مَسْرَحِيَّة " الْيَوْمِ السَّابِعِ " تأليف محمود القليني
مجلة الفنون المسرحية
الشــــخصــــــــــــيات :
أسرة الحاخام ( عكيفا )
1 – آشر.......................................................صحفي إسرائيلي .
2-عكيفا ......................................................جد (آشر) حاخام يهودي.
3- أرنونا ...................................................أم (آشر) .
4- جاليا.....................................................أخت (آشر) .
5- فنحاس ................................................زوج (جاليا) من قدامى المحاربين.
6- أفرايم .................................................أخو (آشر) عقيد في الجيش الإسرائيلي.
7-براك .................................................ابن (جاليا) .
8- سمدار ..............................................ابنة (جاليا) .
أصـــــــــــــــــدقــــــــاء (آشــــر) .
9- إفرات
-10 إيزابيلا
11- مايكل
12-أوبرا
13- شموئيل.
14- خابورا.
15- زيغا.
16-عاموس
17- كرمنيل
رواد مقهــــى ( أبــو أحمــد صـــيام )
18- غسان .
19- نصير .
20- أبو عاصي .
21- مروان .
هيئــــــــة تحريــــــــــر جريـــــــــدة (المنار)
22- موسى ميرتس .....................رئيس التحرير
23- د. مهدي البحراني...............عالم آثار بجامعة القدس.
24-د.رولا أبو عاصي................مدرسة تاريخ بجامعة القدس .
25 – نايف الحصري .................محرر الشؤون السياحية بجريدة( المنار )ومرشد سياحي
26-إيمان المنسي ....................مديرة التحرير .
27- نوال العجمي.....................سكرتيرة التحرير .
المكان : مدينة القدس .
الزمان : اليوم السابع .
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
الْمَشْــــــــــهَـــــــــــــــــد الْأَوَّل :
حجرة الطعام في منزل أسرة يهودية ، الأم وابنتها تعدان فطور صباح السبت ، لا يضيء الحجرة سوى الشموع الموجودة في كل مكان ، يتوسط المائدة الشمعدان ذو الأفرع السبعة تعلوه نجمة داود .
أرنونا : ( تفرق نظراتها بين محتويات المائدة مشيرة إلى ابنتها )( جاليا) ..نادي على ولديك (براك ) وأخته (سمدار) .
جاليا :(تتطلع نحو باب الحجرة ) (سمدار) ..(باراك) ..تعاليا لتتناولا فطوركما .
براك : ( يدخل رافعا مسدسا في يده ) ما جدوى مسدس بدون طلقات رصاص ؟!
سمدار : (تجلس على المائدة واضعة دمييتها أمامها ) وماذا ستفعل بطلقات الرصاص ؟
برا ك : ( مشيرا بفوهة المسدس إلى من حوله بحماس ) أقتل أعداءنا كما يفعل أبي .جاليا : ( مندهشة ) وهل رأيت والدك يقتل أحدا ؟!
براك :لا ، ولكن معه مسدسا حقيقيا، وبه رصاص حقيقي ، وفي مرة سمعتُه يقول إنه يقتل أعداءنا قبل أن يقتلونا .
جاليا : أبوك لم يقتل أحدا يا (براك) .
براك : ولكنني رأيتُهم في التلفاز يقتلون أعداءنا .
جاليا : ما رأيته أفلاما سينمائية وتمثيلا في تمثيل .
براك : ( يدق سطح المنضدة بالمسدس بإصرار) ما رأيتُه ليس أفلاما تمثيلية وصديقي ( ساسون ) أخبرني بكل شيء .
أرنونا : ( تجذب أذنه) ألم أخبرك أن تبتعد عن ( ساسون ) هذا ولا تصادقه ؟
براك : ( يخلص أذنه من يدها ) ولماذا لا أصادقه ؟!
أرنونا : لأنه ليس في مثل سنك ، أنه يكبرك بسنوات .
براك : وهل سيعطيني أبي مسدسا حقيقيا كما فعل والد (ساسون) حينما أكبر ؟
جاليا :وما أدراك أن ما مع (سا سون) مسدس حقيقي ؟
براك لقد رأيتُه خلسة في حقيبته ، وهو يشبه مسدس والدي .
أرنونا : ( تمسك به ) إذن أنت الذي تخرج مسدس والدك من جرابه وتعبث به ، إذا فعلت ذلك مرة أخرى سأخبر والدك ليعاقبك .
براك : ولماذا لا يعطيني مسدسا كما فعل والد صديقي ( ساسون ) ؟!
جاليا : لأنك ما تزال صغيرا .
براك : ( يحطم لعبة أخته بفوهة المسدس ) لستُ صغيرا ..لستُ صغيرا
جاليا : ولماذا تحطم لعبةَ أختك ؟!
أرنونا : ( مهددة ) ألم يحذرك جدُك أن تحسن معاملتك أختك ؟
بررك : ( مشيرا لهم بالمسدس ) لا أحب البنات ولا أحب ألعابهن ، وأكرهكم كلكلم لأنكم تعاملونني كصغير ولا تعطونني مسدسا حقيقيا .
سمدار : ( توكزه ) وأنا لا أحبك ولا أحب مسدسك هذا .هيا ابتعد عني ولا تجلس بجواري أيها الغبي .
جاليا : ( تفصل بينهما ) لا تصفي أخاك بالغباء ...وأنت لا تغضب أختك ..وكفا عن هذا الشجار وإلا لن يصحبكما خالكما ( أشر ) إلى الشاطئ اليوم .
أشر : ( يدخل يقبل الطفلين ويشير إلى براك) لن أصحبه مرة أخرى معي ، لقدأفزع الأطفال بمسدسه ولم يكف عن مطاردتهم وضربهم ، ولن أذهب إلى الشاطيء اليوم .
أرنونا : ( مندهشة ) ماذا وراءك ..أليس اليوم السبت يوم الراحة للجميع ؟!
آشر : (يتناول كأسا ليصب النبيذ ) أظن جرعة من هذا النبيذ تنشط الذهن هذا الصباح .
أرنونا : ( تختطف الكأس من يده في حدة ) انتظر حتى يتلو جدُك عليه الصلاة .
أشر :( مشيرا إلى النبيذ والخبز ) ألم يتل عليهما الصلاة بالأمس ؟! أنا لا أدري ما جدوى الصلاة في كل مرة ؟! ( ناظرا إلى ساعته ) أنتم تتعاملون مع الوقت باستهتار عجيب، وما كنتم تفعلونه منذعشرات السنين تفعلونه الآن وستفعلونه إلى الأبد !
أرنونا : منذ أن عدتَ من (أمريكا) وأنت دائما في عجلة من أمرك ،.لم تكن هكذا ، تغيرت كثيرا يا آشر !
جاليا : ( تحدق في وجهه ) (آشر) الذي ذهب غير( آشر) الذي عاد ..
أشر : ( يمس على شعره ) وهذا التغيير إلى الأفضل أم إلى الأسوأ؟
جاليا : ( حائرة ) بغض النظر عن الأفضل أم الأسوأ ..أحيانا أشعر أنك لستَ (آشر) أخي الذي أعرفه .
آشر : ( ضاحكا ) لا تتعجبي إذا قلتُ لك أنني أشعر أحيانا أنني غريب عن نفسي ..وكثيرا ما يفاجئني بأشياء غير متوقعة بالمرة .
جاليا : ( متعجبة ) من هذا الذي يفاجئك ؟!
آشر : ( ساخرا ) أنا أفاجيء نفسي .
أرنونا : ( تربت على كتفه ) لابد أن شيطانا تملكك يا (آشر) .
آشر : ( ضاحكا ) الشياطين لا توجد إلا هنا في الشرق أما في (أمريكا) فكل شيء له سبب .
جاليا : ( ساخرة ) وما سبب تغيرك هذا ؟!
آشر : ربما السنوات التي قضيتُها في (أمريكا) ومن قبلها في (أوربا) و(روسيا) وتعاملي مع جنسيات مختلفة وأفكار و تأملات وقراءات و ..
أرنونا :(مقاطعة ) وستظل هكذا ولا تتزوج ؟!
جاليا : ( تظر إليه من طرف خفي ) مع أنني أعرف أنه علي علاقة بأكثر من فتاة و..
أرنونا : ( ناظرة نحو الباب وتقاطعها ) صه ..اسمع صوت جدك ( عكيفا ) وزوجك (فنحاس) وأخيك أفرايم) .
جاليا : ( ترص الخبز أمام المقعد الرئيس ) ما سبب تأخرهم عن الحضور في موعد الفطور ؟!
أرنونا : ( تضع زجاجة النبيد بجوار الخبز ) أرجو ألا يكون كلامنا قد وصل إلى أسماعهم .
جاليا : ( تربت على كتف آشر ) أنت تعلمين أن صوت (آشر) دائما مرتفع يسمعه من يمر بالشارع ، فلابد أنهم سمعوا شيئا من تراهاته .
أرنونا : ( تقترب منها وتسر إليها ) بالأمس كان كل حديثهم على ( آشر ) وأظن أنهم اجمعوا على أمر ما بشأنه هذا الصباح .
آشر : ( يصيخ السمع مندهشا ) كل حديثهم عني ..لماذا وماذا يريدون مني و.. ؟!
[يدخل الجد ( عكيقا ) ووراءه ا( فنحاس ) و ( أفرايم ) ويتجمعون حول
المائدة ]
عكيفا : ( يجلس مشيرا إليهم بالجلوس موجها كلامه إلى آشر) أما ماذا نريد منك فسوف نتحدث ولكن بعد أن أتلو الصلاة .
جاليا : ( تقرب الخبز والنبذ منه وترمق أشر بنظرها) بارك الإله فيك يا جدنا ولا حرمنا من دعائك وصلاتك .
عكيفا : ( يرفع عينيه إلى الفضاء لامسا الخبز بيد وزجاجة النبيذ باليد الأخرى ويتلو بصوت هادئ منغم ) اشكروا الرب .
الجميع : (في صوت واحد في خشوع) اشكروا الرب .
عكيفا :خلصنا الآن نتوسل إليك يا إلهنا .
الجميع : ( في صوت واحد ) خلصنا الآن نتوسل إليك يا إلهنا .
عكيفا : يا الله يا ربنا يا ملك الكون يا من قدستنا بوصاياك وأوصيتنا أن نضيء يوم السبت .اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك ولتكن هذه الكلمات التي أوصيك بها اليوم على قلبك وقصها على أولادك وتكلم بها حين تجلس في بيتك حين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم وأربطها علامة على يدك ولتكن عصائب بين عينيك واكتبها على قوائم أبواب بيتك .
جاليا : ( توزع الخبز والنبيذ على الجالسين وتنحي مسدس ابنها جانبا ) دع هذا الآن وتناول فطورك .
فنحاس : ( يشير بكأس النبيذ إلى آشر ) ألا تفكر بالعودة إلى (أمريكا) ؟
آشر : ( يتوقف عن الأكل ) أظن هذا السؤال بخفي ماذا تريدون مني ، والأمر ليس في حاجة إلى ذكاء لأخمن أن اجتماعكم في الحجرة المجاورة في ساعة مبكرة كان من أجل أمر يخصني ..أليس كذلك ؟
أفرايم : ( مترددا ) لي صديق يعمل محللا في الشؤون العسكرية في صحيفة ( بديعوت أحرنوت ) يقول أن مقالات ( آشر ) في الأونة الأخيرة بدأتْ تثير لغطا في الأوساط السياسية والثقافية وفي نفس الوقت تمثل ظاهرة وموجة لفئات من الشباب الإسرائيلي .
فنحاس : والعديد من الجرائد والمجلات تسعى وراءه لنشر مقالاته بل أنها تطلب منه التعاقد معها.
أشر : ( خجلا ) أظن أنهم يبالغون بعض الشيء .
جاليا : ( مندهشة ) معنى هذا أن مقالات (آشر) لها أثر طيب بدليل أن عددا من الجرائد كما تقول يسعى لنشرها ، وفي نفس الوقت تقول إنها بدأتْ تثير لغطا في بعض الأوساط السياسية والثقافية ؟!
عكيفا : ليستْ المقالات فحسب ولكن نشاط ( آشر ) وانضمامه أو اختلاطه ببعض الجماعات والمنظمات ذات الاتجاهات اليسارية واليبرالية.
أشر : ( محتدا ) إنهم أصدقائي منذ دراستي الأولية وعلاقتي بهم لم تنقطع وحتى وأنا في (أمريكا) .
عكيفا : ولكنك محسوبٌ عليهم .
أشر : ( غاضبا ) حتى ولو كنتُ محسوبا عليهم فأنا لا أخجل أن أكون واحدا منهم .
عكيفا : ( ينحي ما أمامه من طعام ) ولكننا صرنا نخجل منك، ومن كتابتك التي يغرك ثناء المراهقات والمراهقين أمثالك وتصرفاتك الرعناء .
فنحاس : ( يربت على يد عكيفا ويشير له بالهدوء ويتجه بحديثه إلى آشر ) مقالاتك لم تعد نصلح الآن وصدقني كل من يشجعك سينصرف عنك بعد قليل، وتلك المقالات ضررها أكثر من نفعها ، والذين ساروا في الطريق الذي تسير فيه خسروا كثيرا وندموا .
آشر : (ساخرا ) كل هذا بسبب عدد من المقالات وحديثي مع أصدقائي ..لم أعرف أن لمقالاتي كل تلك الأهمية وهذا الأثر الكبير .
عكيفا : ( واقفا ) ليس لها أثرٌ كبيرٌ ولكنها مدمرةٌ ، أجدادُك ( مشيرا لمن حوله ) وكلنا بنينا هذا الوطن بدمائنا وأعمارنا وعرقنا وضحينا بالعزيز والغالي للحفاظ على الأرض ، تأتي أنت الذي لم يشب عن الطوق بعد ، ومن معك من المراهقين تدعون إلى المساواة بين كل من يعيش على تلك الأرض ، وألا فرق بيننا وبينهم وأنهم لهم حق كما لنا حق وأننا مغتصبون أرضهم وناهبون حقهم وسارقون وجودهم . ..أهذا كلام يكتبه يهودي من أسرة أصيلة ومتمسكة بتعاليم التوراة وتقاليدنا ، إذا كنت أنت تكتب ذلك فماذا يكتبون هم ؟!
آشر : ( مشيرا إليه ) نعم أجدادي وأنتم بنيتم هذا الوطن ولكن بنتوه بالكراهية وحصنتوه بالحقد ، كالشجرة التي روتوها بالدم ماذا ستطرح غير الندم والخسران ؟!
عكيفا : ( مرتعشا ) أنت لا تحب وطنك .بل تكرهه ، ولا تتمنى له الخير، .ويجب أن ترحل ، لا مكان لك على تلك الأرض الطاهرة المقدسة .
آشر : وطاهرتُها وقدسيتُها لم تمنعْكم من سفك الدماء وتيتيم الأطفال وترميل النساء وحرق البيوت وهدمها وذبح الأبرياء .وتدنيس مقدساتهم .
عكيفا : لأنها ليس من حقهم .
آشر : اللهُ وحده هو من يحق الحقوق .
عكيفا : ( يرفع سفر من التوراة ) هذا حكمُ الله لنا ، وقد منحنا إياها وما يمنحه اللهُ لا يسلبه أحدُ .
آشر : حتى هذا لا يعطيكم الحق أن تحرقوا وتهدموا وتقتلوا وتذبحوا و..
أرنونا : ( تقف رافعة يديها لأعلى متوجه بالحديث إلى (آشر) في حزم ) آشر اعتذر لجدك عن كل ما تفوهت به ، وانصرف الآن ، ولنا حديث في وقت لاحق .
أشر : ( منكس الرأس ) معذرة يا جدي ..لا أدري كيف صدر مني هذا الكلام وبتلك الطريقة غير اللائقة أكرر اعتذاري ...
جاليا : ( تودعه ) لا تتأخر سننتظرك على الغداء .
أرنونا : ( مشيرة إلى الجميع ) واضح أنكم تحدثم طويلا في شأن (آشر) ليس هذا فحسب بل توصلتم واتخذتم قرارا بشأنه ..( تشير إلى جاليا ) فلماذا لم تشركوننا ؟
جاليا : ( مشيرة إلى فنحاس وأفرايم في تعجب ) ثم لماذا لم تتدخل يا (فنحاس) أو أنت يا (أفرايم ) في إنهاء هذا الجدال العقيم بينهما ؟!
فنحاس : ( مشيرا إلى عكيفا ) هذا ما أمرنا به ألا نتدخل حينما يفاتحه .
أفرايم : وأنا فوجئتُ ولم أكن أتوقع أن يصل الخلاف بينهما إلى هذا الحد .
أرنونا : ( تدق على سطح المائدة غاضبة ناظرة إلى عكيفا ) وأنت كعادتك اتخذت قرارا بصفة منفردة ، وطبعا أمليته على (فنحاس ) و(أفرايم) وبالتالي تريد أن تفرضه علينا .
عكيفا : ( مندهشا ) أي قرار تقصدين ؟!
أرنونا : ( غاضبة ) رحيل (آشر).
جاليا : ( تضع يدها على صدرها ) ولماذا يرحل ، ألا يكفي أنه قضى الجزء الأكبر من عمره بعيدا عنا ؟!
فنحاس : ( ناظرا إلى عكيفا ) ولكنه لم يخبرنا بهذا القرار من قبل ..وتعجبتُ من قوله هذا !
أفرايم : وأنا أيضا أول مرة أسمعه !
عكيفا : ( نادما ) لم أكن أقصده ، ولكنني وجدتني مدفوعا لقوله لمجرد التهديد .
أرنونا : ( مفكرة ) وماذا لو أخذ (آشر) كلامك على محمل الجد وقرر الرحيل ؟
عكيفا : ( ملوحا لها ) حسنا يفعل ،ليعبر عن أرائه ويفعل ما يشاء بعيدا عن هنا
جالبا : وهل خطورة ما يقوله مرتبطة بوجوده هنا ؟!
أفرايم : كل ما يقال خارج (إسرائيل) ليس له من الأثر إذا قيل من داخل (إسرائيل) .
عكيفا : بالإضافة إلى أن (آشر ) ينتمي إلى عائلة أجداد جدودنا مشهود لهم بالتضحية والعمل المخلص الجاد والمستمر في سبيل وطننا ، والخوف أن يظن الجميع أن لسانه لسانُنا وفكره فكرُنا، إذن كل ما فعله أجدادُنا يضيع هباءا .
فنحاس : ولا تنسوا أن (آشر) شاب ويتمتع بعلاقات واسعة ، وطبيعة الشباب أن يتلقفوا أي فكرة أو قول يخالف المألوف .
أرنونا : لا أريد منكم أن تضخموا من أمر (آشر) ، فليس أول من رأي هذا الرأي ، وقال هذا القول .
جاليا : لعلها نذوة من نذواته .
أرنونا : وما أكثر نذواته !
عكيفا : وفي نفس الوقت لا نريد أن نهون من شأنه ، الأمرُ متعلقٌ بأغلى شيء في الوجود وطننا أغلى علينا من أنفسنا وأولادنا وكل ما نملك ..ونحن على استعداد أن نضحي بكل شيء في سبيل بقائه وفي سبيل الاحتفاظ بالأرض.
جاليا : ( مفزوعة ) أحيانا كلامك يخيفني ويملأني رعبا .
عكبفا : ( متحمسا ) كل ما يهدد أرضنا لابد أن يخيفك ويملأك رعبا .
أرنونا : وما السبيل إلى الأمن والاطمئنان أيها الحاخام ؟!
عكيفا : أن تقضي على ما يهدد أرضنا ونقف أمام أعدائنا أقوياء ونقاتلهم مهما كان الثمن يا عزيزتي .
براك : ( واقفا ورافعا يده بالمسدس ) أنا يا جدي الذي سأقاتل أعداءنا .
عكيفا : ( مبتهجا ) مرحى ..مرحي ..تعالى لأقبلك يا (براك) .
براك : ( يسرع ليه ويجلس على ركبتيه ) أنا من سأقاتل أعداءنا ولكنني أريد مسدسا حقيقيا ، ليس كمثل هذاالمسدس الذي لا يصلح إلا للأطفال .
عكيفا : ولكنك ماتزال طفلا .
براك : لقد كبرتُ يا جدي
عكيفا : ماذا تريد أن تكون ؟
براك : ( مشيرا إلى ولده ) أريد أن أكون ضابطا لأحمل مسدسا كمسدس والدي وأقاتل به الاعداء
عكيفا : وهل تعرف أعداءنا ؟
براك : نعم ، أراهم كل صباح وأنا ذاهب بالحافلة إلى المدرسة في الشوارع وفي المزارع و..
عكيفا : (مقاطعا ) ولكنهم كثيرون وقد يتغلبون عليك .
براك : ( متحمسا ) ومعي مسدسي لن يتغلب علي أحدٌ يا جدي ،وأنا أجيد التصويب .
عكيفا : أتقول الحق ؟!
براك : ( مشيرا إلى والده ) ليعطيني والدي مسدسه وسوف ترى صدق كلامي .
عكيفا : ( يقاطعه ضاحكا ) أنت لا تستطيع حمل مسدس والدك .
براك : ( متحمسا ) إني أحمل مسدسه كل يوم حينما يعود ويذهب ليستحم .وأزيل الغبار من عليه .
فنحاس : ( مندهشا مشيرا إلى جاليا ) ظننتُ التي تفعل ذلك ولدتك ...أيها العفريت .
جاليا : أنا أخاف أن أحمله .
أرنونا : ولكن هذا يمثل خطورة على (براك) ماذا لو ضغط على الزناد ؟
فنحاس : لا تخشي شيئا فإني أفصل خزنة الرصاص عن المسدس ، فلا خوف عليه منه .
عكيفا : ( يحتضن بارك ) ألا ترون أنه شجاع وجرئ ؟!
جاليا : إنه لا يترك المسدس من يده ، ولا أعرف سر تعلقه الشديد به .
أرنونا : ( ساخرة ) ولم يعد يقتنع بما في يده ويريد مسدسا حقيقيا .
عكيفا : ( مشجعا ) ولماذا لا يكون في يده مسدس حقيقي ، ويتدرب جيدا على التصويب ؟
جاليا : ما يزال ( براك ) صغيرا.
عكيفا : وهل ننتظر حتى يكبر لصير مثل ( آشر) ؟
جاليا : ( معاتبة ) وما به (آشر) ؟!
عكبفا : ضعيف القلب لا يتحمل رؤية دجاجة تذبح أمامه .
أرنونا :( آشر) ليس ضعيف القلب ، ولكنه راقي الإحساس والشعور .
عكيفا : ( ساخرا ) انظري إلى راقي الإحساس والشعور ماذا يكتب وماذا يقول وإلام يدعو ؟!
جاليا : إنه يتحدث بحرية كما كان يفعل في (أمريكا) .
عكيفا : يجب أن يعرف أن ما يقال في (أمريكا) لا يصلح أن يُقال هنا في إسرائيل .
إفرايم : معك حق ، هنا لابد أن نكون أقوياء، مرهوبي الجانب ، يُخشى بأسنا ، ونضرب بيد من حديد كل من يقف ضدنا .
جاليا : ( مشيرة إلى براك ) أنظر إليه وهو يردد ما تقوله في سره !
عكيفا : ( بحماس ) سندربك على حمل السلاح وليكن قلبك مثل قلب الأسد .( ملتفتا إلى أفرايم ) أوصيك ببراك .
جاليا : المهم يجب أن يتوقف عن رؤية أفلام العنف والجريمة فقد أصبحت طباعة حادة وسيئة .
أرنونا : ( تقبل سمدار ) وأكثر التي تعاني من طباعة هي (سمدار) .
عكيفا : ( يمسح على شعر براك ) لنشجع جرأته وحبه لحمل السلاح وحماسه والرغبة في مقاتلة الأعداء ، ربما يكون (براك ) عوضا عن( آشر) .
فنحاس : كأنك فقدتَ الرجاء في (آشر) ؟
عكيفا : (آشر) عنيد ولن يحيد عن طريقه وإن أظهر لكم غير ذلك .
إفرايم : أهم شيء أن تظل أسرتنا متماسكة ولا يحدث شقاق بيننا .
عكيفا :(مندهشا ) لماذا تقول ذلك ؟! وهل تتوقع أن يحدث شقاق داخل أسرتنا .
أفرايم : ( يرمق أرنونا وجاليا) أثناء حديثك مع (آشر) لاحظتُ أن (أرنونا) و(جاليا) متعاطفتان مع (آشر) .
أرنونا : ( محتدة ) ليس تعاطفا ولكنه حرصٌ منا ألا يحدث شقاق بين أفراد أسرتنا الواحدة .
عكيفا :(محدقا في وجه أفرايم ) وإذا حدث شقاق بين أفراد أسرتنا فماذا أنت فاعل يا أفرايم ؟
أفرايم : ( مفكرا ) لن يحدث شقاق بين أسرتنا ، وكل الخيارات متاحة أمامنا لمنع مثل هذا الشقاق ، مهما كانت التضحيات.
أرنونا : (ساخرة) ولكن هذا وفاق بالقوة وليس بالإقتناع والرضا .!
أفرايم : هناك أهداف لا يمكن أن نصل إليها إلا بالقوة ، أما الاقتناع والرضا فتلك رفاهية قد تكلفنا كثيرا .
جاليا : حتى لو استخدمنا القوة فيما بيننا ؟
أفرايم : أهم شيء لدي هوتحقيق الهدف ، بعد ذلك لا أهتم بأي الطرق سلكتُ .
أرنونا : إذن مبدأك أن الغاية تبرر الوسيلة .
أفرايم : وهل في ذلك شك ؟!
عكيفا : ( مبهورا ) يعجبني فيك قوتك وحزمك وأنك على استعداد بالتضحية بأي شيء في سبيل الوصول إلى هدفك .
أرنونا : كلامكما أنتما الاثنان لا يبشر بخير .
عكيفا : ( ضاحكا ) لا تخشي شيئا أنه مجرد كلام .
أرنونا : الكلام يستدعي الفعل .
عكيفا : ( متنبها إلى فنحاس ) لماذا أنت صامت ولا تشاركنا الكلام ؟!
فنحاس : ( متعجبا ) أليس اليوم هو السبت يوم الراحة ؟!
جاليا : (مندهشة ) الراحة حتى من الكلام ؟ !
فنحاس : أكثر ما يجهد الإنسان هو الكلام .
أرنونا : والفكر ألا يجهدك ؟!
فنحاس : طالما لا أتكلم فإني لا أفكر .
جاليا : (ساخرة ) لا كلام ولا تفكير ، إنك أسعد شخص في العالم .
فنحاس : هذا يوم السبت فقط .
أفرايم : ( بأسى ) كنا لا نرجوا أن يمر صباح اليوم على تلك الصورة بينك وبين (آشر) .
عكيفا : ( يربت على يده ) دعنا لا نعكر صفو يومنا ، فاليوم هو اليوم السابع وما زلنا في بدايته .
أفرايم : سأحاول أن أقنعه أن يتوقف عن كتابة مثل تلك المقالات التي سببتْ كل هذه الضجة .
أرنونا : ( شاردة ) هناك ما هو أخطر من المقالات .
عكيفا : ( متعجبا ) أخطر من المقالات ..ماذا تقصدين ؟!
أرنونا :(مربتة على يده ) كما قلت .دعنا لا نعكر صفو يومنا ، فما زلنا في بدايته .
إظلام .
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
الْمَشْــــهَــــد الثّـــــــــــــــَانِــــي :
على طرف ناء من أطراف مدينة القدس ، وتحت شجرة زيتون ظليلة يقف ( آشر ) متأملا ما حوله من مباني المستوطنين اليهود على امتداد الأفق ، تقترب منه حسناء، تخطر في خفه ورشاقة ودلال .
آشر : ( منتبها مصافحا ) (إفرات) .. ظننتُك لن تأتي .
إفرات : ( بدلال ) وهل أخلفتُ موعدك من قبل بحيت أخلفه الآن ؟ ،( تنظر في ساعتها ) ثم أنني حضرتُ في الموعد ولم أتأخر ! ( تحدق في ملامح وجهه ) ما بك ؟!
آشر : ( متضايقا ) أشعر بالضيق والتوتر .
إفرات : ( مندهشة ) أحدث ما يسوء ؟!
آشر : تحدثتُ مع جدي بطريقة غير لائقة بالمرة .
إفرات : لماذا ؟!
آشر : ( حائرا ) لا أدري ، أحيانا تتنابني حالة أغفل فيهاعن كل قواعد اللياقة والأدب ، واندفع كالثور الهائج ، لا أبالي بما أقوله أو أفعله .
إفرات : ( تربت على صدره ) لقد عانيتُ منك كثيرا، وتلك عادتك .
آشر : ( يمسك بيدها ) أنت تتحملينني ، ولكن ما ذنب جدي وأخي و ...
إفرات : ( مقاطعة في تعجب ) وهل أخطاتَ في حق كل هؤلاء ؟!
آشر : أشعر أن جميعهم مستاءون .
إفرات : ( تجذبه نحو صخرة تحت الشجرة ) لنجلس هنا ، ولتقص علي ما حدث .
آشر : ( يلتقط غصنا وبخط به على الأرض ) المقالات التي أدعو فيها إلى مساواة الفلسطينيين بالإسرائليين وعدم تهجيرهم من أرضهم وإطلاق سراح الأسرى ..
إفرات : ( مقاطعة ) كنت أعرف أن تلك المقالات ستثير عليك غضب الكثيرين .
آشر : ( مندهشا ) أتقرأين ما أكتبه ؟!
إفرات : ( تسوى خصلات شعرها ) أنت تعرف أني لا أحب القراءة .
آشر : ( ساخرا ) وكيف عرفت أن المقالات ستثير غضب الكثيرين ؟!
إقرات : ثار خلاف بين أخي وأبي بشأن تلك المقالات .
آشر : ( مندهشا ) بين أخيك ( مايكل ) وأبيك ؟!
إفرات : (مايكل) يؤيدك ويوافقك في كل ما تكتبه ،بحكم أنكما أصدقاء من زمن ، بينما أبي يهاجمك ( تضحك واضعة يدها على فمها) بل أنه يطالب .
آشر : ( مندهشا ) لماذا تضحكين ؟! وما الذي يطالب به والدك ؟!
إفرات : ( تتهرب من نظراته ) يطالب بمنعك من الكتابة ، بل بأن تُحاكم و ..
آشر : ( مقاطعا مصفقا على يديه ) ما هذا الذي يحدث لي ؟! والدك يطالب بمنعى من الكتابة ومحاكمتي ، وجدي يريد أن أرحل عن إسرائيل ؟!
إفرات : ( مفكرة ) ولم لا ؟ فلنتزوج ونرحل سويا إلى (أمريكا) .
آشر : ( مذهولا ) نتزوج ونرحل ..هكذا بكل سهولة ؟!
إفرات : ( تحتضنه ) ولم لا ؟
آشر : ( مبتعدا عنها ) ولكنني لا أفكر بالزواج في الوقت الحاضر .
إفرات : ( معاتبة ) ألا تحبني ؟!
آشر : وما علاقة الحب بالزواج ؟
إفرات : ( تقف غاضبة ) أكنتَ تخدعني ؟
آشر : ( يمسك بيدها ) أنا لا أخدعك ..أنا بالفعل أحبك ( يبتعد عنها مطرقا ) لكن مسألة الزواج لم تخطر ببالي بالمرة .
إفرات : ( تقترب منه وتمسك بيده ) ولماذا لا نتزوج ونبني بيتا وننجب أطفالا ؟!
آشر : (ضاحكا ) أنا ...أنا لا أتخيل أن أكون زوجا ، أعود إلي البيت في مواعيد محددة حاملا الخبز واللبن وأعتني بأطفال ...لا ..لا أنا لم أُخلق لذلك !
إفرات : ( ساخرة ) ولأي شيء خُلقت ؟!
آشر : ( يبسط ذراعيه ويثب متحركا يمينا ويسارا ناظرا إلى السماء ) خٌلقتٌ لأفعل كل شيء أحبه، أغني ، أرقص ، أطير ( مشيرا إلى عصفور يطير ) كهذا العصفور حرا طليقا ، أقول ما يجري على لساني ، وأكتب ما أفكر فيه بقلمي .
إفرات : ( تمسك به صائحة في غضب ) لن يسمحوا لك أن تفعل هذا ..نحن نعيش في مجتمع متحجر ومتعفن ..أقرب المقربين منك جدك الحاخام يريدك أن ترحل ، وأبي يطلب بمنعك من الكتابة ومحاكمتك ..إذا أردت أن تعيش كما تهوى فلنرحل من هنا .
آشر : ( يتخلص من قبضتها مبتعدا عنها ) لا أستطيع أن أرحل .
إفرات : ( مندهشة ) لماذا ؟!
آشر : ( مشيرا إلى ما حوله ) لأنني أحببتُ تلك الأرضَ .
إفرات : ( ساخرة ) ظننتُ أن وجودك فترة من عمرك في الدول الأوربية وأمريكا جعلتك تحكم العقل وتحتكم إلى الواقع والمنطق ، إذا بك كالشعراء الحالمين الذين يتغنون بحب الوطن ويعشقون الأرض ، بينما في الحقيقة الوطن والأرض أكذوبة وخدعة لا وجود لها إلا على ألسنة الساسة ، يخدعوننا بها ليحققوا أغراضهم وليدفعوا الشباب أمثالك أن يضحوا بأعمارعم وأرواحهم ..( تدق بقدميها فوق الأرض مشيرة إليها ) ما قيمة هذا التراب والحصى والصخور ، لا تزيد قيمتها عن حفرة صغيرة سنُدفن فيها حين نموت و ..
آشر : ( يضع يده على فمها مشيرا باليد الأخرى إلى الأرض ) لا يا (إفرات ) الأرض التي نقف عليها من أكثر الأراضي قدسية وطهارة ، لقد تيقنتٌ من هذا، رائحة تلك الأرض ، لونها ، ترابها، حصاها صخورها .
إفرات : ( تبعد يده عن فمها مبتعدة عنه في غضب ) ظننتُك مختلفا عنهم ..فإذا بك أكثر تحجرا منهم ..تتحدث مثلهم عن الأرض المقدسة وحقنا المنصوص عليه في التوراة و ..
آشر : ( يجذبها نحوه صائحا في حدة ) لا ..أنا لا أتحدث مثلهم ولا أفكر كما يفكرون ..قدسية تلك الأرض يقصرونها على أنفسهم ، ويحرمونها على غيرهم ، بل يجدون فيها مبررا ليقتلوا الأخرين ،بينما أرى أن البشر كلهم لهم الحق فيها ، عدالة الله تمنع تخصيص أرض لبشر دون بشر ..لأننا كلنا عبيده ، والأرض أرض الله و ..
إفرات : ( تدور حول نفسها مشيرة إلى الأرض ) حتى لو كانتْ تلك الأرضُ كما تقول ويقول غيرُك مقدسةً ، ماذا أفادتني تلك القداسة ؟! أنا أسير عليها بقدمي كما أسير على أرض أي بلد في العالم ، ما الفرق بين أرض إسرائيل وأرض فرنسا وأرض إنجلترا ، ( تنحني وتأخذ قبضة من الأرض ) تراب وحصى .
آشر : ( ساخرا ) أنت فتاة جميلة في الشكل وبديعة في الجسم ( يشير إلى رأسها ) ولكن رأسك أجوفٌ ، ولا تعرفين شيئا عن تلك الأرض ..أنت حتى لم يدفعك فضولُك إلى قراءة مقالاتي حتى بعد أن سمعت الخلاف بين أخيك وأبيك .
إفرات : ( تقترب منه وتمسك بيده محتضنة إياه ) أنا فتاة كأي فناة تحب الحياة ، بلا تعقيد ، أحلم بالحب والزواج وأعيش في بيت يضمنى أنا ومن أحب ( تقترب بفمها لتقبله ) ونعيش أسعد لحظات معا .
آشر : ( يتلفت حوله متخلصا منها ) عيبك الوحيد أن كل تفكيرك منحصرٌ في الزواج و ..
إفرات : ( تقاطعه في حدة ) كلُ الفتيات يحلمن بالحب والزواج وكلُ الشباب ( تقترب منه ) إلا إذا كنت شابا معقدا تخشى الزواج .
آشر : ( ناظرا في ساعته متململا ) أنا لستُ معقدا ولكنني لا يشغل بالي الزواج في الوقت الحاضر كما قلتُ لك .
إفرات : ( تحدق في ملامح وجهه بحب ) وما الذي يشغل بال حبيبي وقرة عيني في الوقت الحاضر ؟
آشر : أشياء كثيرة ..أه .تذكرتُ الآن لدي موعد هام ..هيا لأقوم بتوصيلك
إفرات : ( تسير بجواره ممسكة بيده ) ومتى سنتقابل وأين ؟
آشر :سأحدد هذا حينما اتصل بك .
إفرات : أنا من سأتصل بك ...لأنك دائما تنسى .
أشر : ليكن ...هيا بنا .
إظلام .
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ .
الْمَشْــــــــهَـــــــــــــــد الثَّالِث :
مكتب رئيس تحرير صحيفة ( المنار ) الإسرائلية ذات التوجه اليساري ، هيئة التحرير مجتمعة لمناقشة أمور خاصة بالصحيفة وخطة النشر . رئيس التحرير ( موسى ميرتس ) يتصدر الاجتماع وحوله هيئة تحرير القسم العربي بالصحيفة المكونة من دكتور (مهدي البحراني) عالم أثار ، ودكتورة (رولا أبو عاصي) مدرسة التاريخ بجامعة القدس ،و( نايف الحصري ) المرشد السياحي لمعالم القدس والمحرر بالصحيفة . و( إيمان المنسي) مديرة التحرير و ( نوال العجمي) سكرتيرة التحرير ، وأمام كل منهم مجموعة من الأوراق والمخطوطات .
موسى بيرتس : ( يشير إلى مخطوطة كتاب أمامهم ) أظن كل واحد منكم اطلع على مخطوطة كتاب ( خرافة الأرض المقدسة عند اليهود ) للكاتب الصحفي ( أشر عكيفا ) وهو كاتب صحفي شاب ينتظره مستقبلٌ عظيمٌ في عالم الصحافة، ظهر لي ذلك من مقالاته وأرائه الجريئة والتي تعد عند البعض صادمة في المجتمع الإسرائيلي، ومن خلال لقائي معه وحديثتا المقتضب حول المقالات ، وايضا تربطه علاقة صداقة ( مشيرا إلى نايف الحصري ) بالأستاذ (نايف) ، وأظن هو الذي عرض عليه أن ينشر بعض مقالاته في صحيفتنا ويقدم كتابه للنشره لصحيفتنا ( يحدق في وجوه الجالسين ) ، وأريد أراءكم قبل أن نبدأ في طبعه ونشره على نطاق واسع .وأظن يا دكتور (مهدي ) بصفتك عالم آثار يهمنا رأيك في المقام الأول .
مهدي البحراني : ( يرفع المخطوطة بعدم إكتراث )أنا لا أري أي جديد ، فكل ما في الكتاب قد ذكره البروفيسور ( زئيف هيرتسوغ ) المدرس بقسم الآثار بجامعة ( تل أبيب) وكما تعلمون أن هذا البروفيسور شارك في حفريات (حاتصور) و(مجيدو) مع (إيغال بادين) وفي حفريات( تل ميخال) و(تل يافا) ، وكانت نتيجة أبحاثة التي نشرها صادمةَ لكل الأوساط اليهودية المهتمة بالآثار ؛ لأنه دحض كل النظريات والفروض التي تقول بحق اليهود في أرض فلسطين لا سيما هنا في القدس .
موسى بيرتس :(رافعا نظره إلى من تجلس بجواره ) ما رأيك يا دكتورة( رولا) بصفتك مدرسة للتاريخ في جامعة القدس ؟
رولا أبو عاصي :( تشير إلى مهدي البحراني ) لو نظرنا إلى المخطوطة نظرة دكتور (مهدي) فالكتاب لا يستحق أن ينشر لأنه لم يأت بحقائق علمية جديدة .
موسى بيرتس :( يدق على المخطوط بيده ) وبأي نظرة يجب أن ننظر إليه دكتورة (رولا) ؟!
رولا أبو عاصي : أي كتاب لا تُقدرقيمتُه بما يحويه من معلومات علمية متخصصة ؛ لأن تلك
المعلومات يمكن الحصول عليها من أي مصدر آخر ، لا سيما لو كانت تلك المعلومات ليست جديدة ولا مبتكرة ، ولكن يختلف الأمر باختلاف أسلوب عرض تلك الحقائق في الكتاب .
مديرة التحرير : والظرف الزمني الذي يٌنشر فيه الكتاب والملابسات السياسية الثقافية
والاجتماعية .
سكرتيرة التحرير : وبدرجة حماس وإيمان الكتاب بقضيته .
نايف الحصري: وبهوية ومركز الكاتب نفسه .
موسى بيرتس : ( مندهشا ) ماذا تقصد بهوية ومركز الكاتب ؟!
نايف الحصري : ( آشر عكيفا ) صديقٌ لي ، ومن خلال حوارنا ونقاشنا في الجلسات التي
كانت تضمنا لاحظتُ أنه يحمل كماً كبيرا من التناقض ،ولكن هذا التناقض له أسبابه ومبرراته .
مهدي البحراني : أظن كلامك في حاجة إلى توضيح أكثر يا أستاذ (نايف) .
نايف الحصري : ( آشر عكيفا ) ينتمي إلى عائلة يهودية أرثوذكسية متعصبة جدا لكل ما هو يهودي ، يكفي أن تعرفوا أن أغلب أجداده من الحاخامات، وكان لهم الفضل في إنشاء وتأسيس منظمات في العالم الأوربي وأمريكا لمد ومعاونة اليهود بالمال والسلاح والوقوف بجانب دعاوي إسرائيل ومناصرتهم في المحافل الدولية ، إلا أن (آشر عكيفا ) كالنبتة الغربية وسط كل هذا .
موسى بيرتس : ماذا تقصد بذلك ؟
نايف : الصحيفة لدينا نشرت بعض مقالاته وعدد من المجلات والجرائد الأخري نشرت تحقيقات أجراها تدور حول موضوع الكتاب (خرافة الأرض المقدسة عند اليهود )، بالإضافة إنه عضو نشط في العديد من الجماعات اليسارية ، التي تناصر الفلسطسنين وتساند حقوقهم في العودة إلى أرضهم ، إنه لا يعلن هذا في مقالاته فقط بل في جميع منصات التواصل الاجتماعي بين الشباب ، حتى أن عددا منهم بدأ يسير سيرته ويتبع منهجه ، وصار له متابعون بأعداد هائلة بين الشباب الإسرائيلي.
مهدي البحراني : ولكن كل هذا لا يخرجه عن كونه يهوديا ، وكثير من اليهود مرنيين ومتسامحين ولكن بما لا يمس الثوابت التي تربوا عليها والكثير من تلك الثوابت يعارض الحق العربي في الأرض (مشيرا إلى رئيس التحرير ) ، وأظن الأستاذ ( موسى ) عاني من هذا الصنف في تعامله أثناء عمله الصحفي أكثر مما نعاني نحن الفلسطنيين .
موسى بيرتس : ( ضاحكا ) كثيرا ما هُوجمتُ من اليهود أنفسهم ، لمجرد أنى أناقش أو أراجع عددا من تلك الثوابت التي عفى عليها الزمنُ وتتعارض مع ما اُستجد من أوضاع ، لدرحة أن بعضهم أراد أن يسقط عني الجنسية اليهودية .
نايف : ما يتصف به ( آشر عكيفا ) ليس مجرد مرونة أو تسامح ، إنه تعدى ذلك وتجاوزه بمراحل .
موسى بيرتس : الغريب أنهم لم يتخذوا ضده أي إجراء بينما اتخذوا إجراء حازما ضد أربعة
من الشباب الإسرائيلي حينما اعترضوا على التجنيد الإلزامي، حٌوكموا وسُجنوا ونُكل بهم خوفا من أن يستشري هذا الأمر بين الشباب الإسرائيلي ويصير ظاهرة ؟!
نايف : ربما يعملون حسابا لجده الحاخام (عكيفا ) ولبقية أفراد عائلته .
رولا : ( بانبهار ) إنه شخصية تستحق أن تُدرس.
مديرة التحرير : ولكن ما الذي دفعه ليسلك هذا المسلك محاولا أن يثبت بكل الطرق والسبل
خرافة الأرض المقدسة عند اليهود ؟!
نايف : هو شاب مثقف ويجيد التحدث بالعديد من اللغات، تنقل بين عواصم أوربية غربية وشرقية ومكث بعض الوقت في روسيا ، وعمل بالصحف والمجلات بأمريكا ، وتكونت لديه عقيدة راسخة أن تلك الخرافة هي التي ستقضي على إسرائيل وأن ما تمارسه من قمع وتجريف للوجود الفلسطيني والحروب التي تخوضها ضد العرب سببه تلك الخرافة التي يجب القضاء عليها واستئصالها لأنها كفيلة أن تقضي على إسرائيل على المدي البعيد ..
موسى بيرتس: ( ينظر في ساعته ويمس على جبينه ) لقداستغرق صاحبك وكتابه الكثير من وقتنا وجهدنا يا ( نايف) . ( يتجه بحديثه إلى من حوله ) ولكن ماذا لو لم ننشره وماذا لو نشرناه ؟
مديرة التحرير : أظن أي دار نشر أخرى لن تتردد في نشره .
مهدي البحراني : ولو نشرناه قد يمثل خطورة علينا ؟
موسى بيرتس : ( مندهشا ) كيف ؟!
مهدي البحراني : المؤسسة الصحفية التي تتبعها الصحيفة ودار النشر التي ستطبع الكتاب يملكها رجل الأعمال اليهودي (مردخاي بسموت) .
موسى بيرتس : وما علاقة هذا بذاك ؟!
مهدي البحراني : ( يرفع مخطوطة الكتاب ) حينما يُنشر هذا الكتابُ سيغضب الأوساط السياسية والثقافية هنا في إسرائيل ، وسينتقل هذا الغضب إلى الأوساط اليهودية في أمريكا وربما يعبرون بشكل أو آخر عن استيائهم لرجل الأعمال ( مرخاي بسموت )
موسى بيرتس: ولكن نحن نعلم مواقف رجل الأعمال (مردخاي بسموت ) وأنه يؤيد توجه ومسار صحيقتنا .
مهدي البحراني : التجارب علمتنا أن المواقف لا ثبات ولا قرار لها وأنها تتغير إذا تعارضت مع المصالح .
موسى بيرتس : ( ساخرا ) وهذا الأمر ينطبق علينا الآن .
رولا : لا تنسوا أن تلك أول مرة ننشر كتابا لصحفي يهودي .
نايف الحصري : وربما لا يكون آخر كتاب .
موسى بيرتس : ( ينهض مناولا المخطوطة لسكرتيرة التحرير ) نتمنى ذلك ..لتبدأي في نشر الكتاب .( ملتفتا إلى نايف ) ولترسل صاحبك كي يوقع على العقد .
إظلام .
الْفَصْلُ الثَّانِي
الْفَصْلُ الثَّانِي
الْمَشْــــــهَــــــــــــــــد الْأَوَّل :
مقهي ( أبو أحمد صيام ) العتيق عند مدخل سوق القطانين وخان الزيت ، وعلى مقربة من طريق يؤدي إلى المسجد الأقصى وكنسية القيامة ، عدد من السائحين والسائحات الأجانب يجلسون جماعات ومتفرقين عائدين من جولاتهم السياحية يشربون ويأكلون ما يقدمه المقهي لرواده ، ويصورن بكاميراتهم بعض الأماكن الأثرية المحيطة بالمقهي ، وفي جانب تظلله أغصان شجرة عتيقة يجلس مجموعة من الرجال الطاعنين في السن ، البعض يعلب الشطرنج ورجل يطالع عددا من الجرائد وبجواره رجل منهمك في قراءة القرآن .
غسان : ( يغلق المصحف ويربت على يد من يجلس بجواره ) ما بك يا (نصير) ؟! أتنام في وضح النهار ووسط تلك الضوضاء ؟!
نصير : ( منتبها ) لستُ نائما ، ولكنني كنتُ هائما في صحراء الخيال الواسعة .
أبوعاصي : ( يخرج قطعة من الشطرنج خارج الرقعة ضاحكا ) كنت تتخيل نفسك (هارون الرشيد) والنساء حولك أصنافا وألوانا.
نصير : ( مشيرا له بعصاه مهددا) (هارون الرشيد )لم يكن يبدد وقته بين النساء يا جاهل ..ولا بين لعب الد ومينو والشطرنج كما تفعل الآن فقد كان يحج عاما ويغزو عاما .
مروان : ( يزيح قطعة من قطع الشطرنج من مكانها ) إذا كنت تتخيل نفسك رئيسا لعمال المصنع بعدما أحالوك على المعاش وقد كنت الآمر الناهي في كل شيء .
نصير : ( ناظرا إلى قدميه مربتا عليها ) لم أعد أصلح لشيء ..أنا بالكاد أسير بل أزحف مثل السلحفاة .
غسان : ( محتضنا المصحف ناظرا إلى السماء ) لا شك أنك كنت تتخيل أنك باللأراضي المقدسة حاجا وزائرا للنبي صلى الله عليه وسلم .
نصير : ( متهلل الوجه ) مع أنني حججتُ أكثر من مرة ومعي أم مصطفى وأتمنى الحج مرة أخرى ، إلا أن هذا لم أكن ما أفكر فيه .
أبوعاصي :(نافدالصبر ) إذن ماذا كنت تتخيل يا أبو مصطفى ؟
نصير :(يحرك عصاه مبتسما في دهاء) لا ..لن أخبركم وإلا قد تغضبون علي .
الجميع :( في صوت واحد مندهشين ) نغضب عليك...كيف؟!
مروان : (مستأنفا اللعب ) ولماذا نغضب ؟! ألم تقل إنك تتخيل ؟
غسان : قل يا رجل ..حتى الخيال صرنا نخشاه !
نصير : ( يتابع ملامح الجالسين أمامه وحوله) أتخيل لوأن اليهود هم أصحاب الأرض ونحن الفلسطيينون المغتصبون للأرض .أتتخيلون ماذا كان سيحدث؟
غسان : لن نفعل ما يفعلونه الآن من حرق وهدم وقتل .
مروان :وكنا سنسمح لهم أن يعيشوا معنا آمنين .
أبو عاصي : ( محتدا ) لأننا سذج وبلهاء ..
غسان : ولم لاتقول لأننا مسالمون ونحب أن نعيش مع غيرنا في أمان وسلام ؟!
أبوعاصي : أو لأننا لا نقدر قيمة الأرض فضاعتْ منا ، والتاريخ ُيدلُ على ذلك .
نصير : (متعجبا ) أي تاريخ هذا ؟! نحن من أكثر شعوب الأرض التي تقدس قيمة الأرض وتضحي من أجلها ، الأرضُ عندنا عرضٌ وشرفٌ .
أبو عاصي : ألم تضع أرض الأندلس منا بعد أن مكثنا نحكم ثمانين سنة ..هل تتخيل نُطرد من الأندلس بعد بقينا هناك ثمانين سنة، بنينا خلالها حضارة من أعظم الحضارات في العالم ؟!
نصير : التحديات والظروف كانت أكبر منا ، ثم حدثت معارك كثيرة وحروب وسالت دماءٌ من أجل الدفاع عن الأرض .
مروان : ثم ما حدث في الأندلس دليل على أننا شعب مسالم ، قارن بين الحكم الإسلامي ووبين من حكموا من الغزاة بعدنا ، ستجد فرقا شاسعا ، لقد فعلوا ما يفعله اليهودُ هنا بأرضنا .
أبو عاضي : يا جماعة كانت الأرض أرضهم ونحن في البداية من غزوناهم وأحتللنا أرضهم في الأندلس .
غسان : لم يكن غزوا ولكن كان فتحا لنشر قيم ومبادئ ديننا الإسلامي ، ولم يحدث أن طٌُرد فردٌ من أرضه أو حُرق بيتُه أو دٌمرت مزرعتُه بل بنينا وشيدنا وأسسنا ونشرنا العلم والمدنية وأروبا كلها كانت تقصد كلياتنا ومعاهدنا ومدارسنا.
مروان :ربما لولم نكن مسالمين ونتقبل الأخر المختلف عنا في الجنس والدين ما فقدنا ارضنا وصرنا إلى ما صرنا إليه .
غسان : ولماذا تلومنا على مانتصف به من وداعة وسماحة ؟!فلتلم الأخرين على ما يتصفون به من كراهية وحقد وشراسة وبطش !
مروان : ( يبعثر قطع الشطرنج آسفا ) منك لله يا (نصير) حركت مواجعنا وأثرت ما نحاول الا نفكر فيه .
أبو عاصي : ليتنا نستطيع أن نمتنع عن التفكير !
نصير : ( يمسك رأسه في ضيق ) تعبنا من التفكير وأعمارُنا ضاعت كما ضاعت أرضُنا .
مروان : ما ضرهم لو عاشوا معنا في سلام وتركونا نعيش في سلام ؟!
غسان : على رأيك ، وعلى مدى التاريخ وتلك الأرض المباركة الطيبة تحمل على ظهرها جميع أجناس الأرض من بشر.
أبو عاصي : لم أر بشرا مثلهم.يكرهون كل شيء حتى أنفسهم !
مروان : ( يرفع الجريدة أمامهم ) ومع ذلك فمنهم منصفون وعادلون .
غسان : ( مستنكرا ) من اليهود ؟!
مروان : ( يبسط صفحات الجريدة أمامه ) ها هي مقالة لكاتب إسرائيلي يطالب بكل صراحة وجرأة بحق الفلسطيين في الأرض .
غسان : ( معرضا عن المجلة ) وماذا ستفعل مئات المقالات أمام صواريخهم وطائراتهم وخستهم ووضاعتهم ؟!
نصير : كلمة الحق أقوى من جيوش الباطل .
أبو عاصي : ( بأسى وحزن ) الوضع كل يوم يزداد سوءا ، وكل يوم نخسر أرضا أخشى أن ياتي يوم لا تجد أقدامُنا أرضا تمشي عليها .
مروان : المهم ألا يسرقوا الأمل من قلوبنا ، والرجاء من نفوسنا وسيظل شعبُنا يقاومُ .
غسان : ( محتدا ) إلى متى ؟!
نصير : إلى يوم الدين ..تلك الأرضُ حقُنا وحقُ أجدانا ،وليست أرضهم ومع ذلك لا نمانع أن يعيشوا معنا في أمن .
غسان : (يريهم المقال في الجريدة ) وهذا ما يقوله الكاتب الإسرائيلي في تلك الجريدة .
أبوعاصي : ( يتناول الجريدة ناظرا إلى صورة الكاتب مندهشا ) كيف هذا ؟!
مروان : ( يأخذ منه الجريدة مدققا في صورة الكاتب متعجبا ) إنه ( آشر ) الذي يجلس مع ( نايف ) المرشد السياحي الذي يسير مع الأفواج السياحية في نواحي القدس !
أبو عاصي : ( مشيرا إلى شاب يجلس مع سائحة أجنبية يتحدثان ) أليس هو الذي يجلس مع
السائحة الأجنبية التي تشبه القمر .؟!
غسان : ( ضاحكا ) عيناك من ( آشر ) أم من القمر الذي يجلس بجواره يا بصباص ؟!
أبو عاصي : ( مشيرا إلى المرشد السياحي يقف متطلعا على مقربة منهم ) هاهو (نايف) المرشد السياحي .أدعوه لنسأله .
غسان : ( يشير لنايف ليقترب ) أليس هذا ( آشر عكيفا ) كاتب المقال في جريدة ( المنار) ؟
نايف : ( مشيرا إلى آشر ) نعم إنه هو ..أتقرأون ما يكتبه ؟!
غسان : بلغه تحياتنا ..وأكثر الله من أمثاله المنصفين .
نايف : ( متجها إلى آشر مشيرا إلى مجموعة الرجال ) إنهم يحيونك ويبلغونك إعجابهم بمقالك المنشور في المجلة .
آشر : ( يرد تحية الرجال ويلتفت إلى نايف ) لقد انتظرتك طويلا وكدتُ أن أترك المقهى وأنصرف .
نايف : ( مبهورا بجمال السائحة الأجنبية التي تجلس بجواره ) أتجلس مع كل هذا الجمال وتفكر في الانصراف ..ألا تعرفني بها ؟!
آشر : ( مشيرا إليها ) ( إيزابيلا) باحثة في المركز الألماني ، وتعد دراسة ميدانية عن مدينة القدس وما يجاورها من أحياء أثرية ، وهي تتقن العربية فاحترس في كلامك يا عزيزي
نايف : ( مصافحا محدقا في ملامح وجهها ) يا أهلا وسهلا ...كل ما تريدين معرفته عن مدينة القدس أنا هنا المرجع الأكبر عن كل ما يخص القدس و وأكتب في جريدة ( المنار ) التي ينشر فيها ( آشر ) مقالاته و ..
آشر : ( مقاطعا مربتا على كتفه ساخرا ) في الوقت القصير الذي أمضيتُه منتظرا إياك ، أخبرتني (إيزابيلا) عن حقائق عن المدينة لم أكن أعرفها ، فهي أيضا مرجع ..
إيزابيلا : ( تضبط عدسة الكاميرا بيدها مبتسمة ) (آشر) يبالغ ..هناك جوانب كثيرة عن القدس لا أعرف عنها شيئا ...وقد أمدني ببعض تلك الحقائق .
نايف : (يربت على يد آشر مداعبا ) انتهزتَ فرصة غيابي ، وأخذتَ في ممارسة وظيفتي ..إلا فلتعلم أن سبب تأخري عن الحضور هو أنت .
آشر : ( مندهشا ) وما علاقتي بتأخرك ؟!
نايف لقد وافقت هيئة تحرير االجريدة على نشر كتابك (خرافة الأرض المقدسة عند اليهود ) ما رأيك في هذا الخبر ؟
إيزابيلا : ( تسقط الكاميرا من يدها، تنحني لأخذها ) أرجو الا يصيبها عطب فقدالتقطتُ صورا كثيرة اليوم .
نايف : ( يتحسس الكاميرا ) لا تخشي شيئا فلن يصيبها أي عطب فجرابها يحيمها .
آشر :( مذهولا ) أحقا وافقوا على نشر الكتاب بتلك السرعة .؟!
نايف : لقد استغرق أمر الموافقة على النشر مجهودا كبيرا ..وأظن أنني أستحق أن تدعوني على الغداء .
آشر : ( متهللا ) أنا موافق ( ملتفتا إلى إيزابيلا) وأنا أدعوك لتنناولي الغداء معنا بمناسبة الموافقة على نشر الكتاب .
إيزابيلا : ( متعجبة ) وما شأني بكتابك ؟!
نايف : ( محدقا في ملامح وجهها ) أظن أن (آشر) تفاءل واستبشر بوجودك معنا ، فلا ترفضي دعوته . ( مشيرا إلى مجموعة السائحين الذين ينتظرونه ) سأنتهي من جولتي مع هؤلاء ونذهب لتناول الغداء في مطعم من أقدم مطاعم القدس .
إيزابيلا : (تضبط عدسات الكاميرا ) لا أمانع وتلك فرصة لتحدثني عن كتابك فالعنوان مثيرٌ للغاية .
[وفجأة يندفع مجموعة من الشباب نحو ( آشر ) يحيطون به ويوسعونه ضربا بالعصي والهراوات وسط صراخ السائحات وصياح الرجال ، يسقط ( آشر) على الأرض مضرجا في دمائه ،وأخذت إيزابيلا تقذف الشباب بالمقاعد وزجاجات المياه وبالكاميرا حتى اختفوا من المكان فجأة كما ظهروا فجأة]
إيزابيلا : ( منحية على آشر ) أن حالته خطيرة فليستدعي أحدكم سيارة إسعاف ..إنه ينزف بغزارة ..
نايف : ( يمسح الدماء من على رأسه ) لقد ضربني أحدهم وأنا أحاول أن أبعدهم عن أشر .( ملتفتا إلى مجموعة الرجال المتجمعين حول أشر ) هل يعرف أحدُكم من هؤلاء ؟
غسان : ( يتأمل جراح أشر منزعجا ) إنهم مجموعة من المستوطنين اليهود المتعصبين ..الجميع هنا يخشاهم .
مروان : ( يعطي بعضا من المناديل الورقية لإيزابيلا لتضمد جراح أشر ) لابد أن أنهم أخطأوا لرجل .
إيزابيلا : ( تلتفتْ إليه ) ماذا تقصد ؟!
نايف : يقصد أن هؤلاء المستوطنيين يهود و(أشر ) يهودي كذلك ...ولكنني أعرف أن (آشر) هو رجلهم المقصود .
نصير : ( مشيرا إليه في تعجب وأسى ) ولماذ يضربونه إنهم أوشكوا أن يقتلوه.
نايف : ( مشيرا لمن حوله ) هيا نحمله إلى مشفى الدكتور( أنور الجيوسي) إنه بالقرب من هنا فلا داعي لإنتظار سيارة الإسعاف ..
إظلام
الْفَصْلُ الثَّانِي
الْمَشْــــهَـــــــد الثــَّانـــِي .
في مشفى الدكتور ( أنور الجيوسي ) ، ( آشر ) مضجع على السرير ، الضمادات حول رأسه وذراعه ، يجلس بجواره (نايف ) ، وأمامهما تجلس ( إيزابيلا ) .
إيزابيلا : أفهم من كلامك يا أستاذ ( نايف ) أن ما فعله الشباب في المقهى مجرد إنذار (لآشر) أن يتراجع عما يكتبه في الصحف والمجلات .
نايف : ( يتحسس الضمادة على رأسه ) أظن هذا هو التفسير الوحيد لما حدث .
إيزابيلا : ( ملتفتة إلى آشر ) وما الذي تنوي فعله بعد حدوث ما حدث ؟
آشر : ( محاولا الجلوس مستندا على نايف ) ما يحدث يزيدني إصرارا ولن يوقفوني مهما حاولوا .
إبزابيلا : ( مشفقة ) هذا جنون ، المرة القادمة قد يقتلونك !
آشر : ( يحرك أصابع يده المصابة ) قد يفعلون أي شيء إلا قتلي .
إيزابيلا : ( ساخرة ) تتحدث بكل ثقة وكأنك تعرف ما يفكرون فيه ؟!
آشر : ( ينزل من على السرير ناظرا في المرآة على الحائط المقابل ) ما حدث في المقهى يعطيني قناعة أنني فيما أفعله علي صواب ، وإذا فكروا في قتلي فهذا دليل دامغ على خطأهم ، بل وإعتراف صريح بصواب ما أقوله ، وأظن لا يريدون أن يظهروا موقفي الصائب وموقفهم الخطأ بقتلي .
نايف : ( صائحا ) أنا لم أفهم شيئا مما قلته ، الذي أعرفه طالما المقالات حركتهم ليضربوك - وأظن أن ما حدث في المقهى كانت بمثابة إنذار وأمام الناس فالمرة القادمة قد ينفردوا بك في مكان خال ويقتلونك ، كل هذا من أجل عدد من المقالات وبعض الندوات التي تحدثت فيها هنا وهناك ، ماذا لو عرفوا بأمر الكتاب ؟!
آشر : ( يسير خطوات في الحجرة مفكرا ، ثم يقف في مواجهتهما ) ستظل المقالات مجرد مجموعة من المقالات لكاتب شاب متهور مندفع في رأيهم ورأي بعض الناس ، وكذلك الندوات وكذلك الكتاب ، إلى أن أُُقتل ستتحول المقالات إلى نار تحرق دعاويهم والندوات إلى حقائق تكشف أضاليلهم والكتاب إلى صاعقة تفضح زيفهم وتزويرهم ..وهذا ما لا يريدونه .
إيزابيلا : (مستنكرة ) أأنت على يقين أنك يهودي وتعيش في إسرائيل ؟!
أشر : ( مبتسما ) الذي أنا على يقين منه أنني إنسان وأعيش على أرض الله ، ومصمم أن أقول وأعلن الحقيقة التي أؤمن بها .
نايف : ( يرد على الهاتف ) وعليكم السلام ورحمة الله ...أنا بخير الحمد لله ..( يتحسس رأسه ) .إنه حادث بسيط ... نعم سأحضر على الفور ( مشيرا إليهما ) سأذهب إلى شركة السياحة وأعود فورا .
أشر : ( متعجبا ) ومن الذي أخبرهم بما حدث ؟!
نايف : ( متجها نحو الباب ) وهل شيء يحدث في (القدس) بسر ؟!
إيزبيلا : ( مشيرة إلى السرير ) ألا تجلس لتسترح ، أنت مصاب ونزفت الكثير من الدماء .
أشر : ( يجلس على السرير) أنا بخير ، وأريد أن أخرج .
إيزابيلا : لتبق حتى يعود الطبيب ويأذن لك بالخروج ، ربما يرى حالتك لا تسمح بالخروج .
أشر : ( مصمما ) لا ، سأخرج والآن .
إيزابيلا : ( تربت على يده ) أنت شابٌ عنيدٌ وفي نفس الوقت مندفعٌ ومتهورٌ .
أشر : ( مبتسما ) هكذا خُلقتُ .
إيزبيلا : ( تضع قدما فوق الأخرى ) هل اليهود هنا يعانون من مشكلة ؟
أشر : نعم ، يعانون من مأزق وجودي .
إيزابيلا : منذ متى ؟!
أشر : منذ أن جاءوا إلى تلك الأرض .ونشروا خرافة الأرض المقدسة .
إيزابيلا :(مندهشة ) أتأتي أنت وتلومهم بعد عشرات السنين ؟!
آشر : ستظل مشكلتهم قائمة ولو مكثوا هنا مئات السنين .
إثزابيلا : وكيف تُحل تلك المشكلة ؟
أشر : أن يتعايشوا مع الآخرين وينبذوا فكرة الأرض المقدسة ، أو يعودوا ويرجعوا من حيث أتوا .
إيزبيلا : كأن كل مشكلتهم أو مأزقهم هو مجيئهم إلى هنا .؟
آشر : نعم ، قلا أدري أي شيطان هذا الذي أوحى إليهم أن يهيبوا بكل يهود العالم أن بتركوا أوطانهم أو البلاد التي كانوا يعيشون فيها ويتوجهون إلى هنا وإلى تلك الأرض ليتخذوها وطنا لهم ؟!
إزابيلا : ( مندهشة ) أتلومهم أن جمعوا اليهود من الشتات وجعلوا لهم وطنا ولأولادهم ؟!
آشر : طوال تاريخنا مشتتين ، العالم كله عالمنا ، ولنا في كل مكان بصمة وفضل، علماؤنا في أكبر جامعات العالم ومفكرونا ومثقفونا ، ماذا أفادنا أن نترك العالم على إتساعه وثرائه ونأتي هنا لنزاحم أهل تلك الأرض ونتصارع معهم ؟!
إزابيلا : أظن أصبح لكم الآن مكانة ومنزلة ودولة لها كل الصلاحيات كأي دولة في العالم .
آشر : مستحيل أن نكون دولة في يوم من الأيام .
إيزابيلا :( مندهشة ) لماذا ؟!
آشر : لأن أي دولة لابد أن تُقام على القيم والمبادئ الإنسانية من الحق والخير والعدل
إيزابيلا : وعلام قامت إسرائيل ؟!
آشر : على الكذب والخداع والأضاليل والكراهية والشر وسرقة الأرض ، أتعرفين أن اليهود بمجيئهم إلى فلسطين قد خدعوا بأكبر خدعة في التاريخ الإنساني كله .
إيزابيلا : ( مندهشة ) كيف هذا ؟
آشر : الدول الاستعمارية التي كانت هنا في المنطقة ، حينما تيقنوا أنهم لابد راحلون وتاركوا تلك المنطقة من العالم ، كان هناك دور لابد ان يُؤدى .
إيزابيلا : أي دور تقصد ؟!
آشر : الدور الذي كانت تقوم به الدول الاستعمارية ، لكي تظل تلك المنطقة من العالم مفككة ضعيفة خاضعة لنفوذهم . أو على الأقل لا تخرج عما يريدونه ،بحثوا طويلا ولم يجدوا أحدا يقوم بهذا الدور أنسب من اليهود .
إيزابيلا : وما دليلك على هذا ؟!
آشر :كلام رجلين من أكبر المؤسسين لإسرائيل ، الأول ( بن جوريون ) والثاني ( توردر هرتزل ) .
إيزابيلا : ماذا قالا ؟
آشر : (بن جوريون) قال : نحن لا نريد أن يصبح الإسرائيليون عربا ، نحن ملتزمون بمحاربة روح الشرق . أما ( تيودور هرتزل ) فيقول : نحن في فلسطين نشكل جزءا من الجدار ضد آسيا سوف نكون حائطا مانعا لمواجهة ثقافة الشرق البربرية ، والدول الكبرى تكافئهم على القيام بهذا الدور وتمدهم بالمال والسلاح وكل ما يحتاجونه وقد نجح اليهود للآن للقيام بهذا الدور أو الوظيفة خير قيام .
إيزابيلا : تقول للآن هل تتوقع شيئا في المستقبل ؟
آشر : نعم ، لن تستطيع إسرائيل القيام بهذا الدور إلى الأبد .
إيزابيلا : لماذا ؟! طالما المدد من المال والسلاح لا يتوقف .
آشر : لكي تستمر الأمم والشعوب في البقاء ليست في حاجة إلى المال والسلاح فقط .
إيزابيلا : وماذا تحتاج غير ذلك ؟!
آشر : الأرض ، وهذا ما لا تستطيع الدول الكبرى أن تقدمه لإسرائيل ، وهذا ما فشلت فيه إسرائيل أن تستولى عليه منذ قيامها إلى الآن ، حتى الأرض التي استولت عليها بالقوة تسمى أرض عربية استولت عليها إسرائيل ،هي في الأصل عربية وستظل عربية رغم ماتفعله إسرائيل و...
إيزابيلا: :(مقاطعة ):ظننت أن كل هدفك ومسعاك رفع الظلم الواقع على الشعب الفلطسيني فإذا بك ..
آشر : ( مقاطعا ) لا أحد ينوب عن شعب في محاولة استخلاص حقه المصيري ، إن اعتمد أي شعب على الآخرين في الحصول على أرضه فلن يفلح أبدا .
إيزابيلا :وماذا يفعل شعبٌ أعزلٌ محاصرٌ أمام جيش مثل الجيش الإسرائيلي؟ّ!
آشر : شعب معه حقه ومؤمن به لا أحد يستطيع أن يحاصره ، الحصار لا ينجح إلا إذا كان من داخل الإنسان
إيزابيلا : كيف يكون من داخل الإنسان ؟!
أشر : حينما تهزمي الأمل وتقضي على الرجاء فقد حاصرت الإنسان من الداخل .وإذا حاصرت الإسان من الداخل فقد قضيت عليه .
إيزابيلا : لم أكن أعرف أنك تكره وطنك (إسرائيل) لهذا الحد !
آشر : أنا أكثر شخصا أحب وطني ، ولكنني مشفقٌ عليه من المصير المؤسف ، منذ أن جئنا إلى هنا من عشرات السنين ،ما الذي حدث ؟ لا شيء .
إيزابيلا : كيف هذا ؟! إسرائيل توسعتْ وأقامتْ جيشا ومصانع وجامعات ومدارس و .
آشر : ( مقاطعا ) نعم نعم ، حاربتْ وانتصرتْ في أغلب معاركها واستولتْ على أرضهم وأقامت كل هذا ، ولكنها إزدات قبحا ودمامة ، أسوأ كيان في العالم كله ، أتعرفين بماذا أشبه إسرائيل الآن ؟
إيزابيلا : بماذا ؟
أشر : بامرأة حملتْ سفاحا ، وكل يوم تكبر بطنها ، الغريب والعجيب أنها تتباهى بذلك ولا تخفيه أو تداريه بل تعلنه على الملأ ، والأغرب والأعجب أن العالم حولها يهنئها ويباركها على هذا الفعل المشين الفاضح .
إيزابيلا : إن أشد أعداء أسرائيل وأكثرهم كراهية لا يقول هذا الكلام ..بدأتُ أشك كماقلتُ لك إنك لستَ يهوديا يا ( آشر ) .
آشر : صدقيني أنا يهودي للنخاع وأجدادي حاخامات وأبي كان رئيس منظمة مساعدة اليهود العائدين إلى إسرائيل ، وزوج أختي من قدامي المحاربين ، وأخي عقيد في الجيش الإسرائيلي ، ولكن الجميع لا يري نهاية هذا الطريق ، الجميع على أعينهم غمامات من الحقد والكراهية ، أنا أقدر ما تعرضوا له طوال تاريخهم من اضطهاد وتشريد ونفي وتجارب مريرة ولكن كل هذا لا يبرر ما يفعلونه بإناس عزل كل جريمتهم أنهم متمسكون بأرضهم ، ويضحون بأرواحهم من أجلها .
إيزابيلا : أنت بهذا تناصر الفلسطينيين ضد اليهود ؟!
آشر : أنا لا يعنيني الفلسطينين ، نعم أنا متعاطف معهم ومن الظلم الواقع عليهم ومأزقهم الوجودي فيما يخص مشكلة الأرض ،ولكن يعنيني في المقام الأول إسرائيل ..وطني شاغلي الأول والأخير الفرق بيني وبين هؤلاء المتعصبين والمتشددين من اليهود أنهم يحبون وطنهم حبا أعمى بينما أحبه حبا مبصرا .يظنون أنهم بقتل الأخرين وبسلب أرضهم يدافعون عن إسرائيل ويحمونها ، هم بذلك يشرعنون القتل والاغتصاب والحرق والتدمير ، وبذلك يدمرون الجوهر النقي داخل الإنسان ، إنهم يدمرون أنفسهم قبل أن يدمرون الفلسطنيين ، لقد أصابهم سعار القتل والذبح والتدمير ، وهم في حاجة إلى من يعالجهم من هذا الداء العضال .
إيزابيلا : كل منهما لديه حجته .
آشر : واحد لديه حجته والأخر لديه سلاحه .
إيزابيلا : لسنا في عالم يعترف بالحجج والوثائق التاريخية للأرض، نحن في عالم يقدر ويحترم من يقف على الأرض ويحميها بأي وسيلة أو طريقة ، العالم الذي نعيش فيه دينه القوة وعقيدته الهيمنة ، الحق تؤيده بالقوة ولا يستمد من التاريخ أو الوثائق ..اليوم إسرائيل قوية أذن الحق معها ، هذا هو تاريخ الإنسانية ، القوى هو من ينتصر ، والمنتصر هو الذي بيده الحق .
أشر : لا، القوة بدون حق ظلام ودمار .
إيزابيلا : والحق بدون قوة ضعف وهوان .
أشر قد يصير الضعف والهوان إلى قوة وعزة ، ولكن الظلام والدمار ليس لهما لا الموت والفناء . أتعرفين من الذي يشكل الخطر الأكبر على اليهود في الوقت الحاضر ؟
إيزابيلا : من ؟
أشر : البهود أنفسهم ، طوال تارخهم وهم ضحية أنفسهم .
إيزابيلا : كيف ؟!
آشر : في القديم اختلقوا خرافة وكانوا أول من صدقها وآمن بها ، أنهم الأفضل والأحسن من بقية البشر لذلك لفظتهم كل شعوب الأرض ، وفي الحاضر لم يتعلموا من أخطائهم ، اختلقوا خرافة الأرض المقدسة التي يرون أنها تمنحهم الحق أن يغتصبوا أرض غيرهم .
دكتور أنور : ( يدق دقات متتالية على الباب المفتوح ويدخل ) معذرة أن سمحت لنفسي أن أسمع ما دار بينكما ، فمكتبي بجوار الحجرة، وصوتكما في النقاش كان عاليا بعض الشيء .
إيزابيلا : ( تشير إلى آشر ) إنه كان يريد الخروج ولكنني طلبتُ منه الانتظار حتى تأذن له بذلك ، إن كانت حالته تسمح بذلك .
دكتور انور : ( يربت على كتفه ) أنت بخير وتستطيع أن تخرج ولكن لا تجهد نفسك .
آشر : ( يصافحه ) تقبل شكري على رعايتك بي .
دكتور أنور : انا مدين لك بالشكر على ما قرأته من مقالاتك وصديقي ( نايف ) حدثني عنك وأنت شخصية عظيمة ولك مستقبل عظيم في مجال الصحافة والفكر ، وإن كنت أرى أنك ستضيق بإسرائيل وإسرائيل ستضيق بك .وقد بدأوا في التضييق عليك .
إيزابيلا : تقصد ما حدث في المقهي .؟
دكتور أنور : أظن سيعملون على استغلاله بما يخدم توجهاتهم .
أشر : ( مندهشا ) كيف ؟!
دكتور أنور : لقد تم تصوير كل ما حدث في المقهى وأذيع على وسائل التواصل الإجتماعي وأيضا في قناة إسرائلية وتم وصفك بأوصاف غير لائقة ومخجلة .
إيزابيلا : ( مندهشة ) إذن كل شيء كان مُعد له ومُرتب !
دكتور أنور : أي فرد يقول ما يقوله (أشر) يٌحارب ويُضطهد ، فما بالك لو جاء هذا الكلام من شخص له المكانة والمنزلة ، وشاب له تواصل بصحف ومجلات عالمية مسموعة في الخارج ومن عائلة لها وضعها في المجتمع إلإسرائيلي
إيزابيلا : وكأنك تريد توجيه نصيحة ل (أشر) .
دكتور أنور : أظن أن (آشر) ليس في حاجة إلى نصيحة .
أشر : تريد أن تقول إنني في حاجة إلى قرار .
دكتور أنور : ( مبتسما ) وكأنك كنت تقرأ أفكاري .
أشر :والقرا ر هو إما أن أبقى أو أرحل .
دكتور أنور : لا .
أشر : إذن ما هو القرار ؟!
دكتور أنور : إما ان ترحل أو ترحل ...أظن لن يتركوا لك الخيار
أشر : وإن لم أرحل ؟
دكتور أنور : ( متأثرا ) للأسف سترحل بشكل أو آخر، إنهم شرسون مع الآخرين ، وأشد شراسة مع أنفسهم
إيزابيلا :(مفزوعة ) تقصد ..
دكتور أنور : ( مقاطعا ) إنهم يصمون أذانهم عن الاستماع إلى كلمة الحق ، ليس هذا فحسب بل يقطعون لسان من يتلفظ بها ، أظن ( آشر ) من خلال مقالاته ومن خلال ما سمعتُه الآن يعرف أين موطئ قدمه ، وكل الذي أملكه أن أدعو له بالتوفيق ( يخرج لفافة من جيبه ) خذ هذا العلاج وحاول ألا تجهد نفسك .
أشر : ( يضع يده في جيبه ) أشكرك على رعايتك لي و.
دكتور أنور : ( يمسك يده ويقوده إلى الباب وإيزابيلا ) أصدقاء ( نايف) هم أصدقائي ..مع السلامة ، سعدت بمعرفتك .
إظلام .
الْفَصْلُ الثَّانِي
الْمَشْـــهَــــــــــــد الثَّالِث .
صالة متسعة لكافيه في القدس الغربية ، الصالة تضم أعدادا من الشباب والشبات ، يجلسون خول الموائد ياكلون ويشربون ويتجاذبون أطراف الحديث ، وفي جانب طاولة للعبة البلياردو حولها شابان ، يلعبان بين الأونة والأخرى يفرقان نظراتهما بين الجالسين ، وفي عمق الصالة سلم يقود إلى الطابق الثاني من الكافية .
آشر : ( يدخل ووراءه إيزابيلا ملقيا نظرة على الجالسين ،ملتفتا إليها ) أنا لا أري أي مبرر أن تصطحبيني ( متحسسا رأسه ) كلها إصابات سطحية كما قال دكتور (أنور) .
أيزابيلا : ( تتلفت حولها ) وهل يضيرك أن أصحبك في جولتك ؟
آشر :( ضاحكا ) لا يضيرني ولكنني أصبحتُ مصدر خطر على من حولي .
أيزابيلا : ( متحدية ) ولكنني لم أصب بأي ضرر .
آشر : ( ممتنا ) بل دافعتي عني بشجاعة ..ولكن لا ندري ما يحدث مستقبلا .
أيزابيلا : ( منزعجة ) أتتوقع أن يتكرر ما حدث في المقهي ؟!
أشر : ( يتقدم أمامها ) إذا كان ما حدث مجرد إنذار كما قال ( نايف ) فأظن سوف يتكرر .
أيزابيلا : لا أدري سبب مجيئك إلى هنا بصفة خاصة وأنت في تلك الحالة ؟!
آشر :( مشيرا إلى الشابين حول طاولة البلياردو ) أظن هنا سنحصل على إجابة الكثير من التساؤلات ، وأيضا لمقابلة عدد من الأصدقاء والصديقات ( يتقدم الشابان نحوهما ) ها قد بدأتْ المتاعب .
أيزابيلا : ( تومئ بعينيها نحو الشابين ) أتعرفهما ؟!
آشر :أعرف من يحرضهما .
الشاب1 : ( يتقدم منه مشيرا له بعصا البلياردو ) ماالذي جاء بك إلى هنا ؟
آشر : ( يبعد طرف العصا عن صدره ) أليس المكان مباحا للجميع ؟!
الشاب2 : ما الذي جاء بك إلى إسرائيل ؟
الشاب2 : ( يدق بالعصا على يديه مهددا ) ألم يكن من الأفضل لك البقاء بالخارج ، كما كنت ؟
آشر :وما العجب في أن يعود الإنسان إلى وطنه ؟!
الشابان : ( في صوت واحد ) وطنك ؟!
أشر : ( متحديا ) ألديكما مانع في ذلك ؟!
الشاب1 : ( مشيرا إلى رأسه ساخرا ) وماذا أصابك في وطنك ؟!
آشر : وما شأنك أنت ؟!
الشاب 2 : نحن مشفقان عليك لما حدث لك في المقهى ، وأنت هنا ضيف .
الشاب1 : ( ساخرا ) ولكن ضيفا غير مرغوب فيه .
أشر : ( يبعد الشابين عن طريقه ) أتمانعان أن نمر ؟
الشاب 2 : ( يحدق في ملامحها محاولا أن يمسح على شعرها ) لقد أرتقى ذوقك في اختيار الفتيات هذه المرة .
أيزابيلا : (تجفل منه ) أبعد يدك ، وأبتعد عن طريقي .
الشاب1 : ( مقتربا منها ) إنها نمرة شرسة .
آشر : ( مختطفا العصا صائحا مهددا ) إن لم تبتعدا سأكسر رأسيكما بتلك العصا .
الشاب 2 : ( يسترد العصا ساخرا ) قبل أن تفكر في ذلك ، حافظ على رأسك أنت .
[ ينزل من على السلم مجموعة من الشباب والشبات يحيطون بآشروإيزابيلا ويذهبون به إلى الجانب المقابل من الكافيه مبتعدين عن الشابين ]
مايكل : ( ناظرا إلى الشابين اللذين عادا إلى طاولة البلياردو) متى حضرت إلى هنا ؟ وماذا يريدان منك ؟
أديرا : هل لهما علاقة بما حدث لك في المقهى ؟
آشر : ( مشيرا إلى إيزابيلا ) لقد حضرتُ أنا و(إيزابيلا) منذ قليل ، أما ماذا يريدان ؟ فأظن يريدان إكمال ما حدث في المقهى .
أديرا : ( تصافح أيزابيلا ) لقد رأيناك ، ورأينا دفاعك عن (آشر) .
إيزابيلا : أنا فعلتُ ما يجب أن يفعله أي شخص .
خابورا : كان هناك رجال في المقهى ولم يجرؤ أحد للتصدي للمهاجمين غيرك .
زيغا : ( تربت على يدها ) نحن سعداء بوجودك معنا .
إيزابيلا : المهم ألا يتكرر ما حدث في المقهى .
شموئيل : المقالات التي نشرتها والفيديو الذي نُشر على وسائل التواصل الإجتماعي وأذاعته قناة فضائية اليوم جعلك هدفا للجماعات المتطرفة في القدس الغربية .
عاموس : هناك من يحرض ضدك ويريد أن يوقفك عن الكتابة يا (آشر) .
جدعون : مع أن ما يفلعونه سيزيد من عدد المتابعين لأشر وكلكم لاحظتم ذلك على موقع( آشر) .
كرمنيل : مع أني أرى المقالات مجرد رأي ولا أفهم سبب الضجة التي يثيرونها ضد (آشر) .؟!
مايكل : (متحمسا ) لا ، المقالات أحدثت أثرا كبيرا ، لقد تشاجر أبي معي بسببها أتتصور ذلك ؟!
آشر : ( بدون إكتراث ) أعرف ذلك .
مايكل : ( مندهشا ) وما أدراك بما حدث مع أبي ؟!
آشر : (متجنبا النظر إليه ) نفس ما حدث مع جدي حينما أطلع على المقالات
أديرا : حينما عرفوا أننا أصدقاء حذرونا منك .
خابورا : إنهم يخشون أن يكون لك تأثير ما علينا .
شموئيل : أو أن نتبنى ما تقوله وندعو إليه .
كرمنيل : ( مربتا على كتفه ) ما رأيك لو توقفت عن الكتابة ؟
آشر : ( مندهشا ) لماذا ؟!
كرمنيل : أرى أنها ستجلب عليك المتاعب .
مايكل : (ضاحكا) ليس عليه فقط ، ولكن علينا نحن أيضا .
خابورا : الكثير يعتقد ما يعتقده ( آشر ) ولكن لم يجرؤ أحد بالإعلان عن ذلك كما فعل ( آشر ) .
مايكل : أتظن سيغفرون له تلك الجرأة ؟
زيغا : ( متحمسة ) وماذا بأيديهم أن يفعلوا ؟
شموئيل : بأيديهم أن يفعلوا الكثير لآشر ولنا .
كرمنيل : : أظن أن ما حدث في المقهى كان البداية .
أديرا : ( مشيرة إلى الشابين ) وها هما متربصان ، وأعينهم مسلطة علينا .
إيزابيلا : ليس أمامكم إلا أن تصحبوا (آشر) في أي مكان يذهب إليه ، على الأقل الشباب منكم .
آشر : أظن أن هذا من الصعب تحقيقه ( مشيرا إلى مايكل ) ثم أن والده قد تشاجر معه بسببي ، وربما يحذرونكم من أن تقابلوني .
إيزابيلا : طبيعي أن يكون هناك أختلاف في الرأي بين الأجيال .
آشر :ليس مجرد اختلاف في الرأي بل أكثر من ذلك و ..
مايكل : ( مقاطعا ) المهم يا ( آشر ) إما أن تتوقف عن الكتابة ، أو لا تظهر أمامهم حتى لاتكون هدفا لهم .
آشر : أو أفعل ما يريد جدي .
إيزابيلا : وماذا يريد جدك ؟
آشر : ( آسفا ) أن أرحل عن هنا وأعود إلى( أمريكا) .
كرمنيل : ولم لا ؟! فلترحل ..لو بيدي الرحيل لرحلتُ .
الجميع : (في صوت واحد ) ونحن أيضا .
آشر : ( ضاحكا متعجبا ) ما هذا ؟! كلكم تريدون الرحيل وتتركون وطنكم ..أليس هذا عجيبا ؟!
مايكل : ( مفكرا ) ألم تفكر يا (آشر) أنك ربما تكون على خطأ فيما تعتقده وفيما تكتبه ؟
كرمنيل : على رأيك يا (مايكل) ، وأباؤنا وأجدادنا أكثر خبرة وتجربة ووعيا منا .
آشر : ربما كما تقول ، ولكنهم أكثر طمعا وأكثر أنانية .
زيغا : لماذا ؟!
آشر : لأنهم لا يرون سوى ما يريدونه ، ثم أنهم يتجاهلون حقائق راسخة لا أحد يستطيع إنكارها أو تغييرها .
أديرا : ماذا تقصد بالحقائق الراسخة ؟
آشر : الأرض .
أديرا : أي أرض ؟!
آشر : الأرض التي يريدون تجريف أصحابها من فوقها ، وطردهم وأخذها عنوة وإغتصابا .
خابورا : لقد قالوا لنا إنها أرضنا ، وكل ما نفعله أننا نسترد حقنا .
شموئيل : ( متعجبا ) ثم أأنت معنا أم معهم ؟!
آشر : للأسف أنتم ببغاوات ترددون ما تسمعونه بدون وعي .
خابورا : ( ساخرة ) تركنا لك الوعي والإدراك ..وضح لنا ما نحن غافلون عنه .
آشر : ليس من حقنا أن نسترد الأرض ، ولكن من حقنا أن نعيش فوق الأرض .
زيغا : وهل هناك فرق ؟
آشر :معنى أن نسترد الأرض أن نبيد ونمحي كل من فوق الأرض وهذا ما كان يفعله أجدادُنا ويفعله أباؤنا الآن ، أما حقنا أن نعيش فوق الأرض ، فهذا لا يمانع أن يعيش الآخرون معنا فوق الأرض وهذا ما لا يفعلونه .
شموئيل : لو لم أعرفك حق المعرفة لظننتُ أنك لست يهوديا .
آشر : والشيء الذي يجب ألا تنسوه أن اليهودية دينٌ وليست قوميةَ ، وأي دين يدعو أول ما يدعو إلى الحب والسلام ومساعدة الآخرين .
مايكل : والآن ماذا ستفعل ؟
آشر : ( يحدق في وجوه من حوله ) وهل أمامي شيءٌ غير الاستمرار ؟
إيزابيلا : إذن لابد أن تكون على بصيرة من الأمر إذا واصلت السير في طريقك هذا ؟
آشر : أهذا تحذيرٌ أم تهديدٌ ؟!
أيزابيلا : ( مشيرة إلى الشابين حول طاولة البلياردو) ستجد مثلهما في كل مكان تذهب إليه ، وما حدث في المقهى لن يكون الأخير .
كرمنيل : ( متعجبا ) أتستحق المقالات ما تعرضت له وما سوف تتعرض له ؟!
أديرا : (كرمنيل ) معه جقٌ ، ولا ندري في المرة القادمة ماذا سيفعلون بك؟
آشر : ( محدقا في وجوههم ) لا تظنون أنني لا أخشى على نفسي منهم ، ولكنني أعرف أنهم أذكى من أن يجعلوني أيقونة عند الشباب الإسرائيلي .
شموئيل : وماذا تظن سيفعلون بك ؟
آشر : الرحيل عن هنا بأي صورة من الصورة .
إيزابيلا : إذن فلترحل باختيارك .
آشر : ( بإصرار ) لن أرحل .
كرمنيل : لماذا ؟
أشر : لأني جعلتُ لوجودي رسالة ولحياتي مهمة ؟
أديرا : وما هي تلك الرسالة ؟
أشر : أن أكشف كل الزيف واَلأضاليل التي تعيشون فيها ويخدعونكم بها .
زيغا : والمهمة ؟
أشر : أن أحاول أن أنقذهم .
أيزابيلا : من ماذا ؟
أشر :من أنفسهم ، فهم يدمرون أنفسهم وكل من حولهم .
خابورا : كيف ذلك؟!
آشر : في هذا الصباح أثناء الصلاة على الطعام قال جدي ( خلصنا الآن نتوسل إليك يا إلهنا ) وفكرت كثيرا في هذا الدعاء ، فأدركتُ أن الخلاص من النفس وما توسس به من شر .
مايكل : كأنك تتهم جدك أنه شرير !
آشر : ( محتدا ) كلنا أشرار ، الأمم والدول لا تقام إلا على العدل والخير والسلام .
شموئيل : وعلام قامت دولتنا وأمتنا ؟!
أشر : على القتل والاغتصاب والحرق والنهب والتزوير ( مشيرا إليهم ) لو تُرك لكم الخيار لتركتم هذا الوطن وهاجرتم غير آسفين لانكم تعلمون الحقيقة وإن كنتم تخشون مواجهتها .
زيغا : أي حقيقة ؟!
آشر : لا مستقبل لنا ولا بقاء لنا هنا حتى بعد مئات السنين .
كرميل : ( ساخرا ) وكأنك تقرأ الغيب
أشر : لا أقرأ الغيب ، ولكن تدرك لماذا ؟
كرميل : لماذا ؟
أشر : لأننا لا نعرف الحب ، والحب أهم أساس تقام عليه الدول والأمم ، مع العلم أننا نذكر الحب في كل صلاتنا ، ( شاردا ) ذكره جدي في صلاته وكأنني أسمعه لاول مرة مع أننا نقرأها ألاف المرات في التوراة ونرددها في( الكَنِس) ونحفظها .. فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك ولتكن هذه الكلمات التي أوصيك بها اليوم على قلبك وقصها على أولادك وتكلم بها حين تجلس في بيتك حين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم وأربطها علامة على يدك ولتكن عصائب بين عينيك واكتبها على قوائم أبواب بيتك .
خابورا : وهل نحن لا نحب بعضنا ؟!
آشر : القلب الذي يعرف الحب لا يفرق بين البشر ، كل البشر ، وضاقت قلوبنا فلم نعد نحب إلا من هم على ديننا وعقيدتنا ، حتى هؤلاء لو خالفونا في الرأي يصبحوا أعداءنا ، وأنا خير مثال لكم ، لمجرد أنني قلتُ برأي مخالف لهم ، و يدعو للسلام والحباة والتعايش مع الأخرين أصبحتُ مكروها ومغضوبا علي حتى من أقرب المقربين ، بل وضُربتُ وصُورتُ ونُشرتْ صوري على الملأ ( مشيرا إلى الشابين ) وها هما ينتظران ، ولولا حضوركم في الوقت المناسب لا أدري ماذا كانا سيفعلان بي ؟
مايكل : ( متأثرا ) لا أحد منا يستطيع ان يخطئك أو يخالفك فيما تقوله ، وحقيقة لا ندري أنخاف منك أم نخاف عليك ( يتقدم منه ويشد على يده) ولا أملك إلا أن أشد على يدك وأتمنى لك التوفيق في مسعاك .
[ يحيط الجميع بأشر ويشدون على يده ]
إظلام .
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
الْمَشْــــــــهَــــــد الْأَوَّل :
في حجرة مكتبة الحاخام ( عكيفا ) يجلس إلى مكتبه ، أفراد الأسرة مجتمعون حوله وأمامه .
أفرايم : ( مطرقا ) لقد أخبروني إما أن نتصرف بشأن ( آشر ) وفورا ، أو نتركهم هم يتصرفون .
أرنونا : ( منزعجة ) إذن الأمر أخطر مما كنا نتصور !
جاليا : ( مندهشة ) وماذا فعل ( آشر ) غير كتابة بعض المقالات في عدد من الجرائد والمجالات و ..
فنحاس : ( مقاطعا في حدة ) لا ، الأمر لا يقتصر على مجموعة من المقالات ولا على الكتاب الذي قدمه لينشر على أوسع نطاق ، ولا على أخباره التي بدأتْ تتصدر وسائل التواصل ولا على الفيلم الذي نُشر على قناة فضائية اليوم وأحدث ضجة في جميع أنحاء إسرائيل وانقسم الناس حوله ، فريق متعاطف معه ويؤيده فيما يقول ، وفريق يطالب بالقبض عليه ومحاكمته ، أكثر ما يخشونه أن يتحول ( آشر ) إلى ظاهرة بين الشباب الإسرائيلي وبالأخص في هذا الوقت العصيب الذي تمر به إسرائيل .
أفرايم :( يحدق في وجوه الجالسين ) الجميع حولنا ينتظرون ماذا سنفعل ، وسمعة ومكانة العائلة على المحك ، والكثير من العائلات يشمتون بنا ويتحدثون عنا بما يسوءنا ، هؤلاء الذين كانوا يتمنون منا نظرة أو كلمة .
عكيفا : ( يدق بيده على سطح مكتبه ) دعونا من تبديد الوقت ، هل سنتصرف أم نترك لهم الأمر ليتصرفوا ؟
فنحاس :(متحمسا ) إذن لابد أن يكون تصرفنا حاسما ، يظهر لهم أن أسرة الحاخام ( عكيفا ) مازالت تحافظ على ميراثها وسمعتها ، وأن ما حدث من أحد أبنائها مجرد نذوة أو تصرف طائش من شاب أرعن .
عكيفا : ( بإصرار ) إذن لابد أن نقطع لسان ( آشر ) كي لا يتحدث ، ويده كي لا يكتب .
فنحاس : وكيف يمكننا فعل ذلك ؟!
عكيفا : ( مفكرا ) إما سجنه هنا في البيت ومنعه من مغادرته ، أو ترحيله قسرا خارج إسرائيل ومنعه من العودة مرة أخرى .
أرنونا : ( تنهض متتجة إلى عكيفا غاضبة ) من أين أتيت بقسوة القلب وتحجر المشاعر ؟! أعلم أنك قاس ، ولكنني لم أكن أتوقع أن تصل بك القسوة لتحكم على أبن من أبنائنا بهذا الحكم الجائر .
عكيفا : ( مشيرا إلى صدره ) أتتهمينني بقسوة القلب ؟!
أرنونا : ( تدق على سطح مكتبه ) نعم ، أنت قاسي القلب ، ولا تحب ( آشر ) وكنت عنيفا معه هذا الصباح .
عكيفا : ( مشيرا إلى جوليا ) لماذا أنت صامتة يا جوليا ؟! أتوافقين أمك على وصفي بأنني قاسي القلب ؟!
أرنونا : ( تواجهه ) هل تنكر أنك كنت عنيفا وغليظا معه هذا الصباح ؟!
عكيفا : كنت أعنفكم عليه هذا الصباح لأنني أشدكم رحمه به وعطفا عليه ، ولو كان فهم كلامي ما حدث له في المقهى ما حدث ، وكان معرضا للقتل .
جوليا : ( مذعورة واضعة يدها على صدرها ) أيقتلونه لنشره المقالات ؟!
أرنونا : ( مندهشة ) منذ متى يُقتل من يقول رأيه ؟ أين نحن ؟!
فنحاس : أنت في إسرائيل .
إفرايم : وإسرائيل اليوم غير إسرائيل الأمس .
أرنونا : ( ساخرة ) لم أعلم إلا الآن أن حال إسرائيل يتبدل ويتغير من يوم إلى يوم !
جوليا : ( تضحك في سخرية ) ربما يا أمي أنا وأنت صرنا غرباء و ..
فنحاس : ( مقاطعا ) لستما غرباء ولكن لا تدركان حقيقة ما يحدث في إسرائيل اليوم.
أرنونا : أي حقيقة ؟!
إفرايم : إسرائيل اليوم تتعرض لأكبر تهديد في صميم وجودها ويجب أن نكون يدا واحدة و..
أرنونا : ( مقاطعة ) إسرائيل منذ أن قامت وهي معرضة للتهديد ، ما الجديد في ذلك ؟!
فنحاس : هذه المرة التهديد من داخل إسرائيل .من ( آشر ) ومن على شاكلته .
أرنونا : أتريد أن تقنعني أنه يوجد إسرائليون يشكلون خطرا على إسرائيل ؟!
جوليا : وهذا الخطر نابع من مقالة في جريدة أو مجرد كتاب لشاب كما وصفته أرعن ؟!
أرنونا : إذن ما أوهن إسرائيل وما أضعفها !
جوليا : هناك عشرات المجلات والجرائد وقنوات فضائية لا حصر لها تعمل ليل نهار ،إذن لتفند وتنقد رأي ( آشر ) لتخطئه إذا كان على خطأ .
أرنونا : ( ساخرة ) إلا إذا كانت إسرائيل اليوم تضيق بمجموعة من المقالات ، ولا تطيق أن ترى شبابا يعبرون عن رأيهم بكل حرية .
جوليا : نحن لا نشعر أننا غرباء عن إسرائيل فحسب ، بل نشعر أن إسرائيل نفسها غريبة عنا .
أرنونا : ( بضيق ) ليست غريبة فقط بل قميئة أيضا .
[ يُسمع دق جرس الباب ]
فنحاس : ( يتطلع نحو الباب ) من يا ترى ؟!
أفرايم : هل دعوتما أحدا ؟
عكيفا : ( ينظر في ساعته ) أنا على موعد مع ( موسى ميرتس ) رئيس تحرير الجريدة التي نشرت مقالات ( آشر )
أرنونا : ( متعجبة ) وما سبب دعوتك له ؟!
عكيفا : فكرت أن أتفاوض معه كي يتوقف على نشر مقالات ( آشر ) وعن نشر الكتاب .
أرنونا : وتظن أنه سيوافق ؟
عكيفا : ( بثقة ) ما زال لدي من النفوذ والسلطة لأملي رأيي على الأخرين قبل أن يبددها ( آشر ) بما يفعله وسيفعله ( يشير إلي من حوله ) لتسمحوا له بالدخول وأتركونا سويا .
موسى ميرتس : (يتقدم مصافحا عكيفا ) يا أهلا وسهلا بالحاخام المبجل (عكيفا)
عكيفا :( يشير له بالجلوس ) اسمح لي أن أتقدم لك بالشكر .
موسى ميرتس: ( يتأمل أرفف الكتب حوله ) أنا لم أفعل شيئا استوجب عليه الشكر أيها الحاخام .
عكيفا : ( يعتدل في جلسته ) حينما أرسلتُ أطلب مقابلتك ،وقلتَ أنك الأولى أن تأتي إلي من أن أحضر أنا أليك .
موسى ميرتس : لك مقامك وعلى الجميع تقدير ذلك .
عكيفا : ( يحدق في ملامحه ) وكأني رأيتُك من قبل .
موسة ميرتس : ( ضاحكا ) أما أنا فلم أحظ بشرف مقابلتك ، ربما رأيت صوري في الجريدة أو التلفاز في أحد البرامج .
عكيفا : ( ضاربا على جبينه ) نعم ، تذكرتُ هذا ، فأنتم ي رجال الصحافة صوركم في كل مكان وأحاديثكم في كل زمان .
موسى ميرتس : أرجو أن أكون عند حسن ظنكم .
عكيفا : ( يمسح على لحيته ) لا ، لستَ عند حسن ظني و ..
موسى ميرتس : ( مقاطعا ) أظن المقابلة بشأن مقالات وكتاب حفيدكم ( آشر ) .
عكيفا : ( يضع قدما فوق الأخرى) أحييك على ذكائك فقد اتجهتَ إلى صلب الموضوع مباشرة و ..
موسى ميرتس : ( رافعا يده مقاطعا ) والمطلوب مني أن أوقف نشر ما تبقى من مقالات وكذلك نشر الكتاب .
عكيفا : ( مبتسما ) على ما يبدو أننا لن نختلف كثيرا .
موسى ميرتس :( يحرك رأسه ) أظن أننا لن نتفق أبدا .
عكيفا : ( ينتفض واقفا ) أنتم تستغلون ( أشر) وتشجعونه أن ..
موسى بيرتس : ( مشيرا له بيده ) سأوفر عليك الجهد والوقت ( ناظرا في ساعته ) فلدي أشغالي ، وأظن أنت في حاجة إلى الراحة والهدوء وأنت في هذه السن ، ( أشر) شاب ولكنه مفكر ويتمتع بأهلية كاملة ، نعم ، كتاباته ومواقفه تخدم توجهات يسارية وليبرارية في المجتمع الإسرائيلي ، و( آشر ) بكتابته ومواقفه يعبر عن شريحة عريضة من أفكار الشباب الإسرائيلي، ليس هذا فحسب بل يؤصل الوعي السياسي الحقيقي لدى الشباب المغرر بهم ،والذي ساعد ( آشر ) على ذلك وجوده فترة طويلة في أمريكا والبلاد الأوربية جعلته يتشرب قيما ومبادئ فتقدها في وطنه إسرائيل و ..
عكيفا : ( مقاطعا في سخرية ) لم تحضر إلى هنا لتلقي محاضرة على مسمعي ، ومع ذلك أنت تعرف أن الحياة في أمريكا وأوربا غير الحياة هنا في إسرائيل .
موسى بيرتس : ( ساخرا ) لماذا الحياة هناك مختلفة عن الحياة هنا ؟!
عكيفا : لأننا نعيش هنا وسط عالم لا يعرف الرحمة ، لو تمكن العرب والفلسطينيون منا لذبحونا كما تذبح الخراف ، ولاتنس أنه لم يتعرض شعب لما تعرضنا له من تشتيت وتعذيب وتنكيل على مر التاريخ .
موسى بيرتس : وفي ظنك لماذا حدث لنا ذلك دونا عن بقية شعوب الأرض ؟!
عكيفا : لأننا الأفضل والأرقى من كل شعوب وأمم الأرض ، بتميزنا نفضح خستهم وبتفردنا نكشف وضاعتهم ، نحن الشعب الذي اختاره الله ليكون ..
موسى بيرتس :( مقاطعا ساخرا ) بدأ الحاخام المبجل يتحدث عن أكبر أكذوبة تخدعون بها شعبكم وتروجون لها .
عكيفا : ( غاضبا ) ليست أكذوبة ولا خديعة إنها حكم الله .
موسى بيرتس : الله لا يصدر صكوكا أبدية لأحد من عباده ، تخليتم عن دوركم الإنساني لنشر الحب والسلام والوئام بين العالم فسقط حكم الله عنكم .
عكيفا : لم نتخل لحظة عن دورنا .
موسى بيرتس : والقتل والحرق والتدمير وسرقة ونهب الأرض ، الأرض أهم ما يشغلكم تريدون الإستيلاء عليها ، الأرض بالنسبة للفلسطينيين ليست مجرد مكان وإنما وجود ومصير وحياة ، والأرض ليست أرضا عادية ولكنها بالنسبة لهم مقدسة .
عكيفا : تلك الأرض المقدسة نحن أصحابها ( مشيرا إلى الكتب حوله ) وعشرات بل مئات الكتب تؤكد ذلك .
موسى بيرتس : حقوقكم التاريخية مدفونة في بطون الكتب التي كُتبت بمداد الكذب وسُطرتْ بكلمات الزيف والتزوير ، بالضبط مثل ما تدعون أنها الأرض المقدسة تحت المسجد الأقصى ، تريدون هدم مسجد مقدس لهم فوق الأرض ومعلوم ومشاهد ويتعبدون فيه ويدعون ليل نهار إلى الحب والسلام ، بدلا من المحافظة عليه تبغون هدمه للبحث تحته عن هيكل غير معلوم ، ووزير حكومتكم الأرعن سييء السمعة والتاريخ ومعه مجموعة من الساسة الأفاقين والشباب المُغرر بهم يقتحمونه ويطردون المصلين والمعتكفين في شهر رمضان ، وتُسال الدماءُ وتُزهق الأرواحُ ، الطامة الكبرى أن وسائل إعلامكم تهلل وتعتبر ذلك نصرا أي نصر هذا في إبادة شعب يريد أن يعيش في سلام فوق أرضه وفي نفس الوقت لا يمانع ان تعيشوا معه جنبا إلى جنب في حب وسلام ؟!
عكيفا : الآن فقط زاد يقيني أنك وأمثالك تشكلون أكبر خطر على إسرائيل ، أنتم أخطر من العرب والفلسطينيين .ولابد من إنقاذ ( آشر ) وتطهير عقله من أفكاركم التي تدمره وتدمرنا أيضا .أنا آسف أن استقبلتُك في بيتي وأضعتُ هذا الوقت في الحديث غير المجدي معك .
موسى بيرتس : ( يقف ويتجه نحو الباب منصرفا ثم يستدير إليه ) أتدري يا حاخامنا المبجل (إسرائيل) في حاجة ماسة إلى من ؟
عكيفا : ( يومئ إليه ) ....
موسى بيرتس : إلى (آشر )..حفيدك لأنه وحده الذي بيده إنقاذها من المصير المفجع الذي تتجه إليه وهي مغمضة العينين ، لأنه تخلص من كل الأكاذيب والأضاليل ، ولن أقول مثلما قلت إنني آسف على تلك المقابلة ، على الأقل قلتُ كلمة حق في ( آشر ) وأظن أنه يستحقها ..( منصرفا ) .شالوم يا حاخمنا المبجل .
عكيفا : ( متفاجئا بوقوف (أرنونا) و(جوليا) وأمامهما ( براك) و(سمدار) وبجوارهما حقيبتان ) ماهذا ؟ وأين أنتم ذاهبون ؟!
أرنونا : ( تحدق في ملامحه ) لقد سمعنا حديثكما كله ..وقررنا أن نترك البيت .
عكيفا : ( متقدما نحوهم مندهشا ) وما علاقة ما سمعتماه بترككم البيت ؟!
جوليا : اليوم انزاحت عن عيوننا وعقولنا الغمامة التي عشنا معها سنوات عمرنا .
أرنونا : ولن نستطيع أن نبقى بقية عمرنا مخدوعين، ولا أظن أنكم ستقبلون أن نعيش معكم بعدما تحررنا من أسركم .
جوليا : سنرحل ومعنا ( آشر ) طاقة النور التي بددتْ الظلام الذي كنا نعيش فيه .
عكيفا : ( متضرعا ) أتتركون شخصا لم يبق بينه وبين الموت إلا خطوة أو خطوتين وتتهمونني بالقسوة ، وبماذا تسميان ما اتخذتماه من قرار؟!.إذا كان لي أي قدر من الحب لي في قلبيكما أبقيا ولا ترحلا.
الاثنان : ( في صوت واحد ) وآشر !
عكيفا ) يجلس ويتلفت حوله ناظرا إلى الأرض ) ليواجه قدره ، فهو من اختار .
إظلام .
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
الْمَشْــــــــهَـــــــــــد الثَّانِي :
في حجرة الاستقبال ببيت ( ديفيد باروخ ) والد (مايكل) يجلس ( آشر ) متأملا ما حوله من لوحات زيتية وتحف فنية متصفحا بعض المجلات الموضوعة على المنضدة أمامه .
إفرات :( تدخل مذعورة ) ما الذي جاء بك إلى هنا (تشير إلى الباب ) إن أبي وأخي بالأعلى ، وحالما ينزلان ولو رآك أحدُهما سيكون موقفي في غاية الحرج ..ماذا أقول لهما ؟!
أشر : ( مندهشا ) لقد أتيتٌ لمقابلة والدك .
إفرات : ( منبهرة ) هل ستطلب يدي ..أخيرا سنتزوج يا آشر ..( تدور حول نفسها مبتهجة ) لم أكن أتوقع ذلك و..
آشر : ( يمسك بها ) من قال هذا ؟!
إفرات : ( غاضبة ) إذن لماذا أتيت إلى هنا ؟! وفيما ستقابل والدي ؟!
أشر : (يجلس واضعا قدما فوق الأخرى ) لقد أخبرني أخوك ( مايكل ) أن والدك يريدني في أمر هام ، فحضرتُ حسب الميعاد ..أنسيت أنني و(مايكل) صديقان وأنني كثيرا ما حضرتُ هنا لزيارته ؟!
إفرات : ( تشير إلى رأسه ) لقد أخبرني (مايكل) عما حدث لك اليوم في المقهى وقلقتُ جدا عليك ، وأخبرني أيضا عن ( إيزابيلا).
آشر : (مندهشا ) ولماذا( أيزابيلا) بصفة خاصة ؟!
إفرات : ( يغيرة ) لأنها تتبعك كظلك ، وهي التي دافعتْ عنك ضد من هاجمونك في المقهى ..أخبرني ما الذي بينك وبينها ؟!
أشر : ( مستفزا ) كل ما في الأمر أنها معجبةٌ بي و ...
إفرات : ( تدق الأرض بقديمها وتقاطعه في حدة ) أنا لا أسالك عن شعورها هي ، وإنما أسألك عن شعورك نحوها ، الظاهر ما يقولونه عنك حقيقة .
آشر : ( مبتسما ) ماذا يقولون ؟!
إفرات : إنك تعرف الكثير من الفتيات
أشر : ( يقترب منها ) وهل تصدقين ما يُقال عني ؟
إفرات : ( بخجل ) لا أصدق عنك إلا ما يقوله قلبي .
أشر : ( يمسك يديها ) وما الذي يقوله قلبُك ؟
إفرات ( تجذب يديها مبتعدة متطلعة نحو الباب ) قد يأتي أبي وأخي في أي لحظة ...أني أسمع وقع أقدامهما .
مايكل : ( مندهشا ) ما وقوفك هنا يا (إفرات )؟!
إفرات : ( محرجة ) كنت أسأله ماذا يشرب ؟
مايكل : ( ملوحا لها ) أحضري عصيرا باردا .
ديفيد باروخ : ( مصافحا أشر ) أهلا بنجم اليوم السابع ..صرت حديث الناس في إسرائيل يا (أشر ) .
مايكل : ( مستأننا ) أتريدني في شيء يا أبي ؟
ديفيد باروخ : ( مشيرا إليهما ) أبقيا فإني أريدكما أن تحضرا اللقاء بيني وبين (أشر) .
مايكل : ( مشيرا إلى إفرات مندهشا ) و(إفرات) أيضا تبقى ؟!
ديفيد باروخ : ( يجلس ويشير لولديه بالجلوس ) و(إفرات) أيضا .
أشر : ( مستفسرا ) (مايكل) أخبرني أنك تريدني في أمر هام ، والذي أقلقني أنك قلت له إنك تريدني على وجه السرعة .
ديفيد باروخ : أعلم أنك في حاجة إلى الراحة بعدما حدث لك في المقهى ، ولكن لأنك صديق (مايكل ) و(إفرات) وتربطني بعائلتك علاقة طيبة ، وجدتُ واجبا علي أن أحذرك .بشأن أمور كثيرة .
أشر : لقد أخبرني (مايكل) أنك تشاجرت معه بسببي و..
ديفيد باروخ : ( مقاطعا ) الأمر أكبر وأخطر مما تتصور ، اليوم حدثت الكثير من المناقشات بشأنك في جهات حساسة في الدولة وأظن أنهم وصلوا إلى قرارت وبحكم مركزي وصلتني تلك القرارات .
أشر : (بدون اكترات ) أعرفها .
ديفيد باروخ : ( مندهشا ) تعرفها ؟!
أشر : ( يضع يده على راسه ) ترحيلي من إسرائيل.
ديفيد باروخ : لن يتم ترحيلك إلى أي مكان خارج إسرائيل .
أشر : إذن سأبقى وأسجن داخل إسرائيل ؟
ديفيد باروخ : ( يحدق في ملامح ولديه ) ولن تبقى داخل إسرائيل .
مايكل : ( مندهشا ) لن يرحل خارج إسرائيل ولن يبقى داخل إسرائيل، إنه لغز !
إفرات : إما في الخارج أو الداخل لايوجد مكان ثالث ، لقد وضعت أشر في حيرة !
ديفيد باروخ : هم أعتبروك شخصية خطيرة ووضعوا اسمك داخل دائرة حمراء، ولهم أسلوبهم الذي لا أعرفه في كيفية التعامل والتصرف مع صاحب الشخصية .
مايكل : ولكن يا أبي ..
ديفيد باروخ : ( مقاطعا ومشيرا إلى آشر ) أنا لم أدعك لأخبرك بهذا ، وإنما دعوتُك في التفكير للخروج من هذا المأزق .
إفرات : أظن يا أبي لا خروج من هذا المأزق .
ديفيد باروخ : ( يسند ظهره إلى المقعد ويضع قدما فوق الأخرى) لا ، هناك محاولة ولعلها تجدي نفعا .
مايكل وإفرات : ( في صوت واحد ) ما هي ؟!
ديقد بروخ : مثلما المقالات أغضبتهم ..لابد أن تكون هناك مقالات أخرى قد ترضيهم .
أشر : ( ينتفض واقفا متجها نحو الباب) أنا شاكر وممتن حرصك وخوفك علي، ..اسمحوا لي بالانصراف .
مايكل : ( يجذبه ليجلس ) أنا لم أفهم ما الذي يقصده والدي .
إفرات : ثم ما سبب غضبك المفاجيء هذا؟! .لا (مايكل) ولا أنا فهمنا شيئا !
مايكل : ( متجها إلى والده ) ماذا تقصد يا أبي ؟!
آشر : المطلوب أن أكتب مقالات أخرى ترضي الجهات التي أغضبتها المقالات التي كتبتُها ، بمعنى نوع من طلب السماح والغفران .
ديفيد باروخ : لاحظ أن ما ستفعله مجرد محاولة قد تخيب وقد تصيب ..ولكن .
آشر : ( ساخرا ) ستقول لي شرف المحاولة .
ديفيد باروخ : على الأقل كي لا تندم أنك لم تحاول .
آشر : أولا لستُ نادما على شيء ، ثانيا لم أكتب طوال حياتي القصيرة في الصحافة عن قضية وتراجعتُ عنها ، ثالثا هناك كتاب على وشك الصدور و ..
ديفيد باروخ : (مقطعا ) صورة من مخطوطة الكتاب وصلت إلى أيديهم وسيذلون كل ما في وسعهم لمنع نشره وأظن سينجحون بما لديهم من صلاحيات في منع النشر
مايكل :(مندهشا ) لم تخبرنا عن هذا الكتاب يا (آشر ) وعلام يتحدث ؟!
ديفيد بارخ : ( ينهض متجها نحو الباب ) أنا تعمدتُ أن يحضر (مايكل) و(إفرات) لأنهم شباب مثلك، وأظنهما متعاطفين معك.. وسأترككم تراجعون الموقف وتحكمون العقل والمنطق ، ربما في النهاية تقتنعون بما عرضتٌه .
إفرات : ليس المهم أنا أو (مايكل) ،المهم ( آشر) فهو صاحب الرأي الأول والأخير .
ديفيد باروخ : ( مربتا على كتف إفرات ) والنصيحة المخلصة هي أول واجبات الصداقة ،.سأترككم وأرجو أن تصلوا إلى قرار يكون فيه الصالح للجميع .
إظلام .
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
الْمَشْــهَــــــــد الثَّالِث :
في مكتب رئيس تحرير مجلة (المنار) .
السكرتيرة : ( تدخل ووراءها آشر ) تفضل يا أستاذ( آشر) ..الأستاذ ( موسى ) أخبرني بمجيئك ، وهو على وشك الوصول ..ماذا تشرب ؟!
أشر : فنجان من القهوة .
السكرتيرة : أتريد شيئا آخر ؟
آشر : ( يتحسس جبينه ) إن تفضلتي مسكن للصداع .
السكرتيرة : ( متجهة نحو الباب ) حالا ستصلك القهوة والمسكن .
نايف : ( يدخل ووراءه إيزابيلا مندهشين ) لم نكن نتوقع مجيئك هنا ،وفوجئتٌ أنك تتصل بي لأحضر إلى هنا .
إيزابيلا : ( مشيرة إلى رأسه ) حينما تركتٌك كنت أتوقع أنك ستعود إلى بيتك ، أنت في أمس الحاجة إلى الراحة .
نايف :كنا في جولة سياحية في القدس ، وأصرت لتأتي معي لتطمئن عليك .
آشر : لقد اتصلت بالأستاذ ( موسى ) لأوقع عقد نشر الكتاب .
نايف : ( مندهشا ) ألم يكن من الأولى أن تستريح وتوقع العقد في أي يوم آخر ؟!
آشر : ( شاردا ) أخشى إن لم أوقعه الآن ألا أوقعه أبدا .
نايف : ( محدقا في ملامح وجهه ) ماذا بك ؟ أحدث شيء ؟!
آشر : ( بأسى) أشعر أن العالم كله يقف ضدي .
الساعي : ( يدخل حاملا القهوة ) تفضل يا أستاذ القهوة وهذه حبة المسكن .
نايف : أنت لست على ما يرام ، بما تشعر ؟
آشر : (يتناول حبة المسكن ) أشعر أن رأسي يكاد ينفجر .
نايف : هذا شيء طبيعي ، المفروض الآن أن تكون مستريحا في بيتك ،أنت مصاب
آشر : ( يتلفت حوله ) هذا أطول يوم مر بي في حياتي كلها .
نايف : ( يمسك بيد آشر متعجبا )أنا لم أرك متعبا ويائسا هكذا من قبل ، لابد أن أمور خطيرة قد حدثت خلال الساعات الأخيرة التي تركتك فيها!
إيزابيلا : أرى أن تقوم بتوصيله إلى البيت ، ومسألة توقيع عقد الكتاب تؤجل إلى وقت آخر .
آشر : ( يسند ظهره إلى ظهر المقعد ) هناك ميعاد مع الأستاذ (موسى ) وأنا من طلب ذلك .
نايف : سأعتذر له بالنيابة عنك ، فأنت مجهدٌ للغاية
آشر :أظن من الأفضل لي ألا أغادر هذا المكان إلا بعد توقيع العقد .فلا أدري ماذا سيحدث ؟
إيزابيلا : هل هناك من تخشاه ؟!
آشر : نعم .
الاثنان : ( في صوت واحد ) من ؟!
آشر : ( مشيرا إلى صدره ) أنا أخشاني .
نايف : ( مندهشا ) آشر يخشى آشر ؟!
إيزابيلا : ما معنى ذلك ؟!
آشر : أخشى أن أضعف أمام نفسى .
نايف : ( متأثرا ) واضح أنك في مأزق ومحنة .
إيزابيلا : لابد أن تضع نهاية نهاية لكل ما تتعرض له وتخرج من هذا المأزق وتلك المحنة .فلا أظن انك ستصمد طويلا أمام تلك الضغوطات من كل جانب .
نايف : ( ينظر في ساعته رافعا عدد من الأوراق في يده ) لقد سرقني الوقت ، سأذهب لأسلم تلك المقالة وأعود إليكما لمقابلة الأستاذ ( موسى ) .
آشر : ( ملتفتا إلى إيزابيلا ) وكيف أخرج من هذا المأزق في رأيك ؟
إيزابيلا : ( محدقة في وجهه ) أن تفعل ما عرضه عليك (ديفيد باروخ ).
آشر : ( منتفضا في ذهول ) وما أدراك بما عرضه (ديفيد باروخ )؟! وما علاقتك به ؟!
إيزابيلا : ( مبتعدة عنه ) لقد قلتَ منذ قليل إنك تشعر أن العالم كله يقف ضدك ..وهذه حقيقة .
آشر : ( غير مصدق ) حتى أنت معهم ؟!
إيزابيلا : وما العجب في ذلك ؟! أقرب المقربين منك يقف ضدك .
آشر : وكأني أراك لأول مرة ، وأنا من ظننتك .
إيزابيلا : ( مقاطعة ) لنكن واقعين يا (آشر) ...أنا دُفعتُ في طريقك وما حدث في المقهي كان مخططا له ، والأن أنت وصلت إلى طريق مسدود .
آشر : أكل هذا لأنني قلتُ كلمة الحق ، العالم كله يقف ضدي ؟!
إيزابيلا : (محتدة ) لا يوجد حق ولا يوجد باطل ..توجد مصالح فقط ، والعالم لا يقف ضدك ، أنت من اخترت أن تقف ضدالعالم ، ليس أمامك بل ليس أمامنا إلا أن نساير ونسير مع العالم ، أنت وأنا مجرد حبيتين رمل لا قيمة ولا وزن لنا ، تحدد مسارنا قوة جبارة ، العالم حولنا شُكل على هذا الوضع قبل مجيئك ومجئي وسيظل هكذا بعد رحيلنا عنه ( تنظر في ساعتها ) دعنا لا نضيع وقتنا ،فحالما يصل ( موسى بيرتس )، وديفيد باروخ عرض عليك عرضا وأظن أنك لم تقبل به ، وأنا أعرض عليك عرضا أظن ليس أمامك رفاهية الرفض .
آشر : ( ساخرا ) وما هو يا ترى ؟!
إيزابيلا : خروجك من إسرائيل سالما .
آشر : المقابل ؟
إيزابيلا : تعطيني مخطوطة الكتاب وبالطبع رفض النشر.
آشر : ولكن ( ديفيد باروخ ) عرض علي غير ذلك .
إيزبيلا : أظن أنها أراء مختلفة ولكنها في النهاية تصب في تسوية موقفك ووضع نهاية أو إغلاق ملفك للأبد .
موسى بيرتس : (يدخل ومعه نايف ، يصافح أشر وإيزابيلا ) معذرة ، تأخرتُ عليك ، ولكن بسببك .
آشر : ( مشيرا إلى إيزابيلا ) هل تقابلنا من قبل ؟
نايف : ( مقدما إيزابيلا ) إيزابيلا باحثة في المركز الألماني .
إيزابيلا : ( مبتسمة ) ربما ... فكثيرا ما ألتقى برجال الصحافة والإعلام .
آشر : قلت لي يا أستاذ ( موسى ) إنك تأخرت بسببي و ..
موسى بيرتس : ( مقاطعا وهو يدق على جرس على مكتبه ) لا تشغل بالك ..المهم الآن ..
السكرتيرة : ( تدخل ومعها مخطوطة كتاب آشر ومجموعة من الأوراق ) هذا ما طلبته يا أستاذ (موسى) .
موسى بيرتس : ( مشيرا إلى آشر ) أعطي المخطوطة والمقالات التي لم تنشر للأستاذ ( آشر )
آشر : ( يمسك مخطوطة الكتاب ومجموعة الأوراق متقدما من مكتب موسى بيرتس مندهشا ) لا أفهم شيئا !
موسى بيرتس : ألم تحضر اليوم لإسترداد مخطوطة الكتاب وبقية المقالات التي كنا سننشرها ؟!
آشر : ( يضع ما بيده على المكتب أمام موسى بيرتس ) من قال هذا ؟!
موسى بيرتس : ( ينقل البصر بينهم ) لم يقل أحد ، ولكن كل الأحداث التي حدثت لك اليوم ،والمقابلات واللقاءات التي مررت بها منذ صباح اليوم وما وصل إلى من تحذير إن أقدمت على النشر ..فأي شخص في مكانك يؤسفني أن أقول سيتراجع .
آشر : ( يرفع مخطوطة الكتاب ) هل تتساوى التضحيات مع قيمة الكتاب ؟
موسى بيرتس : أنت من تقرر ذلك ؛ لأن الكتاب كتابك والتضحيات أنت الذي ستتحملها .
آشر : ( يلتفت إلى نايف ) لو كنت مكاني ماذا كنت ستفعل ؟
نايف : ( مفكرا ) لن أنشر الكتاب .
آشر : ( مشيرا إلى إيزابيلا ) وأنت ؟
إيزابيلا : ( مترددة ) لن أنشر الكتاب .
آشر : ( يواجه موسى بيرتس ) وأنت ؟
موسى بيرتس : ( مبتسما ) أظن لن أنشر الكتاب .
آشر : ( يسير خطوات مطرقا ، يقف في مواجهتهم ) لقد وصلتُ إلى قرار .
الجميع : ( في صوت واحد ) ما هو ؟
أشر : ( يدفع مخطوطة الكتاب نحو موسى بيرتس ) أدع المستشار القانوني للصحيفة ليكتب عقد نشر الكتاب ويسجل الشرط الجزائي مليون شيكل إن تراجعت عن النشر .
الجميع : ( في صوت واحد ) مليون شيكل ؟!
آشر : هل الصحيفة لديها استعداد أن تسجل على نفسها شرطا جزائيا أيضا ؟
موسى بيرتس : ( واقفا وواضعا يده على مخطوطة الكتاب ) ستسجل الصحيفة أضعاف المبلغ كي لا تتراجع هي الأخرى .
إظلام .
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
الْمَشْـــــــــهَــــــد الرَّابـــــــــــــــــِع :
في بيت الحاخام ( عكيفا ) ، الأسرة مجتمعة حول مائدة العشاء .
أفرايم : ( متعجبا ) كل هذا حدث اليوم ؟!
فنحاس : المفروض أن يكون يوما للراحة من كل شيء !
إفراييم : ( مشيرا إلى رأسه ) وكيف حال رأسك وذراعك ؟
آشر : ( ينقر بأصابعه فوق سطح المائدة ) كلها جروح سطحية ، وإن كان الصداع يعاودني بين الوقت والآخر ( ملتفتا إلى أرنونا وجاليا ) ما بكما صامتتان ؟! أحدث شيء؟!
جاليا : أيحدث كل هذا ولا نقلق عليك ؟!
ارنونا : وهؤلاء الذين اعتدوا عليك في المقهى ألا تعرفهم ؟
آشر : ( بدون اكتراث ) لم أشغل بالي بهم .
فنحاس : لماذا ؟!
أفراييم : على الأقل من باب العلم بالشيء .
آشر : هم مجرد مخالب لمن خلفهم .
فنحاس : وهل تروقك تلك الحياة يا (آشر) ؟!
آشر : أي حياة تقصد ؟!
فنحاس : أن تكون مهددا في أي لحظة وفي أي مكان .
افراييم : إن ما حدث لك اليوم يدل على أن حياتك هنا ستكون غير محتملة .
فنحاس : أنت في حاجة أن تعيد تنظيم حياتك وتراجع موقفك ، وهذا ليس بعيب .
أفرايم : وإذا ظهر لك أنك انحرفت عن الطريق فيجب ألا تكابر وتعود إلى الصواب .
آشر : ( يتلفت حوله مشيرا إلى الحقائب ) حقائب من تلك ؟!
أرنونا : ( بأسى ) أنا وجاليا .
جاليا : كنا سنرحل والطفلين .
آشر : ( مندهشا ) ترحلان ، إلى أين ؟!
أرنونا : ( تشبك أصابع يديها ) العالم أوسع من أن نبقى هنا .
فنحاس : ولكننا لا نعلم شيئا عن قراركما هذا !
أفرايم : ( مشيرا إلى الحقائب ) لماذا لم ننتبه إلى وجود الحقائب هنا ؟! ولكن على ما يبدو أنكما تراجعتما عن الرحيل .
عكيفا : أنا من رجوتهما ألا يرحلا .
آشر : ( مندهشا ) ولماذا ترحلان ؟!
جاليا : ولماذا نبقى ؟!
أشر : ( حائرا ) ولكن ما سبب هذا القرار المفاجئ والغريب ؟!
عكيفا : ( مشيرا إلى أشر ) أنت .
أرنونا : لا ، ليس (آشر) من جعلنا نقرر الرحيل .
عكيفا : إذن من ؟!
أرنونا : ( بأسى ) أنت .
عكيفا : ( مندهشا ) أنا !
أرنونا : ( تقف في مواجهته ) ومن تظن غيرك سبب رحيلنا ؟ أنت لا يهمك من يرحل ومن يبقى ..أنت لا يهمك إلا نفسك .
أفرايم : ( غاضبا ) منذ متى نخاطب الحاخام بتلك الطريقة ؟!
عكيفا : لها أن تفعل أكثر من ذلك ..ألم تقرر هي و(جاليا) الرحيل من أجل( آشر) ؟!
أفرايم : ( متعجبا ) الرحيل من أجل ( آشر ) كيف هذا ؟!
آشر :( مشيرا إلى صدره ) الرحيل من أجلي..أنا لا أفهم شيئا !
فنحاس : وما العجب في ذلك ؟! كما جعلت الإسرائليين فريقين ، فريق يهاجمك وفريق يؤيدك ،وهذا حدث داخل أسرتنا .. وهذا أخطر ما تفعله .
آشر : ( مستنكرا ) أنا من جعلتُ أسرتي فريقين ؟!
أفرايم : أول مرة يدب الخلاف داخل أسرتنا وأنت السبب يا ( آشر ) .
آشر : أنا لم أطلب من أحد أن يؤيدني أو حتى يتعاطف معي .
أفرايم : قبل أن تعود كنا أسرة متماسكة متحابة ، منذ أن رجعت وقد دب الخلاف بينك وبين جدك ،وانتقل الخلاف بين بقية أفراد الأسرة .
فنحاس : ولم نكن نتخيل أن تفكر (أرنونا) و(جاليا) في ترك البيت .
أفرايم : عزيز على أن أقولها لك يا ( آشر ) ، ولكن هذا ما فيه الخير والسلامة لك ولنا ..أرحل ..عد من حيث أتيت لتحافظ على بنيان الأسرة .
فنحاس : ونحافظ عليك أيضا ، فأنت معرض للخطر في أي لحظة .
عكيفا : قلت هذا في صباح اليوم ، وأُُتهمت بأنني قاسي القلب ، (آشر) لا يدري ما الذي يدفعنا إليه ، أنا على يقين أنه مغرر به ومخدوع .
أرنونا : إن كان هناك من غُرر به وخُدع فنحن وليس (آشر) ، عشنا عمرنا كله على أكاذيب وأضاليل ، الحق صار باطلا ، والباطل صار حقا ، المجرم برئ والبرئ مجرم ، أخبرونا ما الشيء الحقيقي في حياتنا ؟! وجودنُا كله أكذوبةٌ تحاولون أن تقنعونا بها لنصدقها .
جاليا : ( تشير إلى الحقائب ) كنا على صواب أننا أبقينا على الحقائب ولم نفرغ محتوياتها .
أرنونا : ( تنهض متجهة نحو الحقائب ) وكنا على خطأ أننا لم نرحل للأن .
فنحاس : ( يقف في طريقها ) محال أن تتركا البيت .
أفرايم : أنتما بهذا تحطمان البيت فوق رؤوسنا !
أرنونا : (تبعد فنحاس عن طريقها ) نحن لم نعد نطيق التنفس في هذا البيت .
آشر : ( يقف في مواجهة الجميع ) كما قال (أفرايم) ، لو رحلتما سسيتحطم هذا البيت ، أما انا لورحلتُ قسيبقى البيت ..أنا من سيرحل من البيت ومن إسرائيل ومن العالم كله .
جاليا : ( تربت على كتفه ) الأمر لم يعد متعلقا بك ، ولكن بنا ، نعم قد يتحطم هذا البيت برحلينا ولكن البيوت التي تقام على الكذب والأضاليل والخداع لابد أن يأتي عليها وقت وتنهار .
أفرايم : ( يقف مهددا ) لن يتحطم هذا البيت أبدا ، ولن يرحل أحدٌ .
أرنونا : أتجبرنا على البقاء رغما عنا ؟!
أفرايم : ( غاضبا ) نعم سأجبركم على البقاء ، ولو استخدمت معكم القوة ( يتلفت حوله مشيرا نحو باب الحجرة المجاورة ) يا براك ...براك ..احضر لي مسدسي .
براك : ( يخرج من باب الغرفة ممسكا المسدس وهو يرتعش ) ها هو المسدس .
جاليا : ( مذعورة ) إن يده ترتعش على المسدس !
أرنونا : ( تصرخ ) إن إصبعه على الزناد .
فنحاس :( مخاطبا أفرايم في فزع ) خزنة الرصاص في المسدس ،أنت لم تنزعها منه
أفراييم : ( مفزوعا ) أنزل المسدس جانبا يا (براك) .
آشر :( يقفز نحو براك ) ألق المسدس على الأرض يا (براك) قد تخرج منه رصاصة وتصيب فردا من أسرتنا.
[ تنطلق رصاصة من المسدس مخترقة صدر ( آشر ) ، يسقط على
الأرض مضرجا في دمائه ] .
إظلام .
النهاية
ســــيرة ذاتــــية
الاسم : محمود محمد محمود القليني .
المؤهل : ليسانس في الآداب والتربية جامعة الإسكندرية- شعبة: لغة عربية عام 1979.
الإيميل : elkellenymahmoud@yahoo.com
الهاتف :0201061414124- 0201025544856
الوظيفة : مدير عام بالتربية والتعليم سابقا .
العنوان : جمهورية مصر العربية – محافظة البحيرة – دمنهور – شارع السيدعمر مكرم –برج الفتح .
الأعمال المنشورة :
أولا : في المسرح :
مسرحية : ( إخناتون والكهنة ) جهة النشر : الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة عام 1994
مسرحية : ( مصرع الخُرساني ) جهة النشر : الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة عام2002.
مسرحية :(محنة الإمام أحمد بن حنبل) جهة النشر : الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة عام 1997
مسرحية : ( بلد راكبها عفريت ) جهة النشر : الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة عام 2010.
مسرحية : ( غائب لا يعود ) جهة النشر : الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة – تاريخ النشر 2019.
كتاب : ( الأدب في مسرح الطفل ) جهة النشر : العلم والإيمان للنشر والتوزيع بدسوق عام 2015.
مسرحية : ( محاكمة الحمير ) جهة النشر : مجلة الفنون المسرحية – مدير الموقع الفنان : ( محسن النصار )
مسرحية : ( البلطجية اشتكوا ) جهة النشر : مجلة الفنون المسرحية –مدير الموقع الفنان : ( محسن النصار )
مسرحية : ( ليلة وحشية ) مونودراما – جهة النشر : مجلة الفنون المسرحية – مدير الموقع : ( محسن النصار )
مسرحية : ( الأرجواني السماوي ) خيال علمي – جهة النشر – المسرح نيوز – مؤسس ومدير الموقع : ( صفاء البيلي )
مسرحية : ( الوزير على التليفون ) جهة النشر: المسرح نيوز – مؤسس ومدير الموقع : ( صقاء البيلي )
مسرحية :(المحاكمة) :جهة النشر : مجلة الفنون المسرحية – مدير الموقع )محسن النصار )
مسرحية : ( أسوار بغداد ) جهة النشر : مجلة الفنون المسرحية – مدير الموقع )محسن النصار )
مسرحية : ( الأم الثكلى ) مونودراما . جهة النشر : مجلة الفنون المسرحية – مدير الموقع )محسن النصار )
مسرحية : ( القرية الذكية ) جهة النشر : مجلة الفنون المسرحية – مدير الموقع )محسن النصار ) .
مسرحية :(بوظا في مجلس الشعب ) جهة النشر : دليل النصوص المسرحية – الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة .
مسرحية أسوار بغداد – الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة - 2023
مُثلت مسرحية (بلد راكبها عفريت ) على مسرح مركز ثقافة المحلة الكبرى بطنطا .المخرج : ياسر سري.
ثانيا : في الروايات والقصص :
رواية :(الإسكندرية عناقيد العشق والغضب) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2011.
رواية :(الجنوب الهادئ ) جهة النشر :الهيئة العامة لقصور الثقافة عام : 2014
رواية : ( الدجال والشيطان ) جهة النشر : مكتب معروف للنشر والتوزيع عام 1985
( إنهم يذهبون ) مجموعة قصص قصيرة ، جهة النشر : دار الشعب بالقاهرة عام 1983.
ثالثا : في الكتب :
(الفكر الإسلامي ومستجدات العصر) جهة النشر :المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة عام 2005 .
( أمير الصحافة العربية ) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2009
( العمرية ..في رحاب عمر بن الخطاب ) جهة النشر: مكتبة دار العلم والإيمان عام 2007
( عش حياتك سعيدا ولا تحزن ) جهة النشر: مكتبة بستان المعرفة عام 2004 .
( الثورة في وجدان المصريين ) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2012.
( الباحثون عن الله ) جهة النشر مكتبة دار العلم والإيمان عام 2013.
(شخصية موسى النبي) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2011 .
(شخصية المسيح) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2014.
( شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم ) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2014
10-(قيم ومعايير في أدب يوسف إدريس ) جهة النشر : مكتبة دار العلم والإيمان عام 2015.
11-( الذاتية والقيم الوجودية في أدب إبراهيم عبد القادر المازني ) جهة النشر : مكتبة دار العلم والإيمان عام 2015.
12- (النساء فقدن عروشهن) جهة النشر :مكتبة العلم والإيمان بالمنصورة .
13- الخليل – عليه السلام – رحلة في المكان وسياحة في الزمان . دار العلم والإيمان عام 2018 .
14- نحو تفسير علمي للأحلام – الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة - 2022
الجوائز الحاصل عليها :
1-جائزة التأليف المسرحي من المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عن مسرحية ( محنة الإمام أحمد )
جائزة ( ملتقى جائزة أبها ) بالمملكة العربية السعودية عن مسرحية ( محنة الإمام أحمد بن حنبل ) عام 1417هجرية .
جائزة التأليف المسرحي من المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عن مسرحية ( إخناتون والكهنة ) .
جائزة التأليف المسرحي من مجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عن مسرحية ( مصرع الخرساني ) .
جائزة من نادي القصة بالقاهرة عن رواية بعنوان : ( قوس قزح ) عام 2002
جائزة الدراسات النقدية عن دراسة بعنوان ( قيم ومعايير في أدب يوسف إدريس ) من المجلس الأعلى للثقافة .
جائزة الدراسات النقدية عن دراسة بعنوان ( الذاتية والقيم الوجودية في أدب المازني )
جائزة المقالة النقدية عن دراسة في قصة ( الطريق ) لنجيب محفوظ ،من المجلس الأعلى للثقافة .
جائزة التأليف المسرحي للكبار – الشارقة – الهيئة العامة للمسرح – عن نص مسرحي بعنوان ( غائب لا يعود ) 2016
الوصول إلى القائمة القصيرة في مسابقة الهيئة العامة للمسرح بالشارقة في مجال الخيال العلمي للأطفال عن مسرحية بعنوان ( الأرجواني السماوي ) 2017
الوصول إلى القائمة القصيرة في مسابقة الهيئة العامة للمسرح بالشارقة في مجال الخيال العلمي للأطفال عن مسرحية بعنوان ( القرية الذكية ) .
الوصول إلى القائمة القصيرة في مسابقة الهيئة العامة للمسرح بالشارقة في مجال الخيال العلمي للأطفال عن مسرحية بعنوان( أسوار بغداد )
0 التعليقات:
إرسال تعليق