أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الاثنين، 12 نوفمبر 2018

دور مصمم المناظر المسرحية في نجاح عمل المخرج المسرحي

مجلة الفنون المسرحية

دور مصمم المناظر المسرحية في نجاح عمل المخرج المسرحي

أ.م.د .احمد سلمان عطية
قسم الفنون المسرحية /كلية الفنون الجميلة/ جامعة بابل



ملخص البحث:

      تناولت الدراسة الحالية (دور مصمم المناظر المسرحية في نجاح عمل المخرج المسرحي) ؛ اذ يسهم هذا الدور في تغيير وتوصيل رؤى المؤلف والمخرج وتوجهاتهما الفكرية والفنية والتقنية الى المتلقي ، فضلا عن انها تسهم بشكل واضح في لفت انتباه الجمهور الى أحداث المسرحية والتفاعل معها و من ثم التأثر بها عندما يحصل فعل التركيز. بمعنى انه عندما يكون هنالك مصمم جيد يكون العرض المسرحي ناجح.
    احتوت الدراسة على أربعة فصول اشتمل الفصل الأول على الإطار المنهجي للبحث والمتضمن مشكلة البحث وأهميته المؤكدة على دور مصمم المناظر المسرحية في العرض المسرحي ,فضلا عن هدف البحث وتحديد بعض مصطلحات البحث. بينما احتوى الفصل الثاني على الإطار النظري الذي شمل تطور المناظر المسرحية وعملية الإخراج المسرحي عبر التاريخ. 
ومرورا بالفصل الثالث الذي احتوى على إجراءات البحث التي شملت طريقة البحث ومراحل عمل مصمم المناظر المسرحية ومواصفاته. في حين تضمن الفصل الرابع على نتائج البحث اهمها : اعتماد مصمم المناظر المسرحية في تصمميه على مصدرين اساسسين هما : النص المسرحي و خطة المخرج الإخراجية.
وانتهى البحث بجملة من الاستنتاجات والمقترحات و تثبيت المصادر.





Abstract:

     The present study addressed the role of the corresponding theatrical designer in the success of the work of filmmaker theater, where this role contribute in the change and connect the visions of the author and the director and their intellectual visions, artistic and technical to the recipient as well as they clearly contribute to draw public attention to the events of the play and interact with them and then emotion He did when it gets focus. In the sense that when there is a well-designed theater be successful.
      Where the study contains four chapters included the first chapter on the methodological framework for research and included the research problem and confirmed its importance on the role of the views designer of the play in the theater, as well as the goal of the research and identify some of the search terms.
While the second chapter contains the theoretical framework, which included scenes drama and directing the process of the evolution of theatrical history.

     And through chapter III, which contained the research procedures, which included research method and stages of work and specifications theatrical landscape designer.

     While the fourth quarter included the results including: theatrical landscape designer in the design dependence on two important exporters: the text and theatrical director directorial plan.The search is over with a set of conclusions and proposals, finally installed the sources.








الفصل الاول 
مشكلة البحث :      
      تعد المناظر المسرحية من مكونات العرض المسرحي الاساسية والمكملة له ، التي يعتمد عليها المخرج المسرحي كثيرا . اذ انها تساعد في تفسير وتوصيل افكار المؤلف والمخرج الى الجمهور. ناهيك عن خلقها للايهام بان ما يدور على خشبة المسرح هو واقع وحقيقة . كما تسهم في شد انتباه الجمهور الى الاحداث وعدم تشتت اذهانهم ، وتزودهم بالمعلومات الهامة عن مكان وبيئة الشخصيات منذ الوهلة الاولى لرفع الستارة . من اجل     ذلك وجب على المخرج ان يختار مصمم المناظر المسرحية القادر على تحقيق التفاصيل المذكورة وغيرها ، لبلوغ الغاية المرجوة من العرض المسرحي . يقول (هيننج نيلمز) " لتصميم المناظر اهمية اساسية في نجاح العرض المسرحي ، فعندما كانت مناظري سيئة التصميم نشات عنها صعوبات لا حصر لها لكل من المخرج والممثلين" .(271:18) لذلك فان نجاح العرض المسرحي لا ياتي الا نتيجة تظافر جهود كل من مصمم المناظر المسرحية والمخرج ، والمتمثلة في تبادل الاراء والافكار ووجهات النظر للوصول الى التصميم المنظري المناسب للعرض . لذلك وجدنا ان دراسة دور مصمم المناظر المسرحية في نجاح عمل المخرج المسرحي تحمل اهمية خاصة من اجل توضيح هذا الدور ، وبالتالي تسهم في رسم صورة دقيقة لعمل المصمم  وحدد الباحث مشكلة بحثه بالتساؤل الاتي : ما دور مصمم المناظر المسرحية في نجاح عمل المخرج المسرحي ؟ .
اهمية البحث والحاجة اليه :
1- يؤكد البحث على دور مصمم المنظر المسرحية في نجاح عمل المخرج المسرحي وتتجلى اهمية البحث في الكشف عن طبيعة العلاقة القائمة بين مصمم المناظر المسرحية والمخرج المسرحي ويشير البحث الى واقع شخصية مصمم المناظر وما يجب ان تكون عليه كما ويشير البحث الى واقع شخصية المخرج المسرحي وما يجب ان تكون عليه .
2- رفد طلاب كليات ومعاهد الفنون الجميلة والمختصين في الميدان المسرحي مما ستسفر هذه الدراسة من نتائج ورفد المكتبة التخصصية في مجال الفنون المسرحية .
  هدف البحث :
يهدف البحث الى:-
تعرّف دور مصمم المناظر المسرحية في نجاح عمل المخرج المسرحي .

حدود البحث :-
1- تتحدد حدود البحث في اسس تصميم المناظر المسرحية وعلاقتها بمتطلبات عملية الاخراج المسرحي .
2- يشتمل على جميع الفترات الزمنية التي مرت بها عملية تطور المناظر المسرحية العالمية .
تحديد المصطلحات :-
      وجد الباحث امامه عدة طرائق لتحديد مصطلحات البحث ، منها ان يستعرض تحديدات من سبقوه ثم ينحت تحديدا لمصطلحاته حسب اغراض بحثه ، او ان يحدد بنفسه مباشرة مصطلحات بحثه ، او ان يتبنى تحديدات وضعها من سبقوه ووجد انها تحقق الغرض في بحثه ، واتبع الباحث الطريقة الثالثة على النحو الاتي :
1- المنظر المسرحي (الديكور المسرحي) :-
"تصوير للعالم الذي تدور فيه الاحداث المسرحية ، وتذكره بمكان واطار ، بوسائل تشكيلية اومرسومة تصويرية اووصفية ، انه دعامة مادية للصورة المسرحية وخلفية "  (3 :794)
2- مصمم المناظر المسرحية :-
"فنان عملي متعاون وملم بكل من امكانيات ومحددات وسيلته ، ويشترك مع الفنانين المفسرين في الحصول على صورة اعظم دقة وتاثيرا ، قدر المستطاع ، لتمثل قصد المؤلف الموضح بالمسرحية والقصد المطابق" .(4 :231)
3- الخطة الاخراجية :-
"الوسيلة التي يستخدمها المخرج لتنفيذ فكرته من المسرحية" .(4 :260)


الفصل الثاني
الاطار النظري

تطور المناظر المسرحية وعملية الاخراج المسرحي
الاغريق والرومان
  يعود استخدام المناظر المسرحية في المسرح الى عصر الاغريق ، وقد وردت اهمية المناظر المسرحية في المسرح الاغريقي ، بوصفها احدى مكونات المسرحية . منذ ان قسمها ارسطو الى ستة اجزاء ، حيث قال : " ان الماساة بالضرورة ستة اجزاء تتركب منها وتجعلها على ما هي عليه ، وهي : الخرافة ، والاخلاق ، والمقولة والفكر والمنظرالمسرحي والنشيد "(20:2) ويرى الباحث ان السنوات الاولى لنشاة المسرح الاغريقي قد خلت من المناظر الخلفية او ما تسمى (الاسكينا skene)،ودليل ذلك يمكن استخلاصه من المسرحيات نفسها ، حيث :"ان مسرحيات اسخيلوس كانت تقدم في الهواء الطلق ، في حين ان مسرحيات الاخرين مثل سوفوكليس ويوربيدس كانت في اغلب الاحيان تقدم امام مبنى او قصر من القصور . اذا فمن المنطقي افتراض اقامة منظر مبني في الفترة حوالي 470 ق.م او بعد فترة قصيرة من تقديم اسخيلوس لمسرحية الفرس اخر مسرحياته التي يفترض انها قدمت وعرضت دون وجود مبنى كخلفية للعرض" . (19: 287) 
وقد ساهمت معمارية المسرح الاغريقي على الجمود الذي خيم على تطور تصميم المناظر المسرحية الذي يحتل بالرسوم البسيطة التي عبرت عن خلفية ثابتة للعرض المسرحي. وذلك ان المسرح الاغريقي لم يعتمد على المناظر المسرحية في خلق الايهام الكامل  وانما استعان بالحوارات الطويلة التي كان يلقيها الممثل لتوضيح احداث المسرحية والمكان الذي تجرى فيه . وقد برز في الفترة التي عاش فيها اسخيلوس رسامان شهيران هما (ابولودورس)و(كليستين)،كما يذكر ارسطو شخصا ثالثا هو (فورميس او فورموس) الذي ساهم في اختراع الديكور المتحرك . والديكور المتحرك هذا ، عبارة عن لوحات مرسومة على قطعة من القماش او الخشب . وفي زمن متاخر من المسرح الاغريقي يظهر نوع اخر من المنظر المسرحي الذي تمثل بمنشورات ثلاثية رسم على كل جانب منها منظر يختلف عن الاخر ، وكان كل جانب يرمز الى معنى معين يعرفه الجمهور الحاضر الى العرض "...ذلك ان تغيير المكان داخل نفس المدينة كان يشار اليه بادارة منشور واحد ، في حين كان يشار الى الانتقال من مدينة الى اخرى بادارة المنشورين ..."(16: 27) اما الاخراج فلم تظهر اية تسمية تحمل اسم (الاخراج) او (المخرج) في هذه الفترة فلقد جاء دور المخرج المسرحي متاخرا نسبيا في تاريخ المسرح العالمي الطويل ، لكننا اذا استعرضنا تاريخ العروض المسرحية ، نجد ان هناك شخص ما ، كان يقوم مقام المخرج تمثل بالمؤلف (الكاتب) او الشاعر حينا . او الممثل الاول او مدير الفرقة المسرحية احيانا اخرى . وعند الاغريق نجد ان المؤلف او الشاعر هو الذي اخذ دور المخرج ، ولم يقتصر دوره على تدريب الراقصين ، بل "...كان يفسر موضوع الدراما وكان يتدخل في النواحي الفنية الاخرى كاماكن الوقوف وحركة المجموعة وايقاعها . " (8: 9) ومن المؤكد ان (اسخيلوس) الكاتب المسرحي المعروف الذي قام بدور المخرج بطبيعة الحال قد استعان بالمصور( الرسام ) المعاصر له (ابولودورس) وغيره من معاصريه .
اما المسرح الروماني فقد اتبع في اسس المنظر المسرحي المنهج الاغريقي . الا ان الرومان انشاوا بناياتهم المسرحية على ارض مستوية وليس على سفح تل كما هو معروف عند الاغريق . واضافوا الى معمارهم الهندسي نوعا من الزخارف التي زينت الجدار الخلفي للمسرح . ونتيجة لكون خشبة المسرح مرتفعة وعميقة فقد دعت الحاجة الى ظهور المناظر الثابتة التي تصنع من الخشب لتصوير منظر لقصر شاهق مثلا . وباختصار "كانت اعمال الرومان تتجه نحو الزخرفة والتفخيم بعد اعمال الاغريق التي كانت تسودها البساطة والتنظيم. "(17: 20) ويجدر بنا ان نذكر اضافتهم للسقف الخشبي الذي غطى منصة التمثيل ، والمجرى الذي استعمل لانزال الستارة في مقدمة المنصة . اما عملية الاخراج فقد ظلت كما هي عليه عند الاغريق دون ان تتغير .
القرون الوسطى
بعد سقوط الامبراطورية الرمانية في القرن الخامس الميلادي ، ساد المسرح تعطل شبه تام ، نتيجة محاربته من قبل رجال الدين المسيحي (الاكليروس) بسبب تدهوره الاخلاقي ووثنية ما يدعوا اليه بما يتعارض وما جاء به السيد المسيح من تعاليم جديدة تدعو الى الفضيلة ونبذ الوثنية والدعوة الى التوحيد .
لكننا بعد فترة من الزمن ، نجد ان المسرح ينبثق من جديد من داخل بناية الكنيسة التي حاربته ، والسبب هو اعتماد رجال الدين المسيحي على المسرح في نشر دينهم بين فئات المجتمع المختلفة التي لم تكن غالبيتها تقرا وتكتب ، سيما وان الانجيل قد كتب باللغة اللاتينية التي يجهلها عامة افراد الشعب في اوربا وانكلترا . وهنا نجد تغيرا هاما في طبيعة العرض المسرحي ، فيظهر لنا شكل جديد من المناظر المسرحية هو (الديكور المتعدد) الذي ينتشر بين جنبات الكنيسة ومداخلها . وعن طبيعة تقديم المسرحيات داخل الكنيسة في باديء الامر، يقول 

    (جيمس لافر) : " في اتجاه طول الكنيسة ، باحد جانبيها يسير بعض اتباع المسيح كانهم في طريقهم الى قرية ايمليوس .. في حين تسير بالجانب الاخر شخصية منفردة تمثل المسيح نفسه بعد ان قام من بين الاموات ويتقابل جميعهم عند مدخل الكنيسة ويتبادلون عبارات التهاني ، ثم يسيرون معا في الممر الاوسط حتى الهيكل الذي يمثل الفندق ومائدة العشاء في ايمايوس بعد بعث المسيح كل ذلك في رمزية لا يعاد اشراقها . " (16: 45) ان تنقل الممثلين من فضاء لاخر داخل فضاءات الكنيسة يشير بوضوح الى تهيئة هذه الاماكن مسبقا وتزيينها بمناظر مسرحية تتناسب والحدث المسرحي .
وفي فترة لاحقة وبسبب زحام الجمهور داخل الكنيسة ، ووعجز بنايتها عن استيعاب هذا الحشد الهائل القادم لمشاهدة المسرحيات ينتقل العرض المسرحي امام واجهة بناية الكنيسة " .. امام منظر عظيم دائم هو الواجهة الغربية للكنيسة ، فهذه في اغلب الكاتدرائيات تطل على فناء فسيح ، ليس بالعريض عرضا اكثر من اللازم ، ومنه يهبط بعض الدرج حتى منسوب الميدان او الشارع ، فناء بمثابة منصة عظيمة في الهواء الطلق . جعل الممثلين في مستوى مرتفع عن مستوى النظارة ، وتوفر لهم في الوقت نفسه مؤخرة فخمة شكلا ومناسبة وموضوعا اي اوفق ديكور " .(16: 46) ان انتقال العرض امام واجهة الكنيسة ادى الى ان يعتمد على ديكور واحد مكون من عدد من المشاهد الثابتة التي لا تتغير وبالتالي ادى الى استقرار مكان الجمهور . وعدم حاجة هذا الجمهور الى الانتقال خلف الاحداث من مكان الى اخر ، تبعا لتغير المنظر المسرحي . وقد كان موضوع طرد ادم وحواء من الجنة هو من المواضيع الهامة التي برزت في مسرحيات الاسرار والتي قدمت على مثل هذا النوع من اماكن العرض (واجهة الكنيسة) ، وهذا ما يؤكده (شلدون تشيني) في ان مسرحية (ادم) كتبت لتقدم امام واجهة الكنيسة "اذ يشار في بعض توجيهاتها المسرحية الى دخول الرب وخروجه من الكنيسة ، ثم ان عدم وجود عدد كبير من المناظر المتعددة فيها ، يمكن ان يجعل منها قطعة انموذجية ، للتمثيل في سقيفة الكنيسة .. " (6: 211) في هذه الفترة كان مخرجو هذه المسرحيات وممثلوها من رجال الدين ، واستمر تقديمهم للمسرحيات حتى نهاية القرن الرابع عشر . حين انقسم المسرح في هذه الفترة على قسمين : القسم الاول استمر في عروضه تحت رعاية الكنيسة والتزم بالمسرحيات الدينية التي تروي قصص السيد المسيح ومسرحيات الاسرار والخوارق ، اما القسم الثاني فقد اقصي عن الكنيسة . وراح يقدم عروضه المسرحية داخل ساحات المدينة واسواقها بسبب نزول هذه العروض الى المواضيع الدنيوية ، وتناولها مواضيع اجتماعية تراثية مختلفة ، وتركها المواضيع الدينية . وقد ازدهر القسم الاخير ازدهارا كبيرا ، " وكانت المدينة في المهرجانات والاحتفالات تنقلب باسرها الى مسرح كبير بعد ان يتولاها فنانو الديكور بالتزيين والتنسيق واقامة الاقواس والنافورات والحدائق مما يجعل هذه العناصر تاخذ طريقها الى المسرح لتستقر فيه ، وتزيد مشاهده رواء وبهاء وتجذب اليه النظارة من كل مكان ."(17: 28) وقد اهتم المسرحيون في اواخر العصور الوسطى بالمنظر المسرحي الذي يماثل (القصر) . فكان يصمم ليصور شكل القصر ، او بوابة على شكل قصر . كما اهتموا بمنظر (العرش) و (اقواس النصر) . ان هذا الاهتمام جاء بالتاكيد من تاثيرات الواجهات الغربية للكاتدرائيات . واذا كان مصمم المناظر المسرحية لا يستطيع ان يغير شيئا في المنظر الذي ينشا امام واجهة الكاتدرائيات ، نجده الان قادر وبامكانيات رائعة على التغيير في تصميماته الجديدة .
         واصبحت خشبة المسرح في هذه الفترة والتي كانت تقام وسط ساحات المدن واسواقها ، تقام على عربات متنقلة تنتقل من مكان لاخر . ولم يكن منظرها المسرحي يتكون من شكل ذا وحدة فنية واحدة . بل مجموعة اشكال متفرقة تمثل مناطق متعددة . فافواه الجحيم في احد اطراف خشبة المسرح ، وابواب السماء في الطرف الثاني ، وفي الوسط بستان بيت المقدس وبيت بيلاطوس . وبقي رئيس النقابة او مدير الفرقة هو من كان يقوم مقام المخرج في اخراج هذه المسرحيات .
عصر النهضة : 
        اضافة الى المعمار الهندسي الذي تميز به فن الرسم كما هو معلوم في هذه الفترة وفي ايطاليا بالتحديد ، طرا شيء جديد على هذا الفن ، وهو(المنظور) . والمنظور في باديء الامر كان حيلة ابتكرها الرسامون الذين يعملون في بلاط الملوك والامراء من اجل اظهار هذه البلاطات اكثر اتساعا وعمقا . وقد استفاد مصممو المناظر المسرحية من كل هذه الابتكارات الجديدة وادخلوها على المسرح . ويعد (بيروتزي) من السباقين في ادخال المنظور الى المنظر المسرحي . وقد ساهمت قواعد المنظور في فتح ابواب جديدة امام مصممي المناظر المسرحية في عصر النهضة ، لرسم مناظر بديعة ، لكن هذه الرسوم ظلت مرتبطة في مظمونها بالهندسة المعمارية . ومن المبدعين في هذا المجال (سرليو) الذي ظلت مناظره المسرحية تتصف بالصلابة والصرامة "...والذي زاد من صلابتها انها لم تكن مرسومة على المسطحات وانما كان يتم بناؤها كلما امكن ذلك بشكل بارز باستخدام القوالب ذات الابعاد الثلاثة وغيرها من مواد البناء الصلبة . "(9: 322) ومن ابرز مصممي المناظر في ايطاليا (عصر النهضة) هو(برناردو بونتالنتي)-  المولود عام 1536 الذي تلمذ على يد ميكل انجلو -  ومن تلامذة (بونتالنتي) هو (جوليو باريدجي) الذي كان معماريا ومهندسا ، عهد اليه ببناء كاتدرائية فلورنسا .       
          اما في انكلترا وفي العصر الاليزابيثي فقد بدت بناية المسرح مع بداية ظهورها 
مستديرة الشكل ، واصبحت بمرور الزمن سباعية الشكل ، مكونة من ثلاثة طوابق لجلوس
المشاهدين . يعلوها سقف بلكون ، وتطل في مجموعها على ساحة مكشوفة . وتبرز من احد اضلاع البناية السباعية نحو الساحة ، خشبة المسرح التي تتالف من جزئين . جزء خارجي لتصوير المشاهد الخارجية ، وجزء داخلي يتم فيه تصوير المشاهد الداخليه كغرفة نوم مثلا ، تفصل بينهما ستارة تستخدم عند الحاجة . وقد كان الممثل "...يستعمل قطعا من الاثاث او الادوات للدلالة على المكان بدلا من شجرة للدلالة على الغابة ويضع منضدة للدلالة على المحكمة وكرسيا للدلالة على قاعة العرش "(14: 11) ولم يكن المسرح الانكليزي يعرف شيئا عن المنظور في هذه الفترة ، لذلك كان المسرح يخلو من اللوحات المرسومة في خلفية المسرح ، الى ان ظهور (اينيجو جونس) مصمم المناظر المسرحية الذي نقل نظرية المنظور من ايطاليا الى انكلترا "...لقد ادخل (اينيجو جونس) على تاريخ المسرح الانكليزي شيئا جديدا، لاسابق له على الاطلاق سواء في دراما العصر الوسيط او في المسرح الشكسبيري."
( 16: 102) ولم تقتصر اهتمامات (اينيجو جونس) بالمناظر المسرحية بل اهتم بالاضاءة ، لان ما يقدم من حفلات مسرحية كان يقام ليلا وداخل البنايات . كما غير من طريقة فتح الستار ، فبدلا من ان يهبط من الاعلى الى الاسفل جعله يرتفع الى الاعلى . وهناك اضافة له، تعد تجديد هام في المسرح ، هو الاطار الزخرفي لمقدمة خشبة المسرح ، الذي كان في باديء الامر مجرد ديكور يوضع على كلا جانبي مقدمة المسرح . فضلا عن انه سهل من عملية تغيير المناظر المسرحية ، بان جعلها تتحرك على قنوات محفورة في سطح خشبة المسرح . من ابرز التطورات التي ظهرت لنا في المنظر المسرحي في عصر النهضة ، ان المنظر المسرحي اصبح له مركز ومحور عمودي في منتصف المنصة ، والذي هو خط الرؤية من وسط القاعة من مكان يقع بحدود منتصف الصف الخامس من المقاعد والذي كان يشغله عادة الملك او الامير . الشيء الاخر ان المنظر في عصر النهضة عاد من جديد الى المنظر الواحد بدلا من المناظر المتعددة على خشبة المسرح . اي انه اصبح يمتاز بوحدة الموضوع .
القرن السابع عشر :
           في القرن السابع عشر يظهر لنا مصمم المناظر المسرحية (جياكومو تورللي*) وقد اعد مناظر مسرحية (اورفيو) عام (1647) ، ومناظر مسرحية (اندرميدا) عام (1650) ، ومناظر مسرحية (زواج بليودتني) عام (1654) و (روزورا) عام (1655) .(16: 127-128) وقد تعاون (جياكومو تورللي) – المولود عام 1604 او 1608 والمتوفي عام 1678  - مع شخص اخر هو (لودفيكو اوتافيو بورتا نشيني) الذي ساهم في تشييد مسرح للاوبرا ومناظر للعديد من الاوبرات . 
          وفي فينيسيا ظهر (الاخوة موري) (دومنيكو ، وجيرولامو وانطونيو) اواخر القرن السابع عشر بوصفهم من اوائل الاسر الكبيرة في فن رسم المناظر المسرحية .
القرن الثامن عشر:
         في القرن الثامن ظهر من مصممي المناظر المسرحية المعروفين (سرفادوني) – المولود في مدينة فلورنسا عام 1695 -  الذي تتلمذ على يد مصمم المناظر (جولي joli ) ، وقد صمم بعض الملاهي التي تقوم على الاساطير وتعتمد على المناظر الفخمة والمتعددة . (16: 130) اما (فيليبو بوفارا بمسينا) - المولود في اسبانيا عام 1685 - ، فقد قدم عدد من نتاجاته التي اختصت في تصميم مناظر الاوبرات والمسرحيات والمباني المعمارية ، وكان من الاوائل الذين اهتموا بالمناظر الطبيعية قبل ان تظهر الطبيعية وتنتشر كمذهب مسرحي معروف ، يقول (جيمس لافر): " اما عن مكانته المسرحية فلنذكر اهتمامه بالمناظر الطبيعية التي لم تعرف تمام نموها في المسرح الا بعد ما لا يقل عن قرن من الزمن".(16: 132)في نفس هذه الفترة ظهر لنا اسرة اخرى في مدينة بولونيا اختصت برسم المناظر المسرحية وابدعت فيها هي اسرة (جاللي دابيبينا bibiena) ومؤسس هذه الاسرة هو (فرديناندو) الذي ساهم في زخرفة مسرح فارنيز ، ومسرح (سان برتولوميو) بنابولي ، وصمم مناظر عدد من الاوبرات ايضا ، ناهيك عن مساهمته في اعداد حفلات زواج الملوك والامراء، الا ان ابرز ما ساهم به في مجال المناظر المسرحية هو اكتشافه (المنظور المنحرف) . ومن اشهر ابناء (فرناندو جاللي دابيبينا) الاربعة هو (جوسبي جاللي دابيبينا) الذي فاق شهرته ابيه ، حيث شيد مدرجا في (براغ) يتسع لثمانية الاف شخص . ولاول مرة يستحدث المناظر الشفافة عام 1732 ، ويصمم مناظر عدد من الاوبرات .(16: 132)
          ان هذه المهمات التي كان يقوم بها مصمم المناظر في هذه الفترة الزمنية اي حتى منتصف القرن الثامن عشر ، والتي اتصفت بالتنوع ، كانت هي حدود الوظيفة الحقيقية لمصمم المناظر، قبل ان ينحصر العرض المسرحي داخل الجدران الاربعة للمسرح . هناك اسرة اخرى اشتهرت بتصميم المناظر المسرحية هي (الجالياري) التي عرفت بوصفها المؤسس الحقيقي لمدرسة السينوغرافيا المشهورة في كل من تورينو وميلانو ، ومؤسس هذه الاسرة (جيوفاني جالياري) - المولود عام 1680 في قرية صغيرة بالقرب من بيلا في البيونت  - وقد توفي بوقت مبكر تاركا ثلاثة اولاد هم (برناردينو) 1707 ، وافابريزيو) 1709 ، و(انطونيو) 1714 . اما (برناردينو) اكبر اولاد (جالياري) فقد ساعد على شهرته ستار يمثل (باخوس وارديانية) رسمه لمسرح (ريجيو) بتورينو . 

      وصمم ثلاثة مشاهد لمسرحية (جوسبي بارتولي) و (انتصار الزواج) ، كما رسم ستار لمسرح كارينيانو بتورينو وكان هذا العمل سببا في تعيينه المصور الرسمي للمناظر المسرحية لملك ساردينا واما (فابريزيو) فكان معماريا ومصورا ، وقد تخصص في (المنظور المنحرف) " كما انه كان اول من ادخل المناظر الطبيعية الرومنتيكية (كذا) في التصميمات المسرحية فيكون قد زعزع لا محالة اسس الباروك المسرحي . "(16: 137) والواقع ان اهتمام مصممي المناظر برسم المناظر الطبيعية كان مدعاة لانتفاء ضرورة ان يكون مصمم المناظر المسرحية معماريا، " فقد راح تصوير المناظر الطبيعية يقصي المعماري بعيدا عن هذا المجال . "  (16: 137) لقد استمر العمل بنظام مسرح الباروك فترة طويلة ، بسبب سهولة تغيير المنظر المسرحي ، وتتمثل هذه السهولة في "...ان تعد مجموعة جوانب خلف المجموعة الماثلة على المنصة ، وعندما يحل موعد التغيير تسحب المجموعة الاولى الى جانبي المنصة ...وتدفع المجموعة الجديدة ، الجاهزة محلها ، وفي هذه الاثناء يغير الستار الخلفي بان تسحب قطعتاه الى جانبي المسرح (في اول عهد الباروك) او برفعه الى السقف فيما بعد ...." (16: 137)  
         في انكلترا يبقى تقدم نظام المناظر المسرحية بطيئا منذ حفلات الملك التي تميز باعدادها (اينيجو جونس)فقد جاءت المسارح التي شيدوها بعد عودة الملكية مشابهة للمسرح الشكسبيري،مثل مسرح (حلبة الديكة) و (المسرح الجديد) و (الثور الاحمر) ، وتتكون خشبة المسرح من "اطار خشبة المسرح proscenium arch جزء مزخرف وفي المنتصف جزئه الاعلى ادرعة حافلة بعتاد حربي رمزي escutcheon تتوسط عددا من التمثيل (كذا) وتعلوها (الادرعة) فتحة لعلها لقاعة الموسيقى ..ومن المفروض ان تغير المشهد كان يتم على مراى من الجمهور ، فيبقى الممثلون بالمقدمة الامامية apron في اثناء تغيير المشاهد بالبروسينيوم تلك التي ستنقلهم من مكان الى اخر ."(16: 153-154) من مصممي انكلترا في هذه الفترة هو (السير جيمس ثورنهل) . الذي تميزت اعماله في اغلبها بانها معمارية او زخرفية غاب عنها استخداد (المنظور المنحرف) ، فكانت تصميماته عبارة عن جانبين متماثلين في خلفية المسرح . ومن الجدير بالذكر ان من قام بدور المخرج في هذه الفترة هو مدير الفرقة المسرحية او الممثل الاول في الفرقة ، وقد ظهر بشكل جلي (ديفيد جاريك) الذي كان مديرا لمسرح (دروري لين) . واجرى اصلاحات هامة في تدريب الممثل . وقد عاصر (جاريك) مصمم المناظر المسرحية (فيليب جاك دي لزربرج) الذي اختص بتصوير المشاهد الحربية والمناظر الطبيعية . وقد التقى (لزريرج) بجاريك اول مرة عام 1771 وساعده كثيرا على اجراء الاصلاحات الكثيرة للمسرح الانكليزي "..حيث قد الغى الشموع المعلقة بواجهة المنصة 

واحل محلها خلف الاطار (الامشاط الراسية والافقية) او (ثريات الحافة) head lights or border btteries وكان هذا كافيا لجلب الممثلين خلف الاطار . "(16: 158)* وعلى يده تم التحول في تصميم المناظر المسرحية من الاعتماد على العمارة الهندسية الى الاعتماد على فن التصوير (الرسم) ، حتى اصبح الستار الخلفي المرسوم هو سيد المنظر .
        وفي فترة حياة (لزربرج) اي اواخر القرن الثامن عشر ، اصبحت اهمية مصور المناظر المسرحية اكثر من اهمية المؤلف والممثل وحتى المهندس المعماري . فقد حلت مناظر الاطلال والمناظر الريفية والاشجار الطبيعية محل اعمدة الباروك داخل القصور ."... وهكذا يمكننا ان نلخص تطور ، التصوير المسرحي ، في قولنا ان الستار الخلفي اخذ رويدا رويدا يبتلع الجانبين wings وغير الجانبين ، حتى قضى على كل شيء سواه .."(16: 168) وقد وصلت سطوة رسامي المناظر حدا بلغ ان اسمائهم كانت تكتب بحروف كبيرة تفوق في حجمها حروف اسماء كل من الممثلين الرئيسيين والمؤلف نفسه . حتى وصل الامر بالجمهور ان كان ينبهر بالمناظر المرسومة من اعجابه بالممثلين .
القرن التاسع عشر :
      في انكلترا برز من مصممي المناظر المسرحية (نيجو ريتشاردز) و (جريف) في لندن، ومن الذين قامو بدور المخرج كان (شارلزكين) . الذي استطاع ان يرتفع بمستوى الايهام على خشبة المسرح ، محققا الدقة التريخية ، فالمؤثرات المسرحية والدقة التاريخية تسير جنبا الى جنب الى اقصى حد لتحقيق الترفيه والتثقيف في ان واحد . وقد ساعده على نجاح عروضه المسرحية كل من المصممين (جوردون) و (لويدز) و (ديز) وباشراف من (جريف).
ومن اعمال (كين) الناجحة ما قدمه لشكسبير ، مسرحية (تاجر البندقية) التي حاول فيها تحقيق الدقة التاريخية في المناظر المسرحية والازياء . وقد اثمرت نزعة التحول من الرومانسية الى الواقعية التي سعى اليها (كين) وغره من مدراء الفرق المسرحية الاخرى فيما بعد في تصميم المناظر ، الى العزوف عن المناظر المرسومة ، لانها لم تعد مقنعة ولا مؤثرة في الجمهور ، وهذا ما ساعد على ظهور الواقعية وطغيانها على الرومانسية . وكان يقتضي في الواقعية ان تنشا جدران ثابتة لتصوير غرفة او صالة ذات اثاث حقيقي منظم ، فاصبح الديكور على هيئة صندوق ينقصه الجدار الذي يواجه الجمهور ، مع الاحتفاظ بقاعدة المنظور التي استخدمت في رسوم المناظر المسرحية السابقة . 
     
           ويعد (الدوق ساكس مايننغن) – المولود في المانيا (1826-1914) واسمه الحقيقي جورج الثاني  - اول مخرج مسرحي تطلق عليه هذه التسمية بمعناها الحديث فقد سعى هذا المخرج الى تحقيق الواقعية في المناظر المسرحية مهتما بالدقة التاريخية، ساعده في ذلك قدرته على الرسم والتصميم ، فقد صمم بنفسه مناظره المسرحية على خشبة المسرح فضلا عن الملابس والاكسسوارات الاخرى خالقا التوافق بين حركة الممثل والمنظر المسرحي ، رافضا المنظر المرسوم الذي يتنافر مع حركة الممثل على خشبة المسرح ، وبالتالي جمع هذه العناصر المكونة للعرض المسرحي في وحدة فنية واحدة .  (9: 41) اما المخرج الفرنسي (اندريه انطوان) (1858-1923)  فقد تطرق اكثر في اختياره لمناظر المسرحية حتى راح يحاكي الطبيعة في كل شيء لنقل صورة فوتوغرافية من واقع الحياة دون تعديل على خشبة المسرح ، ذلك ان المنظر المسرحي من وجهة نظره "...يجب ان يكون البيئة التي شكلت الحياة والاحداث عند الشخصيات "(1: 59) وبالتالي سيحدد حركة الشخصيات المسرحية ، وهذه اولى الخطوات الصحيحة على طبيعة العلاقة بين مصمم المناظر والمخرج المسرحي من اجل خلق الايهام الكامل على خشبة المسرح . ان هذه الاراء الجديدة التي جاء بها (اندريه انطوان) والتي تاثر في اغلبها من (الدوق ساكس مايننغن) عززت من مكانة المخرج وجعلت دور مصمم المناظر المسرحية ياتي بالدرجة الثانية ، بعد ان لاحظنا العكس من ذلك في العروض المسرحية التي قدمت خلال القرن الثامن عشر .
          اما المخرج المسرحي الروسي(قسطنطين ستانسلافسكي) (1863-1938) ، المتاثر الثاني باراء (الدوق ساكس مايننغن) فقد تطرق كثيرا وبالغ بالمنظر المسرحي الى حد الطبيعية في باديء حياته الفنية ، الا انه غير من طريقته هذه ، بعد ان اكتشف عدم جدواها . واكد بعد ذلك على الواقعية النفسية . وقد برزمن مصممي المناظر في هذه الفترة (سرج) و (ياجيليف) . وقد ظهرت اتجاهات حديثة اخرى وقفت ضد الواقعية في المسرح قادها مخرجون جدد ، كان من ابرزهم الشاعر المخرج المسرحي الفرنسي  الشاب (بول فورت)الذي أسس (مسرح الفن) معارضا بذلك المسرح الحر الذي اسسه (اندريه انطوان) . ويعد (بول فورت) من الرمزيين الذين راوا ان وظيفة المسرح هي اثارة العواطف واشاعة الحلم والخيال ، بدلا من نقل الواقع على خشبة المسرح . لذلك جائت مناظره المسرحية عبارة عن تزيينا خياليا محضا يقتصر على الوان وخطوط متجاوبا مع الروح المسرحية ليلعب فيها دورا متكاملا مع المعنى ."(12: 205) معتمدا على الكلمة التي من وجهة نظر فورت تخلق المنظر ، لا من اجل خلق الايهام ولكن لكسره .      
القرن العشرين:
       لقد دعا المعارضون للواقعية والذين اتوا من بعد (بول فورت) الى ان لا يكون تصميم المنظر المسرحي استنساخا من الواقع الحقيقي ، بل يعطي وهما بالواقع المتخيل . ومن هؤلاء المخرج المسرحي السويسري (ادولف ابيا) (1862-1928)  و المخرج المسرحي الانكليزي   (ادوارد جوردون كريج) (1872-1966) . اما (ابيا) الذي كان مصمما لمناظر اغلب عروضه المسرحية . فقد دعا الى ايجاد التناسق في جميع عناصر العرض المسرحي ، وذلك بايجاد علاقة بين الممثل المتحرك والارضية الافقية والمنظر العمودي فوحد بينهما جميعا . جعلها عناصر تكمل بعضها البعض ، وعمل على تقسيم خشبة المسرح الى مستويات ومنحدرات ومرتفعات لتساعد الممثل على ابتكار الحركة المناسبة . والجدير بالذكر ان (ابيا) قد ابتكر نوعا جديدا من المناظر المسرحية لم يكن موجودا من قبل ، فقد استطاع ان يرسم مناظر مسرحية رائعة بواسطة الضوء ،كانت عبئا ثقيلا على العاملين في المسرح ، سواء من ناحية تبديلها بين المشاهد ، او احتياجها الى مخازن واسعة لتخزن بها او من ناحية الاقتصاد بالتكاليف المالية . (13: 8) 
       اما (كريج) الذي كان رساما ومصمما لمناظره ايضا ، اعطى للمناظر المسرحية الاولوية في العرض المسرحي ، واوصى ان يكون المنظر منسجما وافكار المؤلف لخلق تكوين مسرحي جيد ، لكنه اوصى ان لا تكون المسرحية هي المصدر الوحيد لافكار مصمم المناظر المسرحية ، بل ينبغي ايضا ان يكون مصدره الخيال الواسع الذي يمتلكه . وقد جاءت اغلب تصميمات (كريج) للمناظر المسرحية لا تتناسب وحجم المسرح انطلاقا من اهتمامه بالجانب البصري من العرض المسرحي . ساعدت الابتكارات التقنية الحديثة الى احداث طفرة نوعية في عملية تبديل الديكور سيما في المسرحيات ذات الاسلوب الواقعي ، وقد استفاد من هذه الابتكارات المخرج (ماكس راينهاردت) في تقديم عروض اتسمت بالابهار والاعجاب ، ومن هذه الابتكارات استحداث المنصة الدوارة ، والمنصتين المنزلقتين ، والمنصة التي تهبط وتصدر بواسطة الرافعات لتحل محلها منصة اخرى اعد عليها منظر جديد . وحلت (السايكودراما) محل الستار الخلفي . وقد عمل (راينهارت) على الغاء الجدار الرابع ، وجعل الصالة جزءا من منطقة التمثيل . كما قدم عروضه في اماكن متفرقة خارج بناية المسرح . ومن هذه الاماكن امام بوابة الكاتدرائيات وهذا ما يذكرنا بالعروض المسرحية التي كانت تقدم في فترة العصور الوسطى امام الواجهة الغربية للكاتدرائيات .
       اما المخرج المسرحي (فسيفولد مايرهولد) في روسيا . فقد حذف الستارة الامامية للمسرح وجعل خشبة المسرح تمتد الى صالة الجمهور رافضا الشكل المعماري القديم للمسرح. وابتكر المنظر التركيبي لتاثره بمدرسة النحت الروسية ، ويبدو النحت التركيبي مثل قطع من السطوح والمواد الخشب،السليلويد، الزجاج ، المطاط ، مثبتة بعضها البعض بتداخل غريب وتبدو الواحدة بعلاقة مع الاخرى ومرتبطة بخيوط زجاجية او اسلاك ."(20: 345)
           اما (جاك كوبو) في فرنسا فقد جاء بالمنظر المعماري الثابت الذي يسمح بتغيير لا محدود للمنظر المسرحي بعد حذف او اضافة قطع ديكورية بسيطة . وهو بعيد عن محاكاة الطبيعية . (1: 134) وفي المانيا ظهر المخرج (بسكاتور) الذي تميز بعروضه المسرحية التعبيرية استطاع ان يستثمر التقنيات الحديثة في استخدام شاشة السينما والفانوس السحري على الجدار الخلفي للمسرح اثناء العرض المسرحي .
          اما (برشت) فقد تميز مسرحه بالبساطة التامة والاقتصاد في ادواته المنظرية الا من بعض قطع الديكور واستخدام اللون الواحد . وقد جاء (غروتوفسكي) اكثر تطرفا في اقتصاده المسرحي ، فقد دعا الى مسرح يخلو من الميكانيكية المعقدة في المنظر المسرحي لاعتماده على جسد الممثل في التعبير .

الموشرات التي اسفر عنها الاطار النظري :
      اسفر الاطار النظري الانف الذكر عن المؤشرات التالية :
1- امتازت الفترة الاولى من المسرح في زمن الاغريق بعدم وجود منظر خلفي على خشبة المسرح .
2- ظهر المنظر الخلفي في الفترة التي ظهر فيها اسخيلوس كمؤلف ومخرج وممثل في الوقت نفسه .
3- سار الرومان في مسرحهم على نفس المنهج الذي سار عليه الاغريق .
4- ظهر المنظر الثابت المبني على خشبة المسرح في زمن الرومان .
5- في زمن الروان ظهرت الزخارف والتماثيل على خشبة المسرح .
6- بعد سقوط الامبراطورية الرومانية ضعف النشاط المسرحي ولم يعد هناك نشاط متميز .
7- ظهر النشاط المسرحي من جديد من داخل الكنيسة ، وشجع من قبل رجال الدين المسيحي .
8- ظهر في فترة العصور الوسطى الاولى (المنظر المتعدد) الذي يتحرك فيه الجمهور من مكان الى اخر لرؤية المشاهد الموزعة على جنبات ومدخل الكنيسة .
9- نتيجة لكثرة اعداد الجمهور واقدامهم على مشاهدة العروض المسرحية داخل الكنيسة لم تعد الكنيسة تتسع هذه الاعداد الغفيرة ، لذا اضطر رجال الدين المسيحي الى تقديم عروضهم امام واجهة الكنيسة . سيما الواجهة الغربية منها ، مما ادى الى استقرار مكان الجمهور في منطقة واحدة ، وتعدد في المشاهد الثابتة التي لاتتغير والتي تحتل مساحة واضحة المعالم امام الجمهور .
10-في نهاية القرن الرابع عشر انقسم المسرح الى قسمين ، قسم استمر في عروضه برعاية رجال الكنيسة ، وقسم اخر خرج الى ساحات المدينة واسواقها وازدهر ازدهارا كبيرا ، وصارت المسرحيات تقدم على العربة ، التي ترعاها وتنفق عليها احدى نقابات المهن الحرة التابعة لها .
11- كان رئيس النقابة او مدير الفرقة المسرحية هو الشخص المسؤول عن اخراج المسرحيات في هذه الفترة .
12- اهتم المسرحيون في اواخر العصور الوسطى بالمنظر المسرحي الذي يماثل في شكله شكل (القصر) .
13- تميزعصر النهضة بظهور المعمار الهندسي والمنظور في المنظر المسرحي .
14- ظهرت في عصر النهضة بناية المسرح الثابتة بدلا من المسارح الجوالة على العربة في السباق .
15- بدا الاهتمام بالاضاءة المسرحية يظهر شيئا فشيئا .
16- تميز عصر النهضة بظهور اسر فنية اشتهرت بتصميم المناظر المسرحية .
17- المنظر المسرحي اصبح له مركز ومحور عمودي في منتصف المنصة ، والذي هو خط الرؤية من وسط القاعة .
18- في القرن الثامن عشر ظهر المنظور المنحرف .
19- في القرن الثامن عشر ظهر الاهتمام بالمنظر الطبيعي اكثر من المعمار الهندسي الذي ساد المسرح طويلا .
20- استحدثت المناظر الشفافة على يد (جوسبي جاللي بيبينا) في نفس القرن .
21- خلال القرن الثامن عشر اصبح الستار الخلفي المرحوم يطغى على عمل المهندس المعماري .
22- على يد (لزربرج) المصمم الانكليزي خلال القرن الثامن عشر اصبح المنظر الخلفي المرسوم هو سيد العمل . حتى قضى على كل شيء سواه في العرض المسرحي . لقد طغى على الممثل وعلى المؤلف .
23- مع بداية القرن التاسع عشر بدات النزعة الى تحقيق الواقعية في المناظر المسرحية تظهر رويدا رويدا ، حتى غلبت على المناظر المسرحية الرومانسية . بظهور المخرج المسرحي كاختصاص حديث بعد ظهور الواقعية على يد (الدوق ساكس مايننغن) عام 1874 والاتجاهات المضادة لها ، وتسيد المخرج على عناصر العرض المسرحي . تنوعت اشكال المناظر المسرحية وتعددت .


                         الفصل الثالث (اجراءات البحث)

اولا : طريقة البحث :- استخدم الباحث المنهج التاريخي في استعراض ادبيات ومفاهيم البحث ولجا الى المنهج الوصفي التحليلي للمصادر التي تناولها بغية التحقق من نتائج البحث وذلك بالاعتماد على تقسيم مجالات البحث وفق المنظور النظري المنهجي لتطور الفن المسرحي بشكل العام وتصميم المناظر المسرحية فيه ، على وجه الخصوص .
ثانيا : عمل مصمم المناظر المسرحية ومواصفاته :
1 : عمل مصمم المناظر :
       يتمثل عمل المصمم المسرحي في قراءة النص المفتوح ، قراءة مستفيضة ثم طرح تساؤلات عن ماهية فكرة المسرحية ، وما هو مفهوم هذه الفكرة ؟ وما هو العصر الذي تجري فيه احداث المسرحية ؟ وما هي العناصر الدرامية التي ستسود في العرض ؟ وما هي طبيعة شخوص المسرحية ؟ والحالة العامة التي ستغلب على جو المسرحية ؟ واي من القيم الدرامية يمكن التاكيد عليه ؟ وما هو افضل اسلوب يمكن ان يتبع في هذه المسرحية ؟ وما هي المناظر الضرورية للمسرحية ؟ كم هو عدد الفصول ؟ وهل في كل فصل سيتم تغيير الديكور ؟ كم هو عدد المشاهد ؟ واي منها سيتغير ؟ كم المدة التي سيستغرقها كل مشهد ؟ كيف يمكن تصميم الديكور ، واقعي ، رمزي ، وغير ذلك ؟ كيف يمكن الحصول على التنوع الضروري في الديكور ؟ كيف سيتم تغيير الديكور ؟ هل سيتم على شكل اجزاء ام المنظر باكمله ؟ ما طبيعة المسرح الذي سيقدم عليه العرض ؟ وكثير من التساؤلات الاخرى ، ليبدا في وضع الاجابة المناسبة لكل سؤال من هذه الاسئلة . 

      وعندما نتسائل عن مصادر افكاره في تصميم المنظر ، نجد ان هناك مصدرين اساسيين هما ، النص المسرحي اولا ، وخطة المخرج ثانيا ، يقول كارل النزويرث ((يستمد مصمم المناظر فكرة مناظره من مصدرين اساسيين هما ، المسرحية نفسها وخطة المخرج لاخراجها )) ،(4: 233) فقبل شروعه في العمل يطلب المصمم من المخرج شرحا مبدئيا لبعض الجوانب المتعلقة بالعمل مثل الطابع العام للمسرحية وكل ما يتطلبه العمل من امور تخص الميزانسينات الاساسية لحركة الممثل والديكور هذه الميزانسينات التي تعبر عن جوهر الاحداث في المسرحية .
        بعد ذلك يقدم المصمم عددا من التخطيطات (الاسكتشات) المرسومة الى المخرج للاطلاع عليها والموافقة اذا استهوته . وتتضمن تخطيطا لارضية المنصة (the ground plan) والمقصود من تخطيط ارضية المنصة ((...هو ان تبين بالضبط كيفية وضع المنظر على المنصة ، وكيفية توجيهه ، ومواضع الفتحات والسلالم والمصاطب ، واين يوضع الاثاث وكيف تحجب المناطق الواقعة خارج المنصة عن عيون المتفرجين ، وعلى ذلك ، فتخطيط ارض المنصة ضروري ...)) . (4: 257) ومن اساسيات عمل المصمم ان يوضح في منظره فكرة المسرحية للجمهور منذ اول وهلة ، ذلك ان اول ما يشاهده هذا الجمهور عند رفع الستار هو المناظر المسرحية ، لذلك فالمناظر المسرحية على تماس مباشر مع الجمهور منذ بداية العرض وحتى نهايته . 
     ومن خلال هذا المنظر سيتعرف الجمهور على طبيعة العرض المسرحي ، هل هو كوميدي او تراجيدي ، وسيتعرف على مكان الاحداث ، حيث ان جزءا من وظيفة المصمم ((...ان يقدم للمسرحية خلفية مناسبة وملائمة خلفية تعكس موضع الاحداث واسلوبها وعصرها ..)) . (4: 227) ويتمكن المصمم البارع ، وبلمسات بسيطة على المنظر المسرحي ان ينقل المعلومات التي يريد توصيلها الى الجمهور ، هذه اللمسات التي تغني عن الشرح والتفصيل معتمدا في تحقيق ذلك على ثقافته وموسوعيته . ويفترض ان تصل هذه التفاصيل بسرعة ويسر وسهولة الى الجنهور . ومن مهام مصمم المناظر المسرحية هو اسدال الستار على كل ما يخص حياة المشاهدين الخاصة ، ونقلهم الى عالم شخوص المسرحية حالما ترفع الستار ، وعليه ان يضع في اعتباره ان اي خطا يرتكب في تصميم المناظر سيسيء الى الجمهور ، ويحول بينه وبين متابعة الاحداث ، وبالتالي يفقد التصميم دوره في تحفيز خيال الجمهور وتنميته ، ولا تنحصر وظيفة المصمم في تصميم منظر يحفز خيال الجمهور فحسب بل عليه ان يحفز خيال الممثلين . وهنا ياتي دور الممثل في التعمق برؤية المصمم وتصورها بوضوح . بيد انه في بعض الاحيان يعمل الممثل ولجهل منه بمضامين المنظر المسرحي على تحطيم ما اسسه المصمم من خيال للمتفرج ، عندما يتعامل مع المنظر المسرحي على اساس انه مجرد الواح من الخشب وقطع قماش مدهونة ، لذلك فان التعامل بين المصمم والممثل يفترض ان يبنى على الانسجام ((ويكفي ان ينعدم الانسجام بين ما يفعله الممثل وفنان الديكور حتى يهدم كل منهما ما ابدعه الاخر)) . (5: 134-135) 
      
      وهناك مستلزمات معينة يضعها المصمم بعين الاعتبار عندما يشرح المصمم في وضع تصميمه،منها كيفية قطع الاثاث على خشبة المسرح،وتحقيق الاستقرار،حيث ان هناك قاعدة تنص على ((...وضع بعض قطع الاثاث او وحدة من وحدات المنظر اسفل يمين واسفل شمال المسرح .مما يجعل الصورة مستقرة. وتجنينا فقدان منطقتين مفيدتين للتمثيل ...) .  (7: 17)  وعند ترتيب الاثاث على خشبة المسرح ، من وظيفة المصمم ان يرتبها بحيث تخلق افضل مناطق تمثيل ممكنة ، من اجل خلق التنوع في الحركة ، وخلق نوع من العلاقة التي تربط بين قطع الاثاث نفسها , كما يحرص المصمم على ان لا يسمح للجمهور الجالس في القاعة ان يشاهد ما خلف الكواليس ، اي ان عليه ان يحجب ما وراء الفتحات الموجودة في المنظر والتي لا يحتاجها المخرج في الحركة . على المصمم ايضا ان يهتم بتوازن خشبة المسرح حتى في حالة خلوها من الممثلين . واحتواء المنظر على قيم جمالية تسر الناظر وتشده اليه . مراعيا الخطوط البصرية في ذلك . ومن الضروري ايضا ان يضع نصب عينيه ان المطلوب من المصمم عند التصميم ان يشاهد كل الجمهور الحاضر . ما يعرض على خشبة المسرح ، وبالتالي يهتم بالخطوط البصرية الافقية منها والراسية . 
     ويرى الينزويرث ان الخطوط البصرية الافقية ((هي الخطوط التي تهم المخرج ومصمم المناظر ، اكثر من غيرها انها خطوط بصر الناس الجالسين في ابعد مقعد على اليمين ، وابعد مقعد على اليسار في قاعة المتفرجين : وعادة ما يكون هذان المقعدان هما ابعد مقعدين في الصف الاول ، احدهما في اقصى اليمين والاخر في اقصى الشمال من ذلك الصف نفسه " (4: 249) وكذا بالنسبة للخطوط البصرية الراسية فهي ((..التي تهم المخرج ومصمم المناظر ، هي خطوط بصر الجالسين بالصف الاول من القاعة ، والجالسين في الصف الاخير ...واذا ما جلس مصمم المناظر في المقعد الاوسط من الصف الاول : امكن معرفة ما اذا كان هذا المقعد يستطيع رؤية ارض المنصة كلها . او انه يلزم رفع الجزء الخلفي . 
       واذا ما جلس في اخر مقعد البلكون ورسم خطا الى المستوى الذي ينتظر ان يعلق فيه برفع الستار ، امكنه ان يعرف على اي ارتفاع يمكن وضع باب او نافذة ، وعلى اية مسافة خلف خط الستار ...)) . (4: 250) اما الالوان فيتحتم على المصمم ان يكون ملما بالخصائص البصرية والعاطفية للالوان لانه سيستعملها في خلق التكوين المنظري لخشبة المسرح . واللون يساعد كثيرا في خلق التوازن على خشبة المسرح او خلق التاكيد على جسم معين ، كما ان للون القدرة على جذب انتباه الجمهور ، سيما اذا كان اللون زاهيا . كما ان وظيفة المصمم هي معالجة المناطق الضعيفة على خشبة المسرح ، وخاصة في المسارح التقليدية (الصندوقي) دون غيرها من انواع المسارح الاخرى ، حيث تتولد في مناطق اعلى المسرح زوايا ضعيفة نسبيا ، يمكن لمصمم المناظر ان يصمم ديكوره بضلعين بدلا من الديكور بثلاثة اضلاع . (7: 160)
          اما بالنسبة لمسرح العلبة فتصميم المناظر يختلف فيه تماما وذلك ان مسرح العلبة لا يحتاج الى مناطق مسرحية مشيدة وانما يعتمد على قطع من الاثاث البسيطة التي توحي بالمكان وبالعصر . ومن وظيفة المصمم ان يجيد استخدام الزخرفة في التصميم وله ان يبالغ في استخدام الزخرفة ، ((نعم له ان يبالغ في زخرفته دون لوم او تثريب لان المبالغة من عناصر التعبير المسرحي ..)) .


مواصفات المصمم المسرحي :-
       يتميز المصمم المسرحي بعدد من المواصفات التي يؤهله لان يكون مصمما متمكنا من اختصاصه، اولهما هي ان يكون موسوعيا في معرفة الكثير من العلوم والمعارف النظرية والتطبيقية ، ففي الجانب النظري ، عليه ان يلم بالقراءات المستفيضة في تاريخ المسرح عامة. وباشهر مصممي المناظر المسرحية خاصة ، اما الجانب العملي ، فعليه ان يعرف كيف يخلق بيئة شخوص المسرحية ، وكيف يمكن من خلال هذه البيئة ان تنمو احداث المسرحية وتتطور ، انه يمتلك مواد خام تتمثل بالخشب والقماش والمعادن المختلفة وبعض الطلاءات . فلابد له ان يعرف خاصية كل مادة من هذه المواد للوصول الى خلق المنظر المطلوب ، ولا ياتي ذلك فقط عن طريق الخبرة والممارسة ، وانما عن طريق الدراسة العلمية المستفيضة لكل مادة منها . اضافة الى دراسة الطرق التاريخية والاساليب والوسائل المعمارية والفنية في فن المسرح .
      ان مصمم المناظر الجيد ، يتميز بقدرته على التعبير عن الحالة السائدة في جو المسرحية من خلال استخدامه الامثل للخطوط والكتل والاشكال والالوان. ويتميزايضا بانه فنان عملي ومتعاون ويشارك الفنانين الاخرين الذين يعملون معه في تفسير النص المسرحي للوصول الى مضمون العمل المسرحي بدقة . ومن اجل النجاح في هذه المهمة لابد ان يحصل على القدر الكافي من الحرية في العمل ، كما حدث مع المخرج (الكسي بوبوف) الذي كان يتعامل مع المصمم مع بداية حياته الفنية بشيء من الايحاء المباشر اي انه كان يملي على المصمم افكاره مباشرة . ولا يترك للمصمم الخيار ، لكن يعود ثانية ليعدل عن طريقه ، اذ يقول : ((ولقد تجنبت في اعمالي بعد ذلك ، نتيجة التقائي بكبار فناني الديكور امثال شيفرين وبيمين ووليامز وفولكوف وشيستاكوف التعسف الفني واستهواني التعاون الخلاق الذي اؤمن الى الان بابداعه المثمر )) (5: 136-137) من كل ما تقدم يمكن القول ان شخصية المصمم اصبحت تتوازى في الاهمية مع شخصية المخرج في العمل المسرحي ، بوصفه المنفذ والمعالج للكثير من الاشكالات التي يتعرض لها العمل المسرحي .
رابعا : وظيفة المناظر المسرحية :
        المناظر المسرحية ، كغيرها من العناصر المكونة للعرض المسرحي ، لها اهمية كبيرة في عملية الاخراج المسرحي ، وتمكن اهميتها في الوظائف المتعددة التي تقوم بها خدمة للعرض المسرحي ، وبالتالي خدمة للجمهور . وتتمثل مهمة المناظر المسرحية في انها تؤدي وظيفة خلفية تتلائم واحداث العمل المسرحي ، كما انها تعبر عن جو المسرحية او الحالة السائدة وروح المسرحية . وتقوم بنقل المعلومات الضرورية من المسرحية الى الجمهور ، مثل طبيعة الشخوص ومكان الاحداث ، وزمن الاحداث ، وغيرها . اي ((يجب ان يعرف المنظر المتفرجين (متى) سيحدث العمل التمثيلي ، اي في اي ساعة من ساعات النهار(ان امكن) . وفي اي فصول السنة ، وفي اي عصر(اذا كانت في عصر غير العصر الحاضر)..)) . (4: 241) وتنقل المناظر ايضا طبيعة الشخوص وعلاقاتهم واعمارهم ومصالحهم ومراكزهم الاجتماعية وحالتهم الاجتماعية .
      وتساهم المناظر في الكشف عن الفعل الداخلي لاحداث المسرحية ، وتساعد الممثل في القدرة على العطاء الجيد من الاداء ، وتسهل من حركته ، بعد ان تزوده بمناطق تمثيل جيدة ، وتعطي دوافع قوية لحركته على خشبة المسرح . وتزين المكان الذي يتواجد فيه بصورة جيدة. (7: 170) اضافة الى كونها تخلق الايهام بان ما موجود على خشبة المسرح هو من واقع الحياة . ان المناظر المسرحية الجيدة هي التي تربط بين الشخصيات الدرامية وعناصر العرض المسرحي الاخرى . كما انها ضرورية في تحفيز خيال المتفرج والممثل في ان واحد، وتمنع تشتت ذهن الجمهور وتحصره داخل احداث المسرحية ، اذ ان عدم وجودها قد يؤدي الى شرود ذهن الجمهور ، ان اسهامها في تحفيز الخيال ينبع من خلال القيم الفكرية والجمالية التي تكتنفها . ومن خلال المناظر المسرحية يتم التعرف على اسلوب المسرحية وطبيعتها ، وتعبر عن الجو النفسي العام ، هل يسوده الفرح ام الحزن ، لكن يبقى المنظر المسرحي الجيد هو المنظر الخالي من التكلف .

خامسا :- عمل المصمم المسرحي مع المخرج المسرحي  
          ان نجاح المخرج المسرحي في الوصول الى عمل مسرحي مبدع ، يبدا دائما من اختياره لمصمم المناظر المسرحية الفنان المبدع . فهو يساعد المخرج في حل الكثير من المعضلات التي تواجه العمل ، ولا غرابة ان تبدو اهمية مصمم المناظر المسرحية متوازية مع اهمية المخرج في المسرح الحديث . لما وصل اليه من مستوى رفيع في الابداع . وعموما يبدا عمل المصمم مع المخرج منذ تكليفه بتصميم المناظر المسرحية واعطائه نسخة من النص المسرحي ، حيث يشرع بقراءة النص اكثر من مرة ، محاولا سبر اغواره للوصول الى الفكرة الرئيسية للنص . وفي اللقاءات الاولى مع المخرج يتسائل كل منهما ما الاراء والافكار حول طبيعة المسرحية وما يمكن ان يقدمه كل منهما مجتمعا الى الجمهور . من اجل الوصول الى افضل الاشكال الفنية التي تجسد افكار كل من المؤلف والمخرج . فيطلب المصمم من المخرج شرحا اوليا حول بعض النقاط المطلوبة والتي تتعلق بطبيعة العرض المسرحي ، ومعالجته الشخصية للنص .
          بعد ان يوضح المخرج التفاصيل المطلوبة ويشرحها للمصمم ، يشرع المصمم بجمع مادة تصويرية عن العصر الذي تدور فيه احداث المسرحية ، مستعينا بالصور القديمة والمجلات المصورة والمتوفرة ، ثم يتسائل هل يمكن ان تعرض هذه المسرحية بمنظر واحد . او عدد من المناظر ، فاذا اعتمدت على اكثر من منظر واحد ، وجب عليه ان يهتم بكيفية تغيير هذه المناظر والطريقة المثلى لذلك . ثم يرسم عددا من التصاميم لهذه المناظر ، ويلتقي مرة اخرى بالمخرج ويتحاورون حول ما جرى عمله . وعندما يتم الاتفاق بين الطرفين يبدا المصمم بعمل (الماكيت) المصغر الذي يكون غالبا عرضة للتغيير مرة بعد اخرى ، حتى يتم الاستقرار على التصميم النهائي . ويجد (كارل الينزويرث) ان المصمم يستمد افكاره في هذا كله من مصدرين اساسيين هما : "المسرحية نفسها وخطة المخرج لاخراجها . " (4: 233) ويرى الباحث ان هناك مصدرا ثالثا هو ابداع وفكر مصمم المناظر نفسه ، اذ ان هذا المصدر هو الذي سيعطي قيمة جديدة للعمل .
           وفي مرحلة اعداد التصاميم المطلوبة نجد ان المصممين يختلفون في اسلوب تعاملهم مع المخرجين ، فمنهم من يرى في تحضير عدد كبير من التصاميم الاولية ، طريقة سهلة في توصيل افكاره الى المخرج ، ومنهم من يجد في مرافقة المخرج باستمرار وتبادل الاراء والافكار منهجا له وطريقة عمل افضل . ويبقى التفاهم وتوثيق عرى الصلات بين الطرفين من اهم الوسائل للوصول بالعمل الفني المسرحي الى افضل المستويات . ويجد الباحث ان الطريقة الثانية والتي تمثل في مرافقة المخرج هي من الطرق الجيدة للوصول الى عمل جيد وجدير بالعرض . اما عن اسلوب العمل فيتفق كل من المصمم والمخرج على الاسلوب شرط ان يكون ملائما لاسلوب المسرحية نفسها ، ومنسجما معها من بداية العرض حتى نهايته . اما عن الخطة الاخراجية التي سيضعها المخرج للعمل المسرحي ، فيشترط كما يرى الباحث ان يشرك معه المصمم للوصول الى افضل درجة من الجودة يمكن ان يصلها العرض . ولاياتي هذا بطبيعة الحال الا نتيجة دراستهما التفصيلية للمسرحية ومكوناتها وكيفية تجسيد فكرتها الاساسية من خلال المنظر المسرحي الذي سيطل على الجمهور ، وكما كانت الخطة التي سيتفق عليها الطرفان دقيقة وعميقة وواضحة وتتضمن التفاصيل الجزئية للعمل ، كلما كان الشكل الفني الناتج ناضجا وواضحا . كما يجد الباحث ان سر نجاح العرض المسرحي يكمن في اعجاب المخرج ومصمم المناظر بفكرة المسرحية .  هذا الاعجاب الذي ستتولد منه شرارة الابداع في خلق اشكال فنية جميلة تنطوي على مضامين اجمل . تتولد من خيال خصب لهذين الفنانين وبالذات خيال المخرج " ان ثروت الخيال واسلوب العمل ، والشيء الاهم الانسجام الداخلي بين العقل والشعور عند المخرج هذه الامور هي التي تلعب الدور الحاسم في العمل الفني الحي . " (5: 81 ) ولايمكن اغفال جهود البقية الباقية من افراد الفرقة المسرحية . اذ ان الخطة الاخراجية لا يمكن تحقيقها من طرف واحد او طرفين ، وانما مجموع الجهود التي تقدمها افراد الفرقة . كما انها لا تاتي بثمارها في يوم او يومين ، بل لفترة طويلة شيئا من الجهد الشاق .
          اما الخطة الارضية فيقصد بها كيفية وضع وتثبيت اجزاء المنظر المسرحي والاثاث على خشبة المسرح ، وهي ضرورية لكل العاملين في المسرح فاهميتها بالنسبة لعمال الديكور تتمثل في تحديد القياسات والمساحات المطلوبة لانجاز قطع الديكور ، طولها ، عرضها ، ارتفاعها ، واماكن تثبيتها . وبالنسبة للممثل تمثل المساحة الارضية التي سيتعامل معها في تمثيله وحدود هذه المساحة ، كمكان الدخول والخروج ، ومواضع السلالم والنوافذ والشرفات، وتواجد قطع الاثاث ضمن المنظر المسرحي ، وبالنسبة للجمهور ، تمثل مكان الحدث ، وبيئة الشخصيات وعصر الحدث ودقته ، والفصل الذي تدور فيه الاحداث ، اهو فصل الشتاء ام الربيع ام الصيف ؟ وكلما كثرت فتحات الدخول والخروج في الخطة الارضية ، كلما استطاع المخرج التنويع في حركة الممثلين . 
          وعلى المصمم والمخرج تقع مسؤولية مشتركة في بذل جهد كبير لمعالجة الصعوبات المعمارية التي يتميز بها مكان العرض المسرحي . وتكييف المنظر المسرحي وفق حاجة الفكرة الاساسية للعرض المسرحي " اذن ، يجب على المخرج ومصمم المناظر ان يزنا باستمرار . المتطلبات المعمارية للبيت او المبنى او الحصن ، او السجن ، او الميدان العام . للحصول على افضل عرف ممكن من المظاهر المعمارية للمنظر ... " (4: 246) وعند تصميم الخطة الارضية ، على المخرج ومصمم المناظر ان يلاحظا عدد من الامور الهامة ، منها الخطوط البصرية التي لها علاقة بمشاهدة الجمهور لخشبة المسرح ، فمن المعروف ان المنظر المسرحي ينبغي ان يشاهد من قبل جميع الجمهور الجالس في القاعة ، وفي الوقت نفسه يحول دون مشاهدة هذا الجمهور لما يدور وراء الكواليس . هناك ايضا مسالة التوازن على خشبة المسرح ، والتوازن يعني ان نجد جهتي خشبة المسرح متوازنة . اي ان جهة اليسار تتعادل الى حد ما مع جهة اليمين . وهذا ما يمكن تحقيقه ماديا من خلال تصميم الخطة الارضية ، من قبل المصمم . وهناك نوع اخر من التوازن يدعى توازن الجمال الفني ، الذي يعني الى حد كبير توازن يؤكد فيه على شخصية معينة او جسم معين .
         وكذا يجب الاهتمام بالشكل على خشبة المسرح ، ويقصد به الباحث الحالة التي يتم فيها ترتيب الاشياء على خشبة المسرح . وليس فقط ترتيب الاثاث والاكسسوارات وانما ترتيب الممثلين ايضا ، الذين بمجموعهم تتكون لدينا الصورة المسرحية . والشكل نوعان ، شكل منتظم وشكل مشتت ، والشكل المشتت هو الذي يتم فيه توزيع المواد والممثلين على خشبة المسرح دون خطة مدروسة تقترب من الفوضى وعدم الانتظام .
        وفيما يخص توزيع المواد على خشبة المسرح ، يجب اختيار كل قطعة اثاث بعناية وبدقة للاستفادة منها ، ليس فقط في الشغل المسرحي ، وانما في خلق دلالات او رموز معينة تخدم الفكرة الاساسية للعرض المسرحي . وترتب على خشبة المسرح لتخلق افضل ما يمكن من مناطق التمثيل المتنوعة والتي تسهل عملية حركة الممثل برشاقة . ويهتم كل من المصمم والمخرج باللون سواء المستخدم في الاضاءة او في طلاء المنظر المسرحي ، بوصفه اداة نافعة للحصول على التاكيد والتوازن والانتظام في شكل صورة خشبة المسرح ، اضافة الى التعبير عن الحالة النفسية والجو النفسي العام . ويؤكد كل من المصمم والمخرج ايضا على التنوع ، اذ انه احدى متطلبات الجمال الفني الواجب توفرها في تصميم المنظر ، ويمكن الحصول عليه بعدة طرق ، منها عن طريق الزخرفة او عن طريق تصميم معمارية المنظر ، وهذا يحدده اسلوب العرض المسرحي .
         وتعد الاضاءة المسرحية من مصادر الصراع بين المصمم والمخرج في اغلب الاحيان ، ويتمثل هذا الصراع كما يراه (كارل الينزويرث) في : " الاختلاف حول مقدار الضوء اللازم في المسرحية . ولما كان القماش المرسوم يبدو في اضعف احواله عندما لا يسلط عليه ضوء باهر ، فان المصمم يميل الى خفت الضوء ، ومن ناحية اخرى ، يعلم المخرج كما يعلم كل من الكاتب المسرحي والممثل ، ان الاضاءة الخافتة لا ينتج عنها جذب انتباه النظارة ...ويصدر المخرج بدوره اوامر زيادتها .. " (4: 336) الا اذا استوجب تخفيت الاضاءة عن عمد لحاجة ماسة في المشهد لخلق التوتر والترقب مثلا .

                              الفصل الرابع
النتائج :- 
1- يعتمد مصمم المناظر المسرحية في تصميمه على مصدرين اساسيين هما : النص المسرحي وخطة المخرج الاخراجية .
2- يوضح في تصميمه ومن اول وهلة يرفع فيها الستار معلنا بداية العرض فكرة المسرحية .
3- يتمكن  المصمم المبدع ان ينقل المعلومات التي يريد ايصالها الى الجمهور من خلال لمسات بسيطة على المنظر المسرحي .
4- تحفيز خيال الجمهور في متابعة احداث المسرحية بعد نقلهم من عالمهم الخاص الى عالم شخوص المسرحية حالما ترفع الستارة .
5- تحقيق الاستقرار والتوازن من خلال توزيع قطع الاثاث على خشبة المسرح .
6- خاق افضل مناطق ممكنة للتمثيل من اجل خلق التنوع في الحركة . وخلق نوع من العلاقة التي تربط بين  قطع الاثاث نفسها .
7- يراعي عند التصميم ان يشاهد كل الجمهور الحاضر ما يعرض على خشبة المسرح بسهولة ويسر . وبالتالي عليه ان يراعي الخطوط البصرية الافقية منها والراسية .
8- يتحتم على المصمم ان يكون ملما بالخصائص البصرية والعاطفية للالوان .
9- معالجة المناطق الضعيفة على خشبة المسرح .
10-المبالغة في استخدام الزخرفة في التصميم ، لان المبالغة من عناصر التعبير المسرحي .
11- يتميز في القدرة على التعبير عن الحالة السائدة في جو المسرحية من خلال استخدامه الامثل للخطوط والكتل والاشكال .
12- المناظر المسرحية الجيدة تربط بين الشخصيات الدرامية وعناصر العرض المسرحي الاخرى .
13- المناظر المسرحية تعبر عن الجو النفسي العام والتعرف على اسلوب المسرحية وطبيعتها .

                                     الاستنتاجات

يستنتج الباحث في ضوء ما تقدم ما يلي :-
1- ان سر نجاح العرض المسرحي يعتمد على تبني مصمم المناظر المسرحية والمخرج المسرحي لفكرة المسرحية .
2- يكون مصمم المناظر المسرحية فنانا تشكيليا جيدا فضلا عن كونه فنانا مسرحيا .
3- ان نجاح اي عرض مسرحي يبدا دائما من اختيار المخرج لمصمم المناظر المسرحية الجيد .
4- لابد ان يحصل مصمم المناظر المسرحية على قدر كاف من الحرية في العمل مع المخرج .
5- على المصمم ان يكون ذو ثقافة عالية وملما باختصاصه .











قائمة المصادر والمراجع :
1- اردش ، سعد ، المخرج في المسرح المعاصر ، سلسلة عالم المعرفة رقم 19. الكويت : مطابع اليقضة ، 1979 .
2- ارسطو طاليس ، فن الشعر: ترجمة عبد الرحمن بدوي ، بيروت : دار الثقافة 1973.
3- اصلان ، اوديت ، فن المسرح ، ج1 ، ترجمة سامية احمد اسعد ، بيروت : مؤسسة ايف للطباعة والتصدير ، د.ت .
4- الينزويرث ، كارل ، الاخراج المسرحي ، ترجمة امين سلامة ، القاهرة : مكتبة الانجلو المصرية ، 1980 .
5- بوبوف ، الكسي ، التكامل الفني في العرض المسرحي ، ترجمة شريف شاكر ، دمشق-منشورات وزارة الثقافة والارشاد القومي ، 1979 .
6- تشيني ، شلدون ، تاريخ المسرح في ثلاثة الاف سنة ، ترجمة دريني خشبة ، القاهرة-المؤسسة المصرية العامة للتاليف والترجمة والطباعة والنشر ، المطبعة النموذجية ، 1963.
7- جالاوي ، ماريان ، دور المخرج في المسرح ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للتاليف والنشر ، 1970 .
8- دين ، الكسندر ، العناصر الاساسية لاخراج المسرحية ، ترجمة بتصرف سامي عبد الحميد ، بابل : المطبعة العصرية ، 1986.
9- دين ، الكسندر ، اسس الاخراج المسرحي ، ترجمة سعدية غنيم ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1983.
10-ديوكس ، اشلي ، الدراما ، ترجمة محمد خيري ، القاهرة : عالم الكتب ، مطبعة مخيمر ، د.ت .
11- رايس ،المر، المسرح الحي ، ترجمة داود حلمي السيد ، القاهرة- نيويورك : مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر ، 1965 .
12- شانصوريل ، ليون ، تاريخ المسرح  ، ترجمة خليل شرف الدين ونعمان اباظة ، بيروت : منشورات عويدات ، 1960 .
13- عطية ، احمد سلمان ، التناقضات والتوافقات في ابداع المخرج المسرحي ، بحث غير منشور ، كلية الفنون الجميلة – قسم التربية الفنية ، بابل ، 1991 .
14- فريد ، بدري حسون وسامي عبد الحميد ، مباديء الاخراج المسرحي ، الموصل : دار الكتب للطباعة والنشر في جامعة الموصل ، 1980.
15- كريج ، ادورد جوردن ، في الفن المسرحي ، ترجمة دريني خشبة ، سلسلة الالف كتاب العدد 63 ، القاهرة : مكتبة الاداب ومطبعتها بالجماين ، 1960.
16- لافر ، جيمس ، الدراما ازياؤها ومناظرها ، ترجمة مجدي فريد ، القاهرة : مطبعة مصر ، 1963.
17- مليكة، لويز ، الديكور المسرحي ،ط2 ، القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1981.
18- نيلمز، هيننج ، الاخراج المسرحي ، ترجمة امين سلامة ، القاهرة – نيويورك : مكتبة الانجلو المصرية بالاشتراك مع مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر ، 1961.
19- هوايتنج ، فرانك . م ، المدخل الى الفنون المسرحية ، ترجمة كامل يوسف واخرون، القاهرة : مطابع الاهرام التجارية ، 1970 . 
المصادر الاجنبية
20-brockett,oscar.findlay,Robert,century of innovation ahistory of European and American theatre and drama swc 1870,newjersey:printice –hall,inc.,.1973. 
رسائل الماجستير
21- الداود ، سامي علي ، كاظم حيدر ودوره في تطور المنظر المسرحي في العراق ، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة الى كلية الفنون الجميلة : جامعة بغداد          .
22- السعدي ، يوسف رشيد ، عمل المخرج مع مصمم المناظر في العرض المسرحي العراقي ، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة الى كلية الفنون الجميلة /جامعة بغداد 1989.

دراسة في جماليات المنظر المسرحي في عروض المخرجة المسرحية العراقية

مجلة الفنون المسرحية

جماليات المنظر المسرحي في عروض المخرجة المسرحية العراقية
                                                 
 أ.م.د. احمد سلمان عطية
كلية الفنون الجميلة قسم الفنون المسرحية 

الفصل الأول
مشكلة البحث : 
    لم تظهر المخرجة المسرحية العالمية إلا في القرن العشرين ، على الرغم من إن من كان يقوم مقام المخرج قد ظهر بظهور المسرح لأول مرة عند الإغريق . ذلك إن المرأة كان يحرم عليها المشاركة ليس بوصفها مخرجة فحسب إنما ممثلة أيضا ، لاعتبارات دينية ، واعتبار عمل المرأة في المسرح عملا مخلا بالآداب . حتى ظهرت دراسات وأبحاث تناولت هذا الموضوع لإظهار دور المخرجة المسرحية وتدوين سيرتها وطريقة عملها الإخراجي ، والفرق المسرحية التي أسستها أو شاركت بها .
    فظهرت مخرجات عالميات مبدعات ، أمثال المخرجة الانكليزية (جون ليتلوود) والمخرجة الأمريكية (جوديث مالينا) وزوجها (جوليان بيك) اللذان تميزا بالمسرح الحي ، والمخرجة المسرحية (أريان منوشكين) مؤسسة (مسرح الشمس) . كما ظهرت في الوطن العربي مخرجات مسرحيات كثيرات ، تناول الباحث عددا من المخرجات اللبنانيات لمحدودية صفحات البحث أولا ، لان المخرجة اللبنانية تعد من أوائل المخرجات المسرحيات العربيات اللواتي ظهرت على المساحة الفنية المسرحية العربية .
    أما في العراق فظهرت مخرجات مسرحيات تخصصن بمسرح الكبار وأخريات تخصصن بمسرح الأطفال . وقد اختار الباحث مخرجات مسرح الكبار والتطرق الى جماليات المنظر المسرحي في عروضهن . مثل المخرجة (روناك شوقي) والمخرجة (أحلام عرب) والمخرجة (عواطف نعيم) ، والتي سيتم التركيز عليها بالدراسة بوصفها المخرجة التي استمرت ولا زالت تستمر في عطائها الفني المسرحي إخراجا وتمثيلا وتأليفا داخل العراق . ناهيك عن مشاركاتها العديدة في المهرجانات المسرحية داخل وخارج العراق .
    وقد اهتمت جميع المخرجات المذكورات بجماليات المنظر المسرحي ، واختلفن في صياغة ذلك من مخرجة إلى أخرى . لذلك يطرح الباحث السؤال الأتي : 
ما طبيعة جماليات المنظر المسرحي في عروض المخرجة المسرحية العراقية ؟


أهمية البحث والحاجة إليه : 
    تأتي أهمية هذا البحث بوصفه احد المواضيع التي تتعلق بالمخرجة المسرحية في العراق . إذ شكلت زيادة إعداد المخرجات المسرحيات المحترفات ظاهرة واضحة في المسرح العراقي .وهذا البحث يتناول الجانب الجمالي في المنظر المسرحي . فضلا عن أن الحاجة إليه تكمن في الاستفادة منه من قبل الدارسين والمتخصصين في مجال الفنون المسرحية فضلا عن طلبة كليات ومعاهد الفنون الجملية كافة .
هدف البحث :   
    تعرف جماليات المنظر المسرحي في عروض المخرجة المسرحية العراقية .
حدود البحث 
    زمانيا : 2010-2013 .
    مكانيا : العراق – بغداد  .
    موضوعا : طبيعة جماليات المنظر المسرحي في عروض المخرجة المسرحية عواطف نعيم.
تحديد المصطلحات :
الجمالية أو الجمال :
    الجمالية مأخوذة من جمل الشيء جعله جميلا " والجميل أو الأجمل من الجميل ، الجمال، الحسن " .(1) ، وعرفها ريتشارد كالين بأنها : " فن الحياة المسرحية " .(2) .، والجمال عرفه افلاطون : "انه الجوهر غير ذي اللون ولا الشكل لا يمكن للحس أن يدركه ، الجوهر الموجود بالحقيقة ، ولا يكون مرئيا ، الا لعين النفس ، وهو موضوع العلم الحقيق ويشغل المكان الذي يسمو على السماء ".(3) ، وعرفه أرسطو على أن " ..  الجمال ما هو إلا التنسيق والعظمة".(4) ، وعرفه (توماس اكوايندس) بأنه "ذلك الذي لدى الرؤية يسر . أي انه يسر لمجرد كونه موضوعا للتأمل ، سواء عن طريق الحواس أو في داخل الذهن ذاته ". (5) 
    ويعرفها الباحث إجرائيا : الجمالية هي تنسيق عناصر العرض المسرحي بطريقة تسر المشاهد عن طريق الحواس أو داخل الذهن ذاته .
المنظر المسرحي : 
    عرفه (حمادة) بـ" مجموعة التركيبات الخاصة بالمنظر والمقامة فوق خشبة المسرح ".(6)، وعرفه (دولمان)على انه : "ذلك البناء أو الهيئة التي تساهم في التغطية والتجميل والإيحاء بالحالة النفسية والإيحاء بالمكان " .(7) ، وعرفته (أصلان) بأنه : فضاء يتألف ويعاد تأليفه باستمرار ، بناء يتطلب خلقه مشاركة المتفرج" .(8)
    وعرفه (جيليت) على انه "وحدات هامة ثنائية أو ثلاثية الأبعاد توضع فوق خشبة المسرح لتحديد مناطق التمثيل ، وتشكل الألوان والأصباغ خلفية الأشكال المسرحية " .(9) 
  ويعرفه الباحث إجرائيا بأنه : البناء أو الهيئة أو الشكل الذي يخاطب عقل المتفرج وفكره ومشاعره من خلال عملية الإيحاء والتأويل والتفسير والدلالة التي يخلقها . ولا يقتصر على القطع المصنوعة من اطر الخشب والقماش وغيرها إنما تساهم في تكوينه أجساد الممثلين والإضاءة والأزياء والمكياج .
الفصل الثاني
المبحث الأول
المخرجة المسرحية العالمية 
المخرجة المسرحية  جون ليتلوود : (1914-2002) 
  تعد (ليتلوود) من المخرجات الانكليزيات الأكثر التزاما بتقنيات بريخت مع إجراء بعض التغييرات عليها . ويعود ذلك لتبنيها فكرة شعبية المسرح وإيمانها بضرورة تجسيد أحلام وآمال الطبقة العاملة ، من عمال المصانع والنقابات وغيرهم من البروليتاريا . ففي عروضها اعتمدت على جمالية صورة الحدث المسرحي المتعدد الوسائط ، فوظفت " .. جوانب من عروض السيرك وعروض المهرجين والأفلام الإخبارية القصيرة وعروض مسرح المنوعات (الميوزيك هول) والشرائح الملونة والأساليب الإخراجية اللاواقعية " .(10)
    ومن العروض المسرحية التي أخرجتها (ليتلوود) مسرحية (ما أجمل هذه الحرب) وفكرة المسرحية تدين السياسات الإمبراطورية التي أدت إلى حدوث الحرب العالمية الأولى (1914-1918) وتحيي الجنود الذين راحوا ضحايا لهذه الحرب . وتروي قصة إنسانية تدعو من خلالها للسلام ، وتناهض الحرب الأمريكية على فيتنام في الستينيات ، وتقف ضد سباق التسلح وتبادل التهديدات بين معسكري الدولتين العظيمتين أيام الحرب الباردة .
    كتبت المخرجة(ليتلوود) نص هذه المسرحية من خلال إقامة (ورشة عمل) لفريق التمثيل وكلفت كل منهم بجمع ما يعرفونه وما يسمعونه من حكايات عن الحرب العظمى وعن جبهات القتال ، وجمع الوثائق والأرقام من المكتبات . ووضعت لهذه الحكايات حبكة درامية تتلاءم مع الأحداث . وصاغت الحوارات عن الحرب بصيغة الزمن المضارع ، باعتبار أن الأحداث لا زالت تجري إلى الآن . وأوصت الممثلين بإتقان اللغة الانكليزية باللكنة الألمانية والفرنسية كلما احتاج الأمر إلى ذلك . فجمعت انطباعات متعددة وتجارب مختلفة وأساليب تعبير متنوعة ، ونسقت بينها بحيث شيدت هذا البناء المسرحي الملون والمؤثر . وفي نهاية الأمر وصفت مسرحيتها بأنها من تأليف فريق العمل .
    اعتمدت جماليات مناظر هذه المسرحية على منصة عارية في معظم الوقت ، ومستويات على منصة المسرح أحيانا، شاشة في عمق المسرح تظهر عليها الوثائق والأرقام وأسماء المعارك وأعداد الضحايا الذين كان عددهم عشرة ملايين عسكري ، فضلا عن واحد وعشرين مليون جريح وسبعة ملايين مفقود . يرافق ما يعرض على الشاشة موسيقى حية تتداخل مع ما يجري من تمثيل على المنصة ، حكايات وأغاني قديمة عن الحرب ، ورقصات وبيانات على الشاشة . كل ذلك في سياق مثير وفكاهي ومؤثر بالموسيقى الحية . والحديث أحيانا إلى الجمهور حديثا مباشرا . فلم يعد الممثل يتقمص الدور أو الشخصية ، إنما أصبح هو الممثل الشعبي يصور الشخصية ويحكي عنها ويعلق عليها كما يفعل في مسرحيات بريخت . وتميزت هذه المسرحية بسرعة الإيقاع .(11) 
    أما الأزياء المسرحية ، فقد رفضت (ليتلوود) أن يكون اللون العسكري التقليدي هو الذي يرتديه العسكريون . ورأت أن اختيار القميص الأبيض الفضفاض والسروال الأبيض الفضفاض المزينان بدوائر سوداء هو الأنسب .وبهذا الاختيار تكون قد ابتعدت عن الأسلوب الواقعي لعرض الأحداث . وحتى يتم التفريق بين جنود وضباط وملوك الدول المتحاربة ، اختارت الخوذة للجندي ، والكاب للضباط ، والكاب المرصع للملوك .(12) 
المخرجة المسرحية جوديث مالينا (1926-      ) :
    أسست المخرجة جوديث مالينا وزوجها جوليان بيك المسرح الحي عام 1946 في أمريكا. وقدمت مجموعة من المسرحيات ذات الفصل الواحد لكل من بريخت ولوركا وشتاين وغودمان وأعمال أخرى من إعداد أعضاء الفرقة .
    ترى (مالينا) إن على الممثل أن يهتم بالطقوس البدائية والصوفية وكأنه كاهنا ، حتى أنها في أعمالها الأخيرة طلبت من الممثلين أن يظهروا عراة أو نصف عراة . وفي بعض عروضها كانت حركات الممثلين اكروباتيكية أو ارتعاشية تتخللها لحظات صمت وجمود ومواقف روحية هادئة . فضلا عن حركات اليوجا والرياضة وانفجارات الغضب والأنين والعواء ، والعرق يغمر أجسادهم العارية واللعاب يتحدر من أفواههم ، وهم يدعون الجمهور إلى المضاجعة بدل الحرب " وتظل الأغاني المترددة كإغراءات كامنة ، ضاجعوا بدل أن تحاربوا – حرروا السود – اقضوا على البوليس – اقضوا على الدولة – تحيا الفوضوية ... " (13) .وكل ذلك يتم بمرافقة المؤثرات الصوتية . 
    أما جماليات المنظر المسرحي ، فقد رفضت المخرجة (مالينا) فكرة الديكور المسرحي التقليدي ، مثلما رفضت فكرة دور العرض المسرحي التقليدية . ففي مسرحة (أسرار وقطع أخرى صغيرة) : " يبدأ المشهد بخشبة مسرح عارية تماما من كل أثاث أو ديكور عدا أربعة صناديق خشبية عليها الممثلون ..." (14) ، وأحيانا تعتمد في تصميمها للديكور على الأساطير اليونانية أو الصور المصرية المنقوشة على الجدران أو الأعمدة الطوطمية عند الهنود الأمريكيين أو خرافات البوذيين . وأحيانا يستبدل الديكور بسلاسل من الصور الجسدية أو الصور الهيروغليفية من الأوضاع والتشكيلات المختلفة للممثلين .
    وفي بعض عروضها المسرحية يتم دهان صالة الجمهور " ... باللون الأسود مع رسم خطوط تضيق أكثر فأكثر حتى تتلاقى عن الخشبة بشكل يركز بؤرة الرؤية كما لو كان المرء داخل كاميرا كوداك عتيقة ويتوجه بناظريه إلى الخارج من خلال عدسة بينما عين الحالم (المشاهد) توجد داخل حجرة مظلمة ".(15) . لذا فان الديكور المسرحي عندها اعتمد على الإيحاء.
    وكان جل اهتمام المخرجة (مالينا) المشاركة المطلقة للجمهور . فاستخدمت فكرة توريط الجمهور في رسم صورة المنظر المسرحي . فلم يكون هناك حاجز بين الممثلين والجمهور . ففي عرض مسرحية (فرانكشتاين) كسر هذا الحاجز من قبل الممثلين حيث نرى " ضحايا النظام في العرض يفرون إلى قاعة المشاهدة طلبا للحماية بينما تسعى ورائهم فرق من الشرطة ، التي تجري (بمساعدة ممثلين آخرين جالسين بين الجمهور) لتعود بهم إلى العذاب والسجن فوق الخشبة ". (16) ، وفي مسرحية (انتيغون) تم توريط الجمهور في الفعل بشكل جعله جزءا من ثيمة العرض ، فالجمهور يمثل مدينة ارجوس ، والممثلون يمثلون أهالي طيبة .
    إن اعتماد المخرجة (مالينا) على مشاركة الجمهور مشاركة مطلقة جعلها تعتبره البطل الرئيس في العرض المسرحي . فعن طريق الإيحاء للجمهور من قبل الممثلين ، كان الجمهور ينفذ ما يريده دون تردد "... كان الممثلون يعلنون أنهم لم يكن مسموحا لهم بتدخين الماريجوانا كان الجمهور يقوم بإشعال لفائف المخدرات ويملئون المكان برائحة الحشيش النفاذة . وعندما يقول الممثلون انه لم يكن مسموحا لهم بالتجرد من ملابسهم ، كانت الملابس ترى وهي تخلع بامتداد قاعة المشاهدة . وفي عرض واحد على الأقل أدت صرخة "حرروا المسرح" إلى إغراق الخشبة بمتفرجين عراة " .(17) 
    أما (الأزياء) فلا أزياء مسرحية ، إنما يرتدي الممثلون ملابسهم الاعتيادية التي جاؤوا بها من البيت . وكذلك تم تجاهل (المكياج) ، واستخدمت الأقنعة أحيانا بدلا عن المكياج . وبطبيعة الحال استخدمت الموسيقى والأغاني والمؤثرات الصوتية في عروضها المسرحية وعلى وفق حاجة العرض المسرحي لها .
المخرجة المسرحية آريان منوشكين : *
    أرادت المخرجة (منوشكين) ان يشترك الممثل في كتابة النص واعداه ، لأنه هو من يعطي العرض المسرحي شكله النهائي ، فتناولت المسرحيات الكلاسيكية بطريقة معاصرة ، واتخذت من فنون المسرح الشرقي أشكالا ونماذج لها . فتبنت أفكار المخرج (انتونين ارتو) التي استوحاها من المسرح الشرقي ، فقدمت عرضا لمسرحية (جنكيزخان) عام 1961 الذي ظهرت فيه النزعة الاستشراقية واضحة في "..المنظر المسرحي حيث الملابس ذات الطابع الغرائبي ، والمشاعل المتقدة ، والأعلام الملونة" .(18) ، ثم سارت على نهج مخرجين آخرين .
    بدأت (منوشكين) التجريب على الرمزية في المسرح الصيني والتجريب على استخدام الأقنعة وتحدي الأنماط التقليدية للأشكال المسرحية القديمة وإعادة صياغتها بشكل معاصر . من خلال مشروع اعدته لتقديم عدد من المسرحيات لشكسبير .
    في مسرحية (ريتشارد الثاني) عمدت (منوشكين) إلى تطوير شكل العرض المسرحي وبما يتناسب مع الطابع الرسمي للأحداث . فاستخدمت ملابس الساموراي اليابانية مع العباءة المستخدمة في عصر النهضة دون محاكاة لأية تقنية يابانية محددة . واقترب المنظر المسرحي من مفهوم (بيتربروك) للفضاء الخالي ، فكان مساحة مفتوحة اتخذت شكل الخيمة التي أحاطت بها جدران من الطوب المدهون باللون الذهبي . فوقها طبقات حريرية تحمل اللونين الأحمر الذهبي والفضي وتوحي بالشمس والقمر ولكن بشكل مجرد . واستخدمت (منوشكين) الموسيقى  الحية التي تنبعث من آلات الموسيقيين الجالسين فوق خشبة المسرح بإيقاعات زادت من سرعتها أحيانا قرعات الطبول . فضلا عن الحركات الاكروباتيكية للممثلين والإلقاء الإيقاعي للكلمات الذي يلقى  في معظمه بشكل مباشر للجمهور . كما استخدمت الأقنعة والمكياج ذي الشكل الأسلوبي فوق الدهان الأبيض .(19) 
    وعن جماليات المنتظر المسرحي في مسرحية (1789) التي أخرجتها (منوشكين) عام 1970 على مسرح دراما رفيو ، قامت وفرقتها المسرحية (مسرح الشمس) بتقسيم فضاء البناية المستطيلة إلى جزأين ، ثم تنظيفها ودهانها . وتخصيص الجزء الأصغر مساحة ، صالة استقبال ومكان لقطع التذاكر وتخزين بعض الملابس . أما الجزء الأكبر مساحة فخصص للعرض بعد أن قسم المستطيل من المنتصف . وقامت الفرقة بتركيب مدرج خشبي للجمهور يقع بالقرب من منطقة صالة الاستقبال . اعلى هذا المدرج وضعت منصة للوحات الإضاءة والفنيين . وفي مواجهة المدرج وضعت خمس منصات خشبية مسطحة ترتفع حوالي خمسة أقدام ، تحيط بفضاء مستطيل رحب في زوايا المكان الأربعة . ومن فوق المساحة الكلية لساحة العرض توجد كشافات ومصابيح عادية وشمعات ضخمة .
    فضاء المسرح قبل العرض شديد الإضاءة ، ويوحي بسعة الفضاء وبساطته . وللمشاهدين الحرية في الحركة واختيار أماكنهم ، ولهم الحرية في التحدث مع الممثلين البالغ عددهم أربعين ممثلا وممثلة ومن جنسيات مختلفة .
    عند بداية العرض ، يكون المدرج قد امتلأ بالجمهور . تخلو المسرحية من التمثيل الواقعي ، فحركات الممثلين وإشاراتهم مبالغ فيها . فهم يعتمدون (الكوميديا دي لارتا) والأسلوب الاوبرالي ، ويمثلون حركات الممثلين الجوالين والمهرجين في نهاية القرن الثامن عشر . والملابس التي يرتدونها تتلاءم مع الأجواء الكرنفالية والعروض المتنقلة ، فهي فاقعة الألوان ورمزية ومبالغ في حجمها وتفصيلها .(20) ، واستخدمت وسائل أخرى في تشكيل المنظر المسرحي . مثل الدمى والمايم والمسليات والمشاهد الموسيقية والحوارات التقليدية . وصار العرض يقترب  من المسرح البيئي .
    أما جماليات المنظر المسرحي في مسرحية (التاريخ الرهيب وغير المكتمل لنوردوم سيهانوك ملك كمبوديا) التي أخرجتها (منوشكين) وعرضت على الجمهور الفرنسي عام 1985 فيقول كريستوفر اينز :
    " استدعى فضاء العرض صورة معبد بوذي وذلك من خلال دهان الملك القرمزي ، واستخدام قطع صغيرة من طوب البناء  في أرضية القاعة ، وهذا مع تخلل رائحة الطعام الأسيوي (الذي كان يباع في الدهليز) لفضاء العرض . وحول حوائط القاعة كان هناك رف عالي وضع عليه ما يزيد على 700 تمثال صغير تعبر عن المواطنين الكمبوديين . وقد شكلت هذه الدمى جمهوراً صامتا يوجه اتهاما لكل من الجمهور الفرنسي واستجابته للعرض ... ضم فضاء العرض أيضا ستارة حريرية صفراء خلف منطقة التمثيل وكانت تهز من جانب الحاضرين للإشارة إلى دخول الشخصيات الهامة ، ولعل ذلك يذكرنا بتقنية تقليدية في مسرح الكاثاكالي".(21) 
المبحث الثاني
المخرجة المسرحية العربية
    ظهرت المخرجة المسرحية العربية  في ستينيات القرن العشرين ، وبمرور الزمن راحت إعدادها تتزايد نتيجة التطور السياسي والثقافي والاجتماعي ، وأصبحت تنافس الرجل في مجال فن الإخراج . ونظرا لمحدودية صفحات البحث لأمور تتعلق بالنشر لا يمكن الإطالة بكل المخرجات في الدول العربية . لذا اقتصر الباحث على ذكر عدد من المخرجات اللبنانيات بوصفهن من طلائع المخرجات في الوطن العربي .
1 - المخرجة المسرحية اللبنانية لطيفة ملتقى *
    تعد أول مخرجة مسرحية في الوطن العربي . بعد أن اقتحمت فن الإخراج ، اشتغلت على خط التجريب ، على أشكال الخشبة والفضاء المسرحي ، لاسيما العلاقة بين مساحتي العرض والجمهور . من اجل ذلك أولت الممثل أهمية كبيرة واعتبرته جوهر العملية المسرحية . ودعت إلى اعتماد مسرح من منظور نسوي ، كما أنها سعت إلى تطوير المسرح القائم من خلال جعله وسيلة تعبر عن الواقع الاجتماعي .
    ساعدها زوجها (أنطوان ملتقى) في توجهها نحو الإخراج ، بعد أن أضافت إلى ما تعلمته سابقا بعض القواعد والمعارف المسرحية ، تقول : "دخلت ميدان الإخراج للإسهام بجهدي المتواضع في تأسيس مسرح جاد ومتطور من حيث الشكل والمضمون بعدما تركت مهنة المحاماة واعتزلتها . مستفيدة بما اكتسبته من مهنة المحاماة وما تتمتع به من قدرة على الإقناع . فالمحاماة والمسرح مهنتان متقاربتان ، فهما تؤديان رسالة اجتماعية واحدة . ولكني اعتقد بان للمسرح دورا أكثر فاعلية ، لأنه يؤدي إلى احتكاك مباشر مع الجمهور ، وهو يغوص إلى عمق قضايا الإنسان وهواجسه الاجتماعية والثقافية " .(22)
    في منتصف الستينيات اختارت المسرح الكوميدي خطا لها ، واستدعى منها ذلك أسلوبا خاصا بها . وعلى أساسه اختارت نصوصا أجنبية بعد أن ترجمتها واقتبستها وبأسلوبها الشخصي . ولم تلجا إلى تغيير أسماء الشخصيات لتصبح لبنانية ولم تنقل الشخصيات من أجوائها الأوربية إلى المحلية اللبنانية ، وفضلت أن تبقي على المسرحية كما وردت في الأصل . واهتمت بقضية المرأة ، وترى أن المسرح اللبناني لا يزال يعتمد على كتاب مسرحيين ليس لديهم هاجس إثارة قضية المرأة ، على الرغم من أن البعض منهم عالجوا قضايا إنسانية تتعلق بقضية المرأة .
2 - المخرجة المسرحية اللبنانية نضال الأشقر *
    اختارت النصوص المسرحية التي تغوص في عمق الواقع السياسي والاجتماعي ، كما انها تناولت النصوص التي تهتم بقضية المرأة .
    في مسرحية (ثلاث نسوان طوال) المعدة عن مسرحية للكاتب المسرحي الامريكي (ادوارد البي) ركزت على علاقة المرأة مع جسدها ومعاناتها في ذلك . فالمسرحية تحكي قصة امرأة في الثانية والتسعين من عمرها ، شخصية معقدة ومهيمنة ومستبدة أحاطها (ألبي) بشخصيتين نسائيتين تمثلان تدرج حياة السيدة العجوز . أحداهما في السادسة والعشرين والأخرى في الثانية والخمسين من العمر . وهي تعبير عن مشاعر المرأة وإحساسها للحفاظ على شكلها وجمالها .
    أوحت المخرجة بان النسوة الثلاث هن امرأة واحدة (المرأة العجوز) ، وعند موتها في نهاية الفصل الأول ، تنهض من جديد على صورة الفتاة ذات السادسة والعشرين عاما ، ثم المرأة ذات الاثنتين والخمسين عاما . وركزت على فكرة الجسد من خلال علاقة المرأة بجسدها ، وذكرياتها المشبعة بالقمع الذي عاشته وخوفها من تلوث سمعتها . لذلك حافظت على فكرة النص الأساسية واقتبسته دون أن تتجاوزه تماما ، ودون أن تلتزم به التزاما تاما .(23)
    أما جماليات المنظر المسرحي في هذا العرض فتمثلت بجدار أزرق في الخلفية ينفتح على أفق غير محدد ليعبر عن رغبات التحرر والانطلاق ، وهنالك ثلاثة كراسي وضعتها المخرجة على خشبة المسرح ، احدهما خصص للمرأة العجوز ، ينفتح عندما تريد أن تجلس عليه وتمدد جسدها ، وضع هذا الكرسي في منطقة أعلى المسرح . وعلى يمين خشبة المسرح ويسارها وضعت ملابس وصور على الحائط وشاشة معلقة في عمق المسرح . وخلت خشبة المسرح من أية عناصر أخرى لا وظيفة لها .
    وعملت المخرجة على توظيف الإضاءة بشكل ينسجم وطبيعة العرض "... أحيانا تضيء دائرة حركة الشخصيات الثلاث دفعة واحدة ، فتبدو للمشاهد وكأنها تؤطر مكان كل شخصية وتسيجه لتفصله عن مكان الشخصية الأخرى ، مما يخلق مشهدا يتمتع بجمالية تعبيرية أخرى للدلالة على الشخصية التي تؤدي الدور ، ولتعزلها عن الشخصيات الأخرى . فضلا عن إنها استخدمت للتعبير عن الانتقال من حالة إلى أخرى . فعكست ألوانها على الكادر (الشاشة) المعلق في عمق الخشبة ... كما تنوعت مستويات الإضاءة وألوانها بين القوية والخافتة وبين الزرقاء والصفراء ، وذلك للإشارة إلى الحالات التي تعكسها المراحل العمرية " .(24)
    وارتدت النسوة الثلاث ثوب واحد لكل منهن ، لم يغيرنه طيلة العرض . ثوب من قماش الساتان ، اثنان منهما ألوانهما فاتحة ، والثالث يميل للسواد هو ثوب العجوز . واستخدمت هذه النسوة عباءات طويلة حين يجسدن دور المرأة العجوز .
3 - المخرجة المسرحية اللبنانية سهام ناصر *
    ارادت المخرجة (سهام ناصر) من خلال اختيارها للنصوص المسرحية أن تعبر عن العام والخاص ، وتعرض المشهد السياسي القائم المتمثل بانهزام الإنسان العربي ، وتعبر عن بؤس المرأة وتمردها الذي بلغ حد قتل الإحساس بالأمومة في داخلها ، وقتل أطفالها انتقاما من زوجها كما في مسرحية (ميديا) المعدة عن نص (جان انوي) .
    قامت المخرجة بحذف كثير من المشاهد ، وكثير من الحوارات التي تدور بين كريون وياسون . كما أحدثت بعض التغيير في النص بعد تفكيك بنيته وتشظيتها . وهذا ينسجم مع رؤيتها الإخراجية القائمة على التمرد والتغيير "لقد شظت شخصية ميديا إلى شخصيات عدة ، لكل واحدة منها دلالاتها النسوية المتمردة : وكانت إحدى هذه الشخصيات تقارع السلطة المتمثلة بالملك كريون ، الثانية تتمرد على السلطة الذكورية المتمثلة بالزوج جايسون ، أما الثالثة فكانت تلك التي ترفض الامومة التي تأسر المراة وتقيدها " .(25) ، لذا أرادت المخرجة من عملية التشظية ابراز موقفها من قضايا المراة الانسانية والواقعية التي تعاني منها في كل زمان ومكان .
    وفي عملية الاخراج ، جسدت (سهام ناصر) رؤيتها الإخراجية من خلال جماليات المنظر المسرحي ، ففي الديكور استخدمت القماش الأبيض والأحمر من اجل جمالية العرض ودراميته ، وعلى احد جوانب خشبة المسرح وضعت شاشة بيضاء لتؤدي أكثر من وظيفة ، فأحيانا تنعكس على جزء منها صور لخيال الظل التي تترأى من خلفها الشخصيات ، وهذه الشاشة أشبه بالمرآة الرمزية التي تشاهد من خلالها (ميديا) نفسها ، او يرى (ياسون) . وبدت بين الضوء والظلام . وكان للرقص الكيروغرافي الذي أدته إحدى الممثلات ، دلالته الملائمة مع تشظية شخصية (ميديا) . فظهرت (ميديا) القاتلة المتمردة وكأنها أفعى تتلوى في رقصها وحركاتها وفحيحها .
    لم تؤكد المخرجة (سهام ناصر) في عروضها المسرحية على معاناة المرأة فحسب ، إنما ركزت على معاناة الرجل أيضا . ففي مسرحية (الجيب السري) أجلست المرأة والرجل على مدرج وألبستهما زيا موحدا . وبدى شكل الرجل يتشابه مع المرأة ، ليس هناك اختلاف في الملامح أيضا ، الجميع متساوون في المعاناة والقهر ، نتيجة الحروب التي تدمر الإنسان .
4 - المخرجة المسرحية اللبنانية لينا ابيض *
    مع بداية عملها المسرحي في الجامعة اللبنانية الأمريكية عام 1981 ، وكان همها تجسيد فكرة العدالة والسلطة والحق للإنسان العربي المضطهد ، ولاسيما قضية المرأة . ففي مسرحية (منمنمات جزائرية) اعتمدت المخرجة الاتجاه التسجيلي في الإخراج ، ولجأت إلى نصوص نشرت في الصحف الفرنسية ، والصحف المحلية في لبنان ، واستعانت بما جاء في ملحق جريدة النهار اللبنانية ، ونص الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي (صمتهم يجيز الجريمة) وكذلك نص (الخوف من الذات) للكاتب عقل العويط .
    أما جماليات المنظر المسرحي في عرض (منمنمات جزائرية) فقد تمثل في تقسيم خشبة المسرح على مستويين : فالمستوى الاول هو المستوى الامامي ( اسفل المسرح ) وتجري فيــه
 الأحداث التي تعتمد على تفجير الذاكرة ، والبوح عن المستور ، انه مكان القتل والاغتيال . مكان أرادت منه المخرجة توريط المتلقي في هذه اللعبة . ويمثل هذا المستوى أيضا مكانا لتقاطع الأحداث وتداخلها . أما المستوى الثاني (أعلى المسرح) فقد تم تحديده بسياج حديدي دلالة على السجن والقبر والموت المجاني . وقسمت هذه المنطقة إلى منصتين : منصة الذاكرة /المدينة/الأحداث . ومنصة الموت /الدفن / القبور . وغطته بطبقة من الرمل لتقريبه من الواقع . ووضعت عليه شواهد على قبر فاطمة واحمد وحسن وغيرهم من الأسماء . في الوقت الذي يظهر فيه حفار القبور يحفر طوال فترة العرض تقريبا .
وعلى وفق المسرح التسجيلي الذي انتهجته المخرجة في هذا العرض ، ويستند على القصص والأخبار والصحف والمجلات .أرادت المخرجة أن تجسد ذلك بشخصيات تروي الأحداث ، فوزعت الممثلين على منصة الذاكرة كما يأتي : تجلس المدرسة على يسار جثث مكفنة . وفي أعلى المسرح تمسك امرأة بقضبان السياج الذي يفصل مكان العرض عن المقبرة . وتظهر شخصيات لا ملامح لها لتجسد المواقف ، شخصيات رواية تروي الأحداث ثم تجسدها في مشهد .
    يتضح من هذا العرض كثرة الشخصيات النسائية التي اعتمدتها المخرجة (لينا ابيض) وصورت واقع المرأة الجزائرية ، وحالة الرعب الذي يهدد مصيرها في كل لحظة ، مصير المرأة بكل أشكال معاناتها : "الأم الثكلى ، المرأة المغتصبة ، المرأة التي تسعى إلى إنقاذ زوجها بتهريبه ثم السعي إلى احتضان أولادها ، الأرملة التي تعيل عائلتها ، الأستاذة الجامعية السافرة ، المحجبة المغتالة ، أنها معاناة المرأة في مختلف أحوالها الاجتماعية " .(26) ، تكسو خشبة المسرح حزم ضوئية سلطت على حركة هذه الشخصيات التي تبدو وكأنها خارجة من مساحة ضاقت بكثرة الهموم وقسوتها .
المبحث الثالث
المخرجة المسرحية العراقية 
    ظهرت المخرجة المسرحية العراقية المحترفة ، بعد أن عملت في الفرقة القومية للتمثيل وجهات مسرحية رسمية أخرى . واختصت منهن بمسرح الطفل ، أمثال المخرجة منتهى محمد رحيم والمخرجة فاتن الجراح والمخرجة إقبال نعيم . ومنهن من اختصصن بمسرح الكبار أمثال المخرجة روناك شوقي والمخرجة احلام عرب والمخرجة عواطف نعيم .وما يهمنا في هذا البحث هو تناول المنظر المسرحي في مسرح الكبار على يد ابرز المخرجات اللواتي رفدن المسرح العراقي بنتاجاتهن سواء في داخل العراق أم خارجه .
1 - المخرجة المسرحية العراقية روناك شوقي *  
    تعد (روناك شوقي) من المخرجات العراقيات المغتربات ، نتيجة الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد . وتناولت في عروضها موضوع الغربة والاغتراب والدكتاتورية . اعتمدت المخرجة في عروضها المسرحية على قطع ديكورية خفيفة الحمل والنقل والتغيير ، فضلا عن اعتمادها على أجساد الممثلين لتقوم مقام الديكور المسرحي أحيانا ، ففي مسرحية (وحشة .. وقصص أخرى) اعتمد المنظر المسرحي على كالوس وضع في خلفية المسرح ، مرسوم عليه شكل تجريدي لقباب متعددة تدل على مجموعة القصص التي تضمنها العرض المسرحي . وعلى جانبي خشبة المسرح كالوسين صغيرين يعملان على إخفاء الممثلين حين دخولهم وخروجهم . وقسمت المخرجة خشبة المسرح على ثلاث مناطق . في منطقة أسفل يسار المسرح بيت لامرأة فقيرة تمتهن الخياطة عبرت عنه بقطع ملابس معلقة على الجدار الأيسر للمسرح ، وقطعة قماش من التول البيض ملقاة على أرضية المسرح ، ومكعب خشبي بوصفه كرسي للجلوس ، خلفه إطار يرمز لشباك تغلفه ستارة بيضاء .
    في منطقة يمين المسرح ، مكعب خشبي (كرسي للجلوس) ومكعبين احدهما فوق الآخر (منضدة للكتابة) ، وخلفها سرير للنوم يرمز لغرفة الشاب . وفي منطقة أعلى وسط المسرح مقعد للجلوس  ومكعب خشبي وطبلة مرتفعة وضع عليها شمعدان بشمعتين تمثل المطعم أو الحانة . وتتغير هذه القطع الديكورية البسيطة بتغير المشاهد .(27)
    واستعاضت المخرجة عن عربة مسافرين يجرها الحصان ، بان جعلت إحدى الممثلات تقوم بدور الحصان ، ثم يأتي خلفها الحوذي ويجلس على مكعب خشبي وبيده اللجام ، وبعده يجلس المسافر على مكعبين خشبيين احدهما فوق الآخر ، وهم جميعا يتمايلون تعبيرا عن حركة العربة.
    وفي مسرحية (شهرزاد) : "... اختارت الفرجة شبه الدائرية ووزعت المشاهدين على ثلاث جهات، واعتمدت شكل الحلقة الشعبية في التواصل مع المتلقي من خلال السرد وتقطيع الأحداث فبدت المشاهد وكأنها لوحات شعبية معروفة .. " .**
    ويعد التغيير في شكل المسرح وسيلة هامة من وسائل المخرجة في جذب اهتمام الجمهور لحكايات شهرزاد التي يعرفها الجمهور . فضلا عن ان المسرح شبه الدائري لا يحتاج إلى قطع ديكور ضخمة أو مرتفعة قد تحجب الممثلين .
    واعتمدت المخرجة في مسرحية (عندما تهوى الملائكة) على المشاهد البصرية التعبيرية لإيصال بعض الرسائل الإيمائية للمتلقي ، والتي عبرت فيها عن المصير المأساوي لشريحة المثقفين .(28)
2  - المخرجة المسرحية العراقية أحلام عرب *
    ترى المخرجة أحلام عرب إن تجاربها المسرحية هي مزج بين المدرسة البرختية والستانسلافسكية والمسرح الفقير ،لذلك اعتمدت على الفضاءات المسرحية المفتقرة لقطع الديكور الضخمة . ففي مسرحية (ديمقراطية ونص) التي قدمتها في لندن ، استخدمت ستة صناديق وبمستويات مختلفة لتشكيل المقهى والبيت وقدور الطبخ وغيرها من مشاهد العرض . أما في مسرحية (أيام الأسبوع الثمانية) فالمسرح كان خاليا من قطع الديكور عدا شاشة وضعت في خلفية المسرح ، تعرض عليها الحالات المطلوبة ، كتكوين النجوم والثلوج فضلا عن بعض الدلالات على المسرح . لذا تكمن جماليات المنظر المسرحي عندها في استخدامها الفضاءات شبه العارية وجسد الممثل .
    أما الألوان المستخدمة في عروضها سواءا في الديكور أو الأزياء أو الإكسسوارات فتعتمد على نوع المسرحية . لكن الألوان الزاهية هي السمة البارزة في كل مفردات العمل لتاثيرها الايجابي في تفسير العمل وإيصاله بسلاسة . تقول : " ... وبشكل عام اميل للايجاب والتفائل حتى في الكوميديا السوداء والأعمال التراجيدية . اذكر اني أخرجت مشهدا من مسرحية (في انتظار جودو) علقت وردة حمراء زاهية في الشجرة الجرداء . أخذها لاكي وخرج بعد حواره العبثي الطويل . كنا طلبة معهد ، واعترض احد الطلبة انذاك كون المسرحية عبثية ، ولكن وجهة نظري كانت ايجابية ومختلفة " .(29)
    والمخرجة أحلام عرب لا تؤمن بالمسرح النسوي الذي يحاول أن يستقل عن الرجل والمرأة والرجل تراهما مكملان لبعضهما في كافة المجالات ، المهم عندها هو العرض المسرحي .
3 - المخرجة المسرحية العراقية عواطف نعيم *
    ترى المخرجة عواطف نعيم إن الإخراج المسرحي تنظيم جمالي وفكري في كل ما يظهر على خشبة المسرح . وهو عملية تكاملية تجمع الجمهور مع الخشبة بتناغم وموازنة ووعي يحفز الجانب البصري قبل أن يحفز الجانب السمعي لدى المتفرج .
    وعن عملية الإخراج المسرحي تقول : " بالنسبة لي هو القراءة الجديدة للنص المسرحي من خلال تفعيل وتشغيل منظومة العرض البصرية والسمعية على الخشبة والتي يعد الأداء الدرامي أهم عناصرها " . (30)
    أما النصوص التي تختارها فتكون من تأليفها أو إعدادها ، معتمدة في فهمها ووعيها على ما يدور من إحداث . تقول : " هناك الكثير من الأحداث الدرامية التي تفوق التصور تدور حولي . وعلي ان التقط منها ما يصلح لان يكون عرضا مسرحيا فيه الفكرة وفيه تأشير لمرحلة من تاريخ الوطن ، وفيه ايضا خلود العمل وإمكانية تقديمه في أي مكان وفي أي زمان ، لان الأعمال التي تلامس هموم الناس وأوجاعها وتنافس مشاكلهم وأحلامهم بفهم واعي ورؤى فلسفية عالية تمتلك القدرة على الحياة " .(31)
    وتجد في النصوص المسرحية العالمية التي اعدتها إعادة قراءة وتوظيف لهذا  الزمن المعاصر بكل ما فيه من اضطراب وتصادم في المواقف والارادات ، والقراءة تأتي لإنتاج معنى جديد ، فيه تأويل وفيه إسقاط .(32) ، مثل مسرحية (الصامتات) المعدة عن مسرحية (الخادمات) لجان جينيه . ومسرحية (دائرة العشق البغدادية) المعدة عن (دائرة الطباشير القوقازية) لبريخت ، ومسرحية (نساء لوركا) المعدة عن خمس مسرحيات للوركا ، ومسرحية (برلمان النساء) المعدة عن ارستوفانيس ، وغيرها من النصوص الأخرى .  
    إن طريقة عملها مع الممثل تعتمد على منح القراءة للنص الوقت الكثير لفك شفرات النص ومعرفة مغاليقه ، وتحليل الشخصيات وتوضيح الأفعال . ثم بعد ذلك الانطلاق للتحرك على الخشبة ، على وفق ميزانسين مدروس . وفي أحيان أخرى ، وبعد قطع مراحل من بناء العرض على الخشبة تعود الى قراءة النص ثانية ، لمعرفة مدى الفهم والتقارب في الانجاز بين القراءة التحليلية للنص ، والبناء المشهدي للعرض . 
    عملت المخرجة عواطف نعيم مع ممثلين محترفين ، كما عملت مع ممثلين هواة ، وترى ان لكل منهم ميزته . فالمحترف لديه القدرة على تكثيف العمل والانجاز بحكم الخبرة والدربة ، ولديه الفهم والوعي للتناغم مع الرؤى والأفكار التي تسعى إلى تجسيدها من خلال العرض المسرحي . أما الهاوي فيمتلك الحماسة والشغف ، ويصغي جيدا لكي ينجز ، ويمتلك طاقة أدائية خلاقة . وهي تحب العمل مع الاثنين ما داما يحققان ما تسعى إليه .(33) 
    أما أماكن العرض التي قدمت عليها عروضها ، ففي كل أنواع المسارح التي تتاح العمل فيها : مسرح العلبة ، الفضاء المفتوح ، الكاليري ، المعمار الأثري ، وذلك بحكم مشاركاتها في مهرجانات لدول متعددة في ألمانيا وهولندا وتونس والمغرب والجزائر ومصر والأردن والشارقة . لذا عليها ان تبتكر للعرض وسائل تواصله من خلال محاورة الفضاء الذي يحل فيه ، وتذليل سلطة المكان . وهذه هي مهمتها بوصفها مخرجة وقائدة للعمل .
    ساهمت المخرجة في وضع تصاميم المنظر المسرحي لأغلب عروضها المسرحية فهي ترسمها على الورق وتحاول الاستعانة بمن يقوم بالتعاون معها لتصبح مكتملة وقادرة على أداء مهماتها الوظيفية . وقد تضع اسما إلى جانب اسمها . وفي أحيان كثيرة لا تضع اسمها . وتحرص أن يحتوي المنظر المسرحي دلالات تكثيفية وجمالية وتهتم بأناقة الفضاء المسرحي كثيرا ، لان المسرح جمال تلعب فيه الصور الدور الكبير في خلق التأثير الدلالي معنى وتعبيرا . في مسرحية (نساء لوركا) كان تصميم المنظر المسرحي يتمثل بـ"" ... ثلاث قطع رئيسة هي التابوت والملابس النسائية السوداء والأشرطة البيض المدلاة من السقف ، لتستحم هذه المكونات المختزلة في فضاء البيت المغلق والمظلم إلا من بقع إنارة معبرة بوضوح عن حجم الحرية فيه . فقد أعطي لصندوق الملابس الكبير قيمة أخرى عندما حولته النساء إلى تابوت . فقيمة أي فن تكمن في البحث عن الأشياء الموجودة لتحويلها الى معنى آخر . وهو ما جعل صندوق الملابس تابوتا لبرناردا . فالتجريد في الفن يتلائم وسياق عرض مكثف . وعبر المصمم بالملابس السود لما يرتديه العراق اليوم من مظاهر حزينة " .(34)
    وترى المخرجة عواطف نعيم أن (الإضاءة) إحدى عناصر العرض المسرحي المهمة ، لأنها الوسيلة لمعرفة التحولات والتغيرات الزمانية والنفسية والجمالية . فالإضاءة جزء من المنظر المسرحي ويعملان معا لعكس الحالات وتقديمها . وتشترط في الإضاءة إن تكون بليغة ومعبرة وبعيدة عن الثرثرة . لذلك تعهد بها إلى شخص مختص ، صاحب رؤية فنية وجمالية وقادر على ان يعمل معها على وفق الصورة البصرية التي تتيخيلها ، وعلى وفق الأجواء التي تسعى إلى تجسيدها داخل بنية العرض المسرحي وتركيبته المشهدية .
   كذلك الأزياء والمكياج والإكسسوارات تراها عناصر مهمة للشخصية المسرحية لتكتمل بكل إبعادها وتكون مؤثرة ومقنعة . لأنها جزء مهم من المنظر المسرحي تقول : " اختيار  الزي والمكياج والإكسسوارات لكل شخصية لونا ونسيجا وطريقة عمل ، مهمة أتابعها بحرص مع المصمم الذي يعمل معي . واحرص بشدة على أن أكون مشرفة على ما ينفذ وأدعو الممثلين إلى تجربة الزي والمكياج للتعرف على تأثير ذلك على ما يحيط بالممثل داخل فضاء العرض المسرحي ولاسيما مع السينوغرافيا " .(35)
    والموسيقى أيضا يتم اختيارها وتنفيذها على وفق الرؤية الفنية للمخرجة مع مراعاة وحدة الموضوع . فلا يمكن خلط الموسيقى العالمية مع الموسيقى الشعبية أو ذات الخصوصية البيئية، بوصف الموسيقى عنصرا من عناصر العرض المسرحي التعبيرية والدالة للحالات المختلفة . وتستخدمها لخلق حالة التحول والتغيير والانتقال .
    والمخرجة عواطف نعيم لا تضع مسبقا أسلوبا معينا او منهجا معينا تعتمده في إخراجها، بل إن التجربة والبحث والابتكار الأساس في عملها . فالمسرح الحديث ما عاد يتمسك بالية اشتغال تقليدية ، بل هناك كسر لكل ما هو مألوف ومعتاد في فضاء الخشبة ، لان ميزة المسرح انه متجدد وقادر على الاستيعاب والتناغم مع كل متغيرات الحياة وتطوراتها ، تقول : " الإخراج ليس مسطرة يضعها المخرج لنفسه ولا يخرج عنها ، بل هو اكتشاف وفك مغاليق والتعرف إلى عوالم فيها من الجمال والفن والدلالة ما يجعل من التمارين اليومية ممتعة ومحفزة ، ولاسيما حين يكون العمل مع ممثلين مجتهدين " . وتفضل الخطوط المنحنية والخطوط المائلة في حركة الممثل طالما أنها تأتي من بواعث نفسية وجمالية ومغنية ، ومن أجواء العرض المسرحي في تحولاته المكانية والزمانية .  
    وللون دلالاته أيضا ، وله قيم جمالية ، لذا حين تستخدمه لابد من مراعاة الجوانب النفسية والطبيعية والجمالية للشخصيات داخل بنية العرض المسرحي . ولا تعمد إلى استخدام اللون بوصفه حالة تزويقية زائدة ، فكل ما على المسرح لا بد أن يكون مدروسا وله وظيفته وله معناه .
    أخرجت عواطف نعيم عروضا مسرحية ممثلوها من النسوة وتخلو من العنصر الرجالي مثل مسرحية (بيت الأحزان) و (نساء لوركا) و (الصامتات) ، وطرحت معاناة المرأة العراقية ومعاناة الوطن . فعن مسرحية (نساء لوركا) تقول المخرجة : " ترتكز هذه المسرحية على الوضعية الراهنة للنساء العراقيات في بلد محتل يحكمه الإرهاب والعنف .(37) ، وفي مسرحية (الصامتات) طرحت فكرة المرأة العراقية المهمشة والمست والمقصية والتي منعت من نيل حقوقها، تقول : "الصامتات هي صرخة احتجاج لان يكون الإنسان سيد نفسه ، وان تكون المرأة سيدة نفسها ، وإذا أصبحت سيدة نفسها وامتلكت حريتها ستكون قادرة على أن تحرر الآخرين ".(38)
المؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري :
1. رفضت المخرجة المسرحية العالمية فكرة بناية المسرح التقليدي ، وقدمت أعمالها في أماكن عرض غير تقليدية .
2. اعتمدت بعض المخرجات على الارتجال ، وقدمت عروضا مسرحية دون نص مكتوب (سكربت) مثل المخرجة (جوديث مالينا) .
3. عملت بعض المخرجات على إشراك الجمهور في العرض المسرحي دون علمه وهو ما يطلق عليه (توريط الجمهور) .
4. اعتمدت بعض المخرجات على جوانب من عروض السيرك وعروض المهرجين والأفلام الإخبارية القصيرة وعروض مسرح المنوعات (الميوزيك هول) والشرائح الملونة .
5. سعت المخرجة إلى إشراك الممثل في كتابة النص المسرحي وإعداده ، مثل المخرجة (اريان منوشكين) والمخرجة (جون ليتلوود) . 
6. انتمت بعض المخرجات العربيات إلى تنظيمات سياسية وراحت تختار العروض المسرحية التي تغوص في عمق الواقع السياسي والاجتماعي ، فضلا عن اهتمامها بقضية المرأة .
7. تميز المنظر المسرحي عند المخرجة العربية بالاعتماد على الرمز واستخدام الشاشات المعلقة .
8. تميزت الإضاءة المسرحية بجمالية تعبيرية ورمزية ، مما ساهم في تعزيز جماليات المنظر المسرحي .
9. اهتمت المخرجة العربية بالتأكيد على جسد الممثلة بوصفه حامل علامات وذات دلالات تعبيرية واجتماعية وفكرية تعبر به عن النص .
10. اعتمدت المخرجة العربية على أنواع متعددة من الاتجاهات الإخراجية ، منها الملحمية والتسجيلية فضلا عن الواقعية ، ما انعكس على جماليات وأسلوبية المنظر المسرحي .
11. اختارت المخرجة المسرحية العراقية الرمز للتعبير عن كثير من الحالات ، فضلا عن الواقعية الرمزوية، ما أضفى جمالية للمنظر المسرحي .
12. اهتمت المخرجة العراقية بقضية المرأة والظلم الواقع عليها من تهميش واستلاب وإقصاء.
13. اهتمت المخرجة العراقية بقضية الوطن وما آل إليه الحال بعد الاحتلال .
الفصل الثالث
إجراءات البحث
مجتمع البحث : 
ضم مجتمع البحث خمس مسرحيات للمخرجة عواطف نعيم بين الأعوام 2010-2013 وكما في الجدول الآتي :
ت اسم المسرحية المؤلف المخرجة سنة العرض 
1 حلم مسعود إعداد عواطف نعيم عن قصة كلب الجنرال لتشيكوف عواطف نعيم 2010
2 جنون الحمائم إعداد عن مسرحية (سوء التفاهم) لالبير كامي عواطف نعيم 2010
3 أنا في الظلمة ابحث عواطف نعيم عواطف نعيم 2011 (إعادة عرض)
4 أنا والعذاب وهواك عواطف نعيم عواطف نعيم 2013
5 الصامتات إعداد عواطف نعيم عن مسرحية الخادمات لجان جينيه عواطف نعيم 2013
عينة البحث : تم اعتماد عرض مسرحية (جنون الحمائم) عينة للبحث للأسباب الآتية :
1. تسنى للباحث مشاهدة العرض المسرحي .
2. توفر المصادر الأرشيفية لهذا العرض عينة البحث .
طريقة تحليل عينة البحث : استخدم الباحث طريقة تحليل المحتوى من خلال هدف البحث وما تمخض عن الإطار النظري من معايير في الجوانب الآتية : 
1. درجة التقييد بالنص المسرحي .
2. طريقة التعامل مع الممثل .
3. تعامل المخرجة مع الفضاء المسرحي .
4. كيفية تقسيم خشبة المسرح .
5. مكونات المنظر المسرحي المستخدم .
6. كيفية تجسيد القيم الزمانية والمكانية .
7. طريقة استخدام الإضاءة .
8. الأزياء والإكسسوارات وعلاقتها بالمنظر المسرحي .
9. طبيعة الخطوط المستخدمة في تصميم المنظر المسرحي .
10. تحقق مراكز السيادة في المنظر المسرحي .
11. طريقة استخدام الألوان في المنظر المسرحي .
مسرحية : جنون الحمائم 
إعداد وإخراج : عواطف نعيم 
سينوغرافيا العرض : عواطف نعيم وعلي محمود السوداني 
    تحكي مسرحية (جنون الحمائم) قصة عائلة عراقية تتألف من ألام (فاطمة الربيعي) والأب (عزيز خيون) والابنة (عواطف نعيم) التي تتعرض إلى الاغتصاب ، وتعيش في حالة سيئة ، وتقرر العائلة أن تنتقم من كل زائر يبيت في نزلهم الموجود في منتصف الطريق ، بان يقدم له الشاي المسموم . إلى أن يأتي شاب (كاظم القريشي) يحمل بيده اله عود موسيقية وحقيبة سفر . يدخل من الصالة بعد أن ينزل إليه الأب ليستقبله . يعلن الشاب عن فرحته لوصوله إلى هذا المكان بعد غربة دامت أكثر من عشرين عاما ، وهو عائد إلى أهله دون إن يخبرهم انه ابنهم الغائب الذي يفتقدونه . تطلب الابنة منه إذا كان يود شرب قدح من الشاي ، فيوافق على الفور . وفي هذه الأثناء تخبره الأم أنها فقدت ولدها منذ زمن ، ولم تعرف السعادة منذ ذلك الوقت . يقترب منها الشاب ويسألها إذا كانت تحب أن يغني لها .
    وفيما هو يحاول الغناء تدخل الفتاة وهي تحمل قدح الشاي المسموم وتقدمه إليه . يشرب الشاي رشفة بعد رشفة إلى أن ينتهي منه . هنا يبدأ بإلقاء كلمات الغنية التي كانت أمه تغنيها له وهو طفل ، والسم يسري في جسده ، وآلام السم تبدأ تشل حركاته ، تنتبه الأم إلى الكلمات بذهول وتكمل كلمات الأغنية التي تحفظها عن ظهر قلب ، وتعرف انه ابنها الذي غاب عنها عشرون عاما . يسقط الشاب بعدها ميتا على مقدمة الكرسي . وهنا يجن جنون الأم وتلعن نفسها وتلعن الأم التي لم تتعرف على ابنها بإحساسها الطبيعي . في إشارة من المخرجة إلى أن الحروب تحجر مشاعر الإنسان وتجعله يفقد الإحساس بأقرب الناس إليه .
    أرادت المخرجة (عواطف نعيم) أن توصل لنا فكرة معاناة الإنسان في الحرب ، وان الخسارة في الحرب هي خسارة الإنسان ألبريء المسالم الذي يحلم بالأمان ، وان الحرب لا رابح فيها ، الكل خاسر ، خسارة في الدماء وخسارة في الأرواح ، وخسارة للأبناء الذين يدفعون ثمن هذه الحروب ، أرادت ان تقول للعراقيين : ازرعوا المحبة بينكم واصنعوا مصيركم بأنفسكم ، ولا تدعوا أحدا ينوب عنكم أو يستغلكم .(39)
    اعتمدت المخرجة هذا النص عن مسرحية (سوء التفاهم) للكاتب (البيركامي)* ، المكونة من ثلاث فصول ، فجعلتها فصلا واحدا . واختزلت الشخصيات من خمس شخصيات إلى أربع، بعد أن ألغت شخصية (ماريا) زوجة الابن (يان) . كما أنها غيرت في فكرة المسرحية ، فبعد أن كانت شخصيتا الأم وابنتها (مارتا) تقتلان من اجل كسب المال والهرب من مكانها النائي الموحش المظلم ، إلى مدينة تسطع عليها الشمس قريبة من الساحل ، تتمتع بالدفء ليشعران بالسعادة التي افتقدتاها منذ زمن بعيد . صارت هاتان الشخصيتان في مسرحية (جنون الحمائم) تقتلان من اجل ألثار والانتقام ، بعد ان اغتصب الابنة من قبل الجنود الأمريكان أثناء الحرب وجعلت المخرجة فكرة المسرحية تدور حول الأحداث التي في العراق تحت ظل الاحتلال الأمريكي ، وقدمتها بقراءة عراقية وبأداء عراقي وبجراح وأوجاع عراقية . ثم قامت بتحويل دور (الخادم) الذي لا يتكلم إلا قليلا في مسرحية (سوء التفاهم) إلى دور الأب الذي يساهم في دفن القتلى .
    واعتمدت المخرجة في إنشاء منظرها المسرحي في عرض مسرحية (جنون الحمائم) على  فكرة القتل ، تلك الفكرة او الثيمة التي عرفتها البشرية في اول خصام بين طرفين ينتهي بالقتل . قتل قابيل لاخيه هابيل . ولان هذه الفكرة لها تاريخها البعيد . فقد استجابت المخرجة لذلك في رؤيتها لتأثيث الفضاء عبر المنظر المسرحي .
    أما عن المنظر المسرحي ، فلم تلجا المخرجة إلى تقسيم خشبة المسرح على مناطق متعددة ، إنما ارتأت أن جمالية المنظر في هذا العرض تقتضي إبقاءها منطقة واحدة . وجعلت كل خشبة المسرح مفتوحة ومشاهدة من قبل الجمهور . واستخدمت ديكورا بسيطا جدا ، تمثل في كرسي ضخم مصنوع من الخشب الطبيعي خشن الملمس ذو مسندين ، غلفته بنايلون شفاف ، يتحرك على عجلات ليسهل تحريكه من مكان إلى آخر . تجلس عليه (الأم) غليظة القلب التي ماتت مشاعرها منذ زمن بعيد , ورمزت بهذا الكرسي الذي يحتل وسط وسط المسرح ويشكل بؤرة المنظر المسرحي إلى السلطة التي غالبا ما يتصارع من اجلها المتنافسون ويذهب ضحيتها الانسان البريء الذي يحلم بالأمان . ونتيجة هذا الصراع ، نجد أن ارض هذا النزل (الفندق) الذي رمزت به للعراق ، قد امتلأت بجثث القتلى الذين قتلتهم الأم والابنة ، ويقوم الأب بدفنهم . وهذا ما نشاهده مع بداية العرض المسرحي ، حيث يبدأ العرض بآهات حزينة تنطلق عل شكل غناء اقرب إلى المقام العراقي ، دلالة على أن هذا الحدث يدور في العراق . وفي جو تسوده الظلمة الا قليلا من الإضاءة الزرقاء الخافتة التي تصدر من جهة يمين المسرح ، يرافقها ضباب ينطلق بين فترة وأخرى يزيد الجو غموضا . نشاهد الأب يدخل ويخرج مسرعا وهو يحمل عدة الحفر والدفن . فنراه مرة يدخل وبيده مجرفة (كرك) ثم يخرج . وثانية يدخل وبيده (زنبيل من الخوص) لحمل الترب ثم يخرج ، وثالثة يدخل وبيده فأس للحفر ، ورابعة يدخل وهو يحمل جثة بكفن ابيض يحتار أين يدفنها من كثرة القتلى .
    الجزء الآخر من الديكور هو ثلاث دكات دائرية وضعت في مناطق تحيط بالكرسي الكبير ، لها وظيفتان ، الأولى جلوس الشخصيات ، والثانية توحي أنها براميل نفط أو أبار نفط تملا ارض العراق ، وبدلا من ان تعود بالخير العميم لشعب العراق ، صارت وبالا عليه . واستقدمت جيوش الدول الأجنبية لاحتلاله . وما مر به البلد بعد الاحتلال كان أقسى وأمر .
    ولما كان المنظر المسرحي يتشكل من قطع غاية في البساطة والاختزال ، نتج عنه فراغا كبيرا ، وصار عنصر الفراغ يهيمن على خشبة المسرح . ليدل على المتاهة التي تعيش فيها البلاد . من جانب آخر ، أن هذا الفارغ الكبير دعا مصمم الإضاءة إلى استخدام الإضاءة المركزة (البقع الضوئية) للتأكيد على الشخصيات فقط وإغراق المساحة المتبقية في الظلام . أن الاختزال الجمالي في المنظر يناظر دواخل الشخوص في شعورها بالتيه . وفي وجودها الخارج عن قيم الإنسان .
    ولإضفاء جمالية خاصة على المنظر المسرحي ، استثمرت المخرجة الإضاءة المسرحية، وخلقت ديكورا ضوئيا تمثل في رسم أشكال القبور المقوسة على الجدار الخلفي للمسرح دلالة على كثرة القتلى وكثرة القبور في هذا البلد .
    كما وضعت بالقرب من الجدار الخلفي للمسرح عشرة أجهزة تصدر منها حزم ضوئية إلى الاعلى تشير إلى الأرواح البريئة التي تزهق كل يوم ظلما وعدوانا . وتوحي إلى الأمل في انفتاح الإنسان على تجاوز فعل الاعتداء على الإنسان عبر فتح أفق للأمل والانسجام في مجتمع متآخي .
    وفي نهاية العرض أنزلت المخرجة بواسطة الهيرسات من سقف المسرح خمسة عشر كفنا ، مضاءة من الداخل تتلون على وفق ضرورات الحدث ، رمزت إلى أرواح القتلى الشهداء المعلقة ما بين السماء والأرض ، الذين قضوا ضحايا التفجيرات والاغتيالات والحروب .
    أما جماليات الأزياء فتمثلت في زي الأم التي كانت ترتدي ثوبا اسودا دلالة على الحزن العميق الذي يلف هذه الشخصية ، فضلا عن حقدها وكراهيتها للآخرين . وجعلت المخرجة شخصية الأب يرتدي معطفا اسودا ، وحذاء عسكري (بسطال) دلالة على انه يمثل الجيش العراقي الذي لم يستطع الدفاع عن ابنته عندما تم اغتصابها ، لذلك تتهمه ابنته بالجبن والتخاذل وتبصق عليه وتتبرا منه ، وتطلب منه أن لا يدعوها (ابنته) . وهو يدل على أن هذا الرجل العسكري كما تراه المخرجة ، قد فقد الرجولة والنخوة والغيرة على عرضه ، ولم يستطع أن يدافع عن أبناء وطنه .(40)
  وارتدت (الابنة) ثوب بقطعتين مزقته وهي في حالة من الهيستيريا ونوبة من الهذيان ، محاولة الانتحار ، بعد تذكرها حالة الاعتضاب التي مرت بها في السجن .
    أما الإكسسوارات فتمثلت في أدوات الحفر والدفن التي استخدمها الأب (المجرفة والفأس والزنبيل وجثة ملفوفة بقماش ابيض مع قداحة وسيكارة) . و(قدح الشاي المسموم) الذي قدمته الابنة للشاب . و(آلة العود والحقيبة) التي كان يحملها الشاب عند دخوله النزل (الفندق) . وأخيرا (الأكفان البيضاء) المعلقة بواسطة الهيرسات في فضاء خشبة المسرح ، التي زادت من جمالية المنظر . وكان لها اثر كبير على جمالية المنظر المسرحي .
    واستخدمت المخرجة الموسيقى العراقية ، ومن البيئة المحلية العراقية . فمع بداية العرض المسرحي يسمع صوت طبول وصنوج . ثم عند ظهور الابنة لأول مرة عندما تحاور الأب ، يسمع صوت (السنطور) وهو من الات الجالغي البغدادي . ثم يسمع صوت (الجوزة) بعد صراخ الفتاة واستنكارها حالة الاختصاب . ثم يعود صوت (السنطور) قبل دخول الشاب لأول مرة إلى النزل (الفندق) ، والمدائح النبوية على آلة الدف التي ينتهي بها العرض المسرحي والتي تهدف إلى استثارة الجمهور وحثهم على الدفاع عن الوطن والحفاظ عليه وعلى كرامته .
    وأخيراً فان فضاء عرض مسرحية (جنون الحمائم) قام على الترشيد والاختزال في منظره المسرحي ليبدو الفضاء مفتوحا على اللحظة التاريخية التي حدثت فيها جريمة القتل . وهو فضاء لم تظهر معالمه او علاماته واضحة . ألا انه حدث في فضاء يتسم بانعدام جزيئات المكان وهو ما سعت اليه المخرجة (عواطف نعيم) في قراءتها لفكرة القتل وعشوائيته في المسرحية ، وفي حقبة تاريخية حرجة من تاريخ العراق ،حين تتحالف (الأم) و(البنت) في قتل (الابن) دون مبرر وهو فعل أكثر تعبيرا عن اضطراب الإنسان في زمن الطمع المادي والحياتي .
الفصل الرابع
النتائج
1. اعتمدت المخرجة عاطف نعيم في هذا العرض على نص أعدته عن مسرحية (سوء التفاهم) للكاتب البيركامي ، وعملت على تغيير فكرة المسرحية من قتل لكسب المال ، إلى القتل من اجل الثار والانتقام .
2. ارتأت أن تكون خشبة المسرح منطقة واحدة مفتوحة على الرغم من قلة عدد الشخصيات التي لم تتجاوز الأربعة . ومساحة خشبة المسرح الواسعة . مما خلق فراغا كبيرا . 
3. استخدمت المخرجة ديكورا بسيطا تمثل في كرسي كبير ذي مسندين وثلاثة دكات دائرية . مع أكفان معلقة في فضاء خشبة المسرح تظهر في نهاية العرض المسرحي .
4. استخدمت اللون الطبيعي لخشب الكرسي الخشن الملمس .
5. صار الكرسي هو مركز البؤرة الثابت للمنظر المسرحي .
6. المنظر المسرحي لم يتقيد بالزمان والمكان . فهو قابل للتأويل .
7. اعتمدت المخرجة الخطوط المنحنية في تجسيد القيم الحركية للشخصيات .
8. منطقة التمثيل لم تقتصر على خشبة المسرح . بل اشتركت الصالة أيضا ، حيث جعلت الشاب يدخل من الصالة الى خشبة المسرح عند دخوله لأول مرة .
9. اعتمدت الإضاءة المركزة من الأعلى إلى الأسفل ، فضلا عن الحزم الضوئية المسلطة من الأسفل إلى الأعلى . واستخدام الإضاءة داخل الأكفان الفارغة المعلقة في فضاء خشبة المسرح .
10. جلب انتباه الجمهور واستحضاره للعرض المسرحي بشكل مسبق من خلال المثيرات السمعية (صوت الآهات ، الطبول ، الصنوج) والبصرية (حركة الأب السريعة والدءوبة ذهابا وإيابا في حمل عدة الحفر والدفن ثم حمل الجثث) .
11. استخدمت اللون الطبيعي لخشب الكرسي الخشن الملمس دلالة على قساوة وصرامة السلطة. 
12. اعتماد المنظر المسرحي على الضبابية في الأحداث من خلال الاستعانة بجهاز خاص لذلك.
13. جمعت المخرجة بين مناهج إخراجية متعددة لإخراج هذا العرض المسرحي، منها: الواقعية، الرمزية، الملحمية.
14. جعلت من الأكفان المعلقة في فضاء المسرح والمنبثقة من داخلها الإضاءة الملونة، شخوصا إضافية في العرض المسرحي، وشواهد على جرائم القتل التي ترتكب.
الاستنتاجات: 
1. اعتمدت المخرجة المسرحية عواطف نعيم على إعداد مسرحيات لمؤلفين عالميين مرت بلدانهم بالظروف نفسها التي مر ويمر بها العراق. واعتمدوا على قصص وحكايات حدثت أثناء الحروب، وقدمت من اجل العبرة والموعظة للشعوب .
2. أن اعتماد المخرجة المسرحية على نصوص من المسرح العالمي واعدادها، نابع عن اعتقادها أن هذه النصوص صارت ملكا للجميع وليس لأصحابها الأصليين فقط . ومن حق الجميع التصرف بها.
3. استفادت المخرجة المسرحية من خبرات المخرج المسرحي (الرجل) وأبدعت في هذا المجال.
4. استعانت المخرجة المسرحية بمصممي المناظر المسرحية من الرجال في أحيان كثيرة لتخصصهم بذلك.
5. كان للمخرجة المسرحية العراقية بصمات واضحة على جماليات المنظر المسرحي، حيث إنها تعنى كثيرا في تفاصيل المنظر المسرحي وألوانه.
6. جمعت المخرجة بين خشبة المسرح والصالة واعتبارها منطقة تمثيل واحدة من اجل توريط الجمهور واعتباره جزءا من العرض. وان الأحداث التي تدور في العرض تهمه أيضا.
7. أرادت المخرجة من عدم توزيع خشبة المسرح إلى مناطق متعددة أن تسقط ذلك على الواقع السياسي للبلد. وان تقول إن العراق واحد موحد غير قابل للتجزئة.
8. اعتمدت المخرجة المسرحية على مناهج إخراجية متعددة في العرض المسرحي الواحد، لاعتقادها أن ليس هناك فواصل تفصل بين اتجاه وأخر، بسبب طغيان موجة التجريب على المسرح .
9. جعلت من الأكفان المعلقة في فضاء المسرح والمضاءة من الداخل شخوصا إضافية في العرض المسرحي بوصفهم شهداء ينيرون طريق الشعوب .
وهذا يعد من جماليات المنظر المسرحي المتميزة للمخرجة عواطف نعيم .

هوامش البحث ومصادره :
-----------------------------------
(1) لويس معلوف ، المنجد في اللغة ، ط15 (بيروت :      ، 1965) ص99 .
(2) ر. ف . جونسون ، الجمالية ، تر : عبد الواحد لؤلؤة (بغداد : موسوعة المصطلح النقدي، منشورات وزارة الثقافة والفنون ، 1978)ص100.
(3) أميرة حلمي مطر ، فلسفة الجمال من أفلاطون إلى سارتر (القاهرة : دار الثقافة للطباعة والنشر ، 1974) ص44.
(4) رواية عبد المنعم عباس ، القيم الجمالية (الإسكندرية : دار المعرفة الجامعية ،1987)ص57.
(5) ر.ف. جونسون ، الجمالية ، مصدر سابق ، ص10 .
(6) إبراهيم حمادة . معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية (القاهرة ، دار الشعب ،د.ت) ص299.
(7)  John Dolman , The Art of play production , New York : Harpar , Brothers , 1946 .p.p.222-293.  
(8) أوديت أصلان ، فن المسرح ، ج2 ، تر : سامية احمد (القاهرة : مكتبة الانجلو المصرية 1970) ص 794.
(9)  A.S. Gillete , Stage Scenery , 2ND . Ed . New York : Harpar and row , 1972 . p.p.405 . 
(10) هيلين كيسار ، المسرح النسوي ، تر : منى سلام (القاهرة : مركز اللغات والترجمة ، 2007) ص43 .
(11) ينظر : الفريد فرج ، الحرب العظمى في مسرحية . (انترنيت) 
(12) المصدر نفسه .
(13) جيمس روس – ايفانز ، المسرح التجريدي من ستانسلافسكي الى اليوم ، تر : فاروق عبد القادر (القاهرة :دار الفكر المعاصر ، 1979) ص 118 .
(14) سمير سرحان ، تجارب جديدة في الفن المسرحي (بيروت : المركز العربي للثقافة والعلوم ، د.ت) ص102 .
(15) كريستوفر اينز ، المسرح الطليعي ، تر : سامح فكري (القاهرة : مطابع المجلس الاعلى للاثار ،          ، 1994) ص354 .
(16) المصدر نفسه والصفحة .
(17) المصدر نفسه ، ص 359 .
* اريان منوشكين : ولدت في فرنسا في اذار /1939 ودرست في جامعة السوربون ، واخرجت عددا من العروض المسرحية منها : (الزفاف الدامي ) ، (المطبخ) ، 1968 ، (حلم منتصف ليلة صيف )1968 ، (عصر الذهب) 1975 ، (ريتشارد الثالث) 1981 ، وغيرها .
(18) المصدر السابق ، ص 403 .
(19) المصدر نفسه ، ص ص 404-405 .
(20) دافيد وليامز ، مسرح الشمس ، تر : امين حسين الرباط (القاهرة : اكاديمية الفنون – مركز اللغات والترجمة ، 1999) ص ص 12-13 .
(21) كريستوفر اينز ، المسرح الطليعي ، مصدر سابق ، ص ص 406-407 .
* لطيفة ملتقى : مخرجة وممثلة لبنانية ولدت عام 1932 ، تخرجت في كلية الحقوق . اختارت مهنة الاخراج والتمثيل بدلا عن مهنة المحاماة . بعد ان اقترنت بالمخرج اللبناني انطوان ملتقى .
(22) وطفاء حمادي هاشم ، المراة والمسرح في لبنان (دمشق : دار المدى للثقافة والنشر ،2002)ص 125.
* نضال الأشقر : مخرجة وممثلة لبنانية ولدت عام 1944 . درست المسرح في الأكاديمية الملكية في لندن ، وتتلمذت على يد المخرجة الانكليزية (جون ليتلوود) . أخرجت عددا من العروض المسرحية منها : (مجدولين) ، (الآباء والأبناء) ، ( طقوس الإشارات والتحولات) ، (ثلاث نسوان طوال) ، ( منمنمات تاريخية) . 
(23) ينظر : وطفاء حمادي ، سقوط المحرمات (بيروت : دار الساقي ، 2008) ص182 .
(24) المصدر نفسه ،ص228 .
* سهام ناصر : مخرجة وممثلة لبنانية ولدت عام 1948 ، أستاذة مادة التمثيل في معهد الفنون /الجامعة اللبنانية . أخرجت عددا من الأعمال المسرحية منها : (انبعاث وموت خواكيم موريتا) ، (ميديا) ، ( موت بائع جوال) .
(25) وطفاء ، حمادي ، سقوط المحرمات ، ص ص 189-190 .
* لينا ابيض : مخرجة مسرحية لبنانية ولدت عام 1957 . حصلت على شهادة الدكتوراه في المسرح من جامعة السوربون الجديدة في فرنسا . أخرجت عددا من العروض المسرحية منها (انتيغون) ، (اللعبة) ، (الكترا) ، (نمنمات جزائرية) .
(26) وطفاء ، حمادي ، سقوط المحرمات ، ص234.
* روناك شوقي : مخرجة مسرحية عراقية ، ابنة الفنان المسرحي خليل شوقي ، مواليد 1953 . تخرجت في معهد الفنون الجميلة /بغداد عام 1977 . سافرت إلى موسكولتدرس فن التمثيل والإخراج في معهد غيتس بموسكو وتخرجت فيه عام 1984 . انتقلت إلى دمشق ثم إلى لندن وأسست فرقة مسرح (أستوديو الممثل) عام 1991 . أخرجت ومثلت عددا من العروض المسرحية منها : (المملكة السوداء) ، (وحشة .. وقصص أخرى) ، (أبواب الجنة) ، (الخادمات) ، (خارج الزمن) .
(27) محمد وردة ، العراقية روناك شوقي مخرجة وممثلة مع مجموعة "أستوديو الممثل" ، الحياة ، العدد 13635 .
** لتعذر حصول الباحث على مصادر (كتب) تتحدث عن المخرجات العراقيات اضطر الباحث الى تناول الموضوعات المنشورة على الانترنت .
(28) ينظر : عدنان حسين احمد ، روناك شوقي والمصادر التراجيدية المؤسسية للشريحة المثقفة ، (لندن) ، (28 يناير 2012) .
* أحلام عرب : مخرجة مسرحية عراقية ، مواليد بغداد / منطقة العاقولية /شارع الرشيد . تخرجت في معهد الفنون الجميلة /بغداد 1979 . سافرت إلى لندن ودرست كورسات اخراج وتمثيل في اكاديمية لندن لفنون التمثيل والموسيقى (1980-1985) عادت الى العراق عام 1985 واصبحت عنصرا اساسيا في تفعيل (فرقة النصر) للشباب . عادت ثانية الى لندن واسست فرقة (نيسابا) عام 1999.
(29) مقابلة مع المخرجة أحلام عرب عن طريق الفيس بوك .
* عواطف نعيم : مخرجة وكاتبة وممثلة مسرحية . من مواليد (باب الشيخ – فضوة عرب) بغداد حصلت على شهادتي الماجستير والدكتوراه في كلية الفنون الجميلة /جامعة بغداد . كتبت واخرجت للمسرح العراقي العروض الآتية : (كنز الملح )1996 ، (بيت الأحزان) 1997 ، (ياطيور) 1997 ، (انأ وجدي والدمى) 1999 ، (يللي فوك) 2001 ، (حجر السجيل)2001 ، (ترانيم للعشق) 2002 ، (مهر لبغداد)2003 ، (أنا في الظلمة ابحث)2005 ، (الصامتات) ، (المهرج وأنا) ، (نساء البرلمان) ، (الشرفة) .
(30) مقابلة شخصية أجراها الباحث مع المخرجة عواطف نعيم في المسرح الوطني /بغداد بتاريخ 7/7/2013 . 
(31) المصدر نفسه .
(32) ينظر : عبد العليم البناء ، في حوار مع المخرجة د.عواطف نعيم ، جريدة المواطن .(الانترنت) .
(33) المقابلة الشخصية السابقة في 7/7/2013 .
(34) ياسين النصير ، مسرحية نساء لوركا .. خطاب مرتبك .(الانترنت) .
(35) المقابلة الشخصية السابقة في 7/7/2013 .
(37) المصدر نفسه  
(38) ياسين النصير ، مسرحية لوركا .. خطاب مرتبك ، مصدر سابق .
(39) عبد الجبار العتابي ، خادمات جان جينيه .. صامتات في بغداد ، موقع أحرار العراق ، (الانترنت) .
* مقابلة شخصية أجراها الباحث مع المخرجة عواطف نعيم في المسرح الوطني /بغداد بتاريخ 8/4/2014 .
(40) المصدر نفسه .


تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption