أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

‏إظهار الرسائل ذات التسميات المسرح العالمي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات المسرح العالمي. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 16 مارس 2017

مسرح عالمي:حدائق الحيوانات الزجاجية وفرانكيشتاين.. استناداً إلى سيرة كاتبها تينيسي وليامز الذاتية

مجلة الفنون المسرحية


حدائق الحيوانات الزجاجية وفرانكيشتاين.. استناداً إلى سيرة كاتبها تينيسي وليامز الذاتية


تتجلى هشاشة عنوان "حدائق الحيوانات الزجاجية " عبر مسرحيته الشبيهة بسيرته الذاتية وبشكل خاص، من خلال شخصية لورا الرقيقة الهشة (التي تقوم بدورها كيت أوفلين). وهي تتّسم بالخجل الشديد وذات قدم ملتوٍ، فانسحبت من العالم الخارجي، ولم تعد تغادر الشقة التي تعيش فيها مع أخيها الشاعر الكاتب الطموح توم (مايكل أسبير) وأمها الحسناء الجنوبية أماندا (شَيري جونز)، كما جاء في هذا العرض النقدي لنيل نورمان. 
وقد هجر زوج أماندا العائلة قبل سنوات وهي تقضي أيامها الآن مسترجعة في ذهنها معالم شبابها المضيئة، مثل الرقص في مرقص الحاكم في جاكسون، بينما تحاول أن تجد "طالباً شهماً" ليد ابنتها لورا. وحين يُقنع توم صديقه جيم (برايان سمث) بأن يأتي إلى البيت للعشاء، يكون المشهد معدّاً لمواجهة سهلة التصدع كوحيد قرن لورا الزجاجي المدَّخر، وهو الحيوان الأخير غير المحطم في مجموعتها.
ويجلب جون تيفاني بعضاً من السحر المحيّر لهذه القصة المؤثرة الذي صنعه لمسرحيات هاري بوتر. وتبدأ المسرحية، التي تُعرض على مسرح غرينوتش حتى 25 آذار الحالي،  بتوم وهو يُقدم السرد الافتتاحي ويسحب بعد ذلك لورا خارجاً من داخل أريكةٍ وكأنها يؤتى بها إلى حياتها وهي تتمنّع. وإذا كان النصف الأول يستغرق وقتاً قليلاً ليسخن، فإن الانتاج يحلّق بعد فترة فاصلة حين يسحب جيم لورا ببطء إلى خارج قوقعتها ويقدم لها بشكلٍ عفوي أملاً في السعادة.
ولم أعد أستطيع أن أتذكر عدد المرات التي شاهدتُ فيها تكييفات الرواية القوطية الشهيرة للكاتبة الانكليزية ماري شيلي (1797 ــ 1851). فقد كانت هناك أفلام سينمائية، وأخرى تلفزيونية، بل وباليه، مستلهَمة جميعاً من قصة الرجل الذي خلق وحشاً، (فرانكينشتاين). ونسخة المسرح هذه، التي كيّفها جون جينمان لمسرح بلاكيد، لها خصوصيتها. فوحش فرانكينشتاين هنا مصوَّر بدمية متحركة ذات حجم طبيعي. والإعداد هو البساطة نفسها مع القليل من الأشعة وقماش الأشرعة المائج ليمثّل السفينة العالقة في الجليد في القطب الشمالي ــ حيث تبدأ القصة وتنتهي.  وتؤدي تأثيرات الإضاءة، والموسيقى، والصوت إلى خلق حياةٍ على المسرح عن طريق النقر بدءاً من صوت تصدع الجليد إلى طقطقة الرقبة، وهو ما يضيف تحفيزاً للخيال. كما أنها تخدم أيضاً كمنبر للمؤدين الخمسة الذين يقومون بأدوار متعددة، إضافةً إلى تشغيل المخلوق الاستثنائي أو الغريب الذي أنجزه صانع الدمى إيون ستون، المرادف الواقعي لفكتور فرانكينشتاين (العالم الذي خلق الوحش في رواية ماري شيلي). 
ويستخلص النص المنظَّم على نحوٍ جميل، العناصر الجوهرية للقصة التي ينتهي فيها فكتور، المبتلى بالشعور بالذنب لخلقه الوحش، إلى التخلي عنه فيدبّر الوحش مكيدة للانتقام منه. كما أن النص يسلط الضوء على نزاعات الشخصيات وطموحاتها المشتركة، وبشكل ملحوظ قبطان السفينة عديم الأصدقاء روبرت وولتون (آشلي سين كوك) وفكتور فرانكينشتاين (بين وورويك) الذي يحكي له قصته بعد إنقاذه من الجليد القطبي.
ويمكن القول إن، العلاقة ذات الطرق الثلاث بين فكتور، وأليزابث " الأكثر من أخته " (وتقوم بدورها لارا كووين) وصديقه الحميم هنري كليرفال (ماكس غالاغر) علاقة مقنعة كلياً، كما هي حال المخلوق ذاته من أول تنفس تجريبي له حتى عنف انتقامه المكروب. وإن هذا العمل المسرحي، الذي يعبّر عنه صوتياً لويس لابوفتش ويتعامل معه اثنان أو ثلاثة من الممثلين، عمل يتّسم بالرعب، والإثارة التي كانت ماري شيلي ستحبهما بالتأكيد.
وأخيراً فإن "حدائق الحيوانات الزجاجية " هذه، في الأصل، مسرحية من خمس شخصيات كتبها تينيسي وليامز، وعُرضت أول مرة عام 1944 فحققت لوليامز الشهرة. وتتميز المسرحية بعناصر قوية من سيرته الذاتية، مصورةً شخصياتٍ تستند الى الكاتب نفسه، وأمه المضطربة، وأخته الهشة ذهنياً روز. وقد اعتمد وليامز، في كتابته للمسرحية، على قصة قصيرة مبكرة له وعلى مخطط مسرحي كان قد كتبه تحت عنوان "The Gentleman Caller".  

 ------------------------------------------------------------
 المصدر : ترجمة: عادل العامل  عن: Express - المدى

الأربعاء، 15 مارس 2017

التجريب فى أعمال ريتشارد فورمان(Richard Foreman)

مجلة الفنون المسرحية

التجريب فى أعمال ريتشارد فورمان(Richard Foreman)

د. راندا طه 

هو كاتب مسرحي وفيلسوف ومخرج لعدد من العروض المسرحية ، وفورمان فنان طليعي يقدم في أعماله المسرحية أكثر من قصة واحدة في النص الواحد, وهي مراكز لجزيئات متناثرة لا تلتحم ولا تكتمل, فى شكل أقرب إلى الشظايا والأحداث المبتورة, تتهدم وحدة النص وتتداخل عناصر وتتحول إلى كولاجاً متنافراً. ( 1)
ويعتمد في عروضه على مسرح الهستيريا الأنـــــتولوجى Ontological-Hysteric Theater))،ويقوم فنه على مسرحة عمليات التفكير في مجموعات من الصور عالية التعقيد ومسرح الهستيريا يعتمد أساساَ على الصور التي تحل محل الديالوج وتكـون على علاقة متداخلة مع الكلمات بصفة دائمة ، فهو يحاول خلق طرق جديدة في التفكير في الحدث المسرحي،و يقوم المشاهد فيه بممارسة الاستغراق الذهني وسط هيستريا انطولوجية تطلقها الصور المتلاحقة بينما الممثلون خلف براويظ كمجرد متحدثين لايصال الافكار. (2 )
و للمسرح عدد من المانفستو التي توضح نهجه الذي يطرح امكانيه جديده للإبداع وهي الموازنة بين ما هو منطقي وما هو عشوائي وطارئ وفي نفس الوقت محاولة إبقاء العقل في حاله يقظة وحيوية .
ولفورمان عدد من الأعمـــــــال مثل مسـرحية إشـباع رغبات الجاهير 1975 Pandering to the Masses: A Misrepresentation)) وفيـها يــــــقدم فورمان ســيلاَ من العناصر ، وهي عبارة عن جزئيات متناثرة لا تلتحم ولا تكتمل بل تتدفق في صورة شظايا وأحداث مبتورة ، وفيها يتصرف الممثلون بصورة تكعيبية خلال العرض ، واستخدم الشرائح ((slides  على الشاشة ، كما استخدم فورمان شريطاَ مسجلاَ بصوته للتعليق على أحداث المسرحية في أسلوب تعليمي ، والملخصات التي يستخدمها تخدم أغراض تكنيك  الفلاش أو تستخدم لتطوير حركة العرض، كما يقسم فورمان مشاهده إلى وحدات أصغر فأصغر. ( 3)

    ويقوم الممثلون خلال العرض ببناء المنظر ويعيدون توزيع المساحة بصفة دائمة ويــــعمقونها ويوسعونها عن طريق استخدام الحوائط المتحركة والستائر ، كما يتلاعب فورمان بالمنظور في تصميم المناظر عن عمد. ونخلص من ذلك إلى أن هدف فورمان هو التركيز على عمليه الخلخلة والتعطيل ذاتها عن طريق تقديم عدد من المحاور او البؤر المتناقضة في تزامن حتى يدمر الإحساس بوجود أي مركز للعرض  ويشكل من هذه البؤر المتناقضة كولاج من مراكز الانتباه المتصارعة مثل إضافة صوت الصفارات العادية إلى الإيقاع الموسيقى المهيمن على العرض  وكذا يحاول لفت انتباه المتفرج و أثاره توقعاته  عن طريق تقـــــطيع الحوار أو استخدام الحركات المفاجئة للممثلين ،وكل عنصر في مسرحه يشوه العناصر الأخرى حتى يبعد أي تصور عقلي مسبق للجمهور . هذا ولعروض فورمان تصميما سينوغرافيا محكم يضع فيه الممثلين دون النظر لاى اعتبارات سيكولوجية للشخصيات التي يؤدونها .
وفي التعليق على أعماله يذكر فورمان :انه لا توجد سوى مشكله مسرحيه واحدة هي كيف نبدع عرضاً مسرحياً يجعل المتفرج يختبر من خلاله خطر الفن ،ولا أعنى بهذا خطر الاندماج في العمل او المجازفة بالتعرض له أو احتمال الاستفزاز والإثــــــــارة بل أعنى الخطر الكامن في اى قرار يتخذه المتفرج حين يواجه العمل الفني( )ومن أعمالة المسرحية فندق الجنة paradise hotel ,عقل مدمر(permanent brain damage وبالإضافة لعدد من العروض المسرحية الأخرى .

الهوامش: 

  -  http://www.alfurja.com/12/?p=960
  - http://www.mafhoum.com/press3/94C35.htm
  -C.Jencks.Post -Modernism:The New Classicism In Art And Architecture .London.1978.
 - كتاب .ما بعد الحداثية والفنون الأدائبة.ترجمة نهاد صليحة.اكادميه الفنون.1997

الاثنين، 13 مارس 2017

مفهوم الطليعة و التجريب في المسرح :الجزء الأول

مجلة الفنون المسرحية

مفهوم الطليعة و التجريب في المسرح :الجزء الأول

الصديق الصادقي العماري


ü       تقديم
إن التجريب استمرارية في البحث عن مواطن بكر كما أنه عمل مستمر لتجاوز ما استقر وجمد، و.. تجسيد لإرادة التغيير، ورمز للإيمان بالإنسان وقدرته غير المحدودة على صنع المستقبل، لا وفقا لحاجاته وحسب، بل وفقا لرغباته أيضا. والتجريب من جهة أخرى معادلة متوازنة للتواصل الدائم بين المبدع وحركة التغيير المثمرة، ذلك أن التجريبية لا تنهض وفقاً لما هو راهن، وإنما تنهض كتجاوز له، من أجل الكشف عن بديل أشمل وأعمق وأغنى.
ومن منطلق أن مذهب التجريب هو الاكتشاف والبحث عن بدائل تفي بالغرض الفني والإبداعي والفكري على صعيد آخر، فإن اكتشاف ما لا يعرف يفترض أشكالا جديدة. ومن هنا كان دأب المبدعين المجددين في مجال المسرح، وذلك بالبحث عن أشكال جديدة تستوعب المضامين الحديثة، ولا يتم ذلك إلا بهدم لأجل بناء جديد لا يضيق فيه كل عنصر من عناصر الفعل المسرحي بالآخر، وذلك إيمانا من المبدعين بأن الكتابة الإبداعية هي التي تمارس تهديما شاملا للنظام السائد وعلاقاته، أعني نظام الأفكار، وكذا نظام الأشكال، والبناء على أنقاض كل هذا وذاك ما يليق بفكر المبدع وعصره، آخذا في الاعتبار كل ما من شأنه أن يعضد فكره ويبرز قدراته على التجاوز والإتيان بالبديل الناجع الذي ينسينا ما سبق، ويبهرنا بما توصل إليه من إنجاز إبداعي وما اعتمده من تقنيات جديدة لها دورها الفعلي. فما هو التجريب والطليعة في المسرح؟ وهل هناك إمكانية للفصل بينهما؟
ü   الطليعة في المسرح
إن الحديث عن الطليعة في المسرح يقودنا للحديث عن المسرح الطليعي، إذ يعرف ″بيرناردورت‟ الطليعة كمصطلح فني بقوله: "كل طليعة هي أولا الانقطاع عن باقي الجيش، وهى كذلك رفض للنظام والسلوك المشترك".[1] فالأساس من هذا التعريف هو الانقطاع، الانقطاع عن الماضي والحاضر وعن كل المكونات التي صنعت هذا الحاضر بكل سلبياته المختلفة، الانقطاع عن شروط الهزيمة، وهي شروط لها وجود في الإنسان وفي الرؤية المتخلفة للوجود وفي الفكر والمؤسسات والعلاقات والسلوك واللغة والفنون والآداب.
و المسرح الطليعي في مفهوم السيد حافظ "هو فن تأسيس فكر العصر والتاريخ الذى نحياه، فالمسرح الطليعي هو ماضي وحاضر ومستقبل في آن واحد، والكاتب الطليعي في رأيه يجب أن يكون معاصرا لعصره لا مسجونا فيه مندمجا في الواقع الحاضر كل الاندماج حتى يتكلم باسمه ويكون روح عصره وهو مثل الجندي في إحدى حروب العصابات مهما كانت عقيدة المؤلف السياسية فإن فيه ليس تعبيرا عن حالة روحية كامنة في وعيه".[2]
وبالتالي المسرح الطليعي يعتبر ضرورة لمنح الإنسان فرصة المواجهة مع الذات الواقع، ومع الذات المجتمع، ومع الذات الإنسان، والمسرح الطليعي له رواد في الساحة العالمية والعربية. فحين نذكر المسرح الطليعي العالمي يتبادر إلى ذهننا مباشرة كتابات كل من "صمويل بيكيت" و"يونسكو" و "آداموف" و"جينه" كأعضاء بارزين في المسرح الطليعي. أما حينما نتحدث عن المسرح الطليعي العربي يأتي في مقدمة كتاب المسرح الطليعيون العرب السيد حافظ، و محمد الماغوط، وعز الدين المدني، وعبد الكريم برشيد، وسعد الله ونوس، وقاسم محمد، و روجيه عساف، وسمير العيادي، ومحمود الزيودي.[3] و كلهم رواد انتقد الواقع وتمردوا على أوضاعه المزرية التي أهملت الإنسان وقيمه الثقافية والاجتماعية بل جردته من إنسانيته من جراء الحروب وممارسة السلطة التعسفية، وقد كان لهم السبق وغيرهم في حمل شعار الحركة الطليعية في المسرح من أجل السعي إلى تغيير الواقع وفق ما يستجيب لحاجات الإنسان الذي فقد الثقة في كل شيء.
وبالتالي المسرح الطليعي يهتم اهتماما بالغا بمعنى وجود الإنسان وبالدور الذى يقوم به في المجتمع كما أنه يعمل على إيقاظ المتلقي ليشعر بأن هناك ما هو عجيب وما هو مألوف وما هو خارق للعادة ثمن الحياة اليومية وهذه هي وظيفة المسرح الطليعي. يقول "الفريد جاري" : "إن وظيفة مسرح الطليعة الآن هو إيقاظ المتفرج حتى  يحس بما هو خارق للعادة وغير مألوف".[4]
ويرى الكاتب المسرحي "عبد الكريم برشيد" أن الطليعي هو "هذا المناضل أبدا، أي ذلك الإنسان الذى لا يعرف ما يسمى باستراحة المحارب، وذلك لأن الاستراحة لا تعني في النهاية غير الموت والفناء وسيادة الظلم والجهل والفقر وكل معوقات الحياة، فهو يناضل حتى الموت أو ما بعد الموت إن كان ذلك ممكنا عن طريق الإبداع الخالد الذى يحمل رسالة نضالية.[5] أما الكاتب المسرحي التونسي "عز الدين المدني" فيقول إن "كتاب الطليعة اتجهوا للطليعة لأنها غزو للجمهور لا الاكتفاء بما هو موجود والاقتصاد على ما هو في متناول اليد"[6].
إذ أن الكاتب المسرحي الطليعي عليه أن يكون يقظا فطنا لتحولات عصره، مواكبا لكل التغيرات والمستجدات، بل وأن تكون له تنبؤات لما يمكن أن يقع مستقبلا، لذلك تم تشبيهه بالمحارب الذي لا يعرف الراحة وذلك من أجل السعي وراء راحة الآخرين. ناقد للماضي ومحدث للقطيعة التاريخية معه، مساير للحاضر ومتابع له وضابط لمجمل صوره، و راسم لخطوط ومعالم المستقبل من أجل طرح البديل المفيد في غنا عن ما هو موجود ومخالف.
وأخيرا يمكن القول أن الطليعة في شكلها العام حركة نقدية للواقع، نقد لما كانت تعيشه الشعوب العربية من قهر و تعسف، من أجل استيراد حريتها وكرامتها وعدالتها الاجتماعية في استقلالية تامة عن التبعية الغربية والسيطرة الأجنبية.
ü   التجريب في المسرح
إن تاريخ المسرح هو تاريخ التجريب والتجريب المعاد، و إذا كانت الدراما الأرسطية قد خيمت بظلالها على الفن المسرحي في جل الحقب والعصور، فإن هذه الهيمنة سرعان ما سيتم الإعلان عن غروب شمسها مع بروز مجموعة من الجماليات المسرحية التجريبية المعاصرة، والتي حاولت الخروج من العلبة الأرسطية وطرح بدائل أعادة الاعتبار للفن المسرحي ورفعت من قيمة وفعالية الظاهرة المسرحية.
مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، بدأ مفهوم التجريب المسرحي في الظهور على خشبات المسارح في العالم أجمع، ويذهب بعض النقاد والدارسين للفن المسرحي إلى إمكانية الفصل التامة بين مفهوم الحداثة الذي ظهر بمختلف أنواع وأشكال الفنون عن التجريب المسرحي، وبشكل خاص بعد أن تلاشت جميع المدارس الجمالية والفنية التي تفرض بالضرورة قواعد ثابتة، لذلك جاء التجريب المسرحي كحركة تهدف بشكل أساسي للبحث ومحاولة بغية إيجاد أشكال عرض وكتابة مسرحية مختلفة عن جميع القواعد المسرحية السائدة.
وهناك من يعتبر أيضا أن التجريب لا يمكن ربطه بنوع أو تيار أو بمرحلة زمنية أو حركة مسرحية محددة، لذا يمكننا اعتبار التجريب الدافع الأساسي للإبداع في الفن المسرحي منذ ولادته إلى يومنا هذا، لم يتوقف إلا بالمراحل التي فرضت فيها بعض المدارس والتيارات أو الجهات الرسمية قواعد وأنظمة صارمة على هيكلية الكتابة المسرحية وشكل العرض وبنيته وفصوله وأسلوبه، هذا ما تسبب في إيقاف إمكانية التجديد والتجريب.
وقد استطاعت بعض حركات التجريب في المسرح إيجاد مسميات وصفات عديدة تناولت النص وعناصر العرض كافة، لكن بقي القاسم المشترك فيما بينها هو رغبة أصحابها في تطوير العملية المسرحية بشكل جذري ومختلف تماما عن جميع التقاليد والأعراف والقوانين المسرحية التي آلت إلى الجمود والركود مع تقدم الزمن، لذا يمكننا أطلاق تسمية المسرح التجريبي على كافة المحاولات المعارضة والمختلفة بطروحاتها وطرقها وشكلها لمفاهيم المسرح التقليدي «الأرسطوي»، هذا ما أكده الكاتب والمخرج المسرحي الألماني ″برتولد برخت″ في محاضرته التي عنونها «في المسرح التجريبي» عندما قال: «كل مسرح غير أرسططالي هو مسرح تجريبي»، لكن التجريب المسرحي انحصر بداية بشكل العرض الذي ساعد في تطويره وتجديده الانفتاح على باقي أنواع الفنون الأخرى من أجل خلق علاقة جديدة مع الجمهور.
إن فكرة التجريب في المسرح تقوم على تجاوز ما هو مطروح من الأشكال المختلفة المسرحية من حيث الشكل و الرؤية، من أجل تقديم صورة حقيقية عما هو موجود بالفعل، وكلمة تجريب مرتبطة بالتحديث، وهذا الربط يفصل بين الأصل و الجديد. و بالتالي أن نجرب يعني أن نرحل في المجهول، إنه ذلك الشيئ الذي لا يمكن توضيحه إلا بعد الحدث، و أن تكون طليعيا يعني أن تخرج خروجا فعليا وحقيقيا على المألوف لتكون في طليعة أي مقدمة.
فالتجريب بالنسبة إلى ″ستانيسلافسكي″ يعني أهمية الممثل و إعداده للدور، في حين اعتقد ″جوردون كريج‟، على نقيض ذلك، أن الممثل يمكن الاستغناء عنه تقريبا وتعويضه بالدمية، إذ ركز في إمكانيات السينوغرافيا على المسرح، وركز كل من ″ماير هولد‟ و ‟راينهارت″ على أهمية المخرج، أما ″آبيا appia ركز على استخدام الضوء، وبينما ‟برتولد بريخت‟ فقد عني شأنه شأن معلمه ″بيسكاتور Piscator باستكشاف طبيعة المسرح التعليمية. أما ″أنتونان أرطو‟ ركز على موت المؤلف ليحل محله المخرج، من خلال تحطيم النص ونسقه، كما اعتقد أرطو كما هو الحال بالنسبة ل ستانيسلافسكي أن المسرح ينبغي أن يعكس واقع الحياة اليومية، بل تلك الأشياء الجوهرية التي تعجز الكلمات عن التعبير عنها.[7]
و في الثلاثينيات أعلن أنتونان أرتو: لن يجد المسرح نفسه مرة أخرى إلا من خلال تزويد المتفرج بالرواسب الحقيقية للأحلام ......أقول أن هناك شعر الحواس، مثلما هناك شعر اللغة، و أن هذه اللغة الملموسة، اللغة المادية، لا تكون لغة مسرحية حقيقية إلا عند الدرجة التي تتجاوز فيها الأفكار التي تعبر عنها حدود اللغة المحكية.[8]
ü   خاتمة
لقد كان التجريب ولا يزال ثورة على كل التقاليد الموروثة، ودعوة الى التغيير على مستوى مفردات العمل المسرحي لإثرائها بإبداع الجديد وابتكار طرق حديثة تزيد من حركيته الفنية والإبداعية، ولا شك أنه محاولة دائمة ودائبة للخروج من ربقة طرق التعبير المستمرة أو التي أصبحت قوالبا وأنماطا، وابتكار طرق جديدة....لإعطاء الواقع طابعا إبداعيا حركيا
v  الهوامش

[1]مجموعة من المؤلفين – "دراسات فى مسرح السيد حافظ" – مكتبة مدبولى-الجزء الأول-ص:80.
[2]مجموعة من المؤلفين – "مسرح الطفل في الكويت" – دار المطبوعات الجديدة – مصر-ص:64.
[3]المرجع السابق، ص :62.
[4]المرجع السابق، ص 15.
[5]المرجع نفسه – ص : 64
[6] المرجع نفسه – ص : 64
[7]المسرح التجريبي من ستانيسلافسكي إلى بيتر برووك، دار المأمون للترجمة والنشر، العراق-بغداد، 2006، ص 6.
[8] المرجع نفسه، ص 8.



*الصديق الصادقي العماري
212648183059+

يشتغل بمهنة التدريس
باحث في علم الاجتماع و الأنثروبولوجيا

طالب ماستر(المسرح وفنون الفرجة بالكلية المتعددة التخصصات الرشيدية)
.مهتم بقضايا التربية والتكوين و سوسيولوجيا التنمية
.مدير و رئيس تحرير مجلة كراسات تربوية-الرشيدية
.رئيس جمعية الشباب للتربية والدراسات والأبحاث الاجتماعية-أرفود
.كاتب عام المركز المغربي للتأهيل والإنصات-أرفود
.فاعل ومكون و ناشط جمعوي
.رئيس منتدى القراءة و البحث العلمي-أرفود
رئيس منتدى القراءة و البحث العلمي-الريصاني
.عضو المكتب الوطني للمنظمة المغربية للصحافة الإليكترونية-فاس
.أستاذ مرشد بالمؤسسات التعليمية-الرشيدية
مراسل صحفي، مقدم برنامج: فنون الفرجة الشعبية، بإذاعة صوت ورززات
.مؤلفاتي المتواضعة:
        -التربية والتنمية وتحديات المستقبل:مقاربة سوسيولوجية
        -البنيات الأسرية و تأثيرها على التحصيل الدراسي للتلميذ:دراسة ميدانية
        -إشكالية إدماج تلاميذ التربية غير النظامية في المدرسة الإبتدائية
        - سوسيولوجيا التمايز وأشكال التدبير المعقلن

..مواقعي..................... 
كراسات تربوية
www.korasat.com
..............
منتديات كراسات تربوية
www.korasatform.com
..................
نحن على الفايسبوك هي:
https://www.facebook.com/sadiki.amari.seddik


الأحد، 12 مارس 2017

كتاب "المسرح في التاريخ" لروجيه عساف: الوجه الخفي

السبت، 11 مارس 2017

خلال عرضها الباريسي..عبقرية الفــن الأوبرالي ومقاييسه الدرامية في "أوبرا كارمن"

أنتونان آرتو مريض المسرح العبقري

مجلة الفنون المسرحية


أنتونان آرتو مريض المسرح العبقري


ما حكاية آرتو؟ وما الذي يمكن أن يقوله لنا؟ بمثل هذه الأسئلة تسعى د. سامية أسعد للحديث عن «أنتونان آرتو» في نهاية ترجمتها لكتابه «المسرح وقرينه»، خاصة أن الغالبية العظمى من التيارات المسرحية المعاصرة استفادت من كتاباته، ولا تزال الجماعات والمدارس التي تنضوي تحت لوائه تنتشر في أوروبا وأمريكا، في البداية أثر أنتونان آرتو في معاصريه المباشرين تأثيراً خفياً مبهماً، ثم بدت التأثيرات واضحة جلية، وفي النهاية بدأ الإشعاع ومعه بدأ ما يمكن أن نسميه أسطورة آرتو.
من هو أنتونان آرتو (1896 - 1948)؟ إنه كاتب فرنسي بدأ حياته الفنية بديوان صغير جمع فيه قصائد رمزية، ثم تعرف إلى المجموعة التي كان يتزعمها أندريه بريتون، وأصبح من أنشط الذين أسهموا في الثورة السيريالية، عندئذ لفت الأنظار إليه بكتب ثلاثة: «سر الغموض - رسائل إلى جاك بريفير - ميزان الأعصاب»، وقام في الوقت نفسه بإخراج بعض المسرحيات، وتدرب على مهنة التمثيل، فأسندت إليه أدوار ثانوية في المسرح والسينما.
كتب آرتو إحدى التراجيديات التي حاول أن يدلل بها على الفن الجديد الذي أراده، لكن المسرحية أخفقت إخفاقا ذريعا، فسافر بعدها إلى المكسيك ثم زار أيرلندا، وعند عودته اعترته نوبة من الجنون، دخل على إثرها مصحة نفسية، وظل يتنقل من مصحة إلى أخرى طوال عشر سنوات، كان مريضا منذ شبابه وجاء إلى باريس (1920) طلباً للعلاج وظل فريسة للألم، ألم معنوي حاول أن يتغلب عليه لكن دون جدوى، وانتهى به الأمر إلى الجنون.

سلطت الأضواء على آرتو مرة أخرى عندما نشر «رسائل روديز» عام 1946 وسلسلة من المؤلفات الجديدة ما أحاطه بهالة باقية حتى اليوم، هالة الشاعر العبقري الملعون، وقد صدرت أول طبعة كاملة لمؤلفاته عام 1956.
هل يمكن فصل نشاط آرتو رجل المسرح عن الرسام والرحالة والشاعر والممثل؟ تؤكد د. أسعد أن كثيرا ما يعد هذا الفصل خطأ منهجيا، وفي حالة آرتو بصفة خاصة، تكون الحياة والمؤلفات وحدة مترابطة متكاملة، و إذا كانت أسطورة آرتو قد نمت في العديد من حقول الإبداع فذلك يرجع أساسا إلى كتاباته عن المسرح، ثم إن هناك شيئا لا يمكن إنكاره، بعد سنوات من موت آرتو اختار القراء والنقاد نظريته في المسرح وحدها من كل مؤلفاته، لتكون إرثه الباقي للأجيال الجديدة.

------------------------------------
المصدر : الخليج 

الخميس، 9 مارس 2017

"الهدية" لتشيخوف.. على مسرح برودوَي في موسمه الحالي

الأربعاء، 8 مارس 2017

كتاب يروي مأساوية حياة ميريل ستريب

مجلة الفنون المسرحية

كتاب يروي مأساوية حياة ميريل ستريب


في العام 1978، كانت ميريل ستريب الشابة على وشك أن تصبح أهم ممثلة في جيلها، لكنها في الفترة نفسها كانت على وشك فقدان حب حياتها أيضاً. فمايكل شولمان مؤلف كتاب Her Again الذي يتناول سيرة حياتها، قال إنها “لا تتحدث عن ذلك كثيراً. غير أنّ ذاك العام كان حافلاً بالأحداث ومأساوياً في حياتها. وكان له دور في تشكيل كيانها كشخص وكممثلة”.
لقاؤهما الأول
كانت ستريب تبلغ من العمر 29 عاماً، ممثلة حديثة في المسرح العالمي في نيويورك، تعيش في دارٍ علويّ في شارع فرانكلين مع حبيبها الممثل جون كازال. وكان يكبرها بـ 14 عاماً ويعتبر أسطورةً بين أقرانه.

ووفقاً لما نقله آل باتشينو عن لسانها تقول “ستريب”: “تعلمت من جون عن التمثيل أكثر من أي شخص آخر. فكل ما أردت القيام به كان العمل معه لبقية حياتي. لقد كان شريكي في التمثيل “.

في الواقع، التقى ستريب وكازال في العام 1976، كممثلين في مسرحية ” Measure for Measure” في سنترال بارك. في ذلك الوقت، لم يكن “كازال” قد أصبح نجماً كبيراً بعد – وكان يفتقر إلى هذه الصفة السريعة الزوال – لكنه كان يعتبر، في هذا المجال، موهبةً نادرة، مطلوبة بين مخرجي تلك الحقبة. ولقد أدّى دور فريدو في فيلم “العراب” The Godfather و”العراب الجزء الثاني” The Godfather Part II ، كما أنّه مثل أدوار بطولة في أفلام مثل The Conversation و” Dog Day Afternoon”. علماً أنّ الأفلام الخمسة التي أدّى فيها دور البطولة، تمّ ترشيحها كلها لنيل جائزة أفضل فيلم، وفاز ثلاثة من بينها.


وأشار سيدني لوميت، وهو مخرج Dog Day، إلى أنّ أحد الأشياء التي أحبّها في تمثيل “كازال” كان الحزن الهائل الذي أحسّ به. وكتب شولمان أنّ الوقت كان يتحرّك بشكلٍ مختلف بالنسبة إلى هذا الممثل. “كل شيء سار ببطء معه. وهو لم يكن متشائماً بالمطلق. لكنه كان شديد التدقيق، وأحيانًا إلى حد الجنون”. ولقد كان المخرجون يسمّونه “رجل الـ20 سؤالاً”، لأنه يريد معرفة أدق التفاصيل عن خلفية كل شخصياته.

ويقول باتشينو إن عشاءً بسيطاً مع “كازال” كان يتحوّل إلى حكاية ملحمية: “أعني، أنّك قد تنهي طعامك – وتغسل وتستعدّ وتصبح في السرير – قبل أن يتناول نصف وجبته. ثم يخرج السيجار. ينظر إليه ويشعّله ويتذوقه. ثم أخيرًا يدخّنه”. فضلاً عن مظهره غير العادي، المناسب لغريبي الأطوار في سينما السبعينيات، فقط كان رجلاً هزيلاً، عالي الجبين، وبارز الأنف، أما عيناه فكانتا سوداويتين حزينتين.


حبّ من النظرة الأولى
وقعت ستريب في حبّه على الفور، وكذلك هو. وقال الممثل مارفن ستاركمن: ” كان في تلك المسرحية، وكلّ ما تحدث عنه كان هي”. في الشكل والسلوك، كان “كازال” بعيداً وغريباً بالنسبة إلى “ستريب” الشابة. وهي قالت لاحقاً إنّه كان مختلفاً عن أي شخص آخر التقت به، بحيث وجدت فيه صفاته الخاصة، ونوع إنسانيته وفضوله حول الناس وتعاطفه معهم.”

من بين الاثنين، كان “كازال” هو المشهور، وفي مرّة حين كانا يتضوّران جوعاً، قام بدعوة “ستريب” لتناول العشاء في ليتل إيتالي، حيث أصرّ أصحاب المطعم على تقديم الطعام مجاناً لهما، بعد أن هلع الجمهور لرؤية “فريدو” في المكان.

وقال الكاتب المسرحي إسرائيل هوروفيتس “كان النظر إليهما رائعاً، لأن مظهرهما كان يبدو مضحكاً. كانا فاتنين على طريقتهما الخاصة، وشكّلا ثنائياً غريب الأطوار.

وكما كتب شولمان، “كانت سرعة تحرّك الرومانسية بنفس بطء سرعة تنقل جون”، وهما عاشا بسعادة معًا في شقة في تريبيكا يملكها كازال. ولقد كانا موضع حسد في العالم المسرحي في نيويورك – فهي أكثر الممثلات موهبة بالفطرة عبر الأجيال، وهو من الممثلين الأكثر موهبة بالفطرة، ومديرهما هو المخرج الأسطوري جو باب – حتى يوم من أيام مايو 1977 الذي وقعت فيه المصيبة.


مرض كازل!

ما حدث هو أنّ “كازال”، الذي كان في العروض المسبقة لمسرحية Agamemnon ، تدهورت حالته الصحية بما يكفي لتفويت العروض. وقلق “باب” بما فيه الكفاية لأخذ موعد طارئ له مع طبيبه الخاص في Upper East Side. وفي غضون أيام، كانت ستريب وحبيبها جالسين في مكتب الطبيب مع جو وغيل باب. أما التشخيص فكان أنّه يعاني سرطان الرئة الطرفية، وقد تفشّى في جميع أنحاء جسده.

وكما روت غيل باب، فقد جلسوا وكأنّهم أموات. فكتب “شولمان” أنّ جون صمت للحظة، وكذلك فعلت ميريل. لكنها لم تكن من النوع المستسلم، وبالتأكيد لم تكن لتترك اليأس يتغلّب عليها . . . فرفعت رأسها وقالت: “إذاً، أين سنتناول العشاء؟”

انسحب “كازال” من مسرحيته فورًا. وكانت ستريب تؤدي دور البطولة في المسرحية الموسيقية “نهاية سعيدة”، ولم يلاحظ طاقم الممثلين أي إشارة قلق أو حزن لديها. كان كازال يظهر على المسرح بين الحين والآخر، مدخناً سيجاره. ولم تتذمر ستريب أو تنتقد – بل ببساطة منعت التدخين في غرفة الملابس الخاصة بها. لقد كانت فضيلتها أكبر من سنها.

وبحسب الممثل كريستوفر لويد، كانت ستريب تحبّه بشدة ولم تسمح له بالتمارض. وحاول الثنائي إبقاء خطورة حالته سراً بينهما. حتى ستيفن، شقيق “كازال”، لم يدرك مدى سوء وضعه إلى أن اجتمع ثلاثتهم في أحد الأيام على الغداء في تشاينا تاون، فتوقف “كازال” على الرصيف وبصق دماً.

و كان آل باتشينو يأخذ “كازالي” إلى العلاج الإشعاعي، وجلس في غرفة الإنتظار، على أمل ألا يكون الوضع سيئاً بقدر ما يبدو. حتى “كازال” نفسه أصر على أنه سيتحسّن، وعندما حارب من أجل العودة إلى العمل، أخذت ستريب دوراً تكرهه حتى تكون معه. والدور عبارة عن مجرد “فتاة” في الفيلم – ” تمثّل نظرة الرجل للمرأة”، أي أنّها سلبية للغاية، هادئة جداً، وضعيفة باستمرار”. باختصار، كان الدور يتضمّن كل الصفات غير الموجودة في ستريب. وتجدر الملاحظة أنّ الفيلم كان “صائد الغزلان” The Deer Hunter، الذي يدور حول حرب فيتنام، وقد حظي “كازال” بفرصة التمثيل إلى جانب روبرت دي نيرو.

تنافس السينمائيون ليمثّل “كازال” معهم، رغم أنّ شركة الإنتاج، EMI، أصرّت على طرده: فتكاليف التأمين ستكون هائلة، ولا أحد كان يريد أن يدعم فيلماً نجمه مريض وميؤوس من شفائه.

وأفاد المخرج مايكل سيمينو أنهم هدّدوه بإيقاف التصوير في حال لم يتخلّص من جون . وقال: “كان الأمر مروعاً. أمضيت ساعات على الهاتف، أصرخ وأجادل “. أما القصة التي أخبرتها “ستريب” في وقتٍ لاحق هي أنّ “دي نيرو” غطى تكاليف تأمين “كازال”، وهو تصريح لم يقم الممثل بتأكيده أو نفيه. وأضاف: “كان مريضاً أكثر مما كنا نظن، لكنني أردته أن يشارك.”


تألّمت بصمت
تابعوا التصوير، وما رغبت “ستريب” فيه هو ترك العمل والبقاء مع “حبيبها”، لكنها كانت تنازع لدفع الفواتير الطبية. على مضض، أخذت دور البطولة في مسلسلات تلفزيونية قصيرة مثل Holocaust – “جذور” الحرب العالمية الثانية – بهدف الحصول على المال لا غير.

تم تصوير Holocaust في النمسا، وكان كازال ضعيفاً جداً للذهاب. لم تشتكِ ستريب يوماً- ويصفها شولمان بأنّها تجسد “الاحتراف المبتهج” – غير أنّها كانت تتعذّب بهدوء. وصرّحت لاحقاً: “كانت مادة محبطة بلا هوادة”. كان التصوير يجري في معسكر اعتقال فعلي، وقد وجدت الأمر مزعجاً جداً. ولقد أضيفت أيام تصوير جديدة إلى جدول الأعمال. وقضت ستريب في النمسا شهرين ونصف الشهر أكثر مما كان متفقاً عليه، منفصلة عن حبيبها الذي يحتضر. وقالت لاحقاً: “كدت أفقد عقلي، فقد كان جون مريضاً وأردت أن أكون معه”.

ووفقاً للمخرج مارفن تشومسكي “حرصت على القيام بالمشهد الأخير ومن ثم المغادرة فوراً. ولم تمنح أحداً لحظة للوداع.” وعندما عادت إلى نيويورك، كانت حالة حبيبها أسوأ من أي وقت مضى. واختفى الثنائي لمدة خمسة أشهر، وبالنسبة إلى ستريب، فقد قررت: لا مزيد من العمل، واختارت البقاء مع شريكها فقط. فقد كان مرضه قد تفشّى في العظام، وكان ضعفه يزداد. وهي كانت ترافقه بكل موعد إلى الطبيب، وكل جلسة علاج إشعاعي ولم تفقد الأمل قط.

وبحسب “شولمان”، “لطالما كانت “ستريب” شخصاً متفائلاً ومثابراً وقوي الإرادة. بحيث يقول: “أعتقد أنها كرّست روحها وقوتها للاعتناء به. لم تكن من النوع الذي يخلق دراما أو يحاول لفت الإنتباه. كانت تركّز كل قواها على فعل ما ينبغي القيام به “. لاحقاً قالت ستريب إنّ الوقت الذي أمضياه معًا، بعيداً عن العالم، أعطاها نوعًا غريباً من الحماية. “كنت قريبة جداً، ولم ألاحظ التدهور”.

وهي كانت تثق بعدد قليل جداً من الناس، فكتبت إلى معلّمة المسرح القديمة، التي كانت تدرّسها في جامعة ييل، بوبي لويس، عن حالتها العاطفية الحقيقية. فتضمّنت رسالتها: “حبيبي مريض بشكلٍ رهيب، وهو في المستشفى الآن. هو يتلقّى عناية جيدة جداً وأنا أحاول ألا أقف حوله، وأنا أفرك يديّ حزناً، لكنني أشعر بالقلق طوال الوقت، وهو أمر مرهق ذهنياً وجسدياً وعاطفياً أكثر من أي عمل قمت به من قبل.”

الوداع الأخير
في أوائل شهر مارس من العام 1978، دخل “كازال” مركز أمراض السرطان ميموريال سلون كيترينج. ولم تفارقه ستريب لحظة. وفي 12 مارس 1978، في الساعة الثالثة فجراً، نقل طبيبه إليها الخبر السيئ: “لقد رحل!”

ووفقاً لشولمان، ” لم تكن ميريل مستعدة لسماع ذلك، ولا تصديقه. ما حدث بعد ذلك، حسب بعض التقارير، كان تتويجاً لكل أمل عنيد احتفظت به ميريل خلال الأشهر العشرة الماضية. ووفقاً لأقوالها، ضربته بقوة على صدره، منتحبة، وللحظة وجيزة ومرعبة، فتح جون عينيه، وقال لها بضعف كبير: لا عليك يا ميريل… لا عليك”، ثم أغمض عينيه ومات. وأول مكالمة أجرتها ستريب كانت لشقيق كازالي، ستيفن، وكانت تبكي خلالها، مردّدة: “لقد حاولت”.

في تلك السنة، حققت ستريب نجاحاً بعد نجاح: حصلت على جائزة إيمي عن “Holocaust”، وتمّ ترشيحها لنيل جائزة أوسكار عن “صائد الغزلان”، وأعطيت دوراً مهماً رسم حياتها المهنية في العام 1979 في “كرامر ضد كرامر” – الذي نال جائزة أوسكار- كما حصلت على دور كيت في The Taming of the Shrew لشكسبير، تحوّلت إلى نجمة.

لكنّ وفاة “كازال” ومعاناتها الخاصة، قد غيّرتاها كشخص وكممثلة. فقد كان لديها تفسير جديد ومختلف لـ”كيت”: لم تكن امرأة مستقلة سيحطّمها رجل، بل شخصاً يعرف شعور الإرتياح العميق الذي ولّده تكريس نفسه للحب.

آنذاك صرّحت ستريب لأحد الصحافيين: “ما أقوله هو إنني قد أفعل أي شيء من أجل هذا الرجل”. وأضافت: “هل ستكون هناك مشكلة عاطفية إذا كانت أمّاً تتحدث عن ابنها؟ الخدمة هي الشيء الوحيد المهم في الحب. الجميع يشعر بالقلق حول “فقدان نفسه” – كل هذه النرجسية تمنعنا من أداء الواجب. لكنّ الواجب قد يكون درعاً ترتديه لتحارب من أجل حبك “.وبالنسبة إلى كل إنجازاتها في وقت لاحق – 20 ترشيحاً لجوائز الأوسكار، أكثر من أي ممثلة في التاريخ، وثلاثة انتصارات – والجدير بالذكر هو أنّ أصدقاءها وزملاءها الممثلين يقدّرونها بسبب إخلاصها الشديد لـ”كازال”، وقوة الشخصية التي أظهرتها كامرأة شابة. حيث قال “باب” إنّها “اهتمّت به وكأنّ لا أحد سواه على الأرض. لم تخنه يوماً في حضوره وحتى في غيابه”. وقد وافقه “آل باتشينو” الرأي: “عندما رأيت تلك الفتاة معه بهذا الشكل، فكّرت أن لا وجود لأمر مماثل… وهذا هو ما يخطر في بالي حين أفكّر فيها، مهما بلغت مهارتها في عملها”.


---------------------------------------------------
المصدر : جريدة سبر 

العلامات في المسرح الإغريقي

مجلة الفنون المسرحية

العلامات في المسرح الإغريقي

أحمد شرجي 

عرف أرسطو المأساة بأنها "محاكاة فعل نبيل تام، لها طول معلوم، بلغة مزودة بألوان من التزيين يختلف وفقاً لاختلاف الأجزاء، وهذه المحاكاة تتم بواسطة أشخاص يفعلون، لا بواسطة الحكاية، وتثير الرحمة والخوف فتؤدي إلى التطهير من هذه الانفعالات"( أرسطو، فن الشعر، ص 18)، وعليه فإن جوهر المأساة هو الفعل Action أو مجموعة الأفعال، وهي التي تقود الحكاية، بوساطة أشخاص/ شخصيات، حتى تصل إلى الهدف الذي وجدت من أجله وهو التطهير Catharsis.  

بمعنى آخر ارتكزت المأساة على العلامات السيمانطيقية، وأهملت كل ما يحول دون سيادة الملفوظات الدلالية داخل العرض، من أجل إيصاله للمتلقي. والفعل/ الأفعال يكون بمثابة الوحدة الكبرى في التراجيديا Tragedy، وهذا يتجلى أيضا باختصارها للحدث بوحدة زمكانية واحدة. 
والشخصيات ليست سوى علامات إعلامية لترسيخ الفعل/ الحدث، مع الإشارة إلى أنه ليست الشخصية هي المهمة، بل فعلها. ففعل ارتكاب أوديب للخطيئة: قتله لأبيه وتزوجه أمه وإنجابه منها، هذه الأفعال ضد الإرادة الإلهية، وهذا ما تريد أن تصل إليه المأساة، لأن ما قام به أوديب أفعال رذيلة، حتى لو كان خطأ غير مقصود، وإذا كان مقصودا كما في مسرحية بروميثوس مقيداً عندما سرق النار وأنزلها إلى الأرض. فهو أيضا تجاوز للإرادة الإلهية، ومن ثمّ يصبح الهدف جليا من الفعلين (فعل أوديب، وبروميثوس)، ما يساعد المتلقي ليستمد الحكمة والموعظة منهما. وما يهمنا في هذه الأفعال هو كيفية تجسيدها، حيث كثرة الشخصيات التي تقوم بالأفعال، وكل ذلك يتجسد عن طريق الأقنعة، لا شخصيات قائمة بذاتها (ممثلين)، بل الأقنعة هي التي تشير إليها، والممثل ليس سوى الحامل لعلامة الشخصية القناع Mask، إذ هو الثابت الوحيد في حين الأقنعة/ الشخصيات متغيرة. 
يشكل الفعل العلامة الكبرى في المسرح الإغريقي، لأن المأساة تحاكي الأفعال، والأفعال تكمن في الحوار المسرحي الذي استندت إليه الدراما الإغريقية بشقيها المأساة والملهاة، وهذا ما يؤكده أرسطو بقوله: إن "قوة المأساة تظل حتى من غير مشاهدين ومن غير ممثلين"(  نفسه ،ص 21). 
وفي ضوء ذلك يكون النص الدرامي القوة التي ترتكز عليها المأساة، وبهذا فليس من الضروري تجسيدها، بل بقراءتها أيضا، يتم إنجاز هدفها بتوعية الآخر، عبر تبنيه الابتعاد عن تلك الأفعال التي تقف ضد الإرادة الإلهية؛ ولعل هذا من أهم الأسباب التي دعت الدراما الإغريقية ألا تعطي أهمية للعناصر المسرحية الأخرى، حتى تظل العلامات اللغوية متحكمة في الخطاب المسرحي. وهذا ما يؤكده تركيب النص، فالحبكة Plot تتكون من حدث واحد وليست مجموعة أحداث. من أجل عدم التداخل بالأحداث والموضوعات، ومن ثمّ منع تقويض الهدف الجوهري، أي التطهير. وكل الشخصيات/ الأقنعة، تعمل من أجل تعميق الهدف المأساوي الواحد، ولا تحيد عنه، في وقت يجب أن يبقى الفعل مركز الحدث، متسلسلا، متحد الحلقات لا يتجزأ، حتى لا ينفرط عقد (كليته ووحدته) أو يتزعزع كما يقول أرسطو. ولابد من وقفة تنبيه هنا على أن استخدامنا مصطلحي الشخصيات/ الأقنعة بهكذا ثنائية أو ازدواج هو بقصد التنبيه على علاماتية الشخصية (الدور) من جهة تعبيرها عن الحدث وتجسيده وعلى الصلة التعبيرية للأقنعة من جهة كونها أداتنا في متابعة الشخصيات بوصفها دوالّ أو علامات بعينها. 
سيميولوجياً ، يمكننا تلمّس حقيقة أنّ المسرح الاغريقي قد شهد سيادة الملفوظات الدلالية على العناصر الأخرى في العرض المسرحي، على الرغم من أن نشأة التراجيديا كانت قد جاءت من الديثرامب Dithyrambe والرقص إلا أن الأناشيد [الملفوظات] بقيت مادته الأساس. وربما كان أمر سيادة الخطاب الديني في التراجيديا اليونانية هو ما حال دون إبراز العناصر الأخرى... 
 لهذا ارتكزت التراجيديا على ثلاث وحدات Three Unities أساسية هي: (الفعل، الزمان، المكان)، وقسمت الشخصيات إلى أخيار وأشرار. والمحاكاة فيها، هي محاكاة للأفعال وليس للأشخاص، وتتركز على ما تحدثه تلك الأفعال من آثار نفسية عند الجمهورPublic، ببلوغ فعل (التطهر/ التطهير) عن طريق الأفعال الدنيئة التي تقف ضد الإرادة الإلهية، وهذا ما يؤكده أرسطو: "كان المحاكون إنما يحاكون أفعالاً، أصحابها بالضرورة إما أخيار أو أشرار"(نفسه، ص7-8). 
وهذا هو جوهر التراجيديا، منذ ممثلها الأول ثيسبس Thespis الذي كان يمثل شخصيات تاريخية أو أسطورية محاورا الجوقة، لإيصال الخطاب اللغوي.. وعندما كان الممثل الواحد كانت الوسيلة الوحيدة لإيصال الخطاب اللغوي هي القناع، الذي يمنحنا فرص اللقاء بتعدد الشخصيات داخل النص، فهو المصدر الوحيد لتمييز الشخصيات، وليس الممثل، إذ ان الممثل مجرد حامل للشخصية/ القناع، بعبارة أخرى بوصفه جسدا للقناع. فإنّ ما وصلنا هي الأقنعة، بوصفها شخصيات، ولا نستدل على أية إشارة عند أرسطو تشير إلى الممثل، أو التمثيل، بل بمقابل ذلك نجد إشارات كثيرة إلى الأقنعة وتعددها، وإلى وظيفتها، إن كانت داخل المأساة أم الملهاة. 
لقد اندمجت شخصية الممثل مع شخصية الشاعر/ المؤلف، منذ عهد ثيسبس، كأول ممثل محترف، فلقد كان شاعراً إلى جانب كونه ممثلا، يؤدي ما ينظمه، فيما كان قبل ذلك الكورس هو من يجسد كل أحداث التراجيديا بمفرده. لقد جاء دخول ثيسبس ممثلا منفصلا عن الكورس، من أجل إراحة الكورس. كذلك ميز قائد الكورس من خلال القناع.. وبهذا [أي بدخول ثيسبس] يكون أول ظهور للممثل/ العلامة، وإن كان يتخفى خلف أقنعة ­ شخصيات متعددة، يفرضها الحدث... 
 أما مسألة اندماج شخصية الممثل/ الشاعر المؤلف، فلم تقترن بثيسبس لوحده، بل كانت الأرضية التي تأسست عليها الدراما الإغريقية. لأنها في الأصل جاءت بوصفها مسابقة للشعراء، لأنه "...على الشاعر، عند النظم، أن يكون، قدر الإمكان، ممثلا. فمن خلال التعاطف الطبيعي يكون الأكثر إمتاعاً وتأثيراً أولئك الذين هم تحت تأثير العاطفة الحقيقية" (كول توبي، شينوير، هيلين كريش، الممثلون والتمثيل تاريخ التمثيل، ص 34). ولهذا نجد تركيزا شديداً على عملية الإلقاء، وإظهار المشاعر لاستثارة الحس العاطفي للمتفرجين، ودور قائد الجوقة، ما هو إلا دور لتفعيل حالة الحوار، الحوار بين سائل ومجيب "ففي المسرح اليوناني حيث كان النص هو الأساس، والمهارة اللفظية هي المعيار في نجاح الممثل، كان الممثل يُسمى Hipoknites ­ الذي يُجيب"( إلياس، ماري، حسن، حنان قصاب، المعجم المسرجي: مفاهيم ومصطلحات المسرح وفنون العرض، ص 47(، لكسر الرتابة في عملية التقديم. 
 وهذا ما أنجزه لاحقا أسخيلوس Eschyle بإضافة الممثل الثاني، ليحول المسرحية إلى وضوح في إبراز الصراع بين الطرفين، وذلك " ليجعل مسرحياته أقل جموداً، لكي يجعل الحبكة المملة تتحرك أفقيا على مستوى الحدث ورأسياً على مستوى الإثارة، فالممثل الثاني يأتي بأخبار طازجة ­ كما فعل (داريوس) وكما فعل الجاسوس في مسرحية سبعة ضد طيبة Seven Against Thebes = Septem، أو يقدم أوجها مختلفة للموقف بالنسبة للبطل­ كما فعل (أوقيانوس) و(إيو) في مسرحية برومثيوس Prometheus (460 ق.م)( ديور، إدوين، فن التمثيل من الآفاق والأعماق، ص 40).  إنَّ حال التداخل في شخصية الممثل/ الشاعر المؤلف التي رافقت مسيرة كل من ثيسبس وأسخيلوس، ستشهد تحولا كبيرا مع سوفوكلس Sophcle، بفكه ذلك التداخل والاندماج، بعد أن فصل التمثيل عن التأليف، وكذلك بتقديمه الممثل الثالث. وهكذا يكون سوفوكلس "قد تنازل عن حق الشاعر في الظهور في عروضه وخرج من تعداد الممثلين وترك التشخيص للمحترفين الذين أصبحوا آنذاك أكثر عدداً وكفاءة"( نفسه،ص 48)، ويرجع ذلك إلى قدرة سوفوكلس ويوربيديس التمثيلية التي لا يمكن مقارنتها مع أسخيلوس الذي يتمتع بمواهب كثيرة فهو "المؤلف، البطل المسرحي، المخرج، غورغراف ومصمم المناظر وكل هذه الوظائف، إضافة إلى موهبته العالية هي التي أعطته قوة بالمقارنة مع سوفوكلس الذي كان ممثلاً ضعيفاً وكذلك يوربيديس"( B. hunning , De opkomst van modern theater, van traditie tot experiment, ,P 2)، وطبعا جاء ذلك الضعف لصالح الممثل والتمثيل لاحقا. وعلى الرغم من هذا التحول والتطور الكبير على مستوى التمثيل (تعدد الشخصيات داخل العرض)، ظل القناع/ الشخصية ملازما لوجه الممثل، فهو العلامة الأكثر حضوراً داخل المسرحية من جهة تميز شخصية من أخرى، ولم يذكر لنا تاريخ المسرح الإغريقي، عن ممثل قام بتجسيد شخصية واحدة طوال العرض المسرحي، بل إنه عادة ما كان يجسد من ثلاث الى أربع شخصيات في العرض المسرحي الواحد، عن طريق تعدد الأقنعة/ الشخصيات. 
 يتبع

----------------------------------------
جريدة المدى 

مسرح عالمي: المسرح الوثائقي.. ضرورة في عالمنا المتنوع اليوم

مجلة الفنون المسرحية

 المسرح الوثائقي.. ضرورة في عالمنا المتنوع اليوم

كان لديَّ الكثيرً من الأسئلة في أميركا ما بعد الانتخابات، تقول الكاتبة والممثلة ميليس بيرغستروم في مقالها هذا: ماذا يعني أن تكون فناناً في عام 2017؟ كيف نمضي قُدماً في ما يجاورنا، وفي مجتمعاتنا، والبلد بوجهٍ عام؟ كما أنني أحاول أن أتصور كيف أتعامل مع مشاعري المتعلقة بالعجز الفني، ماذا يمكنني أن أفعل؟ هل سيكون ذلك كافياً؟ كيف نتلاعب بتقاليد المسرح، بينما نحن نبحث أيضاً عن طرق جديدة ليكون ذلك أكثر فطنةً في عالم متسارع الحركة؟
في وقتٍ تبدو النزعة فيه هي التعميم، والنشر، وتشاطر العناوين الرئيسة من دون تمحيص، والتجمع معاً، وتكوين افتراضات، فإننا نحتاج إلى الجرأة لنسرد قصصاً فردية، معقدة، وذات فروق دقيقة. والقوة هنا لا تكمن في امتلاك أجوبة، وإنما في كوننا راغبين في طرح أسئلة. وفي الوقت الذي ظل فيه المسرح الوثائقي لمدة طويلة شاطئاً مهماً للعالم المسرحي، فإننا نعيش الآن في وقت يكون فيه هذا المسرح ضرورة لأنه مصمَّم لإثارة أسئلة والغوص عميقاً، حيث ما من شيء بسيط هناك. 
ويمكنني القول إن القصص الجيدة، تلك التي تلهم الارتباط، والحقيقة، والفعل action ، هي ما يحتاج أن يكون محدداً. والمسرح الوثائقي مصمَّم لأوقات كهذه. وقد قمت، من أجل مشاريع متنوعة، بإجراء مقابلات مع عوائل عسكرية، أناس ينتظرون الحافلة، مهاجرون يشرحون ما يعنيه الحلم الأميركي لهم. وفي كل مرة، كنت أصل هناك ولديّ افتراضاتي الخاصة بشأن ما سوف أسمع. فكان كل واحد منهم يشتّت أفكاري عمن يمكن أن يكون وأية قيَم يعتز بها، بصرف النظر عن العنصر الذي ينتسب إليه، أو الجنس، أو العرق، أو الانتماء الديني، أو الحزب السياسي. فكل إنسانٍ محدد في مواصفاته ويجب علينا أن نسرد القصص التي تُقر وتحتفي بهذا التفرد. وهذا التحديد النوعي هو أملنا الوحيد للتواصل، والتعايش، وكسر الحواجز التي تفصل بيننا. 
ولا يتطلب المسرح الوثائقي منا أن نقدم أجوبة، وإنما أن نطرح أسئلة فقط. وباعتباري فنانة مسرح وثائقي، فإنني بدأت من دون أية أجندة، عدا أن أكون ببساطة محبة للاستطلاع وراغبة في الاستماع. وتلك هي الخطوة الأولى، وربما الهدف النهائي أيضاً. فنحن لا ندخل في هذا العمل لنبرهن على وجهة نظرنا عن طريق استغلال قصص الآخرين، بل لنطرح أسئلةً ومن ثم نستمع، في واقع الحال. والقصص التي نسمعها سوف تساعدنا على تكوين خريطة يمكن أن نظل على هديها سائرين في هذا العالم، وباقين على حبنا للاستطلاع و متفتحي العقول في سيرنا. وإذا ما جعلنا هذا الفضول المستمر يُثري رحلتنا بالمعرفة، فإننا نكون عندئذٍ متوجهين على الدوام في الاتجاه السليم، حتى لو لم نصل إلى مقصدنا أبداً. 
عندما تسأل شخصاً ما سؤالاً في مقابلة ثم تعطيه فسحة من الوقت للإجابة، يحدث شيءٌ ما سحري. فالناس غير معتادين على أن يعطيهم الآخرون فرصةً ليشاطروهم قصتهم، من دون أحكام أو شروط ملحقة. وحين أبدأ مقابلتي مع شخص، فإنه غالباً ما يقول، " إنني سعيد لإخبارك بقصتي. إنها ليست مهمة جداً، لكن ... " ولا يرى كثير من الناس أن ما عليهم قوله شيء له قيمته في سياق أكبر، والمسرح الوثائقي يدعنا نعرف أننا جميعاً لدينا شيءٌ ما نُسهم به، وأن خبراتنا لها معنى. فكم هو مدهش أن نقدم هدية الاستماع هذه لأكبر عدد نستطيعه من الناس؟     
لقد أقمتُ المسرح الوثائقي مع " فرقة الزوار الدائمين المسرحية " وطلاب مدرسة ثانوية وكلية، وشاطرتُ بعض المعلمين التقنيات عبر حقول أكاديمية. ولم يكن هناك نقص في الأشخاص الراغبين في إجراء مقابلة معهم، ولا في فضول المكوّنين لهذا المسرح. وهو مسرح قليل التكلفة، وعالي التأثير، ويرتقي بالتعاون بين فروع المعرفة، والأوساط الاجتماعية، وما نرى أنها كينونة " فنية " وكينونة " غير فنية ".  
والمسرح الوثائقي يدعو جمهوراً واسعاً سعةَ المقابلات نفسها. وأنا على الدوام أدعو الذين أقابلهم والوسط الذي ينتمون له لمشاهدة الانتاج المسرحي المكتمل، وإنشاء هذا النوع من الجمهور الموسَّع هو أحد أفضل الأمور التي على المسرح الوثائقي أن يقدمها. فغالباً ما يكون أولئك الذين تحري مقابلتهم رواد مسرح غير منتظمين، ويجعلنا ذلك أغنى بحضورهم. ولا أحد يحب أن يجري الحديث عنه وكأنه غير حاضر. وحين نجعل المسرح مكوناً من قصص حقيقية، فإن الأشخاص الحقيقيين وراء هذه القصص ييتجمعون وتكون لهم هكذا قوة.
إن سماع وإعادة سرد هذه القصص لا يكلفنا إلا القليل. أما ثمن سد أسماعنا عن سمفونية الخبرات البشرية هذه، فيمكن أن يكلفنا قدان نوع العالم الجدير بالعيش فيه. والمسرح الوثائقي يتحدانا بطرح أسئلة عن الناس خارج خبرتنا نحن، واكتشاف الأرضية المشتركة، والإقرار بما لا نتفق عليه. وقد حان الوقت لمد أنفسنا ومهنتنا وإعطاء صوت لهذه القصص التي لا تحكى في الغالب، وبذلك نجعل من المسرح نموذجاً للكيفية التي تستطيع بها بقية العالم اختراق غرفة الصدى وتوسيع آفاقها.
وقد أوردت آن بوغارت في كتابٍ لها حكاية نادرة للكاتبة المسرحية مورغان جينيس. فقد سألت الكاتبة ذات مرة الأم تيريزا عما يمكنها فعله للمساعدة على إطعام الجياع في الولايات المتحدة، خشيةَ ألا يكون المسرح كافياً لتوفير مثل هذه المساعدة. فكان رد الأم تيريزا، " هناك مجاعات كثيرة. ففي بلدي هناك مجاعة البدن. أما في بلدكم فهناك مجاعة الروح. وتلك هي التي يتوجب عليكم إطعامها "!

---------------------------------------------------------
المصدر :  المدى -  ترجمة :عادل العامل عن  Artsjournal

الثلاثاء، 7 مارس 2017

إيحاءات بيرانديلو في مسرحية "الملزمة"

الاثنين، 6 مارس 2017

'موت دانتون' مسرحية تزيل الأقنعة أمام حتمية الموت المعلن

مجلة الفنون المسرحية

'موت دانتون' مسرحية تزيل الأقنعة أمام حتمية الموت المعلن

ابو بكر العيادي 

بعد “جان المحظوظ” و”بعل” لبريخت، و”شبيبة دون ربّ” لفون هورفات، أقبل المخرج فرنسوا أورسوني على نص للألماني جورج بوشنر الذي تتسم أعماله مثلهما بالبحث عن الحقيقة والكتابة المسرحية المباشرة، هذا النص هو “موت دانتون” وقد ألفه بوشنر ليسلط الضوء على حلقة صاخبة من الثورة الفرنسية، جرت على بعد أمتار من مسرح “الباستيل” حيث تُعرض الآن.

لم يترك الألماني جورج بوشنر (1813-1837) سوى قصة قصيرة ومقالة هجائية وثلاث مسرحيات كانت تنبئ بنبوغه، ولكن الموت لم يمهله كي يتم مشروعه، إذ توفي ولم يتمم بعد عامه الرابع والعشرين، ورغم ذلك استطاع أن ينقش اسمه بأحرف من ذهب في سجل الأدب الكوني، وأن يكون من الأعلام الخالدين في ألمانيا، حتى أن أهم جائزة أدبية هناك تحمل اسمه.

والفضل يعود في جانب منه إلى مسرحيته الأولى “موت دانتون” التي تُعرض حاليا على مسرح “الباستيل” الباريسي، والتي تناولت إحدى الشخصيات الهامة في الثورة الفرنسية، ونعني بها جورج دانتون (1759-1794) الذي اختلف حوله المؤرخون، وإن اتفقوا على ظروف محاكمته وخصومته مع بطل آخر من أبطال الثورة الفرنسية هو روبسبيير، الذي أرسل رفيقه إلى المقصلة في 5 أبريل عن أربع وثلاثين سنة. ومما يروى أن دانتون صاح والعربة التي تقوده إلى المقصلة مارّةٌ أمام بيت خصمه “روبسبيير، أتتبعني! سيُهدم بيتك! وسيرشّ في مكانه الملح!”، وكأنما حدس أن خصمه لاحقٌ به لا محالة، إذ لم يأت يوم 28 يوليو من نفس العام حتى كان روبسبيير يقاد بدوره إلى المقصلة.

مئتان وثلاث وعشرون سنة إذن تفصلنا عن الأيام التراجيدية التي أعدم فيها جورج دانتون وروبسبيير وأصدقاؤهما، بعد أن التهمتهم ثورة قدحوا زنادها ثم صاروا وقودها، ثورة أشعّت على كامل أوروبا، وهزّت طغاتها، وأنارت للشعوب الخاضعة شموع الأمل.

وكشاب تأسف لإجهاض تلك الثورة العارمة وتألم لمصير أبطالها، بنى بوشنر مسرحية “موت دانتون” متخيلا الأبطال، بعد أن جُرّدوا من مناصبهم واقتيدوا إلى السجن، وهم يواصلون الكلام والنقاش والمواجهة، ليكشف دواخل أبناء الأنوار بعيدا عن الكليشيهات البطولية، وهو ما ركّز عليه مخرج المسرحية فرانسوا أورسوني، فما يهمه في المقام الأول، هو كشف الجوانب الحميمة، تلك الاضطرابات الإنسانية العميقة التي تنتاب أولئك الذين سيموتون، ونحس بقربهم منا في تلك اللحظات التي تزول فيها الأقنعة أمام الموت المعلن.

في هذه التراجيديا يُشرّح بوشنر الثورة الفرنسية، ويرسم بدقة الانتشاء الذي استولى على الرجال والنساء، وعنف الصراع على السلطة، وقوة الشعب التي تجعل الثورة ممكنة، وبؤسه الذي يجعلها متغيرة لا تستقر على حال.

بوشنر يخلق في المسرحية شكلا شاعريا وسياسيا يفرض على المتفرج النظر إلى رجال الماضي عبر أسئلة الحاضر
المسرحية كتبها بوشنر على عجل، في خمسة أسابيع، ولم يتخطّ بعد عامه الثاني والعشرين، لأن بوليس إمارة هيسه كان يراقبه، بعد أن أصدر مقالة نارية عدّها غليوم الثاني ثورية.

وفي هذه المسرحية، يتمرد الشاب بوشنر على مثالية شيلر وغوته ليبتكر مسرحا جديدا، تجريبيا، في لغة تتقد إدهاشا وحيوية، إذ يدمر من الداخل ما كان يمكن أن يتحول إلى مجرد مسرح توثيقي، ليخلق شكلا شاعريا وسياسيا يفرض على المتفرج أن ينظر إلى رجال الماضي عبر أسئلة الحاضر.

تبدأ المسرحية لحظة توجيه التهم، ولا ندري هل كان دانتون وقتها يعتقد حقا أن حسن طالعه سينجيه، أم أنه كان مقتنعا بالمآل المحتوم الذي سيقوده إلى المقصلة؟ هناك حيث أُرسِلَ عددٌ من المساجين، وهناك أيضا حيث سينتهي متّهموه، بدءا بروبسبيير، وقد ساقهم جميعا إلى الموت منطقُ تطهيرٍ جنونيٌّ ذو نسق متسارع.

لا يصدر بوشنر أحكاما قاطعة، ولا يقدم دروسا، ولا يقع في الإيجاز المخل، بل يعرض تعقّد الوضعية التاريخية، حيث يلتقي رجال تجرؤوا على رفع أيديهم ضد الملكِ خليفة الله في الأرض، وضدّ قارة أوروبية معادية، وتحملوا تبعات أعمالهم أمام تاريخ لم يقدّم لهم كتيبا في “طريقة الاستعمال”.

ومن ثَمّ يشاهد الجمهور الذي لا يفصله عن الخشبة حاجزٌ الجدلَ الحامي الذي يلي كل المراحل الثورية، حين يصبح صدام الضمائر والاختيارات والترددات والخيانات أمرا واقعا، ولنا أن نتصور كيف طبعت تلك الأحداث، بملمحها الدرامي وتحديها لعظام تلك المرحلة، الذاكرةَ الجمعية، وكيف خلقت هوية وطنية، وخطّت سردية لم يكتب بعدُ على صفحتها أي شيء، حتى وإن أوهمنا بوشنر بأن ماكنة ساحقة كانت قد بدأت تدور وتفرم بلا رحمة.

“موت دانتون” تحوم حول الجدل البلاغي، مع إحالات على الجمهورية الرومانية، وتضع المتفرج مباشرة في حمّى الفعل، حيث باريس موطن رعب يأتي الموت فيه من كل صوب، بسبب كلمة، أو سلوك، أو لباس لا يرضي.

في هذا الجو المتوتر، يلوح دانتون كرجل لا يريد أن يواصل الصراع، لا يني يردد بينه وبين نفسه أنهم “لن يجرؤوا”.

ولكن الآلة الجهنمية كانت قد انطلقت تعمل بلا هوادة، فتجر معها دانتون ورفاقه من الصالون إلى الغرفة، ومن الرواق إلى الزنزانة، ومن الزنزانة إلى المقصلة، والمسرحية أشبه بنشيد غنائي طويل يرافق الشخصيات في انحدارهم، حيث سيواجهون الموت، الذي ابتدعوه هم أنفسهم.

--------------------------------------
المصدر : جريدة العرب 

الخميس، 2 مارس 2017

مكسيم غوركي الفيلسوف

مجلة الفنون المسرحية

مكسيم غوركي الفيلسوف 

حلت يوم أمس ذكرى رحيل الأديب الروسي الكبير مكسيم غوركي عام 1936، وهو كاتب روسي مواليد 1868، يعد مؤسس المدرسة الواقعية الإشتراكية في الأدب،
بالإضافة إلى كونه ناشطا سياسيا اسمه الحقيقي أليكسي مكسيموفيتش بيشكوف، أصبح يتيم الأب والأم وهو في
التاسعة من عمره، فتولت جدته تربيته، وكان لهذه الجدة أسلوب قصصي ممتاز،
مما صقل مواهبه القصصية
أليكسي مكسيموفيتش بيشكوف(بالروسية: Алексей Максимович Пешков) ويعرف بمكسيم غوركي (Максим Горький)؛ (28 مارس 1868 - 18 يونيو 1936)، أديب وناشط سياسي ماركسي روسي، مؤسس مدرسة الواقعية الاشتراكية التي تجسد النظرة الماركسية للأدب
حيث يرى أن الأدب مبني على النشاط الاقتصادي في نشأته ونموه وتطوره، وأنه
يؤثر في المجتمع بقوته الخاصة، لذلك ينبغي توظيفه في خدمة المجتمع. ولد في نجني نوفجراد عام 1868 ، وأصبح يتيم الأب والأم وهو في التاسعة من عمره، فتولت جدته تربيته, وكان لهذه الجدة أسلوب قصصي ممتاز، مما صقل مواهبه القصصية. وبعد وفاة جدته
تأثر لذلك تأثرأ كبيراً مما جعله يحاول الانتحار. جاس بعد ذلك على قدميه في أنحاء الإمبراطورية الروسية, لمدة خمس سنوات غير
خلالها عمله عدة مرات, وجمع العديد من الانطباعات التي أثرت بعد ذلك في
أدبه. تعنى كلمة جوركى باللغة الروسية "المر" وقد اختارها الكاتب لقبا مستعارا له من واقع المرارة التي كان يعانى منها الشعب الروسى تحت الحكم القيصرى والتي شاهدها بعينه خلال المسيرة الطويلة التي قطعها بحثا عن
القوت ، وقد انعكس هذا الواقع المرير يشكل واضح على كتاباته وبشكل خاص في
رائعته "الأم".
كان صديقاً لـ لينين الذي التقاه عام 1905 م توفي ابنه مكسيم بشكوف عام 1935 م, ثم توفي هو في 18 يناير 1936م في موسكو, وسط شكوك بأنهما ماتا مسمومين. سميت مدينة نجني نوفجراد التي ولد فيها باسمه "غوركي" منذ عام 1932م حتى عام 1990م.
رواية الأم.
رواية الطفولة.
مسرحية الحضيض.
قصيدة "انشودة نذير العاصفة".
الطفولة 1913-1914
الأعداء؛دراما؛1906
جامعاتي 1923
بالإضافة للعديد من المسرحيات والقصص والمقالات. 
تعنى كلمة جوركى باللغة الروسية "المر" وقد اختارها الكاتب لقبا مستعارا
له من واقع المرارة التي كان يعانى منها الشعب الروسى تحت الحكم القيصرى
والتي شاهدها بعينه خلال المسيرة الطويلة التي قطعها بحثا عن عمل بعد وفاة
جدته والتي صدم برحيلها، وقد انعكس هذا الواقع المرير يشكل واضح على
كتاباته وبشكل خاص في رائعته "الأم".
عارض علنا النظام القيصري، واعتقل مرات عديدة، وصادق عديد من الثوريين
ليصبح صديق لينين الشخصي بعد لقائهما عام 1902، توفي ابنه مكسيم بشكوف عام
1935 م، ثم توفي هو في 18 يناير 1936م في موسكو، وسط شكوك بأنهما ماتا
مسمومين.
من أهم اعماله: رواية "الأم"، رواية "الطفولة"، مسرحية "الحضيض"، سيرته
الذاتية في ثلاثة أجزاء بعناوين: "طفولتي، بين الناس، جامعيتي"، بالإضافة
للعديد من المسرحيات والقصص والمقالات.
من مقولاته الشهيرة ..
- تبدو السعادة دائما صغيرة عندما تمسكها في يديك، لكنك إذا تركتها أدركت فورا كم كانت كبيرة وغالية.
- عندما يكون كل شيء سهلا يصبح المرء غبيا بسرعة.
- الأمهات هن فقط القادرات على التفكير في المستقبل لأنهن ينجبنه من خلال أطفالهن.
- كن طيبا وكريما وإنسانيا، وأحب رفاقك، وواس المكلومين، وسامح الذين أذنبوا في حقك.
- الطيب قد يكون أحمقا وطيبا في نفس الوقت، أما الشرير فيجب أن يكون ذكيا.
- الفلسفة ضرورية لأن كل شيء له معان مخفية يجب علينا معرفتها.
- الكثير من المؤلفين المعاصرين يشرب من الخمر أكثر مما يكتب.
- عندما يكون العمل متعة تكون الحياة مبهجة، أما إذا كان واجبا تكون عبودية.
- قافلة الماضي لن تصل بك إلى أي مكان.
- يجب أن تكتب للأطفال بنفس الطريقة التي تكتب بها للكبار، لكن بمستوى أفضل.
- كلما ذاق المرء المزيد من المرارة زاد جوعه لمباهج الحياة.
- ليس شرطا أن تشفي الحقيقة روحا مجروحة.
- جئت إلى العالم لكي أحتج.
- إن اليوم الذي لا يمر بك دون أن تعرف فيه شيئا أو تكشف في نفسك جديدا ،
اعلم انك لم تعش فيه ، وان جزءا من حياتك قد ضاع منك إلى الأبد .
- من العظماء مَن يشعر المرءُ في حضرتهم بأنه صغير، ولكن العظيم بحق، هو الذي يشعر الجميع في حضرته بأنهم عظماء.
- فتشوا دائما عن الحقيقة، ودافعوا عنها ولو تكلفكم حياتكم، إذ إن أولادك سيعيشون بعدكم سعداء.
- لن تتمكنوا من إغراق الحقيقة في بحار الرماد ، انتم مجانين ، بذلك لن تجلبوا سوى النقمة عليكم ، ويتفاقم الحقد ، حقد الشعب القوي .
- لن تستطيعوا مهما فعلتم أن تقتلوا روحا بعثت من جديد
- لا يمكن أن يخنق العقل بالدم
- الأمم القوية واأسفاه لا تستعمل قوتها إلا لإخضاع الأمم الضعيفة،
والمعرفة السامية في الأمم المرتقية هي واسطة لامتلاك مقتنيات الأمم
المظلومة.
- إن الطريقة الطبيعية في الكتابة هي أسمى في شرعي من الرومانسية أو خلافها، لأنها تبين الأفكار والعواطف عارية من أثواب التكلف.
- أبدا لم ينتزع الألم لجسدي مني الدموع فإذا ما أهرقتها مرة كان والدي يضحك من عبراتي.
- في طفولتي أصور نفسي كخلية نحل، وضع فيها مختلف الأشخاص البسطاء
العاديين مثلما النحل عسل معارفهم وأفكارهم عن الحياة. وأثروا روحي بسخاء
كل بما استطاع . وكثيراً ما كان هذا العسل قذراً مراً، ولكن كل معرفة هي
مع ذلك عسل.
- الإنسان مصدر كل تعليم وعلم، وما يعلمك إياه الناس يأتيك في ألم و قسوة
أكثر مما تعلمك الكتب. علم الناس جاف مؤلم. ولكن العلم الذي يأتيك على ذلك
الشكل هو الذي تبقى جذوره راسخة.

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption