رسالة الباحث والمخرج المسرحي -(يوجينو باربا ) - (Eugenio barba ) الى زملائة الممثلين في مسرح (الاودين - odin ).زمن - الكورونا
مجلة الفنون المسرحية
رسالة الباحث والمخرج المسرحي -(يوجينو باربا ) - (Eugenio barba ) الى زملائة الممثلين في مسرح (الاودين - odin ) زمن - الكورونا -
رفاقي الأعزاء .... أينما تكونون افكاري ستصلكم وتصطحبكم وتبقى قليلا معكم ...
اذا كان مفهوم الفن هو تفكيك للأفراد ودفعهم لكي يفكروا في شروط حياتهم ... اذا هذا الزمن الذي نعيش فية هو زمن فني ... وان كل الأشكال في الفن ماهي الا (artificiel e ) اصطناعية مفبركة ،تعبر عن حقيقتها بطرق تفكير وأفعال شتى ..لا تتطابق مع المعاير والمظاهر المعتادة في الحياة ...
الرسام حين يرسم يمزج ألوانه بطريقة (الحدس ) وهو يحسب بدقة ضربات الفرشاة المتراقصة رقصا على سطح اللوحة لكي تنبعث وتتدفق منها الحياة .... صانع الخزف والفخار قدمة تضغط على دواسة حركة العجلة لكي تدور ويدور معها الطين وهو من خلال نعومة واحكام الاصابع وضغطها المستمر وبمشاركة الجسد يتقولب بدقة عالية الفراغ ويتحول الى اشكال متعددة .،، صحون او فناجين او مزهرية ....
اليوم نحن نعيش في حقيقة غريبة ولا معقولة تضطرنا الى ان ندق جرس الانذار --- وننذر بطريقة راديكالية .. حياتنا -- إيقاع الحياة -- طريقة العيش البسيط والتكيف .. جميعها مهددة ،،، البعض منا يعيش هذا على شكل قيد وقيود ( restriction ) .. والبعض الاخر بالنسبة له هو لحظة من الحرية من اجل اعادة التفكير لحياتنا .. ولكن بهذة الحرية تماما يتلاشي اي تفكير او فكرة ...
اتذكر في يوم من ايام حياتي سنة (1943) في -- (باري - Bari ) وخلال الحرب العالمية الثانية .. ابي كان يحتضر على فراش الموت وامي كانت تُمسح العرق النازل من جبينة بمنديل رطب .. الطفل الذي كنت في عمر ٧ السابعة هبطت الى الشارع لكي اتضرع لا ابي وكنت افعل هذا دائما اتضرع وأتوسل .. خصوصا حين كنّا نموت من الجوع وليس هناك شي نأكله في البيت .. في ذلك اليوم بالذات جاء رجل يرتدي قبوط عسكري مبالغ في حجمه ..توقف ثم دعاني بصوت ملحن وقوي ،،، bambiniiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii ----bambiniiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii ايها الطففففففففففففل ... هذا الصوت اثار انتباهة جميع المارة في الشارع .. الرجل ابتسم لي ووضع يدة في جيب قبوطة العسكري وقدم لي (حلوى طيبة -- bon bon ) (حامض حلو ) .. وبخطوه عسكرية ثقيلة استدار وابتعد .. كان هو واحد من الجنود الذين عادوا من الحرب الى بيوتهم ،، يهذون ويتسلون ويتنزهون حيث حل الدمار والخراب في البلد .........
في كل مرة اشعر بها ان عالمنا هذا العالم يوشك ان يسقط ويهوي الى حتفة ،، أفكر بهذا الرجل بهذا المنقذ (saveur de bon bon ) منقذ الحلوى في فمي والذي جعلني افرح وابتسم ........
وكذلك في هذا الصباح المشرق حين استيقظت من النوم ونظرت من خلال الشباك الى الحقول الخضراء ذات الأشجار الباسقة والبحيرة الصغيرة التي تتراقص حولها الآلاف من الفراشات الملونة التي تلعب وتطفوا في الشمس ... رفاقي الأعزاء .... الربيع قادم هذا ماقلته لنفسي وقريبا ان الزمن الفني سيكون هو نوع من الذكريات وسنغوص من جديد في داخل العمل وفي داخل وقائع ومجريات الحياة ..... ابتسمت وهذه الابتسامة قد اعادة الشباب الى وجهي ابعثها لكم جميعا وبكثير من اللطف .
يوجينو باربا
0 التعليقات:
إرسال تعليق