أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

السبت، 24 مارس 2018

مسرحية ''خوف'' تفتتح سلسلة عروض التظاهرة الدولية ''24ساعة مسرح دون انقطاع"

العرض المسرحي العالمي "بيوند بوليوود " في دبي

الجمعة، 23 مارس 2018

البقمي: لدينا مسرحيون لكن لا يوجد مسرح

مجلة الفنون المسرحية

البقمي: لدينا مسرحيون لكن لا يوجد مسرح

هيثم السيد - مكة 


أكد المسرحي نايف البقمي أن نجاح المسرح السعودي مرتبط بوجود البيئة التنظيمية التي تدير النشاط المسرحي بشكل مؤسسي، بما يكفل كذلك الارتقاء بذائقة المتلقي عبر تطوير المستوى الفني للأعمال المقدمة، مؤكدا أن المرحلة المقبلة تتطلب المزيد من الاهتمام بالمسرح وإعادة تقديمه بشكل فاعل، بالنظر إلى كونه منصة ثقافية مهمة لبناء الوعي وتعزيز الروح الوطنية والسلوكيات الإيجابية في المجتمع.

جاء ذلك خلال ندوة (المسرح الذي نريد) التي أقامتها جمعية الثقافة والفنون في الرياض أخيرا، بمناسبة تدشين منتدى (أبوالفنون) المعني بمناقشة القضايا المسرحية، وحضرها مجموعة من المسرحيين والمهتمين بالمجال.

وشدد البقمي على أهمية توفير البنية التحتية المتمثلة بالمسارح، خصوصا في المؤسسات الثقافية، مع العمل على تفعيل المسارح الموجودة في الجهات الحكومية والخاصة، كما لفت إلى وجود مواهب مسرحية رائعة في المملكة ولكنها لم تجد الفرص الحقيقية للظهور، معلقا (لدينا مسرحيون ولكن لا يوجد مسرح).

العمل على تسويق الأعمال المسرحية السعودية، محور آخر ركز عليه البقمي، مشيرا إلى ضرورة إيجاد آليات فاعلة لتعزيز المشاركات الخارجية وعرض المحتوى المسرحي المتوفر عبر وسائل الإعلام وإيصاله إلى مختلف الجهات المهتمة بالمسرح حول العالم، وأضاف «ما لم نفعل ذلك فإننا سنبقى نقدم مسرحنا لأنفسنا».

البقمي لخص عددا من أسباب نجاح أي عمل مسرحي، ومنها ملامسته لقضايا المجتمع بشكل يجعل كل من يشاهد العرض يعتقد أنه معني به، والحرص على جمالية الإخراج وإتقان الأداء وتكامل العناصر المسرحية، كما انتقد الإغراق في الغموض والتعقيد اللغوي ومحاولة إظهار ذلك على أنه نوع من (التجريب)، مشيرا أن هذا الوصف بات ذريعة لتمرير أي محاولة فنية تفتقد لأدنى مقومات العمل المسرحي.

وفي جوانب أخرى، طالب البقمي بتدريس الثقافة المسرحية في الصفوف الدراسية مع العمل على وجود مسرحيين مؤهلين في جميع المؤسسات التعليمية والجامعية، وأبدى تحفظه على دخول بعض من يعرفون بنجوم السوشل ميديا إلى التمثيل المسرحي في مقابل ابتعاد موهوبين حقيقيين، في حين انتقد افتقاد أغلب أعمال المسرح الاجتماعي إلى عنصر الاستمرارية وارتباطها بالجانب المادي فقط.

قصة إبراهيم الخليل والمعبد الوثني مقدّمة نظرية في أصول المسرح الرسالي

مجلة الفنون المسرحية

قصة إبراهيم الخليل والمعبد الوثني مقدّمة نظرية في أصول المسرح الرسالي

الباحث محمد الصالح الضاوي

نسعى من خلال هذه الورقة إلى استعادة قصّة النبيّ الرسول إبراهيم عليه السلام، مع قومه، في فصلها الخاص بالمعبد الوثني، وحادث الهدم الذي تعرض له على يدي هذا الفتى الرسول.. من خلال قراءة فنية درامية للعرض الذي قدمه إبراهيم... وتبيّن الفرق بين العرض الإبراهيمي والعرض المسرحي التقليدي، مع اكتشاف مقوّمات فنّ مسرحي نبوي رسالي، أهمله الباحثون، وسط الجدل الفقهي والعقائدي والمذهبي.
وعليه، يحقّ لنا التساؤل: إلى أي مدى، يمكن إطلاق لفظ: عرض مسرحي أو فرجوي على الحدث الإبراهيمي؟ وما هي خصوصيات هذا العرض الرسالي مقارنة بالعروض الدرامية الكلاسيكية؟ وهل يمكن تبيّن مقوّمات عرض مسرحي إسلامي بكامل صيغته الفنية؟.
العرض من خلال القرآن
يعرض القرآن الكريم قصّة إبراهيم في عدّة سور، وما يهمنا هو حادثة المعبد الوثني، الذي جاء وصفه في سورتي الأنبياء والصافات على ترتيب المصحف، أو العكس على مقتضى ترتيب النزول. والسورتان مكيتان، ونزلتا بعد الإسراء والمعراج، في أواخر الفترة المكية من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلّم.
والقصّة في سورة الصافات، جاءت ملخصة، لحادث هدم الأصنام، التي تولى الفتى إبراهيم اقترافها، حيث يقول القرآن:
[فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (90) فَرَاغَ إِلَى آَلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ (92) فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94) قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98)]
في حين، كانت آيات سورة الأنبياء، مفصّلة للمشهد الدرامي، بأكثر تفاصيل، حيث تقول:
[وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)].
والآيات مجتمعة تتحدّث عن مشهد درامي يتمثل في تحطيم تماثيل المعبد الرئيسي في بابل، باستعمال الفأس، وتعليقها على الصنم الكبير... وقد قام إبراهيم بهذا الفعل بعد سلسلة من الحوارات والمجالس الجدالية مع قومه، وأبيه الذي ينتسب إلى الفئة الكهنوتية المتزعمة للمعرفة الدينية والأسطورية... وكان زمن الحادث: آخر أيام المهرجان السنوي الاحتفالي لشعب بابل منذ حوالي أربعين قرنا...
ربما، لا تكفي، بعض العناصر الدرامية في القصة، لإطلاق مصطلح: العرض، عليها...فطبيعة الزمان والمكان (المهرجان-المعبد) وطبيعة الفعل (عنف فتوّة-هدم للأصنام) ووصف وتشريح العرض (كيد واعتداء على التماثيل) وفحص العرض باعتباره صيغة اتصالية (قيس ردود فعل الجمهور البابلي إزاء الحدث) وفهم الهدف الشامل من العرض (إيصال رسالة التوحيد) كل هذه العناصر ضرورية لتركيز مفهوم العرض الدرامي وإطلاقه على الحدث الإبراهيمي، ولكنه غير كاف، لافتقاده إلى أهم عنصر وهو: المحاكاة.
المحاكاة والتأويل
فالعرض الدرامي، هو بالأساس محاكاة لحدث من الماضي، واقعي أو خيالي أسطوري، بلغة شعرية راقية، باعتبار الشعر: "أرفع إنجازات الروح الإنسانية" على حد قول أرسطو. هذا من ناحية.
ومن ناحية ثانية، يقوم العرض على سلسلة من التدريبات والبروفات، ليتحسن أداء الشخصية أو الشخصيات المؤدّية، والوصول بالجمهور إلى حالة اتحاد وفناء اتصالي، يشبع الرغبة التي من أجلها حضر العرض.
ومن ناحية ثالثة، يتميّز العرض بقابليته للتكرار، في مناسبات موسمية وغير موسمية، ليلبي حاجات جمعية، نفسية ومعرفية واجتماعية. 
هذه العناصر الأساسية لتحديد الحدث الفني كعرض درامي، نجدها في الحدث الإبراهيمي بشكل غريب خارج عن المألوف، مما يعطي للعرض الإبراهيمي مميّزات لا نجدها في غيره من العروض.
فشخصيّة إبراهيم: النبي الرسول، جعلت من طبيعة علمه: الوحي، المحدد الرئيسي لكلّ تحركاته وأفعاله. وأوامره يتلقاها بالوحي، وبه يتحدد مساره مع قومه... وهو مثل كلّ الأنبياء، تابع ومأمور، ولا يفعل أي شيء إلا بمثال يطبع في ذهنه، وخارطة طريق توجهه وتنير طريقه... فإن كان هناك أناس ملهمون، ولهم قدرات فائقة للعادة، فإن الأنبياء أعلى درجة في مجال العلم الكشفي الذي يأتيهم بطرق عديدة، وبعلامات دالة، تؤمن لهم الطمأنينة، وتحقق لهم اليقين. وإبراهيم كان يحاكي مثالا في ذهنه، ويطبق مخططا اطلع عليه روحيا، وطولب بتحقيقه وتنفيذه وتنزيله أرض الواقع... فالحدث الذي تحدّث عنه القرآن، من هدم إبراهيم لتماثيل المعبد البابلي، هو محاكاة دقيقة وتنفيذ لمثال في الحضرة الروحية التي يعيشها هذا النبيّ في كل لحظة،،، فعمله لا يعدو أن يكون إسقاطا عموديّا حسّيا لمثال روحي لطيف شفاف حصل له في عالم روحي وافتراضي...
وبالرجوع إلى تجربة يوسف عليه السلام، في آخر تمفصلاتها، نراه يعلق عليها بقوله: [وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا].... فكان المثال البرزخي (الرؤيا) حقيقة، وتجسيده في أرض الحس: تأويل... فالتأويل: تنزيل التنزيل، وتعبير الحقيقة، وتجسيد المعنى والمثال وإخراج اللآلئ من الأصداف...فهو الواسطة بين المثال والحس...
العرض الرسالي
من هذه الناحية، لا يحتاج إبراهيم إلى تدريبات وبروفات لتحقيق عرض مثالي أمام جمهور بلده، لأنه سبق وأن مرّ بدورة تأهيلية وتزكوية، أهلته ليتلقى الوحي ويصبح رسولا نبيا، مثله مثل كل الأنبياء الذين مروا بخلوات وفترات اعتزال ومراحل تزكية وترقية روحية.
ولا يحتاج إبراهيم إلى نص شعري درامي متقن، ليحوله إلى فعل على خشبة مسرح المعبد البابلي، باعتبار أن العرض هو الواصلة بين اللغة والفعل... فالوحي، باعتباره طاقة نورانية ومحمول عرفاني ومعرفي، كان أرقى من كلّ عبقرية إنسانية، إلى درجة أنه يؤثر بالعبارة والإشارة، وبالمثال والحسّ، وبالصوت والصمت.
ولعلّ أصدق دليل على قوّة الوحي الاتصالية والتأثيرية، أنه تحدى كلّ المخزون الأسطوري لشعبه، وكل السرديات الدينية والسياسية، بعمله هذا... في موسم إثبات المتخيل الجمعي لقومه... تحداهم بالوحي والحدث المحاكي له... وهو عمل لم يتجرأ أي شخص على إتيانه...مما جعلهم ينسبوه إلى الفتوّة، مع ما تعنيه هذه اللفظة من رمزية نفسية وغير نفسية.
من هذا الجانب الذي فصلناه، كان العرض الإبراهيمي مفاجئا للجمهور، على غير موعد ولا إعلان مسبق...أداء حيّ تلقائي... بحيث كان لعنصر الصدمة وقعا على الجمهور الذي استجاب كليا للرسالة المشفرة في المعبد... قبل أن ينتكس ويرجع إلى الدفاع عن السردية البابلية: انصروا آلهتكم...كان التأثير عظيما في نفوس الجماهير البابلية... عكسته النار التي هيؤوها لنصرة كونهم الأسطوري الذي تضرر بفعل العرض الرسالي الصامت والذي أيقظ ضمائرهم وبث فيهم الشك وألجأهم إلى البحث عن اليقين وطرح الأسئلة.
وإذا كان العرض الدرامي التقليدي يعتمد على التأثير بالخيال ونقلة الجمهور إلى لحظة خيالية لمدّة من الزمن...يستعيد فيها مجد الماضي الأسطوري أو الواقعي، فإن العرض الرسالي اختراق روحي ونوري للحظة الحاضر والماضي والمستقبل، وحضور روحي في واقع حسي، وانكشاف معنى ورمز وعرفان، في عمق الكون الأسطوري المحنط بالرموز الحسية المتمثلة في التماثيل وحكاياتها وخدامها.
خاصية الخلود في العرض الرسالي
لقد قام القرآن بتأمين تكرار العرض الرسالي، عبر تسجيله بلغة إعجازية، في صورتين مختلفتين من حيث الإيجاز والاختصار (سورتي الأنبياء والصافات)، ودعانا إلى استعادة العرض الإبراهيمي عبر القراءة والتلاوة والتدبر. ولعل فعل التكرار في القراءة للقرآن ما هي إلا إعادة نسخ للمثال الروحي العالي، ومحاكاته من جديد، عبر التصور والخيال... 
لقد أمّن القرآن خاصية طالما افتقدها العرض الدرامي الكلاسيكي، وسعى مؤدوه إلى امتلاكها، وهي: الخلود، خلود العمل المسرحي وتجاوزه للحظة الراهنة للعرض والأداء، وتجاوزه أيضا للحظة الماضي المستعادة عبر الاستعراض الصناعي والفرجة. لقد حقّق القرآن بتسجيله للحدث الإبراهيمي، خاصية الخلود لهذا العرض الرسالي، وإمكانية معايشته في كل لحظة وحين، مع جمهور جديد... جمهور عالمي وكوني... فعملية الاسترجاع تتم بسهولة، عبر فعل تكرار القراءة والتلاوة والتدبر للآيات الحدث... وكأنها صدى للعرض الرسالي الأول، في أعماق كل نفس... تؤمّن أيضا، عمليات استقبال المدد الرسالي المثالي الروحي، مصدر التأويل والمحاكاة التلقائية الإبراهيمية...إنه عرض متواصل ومتجدد بكل شخوصه وأحداثه ومشاهده وجمهوره أيضا... 
والخلود تحقق أيضا، من خلال الرسالة التي سعى البطل، إلى نشرها وإيصالها إلى الجمهور، وهي: رسالة التوحيد، عبر كنس كل أنواع الشرك والشراكة، والإبقاء على الواحد الأحد... المشترك الكوني والإنساني في المعتقد...فإذا كان للمسرح قدرة رهيبة على شحذ رؤيتنا للواقع، فإنها في الأخير تضلّ مصطنعة ومفتعلة وزائفة، عكس المسرح الرسالي المتميّز بالنموذج الإلهامي والإيماني المتنزل تنزيلا. ولعلّ إدراك الكهنة لقوّة التأثير الدرامي الإبراهيمي، جعلهم ينتصرون لسرديتهم الأسطورية، ولمصالحهم الطبقية، فيقرروا حرق إبراهيم،الفتى الثائر والمزدري لآلهتهم... 
إيقاع الميم والنون
كما أن التسجيل القرآني للحدث الإبراهيمي، كشف لنا، من خلال بنائه البياني، الموسيقى الداخلية التي رافقت العرض، رغم أن جزء هاما منه كان صامتا... ألا تنطقون؟... كما وفّر القرآن لنا فرصة إدراك الجانب الجمالي في العرض، خاصة وأنه ارتبط بالفتوّة والحكمة، في امتزاج غريب ونادر... كثيرا ما يثير المخيال الشعبي...فملاحظة أن الآيات تنتهي بقافية النون في أغلبها، وفي بعضها تنتهي بحرف الميم، يعطينا فكرة عن نوع الإيقاع الموسيقي الذي ساد العرض الإبراهيمي داخل المعبد... 
فحرف الميم الشفوي، تكفل بأسئلة إبراهيم للتماثيل: ألا تنطقون؟... وهو حرف يرمز إلى مصدر حقيقة إبراهيم، وهي: الحقيقة المحمّدية (لاشتراكهما في الميم... فآخر إبراهيم بداية محمد)، التي في إحدى تجلياتها العرفانية، وفي مستوى وجودي أولي، تمثل العلم الإجمالي الإلهي الممدّ للقلم الأعلى، وهو في شكل روح يطلق عليه أهل التصوف: النون، وهو روح مهيّم ومهيمن، وهو الحاكم والمتصرف في الحدث الإبراهيمي (الاسم: المهيمن)... وقد أقسم الله به في سورة القلم، فقال: نون والقلم وما يسطرون...وفي هذا المستوى الأمري، فوق العرشي الطبيعي، لا نكاد نميّز زمانا ولا مكانا... إلا صمتا رهيبا ونافذا في كل مستويات الوجود...فلا متكلم إلا هو...
الخاتمة
وخلاصة القول:
أن الحدث الإبراهيمي في معبد بابل الوثني، زمن الاحتفال السنوي، مثّل عرضا دراميا استثنائيا، تميّز عن كل عرض كلاسيكي، بطبيعته الفجئية الصادمة، وبمحاكاته لمثال منقوش في الحضرة الإلهية  الإبراهيمية، عبر تأويل المعنى وتنزيل الإشارة وتجسيد المثال، وحقق القرآن خلود العرض الرسالي بالتسجيل الوحيي في سورتين، مكن إيقاعها ومفاتيح قافيتها (الميم والنون) من النفاذ إلى موسيقى الحدث والمنظر، من الداخل...
ولم يتحقق لأفلاطون، الفيلسوف والحكيم الإلهي، مقومات العرض الرسالي ليمجده، وإنما نظر إلى العروض الدرامية المزدهرة في عصره، وعارضها باعتبارها تكرّس خيالا بعيدا عن الواقع (محاكاة مضاعفة:محاكاة لواقع يحاكي المثال) وتمثل خطرا على الأخلاق المثالية...في حين، دافع أرسطو على المسرح واعتبره مطهرا للنفوس...ولو نزلنا موقفي الفيلسوفين على الحدث الإبراهيمي، لوجدنا إبراهيم أرسطيا وقومه أفلاطونيين بامتياز... وهذه مفارقة أخرى... وليست أخيرة.

المصادر :
-------------------
 1- سورة الصافات، ترتيبها في المصحف: 37. وترتيبها في التنزيل: 56. 
سورة الأنبياء، ترتيبها في المصحف: 21. وترتيبها في التنزيل: 73.

 2-هلتون، جوليان:  نظرية العرض المسرحي، ترجمة: د. نهاد صليحة، هلا للنشر والتوزيع، مصر، ط 1، 2000، ص 19.

 3-    100 يوسف. 

 4-يقول أحمد الرفاعي في كتابه: البرهان المؤيد:
[أول مراتب القرآن معرفة التنزيل، والثاني معرفة التأويل، والتنزيل ينبغي أن يكون أمرا كما جاء، لا يحرّف ولا يبدّل، لأنه أساس التأويل. والتأويل منزل عن التنزيل، لا يخرج به عن مطابقة التنزيل، فلا يعدل بمعانيه إلى التعطيل، ولا يحاد به عن موافقة طريق السنة الواردة عن سيّد المرسلين]. 
5- الشيخ محمّد الكسنزان الحسيني، موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه أهل التصوف والعرفان، ط 1 سنة 2005. مادة: أ و ل. (ص 324 بالنسبة لنسخة وورد –الألف الثانية).

 6- هلتون، جوليان:  نظرية العرض المسرحي، ترجمة: د. نهاد صليحة، هلا للنشر والتوزيع، مصر، ط 1، 2000، ص18. 

 7- لفهم التضاد بين الوحي والأسطورة، يرجى الرجوع إلى كتاب:
الضاوي، محمد الصالح: أساطير الأولين، رؤية إسلامية مغايرة، دار الكتب العلمية، ط 1، 2011.  

8- يرجى مراجعة كتاب:
الضاوي، محمد الصالح: تجليات فعل القراءة في القرآن، نشر مديرية الثقافة لولاية الوادي، ط 1، 2013. 


  9- بل الغريب أن الخصوم ساهموا في تخليد العرض الإبراهيمي، عبر مشهد النار العظيمة التي كانت بردا وسلاما على إبراهيم، وخرج منها منتصرا...

  10- قد فصّلت الكلام عن النون والقلم، في كتاب:الضاوي محمد الصالح: أولى الحقائق الوجودية الكبرى، إشراف ومراجعة: الشيخ عبد الباقي مفتاح، نشر كتاب ناشرون، لبنان، ط 1، 2016، صص78-80. 


11- هلتون، جوليان:  نظرية العرض المسرحي، ترجمة: د. نهاد صليحة، هلا للنشر والتوزيع، مصر، ط 1، 2000، ص 14. 


الخميس، 22 مارس 2018

سلطان القاسمي يشهد حفل ختام الدورة الـ28 من أيام الشارقة المسرحية ويكرم الفائزين

مجلة الفنون المسرحية

سلطان القاسمي يشهد حفل ختام الدورة الـ28 من أيام الشارقة المسرحية ويكرم الفائزين 

الشارقة 24

أعلن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة عن مبادرة جديدة لعشاق الفن المسرحي في الوطن العربي، عبر إقامة مهرجان للمسرح في كل دولة من الدول العربية تحت إدارة الهيئة العربية للمسرح، سعياً من سموه للارتقاء بالمسرح العربي والعاملين فيه، وليكون نهجاً جديداً للهيئة في عملها الدؤوب لتطوير المسرح، بديلاً للمسابقات التي كانت الهيئة تجريها منذ إنشائها.

كما وجه سموه الهيئة العربية للمسرح بانتقاء مسرحيات عربية متميزة تستحق العرض، والذهاب للمشاركة بها في المهرجانات الدولية، بهدف التواصل مع الآخر، والاستفادة من التجارب المسرحية الدولية، مما يسهم في تطوير المسرح في كافة جوانبه التقنية والمهنية.

جاء ذلك خلال كلمة سموه في ختام أيام الشارقة المسرحية في دورتها الثامنة والعشرين التي نظمتها دائرة الثقافة مساء اليوم في مسرح قصر الثقافة.

وقال سموه: "هذه المهرجانات ستسهم في تطوير الحركة المسرحية في البلدان العربية، ونتمنى أن يأتي يوم وتكون كل الفرق العربية في مهرجانٍ مسرحي واحد".

وأضاف سموه: "هناك العديد من المهرجانات العالمية لا نعرف عنها شيئاً، علينا الذهاب إليهم، والتواصل معهم، لنستفيد منهم، ونعرضُ ما لدينا".

وأشار سموه إلى أن هناك الكثير من المهرجانات المتخصصة في المسرح التي تُنظم في العديد من الدول الأوروبية، يجب علينا الاشتراك معهم، والذهاب بكامل طواقم الفرق المسرحية لدينا، ليروا كيف يكون المسرح، ونأخذ من علمهم حتى نضيفه إلى ما عندنا من العلم، ونرتقي بمسرحنا.

وأوضح سموه للفنانين في دولة الإمارات العربية المتحدة أنهم ما يزالون في أول الطريق، فيجب عليهم ألا يغتروا بكثرة الجوائز والتصفيق، فالطريق لايزال أمامهم طويلا.

وحث سموه المسرحيين على ألا يغفلوا الحضور والمشاركة في الندوات الجانبية والفكرية للمهرجان لأن فيها العطاء والتوجيه والخير الكثير، داعيا إياهم إلى الحرص على تثقيف أنفسهم من خلال التعرف على إنتاج الآخرين، ودراسة المسرحيات المختلفة.

وقدم سموه في ختام كلمته الشكر والتقدير إلى ضيوف أيام الشارقة المسرحية قائلاً: "نشكر لضيوفنا الكرام حضوركم ..وجودكم هو أنسٌ لأهل المسرح، ونطمئن من خلاله أن أهل الفن موجودون معنا، لأن وجودكم فيه أمان".

وكانت فعاليات الحفل قد بدأت بتقرير لجنة التحكيم قدمه الدكتور خليفة الهاجري من دولة الكويت، مثمناً الاهتمام الكبير والمتابعة الشخصية لصاحب السمو حاكم الشارقة لأيام الشارقة المسرحية، التي تميزت هذه الدورة في افتتاحها بمسرحية سموه "كتاب الله .. الصراع بين النور والظلام" التي جاءت ثرّية ومعبرة.

وأشار إلى أن الدورة الحالية شهدت تنافست 7 عروض مسرحية على جوائزها الرسمية، بينما تم تقديم 4 عروض أخرى خارج المنافسة، إلى جانب مسرحية "صولو" لفرقة أكون من المملكة المغربية الفائزة بجائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عمل مسرحي عربي في دورتها العاشرة.

وثمّنت لجنة التحكيم في تقريرها دور اللجنة العليا واللجان المنظمة، حيث تميز البرنامج الفكري المصاحب بالعديد من الندوات والمسامرات الليلية، وبرنامج أوائل المسرح.

وأوصت لجنة التحكيم بضرورة توجه المخرجين إلى إدارة أفضل لعنصر الممثل خلال العروض المسرحية، وكما دعت إلى أهمية تكثيف الورش التطبيقية المتعلقة بالجوانب التقنية للعمل المسرحي، والاهتمام بالكتابات المسرحية المحلية.

وتفضل صاحب السمو حاكم الشارقة بتكريم الفائزين بجوائز أيام الشارقة المسرحية في دورتها الـ 28، ونالت مسرحية "المجنون" لمسرح الشارقة الوطني، جائزة أفضل عرض مسرحي متكامل.

وفاز الفنان محمد العامري بجائزة أفضل إخراج مسرحي عن مسرحية "المجنون" لمسرح الشارقة الوطني، بينما ذهبت جائزة أفضل تأليف للكاتب اسماعيل عبدالله عن مسرحية "موال حدادي" لمسرح رأس الخيمة الوطني.

وحصل على جائزة أفضل ممثل دور أول الفنان مروان عبدالله عن دوره في مسرحية "المجنون" لمسرح الشارقة الوطني، وذهبت جائزة أفضل ممثلة دور أول للفنانة بدور الساعي عن دورها في مسرحية "تداعيات" لمسرح دبي الأهلي.

وحصل الفنان موسى البقيش على جائزة أفضل دور ثان عن مسرحية "موال حدادي" لمسرح رأس الخيمة الوطني، بينما حصلت الفنانة عذاري على جائزة أفضل ممثلة دور ثان عن دورها في مسرحية "المجنون" لمسرح الشارقة الوطني.

ونال جائزة أفضل ممثل واعد عمر الملا عن مسرحية "ليلك ضحى" عن المسرح الحديث بالشارقة، بينما فازت بجائزة أفضل ممثلة واعدة هيا القايدي عن دورها في مسرحية "فقط" لمسرح بني ياس.

وفاز بجائزة أفضل ديكور الفنان محمد العامري عن مسرحية "المجنون"، فيما فاز بجائزة أفضل إضاءة الفنان محمد جمال عن مسرحية "ليلك ضحى"، وأفضل مؤثرات صوتية وموسيقية عبدالرحمن الجروان عن مسرحية "ما بعد الإنسان" لمسرح خورفكان للفنون، بينما حصل على جائزة أفضل مكياج الفنان حسن رجب عن مسرحية "حرب النعل" لمسرح دبا الحصن، وفاز بجائزة أفضل أزياء الفنان محمد العامري عن مسرحية "المجنون" لمسرح الشارقة الوطني.

وذهبت جائزة الفنان المسرحي المتميز من غير أبناء الدولة إلى الفنان غنام غنام عن دوره في مسرحية "ليلك ضحى"، كما حصلت مسرحية "موال حدادي" على جائزة لجنة التحكيم الخاصة.

وحاز على المركز الأول في جائزة الشارقة للتأليف المسرحي الكاتب ياسر يحيى المدخلي من المملكة العربية السعودية عن النص المسرحي "الانتصار أو الموت أو كلاهما"، وذهب المركز الثاني إلى الكاتبة سهام صالح أحمد العبودي من السعودية عن نصها المسرحي "بحثاً عن الظل المفقود"، بينما حصل على المركز الثالث عبدالرزاق جبار بن عطية عن نص مسرحية "خريف الجسور".

حضر الحفل كل من الشيخ محمد بن حميد القاسمي مدير دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية، واللواء سيف الزري الشامسي قائد عام شرطة الشارقة، وسعادة عبدالله محمد العويس رئيس دائرة الثقافة، وسعادة خالد جاسم المدفع رئيس هيئة الإنماء السياحي والتجاري، وسعادة محمد عبيد الزعابي رئيس دائرة التشريفات والضيافة، وسعادة صلاح سالم المحمود مدير عام هيئة الشارقة للوثائق والأرشيف، وأحمد بو رحيمة مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة، ونخبة من نجوم المسرح الإماراتي والخليجي والعربي والفنانين والمهتمين.

















«تداعيات».. شباب في أزمة خريف العمر ..عرض «دبي الأهلي» ينافس على جوائز «الأيام» بأداء متقن وسينوغرافيا مقتصدة

مجلة الفنون المسرحية

«تداعيات».. شباب في أزمة خريف العمر ..عرض «دبي الأهلي» ينافس على جوائز «الأيام» بأداء متقن وسينوغرافيا مقتصدة


محمد عبدالمقصود  - الإمارات اليوم 



يربط بين أسرة مسرحية «تداعيات»، التي استضافتها خشبة مسرح معهد الفنون، أول من أمس، ضمن العروض المشاركة في المسابقة الرسمية لأيام الشارقة المسرحية بدورتها الـ28، أن كل عناصرها جمعتهم سابقاً خشبة مهرجان دبي لمسرح الشباب، بل وحصد معظمهم العديد من جوائز المهرجان.

لكن المفارقة الأبرز أن أبطال «تداعيات» وعناصره الأساسية، راحوا ينشغلون بهواجس ومخاوف مرحلة عمرية لا يعيشونها، إلا أنها تسكنهم، حسب أطروحات العمل، وهي مساحة خريف العمر، لينبشوا في ثنايا ذات مضطربة، تنهشها تداعيات التقاعد، «التقاعد في كل شيء»، وفق مقولة الزوجة المسنة لزوجها، وليس في الوظيفة فقط التي فقدها. العمل الذي يمثل مشاركة مسرح دبي الأهلي، وتصدى لمهام الدراماتور فيه الفنان حافظ أمان، حاول مخرجه مرتضى جمعة، ومؤلفه أحمد الماجد، أن يكسباه صيغة تعميم إنسانية، باعتبار أن كلاً منا بداخله هذه الشخصية المضطربة المنهزمة نفسياً، لكن التفاصيل قادت إلى فرجة في دائرة آلام ما بعد التقاعد، عبر غوصها في أعماق عجوز أدى دوره ببراعة لافتة الممثل الشاب حميد فارس.

حضور قوي

فارس، الذي ألمَّ بمقتضيات دوره، وكأنه خبر هذه المرحلة العمرية وسمات أوجاعها، دعم حضوره القوي على الخشبة أيضاً، طاقة مسرحية لا تهدأ بشغفها للجديد من أدوارها على الخشبة، وهي الممثلة الشابة بدور الساعي، القادمة أيضاً، كما فارس، من تتويجات «دبي للشباب» لتقنع من جديد بعد دورها عروساً بمسرحية «ليلة بعمر» منذ أيام ثلاثة فقط، على الخشبة نفسها، ولكن هذه المرة بدور الزوجة المسنة المحبطة المملوءة بهواجس «خريف العمر» بموازاة إحباطات زوجها وتقلباته النفسية. حالة «تداعيات»، لم تقف عند زمن العجوزين، بل استدعت ماضيهما، لتزيد من أوجاع الحاضر، عبر دورين آخرين، مثلا امتداداً معكوساً زمنياً للشخصيتين نفسهما، أدى دورهما الممثلان أحمد مال الله، وريم الفيصل، لنجد على الخشبة وفي التداعيات نفسها حيوية واندفاع العاشقين الشابين، وكمون وخفوت عجوزين، بات يشغلهما الانفصال لا الارتباط.

بعيداً عن المبالغة


وخلافاً للعديد من التجارب التي جمعت مرتضى جمعة مخرجاً، وأحمد الماجد مؤلفاً، جاءت السينوغرافياً مقتصدة للغاية، لكن مع الاحتفاظ بتوظيف جمالياتها على النحو الذي يتطلبه إثراء الفعل المسرحي على الخشبة، بعيداً عن المبالغة والبذخ في عناصرها، إذ انفتح العمل منذ البداية على فضاء مسرحي رحب خال إلا من قطعتين خشبيتين ومقعد بسيط وأرضية تعلوها بقايا أشبه ببقايا قصاصات، أو حتى أوراق شجر ذابلة، وفق ما قد يوحيه من إيحاءات للمتلقي، على الرغم من أنها تكوينات متناثرة غير ذي دلالة مباشرة.

واحتاج المخرج إلى تغيير الديكور مرحلياً، خصوصاً في المشهد الأخير، الذي بدا وأنه إشارة إلى سطوة عجلة الزمن وبطشتها، في تأكيد على حقيقة أنه لا مفر من التعايش مع حالة انكسار في خريف العمر، وأن كل الحلول التي قد تبدو ممكنة، هي في الحقيقة ليست كذلك، أو هي سباحة ضد تيار العمر الذي لن يعود. وجاء ازدحام خشبة العرض بعد ختامه مباشرة، جرياً على عادة باتت تشهدها عروض أيام الشارقة المسرحية، بشكل لافت، لتكون بمثابة تصويت فوري على مدى إعجاب الحضور، من رفقاء الخشبة خصوصاً بالعرض، وهو المشهد الذي أبرز احتفاء بالرباعي مخرج العمل ومؤلفه، بجانب حميد فارس وبدور خصوصاً.

الخامسة تجمعنا

حالة من التناغم أصبحت تسود في ثنائية مرتضى جمعة، مخرجاً، وأحمد الماجد مؤلفاً، إذ تعد «تداعيات» هي التجربة الخامسة التي تجمعهما.

وتبادل الطرفان في تصريحهما لـ«الإمارات اليوم»، التعبير عن ارتياحهما للعمل معاً. وقال جمعة: «أعرف خصوصية نص الماجد، رغم ذلك أتعامل مع تفاصيله بحذر، وغالباً احتاج لقراءة نصه معمقاً، وربما لأشهر، قبل أن أشرع في التعامل فنياً معه».

ورأى الماجد أن «المؤلف رغم وقوف دوره عند تسليم النص لمخرج تؤهله أدواته للتعامل معه، فإنه يبقى الأكثر أريحية بين عناصر العمل، حينما يلمس أن الرؤية التي بين السطور عرفت طريقها إلى المتلقي، وهو ما صادفه في (تداعيات)».

إسماعيل عبدالله: مسرحنا بخير

هنأ رئيس جمعية المسرحيين الإماراتيين، الفنان إسماعيل عبدالله، أسرة «تداعيات»، على الخشبة، فور انتهاء العرض مباشرة.

وقال عبدالله لـ«الإمارات اليوم»: «هذا العرق المتصبب من جبين حميد فارس، والأداء الاحترافي لسائر عناصر العمل، والطاقات التي نضجت على خشبة (الأيام)، فضلاً عن جماليات التنظيم وتنافسية العروض، وروح أسرة المسرح الواحدة، التي نلمسها من مختلف الفرق المشاركة.. كلها عوامل تؤكد أن مسرحنا بخير».











الأربعاء، 21 مارس 2018

«الذاكرة والخوف» و«ليلة بعمر» في «الشارقة المسرحية».. إسقاطات ذكية ورسائل هادفة

مجلة الفنون المسرحية

«الذاكرة والخوف» و«ليلة بعمر» في «الشارقة المسرحية».. إسقاطات ذكية ورسائل هادفة

وفاء السويدي - البيان

تواصلت لليوم الخامس فعاليات أيام الشارقة المسرحية في دورتها 28، والتي تتنوع بين عروض مسرحية وندوات وسهرات فكرية ونقاشية حول قضايا المسرح، وقد تم عرض في الأول من أمس مسرحية «الذاكرة والخوف» للمخرج سعيد الهرش، وهو نص معد من مسرحية «الملك لير» للكاتب الإنجليزي وليم شكسبير، وعرض آخر بعنوان «ليلة بعمر» للمخرج حمد الحمادي والمؤلف جاسم الخراز ويتناول قضية المساواة بين الرجل والمرأة وإشكالات النظرة التي تغلب الرجل على المرأة، وذلك على خشبة المعهد المسرحي.واشتمل علاملان، على إسقاطات ذكية ورسائل هادفة.

شكل مميز

تحكي مسرحية «الذاكرة والخوف» قصة ملك يقرر بعد أن تقدم في العمر وأصبح في حدود الثمانين أن يقسم مملكته بين بناته الثلاث، وأن يعطي لكل واحدة منهن بمقدار حبها له، يسأل الملك لير بناته الثلاث عن مقدار حب كل واحدة منهن له، أجابته ابنتاه الكبرى والمتوسطة بإجابات ظاهرها الحب وباطنها النفاق والخبث والمجاملة، فأعطى لكل واحدة منهن ثلثاً من مملكته، بينما قررت الصغرى «كورديليا» أن تجيبه بوضوح واستقامة بأنها تحبه كما تحب أية ابنة مخلصة أباها، وبسبب تقدم الملك في السن ، لم يستطع أن يميز الصدق في كلام ابنته الصغرى، فقرر حرمانها من كل شيء والتبرؤ منها، وأعطى الثلث الباقي لأختيها، لتتفاعل أحداث المسرحية بعد ذلك وتتحول إلى نموذج لعقوق البنات لأبيهن بعد أن أعطاهن كل ما يملكه، وقد نجح المخرج في توظيف السينوغرافيا بشكل جيد، واشتغل على الإضاءة وعلى تحريك ممثليه بشكل مميز، وحظي العرض بتفاعل كبير من قبل الجمهور.

تميز وتألق

أما مسرحية «ليلة بعمر» والتي تحمل رسالة هادفة وتتناول قضية المساواة بين الرجل والمرأة وإشكالات النظرة التي تغلب الرجل على المرأة، فهي من المسرحيات الثنائية وقد تميز وتألق الممثلان فيها وهما إبراهيم الاستادي وبدور، وتميز أداؤهما بالإيقاع المتوازن مع بعض ليكمل الآخر، كما وضعوا الجمهور في حالة من الإنصات والترقب والانتباه لهم، وقد علق أحد النقاد بأن العرض يعتبر من خارج المسابقة ولكن لا بد من أن يكون يدخل التاريخ المسرحي حيث القضية تمس المجتمع وتهم فئات كثيرة.

ملتقى الأوائل

كما أقيمت بملتقى الشارقة السابع لأوائل المسرح العربي المصاحب للدورة، محاضرة بعنوان «جماليات الإخراج المسرحي» قدمها المخرج المسرحي المغربي د.عبد المجيد شاكير، والورشة هي مخصصة لطلاب المعاهد المسرحية التي يتم استضافتهم في كل عام، وتناولت مفهوم الإخراج المسرحي وتطوره التاريخي، حيث ارتبط الإخراج في بداية الأمر بالمؤلف المسرحي، الذي كان يبدع النص ويرفقه بمجموعة من الإرشادات والنصائح والتوجيهات الإخراجيَّة، كما أقيمت ندوة بعنوان «الفن يورث؟ عرض تاريخي للعائلات المسرح العربيَّة»، حيث تم طرح عدة أسئلة أولها هل يورث الفن؟ حيث ناقشته الندوة من خلال كتاب وممثلين ومخرجين، وأدار الندوة الفنان الجزائري عبد الناصر خلاف، وتحدث فيها الباحث والكاتب المسرحي المغربي فهد الكغاط، والمخرج والمؤرخ المسرحي المصري عمرو دوارة، والكاتب والمخرج الإماراتي عبد الله صالح.

«العميان».. توليفة مسرحية رمزية على خشبة «الأيام»

مجلة الفنون المسرحية


«العميان».. توليفة مسرحية رمزية على خشبة «الأيام»

وفاء السويدي - البيان

تأتي الدورة الثامنة والعشرون من أيام الشارقة المسرحية وسط تظاهرة فنية ثقافية واجتماعية، يشارك الجميع في عروضها وأنشطتها، لتجدد التأكيد على أصالة وعمق هذا المشروع الثقافي الذي احتضنته الشارقة منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، واعتبرته دعامة أساسية لنهضتها الثقافية.

واستكمالاً للأيام تم أول من أمس عرض مسرحية «العميان» للمخرج يوسف القصاب، وعرض آخر بعنوان «تداعيات» من تأليف أحمد الماجد والمخرج مرتضى جمعة.

متعة بصرية

وقدم العرض المسرحي «العميان» توليفة بصرية ثرية، مشكلة من الألوان والأضواء والأزياء، على درجة عالية من الشاعرية، وتشكل العرض بمجموعة من العميان فقدت سبيلها إلى الملجأ وتاهت في غابة كثيفة في يوم شديد البرودة، أين الطريق إلى العودة، وإلى أين يمكن أن يأخذ هذا المسار، إلى الأمام أم إلى الخلف، ومن يمكن أن يأتي، ومن أين تصدر هذه الأصوات وفي أي وقت يحصل هذا؟ هذه هي الأسئلة التي تطرحها المجموعة التائهة من فاقدي البصر، في يأس وقلق وخوف.

ونجح المخرج القصاب في عكس الحالة الرمزية المعقدة عبر ما اقترحه من مناظر تعبيرية دالة، يتداخل فيها الضوء مع الظلال والعتمات ولمعات الأقمشة والاكسسوارات، مع خلفية موسيقية مرهفة أضفت على الملمح العام للعرض حالة شجية شديدة الوقع والتأثير.

الحدس والبصيرة

كما اختتمت أمس فعاليات ملتقى الشارقة السابع لأوائل المسرح العربي، بندوة للمخرج المسرحي المصري، الدكتور ناصر عبدالمنعم بعنوان «التمثيل المسرحي.. الإلهام الفطري»، حيث قال فيها : نحن نستخدم كلمة الحدس كثيراً في حياتنا، للتعبير عن إحساس داخلي أو باطني تجاه شيء معين أو ظاهرة من الظواهر أو موقف حياتي، وهذا الإحساس ليس له مبرر واضح، هو توجس لا ينتمي لعالم العقل، وإنما لعالم الباطن الشعوري. وهنا يجب أن ينتبه الممثل إلى هذا الحدس ويعمل على تنميته، حتى يصبح جزءاً من أدواته».

«صولو».. حكاية تحرُّر على الطريقة الصوفية

مجلة الفنون المسرحية

«صولو».. حكاية تحرُّر على الطريقة الصوفية

وفاء السويدي - البيان

بعد أن فاز العرض المسرحي «صولو»، بجائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لأفضل عمل مسرحي، عبر مهرجان المسرح العربي، الذي نظمته الهيئة العربية للمسرح بالعاصمة التونسية، عرضت لجمهور أيام الشارقة، المسرحية، احتفاءً بتميزها وأفضليتها أول من أمس، على مسرح قصر الثقافة.

قواعد جديدة

وتحكي مسرحية «صولو»، عن شخصية «زهراء أحمد»، التي تروي رحلة تحررها في طقس صوفي، تتطور معه الحكاية، وتقدم نفسها كصاحبة شرعية لحكايتها التي تم تحريفها، وتؤسس لقواعد جديدة ستمكنها من تقديم شهادتها حول قصة امرأة عاشت ذكراً.

وِوفق طرح دراماتورجي مقتبس عن رواية «ليلة القدر» للطاهر بنجلون، أخضع المخرج المغربي محمد الحر، مسرحية «صولو» في صياغتها الإخراجية، لمسار روائي في نقل قضايا تحرر الذات، وإثارة أسئلة وجودية تشغل الإنسان، انطلاقاً من موضوع معاناة المرأة من السلطة المجتمعية بمختلف تجلياتها، داخل العائلة، وفي تعاملها مع الآخر. وسعى المخرج محمد الحر، إلى إبراز هذا المضمون في المسرحية، من خلال توظيف جماليات مسرحية، واختيارات حوارية تدفع بالمسار الدرامي نحو الأسلوب المباشر في الطرح.

كما تناولت المسرحية موضوع التطرف الديني بشكل ضمني، ومحاولة التحرر منه على الطريقة الصوفية. والمسرحية لفرقة «اكون» للثقافة والفنون من المغرب، وتلعب أدوار البطولة فيها آمال بن جدو وسعيد الهراسي وجميلة الهوني وهدى زبيد ومحمد أبا صالح ومحمد عسيلة وصلاح مقرة.

وفي إطار التكريم بجائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي، والتي استحقها في هذه الدورة الفنان المصري محمد صبحي، تقديراً لتجربته الإبداعية، ودورة في تطوير وإغناء الحركة المسرحية العربية خلال أكثر من أربعة عقود، أعرب صبحي عن سعادته بفوزه بجائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي، في دورتها الثانية عشرة، وذلك من خلال جلسة حوارية نقاشية، حضرها أحمد بورحيمة مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة بالشارقة، مدير المهرجان، وجمهور كبير من الفنانين والمثقفين ورواد المسرح.

وقال محمد صبحي: لقد سعدت كثيراً بالجائزة، ولكن كان الأمر يتجسد في سؤال حيوي ومهم، هو: من الذي يمنحني الجائزة؟، فراعي الجائزة ومانحها هنا، هو أديب وفنان حقيقي، ومهرجان أيام الشارقة المسرحية، هو من المهرجانات المهمة على مستوى الوطن العربي.

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption