اليمنيون يتحدون "كورونا" بمهرجان مسرحي
مجلة الفنون المسرحيةجمال شنيتر
احتضنته مدينة المكلا وسط إجراءات احترازية لتجنب الفيروس... والقاعة اكتظت بالجمهور
تحضيرات متسارعة سبقت انطلاق المهرجان الوطني الثاني للمسرح في مدينة المكلا عاصمة حضرموت، ففي وقت قياسي قرّر القائمون على المهرجان تنظيمه، ورفضوا تأجيله بسبب الانتشار العالمي لفيروس كورونا، فقد أصر المنظمون والجمهور أيضاً على الاحتفاء بهذا المهرجان وإنجاحه، حرصاً وتقديراً لـ"أبو الفنون"، مع الأخذ بالإجراءات الاحترازية المطلوبة للحيلولة دون انتشار الوباء، وفي ظل إجراءات اتخذتها السلطة المحلية في محافظة حضرموت واليمن عموماً، أبرزها الحظر الجزئي للتجول والتجمعات العامة وإغلاق أسواق نبتة القات.
حضرموت... اختيار موفق
يقول ماهر بن صالح، المدير التنفيذي لمهرجان المسرح اليمني الثاني، إن "احتضان المكلا للدورة الحالية كان اختياراً موفقاً، حيث يوجد في المدينة مسرح مهيأ لتقديم العروض المتنوعة، كان قد افتتحه فرج سالمين البحسني، محافظ حضرموت، الشهر الماضي، وقد بُني بطريقة حديثة ومزود بكل التقنيات العصرية للمسارح".
و يُعدّد بن صالح أسباب اختيار حضرموت، أكبر محافظات اليمن، مكاناً لعقد المهرجان قائلاً "تتميز هذه المحافظة بحالة استقرار أمني جيدة مقارنة بغيرها من المحافظات اليمنية، بفضل تظافر جهود رجال النخبة الحضرمية وبقية الأجهزة الأمنية، كما أنها من المحافظات الرائدة في مجال المسرح، وأنجبت عبر التاريخ المعاصر جيلاً متميزاً من رواد هذا الفن، وكل ذلك كان كفيلاً بإقامة المهرجان في المكلا".
قاعة المسرح اكتظت بالمتفرجين
ويتطرق إلى الجانب التنظيمي قائلاً "على الرغم من محدودية الفترة الزمنية التحضيرية لهذا المهرجان الذي نعتبره تظاهرة ثقافية مسرحية كبيرة، فإن الجميع عمل بروح الفريق الواحد، من خلال قيام أعضاء لجان المهرجان بمهامهم واختصاصاتهم بهمة ونشاط، ومن ثم جاء مستوى تنظيم معظم الفعاليات أكثر من رائع، وبشهادة جميع المراقبين الذين تابعوا عن كثب العروض المسرحية والندوات التقييمية التي تقدم عقب كل عرض، ناهيك بأن قاعة المسرح كانت مكتظة بالمتفرجين، وامتدت العروض لمدة أسبوع كامل".
القاعة امتلأت عن آخرها بالجمهور لمتابعة العروض المسرحية
الحرب... وركود المسرح
ويشير إلى أن واقع المسرح في حضرموت أو غيرها من محافظات اليمن عموماً لا يزال إلى اللحظة راكداً، ويرجع ذلك إلى حالة الركود العام للمشهد الثقافي، بسبب حالة الاحتراب التي لم تنته بعد سنوات خمس مضت من اندلاع الحرب اليمنية، بالإضافة إلى الاضطرابات السياسية القائمة منذ عام 2011، فكل ذلك يلقي بظلاله باستمرار على كل صنوف الإبداع في البلاد، ومن بينها المسرح الذي نعِده أحد أدوات التثقيف والتنوير والتوعية في مسيرة الحياة الإنسانية، وعلى قاعدة "أعطني مسرحاً أعطيك شعباً مثقفاً".
يتابع "احتضان حضرموت هذا الحدث الثقافي أسهم بشكل كبير في حدوث حراك ثقافي يحتاج إلى بذل المزيد من الجهد للحفاظ على ديمومته، خصوصاً في ظل وجود مسرح في المكلا مجهز بإمكانه استضافة أي فعالية ثقافية أو فنية".
آلية تقييم الأعمال
من جانبه، يؤكد عضو لجنة تقييم مهرجان المسرح عبد القادر باعيسى، أن التنظيم كان جيداً، وحظي المهرجان بحضور جماهيري كبير، لافتاً إلى أن "أغلب معظم الجمهور كان من ذوي الاهتمامات الفنية والإعلامية والأكاديمية فضلاً عن المسرحية".
وعن آلية تقييم الأعمال المتنافسة، قال "لجنة التقييم كانت تقوم بعملها عقب انتهاء كل مسرحية وبشكل مباشر أمام الجمهور، من خلال الحديث عن إيجابيات وسلبيات العرض، ثم فتح المجال لسماع رأي الجمهور، حيث قدمت في المهرجان ستة عروض، وهي (أريد أن أحلم) من محافظة عدن، و(ما زال الضوء خافتاً)، و(الخلاص)، محافظة لحج، و(المسرحية)، محافظة "إرادة الانتصار"، حضرموت، و(إعدام عند الفجر)، عدن".
تنافس شريف
وثمّنت عضو لجنة التحكيم في المهرجان، الفنانة المسرحية نرجس عباد، انعقاد الدورة الثانية في المكلا، معتبرة ذلك تظاهره ثقافية وإبداعية خالصة، في ظل ظروف استثنائية يمر بها اليمن والعالم.
وأضافت "رأيي في المهرجان، لا يقل عن انطباعات المشاهدين ممن تابعوا فعاليات هذه الدورة وأُعجبوا بها، فهناك أعمال تستحق الإشادة والتقدير، وشهد المهرجان تنافساً شريفاً بين طواقم هذه الأعمال على مستوى التأليف والإخراج والتمثيل، وإن كانت هناك بعض الفوارق تميز عملاً عن آخر، فهذا أمر طبيعي".
أحد العروض التي شاركت في الدورة الثانية للمهرجان
خطى متكاسلة
وإجمالاً ترى عباد أن المسرح في اليمن يسير بخطى بطيئة ومتكاسلة رغم وجود بعض النصوص والأعمال التي ترتقي إلى مصاف الأعمال العربية والعالمية المتميزة, وتشير في هذا الصدد إلى أعمال ثلة من كتاب الرواية والقصة ورواد المسرح اليمني الكبار، وفي مقدمتهم الأديب الراحل علي أحمد باكثير، إلا أن المسرح في اليمن يفتقر إلى المدارس والمعاهد والكليات المتخصصة في فنون المسرح وعلومه، بخلاف عدم تفعيل بعض الأنشطة الفنية اللازمة كالندوات والورش والدورات.
نقص التقنيات الحديثة
وتختم حديثها قائلة "تنقصنا بعض التقنيات, والأدوات الإبداعية الحديثة لمواكبة الإبداعات العصرية في هذا المجال، بما يضمن ديمومة العطاء المسرحي، وكذلك لا بد من إيجاد البُنى التحتية والأساسية للنهوض بالمسرح، وإدخال مادة المسرح ضمن مناهج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي".
لجنة التحكيم أثناء التعقيب على أحد العروض المسرحية
الأعمال الفائزة
وشهد المهرجان منافسة بين الفرق المشاركة، للفوز بجوائز الدورة الثانية، وقد أسفرت عن حصول مسرحية "إعدام عند الفجر"، على جائزة أفضل عمل متكامل للمخرج أحمد اليافعي، وأفضل تأليف لكاتبها مختار مقطري.
وفازت بأفضل ممثلة أولى، فاطمة عبد القوي، مناصفة مع أفراح خان، أما أفضل ممثل فكان وائل عبد الله من محافظة عدن عن دوره في مسرحية "أريد أن أحلم"، وسالم عمر مصيقر عن مسرحية "إرادة الانتصار".
وذهبت جائزة أفضل ممثلة ثانية إلى منال شرف من محافظة تعز عن مسرحية "الخلاص"، وأفضل ممثل ثانٍ عبد الرحمن بارامي، عن عرض "المسرحية". أما جائزة أفضل نص مسرحي فكانت من نصيب مسرحية "إرادة الانتصار" للمخرجه فاطمة مرجان، فيما فاز أحمد جبارة بأفضل مخرج عن مسرحية "الخلاص".
-------------------------------------------
المصدر : اندبندنت عربية
0 التعليقات:
إرسال تعليق