"عرّاب المسرح السعودي" لقب يثير جدلا في السعودية
مجلة الفنون المسرحية
"عرّاب المسرح السعودي" لقب يثير جدلا في السعودية
زكي الصدير - العرب
مسرحيون سعوديون يدعون إلى ترك الخلاف السطحي والنهوض بالمسرح، ويؤكدون أن فهد ردة الحارثي استطاع بمساهماته وإنجازاته وأعماله أن يغيّر أسئلة المسرح في فرقة الطائف.
"عرّاب المسرح السعودي" لقب يثير جدلا في السعودية
زكي الصدير - العرب
مسرحيون سعوديون يدعون إلى ترك الخلاف السطحي والنهوض بالمسرح، ويؤكدون أن فهد ردة الحارثي استطاع بمساهماته وإنجازاته وأعماله أن يغيّر أسئلة المسرح في فرقة الطائف.
رغم حداثة المسرح السعودي إلّا أنه حاول أن يحجز له مقعدا جديدا بين مقاعد المسرح العربي والعالمي عبر ممثلين موهوبين، ومن خلال كتاب مسرحيين أكفاء، استوعبوا الحياة وأسئلتها فكتبوها ومسرحوها. ولكن هل كان لهذا المنجز المسرحي السعودي عرّابوه ومؤسّسوه ومعلّموه، أم إنه كان ولا يزال يعيش حالة من الفوضى وسط اجتهادات يقوم بها المسرحيون بشكل فردي أو جماعي.
كثر الجدل مؤخرا حول حقيقة وجود عرّاب للمسرح السعودي من عدمه، وربما تأكد هذا الجدل في وسائل التواصل الاجتماعي والصحف الثقافية المحلية بعد أن أطلق البعض على الكاتب المسرحي السعودي فهد ردة الحارثي لقب “عرّاب المسرح السعودي”، وذلك أثناء تكريمه من قبل لجنة المسرح في جمعية الثقافة والفنون بالطائف في 24 أبريل الماضي، بمناسبة تكريمه في مهرجان الكويت الدولي للمونودراما، وما تلا ذلك من ردود فعل متباينة حول أحقيته بهذا اللقب من عدمها، حيث وجد البعض فيه استحقاقا، بينما وجد فيه البعض الآخر توصيفا مبالغا فيه، فالحارثي -بحسب رأيهم- مجرد كاتب مسرحي جيد، استطاع بمساهماته وإنجازاته وأعماله أن يغيّر أسئلة المسرح في فرقة الطائف، الأمر الذي ربما يجعل منه عرّابا للمسرح في مدينة الطائف فقط دون السعودية كلها.
وفي الشأن نفسه تساءل آخرون عمّا إن كان المسرح السعودي قد شهد خلال السنوات الأخيرة تنوعا في اشتغالاته ومناطق عمله في المحافظات والمدن السعودية المختلفة، فهو مشغول بمسرح الطفل والمسرح التجاري والاجتماعي والمسرح التجريبي والمسرح المفاهيمي والمونودرامي وغير ذلك من المجالات، فعن أي عرابة يتحدثون عندما يشيرون إلى الحارثي بأنه عرّاب المسرح السعودي؟
المسرح للجمهور
لعل أول من أشعل فتيل الجدل في المشهد المسرحي بالسعودية هو الكاتب نايف خلف الثقيل، عندما أشار في صفحته الفيسبوكية إلى أن مسألة العرابة الحارثية مبالغ فيها، وأوضح بأن المسرح السعودي يحتاج إلى تأريخه وتأصيله وإعطاء مؤسسيه حقهم في التعريف بهم وبتاريخهم. الأمر الذي عدّه البعض استنقاصا وهجوما يشنه الثقيل على الحارثي ولجنة المسرح في مدينة الطائف. حيث قوبلت هذه التساؤلات بهجمة من تعليقات المسرحيين السعوديين في صفحات وسائل التواصل الاجتماعي تفاوتت بين مؤيد ومعارض لردود الفعل التي دارت حول رأي الثقيل.
الفنان إبراهيم الحساوي: تجربة الحارثي المسرحية تستحق الإشادة والاهتمام، وقد أثرى الكتابة المسرحية وفتح مضامينها على مناطق جديدة
وفي حديثنا معه يرى الفنان إبراهيم الحساوي أن تجربة الحارثي المسرحية تستحق الإشادة والاهتمام، فهو -والكلام للحساوي- قد أثرى الكتابة المسرحية وفتح مضامينها على مناطق جديدة. غير أن الألقاب (مثل العرّاب) لا تناسب -في رأيه- المسرح السعودي الذي ما زال يحبو، فهو إلى الآن في بداية مشواره الفني. يقول الحساوي “لو عملنا استبيانا جماهيريا لعرفنا أن المسرح السعودي غير معروف أصلا، فدعونا بدل الجدل والتنافس على الألقاب نؤسس مسرحا سعوديا ضمن مشروع متكامل، وليس أعمالا مسرحية منفردة، حيث إننا نفتقد للصالات المسرحية الخاصة، ونفتقد للمرجعيات اللوجستية الأساسية”. ويشير الحساوي إلى أنه في الكويت -على سبيل المثال- تجد مسرح عبدالحسين عبدالرضا دون ألقاب، وهو الفنان المعروف الذي قدّم إلى المسرح الخليجي والعربي أعمالا خالدة طوال مشواره الفني الطويل.
ويتساءل الحساوي في حديثه مع “العرب” عن المسرح السعودي وعن مكانته العربية، ويؤكد على أن المسرح يجب أن يكون للجمهور وليس للنخبة. يقول “المسرح السعودي مجهول جماهيريا، فلا أحد يعرفه ويعرف كتّابه وممثليه ومخرجيه، فهم معروفون بينهم وبين بعضهم البعض، فقط ضمن دوائر ثقافية ومسرحية ضيقة جدا. وبأن موضوع عرّاب المسرح السعودي أخذ منطقة متشنجة في الحوار، وأصبح الحديث عنه بلا طائل”.
وكتب الشاعر حسن القرني قائلا “هناك ردود شخصية على خلفية رأي الدكتور نايف خلف الثقيل حول مسألة عرّاب المسرح السعودي، وأنا مؤمن بأن الآراء المختلفة والمتضادة مثرية ومفيدة، ولكن مثل هذا الأمر خيبة أمل عميقة، والذي أصابني في مقتل، هو انزلاق أسماء معروفة من الأصدقاء الكبار في هذا. كنت أنتظر وأتطلع إلى تفاعل يثري النقاش بعيدا عن الشخصنة والشتائم، وما سوى ذلك من حديث كواليس ينطلق عن حسابات شخصية، أو شللية داخل هذا الفن، أو مظنة مناطقية مقيتة -إن وُجدتْ- فلا تعنيني على أي حال”.
ترك الهامش
فهد ردة الحارثي: المسرح بحاجة لطاقاتنا وخبراتنا وللعمل وترك الهامش والاتجاه للمتن
فهد ردة الحارثي: المسرح بحاجة لطاقاتنا وخبراتنا وللعمل وترك الهامش والاتجاه للمتن
في اتصال لـ”العرب” مع رئيس فرقة مسرح الطائف الفنان سامي الزهراني وسؤاله عن رأيه في هذه القضية، لاسيما وأنه سبق وأن أعد كتابا مشتركا مع جمال إبراهيم اللهو عن فهد ردة الحارثي تحت عنوان “العرّاب”. أجاب “قبل ما يقارب العشر سنوات من الآن تم تكريم الأستاذ فهد ردة الحارثي في محافظة الطائف والجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بحفل بهيج دعي إليه العديد من المسرحيين والفنانين والمثقفين من مختلف الدول العربية على خلفية ما حققه من جوائز مسرحية داخل وخارج السعودية، وتكريمات في مهرجان المسرح العربي بمصر ومهرجان أيام قرطاج الدولية بتونس، في هذه الفترة أطلقت على الأستاذ فهد الحارثي لقب ‘عراب المسرح السعودي‘، وكان هذا من خلال صفحاتي الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، بعد ذلك انتشر اللقب من خلال محبي فهد في مختلف أنحاء السعودية وخارجها”.
وأضاف الزهراني “ما يحدث من إثارة حول هذا اللقب يمكن أن ألخص بعض أسبابه في عدة نقاط: أولا الحارثي لم يبحث عن هذا اللقب فأنا من أطلق عليه هذا اللقب، وثانيا هناك العديد من القامات الأدبية والثقافية أطلقت عليهم الألقاب بدافع نتاجهم ومحبة الناس. وثالثا خلال أربعة أشهر من هذه السنة الميلادية والحارثي يتنقل ما بين الدول العربية في مهرجانات مسرحية مختلفة، والشجرة المثمرة دوما يلقى عليها بالحجارة. ورابعا الاستمرار دون انقطاع في ممارسة العمل المسرحي منذ 40 عاما. وخامسا اعتماد المعترضين على اللقب على أنه نسف لجهود السابقين”.
ويتابع “ولأني من أطلق لقب عراب المسرح السعودي على الأستاذ فهد رده الحارثي أقدر وأجل كل جيل الرواد الذين أسسوا لحركة مسرحية في السعودية وأقدر كل الأجيال التي ما زالت تعمل في الوسط المسرحي فلهم كل المحبة والتقدير”.
من جانبه أوضح الكاتب المسرحي فهد ردة الحارثي لـ”العرب” بأن الألقاب التي تمنح للشخص لا ترفع من قيمته ولا من منجزه، ولا تزيده ولا تنقص منه عندما لا يلقب بها، يقول الحارثي “أوضحت ذلك جليا منذ بداية الجلبة حول الموضوع الذي جاء بعد تكريمي في مهرجان الكويت الدولي للمونودراما، اللقب مستخدم من قبل عشر سنوات، وكان يستخدم تارة ويخبو تارة، دون أن يضيف لي ذلك مجدا أو يقلل مني، لقد أعلنت جليا وبوضوح على صفحتي في الفيسبوك أن اسمي هو فهد ردة الحارثي، وهو ما أعتز به وأفخر بمنجزي المحلي والعربي الذي حققه اسمي وعملي”.
ويضيف “محاولات خلط الأوراق والنقاش على السطح واعتبار أن فهد ردة الحارثي ولقب عراب المسرح السعودي خطر على مسرحنا تكفي للدلالة على أصحاب النقاش بها. قدمت خمسين عملا مسرحيا منفذا، وأخرج لي 37 مخرجا محليا وعربيا، وعرضت مسرحياتي في 14 مدينة سعودية و37 مدينة عربية”.
ويتابع “كما شاركت في خمسين ندوة وورشة مسرحية محليا وعربيا وعرضت مسرحياتي في 113 مهرجانا محليا وعربيا وحصلت نصوصي على 27 جائزة محلية وعربية وكرمت في مصر وتونس والكويت والمغرب وفي معظم مدن بلادي وشاركت في 13 لجنة تحكيم محلية وعربية، ثم نترك كل ذلك لنتجه إلى نقاش عقيم من هو العراب ومن هو السندباد والسوبر مان، المسرح بحاجة إلى طاقاتنا وخبراتنا وإلى العمل فيه ومنه وله، وترك المتن والاتجاه للهامش لن يفيد مسرحنا”.
0 التعليقات:
إرسال تعليق