليس بالشكل المطلوب .

/سيدي إذا ما هوالسبيل إلى تطوير الفن المسرحي في ألاقليم ؟ 

 هناك عدة نقاط لتطوير المسرح ومنها الإكثار من عدد المسارح فليس لدينا مسارح كافية والإكثار من العلاقات الخارجية مع فرق مسرحية خارجيه وجعل عمل المسرحين كمهنة وألاكثار من النقاد المسرحين .

استاذ كامران هل الدراما التلفزيونية أثرت سلبيا على السينما والمسرح ؟ 

لا لم تؤثر لأن التذوق المسرحي لها طابع خاص للجمهور وللممثل نفسه لأن الممثل يتعامل مع الجمهور بشكل مباشر. 

 استاذي كامران ممكن تذكر لنا ابرز اسماء المخرجين المسرحين في أربيل ؟ 

 هناك اسماء كثيرة منها صباح عبدالرحمن ، طلعت سامان ، سعدون يونس ، زيلوان طاهر، يوسف عثمان ، كاروخ ابراهيم ، هيوا سعاد ، فرهادشريف ، محمد جميل .

سيدي ما هي نشاطاتكم بمناسبة يوم العالمي للمسرح العالمي في 27 \ 3 \2017 ؟ 

 نقيم (مهرجان أربيل للمسرح ) الرابع تستمر 10 ايام يشارك فيها فرق مسرحية عالمية وعربية ومحلية وتقام ندوات مسرحية وتصدر مجلات خاصة بهذا الحدث وتوزع جوائز المختلفة .


سيدي .. هل لديكم اية توجيهات او توصيات للجيل المسرحي الجديد ..؟

نعم .. الحقيقة انا انصحهم بالاكثار من التدريبات والتمارين التي من شا'نها ان تعمق تجربتهم وخبرتهم في الاداء المسرحي ، وكذلك انصحهم بالاطلاع وقراءة المسرحيات من الا'داب العالمية لا'ثراء مخزونهم من الثقافة المسرحية.








------------------------------------------
المصدر : جيهان شيركو \ اربيل

الأربعاء، 1 فبراير 2017

نص مسرحية ديو دراما"لا ... نحن " تأليف ضرغام عبد الرحمن

مسرح عالمي: "الرجال البيض الصِّرف" تجربةً منفّرة.. وحادة

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption