أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الجمعة، 10 مارس 2017

"أنساق النهايات ودلالاتها التربوية في المسرح التعليمي " في اطروحة دكتوراه

"النّسقُ العلاميّ للضّوءِ في عروض مسرح الطفل"في رسالة ماجستير

الخميس، 9 مارس 2017

مسرحية "المواطن مهري "تفتتح ليالي "المسرح للجمهور" بثقافة الإسماعيلية

"الهدية" لتشيخوف.. على مسرح برودوَي في موسمه الحالي

الأربعاء، 8 مارس 2017

"هكذا قتلتُ شهرزاد" لجمانة حداد على مسرح في هوليوود

انطلاق العروض المسرحية بمهرجان " ابداع 5 " برعاية وزارتي التعليم والشباب والرياضة بمصر في الفترة من ١ مارس الي ٣٠ مارس الحالي

كتاب يروي مأساوية حياة ميريل ستريب

مجلة الفنون المسرحية

كتاب يروي مأساوية حياة ميريل ستريب


في العام 1978، كانت ميريل ستريب الشابة على وشك أن تصبح أهم ممثلة في جيلها، لكنها في الفترة نفسها كانت على وشك فقدان حب حياتها أيضاً. فمايكل شولمان مؤلف كتاب Her Again الذي يتناول سيرة حياتها، قال إنها “لا تتحدث عن ذلك كثيراً. غير أنّ ذاك العام كان حافلاً بالأحداث ومأساوياً في حياتها. وكان له دور في تشكيل كيانها كشخص وكممثلة”.
لقاؤهما الأول
كانت ستريب تبلغ من العمر 29 عاماً، ممثلة حديثة في المسرح العالمي في نيويورك، تعيش في دارٍ علويّ في شارع فرانكلين مع حبيبها الممثل جون كازال. وكان يكبرها بـ 14 عاماً ويعتبر أسطورةً بين أقرانه.

ووفقاً لما نقله آل باتشينو عن لسانها تقول “ستريب”: “تعلمت من جون عن التمثيل أكثر من أي شخص آخر. فكل ما أردت القيام به كان العمل معه لبقية حياتي. لقد كان شريكي في التمثيل “.

في الواقع، التقى ستريب وكازال في العام 1976، كممثلين في مسرحية ” Measure for Measure” في سنترال بارك. في ذلك الوقت، لم يكن “كازال” قد أصبح نجماً كبيراً بعد – وكان يفتقر إلى هذه الصفة السريعة الزوال – لكنه كان يعتبر، في هذا المجال، موهبةً نادرة، مطلوبة بين مخرجي تلك الحقبة. ولقد أدّى دور فريدو في فيلم “العراب” The Godfather و”العراب الجزء الثاني” The Godfather Part II ، كما أنّه مثل أدوار بطولة في أفلام مثل The Conversation و” Dog Day Afternoon”. علماً أنّ الأفلام الخمسة التي أدّى فيها دور البطولة، تمّ ترشيحها كلها لنيل جائزة أفضل فيلم، وفاز ثلاثة من بينها.


وأشار سيدني لوميت، وهو مخرج Dog Day، إلى أنّ أحد الأشياء التي أحبّها في تمثيل “كازال” كان الحزن الهائل الذي أحسّ به. وكتب شولمان أنّ الوقت كان يتحرّك بشكلٍ مختلف بالنسبة إلى هذا الممثل. “كل شيء سار ببطء معه. وهو لم يكن متشائماً بالمطلق. لكنه كان شديد التدقيق، وأحيانًا إلى حد الجنون”. ولقد كان المخرجون يسمّونه “رجل الـ20 سؤالاً”، لأنه يريد معرفة أدق التفاصيل عن خلفية كل شخصياته.

ويقول باتشينو إن عشاءً بسيطاً مع “كازال” كان يتحوّل إلى حكاية ملحمية: “أعني، أنّك قد تنهي طعامك – وتغسل وتستعدّ وتصبح في السرير – قبل أن يتناول نصف وجبته. ثم يخرج السيجار. ينظر إليه ويشعّله ويتذوقه. ثم أخيرًا يدخّنه”. فضلاً عن مظهره غير العادي، المناسب لغريبي الأطوار في سينما السبعينيات، فقط كان رجلاً هزيلاً، عالي الجبين، وبارز الأنف، أما عيناه فكانتا سوداويتين حزينتين.


حبّ من النظرة الأولى
وقعت ستريب في حبّه على الفور، وكذلك هو. وقال الممثل مارفن ستاركمن: ” كان في تلك المسرحية، وكلّ ما تحدث عنه كان هي”. في الشكل والسلوك، كان “كازال” بعيداً وغريباً بالنسبة إلى “ستريب” الشابة. وهي قالت لاحقاً إنّه كان مختلفاً عن أي شخص آخر التقت به، بحيث وجدت فيه صفاته الخاصة، ونوع إنسانيته وفضوله حول الناس وتعاطفه معهم.”

من بين الاثنين، كان “كازال” هو المشهور، وفي مرّة حين كانا يتضوّران جوعاً، قام بدعوة “ستريب” لتناول العشاء في ليتل إيتالي، حيث أصرّ أصحاب المطعم على تقديم الطعام مجاناً لهما، بعد أن هلع الجمهور لرؤية “فريدو” في المكان.

وقال الكاتب المسرحي إسرائيل هوروفيتس “كان النظر إليهما رائعاً، لأن مظهرهما كان يبدو مضحكاً. كانا فاتنين على طريقتهما الخاصة، وشكّلا ثنائياً غريب الأطوار.

وكما كتب شولمان، “كانت سرعة تحرّك الرومانسية بنفس بطء سرعة تنقل جون”، وهما عاشا بسعادة معًا في شقة في تريبيكا يملكها كازال. ولقد كانا موضع حسد في العالم المسرحي في نيويورك – فهي أكثر الممثلات موهبة بالفطرة عبر الأجيال، وهو من الممثلين الأكثر موهبة بالفطرة، ومديرهما هو المخرج الأسطوري جو باب – حتى يوم من أيام مايو 1977 الذي وقعت فيه المصيبة.


مرض كازل!

ما حدث هو أنّ “كازال”، الذي كان في العروض المسبقة لمسرحية Agamemnon ، تدهورت حالته الصحية بما يكفي لتفويت العروض. وقلق “باب” بما فيه الكفاية لأخذ موعد طارئ له مع طبيبه الخاص في Upper East Side. وفي غضون أيام، كانت ستريب وحبيبها جالسين في مكتب الطبيب مع جو وغيل باب. أما التشخيص فكان أنّه يعاني سرطان الرئة الطرفية، وقد تفشّى في جميع أنحاء جسده.

وكما روت غيل باب، فقد جلسوا وكأنّهم أموات. فكتب “شولمان” أنّ جون صمت للحظة، وكذلك فعلت ميريل. لكنها لم تكن من النوع المستسلم، وبالتأكيد لم تكن لتترك اليأس يتغلّب عليها . . . فرفعت رأسها وقالت: “إذاً، أين سنتناول العشاء؟”

انسحب “كازال” من مسرحيته فورًا. وكانت ستريب تؤدي دور البطولة في المسرحية الموسيقية “نهاية سعيدة”، ولم يلاحظ طاقم الممثلين أي إشارة قلق أو حزن لديها. كان كازال يظهر على المسرح بين الحين والآخر، مدخناً سيجاره. ولم تتذمر ستريب أو تنتقد – بل ببساطة منعت التدخين في غرفة الملابس الخاصة بها. لقد كانت فضيلتها أكبر من سنها.

وبحسب الممثل كريستوفر لويد، كانت ستريب تحبّه بشدة ولم تسمح له بالتمارض. وحاول الثنائي إبقاء خطورة حالته سراً بينهما. حتى ستيفن، شقيق “كازال”، لم يدرك مدى سوء وضعه إلى أن اجتمع ثلاثتهم في أحد الأيام على الغداء في تشاينا تاون، فتوقف “كازال” على الرصيف وبصق دماً.

و كان آل باتشينو يأخذ “كازالي” إلى العلاج الإشعاعي، وجلس في غرفة الإنتظار، على أمل ألا يكون الوضع سيئاً بقدر ما يبدو. حتى “كازال” نفسه أصر على أنه سيتحسّن، وعندما حارب من أجل العودة إلى العمل، أخذت ستريب دوراً تكرهه حتى تكون معه. والدور عبارة عن مجرد “فتاة” في الفيلم – ” تمثّل نظرة الرجل للمرأة”، أي أنّها سلبية للغاية، هادئة جداً، وضعيفة باستمرار”. باختصار، كان الدور يتضمّن كل الصفات غير الموجودة في ستريب. وتجدر الملاحظة أنّ الفيلم كان “صائد الغزلان” The Deer Hunter، الذي يدور حول حرب فيتنام، وقد حظي “كازال” بفرصة التمثيل إلى جانب روبرت دي نيرو.

تنافس السينمائيون ليمثّل “كازال” معهم، رغم أنّ شركة الإنتاج، EMI، أصرّت على طرده: فتكاليف التأمين ستكون هائلة، ولا أحد كان يريد أن يدعم فيلماً نجمه مريض وميؤوس من شفائه.

وأفاد المخرج مايكل سيمينو أنهم هدّدوه بإيقاف التصوير في حال لم يتخلّص من جون . وقال: “كان الأمر مروعاً. أمضيت ساعات على الهاتف، أصرخ وأجادل “. أما القصة التي أخبرتها “ستريب” في وقتٍ لاحق هي أنّ “دي نيرو” غطى تكاليف تأمين “كازال”، وهو تصريح لم يقم الممثل بتأكيده أو نفيه. وأضاف: “كان مريضاً أكثر مما كنا نظن، لكنني أردته أن يشارك.”


تألّمت بصمت
تابعوا التصوير، وما رغبت “ستريب” فيه هو ترك العمل والبقاء مع “حبيبها”، لكنها كانت تنازع لدفع الفواتير الطبية. على مضض، أخذت دور البطولة في مسلسلات تلفزيونية قصيرة مثل Holocaust – “جذور” الحرب العالمية الثانية – بهدف الحصول على المال لا غير.

تم تصوير Holocaust في النمسا، وكان كازال ضعيفاً جداً للذهاب. لم تشتكِ ستريب يوماً- ويصفها شولمان بأنّها تجسد “الاحتراف المبتهج” – غير أنّها كانت تتعذّب بهدوء. وصرّحت لاحقاً: “كانت مادة محبطة بلا هوادة”. كان التصوير يجري في معسكر اعتقال فعلي، وقد وجدت الأمر مزعجاً جداً. ولقد أضيفت أيام تصوير جديدة إلى جدول الأعمال. وقضت ستريب في النمسا شهرين ونصف الشهر أكثر مما كان متفقاً عليه، منفصلة عن حبيبها الذي يحتضر. وقالت لاحقاً: “كدت أفقد عقلي، فقد كان جون مريضاً وأردت أن أكون معه”.

ووفقاً للمخرج مارفن تشومسكي “حرصت على القيام بالمشهد الأخير ومن ثم المغادرة فوراً. ولم تمنح أحداً لحظة للوداع.” وعندما عادت إلى نيويورك، كانت حالة حبيبها أسوأ من أي وقت مضى. واختفى الثنائي لمدة خمسة أشهر، وبالنسبة إلى ستريب، فقد قررت: لا مزيد من العمل، واختارت البقاء مع شريكها فقط. فقد كان مرضه قد تفشّى في العظام، وكان ضعفه يزداد. وهي كانت ترافقه بكل موعد إلى الطبيب، وكل جلسة علاج إشعاعي ولم تفقد الأمل قط.

وبحسب “شولمان”، “لطالما كانت “ستريب” شخصاً متفائلاً ومثابراً وقوي الإرادة. بحيث يقول: “أعتقد أنها كرّست روحها وقوتها للاعتناء به. لم تكن من النوع الذي يخلق دراما أو يحاول لفت الإنتباه. كانت تركّز كل قواها على فعل ما ينبغي القيام به “. لاحقاً قالت ستريب إنّ الوقت الذي أمضياه معًا، بعيداً عن العالم، أعطاها نوعًا غريباً من الحماية. “كنت قريبة جداً، ولم ألاحظ التدهور”.

وهي كانت تثق بعدد قليل جداً من الناس، فكتبت إلى معلّمة المسرح القديمة، التي كانت تدرّسها في جامعة ييل، بوبي لويس، عن حالتها العاطفية الحقيقية. فتضمّنت رسالتها: “حبيبي مريض بشكلٍ رهيب، وهو في المستشفى الآن. هو يتلقّى عناية جيدة جداً وأنا أحاول ألا أقف حوله، وأنا أفرك يديّ حزناً، لكنني أشعر بالقلق طوال الوقت، وهو أمر مرهق ذهنياً وجسدياً وعاطفياً أكثر من أي عمل قمت به من قبل.”

الوداع الأخير
في أوائل شهر مارس من العام 1978، دخل “كازال” مركز أمراض السرطان ميموريال سلون كيترينج. ولم تفارقه ستريب لحظة. وفي 12 مارس 1978، في الساعة الثالثة فجراً، نقل طبيبه إليها الخبر السيئ: “لقد رحل!”

ووفقاً لشولمان، ” لم تكن ميريل مستعدة لسماع ذلك، ولا تصديقه. ما حدث بعد ذلك، حسب بعض التقارير، كان تتويجاً لكل أمل عنيد احتفظت به ميريل خلال الأشهر العشرة الماضية. ووفقاً لأقوالها، ضربته بقوة على صدره، منتحبة، وللحظة وجيزة ومرعبة، فتح جون عينيه، وقال لها بضعف كبير: لا عليك يا ميريل… لا عليك”، ثم أغمض عينيه ومات. وأول مكالمة أجرتها ستريب كانت لشقيق كازالي، ستيفن، وكانت تبكي خلالها، مردّدة: “لقد حاولت”.

في تلك السنة، حققت ستريب نجاحاً بعد نجاح: حصلت على جائزة إيمي عن “Holocaust”، وتمّ ترشيحها لنيل جائزة أوسكار عن “صائد الغزلان”، وأعطيت دوراً مهماً رسم حياتها المهنية في العام 1979 في “كرامر ضد كرامر” – الذي نال جائزة أوسكار- كما حصلت على دور كيت في The Taming of the Shrew لشكسبير، تحوّلت إلى نجمة.

لكنّ وفاة “كازال” ومعاناتها الخاصة، قد غيّرتاها كشخص وكممثلة. فقد كان لديها تفسير جديد ومختلف لـ”كيت”: لم تكن امرأة مستقلة سيحطّمها رجل، بل شخصاً يعرف شعور الإرتياح العميق الذي ولّده تكريس نفسه للحب.

آنذاك صرّحت ستريب لأحد الصحافيين: “ما أقوله هو إنني قد أفعل أي شيء من أجل هذا الرجل”. وأضافت: “هل ستكون هناك مشكلة عاطفية إذا كانت أمّاً تتحدث عن ابنها؟ الخدمة هي الشيء الوحيد المهم في الحب. الجميع يشعر بالقلق حول “فقدان نفسه” – كل هذه النرجسية تمنعنا من أداء الواجب. لكنّ الواجب قد يكون درعاً ترتديه لتحارب من أجل حبك “.وبالنسبة إلى كل إنجازاتها في وقت لاحق – 20 ترشيحاً لجوائز الأوسكار، أكثر من أي ممثلة في التاريخ، وثلاثة انتصارات – والجدير بالذكر هو أنّ أصدقاءها وزملاءها الممثلين يقدّرونها بسبب إخلاصها الشديد لـ”كازال”، وقوة الشخصية التي أظهرتها كامرأة شابة. حيث قال “باب” إنّها “اهتمّت به وكأنّ لا أحد سواه على الأرض. لم تخنه يوماً في حضوره وحتى في غيابه”. وقد وافقه “آل باتشينو” الرأي: “عندما رأيت تلك الفتاة معه بهذا الشكل، فكّرت أن لا وجود لأمر مماثل… وهذا هو ما يخطر في بالي حين أفكّر فيها، مهما بلغت مهارتها في عملها”.


---------------------------------------------------
المصدر : جريدة سبر 

العلامات في المسرح الإغريقي

مجلة الفنون المسرحية

العلامات في المسرح الإغريقي

أحمد شرجي 

عرف أرسطو المأساة بأنها "محاكاة فعل نبيل تام، لها طول معلوم، بلغة مزودة بألوان من التزيين يختلف وفقاً لاختلاف الأجزاء، وهذه المحاكاة تتم بواسطة أشخاص يفعلون، لا بواسطة الحكاية، وتثير الرحمة والخوف فتؤدي إلى التطهير من هذه الانفعالات"( أرسطو، فن الشعر، ص 18)، وعليه فإن جوهر المأساة هو الفعل Action أو مجموعة الأفعال، وهي التي تقود الحكاية، بوساطة أشخاص/ شخصيات، حتى تصل إلى الهدف الذي وجدت من أجله وهو التطهير Catharsis.  

بمعنى آخر ارتكزت المأساة على العلامات السيمانطيقية، وأهملت كل ما يحول دون سيادة الملفوظات الدلالية داخل العرض، من أجل إيصاله للمتلقي. والفعل/ الأفعال يكون بمثابة الوحدة الكبرى في التراجيديا Tragedy، وهذا يتجلى أيضا باختصارها للحدث بوحدة زمكانية واحدة. 
والشخصيات ليست سوى علامات إعلامية لترسيخ الفعل/ الحدث، مع الإشارة إلى أنه ليست الشخصية هي المهمة، بل فعلها. ففعل ارتكاب أوديب للخطيئة: قتله لأبيه وتزوجه أمه وإنجابه منها، هذه الأفعال ضد الإرادة الإلهية، وهذا ما تريد أن تصل إليه المأساة، لأن ما قام به أوديب أفعال رذيلة، حتى لو كان خطأ غير مقصود، وإذا كان مقصودا كما في مسرحية بروميثوس مقيداً عندما سرق النار وأنزلها إلى الأرض. فهو أيضا تجاوز للإرادة الإلهية، ومن ثمّ يصبح الهدف جليا من الفعلين (فعل أوديب، وبروميثوس)، ما يساعد المتلقي ليستمد الحكمة والموعظة منهما. وما يهمنا في هذه الأفعال هو كيفية تجسيدها، حيث كثرة الشخصيات التي تقوم بالأفعال، وكل ذلك يتجسد عن طريق الأقنعة، لا شخصيات قائمة بذاتها (ممثلين)، بل الأقنعة هي التي تشير إليها، والممثل ليس سوى الحامل لعلامة الشخصية القناع Mask، إذ هو الثابت الوحيد في حين الأقنعة/ الشخصيات متغيرة. 
يشكل الفعل العلامة الكبرى في المسرح الإغريقي، لأن المأساة تحاكي الأفعال، والأفعال تكمن في الحوار المسرحي الذي استندت إليه الدراما الإغريقية بشقيها المأساة والملهاة، وهذا ما يؤكده أرسطو بقوله: إن "قوة المأساة تظل حتى من غير مشاهدين ومن غير ممثلين"(  نفسه ،ص 21). 
وفي ضوء ذلك يكون النص الدرامي القوة التي ترتكز عليها المأساة، وبهذا فليس من الضروري تجسيدها، بل بقراءتها أيضا، يتم إنجاز هدفها بتوعية الآخر، عبر تبنيه الابتعاد عن تلك الأفعال التي تقف ضد الإرادة الإلهية؛ ولعل هذا من أهم الأسباب التي دعت الدراما الإغريقية ألا تعطي أهمية للعناصر المسرحية الأخرى، حتى تظل العلامات اللغوية متحكمة في الخطاب المسرحي. وهذا ما يؤكده تركيب النص، فالحبكة Plot تتكون من حدث واحد وليست مجموعة أحداث. من أجل عدم التداخل بالأحداث والموضوعات، ومن ثمّ منع تقويض الهدف الجوهري، أي التطهير. وكل الشخصيات/ الأقنعة، تعمل من أجل تعميق الهدف المأساوي الواحد، ولا تحيد عنه، في وقت يجب أن يبقى الفعل مركز الحدث، متسلسلا، متحد الحلقات لا يتجزأ، حتى لا ينفرط عقد (كليته ووحدته) أو يتزعزع كما يقول أرسطو. ولابد من وقفة تنبيه هنا على أن استخدامنا مصطلحي الشخصيات/ الأقنعة بهكذا ثنائية أو ازدواج هو بقصد التنبيه على علاماتية الشخصية (الدور) من جهة تعبيرها عن الحدث وتجسيده وعلى الصلة التعبيرية للأقنعة من جهة كونها أداتنا في متابعة الشخصيات بوصفها دوالّ أو علامات بعينها. 
سيميولوجياً ، يمكننا تلمّس حقيقة أنّ المسرح الاغريقي قد شهد سيادة الملفوظات الدلالية على العناصر الأخرى في العرض المسرحي، على الرغم من أن نشأة التراجيديا كانت قد جاءت من الديثرامب Dithyrambe والرقص إلا أن الأناشيد [الملفوظات] بقيت مادته الأساس. وربما كان أمر سيادة الخطاب الديني في التراجيديا اليونانية هو ما حال دون إبراز العناصر الأخرى... 
 لهذا ارتكزت التراجيديا على ثلاث وحدات Three Unities أساسية هي: (الفعل، الزمان، المكان)، وقسمت الشخصيات إلى أخيار وأشرار. والمحاكاة فيها، هي محاكاة للأفعال وليس للأشخاص، وتتركز على ما تحدثه تلك الأفعال من آثار نفسية عند الجمهورPublic، ببلوغ فعل (التطهر/ التطهير) عن طريق الأفعال الدنيئة التي تقف ضد الإرادة الإلهية، وهذا ما يؤكده أرسطو: "كان المحاكون إنما يحاكون أفعالاً، أصحابها بالضرورة إما أخيار أو أشرار"(نفسه، ص7-8). 
وهذا هو جوهر التراجيديا، منذ ممثلها الأول ثيسبس Thespis الذي كان يمثل شخصيات تاريخية أو أسطورية محاورا الجوقة، لإيصال الخطاب اللغوي.. وعندما كان الممثل الواحد كانت الوسيلة الوحيدة لإيصال الخطاب اللغوي هي القناع، الذي يمنحنا فرص اللقاء بتعدد الشخصيات داخل النص، فهو المصدر الوحيد لتمييز الشخصيات، وليس الممثل، إذ ان الممثل مجرد حامل للشخصية/ القناع، بعبارة أخرى بوصفه جسدا للقناع. فإنّ ما وصلنا هي الأقنعة، بوصفها شخصيات، ولا نستدل على أية إشارة عند أرسطو تشير إلى الممثل، أو التمثيل، بل بمقابل ذلك نجد إشارات كثيرة إلى الأقنعة وتعددها، وإلى وظيفتها، إن كانت داخل المأساة أم الملهاة. 
لقد اندمجت شخصية الممثل مع شخصية الشاعر/ المؤلف، منذ عهد ثيسبس، كأول ممثل محترف، فلقد كان شاعراً إلى جانب كونه ممثلا، يؤدي ما ينظمه، فيما كان قبل ذلك الكورس هو من يجسد كل أحداث التراجيديا بمفرده. لقد جاء دخول ثيسبس ممثلا منفصلا عن الكورس، من أجل إراحة الكورس. كذلك ميز قائد الكورس من خلال القناع.. وبهذا [أي بدخول ثيسبس] يكون أول ظهور للممثل/ العلامة، وإن كان يتخفى خلف أقنعة ­ شخصيات متعددة، يفرضها الحدث... 
 أما مسألة اندماج شخصية الممثل/ الشاعر المؤلف، فلم تقترن بثيسبس لوحده، بل كانت الأرضية التي تأسست عليها الدراما الإغريقية. لأنها في الأصل جاءت بوصفها مسابقة للشعراء، لأنه "...على الشاعر، عند النظم، أن يكون، قدر الإمكان، ممثلا. فمن خلال التعاطف الطبيعي يكون الأكثر إمتاعاً وتأثيراً أولئك الذين هم تحت تأثير العاطفة الحقيقية" (كول توبي، شينوير، هيلين كريش، الممثلون والتمثيل تاريخ التمثيل، ص 34). ولهذا نجد تركيزا شديداً على عملية الإلقاء، وإظهار المشاعر لاستثارة الحس العاطفي للمتفرجين، ودور قائد الجوقة، ما هو إلا دور لتفعيل حالة الحوار، الحوار بين سائل ومجيب "ففي المسرح اليوناني حيث كان النص هو الأساس، والمهارة اللفظية هي المعيار في نجاح الممثل، كان الممثل يُسمى Hipoknites ­ الذي يُجيب"( إلياس، ماري، حسن، حنان قصاب، المعجم المسرجي: مفاهيم ومصطلحات المسرح وفنون العرض، ص 47(، لكسر الرتابة في عملية التقديم. 
 وهذا ما أنجزه لاحقا أسخيلوس Eschyle بإضافة الممثل الثاني، ليحول المسرحية إلى وضوح في إبراز الصراع بين الطرفين، وذلك " ليجعل مسرحياته أقل جموداً، لكي يجعل الحبكة المملة تتحرك أفقيا على مستوى الحدث ورأسياً على مستوى الإثارة، فالممثل الثاني يأتي بأخبار طازجة ­ كما فعل (داريوس) وكما فعل الجاسوس في مسرحية سبعة ضد طيبة Seven Against Thebes = Septem، أو يقدم أوجها مختلفة للموقف بالنسبة للبطل­ كما فعل (أوقيانوس) و(إيو) في مسرحية برومثيوس Prometheus (460 ق.م)( ديور، إدوين، فن التمثيل من الآفاق والأعماق، ص 40).  إنَّ حال التداخل في شخصية الممثل/ الشاعر المؤلف التي رافقت مسيرة كل من ثيسبس وأسخيلوس، ستشهد تحولا كبيرا مع سوفوكلس Sophcle، بفكه ذلك التداخل والاندماج، بعد أن فصل التمثيل عن التأليف، وكذلك بتقديمه الممثل الثالث. وهكذا يكون سوفوكلس "قد تنازل عن حق الشاعر في الظهور في عروضه وخرج من تعداد الممثلين وترك التشخيص للمحترفين الذين أصبحوا آنذاك أكثر عدداً وكفاءة"( نفسه،ص 48)، ويرجع ذلك إلى قدرة سوفوكلس ويوربيديس التمثيلية التي لا يمكن مقارنتها مع أسخيلوس الذي يتمتع بمواهب كثيرة فهو "المؤلف، البطل المسرحي، المخرج، غورغراف ومصمم المناظر وكل هذه الوظائف، إضافة إلى موهبته العالية هي التي أعطته قوة بالمقارنة مع سوفوكلس الذي كان ممثلاً ضعيفاً وكذلك يوربيديس"( B. hunning , De opkomst van modern theater, van traditie tot experiment, ,P 2)، وطبعا جاء ذلك الضعف لصالح الممثل والتمثيل لاحقا. وعلى الرغم من هذا التحول والتطور الكبير على مستوى التمثيل (تعدد الشخصيات داخل العرض)، ظل القناع/ الشخصية ملازما لوجه الممثل، فهو العلامة الأكثر حضوراً داخل المسرحية من جهة تميز شخصية من أخرى، ولم يذكر لنا تاريخ المسرح الإغريقي، عن ممثل قام بتجسيد شخصية واحدة طوال العرض المسرحي، بل إنه عادة ما كان يجسد من ثلاث الى أربع شخصيات في العرض المسرحي الواحد، عن طريق تعدد الأقنعة/ الشخصيات. 
 يتبع

----------------------------------------
جريدة المدى 

مسرح عالمي: المسرح الوثائقي.. ضرورة في عالمنا المتنوع اليوم

مجلة الفنون المسرحية

 المسرح الوثائقي.. ضرورة في عالمنا المتنوع اليوم

كان لديَّ الكثيرً من الأسئلة في أميركا ما بعد الانتخابات، تقول الكاتبة والممثلة ميليس بيرغستروم في مقالها هذا: ماذا يعني أن تكون فناناً في عام 2017؟ كيف نمضي قُدماً في ما يجاورنا، وفي مجتمعاتنا، والبلد بوجهٍ عام؟ كما أنني أحاول أن أتصور كيف أتعامل مع مشاعري المتعلقة بالعجز الفني، ماذا يمكنني أن أفعل؟ هل سيكون ذلك كافياً؟ كيف نتلاعب بتقاليد المسرح، بينما نحن نبحث أيضاً عن طرق جديدة ليكون ذلك أكثر فطنةً في عالم متسارع الحركة؟
في وقتٍ تبدو النزعة فيه هي التعميم، والنشر، وتشاطر العناوين الرئيسة من دون تمحيص، والتجمع معاً، وتكوين افتراضات، فإننا نحتاج إلى الجرأة لنسرد قصصاً فردية، معقدة، وذات فروق دقيقة. والقوة هنا لا تكمن في امتلاك أجوبة، وإنما في كوننا راغبين في طرح أسئلة. وفي الوقت الذي ظل فيه المسرح الوثائقي لمدة طويلة شاطئاً مهماً للعالم المسرحي، فإننا نعيش الآن في وقت يكون فيه هذا المسرح ضرورة لأنه مصمَّم لإثارة أسئلة والغوص عميقاً، حيث ما من شيء بسيط هناك. 
ويمكنني القول إن القصص الجيدة، تلك التي تلهم الارتباط، والحقيقة، والفعل action ، هي ما يحتاج أن يكون محدداً. والمسرح الوثائقي مصمَّم لأوقات كهذه. وقد قمت، من أجل مشاريع متنوعة، بإجراء مقابلات مع عوائل عسكرية، أناس ينتظرون الحافلة، مهاجرون يشرحون ما يعنيه الحلم الأميركي لهم. وفي كل مرة، كنت أصل هناك ولديّ افتراضاتي الخاصة بشأن ما سوف أسمع. فكان كل واحد منهم يشتّت أفكاري عمن يمكن أن يكون وأية قيَم يعتز بها، بصرف النظر عن العنصر الذي ينتسب إليه، أو الجنس، أو العرق، أو الانتماء الديني، أو الحزب السياسي. فكل إنسانٍ محدد في مواصفاته ويجب علينا أن نسرد القصص التي تُقر وتحتفي بهذا التفرد. وهذا التحديد النوعي هو أملنا الوحيد للتواصل، والتعايش، وكسر الحواجز التي تفصل بيننا. 
ولا يتطلب المسرح الوثائقي منا أن نقدم أجوبة، وإنما أن نطرح أسئلة فقط. وباعتباري فنانة مسرح وثائقي، فإنني بدأت من دون أية أجندة، عدا أن أكون ببساطة محبة للاستطلاع وراغبة في الاستماع. وتلك هي الخطوة الأولى، وربما الهدف النهائي أيضاً. فنحن لا ندخل في هذا العمل لنبرهن على وجهة نظرنا عن طريق استغلال قصص الآخرين، بل لنطرح أسئلةً ومن ثم نستمع، في واقع الحال. والقصص التي نسمعها سوف تساعدنا على تكوين خريطة يمكن أن نظل على هديها سائرين في هذا العالم، وباقين على حبنا للاستطلاع و متفتحي العقول في سيرنا. وإذا ما جعلنا هذا الفضول المستمر يُثري رحلتنا بالمعرفة، فإننا نكون عندئذٍ متوجهين على الدوام في الاتجاه السليم، حتى لو لم نصل إلى مقصدنا أبداً. 
عندما تسأل شخصاً ما سؤالاً في مقابلة ثم تعطيه فسحة من الوقت للإجابة، يحدث شيءٌ ما سحري. فالناس غير معتادين على أن يعطيهم الآخرون فرصةً ليشاطروهم قصتهم، من دون أحكام أو شروط ملحقة. وحين أبدأ مقابلتي مع شخص، فإنه غالباً ما يقول، " إنني سعيد لإخبارك بقصتي. إنها ليست مهمة جداً، لكن ... " ولا يرى كثير من الناس أن ما عليهم قوله شيء له قيمته في سياق أكبر، والمسرح الوثائقي يدعنا نعرف أننا جميعاً لدينا شيءٌ ما نُسهم به، وأن خبراتنا لها معنى. فكم هو مدهش أن نقدم هدية الاستماع هذه لأكبر عدد نستطيعه من الناس؟     
لقد أقمتُ المسرح الوثائقي مع " فرقة الزوار الدائمين المسرحية " وطلاب مدرسة ثانوية وكلية، وشاطرتُ بعض المعلمين التقنيات عبر حقول أكاديمية. ولم يكن هناك نقص في الأشخاص الراغبين في إجراء مقابلة معهم، ولا في فضول المكوّنين لهذا المسرح. وهو مسرح قليل التكلفة، وعالي التأثير، ويرتقي بالتعاون بين فروع المعرفة، والأوساط الاجتماعية، وما نرى أنها كينونة " فنية " وكينونة " غير فنية ".  
والمسرح الوثائقي يدعو جمهوراً واسعاً سعةَ المقابلات نفسها. وأنا على الدوام أدعو الذين أقابلهم والوسط الذي ينتمون له لمشاهدة الانتاج المسرحي المكتمل، وإنشاء هذا النوع من الجمهور الموسَّع هو أحد أفضل الأمور التي على المسرح الوثائقي أن يقدمها. فغالباً ما يكون أولئك الذين تحري مقابلتهم رواد مسرح غير منتظمين، ويجعلنا ذلك أغنى بحضورهم. ولا أحد يحب أن يجري الحديث عنه وكأنه غير حاضر. وحين نجعل المسرح مكوناً من قصص حقيقية، فإن الأشخاص الحقيقيين وراء هذه القصص ييتجمعون وتكون لهم هكذا قوة.
إن سماع وإعادة سرد هذه القصص لا يكلفنا إلا القليل. أما ثمن سد أسماعنا عن سمفونية الخبرات البشرية هذه، فيمكن أن يكلفنا قدان نوع العالم الجدير بالعيش فيه. والمسرح الوثائقي يتحدانا بطرح أسئلة عن الناس خارج خبرتنا نحن، واكتشاف الأرضية المشتركة، والإقرار بما لا نتفق عليه. وقد حان الوقت لمد أنفسنا ومهنتنا وإعطاء صوت لهذه القصص التي لا تحكى في الغالب، وبذلك نجعل من المسرح نموذجاً للكيفية التي تستطيع بها بقية العالم اختراق غرفة الصدى وتوسيع آفاقها.
وقد أوردت آن بوغارت في كتابٍ لها حكاية نادرة للكاتبة المسرحية مورغان جينيس. فقد سألت الكاتبة ذات مرة الأم تيريزا عما يمكنها فعله للمساعدة على إطعام الجياع في الولايات المتحدة، خشيةَ ألا يكون المسرح كافياً لتوفير مثل هذه المساعدة. فكان رد الأم تيريزا، " هناك مجاعات كثيرة. ففي بلدي هناك مجاعة البدن. أما في بلدكم فهناك مجاعة الروح. وتلك هي التي يتوجب عليكم إطعامها "!

---------------------------------------------------------
المصدر :  المدى -  ترجمة :عادل العامل عن  Artsjournal

مهرجان المسرح التجريبي بالجزائر في الفترة من ٢٦ مارس الي ٣١ مارس الحالي بمشاركة مصر وتونس

مجلة الفنون المسرحية

مهرجان المسرح التجريبي بالجزائر في الفترة من ٢٦ مارس الي ٣١ مارس الحالي بمشاركة مصر وتونس   

كتبت / علا احمد حلمي

في غضون الاسابيع القادمة  تحتضن  مدينة العلمة بولايه سطيف شرق الجزائر   الدورة الثانيه من مهرجان المسرح  التجريبي في  الفترة  من ٢٦ الي ٣١ مارس الحالي  بمشاركة  جمهورية مصر و دولة تونس 
تشارك الجزائر بثلاث مسرحيات "انا والمريشال " من مدينة  وهران  و"مسرحية  صوصول " من انتاج  المسرح الجهوي العلمة  و" مسرحية  هدوء  بتمنراست " اقصي جنوب الجزائر  
كماستشارك جمهورية مصر العربيه بمسرحية.  عنوانها" كلنا لها  "
وتشارك دولة  تونس. بمسرحيتين  بعنوان  "ثورة الموتي"  و"ريش النعام " 
وسوف يفتتح المهرجان اول ايامه   بعرض  المسرحية الجزائرية  " الثلث الخالي"  للمخرجة تونس  آيت  علي  بطولة  
ريم عطال  آمال   دلهوم  والممثلة المبدعة  حورية  بهلول  
هذا ومن برنامج المهرجان سوف يتم تكريم  الوجوه الفنيه المسرحية  الي جانب  فيلم قصير يعرض لاول مرة  عن 
تاريخ المسرح الجزائري  الي جانب المناقشات  الناقدة. والقعالة  للمسرحيات. التي يتم عرضها  من خلال فاعليات المهرجان 
هذا بالاضافه الي ان  من فاعليات هذه التظاهرة. وجود  ورش  تدريبات  مسرحية  في عدة اختصاصات 
كالسينوغرافيا   والكتابة الدرامية  والاخراج. والاضاءة. والتمثيل  الكوميدي. والتراجيدي. والدرامي  يقوم بتدريبه اساتذة متخصصون  
هذا الي جانب العديد من الانشطة المختلفة الاخري  من ندوات فكرية  و شعرية  ورحلات سياحية  الي اهم المناطق السياحية الموجودة  بولاية  سطييف  باعلي هضاب الجزائر كالركج الاثري الجميل   
فمهرجان المسرح التجريبي  بالجزائر القادم. يعد  تظاهرة  فعالة  حقيقية للارتقاء   بالعمل المسرحي  بطريقة ملموسة وواضحة   للجمهور والنقاد والمسرحيين  .

الثلاثاء، 7 مارس 2017

اتفاقية شراكة فنية مسرحية بين الجزائر والمغرب تعد الاولي من نوعها

مجلة الفنون المسرحية

اتفاقية شراكة فنية مسرحية بين الجزائر والمغرب تعد الاولي من نوعها  

كتبت / علا احمد حلمي

 شهدت ايام مهرجان المسرح المغربي بوادي سوف  جنوب شرق الجزائر   اتفاقية فنية مسرحية تعد الاولي من نوعها  اذ تمثل جسرا من التواصل والتعاون المسرحي  بين مهرجانين  هما وادي سوف بالجزائر و تطاوين بتونس
وقد حضر هذه الاتفاقية  ممثلين من البلدين  وبحضور  السيد حمزة  جاب الله  والسيدة نبيلة زرايق  من وزارة الثقافة الجزائرية والاسرة الاعلامية  من الجزائر
ومن المغرب  تونس ايت علي  واحرار فاطمة الزهراء  ونبيل مسعي والكاتب التونسي انيس غربي  ونخبة اخري من المسرحيين
واكد الفنان احمد عمران  رئيس جمعية فن  المسرح  ان هذه الاتفاقية  كانت ضرورية  وهامة  للربط بين المسرح الجزائري والمسرح التونسي من خلال التبادل في التجارب  والخبرات والاستفادة  بكل الطرق  
مضيفا الي ان المسرح المغربي يحتاج ال كل هذه الاهتمامات
خاصة وان ايام مهرجان وادي سوف  من اهم الفاعليات  والتظاهرات المسرحية  التي تعتني بالمسرح المغربي ولها صدي كبير بين المسرحيين من المغربيين  معبرا عن ارتياحه الكبير من النجاح الذي  شهدته  ايام المهرجان    والمستوي الراقي الذي وصلت اليه هذه الفاعلية بداية من  العروض المسرحية  داخل المنافسة  والضيرف  من الدول العربية   والنجاح الذي حققته الورشات التدريبية والتي اداروها اساتذة وفنانين مسرحيين   لانجاح هذه الفاعلية المسرحية المغربية والجزائرية

جائزة الشارقة للتأليف المسرحي تفتح آفاق واسعة للمؤلفين والكتاب الخليجيين

مجلة الفنون المسرحية
عصام بو القاسم 



كتبت/علا احمد حلمي 

تأكيدا لاهمية الكتابة والتأليف المسرحي في تنمية  الثقافة والوعي 
يشير لنا المسئول الاعلامي والمسرحي /الناقد عصام  بو القاسم  
استنادا للتوصيات التي اقرتها اللجان المنبثقة عن فاعليات مهرجان ايام الشارقة المسرحية باعتبار ان المسرح  ماهو الا تجسيد لواقع المجتمع  وعاداته وتراثه ولما كانت تلك التوصيات تتوافق مع التوجيهات السديدةلحضزة صاحب السمو  الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي  عضو المجلس الاعلي للاتحاد حاكم الشارقة بضرورة دعم وتشجيع  المؤلف والمبدع الخليجي  ومد جسور التواصل معه لاستمرار ابداعه وتفاعله مع الوسط المسرحي والثقافي  وتقديرا للمؤلفين والكتاب والمبدعين  المسرحيين من دول مجلس التعاون الخليجي  استحدثت هذه المسابقة  يحديدا منذ عام ١٩٩٦  منذ مهرجان ايام الشارقة المسرحيه في دورته السابعة 
 وقد اطلعنا الاعلامي /عصام ابو القاسم  
ان باب التقديم لهذه المسابقة قد اغلق  في فبراير الماضي وتبلغ  القيمة الماديه للجوائز  كالتالي 
الفائز الاول ١٠٠ الف درهم اماراتي 
الفائز الثاني ٥٠ الف درهم اماراتي 
الفائز الثالث  ٢٥ الف درهم اماراتي
هذا وتحتفظ  دائرة الثقافة  والاعلام بالشارقة  بحقها  في نشر الطبعة الاولي  من النصوص الفائزة  كما انها لها الحق 
في انتاج  العمل  اذا كان فائزا  
ويبين لنا عصام بو القاسم  / 
ان من شروط الاشتراك في هذه المسابقة   
ان يكون المشارك من مواطني دول مجلس التعاون  الخليجي  ممن تزيد اعمارهم عن ٢١ سنة 
استخدام اللغة العربية الفصحي  او اللهجة المحليه في الحالات التي تستدعيها البناء الدرامي لطبيعة العمل المسرحي 
ان يكون النص المسرحي يعالج البيئه والتراث و التاريخ  المحلي والشأن الاجتماعي 
ان تكون الاعمال المشاركة متفردة وجديدة في موضوعاتهاالمشاركة بنص مسرحي واحد 
تكون النصوص المسرحية المقدمة  للمسابقة معدة للنشر  لاول مرة ولم يسبق ان طبعت في كتاب  او نشرت في الصحف او علي المواقع الالكترونية 
الا تكون النصوص المقدمة للمسابقة  شاركت او فازت في مسابقات مشابهة  
لاتلتزم الادارة باعادة النصوص المقدمة 
يتم دعوة الفائزين  لحضور مراسم توزيع الجوائز خلال  مهرجان ايام الشارقة المسرحية 
وبعد انتهاء  مهرجان ايام الشارقة المسرحية  واعطاء الجوائز للفائزين  ... يبدأ الاعلان  عن فتح باب المشاركة في الدورة الجديدة من المسابقة 

افتتاح الدورة 23 لمهرجان المسرح الحديث بالقيروان

مجلة الفنون المسرحية

افتتاح الدورة 23 لمهرجان المسرح الحديث بالقيروان


 افتتحت مساء السبت بالمركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بالقيروان فعاليات الدورة 23 لمهرجان المسرح الحديث بالقيروان بتكريم الفنان محمد البرجيني، تلاها عرض لمسرحية "ستوديو 9" لشركة التياترو للإنتاج. 
وتشارك في هذه التظاهرة المسرحية التي ينظمها مركز الفنون الدرامية والركحية بالقيروان بالشراكة مع جمعية مهرجان المسرح الحديث بالقيروان 7 أعمال مسرحية محترفة.
فإلى جانب العرض الافتتاحي يتابع المولعون بالفن الرابع خلال هذه التظاهرة التي تتواصل إلى العاشر من مارس الحالي، مسرحيات "فلو" لشركة سانيراي ستوريز بسبيطلة غدا الأحد 5 مارس، يليها يوم 6 مارس عرض مسرحية "في انتظار المستحيل" لشركة مرح للإنتاج، فمسرحية "ثورة دون كيشوت " لشركة كلانديستينو التي سيحتضنها المركز الثقافي الجامعي برقادة يوم 7 مارس، ثم مسرحية "منازيس" لشركة تيناس للإنتاج بالكاف يوم 8 مارس.
وتختتم مسرحية "رايونو سيتي" لمركز الفنون الدجرامية والركجية بمدنين سلسلة العروض المسرحية يوم 9 مارس.
وستكون مختلف هذه العروض المسرحية متبوعة بنقاش مع فريق كل عمل.
أما الأطفال فسيكون لهم موعد مع مسرحية "صندوق عجب" للمركز الوطني لفن العرائس وذلك يوم غد الأحد، بالإضافة إلى مجموعة من العروض التنشيطية.
وخصّص القائمون على المهرجان ورشتين تدريبيتين حول "فن الممثل"، ستوجه الورشة الأولى لفائدة المسرحيين المحترفين ويشرف عليها صابر الحامي، أما الورشة الثانية فهي موجهة للهواة ويشرف عليها محمد السايح عويشاوي.

ويسدل الستار على فعاليات هذه الدورة يوم 10 مارس بتتويج الفائزيْن بجائزتيْ أفضل ممثلة وممثل.
وفي حديثه عن ظروف نشأة هذا المهرجان، الذي تأسس سنة 1993، بين مدير مركز الفنون الدرامية والركحية بالقيروان حمادي الوهايبي، أن فكرة بعثه كانت نتاج لقاء جمعه آنذاك في القيروان بكل من المسرحيين إكرام عزوز وبشير المناعي باعتبارهما عضوين في الهيئة المديرة لجامعة مسرح الهواة.
وتم اقتراح تنظيم أيام الحبيب المسروقي للمسرح، وبعرض المقترح على المندوب الجهوي للثقافة محمد بورارة، تحمس للأمر وتحولت الأيام في الموسم الموالي إلى مهرجان المسرح الحديث.

-----------------------------------------------------
المصدر : بــاب نــات

الاحتجاج في المسرح العراقي المعاصر

مجلة الفنون المسرحية

الاحتجاج في المسرح العراقي المعاصر


بشار عليوي 

إن الرجّات العنيفة التي يتعرض لها أيّ مُجتمع إنساني نتيجة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية, تُوَلِدْ تحولات عاصفة تهزّ مُختَلَف جوانب حياة هذا المُجتمع, مما يؤدي إلى نشوء حالة من الاحتجاج من قبل أفراده على هذهِ الأزمات, اذ يُعتبر الاحتجاج  Protest والذي يُقصد بهِ "الاستعمال الجمعي لأساليب المُشاركة السياسية غير التقليدية بقصد مُحاولة إقناع أو إجبار السلطات على دعم أهداف جماعة تحدي أو رفض مُعينة"  

سمة أساسية تُميّز الفاعلين داخل المُجتمع ممن يتصدون لمهمة التعبير عن آراء جميع الأفراد كَكُل, عبرَ اتخاذهِ لهدف التغيير المُجتمعي, حيثُ غالباً ما يتخذ هذا الاحتجاج أساليبَ وأشكالاً مُعينة, كارتداء الملابس بطريقة مُغايرة أو اللجوء الى مُزاولة مُمارسات شعائرية مُعينة, فضلاً عن استثمار الفنون كالغرافيتا والأغنية الشعبية ورسم البوسترات بالإضافة الى العروض المسرحية الاحتجاجية بكونها أساليب للاحتجاج, الذي اتخذ فعلاً مُعبّراً عن إدانة للظلم والأزمات المُجتمعية الراهنة، فضلاً عن كونهِ وسيلة لجذب الانتباه الى مطالب المُحتجين.
إن مفهوم الاحتجاج الذي ساد كتابة المسرحية هو جزء من ردّة الفعل التي انتابت الثقافة العالمية بشكل عام في الفترة التي تلت الحرب العالمية هو في حقيقته انعكاس لأوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية من جهة, وثورة على واقع المسرحية آنذاك من جهة أخرى, إذ ظهرت بوادر احتجاج وغضب على ما أصاب المجتمع من نكبات وويلات بسبب آثار تلك الحرب الكارثية, فلم يكن النتاج المسرحي ببعيد عن هذه الأوضاع, حيث تبلورَ في انكلترا مثلاً اتجاه مسرحي اتّسم بالاحتجاج بعد أن قامت الطائرات الألمانية خلال الحرب بتدمير أكثر من 20 % من مسارح انكلترا وبعد أن وضعت أوزارها اتضحَ حجم الدمار الذي أصاب تلك المسارح مما أثرَ بشكل كبير في الحراك المسرحي الانكليزي، فأوّل العروض التي قدّمت كانت بداية عام 1946 حتى سُميّت الحركة المسرحية التي تلت الحرب مُباشرة بـ"مسرح 1946", لكن الانعطافة البارزة لتمثلات أساليب الاحتجاج المُتنوعة في المسرح العالمي, تجسدت في ظهور الاتجاه الذي سُميَّ بمسرح "الغضب والاحتجاج" والذي أفرزَ عدّة أسماء مُهمّة على صعيدي التأليف والإخراج، لعلَ أبرزها (جون آردن) الذي كتبَ مسرحيات عدّة منها مسرحية "حمار الشغل" و "الحرية المغلولة" والكاتب (هارولد بنتر)  و(جون اوزبورن) ونصهِ الشهير "انظر الى الوراء بغضب", ويُعرف كاتب السطور أساليب الاحتجاج في المسرح، بأنها (مُجمل الطرق والمُمارسات والوسائل والأدوات المُجتمعية المُتاحة التي تُبرز النشاط الاحتجاجي الفكري والتي تتمثل داخل منظومة العرض المسرحي بوصفهِ أداة اجتماعية فاعلة بيد أفراد المُجتمع ووسيلة سلمية مُعبرة عن رفض الواقع الحياتي لهم ومن أجل تحقيق أهدافهم).   
لقد عرفَ المسرح العالمي ومنهُ العربي, تمثلات عديدة لأساليب الاحتجاج في عروضهِ المسرحية, إذ اتسمت البلدان العربية بتقلص مساحات الحُرية والديمقراطية بفعل ضغوطات الأنظمة الحاكمة التي تُسخّر كُل ما مُتاح أمامها لضمان استمراريتها ونفوذها القائم, مما دفعَ المسرحيين العرب الى تحدي هذهِ الضواغط من خلال استثمار المسرح العربي لأساليب الاحتجاج وتمثلاتها داخل عروضهِ التي واكبت ما باتَ يُعرف بالربيع العربي, والتي تأثرت بحرارة الشارع والأوضاع المُجتمعية المُضطربة التي تعيشها المجتمعات العربية التي سادت فيها روح الاحتجاج على تلك الأوضاع, حيثُ عكست وترجمت تلكَ العروض التوتر والفوضى اللذين يعيشهما أفراد المُجتمع العربي في ظل الحِراك السياسي والاجتماعي والفكري المضطرد، خُصوصاً في دول عربية بارزة كمصر وتونس وسوريا والعراق, إذ تأثر المسرح العراقي هوَ الآخر بمُجمل الانعطافات الاجتماعية والسياسية منذ إسقاط النظام العراقي السابق في 9/4/2003  والى الوقت الحالي, بعدما شهدَ البلد عموماً ترديّاً في الأوضاع الأمنية تفاقم مع دخول قوات الاحتلال الأمريكي الى العراق واتخاذ هذا الاحتلال ذريعة من قبل التنظيمات الارهابية لشن هجمات تكاد تكون شبه يومية على المدنيين العُزّل وارتكاب الجرائم بحقهم، فضلاً عن تفاقم الأوضاع المعيشية الحياتية ونقص الخدمات بسبب التقلبات السياسية وتردي الأوضاع الأمنية خُصوصاً بعد سيطرة تنظيم (داعش) الإرهابي على محافظة نينوى العراقية في 10/6/2014 بالتزامن مع سيطرتهِ على أجزاء واسعة من محافظات كركوك وصلاح الدين والأنبار، ليجد المجتمع العراقي نفسه أمام تحدٍ كبير، لذا برزت الظاهرة الاحتجاجية كإحدى أبرز سمات المسرح العراقي المُعاصر, فأوّل عرض مسرحي عراقي احتجاجي على نتائج الحرب الأخيرة وآثارها التي طالت عدداً من الأبنية الثقافية والمسارح هوَ (مرّوا من هُنا) لـ(جماعة ناجين) الذي قُدّمَ يوم 3/5/2003 على أنقاض مسرح الرشيد الذي تعرض للدمار والتخريب بسبب الحرب, ومن ثُمَ تُطالعنا جُملة من العروض المسرحية العراقية التي أخذت طابع الاحتجاج على جرائم الإرهاب الذي أصبح ظاهرة تضرب مُجمل تمفصلات الحياة العراقية اليومية خلال العقد الأخير نذكر منها عرض(ألف عام على بوابة الطب العدلي) تأليف وإخراج: جبار محيبس والذي قُدم في الشارع المُقابل لكراج باب المعظم ببغداد يوم 14/12/2006  لكن أبرز العروض المسرحية العراقية التي أتخذت من الاحتجاج عنونةَ لها كان العرض الاحتجاجي(ن) تأليف: ماجد درندش إخراج: كاظم النصار والذي عُرض  يوم 21/8/2014 على قاعة المركز الثقافي النفطي في بغداد, وهوَ أول عرض مسرحي عراقي يُقدّم بوصفهِ إدانة لجرائم الإرهاب التي ارتكبها تنظيم (داعش) الإرهابي وصرخة احتجاج ضد ممارساتهِ , وتوالت العروض من بعد ذلك ومنها العرض الاحتجاجي (عزيزة) اخراج: باسم الطيب, والذي قُدّم في مُنتدى المسرح , وعرض (عباءات وألعاب للموتى) تأليف: علي الخياط وإخراج :علي الشجيري الذي قُدّم على مسرح قاعة نقابة فناني بابل, وعرض (يارب) تأليف: علي عبد النبي الزيدي, إخراج: مُصطفى ستار الركابي الذي قُدّم في المسرح الوطني ببغداد وشاركَ في مهرجان المسرح العربي الثامن في الجزائر مطلع العام 2017, وعرض (أبيض وأسود) تأليف وأخراج: كاروخ ابراهيم الذي قُدمَ في الساحة المقابلة لقلعة أربيل وسط مدينة أربيل , لكن تبقى تجربة الكاتب والفنان(ماجد درندش) هي من الأبرز لناحية تجذير وجود الاحتجاج في مسرحنا العراقي عبرَ سلسلة النصوص المسرحية التي كتبها متُخذاً من الاحتجاج عنونة لنصوصهِ, وهي (نون) من إخراج كاظم النصار و(هل تسمعني أجب) أخراج: خالد علوان , (8 شهود من بلادي) من إخراجهِ والذي قُدمَ في ختام مهرجان المسرح العراقي الثاني ضد الارهاب في شهر تشرين الأول 2016 .. وغيرها. 
الإحالات:
• سيد فارس , صناعة الاحتجاج والثورة_ حركة 6 أبريل نموذجاً, (القاهرة : روافد للنشر والتوزيع ,2016).
• عبد الله عبد الرحمن بكير,  مفهوم جون اردن للغضب والاحتجاج , (بغداد : دار الحرية للطباعة ، 1985).
• جورج ولورث , مسرح الاحتجاج والتناقض , تر:عبد المنعم اسماعيل ,(بيروت: المركز العربي للثقافة والعلوم , ب ت).

------------------------------------------
المصدر : جريدة المدى 

إيحاءات بيرانديلو في مسرحية "الملزمة"

المسرح النسوي في منتدى نازك الملائكة

مجلة الفنون المسرحية

المسرح النسوي في منتدى نازك الملائكة

متابعة/ زينب المشاط 


المسرح، والمرأة، والقصيدة، كانت بداية المسرح نصٌ شعري، ولكن هل استطاعت النساء أن يكتبن للمسرح؟ وأين هي بصمة المرأة العراقية في المسرح؟ وهل تختلف روحية النص الذي يُكتب بأنامل الأنوثة عن ذلك النص الذكوري؟
في منتدى نازك الملائكة وكعادته يُفاجئنا باستحداث جلسات مغايرة ومهمة، تتحدث جلسة السبت الفائت عن " المسرح بقلم نسوي" جلسة تُحاظر فيها كلتا الكاتبتين الشاعرة والكاتبة المسرحية أطياف رشيد، والكاتبة  سعدية السماوي.
رئيسة المنتدى افتتحت الجلسة مُباركةٌ مبادرة القوات العسكرية العراقية التي تعمل جاهدة على تحرير مدينة الموصل، وتقول رئيسة المنتدى غرام الربيعي " المرأة اليوم تدعم وتبارك جهود القوات العراقية الأمنية والعسكرية التي تُضحي وتبذل قصارى جهدها مدافعةً عن هذا الوطن فقط لنحيا بأمنٍ وسلام."
بعد قرأة سورة الفاتحة على روح الشهيد أبي بكر السامرائي في المنتدى، أدارت جلسة المنتدى الشاعرة علياء المالكي قائلةً " نتحدث اليوم عن أبي الفنون وهو "المسرح" ولكن بِنَفسٍ إنثوي، فالحديث عن المسرح النسوي مغاير تماماً وخاصة بحضور شاعرتين كبيرتين عهدناهما بنصوص مهمة للمسرح وهما الشاعرة سعدية السماوي وأطياف رشيد."
عرّفت مديرة الجلسة بالشاعرتين قائلة" إن الكاتبة سعدية السماوي لها الكثير من المنجزات في حقل الأدب، وهي حاصلة على بكالوريوس علم النفس وعملت في جريدة الطلبة والشباب كمحررة، كما عملت في صحيفة المحافظة ايضا كمحررة، بدأت سعدية السماوي الكتابة عام 1982، أما نصوص المسرح فقد اختطها عام 1989، وفي عام 1996 انتمت السماوي للاتحاد العام للادباء، وقد نشرت أول نص مسرحي بعنوان" أُحِبُكَ رجلاً آليّاً " وعدّ نص " دعوة للجنون" من أهم النصوص المسرحية التي كتبتها السماوي."
لم تكتفِ السماوي بكتابة النصوص المسرحية فحسب، فقد ألّفت كتاباً للاطفال بعنوان" أناشيد لأطفال الروضة" ولها ثلاث مسرحيات من بينها" احبك رجلا آليّاً، غاندي يركع للحسين، ودعوة للجنون (الذي فاز بجائزة الأدب) "
بينما قدّمت المالكي الكاتبة أطياف رشيد ذاكرةً " كاتبة وشاعرة، اهتمت بكتابة النصوص المسرحية بأسلوب شاعري، وهي حاصلة على بكالوريوس من كلية الفنون الجميلة، وعضو رابطة المرأة الشعرية، آخر كتاب مسرحي لها هو كتاب " ستارة زرقاء شفافة" الذي يُعد الثاني بعد كتاب " لا أملك أجنحة ولكني أحلم" حاز نص " إشارة" المأخوذ عن كتاب ستارة زرقاء شفافة، على الترجمة الى اللغة الانكليزية واختير ليكون ضمن النصوص المعروضة في معرض فينيسيا للمسرح."
فيما ذكرت الشاعرة سعدية السماوي متحدثة عن علاقتها بالمسرح"  جئتُ من محافظة المثنى التي سُميت ببلاد الشمس، أوروك، والتي تحمل أجمل آثار المسرح، ولابد أن جدّي كلكامش هو من علمني المسرح بعد أن خطَّ أجمل القصص المسرحية الملحمية."
وتتحدث السماوي عن بدايتها مع النصوص المسرحية قائلة" جاءت رغبتي صدفة في كتابة النصوص المسرحية، بعد أن قرأت في عام 1988 أول مَن كتب عن المسرح من النساء العراقيات وهي "عواطف نعيم" وفكّرت لماذا هذا الشح في الكاتبات العراقيات للمسرح؟  راودتني حينها مجموعة أفكار دفعتني لخط أول نص مسرحي وهو " أُحِبُك رجلاً آليّاً" الذي كتبته بعد أن تبادلت دوري مع الرجل الآلي ذاك في مخيلتي ."
بدورها تذكر الكاتبة والشاعرة اطياف رشيد " أن هنالك ارتباطاً بين الشعر والمسرح،  ونجد أن الكثير من الكاتبات العراقيات كتبنَ للمسرح أمثال "لطفية الدليمي، ورنا جعفر ياسين، وسعدية السماوي" وغيرهنَّ،  وقد كان اول كتاب نقدي للشعر قد جِيءَ بروح مسرحية."
بدأت الكتابة بالشعر، وعززت جانب المسرح في كتاباتي من خلال وجودي ودراستي في أكاديمية الفنون هذا ما قالته رشيد مضيفة" اول نص مسرحي أكتبه كان بعنوان" اللعبة" وهو نص من اللامعقول ولكن بعد ان تخرجت من الأكاديمية مارست النقد المسرحي وقد وجدت أني متمكنة بهذا المجال لهذا بدأت أميل لتطويره."
وأكدت رشيد "ان الكتابة في المسرح فيها جوانب وتبعات كثيرة، ويجب تطويرها، فلا يتوجب الاكتفاء بالنص المكتوب ويجب تجسيده على خشبة المسرح وبذلك نحتاج الى مخرجٍ وكادرِ عملٍ كاملٍ للمسرح."

--------------------------------------------------
المصدر : جريدة المدى

مجلة "نور" للأطفال تعيد إحياء المسرح المدرسي

الاثنين، 6 مارس 2017

العرض الأول لمسرحية "في بيت النساء" في ألمانيا

الحجاب كظاهرة ثقافية في مسرحية 'ما يهمنا'

مجلة الفنون المسرحية

الحجاب كظاهرة ثقافية في مسرحية 'ما يهمنا'

عمار المأمون 

العرض يرى في الحجاب في بعض الأحيان وسيلة ثورية بوجه تسليع جسد الأنثى، لتتضاءل مرجعيته الدينيّة، أمام تعريفه كخيار شخصي.
يشهد مسرح “الإيشانجور” في باريس عرض “ما يهمنّا” (ce qui nous regard)، من إخراج مريام مرزوقي مع فرقتها التي تحمل اسم “الليلة الأخيرة”، أما النص فهو اقتباس وتوليف لعدة نصوص لكل من فيرجيني ديسبينتيس، آلان باديو، بيير باولو باسوليني، باتريك بوشيريون وماثيو ريبول، وفيه تطرح مرزوقي عددا من التساؤلات والمواقف المرتبطة بالحجاب، وأنواع هذا السلوك كظاهرة ثقافية، إلى جانب المقاربات المختلفة له، عبر مفهومي الذكورة والنسوية، وأشكال تغطية الرأس سواء التقليديّة منها أو تلك المرتبطة بالدين الإسلامي، لتجعل “الحجاب” رمزاً ثقافياً للمقاومة النسويّة في بعض الأحيان.

تتنوع التقنيات التي نراها على الخشبة أمامنا، إذ نرى الأداء المسرحي والفيديو والصور الثابتة إلى جانب حضور الموسيقى والرقص، فالعرض يبدأ بمقارنة بين صور لجدّتي الكاتبة تعلّق عليهما بصوتها، إحداهن أوكرانيّة والأخرى تونسيّة وكلاهما محجبتان، وكل منهما تنتمي لمرجعية فكرية واجتماعية مختلفة، أما علاقتهما مع “غطاء الرأس” فتختلف، الأولى نسويّة ملحدة، والثانية تراه كتقليد شعبي وثقافي قد لا ينتمي للمرجعيّة الدينية، لتبدأ بعدها التساؤلات عن الحجاب والبرقع، ومدى صحة توصيفهما كدلالة على خضوع المرأة وتبعيّتها للرجل، مشيرة إلى التوظيف الثقافي والأيديولوجي لِصور الحجاب، بوصفها أحياناً مفبركة ومصنّعة فيما يتعلق بصور الجهاديين ونسائهم، ومرجعيات هذه الصور التي تستخدم للتخويف فقط.

العرض يرى في الحجاب في بعض الأحيان وسيلة ثورية بوجه تسليع جسد الأنثى، لتتضاءل مرجعيته الدينيّة، أمام تعريفه كخيار شخصي بل وأداة تعبير نسويّة في بعض الأحيان بعيدة عن السياق الديني، إذ يذكّر العرض كيف قام الفرنسيون في الجزائر بفرض نزع الحجاب على السيدات، والقيام بحملات إعلامية في سبيل التخلص منه، ثم تحوّله إلى موقف شخصي لرفض سلطة الاستعمار، بل حتى أن العرض يراه أحيانا وسيلة للوقوف بوجه تعرية جسد المرأة الممنهج، وتحويلها إلى أيقونة جنسيّة، منتقداً صور مارلين مونرو وغيرها من رموز الإثارة بوصفها أيقونات جنسيّة.

العرض يتناول عدة سياقات لقضية الحجاب، إذ نشاهد فيديو لجمال عبدالناصر يسخر فيه من المرشد الأعلى للإخوان المسلمين الذي طلب منه فرض الحجاب على نساء مصر
العرض يتناول عدة سياقات لقضية الحجاب، إذ نشاهد فيديو لجمال عبدالناصر يسخر فيه من المرشد الأعلى للإخوان المسلمين الذي طلب منه فرض الحجاب على نساء مصر، كذلك نرى المشاهد الصغيرة التي تدور بين أب مهاجر إلى فرنسا وابنته التي قررت وضع الحجاب، أيضاً نتابع أداء فردياً لممثلة بوصفها مناصرة للنسويّة، ينتهي بها الأمر بالكشف عن جسدها العاري، والسخرية من الأشكال السلعية لجسد المرأة التي نجدها من حولنا في الإعلانات وشاشات التلفزيون.

فالسياقات المتعددة التي يتناولها العرض واختلاف أزمنتها ومرجعياتها، تخلق التشويش حول موقف الكاتبة من “الحجاب” وتكوين العرض نفسه. إذ نراه يدعو عبر الكليشة المتداولة دوماً إلى أن الحجاب لا يعني الإرهاب، ولا يعني أن المحجبة مقموعة، ووضعها للحجاب خيار فرديّ بحت، في حين يتجاهل الكثير من القضايا الجوهريّة المرتبطة بالحجاب كظاهرة دينيّة وخطاب سلطة وعنف.

الكثير من الملاحظات يمكن توجيهها إلى مضمون العرض، وخصوصاً تعريفات الحجاب المقترحة، بالرغم من أنها تبدو مقنعة و”تحرريّة”، وتحاول إخراج المرأة المحجبة أو التي تغطّي شعرها من السياق المتداول في وسائل الإعلام، إلا أن العرض يتجاهل الصيغة الاجتماعية والدينية المرتبطة بالحجاب، فبالرغم من أنه خيار شخصي في بعض الأحيان، لكنّ التسليم به والمرجعية التي يمتلكها في بعض المجتمعات، لا يمكن إنكار أنها تضع كلا من الذكر والأنثى ضمن تعريفات تتجاوز الخيار الشخصي، فهو يجنسن جسد المرأة بوصفها متاعاً للذة ولا بد من تغطيته، كما يحوّل الذكر إلى كائن شهواني فقط، وهو جوهر قضية الحجاب في المنطقة الإسلاميّة، نعم هو تقليد في بعض المناطق، لكن ارتباط هذا التقليد بالدوغما الدينيّة وتبنيه من قبلها، حتى لو لم يكن ينتمي للأصل المقدس، يجعل تبرير الخيار الشخصي واهياً أمام صيغة الدمغ التي يمارسها الخطاب المرتبط به.

نعم من الممكن أن تغطي الأوكرانية الملحدة رأسها كما في العرض، لكن المرأة في بعض المناطق العربيّة أو التي ينتشر فيها الإسلام حين تغطي شعرها، تتبنى أو يُفرض عليها خطاب متكامل يدين المرأة وينمذجها، مثل تقنية الاستهلاك المتمثلة بالعري تحوّل جسد المرأة إلى سلعة للّذة، والإخفاء أيضاً يمارس ذات الصيغة، بتحويل جسدها إلى صيغة إيكزوتيكيّة خفيّة.

------------------------------------
المصدر : جريدة العرب 

'موت دانتون' مسرحية تزيل الأقنعة أمام حتمية الموت المعلن

مجلة الفنون المسرحية

'موت دانتون' مسرحية تزيل الأقنعة أمام حتمية الموت المعلن

ابو بكر العيادي 

بعد “جان المحظوظ” و”بعل” لبريخت، و”شبيبة دون ربّ” لفون هورفات، أقبل المخرج فرنسوا أورسوني على نص للألماني جورج بوشنر الذي تتسم أعماله مثلهما بالبحث عن الحقيقة والكتابة المسرحية المباشرة، هذا النص هو “موت دانتون” وقد ألفه بوشنر ليسلط الضوء على حلقة صاخبة من الثورة الفرنسية، جرت على بعد أمتار من مسرح “الباستيل” حيث تُعرض الآن.

لم يترك الألماني جورج بوشنر (1813-1837) سوى قصة قصيرة ومقالة هجائية وثلاث مسرحيات كانت تنبئ بنبوغه، ولكن الموت لم يمهله كي يتم مشروعه، إذ توفي ولم يتمم بعد عامه الرابع والعشرين، ورغم ذلك استطاع أن ينقش اسمه بأحرف من ذهب في سجل الأدب الكوني، وأن يكون من الأعلام الخالدين في ألمانيا، حتى أن أهم جائزة أدبية هناك تحمل اسمه.

والفضل يعود في جانب منه إلى مسرحيته الأولى “موت دانتون” التي تُعرض حاليا على مسرح “الباستيل” الباريسي، والتي تناولت إحدى الشخصيات الهامة في الثورة الفرنسية، ونعني بها جورج دانتون (1759-1794) الذي اختلف حوله المؤرخون، وإن اتفقوا على ظروف محاكمته وخصومته مع بطل آخر من أبطال الثورة الفرنسية هو روبسبيير، الذي أرسل رفيقه إلى المقصلة في 5 أبريل عن أربع وثلاثين سنة. ومما يروى أن دانتون صاح والعربة التي تقوده إلى المقصلة مارّةٌ أمام بيت خصمه “روبسبيير، أتتبعني! سيُهدم بيتك! وسيرشّ في مكانه الملح!”، وكأنما حدس أن خصمه لاحقٌ به لا محالة، إذ لم يأت يوم 28 يوليو من نفس العام حتى كان روبسبيير يقاد بدوره إلى المقصلة.

مئتان وثلاث وعشرون سنة إذن تفصلنا عن الأيام التراجيدية التي أعدم فيها جورج دانتون وروبسبيير وأصدقاؤهما، بعد أن التهمتهم ثورة قدحوا زنادها ثم صاروا وقودها، ثورة أشعّت على كامل أوروبا، وهزّت طغاتها، وأنارت للشعوب الخاضعة شموع الأمل.

وكشاب تأسف لإجهاض تلك الثورة العارمة وتألم لمصير أبطالها، بنى بوشنر مسرحية “موت دانتون” متخيلا الأبطال، بعد أن جُرّدوا من مناصبهم واقتيدوا إلى السجن، وهم يواصلون الكلام والنقاش والمواجهة، ليكشف دواخل أبناء الأنوار بعيدا عن الكليشيهات البطولية، وهو ما ركّز عليه مخرج المسرحية فرانسوا أورسوني، فما يهمه في المقام الأول، هو كشف الجوانب الحميمة، تلك الاضطرابات الإنسانية العميقة التي تنتاب أولئك الذين سيموتون، ونحس بقربهم منا في تلك اللحظات التي تزول فيها الأقنعة أمام الموت المعلن.

في هذه التراجيديا يُشرّح بوشنر الثورة الفرنسية، ويرسم بدقة الانتشاء الذي استولى على الرجال والنساء، وعنف الصراع على السلطة، وقوة الشعب التي تجعل الثورة ممكنة، وبؤسه الذي يجعلها متغيرة لا تستقر على حال.

بوشنر يخلق في المسرحية شكلا شاعريا وسياسيا يفرض على المتفرج النظر إلى رجال الماضي عبر أسئلة الحاضر
المسرحية كتبها بوشنر على عجل، في خمسة أسابيع، ولم يتخطّ بعد عامه الثاني والعشرين، لأن بوليس إمارة هيسه كان يراقبه، بعد أن أصدر مقالة نارية عدّها غليوم الثاني ثورية.

وفي هذه المسرحية، يتمرد الشاب بوشنر على مثالية شيلر وغوته ليبتكر مسرحا جديدا، تجريبيا، في لغة تتقد إدهاشا وحيوية، إذ يدمر من الداخل ما كان يمكن أن يتحول إلى مجرد مسرح توثيقي، ليخلق شكلا شاعريا وسياسيا يفرض على المتفرج أن ينظر إلى رجال الماضي عبر أسئلة الحاضر.

تبدأ المسرحية لحظة توجيه التهم، ولا ندري هل كان دانتون وقتها يعتقد حقا أن حسن طالعه سينجيه، أم أنه كان مقتنعا بالمآل المحتوم الذي سيقوده إلى المقصلة؟ هناك حيث أُرسِلَ عددٌ من المساجين، وهناك أيضا حيث سينتهي متّهموه، بدءا بروبسبيير، وقد ساقهم جميعا إلى الموت منطقُ تطهيرٍ جنونيٌّ ذو نسق متسارع.

لا يصدر بوشنر أحكاما قاطعة، ولا يقدم دروسا، ولا يقع في الإيجاز المخل، بل يعرض تعقّد الوضعية التاريخية، حيث يلتقي رجال تجرؤوا على رفع أيديهم ضد الملكِ خليفة الله في الأرض، وضدّ قارة أوروبية معادية، وتحملوا تبعات أعمالهم أمام تاريخ لم يقدّم لهم كتيبا في “طريقة الاستعمال”.

ومن ثَمّ يشاهد الجمهور الذي لا يفصله عن الخشبة حاجزٌ الجدلَ الحامي الذي يلي كل المراحل الثورية، حين يصبح صدام الضمائر والاختيارات والترددات والخيانات أمرا واقعا، ولنا أن نتصور كيف طبعت تلك الأحداث، بملمحها الدرامي وتحديها لعظام تلك المرحلة، الذاكرةَ الجمعية، وكيف خلقت هوية وطنية، وخطّت سردية لم يكتب بعدُ على صفحتها أي شيء، حتى وإن أوهمنا بوشنر بأن ماكنة ساحقة كانت قد بدأت تدور وتفرم بلا رحمة.

“موت دانتون” تحوم حول الجدل البلاغي، مع إحالات على الجمهورية الرومانية، وتضع المتفرج مباشرة في حمّى الفعل، حيث باريس موطن رعب يأتي الموت فيه من كل صوب، بسبب كلمة، أو سلوك، أو لباس لا يرضي.

في هذا الجو المتوتر، يلوح دانتون كرجل لا يريد أن يواصل الصراع، لا يني يردد بينه وبين نفسه أنهم “لن يجرؤوا”.

ولكن الآلة الجهنمية كانت قد انطلقت تعمل بلا هوادة، فتجر معها دانتون ورفاقه من الصالون إلى الغرفة، ومن الرواق إلى الزنزانة، ومن الزنزانة إلى المقصلة، والمسرحية أشبه بنشيد غنائي طويل يرافق الشخصيات في انحدارهم، حيث سيواجهون الموت، الذي ابتدعوه هم أنفسهم.

--------------------------------------
المصدر : جريدة العرب 
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption