مسرحية " الحاوي " تأليف : بوجمعة الدنداني
مجلة الفنون المسرحيةحديقة عامة تفتح على مقبرة من جهة ومن الجهة الأخرى على جبل
شاب يجلس على مقعد حجري و يتابع حركية ما في الحديقة ، يعيد كرة لفتيان يلعبون او يبتسم او يرد التحية لمارين {غير مرئيين}
تدخل شابة تجلس على مقعد حجري قبالة الشاب و تتابع حركية ما في الحديقة و تعيد كرة لفتيان يلعبون او تبتسم او ترد التحية لمارين {غير مرئيين }
يتواصل المشهد صامتا لفترة زمنية
الشاب للفتاة : اهلا
الشابة : أهلا
الشاب يبتسم
الشابة تبتسم
الشاب : مرحبا
الشابة : مرحبا
صمت
الطقس فظيع
الشاب : نعم الطقس ربيع
الشابة : كيف ذلك نحن في فصل الخريف ؟
الشاب :{ مستدركا } آه صحيح نحن في فصل الخريف
صمت
الشابة : ستهب الريح وقد تمطر
الشاب :ربما
الشابة : نعم الا ترى هناك في آخر الحديقة ، انظر ، بقايا اوراق شجر صفراء ميتة وبعر وكاغظ واوساخ وغبار يتجمع ويتكوّم
الشاب : وان يكن
الشابة :انظر إلى الأفق ، ألاترى ،غمامة هناك نزلت واستقرت فوق الشجرة الضخمة ألا ترى ؟
الشاب : بلى ولكن
الشابة : ربما ريح عاقر
الشاب : أو مطر بلا مطر
الشابة : معقول ، مطر بلا مطر
تنتبه للطفل {غير مرئي }
أهلا تعالى نرقص
تقوم وتخاصره وترقص معه والشاب يتابع بانتشاء ثم ينهض ويراقص الشابة والطفل معا
الحركات الحركات اه من الحركات الكون حركات
الشاب : الكون حركات حركات
الطفل :{غير مرئي } وكلمات
الشاب والشابة معا : وكلمات
الكون حركات وكلمات
يفلت الطفل ويغادر يعود الشابان إلى مقعد يهما
الشابة : ما أجمل الطفولة
الشاب : حقا ولكنك مازلت طفلة
الشابة : طفلة ؟؟ كأنك لاتبصر
الشاب : طفلة بشعر منسدل على الكتفين كالليل
الشابة : هههه أهذا غزل أم ...
الشاب : هو أشبه بالغزل
صمت
لولا الطقس لتغزلت بك الطقس يميل الى الرداءة
عندما تبرد أعضائي تتقلص مشاعري اندس في نفسي وأنسى كل من كان حولي وتزداد نفسيتي سوءا
صمت
البرد لا يشجع على الحب
يشجع على الكسل
صمت
وعلى الموت
الشابة :{ توزع القبلات على الطفل وعلى مارّة غير مرئيين }
اعتقد أن الطبيعة تخاتلنا
مطر بلا مطر
الشاب : هي دائما تخاتلنا ارايت في ذلك الركن من الحديقة اوراق شجر ميتة تتجمع ويقايا اوساخ وورق بعد قليل ستندفع باتجاهنا
الشابة : انه العجاج إذن
الشاب :العجاج العجاج نعم ولكن ما وراء العجاج انه يخفي ....
الشابة : نعم انه يخفي ...
صمت
ماذا يخفي ؟
ربما صاعقة
الشاب : او ربما أمطارا غزيرة
الشابة : او ربما تسونامي
الشاب : او ربما سقوط برجين آخرين في مكان آخر و احتلال بلد اخر
الشابة : او تهجير شعب وإحلال شعب اخر مكانه
الشاب : العجاج كارثة
الشابة : يعمي الأبصار فلا نعود نرى شيئا ونستفيق على فضيحة
العجاج لايعترف بالحدود
يتكون فجاة وفجاة يكبر وهو الذي تسميه الاسطورة بالغول
الشاب: له كرش كبيرة تبلع كل شيء كل شيء كل شيء
سيبتلعنا نحن ايضا
الشابة : لن يقدر هو يتكون في لحظة وينتهي في لحظة ونحن نمتد ونتمدد في التاريخ وفي الجغرافيا
لن يقدر علينا، نحن اكبر منه ، اكبر منه .يبدو للوهلة الاولى انه يتحكم في كل شيء ولكن مع الوقت يتفكك وحده يحمل في داخله عناصر موته ، والشمس مضيئة في دواخلنا ستمسح العتمة .
الشاب: كالراسمالية
الشابة : وكالطائفية الان هي اعلى مراحل العولمة .
بدأت الحديقة تخلو من مرتاديها
الشاب : العجاج يخفي الكوارث الخوف دائما الخوف
الشابة : المجهول مخيف
الشاب : لو نستطيع التخلص من مضغة الخوف
تبتسم للطفل وتداعبه
الشابة : طفل جميل لايعرف الخوف
الشاب : نعم هو كذلك ولكنه مازال لم يتشكل بعد
صمت
الشابة : الكون حركات وكلمات
الحركة والكلمة أساس الوجود والعلاقات
يسمع عزف آت من بعيد
يدخل العازف يموت كل شيء يتواصل العزف ثم يتوقف و يجلس على احد المقاعد .
العازف : الامن مستتب والصمت مطبق لاحركة ولا نأمة ولا طير ولا حفيف اوراق ما اجمل الصمت كم يقلقني الحوار والفلسفة انا لااؤمن بالمنعرجات الطريق واحد ومستقيم لا التواءات
انا العازف الوحيد والمايسترو الوحيد ، لااريد ان اسمع صوت عزف اخر لابد من الصمت حتى تتلذذوا نغماتي والحاني . هل تستطيع ان تسمع جيدا اذا اختلطت الاصوات او تكاثرت وخاصة اذا تضاربت وهو ما نسميه نحن الموسيقيون بالنشاز
النشاز ضد الحياة وضد المتعة والتلذذ والتذوق .
تعود الحركة على المسرح أوراق الشجر الميتة والورق والغبار تتجمع من جديد وتبدأ في التوسع الطفل يجري ويندس في حضن الشابة ينهض الشاب ويداعب رأس الطفل ويقبله
عازف الناي يتابع ما يحدث مشدوها .
عازف الناي : يقبلان ماذا ؟ هل دخلت في بلاد العجائب , شابان يخاطبان طفلا لا يرى أم هيئ لي ، لا لم يتهيأ لي أنا على يقين من ذلك
الشابة : هل سمعت عازف الناي ؟
الشاب: نعم ما به
الشابة: عزف أجش
الشاب: نعم عزف منفعل متوتر
الشابة عزف كأنه ليس لنا
الشاب عزف كأنه ليس منا
الشابة : عزف لم يمسني لا اشعر به لا يشعرني بأني أنا
الشاب : لعله يعزف لغيرنا
صمت
الشابة : انظر خلفنا مقبرة ،هكذا نحن ، نحمل قبورنا في داخلنا المدينة جنب المقبرة والقرية جنب المقبرة وفي بيوتنا اضرحة وكلما تنقلنا اخذنا معنا اضرحتنا ، الموت يسكننا ، هناك ألم تتفطن لوجود جبل ؟
حديقة بين مقبرة وجبل ؟
الشاب : اجل جبل ضخم به وعورة
الشابة : ترى هل تسكنه الحيوانات
الشاب : الحيوانات في كل مكان أرأيت شجر الصبار يحيط به من كل جانب
الشابة : حيوانات مفترسة ؟
عازف الناي : حيوانات مفترسة ؟ طبعا الغابة للمفترسين
الشاب : من تكون أيها السيد
العازف: عازف
الشابة : نعلم ذلك ولكن من تكون ؟
العازف: من أكون ؟ أنا من يملأ الكون موسيقى
الشاب : فلسفة بلا معنى ، ما نوعها ؟ ما لونها ؟
العازف: الموسيقى لغة الجميع الناطق والاخرس والاعمى والاصم
الشابة : غير صحيح الموسيقى لغة الذات
صمت
لغتي لا افهمها الا انا
الشاب : يمكن انا ان افهمها ؟؟
العازف:الجميع يفهمها
الشابة :ربما ولكنها لغة ، انا الوحيدة التي اتذوق لغتي و احسّها ، احسّها .
عازف الناي : إذا عزفت أجمّد كل شيء
الشابة : لماذا تجمّد ؟ الحياة حركة حرّك الجبل .
عازف الناي :طبعا انصتي سيخرج منه الثعابين والتماسيح
الشابة : ولم لا يخرج منه الغزلان والطاووس
عازف الناي : أنا لا اخرج إلا الثعابين والتماسيح والذئاب
الشاب : لماذا ؟ الفراشات جميلة والطيور أيضا
عازف الناي : أنا تعلمت استدراج الثعابين والتماسيح والذئاب
الشابة : انت اذا حاوي
الشاب : بل حاوية
يبدأ في العزف
فجأة نسمع هديرا آتيا من الجبل يقترب الهدير مجموعة من الذئاب تتدافع نحو الطفل الذي لا يرى يمسك به الجميع يرفعونه الى الاعلى يشرعون السيف وينزلون به على عنق الطفل ويلقون بالرأس وقد أصبح يرى ثم يلتمون على الجثة ويحيطون بها ويتوقف العزف ويسقط الشابان على الأرض وترتفع عجاجة قوية وريح عاتية وصوت موجوع ينادي كأنها الريح تصفر .
ستار
0 التعليقات:
إرسال تعليق