مسرحية " الأيام الخوالي "تأليف فلويد دِل ترجمة ناصر الحلواني
مجلة الفنون المسرحية فانتازيا تراجيدية في فصل واحد
الشخصيات :
امرأة عجوز
الأحمق
الملكة
البحار
الأمير
جنود
[فناء قصر. في أحد الجوانب: درجات عريضة، وباب يؤدي إلى القصر. في الجانب الآخر: درجات تؤدي إلى أسفل. في الناحية الخلفية: شجرة ورد، وأمامها مقعد واسع].
[على الدرجات التي أمام الباب، يجلس رجل أحمق، ينقر على أوتار آلة موسيقية. على الدرجات السفلية، تقف امرأة عجوز، ترتدي ثيابا غالية].
المرأة العجوز :
لماذا تجلس هنا، أيها الأحمق، وتنقر على أوتار القيثارة؟ ليس هناك مناسبة تعزف من أجلها الموسيقى. لم ينتصر أحد في أي معركة. كم مضى من الزمن منذ سمعنا عن معركة كبرى؟
الأحمق :
إذا ما كانت هناك معركة، أيتها العجوز، لكانوا جعلوا شخصا ما إلى جواري للاحتفال بالنصر فيها. أنا لا أحب المعارك.
المرأة العجوز :
ما الذي يعرفه شخص هزيل و ضئيل وضعيف مثلك عن القتال، ولما يكون لك رأي فيه؟
الأحمق :
لقد ولَّت أيام المعارك، وهو أمر طيب، أيضا. أربعة ممالك كانت ضدنا، كنا لنظلُّ، في الأيام الخوالي البائسة، نهاجمهم، وبدورهم يهاجمونا، ويكون قتل، وحرق، وتدمير للمحاصيل، حتى ليضيق الرجل الوادع من التفكير في الأمر. لكن هذا كله أصبح ماضيا. عشرون عاما من السلام معهم، ولدت أثناءها الملكة الصغيرة، وآمل أن يستمر السلام طوال حياتها.
المرأة العجوز :
لا شيء يوقف الأحمق إذا ما بدأ في الكلام. لكنك محق في أن الأيام الخوالي قد ولَّت. لقد كانت أيام الأبطال العظماء، مثل والدها، تلك التي أصبحت ملكتنا الآن. كانوا رجالا أخيارا، وقفوا إلى جانبه، وأحدهم كان زوجي. قلت له: "هذا هو الوقت الذي يتأكد فيه موت الرجل الشجاع، إذا عدت إليَّ سأظن دوما أنك كنت جبانا". مات، مع آلاف من خيرة رجال المملكة، وهم يقاتلون حول الملك. كانت أياما عظيمة. حاربنا أربع ممالك معا، وهزمناهم شر هزيمة. كانت سعادتهم بالغة بالاتفاق على السلام مع ابن ذلك الملك، الذي قضى نحبه.
الأحمق :
كُفّي، أيتها العجوز. لقد استمعت لهذه القصة القديمة كثيرا. لأجل ماذا، تحسبين، كانت كل هذه المعارك، إن لم تكن لإنهاء الحرب للأبد؟ لو كان الملك السابق حيا، لكان جالسا الآن في قصره، يشرب أقداح الجعة، ويستمع إلى الموسيقى، ولأسعده رؤية الشباب وهم يتبادلون القبلات مع الصبايا، تحت الأشجار. ولكنك ما تلبثي تنعقين من أجل الدم، كغراب عجوز.
المرأة العجوز :
لن أتحدث في هذا. لكن يمكن أن ترى بعينيك أن أعداءنا أقوياء وأحوالهم مزدهرة. لقد تركناهم في قلب المملكة، وتركنا لهم حريرهم، وجواهرهم، وأقمشتهم الغالية لبيعها. إنهم يتجولون في أنحاء المدينة، يتبادلون الضحك، ويفكرون كيف سيفسدون ويدمرون كل شيء قريبا. ربما يفعلون ذلك هذا العام، وربما في العام القادم. لو كان الملك السابق حيا لما جعلهم يصلون إلى نصف هذه القوة. لكان أبقاهم في خوف منَّا، وقام بتدريب جماعة من الأبطال، أيضا، يغيرون عليهم بين الحين والآخر. هناك تلك المدينة، التي تتقدم ضاغطة على حدودنا ... يمكنني رؤية رجالنا العائدين بعدما عاثوا فيها فسادا، يلطخهم اللون الأحمر، بفعل النبيذ المسكوب والدم ...
الأحمق :
أنت كريهة، أيتها العجوز. إذا كررت عليَّ حديثك هذا فسأصفعك على وجهك، حتى لو كنتِ مربية الملكة. أغربي عن وجهي قبل أن تفسدي عليَّ الظهيرة.
المرأة العجوز :
بمقدوري إخبار الملكة، لتعاقبك بالضرب، هل اعلم ذلك؟
الأحمق :
اذهبي يا امرأة. لا أرغب في أن يزعجني العجائز والثرثارون. إني أؤلف أغنية حب.
المرأة العجوز :
هل أحبك أحد قط، أحب أن أعرف؟ إذا كان ذلك الأمير، الذي يقيم معنا، فله بعض الحق في تأليف أغنيات حب، إذا كان ما يرددونه صحيحا؛ من أن كل امرأة التقاها في رحلته وقعت في غرامه. حتى مليكتنا، أظن. غير أنه ما يلبث أن يقضي ثلاثة أيام في أي مكان، حتى ينهض ليواصل رحلته الطويلة، التي لا يفهم أحد سببها أو نهايتها، من الشرق إلى الغرب. إنه بالغ الحكمة لدرجة تمنعه من التمسك بتلك المُلهيات كالحب.
الأحمق :
إذن، فهو أكثر حمقا مني.
المرأة العجوز :
من له أن يكون عارفا بالحب، إن لم يكن الرجل الذي عشقته العديد من النساء، والعظيمات من الملكات؟ أما أنت، فماذا تعرف عن الحب؟
الأحمق :
مشكلة العجائز أنهم ينسون الكثير من الأشياء. لكم آسى لك، يا امرأة. تحسبين نفسك حكيمة، لكن الأحمق الذي يجلس عند عتبة باب الملكة، وينظر إليها وهي تمر، ولا تراه مطلقا، أكثر حكمة منكِ.
المرأة العجوز :
لقد أضعت ما يكفي من الحديث معك. سأذهب، لأجلس في مكان مشمس، وأفكر في الأيام الخالية، حيث كان هناك أبطال.
(تذهب)
الأحمق :
وسأؤلف أغنية عن الحب. سأولف أغنية عن الحب شديد الرفعة حد الفخر، وشديد العمق حتى الهوان.
(يُفتح الباب، تقف الملكة الصغيرة ناظرة إلى أسفل نحوه).
الملكة :
ما هذا، أيها الأحمق؟ ما تلك الكلمات التي تقولها؟
الأحمق :
(ينحني) كنت أتكلم عن الحب شديد الرقى حد الفخر، وشديد العمق حد الهوان.
الملكة :
حب من هذا، أيها الأحمق؟
الأحمق :
إنه حب كل من يحبون بصدق، وهو الحب الوحيد الذي يستحق تأليف أغنية عنه.
الملكة
(مبتسمة) وكيف أصبحت بهذه الحكمة لتعرف مثل هذه الأمور؟
الأحمق :
أنا اعرف لأني أحمق.
الملكة :
إجابة جيدة. وأنت لست الأحمق الوحيد في العالم، حسبما أظن. لكن أخبرني، أيها الأحمق، هل رأيت أي من رجال الأمير هنا؟
الأحمق :
لا، لكني سمعت أن السفينة تتأهب للإبحار ...
الملكة :
(معنفة) لم أسألك عن هذا. (تشرع في الرحيل، لكنها تستدير عائدة، وتمنحه قطعة نقود) هذه لك لتشتري بعض النبيذ وتثمل. فأنت لست مسليا وأنت غير مخمور. (تشرع في الذهاب، ولكنها تستدير مرة أخرى)أيها الأحمق، هل تؤمن بالسحر؟
الأحمق :
لقد سمعت أن الساحرة، التي تعيش في كهف عند الشاطئ، بمقدورها رفع صخور، ومنع القوارب من الإبحار ...
الملكة :
(ترمقه بنظرة ثابتة للحظة) عندي رغبة شديدة في تسميمك. خذ هذا، وتذكر أني قلت لأجل أن تثمل.
(تمنحه قطعة نقود أخرى، وتذهب عبر ممر تعريشات الورد. بحار يصعد الدرجات)
البحار :
يا أحمق، أين الأمير؟
الأحمق :
لا أعلم، أيها البحار، لكن يمكنني أن أخبرك بما أظنه.
البحار :
ما فائدة ما تظنه؟ لدي رسالة لأسلمها له.
الأحمق :
أظن أن الملكة قد غنَّت له لينام، وأنه لما يستيقظ بعد.
البحار :
محتمل فعلا. لكن القبطان هو من أرسلني، ويجب أن أراه.
الأحمق :
يبدو أنك تشعر بالحرِّ.
البحار :
بشدة، كما أني شديد العطش، يمكنني أن اشرب برميلا من النبيذ. أمر طيب للأمير أن يرقد، ويأكل، ويشرب، وتغني له امرأة جميلة، أما نحن، البحارة، فلدينا عمل نقوم به. إن مسألة البقاء لثلاثة أيام في كل ميناء تثير اشمئزازي. فما أن نرسو حتى نسرع عائدين إلى متن السفينة مرة أخرى. لقد رأيت صبية البارحة، جميلة ولا تخشى الرجال. لابد وأن هناك الكثيرات مثلها هنا، لكن ما فائدة ذلك لي؟ لقد أنفقت كل مالي عليها، والآن، ليس لدي ما أبتاع به شرابا حتى. يا للعار.
الأحمق :
هل ترغب في الشراب؟
البحار :
أيها الأحمق، لا تسخر مني لعطشي، وإلا لويت عنقك.
الأحمق :
أنظر إلى هذه. (يريه العملة النقدية)
البحار :
يا لها من قطعة حظ! هل هي نقود حقيقية؟ من أين حصلت عليها؟
الأحمق :
منحني إياها أميرك، وقال لي أن أُكرم أي من بحارته الذين أصادفهم.
البحار :
إذن، كل شيء على ما يرام. لماذا لم تقل ذلك من قبل؟ هيا بنا. إذا كنت ظمآنا مثلي ...!
(يهبطان الدرجات. يُفتح الباب، ويخرج الأمير. ينظر إلى أعلى وأسفل)
الأمير:
والآن، تبدأ مجددا رحلتي من الشرق إلى الغرب ...
(تظهر المرأة العجوز)
المرأة العجوز :
حسنا، هل استيقظ أخيرا؟
الأمير :
أنت ذات لسان سليط، أيتها المرأة العجوز. لكن لأجل ذلك كله، فأنتِ صديقتي. ربما الصديق الوحيد لي هنا.
المرأة العجوز :
أنت محق. لهذا كل فقد بقيت نائما طوال إجازتك، أنت رجل شجاع. وأنا الوحيدة، في هذه المملكة، التي تقدر الشجاعة جيدا. الباقون يريدون إخمادها بالقبلات.
الأمير :
صحيح تماما. أشعر أنني قد أصبحت رقيقا. لم يحدث من قبل أن كنت غير مستعد لمغادرة مدينة ...
المرأة العجوز :
أو ملكة ...
الأمير :
لابد وأن أصعد على متن السفينة. تُرى هل تأهبت؟ لقد وعد القبطان بأن يرسل لي بذلك ...
المرأة العجوز :
نعم، لقد حان وقت الرحيل، قبل أن يجعلوا منك كلبا أليفا.
الأمير :
أنتِ تتحدثين بحرية. ألا تخشين الملكة؟
المرأة العجوز :
إنها لا تدري ما تفعله. لقد ترعرعت في زمان السلم، فهي لا تفهم أن ليس عمل الرجل أن ينام ويشرب النبيذ، ويتبادل القبلات مع أميرة جميلة. إنها قد تنأى بك عن مقصدك ...
الأمير :
مقصدي؟ ما الذي تعرفينه عن مقصدي؟
المرأة العجوز :
لم أتمكن من تخمين سرَّك. لكني أعلم أنك لا تقصد مجرد الاستمتاع بالترحال. لقد رأيت أبطالا، وأنت لك مثل عيونهم. بأية حال، فإن الترحال من الشرق إلى الغرب أمر عظيم، وشاق ... وأنا لن أجعلك تتحول عنه.
الأمير :
أمر عظيم وشاق ... نعم ...
المرأة العجوز :
لديك نظرة مَن لا يعبأ بالراحة أو السلام، أو حب امرأة لأكثر من يوم. لكن لديك نقطة ضعف أيضا. إذا كنت ستذهب، اذهب بسرعة.
الأمير :
أعجب لعدم مجيئ البحار. يبدو أنها عاصفة.
(تصبح السماء غائمة بنحو ينذر بالسوء)
المرأة العجوز :
هل ستوقفك العاصفة؟
الأمير :
هل هذا ظنك بي، أيتها العجوز؟
المرأة العجوز :
حسنا، سنرى أي نوع من الرجال أنت ...
(تذهب. وتدخل الملكة)
الملكة :
(تتجه نحوه في رقة) متى استيقظت؟
الأمير :
هل تظنين أن صوتك له من السحر ما يكفي ليجعلني أنام حتى تعودين؟ ليس لدينا من الوقت لنقول وداعا.
الملكة :
هناك عاصفة ستهُب. هل ترى كمهي غائمة السماء؟
الأمير :
أنا لا أخشى العاصفة.
الملكة :
بالتأكيد أنت لا تخشى العواصف. هل تظن أنك في حاجة لإثبات شجاعتك؟
الأمير:
انتهت الأيام الثلاثة.
الملكة :
يا للسرعة التي انتهت بها.
الأمير :
لقد أخبرتك أنني سأبقى لثلاثة أيام فقط.
الملكة :
لقد ظننت أنك ملك، وبمقدورك فعل ما تشاء ...
الأمير :
وقد اخترت أن أبقى لثلاثة أيام فقط.
الملكة :
بماذا أسأت إليك؟
الأمير :
لقد اتخذت قراري منذ زمن، قبل أن أعرفك.
الملكة:
والآن، أنت خائف من تغيير رأيك؟
الأمير :
هل تحسبين أن رجلا شجاعا يغير رأيه من أجل المتعة؟
الملكة :
سامحني. إذا كانت سعادتك في الرحيل، لا أعرف إلى أي مدى، فسأدعك تذهب. لا أرغب في أن أسبب لك التعاسة. لكني سأعطيك شيئا لتأخذه معك، زهرة أخرى من حديقتي، زهرة لا تذبل، ستبقى كذكرى مشرقة لي تدوم في قلبك. أتقبلها؟
(تأخذ به عائدة إلى القصر. يدخل البحار والأحمق يسنده)
البحار :
(مخمورا) أين ... أين أميري؟ لدي رسالة له.
الأحمق :
هذا ما قلته. لكنك لم تكمل لي حديثك عن الصبية. عيناها زرقاوان، قلت لي.
البحار:
زرقاء، نعم. إذا قلت زرقاء، فهي، إذن، كانت زرقاء. أو ربما خضراء، أو رمادية. ربما كنت أفكر في عاهرة الميناء السابق، الذي توقفنا فيه. كلهن سواء. يذكرني ذلك بأغنية صغيرة. هل أغني لك أغنية صغيرة؟
الأحمق :
أغنية أخرى؟ غن إذن.
البحار:
نأخذ أولا جرعة أخرى من هذا الإبريق. آه! أنا جاهز الآن. لطالما أطرى الناس على صوتي.
(يغني)
عيون زرقاء، عيون رمادية، خضراء وذهبية
عيون تتساءل، تشك، تنكر
عيون تومض فجأة، باردة، صلبة، قاسية
ها هي الإجابة: أنا هو أنا!
لست لك أو لأي أحد
أتيت إلى تلك مدينة ذاك الرجل ..
أيها الساقي، هاك قرشي الذهبي
فليأتي من يشاء ويشرب حتى النهاية
لست من يقترض ويُقرض
لست من يقيم طويلا
سأذهب وحدي غدا
أصفِّر مثلما أتيت اليوم
دعي سيفي وشأنه، أيتها البغي
ثمة دماء تعلو النصل ...
نحر تنين أمر فوضوي
حرفة ما. أعيدي النصل.
أمسكي ركبتي يا عزيزتي
نسي الرجل قدر حلاوتكِ
تنانين مزمجرة ... أباريق تفيض
أخذ شيطان نجمة الصباح!
الأحمق:
رائع!
البحار :
وها أنت! إذا قلت ذلك بنفسي، فأقوله أفضل مما يفعل الأمير. فتاة جميلة غيرها ... وربما، أجمل، في ذلك. ما هي الملكة؟ هل يمكنها التقبيل أفضل من أي فتاة أخرى؟ تساءلت قليلا حول هذا. وما توصلت إليه هو ... النتيجة التي توصلت إليها ...
الأحمق:
ما توصلت إليه هو ...؟
البحار :
أنت محق. ناولني هذا الإبريق. هذا هو الأمر. ماذا كنت أقول؟ النتيجة التي توصلت إليها أن الأمير لا يمكنه الحصول، في ثلاثة أيام، على متعة أكثر من أي رجل. ملكة أو غير ملكة. ألست محقا؟ أخبرني، هل أنا محق؟
الأحمق :
ما كنت لأعارضك ...
البحار :
لا. بالطبع لن تفعل. أنت رفيق جيد. أنت صديقي. أين ذلك الإبريق؟ أه! والآن، حان دورك في الغناء. غن تلك الأغنية القصيرة التي غنيتها منذ قليل. كانت جميلة. أنت تغني بطريقة حسنة مثلي.
الأحمق :
(ينشد)
في هذا العالم القاسي القديم
لماذا علينا أن نرعى
حرائق لا تخمد
في قلوب تفنى؟
مع فيض من الكراهية
طهرت صدري
لكنه أزهر فورا ولاحقا
البرعم الناري
ما الذي، رغم الحكايات الكاذبة
يخفيه العقل؟
الشفاه القرمزية صارت شاحبة
وترتعش اليد ..
البحار :
لا، لا، ليس تلك المرة! هذه المرة لا يوجد تناغم، كما أنها ليست عن الفتيات. تلك ليست أغنية على الإطلاق. قصدت تلك الأغنية ... تعلم ... عن الأرملة الشابة. كيف كانت؟ (يتجرع من الإبريق) لكن، يجب ألا أنسى أمر الأمير. أين ذلك الأمير؟
الأحمق :
أوه، نعم، الأمير. بالطبع. يجب ألا ننسى الأمير. تعال معي.
(يقود البحار عبر شجيرات الورد. يُفتح باب القصر، يكشف عن الأمير والملكة. يمسك بيديها، ثم يهبط الدرجات)
الملكة :
انتظر!
(تعدو هابطة الدرجات، وتعانقه برقة)
الأمير :
وداعا.
الملكة:
أ يجب أن تذهب؟
الأمير :
سأتذكرك دائما.
الملكة :
(بحزن) أحسب أن هذا يكفي ...
(يكملان هبوط الدرجات معا)
الأمير :
ماذا قلتِ؟
الملكة :
قلت إن هذا يكفي؛ أنك ستفكر فيّض أحيانا، في رحلتك الطويلة من الشرق إلى الغرب. أن يتم تذكرهن ... هذا هو نصيب النساء.
الأمير :
كنتِ تعلمين هذا الطبع فيَّ، وهذا لن يُدان. لماذا، إذا رغبت في مذاق القبلات في شفتيك دوما، لم تميلي إلى رجل من بلادك، لا يشرد عنكِ؟ لماذا وهبتي حبك لرجل لم تريه من قبل، ولن تريه مرة أخرى؟ أنا لا أطلب منك أن تحبيني. ما أعطيتيه أخذتُه.
الملكة :
لست نادمة على شيء منحته. لكني حزينة من أجلك؛ لأنك لا تفهم.
الأمير:
ربما كان الأمر أني لا أفهم. لكنني أعلم أنني ما كنت سأبقى في هذا المكان أكثر من ذلك. هل تطلبين مني أن أفعل غير ذلك؟
الملكة:
لم اكن لأسالك ذلك، لا. لو كنت فهمت، لما كنت في حاجة للطلب. إذا لم يتغير سيء في حياتك، لا لون أو معنى ... إذا كنت بالنسبة لك كبغي لأحد بحارتك ... إذن فلتتركني.
الأمير :
(مرتبكا) ليس صحيحا أن شيئا لم يتغير. إن عقلي مضطرب. وأشعر بدوار، ولا يمكنني الرؤية. لقد نسيت، تقريبا، لماذا وضعت قلبي في هذه الرحلة. لقد سحرتني، ولهذا السبب أخافك. إذا بقيت هنا معكِ أكثر من ذلك، سوف انسى كل شيء. يجب أن أذهب.
الملكة :
(تحيطه بذراعيها) لقد نسيت معنى رحلتك. لن ترحل.
الأمير :
أنا ذاهب ...
(لكنه ترك نفسه لها لتأخذه إلى المقعد تحت التعريشة)
الملكة :
فات الأوان. أنت الآن مِلكي، إلى الأبد. لقد كان هذا ما أتى بك إلى هنا ... أنا معنى رحلتك. كان أمرا مقدورا أن تحبني. لا يجب أن تفكر في أي شيء آخر.
الأمير :
لماذا فعلتِ ذلك بي؟ أأنت ساحرة؟ إني أخافك!
(يقوم)
الملكة :
سأعلمك أسرارا غريبة ورهيبة.
الأمير :
أخشاكِ ولكني، مع ذلك، أثق بكِ. ما الذي سيأتي به ذلك، لست أدري. لكني لا أهتم بشيء. لا شيء في العالم يعني لي شيئا الآن، عداكِ أنت. لماذا يبدو وكأنني أكرهك؟
(يمسك بها ويحتضنها بشدة)
الملكة :
لأنك قد أحببتني أخيرا.
الأمير:
يمكنني أن أقتلك.
الملكة :
أنت تحاول عبثا أن تهرب من الحب.
(يدخل البحار مترنحا، يرى الأمير، يتوقف)
البحار :
أُمرت أن أخبرك ...
الأمير :
أغرب عني! ... ماذا تقول؟
(تقف الملكة صامتة، وكفها يغطي وجهها)
البحار :
السفينة جاهزة للإبحار.
الأمير :
اذهب.
(يبتعد البحار)
الملكة:
(تنظر نحوه) مجرد كلمة، وها قد نسيتني. منذ لحظة ظننت أنك تحبني، والآن لم أعد شيئا بالنسبة لك.
الأمير :
السفينة ...
الملكة :
جاهزة للإبحار. إنهم في انتظارك. لم لا تذهب؟
الأمير:
أنا آسف. لكن الأمر كما قلتِ، السفينة جاهزة للإبحار. يجب أن أذهب.
الملكة :
اذهب بسرعة.
الأمير :
وداعا، إذن.
الملكة:
لا، ابقى (تلقي بنفسها عند قدميه، وتمسك بركبتيه) أترى، إني أتوسل إليك أن تبقى. لم يعد لدي ما أخجل منه. ابقى حتى لو كنت تحتقرني. ابقى حتى لو كنت تكرهني. لا أعبأ. سأكون أمَتك، جاريتك. لا أستطيع أن أتركك تذهب.
(تضع وجهها بين يديه وتبكي)
الأمير:
(ينظر إليها) أنا آسف. (فترة صمت) وداعا.
(يلمسها كتفها برفق، و، ناظرا جهة البحر، يتركها. تقوم واقفة، وترقبه بوجه جامد حتى يغيب)
(يدخل الأحمق)
الملكة :
هل أنت مخمور أيها الأحمق، كما أمرتك؟
الأحمق ;
نعم، مخمور، لكن ليس بفعل النبيذ. أنا مخمور بفعل المرارة؛ مرارة الحب.
الملكة :
بفعل الحب، أيها الأحمق؟
الأحمق:
مرارة الحب. سيكون مسليا لك، ولهذا سأخبرك ما أعنيه. إنه أنتِ من أحب.
الملكة:
الحياة تصبح مثيرة مرة أخرى. لكن، ألا تخشى ألا آمر بجَلدِك.
الأحمق:
كنتِ ستقومين بجلدي إذا قلت لك هذا قبل أسبوع. أما الآن، فلن تفعلي. الآن تعرفين معنى أن تحبي ...
الملكة:
أسراري على لسان أحمق. لكن ماذا يهم؟ تابع.
الأحمق:
لماذا حاولتُ منع الرجل الذي تحبين من الرحيل؟ على أمل أن أراكِ يوما وأنت تقبلينه في الحديقة، وهكذا سأتجنب مشقة قتل نفسي. باختصار، أنا أحمق، لكنني حاولت مساعدتك. لماذا لم تُبقيه؟
الملكة:
كنت أطرح هذا السؤال نفسه على قلبي، أيها الأحمق. كنت أتمنى ألا أقدم نفسي له كعذراء وملكة، ولكن كامرأة واضحة ماهرة بجميع طرق الحب. عندئذ، ربما استطعت الإبقاء عليه. لكنه ذهب، وأصبح العالم قاتما .
الأحمق:
ليس العالم، بل قلبك هو ما أصبح قاتما. وهو كذلك بفعل الكراهية ...
الملكة:
أظن أنك تفهم، أيها الأحمق. كنت لأشعل النار في هذا القصر ، الذي بناه والدي الملك، كنت لأحرقه الليلة، إلا أن الضوء الذي سيصنعه لن يكون كافيا ليذهب بالظلمة من قلبي.
(يدخل البحار ثانية، مترنحا)
الملكة:
ماذا، ألم تبحر السفينة؟
البحار:
أبحرت، وتركتني. أبحرت، وتركتني ...
الأحمق :
ما يزال هناك بعض النبيذ في الإبريق.
البحار :
جيد. جيد. ناولني إياه.
الملكة:
(إلى الأحمق) ناولني إياه أولا. (تخلع خاتما، تغمسه في النبيذ، تتحدث إلى الأحمق) ... لقد تحدثت باستخفاف عن التسمم اليوم. الآن، أعتقد أني سأجربه. أحب أن أرى رجلا يموت. سوف يريحني هذا قليلا. تعال.
(يتقدم البحار نحوها، ويتناول النبيذ من يدها، بينما الأحمق يحدّق مدهوشا)
الملكة :
كيف تجد مذاقه؟
البحار:
(يستقيم البحار منتصبا، لم يعد مخمورا) مرا. ماذا فيه؟
الملكة:
المرارة التي في قلبي. سوف تقتلك.
البحار :
لقد سممتني. (يضع يده على جنبه)إني أموت. لكن أولا...
(يسحب سيفا قصيرا، ويعدو نحوها. يثب الأحمق، لكن الملكة تدفعه بعيدا، وتنتظر. عندما يدنو البحار منها، يتوقف، ينفض يديه، ويلقي السيف، ويقع مكوما على نفسه).
الملكة:
(بعد لحظة، تتقدم، تلمس الجسد بقدمها) مات. أهكذا إذن ما يبدو عليه الأمر؟
الأحمق:
(مرتجفا) هل وجدتِ ذلك ممتعا؟
الملكة:
لا ... ما زال قلبي يعاني ألم الفراغ مجددا ... ماذا أفعل؟
الأحمق:
ربما تقومين بتسميمي أيضا. أحسب أني سأموت بطريقة أكثر أصالة من طريقة البحار الأبله. نعم، سوف أحيطك بذراعيَّ، وأقبلك قبل أن أموت.
الملكة:
سيكون ذلك ممتعا. لكن من المؤسف إهدار القبلات على رجل محتضر. وكذلك، فأنت الوحيد في مملكتي الذي يفهمني. يجب أن أبقي عليك حيا لأتحدث إليك.
الأحمق:
هناك قصص غريبة حول قبلات الملكات.
الملكة:
أخبرني بها.
الأحمق:
هناك قول قديم بأن ثلاث قبلات تمنحها ملكة إلى رجل أحمق سوف تجعل منه بطلا.
الملكة:
يبدو هذا مثيرا. أظن أني سأجربه. اقترب مني، لا تخف. هذا اليوم منحت قبلاتي لرجل، لم يرى فيها أكثر مما يرى هذا البحار الميت في قبلات غانية. ماذا، هل يجب أن تقعي؟ حسنا، إذن، لتكن على جبهتك.
(تقبله على جبهته وهو يقعي أمامها)
(يقف ببطء، وفيما هو يقوم يتخذ حال المهابة، يسقط طرطور الحمق من على رأسه جانبا، يلتقط سيف البحار الميت، وتمنطق به).
الملكة:
آه، إنه حقيقي. ثمة سحر في الأمر. أنت وسيم أيضا. أنا لست آسفة على تقبيلك.
(تدخل المرأة العجوز)
الملكة:
حسنا، ما الأخبار؟ لقد أبحرت السفينة، أليس كذلك؟
المرأة العجوز:
مباشرة مع غروب الشمس. (ترى الرجل الميت، تنظر إلى الملكة وإلى الأحمق) من قتله؟
الملكة:
أنا قتلته. لقد غادروا وتركوه، وأنا لا أحب وجود الغرباء.
المرأة العجوز:
إنه فأل طيب. لم أرى رجلا مقتولا منذ عشرين عاما، عدا أولئك الذين يموتون بفعل المرض والشيخوخة. متى سنعود إلى تلك الأيام الخوالي الجميلة، حين كان الرجال يقتل بعضهم بعضا بالسيوف؟ أشعر أنها ستعود. متى سنهجم على الممالك الأربعة، ونمزقهم إربا؟
الملكة:
أه، هذه فكرة جيدة. قد يكون شيئا نفعله.
الأحمق:
توقفي عن نعيقك، أيتها العجوز، وأخبرينا بما لديك من أخبار.
المرأة العجوز:
كيف عرفت أني آتية بأخبار؟ أين طرطورك، أيها ألحمق؟
الأحمق:
تكلمي، أو أذهبي.
الملكة:
احذري هذا الرجل؛ لأني جعلت منه بطلا.
المرأة العجوز:
هل جُننتِ؟
الملكة:
نعم، جننت، لذا احذري مني، أيضا، وأنبئينا بالأخبار.
المرأة العجوز:
(خاضعة) فقط، رؤي قارب يتم إنزاله من السفينة، وتوجه عائدا نحو الشاطئ.
الملكة:
إنها، بلا شك، هدية لي. لقد فكر الأمير في أن يدفع لي مقابل كرمي معه. اذهبي، وبلغي الأمر بأن يتم جلب أي رجل على القارب بين يدي، وأيديهم مكبلة خلف ظهورهم، حتى أقرر أي عقاب سأوقعه عليهم. ليكن معلوما أننا لا نحب الغرباء في هذه المملكة.
المرأة العجوز:
(مكفهرة) سيكون ما تأمرين.
(تخرج)
الملكة:
والآن، يجب أن أنهي مهمتي الطريفة. يسرني أن أقبّل الحمقى. أعتقد أنها أصبحت هواية لي. هيا إلى أريكة الحديقة، حيث جلسنا، أنا وهو، معا، وسوف أقبلك في فمك، مثلما قبلته. هل أجرحك بقولي هذا؟ جيد. (يجلسان). أنت الوحيد في المملكة الذي يفهمني. ارفع رأسك. (تقبله. يرفع رأسه بفخر، ويجلس إلى جوارها كملك). أنت لا تتكلم. لماذا لا تقول شيئا مناسبا؟
الأحمق:
ما سأقوله سيكون بسيفي، وأعدائك هم من سيسمعون.
الملكة:
آه، نسيت، لقد جعلت منك بطلا، وكل ما يستطيع البطل فعله هو القتال. هذا شيء غبي. أنا نادمة الآن أني قبلتك.
الأحمق :
لن تأسفي عندما أدمر أعدائك.
الملكة:
بدأت الآن في التحدث مثل مربيتي العجوز. أمر طيب أن تقاتل، لكن من أجل المتعة، وليس بمثل تلك الجدية. لقد نجحت فقط في أن أجعلك مملا. كنت أفضل وأنت أحمق
(يدخل الأمير، ويداه مكبلتان خلف ظهره، ويمسك به بعض الجنود)
الأمير:
(ساخطا) لماذا أُعامل بهذه الطريقة؟
الملكة:
إذن، إنه أنت؟
(تنظر نحوه بهدوء)
الأمير:
(بغطرسة) أؤمري برفع تلك القيود عن معصمي.
الملكة:
نحن لا نحب الغرباء في هذا البلد. لقد تم تقييدك بحسب أوامري، وتم إحضارك هنا لأقرر أي عقاب سأنزله عليك. انظر، هذا أحد رجالك. (تشير إلى الجثة) احملوه بعيدا.
(يحمل الجنود الجثة)
الأمير:
هل جُننتِ؟
الملكة:
يبدو هكذا. (إلى الأحمق) الآن، أقطع قيوده.
الأحمق:
إنه رجل شجاع، ولا يستحق أن يُعامل بهذه الطريقة.
الأمير:
من أنت حتى تدافع عني؟ ألم أكن رأيتك تضع طرطور الأحمق؟
الأحمق:
والآن تراني أحمل سيفا.
(يقطع قيود الأمير)
الأمير:
أتركونا. ارغب في التحدث مع الملكة.
الملكة:
(إلى الأحمق) لا، ابقى. (إلى الأمير) لا حاجة بك إلى الكلام. أنت ترغب في أن تقول لي أن القبلات التي حصلت عليها مني كانت حلوة، حتى أنك ترغب في شراء المزيد، وأنك مستعد لتأجيل رحلتك قليلا.
الأمير:
لقد تخليت عن رحلتي إلى الأبد. أعلم أن الشيء الحقيقي الوحيد في العالم هو الحب. أنت حقيرة. لكنني لا أملك كبرياء ولا عارا. وأقعي على ركبتي بين يديكِ، وأتوسل إليك أن تسامحيني على حماقتي.
(يقعي بين يديها)
الملكة:
يا لها من خطبة رائعة. لكنك تأخرت كثيرا. لقد نسيتك. بينما كانوا يقومون بتقييدك، كنت أقبّل هذا الرجل في فمه.
الأمير:
(ينتصب واقفا) كذِب!
الأحمق:
هل تقول إن الملكة كاذبة؟
(يستل سيفه)
الأمير:
أنا لا أقاتل الحمقى. (إلى الملكة) أبعديه، وأمري بضربه.
الملكة:
ألست مستعدا لمقاتلته من أجلي.
الأمير:
ماذا تعنين؟
الملكة:
أعني أنه لدي شهية جديدة، شهية للموت. لقد تركت نفسي بسذاجة، وارتميت بطيب خاطر بين ذراعي من صادفني من العشاق. أما الآن، فلابد أن تكون هناك دماء، ليحلو مذاق القبلات.
الأمير:
هل ترغبين في أن يٌتل هذا الرجل؟
الملكة:
أو أنت. لا فرق عندي ... لا أقل من ذلك. ماذا تكون قبلاتي، التي يجب أن أحرص لمن تكون؟
الأمير؛
تتحدثين بغرابة، وأكاد لا أعرفك. لقد عدتُ كعاشق، لا كسافك دماء.
الملكة:
لقد تغير مزاجي ... ومزاجي الآن يميل إلى سافك الدماء.
الأمير:
قولي ولو كلمة واحدة تدل على حبك لي!
الملكة:
ليس لدي كلام لأقوله.
الأمير:
الشك يجعل سيفي ثقيلا ...
الأحمق:
وهل لديكِ شيئا تقولينه لي؟
الملكة:
لقد ذكرتني. تعال. لابد أن أنهي ما بدأت.
(تقبله في فمه ... القبلة الثالثة)
الأمير:
(يغطي عينيه) لابد وأنني جُننت.
الأحمق:
هيا، إذا لم تكن خائفا.
(يخرجان، ينظر الأمير إلى الملكة نظرة طيلة، بوجه ما زال يحتفظ بصرامته )
(أصبح الوقت في عتمة الشفق)
الملكة:
لقد أخبروني أنه هكذا يكون الحب ... لكنني ضحكت، ولم أصدق.
(تدخل المرأة العجوز)
الملكة:
أرسلت به خارجا ليموت.
المرأة العجوز:
الأحمق؟
الملكة:
لا، لا، لا، عاشقي، محبوبي. لقد عذبته، وأنكرته، وأرسلت به خارجا ليموت.
المرأة العجوز
حسن بما فيه الكفاية. الموت بيننا مرة أخرى، وعادت الأيام الخوالي.
(صوت قتال، تبقى المرأتين صامتتين. ثم يتوقف الصوت، وببطء يحمل الجنود جثة، يضعونها فوق الدرجات. يعلقون مشاعل على جانبي باب القصر، ويخرجون)
الأحمق:
(صاعدا الدرجات نحو الملكة، ممسكا بسيفه بيديه، المقبض والذؤابة) لقد نفذت أمرك، وذبحت رجلا شجاعا. لتأمري أحدا أن يأخذ هذا السيف ويذبحني به.
المرأة العجوز:
يا لك من رهيف القلب! ما زال طرطور الأحمق فوق رأسك. ضع سيفك في غمدك. ستكون جنديا.
الملكة:
أنت رجل شجاع. ضع سيفك في غمدك، ولعله يقضي على كل أعدائي من اليوم فصاعدا.
الأحمق :
ماذا أفعل؟
الملكة :
لقد صنعتك، والآن، يجب أن أعطيك عملا للقيام به. يمكنك، فقط، القتال. جيد جدا، إذن. خذ جنودي، وكن قائدهم إلى المملكة التي أقامت مدينتها الرئيسية أمام أسوار مملكتنا. يجب أن تقاتلوا بشجاعة، وتغنموا الكثير من الغنائم. وعندما يثمل الجنود بالنبيذ وينشغلون بالنساء، احرق المدينة. سأرتقب كل ليلة رؤية ضوء في السماء، وعندما أراه سأعلم أنه مشعلي. ربما يضيئ قلبي للحظة. وبعدما ينتهي ذلك، سأجد لك عملا دمويا آخر. اذهب.
الأحمق :
فهمت. ستحصلين على مشعلك. تعالي، أيتها المرأة العجوز، أريد بعض نصائحك.
المرأة العجوز :
عادت الأيام الخوالي. آه، رائحة الدم.
(يخرجان. تنظر الملكة إلى جثة الرجل المسجاة على الدرجات، بين المشاعل، ويرق وجهها تدريجيا. تتجه نحوه ببطء، وتقعي إلى جواره، ترمقه. تقبل فمه، وتقوم، تمشي بهدوء نحو الشجرة، وتجلس. تنظر بعيدا، ويعود وجهها جامدا مرة أخرى)
(صوت نفير وصياح، وتُسمع في الخارج طبول الحرب)
ستار
0 التعليقات:
إرسال تعليق