أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الجمعة، 8 سبتمبر 2017

ناهدة الرماح مبدعة وأية مبدعة ؟ شمس ساطعة تدفئ أرض المسرح

مجلة الفنون المسرحية

ناهدة الرماح مبدعة وأية مبدعة ؟ شمس ساطعة تدفئ أرض المسرح

صباح المندلاوي - الزمان 

في ربوع وبساتين بهرز الناحية التابعة ادارياً الى متصرفية لواء ديالى فيما مضى وفي الاول من تموز عام 1936 تبصر النور الطفلة ناهدة اسماعيل ياسين القريشي / بهرز التي اطلق عليها ذات يوم “موسكو الصغرى” اثر انتشار الافكار اليسارية والشيوعية فيها ولكونها محط اقبال الجمهرة المتنورة من ابناء شعبنا ومن الشبيبة والطلبة التقدميين عبر سفرات ترفيهية الى حقولها وبساتينها الغناء في المناسبات الوطنية والتقدمية .

في السادسة من عمرها دخلت المدرسة الابتدائية في بهرز والمدرسة عبارة عن حوش كبير تحيط به البساتين وثمة نهر يسمونه “شاخة” على مقربة منها

في المدرسة ثلاث غرف واحدة مخصصة للمديرة وهي من عائلة “المحروك” المعروفة في ديالى وكذلك المعلمات ومن ضمنها المعلمة “فوزية” وغرفة اخرى مخصصة لطلبة الصف الاول والثاني وغرفة ثالثة مخصصة لطلبة الصف الثالث والرابع كانت تبهر زميلاتها بما ترويه من قصص وافلام سينمائية رأتها وفي احايين تنسج من بنات افكارها قصصاً خيالية لهن فيما بعد انتقلت الى مدرسة البتاوين الابتدائية للبنات في بغداد , والتي كانت تتولى ادارتها الست فخرية ومن المعلمات المتميزات فيها الست سوزان والست سهيلة واذ تبلغ مرحلة الشباب , يلفت انتباهها اعلان ينشر في الصحف المحلية في النصف الثاني من خسينيات القرن الماضي حول انتاج فيلم سينمائي عراقي والحاجة الى ممثلات ليلعبن البطولة والادوار المهمة فيها . تبادر وبتشجيع من اهلها المتنورين وتنجح في الاختبار يناط لها دور “معصومة في فلم “من المسؤول” من اخراج الفنان عبد الجبار ولي والى جانب الممثلين المعروفين سامي عبد الحميد والفنان الراحل خليل شوقي ويتم عرض الفلم عام . 1957

هذه الانطلاقة وهذا النجاح يدفعها للانضمام الى فرقة المسرح الحديث والتي تضم كوكبة من الوجوه الفنية المعروفة انذاك من امثال ابراهيم جلال ويوسف العاني وسامي عبد الحميد و خليل شوقي واخرون .

تمثل في مسرحية ” الرجل الذي تزوج امرأة خرساء ” الاناتول فرانس واخراج الفنان سامي عبد الحميد

تتوالى مساهماتها في اعمال اخرى منها ” الخال فانيا” لتشيخوف واخراج عبد الواحد طه و” مسألة شرف ” تأليف واخراج عبد الجبار ولي .

فنانة رائدة

بعد ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 , تشارك في مسرحية ” اني امك ياشاكر” تأليف يوسف العاني والى جانب الفنانة الرائدة الكبيرة زينب

والمسرحية تلامس وتراً حساساً من اوتار الجماهير الغاضبة والمكتوية بنار القمع والارهاب في العهد الملكي فتنال من الاعجاب والتقدير الكثير .

حتى ان الزعيم عبد الكريم قاسم يطلب اللقاء بطاقم عمل المسرحية ويحتفي بهم ويخصص لكل ممثل او ممثلة مكافأة قدرها خمسة عشر ديناراً وياله من مبلغ مجز يومها

بعد احداث الثامن من شباط الاسود عام 1963 تتعرض الفنانة ناهدة الرماح الى الاعتقال في خلف السدة ولشهور عدة وهو ما اكده ابن شقيقها السيد كريم القريشي .

وعند مواصلة فرقة المسرح الفني الحديث بنشاطها المسرحي اواخر الستينات من القرن الماضي , تعاود من جديد العمل في مسرحيات الفرقة .

هاهي تمثل في مسرحية ” انا ضمير المتكلم ” توليفة شعرية اعدها قاسم محمد ولشعراء عرب يؤكدون المقاومة وير فضون التخاذل والمساومة .

وكذلك في “تموز يقرع الناقوس ” لعادل كاظم

و” الرجل الذي صار كلباً ” لازفالدو اراغون ” نفوس″ لمكسيم غوركي و”ابصوت الانساني” لجان كوكتو و” النخلة والجيران” عن رواية معدة لغائب طعمة فرمان واخراج قاسم محمد وحيث لعبت دور “رديفة” زوجة حمادي وقبلها في مسرحية المفتاح “ليوسف العاني وحيث تؤدي دور “حيرة” وفي “الخرابة” للفنان الراحل يوسف العاني وبدون “غنية” عام 1972 تنتمي الى نقابة الفنانين العراقيين .

دور البطولة

عام 1972  تؤدي دور البطولة في فلم “الظامئون” للروائي عبد الرزاق المطلبي واخراج محمد شكري جميل .

تمضي وقتاً ليس بالقليل بالتدريبات على مسرحية “الجومة” للكاتب الراحل يوسف العاني , الا ان السلطة في حينها لم تسمح بعرض المسرحية بذريعة ان المسرحية تنتقد سلطة شاه ايران وهناك اتفاقية موقعة واياها اتفاقية الجزائر والتي بموجبها تم تجريد الاكراد من السلاح في العراق مقابل التنازل عن شط العرب وايقاف تقدم اكراد العراق من قبل شاه ايران , تمثل في فلم “يوم آخر” من اخراج عباس الشلاه , واذ تبادر فرقة المسرح الفني الحديث في العاشر من كانون الثاني عام 1976 لتقديم مسرحية “القربان” عن رواية للروائي غائب طعمة فرمان اعدها ياسين النصير ومن اخراج الفنان الراحل فاروق فياض , يسند لها دور “زنوبة” وفي احدى الليالي وبينما تؤدي دورها على الخشبة تفقد بصرها , فيصعق الخبر طاقم العمل والحضور , اية ليلة ليلاء , ممثلة بارعة ومبدعة ومحبوبة مثل ناهدة الرماح تفقد بصرها .

تتعالى الاصوات الخيرة والمساعي من اجل مد يد المساعدة لها .. وارسالها للعلاج خارج العراق . يبادر رئيس الجمهورية احمد حسن البكر بذلك .. فتشد رحالها الى لندن .

واذ تتأزم الاوضاع السياسية في بلدنا بعد وصول الجبهة الوطنية الى طريق مسدود وشن حملات اعتقالات ومضايقات ضد المثقفين والمبدعين واضطرار الكثير منهم لمغادرة العراق هروباً من البطش والارهاب

تفضل البقاء في مغتربها اللندني .. وبمواجهة المخاطر والصعاب .. وفي احايين تقدم مشاهد من اعمال مسرحية سبق وان قدمتها او تبادر لتقديم توليفة على شكل مونودراما تنطق بمعاناة الام العراقية وعذاباتها ولا تعود الى العراق الا في اعقاب زوال الحكم الدكتاتوري في بغداد في التاسع من نيسان عام 2003 ..تنزل في فندق منصور ميليا .. ومن على خشبة المسرح الوطني تقدم مسرحية “صورة وصوت” اخراج الفنان سامي قفطان الا ان المسرحية لم تترك تلك الاصداء المنشودة .

تمضي فترة قصيرة في بغداد وتعود الى حيث مستقرها في لندن وهكذا خلال الاعوام التي اعقبت الانهيار الذي اصاب العراق تحت وطأة الاحتلال وبأسناد مباشر من المنتفعين والمتنفذين والاميين والسراق واللصوص , نراها تزور الوطن لشهر او شهرين لتتابع ما هو معلق من الامور التي تهمها وفي المقدمة الحصول على تعويض مناسب للبيت الذي تملكه والذي يقع مقابل جامع ام الطبول والذي حولته السلطة الحاكمة ايام صدام الى شارع وبايعاز من امانة العاصمة انذاك.

الى جانب اهمية شمولها بحقوق الفصل السياسي وهي التي عانت وقاست الكثير من اجل مثلها ومبادئها وافكارها المتنورة وانتمائها للحزب الشيوعي العراقي .

ذات ليلة وبعد اول زيارة لها للوطن يدعوها الاستاذ عادل عبد المهدي الى مضيفه وبحضور الشاعر جابر الجابري والشاعر ناظم السماوي وانا والدكتورة خيال الجواهري. وتكريمها لتضحياتها ومهاراتها على خشبة المسرح يضع تحت تصرفها مئة مليون دينار عراقي . لكنها لم تستلم دينارا واحداً مما وضع تحت تصرفها. ما اكثر ما يدور الحديث عن فرقة المسرح الفني الحديث وعن الاعمال المسرحية التي قدمتها الفرقة وابرز الوجوه الفنية التي عرفت بدأبها واخلاصها ومثابرتها وشعورها العالي بالمسؤولية وحسها الجمالي وتذوقها الفني .

ومسرح بغداد تلك المدرسة التي خرجت الكثير من ذوي الطاقات والامكانيات وليشقوا طريقهم في عالم الفني الساحر والجذاب في الثاني عشر من نيسان وحيث يصادف عيد ميلادي استلم منها بطاقة تهنئة على شكل كارت مطبوع تضم مقطوعة شعرية الى جانب صورتها وعنوانها وكلمات بخط يدها . تقول المقطوعة الشعرية وبالعامية :

محلا حياة الوكت

من نجتمع كلنه

والليل هم ينكضي

لا ظلم لا ونّه

ونعيش عيشة هنه

وشمحله موطنّه

وميّج يادجلة حلو

عذب من اشربنّه

وتراب ارض الوطن

هيل من اشمنّه

واللي يخون الوطن

ابداً فلا منّا

بالنار خل ينجوي

وللطيّب الجنة

وقد فاتني في حينها ان أسالها , هل تكتب الشعر الشعبي في اوقات فراغها ؟ ام انه لشاعر سقط اسمه سهواً ان لم يكن آثر الابتعاد عن الاضواء .

فنانة راحلة

في اواسط ايار عام 2012  توجه دعوة من رئيس فرع نقابة الفنانين في بابل الاستاذ زهير المطيري للفنانة الراحلة لأقامة جلسة احتفاء وتكريم لها في الحلة ويحدد يوم السادس والعشرين من آيار موعداً لذلك .

وفي الوقت المحدد اصطحبها معي بالسيارة ونمر على الفنانة اقبال محمد علي القادمة من كندا وعضو فرقة المسرح الفني الحديث وخريجة اكاديمية الفنون الجميلة – قسم المسرح في النصف الاول من السبعينات القرن الماضي وممن برزن في ميدان التمثيل يذكر انها نالت جائزة احسن ممثلة عن دورها في مسرحية “مركب بلا صياد” اخراج الفنان بدري حسون فريد عام 1974 وننطلق بأتجاه الحلة .. ناهدة واقبال يسترجعن الكثير من الذكريات المشتركة في اطار فرقة المسرح الفني الحديث فيما مضى . في جلسة الاحتفاء في نقابة الفنانين ببابل ووسط استقبال حافل .. تحدثنا عن مسقط رأسها بهرز وعن مدرستها الابتدائية وكيف كانوايسمونها “المودلية” أي “العصرية” لأن ملابسها تدلل عليها وكيف نشأت في عائلة سياسية , والدها اول نقيب لنقابة العمال في ديالى , هذه النشأة منحتها الثقة بالنفس رغم كونها فتاة خجولة وحساسة احبت التمثيل دون ان تكون لها ثقافة كبيرة / مجرد وعي سياسي بسيط .. مثلت في فيلم “من المؤول” والاجمل ان امها واختها ونساء شعبيات اخريات لم يروا السينما من قبل مثلوا معها في هذا الفلم .

في طفولتي كانت والدتي حزينة بسبب الاجواء السياسية الخانقة , قررت ان ابدد حزنها من خلال اعتلائي خشبة المسرح , بعد رفع الستارة رأيت امي فرحة وتزغرد هذه اللحظة حفزتني كثيراً.. والهبت مشاعري .. عندها احببت ووجدت فيه قيمة عليا ورسالة انسانية وثورية .

دخلت فرقة المسرح الفني الحديث .. انا وازادوهي صموئيل بعدها جاءت زينب , عملنا مع الرواد بكل مودة ومحبة من اجل المسرح العراقي والوطن .

عام 1957  مثلت في مسرحية “الرجل الذي تزوج امرأة خرساء) تم تمديد موعد العرض , اعطونا المسرح قبل يومين

سابقاً لم اعرف المسرح مثلما هو الآن كانت لديّ صديقة خالها اسمه …. العبيدي , اول مرة دخلنا المسرحية لنراه انتابني عندها شعور خاص مزيج من الاعجاب والتقليد

بدأنا التمرينات على امرأة خرساء , كيف سأمثل وانا البنت الخجولة .. يوم العرض كنت خائفة وارتجف , عملت المكياج وانا مرعوبة , واثناء العرض وانا انزل من على السلالم درجة درجة شعرت بأن اطرافي بردت .. لكن صوتاً جاءني من خلف الكواليس , خذي نفساً عميقاً .. رفعت رأسي ووجدت انارة المسرح ..المسرح يفتح ذراعيه ويحتضنني بحنان لامثيل له . ومنذ ذلك الحين بدأت امثل وامثل .. واسمع ايات الثناء والاطراء . لقد عملت بنكران ذات وتفان رغم الصعوبات التي واجهتنا حيث لا مكان للتدريب , والوضع المادي الصعب , ونظرة المجتمع القاصرة .

أحببت ادواري .. البنت الطيبة.. الام السلبية .. الام الايجابية .. كل شخصية مثلتها كانت تمنحني تجربة وتزيدني وعياً بما حوّالي . كنت اقف خلف الكواليس بخشوع وحينما ادخل  على الخشبة كانني اقدم القرابين .

وعن مسرحية ” الرجل الذي صار كلباً” لازفالدو اراغون تقول :

جاء قاسم محمد بعد ان انهى دراسته الفنية في الاتحاد السوفيتي انذاك وقد جلب معه ثلاث مسرحيات مترجمة الاولى “الرجل الذي صار كلباً” وقد اختار من الممثلين صلاح القصب وروميو يوسف وخليل عبد القادر والمسرحية هذه ليست تقليدية .. انيط لي دور الزوجة والحبيبة والجيران . كانت البداية صعبة , لأنني قدمت فيما مضى اعمالاً تقليدية فمثلاً الديكور شجرة تمسك بغصن ما وتصبح شجرة كانت مساعد المخرج فاضل خليل . الباب تغلق اثناء التمرينات .. وتستمر التمرينات لساعات طوال . مسرحية جديدة ممكن الجمهور يرفضها , وهي تتحدث عن رجل يبحث عن عمل .. رب العمل يقول له : بأن كلب الحراسة توفي هل تأخذ مكانه .. زوجته حامل تخاف ان تلد كلباً لأن زوجها يقلد الكلاب في النباح . كنا خائفين يوم العرض .. لبسنا ملابس اسود وابيض وحذاء رياضة ونؤدي من التمارين الرياضية الكثير . بعد انتهاء العرض ليلاً , شعرنا بفرح غامر بعد ان استقبل الجمهور المسرحية بترحاب كبير . المسرحية اخذت طريقها , والجمهور لم يعد يقتصر على العاصمة .. بل صرنا نرى من المحافظات ايضاً.العراقي يشجع كل شيء مبدع. وعن النخلة والجيران قالت :

ذات يوم قرأت رواية اسمها ” النخلة والجيران” فطلبت من قاسم محمد ان يعدها كمسرحية لنمثلها , قرأتها سبع مرات . ذات يوم سالني : مالي اراك حزينة , سابدد هذا الحزن الدفين .

قلت له بذهول : حقاً؟!

قال : ماذا ترغبين ان تمثلين في النخلة والجيران

قلت له : كل الادوار

قال : كلا .. انت ستمثلين دور “رديفة ” زوجة حمادي العربانجي .

كما تتحدث عن مسرحية “الجومة” للكاتب يوسف العاني وبعد تمرينات طويلة عليها , تمنعها السلطة لأنها تمس شاه ايران والعراق وقع اتفاقية الجزائر مع الشاه وبموجبه تم تجريد السلاح من الاكراد في العراق . وتعيد الى الاذهان مقطعاً غنائياً يرد في المسرحية ويشاركها الحضور في ذلك .

ياحوتة يامنحوتة

هدي كمرنة العالي

وان جان ما تهدينة

اصيح ابوية وخالي

ومما ترويه للحضور :

ذات يوم وحينما كانت تزور السويد , جاءها بعض الاحبة وسألوها : هل انت مندائية

قلت لهم : انا مندائية , مسلمة , مسيحية , تركمانية , شيعية, سنية, اثورية, .. انا عراقية

والدتي واخي ربوني على حب الناس والطيبة والوطن تعلمت من المسرح الكثير .. انا فنانة عراقية قوتي وصلابتي من الشعب , شامخة كالنخلة , اقدامي راسخة وثابتة في الارض العراقية

اتمنى ان تكون شمساً ساطعة تدفئ ارض العراق وتبدد الظلمات والحزن .. اروي عطش العراقيين للامان والاستقرار والعيش الرغيد والحرية .

ومن عالم الفن تنتقل للحديث عن زياراتها للسجون في العهد الملكي وما بعده ومن طقوس الزواج في ارياف ديالى فنسمع منها ايضاً :

ذات يوم رافقت اختي الى “نكرة السلمان” للقاء زوجها الشيوعي عبد الوهاب الرحبي . في المنخفض الذي يؤدي الى السجن , تهنا .. وظهر لنا البدو في الصحراء .. اوصلونا الى بيت مدير السجن .. ومن هناك الى سجن “نكرة السلمان” غرف بداخل غرف اهالي السجناء وصلوا اليهم من كل صوب وحدب .. الاكلات المنوعة تفوح رائحتها .. وثمة سجناء يجيدون الطهي والطبخ بمهارة . راجعنا سجن الكوت . اما سجن بعقوبة فقد زرناه عام 1954 , وكانت المياه فائضة اثر الفيضان الذي اجتاح العراق , اضطررنا ان نركب “البلم” ونخوض المياه لغرض الوصول الى مبنى السجن ولنلتقي الاهل والاقارب فيها. تتذكر طقوس الاعراس في بهرز حيث ينقلون الامتعة والمؤونة الى بيت العريس . في يوم العرس وعلى دقات الطبل وانغام الموسيقى يتم حلاقة رأس ووجه العريس .. يرتدون العباءات الملونة يرتدي العريس ملابس العرب , النساء من اعالي السطوح “يطشون” الجكليت على رؤوس الرجال يحملون الفوانيس واللايتات ويمضون في دروب الناحية من بدايتها الى نهايتها . في اليوم التالي تصدح الموسيقى ايضاً ,يذهبون الى بيت العريس ويتنولون الفطور . في اليوم الثالث يذهبون الى بيت العروس وبما انها امرأة جيدة فنراهم يرددون : امينة في امانيها بديعة في معانيها

تجلت ليلة الخميس

كانوا يشربون من مياه الابار , يأتي السقا ويحمل الماء الى الناس ذات يوم ارسلتني اختي لجلب المياه من البئر , فسقطت في البئر ورحت اولول وابكي .. حتى جاء من ينقذني مما انا عليه . في عام 2013 و2014  لا اتذكر بالضبط , يتم تكريمها من قبل امانة العاصمة في بغداد الى جانب كوكبة من الفنانين المبدعين ولما لم تكن حاضرة اثناء الاحتفالية بيوم بغداد طلب مني استلام الدرع المخصص لها مع المكافأة المالية ففعلت وتم ارسال المبلغ لاحقاً اليها مع احد الاصدقاء الى لندن .وقد ابلغتني عبر الهاتف بأستلام المبلغ . كذلك استلمت المكافأة المالية المخصصة للفنان قارئ المقام الاستاذ حسين الاعظمي الذي يقيم في عمان والذي تعذر حضوره الى بغداد وتم تسليم المبلغ الى شقيقه لاحقاً . واذ اقامت دار الثقافة والنشر الكردية جلسة استذكار للفنان الراحل خليل شوقي , كانت هي حاضرة الى جانب الاستاذ الكبير سامي عبد الحميد والفنان المبدع حمودي الحارثي .. وكنت قد اعددت محاضرة عن الفنان الراحل ابدت ملاحظة على الاعلان المثبت على واجهة المنصة حيث كتب “ابو روناك” للتأكيد على كرديته قالت ناهدة الرماح : ولكن المعروف والشائع هو ابو مي .. وهي البنت الكبيرة

في هذه الجلسة تقدم مشهداً من مسرحية “النخلة والجيران” واستأثر بأعجاب الجمهور. خلال زيارتها المتعددة الى بغداد كانت تتردد على بيت الفنان الكبير سامي عبد الحميد والفنان الراحل المصور السينمائي حاتم حسين وتكن له كل التقدير والاعتزاز وكذلك داري .

مرة وفي بيتي سالتها عما بقي عالقاً في ذاكرتها عن الفنان السينمائي الراحل صاحب حداد ونبرة ملؤها التقدير والاحترام قالت :

انسان رائع .. احبه كثيراً , عام 1963 حينما جاءت الشرطة الى الدائرة لالقاء القبض عليّ , هو من وضعني في سيارته وانقذني من موقف محفوف بالمخاطر وهو الذي طلب مني التمثيل في فلم يوم آخر عام 1978 وفي هذه الجلسة اخبرتها بأن هناك خلية حزبية بأسم ناهدة الرماح تابعة لمحلية المثقفين في الحزب الشيوعي العراقي وقد تشكلت في اعقاب عام 2003 وكذلك ان الفنان جواد الاسدي قد كتب عنها مسرحية بعنوان “الام ناهدة الرماح” تبادر المؤسسات لتكريمها بمكافأة مالية قيّمة لقاء ما قدمته من عطاءات وابداعات عبر مشوارها الفني الذي يمتد لاكثر من نصف قرن من الزمان . في آخر زيارة لها لبغداد في السادس والعشرين من كانون الاول عام 2017 , تعاني كثيراً جراء متابعاتها لدوائر الدولة واصطدامها بمعوقات كثيرة وهي التي تحاول استرجاع حقوقها المهضومة.

فعاليات رياضية

تسافر الى الحلة وتشاطر الشبيبة الديمقراطية واحدة من الفعاليات الرياضية وتقدم للحضور مسرحية “انا ام عراقية” فتلتهب الاكف بالتصفيق لها. ليلة الثالث من آذار الفائت وبعد مشاهدتها للمسلسل المصري – خاتم سليمان- الذي يعرض من قناة الظفيرة الامارتية وبعد اتصال هاتفي بينها وبين ابنتها هند التي تقيم في لندن , تتعرض لحروق في يديها وساقيها وحزء من الحوض وبالماء الحار.. تنقل الى مستشفى الكندي قبيل منتصف الليل .

ازورها في المستشفى وبصحبة مدير المستشفى الدكتور سالم البهادلي نزور قسم الحروق وشريطة ان تكون مدة الزيارة ثلاث دقائق واهمية ارتداء غطاء للرأس وغطاء للاحذية الى جانب مايغطي الجسم عموماً . كل ذلك وخوفاً على المريض من المكوث

احمل اليها باقة ورد .. ويحزنني ان اراها تغط في نوم عميق ربما تحت تأثير المهدئات او المخدرات ولكي لاتكون نهباً للآلام والعذابات .

يطمئنني الدكتور بأن نسبة الحروق 26   بالمئة وهي ليست باعثة على القلق . ولكن الخشية من التلوث . يأتي ابنها وسام .. ويفكر بنقلها الى لندن عبر الطائرة ويرافقها احد الاطباء لحين وصولها الى مطار لندن. ويتم حجز التذاكر . صباح الثاني والعشرين من اذار 2017 وفي الساعة السادسة تحديداً تفارق الحياة .. وتذهب سدى الجهود المبذولة لنقلها الى لندن . يتم نقلها الى الطب العدلي لتشريح الجثة . وبعدها ينقل جثمانها الى مقبرة الكرخ في ابي غريب وتوارى الثرى بعد عمر ناهز التاسعة والسبعين وبعد عمل فني حافل بالتضحيات والابداعات والانجازات .تجري فضائية الشرقية معها ومع الفنان غازي الكناني لقاء للحديث عن مسيرتها الفنية وعند ضريحها وقبرها تنعي نقابة الفنانين العراقيين الفنانة الراحلة ناهدة الرماح وتقدم احر التعازي لعائلتها الكريمة وللاسرة الفنية وللشعب العراقي على هذا المصاب . فلقد خسرت الحركة الفنية في بلدنا احدى الممـــــــــثلات الرائدات الكبيرات حقاً انها مفــــــــــخرة للمســرح العراقي ..ومفـخرة لابناء شعبنا الابي.

(مدخل الى مسرح عادل كاظم )يوثق السمات التي تميز بها المسرح العراقي

مجلة الفنون المسرحية

 (مدخل الى مسرح عادل كاظم ) يوثق السمات التي تميز بها المسرح العراقي


قراءة : قحطان جاسم جواد - اوراق المدى 

ضمن  فعاليات مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي الذي عقد لفترة 6-13تشرين  الثاني 2012 صدرت مجموعة من الكتب المسرحية منها كتاب بعنوان (مدخل الى  مسرح عادل كاظم). وهو من كتاب المسرح العراقي منذ الستينات وحتى يومنا هذا,  ونصوصه لم تتوقف عند المسرح حسب بل كتب للتلفزيون ايضا اهم مسلسلاته   النسر والذئب وعيون المدينة  - الايام العصيبة  - واخيرا قدم بنت المعيدي .
وقام بإخراج مسرحياته ابرز رموز الاخراج في العراق مثل ابراهيم جلال في اكثر من عمل حتى شكلا ثنائيا  بارزا في المشهد الثقافي المسرحي العراقي وكذلك جاسم العبودي ومحسن العزاوي وسامي عبد الحميد وغيرهم. 
الكتاب من تأليف د. شفيق المهدي ويقع في 60 صفحة من القطع الصغير. يقول المؤلف في بداية بحثه عن  مشروع عادل كاظم المسرحي. انه مامن كاتب موضوعي يتناول المسرح العراقي لايتوقف عند تجربة عادل كاظم الثرية والمهمة وانجازاته في المسرح العراقي, بل يقول المؤلف ان النصف الثاني من القرن العشرين  هو زمانه. وبالرغم من وجود كتاب قبله وبعده يبقى عادل كاظم اسما لامعا من بين الجميع.
ان ثقافة عادل كاظم تتأسس على درس ماركسي استطاع ان يتمثله بعمق ودراية، بل وانتماء حاذق  وبوظفة درامية جديرة بالاحترام وهو يكتب نصه الدرامي متاثرا، وان كان التاثير على مسافه مما انجزه(بريشت)، ذلك ان مشروع الاول يقارب مشروع الثاني في رفاه الفكر وحيثيات السرد وعلائق العناصر  البنائية للنص. 
ومازلنا نتذكر مقالاته العميقة التي كتبها عن المسرح الملحمي، التي اثارت درسا وحركة رائعة في وسطنا  الثقافي والاكاديمي، حتى تحولت بعض محاضرات اساتذة  كلية الفنون الجميلة الى مناقشة ماكتبه عادل كاظم وهو يناقش ويحلل(بريشت) واعماله.
ونتذكر جميعا ان سلسلة مقالاته النقدية ظهرت  بعد منع مسرحيته (دائرة الفحم البغدادية) عام 1976 واخرجها صديق عمر عادل كاظم المخرج الراحل ابراهيم جلال, والمسرحية سبق ان عرضت ليوم واحد ثم منعها وزير الاعلام والثقافة.
ويقول د. المهدي: (ان محلية عادل هي التي  جعلته رمزا عراقيا وعالميا وقد كانت نقطة الشروع لديه  مسرحيته (تموز يقرع الناقوس) ثم تبعها بـ (المتنبي) و(مقامات ابي الورد), ثم عمق اتجاهه بدائرة  الفحم البغدادية. ان محلية عادل كاظم كانت واضحة من بغداديته لغة ولهجة وسلوكا عاما، وحتى سلوكه  الخاص. محلية عاصمتها منطقة(الفضل) الشهيرة في وقت كان ينادي به الماركسيون بأن الاهمية  الثانية آتيةلا محال، وان عاصمتها(موسكو)!
واريد ان المح ان عادل كاظم وكأنه في محليته لم يسمع بعواصم العالم الاشتراكي كموسكو وبرلين ووارشو. لان قضاياه تنطلق من ازقة وحواري مدن العراق. فكيف تسنى لهذا الرجل(اي عادل) ان يمشي او يتدرج في ازقة مدن العراق، في زمن كانت القبلة والبوصلة هي (برلين). بل كيف له ان يحقق هذا النجاح، بعد ان لازم في كتابته للمخرج ابراهيم جلال مايتكشف عن نجاح استمر لاعوام طويلة).
ويضيف:ـ ان عادل كاظم  بالاضافة الى المنطلقات الماركسية كان قد تأثر - ايضا - بوجودية سارتر ولعل  بعض حوارات مسرحيته (تموز يقرع الناقوس) توضح بعض تشابك هذا التأثير لاسيما في روح الحوار  في النص والروح الطاغية والسائدة في مؤلفات سارتر مثل(الذئاب) و(جلسة سرية).وكذلك تبرز التأثيرات  حين انطلق عادل بعيدا وهو يقلب سخرية الحوار واهدافه من مرارات سخرية(الجاحظ) وعذابات صاموئيل  بيكت كما في مسرحية  تموز يقرع الناقوس. فعندما يقارن عادل بين(المجنون يصرخ بأعلى صوته(الحمار  قال بأربعة قوائم.. الكرسي لم يقل شيئا) والاشاره واضحة هنا للقوائم الاربعة لدى الحمار والموصوف بالغباء  وبين الكرسي (كرسي الحكم) بعلاقة التشابه من حيث القوائم الاربعة. وهنا  يتحدى عادل  السلطة بقوله ان الكرسي هذا كرسي  غبي ومن كان يتجرأ آنذاك في السبعينات ان يقول ذلك؟!
كذلك هناك اشارات اخرى لاسلوب الثورية اوالتمويه التي يتلعه مثل قوله في مسرحية (ارنيني.. والحقيقة كنا نحرك اقدامنا فقط.. متوهمين السير نحو الامام، غير اننا مع هذا عرفنا اشياء كثيرة عن هذا العالم. عرفنا انفسنا وعرفنا بابل واغتسلنا بنور الحقيقة). وهنا الاشارة واضحة للوهم الذي كنا ننظر اليه على انه الحقيقة! السراب الذي يراه العطاشى ماءاُ. السجين الذي ينظر من خلف عدسات الوهم الى ان الحرية واقع يعيشه بعد خروجه من السجن... ليرى نفسه في سجن اكبر هو سجن العقيدة! والعقائد وفي  لمسة تعبيرية تنطلق من دماغ  ساخن ومن مخيلة جامحة، بل ونبوءة اطلقها عادل اواخر الستينات على لسان(ارنيني) وكأنه يرى نهاية التمرود - العراقي - تأكله الديدان! 
ويشير المهدي في أواخر السبعينات قدم عادل الكثير من الاعمال المهمة لعل اهمها دائرة الفحم البغدادية  وهي ولادة عراقية للمسرحية العالمية(دائرة الطباشير القوقازية) ثم منعت بعد يوم من تقديمها. لان النظام  وجد فيها هجوما عنيفاضده بالكشف عن فساد القصر والحكم. والمفارقة ان المسرحية عرضت في المسرح القومي في كرادة مريم  الذي يجاورالقصر الجمهوري (مقر الحكم)يومها صار النظام يراقب  المسرح العراقي لانه كان يرى فيه مرتعاُ للافكار المضادة وموئلا للافكار الهدامة! فازداد عدد المخبرين  في كلية الفنون الجميلة وكذلك المعهد والمسارح الحكومية والاهلية.
ولم يتنازل عادل كاظم عن افكاره ومواقفه بل ظل يقدم اعمالا يدين فيها السلطة من خلال اسقاط لافكاره او العودة الى التاريخ القريب ليأخذ منها حادثة ما ثم  يبني عليها الموقف الذي يريده للادانة اوالتعرض  للسلطة بطريقة مبطنة كما في مسرحيته (مقامات ابي الورد) التي ناقش فيها انهيار السلطة وحماقتها وتدخلات الاجانب في الحكم ابان القرن الرابع الهجري وانهيار الدولة العباسية, واسقاطها على الاحداث المعاصرة التي كنا نعيشها اواسط السبعينات من القرن المنصرم. وكذلك في اعماله الاخرى ظل واعياُ لدور المسرح وتأثيره من خلال تناول الاسطورة او الحكاية الشعبية، كمحرض ضد الظلم والطغيان.
ومن المفارقات التي يشير اليها المؤلف قضية النبوءة لدى عادل كاظم حول نظام الحكم من خلال تناوله في مسرحية (الطوفان) التي تشير الى نهاية الطغيان والجوع والموت. وهنا يلعب عادل لعبة جديدة في النص فيبدأ من موت انكيدو على عكس ماموجود في الملحمة ثم يوزع قوى الصراع بين ارادات تتحكم بها شخصيات وفق نموذج  معروف في تأسيس الصراع بين الخير والشر. كما يدخل  بعض التجديدات في  تقسيمات النص إذ يوزع الوقائع على (عشرة احداث) وكل منها يحمل عنوانا يشبه المشهد في اعمال اخرى. وهنا يجمع بين ماركسية ماركس ووجودية  سارتر من اجل مناقشة الفقر والغنى والطبقات  والمجتمعات ويناقش سر الوجود واللامعنى ويثأر مع معنى الحرية بين هذين الارتباطين(الماركس - الوجودي) وبين حرية يريدها للاخرين. حرية اجتماعــــية وكسر لنظام الطبقات المستبد.

الخميس، 7 سبتمبر 2017

"لبنان المسرحي": ترميم ذاكرة الهامش

مسرحية عرض الثلج Snow Show لـ ( سلافا بولونين ) التفاعلية والرهان على لغة الجسد

مجلة الفنون المسرحية


مسرحية عرض الثلج Snow Show   لـ ( سلافا بولونين )(1)
التفاعلية والرهان على لغة الجسد

فائز ناصر الكنعاني


تحمل  تذكرة عرض مسرحية ( Snow Show ) المخصص بيعها لاعضاء بطاقة امريكان بريس فقط عنوان مسرح هيلين هايز في نيويورك. اذن مكان عرض المسرحية هو قاعة مسرح  هيلين هايز، 240 غرب شارع 44 (بين برودواي والجادة 8) نيويورك. وان مدة العرض (90) دقيقة. من ضمنها وقت استراحة. مع ملاحظة منع اصطحاب الاطفال الى العرض دون سن الثامنة. فريق العمل قدم من روسيا. والطيف الجمالي الذي حفلت به المسرحية هو من روسي بطبيعته.. من منابع مسرح موسكو للفن الحديث. وعندما تقول (سنو شو) فانك تقول سلافا بلونين. فهذا العمل اذن ملكية تخيلية ل الفنان العالمي الخمسيني سلافا بلونين الذي حاز على لقب اعظم مهرج في العالم. فكان حري بنا نحن ان نشاهد عملا مسرحيا بمستوى ماقدمه سلافا على اساس احتواء التجربة الفنية التاريخية لكل رواد فن التمثيل الصامت. مارسيل مارسو، شارلي شابلن، مع الاشتغال عند تخوم التجربة الحديثة للفن المسرحي في ثلاث مناطق الاولى الاستعمالات في المجازات الجمالية في عقد القراءة/ التلقي البصري بين الجمهور والعرض والثاني في (السينوغرافيا) باعتبارها معطى انتاجيا للدلالات والافكار التي يروم العمل توصيلها سيّما إن العمل يصنف من الاعمال الصوامت. واعتقد ان عملا بستة ممثلين، منهم، ممثل رئيس واحد وبزمن عرض 90 دقيقة يعد نوع من التحديات لملكة وطاقة التعبير الايمائي اولا، والى طاقة تحشيد الاشتغال في الفضاء. Snow Show، عنوان المسرحية. له دلالتين: الاولى تقليدية في عنونة مادة العرض، والثانية جمالية، تنطوي على عنوان شامل للاشتغالات. 

ان (عرض الثلج) كظاهرة طقسية ومناخية يتخلق في ذاتها امتداد جمالي للارضية التي تكتسي بالصقيع. وبين عامود الفضاء النازل الذي يشغله الوفر المتساقط. انها لعبة الطبيعة السينوغرافية، وهي بذاتها تفاحة جاذبية سلافا التي اخترع بواسطتها الاطار الحكائي لعرضه هذا. الشيء الثالث المهم في عرض سلافا هذا هو التفاعلية. والتفاعلية هنا هي نوع من الالتحام/ الاحتكاك/ الزج بين جمهور العرض وممثليه. بين حدث التلقي وحدث العرض، في لعبة الفصل والاندماج، غير ان هذه اللعبة/ التكنيك الذي مارسه سلافاSlava  على جمهوره بنوع عالٍ من الاستدراج السايكولوجي للجمهور لسحبه كليا ليستمريء حتى الممارسات المزعجة من الممثلين ويقابلها بالضحك. ففي احدى (الهجمات) يستولي الممثلون على الجمهور بافعال ابتكارية تخيلية شتى، ويغوص الى ابعد مما نعتقد، فهو في واحدة من الاتصالات التفاعلية  يشرك جمهوره على فرش شبكة عنكبوتية كبيرة تتمتد الى اخر خطوط العرض، حيث يشرنق الجمهور نفسه بنفسه، خط يوصل الى اخر. لقد وجد الجمهور نفسه متورطا في اكمال اللعبة الى نهايتها التي تقتضي تقطيع الشبكة العنكبوتية العملاقة كالجرذان. يصعد سلافا على جمهوره مرات عدة وباساليب عدة وبمفاجئات يعتبرها سلافا انها تقع ضمن اسلوبه الاخراجي وكانه يقول انني اعمل دائما على خلق لحظة جمالية صعبة التصديق. ولعل اقوى دهشة جمالية في تاريخ مسرح القرن العشرين وليست في عرض الثلج فقط.. هو ما حققه في العاصفة الثلجية الضوئية التي صممها سلافا قبيل انتهاء  العرض تلك التي واجهت الممثل الرئيس.. حيث استخدم جهاز طرد هوائي قادر على احداث عصف قوي مؤثر على حجم القاعة مزود بحزمة مصابيح شديدة القدرة تطلق وفرا ثلجيا هو عبارة عن قصاصات ورقية. هذا العصف الضوئي الهوائي الموسيقي كان Background  للمثل الرئيس المهرج سلافا، الذي شكل هنا Foreground متحرك بعباءته البيضاء التي يطوح بها اتقاء للعاصفة احيانا، وللاستسلام لها. حيث يساهم خط الرؤية للموضوعين بقدرة  مذهلة على التعبير بما يجعل راس الشاخص (الممثل) يتفجر، بكونه بؤرة استهداف العصف، مع ان كل مشاهد في العرض كان هدفا سلبيا استهدفه العصف كما الممثل.


  تبدأ المسرحية بدخول المهرج عرضيا، من اليسار الى اليمين وبيده حبلا نهايته في خارج المسرح.. وعقدة الحبل التي بيده عقدة مشنقة، انه بحالة يأس. يحاول ان يشنق نفسه.. لكنه يفكر في النهاية الاخرى للحبل الذي بيده.. يسحب طويلا بالحبل بما يبدو ان لانهاية له.. ثم بتواصل السحب نكتشف.. ان في الطرف الاخر.. رجلا آخر يحمل عقدة مماثلة من الحبل.. يتعدد الممثلون، طيور بطاريق، مسخ. مساكين، في عالم غير مفهوم/ كان المهرج طيلة العرض يحاول فهم المشهد من حوله وكانه ولد للتو، ولكن بتسلسل الاحداث يكتشف ونكتشف معه اننا على كوكب محفوف بالمخاطر. القتل، الموت، الارهاب. الحروب، تسونامي، الزلازل، وخلال اداء سلافا يحاول تحليل مرجعياته الادائية، فهو يذكرك بالاثارات الانسانية لشابلن التي قدمها تعبيرا للحرب الكونية  بما يجعلك تقول ان سلافا هو شابلن اليوم. كما يذكرك بالابعاد  الفلسفية للايمائي مارسيل مارسو وكانه ياخذ الخلاصات والمعاني لكل اسلافه بدء من مدرسة ستانسلافسكي الى كروتوفسكي حيث يكون الممثل ليس طاقة تعبيرية للاداء التمثيلي وانما لانتاج الاشارات الدراماتيكية الاخرى في محيط العرض، كما في صوت العاصفة التي يطلقها الممثل من فمه.. مع عرض الثلج تتحطم الحدود الاسلوبية لجميع المدارس والمناهج المسرحية ليقول لنا انه الان لايوجد منهج محدد، والمنهج هو الجامع، او هو محصلة المناهج. لقد عثر سلافا بصفته مهرجا/ ممثلا/ عظيما في السيرك على المسرح فيه، على القصة التي تكتبها المنظومة الاشارية لفنان السيرك. لكنك لا تستطيع ان تقول انك امام سيرك. البيئة الحاضنة الاساس هي المسرح. وهناك في هذا  العرض لعبة مسرة وألم يطلق فصولها على الجمهور بما يجعله امام مسيرة الاسى الانساني التي يعيشها الفرد اليوم، او باللعب المباشر مع الجمهوربحنكة عالية تنم عن قدرة سايكولوجية في التحكم بالجمهور. حيث استطاع ممثلوا العرض وبحركات من ايديهم في رفع او خفض او التوقف عن اصوت يطلقها الجمهور، وكأن الاخير دمية تحريك. وبالاطار المسرحي االمعاصر يقدم لنا سلافا كما يراه، حلما، جنونا رؤيويا، الحرب ظاهرة تشبه احد اقسام اليوم.. لكن الطائرة التي تقصف المجموع حشرة عملاقة.. هناك مخاطرة عالية بين محنة الوقوع بالمباشرة وبين الارتفاع الى تفسيرات والى منظومة تفسيرات اكثر رقيا من لغتنا اليومية، هنا البالونات المحبوسة في آنية، تطير في الفراغ، حيوانات منوية هاربة هروب عبثي في سايتوبلازما فضاء المسرح. في عرض سلافا ثمة ايمان عال وثقة في ان ما سوف يقدمه.. هو محض قراءة جديدة لألواح مشهدنا المزدحم بعلامات الاستفهام..

 لقد حول سلافا من علامات الاستفهام الى علامات مضحكة، فكان كشابلن،  الذي يحول الاسى الى موقف انفصالي نقدي باعتباره تجربة محلقة مثل البالونات  الصاعدة، والثلج الهابط، لاتستحق سوى الضحك، واذا كان مارسو و شابلن قد اعتمدا على شخصية نمطية وكارزما احادية , فان سلافا هنا خلق/ صنع اكثر من شخصية كارتونية، واستولد شواخص جديدة بالمعنى الجيني. واكثر من شاخص بالمعنى التشكيلي , ان الانسان هاهنا شاخص مسكين مثار للرافة والضحك معا، وهذا اقتراب شابلني، تعمد سلافا ان يوصلنا اليه دون حياء من ربقة الاتصالالاسلوبي، والاستنسخ. كما في التصاق جسده بالشبكة ومحاولاته اللامجدية في التخلص منها. وكأن سلافا يقول اننا جميعا، المتلقين والمنتجين كائنات شابلنية، او ان شابلن هو جزء من مركبات نقصنا/ عجزنا/ الازلية التي تصدى لها المسرح،. اوليس عقاب اوديب لنفسه بفقئه عينية، لحظة من لحظات الكوميديا السوداء، او ليس مضحكا ان يتخذ المرء من نفسه ضحية وجهة قضاء لتصدر للذات اقسى العقوبات على جريمة تآمرت الالهة بصناعتها؟ عرض الثلج، حدث مسرحي عالمي متفرد وهوبحق تتويج للمسرح الكلاسيكي العالمي للقرن العشرين. ولاهمية هذا العرض حصلت كلية الفنون الجميلة في جامعة البصرةعلى النسخة الاصلية لعرض هذه المسرحية  على مسارح باريس , وسوف تعرض ضمن برنامجها الثقافي للتعريف بالمسرح العلمي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*عرضت المسرحية خارج روسيا على مسرح هيلين هايس ثيتر في نيويورك. واستمر العرض من يوم الثاني من ديسمبر عام  2008 الى الرابع من كانون الثاني عام 2009.

قالوا في عرض الثلج:

- هذا العرض. ساخن، سخن، ساخن، لالتقاط الانفاس.  (مجلة انترتينمنت ويكلي )

- الاستثمار العالي، والكلاسيكية  المعطاة بشكل عابر في عرض الثلج هو مايميز جمالية هذه المسرحية النادرة. (صحيفة نيويورك تايمز، لندن).

      - شكرا لك سلافا. لقد ادفئتنا بعرض الثلج. (سيدة كتبت لسلافا).

  اراء عدد من الجمهور:

-         عرض الثلج هو جمال نتفة برد، تنساب قشرتها بوداعة على كتفك، أو تحط على الارضية.

-          عرض الثلج هو صوت ضحكات البالغين التي تتجاوز حدود الرقابة والتحسب.

      - عرض الثلج: هو فرح الاعتقاد ان كل شيء ممكن. هو موجة حزن يودعها القطار في محطة.

     - عرض الثلج: هو الادراك بان الحياة رائعة حقا .

 ملاحظة : منع الاطفال من سن 8 الى اقل من  اربع سنوات من دخول المسرحية بسبب اثار الدخان والضباب،. والموسيقى الصاخبة أحيانا، ورش المياه، والريح الشديدة وقوة مؤثر الثلوج.

(1) - ولد سلافا بولونين في 12/ يونيو/ 1950 في مدينة نوفوسيل في مقاطعة اوريول اوبلاست، في روسيا. من اب يعمل مساعدا في محل تسوق. تخرج من معهد لينين كراد للثقافة السوفيتية، كان ميالا لتقليد شارلي شابلن في سن المتوسطة. قدم عدة عروض صوامت  في العديد من المدن الاوربية. اول ظهور له كان في عام 1981 حيث ظهر في برنامج تلفزيوني بمناسبة عيد راس السنة. ثم شارك في العديد من الفعاليات المسرحية وتنظيم المهرجانات داخل روسيا وخارجها. 
(المصدر: ويكيبيديا).

فتح باب الترشح للمشاركة في الدورة “19”من ايام قرطاج المسرحية

مجلة الفنون المسرحية

فتح باب الترشح للمشاركة في الدورة “19”من  ايام قرطاج المسرحية 

دعت لجنة تنظيم أيام قرطاج المسرحية تنظيم الدورة التاسعة عشرة “19”، وذلك من 08 إلى 16 ديسمبر 2017، وتدعو الهياكل والفرق المحترفة للإنتاج المسرحي، التونسية والعربية والإفريقية، الراغبة في المشاركة ضمن مسابقتها الرسمية وعروضها الموازية إلى توجيه ملفات ترشحها إلى إدارة أيّام قرطاج المسرحيّة بالوثائق التالية:

– مطلب ترشح (يسحب من موقع الالكتروني  : www.jtc.tn)،

–  السيرة الذاتية للمؤلف والمخرج والممثلين والتقنيين مرفقة بصورهم وملخص العمل المسرحي المقترح والتصور الفني والرؤية الإخراجية،

–  البطاقة التقنية للعمل المسرحي متضمنة للمتطلبات الركحية وتحديد احتياجات الإضاءة والصوت،

–  شهادة في تاريخ ومكان تقديم العرض الأول من العمل مع صور فوتوغرافية للعرض المسرحي،

–  ملف صحفي يتضمن المتابعة النقدية والإعلامية للعمل المسرحي والملصقة الإشهارية،

–  تسجيل سمعي بصري لكامل العرض المسرحي بجودة عالية.

هذا وتعلم إدارة أيام قرطاج المسرحية أنه على الأعمال المرشحة أن تكون قد عرضت لأول مرة بعد انعقاد الدورة الثامنة عشرة (18) لأيام قرطاج المسرحية لسنة 2016. وأن لجنة انتقاء العروض وحدها المخولة لاختيار عروض المسابقة الرسمية والعروض الموازية ولها الحق في رفض أي عمل لا يتماشى مع أهداف المهرجان، كما تتكفل إدارة أيّام قرطاج المسرحيّة بالإقامة والتنقل الداخلي.

ترسل ملفات الترشح عبر البريد الإلكتروني أو عن طريق البريد   باسم إدارة أيّام قرطاج المسرحيّة في أجل أقصاه 16 أكتوبر 2017 على العنوان: 16 مكرّر نهج النمسا، البلفدير، تونس 1002.

وللمزيد من الاستفسار يمكنكم التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني: contact@jtc.tn

أو عبر الفاكس: 0021671786829

أو الهاتف: 0021671280678

------------------------------------------------------
المصدر : وزارة الشؤون الثقافية التونسية


أنطلاق الدورة 24 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي في القاهرة في الفترة من 19 إلى 29 سبتمبر الجاري، بمشاركة متميزة من 14 دولة إضافة إلى مصر.

مجلة الفنون المسرحية
 أنطلاق الدورة 24 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي في القاهرة في الفترة من 19 إلى 29 سبتمبر الجاري، بمشاركة متميزة من 14 دولة إضافة إلى مصر.

أ ش أ :

والدول المشاركة هى: مصر، كينيا، ارمينيا، أمريكا، روسيا، جورجيا، الصين، تونس، المغرب، العراق، تشيلي، الأردن، المكسيك، السويد، وبلجيكا. وستقدم فرقها عروضها على مختلف مسارح القاهرة.

وتشارك الصين بعرض "حب التاسعة والنصف" لأهم مخرجي الصين المعاصرين مونغ جينغ هوي، وتشارك أمريكا بعرض "وفاة بائع متجول" للكاتب آرثر ميللر لفرقة "مسرح ميتو" التي قدمت عروضا على مسرح "بام" في بروكلين الذي يعد من أهم مسارح الولايات المتحدة الأمريكية والعالم .

ومن العروض المشاركة "ظلال أنثى" من الأردن تأليف وإخراج إياد شطناوي، ومن المغرب يشارك عرضا "خريف" تأليف فاطمة خورى وإخراج اسماء نوري و "بلا سمية" تأليف وإخراج أحمد حمود، ومن العراق "عشتار" تأليف حيدر جمعة وإخراج بديع نادر خلف و "عربانة" تأليف حامد الملكى وإخراج عماد محمد، كما تشارك تونس بعرضي "ليلة خريف" تأليف وإخراج سيرين أشقر و "نساء فى الحب والمقاومة" إخراج فتح العطارى، دراماتورج مريم العطاري.

ومن مصر تشارك 3 عروض، هى: "يوم أن قتلوا الغناء" للمخرج تامر كرم ومسرحية "الجسر" للمخرج وليد طلعت ومسرحية "شامان" للمخرج سعيد سليمان.

والمهرجان تنظمه وزارة الثقافة، وهو غير تنافسي ويهدف إلى خلق حالة من التواصل والحوار بين مختلف الشعوب والجماعات عن المسرح وأشكال الأداء، إضافة إلي تعريف الجمهور في مصر والمنطقة العربية بأحدث التيارات في المشهد المسرحي، وإتاحة نافذة يطل منها المسرحيون حول العالم علي أحدث تطورات المشهد المسرحي في مصر والبلاد العربية .

وتتميز الدورة 24 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي بمجموعة من الورش التدريبية التي يشارك فيها شباب المسرح المصري ويقوم بالتدريب فيها خبراء مسرحيون من عدة دول منها ألمانيا، لبنان، فرنسا، نيجريا، سويسرا، والصين.

وتلقت ادارة المهرجان طلبات المشاركة في الورش الفنية، وانتهت فترة التقدم للمشاركة فيها أول من أمس، بحيث يجوز لكل راغب في المشاركة التقدم لورشتين كحد أقصى، ولإدارة المهرجان الحق في اختياره للمشاركة في ورشة واحدة فقط.

وعلى هامش المهرجان تقام ورشة "المسرح الوثائقي" لفرقة مسرح "ميتو"، ويقود الورشة الممثل دينيس بوتكس بالتعاون مع أعضاء آخرين بالفرقة.

وتقوم الورشة بإعداد المتدربين لإنتاج عمل مسرحى شامل يثير العاطفه ولكنه فكري في الوقت ذاته. وتهدف الورشة إلى تغيير مفهوم "المسرح الشامل" من المعنى النظري إلى التجربة الجسدية، عن طريق التركيز على استخدام الجسد وأدوات الابتكار لدى الممثل.
وتحث الورشة المتدربين على استخدام جمع أدواتهم الفنية وذلك لتوسيع مداركهم وتحديد الذوق الفني الخاص بهم والتعبير عنه بشكل موضوعي.

ويقوم بوتكس بمزج عناصر من المسرح الكلاسيكى وبعض التقاليد والطقوس من بلاد آسيا مثل: اليابان، الهند، بالى، مونغوليا، وايران، ويستخدم هذا المزيج لدفع المتدربين لاكتشاف تجارب مسرحية جديدة وغير متوقعة.
ودينيس بوتكس فنان وكاتب ومعلم، وهو عضو في فرقة مسرح "ميتو"، نال درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة في كلية جوليارد للدراما وحصل على الماجستير في ممارسة الأداء المعاصر من كلية "جالاتين" في جامعة نيويورك.

شارك فى عدة عروض لفرقة " ميتو"، واعتلى خشابات مسارح حول العالم منها الامارات ومصر والمكسيك وفيينا وغيرها، وهو أيضا مدرب ميداني فى كلية تيش للفنون في جامعة نيويورك، وقاد ورش عمل و دروس فنية في جامعة نيويورك في أبوظبي، ومدرسة اينهورن الابتدائية للفنون المسرحية.

الأربعاء، 6 سبتمبر 2017

"يوميات توتة" لنادين أبو زكي الأسبوع المقبل في "مسرح المدينة": للشجرة ذاكرة تروي بها مآسي الحرب وحاضر أهل الدار

مسرحية "المملكة الزرقاء " تأليف ايمان الكبيسي

مسرح سعدالله ونوس بعين الناقد المصري رضا عطية

مجلة الفنون المسرحية

مسرح سعدالله ونوس بعين الناقد المصري رضا عطية

علي عطا - الحياة 

في كتابه «مسرح سعدالله ونوس: قراءة سيميولوجية» (الهيئة العامة لقصور الثقافة)، يذهب الناقد المصري رضا عطية إلى أن تجربة الكاتب السوري الراحل سعدالله ونوس (1941 - 1992) «مثَّلت كتاباً حفل بتنوعات الرؤى التي تطورت مع الوقت، على رغم ما في نسيجها من خيوط ضامة، تتمثل في القضايا الكبرى التي آمن بها، كالحرية، وتصوراته لطبيعة الاستبداد وأشكاله وسبل مواجهته».
ويضيف عطية في مقدمة الكتاب أن تجربة ونوس، «مرَّت بثلاث مراحل مفصلية كبرى، هي البدايات التي اتسمت بكلاسيكية القالب مع أمشاج من الذهنية والعبثية، ثم المرحلة الوسطى بعد عودته من فرنسا واطلاعه على المسرح البريختي بما فيه من تغريب، وكانت المرحلة الثالثة والأخيرة حيث الموت ومعاودة البحث في الأسئلة الوجودية الكبرى».
ينقسم الكتاب (474 صفحة) إلى مقدمة ومدخل، وأربعة فصول وخاتمة، إضافة إلى قائمة المصادر والمراجع، والسيرة الذاتية للمؤلف. الفصل الأول عنوانه «مأساة بائع الدبس الفقير: استلاب المواطن في تراجيديا عابثة»، والفصل الثاني بعنوان «حفلة سمر من أجل 5 حزيران: ثورة على الذات، ثورة على الشكل الفني»، والفصل الثالث «الملك هو الملك: السلطان والحفاظ على السلطة»، والرابع «الأيام المخمورة: تقلبات الهوية وتبدد الحقيقة».
في المدخل، لاحظ عطية أن مسرحيات ونوس الأولى كانت أكثر تجريداً، وأقل واقعية، أقرب إلى عوالم المثال من عالم الواقع، تحلّق في سماء التفلسف أكثر من درجها بأرض الدراما. وتعتبر مسرحية «فصد الدم» (1963) أولى مسرحيات ونوس التي تتناول قضية الصراع العربي - الإسرائيلي.
وفي مسرحيته «المقهى الزجاجي»، ندد بمحاولات السلطات البطريركية فرض إملاءاتها وبسط سيادتها ومصادرة حق الأبناء في التعبير عن ذواتهم. ومع كثافة الإشارات المحيلة إلى قضايا السياسة في المسرحيات التي كتبها ونوس قبل 1967، فإن تناوله مسائل السياسة الشائكة كان من خلف ستائر الرمز، إذ ارتدى أقنعة مؤسطرة أحياناً، غير أن البنية الهيكلية في غالبية مسرحياته الأولى كانت أقرب إلى حواريات الأفكار، فلم تكن تعنى بإنضاج متنام للحدث المسرحي على نار التصعيد الدرامي.
وإذا كان ونوس طرح في مرحلتيه الأولى والثانية قضية الاستبداد وبطش السلطة الحاكمة والهيمنة الذكورية، بدا أبطال مسرحياته الأخيرة وشخوص حكاياته أكثر إيجابية، مقارنة بالأعمال التي كتبها قبل عام 1989 وهو العام الذي كتب فيه مسرحية «الاغتصاب»، بعد فترة تأمل ومراجعة بدأت عام 1978. وكان للمرأة وجود كثيف في مسرح ونوس في مرحلته الثالثة والأخيرة، كما في «يوم من زماننا» و «طقوس الإشارات والتحولات»، و «الأيام المخمورة».
وسعدالله ونوس الذي يعتبره البعض مؤرخ الهزائم العربية، أنهى بعثة دراسته في فرنسا عام 1968 وعاد إلى دمشق، فعُيِّن رئيساً لتحرير مجلة «أسامة» الخاصة بالأطفال من 1969 إلى 1975، ثم عمل محرراً في صحيفة «السفير» البيروتية، وعندما اندلعت الحرب الأهلية في لبنان عاد إلى دمشق ليعمل مديراً لمسرح القباني الذي تشرف عليه وزارة الثقافة. وأسس مع فواز الساجر (1948 - 1988) فرقة المسرح التجريبي، كما عمل مع علاء الدين كوكش وآخرين على إقامة مهرجان دمشق المسرحي الأول 1969، بحيث عُرِضت خلال هذا المهرجان مسرحيته «الفيل يا ملك الزمان». ومن 1977 إلى 1988 تولى رئاسة تحرير مجلة «الحياة المسرحية».
وجاء في خاتمة كتاب رضا عطية أن تجــربة ونوس تتسم بالتراكم الكمي والكيفي، فكثيراً ما يعيد تناول قضايا سبق أن تناولها، ولكن من منظور جديد، بما يؤكد رؤيته السابقة وكذلك بما يضيف إليها أبعاداً جديدة.
وتضمنت الخاتمة كذلك، أن في مسرح ونوس اختلط الفن بالسياسة، فكان مسرحه سياسياً في مرحلته الأولى قبل 1967، وتسييساً في مرحلتيه الثانية والثالثة، وكان حضور التسييس عنده ينمي وعي الجمهور ويحرضه على الفعل السياسي.
ومما توصلت إليه الدراسة، أن ونوس اعتمد في مسرحه على استلهام التراث في أشكاله المختلفة، كفن الحكواتي وفن الأراجوز والمقهى الشعبي، وقد لجأ كذلك إلى التاريخ ليمتح من قصصه وحكاياته مواد مسرحه. واتسم القالب البنائي لذلك المسرح بثراء الأشكال وتنوعها بين القالب الكلاسيكي والشكل الملحمي، كما غلب عليه لا سيما في مرحلته الوسطى تعدد الحكايات وتوالدها.
ولاحظ عطية كذلك أن ونوس استطاع الإفادة من الفن السردي، فقسم بعض مسرحياته إلى فصول صغيرة، كما هو في السرد، ولجأ أحياناً إلى قيام الممثل بما يقوم به الراوي في السرد من قص الحكاية، أو رواية بعض تفاصيلها على الجمهور.
وإذا كان الحوار هو المرتكز الأساسي للهيكل المسرحي، وعليه ينبني النوع المسرحي، ففي مسرح ونوس – بحسب المؤلف - يكون للحوار أدوار أعمق بجانب أدواره الرئيسية من تقديم الشخوص والمواقف، وجلاء التطورات الدرامية، فمساحات الحوار المتباينة الممنوحة للشخوص وأصوات النص تبيّن مواقفهم من القضايا التي يواجهونها.
ولاحظ عطية أن ونوس يلجأ أحياناً إلى لغة عدمية، لغة ضد منطقية اللغة، في منحنياته العبثية في بعض مسرحياته، تعبيراً عن واقع عبثي يفتقد المنطق. كما أجاد ونوس في توظيف لغة الجسد في مسرحه وفي استثمار الأداء الصوتي والتعبير والإيماءات والحركات، ويلاحظ أن الغالب على الشخصيات أنها تمثل صوتاً، أي فاعلاً سردياً ومعادلاً كنائياً وقناعاً أيقونياً أكثر من تمثيلها وجوداً فردياً لذات معينة.
أخيراً، كان حضور الأشياء الديكورية في مسرح ونوس غير مسرف وغير مغالٍ، فكل شيء إنما يدخل في الفضاء المسرحي لغاية ترمي إلى توليد دلالة، وحفل ذلك الـــمسرح بالتـساؤلات وغلبت عليه في مرحلته الأخيرة النهايات المفتوحة، كما أنه لم يخلُ من مسحة تشاؤمية.

صُدور مسرحية "في إنتظار مُعجزة" للكاتِب أَحمد إِبراهيم الدسوقى

الثلاثاء، 5 سبتمبر 2017

مختبر السرديات يحتفي بتجربة غنام غنام

مجلة الفنون المسرحية


مختبر السرديات يحتفي بتجربة غنام غنام


عمان - الدستور

ضمن برنامج «السرد والدراما»، يستضيف مختبر السرديات الأردني الكاتب والمسرحي غنام غنام في ندوة بعنوان «غنام غنام.. مؤلفا وفنانا» وذلك الساعة السابعة من مساء يوم الخميس 7/9/2017 في نادي الأردن الكائن في جبل اللويبدة بجانب فندق كناري.
يدير الندوة رئيس المختبر القاص والمسرحي مفلح العدوان، وتقدم عبرها الدكتورة صبحة علقم ورقة تعاين فيها الجانب الأدبي، والإبداع السردي في مسرحيات غنام غنام. بينما يقترب الدكتور مخلد الزيودي من البعد الفني عبر ورقته التي تلقي الضوء على جوانب التمثيل والإخراج لدى المحتفى به.
ومن جهة الموسيقى الشريك المهم في المسرح يقدم الفنان نصر الزعبي مقطوعات موسيقية من بعض مسرحيات غنام غنام التي تعاونا سابقا بشأنها.
وسيتخلل الندوة مشهد تطبيقي من منودراما «سأموت في المنفى»، يعقبه حوار مع غنام غنام.
وغنام نفسه يعتبر واحدا من أهم الأدباء والفنانين العرب وعضو نقابة الفنانين الأردنيين شعبة الإخراج. عضو رابطة الكتاب الأردنيين، عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، عضو مؤسس في الهيئة العربية للمسرح، رئيس مكتب الأردن/ الهيئة العربية للمسرح، مسؤول النشر والإعلام في الهيئة العربية للمسرح بالشارقة منذ 2011، عضو مؤسس في فرقة المسرح الحر ورابطة مسرح بلا حدود –رماح، والفنان غنام غنام حائز على جوائز كثيرة في التأليف والإخراج محليا وعربيا وأهمها: جائزة الدولة التشجيعية لأفضل عمل مسرحي متكامل 1995 لمسرحية الزير سالم.

كلمة رئيس المؤتمر المسرحي العراقي الذي نظمته جماعة المسرح المعاصر العراق- البصرة 19/اب /2017 ا. د. عبدالكريم عبود عودة

مجلة الفنون المسرحية

كلمة رئيس المؤتمر المسرحي العراقي الذي نظمته جماعة المسرح المعاصر العراق- البصرة 19/اب /2017 ا. د. عبدالكريم عبود عودة


كلمة رئيس المؤتمر المسرحي العراقي الذي نظمته جماعة المسرح المعاصر
العراق- البصرة 19/اب /2017
ا. د. عبدالكريم عبود عودة
رئيس المؤتمر

   حاجتنا للمسرح هي حاجة معرفية, تنقلنا من حدود السطحيات الى بحر الثقافة, الذي يمدنا بأمواج قادرة على صناعة الحياة .. هكذا ينبغي أن يؤخذ المسرح كجزء من الثقافة الإنسانية الوطنية دوره في البناء .. ومسرحنا العراقي عبر فترات نشأته, وتكوينه, وتطوره لعب دوراً حقيقياً في بناء الحياة العراقية على المستوى الاجتماعي والثقافي, ولقد سجل رجالات المسرح العراقي عناوين للأبداع والتجربة والعطاء على مر قرنين من الزمن .. وهنا يأتي التساؤل هل توقف هذا العطاء ونحن نمر بأحرج مراحل الوجود؟
  الآخر يحاول أن يطمس ثقافة وتاريخ هذا البلد من خلال قسوته في فعل القتل .. ونحن نريد أن نرتقي بفعل ثنائي أنساني سلمي يحكي لهذا الخط الدموي قصص الحياة والحب والصدق. وعليه نحن المسرحيين العراقيين, من الشمال إلى الجنوب, ومن الشرق الى الغرب بكل اتجاهاتنا السياسية وانتماءاتنا الدينية والعرقية أن نشكل ثقافة البلد الأم, ثقافة العراق بكل ابعاده الحضارية والتاريخية.. جميعنا نحتاج الى وعي يوقظ  هذا السبات في مسرحنا .. لننهض بالشارع العراقي نحو ثقافة السلم والمحبة وبناء الوطن.
إننا نحتاج إلى لقاء للمكاشفة, وللتخطيط الاستراتيجي لعملنا المسرحي, لا نعني بهذا اللقاء تهميش الآخر والاتجاه نحو المركزية المقيتة, بل نؤسس في لقائنا جدلاً ايجابياً, نمارس من خلاله أفقنا المعرفي, وخصوصيتنا الجمالية في الاجتهاد نحو تحقيق مسرح عراقي يسعى للمساهمة في بناء الأنسان والوطن, وتأكيد روح البيت الواحد .
    من هذا المنطلق تقترح جماعة المسرح المعاصر, وهي تحمل في صدق اقتراحها مجموعة من الأهداف التي تسير خط اللقاء, أنه اقتراح لإقامة مؤتمر مسرحي عراقي, يجمع كل المسرحيين العراقيين من محافظات هذا البلد العريق .. اللقاء تضمه أجنحة مدينة الطيب, والشعر والثقافة والمحبة .. جميعا سيستظل بأمنا النخلة, أنه المؤتمر الذي نناقش فيه أهم محاور الفعل المسرحي العراقي ، اليوم نتدارس لنرسم خارطة الطريق بوعي أبداعي فاعل, فالمسرح يحقق لنا صناعة حياة جديدة .. المسرح قادر بفعله وتفاعله أن يغير الأحوال .. ويلون سماء الوطن بأجمل الألوان.. المسرح تسامح ومحبة واكتشاف للذات ..
لنساهم جميعاً في هذا العطاء ونؤكد دورنا بعيداً عن السياسة التي خطفت منا أجمل لحظات العمر .. فالسياسة أيها المسرحيون العراقيون فرقتنا, ولا بد للمسرح والثقافة أن تجمعنا تحت راية الوطن والسلام والتسامح والإبداع.

ندوة وطنية في المسرح وفنون الفرجة بتافيلالت الكائن والممكن

مجلة الفنون المسرحية
ندوة وطنية في المسرح وفنون الفرجة بتافيلالت الكائن والممكن

المركز المغربي للمسرح وفنون الأداء
المهرجان الوطني للخطارات بالجرف، إقليم الرشيدية
ندوة وطنية في موضوع : المسرح وفنون الفرجة بتافيلالت، الكائن والممكن. ما بين 9 و 15 أكتوبر 2017 بالجرف، إقليم الرشيدية
............................
 التوقيت: الفترة ما بين 9 و 15 أكتوبر 2017
 المكان :قاعة بلدية الجرف، إقليم الرشيدية
 المناسبة:المهرجان الوطني للخطارات بالجرف
 نوعها:وطنية
 الجهة المنظمة:
 المركز المغربي للمسرح وفنون الأداء
 جمعية الشباب للتربية والأبحاث والدراسات الاجتماعية
 الجهة المشرفة: جمعية مهرجان الجرف
 السياق العام، الإشكالية :
المسرح أبو الفنون، وهو أحد فروع فن الأداء أو التمثيل، يعد شكلا من أشكال التعبير عن المشاعر والأفكار والأحاسيس البشرية، يعتمد في أسلوبه على فني الكلام والحركة باستخدام وسائل ومؤشرات أخرى. نشأ أول مرة في أشكاله التعبيرية اليونانية الشعبية الفرجوية الاحتفالية خاصة الاحتفالات التي كانت تجرى لإله الخمر والترف ديونيزوس، ويعد كتاب أرسطو بعنوان ″فن الشعر‟ أول دراسة نظرية نقدية لشعرية المسرح وقواعده الكلاسيكية، كما ظهر عند جميع الشعوب، عند الصين، وعند الهنود، وعند الرومان..... وقد ارتبط في بداياته الأولى بالمعابد كشكل من أشكال العبادة، غير أن اندثار المعابد حول المسرح إلى الحياة اليومية وأصبح فنا مستقلا بذاته. 
ومنذ تلك الحقبة أصبح المسرح يمارس بقواعده وأساليبه الثابتة التي وضع أسسها أرسطو والمتمثلة في وحدة الحدث ووحدة الزمان ووحدة المكان، إلى حدود القرن التاسع عشر حيث ظهرت مدارس واتجاهات مسرحية طليعية تجريبية رأت في قواعد العلبة الإيطالية نوعا من التضليل والجهل، لأنها كانت تؤمن بتطلعات المجتمع وحاجات الناس إلى ما يستجيب لمتغيرات العصر، ومن أمثال هذه المدارس نذكر مدرسة المسرح الملحمي، ومدرسة مسرح القسوة، ومدرسة مسرح العبث، وكل المدارس التي تلتها.
وقد وفد المسرح إلى العرب من الغرب في منتصف القرن التاسع عشر على يد «مارون النقاش» الذي عرض أول مسرحية له سنة 1847م بعنوان ″البخيل‟ مع نخبة من الشباب ببيروت (لبنان) بحضور الولاة وخدام الدولة، مع أن هناك مباحث أخرى تتحدث عن وجود مسرح عربي قبل هذا التاريخ، ثم عرض مسرحيات أخرى بعد هذا التاريخ مثل ″أبو الحسن المغفل‟ و ″هارون الرشيد‟. وبذلك أنتشر المسرح بجميع الدول العربية.
أما البداية الفعلية للمسرح المغربي كانت مع دخول المسرح بمفهومه الإيطالي إلى سوق الفرجة عن طريق زيارة فرق مشرقية للمغرب والمتمثلة في الرواد التاليين : محمد عز الدين، نجيب الريحاني، فاطمة رشدي، يوسف وهبي، وغيرهم، الذين كانوا يقدمون عروضا مسرحية في بعض المدن المغربية، وجدت هذه العروض جمهورا مغربيا لم يتكون بعد مع أنه يعرف ممارسات شعبية تراثية محلية، إذ تأثر مجموعة من الشباب بهذه العروض المسرحية، منذ بداية العشرينات، حيث اتخذوها سلاحا لمقاومة الاستعمار الغاشم، وبذلك كانت البدايات الأولى للمسرح المغربي بداية ثورية أنتجت فرقا لها أهداف وطنية ثورية.
فلا يمكن إنكار وجود أشكال ومظاهر فرجوية في الثقافة العربية والمغربية خاصة قبل نشأة المسرح المغربي، فالتراث المغربي يزخر بالعديد من الأشكال الفرجوية النابعة من الثقافة الشعبية، والتي كانت ولازالت تمارس في الأسواق و الساحات وأمام الأبواب العتيقة، ومنها كذلك طقوس الزواج والتعازي، ويمكن الوقوف عند فن البساط وفن الحلقة وفن سيدي الكتفي وعبيدات الرما....هذه الأشكال الفرجوية التي صنفت ما قبل المسرحية، خاصة عند الدكتور حسن المنيعي، من الباحثين والرواد المسرحيين من دعا إلى ضرورة دمجها في قالب المسرح الإيطالي، ومنهم من دعا إلى إمكانية تقنينها وتأصيلها وفق خصوصيات مغربية محلية مستقلة عن المسرح الغربي تحت مظلة مسرح عربي مغربي مستقل عن التبعية الغربية.
 والخوض في التراث الثقافي للفرجات الفيلالية يرتبط باستحضار «تافيلالت» العريقة بوصفها فضاء ثقافيا رحبا له امتداداته التاريخية والجغرافية الضاربة في عمق التخوم الجنوبية الشرقية للمغرب. فالفرجات الفيلالية، مثلها مثل الفرجات الإنسانية بشكل عام، تتخذ أشكالا وصيغا متنوعة، وتتمظهر في شكل طقوس وشعائر أو احتفالات أو أعياد، كما يمتزج فيها الرقص بالغناء والإنشاد، وتعتمد اللغات والوسائل التعبيرية بما فيها الكلمة سواء كانت حكيا أو شعرا أو زجلا، إضافة إلى الإيقاع والجسد.
فالتراث الفيلالي يزخر بالعديد من الأشكال و المظاهر الفرجوية الشعبية، إذ أن لكل منطقة من تافيلالت لها شكلها الذي يميزها، حيث نجد أن هناك تشابه و تقاطع واختلاف في بعض المناطق. والمتمعن في حقيقة فنون الفرجة الشعبية بتافيلالت يجدها تخضع لإعداد و تنظيم وتسيير وتنسيق محكم وفق قواعد وقوانين مضبوطة متفق عليها من قبل الفرق و الجماعات التي تقدمها، من حيث النص المرتجل وطريقة العرض و نوع اللباس والتقنيات والوسائل، وكذلك الزمان والمكان.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الفنون الفرجوية تحمل في طياتها التسلية و المرح، و الجد والهزل والخرافة أحيانا، و أحيانا أخرى تثير الاندهاش والاستغراب، غير أننا نجد أن هذا الفن في مجمله بمنطقة تافيلالت يعرف التهميش والقدح أحيانا في ثقافة الحس المشترك عند البعض، مما يفتح المجال في هذه المناسبة العظيمة للدعوة إلى ضرورة البحث والدراسة في خبايا هذا الفن العريق لاختراقه من قبل الباحثين والدارسين المتخصصين في الأدب و التراث وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا وغيرها من التخصصات، من أجل خلخلته وتصفيته وتحديد منطلقاته ورسم معالمه الجديدة بما يعود بالنفع على العنصر البشري الفيلالي وكذا الحفاظ على الموروث الثقافي بما يضمن استدامته.
ولنا في كتاب الدكتور حسن يوسفي، ابن مدينة الرشيدية، بعنوان ''المسرح والفرجات'' النموذج الأصيل، والذي ينطلق، في دراسته هذه، من رهان معرفي يسعى إلى بلورته، وهو اتخاذ المسرح منطلقاً لاستكناه حقيقة الفرجات، أواتخاذ الفرجات أفقا لإعادة التفكير في المسرح، وذلك من خلال الوقوف على الكثير من المظاهر التي تتعلق بالفرجات التقليدية والحديثة على حد سواء، وعلى جوانب من علاقاتها الضمنية أو الصريحة مع المسرح.
ويتساءل المؤلف حسن يوسفي:ما الذي يتبقى من الفرجوي، وما الذي ينضاف إليه، عندما يتحول من سياق الحلقة إلى سياق المسرح؟ ويجيب عن هذاالسؤال بقوله: «إنه،باختصاريفقدقوةتأثيرهفيالمتفرج،لكنهيربحبالمقابلصيغاجديدةللتكيفوالتبلوروفقماتقتضيهشروطالتمسرح. ومن ثم، فالجمع بين الحلقة والمسرح في إطار فرجة واحدة يقدم شكلا هجينا، كما هو الشأن في العديد من التجارب المسرحية المغربية التي ركبت هذه الموجة طمعا في تأسيس هوية خاصة للمسرح المغربي. إنها إحدى اليوتوبيات الكبرى لهذا المسرح تنكسر على صخرة أطروحة الهجنة التي صاغه االدكتور خالد أمين، والتي حاولنا تدعيمها هنا بطريقتنا الخاصة» (حسن يوسفي، المسرح والفرجات، 2012م). وقد خصص الدكتور حسن يوسفي في كتابه ″المسرح والفرجات‟ فصلا كاملا عن ″تافيلالت فضاء للفرجات‟، إذ يعتقد أنه بالإمكان تصنيف الفرجات الفيلالية إلى ثلاثة أصناف كبرى هي: فرجات طقوسية، وفرجات جسدية، وفرجات إيقاعية. وهو يقصد بالفرجات الطقوسية تلك التي تندرج في صلب الحدث الديني أو الاجتماعي المرتبط بالحياة اليومية أو بالفترات الزمنية الحاسمة في معيش الإنسان الفيلالي، وهي تقسم إلى فرجات ذات طابع روحي أو ديني، وتندرج ضمنها طقوس الزوايا، وهنا كفرجات تتخذ طابعا سوسيولوجيا وتندرج في صلب بعض الأشغال الموسمية للإنسان الفيلالي في علاقته بأرضه و بمعيشته.
مما يجعلنا أمام مجموعة من التساؤلات حول الظاهرة المسرحية من النشأة إلى التطور والامتداد في قالبها الأرسطي؟ وأنواع المدارس الطليعية التجريبية التي عملت على تفجير العلبة الإيطالية من الداخل منذ مطلع القرن التاسع عشر؟ وما هي الجماليات الفنية  والفلسفية التي أضافتها؟ وما مدى تأثير وتأثر هذه المدارس بالتراث العربي المغربي والفيلالي خاصة؟ وما هي بعض أنواع وأشكال ومظاهر الفنون الفرجوية الفيلالية؟ وكيفية تصنيف المتن الفرجوي الفيلالي؟ وما المبادئ التي يمكن اعتمادها في نمذجة الفرجات الفيلالية، لاسيما أنها تتقاطع مع الصيغ العامة للفرجات الإنسانية من حيث الوسائل والأشكال التعبيرية، وإن كانت تتميز عنها من حيث طرائق تمثلها لهذه الوسائل ولأبعادها الاجتماعية و الأنثروبولوجية؟ وما نوع العلاقة التي تجمع هذه الفنون الشعبية بالمسرح؟ وما هي أبعاد و آفاق هذه العلاقة؟
 أهداف الندوة :
« التعرف على ظروف نشأة المسرح الغربي وظروف تطوره
« التعرف على نشأة المسرح المغربي وعلاقته بالمسرح الغربي وظروف تطوره
« الوقوف عند بعض المفاهيم الرئيسية التي لها علاقة بالمسرح وفنون الفرجة
« التعرف على بعض المدارس المسرحية الغربية والمغربية و أهم روادها ونوع التأثير و التأثر
« التعرف على أنواع ومظاهر الفرجة الشعبية بتافيلالت
« الوقوف عند بعض رواد المسرح ومظاهر الفرجة الشعبية بمنطقة تافيلالت
« تحديد نوع العلاقة بين المسرح وفنون الفرجة الشعبية المغربية عامة، والفيلالية خاصة
« تدارس آفاق العلاقة بين المسرح وفنون الفرجة الشعبية
 المحاور :
« المسرح و الفرجات وفنون الأداء: مقاربة مفهومية
« المسرح الغربي النشأة والتطور
« الطليعة والتجريب في المسرح
« المسرح المغربي، البداية والامتداد
« الفرجوي بين المسرح وفنون الفرجة
« أشكال ومظاهر الفرجة الشعبية بتافيلالت
« العلاقة بين المسرح وفنون الفرجة.
« حدود العلاقة بين المسرح والأشكال الفرجوية الشعبية وآفاق هذه العلاقة
 مواعيد مهمة:
« أخر أجل لإرسال الملخصات يوم 16/09/2017 إلى البريد الإليكتروني addkorasat1@gmail.com
« يتم الرد على الملخصات المقبولة يوم 20/09/2017
« أخر أجل لإرسال المداخلات كاملة هو يوم 07/10/2017
 شروط المشاركة :
• المشاركة في الندوة مفتوحة في وجه الأساتذة الباحثين والطلبة الباحثين في سلك الدكتورة و الماستر والمحاولين في المجال.
• يقدم ملخص المداخلة في حدود صفحتين على الأكثر، ويتضمن التقديم والإشكالية والكلمات المفاتيح والفرضيات( إن وجدت) والمحاور الأساسية للمداخلة و بعض المراجع التي سيتم الاعتماد عليها.
• الورقة العلمية يجب أن تكون مكتوبة بصيغة word بحجم كتابة 16 و نوعArial في حدود 20 صفحة على الأكثر.
• أن تحترم المداخلة تقنيات ومبادئ البحث العلمي المعمول بها.
• لا تتحمل الجهة المشرفة تعويض المشاركين ولا واجبات التنقل ما عدا التغذية والإقامة.
 معلومات الاتصال:
للاستفسار أو المساعدة أو إرسال الملخصات والمشاركات كاملة :
الصديق الصادقي العماري
رئيس المركز المغربي للمسرح وفنون الأداء
addkorasat@gmail.com
212648183059 +

-- 
*الصديق الصادقي العماري
212648183059+

يشتغل بمهنة التدريس
باحث في علم الاجتماع و الأنثروبولوجيا
.المسرح وفنون الفرجة بالكلية المتعددة التخصصات الرشيدية
.رئيس المركز المغربي للمسرح وفنون الأداء-الرشيدية
.مهتم بقضايا التربية والتكوين و سوسيولوجيا التنمية
.مدير و رئيس تحرير مجلة كراسات تربوية-الرشيدية
.رئيس جمعية الشباب للتربية والأبحاث والدراسات الاجتماعية-أرفود
.كاتب عام المركز المغربي للتأهيل والإنصات-أرفود
.فاعل ومكون و ناشط جمعوي
.رئيس منتدى القراءة و البحث العلمي-أرفود
رئيس منتدى القراءة و البحث العلمي-الريصاني
.عضو المكتب الوطني للمنظمة المغربية للصحافة الإليكترونية-فاس
.أستاذ مرشد بالمؤسسات التعليمية-الرشيدية
مراسل صحفي، معد ومقدم برنامج: فنون الفرجة الشعبية، بإذاعة صوت ورززات
.مؤلفاتي المتواضعة:
        -التربية والتنمية وتحديات المستقبل:مقاربة سوسيولوجية
        -البنيات الأسرية و تأثيرها على التحصيل الدراسي للتلميذ:دراسة ميدانية
        -إشكالية إدماج تلاميذ التربية غير النظامية في المدرسة الإبتدائية
        - سوسيولوجيا التمايز وأشكال التدبير المعقلن
..مواقعي..................... 
كراسات تربوية
www.korasat.com
..............
منتديات كراسات تربوية
www.korasatform.com
..................
نحن على الفايسبوك هي:
https://www.facebook.com/sadiki.amari.seddik

الاثنين، 4 سبتمبر 2017

هناك ليلة ثانية مجهولة بعد ألف ليلة وليلة

مجلة الفنون المسرحية

هناك ليلة ثانية مجهولة بعد ألف ليلة وليلة 

محمد ناصر المولهي - العرب 

الفنان دائم البحث عن التجدد في الطرح والمواضيع وحتى الأساليب، لكنه يستحق في ذلك عدة تتكون من خبراته وقراءاته وحتى من أحداث الواقع التي تختمر في مخيلته وذهنه وتؤثر فيما ينتجه. “العرب” التقت الفنان المسرحي التونسي المقيم بفرنسا شكري علية في حوار حول الفن والمسرح.

حرية التعبير تبدأ من احترام الآخر

لم يكن الفنان المسرحي شكري علية ينوي مغادرة تونس، لكن عطشه للتعرف على الفنون هو ما دفعه إلى المغادرة نحو فرنسا بداية التسعينات بقصد دراسة المسرح.

يقول علية “اكتشفت المسرح في قفصة، لم أكن أعرف المسرح مطلقا، إلى أن اقترح علي صديق هاو للمسرح المشاركة معه في أحد الأعمال التي يقدمها الطلبة، وعندها بدأت أولى اكتشافاتي للمسرح، الطريف أن هذا الصديق الذي أدخلني عالم المسرح انقطع عن هذه الهواية، فيما أنا واصلت درب الاحتراف. بدأت في قفصة أؤدي أعمالا مع مسرح الجنوب حيث تتالت مشاركتي في الأعمال التي قدمها وأشهرها مسرحية ‘عمار بالزور‘ و‘السوق‘ و'صاحب الكلام' و'أبو القاسم الشابي'''.

لكن في تونس رغم تعدد الأعمال لم يكن هناك تكوين خاص بالتمثيل، لذا التجأ علية إلى السفر نحو فرنسا لدراسة المسرح أكثر، حيث درس بداية، كما يقول، في المعهد الوطني للمسرح في رين الفرنسية، ومنها انتقل للدراسة بالمعهد العالمي للمسرح جاك لوكوك، هناك اكتشف أنواعا جديدة من المسرح وانفتح أكثر على عوالم مسرحية لم يكن له عهد بها، إضافة إلى أن المعهد كان يضم دارسين من 35 جنسية، وهذا ما وفر له تكوينا منفتحا على مختلف المجالات، حيث اللغات المتعددة، والمنهج التطبيقي الذي يكسر من خلال الجسد حاجز اللغة.

اشتغل علية بعدها كممثل ولعب في مهرجان أفينيون العالمي للمسرح بمدينة أفينيون الفرنسية، ثم عمل في عدة أعمال منها “البحر الأبيض المتوسط” الذي يحكي عن الاستعمار الفرنسي لشمال أفريقيا.


مسرح "حركة"

يقول شكري علية “الخطوة الأبرز في مسيرتي كانت تكوين فرقة ‘حركة’ بباريس والتي قدمت من خلالها أول عمل لي بعنوان ‘الساعة التي لا نعرف فيها شيئا أحدنا عن الآخر’ وهي عمل مقتبس عن الكاتب بيتر هندكه. بعدها تتالت الأعمال التي أخرجتها وقدمتها في فرنسا وفي بعض البلدان العربية كالمغرب، منها مسرحية ‘الحروب الصليبية’ نص الكاتب الفرنسي ميشال أزاما وهو عمل مستوحى من حرب لبنان، وقدمت أيضا أوبيرات في إطار مسرح غنائي، ثم عملا آخر بعنوان ‘عنبر في بلاد الجن’ وهو للأطفال والكبار على حد سواء”.

تنوعت تجارب شكري علية لكن بقي هاجسه التواجد بين ثقافتين، ثقافة الفنان القادم من جنوب تونس وثقافة الفنان المتكون في أكبر مسارح فرنسا، من هنا ولدت فكرة تجربته المسرحية الأخيرة، التي لا تزال قيد الإنجاز بالاشتراك بين مركز الفنون الدرامية والركحية بقفصة ومسرح “حركة” بفرنسا.

العمل المسرحي الأخير لشكري علية بعنوان “الليلة الثانية بعد الألف”، وهو وليد أفكار بقيت تختمر في ذهن الفنان لسنوات طويلة منذ هجرته إلى أوروبا، وكانت الأحداث المتتالية التي انعكست على العالم العربي قادحا لها، حيث منذ أحداث 11 سبتمبر بأميركا وبعد تتالي الأحداث الإرهابية بمختلف مناطق العالم، تضررت صورة الإنسان العربي ووقع تشويه تاريخ العرب وحضارتهم بشكل كبير، ينكر كل ما لها ويستحضر كل ما عليها، هذا ما جعل علية يتساءل: هل حقا هذه الحضارة التي عشتها؟ كيف كنا؟ كيف أصبحنا؟

وكثيرة هي الأسئلة التي تحاول استكشاف حال العرب اليوم، لذا كانت “الليلة الثانية بعد الألف” تساؤلات تقودها شخصية شهرزاد التي لا تحضر بشكل كبير بل تمثل فقط الخيط الرابط للحكاية. كما تحضر في المسرحية شخصية شهريار الذي يرمز إلى الحكام العرب، وواقع الانهيار الذي تعيشه الأنظمة والدول العربية بسبب الجهل والتسلط.

يقدم علية في مسرحيته قراءته الخاصة للتاريخ العربي، بعين معاصرة، تحاول أن تمسك بأسباب الهوان والتراجع، والتقوقع التي طرأت عند الكثيرين، ما خلق منهم جماعات متعصبة، لا تنتج سوى العنف، فرأي علية أننا “عندما فتحنا الكتاب تطورنا وعندما أغلقناه جهلنا”.

شكري علية يعتمد على أسلوب مدرسة لوكوك في تأدية عمله المسرحي، من خلال التفاعل بين المخرج والممثلين
يعتمد شكري علية على أسلوب مدرسة لوكوك في تأدية عمله المسرحي، من خلال التفاعل بين المخرج والممثلين، فكل مكونات العرض تتطور على الركح وتنمو فيه، فلا شيء ثابتا مسبقا لا النص ولا الكوريغراف ولا التصور الإخراجي، هذا كله بمسحة من الرقص، الذي يرى الفنان أنه يعطي شاعرية كبرى للمسرحية، شأنه شأن اللغة، وسيقدم المخرج عمله في تزاوج بين العربية والفرنسية.


ليس دروسا

“الليلة الثانية بعد الألف” مشروع مسرحي تطلب سنوات ليختمر في ذهن شكري علية، إذ يمثل رؤيته الشخصية وإحساسه الخاص، وهو ما يتطلب في رأيه بحثا كبيرا، وأن يقود هو كتابة النص الذي يمثل رؤاه، حيث اللغة في رأيه للجميع وهي جسر قبل أن تكون حدّا.

يطرح علية الكثير من القضايا في عمله الأخير، مثل الهوية، التي يبحث عنها الجميع اليوم سواء في تونس أو في العالم العربي أو حتى في أوروبا، إذ بات البحث عن الهوية هاجس الإنسان اليوم في عالم أشبه بقرية، كما يقول ضيفنا.

ويلفت علية إلى أن عمله الأخير “الليلة الثانية بعد الألف” سيقدم في فرنسا خلال شهر فبراير 2018، ولكنه يطمح إلى تقديمه في تونس قبل ذلك في أيام قرطاج المسرحية.

عن الفن في واقع تونسي اكتسب حرية التعبير، يرى شكري علية أنه على الفنان اليوم أن يحاول تقديم أعمال محترمة جماليا وفكريا، وهذا ما نجح فيه كما يقول عدد من المخرجين الشباب، إضافة إلى أعمال سفير المسرح التونسي الفاضل الجعايبي مثل “العنف”، أو عمل أخير شاهده بعنوان “الشقف” لسيرين قنون، ويقر علية أنه غير متابع بشكل جيد للساحة المسرحية التونسية بحكم إقامته بفرنسا، لكنه لا ينفي بعض المشاكل التي يعانيها المسرح التونسي مثل ميل البعض إلى تقديم أعمال تجارية، وهو حقهم كما يقول، ويبقى منوطا بالفنان الحقيقي تقديم أعمال محترمة وغير تجارية، إذ الفن في اعتقاده رؤية كاملة، والمسرحي يجب أن تكون عنده رؤية وأخلاق.

يوافق علية على رأي الفاضل الجعايبي بأن التلفزة أضرت بالمسرح، ولكنه يرى أيضا أن المهرجانات ساهمت في إلحاق ضرر كبير بالمسرح التونسي، إذ يقوم عليها أناس يميلون إلى عرض ماهو تجاري وتجاهل الفني، إضافة إلى فقدان الكثير من المهرجانات لخصوصياتها حد أن بعضها تخلى عن تقديم الأعمال المسرحية.

يرى علية أن حرية التعبير مكسب هام جدا للتونسيين اليوم وللفنان التونسي على وجه الخصوص، لكن حرية التعبير في رأيه لا يجب أن تتحول إلى فوضى، حيث حدثت الكثير من اللخبطة في عدد من الأعمال التي فقدت قيمها الجمالية والفكرية متحججة بحرية التعبير، فيما حرية التعبير تبدأ من احترام الآخر لا احتقاره. هناك من يحافظ على الرقابة الذاتية، وهي أمر جيد أحيانا، وهناك من ينجرف إلى الشتيمة وتقديم أعمال لا تتجاوز الغضب.

يؤكد علية أنه منفتح على التعلم دائما من الجميع، ثم المسرح اليوم، في رأيه، لا يعطي دروسا، إذ دوره الحقيقي، كما يقول، هو إثارة التساؤلات.

عادل حكيم يغادر مسرح الحياة قبل عرض مسرحيته الأخيرة

مجلة الفنون المسرحية
  

عادل حكيم يغادر مسرح الحياة قبل عرض مسرحيته الأخيرة

محمد يوسف - العرب 

حياة عادل حكيم مدير مسرح 'إيفري كانت حافلة بعدة تواريخ وأمكنة بين قارات العالم ترك إرثا عريقا من خلال موهبته والتزامه بقضايا العدالة والمساواة.

 نعت الأوساط الثقافية والفنية الفرنسية رحيل مدير مسرح “إيفري” الكاتب والمخرج المسرحي الفرنسي المصري عادل حكيم عن عمر ناهز الرابعة والستين، عقب معاناة من المرض استمرت ثلاث سنوات.

حياة حكيم حافلة بعدة تواريخ وأمكنة بين قارات العالم، فقد ولد في القاهرة سنة 1963 من أب لبناني مصري وأم إيطالية، عاش بعد ذلك في لبنان قبل أن يصل إلى فرنسا من أجل متابعة دراسته وتحضير رسالة الدكتوراه في الفلسفة.

أثناء عمله مطلع الثمانينات من القرن الماضي في “مسرح الشمس” الذي تديره أريانا منوشكين التقى بإليزابيث شايلوك وأسسا سوية مسرح “لا بالانس” عام 1984، ليتم تسميتهما فيما بعد لإدارة مسرح “إيفري” صاحب الإرث العريق لا سيما عقب إداراته من قبل المخرج المسرحي الفرنسي الشهير أنطوان فيتيز بين عامي 1972 و1981.

مع مسرح مدينة إيفري بدأ اسم حكيم في الانتشار وأصبح المكان محط اهتمام بالغ بتجربته، فاستطاع أن يجتذب تجارب مسرحية عديدة من الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية.

منذ البدايات استطاع حكيم أن يحظى بسمعة طيبة مبرزاً موهبته وسعة إطلاعه والتزامه بقضايا العدالة والمساواة، فقدم عمله الأول “لعبة الحب والمصادفة” لـ ماريفو في “لابالانس” العرض الذي جال فيه مسارح عديدة حول العالم. كما أنه قدم كلاسيكيات شكسبير وراسين وغولدوني وأسخيلوس وبيرانديلو وغيرهم برؤية معاصرة وبروح زمنه وصراعاته وتناقضاته.

ومن الأعمال المسرحية التي نفذها مع مسارح عربية كان نص سوفوكليس “أنتيجون” الذي أنتجه مع المسرح الوطني الفلسطيني، فقدمه باللغة العربية وحصل على جائزة النقد لأفضل عرض مسرحي أجنبي سنة 2012. كذلك سبق له أن عمل مع العديد من المسرحيين الشباب في اليمن وتونس وأميركا اللاتينية.

كتب الفنان الراحل عدداً من النصوص المسرحية التي قدمت على مسارح فرنسية عديدة بواسطة مسرحيين شباب، من هذه الأعمال نذكر “أغنية الليل”(1994)، و”أم”(2001)، و”آلة في الخوف”(2016). كما درّس مادة الفن الدرامي في مدارس الفن المسرحي في فرنسا وتونس والتشيلي والأرجنتين.

ظل حكيم حتى آخر أنفاسه مؤمناً بأهمية خشبة المسرح وبدورها في الدفاع عن قضية العدالة والحقوق، لكنه غادرها قبل أن يشاهد بأم عينيه عروض “ورد وياسمين” التي من المقرر عرضها في مارس العام المقبل.

“ورد وياسمين” هي الإنتاج الثاني للتعاون بين المسرح الوطني الفلسطيني ومسرح “إيفري”، يحاول فيها المخرج والكاتب الفرنسي المصري الأصل عادل حكيم كتابة تاريخ إنشاء دولة الاحتلال مستعرضاً تطورها وتغولها ومعاناة الفلسطينيين بسببها في الداخل وفي دول الشتات.

د. ملحة عبد الله تطلق مبادرة للم شمل المثقفين العرب

مجلة الفنون المسرحية 


 د. ملحة عبد الله تطلق مبادرة للم شمل المثقفين العرب

 أ ش أ

أطلقت د. ملحة عبد الله سيدة المسرح السعودى مبادرة للم شمل المثقفين العرب على مائدة الوئام، وتحت ظلال الحب والصداقة، بعيدا عن قاعات المؤتمرات وصليل الأقلام وصالونات الجدل، لافتة إلى أن الهوية العربية أو "العروبة" هى المداد الحقيقى للمثقف العربى، وأنه يجب أن تجرى فى عقولنا كما تجرى الدماء في عروقنا.
وقالت ملحة، فى تصريحات صحفية، أحلم بقيام مؤسسة عربية عربية تجمع شمل المثقفين، كأسرة واحدة لخلق نوع من النماذج والتلاقى، على غرار معسكرات الكشافة التى يعود اصحابها، بعد كل رحلة، أكثر صداقة وترابطا ومحبة وحرصا على التواصل واقامة شبكة علاقات اجتماعية قوية".
ونبهت الأديبة السعودية التي تشغل أيضا منصب الأمين العام لجائزة "باديب" للهوية الوطنية على أن الشعوب العربية على مستوى الوطن العربى توجد بينها علاقات صداقة ومصاهرة وحب وتزاوج ومصالح عديدة، بينما لاحظت شيوع التنافر بين المثقفين في الآونة الأخيرة وحساسيات نفسية، محذرة: "بدأت استشعر خطر ظهور "نشاز" خاصة، واننا نعانى سيولة فكرية مع كثرة وتعدد وسائل التعبير والكتابة والنشر الإعلام والقنوات الفضائية والتواصل الاجتماعي".
ودعت الى إعادة توظيف مواقع التواصل الاجتماعى بشكل يوحد ويؤلف بين المثقفين، بدلا من هذا التراشق، مؤكدة أهمية دور الحكومات ورجال الأعمال في جمع شمل المثقفين من أجل أعادة الوعى العربى بحيث يصير القلم العربى في خدمة العلم والوعى وليس لأغراض أخرى.
وشددت الكاتبة على ضرورة عدم اخضاع العقل والقلم للمساومة لان الثقافة قيمة والقلم والفكر قيمة يجب أن لايتم التعامل معها كسلعة تباع وتشترى، مشيرة الى ان الوعى الحقيقى مصدره الشعب ويجب الحفاظ عليه بقوة ضد محاولات التزييف والثقافة الانهزامية وتفتتيت الذات.
وأشادت الكاتبة بقوة ومتانة العلاقات المصرية السعودية، التى وصفتها بانها نموذج يحتذى في مجال العلاقات العربية العربية والعربية الاسلامية، وحجر الزاوية لضمان نجاح اى مشروع للتكامل العربى والاسلامي. وقالت: "أنا سعودية الاصل مصرية الهوى ويجرى حب مصر في عروقى مثلما تجرى مياه النيل بين سهولها ووديانها وأحب العيش فيها مثل حبي لاسرتي واحفادي".
وحول قضية الإرهاب، أعربت ملحة عن اعتقادها بأن الإرهاب ليس له وطن، والسلاح الوحيد لمكافحة الإرهاب هو الوعي، وصناعة الوعي الجمعي يحتاج الى تضافر جهود جميع الجهات المعنية على المستويين الشعبى والرسمى وخاصة وسائل الاعلام التى تقع عليها مسئولية كبيرة، لافتة الى خطورة بعض القنوات الخاصة التي تبحث عن الربح وتجري وراء الإعلانات وزيادة أعداد المشاهدة، باى ثمن، وهو ما أدى الى تزييف الوعي العربي وتشتيته.
وحول جائزة "باديب" السعودية للهوية الوطنية، التى تم اطلاقها في مصر مؤخرا، اعربت ملحة عن اعجابها الشديد بالاقبال الكبير على التقدم للجائزة مما يكشف عن تزايد اعداد المبدعين بين الشباب العربى في مختلف مجالات الفن والثقافة. وكشفت عن انه يجرى حاليا بحث التجاوز عن شرط السن للتقدم للجائزة وفتح الباب لمن هم دون الـ18 ومن هم فوق سن الـ40 حتى تتاح الفرصة لاكبر عدد ممكن من المبدعين بناء على الخطابات التى وصلتنا سواء من صغار الشباب او من كبار السن.
وقالت إن "جائزة بأديب للهوية الوطنية" هي جائزة ثقافية عربية مقرها الدائم "القاهرة"، برعاية وزارة الثقافة المصرية، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وتحمل في دورتها الأولى اسم السيد "عمر مكرم" نظرًا لدوره وتاريخه الوطني.
وتنقسم الجائزة إلى خمس مسارات ثقافية وهي: الشعر، والقصة القصيرة، والنص المسرح، والرسم، الفن التشكيلى والتأليف الموسيقى، وتمنح كل عام لأحد المشاركين الفائزين من مختلف البلدان العربية، وهي خاضعة لمعايير الإبداع بعيدا عن أي توجه ديني، أو سياسي، أو أيديولوجي فكري، أو مذهبي، ناهيك عن أي تمييز عرقي، أو بحسب اللون أو الجنس، رغبة في أن تكون جائزة عربية مستقلة، لا تخضع لأي تأثيرات من هنا أو هناك، سوى ما تُحتمه القيم والثوابت المتفق عليها إنسانيا ، والجائزة تستهدف الفئة العمرية من سن 18 : 40 عاماً ، وتبلغ قيمتها المالية إلى 750ألف جنيه مقسمة على المسارات الخمس للجائزة .
ويتم الترشح للجائزة من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة والشركات والهيئات والأفراد، كما يمكن للأفراد والجماعات الفنية والفرق الشعبية في مختلف الفنون المطروحة، أن تتقدم للمنافسة على الجائزة.
جدير بالذكر أن الأديبة السعودية دكتورة ملحة عبدالله تعد أول دارسة أكاديمية سعودية للمسرح، وأول كاتبة سعودية متخصصة في مجال علوم المسرح، وأول امرأة تحصل على جوائز دولية ومحلية في النص المسرحي، وأول من أصدر كتابا عن العادات والتقاليد في السعودية، وأول امرأة سعودية تعمل مراسلاً صحفياً معتمداً من الهيئة العامة للاستعلامات بالقاهرة.
وهي أول من أصدر نظرية عربية في المسرح ”البعد الخامس“، وأول من أصدر موسوعة في نقد النقد "حكمة النقد بين الأنس والاغتراب" وأول وكيلة قناة سعودية بالخارج "قناة ديوان العرب"، وأول امرأة تكرم في المملكة في مجال المسرح ”تكريماً رسمياً“، وأول امرأة عربية تحصل على جائزة الهيئة العالمية للمسرح عن نص "العازفة"، وأول جائزة دولية في المسرح السعودي، وصاحبة أول نص تجربة عالمية مونودراما طفل للكبار "بن الجبل"، وأول من حصل على درجة الدكتوراه الفخرية في المسرح في السعودية، وأول من عمل على تحديد مفهوم المصطلح "مونودراما". وقد عرض لها ما يقارب 45 عرضا مسرحيا في القاهرة وفي الدول العربية. وتخرجت ملحة من أكاديمية الفنون بالقاهرة، قسم النقد والدراما، وحصلت على دبلوم اللغة الإنجليزية من كلية البرازيل بإنجلترا، وعلى الماجستير "العبد الخامس في التلقي والمسرح"، والدكتوراه في النقد والدراما "حكمة النقد بين الأنس والاغتراب" من جامعة بركلي الولايات المتحدة الأمريكية، كما حصلت على الدكتوراه الفخرية من الأمم المتحدة (يوناريتس) عن البعد الخامس وتطور الفنون، إضافة إلى الدكتوراه الفخرية من الأمم المتحدة عن محاربة الإرهاب وخدمة السلام العالمي. وحصلت ملحة على العديد من الألقاب الفخرية، إلا أن اللقب الأقرب إلى قلبها هو "سيدة المسرح السعودي" الذي نالته عن جدارة، لقاء ما قدمته من أعمال مبهرة خدمت المسرح وعشاقه في السعودية والوطن العربي 

.
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption