أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات مسرحية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات مسرحية. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 24 مارس 2023

الملحمية وتداعياتها في المسرح البرشتي

مجلة الفنون المسرحية


الملحمية وتداعياتها في المسرح البرشتي

أحمد خميس ورِياح الحساسية الجديدة للنّقد .

مجلة الفنون المسرحية
الناقد احمد خميس


أحمد خميس ورِياح الحساسية الجديدة للنّقد .

السبت، 11 مارس 2023

مراحل الحزن في مونودراما زَيْزَفْ لـ عادل البطوسى/ د. أحلام عبدالرحيم علي ـ مصر

مجلة الفنون المسرحية


مراحل الحزن في مونودراما زَيْزَفْ لـ عادل البطوسى



كثيرة هي تجارب الشاعر المسرحي عادل البطوسى الحداثية المتمردة على الشكل التقليدي للمونودراما إلا أنه في هذا النص (زَيْزَفْ) إلتزم بالعناصر الأساسية الفنية والتقنية والجمالية والثوابت المتوارثة لفن

الثلاثاء، 7 مارس 2023

تمظهرات التجريب في المسرح الغربي

مجلة الفنون المسرحية


تمظهرات  التجريب في المسرح الغربي

الثلاثاء، 28 فبراير 2023

قراءة في المونودراما الشعرية (زَيْزَفْ) لعادل البطوسي

مجلة الفنون المسرحية
د. شاهيناز أبو ضيف ـ مصر



قراءة في المونودراما الشعرية (زَيْزَفْ) لعادل البطوسي

السبت، 28 يناير 2023

الغرابة في التغريب

مجلة الفنون المسرحية

 


الغرابة في التغريب

الجمعة، 27 يناير 2023

مفهوم المسرح الاحتفالي / أماني النجار

مجلة الفنون المسرحية


مفهوم المسرح الاحتفالي 

محتويات:
 ١ تعريف المسرح الاحتفالي.
 ٢ بدايات المسرح الاحتفالي
 ٣ شروط المسرح الاحتفالي .
٤ تعريف المسرح الاحتفالي. 

المسرح الاحتفالي هو نوع من أنواع المسرح الذي يستلهم أفكاره من الاحتفالات الشعبية، ويعتمد على التراث الأدبي والأشكال الفنية الشعبية، ويشمل أيضًا شكل العرض المسرحي، وأسلوب الأداء التمثيلي، والعلاقة القوية بين الممثل والجمهور، ويعتمد على

السلفية المسرحية و تغييب الأعلام ؟

مجلة الفنون المسرحية
الكاتب عبد الكريم برشيد 


السلفية المسرحية و تغييب الأعلام ؟

منصف الادريسي الخمليشي 

لا يمكن لأي كان أن يجادل في قيمة الدكتور عبد الكريم برشيد الاعتبارية، فكرا، فنا، مسرحا، تنظيرا، و ممارسة، إلا أنه و مع توالي نجاحاته المتكررة في عالم المسرح و شساعة اسمه عربيا، و تياره الاحتفالي الذي يدرس في الجامعات العربية، ( أنا أبحث عن الحقيقة من المصدر) 
جهات خفية ما تقوم بالحجز عليه و على أفكاره و على اسمه المنحوت من ذهب، فالمسرح المغربي لم يعد محلا للصراعات الأيديولوجية و السياسية، فهذا الفن و الفن له قواعده، و رائد من رواد المسرح العربي لا يجب أن يكون لعبة بين من هب و دب.
سيداتي سادتي الكرام أعلن و أمام الجميع أنني لست ممولا و لا مدفوع من أجل الحديث فكلامي مبني على تقدير كبير لهذا الاسم قبل معرفتي به الشخصية كنت أعزه، فهو الرائد و المنظر و المخرج المسرحي، فلا يمكن أن تكون لي مدرسة قمت بتصميم معالمها و من أجل تقديم تجربة دامت حوالي خمسين سنة، تمنح للرجل عشرة دقائق، فهذا الحيز الزمني لا يكفي حتى لسرد عناوين مؤلفاته الإبداعية و النقدية أو قراءة بيان سيدي قاسم للاحتفالية، فكيف تمكنت الهيئة العربية للمسرح أن تقوم بتمييز بين ثلاث دول صديقة، تونس و العراق و المغرب، علامة المسرح العراقي جواد الأسدي و علم المسرح التونسي عز الدين مدني و علامة المسرح العربي بل و باني المسرح العربي الحديث الدكتور عبد الكريم برشيد.
قد يجادلني بعض من لم يستوعبوا بعد مشروع برشيد هذا الرجل البركاني وظاهرة من ظواهر الفكر العربي بأنه نقال هههه فهذا الأمر فعلا يضحك و مثير للاستغراب، إخوتي المسرحيين أسألكم هذا السؤال البريء هل تريدوننا أن نظل نتربص في قرى فرنسا و إيطاليا و نبحث عن نصوص لكتاب و نقوم بمغربة مسرحيات أو تبييئ؟ 
إن أحد صانعي مفهوم التأليف و صاحب الصبغة العربية للمسرح و هذه الهوية الهاربة كان و لازال ينقشها و يفسرها الدكتور عبد الكريم برشيد، التجربة التي قدمت كرسالة الماجستير في عديد البلدان العربية " جزائر، تونس، مصر، السودان، اليمن، العراق..."
كفى من التظليل، كما أن جهات رسمية في المغرب تحاول إفشال هذا المشروع التاريخاني، فلسفة الاحتفال و العيد و التعييد لن تأتي عبثا، هل سبق و أن سمعتم بالسلفية في المسرح؟ ها أنتم تسمعونها الآن، كان لنا الحركات المتعددة و الآن ممارسة السلفية و القلم الأحمر الذي أصبح بيداغوجيا قديمة حتى في عالم التعليم و التعلم.
يعتبر العالم العربي و الاسلامي موطن حرب دموية حاشدة و لم نكن نتصور أن الحرب و ثورة الربيع العربي و حركة طالبان أن تتجرأ يوما على فقيه المسرح العربي.
يعتبر الدكتور عبد الكريم برشيد واحد من الهيئة الاستشارية لهذه المؤسسة العربية، و أسطر على ( العربية) كان هدفها خلق و جمع شتات المسرحيين العرب المتخبطين في الأزمات، فكيف لرجل بحجم الدكتور عبد الكريم برشيد و بقيمته الاعتبارية، لم يتم برمجته و لو في لجنة للتحكيم أو ضيف شرف أو تكريم.
عبد الكريم برشيد أكبر من حفلة بذخ مختلة الأركان، هكذا أقول و أعيد فهو كان يطمع و أن يكرم في وطنه الذي عمل من أجل و له و فيه و انطلق منه ليصنع هوية خاصة بالمسرح العرب.
إن كان المسرح هدفه الصراع بين طرفين فذلك من مكونات العمل الإبداعي و لكن اختلطت الحقيقة بالتمثيل حتى أصبحنا نعيش واقع تمثيلي و نشاهد مسرحة للحياة.
أما في ما يخص مؤلف الدكتور عبد الكريم برشيد الصادر عن الهيئة العربية للمسرح فهو كان بعد مجهود المنسق في الهيئة العربية للمسرح حسن النفالي.
قال سعد الله ونوس: '' إننا محكومون بالأمل''
و في مسرحية المخرج المسرحي المبدع محمد الحر المعنونة تحت " حدائق الأسرار هناك قولة مأثورة '' هناك شيء نثن في المملكة.

الخميس، 12 يناير 2023

مسرح الميكروتياترو بين النشأة في بيت التسامح وتسمية المنشأ الإسبانية والعالمية

مجلة الفنون المسرحية 
 

مسرح الميكروتياترو بين النشأة في بيت التسامح وتسمية المنشأ الإسبانية والعالمية

خالد سالم - الحوار المتمدن 


لئن كان المسرح فن تفاعل بين الجمهور والممثلين فإن الميكروتياترو تجربة مسرحية إسبانية ألقت بالمتلقي في وضع أكثر تفاعلاً وحميميةً مع الممثل، يشارك معه في الحدث الدرامي خلال العرض. وهو شكل درامي مرن يسمح بخلق قصص ذات طبيعة متنوعة للغاية وتقريب الجمهور من عالم مختلف: تقديم منتج أو نقل قيم علامة بعينها أو الوصول إلى جمهور جديد. ويضطلع فيه الخيال بوضع الحد، النهاية. إنه ثقافة وفنون متعددة في تجربة قشيبة وفريدة من نوعها انشرت في بقاع شتى من عالمنا. وهذا النوع الجديد يتجاوز المسرح المختصر، ويجمع بين الفن وفن الطهي، في تجربة شكلية للاستهلاك الثقافي حسب كل مشاهد.
يقترح هذا الوليد تنسيقًا للأحداث الفورية في غضون بضعة دقائق ويتم تحديده من خلال الفورية المادية بين فضائيّ التمثيل والفرجة، وغالبًا ما تكون مغمورة في توتر مشترك. وحسب ناقدة أرجنتينية يمكن أن يقدم الميكروتياترو فكرة للمشاهدين والتمتع بممارسة الحرية، مع ضرورة الدخول والخروج.
إنه طريقة لعيش المسرح انطلاقًا من الحميمية، من القرب والاقتراب بين الطرفين. كل هذا رغم أن خصائصه كانت موضع شك عند مولده في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فقد ولد في ظروف مدهشة ليبقى بعد أن شكك كثيرون في امكان صموده بين فنون الفرجة. لكن على النقيض هناك من وصل إلى وصفه بأنه بديل ممتاز لعيش هذا الفن والشعور به والاستمتاع به بطريقة أكثر حميمية.
وتذهب المخرجة المكسيكية والمسؤولة عن هذا الفن في بلدها أليخاندرا غيبارا إلى إنه فضاء يمكن للجمهور أن يعيش المسرح فيه ليس فقط بتكلفة قليلة، بل أيضًا بطريقة لم تحدث من قبل في دنيا المسرح. لقد خرج الميكروتياترو من فضاء التشكيك في استمراريته إلى كسب مساحات أرحب والمزيد من المؤيدين يومًا بعد يوم، ليُعرّف بأنه لقاء يتطلب قريحة وذكاء.
يسع الميكروتياترو فضاء لا تزيد مساحته على خمسة عشر مترًا مربعًا، ويشارك في العمل ممثلون لا يزيدون على ثلاثة، يلجؤون إلى ذكائهم الفطري والمهني لأداء عمل لا تزيد مدته عن خمس عشرة دقيقة، وهي المعايير الأساسية لهذا النوع القشيب من المسرح الذي شهد مولده أحد أكثر أحياء مدريد عراقة، حي مالاسانيا، الحي الذي كان له حضور اجتماعي عريض في ليالي مدريد الشبابية خلال الثمانينات والتسعينات. كل هذه المعايير من شأنها أن تفسح للجمهور، الذي لا يزيد عدده عن خمسة عشر مشاهدًا، بأن يلتحموا بالعمل بالكامل.
ويكمن غرض هذه الطريقة المسرحية في التقاط جوهر الموضوع ثم التعبير عنه في فترة زمنية قصيرة بحضور عدد محدود من المشاهدين، عملاً بالمعايير التي وُضعت له مع مولده. ومن السمات المميزة لمسرح الميكروتياترو أنها تتيح تطوير العديد من المسرحيات في وقت واحد. ويجب أن تتبع عروضه الخط الموضوعي نفسه، وتسمح لكل فرقة بحرية مطلقة في الطرح والإخراج وكذلك المنظور الذي تنشده من العمل. ومن السمات الأخرى لهذه الطريقة المسرحية المبتكرة أن الأعمال لا تُعرض عادة عدة مرات في المكان نفسه، مما يجعل كلَا منها شيئًا فريدًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن هدفها هو سرد قصة بأقل عدد ممكن من العناصر، ولكن مع التركيز دائمًا على اشراك الجمهور في الوقت الحاضر. ولا يتعلق الأمر بفن الأداء performance أو التمثيل الصامت أو الارتجال، لكنها أعمال تتطلب نصًا مسبقًا وتحترم العديد من خصائص العمل التقليدي.
وقد قيل إن هذا الشكل المسرحي الوليد يُؤخذ على شكل حبوب، فالمشاهد يجهز قائمة الأطعمة حيث يتلذذ بكل خطوة وببطء خلال الدقائق المعدودة للعمل الذي يُطرح على مقربة، في تلاحم معه، وخلال دقائق معدودة وقرب جسدي بين منطقتي التمثيل والمشاهدة، في توتر مشترك.
ثمة قائل إن الميكروتياترو هو فكرة المشاهدين، لهذا فهناك ضرورة للتمتع بحرية الدخول والخروج، أي ممارسة الحرية. ومن هذا المنطلق فقد تجد أن مسرحًا تقليديًا قد تحول إلى خمس أو ست قاعات تعمل في آن واحد، وكأن الأعمال المعروضة تتكاثر. فعلى سبيل المثال هذا النوع من المسرح ولد في العاصمة الإسبانية ومنها انتقل إلى أميركا اللاتينية وأميركا الشمالية ودول عديدة أخرى خارج هاتين الدائرتين. وقد وصل إلى الأرجنتين منذ أربع سنوات، وخلال هذه الفترة قُدم أكثر من سبعمائة عرض منه خلال هذه المدة، وحضر العروض ما يقرب من مليون مشاهد. كما حقق في الأرجنتين نجاحًا عظيمًا في أكثر من مدينة، وخاصة في العاصمة بوينوس آيريس وأصبح تقليدًا يبحث عنه الجمهور وينتظره خارج الموسم المسرحي.
ومن القيم المضافة للميكروتياترو أنه، في المقام الأول، يقرب جمهورًا ليس لديه الهمة في الذهاب إلى المسرح ويأمل القائمون عليه أن يحضر هذا الجمهور العروض، أن يذهب إلى قاعات العرض دون خوف. وفي المقام الثاني فإنه يستجيب لحاجة كل متفرج، ككتاب يُفتح ويُغلق في الصفحة المراد قراءتها. وهو في هذا يتفوق على المسرح التقليدي الذي يوصف بأنه مغلق، يصعب اجتيازه.
المخرجة الأرجنتينية خوليتا نوبارّو التي اقتربت من الفن من مختلف اللغات التعبيرية وانطلاقًا من تجاربها العديدة، بدءًا من الإخراج والكتابة المسرحية وتصميم الملابس والإخراج السينمائي، ترى أن الميكروتياترو مشروع يقترن تحديًا، إلى حد ما، يصطحب بعض القيم الحيوية الاجتماعية كالقرب والافتقار إلى الوقت، لكنه في الوقت نفسه يعزز الملامح الإبداعية. هذا دون اغفال وضع العالم الراهن الذي يفسح المجال أمام هذا الشكل المسرحي الجديد، إذ تجبرنا منصات التفاهم والشبكات الاجتماعية على استهلاكه عبر خاصية القفز والتجوال بين منصة وأخرى بغية الاستقصاء والتوصل إلى الهدف.
وفي الميكروتياترو يضطلع المشاهد بمساحة لم يكن يتمتع بها من قبل، إذ يقوم بدور بارز، دور بطولي، في علاقة مختلطة مع المشهد انطلاقًا من المسافة القصيرة التي تفصل المشاهدين عن الفنانين. وهذه المساحة الضيقة هي التي تجعل الناس لا يشعرون بأنهم حَكم بل هم جزء من التجربة حتى عندما لا يُكسر الجدار الرابع، وهو الاصطلاح التمثيلي الذي يشير إلى جدار متخيل، غير مرئي، يفصل الممثلين عن الجمهور. فبينما يمكن للجمهور أن يرى من خلال هذا الجدار يتصرف الممثلون كما لو أنهم لا يستطيعون رؤية الجمهور.
يذكرنا منطق الميكروتياترو بمفهوم السينما القديم "العرض المستمر"، لكنه يُصاغ حسب الفضاءات الحالية المتمثلة في القاعات المتعددة حيث يعملون على محاكاة الواقع، ما هو رقمي، افتراضي، وبالتالي مساعدة الفضاء للعمل المسرحي على الاستيعاب وليس العكس، أي دون تأقلم العمل المسرحي على الفضاء المكاني.
ومن المسلمات في هذا المضمار اليوم هو أنه إذا كان التحدي الذي يواجه المخرجين والممثلين كبيرًا، فإنه ليس أقل من مهمة الكتاب المسرحيين، فهم المنوط بهم حل تلك الثلاثية الشهيرة القائمة على الحكاية والحبكة والعقدة وتفكيكها في فترة لا تزيد كثيرًا عن عشر دقائق. وعليه فمن الصعب على الكاتب المسرحي ادخال تحول كل ثلاث أو أربع دقائق، على ألا يكون مشهدًا منفردًا أو لوحة مسرحية، بل عمل مسرحي متكامل.
ولد هذا المسرح الظاهرة، كما أسلفت، في حي مالاسانيا التاريخي في العاصمة الإسبانية، بدءًا من حدث عرضي، ففي لحظة أراد مجلس الحي في تلك المدينة رفع النشاط في المنطقة التي كانت تكثر فيها تجارة الجنس. ولمنع ذلك، استولى فنانو الغرافيتي والفنانون التشكيليون على تلك المحلات المهجورة. وكان المخرج ميغيل ألكانتود من شجع فكرة تقديم مشروع مسرحي مبتكر في ماخور قديم في الحي. قُدم العرض تحت مسمى "بنقود" Por dinero في شهر نوفمبر عام 2009 وبمشاركة حوالي خمسين شخصًا من العاملين في مجال المسرح. استولوا على القاعات كلها، بما في ذلك الحمام، وعُرضت أعمال بممثلَيّن أمام مشاهدَين. وكان العرض يقام كلما كان هناك مشاهدون، ووصل ببعض الأعمال أن عُرضت أربع عشرة مرة. حري أن نذكر أن ميغيل ألكانتود مخرج ناجح وسبق له أن قدم أعمالاً درامية ناجحة في التلفزيون العام والخاص، وكان لنا مؤتمر عن المسرح، وتناولنا كيفية نقل الفكرة إلى المسرح العربي في خريف 2014، إضافة إلى أمور أخرى تتعلق بالمسرح، لكنها لم ترَ النور سنتئذ.
كان الميكروتياتر مشروعًا عرضيًا، ثمن التذكرة يورو واحد. كان طلب أولئك الفنانين قويًا، ما ترك له صدى شديدًا. وأطلق عليه مسمى "ميكروتياترو مقابل المال"، محاكاةً لبيوت التسامح، أو الدعارة، الجنس مقابل المال، وفكرة الصفقة. وفي الوقت نفسه تنازلت البلدية عن محل جزارة، مكان تطور الميكروتياترو في مدينة مدريد. هكذا ولد الميكروتياترو متخطيًا منطق المسرح القصير. ففنانو المسرح يخضعون للتحدي الإبداعي المتمثل في الإيجاز والقرب. والميكرتياترو مشروع كاشف من شاعرية الزمان والمكان، في نوع من القفز zapping المشهدي، السمات الفورية التي تتغلغل في مجتمع اليوم، وهي ظاهرة امتدت إلى الحياة الحضرية.
وإذا كان لإسبانيا سبق وبراءة اختراع الميكروتياترو فإن مصر لم تتأخر كثيرًا في إدخال هذا النوع الجديد من المسرح إلى الوطن العربي. ويعود الفضل في ذلك إلى الدكتورة نبيلة حسن، الأستاذ في أكاديمية الفنون والممثلة، التي حصلت على الدكتوراه من جامعة مدريد أوتونوما. فقد أقامت دورتين لمهرجان الميكروتياترو في القاهرة والإسكندرية وفي مدن أخرى العامين الماضيين، وينتظر أن تقيم الدورة الثالثة للمهرجان في خريف العام الحالي.
انتيهت منذ أيام من ترجمة عشرين مسرحيًا ونيفًا آمل أن ترى النور قريبًا، لتثري التجربة المصرية والعربية في مجال هذا الجنس المسرحي الجديد الذي ولد بشهادة وتسمية منشأ إسبانيتين، ليصبح إضافة إسبانية جديدة في دنيا الأدب والفنون، وليرفل المسرح العالمي بوليد انتشر في أوروبا والأميركتين والوطن العربي عبر بوابة أرص الكنانة.

الأحد، 1 يناير 2023

قــَصدية الإخـراج الجــمــعــوي في المسرح (01) / نــجـيب طــلال

مجلة الفنون المسرحية


                          قــَصدية الإخـراج الجــمــعــوي في المسرح (01)

بين العـفـوية والقصدية:

عمليا فالهدف من هذا المبحث؛ محاولة تحريك شبه المسكوت عنه في حقل الممارسة المسرحية ومدى وعلاقتها بالتيار اليساري الماركسي المغربي ؛ بحكم أنها تجربة غنية في النسيج الإجتماعي/ الثقافي، وللقبض على الخيط المحرك للفعل الجمعوي؛ في إطار الاخراج المسرحي. وأسباب انتشاره بين الجمعيات ؛ يدفعنا هذا للقـفز عمليا عن بعْـض التجارب السابقة لبعض الجمعيات؛ التي كانت فطرية إلى حد بعيد في العطاء وعفوية الممارسة . وهذا ليس بحكم قيمة بقدرما هي مسلمات معرفية .نظرا لقِـلتها في الإخراج الجمعي. وهذا بحكم أنها غير مسنودة أو غير حاملة  ؛ إما بتصور فكري/ نظري أو بأدبية حزبية (ما ) وقتئذ. وإن كان بعضها تابع بشكل أوآخر، للأحزاب الوطنية . فلا يعني أنها كانت تنهج أدبيتها وتموقفاتها السياسية بشكل صرف، وهَـذا موضوع أكثر إشكالية ؛ باعتباره يهيم بنا نحو( المسرح والمقاومة الوطنية ) ؟ ولاسيما أن هنالك عدة محطات بعضها مضبب وغامض؟ وبعضها غير مؤشر عليه ولو شفويا ؟ علما أنه من الصعب فصل محطة أو مرحلة عن اللاحقة؛ وذلك فيما يتعلق بالتأثير والممارسة ايجابا أو سلبا . فهذه الصورة التي سنقدمها؛ سيعتبرها البعض خارج السياق؛ لكن إذا ما تم التدقيق فيما يلي: ...ويتدخل المراقب كذلك في الحملات التي كانت تهدف إلى جمع الأموال لدى الفقراء إنجاز مشاريع فـَخـْفخيَّـة ، فمواقـف الكومندان"  نيفيل" مشهورة في نواحي مكناس سنة 1922؛ وذلك بمعارضته في جمع الأموال لدى الفقراء لبناء مسجد باريس مثلا....وكان المراقبون يحاربون بكل ما في الكلمة من معنى الرشوة على حساب الفقراء والضعفاء في المدينة وفي البوادي؛ وبالخصوص ضد اعضاء المخزن الطامعين. فهناك عدة محاضر لازالت تشهد بذلك في الوثائق التاريخية (1)هنا فاللبيب سيفهم ما وراء السطور. وبالتالي فإذا حاولنا ربط الوضع الإجتماعي القاهر والبئيس، الذي كان عليه المغاربة أنذاك ؛ فأين هي نصوص المسرحي" ع الواحد الشاوي" التي كانت تدور في فلك القضايا الإجتماعية ؟ لنستوعب إجرائيا الوضع الإجتماعي/ السياسي/ المقاوماتي ( آنذاك)علما أنه ليست هنالك دراسات وأبحاث تجاه ممارسته وتجربته المسرحية؟ وتلافيا لكـُل هَـذا ! فالذي لم يكن عفـْويا أمام ظاهرة الإخراج الجمعوي، ما ظهَـرمِـن لـدن العَـديد من الأندية والجمعيات المسرحية جوانية التظاهرات والملتقيات واللقاءات المسرحية التي انطلقت في مراكز حَـساسة ابتداء من 1972؛ والمسألة ليْست مصادفة أو عرضية ، بقدرما كانت قصدية. ولا نُغالي إنْ أشرنا بأن الموضوع يُعْـتبرشائكا بكل المقاييس؛ نظرا للإشكاليات التي تتناسل بين سراديبه واللامتوقع في طروحاته ؛ التي تصطدم بجِـدارما هُـو/ سياسي / طلابي/تنظيمي/ حزبي/ مؤسساتي/ يفرض تقنيا ومنهجيا الرجوع لأدبيات اليسار وللمجلات التي كانت تحمل حساسية يسارية ؛ والتي تعتبر (الآن) تراثا لمرحلة من الصعْـب القفز عنها كذلك؛ ومن الجفاء نسيانها بالمرة؛ في إشراقاتها وإخفاقاتها وحركيتها في الفضاء الجامعي والتلاميذي، والإسهام ديناميكا في التحول الذي طرأ على البنيات المجتمعية؛ من خلال التيارات السياسية اليسارية ؛ وذلك : في بداية السبعينات خرج من داخل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية تيار جذري يتبنى الماركسية الليننية وإسهامات ناوتسي تونغ كـفكر تحرري ثوري بديل…فكون أعضاء هذا التوجه منظمة سرية عرفت فيما بعد باسم "حركة 23 مارس" و انتشرت أفكارها في أوساط الفئة المثقفة و عملت جنبا إلى جنب، مع منظمة" إلى الأمام" رغم الاختلاف التكتيكي بين المنظمتين، خاصة داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب (2) فرغم أن حقبة "السبعـينيات" من ( ق، م) كانت إلى حد بعيد ، حركية / دينامية ، فهذا لا يعني أن أغلب الجمعيات المسرحية كانت تعانق أو تتعاطف أو تؤمن أو تتبنى / خطا سياسيا / إيديولوجيا / راديكاليا، يساريا. أكيد أن أي عمل مسرحي هو في عُـمقه مُسيّس؛ لكن الذين انغمسوا في عملية الإخراج جمعوي هي أعمالهم أكثر من  مُسيَّسة ؛ ولكن في أي نسق كانت هي مُسيسة ؟ وأي توجه سياسي حقيقي كانت تتبناه ، وتوظفه توظيفا إبداعيا ومعرفيا وجماليا؛ لكي ينعكس على المشهد المسرحي ؟ طبعا فمفاتيح السؤال؛ يبقى حَـسب المعايشة والتفاعل والمشاهَـدة ؛ بحكم أنه لا وجود للأرشفة ووثائق تحلل وتقدم نقط ضعف الإخراج الجماعي وأين تكمن قوته؟ وكـذا غياب النقد الإيديولوجي؛ الموازي للعروض المسرحية ؛ الذي بإمكانه أن يساعِـدنا بتقييم شامل للتجربة ؛ وفهم وتأطير الجمعيات والأندية. بناء على أن العَـديد منها تعاطف وتفاعل مع الحركة الماركسية اللينينية في شكلها السري، وكانت الذراع الخفي لليسار؛ منذ تأسيس أحزابها إلى حدود 1995. وهذا التاريخ له معناه في الحياة الحزبية ( حل المنظمة ووو/ ) فهاته الحقبة شبه مغيبة في طروحاتنا، وفي تحليل مدى علاقة المسرح باليسار الحزبي؛ علما أن الذين مارسوا الإخراج الجمعوي أغلبهم من اليسار، وبالتالي  فهل كان الإخراج الجماعي مبادرات شخصية تقربا لليسار وتدعيمه ، أم بناء على قرارات حزبية صارمة ؟ باعتبار أن تلك " الحقبة " أصلا كانت تتسم بفوضى ومناورات واختراقات ، وطروحات سياسية وسِياسوية بين الراديكالية والشوفينية والطبقية والاختيارية والبروليتاريا... بين الأحْـزاب اليسارية ؛ وتحالفات إصلاحية وعمليات القمع الممنهج والعشوائي ، ومظاهر النهب والإستغلال دون أن نغـفل الخط النقابي؛ وكذا الخلط والصراع الذي كان سورياليا جوانية حزب ( ما ) وبرانيا عموديا / أفقيا (و) أفـقيا / أفقيا ! وبالتالي فالجمعيات التي اشتغلت على الإخراج الجمعوي؛ وتبني التوجه البريشتي لكي : يقال عنها أنها "متقدمة" نجد طروحات معَـينة تصعَـد إلى مستوى المفاهيم لكنها تأخذ طابع المفاهيمية . نظرا لانعدام الابداع في هذا المستوى من جهة ، ونظرا كذلك لعدم توفر الشروط التاريخية/ الفنية التي تستلزم مثل هذه الطروحات... إذ نبحث لهاته المفاهيم على مبررات ولا نجدها، ونبحث لها عن فهم واضح فلا نجده . وأخذنا لمفهومية تجاذبها الهواة  منذ (1974) (المسرح الملحمي، المسرح التسجيلي) يوضح هذه المعضلة (3)

 

عـوامل مؤثـــرة :


فالمعضلة تكمن أساسا في الاندفاع الشبابي الذي تحكمت فيه عَـوامل موضوعية ؛ ساهمت جدليا في انخراطه في العمل الجمعوي؛ من بينها (1) اختراق اليسار فضاء المؤسسات التعـليمية ؛ وانخراط طلاب الجامعة في الجمعيات المسرحية ؛ ولاسيما أن : انغلاق نشاط الحركة الماركسية اللينينية في حـدود الشبيبة المثقفة والتنظير لهذا الانغلاق بأطروحة الشبيبة المدرسية تشكل الطليعة التكتيكية للجماهير وأطروحة التلاميذ ... لأن التجذر وسط الجماهير الأساسية  يمر عبر التجذر وسط الشبيبة المثقفة. لأن هذه الأخيرة تشكل الطليعة التكتيكية (4) فهاته الأطروحة تلقـت صراعات وردود طاحنة بين فصائل الأحزاب اليسارية كل في مطبخه (2) تأسيس الجامعة الوطنية لمسرح الهواة؛ التي اعتبرتها بعْـض الاتحادات المسرحية ، والجمعيات. أنه مخطط سياسوي لتدجين مسرح الهواة ؟ وللعلم كما نشير دائما؛ بأن هذا الهيكل التنظيمي لم يناقش ولم يطرح على مائدة التشريح ؛لحد الآن ؟ بحيث لماذا تمظهرت "رابطة المسرح " كتنظيم مناوئ للجامعة ؛ وحاولت اكتساح المشهد المسرحي من خلال الجمعيات ذات ميول يسارية ؟ سؤال بدوره مسكوت عنه ؟ وبالتالي: فإننا نجد مواقف مثل هذه لم تكن كلها نابعة من حسن نية بل إن بعضها طبعتها خلفية الاستحواذ على الجمعيات المسرحية ودفعها بحكم الخصوصية التي تتميز بها في مخاطبة الجماهير إلى تبنى مواقف وطـرح أمور لا تمت لها في الواقع بصلة ، بل تعبر عن وجهة نظر قوى اجتماعية معينة (...) إذ تفتقد هاته المواقـف الى مستندات صلبة تنبع من وعي الجمعية نفسها ومن قناعتها(5) ولكـن حاولت تلك الجمعـيات إيجاد صيغة للفعـل المزدوج بين المسرح/التيار اليساري؛ وتجلى ذلك  في تنظيم ملتقيات مسرحية من لدن جمعية الضياء( مراكش) جمعية الستار( الدارالبيضاء) لقاء الشعلة ( البيضاء) جمعية الأسوار( الصويرة ) ملتقى (واد أمليل/ تازة) ملتقى (مكناس) ملتقى (أكادير) ملتقى الحمراء( مراكش) ملتقى ( فاس ) لقاء ( المحمدية) لقاء (ورززات).....


حــركـية الجمعــيات:


 فأثناء تفكيك الأعمال المسرحية المشاركة (وقتئذ) نستشف نسبة حضور الإخـراج الجمعوي يصل إلى( %89) أبرزهم وبشكل ملحوظ ؛ جمعية الضياء المسرحية من خلال ما قـَدمته من أعمال ذات طابع جمعوي إخراجيا ؛ في سنة 1974 قدمت [ مسرحية القطار] وتم إعادتها [ سنة 1975 ] تم [الجنرال، الموت ،الميلاد -  1976] و [ صرخة وسط الاغتراب- 1976 ] و[ رحلة الرجل البسيط -1978 ] و [اللعبة والصمت- 1979] و [ المتشائل - 1991] وهـذا الإشتغال ليس بريئا ولا عفويا؛ بقدر ما هو مقصود؛ من أجل استقطاب عدد لا يستهان به من الشباب لدعم الخط اليساري وتقويته ؛ وذلك من خلال الأنشطة الجمعَـوية والملتقى المسرحي الذي يعتبر أول جمعية أنشأته مما: سيتضح لاحقا ارتباطها الوثيق مع حركة 23 مارس. وكان الشروع في تنظيم هذا الملتقى مؤشرا على درجة الانفصال التي حرص اليسار المسرحي على تسجيلها، مع المنتجات الثقافية "الرسمية"(6) ولا نغالي إن أشرنا بأن الملتقى المسرحي الأول أعطى أكله من حيث الاستقطاب ، وانخراط جمعيات في الخندق اليساري عن طواعية؛ ولأسباب نفسية وفكرية كذلك( ك) جمعية الرحالة التي قدمت [رحلة محال-1978]وأعقبتها أعمال أخرى ذات طابع جمعـوي إخراجيا مثل مسرحية ( الدوار/الحصار/...  ) وجمعية الانشطة الثقافية التي هي من روح جمعية ( الرحالة) قدمت[مذكرات جندي في الحرب الثالثة -1980] بحيث أضحت مدينة مراكش بؤرة لليسار جوانية الجمعيات المسرحية كجمعية الحياة المسرحية مثلا في ( رحلة الرجل الطيب-1988 ) وجمعية ابن بطوطة في( صهيل الذاكرة الجريحة- 1989 )أما جمعية نادي خشبة الحي؛ فهي من رحم (ج الضياء) ومنذ تأسيسها وهي تفعل الإخراج الجماعي؛ متمركزة على لغة الجسد في كل عروضها بالمنظور الذي طرحه بعض المخرجين الماركسيين وتقاطعهم مع مختبر "غـروتوفسكي" وهـذا كان يبدو جليا في [المفتاح-1985] و[الدجال والقيامة – 1987 ]و[الخرابة -1988] و[حكاية مسرحية- 1989] دون أن نغفل( هاهنا ) جمعية الشبيبة الحمراء؛ التي كان المد اليساري متغلغلا في فضائها ؛ رغم أنها لم تنخرط في عملية [الإخراج الجماعي] إلا في عمل واحد[البارح واليوم -1980]ولكنها انخرطت في[ التأليف الجماعي] والذي لا يعرفه العـديد من المسرحيين؛ وخاصة الذين هم منخرطين في(- التوثيق-) بأن هاته الجمعية عاشت المطاردة واعتقال بعـض أعضائها الذين كانوا ضمن((مجموعة 77)) فلا داعي لذكر أسمائهم ؛ وذلك احتراما لنضالهم .لأنه : تميز عِـقد السبعـينيات بمد نضالي قوي ، كان من أبرز الفاعلين في تغذيته ودعمه نخبة من المثقفين الذين عملوا على نشر المبادئ والقيم الانسانية النبيلة ، وشارك عدد كبير منهم في تأسيس تنظيمات اليسار التقدمي الذي حمل شعار الثورة على كل مظاهر استغلال الانسان لأخيه الانسان ، فالتقت إرادة المناضل الثقافي بإرادة المناضل اليساري في اختيار طريق بناء وعي التغيير نحو مجتمع العدل والمساواة ... كما عرفت هذه الفترة سلسلة من الاعتقالات والمحاكمات والزج بالعَـديد من المناضلين في السجون واستشهاد العديد منهم (7) ورغم الحصار و أساليب الترهيب، تماسكت العَـديد من الجمعيات في نهج ممارسة ((إبداع محزب)) وتنظيم ملتقيات بدعم من جهات ذاتية ومجالس بلدية كان رؤساؤها يساريين أو متعاطفين، وينكشف هذا بتبني عملية الإخراج الجماعي ؛ كإشارة ضوئية بين الجمعيات ذات الطابع اليساري في مناطق المغرب؛ ولكنه ومعبر بشكل أو آخر عن خيوط التلاقي بين الفاعلين " آنذاك" في توظيف ماهُـو سياسي على حساب ماهو إبداعي. بحيث: إن الجمعية الثقافية ستحَـدد إذن كمجال حركة استقطاب قائمة على اساس إمكانية وضرورة الاسهام في تمكين الجمهور من ادوات التحليل  والنقد من اجل بلورة فهم جديد ومتقدم للفعل الثقافي قادر على استيعاب فعل الابداع / التلقي استيعابا ديناميكيا . من شأنه أن يحرك و يحفز الطاقة الإبداعية للجمهور والدفع بها نحو توظيف فعلي ومنتج داخل حدود حرب المواقع الدائرة بين العاملين في المجال الثقافي (8) وهاته الورقة تسعى لمَنـْطقة "الالتحام بالجماهير" كشعار الذي تبنته المنظمة واليسار بشكل عام. كتجذر وسط الشبيبة المثقفة . وتأكيدا بأن الشعار كان يغلف تلك الأفكار السياسية المعبر عنها؛ لكن لم تكن بشكل مباشرة عند التعبير عنها بل كانت في ثنايا الأحداث أو المشاهد أو معادل موضوعي لحدث أوفي الشخصية المحورية ، وبالتالي يمكن أن نعتبر بأن الإخراج الجمعَـوي؛ بمثابة السياج الواقي، الذي يحمي ويصون ذاك العمل .لكي لا يخرج عَـن غاياته وأهدافه المسطرة . وإن كانت العروض تختلف في متونها وجماليتها وتصوراتها للعالم؛ فإنها تتقاطع نحو العَـدل والحرية والانعتاق ومسألة البطالة وقضية الشغل والصراع الطبقي كما ينظر إليه بريشت. ومن خلال أطروحة المادية الجدلية . بالتالي فالتأثير نحْـو ممارسة الإخراج الجمعوي انطلق من مراكش؛ ليكتسح جمعيات متعَـددة سنأتي على ذكرها ؛ وتأكيدا لازال العَـديد ممن كانوا جوانية التنظيم اليساري وممارسة الفعل الجمعوي إبداعيا أحياء يرزقون. بإمكانهم تفنيد ما تم طرحه؛ ولا يمكن أن نفند بأن: مسرح المحڭور هو واحدٌ من العَـديد من منظمات المجتمع الأهلي التي أنشأها نشطاء سابقون في الجناح اليساري العلماني لحركة 20 شباط/فبراير بعد مغادرتهم الحركة عندما بدأت بالانحسار(9). .....  يتــبع



الإســتـــئـــنــاس :

1) فاس في عهد الاستعمار الفرنسي لعبدالرحيم الورديغي ص 36/37 – ط1/  1992 مطبعة 

    المعارف الجديدة- الرباط

2) تاريخ اليسار في المغرب لرشيد طلحة  : صحيفة الحوار المتمدن- ع: 2409 – بتاريخ 19/09/2008  

3) التركة والاستئناف في مسرح الهواة لمحمد قاوتي ص112 مجلة المدينة ع 4/5 – يونيو1979

4) إلى الأمام1980-1994 الخط التحريفي، تجميع الوثائق : فؤاد الهيلالي ص 6- في/ 2018  منشورات موقع 

   30 غـشت

5) التركة والاستئناف في مسرح الهواة لمحمد قاوتي

6) الحياة المسرحية مدرستنا الأولى: لمحمد نور الدين بن خديجة الحوار المتمدن- ع: 7423 في 05/11/2022

7) حوار مع المسرحي: محمد الكاتي في" المسائية العـربية " الالكترونية.بتاريخ - 14/01/2014


8) ورقة عمل من أجل العمل الجمعوي بالمغرب لجمعية النهضة الثقافية بالخميسات ص 25مجلة خطوة ع1/1984

9) يُعيد نشطاء مغاربة الأنشطة الثقافية بعيداً من المطالب السياسية العلنية- لدورثه إنجيلك * تُرجم المقال من 

الإنكليزية في صحيفة صدى لتحاليل عن الشرق الاوسط - بتاريخ-07-01- 2016

الثلاثاء، 27 ديسمبر 2022

في رحاب المسرحي" حَـسـن المنيعي "

مجلة الفنون المسرحية


الأحد، 25 ديسمبر 2022

الإحتفاء بـ ( ربيع المونودراما ) لعادل البطوسى

مجلة الفنون المسرحية
الكاتب عادل  البطوسي


الإحتفاء بـ ( ربيع المونودراما ) لعادل البطوسى

بقلم : عادل البطوسى

يُسعدني بل ويشرِّفني أن أدرج ـ تقديرًا وعرفانًا ـ أسماء الأحبَّاء الأنقياء النُبلاء من المُبدعات الفُضليات والمُبدعين الأفاضل ـ 30 من 13 دولة عربيَّة ـ الذين ـ واللواتي ـ إحتفوا بمشروعي المونودرامي الشعري ( ربيع المونودراما ) الهادف إلى (تحديث الإطار المُونودرامي وتطبيقاته النَّصِّيَّة) ـ وتكرَّموا ـ أكرمهم الله جميعًا ـ بكتابة قراءات نقديَّة واعية في نصوصه المُونودراميَّة ـ كلها شعريَّة ـ حيث أطلقت المصطلح الجديد ( المُزدوجة ـ المُركَّبة ) وغيرهما، وكتبت ـ بفضل الله وتوفيقه ـ التطبيق النَّصِّي الحداثي على كل مصطلح ( يَارَاجُويَا ـ دَزْدَيْمُوليَا ) وغيرهما، وهذه القراءات التي تمَّ نشرها في عدَّة مطبوعاتٍ ورقيَّة ومواقع إلكترونيَّة جاءت بمثابة ( دعم معنوي ) أشكرعليه الأفاضل والفُضليات الذين ـ واللواتي ـ تكرَّموا بكتابة هذه الدراسات، وسوف أدرج الأسماء هنا ـ بتقديرٍ واعتزازٍ شديدين ومحبَّةٍ كبيرة ـ حسب الحروف الأبجديَّة :
أولا : أسماء الأساتذة الدكاتره : 
(1) أ.د جميلة أزقاي ـ الجزائر 
(2) أ.د سحر عيسى ـ السعوديَّة 
(3) أ.د صلاح جرَّار ـ الأردن 
(4) آ.د صوفيا عبَّاس ـ مصر 
(5) أ.د صدِّيقة لاشين ـ مصر 
(6) أ.د صبحة علقم ـ الأردن 
(7) أ.د علاء الجابر ـ الكويت 
(8) أ.د عزَّة القصَّابي ـ سلطنة عمان 
(9) أ.د فاضل الجاف ـ العراق والإقامة ستوكهولم 
(10) أ.د ليلى عبدالمنعم ـ مصر 
(11) أ.د وطفاء حمَّادي ـ لبنان 
(12) أ.د هشام زين الدين ـ لبنان ...
ثانيا : أسماء الفنَّانات والفنَّانين : 
(13) الفنانة إرتسام صوف ـ تونس 
(14) الفنانة سعاد خليل ـ ليبيا 
(15) الفنانة شادية زيتون ـ لبنان 
(16) الفنان عبدالجبار خمران ـ المغرب والإقامة باريس 
(17) الفنان فائق حميصي ـ لبنان 
(18) الفنانة لارا حتِّي ـ لبنان 
(19) الفنانة هيام سليمان ـ سوريا والإقامة فرانكفورت  ...
ثالثا : أسماء الناقدات والنقاد : 
(20) الناقد أحمد خميس ـ مصر 
(21) الناقد إبراهيم الحارثي ـ السعودية 
(22) الناقد حمد الرقعي ـ الكويت 
(23) الناقدة سونيا بسيوني ـ مصر 
(24) الناقدة صباح الأسمري ـ السعودية 
(25) الناقد كاظم اللامي ـ العراق 
(26) الناقد محسن النصَّار ـ العراق 
(27) الناقدة مشلين بطرس ـ لبنان 
(28) الناقد محمد جميل خضر ـ الأردن 
(29) الناقد ناصر العمري ـ السعودية 
(30) الناقد هايل المذابي ـ اليمن ...
هذا وأتقدَّم لحضراتهم ـ وحضراتهن ـ جميعًا بالشكر العميق ـ وهذا أقل ما يجب ـ وسوف تزيِّن قراءاتهم العميقة النصوص مطبوعة إن شاءَ الله، والله المُوفِّقْ ..
عادل البطوسى
Elbatousy@hotmail.com

الخميس، 24 نوفمبر 2022

الفنان حميد حساني.. والتحولات الواعية في حياته الفنية

مجلة الفنون المسرحية
الفنان حميد حساني


الفنان حميد حساني.. والتحولات الواعية في حياته الفنية

الباحث: مجيد عبد الواحد النجار


عندما تسمع بمحلة (ام الدجاج) يتبادر للذهن كبار المثقفين والفنانين ، فلا تجهد نفسك في التذكير او السؤال ، لأنه سيبادر الى ذهنك اول الامر المخرج السينمائي العالمي قاسم حول، ثم فنان الشعب فؤاد سالم، ثم نصير عوده، ونزار جليل ... وغيرهم، من اللذين خدموا الحركة الثقافية والفنية في البصرة ، ومن بينهم ايضا الفنان حميد عبد مهدي ، والذي عرف فيما بعد بحميد حساني. 
لقد ولد وترعرع الحساني في هذا الحي، وتعرف على كل ما هو جميل في هذا الحي القريب من شط العرب، الذي كان يفتح للفنانين ذراعيه ويستقبلهم بنوارسه الجميلة التي لم تفارقه طوال اليوم ، حيث كان الناس يقضون اجمل الاوقات بقربه، لم يبتعد حميد حساني عنه كثيرا ولم يفارقه طوال وجوده في هذا الحي الجميل الرائع ، كان يذهب الى شط العرب ليستمتع بمنظر النوارس وهي تتبع السفن القادمة لميناء المعقل في البصرة ، فهنى تتفتح المخيلة وتتسع لمواضيع كثيرة ، ويتسع البعد الجمالي لمن ينظر لعمق الشط الذي كان يحمل كل الخير لهذه المدينة الجميلة الرائعة، لم يفارق الحساني فناني الحي كان ملازمهم دائما، يتتبع اخبارهم ويسمع لهم ويتعلم ، تعلم منهم الفن، وخزن كل ما تعلمه لكي يُكون المعرفة التي تنير طريقة في الايام القادمة.
دخل الحساني رياض الاطفال ومن ثم مدرسة الابتدائية في كنيسة (دير الراهبات) في العشار/ مناوي باشا ، وكان مع زميلين اخرين هم الوحيدين مسلمين في الروضة والمدرسة الابتدائية، كانوا يعيشون بأمن وسلام ، كان الحب والعلم هو الشريك المشترك بينهم.
 في عام 1959تم نقله الى مدرسة(المربد) لكي يتعلم العلوم الدينية وان يتهيأ الى دراسة البكلوريا في المرحلة السادسة .
بعد ان انهى المرحلة الابتدائية تم تسجيله في متوسطة (الرجاء العالي الامريكية) ، وهنا تعلم اللغة الانكليزية باحترافية عالية وعلى ايدي اساتذة مختصين ، حيث كانت اغلب دروسهم باللغة الانكليزية، وهذا ما اهله فيما بعد لترجمة كتب عديدة، وفي خلال دراسته اعتقل عام 1963 بسبب توجهاته السياسية.
اكمل الحساني دراسته الثانوية في (ثانوية نظران) في البصرة القديمة - وهنا كان قريبا من المسرح ، لان هذا الحي امتاز عن غيره من احياء المدينة بهذا الجنس من المعرفة والادب ، فقد ظهر به شباب يقدمون عروض مسرحية في ( خرابة ال البدر) وكان يرأسهم الشاب (توفيق البصري) ، الذي احتضنه فيما بعد احد اعيان البصرة الذي كان  يقدم عروضا مسرحية في بيته ، ففسح المجال امام توفيق البصري ومجموعته لتقديم عروضهم المسرحية ، كما كانت هناك بيوت اخرى تقدم العروض داخل بيوتهم - لم يتوانى الحساني بمتابعة العروض المسرحية التي تقام في المدينة، وراح يتعرف على الشباب الذين كانوا يقدمون تلك العروض ، وأصبح لديه الشغف في متابعة المسرح ، مما جعله يكتب اول عمل مسرحي له ليقدمه بعد ذلك مع الفنانين( لطيف صالح، والفنان مؤيد البصري، والفنان نصير عوده، والفنانة الشابة احلام الكعبي).
لم يترك الوقت يمضي طويلا ولم يشغله ما تعلمه عن المسرح ، ولم يستعجل الصعود على المسرح ، بل اسرع للذهاب للتسجيل في معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1964 ، لكي يتزود بالعلم والمعرفة ،هنا يمكنه ان يكون فنانا، وهنا يمكنه ان يتعلم علوم المسرح ، وهنا يتعلم حرفية الفن في التأليف والاخراج والتمثيل، فكان مواظبا على الدوام وكان حريصا ان يتعلم كل شيء عن تاريخ المسرح وتاريخ الفن ، لكي يكون من الاوائل، في تلك الفترة كان الوضع السياسي في العراق يغلي والحركات السياسية تتقلب على نارا حامية، وكان الفن يصارع هو الاخر بسبب هذا الغليان لأنه يحتاج الى ارضية هادئة من اجل تقديم الجمال. 
عام 1968 استقر الوضع السياسي نسبيا ، وقلت انفعالات الحركات السياسية ، حيث كانت تظهر بين الحين والاخر، وكان للحساني نصيبا من هذه الحركات فكان يخرج بين فترة واخرى مع المتظاهرين ، مما اثر ذلك على دراسته سلبا. 
تعد الفترة التي قضاها الحساني في معهد الفنون الجميلة في بغداد ، والمتغيرات السياسية التي حدثت من اهم الفترات في حياته ، كونه تعلم من الاوضاع السياسية المتقلبة الشيء الكثير وتعلم في معهد الفنون الجميلة على ايدي أساتذة وفنانين كبار، كان من بينهم( جعفر السعدي وسامي عبد الحميد ، وجاسم العبودي وبهنام ميخائيل واسعد عبدالرزاق ... وغيرهم) وهذا ما ملئ مخيلته بعلوم المسرح وجمالياته ، وقد افاده هذا الكم من المعرفة والعلوم المسرحية بان يقدم الكثير في مجال الادب والفن على حد سواء. 
كانت البداية الاولى للحساني في الكتابة، لقد سيطر عليه الادب قبل الفن فراح باتجاه القصة القصيرة فكتب عام 1963اول قصة له وتم نشرها في جريدة المنار البصرية.
 اما في مجال المسرح فقد مثل العديد من المسرحيات منها: مسرحية (انا راضي) ومسرحية( الارعن)،وفي التلفزيون مثل في المسلسل التلفزيوني(الجسر)عام 1970.
وفي مجال التأليف فقد كتب للمسرح عام 1963 مسرحية(انا راضي)، والمسرحية الغنائية(بيت للجميع)، والتي 
اخرجتها الفنانة اسمهان ابراهيم، وقام بتلحين الاغاني الفنان كمال السيد ،والذي اعتقل على اثرها في اول يوم لعرض المسرحية، ومسرحية (جنبلاط يقتل)، وعّرق مسرحية(فوك النخل واوية)عام 1979 .
 وكتب للتلفزيون سهرة تلفزيونية عام 1977بعنوان(الجدار العالي)، والمشروع الكبير من عشر حلقات وقد اخرجه للتلفزيون العراقي المخرج نبيل يوسف، وقد شارك في التمثيل الفنانين( يوسف العاني ، وسامي عبد الحميد، وقاسم محمد، وسامي قفطان....)، وكان في هذه الفترة يعمل في قسم البرامج والتمثيليات للفترة من 1970الى 1975، لم يكن الحساني يهوى التمثيل، فكان ميوله الفني للكتابة والاخراج، لذلك نجده دائما يُقدم على اخراج الاعمال المسرحية لذلك كانت الحصيلة كما يأتي:
مسرحية(فوك النخل واوية) عام 1979
انشودة (كاليكولا) 1970 تأليف بيتر فايس, وقد كانت لهذه المسرحية تأثيرات كبيرة في نفس الحساني للإسبات التالية:
ان العمل تم انتاجه من قبل ادارة المعهد، واقصد ان المعهد تحمل مصاريف الانتاج التي لم تصرف لغيره من اعمال الطلبة، لان الصرف كان يقتصر على المدرسين فقط .
استمرار العرض لمدة اربعة ايام متتالية على القاعة الرئيسية للمعهد.
لأول مرة يقدم المسرح الوثائقي من قبل طالب، حيث لم يكن معروفا لدى الطلبة حنها.
لتكامل العمل تم نقلة الى المسرح القومي وهناك استمرت العروض لمدة اسبوع 
تم تسجيل العمل من قبل التلفزيون العراقي
مسرحية(اغتيال باتريس لومويا) وهي من تأليف الكاتب المصري رؤوف مسعد، وقد فازت المسرحية بالجائزة الاولى في مهرجان وزارة التربية، وقد لعب الفنان كاظم الخالدي احد ادوار المسرحية.
مسرحية(الموافق والمعارض) والمأخوذة عن فكرة مسرحية(القائل نعم والقائل لا) لبرخت، والتي تم عرضها في نادي التشكيلين في المنصور.
مسرحية(مبادرات) اخراج مشترك مع الفنان عوني كرومي
مسرحية(الاشباح) اخراج مشترك مع الفنان فاضل خليل
مسرحية(الحلبة) اخراج مشترك مع الفنان كاظم الخالدي، وقدمت على مسرح نادي التشكيلين في المنصور.
مسرحية(جنبلاط يقتل)
كما ان الحساني شارك بتأسيس (حركة المسرحين الشباب) عام 1970 في بغداد، والتي تكونت من (كاظم الخالدي، واسماعيل خليل، واسعد راشد ...واخرين) وبعد ذلك انظم للمجموعة الفنان عوني كرومي وشباب اخرين، والذين احتضنهم فيما بعد اعضاء فرقة(المسرح الفني الحديث)والتي كانت تضم (الفنان جواد الاسدي، والفنان فاضل السوداني، والفنان فاضل خليل....)، وقد اعطوا للشباب فرص كبيرة في العمل معهم، وقدموا لهم من خبراتهم الفنية الكثير. 
بعد هذا الجهد الكبير الذي بذله الفنان حميد حساني ، وانشغاله في التنظيمات الحزبية اضطره للهجرة الى سوريا ومن ثم الى الجزائر، بسبب المضايقات من قبل الحكومة آنذاك، حاملا معه ما تبقى من اعمال ومشاريع فنية في مخيلته، فقدم في تونس المحاضرات، والندوات الفنية، والثقافية في كثير من المراكز الثقافية، والفنية للراغبين بالحصول على العلوم المسرحية، فقدم كل ما بجعبته من هذه العلوم، وما تعلمه من خبرة نظرية مارسها في العراق ، كما تمكن من القاء محاضرات لمادة (تاريخ الفن) لعدد من المؤسسات التعليمية في الجزائر، تحول بعد ذلك للدروس العملية وتقديم عروضا مسرحية وتلفزيونية، فقدم من اعداده واخرجه مسرحية(الحسين ثائر) للكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي، ولتي شارك فيها ما يقارب(70) ممثلا، بعدها بث  العمل عبر شاشة التلفزيون الجزائري عام1979، كما قدم لإذاعة وتلفزيون الجزائر برنامجاً اسبوعياً بعنوان(نادي القصة للأطفال) والذي استمر لعدة سنوات، كما قدم للتلفزيون الجزائري مسلسل (معركة الصقور) والذي يتحدث عن الاحتلال الفرنسي للجزائر، ولم ينفذ العمل بسبب عدم توفر السيولة المالية له.
في عام 1986 رحل من الجزائر مخلفا ورائه الكثير من الاعمال الفنية التي لم تسمح الظروف لإنجازها، ليكون ضيفا هذه المرو على اسبانيا ، وهنا ترك العمل الفني واتجه للعمل التجاري وذلك بسبب الظروف المادية ، وصعوبة التفاهم لجهلة للغة الإسبانية ، وقد توفي في ارض الغربة في 16/سبتمبر/2016، بعيدا عن الاهل والاصدقاء والمسرح.


السبت، 12 نوفمبر 2022

قضيَّة الالتزام في الأدب.. قراءة في المسرح الوجودي

مجلة الفنون المسرحية
قضيَّة الالتزام في الأدب.. قراءة في المسرح الوجودي

ا. د. عبد الله الفيفي

في الخِضَمِّ المتلاطم من الصراع بين الشرِّ والخير في مسرحيَّة الفيلسوف الفرنسي (جان بول سارتر Jean-Paul Sartre، 1905- 1980)، بعنوان "الشيطان والرحمن"، يصادف القارئ، منذ بدايات المسرحيَّة، عددًا من المواقف يبدو فيها رجال الدِّين- بحسب الكاتب- أشبه بالدَّجَّالين، الذين يستغلُّون عواطف الشَّعب الدِّينيَّة لتكوين ثرواتهم الخاصَّة، وفي سبيل تصبير الفقراء والمصابين والمنكوبين على ما لَحِقَ بهم، ومن أجل تسيير أمورهم واقتيادهم طائعين مُذْعنين.  يتجلَّى ذلك في النقاش الذي دار بين أحد أبطال المسرحيَّة (ناستي)- الذي يمثِّل الإنسان الفقير الثائر، الملتزم بقضايا شعبه ومواجعه- والأُسقف، أمام جمهور الشَّعب، إذ يقول ناستي للأُسقف:

- "كنيستُك [...]، تبيع مِنَحَها للأغنياء!  أأنت تأخذ اعترافي؟  أنت تحلُّني من خطاياي؟  إنَّ روحك مصابةٌ بداء الثعلب!  إنَّ [...] يَصِرُّ بأسنانه عندما يراها!  يا إخوتي، لسنا بحاجة للكهنة.  كلُّ البَشَر يستطيعون أن يُعَمِّدوا، كلُّ البَشَر يستطيعون أن يُحِلُّوا، كلُّ البَشَر قادرون على التبشير.  الحقَّ أقول لكم: كلُّ البَشَر أنبياء، وإلَّا فلا وجود [للموجِد]!

- الأُسقف: هو! هو! هو! يا للكُفر!"(1)

والمهمُّ هنا هو ما يُثبته (سارتر) من وظيفة الملتزِم (الثقافي أو الأدبي) في تنبيه الشَّعب إلى ما يجري من حوله.

ولكن أ يكفي التنبيه؟

إنَّ الالتزام الوُجوديَّ السارتريَّ يطالب الملتزِم بأن ينقل التزامه إلى حيِّز التنفيذ الفعلي.  وهذا ما يَبرز من خلال المسرحيَّة في مواقف (ناستي)، الملتزِم بقضايا شعبه ومواجعه.  وفي حواره التالي مع الكاهن الفقير (هنرييك) ما يدلُّ على ذلك المبدأ الالتزاميِّ الصارم:

- "ناستي: أنا لا أعرف غير كنيسةٍ واحدة: المجتمع الإنساني.

- هنرييك: مجتمع البَشَر أجمعين، إذن، مجتمع كلِّ المسيحيِّين، الذي ألَّف بينهم الحُبُّ، أمَّا أنت فإنك تدشِّن مجتمعكَ بمذبحة.

- ناستي: لمـَّا يَحِن الوقت للحُب.  سنشتري هذا الحقَّ بأن نسفكَ الدَّم.

- هنرييك: لقد حرَّم الله القسوة؛ إنَّه يمقتها.

- ناستي: والجحيم؟  ألا تعتقد أنَّ أهل النار يعاملون بقسوة؟

- هنرييك: قال الله: مَن يَسْتَلُّ سَيفًا...

- ناستي: يموت بالسَّيف... نعم سنموت بالسَّيف جميعًا، ولكن أبناءنا سيشاهدون مُلْكَ الله على الأرض.  هيَّا اذهب فلستَ خيرًا من الآخَرين!"(2)

وإذا كان الشَّرُّ متأصِّلًا في البَشَر، والخير مستحيلًا، كما تُصوِّر المسرحيَّةُ في مَواطن عديدة، فإنَّ من الخير- إنْ وُجِد- ما هو خيرٌ سلبيٌّ؛ يُعيق الالتزام بالحقِّ والواقعيَّة في النظر إلى الأمور، كموقف الفلَّاحين المتديِّنين الذين يقابلون الشَّرَّ القادم بالخير والحُبِّ(3)؛ ممَّا يفرض على الملتزِم توجيههم الوجهة الواقعيَّة، ولو استدعَى ذلك اللجوء إلى القوَّة.  والمعوِّق الآخَر: رجال الدِّين ودجَّالي الغيبيَّات؛ ممَّا يجعل مهمَّة الملتزِم صعبةً في إقناع أبناء الشَّعب بزيف ما تُحشَى به رؤوسهم، مثلما حدث عندما حاول (تيتزل)، الكاهن الدجَّال، أن يوزِّع صكوك الغُفران على أبناء الشَّعب ليَبْتَزَّ أموالهم.  وحين حاول بطل المسرحيَّة (كوتز) أن يُفهِّم الجمهور حقيقة لعبة تيتزل الدنيئة لم يُفلح، بل لقد عاداه جمهور الشَّعب، على حين استطاع تيتزل أن يزيد حُبَّ الشَّعب إيَّاه وإطاعته.(4)  وقد يكون تضليل الشَّعب عن طريق السِّحر والشعوذة وما أشبه ذلك، مثلما نجِد في (اللوحة الحادية عشرة) من المسرحيَّة، إذ تَحُكُّ السَّاحرةُ بِيَدٍ خشبيَّةٍ ظهور الفلَّاحين، زاعمةً أنَّهم بذلك سيُصبحون معصومين من التعرُّض للجراحات.  حتى لقد استُغِلَّت هذه الطريقة لدفعهم إلى الحرب ومنعهم من الفرار. 

هكذا تصوِّر مسرحيَّة (سراتر) واقع الصراع الوجودي والطبقي في مجتمعه، ووظيفة الملتزِم أخلاقيًّا وثقافيًّا حيال التغيير.


الهوامش
.....................

(1)  سارتر، (د.ت)، الشيطان والرحمن، ترجمة: سامي الجندي، (بيروت: المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع)، 34- 35.  حذفنا بعض الكلمات غير اللائقة، وعدَّلنا أخرى.

(2)  م.ن، 38- 39. 

(3)  انظر: م.ن، 186- 188.

(4)  انظر: م.ن، 136- 144.

السبت، 5 نوفمبر 2022

مسرح الشارع بين العرض والجوهر الفكري /'د.حسين التكمجي

مجلة الفنون المسرحية 
د.حسين التكمجي 

مسرح الشارع بين العرض والجوهر الفكري 

لعل من اهم المقومات المسرحية التي ساهمت بإعادة تنشيط مسرح الشارع ، في جميع المدن العربية والأوربية ، هي أزمة المسرح ، التي باتت تشكل عزوف الجمهور من حضور المسارح المغلقة ، ولأسباب عدة تباينت من خلال عدم نبني المسارح لهموم الناس ، أو وضع حلول معرفية للمشكلات الراديكالية للسياسة أمام شعوبها ، ولعل المسارح لم تعد مهتمة بحل المشكلات الاجتماعية أو السياسية او الفكرية والنفسية بصيغ تعليمية كما قدم لها المسرح الملحمي ، أو ان المسارح اتجهت نحو التجريب الذي لا يمت صله بجوهر المجتمع والبحث عن الشكل دون الجوهر ، بحثا عن الصورة الملغزة دون الفكر المعرفي الذي يشكل غذاء الروح والنفس معا ناهيك مما يبحث عنه شباك التذاكر . 
لهذه الأسباب وغيرها ، توجه المسرحيين الى معالجة جمهورهم العازف عن الحضور الى المسرح  ، حتى وان كان ذلك يتطلب الوقوف امامه في الساحات والحدائق والشوارع ومناطق التجمع او السجون وما الى ذلك ، وللسبب ذاته سعى مسرح الشارع الى تجديد هويته بالوسائل البسيطة والمتاحة لتحقيق الغرض ضمن مفهوم التمسرح ، محولا البحث عن أفكار تعالج المشكلات التي ألمت بالمجتمع والتنفيس عن الحلات النفسية والشعورية التي تنتاب الأفراد ، والتي بات الجمهور بأمس الحاجة لها كونه لا يبوح بها لأسباب داخلية ، بل ربما وجد أن المسرح قادرا بكل جرأة للتعبير عنها ،حينما يعبر عنها بصيغ نفسية وفكرية واجتماعية وفقا للمعير الجمالية والمعاير الفنية ، إن المسرح هنا يعبر بالضرورة عن ضمير الجمهور ومعاناته وهو ما يجعل الفرد متبينا لهذا النوع من البوح بوصفه صوت الأنا الداخلية للمتلقي ، ولما كانت هذه المسارح تعبر عن هموم الناس دون أن يدفع الفرد مبلغ بطاقة الدخول ، فقد يجد المتلقي أن صوته مسموع وهو يعبر عن كاهله ومعاناته وانكساراته امام الملاء، حتى اصبح لمسرح الشارع هذا الحضور المعرفي والثقافي وربما السياسي والاجتماعي ، المتوافر بين المقهى والشارع والأسواق ،حين بدء الجمهور يرى متعة الفهم والادراك ومستوى عالي من النقد الاذع للسلبيات ، فلم يعد الفرد هنا منطويا على نفسه ومستسلم لما هو فيه ، بل متفهم في اخذ قراره الفطري والنفسي من تلكم الأوضاع . 
وعلى وفق ما تقدم بات المسرح يبحث عن مدخلات تفي بالغرض كالارتجال وتوظيف اقل قدر من الموسيقى واستخدام النقد والسخرية بصيغة الكوميديا السوداء وفن التنكر والتزين والبحث عن أسلوب غير نمطي للشخصية وتوظيف كل ما  يساهم بشكل دلالي وبسيط في حضور الفكرة ،خصوصا أن المؤدي اقرب الى جمهوره من المسارح المغلقة ، فيشعر بالتشاركية والحفاوة والتأثر والتأثير ،ولعل المتلقي هنا مستمتع بما يقدم بل متأثر به ذلك لكونه يحاكي همومه اليومية ومشكلاته الداخلية والاجتماعية ، بل هو صوت المتلقي غير المسموع أصلا ، بوصفه يناقش حياتهم فكرية كانت أم حسية. 
ولهذا نجح مسرح الشارع في كل مكان بوصفه مسرح اقتصادي جدا ، فهو يستغني عن تأجير المسارح ويقتصد بالكلية بالمنظر ويهمش الإضاءة ويكتفي بموسيقاه دون وجود أجهزة صوت ويكتفي ببعض الأزياء والاكسسوارات الدلالية ، اذ بهذه البساطة يستطيع ان يقدم فرجة  مسرحية وفكرية وجمالية وحسية باقل التكاليف . 
وفوق كل ذلك فمسرح الشارع بعيد جدا عن مقص الرقيب ، ولذا وجدنا من المناسب أن تكون عروض مسرح الشارع ذات اهتمام بمباشر بقضايا المواطن والوطن اليومية ، وهي من الكثرة ما لا يمكن حصرها ، قد تخضع لمحاربة الفقر والجوع والعوز الذي يشكل الجريمة بأنواعها والاستغلال والصدمة النفسية والانحلال والتعاطي والعنف ضد الأطفال والمرأة والمتاجرة بالبشر ، كل ذلك يعيد لمسرح الشارع أن يكون مسرح علاجي من الطراز الأول ، بل هو الحاضنة التي نلجأ اليها لحل المشكلات ، واجد من الضروري ان يكون هناك مؤتمرا لمسرح الشارع يبحث كل المقررات الازمة لتطويره بوصفه اصبح ظاهرة مهمة في مجتمعاتنا .

الاثنين، 17 أكتوبر 2022

حضور التراث على المسرح-مقدمة في إزاحة الأوهام

مجلة الفنون المسرحية


حضور التراث على المسرح-مقدمة في إزاحة الأوهام

إبراهيم عبدالله غلوم
كاتب وناقد من البحرين

تقليب الأوهام

لن يكون دقيقاً أن أعبر عن حضور التراث في النص المسرحي بأنه من قبيل الاستدعاء أو التوظيف ، أو نحو ذلك مما يدل على هامشية أدلة حضور التراث ، سواء في النص أو في العرض. وقد ساد النظر إلى حضور التراث في المسرح على أنه لا يعدو أن يكون تقنية عابرة، أو طريقة، أو أسلوباً يلجأ له الكاتب، أو المخرج حينما يشاء ذلك.. وحقيقة الأمر بخلاف ذلك كما سأبين من خلال العمل على تنحية الأوهام السائدة حول علاقة المسرح بالتراث، أو بأنساق الثقافة الشعبية بصورة كاملة.

أولاً : التراث ليس ماضياً

وأول ما يقلب ذلك النظر السائد إلى حضور التراث هو أن أحداً يصعب عليه الحفر في معنى المسرح دون أن يتمثَّل تلك الخصوصية الغامضة المتصلة بعلاقة المسرح بالتراث.. أو بالماضي. وربما كان هذا الحضور من الهيمنة، ومن التناقض، وربما من اللامحدودية بحيث أنه يشكل الجانب اللامتجانس في معنى المسرح  ودلالته، ويحضر خطاب الماضي، أو التراث على المسرح لا كمرجع، ولا كوظيفة، ولا كزخرف، ولا كخلفية، وإنما كحركة يتشكل النص في سياقها، ومن خلال فضائها بأكمله، سواء من خلال الكتابة المباشرة أو التجريب المباشر على مفردات الماضي / التراث.. أو من خلال سلسلة من التقابلات والمشاكلات بين ما نرده إلى المفاهيم والظواهر التي يتيحها لنا الاستنباط من التراث، أو ما نرده إلى الاستعارات البلاغية التي يمنحها لنا استعمال التراث بوصفه خطاباً متماهياً أو متناصاً في خطاب النص (المسرحي).

ومن أجل توضيح هذه الصورة التي ربما بدت معقدة سأعود إلى مقاربة خطيطة وضعتها من أجل التعرّف على اختراقات حضور مستويات الزمن في المسرح، وتوضح لنا هذه الخطيطة أن أي منغمس انغماساً حقيقياً في المسرح يدرك أن لهذا المسرح حدّين قاطعين : أحدهما يغوص في الماضي، والآخر يغوص في الواقع، وأن الحراك المتبادل بينهما هو المؤسس الحقيقي للمعنى الجوهري في المسرح. ولم يكن المسرح في يوم من الأيام حتى مع المسرحيات التاريخية التي تتخذ من التاريخ مجرد خلفية زاهية، أو قطعة زمنية منفصلة، يغوص بأحد الحدين دون الآخر. فإمّا أن يكون بهما ويكون مسرحاً، وإمّا ألاّ يكون بهما فلا يكون مسرحاً.

والسؤال الذي يُطرح في هذا السياق: هل المعنى أو الدلالة والرؤية تتجرَّد لأحد الحدَّين، وتنحاز له وحده ماضياً أو واقعاً؟.. أم أنها تعيد صياغة العالم بمنظور رؤية قوامها تشابك الأزمنة–الماضي والحاضر والمستقبل فوق أرضية مشتركة، ومنطقة متأججة بالصراع والتناقض وعدم التجانس؟.. وإذا كانت هذه الأرضية أو المنطقة التي تشكل مساحة النص (المسرحي) فإننا في هذه الحالة نستطيع اختزال حدِّ الماضي، وإن كان تاريخاً.. أو حكاية أو أسطورة بعيدة مع حدّ الواقع، فبنية النص المتناقضة اللامتجانسة هي قوام هذا الاختزال، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الماضي يقع في بؤرة منظور صاحب ذلك النص المكتوب (المؤلف)، وتبئير هذا المؤلف للماضي ظاهر وخفيّ، مفصح عنه أو مكنون ومعميّ. ولا يتموضع هذا التبئير إلاّ في الواقع الذي يحقق وجود المؤلف. مما يعني أن المسرح في أي عصر من العصور مهما غاب بعيداً مع الماضي، فإن ما ينجزه ليس للماضي وإنما للحاضر / الواقع (الزمن الذي ينجز النص).

إن هذا المعنى يقلب مفهوم الماضي بمعناه التراتبي، ويجعله مقترناً بالواقع في عمود واحد، لأنه في أبسط معانيه على المسرح أحداث وشخصيات تعكس زمنها التاريخي كما تعكس زمن السارد الواقعي (المؤلف/ المتلقي) إما بواسطة قانون الاستدعاء، أو الاستلهام أو قانون التوظيف، أو قانون الإسقاط الطبيعي أو العكسي.. وهكذا فإنه على المسرح يصاغ الماضي–وقد كان واقعاً قبل التشكّل على المسرح–ليكون تشكيلاً للواقع الذي يحدث الآن، أو المستقبل الذي سيحدث في زمن السارد (المؤلف / المتلقي). وفي كل الأحوال فإن هناك بؤرة ثابتة لا تميل عنها الحساسية المسرحية وهي الواقع. وإذا افترضنا هنا الخطيطة المرسومة لمادة المسرح كبوصلة تضم العديد من مستويات الزمن المتماهية بين ثلاثة فواصل رئيسية هي الماضي والواقع والمستقبل، فإننا سنرى مؤشر هذه البوصلة يتحرك أنَّى كان المصدر الأساسي للمادة الخام المكوّنة لشكل المسرحية ومادتها فقط، لكنه سيثبت دائماً أمام مفصل الواقع، كما يبينه الشكل التالي :

إن المكوّن الأساسي لحساسية النظر إلى الواقع لا يمكن افتراضه فوق حدّ منفصل عن الماضي.. فالزمن مسرح مطلق لتكوين هذه الحساسية دون قيود، أو شروط مسبقة، وهذا يعني أن الماضي لن يكون هامشياً على الإطلاق على خشبة المسرح، ولن يكون مجرد استدعاء أو توظيف، وهو ليس خلفية يتمُّ بها تطريز النظر إلى عالم الواقع، وإنما هو سيرورة، وحركة في التاريخ، وهو بهذا المعنى مكوّن جوهري لسلسلة من الأسباب والعلل والصور والأفكار سواء اتخذناها في نص الرواية، أو نص القصيدة، أو نص المسرحية.. وسواء نظرنا إليها فوق خشبة العرض المسرحي.. أو فوق حركة التاريخ.

ثانياً : التراث ليس أقنعة

يتوهَّم كثيرون بأن التراث من حيث كونه أحداثاً وشخصيات وثيمات ومفردات  يشكِّل سلسلة من الأقنعة، يوظفها الكاتب من أجل مراوغة الرقابات المكنونة في المجتمع حول الأفكار وحريات التعبير، وهم لذلك يفسرون انهماك عدد من الكتّاب بموضوعات التراث والتاريخ والأساطير بأنه مؤشر على أزمة الحريات في المجتمعات العربية، وهو مظهر لحضور رقابات السلطة والدين والتقاليد..

وأعتقد أن التفسير السابق لا يرتكز على فهم جوهري للمسرح ولا للتراث، وإنما يعتمد على فهم المسرح بوصفه موضوعات تتقاطع مع المحرمات السائدة في المجتمع.. وقد ساد اعتقاد لفترة طويلة من تاريخ المسرح العربي بأن المسرح هو معالجة موضوعات السياسة والسلطة والمحرَّمات بوجه خاص، سواء اتصلت بالدين أو بالجنس أو بغيرها. وتوسّع هذا الاعتقاد إلى الحدِّ الذي وصل فيه فهم البعض للمسرح بأنه معالجة كل مشاكل المجتمع في آن واحد.

مثل هذه النظرة وضعت المسرح في مواجهة بدون شك أمام المجتمع والسلطة والقوانين والتقاليد، فتحوَّل إلى صفوف السياسة والايديولوجيا، ووقفت منه السياسات الثقافية الرسمية مواقف مضادة، وأصبح–أي المسرح–وسيلة انتهازية في يد المصفوفات السياسية جميعها، ومن ثم قلَّ الإبداع فيه، وكثر الخطاب الايديولوجي المتكىء على التراث.. والمتستر بأقنعته المختلفة من شخصيات وأحداث ورموز اقترنت باستمرار بمعنى السطلة والسلاطين، وما ينضوي في ذلك من دلالات نمطية سائدة ومعروفة في الثقافة العربية.

مثل هذه النظرة «النفعية» «الانتهازية» خلقت أوهاماً مضلّلة حول معنى المسرح أولاً.. وحول كيفية علاقته بالتراث ثانياً.. فالمسرح في سياق هذا الوهم هو المنبر الأوسع للايديولوجيا وللسياسة.. والتراث هو مستودع الأقنعة، وهو المعادل الموضوعي لكل ما يجري بين ظهراني السياسة والسلطة والمواطن والمجتمع من قضايا الاستغلال والظلم وغياب الحريات الخ..

وسط هذا الاعتقاد وتلك الأوهام شاعت مصطلحات «الإسقاط السياسي» و«التوظيف» و«الاستدعاء» و«التثوير» ونحوها مما اقترن باستخدام التراث على المسرح من مصطلحات استهلكها النقد الأدبي لعقود من الزمن.. وهي كلها تشير إلى أن شروط التراث تفرض هيمنتها على كيفية انبناء الخطاب في النص المسرحي.. إنَّ خطاباً بأكمله هو خطاب التراث والثقافة الشعبية وشخصياتها وأقنعتها يراد لها الحضور بشكل مسبق على حضور خطاب أكثر منه تعقيداً ودقة وإشكالية وهو خطاب النص.. وهناك مساحات كبيرة تعمل في خطاب النص المسرحي لم يَنْظُر لها النفعيون السابقون بعين الاعتبار وهي مساحات اللاشعور، والاستيهام، واختراقات العادة والمألوف، واشتغالات اللامنطق في خلق المنطق، واشتراطات أخرى معقدة وغير متجانسة لا حصر لها، تعمل جميعها كمرجع في تكوين خطاب النص بعيداً عن الاستباقات التراثية الجاهزة.

ثالثاً : التراث ليس هوية منغلقة

ارتبط مفهوم المسرح خلال مايزيد عن ثلاثة عقود، وحتى الآن بشعار العودة إلى التراث من أجل خلق مسرح عربي أصيل، أو دراما ذات هوية عربية أو ذات طبيعة درامية عربية. وبينما كان الأوربيون يستلهمون من التراث الشرقي/ والعربي ما يصقل إحساسهم بالمعنى العميق والإنساني للمسرح ومن ثمَّ للحياة، وما يجعلهم أكثر قدرة على امتلاك أدوات وتقنيات ومناهج تجريبية جديدة من أجل تأسيس مفهوم إنساني شامل للمسرح.. أقول بينما ذلك يحدث نجد العكس في المسرح العربي. وما شعار «ربط التراث بخلق مسرح عربي» إلا الصيغة المباشرة المعبرة عن النكوص بالمعنى الإنساني في فن المسرح.. ومن ثمَّ في فهم طبيعة حضور التراث في الحياة العربية.

لقد أصبحت مشكلة المسرح العربي خلال سنوات عديدة تتلخص في الذهاب إلى التراث دون مصاحبات عقلانية، واعتقد الجميع في ذلك نوعاً من التجريبية الجديدة، خاصة أنها توافقت مع إشكالية الأصالة والمعاصرة في الثقافة العربية، وتداعياتها في الفن، والفكر والسياسة والمجتمع والتنمية، وقد كرّست العقود الثلاثة الأخيرة مقولة التراث على المسرح بوصف التراث ممثلاً للأصالة في مقابل القالب المسرحي الأوروبي بوصفه ممثلاً للحداثة أو المعاصرة، وبذا جرى استلهام التراث على هذا النحو التصنيفي المتعسِّف، ووضعت حلقات التراث ومساحاته في سياقات تقابلية مع قوالب مسرحية أوروبية هي في الأصل ذات سياقات تراثية في الثقافة التي تنتمي إليها.. إذ من يستطيع أن يفكّ علاقة المسرح اليوناني بالتراث، أو المسرح الروماني بالتراث، ومن يستطيع أن يجرّد مسرح شكسبير من التراث والتاريخ، أو مسرح أبسن وسترندبيرغ وبرتولد بريخت وموليير وراسين وكورني.. وهل يستطيع أحد أن يفصل اشتغالات المخرجين المسرحيين العظام أمثال ستانسلافسكي ومايرخولد وغيرهم عن تراثهم الثقافي الذي قضوا عمرهم يحفرون فيه، وينقبّون في خلاياه.

ومرة أخرى ينحرف النظر إلى التراث لأسباب غير عقلانية فوق خشبة المسرح، فوسط الخطاب المنغلق على الايديولوجيا القومية الذي سيطر على الثقافة العربية منذ الستينات انهمكت التطبيقات العملية في هذه الثقافة مع مقولة التراث.. فالمشروع القومي لم ينتقل إلى حيّز الواقع في أية تجربة عملية (عقلانية وديمقراطية) وإنما بدأت سلسلة إخفاقاته تتوالى.. وبدأت سلسلة من دعاوى الاشتراكية تتحوَّل إلى سلسلة من دعاوى الليبرالية، وفي هذا السياق وجدت مقولة التراث تربتها بحثاً في الماضي التقليدي، وإثباتاً لإمكانيات الذات القومية والايديولوجية المتراجعة.إن المسرح العربي–إذن–لا يذهب إلى التراث مبرءاً من الاستباقات التاريخية المندمجة في سياقات الظروف الطارئة التي مرت بها الأمة العربية، وإنما انغمست فكرة التراث في هذه الظروف وأصبحت إحدى شروطه.. بينما هي على المسرح تخترقها شروط مغايرة، ومختلفة تماماً عن شروط كونها ظرفاً تاريخياً طارئاً..

أما مسألة الشغف بإثبات الهوية العربية عبر التراث على المسرح فهي تتناقض مع عقلانية التجريب الذي خرجت في أوساطه أولاً.. وهي لا تنسجم مع خطاب النص الذي يتأسس عبر شروط متسقة ومتعارضة، منسجمة وغير منسجمة، وذلك لأن الهوية فعلٌ نشحذ به قراءتنا للنص، إنها شحنة ثقافية نملأ بها ما يسميه رولان بارت بالمساحة الفارغة الموجودة في النص. وهي لذلك طارئة.. ومتداخلة مع نشاط التأويل والقراءة المعاكسة–ربما–للنص. ومن ناحية ثانية فإن شعارات الهوية المطروحة تتعارض مع عقل التجريب الذي يفترض إلغاء حواجز الهوية، وحواجز المصفوفات الاجتماعية التي تصنعها رواسب وأنساق المجتمع الثقافية. ومن أجل ذلك أستطيع القول أن الكمّ الكبير من نصوص المسرح العربي التي ذهبت إلى التراث لم تؤصل مسرحاً عربياً، وإنما استعادت تقنيات أصَّلتها كشوف المسرح الأوروبي الحديث، وخاصة عند بريخت وغيره، والجانب الذي أصَّلته حقاً لا يتمثل في ابتكار تقنيات ووسائل وصور وأشكال، وإنما يتمثل في وضع كمٍّ مسرحي عُني بتفسير وقراءة التراث لا غير. ينطبق ذلك على مسرح توفيق الحكيم وسعد الله ونوس وألفريد فرج ومحفوظ عبدالرحمن وعزالدين المدني وصلاح عبدالصبور وغيرهم.

رابعاً : التراث ليس إسقاطاً

حين نقلِّب أكثر في تلك الأوهام السائدة، ونعيد النظر في تجاربنا المسرحية، بعيداً عن سلطتها ستبدو فكرة المسرح نقية، من النقاء بحيث لا توصف.. عميقة من العمق بحيث لن تدرك.. معقدة وغير منسجمة من التعقيد وعدم الانسجام بحيث أنها لن تجعلنا نفرغ تماماً من قراءتها وتأويلها.. بل إنها لن تتسع لها نصوص تجربة مسرحية محددة في مجتمع مّا، أو محيط مّا.. أما التراث في النص المسرحي فلا يمكن أن أنظر إليه إلاّ بوصفه حركة في نسيج ذلك النقاء والعمق والتعقيد، وهو حركة في نسيج الفضاء الذي يسرده النص. وسواء كان هذا التراث موجوداً أو متناصّاً أو متخيّلاً فإنه عرضة للتناقض والتعارض مع تشكيلات نسيجية موازية لا حصر لها.

سيخضع التراث–إذن–إلى عمليات تحويلية صعبة، وشائكة، استعارات، وتمثلات، وتعارضات لا حصر لها، ستجعله يقوم بالتمثيل.. تماماً كما ستقوم أية مادة مستعارة بمثل هذا التمثيل، سواء جاءت على لسان هذه الشخصية أو تلك.. فالتراث لحمة داخلية من صور وأفكار، وليس شحنة خارجية من إسقاطات التأويل والقراءة، كما افترضت ذلك الكثير من النصوص المسرحية الايديولوجية.. ولذا لا أتمثله إلاّ بوصفه حركة ذهنية تجري داخل النص، وتكوِّن بنيته مع جملة حركات ذهنية أخرى لا حصر لها، لكنَّه لن يكون حركة هامشية، إنه حركة تتصف بالحضور المركزي، والحضور الذي أعنيه أعمق وأشمل من مصطلحات الاستدعاء والتوظيف والإسقاط والتأثير ونحوها.. الحضور هنا يعبر عن هيمنة نسقية لها من القوة بحيث لا يمكن وصفها بأي مصطلح يُقصي درجات حضورها ولو بشكل جزئي، أو يختزلها في سياقات وتجليات هامشية.. إن الحضور الذي أعنيه طاقة متخفّية، وقوة مهيمنة وموجّهة للمفاهيم والتصوّرات. والقوة أو الهيمنة أو الطاقة.. تقرِّب مفهوم الحضور الذي أعنيه من الصيغة النسقية التي تتحوّل فيها مادة التراث إلى أفعال ومواقف وأفكار نفسّر بها الواقع وكأننا ابتعدنا عن التراث، بينما النسقية تنخرط بنا في الحضور الشامل للتراث. وأرى بأن تصوّر علاقة «الحضور» بين التراث والمسرح هذه ستُعين على إعادة تقييم أدبية نصوص المسرح، كما أنها ستُنحِّي الكثير من التصورات أو الأوهام غير الدقيقة في علاقة التراث بالمسرح.

لقد خلّفت تلك الأوهام التي حاولنا إزاحتها–عبر الشكوك، وأسئلة النفي العقلاني–سلسلة من التناقضات المهيمنة في النقد للمسرح من جهة، وفي التنظير للتراث على المسرح من جهة أخرى، فقد ساد النظر إلى التراث بأسلوب توظيفي، أو استدعائي أو استلهامي، أو إسقاطي، وهذه أدوات تنظير لا قبل لها بتشخيص حالة الحضور النسقي للتراث على المسرح، لأنها–في اعتقادي–تتشابك جميعها في تشخيص حالة الحضور «النسقي للتراث».

إن مصطلح «الحضور» يصف لنا بشكل بنيوي/ أفقي ظاهرة العلاقة بين المسرح والتراث، وفي نفس الوقت يهيىء لهذا المصطلح الاستجابة النقدية والفكرية لمحايثة الحضور العمودي للتراث أيضاً، خاصة عندما تصطنع المئات من النصوص المسرحية حضوراً بازغاً (مباشراً) أو تتقنّع بحضور خفي يعيد إنتاج مفاهيم التراث وثيماته، دونما حاجة إلى استخدام حكاياته ومفرداته المباشرة.. وفي كلتا الحالتين فإنّ الذهاب إلى كشف التجليات العميقة لبنية الحضور لابدّ أن يراود نصوصاً عملية بالتحليل والنقد وهو ما أرجو أن أفسح له مقالة أخرى.

---------------------------------
المصدر : الثقافة الشعبية 
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption