أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الثلاثاء، 24 يناير 2023

مسرحية للفتيان "من الجاني " ؟ تأليف طلال حسن

مجلة الفنون المسرحية
الكاتب  طلال حسن 


مسرحية للفتيان "من  الجاني " ؟ تأليف  طلال  حسن 


المشهد الأول


                                  ظلام ، صوت طبل ،

                                  يعقبه صوت منادي


المنادي : أيها الناس ، الحاضر يبلغ الغائب ،
سيجري صباح الغد ، وسط المدينة ،   
تنفيذ حكم الإعدام بالإسكافي المجرم ،  
قاتل نديم الأمير ، أيها الناس " يتباعد 
صوت الطبل والمنادي " أيها الناس ..


                                    يخفت صوت الطبل

                                  والمنادي حتى يتلاشى


                                            إظلام








المشهد الثاني



                               ساحة وسط المدينة،

                            المشنقة ، الحارس يغفو


الحارس : " يغط في النوم " خ خ خ خ .

الطباخ : " يطل برأسه " الحارس نائم ، لقد أنهكه طول السهر " يتقدم محدقاً في المشنقة " هذه هي المشاقة ، من هنا سيصعد الإسكافي إلى العالم الآخر ، المسكين ، لعله لم  ينم هو الآخر ، وكيف ينام والمشنقة تنتظره مع الصباح ؟ " يصمت " ليتني لم أسمع المنادي ، ليتني لم أسمعه ، لكني سمعته ، سمعته ينادي ، أيها الناس ، أيها الناس ، كأنما يناديني وحدي " يصمت " لم أنم ، آه إنني أستحق الشنق مرتين ، لا مرة واحدة .

الحارس : " يفيق مذعوراً " لا .. لا .. لا .

الطباخ : " يتوقف " لقد أفاق الحارس ، لابد أنه كان يعاني من كابوس خانق .

الحارس : " يحاول تمالك نفسه " من هناك ؟

الطباخ : أنا .

الحارس : أنس أم جن ؟

الطباخ : طباخ .

الحارس : لعله جن في ثياب .. ، إنني أعرف أحابيل الجن " يقترب منه " أنت طباخ ؟

الطباخ : نعم ، أطبخ عدساً .. وحمصاً .. وباقلاء.

الحارس : " منزعجاً " صه ، لا تذكرني بهذا ، إنّ السادة لا يأكلون هكذا طعام .

الطباخ : إنني ، يا سيدي ، طباخ فقير ، لا أطبخ إلا للفقراء .

الحارس : لعنك الله ، قلت لك ، لا تذكرني " يصمت " لقد مللت الفقر والفقراء ، فصرتُ حارساً ، صحيح إنني آكل الفتات ، لكن الفتات هذا ليس عدساً أو حمصاً أو باقلاء .

الطباخ : زادك الله من ..

الحارس : " يتلفت حوله " صه ، صه .

الطباخ : " يتلفت حوله هو الآخر " ما الأمر ؟

الحارس : هذا المكان مسكون .

الطباخ : مسكون ! " خائفاً " إنها خرافات .

الحارس : إنه يضج ليلاً بأرواح المشنوقين ، ومنهم روح الإسكافي اللعين .

الطباخ : لكن الإسكافي لم يشنق بعد .

الحارس : ربما أغفى اللعين في السجن ، فخرجت روحه ، وجاءت تستطلع المكان .

الطباخ : ربما .

الحارس : لا أكاد أغفو ، حتى ينقضوا عليّ، و .. " يشير خائفاً " أنظر ، أنظر .

الطباخ : " ينظر إلى حيث يشير الحارس " هذا رجل أعرفه .

الحارس : لقد رأيته طول اليوم يحوم كالشبح ، حول المشنقة .

الطباخ : إنه طبيب ، وبيته في زقاق لا يبعد كثيراً عن بيتي .

الحرس : فليلعنه الله ، ما الذي دعاه للخروج من بيته ، والحوم كالشبح في هذا المكان .

الطباخ : لعله كان يزور أحد المرضى ، فهو طبيب رحيم ، عطوف ، حساس .

الحارس : لكن معظم مرضاه من الفقراء ، وهو قلما يتقاضى منهم أجراً .

الحارس : من يدري ، إنه جلد على عظم ، ويخيل لي أنه يأكل مما تطبخه فقط .

الطباخ : صدقت ، فهو يحب العدس والحمص و ..

الحارس : " يقاطعه " صه ، لا تعدها ، إنني أعرفها جيداً .

الطباخ : حسن ، حسن .

الطبيب : " يدخل ويقف جانباً " الشمس تكاد تشرق ، المسكين ، سيأتون به بعد قليل .

الحارس : أصغ ِ ، إنه يحدث نفسه ، يبدو مجنونا ً.

الطباخ : ليس كلّ من يحدث نفسه مجنوناً ، فأنا أيضاً أحدث نفسي ، منذ أن سمعتُ المنادي يدق على طبله ، ويصيح ..

الحارس : " يحدق فيه مرتاباً " ....

الطباخ : " محرجاً " إن الطبل والمنادي لم يدعاني أنام طول الليل ، ولا تستغرب إذا وجدتني أحدث نفسي ، و .. " يتلفت حوله " بدأ الناس يفدون إلى الساحة ، رغم أن الشمس لم تشرق بعد .

الحارس : يا لهم من فضوليين ، فليلعنهم الله ، ويلعن فضولهم .


                                    يدخل رجال ونساء ،

                                      من جهات عديدة


المرأة : " تقف مذهولة أمام المشنقة " عباس.

الرجل : نعم .

المرأة : ليتني أعرف ما يحس به المشنوق .

الرجل : الأمر سهل ، اصعدي المشنقة ، وضعي الحبل حول عنقك ، و .. ستعرفين .

المرأة : لن أصعد المشنقة إذا لم أقتلك أولاً .

الرجل : أنت تقتلينني منذ اليوم الأول لزواجنا .

المرأة : " مهددة " عباس .

الرجل : تقتلينني .. حباً .

المرأة : آه ، ظننتُ ..

الرجل : لا تظني ، يا عزيزتي ، إن بعض الظن إثم .

الرجل الأول : لم يخطر لي يوماً أن الاسكافي يمكن أن يقتل أحداً .

الرجل الثاني : أنت لا تعرفه ، إنه ماء من تحت تبن .

الرجل الأول : اتق ِ الله يا رجل ، هذا ظلم ، والظلم حرام .

الرجل الثاني : إنني لا أظلمه ، لقد ألقي القبض عليه متلبساً بالجريمة .

الرجل الأول : لعل القزم الأحدب استفزه ، وهو كما تعلم ، سريع الغضب .

الرجل الثاني : مهما يكن ، فإنه قاتل ، ولينل جزاء فعلته ، ليكون عبرة لمن يعتبر .

الفتاة : تعالي ، يا أمي .

الأم : بنيتي ، لنعد إلى البيت .

الفتاة : كلا ، أريد أن أتفرج .

الأم : هذه ليست فرجة تصلح لفتاة في عمرك.

الفتاة : لم أعد صغيرة .

الأم : رأيت مرة وأنا في عمرك ، قاتل يشنق ، فلم أنم أسبوعاً إلا ورأيته في منامي .

الفتاة : " مترددة " خائفة .. أنا لست خوافة .

الأم : " تمسك يدها " تعالي يا بنيتي ، سأشتري لك ما تريدين .

الفتاة : " تستجيب مترددة " أريد .. حلاوة .

الأم : " تسير بها " سأشتري لك حلاوة بالجوز ، هيا ، هيا " تهمان بالخروج "

الرجل : " يتطلع إلى الخارج " أظنه الأمير ، نعم ، إنه هو " يصيح " جاء الأمير .. جاء الأمير .

الفتاة : " تسحب يدها من يد أمها " دعيني ، يا أمي ، جاء الأمير ، إنني لم أره من قبل ، وأريد أن أراه .

الأم : " تلاحقها " مهلاً يا بنيتي ، مهلاً ، وإلا تهت .

الطباخ : جاء الأمير بنفسه ، يا ويلي .

الحارس : فلأعد إلى مكاني " يسرع نحو المشنقة " وإلا أعادني الأمير إلى العدس والحمص والباقلاء .


                                يدخل الأمير والوزير 

                                  وعدد من الحرس 


الوزير : يبدو أننا جئنا مبكرين ، يا مولاي .

الأمير : لا بأس ، أريد أن أشفي غليلي برؤية الاسكافي ، وهو يشنق .

الوزير : ليشنق يا مولاي ، إذا كان قاتلاً .

الأمير : قزمي الأحدب المسكين ، ليتني أعرف فقط ، لماذا خرج من قصري حزيناً ، ذلك المساء ؟

الوزير : من يدري ، يا مولاي ، لعله العمر .

الأمير : اختفى يومين ، وأرسلت من يبحث عنه في كل مكان ، فجاءني به الحارس جثة هامدة ، الويل للاسكافي .

الوزير : الغريب يا مولاي ، أن الاسكافي يدعي بأنه لم يقتله .

الأمير : لا غرابة ، فهذا ما يدعيه معظم القتلة .

الوزير : هذا صحيح ، يا مولاي .

الأمير : " ينظر إليه متشككاً " ....

الوزير : " مدارياً حرجه " فليقتل القاتل ، العين بالعين والسن بالسن والجروح " يشير إلى الخارج " مولاي ، ها هم قادمون ، لقد جاءوا بالاسكافي .


                            الجلاد والاسكافي ومعهما 

                                  عدد من الحرس 


الجلاد : " يقترب من الأمير وينحني له " مولاي.

الاسكافي : مولاي ، أصغ لي ، إنني بريء .

الأمير : لو لم تكن قاتلاً لقلت ما يبرئك .

الاسكافي : لم يصغ ِ إليّ أحد .

الأمير : لقد ألقى الحارس القبض عليك بالجرم المشهود.

الاسكافي : لكني لم أقتله.

الأمير : "للجلاد" خذه ، وقده إلى المشنقة .

الجلاد : أمر مولاي "يأخذ الاسكافي ويصعد به إلى المشنقة " .

الأمير : انتظر .

الجلاد : أمر مولاي .

الأمير : لا تنفذ حتى آمرك .

الجلاد : الأمر لك، يا مولاي .

الأمير : " يتقدم إلى وسط الساحة " أيها الناس، تعرفون إنني لم أجن يوماً على أحد ما ، ولم ادع جان يفلت بجنايته ، دون أن أنزل به ما يستحق من عقاب " يشير إلى الاسكافي" هذا الاسكافي قتل نديمي، بلا ذنب جناه، فباسمكم ، وباسم العدل، سآمر الآن بشنقه، حتى الموت .

الناس : "يهللون " يحيا العدل .

رجل : "يهتف " يعيش الأمير العادل .

الناس : يعيش.. يعيش.. يعيش .

الأمير : "ينظر إلى الجلاد ويرفع يده"

الجلاد   : "يضع الحبل على عنق الاسكافي"...

الوزير : " يهز رأسه آسفا "...

                        

                                  الطباخ يخترق الناس

                                    مندفعا نحو الأمير


الطباخ : مهلاً ، يا مولاي، مهلا ً.

الأمير : من هذا !

الوزير : رجل من العامة ، يا مولاي .

الأمير : آتوني به لآمر بشنقه مع الاسكافي .

الوزير : ها هو قادم بنفسه، يا مولاي .

الطباخ : مولاي ، لا تشنق الاسكافي .

الأمير : يبدو أنك مجنون .

الطباخ : ليتني مجنون ، يا مولاي ، إنني مجرم ، قاتل  .

الأمير : تكلم بعقل ، وإلا أمرت بشنقك .

الطباخ : إن الاسكافي بريء.

الأمير : لقد ألقى الحارس القبض عليه ، وهو يضرب نديمي .

الطباخ : نعم ، الحارس صادق ، أنا أيضاً رأيته يضربه، لكنه كان يضرب ميتا ً.

الأمير : ماذا تقول ؟

الطباخ : أقول الحقيقة ، أنا قتلته، ووضعته لصق إحدى الدكاكين في السوق، وجاء الاسكافي ، و..

الأمير : " ينظر إلى الوزير" .

الوزير : سبحان الله .

الطباخ : مولاي، مر الجلاد أن يرفع الحبل عن عنق الاسكافي ، وسأروي لكم ما جرى .

الأمير : "للجلاد" ارفع الحبل .

الجلاد : أمر مولاي " يرفع الحبل عن عنق الاسكافي"

الأمير : "للطباخ" تكلم ، لكن إياك والكذب.

الطباخ : لا ، يا مولاي، لن أكذب ، إن من يختار المشنقة بنفسه لا يكذب.

الأمير : هيا إذن إنني أصغي .

الطباخ : مولاي ، إنني طباخ فقير ، أطبخ للفقراء العدس والحمص والباقلاء.

الحارس : "مشمئزا" سيقتلني هذا الطباخ بالعدس .. والحمص.. والباقلاء.

الطباخ : أطبخها مع قليل من الشحم والعظام، وقد لاحظت في الفترة الأخيرة أن ما لدي من شحم وعظام يتعرض للسرقة ، وظننت أن القطط والكلاب هي التي تقوم بالسرقة ، حتى عدت ، قبل أيام إلى البيت ليلاً ، حاملا مصباحي ..

                      

                                  تخفت الإضاءة شيئاً

                                  فشيئاً ويسود الظلام

         
                      إظلام




المشهد الثالث


            

                                 بيت الطباخ،يدخل

                              الطباخ حاملا مصباحه


الطباخ : لقد تأخرت اليوم، لا بأس ، فإبراهيم وأمه سيبيتان الليلة عند الجدة، إنها مريضة ، وقد لا يطول بها.."ينصت متوجساً" أسمع صوتاً، أهو هر أم كلب أم..؟ "يضع المصباح جانباً" فلأتسلح بهذه الهراوة ، فهي تنفع في ترويع القطط والكلاب و.." يجمد محملقاً في القزم الأحدب" أهو هر؟ أم كلب..؟ أم..؟ مهما يكن .." يرفع هراوته وينقض عليه صارخاً" الله اكبر " يضربه فيتهاوى على الأرض" ما هذا؟  "يحملق فيه" هذا ليس هرا، ولا كلبا، ولا..إنه ..إنه لص "ينهار" آه، إنني قاتل ، قتلت إنساناً من أجل قطعة شحم أو عظم "يتراجع" سيشنقني الأمير،  سيزجني في السجن أولاً ، يذيقوني خلالها أنواع العذاب ، ثم يسلمني إلى الجلاد فيشنقني في وسط المدينة كما يشنق المجرمون "يولول ويتشنج صوته" سييتم ابني إبراهيم ، وتصير زوجتي أرملة إذا شنقني الأمير " يصمت وتلمع عيناه" الأمير سيشنقني إن عرف، وإن لم يعرف؟ آه "فرحا" لن أيتم ابني إبراهيم ، ولن أجعل زوجتي أرملة "يصمت" الدروب ألان مظلمة ،سأطفئ الصباح، واحمل هذا القزم الأحدب، وأرميه في النهر"يحمل القزم الأحدب " ما أخفّ وزنه، كأنه ريشة " يتهيأ للخروج" فلأسرع قبل فوات الأوان .

                          

                              يطفيء المصباح ، فيسود

                              الظلام، ويسرع بالخروج



                                           إظلام





المشهد الرابع

                  

                                     لغط جمهور، تضاء 

                                    الساحة وسط المدينة


الطباخ : خرجت من البيت، حاملاً القزم الأحدب على كتفي، ومضيت به مسرعاً نحو النهر، وفي وسط السوق لمحت الاسكافي مقبلاً ، وخفت أن يراني، ويشي بي ، فأنزلت القزم الأحدب عن كتفي ، وأسندته بباب أحد الدكاكين ، وأسرعت اختبئ في مكان قريب، ورأيت الاسكافي يحدق في القزم الأحدب ، ثم ينقض عليه ويضربه ، وسرعان ما أقبل الحارس على الضجة ، وألقى القبض على الاسكافي و.. هذا كل ما جرى ، يا مولاي.

 الوزير : ظهر الحق، وزهق الباطل.

الأمير : "يلوذ بالصمت متضايقاً"...

الوزير : مولاي .

الأمير : " للجلاد" أطلق الاسكافي .

الجلاد : أمر مولاي " يطلق سراح الاسكافي"

الاسكافي : " من فوق المشنقة" يحيا العدل .

الأمير : انزل ، وأذهب إلى بيتك .

الاسكافي : "ينزل ويقترب من الأمير " مولاي .

الأمير : اذهب ، فقد ثبتت براءتك .

الاسكافي :لولا هذا الرجل الطيب يا مولاي ، لشنقت .

الأمير : إنه مجرم، استيقظ ضميره .

الاسكافي : اعف عنه إذن ، يا مولاي .

الأمير : لكنه مجرم .

الاسكافي : ليشفع له ضميره .

الأمير : ضميره لم يمنعه من قتل نديمي .. المسكين  .

الاسكافي : أرجوك، يا..

الأمير : اذهب ، وإلا شنقتك . 

الاسكافي : "يتراجع" لا ، يا مولاي ، سأذهب "يتلفت حوله" لن أبقى ، وارى هذا الرجل الطيب .. يشنق .

                           

                                 الاسكافي ينظر إلى

                                  الطباخ، ثم يخرج

الوزير : " مترددا " مولاي، وأنت الأمير العادل..

الأمير : " بحزم " لابد أن أشنق قاتل نديمي .

الوزير : هذا حق ، يا مولاي "منكسرا" اشنقه .

الأمير : أيها الحارس .

الوزير : مولاي .

الأمير : خذ هذا الطباخ ، واصعد به إلى الجلاد .

الحارس : "يمسك به" أمر مولاي " يقوده إلى المشنقة " لعنك الله، لا تفوح منك غير رائحة الفقر.. العدس والحمص والباقلاء " يدفعه ويصعد به إلى الجلاد" .

الأمير : "للجلاد" ضع الحبل في عنقه .

الجلاد : أمر مولاي "يضع الحبل في عنق الطباخ " .

الأمير : لا تنفذ حتى أمرك .

الجلاد : الأمر لك ، يا مولاي .

الأمير : أيها الناس ، كدت أنا الأمير العادل ، أن أشنق بريئا، وألوث سمعة إمارتنا "يشير إلى الطباخ " هذا المجرم ، لم يكتف بقتل نديمي المسكين ، فترك رجلاً بريئاً يتعذب في السجن ، ويصعد المشنقة، ولولا .. لولا..

الوزير : يقظة ضميره .

الأمير : ولولا القدر ، لما ظهرت الحقيقة "يرفع يده " والآن سينال جزاءه العادل .

الجلاد : " يتهيأ للتنفيذ"...

                        

                               الطبيب يندفع مخترقاً

                               الجمهور نحو الأمير


الطبيب : مهلاً، يا مولاي مهلا ً.

الأمير : من المخبول هذا ؟

الوزير : إنه، يا مولاي..

الأمير : "بجفاء" إنني أراه .

الوزير : عفواً ، مولاي .

الطبيب : " يقترب من الأمير" مولاي .

الأمير : " مهدداً" أيها المخبول..

الطبيب : لست مخبولاً، يا مولاي، إنما أنا .. قاتل.

الوزير : "ينظر إلى الأمير"....

الأمير : " لا يتكلم " .....

الطبيب : هذا الطباخ بريء .

الأمير : لقد اعترف ، قبل قليل ، من تلقاء نفسه بأنه ضرب نديمي وقتله .

الطبيب : هذا ما يظنه، يا مولاي لكنه مخطئ، فالقتيل لا يقتل .

الأمير : لا وقت لدي لحل الألغاز ، أوضح ما تعنيه .

الطبيب : الأمر واضح يا مولاي ، أنا قتلت القزم قبل أن يقتله الطباخ بهراوته .

الأمير : " ينظر إلى الوزير " ....

الوزير : سبحان الله .

الطبيب : مولاي ، مر الجلاد أن يرفع الحبل عن عنق الطباخ ، وسأروي لكم ما جرى .

الأمير : " للجلاد " ارفع الحبل .

الجلاد : أمر مولاي " يرفع الحبل عن عنق الطباخ " .

الأمير : " للطبيب " تكلم ، لكن إياك والكذب .

الطبيب : لا ، يا مولاي ، لن أكذب ، إن من يختار المشنقة بنفسه لا يكذب .

الأمير : حسن تكلم .

الطبيب : إنني طبيب يا مولاي ،أعالج المرضى في بيتي ، وقد جاءتني خادمتي ، ليلة الحادثة ، وقالت لي ، في الأسفل رجل وامرأة معهما مريض ، وقد أعطياني ربع دينار لأدفعه لك ، فتعالجه . وأخذت المبلغ منهما ، ونزلت السلم في الظلام ..


                               تخفت الإضاءة شيئاً 

                                فشيئاً ويسود الظلام 


                                      إظلام 





المشهد الخامس


                                بيت الطبيب ، الطبيب

                                  ينزل السلم متوجساً 


الطبيب : يا للظلام ، الخادمة اللعينة لم تضئ السلم ، وهذه ليست المرة الأولى ، إنها تتعمد ذلك ، لأني لم ألبي طلبها ، إنه عقد زوجتي الراحلة ، يا للمجنونة " يتحسس طريقه" سأسقط يوماً من أعلى هذا السلم ، ويدق عنقي و .. " يرتطم بالقزم المسند إلى السلم فيسقطان معاً على الأرض " آآآآآي .

الخادمة : " من أعلى السلم والمصباح في يدها " سيدي .

الطبيب : قلت لك ألف مرة ، أضيئي السلم وإلا سقطت ، وها إني سقطت .

الخادمة : " تنزل المصباح مهرولة " يا ويلي ، سيدي .

الطبيب : سيدك .. مات .

الخادمة : انهض يا سيدي .

الطبيب : الميت .. لا .. ينهض .

الخادمة : لم تمت أنت يا سيدي بل المريض .

الطبيب : " يهب واقفاً " المريض ! 

الخادمة : نعم " تشير إلى القزم الأحدب " ....

الطبيب : " يحدق في القزم " إنه قزم .. أحدب .

الخادمة : قالا إنه طفل ، طفل مريض ، وقد أعطياني ربع دينار ، فدفعته لك .

الطبيب : نعم ، أخذت الربع دينار ، هذا صحيح ، لكن .. أين الرجل والمرأة ؟

الخادمة : " تتلفت حولها " كانا هنا قبل قليل " تصمت " لا بد أنهما هربا .

الطبيب : هربا ! لماذا ؟

الخادمة : دعك من هذا يا سيدي ، المهم الآن أنه .. ميت .

الطبيب : يا ويلي ، سأشنق . 

الخادمة : حقاً يا سيدي ، ستشنق .

الطبيب : ويلوث اسم عائلتي كلها ..

الخادمة : بالدم .

الطبيب : آه .. انتهيت .

الخادمة : إلا إذا لم تصل هذه الجريمة إلى علم الأمير .

الطبيب : سيعلم الأمير حتماً ، فالميت في بيتي .

الخادمة : اطمئن ، سأساعدك في التخلص منه .

الطبيب : " يحاول أخذ يدها " أبوس يدك .

الخادمة : " تتركه يمسك يدها " ليس الآن ، لنفكر في خطة .

الطبيب : فكري أنت ، فأنا لم يعد لي عقل .

الخادمة : اسمع .

الطبيب : كلي آذان .

الخادمة : لنصعد به أنا وأنت إلى السطح ، وننزله في بيت الطباخ .

الطبيب : جاري ، لكن ما ذنبه ؟

الخادمة : دع القزم هنا إذن ، وتهيأ للشنق .

الطبيب : لا ، لا ، كما تشائين .

الخادمة : سيدي .

الطبيب : " متوجساً " نعم .

الخادمة : عندما تعالج مريضاً وتنقذه ، ألا يدفع لك؟

الطبيب : نعم ، فأنا طبيب .

الخادمة : أنا وأنت سواء ، أنت تنقذ المرضى ، وأنا أنقذك .

الطبيب : صدقت .

الخادمة : وأي إنقاذ ، إنني أنقذك من حبل المشنقة.

الطبيب : طالما تمنيت الحصول على عقد زوجتي..

الخادمة : ليرحمها الله .

الطبيب : إنه لك .

الخادمة : " تحمل القزم وتبدأ بصعود السلم " ألحقني يا سيدي ، إلى السطح .

الطبيب : مهلاً ، مهلاً .

الخادمة : هيا ألحقني .


                                  الخادمة تصعد السلم ، 

                                    والطبيب في إثرها 


                                            إظلام 











المشهد السادس 



                                   لغط جمهور ، تضاء 

                                  الساحة وسط المدينة 


الوزير : ظهر الحق ، وزهق ..

الأمير : " يحدق فيه " ....

الوزير : " يصمت محرجاً " ...

الطبيب : مولاي هذا ما جرى .

الأمير : " يهمهم " هم م م م .

الطبيب : الطباخ بريء وأنا من تسبب بموت نديمك ، دون قصد .

الأمير : " للجلاد " أطلق سراح الطباخ .

الجلاد : أمر مولاي " يطلق سراحه " .

الطباخ : " من فوق المشنقة " يحيا العدل .

الأمير : انزل واذهب حيثما تريد ، أنت حر . 

الطباخ : " يقترب من الأمير " مولاي .

الأمير : " نافد الصبر " اذهب .

الطباخ : هذا الطبيب جاري ، يا مولاي والجميع يعرفون أنه إنسان طيب القلب و .. 

الأمير : طيب القلب إلى درجة أنه تسبب بموت نديمي ، ووضع جثته في بيتك .

الطباخ : مع ذلك ، يا مولاي ..

الأمير : " غاضباً " اذهب وإلا شنقتك بدلاً منه.

الطباخ : " يتراجع " لا يا مولاي ، لا أريد أن أشنق " يسرع إلى الخارج " فلأهرب وأنج بجلدي .


                                    الطباخ يلتفت إلى  

                                   الطبيب ، ثم يخرج


الوزير : " ينظر إلى الأمير " ...

الأمير : الطبيب تسبب بموت نديمي ، أي قتله .

الوزير : " يهز رأسه موافقاً " ....

الأمير : والقاتل يجب أن يقتل .

الوزير : " يهز رأسه متردداً " ....

الأمير : أيها الحارس .

الحارس : مولاي .

الأمير : خذ هذا الطبيب ، واصعد به إلى الجلاد.

الحارس : أمر مولاي " يأخذ الطبيب ويصعد به إلى الجلاد " .

الأمير : " للجلاد " ضع الحبل في عنقه .

الجلاد : أمر مولاي " يضع الحبل في عنق الطبيب " .

الأمير : لا تنفذ حتى آمرك .

الجلاد : الأمر لك يا مولاي .

الأمير : أيها الناس ، هذا الطبيب جاءه مريض ..

الوزير : " يتمتم " الرجل والمرأة جاءا به .

الأمير : " بانزعاج " وبدل أن يعالجه ، ويشفيه، تسبب في موته .

الوزير : لو عرفنا الرجل والمرأة ..

الأمير : لقد بحثنا عنهما دون جدوى .

الوزير : لعرفنا الحقيقة .

الأمير : الحقيقة واضحة كالشمس ، ولن أؤخر العدالة حتى يظهر الرجل والمرأة .

الوزير : مولاي ..

الأمير : لدينا مجرم ، اعترف بتسببه في وفاة نديمي ، وسأنزل به القصاص العادل .

الوزير : " يلوذ بالصمت " ...

الأمير : " يرفع يده " تهيأ لتنفيذ الحكم .

الجلاد : " يتهيأ " أمر مولاي .


                           الزوج والزوجة يخترقان 

                             الصفوف نحو الأمير 

 

الزوج : مولاي .

الزوجة : مولاي .

الأمير : هذان مجنونان هذه المرة .

الوزير : إنهما يا مولاي ، رجل وامرأة .

الأمير : " لا يلتفت إليه " ....

الزوجة : " للزوج " ابتعد أنت .

الزوج : " للزوجة " أنتِ ابتعدي .

الزوجة : لا أستطيع أن أراك تتأذى .

الزوج : وأنا أموت إن تأذيت .

الزوجة : طفلتنا بحاجة إليك .

الزوج : إنها بحاجة إليك أكثر ، أنت أم .

الزوجة : وأنت ..

الأمير : كفى لغواً " الزوجان يصمتان " تحدثا إليّ .

الزوجة : اسمح لي ، يا مولاي .

الزوج : مولاي ، اسمح لي أنا .

الأمير : " يبدو نافد الصبر " ....

الزوجة : " للزوج " أسكت أنت " للأمير " مولاي .

الزوج : " يحاول إبعاد الزوجة " ابتعدي أنت ، دعيني أتكلم " للأمير " مولاي العادل .

الزوج : " تبعد الزوج " لن أدعك تودي بنفسك إلى ..

الأمير : " مهدداً " أيها الحارس .

الحارس : مولاي .

الزوج : هذا الطبيب بريء يا مولاي .

الزوجة : أنا قتلت القزم .

الزوج : بل أنا .

الزوجة : لا ، أنا . 

الزوج : أنا دعوته إلى العشاء .

الزوجة : وأنا أطعمته السمك .

الزوج : وأنا حملته إلى بيت الطبيب .

الزوجة : وأنا تحججت بابنتي الصغيرة ، فتركته على السلم ، وشجعتك على الفرار .

الزوج : مولاي ، إنها مجنونة ، أنا ..

الأمير : كفى " يصمتان " سأقطع لسانيكما الثرثارين ، ثم أشنقكما .

الزوجة : أرجوك يا مولاي ، اشنقني واترك زوجي .

الزوج : لا يا مولاي، لا أستطيع العيش من غيرها ، اشنقني أنا .

الزوجة : لا ، أنا أشنق ، وليس أنت .

الزوج : إذا شنقت ، ستندمين.

الزوجة : "تنظر إليه متوجسة"...

الزوج : سأتزوج .

الزوجة : تتزوج  !

الزوج : نعم ، أتزوج .

الزوجة : لا ، لن تتزوج .

الزوج : جربي ، وسترين .

الزوجة : آه .

الزوج : قد أتزوج..جواهر .

الزوجة : اظهر على حقيقتك، اسمع..

الأمير : "مهدداً" أيها الحارس .

الزوجة : مولاي ، اشنقنا معا ً.

الأمير : سأشنقكما فعلاً ، ولكن ليس قبل أن تتكلما .

الزوج : مولاي، أطلق سراح الطبيب أولا ً.

الأمير : لن أطلق سراحه ، حتى أسمعكما ، وأتأكد من براءته .

الزوج : حسن، يا مولاي .

الزوجة : كما تشاء ،يا مولاي .

الطبيب : مولاي .

الأمير : اسكت أنت .

الطبيب : أطلقت سراح الاسكافي والطباخ، فأطلق سراحي أنا الآخر .

الأمير : كفى ، دعنا نسمع أقوال هذين الزوجين الثرثارين .

الطبيب : لكنهما اعترفا أمامك يا مولاي، بأنهما قتلا القزم .

الأمير : هذا مجرد كلام، أريد أن أعرف بالضبط كيف قتلاه "للزوجين" هيا تكلما .

الزوجة : مولاي .

الزوج : مولاي .

الزوجة : دعني أتكلم .

الزوج : أنا رجل ، اصمتي أنت .

الزوجة : أنا..

الأمير : " يمد يده إلى سيفه" كفى .

الزوجة : لكن يا مولاي..

الأمير : سأقطع لسانك .

الزوجة : " تصمت"...

الأمير : "للزوج" حسن تكلم .

الزوجة : لن أدعك تشنق وحدك، مهما كلفني الأمر .

الأمير : "يسحب جزء من سيفه "....

الزوجة : "وهي تضع كفها فوق فمها" سكت يا مولاي ، لن أتكلم .

الأمير : " للزوج" قل ما عندك ، هيا .

الزوج : مولاي، إنني خياط مبسوط الرزق ، وقد أغلقت دكاني متأخراً يوم الحادث، فاشتريت سمكاً مقلياً وخبزاً وليموناً وحلاوة، ومضيت أعبر الجسر إلى البيت..

                        

                                       تخفت الإنارة شيئاً

                                     فشيئاً ، ويسود الظلام


                                              إظلام

 




المشهد السابع


                                القزم وسط الجسر،

                                   يحدق في الماء


القزم : الأيام تمر كهذه المياه، تذهب ولا تعود، ثم تنتهي مهما سارت إلى البحر، ويا له من بحر .. عميق.. غامض.. حزين.

الخياط : "يدخل حاملاً صرة الطعام" يا للبرد، لقد انتهى الشتاء والبرد لم ينته، لكن سينتهي إن عاجلاً أو أجلاً " يرى القزم فيتوقف" ما هذا ؟ طفل؟ " يحدق فيه" لا ، إنه قزم، يا للمسكين، يبدو وكأنه يحمل هم الدنيا كلها على كاهله " يقترب منه" عمت مساءاً.

القزم : "يلتفت إليه" عمت مساءاً .

الخياط :الجو بارد هنا .

القزم : نعم ، فالنهر يزيد من البرودة .

الخياط : "يتطلع إلى النهر" لا أدري لماذا أشعر بالخوف عندما أنظر إلى النهر،وخاصة في الليل .

القزم : هذا شعور طبيعي، إذا كنت لا تجيد السباحة .

الخياط : إنني أجيد السباحة " يتطلع ثانية إلى النهر" يقال أن الوقوف عند النهر يثير الحزن .

القزم : وإذا كان المرء في الأساس حزيناً ؟

الخياط : الأفضل في هذه الحالة ، أن يبتعد عن النهر ، ويمضي .. ويعيش.

القزم : لا أسهل من الكلام .

الخياط : ما لم يقترن بالعمل .

القزم : "  يحدق في الخياط".....

الخياط : الحياة في رأيي إجازة لا نعرف مداها ، يمكن أن نقضيها في متعة وسعادة ، ويمكن أن نقضيها في غم وتعاسة .

القزم : هل أنت متزوج ؟

الخياط : نعم ، وأنت ؟

القزم : "  يبتسم بحزن".....

الزوج : عفوا ً.

القزم : يقال أن الزوجة إما أن تسعد زوجها ،أو تجعل منه حكيما ً.

الزوج : " يضحك" ها ها ها .

القزم : أنت حكيم .

الزوج : وسعيد أيضا .

القزم : أهذا ممكن ؟

الزوج : أتمنى أن ترى هذا بنفسك .

القزم : عندئذ سأرى ما لم أراه .

الزوج : أخي ، إنني خياط بسيط ، أعيش مع زوجتي وطفلتي الصغيرة، ويسعدني أن تشاركنا عشاءنا هذه الليلة .

القزم : "  يبتسم"......

الزوج : "متشجعاً"  لقد اشتريت سمكاً مقليا وخبزاً وليموناً وحلاوة .

القزم : إنني أحب السمك المقلي .

الزوج : هلم إذن ، يا أخي  .

القزم : لنترك النهر الآن "يتنهد"  فلنذهب.

الزوج : هيا .

                     

                               الخياط والقزم يسيران

                             مبتعدين ، تخفت الإضاءة

صوت الزوج : وأخذته إلى بيتي ، يا مولاي ، ورحت أحدثه طول الطريق، عن زوجتي وطفلتي الصغيرة فاطمة ، دون أن ينبس من جهته بكلمة واحدة ، وإن كان حزنه بدأ يخف..



                                     إظلام

















المشهد الثامن



                                يضاء بيت الخياط ،

                                يدخل الخياط والقزم


الزوج : يبدو أن زوجتي مشغولة كالعادة بطفلتنا الصغيرة "يرفع صوته" أم فاطمة .

الزوجة : " من الخارج" لا ترفع صوتك " تدخل مسرعة " لم انم فاطمة إلا بشق الأنفس .

الزوج : تعالي ، معي ضيف .

الزوجة : أهلاً بك وبالضيف .

الزوج : "للقزم" هذه زوجتي .

القزم : فليحفظها الله لك .

الزوج : الله، هذا كل ما أريده .

الزوجة : "تغالب ضحكتها" أبا فاطمة .

الزوج : عينا أبي فاطمة .

الزوجة : "تكتم ضحكتها خجلة" دع هذا الآن   " هامسة" لم أطبخ ما فيه..

الزوج : لا عليك ، اشتريت ما يكفينا وأكثر      " يقدم لها صرة الطعام " خذي هذا ، واعدي السفرة ، هيا ، يا عزيزتي .

الزوجة : "  تتجه بالصرة إلى الداخل "لحظات، وتكون السفرة معدة "تخرج" .

الزوج : " للقزم" ستأكل اليوم سمكاً طيبا ً.

القزم : أشكرك .

الزوج : والاهم أن تسعد بيننا .

القزم : إنني سعيد بما أوليتني إياه من ثقة ، فقد دعوتني إلى بيتك، دون أن تسألني حتى .. من أكون .

الزوج : لقد ارتحت إليك حالما رأيتك، وأردت أن أسعدك واسعد بك، فدعوتك، ولا أرى ما يدعو لأسألك من تكون .

القزم : هذا موقف كريم منك ، ومع ذلك سأخبرك بمن أكون...

الزوج : إن شئت .

القزم : "  يبتسم " بعد العشاء ، فها هي زوجتك قادمة بالطعام .

الزوجة : "تدخل حاملة الصينية " أهلاً وسهلاً ، نحن الضيوف وأنت صاحب الدار .

القزم : ألف شكر ، يا أم فاطمة .

الزوجة : " تضع الصينية على الأرض" تفضلا.

القزم : " يجلس" لن أمد يدي إلى الطعام ، إذا لم تجلسي وتأكلي معنا .

الزوجة : " محرجة تنظر إلى زوجها " لكن..

الزوج : "وقد جلس " اجلسي ، ضيفنا أخوك .

القزم : أشكرك " للزوجة" والآن تفضلي .

الزوجة : " تجلس وتمد يدها إلى الطعام" هيا إذن ، فلنأكل .

القزم : "يأكل متلذذاً" الله، يا للروعة.

الزوج : " وهو يأكل" إنه طعام متواضع يا أخي.

القزم : " وهو يأكل" الروعة ليست في الطعام فقط، بل في الجو الأليف ، السعيد، الدافئ.

الزوجة : "تأكل متطلعة إلى زوجها" هذا بفضلك يا أبا فاطمة .

الزوج : " وهو يأكل" بل بفضلك أنت ، يا أم فاطمة .

الزوجة : " للقزم " أنت لا تأكل ، يا أخي أرجوك، كل، كل .

القزم : " وهو يأكل" إنني آكل ،وفمي يكاد ينفجر بالأكل "  يضع في فمه لقمة "  أنتما لا تعرفان عملي " يضع لقمة أخرى في فمه"  إنني ادخل السعادة على قلوب الآخرين ، لكن قلبي حزين ، إني أتمنى الآن.."يضع لقمة كبيرة في فمه" لو أن لي بيت.. و..زوجة..و..."يشهق جاحظ العينين "..آآ..ه .

الزوجة : " خائفة" أبا فاطمة .

الزوج : لا تخافي " ينهض" سيدي، ما الأمر ؟

القزم : " يميل ويسقط جانباً"......

الزوجة : "تصرخ" مات .

الزوج : لا ، اهدئي ، لعله أغمي عليه "ينحني على القزم " سيدي " يهزه" سيدي .

الزوجة : مات " تولول  " الذنب ذنبي، أنا قتلته .

الزوج : اخفضي صوتك ، قد يسمعك أحد الجيران .

الزوجة :لم أتركه يأكل بهدوء ، رحت أحثه كل كل ، فوضع في فمه لقمة كبيرة و.. يا  ويلي .

الزوج : المسكين، كان يتحدث عن السعادة  .

الزوجة : إننا لم نعرف حتى من يكون .

الزوج : أراد أن يخبرني بهذا بعد العشاء  .

الزوجة : ما العمل  ؟

الزوج :لنفكر ، الأمر خطير للغاية ، وقد نتهم بالتسبب في موته ، و ..

الزوجة : لنأخذه إلى الطبيب ، ليقوم بفحصه ،لعله لم يمت  .

الزوج : لقد مات .

الزوجة : لا تضيع الوقت ، هيا نأخذه إلى الطبيب.

الزوج : حسن " يهم بحمل القزم " سأحمله .

الزوجة : كلا ، أنا أحمله ، وألفه بإزاري ، حتى لا يراه أحد " تحمل القزم " إنه بحجم طفل ، المسكين " للزوج " هات إزاري . 

الزوج : " يأتي بالإزار " دعيني أحمله عنك .

الزوجة : لفني بالإزار .

الزوج : " وهو يلف زوجته " الطريق مظلم ، ولن ..

الزوجة : " تقاطعه " هيا الآن " تتجه إلى الخارج " لنذهب ونعد بسرعة ، قبل أن تستيقظ فاطمة .


                               الزوجة تخرج ، الزوج

                                   يلحق بها مسرعاً 


                                         إظلام



المشهد التاسع


                           

                               لغط جمهور ، تضاء

                               الساحة وسط المدينة


الزوجة : وحملته ، يا مولاي ، تحت إزاري إلى بيت الطبيب .

الزوج : كان الطبيب في الطابق الثاني ، فأعطينا خادمته ربع دينار ، لتدفعه إليه ، لينزل بسرعة ، ويفحصه .

الزوجة : لكن الطبيب تأخر ..

الزوج : وتطلعنا إلى القزم ، على ضوء المصباح ، فتأكد لنا أنه .. مات .

الزوجة : خفنا ..

الزوج : وابنتنا الصغيرة كانت وحدها في البيت.

الزوجة : فتركنا القزم على السلم ، ولذنا بالفرار .

الزوج : هذا كل ما جرى ، يا مولاي .

الزوجة : مهما يكن ، فقد قتل نديمي المسكين ، ولن يشفى غليلي إذا لم أشنق أحداً .

الزوج : أطلق الطبيب ، يا مولاي ، واشنقني .

الزوجة : لا ، يا مولاي ، اشنقني أنا .

الزوج : تمهلي ، فليطلق سراح الطبيب أولا .

الأمير : " للجلاد " أطلق الطبيب .

الجلاد : أمر مولاي " يطلق الطبيب "

الطبيب : " من فوق المشنقة " يحيا العدل ، ويحيا .. يحيا الزوجان النبيلان .

الزوجة : " دامعة العينين " آه ما أطيب هذا الطبيب .

الزوج : كدنا نتسبب في شنقه .

الزوجة : المسكين .

الزوج : وكاد المرضى يفقدون طبيباً طيباً .

الزوجة : صحيح أنه لا يصف لمرضاه غير البيبون ، لكن ، وكما تقول جدتي ، إن البيبون لا يضر المرضى .

الطبيب : " يقترب من الأمير " مولاي .

الأمير : لقد نفد صبري ، اذهب .

الطبيب : أمر مولاي " ينظر إلى الزوجين " ألف شكر ، يا عزيزيّ ، لولاكما لكنت الآن في العالم الآخر .

الزوجة : " تنشج باكية " ادعُ لنا ، إن دعاءك مستجاب .

الطبيب : " يفتح كفيه ليدعو " ....

الأمير : " يصيح به " اذهب .

الطبيب : " يتجه إلى الخارج " الحياة للزوجين النبيلين .. الحياة للزوجين النبيلين .. الحياة .. للزوجين ..


                               الطبيب يخرج ، يرتفع

                                   لغط بين الجمهور


الوزير : مولاي .

الأمير : " ينظر إليه صامتاً " ....

الوزير : لنتروّ .

الأمير : " يتقدم قليلاً ويصيح " كفى " يسود الصمت شيئاً فشيئاً " إمارتنا إمارة عدل ، وسأحقق العدل مهما كلفني الأمر .

رجل : " يهتف " يعيش الأمير العادل .

الجمهور : يعيش .. يعيش .. يعيش .

الأمير : لنعد إلى قضيتنا " للزوجين " والآن ..

الزوج : القضية واضحة ، أنا دعوته .

الزوجة : أنا حثثته على الأكل ، فأنا ..

الأمير : مهلاً ، وجدت الحل العادل .

الزوجة : يحيا العدل .

الزوج : يحيا العدل .

الأمير : سأشنقكما معاً .

الوزير : " يهز رأسه آسفاً " ....

الزوجة : " مصدومة " أبا فاطمة ..

الزوج : " مذهولاً " نشنق ! 

الحارس : مولاي .

الأمير : خذهما إلى الجلاد .

الحارس : " يمسك بالزوجين " أمر مولاي .

الأمير : وليشنقا .

القزم : " يصيح من وسط الجمهور " مهلاً .

الأمير : من المجنون هذه المرة ؟

القزم : فلأشنق أنا أولاً .

الأمير : " يتمتم " هذا الصوت أعرفه ، لكن .. لا .. مستحيل .


                                 القزم يخترق الجمهور ،

                                     ويقف أمام الأمير

                              

القزم : مولاي .

الأمير : يا إلهي ، أنت حيّ ! " بصوت تخنقه الدموع " كدت أقتل الإسكافي والطباخ والطبيب وهذين الزوجين ال .. الثرثارين .. من أجلك .

القزم : مولاي ، أنت تبكي .

الأمير : " يمسح دموعه " ....

القزم : إذن أنت تحبني .

الأمير : طبعاً أيا الأحمق .

القزم : رغم أني قزم .. 

الأمير : " يهز رأسه " ....

القزم : وأحدب ..

الأمير : " يهز رأسه " ....

القزم : كان لكل هذا فائدته " للزوجين " أشكركما ، إنني سعيد .

الزوجة : ونحن ؟ 

القزم : مولاي .

الأمير : " يهتف " لا للمشنقة .

الزوجان : " بفرح  " يحيا العدل .

رجل : " يهتف " يعيش الأمير العادل .

الجمهور : يعيش .. يعيش .. يعيش .

الأمير : لم تخبرني ، كيف عدت إلى الحياة ؟

القزم : إنني لم أمت ، يا مولاي ، وكل ما هنالك ، أن لقمة كبيرة سدت حلقي ، فأغمي عليّ ، وأنقذتني من هذه اللقمة عطسة قوية .

الأمير : " مازحاً " أه ، إنني أعرف عطاسك ، إنه زلزال .

القزم : " يضحك " ها ها ها ها .

الأمير : حمداً لله ، لقد عاد كل شيء إلى مكانه  " للقزم " لنذهب إذن إلى قصري .

القزم : لا ، يا مولاي .

الأمير : لا !

القزم : بعد إذنك طبعاً ، يا مولاي ، أريد أن أكمل طعامي مع هذين الزوجين السعيدين.

الأمير : لك ما تشاء . 

القزم : " للزوجين " إذا سمحتما ، ومنحتماني هذه السعادة .

الزوجة : هذا يسعدنا .

الزوج : على الرحب والسعة .

الأمير : اذهب معهما ، وسأرسل لكم الطعام من قصري .

القزم : عفواً ، يا مولاي ، أريد أن آكل من طعام هذين الزوجين السعيدين ، فهو يسعدني .

الأمير : حسن ، إنني أنتظرك في قصري ، لا تتأخر ، فأنت سعادتي .

القزم : أشكرك ، يا مولاي " يمسك الزوجة بيد والزوج باليد الأخرى " فلنذهب ، هيا.


                               القزم والزوجان يخترقان

                               صفوف الناس ، ويخرجون


الأمير : " بلهجة مصالحة " أيها الوزير . 

الوزير : نعم ، مولاي .

الأمير : " مازحاً " الآن ظهر الحق ..

الوزير : " مبتسماً " وزهق الباطل .

الأمير : إن الباطل كان زهوقا" يصمت " اليوم على ما يبدو ، كنتُ منفعلاً بعض الشيء .

الوزير : الحق معك ، يا مولاي .

الأمير : أرجوك ، كن إلى جانبي دائماً ، ونبهني إلى شططي ، كما حاولت خلال هذه الأحداث .

الوزير : إنني إلى جانبك دائماً ، يا مولاي .

الأمير : أشكرك ، لقد انتهت مهمتنا هنا ، لنذهب.

الوزير : الأمر لك ، يا مولاي .

الأمير : " يرفع يده محيياً الناس " ....

رجل : " يهتف " يعيش الأمير العادل .

الجمهور : يعيش .. يعيش .. يعيش .


                          الأمير والوزير يخرجان ،

                            محاطين بجموع الناس


                                 إظلام تدريجي 

                                      ستار 

 





0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption