أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الثلاثاء، 5 ديسمبر 2017

مسرحية "صناعةُ المَسَاعيد " تأليف : درويش الأسيوطي

مجلة الفنون المسرحية





الشخصيات :

(1)     دكتور ماضي   :       عالم  ـ  50 سنة   ـ   أشيب الشعر والذقن   ـ يلبس نظارة طبية
(2)     دكتور مسعود :        عالم   ـ في الأربعين .
(3)     شافعي           :        ضخم الجثة  ـ عامل  ـ أخرس
(4)     المنقب           :        غير محدد الملامح  ـ رياضي الجسم
(5)     مسعود(1)      :        أحد المساعيد  ـ إنسان آلي ـ   في حجم شافعي
(6)     نور               :        فتاة في الثلاثين  ـ متوسطة الجمال
(7)     المأمور                    :        في الأربعين  ـ عسكري الحركة  ـ تبدو عليه الطيبة
(8)     العمدة            :        قصير القامة   ـ   لايبدو عليه الذكاء
(9)     الراقصة         :        فتاة استعراض    ـ رشيقة  ـ  جميلة
(10)   رضا              :        في الثلاثين
(11)   مرزوق                    :        في الثلاثين
(12)   الضابط                    :        حاد الملامح   ـ عسكري 
(13)   القاضي                    :        أحد المساعيد
(14)   السجان          :        أحد المساعيد

·        شباب  ورجال 


المشهد الأول :

        [ المنظر عبارة عن قاعة بحث في معمل للأجهزة الإلكترونية ، مجموعة من  الموديلات أو النماذج بشرية الملامح في ملابس قديمة الطراز ، النماذج في بداية العرض مغطاة بملاءات بيضاء . كافة النماذج تأخذ نفس الوضع والحركة ، جهاز مراقبة [ مونيتور ] عبارة عن شاشة عـرض تلفزيوني كبيرة تتوسـط خلفية المكان ، تحت الشاشة مجموعة كبيرة من المقابض والقواطع والمفاتيح الكهربية . ]

      [ يدخل من اليمين رجل في الخمسين أشيب شعر الرأس واللحية يلبس نظارة طبيةسميكة ، فوق ملابسه قديمة الطراز الإفرنجية والمعتنى بها يلبس معطف أبيض كمعاطف الأطباء لكنه يبدو منسخا . يتجه الرجل إلى أقرب النماذج ويزيح عنه الملاءة ، يبتسم في سعادة ويمسح بجانب من معطفه بعض الأتربة الوهمية عن يد النموذج الممتدة . ]

ماضي :       [ موجها كلامه إلى شخص غير ظاهر ]
                هل انتهينا يا دكتورمسعود ..؟!!
مسعود :       [ وقد فرغ من عمله يمسح يديه بمنشفة متسخة يظهر من خلف النموذج ]
                تقريبا .. آخر وصلة يا دكتور ماضي ..
ماضي :       عظيم .. عظيم ..
                [ يسوي ملابس النموذج ويتأمله في إعجاب ]
                آخر وجاهه ..!!  أترى  يادكتور مسعود ..؟ من يقول إن هذه  الوجاهة على
مجموعة أجهزة .. من مجمعات الأسلاك والموصلات يغطيها جلد ..؟!! صحيح ..  
المظاهر خادعة ..!
مسعود :       [ يحكم وضع الملاءات على بقية النماذج ]
                وما الفرق ؟!! الإنسان أيضا  مجموعة من الاجهزة يغطيها الجلد .. !!  لكن ميزة
الإنسان يا دكتور ماضي .. الإدراك ..!! الإنسان  أدرك الخير والشر ..!!  لهذا
يحاول إصلاح الكون .. !!
ماضي :       وتلك غلطته  يا دكتور ..
مسعود :       ماذا تقصد يا دكتور ؟
ماضي :       الإنسان يا دكتور بمحاولته تفصيل الكون على مزاجه .. أو ما نسميه بالإصلاح
دخل سردابا لا مخرج له ..!!
مسعود :       كيف  ؟!!
ماضي  :       المخترعات العلمية .. حلت الكثير من المشاكل .. لكن في الوقت نفسه خلقت
مشاكل أكبر .. تحتاج لحلول ..!!  واضح ..؟!!
مسعود :       وماذا يفعل العلماء أمثالنا غير إصلاح ما حولنا   ؟
ماضي  :       تلك سقطة أخرى .. أنا أرى أن العيب فينا وليس في الكون .. لهذا  أنا أحاول
استغلال المنجز العلمي والتقدم التقني .. في إصلاح البشر أنفسهم ..!!
مسعود :       إصلاح البشر ؟ !! هل نحن أنبياء ؟!! نحن نطور نوعا من الروبوت لا أكثر ..!!
وأنا بخبرتي الهندسية ساهمت بقدر ما استطعت   ..!!
ماضي  :       وأظنك سعيد بعد أن وصلنا بالنموذج لهذا الشكل .. ؟!!
مسعود :       طبعا يا دكنور .. لكن .. ما أندهش له فعلا  .. إصرارك على الشكل الخارجي ..
والدقة في التشريح .. ماذا تريد  ؟
ماضي  :       أحاول خلق إنسان جديد يا دكتور...!!
مسعود :       [ مفاجأ ] نعم ..؟!! لاحول ولاقوة إلا بالله .. استغفر الله العظيم ..
ماضي  :       لالالا .. لا تظن أن إيماني بالله عز وجل اختل ..لا .. ولا للحظة واحدة يا دكتور
                إطلاقا ..!! كلما ترقى الإنسان في العلم .. كلما اكتشف كم هو قادر خالقنا  .؟!!
وكم هي عظيمة قدرته جل جلاله .. ومعجزة لسواه ..!! هذا  كله يزيد إيمانه ..  
المسألة مختلفة ..
مسعود :       أنا مقدر طبعا مقتضيات الأمن .. ومقدر أيضا إن الأمور قد تقتضي الإفصاح
عن بعض المعلومات  وحجب معلومات أخرى .. أنا مدرك هذا  تماما ,,!! ولكن
بشكل شخصي أسألك .. إن كان من الممكن .. توضيح الصورة  أكتر ..
ماضي :       لا أخفي عنك  .. مشروعنا هذا لا  علاقة له بأي جهاز من الأجهزة الرسمية
للدولة ..
مسعود :       الله ..؟!! ومن يقدر على تكلفة مشروع كهذا  غير دولة ؟!!
ماضي :       أهل الخير ..
مسعود         :       أهل الخير ؟ !! لم ؟
ماضي :       لنصلح الحياة .. عن طريق إصلاح الإنسان ..!!  وإصلاح الأنسان لا يكون
إلا من خلال القدوة الحسنة ..!!.. كان في قدرة الله ينزل الكتب والناس تقراها ..
وتراها.. كما ترى  الشموس والمجرات .. لكنه الخبير بخلقه  سبحانه أرسل
الرسل بالكتب.. أراد أن يقدم النموذج .. من خلال القدوة ..
مسعود :       لكن الرسل ختمت يا مولانا .. ؟!!
ماضي  :       لهذا صارت الناس تحتاج  للقدوة أكثر .. من فضلك اضغط على مفتاح صفر
على اللوحة ..
مسعود :       [يضغط ، نسمع صوت جرس وإضاءة تتردد ]
                جرس مضيء  .. !!
ماضي  :       الطريقة الوحيدة ليفهم شافعي إنه مطلوب دخوله  ..
                [ يدخل شافعي ، ضخم الجثة ، يشير سعيدا محييا ثم يشير إلى النموذج الأول
مصدرا بعض الأصوات غير الواضحة ماضي يهز رأسه موافقا ]
تماما  .. تماما !!
مسعود :       ماذا يقول  ؟
ماضي  :       يقول إن [مسعود 1] يشبهك ..
مسعود :       با الله ..؟!! هذا  صحيح ..!!  لكن كيف تفهمه يا دكتور  ؟ إذا كان النموذج  
مسعودواحد .. إذن  أنا مسعود اتنان .. ؟!!
                [ شافعي يصدر بعض الأصوات والإشارات ]
ماضي :       شافعي يقول لك .. انت لست [ مسعود 2 ]لإن [ مسعود 2 ] هو هذا  ..
                [ يشيرماضي إلى النموذج الثاني .. فيصفق شافعي فرحا ]
مسعود :       إنه بسمع ويفهم ..؟!! [ لشافعي ]  يا لئيم ..!!؟ كنت أطلب كوب ماء ..  فتعمل
أطرش و ننشف ريقي  حتى تأتي بالماء  ....!!
                [ إشارات من شافعي ]
ماضي :       آه طبعا .. أتهلك نفسك  ..!! يقول لك إنه طوال اليوم رائح وآت ..  من معمل
اللدائن .. لمعمل الموصلات لأشباه الموصلات .. لم .. هل هو مسعود واحد  ..؟
                [ يضحكون ]          
[ ماضي يشير بيده لشافعي مستفسرا ]
                ماذا  ؟
                [ إشارات من شافعي ]  آه ..!! طيب .. طيب .. دعه يدخل ..
                [ يخرج شافعي ]
مسعود :       طيب بإذنك  .. من الواضح .. هناك من ينتظرك بالخارج  .. !!
ماضي  :       لا بأس .. إنت لم تعد  غريبا  .. إنه   مندوب الممولين .. أهل الخير
                [ طرق على الباب ]    أدخل ..
المنقب :        [ يدخل شخص يسدل نقابا على وجهه ]
                السلام عليكم ورحمة الله
الاثنان :       وعليكم السلام
ماضي  :       أهلا .. جئت في وقتك ..
                [ يقدم المنقب حقيبة صغيرة يفتحها الدكتور ماضي أمامه ]
                أنا فعلا أحتاج للمال  .. الدكتور مسعود ليس بالغريب  ..الدكتور من العناصر
المرجحه لنجاح المشروع ..!!  أرجو ابلاغهم شكري  .. و امتناني على رعاية
المشروع .. هذا أولا .. ثانيا ..  أبلغهم أننا بصدد بدء التجارب اليوم  .. والله
الموفق .. مع السلامة ..
المنقب  :       أفعل إن شاء الله .. السلام عليكم
[ يخرج مسرعا ]
ماضي :       [ يمد يده ببعض حزم نقدية ]
تفضل يا دكتور ..
مسعود :       أنا تقاضيت  راتبي ..!!
ماضي  :       إنها  مكافأة نهاية المدة .. !!
مسعود :       هل  أعد  نفسي مفصولا من العمل  ؟!!
ماضي :       لا لا أرجوك .. أنا أقصد المكافأة على تفانيك في العمل خلال المرحلة الأولى ..
والمساعدة في انجاح مشروع المساعيد .. نحن في حاجة إلى ناس آخرين ....
مساعيد آخرين.. !!
مسعود :       ناس  ؟ اتعد المساعيد ..  ناسا ؟
ماضي  :       لا أستطيع اعتبارهم مجرد ريبوتات يا دكتور   ..!!
يا مسعود يا ابني .. المساعيد خلق جديد .. ابتكار سيضع  اسمي واسمك طبعا
في سجل  تاريخ البشر .. كعلماء أفذاذ ...
مسعود :       بصراحة أنا أحس بالقلق يا دكتور ماضي ..
ماضي  :       بعد رؤيتك المنقب ..؟!!
مسعود :       نعم  
ماضي  :       نحن علماء يا دكتور .. يهمنا إن تنجز أبحاثنا  .. ونجد من يمولها ..!!علماء
الذرة استغلوا الطرفين .. ألمانيا والحلفاء .. لكي  ينجزوا التفجير النووي الأول
ونحن لا نفجر قنابل ذرية  ..!! إننا نصنع قدوة للناس .. !!
                هيا .. إلى العمل .. توكلنا على الله .. اسمع .. انت ستقف على اللوحة .. ويدك
على مفتاح التشغيل . وانتبه لي بكل حواسك .. لم أتأكد بعد  من السلوك المبدئي
للمساعيد .. !!  لهذا ..  لابد أن  تكون جاهزا لفصل الطاقة عنه فورا ..
مسعود         :       جاهز ..
ماضي :       أرجوك
مسعود         :       اطمئن
ماضي  :       ماذا ستفعل  ؟
مسعود :       سأضغط المفتاح ولن أبعد يدي عنه
ماضي :       أرجوك   
                [ مسعود يذهب إلى حيث أشار ماضي في الخلف]
                جاهز .. يدك على أي مفتاح  ؟
مسعود :       مفتاح التشغيل  ..
ماضي  :       متأكد
مسعود :       تأكد بنفسك
ماضي  :       طيب باسم الله .. شغل ..
                [ يختفي الدكتور ماضي تماما خلف النموذج الثالث تمر لحظات بعد التشغيل
دون رد فعل ، يطل رأس الدكتور ماضي ، تبدو الحيرة على الوجهين . فجأة
يرفع مسعود1 رأسه بآلية ثم يصدر عنه أزيز ]
مسعود1 :     واء .. واء ..
ماضي  :       واء واء ؟!!
مسعود1 :     نعم .. واء .. واء .. واء ..
                [ يتحرك بآلية اكثر مرونة نحو الدكتور ماضي الذي يفزع متراجعا أمامه ]
                واء .. هي الصوت البشري الأول .. يصدر لحظة الولادة الطبيعية بكـل لغات
العالم .. أنا أفهم العربية والانجليزية والفرنسية والألمانية أيضا .. أنا مسعود1
في خدمتك .. !!
ماضي :       إقطع اقطع يا مسعود .. قطع نفسي .. قطع الله نفسه
                [ يضغط الدكتور مسعود مفتاح التشغيل ينطفئ ضوء الشاشة وتصدر عن
مسعود واحد أصوات غريبة ويتوقف على آخر حركة قبل القطع ]
                [ فرحا كالأطفال ] هيه .. هيه ..
                نجحنا نجحنا نجحنا .. نجحنا يا مسعود .. نجحنا ..
مسعود :       ألف مبروك ..
ماضي :       من  نفذ  برامج الصوت  .. ولد حكاية .. !! لكن الحركة ماتزال  خشنة مثل  
روبوت المسلسلات القديمة .. !!
مسعود :       يمكن تنعيم الحركة أكتر .. لكني حسبت  حساب تآكل المفاصل نتيجة الاحتكاك
لا بأس .. ليست هناك مشكلة بلا حل علمي  ..!![ بإعجاب ]   لكن  
مسعود واحد  يتكلم بفصاحة ..!!؟  لبلب ..
ماضي  :       ذاكرة مسعود واحد هي الإنجاز الحقيقي والإعجاز العلمي الأساس في  هذا
المشروع ..
المعلومة المسجلةهنا  لها أربع طرق استدعاء .. وبأربع لغات .. ولهجتين
عربيتين ..  والمفاجأة  .. الذاكرة تقبل التخزين التلقائي بالطرق العادية ..  
كالسمع والبصر .. واللمس .. إلى آخره .. !!
مسعود :       ماذا ؟ أتريدني أن أفهم إن مسعود واحد واخوانه .. يمكن يتعلموا .. ؟
ماضي :        ويقولون النكت أيضا ..!! [ ينفجر ضاحكا ]  المهم الحركة يا دكتور مسعود ..
همتك ..
مسعود :       بسيطة .. هل أستطيع طلب مكتبي من هنا ..
ماضي  :       طبعا .. اللوحه عليها خط فضائي رقمي  مباشر ..
                [ يذهب إلى اللوحة في الخلفية التي تضاء وتظهر صورة نور ]
نور  :         آنسة نور معاك يا افندم .. أهلا يا دكتور مسعود .. تحت أمرك !!
مسعود :       أنا احتاج أن أراجع خرائط مسارات القوى .. بالذات مسارات الإشعاع الدماغي
                نعم ..!! من معمل العمليات .. اسمعي يا آنسة نور .. بجانبك هناك  ملف ..
نور    :       الأحمر .. ؟ تحب أحمله لحضرتك على حسابك ..
ماضي :       لا لا .. ممنوع يا آنسة ..
مسعود :       أكون شاكرا  لو أتيت به  بنفسك  هنا في المعمل ..
                [ يضغط مسعود مفتاح التشغيل لمسعود واحد  ]
مسعود1 :     عذرا لانقطاع الطاقة .. قصدا ..
                [ يعاود السير في مسار شبه  دائري]
مسعود :       مسعود واحد .. اكتشف إننا قطعنا الطاقه عمدا ..؟!!
ماضي :       طبعا ..
مسعود1 :     أجهزت التتبع عندي ..  بينت قصور في الطاقة .. هه .. عطل الخلية المركزية
المركز العقلي بين أن الانقطاع لم يكن ناجما عن عطل فني .. هه !!
مسعود :       رائع ..
                [ يتجه مسعود1 إلى ماضي فيتراجع خائفا ]
مسعود1 :     لا تخف أيهاالمستخدم 681946  .. أنا لا اضمر لك شرا يا دكتور ماضي ..هه
ماضي  :       عرفني .. ؟!!
مسعود1 :     أنت في سجلاتي بالصوت والصورة والرائحة .. هه
ماضي :       دعك  من الرائحة ولا تفضحنا يا رجل  ..
                [ صوت جرس الباب ]
مسعود1 :     جرس الباب يدق .. أنا في بيتي .. سأفتح .. هه
                [ يتجه إلى الباب  وسط دهشة الإثنين ]
ماضي  :       رائع ..
مسعود :      استجابة طبيعية ..!! شئ مذهل يا دكتور ماضي .. الله ..لماذا تأخر ؟ ربما لا
يعرف كيف يفتح الباب ؟
ماضي :       لا أظن  ..
                [ مسعود 1 عائدا ] لماذا لم تفتح الباب  ؟
مسعود1 :     فتنةُ بالباب يا دكتور .. هه
                [ ينفجر الدكتور ماضي في ضحك طفولي ]
مسعود :       لا أفهم لماذا تضحك  ؟
ماضي  :       اشرح للدكتور مسعود قصدك ؟
مسعود1 :     مسعود .. التعريف ينقصه الرقم ..هه .. لا يهم .. نفترض أنك  مسعود صفر..
هه
مسعود         :       [ ينفجر ضاحكا ] أنا مسعود صفر .. ؟ لم لم تفتح  ؟
مسعود1 :     انثى بالباب .. والأنثى فتنة ..
                [ يضحكان ]
مسعود :       إنها  الآنسة نور مساعدتي  .. اجر افتح لها ..
مسعود1 :     أنا لا أعمل عند أهلك ..!! هه ..  شتيمة..
مسعود :       الله .. ربوت..  وقبيح  .. ؟!!
مسعود1 :     قولك هذا شتيمة أيضا .. هه
ماضي :       من فضلك افتح لهاالباب
مسعود1 :     أمرك يا دكتور

                [ يسرع  بفتح الباب ويعود مسرعا وخلفه نور يقف مسعود 1 مديرا وجهه إلى
الجانب الآخر .. بينما عيون نور معلقة به ]

نور    :       يخرب بيتك ..!! آ آ ..  أين كنت تخبيء هذا  الشاب الوسيم يا دكتور مسعود ؟
                ابنك أم أخوك ..؟!! لا تقل شيئا .. فيه ملامحك .. لكن على أصغر ..!!   ياه  
حلو ..  
مسعود1 :     شكرا ,, هه
                [ يتحرك مسعود1 وتطارده نور ]
مسعود :       الملف يا آنسة ..
نور    :       أي ملف  ياعم  .. ؟!! لمن هذا الوسيم  يا ناس  ؟ صوته حنون  ..من أين
تأتي بهذا الصوت يا جميل  .. ؟
مسعود1 :     صوت الإنسان .. يخرج من الحنجرة ..هه .. معلومة ..
نور    :       يا حبيبي .. !! متربي ..!! ابنك  يا دكتور مسعود ؟
مسعود :       شيء من هذا القبيل  
نور    :       نهار اسود .. !! كيف من هذا القبيل  ..؟!! ابنك أم لا  ؟!!
مسعود1 :     افتراء ..!! أنا لا ابنه ولا أعرفه .. هه
                [ الدكتور مسعود يعترض نور ]
مسعود :       يا آنسة الملف ..
نور    :       [ تدفعه بعنف حتى يصل إلى اللوحة في الخلفية .. ]
                بلا ملف بلا نيلة .. دعني .. لا تقف في طريق مستقبلي  .. وحياة النبي ما
أعتقه ..
                [ مسعود يقطع الكهرباء فيتجمد مسعود1 مصدرا صوت التوقف ]
                [ نور تدق صدرها صارخة ]
                يا لهوي ..!! مالك يا حبة عين أمك .. ؟ يا خراشي .. الولد تخشب..؟
ماضي :       الكهرباء انقطعت عنه يا آنسة ..
نور    :       نعم .. ؟!!
مسعود :       يا آنسة .. هذا روبوت ..
نور    :       ليس هذا وقت الهزل يا دكاترة
ماضي  :       نحن لانهزل يا آنسة نور ..
                [ تتقدم نور بتردد وتجس جسم مسعود1 ثم تتراجع خطوات للخلف مذهولة
تنظر ناحية ماضي ثم ناحية مسعود ثم تسقط على الأرض ]
مسعود :       ماذا بها يا دكتور  ؟
ماضي  :       صعقت بالتأكيد  
                [ يدق الجرس فيدخل شافعي مسرعا ]
                شل يا شافعي ..
شافعي :       [ ينظر ناحية ماضي ثم ناحية مسعود معطيا حركة بيده ذات مغزي ]
ماضي :       لم يحدث
مسعود :       يا آخي .. خل عند نظر ..
ماضي  :       شيل البنت على العيادة ..
                [ ينحني شافعي ليحمل نور فتفتح عينيها صارخة ]
نور    :       الحانوتي .. ؟!! يا لهوتي ..                                    [ إظلام ]

 المشهد الثاني :

        [ مدخل (أكاديمية فنون الإيماء ) ساحة فسيحة بها مجموعة من المقاعد ، في خلفية المكان صورة بالحجم الطبيعي لراقصة في ملابس الرقص الشرقي، أمامها منصة أعدت للإحتفال ، تجمع من الرجـال والنسـاء أمام الباب ، لافتة ترحب بعمدة المدينة وتبايعه بفترة خامسة .. الحضور موزع بين عدة مجموعـات كل مجموعة تجلس إلى مائدة و منشغلة في نقاش ]

ماضي :       العمدة تأخر  ؟ لم نتعود منه ذلك ؟
نور    :       دعه يتأخر يا دكتور .. كل تأخير فيه خير ..  ليس ببعيد على الله أن يعثرني
فيه ..  وأضع يدي عليه .. !!
مسعود :       من يا آنسة .. ؟
نور    :       من عنه تبحث العيون  يا دكتور ... الولد الحليوة الذي  يشبهك .. !!
ماضي :       لو تصدقين يا آنسة ..
نور    :       ماذا تريدني أن أصدق  ؟ كل السحر والحيوية والجاذبية كانوا ألومونيا ونحاس .؟
ماضي  :       إنها الحقيقة .. وبعض  الأكاسيد .. تراب ..
نور    :       كلنا من تراب يا دكتور ..!! عن اذنك ..
                [ تتحرك ناحية مجموعة أخرى تحدث نفسها ]
                هم  لا يريدون أن أراه  ؟ لماذا ؟ لن آكله يا جماعة ..؟!! هاه .. اسأل المأمور
يارب يكون عنده خبره .. مساء الخير يا حضرة المأمور
المأمور :       أهلا نور هانم .. انت هنا ..؟!!
نور    :       البلدة صغيرة .. وكلنا نهتم بالنشاط الثقافي ..
المأمور :       أقصد أنت هنا منفردة  .. ؟
نور    :       حضرة المأمور .. يخيل إلي  في هذا  السن .. الذي لاأعترف به .. لم أعد
صغيرة  ..؟ أم أن  الأمن غير مستتب  ؟
المأمور:        لا وحياتك .. الأمن مستتب  ..
نور    :       مادمت اعترفت بالهزيمة .. فأحبك أن تعرف إني جئت  مع رئيسي في العمل ..
الدكتور مسعود .. أظنك تعرفه ؟
المأمور :       طبعا .. وأبحث عنه  .. بإذنك ..
مسعود         :       أترى المأمور؟
ماضي :       له شهر ورائي وأنا أتهرب منه .. ها قد عثر في نور .. إنه قادم  ؟
مسعود         :       المشكله إنه لا يحتاج إلى دعوة  .. سيجيء  .. ويقعد .. ويسأل بكل بساطة
                إذن دعني أنصرف  ..
                [ المأمور يقاطع مسعود وقد هم بالوقوف ]
المأمور :       بالراحة يا دكتور..عالم في مكانتك انت والدكتور ماضي كلنا نقوم له احتراما ..!!
مسعود :       [ يجلس مستسلما قلقا ]
تفضل يا جناب المأمور ..
ماضي :       شكرا على مجاملتك ..
المأمور :       بالمناسبة  .. أنا جمعت بعض  المعلومات عن ضيوفك يا دكتور ماضي ..
ماضي  :       تشغل بالك بالمعلومات .. ونكتشف أنها معلومات غير دقيقة كالعادة ..!! أنصحك
جدد  مصادر معلوماتك يا جناب المأمور ..
المأمور :       نصيحة مقبولة .. لكني رجل أمن يا دكتور .. واعرف كيف اقيم  المعلومة !!
                وما تراه  انت بلا قيمة  .. أنا بحسي الأمني  أراه  موضوعا مهما .. ومحتاجا
لتفسير .. !!
ماضي  :       لا .. هذا كتير يا حضرة المأمور .. إن كان عندك اتهام لي أو للدكتور مسعود
قدمه .. !!
المأمور:        أستغفر الله ..!! أنالا أتهم ..  أنا لدي شهود .. على  إن التوائم التلاتة أول ما
دخلوا البلد .. خرجوا من معملك يا دكتورماضي  ..!! وفي منتصف الليل ..!!
بالذمة .. ألا ترى في هذاغرابة  ؟!!
مسعود :       يحتمل أحدهم ..  كان يزور موظفأ أو ..
المأمور :       في نصف الليل يا دكتور مسعود ...؟!!
مسعود :       أنا أقول يحتمل ..!!  والمعمل يعمل ليل نهار ..
المأمور :       الدكتور ماضي عارف .. وأنا عارف .. إن نور هانم .. قالت إنها شافت واحدا
منهم في المعمل ..!! وهي تبحث عنه لتخطبه  ..!!  وانت قلت لها يا دكتور
مسعود .. من غير المعقول أن  تتزوجي من إنسان آلي .. !!
مسعود :       يا حضرة المأمور .. نور تعمل  معي وأنا أعرفها ..!! نور ..  ظلت تحب بالطوا
في بلكونة الجيران طول الصيف الفائت ..!! حتى عاد أصحاب البيت من
المصيف  ..!!
[ ضحك من الجميع ]
ماضي :       حتى إن سلمنا يا حضرة المأمور .. بوجود هؤلاء الضيوف  .. لا الدكتور ولا أنا 
ارتكبنا جريمة حتى  تطاردنا بالأسئلة والتحريات ؟!! ولاحظ .. أننا حين نمل من
هذا اللعب السخيف ..  ليس أمامنا غير القانون ..
المأمور :       أنا في خدمة القانون  يادكتور .. والقانون يعطيني  حق التحري ..
ماضي  :       لكن ليس بهذه الطريقة ؟
المأمور :       أعتذر يا دكتور إن كنت نجحت في استثارتك .. وتأكد .. إني لن أوقف التحريات
حتى  أعثر على  إجابة ..
                [ تقترب نور ]
نور    :       أكيد تسلخون أحدا  ..
المأمور :       [ ضاحكا ]
لم يعد عليك جلد يسلخ يا نور هانم  .. ؟!!
نور    :       هل وجدته  ياحضرة المأمور .. ؟
المأمور :       الشاب الوسيم ؟
نور    :       نعم ؟
المأمور :       سأجده  يا هانم .. تأكدي سأجده .. هو وإخوته  .. عن إذنكم ..
                [ يتحرك المأمور لمائدة أخرى بينما تجلس نور متنهدة ]
نور    :       ترى أين انت يا محيرني ..؟!!

                [ تعزف الموسيقى العسكرية فتتجه أنظار الحضور إلى الباب ، وسرعان ما
يدخل العمدة بصحبة الراقصة المعلقة صورتها بصدر الساحةوقد لفت جسدها
بمعطف من الفرو الثمين  ]

أصوات :       سمسم .. سمسم ..سمسم ..
                [تتمايل الراقصة ونشوة بين هتاف المعجبين توزع ابتساماتها وقبلاتها على
الحضور حتى تصل إلى المنصة وتجلس على يمين العمدة ]
نور    :       قطيعة تقطع الرجال وعيونها الزايغة ..!!
مسعود :       مالك بالرجال يا نور .. ؟
نور    :       عقدوني ..
مسعود :       لاأفهم  يا آنسة .. ؟
نور    :       يا آنسة يا آنسة .. هل من المفروض أن تذكرني أني آنسة في كل لحظة ؟ حد
من قال لك أني نسيت
مسعود :       [ مشفقا ] أنا آسف ....
نور    :       ماذا حدث للناس .. لم لا يقدرون والمواهب المدفونة ؟!! الرجال ليس لديهم نظر
وربما ليس لديهم دم هؤلاء الرجال  ..
ماضي  :       مال الرجال يا نور  ؟ ما الذي أغضبم منهم  ؟
نور    :       ألا تراهم حول المرأة تلك التي أشبه بجوال القطن  ؟
ماضي :        مرأة ؟ أين ؟
                [ يخلع النظارة ]
نور    :       آه منكم آه .. كأنك لم تنظر إليها  ..؟!!
                [ اثنان على مائدة مجاورة يتهامسان ]
رجل1 :       شايف يا مرزوق ؟
مرزوق :       شايف إيه يا رضا ؟
رضا    :       عيون العمدة فين يا مرزوق ؟
مرزوق:        تحت البالطو يا رضا ..
صوت  :       يعيش العمدة نصير الفنانين
أصوات :       يعيش العمدة نصير الفنانين
صوت  :       يعيش العمدة نصير الفنانين
أصوات :       يعيش العمدة نصير الفنانين
صوت  :       يعيش العمدة نصير الفنانين
أصوات :       يعيش العمدة نصير الفنانين
العمدة :       [ يقف محييا أمام الميكروفون ، يخرج من جيبه منديلا يجفف به عرقه ويحاول
أن يخفي به ورقة في يده يحاول الغش منها ]
أيها الأخوة والأخوات .. إن احتفالنا الليلة بافتتاح كلية الفنون الإيمائية .. لدليل
نهضة حقيقية وسيظل هذا الحدث الثقافي الهام  علامة بارزة في تاريخنا الثقافي  وسوف تقدر الأجيال هذا العمل المبهج ..!!  فالرقص والرقص الشرقي بالذات لم يعد في بلدنا شبة ولا مسله ..
[ يتلجلج في القراءة فيميل على أذنه أحد المرافقين]
قصدي سبة .. ولا مذلة .. بل أصبح فنارا .. ئعا .. [ يميل على أذنه ]
[ جانبا ] ما تبقى تحسن خطك فضحتنا .. !!
بل أصبح فنا  .. رائعا .. 
ما أبدع لغة الشعر الجسدي  .. حين تكتمل للغة الجسد كل مقومات الاتقان .. وعناصر المتعة والإحسان .. !!
أصوات :       سمسم .. سمسم .. سمسم ..
صوت  :       يعيش العمدة نصير الفنانين
أصوات :       يعيش العمدة نصير الفنانين
صوت  :       يعيش العمدة نصير الفنانين
أصوات :       يعيش العمدة نصير الفنانين
صوت  :       يعيش العمدة نصير الفنانين
أصوات :       يعيش العمدة نصير الفنانين
العمدة :                [ مشيرا بيده ليتوقف الهتاف ]
                إن إقامة أكاديمية الفنون الإيمائية لهو في الواقع .. انظلاقة نحو المستقبل
المبهج للوطن .. بل للمنطقة كلها.. والسلام عليكم
صوت  :       يعيش العمدة نصير الفنانين
أصوات :       يعيش العمدة نصير الفنانين
صوت  :       يعيش العمدة نصير الفنانين
أصوات :       يعيش العمدة نصير الفنانين
صوت  :       يعيش العمدة نصير الفنانين
أصوات :       يعيش العمدة نصير الفنانين
صوت  :       للفترة الخامسه سير سير
                يا عمده يا أبو قلب كبير
أصوات :       للفترة الخامسة سيرسير
                ياعمده  يابو قلب كبير
صوت  :       للفترة الخامسه سير سير
                يا عمدة يا أبو قلب كبير
أصوات :       للفترة الخامسة سيرسير
                ياعمدة  يابو قلب كبير
صوت  :       للفترة الخامسه سير سير
                يا عمدة  يا أبو قلب كبير
أصوات :       للفترة الخامسة سيرسير
                ياعمدة  يابو قلب كبير
                [ تنهض الراقصة مصفقة للعمدة ]
مرزوق :       شايف يا يارضا .. ؟ مش المسعودي عنده حق ..
رضا    :       المسعودي مين فيهم ..؟!! ما المساعيد كتير ..
مرزوق :       جارنا يا أخي .. من قطع أحذبة امرأته حتى لا تخرج ..
رضا    :       أنا أعرف اربعه عملوا هذا مع نسوانهم ..
مرزوق :       غريبة ياأخي .. كلما مشيت  وجدت مسعودا  
رضا    :       أتريد الصراحة .. المسخرة إلتي نراها الآن  .. تجعل الواحد يعذرهم ..
مرزوق :       وطي صوتك .. الأمن حاطط عنيه عليهم .. والمأمور بيسمع من كل خرم في
جسمه .. !!
رضا    :       ربنا يستر
 العمدة :       لن تزعجنا أيها الأخوة والأخوات .. تلك الأصوات التي تريد أن تردنا على
أعقابنا وتعيدنا إلى الخلف .. إلى عصور في ذمة التاريخ ..!! فنحن قادرون
بعون الله على المضي إلى الأمام .. مهما كانت المعوقات ..
صوت  :       للفترة الخامسه سير سير
                يا عمدة يا أبو قلب كبير
أصوات :       للفترة الخامسة سيرسير
                ياعمدة  يابو قلب كبير         
العمدة :       [ يترك الورقة ]
                حين يكلفني الشعب بالفترة الخامسة من ولايتي .. فأنا على ثقة من أن شعبنا
مصمم على تجاوز عنق الزجاجة .. التي وعدتكم بتجاوزها منذ ولايتي الأولى
فإلى المستقبل المبهج للأمة والشعب ..
[ تصفيق حاد يترك العمدة المنصة وينزل ليجلس مكان المأمور ]
شاب1  :       يا ابن النصابة !!
شاب2 :        اربع ولايات ولم نخرج  من عنق الزجاجة
شاب1 :        يمكن يطلعنها منها
شاب3 :        كيف يستطيع الكذب بهذه الطلاقة  ؟
شاب1  :       مواهب ..
شاب2  :       لا حل غير المساعيد
الشباب :       المساعيد ؟
شاب2  :       ناس عندهم دم .. وويريدون أن يصلحوا البلد
شاب1 :       بس شكلهم ..
شاب2 :       ماله شكلهم ..؟ هل سنتزوجهم  ..؟ أقله إن ضاعت الدنيا .. لا تضيع الآخرة  
                [ يقترب مسعود3 من العمدة مارا أمام الدكتور مسعود ويأخذ موقعه خلف
العمدة كحارس ]
مسعود :       أليس هذا هو  .. ؟
ماضي  :       حسك عينك المأمور يراقبنا  
مسعود :       أتراه تعرف عليه ؟
ماضي :       لا .. غير ممكن .. أنا وانت فقط لدينا وصلة التعارف
مسعود :       ابسط يا عم .. صار من رجال العمدة
ماضي  :       وأي رجالة .. إنه  مسئول الإعلام .. يعني مصفى الأفكار في البلد ..
مسعود3 :     والآن سيداتي سادتي .. مع المفاجأة الفنية .. مع عمدة الفناننات وعميدة
الأكاديمية .. الفنانه سما سم ..
أصوات :       سمسم .. سمسم ..
سمسم  :       [ تقف خلف الميكرفون ]
                ميرسيه .. ثانكيو .. أنا لا أجيد الكلام بلساني  .. لكن أتكلم بأشياء أخرى
                تحبوا نتكلم .. ؟!!
الجميع :       أيوه

                [ تترك المعطف يسقط بين يدي مسعود3 . تأخذ جست وتبدو كالصورة خلفها
ومع بداية الإيقاع وتقدم سماسم للرقص يسمع صوت انفجار ويسود الظلام ]



                             [ إظلام ]























المشهد الثالث :

       [ في المعمل ، الدكتور مسعود ثائرا يروح ويجيئ بينما الدكتور ماضي يجلس في هدوء ]

مسعود :       كان لابد أن أفهم من البداية ؟!!
ماضي :       ماذا حدث  ؟
مسعود :       بعد كل هذا تسألني  ؟
ماضي  :       وماذا حدث .. ؟
مسعود :       مايحدث للبلاد سببه مساعيدك يا دكتور  
ماضي :        مساعيدي ؟ كأنك لم تشارك في وجودهم ؟!!
مسعود :       لست شريك جريمة .. أنا شريك ابداع ..
ماضي :       لا تفرط في الانفعال يا دكتور .. الانفعال مضر .. المساعيد يا صديقي .. رسل
محبة .. !! رسل سلام ..!!  كتب متحركة .. مسجلات لأفكار الصفوة  .. في
الفقه والاجتماع والسياسة والفنون والآداب .. في الحياة كلها !!
مسعود :       لمصلحة من  ؟
ماضي  :       لمصلحة الناس
مسعود :       مصلحة الناس في الانفجارات والقتل .. والدم .. والخراب ؟!!
ماضي  :       طبعا يا دكتور .. لا بناء بلا هدم ..!! كل الثوارت الانسانية إللي غيرت وجه
التاريخ البشري .. قامت على الهدم  والخراب كما تسميه .. ؟ كم من الأرواح مهدت الطريق لوجود الولايات المتحدة .. كم ضحايا الثورة البولشوفية .. ؟!!
الاعتياد يا دكتور بداية الاستعباد .. وحتى تخلص الناس من الاعتياد والاستعباد  وتعيدهم لطريق الله الصحيح .. لابد من إخــراجهم من مألوف المعصية إلى غير مألوف الطعة ..
مسعود :       من جعلك وصيا علينا  ؟!!
ماضي  :       أستغفر الله .. ما يفعله المساعيد ليس وصاية .. ماذا فعلوا أكثر من دعوة الناس
للتمسك بالخير والحق ..؟!! أكثر من إحياء الأمل في النفوس ..؟!! الأمل في العودة إلى ما صلح به أمر الأمة في أولها .. عودة عهد المساعيد الأول  ..
مسعود :       هذا تغرير بالناس ..
ماضي  :       لم تفترض في الناس كل هذا الغباء .. ؟!!
مسعود :       أنا أحذرك .. المأمور يتعامل مع الموضوع بهدوء وهذا يخيفني  ..
ماضي  :       قل إنك خائف ؟!!
مسعود :       ولم لا أخاف  ؟
ماضي  :       أنا لست بخائف يا صديقي  .. أنا لا صلة لي بما يحدث  .. ماذا تريد مني ؟
مسعود :       أعدهم للمعمل  .. وأصلح البرامج ..
ماضي :       لم يعد من الممكن .. لم تعد لي سيطرة عليهم ..
مسعود :       كيف يا شريكي  ؟!!
ماضي :        الحمد لله إنك مازلت تذكر إننا شركاء ..
مسعود :       المساعيد مفتاحهم في إيدك ..
ماضي  :       لو السيطرة بيدي .. هل كان مسعود3 .. صار هتيف العمدة ..؟
مسعود :       لا أفهم .. ؟
ماضي :       بعد ما بدأ المأمور ورجاله يجدون في السعي وراء الإٌخوة المساعيد .. خفت أن
يضع أحدهم  يده على أحد النماذج ... فيكتشف صلتهم بالمعمل ..
مسعود :       وماذا فعلت  ..؟!!
ماضي  :       عملت فصلا بين ذاكرة المساعيد .. والذاكرة المركزية هنا في المعمل .. واعطيت
أمر أخفاء لكل المعلومات المتعلقة بالمعمل أو  بي .. أو بك ..!!   اطمئن .. لن يكتشف أحد علاقتهم بنا يا دكتور  .. حتى الوصلة دمرتها ..!!
مسعود :       هل أنت مجنون ..؟!! أنا سمعت كتيرا إنك مجنون .. لكني لم أصدق إلا الان  ..
أتدري نتيجة إطلاق وحش غير انساني في البلد بدون سيطرة عليه ؟ !!
ماضي :       كان لابد أن أحميك يا عاقل ..!! وأحمي جهدناالعلمي ..!!  معملنا ..!! المعمل
الوحيد القادر على صياغة الكائنات الذكية ..!! سأواصل الأبحاث .. لأطور المساعيد .. الجيل التاني من المساعيد .. جيل قادر ...
مسعود :       [ مقاطعا ] ماذا تريد يا دكتور  ؟ .. تصير إلها قادرا على كل شئ ؟..
ماضي :       حين يصير الظلم قانونا  .. والعدوان  قاعدة .. ستبحث الناس عن القوي
                القادر .. وتخصع له .. !!
مسعود :       وانت القادر ؟!!
ماضي  :       [ يحدة وعفوية ] أنا المظلوم .. أنا أكبر عالم في الكون .. أليس من حقي أن
أرى طفلا من صلبي ..؟!!  لا تندهش ..  الناس تظنني راهبا لم أتزوج  غير
المعمل ..!!  لا .. الحقيقة إللي لا يعرفها أحد .. إنني لا أستطيع الزواج  .. !!
العمدة اكتشف وأنا شاب صغير إن البنت التي وضع  عينه عليها تحبني ..!!
وأننا سنتزوج .. فاستضافني في المعتقل شهرا ..!! خرجت منه وأنا .....
فاهمني يا مسعود؟
مسعود :       أناآسف يا دكتور ماضي ..!! آسف فعلا .. لكن البلد قنبلة موقوته
ماضي  :       دعها تنفجر ..!!
مسعود :       أتريد هدم البلد ؟
ماضي :       نعم لأبنيها  .. ؟
مسعود :       تهد حقيقة .. لتبني وهما  ..؟!! إنت فعلا  مجنون
ماضي :       اثبت لو تقدر ؟!!
مسعود :       سأجعل المأمور يأمر بفحص مسعود3 ..
ماضي  :       ومن قال لك إنه من النماذج الأصليه ..؟ عارف .. لواقتربت  من واحد من  
الإخوة المساعيد ..  ستفرمك الناس .. المساعيد صاروا جزءا من نسيج المجتمع   
سنوات وسنوات وهم يتسللوان بهدوء في شرايين البلدة.. حتى وصلوا هم وأتباعهم لكل مفصل ولكل خليه في قلب المجتمع ..!!
مسعود :       نرجع للسجلات القديمة ..ونتأكد..
ماضي :       أتظنني غبيا مثلك .. ؟!! المساعيد لهم سجلات وبصمات ورقم قومي بل وصوت
انتخابي ..
مسعود :       عملت كل هذا في سنوات ؟
ماضي  :       ربنا خلق الكون كله في ستة أيام ..
مسعود :       تريد أن أشعر باليأس وأسكت و يمر الملعوب  ؟
ماضي :       نحن لا نلعب يا شاطر ..
مسعود :       ملعوب جاد ..!!  لكن لصالح من ..؟!! لا تقل لي الناس .. أنا  واثق إن هناك
آخر غير الناس .. غير المدينة وأهل المدينة مستفيد من لعبة المساعيد .. هذا تخطيط إجرامي ..!!
ماضي  :       [ ضاحكا بقسوة ] انت الآن تتكلم كأغبياء المباحث .. !!
مسعود :       أين المفتاح الماستر للجهاز .. ؟
ماضي :        [ يعود إلى كرسيه ] .. الجهاز مفتوح .. وأكواد الملفات قدامك ..
مسعود :      إنت من مواليد ...
ماضي :       [ قلقا ] وماذا يهمك
مسعود         :       [ يعمل على الجهاز ]
                لا تجب ,.. هو على الجهاز .. سته تمانيه ستة واربعون.. الحمد لله .. الكود لم
يتغير ..!!
ص معدني:    نأسف .. الملف خارج الخدمة .. راجع رقم الكود وكرر المحاولة
ماضي  :       [ ينفجر بالضحك ] صدقتني ؟
مسعود :       شيطان .. مجنون ..
ماضي  :       أنا فعلا مجنون لأني حميتك  .. !!
مسعود :       لم يكن هدفك حمايتي .. هدفك أن تستر جرائمك .. سأبلغ العمدة ..
ماضي  :       لمصلحتك .. لا تفعل
مسعود :       [ خارجا ] بإذنك ..
ماضي :        [ يغلق الجهاز ويسود الظلام ]
انت حر .. لقد حذرتك ..وقد أعذر من أنذر  وانت حر

                                        [ إظلام ]








المشهد الرابع :

                           [ مكتب المأمور ، يدخل أحد الضباط في ملابس المساعيد ، يستعرض
الضابط ملابسه أمام المأمور ]

المأمور :       عظيم عظيم ..  انت الضابط  الذي أبحث عنه  .. لا يمكن لمن يراك أن يتصور
أنك أحد ضباطي !!
الضابط :       لم  ؟
المأمور :       تعودنا أن نتناقش بحرية ووضوح فيما بينا .. رغم ما يشاع عن الأمن من تقييد
للحريات ..  .. لكن في العم .. نلتزم بثوابتنا  .. أمن بلد يا أبني ..!!  إنت هكذا منهم  .. عملية تنكر هائلة  .. تدرس في أكاديمية العسس العليا والله  !! أحسنت ..
الآن تستطيع الدخول بينهم .. وأنا مطمئن .. !!
الضابط :       بين من يا أفندم ؟
المأمور :       الأعداء  طبعا ..!!  لابدأن نجد حلا  ..!! البلد  كالرمل تتسرب من بين أصابعنا
لا أدري ماذا يمكن أن يحدث غدا  ؟
الضابط :       كل خير يا أفندم ..
المأمور :       الناس أصبحت تتصرف تصرفات عجيبة  ..
الضابط :       بمزاجها .. بلا ضغط
المأمور :       أتظن  ؟
الضابط :       أمور طبيعية
المأمور :       أترى أن السيدات اللواتي تكن دواووين الحكومة وتفرغن للبيت .. من الأمور
الطبيعية .. لاعبو الكرة الذين رأوا في ملابس الفريق  كشفا للعورة ..
الضابط :       كان لابد من حدوث هذا من زمن  .. الرجوع إلى الحق فضيلة ..  
المأمور :       الحق ؟ من قال بهذا ؟
الضابط :       جمهور العلماء .. !!
المأمور :       جمهور العلماء ؟ .
                [ جانبا ] حتى ضباطي  ..؟!! لا .. أنت .. أنت لم تتنكر ؟!!
الضابط :       أتنكر  ؟ لم ؟ بإذنك ..
المأمور :       إلى أين  ؟
الضابط :       استأذنتك
المأمور :       [ يشهر مسدسه ] .. مكانك ..
الضابط :       [ يضحك ] هل أغضبتك الحرية والصراحه والوضوح ..؟ إنت من طلبت مني ..
المأمور :       مكانك ..
الضابط :       تقبض علي  ؟
المأمور :       وأحاكمك أيضا  ..
الضابط :       [ يضحك ساخرا ]  تحاكمني .. ؟!!
المأمور :       تضحك  ؟
الضابط :       قبل أن يرتفع سعر الضحك  .. [ يتجه إلى الباب خارجا ]
المأمور :       [ مناديا ] يا جندي .. قلت لك مكانك ..!! يا عسكري يا نمره واحد
                [ يدخل العمدة ثائرا ]
العمدة :       فالح فقط ..  تزعق في العساكر .. ؟!!
المأمور :       حضرة العمدة.. اتفضل .. تفضل ..
[ يتخلى له عن مقعده ويعيد مسدسه إلى جرابه ]
العمدة :                ماذا حدث  ؟
المأمور :       هذا الضابط مقبوض عليه  
العمدة :       لم ؟
المأمور :       ملابسه يا سيدي  
العمدة :       يبدو أن نشرة الملابس الجديدة لم تصل مكتبك  ..؟!! أم  انت لا وقت لديك لتقرا
تعليماتي أنا أصدرت قرارا .. بأنيكون لباس الشرطة الصيفي .. والعسس هكذا  .
المأمور :       دون أن  أعرف .. ؟!!
العمدة  :       حقي يا أخي .. الله !!؟ انتظر خارجا  يا حضرة الضابط ..
                [ يخرج الضابط] هل لك رأي آخر يا حضرة المأمور ؟
المأمور :       لا .. حقك طبعا .. لكن من حقي أن أفهم  ..
العمدة :       لا وقت لدي  لأفهم كل واحد في البلد ..   وأشرح له كل قرار ..!!
                كن ذكيا أيها المأمور  .. الانتخابات على الأبواب .. والناخب حساس ..
خصوصا هذه الأيام   .. !!
المأمور :       لكن يا حضرة ..
العمدة :       لهذا  أريدك أن تصدر بيانا تقول فيه .. إن حادث الانفجار الذي حدث  في حفل
افتتاح الأكاديمية.. مجرد حادث عارض.. !! ماس كهربائي .. غاز .. هه .. لن
تعدم الأشباب  .!! كم من الأسباب الواهية .. كانت وراء بياناتك .. لا يصدقها
أطفال الروضة ..!!
المأمور :       الانفجار كان قدام الناس ..
العمدة  :       قدام الناس أو وراهم .. سأتصرف إعلاميا .. كل واحد .. له ما يوجعه لأمسكه
منه   ..!!
المأمور :       والنيابة ؟ والناس المقبوض عليها ؟
العمدة  :       النيابة من غير محاضر التحقيق التي تدبجها ..  والأدلة التي تجهزها .. أعمى
يبحث عن قط أسود في غرفة مظلمة  ..!! المحاضر رجعت من النيابة للإستيفاء  سويها بمعرفتك..
المأمور :       لكن القانون .. ؟!!
العمدة :       أناالقانون..!!وأنت لن تفهم  مصلحة البلد أكثر مني ..!! يا حضرة المأمورأنا
تحت يدي مستندات ترسل بك  ورا الشمس .. وبقانونك يا حضرة المأمور
المأمور :       لم أتحرك  بدون أوامر منك ..
العمدة  :       بيني وبينك .. آه ..!! لكن أمام ذلك الضابط الواقف بالخارج .. الأمر مختلف ..
المأمور :       شكرا يا حضرة العمدة على صراحتك .. انت نبهتني ..
العمدة :       البلد مقدرة لخدماتك ياحضرة المأمور .. لأنه تاريخ ..  يا ابني.. نحن لاندبر
أمورا في الخفاء  ..
المأمور :       أوامر سعادتك ..
العمدة :       الإخوة المساعيد .. لهم أنصار كثيرون  .. وأصوات أكثر  ..!! وأنا طبعا..
وأظنك معي .. لا نريد أن تذهب كل هذه الأصوات  للمعارضة ..!!
المأمور :       تمام ..
العمدة :       انت تشد .. وهمه يشدون. البلد ستقع ..
المأمور :       أنا أنفذ القانون..
العمدة :       وأنا بالقانون آمرك  ..  أناالعمدة .. لأني  أنا من  يحاسب حساب الملكين ..
قدام صناديق الانتخابات .. !!
المأمور :       تفضل ..
العمدة :       أنا محتاج لفترة هدنة ياحضرة المأمور ..!!    حتى تنتهي الانتخابات ..
المأمور :       والمطلوب مني ؟
العمدة :       ليس  منك للأسف .. !! أنا أحتاج من يتكلم لغتهم  .. يعرف كيف يتعامل معهم
و يحشدهم خلفي ..
المأمور :       قل يا حضرة العمدة ..
العمدة :       إنت راجل أمن  .. وأنا سياسي  ...
المأمور :       القضية أخطر من إحالتها لجهةالاختصاص ..
العمدة :       أريد من يفهمني  بسرعة
المأمور :       تريد أن أقدم استقالتي ..؟
العمدة :       لو هذه رغبتك  .!! .أنا وظيفتي .. أن أحقق رغبات المواطنين .. أما التحقيق ..
فهو عمل جهات أخرى  .. ألسنا  دولة مؤسسات .. !!
المأمور :       انتدب من يتسلم مني ..
العمدة :       أنا واثق من أمانتك .. ونحن  في فترة حرجة .. لابد  لها تصرف مؤقت ..
                [ مناديا ] .. ياحظابط .. ؟!![ يدخل الضابط مسرعا ]
                استلم عهدة سيادة المأمور .. سيادته قائم باجازة  مفتوحة .. !!
الضابط :       أمرك يا افندم ..  بالفعل وضعت يدي على كل شيء  .. مع السلامة يا حضرة
المأمور .. السابق ..
[ يؤدي التحية العسكرية]
المأمور :       أنا في البيت ..
الضابط :       إطمئن يا افندم  .. حينما نريد  أحدأ .. نعرف كيف نعثر عليه   !!
                [ ضحك من المأمور الجديد والعمدة ]
                               
                                        [ إظلام ]

المشهد الخامس :

                [ هذا المشهد والمشهد التالي يمكن عرضهما على المسرح معا حيث يضاء
                  جانب من المسرح فيظهر السجن ويضاء الجانب الآخر فتظهر المحكمة ]
[ سجن المدينة ، المكان مظلم ، صوت فتح باب الزنزانة الحديدي ،  صوت دخول أقدام ]

السجان :       [ بغلظة ] أدخل يا مجرم ..
ص مسعود:    بالراحة .. بالراحة يا أخي ..
                [ صوت أقدام خارجة ، ثم صوت إغلاق الباب الحديدي ، اضائة تدريجية تدل
على تعود عيون الداخل على الرؤية ]
ياه .. الظلام شديد .. يبدو المكان متسعا !!هيه .. هل من أحد هنا ؟!!
المأمور :       مرحبا بك في أفخر فنادقي يا دكتور مسعود .. !!
مسعود :       [ ضاحكا ]  أهلا  ..!!  وصلت يا حضرة المأمور ؟ يا محاسن الصدف ..
المأمور في السجن .. عنوان لفيلم رخيص .. أظنها أول حادثة من نوعها في تاريخ المدينة ..؟!!
المأمور :       قصدك من بنى سجن يسجن فيه ..؟ صح ..!! المثقفون .. !!
مسعود :       من فعل بك هذا  ؟
المأمور :       المساعيد
مسعود :       أمسكوا البلد .. ؟
المأمور :       لا .. أمسكوا بالعمدة ..
مسعود :       جن الراجل  ؟
المأمور :       كيف عرفت  ؟
مسعود :       آتيت من عنده توا .. ذهبت أحذره من المساعيد .. فقبض علي بتهمة إثارة
الفتنة الطائفية .. !!
المأمور :       تحذره  .. ؟!!وانت ماذا تعرف عن المساعيد ؟
مسعود :       هل معنا أحد.. ؟
المأمور :       معنا ربنا ..
مسعود :       ونعم بالله ..  كيف لا أعرفهم .. أنا شريك في صنع المصيبة ؟ .. أنا المهندس
الذي صمم الهيكل العبقري .. كل سلك .. كل أنبوبة ..
المأمور :       [ يضحك ] يبدو أن الجنون لم يصب العمدة فقط ..!!
مسعود :       أنا لا أخرف .. أنا أتكلم بدقة .. أقول الحقيقة التي يصعب تصديقها ..
                كل عضو من أعضاء المساعيد كلفني الليالي .. رسما وتصميما وتعديلا .. ونحتا
                للعظم .. !!
المأمور :       عضم وأسلاك .. وأنابيب .. كأنك تتكلم عن آلات ..
مسعود :       هل ظننتهم من البشر ؟!!
المأمور :       نعم ؟!!
مسعود :       لا .. إنهم مجرد روبوت .. إنسان آلي .. مخازن معلومات متطورة جدا ..
المأمور :       الواضح أن البلد كله جن.. ويريد لي الجنون  .. !!
مسعود :       من حقك ألا تصدق
المأمور :       ماذا أصدق يا دكتور ..؟ قل كلاما معقولا وأنا أصدقه .. !!
مسعود :       أنا والدكتور ماضي .. صنعنا ثلاث نماذج  ..  مسعود1 ومسعود2 ومسعود3
                صنعناها في أماكن كثيرة ومصانع كثيرة حتى لانلفت الانتباه  .. وجمعناها في
المعمل .. الدكتور ماضي كان متفقا على المشروع مع أناس  أنا لاأعرفهم
يسميهم أهل الخير ..
المأمور :       من المؤكد أنك تتحدث عن أمر آخر غير المساعيد ..!! .. المساعيد من أعرفهم واتابعهم أمنيا ليسوا ثلاثة ولا ثلاثون ولاثلاثمائة .. آلاف يا دكتور .. !!
مسعود :       هذا هو الإعجاز في المشروع .. الروبوت .. المساعيد .. قادر على التفاهم مع
البشر بالطريقة البشرية المعتادة .. من خلال ذاكرة رقمية جبارة .. لاأقدر على الشرح .. وإن قدرت لن تفهم ..
المأمور :       أتريد القول .. إن الآلات .. هم المساعيد  .. هم السبب في ..
مسعود :       وانا وانت والعمدة .. كلنا السبب ..
المأمور:        مبروك يا دكتور .. مشروعكم نجح ..هل انت سعيد  ؟
مسعود :       لو في غير هذه الظروف .. كنت سأكون أسعد انسان .. الدكتور ماضي مجنون
لكنه عالم عبقري.. أنجز اختراعا عبقريا ..
المأمور :       العمدة مجنون .. والدكتور ماضي مجنون .. يبدو أنك العاقل الوحيد في البلد
مسعود :       أبحاث مثل ابحاث الدكتور ماضي  .. تحتاج لمال قارون .. وزمن ..!! انت أين
كنت  ؟
المأمور :       ليس لدينا شرطة معامل يا صاحبي .. كان لابد من الرقابه على كل شئ ..
مسعود :       ليت الرقابة هي الحل ..
المأمور :       هل قلت مثل هذا الكلام  للعمدة .. ؟
مسعود :       وللأسف لم يصدقني ..
المأمور:        من حقه ألا يصدق ..
مسعود :       لكن من حقه أن يقبض علي ؟
المأمور :       العمدة أصيب بحمى العرش .. مرض من الأمراض السياسية التي لا يعرفش عنها
الطب شيئا .. العمدة عينه على الكرسي .. هوه كفء وطموح ...
مسعود :       كان يحتاج إلى الراحة ..
المأمور :       السلطة والمال .. كمياه البحر المالح .. كلما شرت إزددت عطشا ..!!
                [ تسمع أصوات أقدام مقتربة ]
مسعود :       ضيوف جداد .. ؟!!
المأمور :       إنها سلطة التحقيق .. جاءت ترحب بقدومك الكريم .. بالقانون..
مسعود :       والله ؟ ..  كنت أظنهم نسوا القانون ..
المأمور :       لا داعي للتفاؤل ..
مسعود :       ماذا تقصد؟
المأمور :       مهمة سلطة التحقيق أن تبحث لك عن تهمة تتناسب مع رغبة العمدة  طبقا
للشرع والقانون ..


                                                        [ إظلام ]
صوت :                [ مناديا ]
                الدكتور مسعود مسعود


المشهد السادس :

[ يضاء الجانب  الآخر من المسرح فتظهرمنصةالقضاءحيث يجلس القاضي في ملابس سوداء ونظارة سوداء وقرب المنصة مكتب لكاتب الجلسة، بينماالسجان يقف إلى جوار قفص معدني حيث يقف الدكتور مسعود]

السجان :       الدكتور مسعود مسعود
مسعود :       موجود ..
القاضي :       إنت الدكتورمسعود المجنون ..
السجان :       رد
مسعود :       أنا الدكتورمسعود .. ولست المجنون ..
القاضي :       وهل من العقل  يا دكتور تخريب مشروع .. سهرت فيه الليالي ؟!!
مسعود :       كنت أتمنى لوضيعت الليالي تلك على مقهى كما تفعل الناس ..!! على الأقل ..
ما أحسست بالذنب ..كما أحس الآن ..!!
القاضي :       الذنب إللي لابد من الإحساس به ..هو تجاه محاولتك تحريض السلطات ضد
شريحة من المواطنيين الشرفاء .. !!
مسعود :       شريحة ؟ ثلاثة آلات صاروا شريحة ..؟ ومواطنين .. ؟!!
القاضي :       المساعيد لم يعودوا ثلاثة يا دكتور .. المساعيد أصبحت حركة تاريخية ..
مهمتها إن تستعيد المجد القديم لهذه البلدة .. ووضع بلادنا العريقة على قمة
العالم .. !!
مسعود :       المساعيد ثلاثة فقط ..
القاضي :       قصدك النماذج الرائدة  ..الرواد فعلا كانوا ثلاثة ..
مسعود :       انتظر..!!  صوتك ليس غريبا علي أذني أيها القاضي  ..!!؟
القاضي :       كنت أتوقع إنك ستعرفني بسرعة أكبرا ..
مسعود :       لك حق .. لأني شاركت ف صنعك ..
القاضي:        أستطيع التوصية بإعدامك ..
مسعود :       لا اندهش .. من أين تأتي بالمشاعر ؟!!
القاضي :       المشاعر ضعف ..  ..
مسعود :       وما  يمنعك من إعدامي .. ؟
القاضي :       حسابات عقلية .. لا علاقة بالعواطف والمشاعر ..!! انت متهم بإثارة الفتنة
الطائفية بين فئات المجتمع .. وحرمان قطاع من المواطنين من حقه في التعبير  وهذا مخالف للشرع والقانون وحقوق الإنسان ..!!
مسعود :       [ يضحك ]  ليتكلم غيرك عن حقوق الإنسان ؟ .. أتعد نفسك من الناس  ؟
القاضي :       هل ترغب في تدقيق أوراقي ؟
مسعود :       وما الفايدة .. ما دمت هنا .. ؟!!
القاضي :       قدامك حلين ..!!  من المكن أن تخرج من هنا .. وفورا ..
مسعود :       صحيح ؟
القاضي :       بشرط واحد .. جهزت لك الباسبور جواز المرور .. وعقد عمل في الخليج
والمبلغ على بياض
مسعود :       والمطلوب؟!!
القاضي :       اترك البلد ..
مسعود :       وإذا رفضت .. ؟
القاضي :       تكون قد اخترت الحل الثاني .. وهو أن تعطنا عقلك  ..
مسعود :       عقلي ؟
القاضي :       أقصد نسخة .. نسخة رقمية .. من عقلك ..
مسعود :       إنت فعلا ذكي ..!! وما ضمان الخروج ..؟!!
القاضي :       لا ضمان .. انت حر ..
السجان :       تعرف إننا يمكن لنا إحضارك لو رجعت بطن أمك ..
مسعود :       مجرم وسجان ؟!!
السجان :       أنا لا أحب الفلسفة ..
مسعود :       إذن أنت  مسعود3 .. هتيف العمدة .. صح ؟!!
السجان :       شاطر ..
مسعود :       أنا موافق على المغادرة
القاضي :       أوصله حتى الباب ..!! من مصلحتك يا دكتور أن  تخرج من هنا إلى المطار ..
مسعود :       وشنطي ؟
السجان :       شنطتك في المطار مع الآنسة نور .. أنا بالنيابة عنك .. أنا طلبت منها تجهز
شنطك لإنك مسافر مؤتمر .. وهي معاك ..
مسعود :       والدكتور ماضي .. ؟!!
السجان :       خليك في نفسك ..
                [ يفتح له باب القفص فيخرج مسرعا ]
القاضي :       إنسان غبي  ..  أنا عارف إنه سيخرج من هنا على المعمل ..!! وهذا ما أريده
بالضبط ليكون  كل البيض في سلة واحدة..وفي المعمل ..!![ للسجان ]  إعط
إشارة للأخوة المساعيد بالهجوم على المعمل بمجرد دخول مسعود صفر .. !! لا تقتلوهم .. قبل استنساخ عقل مسعود صفر وماضي ..!! عقولهم الجبارة وسيلتنا للإستمرار في مهمتنا ..مهمتنا المقدسة .. !!
[ ينحني السجان خارجا ]

                                [ إظلام ]














المشهد السابع والأخير :

                [ المعمل  ـ صورة الدكتور مسعود تملأ شاشة الجهاز في الخلفية ، يدخل
الدكتور ماضي ، ويرى صورة الدكتور مسعود ]

ماضي  :       جيد إنك هنا يا دكتور .... أين ذهب شافعي  ؟ .. انتظر
                [ يدق الجرس بعنف ] .. فيم العجلة  ؟
[ يفتح الباب بنفسه يدخل مسعود مسرعا متوترا وتختفي صورته من على الشاشة ]
مسعود :       بسرعة يا دكتور ماضي ..
ماضي  :       خد نفسك يا ابني ..  كنت تجري ؟!!
مسعود :       لم أوراقك الهامة لابد أن  نخرج من هنا حالا ..
ماضي :        إلى أين  ؟
مسعود :       لا يهم  .. أي مكان و أي بلد ..
ماضي  :       عجيبة .. ألم تذهب لشكوتي إلى العمدة ..؟!! ما الذي أعادك  ؟
مسعود :       لا وقت .. المسألة أكبر مني ومنك ..
ماضي  :       إهدا يا مسعود ..
مسعود :       كيف أهدأ وعفاريت الكون تطاردنا .. ؟!!
ماضي  :       [ ضاحكا ] عفاريت ..؟ لا أعرف عنك الإيمان بهذه الخرافات من قبل  ؟
مسعود :       يا دكتور .. المساعيد يطاردوننا ..و واثق إنهم دفعوني للقدوم إلى هنا  لتسهيل
مهمتهم ..المساعيد يضمرون الشر  ..
مسعود :       اهدا يا دكتور .. المساعيد نماذج للخير ..
مسعود :       كان هذا في زمان مضى .. أيام أن كنت انت من يختار المعلومات اللي تشحن بها الذاكرة ..  الأمر الآن مختلف .. المساعيد أصبحت لهم تغذية ذاتية ..!! بعد أن  قطعت
وصلة الاتصال معهم ..
ماضي  :       علميا هذا صحيح ..!! لكن من الناحية العملية .. مستبعد ..
مسعود :       صدقني .. المساعيد لم يعودوا ذلك النموذج النقي .. الذي كنا نحلم به .. و
خططنا  له .. ونفذناه .. مسعود واحد .. كان القاضي الذي حقق معي ..
كانت الرغبة في قتلي واضحة في عينيه .. حتى من غير أن يخلع  النظارة ..
مسعود3 كان السجان .. !!
ماضي  :       غريبة ؟!!
                [ تبدو على وجهه السعادة والدهشة معا ]
مسعود :       إنت مبسوط .. ؟
ماضي  :       أنا فعلا فرحان .. كأي أب يفرح بأولاده .. !!
مسعود :       ستفرح أكتر.. عندما تجدهم يدخلون لكي يذبحوك  .. !!
ماض   :       الآن ؟
مسعود :       نعم يا دكتور
ماضي  :       شوقتني أشوفهم ..
                [ يفرغ صبر الدكتور مسعود ]
                لا تنزعج يا مسعود .. المساعيد أعقل من إنهم يعملوا معي أنا وانت بالذات
يضرنا جسديا أو عقليا .. لإنهم يعلمون إننا .. أنا وانت فقك .. من يقدر
تجديد  ملفات الطاقة الخاصة بهم  والتي بدونها يصبحون .. مجرد خردة ..!!
مسعود :       لا فائدة .. هل ممكن نقل ذاكرة الميت ؟
ماضي  :       ماهذا السؤال الغريب ؟
مسعود :       ممكن أم لأ .. ؟
ماضي  :       من الناحية النظرية ممكن ..  بسماعة بسيطة [ دلتا ] وجهاز من أجهزة
التسجيل الطيفي .. فقط.. لعبة عيال .... بس قبل الموت الإكلنيكي ..!!! 
لكن بعد موت الإنسان  مستحيل ..  !!
مسعود :       والمساعيد فاهمين ده.. ؟
ماضي :        طبعا ..
مسعود :       انا فهمت الآن ..
ماضي  :       جميل .. أفهمني  ..
مسعود :       المساعيد يريدون قتلنا هنا .. حتى تصير  تبقى مهمة نقل أو نسخة الذاكرة
سهلة ..
                [ صوت جرس شديد صورة شافعي على الشاشة في ملابس المساعيد ]
ماضي  :       مسعود1 ؟
مسعود :       لا .. هذا شافعي ..
ماضي :        ضموه ؟ !! كيف؟ !!
مسعود :       الدعوة للخير مقنعة .. من يكره أن تتحقق الجنة على الأرض .. م يكره الخلود ..
ماضي  :       شافعي .. ؟
مسعود :       المساعيد عفريتك إنت .. أنت من حضرته  .. وعليك أن تصرفه ..
                [ تظهر على الشاشة تجمعات للمساعيد تتزايد ]
ماضي  :       هيا  نهرب ..
مسعود :       ضاعت فرصة الهرب يا دكتور في الفلسفة الفارغة .. فكر في طريق آخر 
                لا يوقع ذاكرتينا في أيديهم
ماضي  :       لا حا غير أن نمسح ذاكرتنا ..
مسعود :       نعم .. ؟
ماضي  :       إنه الحل الوحيد .. أنا مدرك معنى ما أقول .. !! يمكن أن ننسى كل الخبرات ..
ممكن نرجع للطور الجنيني .. .. ويمكن ألعن ..
مسعود :       ممكن المسح يردنا لحيوانية الحيوان الأول بغرائزه .. معقوله نعمل هذا في نفسنا
 يا دكتور ؟ لا .. لا يمكن أن أسلم لهم عقلي .. لن أسلم  عقلي للمساعيد ..
ماضي  :       في حالتنا يا مسعود يا ابني .. المقاومة نوع من العبث .. سنقتل ..

                [ يبدأ الدق المنتظم على جدران المعمل من الخارج ، ويختلط الدق بأصوات
عربات الشرطة والمطافئ والإسعاف ، يدور العالمان في المعمل خائفين ]

ص مسعود1 : أنا أعرف أنكم موجودون في المعمل .. أنا أنذركم إنذارا نهائيا .. آخر فرصة
لكم .. سلمونا نسخة من الذاكرة .. وأعدكم بتوفير رحلة للخارج .. للاستشفاء
مسعود :       إنه القاضي .. مسعود 1
ماضي  :       علي أن أشوش عليه .. قد أعطلهم لحظات
                [ يتجه إلى جهاز ويبدأ في تشغيله ]
                ليس أمامنا إلا هذا
                [ تصدر عن الجهاز فرقعة شديد ويسقط ماضي على الأرض فيحتضنه مسعود
ويجره بعيدا عن الأجهزة ]
مسعود :       عكسوا مسار الإشعاع .. ولاد الــ ...
ماضي  :       الصدمة الإشعاعية شديدة .. لكن ولا يهمك .. المشروع نجح يا مسعود .. غدا
تصير تلك النماذج التي خلقناها .. خردة .. والمشكلة تنتهي ..
مسعود :       ياليت .. أهل المدينة كلهم صاروا من المساعيد .. اقتنعوا بالأفكار إللي حملتها
للنماذج لإنهم رأوا فيها الطريق للخلاص من القهر والفقر ..
ماضي  :       ماذا تقصد  ؟
مسعود :       أمامنا  أجيال ..حتى نتخلص منلعنة هذه الخطيئة .
ماضي  :       كنت حسن النيه ..
مسعود :      الطريق لجهنم مفروش بالنوايا الحسنة .. عموما اطمئن .. بلدنا طول عمرها
معدتها تهضم الزلط ..!! كام وكام عفاريت وطواغيت وأجانب .. قلبوا حياتها
إلى جحيم .. لكن في النهاية .. أين هم ..  ..؟!! هضمتهم المعدة الشعبية ..
المهم .. يا دكتور ..
[ تسمع صفارة مستمرة على أحد الأجهزة دلالة توقف القلب .. ]
مات .. غريبة .. أول مرة أكتشف إن الموت .. حل عبقري لمشاكل الحياة
ص نحاسي :   ندعوكم إلى النجاة سلموا نسخة من الذاكرة ..!! ندعوكم إلى النجاة ..  سلموا
عقولكم ..!! لا تحاولوا .. سلموا عقولكم .. سلموا عقولكم   ..

                [ اصوات مختلطة مع التكرار يبدأ الإظلام التدريجي ]

                        تمت بعون الله ،

درويش الأسيوطي
أسيوط 11/7/2016
 للإتصال بالمؤلف :
                       هاتف :01008649030
            بريد إلكتروني :al_asuty46@yahoo.com  
                      Darweeshalasuty1946@gmail.com






0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption