أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الاثنين، 5 يناير 2015

تتويج «الإسكافية» بالجائزة الكبرى لمهرجان المسرح الشبابي

مدونة مجلة الفنون المسرحية
تتويج «الإسكافية» بالجائزة الكبرى لمهرجان المسرح الشبابي
تتويج «الإسكافية» بالجائزة الكبرى لمهرجان المسرح الشبابي


توجت مسرحية «الإسكافية» لمركز شباب سميسمة بالجائزة الكبرى لمهرجان المسرح الشبابي في دورته الخامسة الذي نظم خلال الفترة ما بين 28 ديسمبر الماضي و3 يناير الحالي برعاية وزارة الشباب والرياضة وتبارت فيه عروض مسرحية هي: «مقامات» للنادي العربي الرياضي من تأليف أحمد المصطفوي وفكرة وإعداد فيصل رشيد وإخراج أحمد العقلان و«أيها الحي أنت ميت» لنادي قطر الرياضي من تأليف وإخراج حنان صادق و«سيف»، لمركز شباب الدوحة، من تأليف أحمد المفتاح وإخراج أحمد الفضالة و«حصة»، للمخرج علي الشرشني، عن نص للكاتبة فاطمة المزروعي و«الإسكافية» من تأليف جارسيا لوركا، وإعداد أحمد خليفة وإخراج فهد الباكر و«إمبراطورية في المزاد» لمركز شباب برزان من تأليف علي أحمد باكثير وإخراج صالح محمد المري.
وأعلنت لجنة التحكيم التي كانت مؤلفة من الفنانين: سيار الكواري وعبدالله دسمال الكواري وعبدالعزيز جاسم عن الجوائز التي فازت بها العروض والفنانين، حيث جاءت على الشكل التالي:
- شهادة تقدير للطفلة مريم عامر عن مشاركتها في مسرحية «الإسكافية».
- شهادة تقدير لعبدالحميد الشرشني عن دوره في مسرحية «سيف».
- جائزة أفضل ممثلة واعدة لهدى المالكي عن مسرحية «الإسكافية»
- جائزة أفضل ممثل واعد لمحمد الأحمد عن مسرحية طسيف».
- جائزة أفضل ممثلة دور ثان للارا مرعي عن مسرحية طحصة».
- جائزة أفضل ممثل دور ثان لمحمد عادل عن مسرحية «مقامات».
- جائزة أفضل ديكور لمسرحية «سيف».
- جائزة أفضل إضاءة لمسرحية «أيها الحي أنت ميت».
- جائزة أفضل موسيقى ومؤثرات لمسرحية «إمبراطورية في المزاد».
- جائزة أفضل ممثلة دور أول مناصفة بين أمينة الوكيلة عن مسرحية «الإسكافية» وزينب علي عن مسرحية «أيها الحي أنت ميت».
- جائزة أفضل ممثل دور أول لعبدالله الهاجري عن مسرحية «سيف» و«مشعل الدوسري عن مسرحية «إمبراطورية في المزاد».
- جائزة أفضل نص لمسرحية «مقامات».
- جائزة أفضل إخراج لفهد الباكر عن مسرحية «الإسكافية.
وكانت سيار الكواري قد ألقى كلمة باسم لجنة التحكيم أشار فيها إلى مدى الدعم والتشجيع الذي حظيت به الفرق المشاركة، مشيراً إلى أن اللجنة عقت ثمانية اجتماعات لتقييم العروض حيث خرجت بمجموعة من التوصيات ومنها: ضرورة أن تكون مواضيع العروض اجتماعية لها علاقة بالشباب، وزيادة قيمة الدعم المادي الممنوح للفرق وزيادة عدد الورشة التدريبية في شتى عناصر العرض المسرحي داخل المراكز والأندية الشبابية، كما أكدت اللجنة على أن بعض العروض تضمنت ألفاظاً غير لائقة هدفها إضحاك الجمهور فضلاً عن وجود مخرج من الباطن في بعض الأعمال المشاركة، لتقترح في النهاية ضرورة تحديد موعد دورات المهرجان في بداية شهر نوفمبر، هذا إلى جانب إعلانها عن إضافة جائزة للإبداع باسم الفنان القطري الراحل هلال محمد، وذلك لتشجيع المبدعين الشباب، حيث عادت هذه الجائزة لعيسى مطر عن دوره في مسرحية «الإسكافية».
يشار إلى أن الحفل الختامي عرف حضور أحمد بخيت الدوسري مدير إدارة الشباب بالإنابة بوزارة الشباب والرياضة، كما ألقى خلاله الفنان محمد البلم رئيس مجلس إدارة المركز الشبابي للفنون المسرحية ومدير المهرجان كلمة توقف فيها عند ظروف تنظيم هذا المهرجان الذي أكد على أن وزارة الشباب والرياضة عملت على تدليل كل العقبات من أجل أن يخرج إلى النور، مشيرا إلى أن هذه الدورة عرفت تقديم أكثر من 10 وجوه مسرحية جديدة وهو ما يعد مكسباً كبيراً للحركة المسرحية في قطر.

الدوحة - الحسن أيت بيهي
تصوير: مصطفى أبومونس

العرب القطرية 


الأحد، 4 يناير 2015

إنسجام الصورة والشكل والتصميم الفني في حكايات المطر / جبار جودي

مدونة مجلة الفنون المسرحية


ورشة مسرحية مستقاة من الواقع تتحول إلى عرض درامي
إمتازت مسرحية حكايات المطر بصياغة المشاهد التي تم بناؤها على وفق أفكار متنوعة تحمل ثيمات ومعانٍ فلسفية غاية في الدقة ومنفتحة على التأويل الفكري والجمالي ، إضافة لتميّز مشاهد الحكايات من ناحية التقديم والصورة والشكل والتصميم الفني الإخراجي للحركة والفعل بشكل منسجم ، وكانت جميع مشاهد هذه الحكاية المسرحية تحاكي الوجع الذي يسببه المطر بالنسبة للمجتمع والفرد العراقي عن طريق بنية هذا المجتمع المرتكزة على الحزن والخوف من المطر لما يسببه من مصائب ومحن للأفراد وممتلكاتهم نتيجة تردي الواقع الخدمي وانتشار الفساد في أروقة إدارة الدولة ، ويصل الأمر حد السخرية المريرة من هذه المخاوف التي تتساوق وطريقة التفكير الذي يصل الى بوابات لامنطقية والهروب من الواقع المعاش الى أفكار أخرى متطرفة في سوداويتها .
 إن التأويل الفكري والفلسفي لمشاهد حكايات المطر منفتح بشكل واسع على الآخر وعلى المتلقي ، فمنذ بدء العرض بمشهد الغيمات المتفرقة التي تدخل خشبة المسرح ماضية في طريقها من الجانب حتى تتمركز في المنتصف بإضاءة وتقنية المسرح الأسود ، الى أن تتوقف هذه الغيمات لدى أناس مختلفي الميول وما يجمعهم هو مطر نيسان ( موروث شعبي عراقي واسع في الذاكرة العراقية ) ويحاولون استنطاق هذه الغيمات عن طريق عصرها كيما تدر عليهم ماء المطر وذلك لتحقيق أمانيهم الشخصية وتمثلت التقنية البسيطة المستخدمة في هذا المشهد بقطع من الورق الأبيض على شكل سحاب مع الإضاءة الفوق البنفسجية .
يلي هذا المشهد القارب المكسور الذي يسير في مياه الأماني المؤجلة لشموع خضر الياس ( موروث شعبي عراقي معروف ) وكأن الأفراد يعيشون حياتهم بالأمنيات والرغبات والدعاء كون أغلبهم فقد الأمل بالحاضر فأرادوا التعكز على مستقبل قد يكون أفضل وأكثر أملاً  ، ومن ثم  تدخل صواني الشموع  والياس والدعاء كصلاة إستسقاء للرب كيما يمنح هؤلاء الناس مطره المتمثل بحياة رغيدة وآمنة ومشرقة .. هنالك عودة لإستخدام تقنية المسرح الأسود في المشهد الذي يلي الإستسقاء من خلال وجود بعض السحب المتصلة على أرضية الخشبة وينهض الممثل من بينها وكأنه يستفيق من حلم أو يدخل في حلم جديد سابحاً فوق الغيم وهو يعيش حلمه الأجمل بأن يكون فوق السحاب ، لكن هنالك دائماً مايشدنا الى قاع الواقع الممتلىء بالمعاناة والضيم ، حسب التعبيرات اللغوية للمشهد ، لترتفع الغيوم وينعكس هذا الواقع المر عن طريق صور فوتوغرافية لمعاناة الناس من جراء المطر عن طريق استخدام تقنية الداتا شو بروجوكتر ويتم عكس الصور على شاشة بيضاء ( قطعة من القماش ) ترتفع من الأرض الى الأعلى في حركة تكنيكية مبهرة وكأن صور المعاناة هذه قد خرجت من رحم الأرض العراقية الممتلئة عقماً وخراباً رغم عمقها التاريخي الفذ . عند انتهاء العرض الصوري الذي رافقته موسيقى عراقية حزينة ، يطالعنا أحد الأشخاص وقد وقف قريباً من الجمهور وبيده قنينة خمر ( عرق عصرية عراقي ) في ثرثرة سكرانة عن واقع انعدام المطر الذي طال انتظاره من أجل تحقق الهناءات المفقودة ، في ثيمة فلسفية تجلت بسطر من الحوار المعبّر الذي يختزل كثيراً من المعاناة اليومية للناس . وبصورة دراماتيكية يظهر من يسار وسط الخشبة شخصين عاريين أحدهما يجلس في برميل أبيض على عجلات ليستحم والآخر يدفعه بشكل مستقيم مستخدماً مرشة ماء صغيرة لتحقيق فعل الإستحمام ، يتبعهما خطيب ما أو شاعر فقد صوته ولا يسمعه أحد ، صمت يلف المكان ، في مشهد يُظهر مدى غرابة الحياة التي تدور فينا وندور فيها .
      ليبدأ المشهد الأكثر جرأة والمتمثل برمي قناني المياه في فضاء المشهد الفارغ المترامي الأطراف من جهتي اليمين واليسار في إشارة فلسفية لما تحمله هذه الحركة من مدلولات فلسفية متعددة التأويل الفكري للمعنى المنفتح على الآخر ، ويدخل أحد الممثلين من العمق مؤتزراً بآلة إيقاعية عراقية (الزنبور) وهو ينشد قصيدة مشهورة ومعروفة للناس للشاعر العراقي السياب بطريقة غريبة على المجتمع وهو إسلوب الراب ويرافق ذلك عزفه على الآلة الشعبية العراقية ، كل ذلك أثار تغريباً عالياً في الشكل والمضمون من خلال مزج المتناقضات في تقديم هذا المشهد الذي أثار جدلاً ، يلي ذلك بنتين صغيرتين يلعبن لعبة عراقية معروفة (موروث شعبي) وهن ويتغنين بأغنية شعبية معروفة تم تحوير كلماتها لتلائم جو المعاناة العراقية ، وفجأة يداهمهن الظلام متمثلاً بشخص ملتحي يحمل قطعة قماش سوداء كبيرة يحاول بها تحجيبهن ومنع الضوء منهن وعندما يتيسر له ذلك يتوقفن عن الغناء والحركة ويقف مزهواً لأنه استطاع تحقيق مايريد لكن فجأة تتساقط عليه من السماء مجموعة كبيرة من (النعل والأحذية ) ويدخل على إثرها منظفين إثنين يكنسون كل هذه القذارة في مشهد واضح المعنى للعيان .
 بعد هذا المشهد يأتي العرض السينمائي عن طريق الشاشة الرئيسية للمسرح والتي تنزل من الأعلى للفيلم السينمائي ومدته ثلاث دقائق ويعكس رؤية أحد مخرجي السينما الشباب تجاه موضوعة المطر ، إختصر المخرج أوجاع مستديمة في الذاكرة العراقية الممطرة بالهموم والموت والحرب حيث استعرض مراحل حياتية متنوعة من البلوغ الى المراهقة ثم الطفولة وكل هذه المراحل يتم تعميدها بماء غسل الموتى الذي تدلقه المرأة فوق رؤوسهم من خوذات الحرب ، وكأننا ولدنا لنواجه مصيراً مظلماً بسبب الحروب التي لا تنتهي في هذه البلاد ، وسبق عرض الفيلم إشارة ساخرة سوداوية بظهور الرجل الذي يحمل قنينة الخمر واقفاً بلا هدف ومن ثم جلوسه على الأرض لمتابعة أحداث الفيلم !!
      يلي الفيلم السينمائي مشهد مسرحي مكمل لأحداث الفيلم تمثل في ظهور أناس من جوانب متعددة من الكواليس وهم يسيرون ببطء شديد متقدمين الى الأمام حاملين براويز صور مجهولة الملامح تشبه البرواز الأسود الذي ظهر في الفيلم إضافة لظهور ممثلي الفيلم على كراسي المعوقين وهم يرتدون الخوذات العسكرية والملابس الداخلية السود ، هنالك شحن دلالي واسع في هذا المشهد ومشهد الفيلم الذي سبقه ، وتبدأ السماء بأن تمطر صوراً أخرى مشابهه لصور البراويز ويبدأ الناس بإلتقاطها من الأرض وعرضها على الجمهور في دلالات وإشارات واضحة لملفات المفقودين المتعددة التي سادت الواقع العراقي منذ عقود ولازالت مستمرة لحد الآن وتشهد عليها السموات والأرض والناس .
     وفي نظرة تفاؤلية مغايرة يقوم الممثل الرئيسي نزار بأداء مشهد بانتومايم ترافقه مقطوعة رقيقة على البيانو وفي جو صوري أخّاذ للتعبير عن جمال المطر وعند نهاية المشهد يتوقف الممثل بحركة ( ستل ) وتتساقط عليه من السماء العديد من الكرات الصغيرة التي تتقافز هنا وهناك بجمالية عالية ، يلي ذلك مشهد المطر المكبل بالسلاسل والممثل الذي يوجه عتباً الى السماء لسخاءها الكريم في هطول المطر الذي أحال حياتنا الى معاناة كاملة ، ونشاهد الصورة البصرية للمشهد متمثلة بحيات مطر متساقطة مكبلة بالسلاسل (أسلاك معدنية رقيقة مسلسلة من أطرافها) في صورة جمالية عالية الدقة . ومن ثم يأتي مشهد المظلات حيث نشاهد في عمق الصورة وبإضاءة خافتة مجموعة من الأشخاص وهم يحملون مظلات سود وبيض يتجولون جيئة وذهاباً ويظهر من خلالهم متقدمين بإتجاهنا رجل وإبنته وهما يفكران بالهرب من جحيم واقعهم المر ونكتشف أن البنت لم تجلب شيئاً معها يقيها برودة الطقس سوى كتبها والتي نفاجأ بأن المطر قد محا كل كلمات هذه الكتب وبقيت أوراق بيض بلا كلمات في دلالات واضحة وعميقة لتجهيل المجتمع ، وبعدها يطالعنا مشهد ثنائية الأم التي فقدت ولدها والشابة التي قُتِلَ عريسها وقد غدت هذه الموضوعة لكثرتها في بلدنا أشبه بالموروث الشعبي اليومي ، وكل ذلك تم طرحه بشكل ساخر مضحك ومؤلم فالأم أشارت لغرق قبر ابنها بالمياه المنهمرة للمطر مما إستحال عليهم إتمام مراسم الدفن والشابة التي تأخر عريسها عن الحضور بسبب غزارة المطر كناية عن مقتله ليلة زفافهما ، فظلت تستعيد صورة المطر الذي لا يتوقف أبداً ، مطر أحزانها التي لا تنتهي ..
    هذه نماذج مجتمعية عراقية مباشرة تكاد تكون يومية في حياتنا ، ومرة أخرى نشاهد إنهيار أحد الأحلام المؤجلة لأحد الشباب بسبب غرق الشوارع بالمطر الغزير من خلال مشهد حلمي مصنّع بغرابة بالغة الدقة عن طريق منصة سوداء يفرشها الشاب على أرضية الخشبة وكأنها دكة غسل الموتى ،  ويبدأ بجلب أدواته واحدة وراء الأخرى ويتحول الشاب العراقي الى غاسل ومغسول وترافق المشهد فقاعات كثيرة تمثلت على الخشبة بتهافت أحلام الشباب في ظل واقع أليم ، ونصل الى نهاية العرض عند انتهاء هذا المشهد بمشهد تعبيري صامت وهو دخول طفل في العاشرة من عمره يرتدي نظارات وزعانف الغواصين ويحمل بيده ببالونات ملونة كثيرة يسير في خط مستقيم من يسار المقدمة الى منتصفها يلاقيه على الطرف الآخر الرجل الذي يحمل راية بيضاء ، يلتقون في المنتصف ، يرمي الطفل بالوناته الملونة تجاه الجمهور فتمطرنا  السماء بالكثير من البالونات الملونة كبيرة الحجم ، ينسحبان الى العمق فتمطر السماء قصاصات ورق بيضاء صغيرة في إشارة لإستمرار الأمل بالسلام وبحياة أخرى تعد بالسعادة المشتهاة .
      إمتازت فكرة الورشة المسرحية بجدتها وجديتها متمثلة بآليات العمل فيها عن طريق وضع فكرة عامة كموضوعة للنقاش تمثلت في المطر كونها موضوعة فيها مشتركات عالمية ويقوم الأعضاء بطرح تصوراتهم ومقترحاتهم وآرائهم عن طريق بناء أفكار لمشاهد درامية مستقاة من الواقع اليومي أو مما هو متخيل ، ومن بعدها يقوم المشرفين على الورشة (المخرج والسينوغراف) بوضع لمساتهم للإعداد الدرامي لهذه المقترحات والصورة التي ستظهر بها المشاهد ويتحمل الممثل تحــــــضير كافة متطلبات المشهد بعمل تطوعي عالي المستوى ، لم يكن العرض المسرحي في حد ذاته غاية هذه الورشـــة وإنما طريقة العمل وكيفــــــية إستقبال المختلف والآخر في تقديم الأفكار بتجربة حسية إبداعية ، وقد تحقق ذلك بإنسجام أعضاء الفريق بتطوير كافــــــة الأفكار والثيمات لتتحول الى عرض درامي مسترسل في وحدة ممنهجة وبخط أصيل كتب له النجاح كما أرى وحسب رأي ثلة لا يستهان بها من الجمهور .

الزمان

مسرحية وادي الموت

مدونة مجلة الفنون المسرحية
الشخصيات.. الرجل العجوز ..الأول ..الفتاة ..الثاني ..الثالث ..الرابع ..كومبارس .
المنظر : في العمق سفح واد منحنى من أسفل يسار المسرح الى أسفل اليمين، مليء بالهياكل العظمية والجماجم البشرية والحيوانية المبعثرة ، فوق أطرافه لهيب نيران وتصاعد دخان .
إنارة خافتة.. صوت رياح قوية ، توحي بالرعب ، يتخللها أزيز طائرات وأصوات انفجارات وصراخ .
(يظهر رجل عجوز في عمق الوادي ، شعر رأسه طويل ولحيته البيضاء متدلية على صدره العاري ، يرتدي إزار الى ركبتيه ،إنه شبه عار، يتكئ على عصا طويلة وينظر بجنون حوله).
: احترق الوادي بنيران الانتقام وأصبحت الكائنات مشوهة .. مسحوقة تشبه الرماد ..غادرنا العلم وهجرتنا المعرفة وماتت الأخلاق .. إنها لمؤامرة كبرى ومهزلة عظمى ..الطوفان قادم من مشرقها ومغربها .. من يوقف السيل القادم من هناك ؟..من يوقف أنهار الدماء؟.. من يردم تلك الأهوار الحمراء وينقذ الانسان من قبضة الإنسان ..من غضب الوحش القابع في روحه البشعة ؟..من ينقذ الانسان من الحقد والكراهية والانتقام ؟..من ينتشله من وحل السفاهة ومن الأفكار الهمجية التي حولته الى كائن أدنى من مرتبة الحيوان .. حولته الى وحش كاسر يمزق حتى نفسه إن لم يجد ضحيته ؟ (ينظر اليهم بغضب) لا أحد يوقف النزيف ويأتي بالفرح من عين الشمس .. لا أحد مهتم لما يحدث هنا قد مات الانسان ، مات الانسان (يصرخ) مات الانسان ..أصبح من العدم(يبكي)..الكل يقتل ويسرق ،الكل يرهب من يخالفه ..أشم رائحة القتل في الهواء ..رائحة الجريمة في كل مكان.. إنها لمؤامرة كبرى .. ستسحقنا .. ستسحقنا .(يختفي).
الأول: وتجعلنا رميما .. تذرنا ريح (ينهض من خلف صخرة في وسط الوسط بملابس رثة ، يكمل) المكر والخداع في كل مكان .. نحن بقايا الأموات ، ثلة من أهل الوادي ، كلنا يترقب الآخر ليوقع به أو يبيعه بثمن بخس ، حفنة من الدولارات ..الوادي مليء بالكائنات الغريبة ..كائنات قريبة عن مرأى البصر وأخرى بعيدة ، قدمت من أمكنة قصية .. جاءت بالنار والحديد .. تهشم الرؤوس وتكسر العظام وتمص دماء الأرض ودماء الأجساد ..وتلغي الوجود .. هناك عاصفة سوداء ستضرب الوادي من أقصاه الى أقصاه وأنباء منتشرة هنا وهناك ..إن الطوفان قادم لا محال ..هربت الناس من بيوتها ..هاجرت الى مدن قصية بلا زاد ولا ماء ، تعيش في العراء تحت شمس حارقة أو تحت هطول الأمطار والدبيب يرعبها في الليل يؤرقها الخوف من الآتي.. والخنازير تسرق المعونات.
الفتاة : (تنهض من وراء صخرة في أعلى ، أسفل اليسار، وهي تصرخ ثم تهرب من مكانها الى الأمام) دخلت في ملابسي فأرة (تصرخ ،يدنو منها الأول) أخرجها قبل أن تعضني ..
الأول: (يدنو منها) أين الفأرة ..أين هي ؟
الفتاة: قفزت من هنا (تشير الى جيدها)..هربت الى هناك ..اختفت في تلك العتمة .
الأول : هدئ من روعك ..لا تخافي منها ..هي التي هربت خيفة منك .
الثاني : (جالس على صخرة قريبة من صخرة الفتاة أسفل اليسار، يمسك بيده قارورة خمر) هذه الفأرة تنبأت بمجيء العاصفة وحلول الطوفان ، المسكينة تبحث عن ملاذ آمن لها ، إنها أفضل منا ، تتنبأ الكوارث قبل وقوعها فتأخذ الحيطة والحذر.. يا ليتني فأرة (يأخذ جرعة من القارورة ثم يستمر بالنظر الى السماء) انظروا الى السماء السوداء هاجرها الطير مبكرا .. هو الآخر يعرف بحلول الكارثة بينما نحن نعيش الغفلة ونذبح مثل الخِرْفانٌ (يضحك).
الثالث : (يمد عنقه من خلف صخرة في الجانب الآخر قبل صخرة الفتاة قريب من صخرة الأول) لنبني سورا حول الوادي ونعيش بمأمن من الطوفان ..
الرابع : (جالس فوق صخرة قِبَل صخرة الثاني في أسفل اليمين ، يعتمر عمامة نصفها أبيض والنصف الآخر أسود) ونعم القول الرشيد.. ابنوا لنا سورا عاليا ينقذنا من أوار العاصفة وينجينا من الغرق .
الفتاة : هيا لنشيده .. أين عمال الطين والوقادين والبنائين ؟ .
الثاني: الجميع هاجروا إلا نحن (قنينة الخمر بيده ، يأخذ جرعة منها) وبعض من الآخرين الذين اختفوا في الجحور.
الرابع : أخرجوهم من جحورهم عنوة وأتونا بهم مهطعي الرؤوس .
الثالث: يا حراس الوادي ..أسمعتم ما قاله الشيخ الجليل ..أسعوا في الوادي وأتونا بهم عنوة.
الأول: لا أحد يمضي اليهم ..اتركوهم وشأنهم قابعون في جحورهم ..إنه لخير من مجيئهم وبناء السور ..(يستهجنون طلبه)
الفتاة : إنه لقول غريب ..
الرابع: ما عهدناك هكذا وأنت فينا رشيد .. أنت خالفت الجماعة ..
الفتاة : بين لنا الأمر الذي خالفتنا فيه ..
الأول : نحن بحاجة لبناء أنفسنا ..بناء النفس خير من بناء السور ..
الثالث : هذا الكلام لا يغنينا من خوف ولا يشبعنا من جوع .. السور هو الذي ينقذنا من الطوفان .
الأول: افرض، بنينا السور وأمنا من السيول فهل نأمن لحراس البوابة أم نسيت ما حدث بالأمس؟.
الثالث : دعنا منهم .. نحن من الثقات لا نخون انفسنا..
الرابع : يا رجل زن كلامك نحن خير أمة أخرجت للناس ..
الثالث: بلى نحن خير الأمم وأفضلها ..والتأريخ شاهد على ما اقول ..
الأول : بئس الأمة التي يحكمها الأقزام (يبتعد عنهم)إنها لا تنهض أبدا ، ستبقى أبد الدهر خارج المحيط .
الفتاة : أنت متشائم ..
الأول : لست متشائما إنما الواقع الذي نعيشه مظلم ..
الفتاة : ألا يأتينا النور كما أتانا أول مرة ؟ ألا تشرق الشمس من جديد؟ ..
الثاني : إني لفي ريب من ذلك ..لم نر النور ولم يأتي أبدا ..
الفتاة : ارجوك قل غير ذلك .
الثاني : تلك هي الحقيقة ..لا أريد أن أخدعكِ .
الأول : لست كذلك يا صاح .. بعد الظلام الطويل أتانا النور ورأينا ما حولنا ..فكرنا أن نكون مثلهم ما استطعنا ..
الفتاة: ولِمَ ؟
الأول: أولياء أمورنا أشباه قردة خانوا أنفسهم ودفعوا بمصيرنا الى الهاوية ..
انشغلوا بأفخاذ الدجاج وصدور النساء وبيت المال وبناء أصنامهم في الطرقات والرعية تعيش على القمامة .
الثاني : إذا أنا ارتويت من هذه القارورة ..هم يرتوون من الرذيلة.. ولكن أود أن أحيطك علما هؤلاء الفاسقون لم يرتووا منها قط وشارب الخمرة .
الرابع : ليس كلهم يا نجس ..
الثاني: بل جميعهم وأنت أولهم إنك تنمق خطاهم الشيطانية وتلتمس لهم أعذارا واهية وتذم الرعية وتمدح بهم .. (يقلد الخطيب) نعم الحاكم العادل ..نعم المهندس الذي بنى مجدنا ..وبئس الرعية التي لا تعرف واجباتها ولا تضحي بدمائها من أجل القضية .. (يلتفت الى الرابع)هنا في هذا الوادي لا يوجد طاهر أبدا ..الأمة كلها رجس وكلها أنجاس وما يحدث لها قليل بحقها .
الرابع :أنت نجس فترى كل شيء مثلك نجس.
الثاني : لست أنا نجس.. لم أسرق ولم أقتل .. ولم أنافق مثلك ..أنا أعيش لأشرب ..دوري في الحياة شارب الخمر ..أ بمقدورك أن تغير دوري ..وتعطني دورا آخرا؟ (بسخرية) أرجوك أتوسل اليك أعطني دور الملك زهقت من دور الصعلوك.
الرابع :هذا افتراء ..هذا السِّكِّير بدأ يجدف ..ارجموه بالحجر .
الثاني: ألديك الدليل على رجمي..؟ لو قلت (يقلده) اجلدوا هذا السِّكِّير ..لما اعترضت ..لكن . (يقاطعه)
الرابع : (يمسكه من عنقه) أيها الرويبضة ..أنت تستفزني وتثير غضبي ..إخرس ولا تتكلم معيَ حَتَّى تَفيق الى رشدك.. رشدك ..رشدك (لم يقاومه .. ينظر إليه بألم حتى يهدأ)
الأول : تحطمت جسور الرحمة بيننا ..وانتهكت حرمة النواميس وتكسرت أشرعة السنن ..كلنا سرنا خلف سلاسل الظلمات لا أحد فينا رشيد وكانت رحلتنا ، رحلة عصيبة تحفها المخاطر ..وتمطرنا العاصفة وجعا ..وتنث السماء علينا نثيثا أحمرا ..وفي تلك الريح.. أتنصت الى سيمفونية الصراخ الآتية من هناك ..أغرق في واحة المأساة .. أرى وجوه الأحبة ، مزقتها براثن موحشة أسفل شلالات الدماء ..
الثاني: (الى الرابع) أساس دمارنا ألسنتكم الملتوية وتشدقكم ..أنتم أتيتم لنا بشيء جديد حطمنا.. جعلنا فرقا مليئة بالحقد والكراهية ..أيها المترفون ..أنتم بطالة مقنعة.
 حامد الزبيدي  – بغداد
الزمان 

نتائج مسابقة "نصوص مغربية لكتاب شباب "

مدونة مجلة الفنون المسرحية

بلاغ حول نتائج مسابقة "نصوص مغربية لكتاب شباب"


اجتمعت يومي 13 و 14 ديسمبر 2014 لجنة انتقاء النصوص المسرحية الخاصة بمسابقة "نصوص مسرحية مغربية لكتاب شباب"، المكونة من الأساتذة: سالم اكويندي ومحمد لعزيز وعبد المجيد شكير، وذلك لاختيار أجود النصوص المرشحة من أجل طبعها في كتاب من لدن الهيئة العربية للمسرح، بمناسبة الدورة السابعة لمهرجان المسرح العربي الذي ستحتضنه مدينة الرباط في الفترة ما بين 10 و 16 يناير 2015.

توصلت اللجنة بما مجموعه ثمانية عشر نصا لكتاب مغاربة شباب لم يتجاوزوا سن الأربعين من عمرهم، والذين تعهدوا بملكيتهم للنصوص، وعدم طبعها أو نشرها سابقا، كما تنص على ذلك شروط المسابقة، والنصوص المرشحة هي:
  • 1.  سلمى والعفريت مسرح الطفل لإسماعيل أحسنة
  • 2.  نيازك تسقط في الجنوب لمحمد زيطان
  • 3.  مواطن ارهابي لخولة قبوسة
  • 4.  داخل المصعدلإسماعيل الفلاحي
  • 5.  قرار بين الصح والخطأ لعصام لعبي
  • 6.  المؤامرة للشافي طالي
  • 7.  اللوحة المشوهة لمحمد آيت لحسن
  • 8.  قمة المنحدرلمصطفى السعيدي
  • 9.  حوافر الذاكرة لسعد موزون
  • 10.الروح وطنلسميرة الفرح
  • 11.أن أكون لصباح لزعر
  • 12.زنوبيا الملكة المحاربة لصلاح الدين الهليل
  • 13.أثواب  الهم لنزهة حيكون
  • 14.نصف السعادة لأحمد السبياع
  • 15.صفر تسعة لعبد المجيد أوهرى
  • 16.أتراني سعيدا؟لأنس العاقل
  • 17.تداريب لعمر قرطاح
  • 18.الآغا والغجر لعبد الرزاق البوشيخي
بدأ اشتغال اللجنة بالتأكد من احترام المترشحين لشروط المسابقة هكذا :
· تم تكليف السيد منسقأشغال المهرجانبالجانب الاداري للمترشحين والمتعلق أساسا بسنهم من خلال بطائقهم الوطنية،  وتعهداتهم بملكيتهم لتلك النصوص وعدم طبعها و نشرها سابقا .
· لاحظت اللجنة بخصوص احترام النصوص لشرط الحجم المنصوص عليه في إعلان المسابقة،والقاضي بألا يقل النص عن 20 صفحة، أنأربعة نصوص لم تحترم هذا الشرط وتم اسبعادها.
· وبعد قراءة النصوص المتبقية، وتمحيصها وفق معايير تتعلق بمضامينها وطروحاتها الفكرية، ومدى احترامها للخصوصيات التقنية والجمالية للكتابة الدرامية، من حيث البناء ولغة الحوار ورسم الشخصيات، وغير ذلك من خصوصيات الفن المسرحي، خلصت اللجنة إلى اختيار سبعة نصوص فقط تستجيب للمعاييرالمحددة من قبل الجهة المنظمة رغم تفاوت مستوياتها المضمونية وخياراتها الفنية.
هذه النصوص هي: (وترتيبها هنا ليس على أساس الأفضلية):
  • " أثواب  الهم"لنزهة حيكون
  • " اللوحة المشوهة"لمحمد ايت لحساين
  • " نيازك تسقط في الجنوب "لمحمد زيطان
  • " نصف السعادة "لأحمد السيباع
  • " داخل المصعد "لإسماعيل الفلاحي
  • "حوافر الذاكرة "لسعيد موزون
  • "تداريب"لعمر قرطاح
وسيتم طبع هذه النصوص وإصدارها خلال فعاليات الدورة السابعة لمهرجان المسرح العربي.

أعضاء اللجنة:
سالم اكويندي
لعزيز محمد
عبد المجيد شكير

أستاذ الأدب نرمين الحوطي تكشف أزمة المسرح الكويتي

مدونة مجلة الفنون المسرحية

 العرب اليوم - أستاذ الأدب نرمين الحوطي تكشف أزمة المسرح الكويتي
يعتبر المسرح الكويتي رائدًا رغم عدم امتلاكه إمكانيات المسرح الحقيقي، ولا زال الممثل والفنان والكاتب الكويتي موجود من خلال ما نشهده من مهرجانات خليجية أو عربية وأعمال مميزة.
وأبرز مثال على ذلك المعهد العالي للفنون المسرحية، ومعهد الموسيقى ومسرح الكويت الذين يعتبروا دار العلم لأهل الخليج.
وكشفت الأستاذ المشارك في قسم النقد والأدب المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية، د. نرمين يوسف الحوطي، عن أزمة المسرح والمسرحيين بسبب تقصير الوزارات، مضيفة، خلال حوار: "لا يمكننا أنَّ نلقي المشكلة على الوزير باعتباره فقط سلطة للاعتماد، ولكن هناك بعض المراكز التي تكون صاحبة القرار، وفي الغالب تعودوا على الجماعات وبذلك أصبح حكر للثقافة وبالتالي تعتبر الثقافة الموجودة ميتة ليست مسموعة، وكذلك الصحافة للأسف بسبب إدعاء بعض المتحذلقين على أنهم صحافيين وهم ليسوا صحافيين ولا مثقفين حتى، وباعتقادي إنهم لم يقرأوا حتى كتاب".
وأكملت: "ولكن إذا خليت خربت هناك أقلام شريفة نقدية كالأستاذ ناجي عبدالستار من الأقلام الأكاديمية، الذي تتشرف الكويت بأمثاله.
وبشأن عدم وجود أعمال درامية مهمة ملفتة للانتباه في العصر الحديث، أعلنت الحوطي: "أننا لو عدنا إلى الوراء كان هناك ثقافة ودراما عملية مسرحية، على سبيل المثال "كاسك يا وطن" لفت العالم بأكمله تنوع الفكر وعرفنا القضايا، ولا أود أنَّ أظلم المخرج أو المنتج أو المؤلف، أصبحنا الآن مشتتين، وليس لدينا قضية في السابق كان لدينا قضية واحدة وهي القضية الفلسطينية، أما الآن أصبحنا حافلين بقضايا العالم العربي من صراعات ونزاعات إقليمية وبالتالي ولد تشويش، عكس ما كان في الزمان السابق، كان يوجد هناك هدوء ثقافي وسياسي، وبالتالي هناك عدم استقرار لأن السياسة والثقافة وجهان لعملة واحدة".
وعن مستقبل المسرح، أشارت الحوطي إلى أنَّه ما زال هناك بصيص من الأمل مثل لبنان ومصر والكويت والكثير من الدول العربية هناك تبني وكتاب جدد من الشباب واعدين ولكن على المسؤولين مساندتهم وفتح مجال لهم وتسليط الضوء عليهم.

وتابعت الحوطي أنَّ أزمة المسرح في منطقة الخليج تعود أسبابها إلى عدم استقرار الدول العربية، وبالتالي عدم استقرار الخليج، مؤكدة: "نحن استمدينا ثقافتنا من بلاد الشام والمغرب العربي".
وكشفت الحوطي عن أزمة المسارح قائلةً: "بالرغم من وجود مراكز حكومية ثقافية ولكن ليس هناك خشبات مسرح في تلك المراكز، وبالتالي لا يمكننا العرض لأنه حتى مسرح صغير او مساحة صغيرة نفتقر إليها، وحتى الآن لم يحصل دعم للمسرح مثل ما حصل في العقود الماضية بسبب الشتات".

العرب اليوم

ما يشبه التجربة.. عن حياة كاتبة مسرحية / صفاء البيلي

مدونة مجلة الفنون المسرحية


(1)

لم أكن أعلم إننى منذورة منذ طفولتى الغضة لخلق حيوات متعددة كتلك التى عبرت عليها ثنايا ذاكرتى المكتنزة بحكايات جدى الشهية والتى كانت كثيرًا ما تنسينى لذة النوم فى ليالى الشتاء الطويلة  تحت الغطاء الوثير.  (1)القرية!   لم أكن أتصور وأنا الطفلة الأولى لعائلة ريفية ميسورة الحال نعمت بالتدلل وعشت فى بيت يجمع بين دفتيه ترمح بقدميها على جسر القرية المؤدى إلى المدرسة أننى سوف أمرر عليه شخصياتى الحية التى من لحم ودم . فى قريتى منية سمنود إحدى قرى الدقهلية العظيمة .. تلك الرابضة فى حضن النيل والتى تزخرف أحد اتجاهاتها الجغرافية جزر الموز وأشجار الكافور والجميز العتيقة كانت بداياتي.. بدايات مفعمة بدراما غنية ما تكاد تنطفئ إحداها حتى تشتعل آلاف غيرها مرة أخرى عبر شخصية رأيتها فأدهشنى سمتها فحفرت فى مخيلتى أو عبر موقف عايشته فظل مخزونًا فى دولاب ذكرياتى أو أشخاص تخيلتهم فصنعت معهم الحكايات وعشتها فى خيال لا تنقصه سذاجة الأطفال. جدى لأمى كان رجلاً صوفيًا لا يعرف من الدنيا سوى غيطه وأبقاره و"ليالى الحضرة" التى كانت أجمل الليالى فى مخيلتي.. حيث "المندرة" الكبيرة  والرجال ذوى الجلابيب الكالحة وكوفياتهم الصوفية التى يتلفعون بها من صقيع الشتاء وشعرهم الأشيب الذى تبدو ذوائبه عبر الطواقى العالية كأنها طود شامخ. تركت ليالى الحضرة فى أعماقى دفء الثرثرة ودهشة محاولاتى المستميتة فى فك طلاسم ما تبوح به أفواه الرجال الذين علا الشيب رءوسهم  وتهشمت أسنان بعضهم الأمامية فى وجوه لم تخلُ من الإرهاق والرضا! وما بين خاتمة إنشادهم الرقراق والأخرى تطوف علينا أكواب القرفة الساخنة فتعبق رائحتها جو المكان وتترك فى روحى لمساتها الشجية التى تطفو على السطح كلما سمعت زخات المطر أو هبت نسمات الشتاء الباردة. كانت جدتى تحتفظ بأكوابها المصونة فى دولاب الفضة  خصيصًا لليالى الحضرة المباركة، والتى كانت تقول متفاخرة فى كل مرة تخرجها فيها: أن أباها الشيخ الأزهرى أحضرها لها من عند النبى صلى الله عليه وسلم حين كان يؤدى فريضة الحج لذا كانت تأبى أن يشرب فيها غير ضيوف جدى الذاكرين، الساجدين المهللين المسبحين حتى تحصل على أكبر قدر من الحسنات!! تعلمت من جدى لأمى الصفاء الروحى والإيمان العميق بالقضاء والقدر والعطف والشفقة على الآخرين . 

(2)
تعلمت من جدي لأمي الصفاء الروحي والإيمان العميق بالقضاء والقدر والعطف والشفقة على الآخرين. أما جدي لأبي فقد كان رجلًا متأنقًا يحب الجمال ويعشق التنسيق في كل شيء فكنت أحب اصطحابه في كل جولاته خارج البيت، وكان محافظًا يشتري طلبات البيت لجدتي، وكان المشوار اليومي للسوق وعبور الكوبري ومن تحته النيل يجري والذي يفصل بين قريتي منية سمنود ومدينة سمنود \بلد النحاس باشا.. كان بمثابة جرعة من العلم أتشربها منه ذوقا وحنانا ودقة وعطفا على الفقراء الذين اعتادوا قطع الطريق عليه لتقبيل يديه فكان يردهم بيد وبالأخرى يعطيهم مما أعطاه الله.   ذات يوم ونحن نتسوق شهقت وقلت: الله  يا جدي على هذه الطماطم ! إنها حمراء كالدم! فامتعض وجه جدي وضغط بحنان على يدي التي كان يمسكها قائلا: لا تقولي هذا بل قولي حمراء كالورد، فالورد جميل والدم مقزز ومن يومها بدأت عندي ملكة انتقاء التعبيرات والتدقيق في ألفاظي قبل النطق بها وهو ما أثر عليَّ فيما بعد.   أما الأحداث التي كوَنت بدايات الذاكرة فكانت كثير من العادات التي أدهشت عقلي الصغير ـ والتي أعدت النظر فيها بعد أن نضجت فكريًا ـ  تحكم القرية  كحفلات الزار والموالد، تسيطر عليَّ وأتلمس إليها ما تيسر من سبل الفرجة عليها  ففي كل عام تقام في القرية عدة موالد وللحق كان أحدها يقام بجانب بيتنا على قارعة القرية وكنت في المرحلة الإعدادية وكنت أنتظر ليالي المولد بفارغ الصبر.   وأحرص على متابعة الرجل الذي يعتلي منصة صنعوها له من ألواح الخشب وزينوها بالقماش الأحمر المزركش فيكركر الرجل ويتغنى بحكايات الشاطر حسن وأبي زيد الهلالي، وكنت أتلهف إلى سماع الحكايات التي حينما قرأت عرفت كيف كان الرجل يمزجها بخيالاته ويؤطرها بأطر من الميثولوجيا التي لا تمت لها بصلة والتي تبهر المستمعين البسطاء وتحظى بانتباههم وإثارة خيالهم.   ويا كم كنت أغالب النعاس وأنا أستمع إلى هذا الرجل وأتذكر أنني ذات مرة كنت سأسقط من فوق السطوح الذي تزاحمتُ فوقه مع أولاد الجيران بعد ألححت على أبي الذي كان يرى أن الذهاب للمولد عيب.. ولكن أمي كانت تلح عليه فيوافق أن ألتحق بكتيبة السطوح من الجيران الذين ينخرط بعضهم في بكاء ونواح حينما يأتي المداح على ذكر موت أحد أبطاله ومن هنا بدأت الدراما تأخذ مكانها الأثير في ذاكرتي وإن لم تظهر مسرحيًا ولكنها ظهرت من خلال قصائد البدايات الأولى. 

(3)
سيد الإبداع! الشعر عندى هو سيد الإبداع ولما كنت أؤمن بالمقولة التراثية "الشعر ديوان العرب"، فقد ظللت مخلصة له حتى الآن وسأظل إن شاء الله فكتبت القصيدة العمودية والتفعيلة ثم قصيدة النثر، بالرغم من اللغط الشديد الذى يُثار حولها بالرفض والقبول. فى قصائدى الأولى كنت أجنح إلى استخدام تقنية قال وقلت وأزيد من استخدام الشرح والالتفات والوصف فنبَّه هذا كثير من المبدعين الكبار الذين تربيت بينهم فى نادى أدب جامعة المنصورة وقصر ثقافة المنصورة وقصر ثقافة المحلة الكبرى وقصر ثقافة غزل المحلة، وفيها كان يجتمع كبار المبدعين، ففى المنصورة الكاتب الكبير فؤاد حجازي، والقاص والروائى الأستاذ محمد خليل، والشاعر إبراهيم رضوان، والشاعر محمد رمضان، ومن زملائى الذين كانوا يكبروننى بسنوات الشعراء محمود الزيات أحمد الخضرى وحسنى الزرقاوى وكريم عبد السلام وكثيرون من نفس عمري، كضاحى عبد السلام وكثيرين لا تسعفنى بهم الذاكرة، ومن الغربية الراحلان الشاعر الكبير عبد الله سيد شرف، الذى كان بيته مؤسسة ثقافية وحده، والكاتب المسرحى المحلاوى الكبير فتحى فضل، الذى أدين له بالفضل فى كتابة أول مشروع مسرحي، وكانت مسرحية للطفل بعنوان "العش الذهبي" نعم هى الآن تعتبر كتابة بدائية وساذجة.. لكننى لما عدت إليها هذه الأيام أحسست بطزاجة البدايات وهلت وعطرت روحى ذكرى الأحباب الذين مروا عبر بوابة الحياة.   خطوة أولى فى عشق المسرح العجيب أن ما دفعنى لكتابة المسرح هو حدث غزو العراق للكويت فى بداية التسعينيات وكنت قد بدأت فى كتابة قصيدة طويلة امتدت لأكثر من عشر صفحات مليئة بالدراما وأسميتها نوبة رجوع لجليلة بنت مرة، فلما قرأتها فى إحدى الندوات اقترح البعض على كتابة مسرحية تعبر عن هذا المضمون، معللين لهذا أن قصيدتى مليئة بالدراما وفيها ما يسمى بتصاعد الحوار والحبكة الدرامية وغيرها.. وحينها لم أكن قد قرأت مسرحا بشكل منظم ولا كنت أدرى كيف أكتب مسرحية فبدأت فى مرحلة جديدة وهى مرحلة البحث.. وأخذت أبحث عن كل ما يساعدنى فى ذلك.. نصحنى البعض بالقراءة والبعض الآخر نصحنى بقراءة كتب النقد التى تتحدث عن المسرح ومنها كتاب ما زلت أدين له بالفضل وهو "كيف تكتب مسرحية" لمؤلفه لاجوس أجرى وترجمة الناقد الراحل الكبير درينى خشبة، الذى بدأت معه أولى خطواتى فى الكتابة المسرحية. وكأنما أراد الله أن يكون للوالد وابنه دوران متشابهان معى فى حياتى الإبداعية.. فكما استفدت من كتاب درينى خشبة استفدت من الناقد الراحل الكبير سامى خشبة، الذى فتح لى أبواب مجلة الثقافة الجديدة لأنشر فيها مقالاتى النقدية عن العروض المسرحية ولم يكن يتأخر فى توجيه النصح لى وأتذكر أنه لم يختلف معى إلا مرة واحدة فى توضيح الفرق الجوهرى بين الأوبرا.. والليبرتو ويبدو أن الأمر كان قد اختلط على ولكنه رغم ذلك رفض أن يبدل كلمة واحدة فى المقال ومنه تعلمت كيف يكون احترام الكلمة ولو مع مبدع مبتدئ ينشر له للمرة الأولى مثلا.. وظللت أنشر مقالاتى النقدية وحواراتى مع المسرحيين الكبار حتى صدرت مجلة مسرحنا التى سلطت الضوء على الحياة المسرحية المصرية والعربية على حد السواء وغطت معظم الأحداث بجدارة وقدرة تفوقت فيها على نفسها أيما تفوُق.
(4)
ما بين القراءة الحرة والدراسة الأكاديمية، طحنتنى الحياة، فاستبعدت  فكرة دراسة المسرح بشكل أكاديمى وركنت إلى النصيحة التى وضعتنى على طريق القراءة.. وكانت القراءة المنظمة فأخذت أقرأ لمعظم كتاب كل المدارس وفق الترتيب الزمنى لمؤلفاتهم لأدرك وأكتشف الفروق  بين أعمال المؤلف الواحد وتكونت لدى ركيزة نقدية بدأت أعتمد عليها فى كتاباتى النقدية فيما بعد، فالبدايات البكر الأولى تختلف بالطبع عن آخر أعمال المبدعين والتى كانت كثيرًا ما تبلغ ذروة سنام إبداعهم.. فقرأت معظم أعمال الكتاب الكبار (يسرى الجندى، أبو العلا السلامونى، ألفريد فرج، ومحمد سلماوى، وميخائيل رومان، ومحمود دياب، وسعد الدين وهبة ونعمان عاشور ومحفوظ عيد الرحمن وكثيرين من كتاب المغرب العربى الكبار كالكاتب الكبير عبد الكريم برشيد.. وسعد الله ونوس، كما التهمت نصوص ابسن وبرندلو بروتلد بريخت ويونسكو ويوجين أونيل وغيرهم).   إضافة لذلك قراءاتي لزملائى من كتاب جيلى والجيل السابق على دمث الخلق الذى فقده المسرح العام الماضى الراحل محمد الشربينى ومن قبله د. محسن مصيلحى وجميع الإخوة والأبناء والأساتذة الذين فقدناهم فى محرقة بنى سويف التى لن تمحى ذكراها من ذاكرتنا، فتشبعت بهم جميعا وأنتجت نفسي!   وكتبت أولى مسرحياتى وأسميتها نوبة رجوع لجليلة بنت مرة أو باروكة للصحراء وفيها فتحت الجرح العربى الذى لم يندمل بين الإخوة العرب وحاولت تقديم نموذج للعدل الذى نريد وزاوجت فيها كعادتى بين التراث والحاضر. لماذا التراث؟ ولماذا الشعر؟ ولماذا اللغة العربية؟ وأين أنا من مدارس التجريب وآلياته؟ هذه أسئلة بالتأكيد يطرحها الكثيرون علىّ حينما يجدوننى مصرة على الكتابة بهذه الطريقة وقد يظن البعض أن هذا يكمن فى إمكانات الكاتب المحدودة ولكننى أراها العكس تماما فلا يستطيع الاقتراب من التراث.. شعرًا وباللغة العربية الفصحى فى سلة واحدة إلا كاتب مجيد نافذ القريحة. لماذا الشعر؟! فى اعتقادى أن المسرح لا يُكتب إلا شعرًا كما كان فى نشأته الأولى، ولا أقصد بالشعر هنا الكلام الموزون المقفى ولكننى أقصد الحالة الشعرية التى تسيطر على النص وتتلبس شخصياته، فالنص المسرحى عندى لا يعدو أن يكون نصًا شعريًا لكن أكثر درامية يمتلئ بحيوات أكثر تعددية ورسوخا وتشعبا، ومع هذا فنصى له بنيان رشيق غير مثقل بالترهلات.. تعبيراته موحية ومكتنزة وبعيدة عن التطويل بالرغم من أن عمله الحقيقى هو الحكى والبوح والتحليل والتفسير فى أوقات كثيرة، ولكنه مع هذا أيضا حكى مدبرٌ بقوة ووعى يمتلك رؤية ثاقبة للجوهر ويساعد كل ذلك المقدرة على الإمساك بمقود الأحداث حتى لا يتوه النص!

(5)
المسرح الشعري وعمالقته الكبار! أبهرني المسرح الشعري واستهواني بعد قراءة أعمال شكسبير التي أتيت عليها كاملة تقريبًا، على الرغم من أن الترجمة قد تفقد النص بعض شاعريته التي تبدو متدفقة عبر لغته الأم، كما التهمت نصوص صلاح عبد الصبور نصًا.. نصًا، وأعمال عبد الرحمن الشرقاوي، كما قرأت ما كتبه الشاعر الكبير أحمد سويلم ومحمد إبراهيم أبو سنة وفاروق جويدة، وكلهم تقريبًا اعتمدوا على التراث في بناء أعمالهم المسرحية التي التزموا فيها روح الشاعرية. نوبة رجوع: فكتبت نوبة رجوع لجليلة بنت مرة مستلهمة حرب البسوس وموقف جليلة بنت مرة الحائر بين أخيها وزوجها، وهي حيرة طبيعية، حتى أن القارئ يظل حائرًا طوال قراءته للنص غير قادر على استنباط إلى أيهما تنتصر! تمامًا كما تلبست الحيرة الإنسان العربي مع أيهما يقف ويحارب؟ مع العراق أم الكويت؟ وفي كلتا الحالتين سيجد المنتصر نفسه خاسرًا، إذ أنه في حالة الانتصار لأيهما يكون قد أخزى الآخر الذي هو أخاه، وتلك هي المشكلة!   المصير؛ عشر نبضات في الحب والموت: ثم كان نص المصير بعد ذلك، مستلهمة فيه حياة شاعرين جاهليين كبيرين، هما النابغة الذبياني والمنخل اليشكري والملك النعمان بن المنذر والمتجردة، مستخدمة تقنية المسرح داخل المسرح، محاولة من خلالها التركيز على العدو الداخلي والعدو الخارجي الذي ينفث سمه في جسد وحدتنا العربية وقد جعلت فيها الشاعرين، كلٌ منهما على نقيض الآخر، فالنابغة نفعي برجماتي لا يؤمن إلا بسيفه الذي في يده ومدى ما يحققه أيُّ شيء له من منفعة مباشرة "كاش فاليو"، والآخر المنخل اليشكري إنسان مثالي يرى ضرورة توحيد الأمة، وأن لدينا القدرة على تجميل الحياة بقليل من الجهد والعمل ويفكر دائمًا أن هناك شيئًا ما ينتظره في البعيد.. شيئًا جميلاً ورائعًا ومثاليًا يستحق من حوله أن ينعموا بالحياة فيه بقليل من جهاد الروح وكثير من الانتماء والحب.   الخروج من اللوحة: ثم جاء نص الخروج من اللوحة وهو يعتمد أيضًا في بنيته الأساسية على استلهام التراث ومكتوب بلغة شاعرية متخذة من "عريب"، وهي جارية أثرت أيما تأثير في حياة خمسة من خلفاء الدولة العباسية، وعاشت معهم جميعًا أثرت وتأثرت بهم وهم "المأمون والأمين والمعتصم والمتوكل حتى عصر ابن المعتز الذي اعترفت أنها لم تحب غيره من الخلفاء لرقته وطيبته، وقد بلغ من حب هؤلاء الخلفاء لهذه الجارية، ما دفع المأمون لأن يقبل قدميها على رؤوس الأشهاد، كما أثرت في سير الحياة السياسية بسبب عقدة الاضطهاد التي كانت تطاردها منذ طفولتها، وهي ابنة جعفر البرمكي الذي تزوج أمها رائعة الجمال وفرق بينهما يحيى أخوه، فظل حقد "عريب" مشتعلاً، ما أهلها في عيون الأعداء أعداء العرب للقيام بدور جاسوسي مخابراتي، لكنها رفضت بسبب الحب أيضًا! 

(6)
وتتوالى النصوص الطويلة التى كان لها حظ من القراءة منها نص: الخروج من اللوحة: ثم جاء نص الخروج من اللوحة وهو يعتمد أيضًا فى بنيته الأساسية على استلهام التراث ومكتوب بلغة شاعرية متخذة من "عريب" وهى جارية أثرت أيما تأثير فى حياة خمسة من خلفاء الدولة العباسية وعاشت معهم جميعًا أثرت وتأثرت بهم، وهم "المأمون والأمين والمعتصم والمتوكل"، حتى عصر ابن المعتز الذى اعترفت أنها لم تحب غيره من الخلفاء لرقته وطيبته، وقد بلغ من حب هؤلاء الخلفاء لهذه الجارية، ما دفع المأمون لأن يقبل قدميها على رؤوس الأشهاد، كما أثرت فى سير الحياة السياسية بسبب عقدة الاضطهاد التى كانت تطاردها منذ طفولتها، وهى ابنة جعفر البرمكى الذى تزوج أمها رائعة الجمال وفرق بينهما يحيى أخوه، فظل حقد "عريب" مشتعلا مما أهلها فى عيون الأعداء أعداء العرب للقيام بدور جاسوسى مخابراتى لكنها رفضت بسبب الحب أيضا!   الشراك "مأساة ديك الجن" وبعد ذلك جاء نص "الشراك" الذى يتماس وعطيل شكسبير عن طريق استدعاء شخصية ديك الجن "عبد السلام بن رغبان" الشاعر الحمصى الكبير، الذى قتل وردا حبيبته بسبب شكوكه التى لا مجال للحقيقة فيها، كما قتل عطيل ديدمونة بعد شكه فيها، وحاولت من خلاله التأكيد على فكرة الشك والغيرة القاتلة وأنه مهما امتلكنا المقدمات التى من الممكن أن توصلنا لنتائج مرضية، إلا أننا نسعى إلى حتفنا لنقع فى شراك الشك والغيرة دونما أى تحقق.   احتفال خاص على شرف المتنبي أما نص "احتفال خاص على شرف المتنبي"، فقد كتبته حبًا فى شاعر العربية الأول الذى تربع على عرش الشعر، ومع ذلك كانت عيونه على عرش الملك، فكان يتمنى أن يصبح أميرًا على إحدى المقاطعات، ولم يكفه أن يكون ملكًا على مملكة الشعر وقلوب الجميع، وفيها استحضرت المتنبى لحمًا ودمًا، فعاش حياتنا وتعرض لبعض ما نتعرض له، فخاض الانتخابات وخطب فى العالم وحوكم ودافع عن نفسه، وفى النهاية يئس من حياتنا بالشكل الراهن واعترف بعجزه فرفض الحياة بعصرنا وترك عالمنا وعاد إلى عالمه مرة أخرى.   الجنرال: ويأتى نص الجنرال وهو أحدث نصوصى وهو تحت الطبع لأثير فيه قضية الوحدة الوطنية والمواطنة ومن خلال المزاوجة بين شخصيتى المعلم يعقوب وسليمان الحلبي، فسليمان لم يكن مصريًا، ولكنه قتل الجنرال كليبر محققا لما يعتقده من صواب أن هذا من معانى الجهاد فى سبيل الله وأنه يخلص مصر من رأس أفعى المحتل، فى حين أن يعقوب فى ذات العصر هو أول قبطى يحاول القيام بمحاولة انفصال للأقباط عن الدولة، وفى النص تقوم محاكمة كلتا الشخصيتين وتتاح لهما الفرصة ليعبر كل منهما عما جعله يقدم على ما قدم عليه.   زمن الخوف: هو أحدث نصوصى الطويلة وكتبته فيما بعد ثورة 25 يناير ونال اهتمام العديد من النقاد.

(7)
سيدة المونودراما .. هو اللقب الذى أعتز به كثيرًا والذى أطلقه على المؤرخ والناقد المسرحى أ. د. سيد على و‏‏أستاذ الأدب العربى الحديث ونقده بكلية الآداب جامعة حلوان. فى المونودراما، أجد الفرصة سانحة للبوح والتحرر وبالرغم من ذلك فقد كتبت عدة نصوص منها "المطبعى" فى أوائل التسعينيات و"ما قاله السيد للسيدة" عام 2009م "وامرأة عنيفة" 2010م وفوق الشوك.. ولجوء اضطرارى / بهنس، ومحطة عين شمس، الدفّان، وجوليا وغيرها الكثير وهو ما دعا د. سيد على وعدد من النقاد إطلاق لقب: سيدة المونودراما عليّ.. ..كما أن لدى تجربة وحيدة فى الديو دراما وهى نص "جنة وهنا" 2008م  وهذه النصوص لم أكتبها شعرا ولكننى كتبتها بلغة شاعرية كما أحب أن أسميها. الفصحى والعامية واللغة البيضاء! أحب الكتابة باللغة العربية وأميل لها وحينما كتبت نصوصًا نثرية "كتبتها بلغة بيضاء بين الفصحى والعامية فلم أستطع الانغماس فى العامية وطالما ضبطت نفسى وأنا أكتب بالعامية أسطر تعبيرات فصيحة فأبقى عليها خاصة مع مناسبتها لوضعيتها، ولعلمى أن اللغة العربية هى الأبقى حيث ترسخ فى ذهنى منذ قديم أن العامية لا تصلح للتدوين بل مكانها الأصيل الشفاهة. وسيأتى أحد القائلين متنمرًا ليقول: الفصحى غير مناسبة لعوام الجمهور وهنا أقول:  وجِّه جمهورك كما تريد وحيث تريد لا كما يريد هو وحتماً سيصبح بعد ذلك طوع يمينك، فصناع المسرح لو قدموا مسرحًا ملتزمًا ناضجًا نسبة منه باللغة العربية لصار طبيعيًا وجود عروض بالفصحى يقبل عليها الجمهور ويجدون لذتهم فيها مثل تلك العروض الموجودة بالعامية. التجريب وآلياته: أما عن التجريب وآلياته.. وسؤال هل يتوافق التجريب مع التراث الذى يمثل الثبات؟ فالتجريب عندى ليس الخروج عن المألوف ولكنه البحث عن أعماق جديدة فيما هو موجود وليكن هذا الموجود هو التراث.. فالغوص فى مناطق عميقة حساسة تكسبنى خبرة أكبر فى الكتابة تجعلنى أمتلك القدرة على معالجة الأفكار بشكل جديد، فالمسرح عندى ليس طرحًا لمجموع الأسئلة ولكنه يسعى لتقديم إجابات أو يفتح أبواب الإجابات على مصراعيها، وليس ضروريًا أن تكون تلك الإجابات نموذجية بقدر ما تكون محتملة التحقق. التجريب عند البعض يعنى الدخول فى عوالم الممنوع والمسكوت عنه، ففى المسرح لا مسكوت عنه حين أضع شخصياتى على خشبة المسرح، دائمًا ما أتركها حرة تفعل ما تشاء وكثيرًا لا أقوم  بوضع نهايات لأعمالى المسرحية أو حتى أخطط لها كيف تسير، بل أمسك بالفكرة فقط وأشرع فى الكتابة وتظل الفكرة هى المسيطرة على حتى أنتهي، ثم أترك النص عدة أيام وأعود إليه لأعاود قراءته مرة ثانية فثالثة وفى أثناء الكتابة وإعادة الكتابة أترك لكل شخصية الحرية فى تحديد مسارها ومصيرها وتتضافر الشخوص عندى فى خلق نهاية العمل ككل.. فالتجريب عندى يكون أحيانًا فى استخدام لغة بعينها أو ترتيب للمشاهد بشكل مختلف أو فى بناء النص نفسه.
(8)

علمتنى تجربتى فى النقد معنى ممارسة القسوة مع كتاباتى أولا.. ثم مع الآخرين ثانيا. فحاسة النقد تعمل عندى عملها فى نصوصى المسرحية وقد استفدت من مقولة الشاعر الكبير أحمد سويلم لى حين كان عمرى 18 عامًا فى السنة الأولى بكلية الآداب بجامعة المنصورة، وكنت قد نُشرت لى عدة قصائد فى جريدة الجمهورية وأشعر أننى شاعرة كبيرة لا يدانينى أحد وناولته قصيدة كتبتها عن القدس ولما قرأها طلب منى حذف جزء كبير منها فلم أستطع، فقال لي: لا يوجد نص مقدس إلا القرآن الكريم فتعاملى مع نصوصك بقسوة حتى يحترمها الآخرون ولا تجعلى غيرك يتعامل معها بقسوة فيؤذيكِ هذا نفسيا، ومن حينها وأنا أتعامل مع نصوصى بشيء من الحزم مع إننى أحيانا أضبط نفسى وأنا متلبسة وواقعة فى إغراء مقطع فى قصيدة أو حوار لأحد شخوص مسرحياتى بما لا يجعلنى أستطيع الفكاك منه.   استفدت من رؤيتى الخاصة للإبداع المسرحى فى كتابة النقد التطبيقى للعروض التى كنت أراها وأخرج فى معظم الوقت وأنا حانقة على مؤلفيها ومخرجيها وممثليها فدفعنى ذلك لكتابة سلسلة مقالات نقدية عن العروض المسرحية فى عام 2004م نشرت فى جريدة القاهرة التى تصدر عن وزارة الثقافة المصرية، ثم قدمت فى جريدة المحيط الثقافى التى كانت تصدر عن وزارة الثقافة باباً شهريا تحت عنوان: "مسرح المحيط" كنت أقدم من خلاله قراءة لبعض العروض وبعض الشخصيات والأماكن والمصطلحات المسرحية. كذلك قدمت عدة مقالات وحوارات مسرحية فى مجلة الثقافة الجديدة، حيث كان يرأس تحريرها الناقد الأستاذ سامى خشبة رحمه الله، وكتبت مقالات كثيرة فى جريدة مسرحنا عن عروض مصرية وعربية عبر المهرجانات العربية التى شاركت فيها كناقدة وإعلامية مصرية.   قدريون أم أغبياء؟!   فى كتاباتى أؤمن بمقولة أكررها دائما ومازلت مصرة عليها فى مقدمة نصوصى وهي: هل نحن قدريون أم أغبياء؟ ذلك لأن التاريخ العربى والإسلامى بخاصة.. مليء  بالمواقف المشابهة والمتكررة لمواقف نعيشها ونحياها الآن وبالرغم من ذلك لا نستفيد منها كماضٍ عاشه الأجداد والآباء، ولا ننظر بعين الفاهم الناقد لنتائجها، فنفهمها ونعيها، بل دائما نتجاهلها أو نتلقاها بشيء من التهاون فنقع فى نفس أخطاء الماضى دون أن نتعلم منه شيئا.. أى شيء!! 

(9)

معاناة جيل من المسرحيين؛ حينما أتحدث عن تجربتى المسرحية لا يمكننى أن أزعم بقيمتها العظيمة ولكننى موقنة على أقل تقدير بأنها على قدر من الجدة والالتزام بقواعد الفن الإنسانى الراقى الذى يحترم عقلية القارئ أولاً  والمشاهد إن قدر الله وتم عرض هذه الأعمال يومًا على خشبة المسرح!! وحينما أتحدث عن معاناتى ومعاناة جيلى من المسرحيين فى مصر، أخشى أن يأتى كلامى تقليديًا وربمًا يستشعر فيه من يقرأه السخط أو الشكوى نظرًا للحالة المتردية لأجنحة التلقى الأخرى.. وأقصد بها: النقد والإخراج.. النقد الذى يتجاهل أصحاب الكتابات الجدد ـ بالرغم من أننا لم نعد جددًا فأحدثنا تجربة تجاوز العشر سنوات، ومنا من زاد على العشرين وهى عمر معظمنا فى الكتابة. كما إن المخرجين لا ينفذون إلا الأعمال القديمة أو المشهور أصحابها لأسباب عديدة لا أريد ذكرها لأن المخرجين الأعزاء أنفسهم يعرفونها والمعنى هنا .. فى بطن المخرج!!   وذلك لأن نصوصى المسرحية لا تزال كسيحة حبيسة دفتى الكتب، شخوصها ميتة بين السطور وأحداثها متوقفة .. كل هذا بسبب المخرجين الشهماء الذين يملأون الجو صراخًا لعدم وجود نصوص جيدة ترتقى لعبقريتهم السمحة وقدراتهم الإخراجية العظيمة فتراهم إما يلجئون لنصوص أجنبية أو يؤلفون هم نصوصًا كما يتراءى لهم ثم يقومون بإخراجها والتمثيل فيها أحيانًا فينالون الحسنيين وأحيانًا الثلاث حسنيات!! والمؤلفون الشباب وغير الشباب من الذين حصدوا الجوائز .. فليذهبوا إلى حيث يشاءون!! يتعجب البعض حينما يعرفون أننى حصلت على أكثر من أحد عشر جائزة فى المسرح غير الشعر والدراسات الأدبية! وما يثير دهشتهم عدم تجسيد أى من مسرحياتى على خشبة المسرح.. والغريب أننى كدت أدمن تقديم أعمالى للمسابقات من كثرة يأسى من النقاد ولربما قام أحدهم بتقديم  أحد أعمالي، ولكى يشرع فى تنفيذها يطلب منى أن أذهب لمدير المسرح أو رئيس الهيئة  حتى يتمكن من تنفيذها .. وفى نهاية الأمر.. يصمتون كأنما انقطعت ألسنتهم التى كانت تصدح بالمديح والثناء فأشعر بالغصة تملأ قلبى وأوقن باللاجدوى!! كما لا يمكننى ـ حفاظًا على ماء وجهى الإبداعى ـ أن أمضى طارقة أبواب النقاد وأنتظر من يفتح لى بابه ويبتسم فى زيف وهو يأخذ منى النصوص ثم يلقى بها فى أدراجه حتى يأكل عليها الدهر ويشرب أومن لا يقابلنى من الأساس أو يقول لى إن الصحف لا تنشر نقدًا إلا عن المشهورين وكأننى مدعية إبداع!! الحق أقول: لقد أورثنى هؤلاء النقاد كثيرًا من الزهد فيما بين أيديهم وكثيرًا من الحزن! هذا الزهد كما قلت فيما فى أيدى النقاد علاوة على ما فى أيدى مخرجى مسارح الدولة الذين ينفرون من تقديم النوعية التى أكتبها والذين يحرضون الكتاب على الكتابة بالعامية حتى يقدموا أعمالهم!

المصريون

ما يشبه التجربة: عن حياة كاتبة مسرحية ( 9)

مدونة مجلة الفنون المسرحية
ما يشبه التجربة: عن حياة كاتبة مسرحية ( 9)
صفاء البيلي كاتبة مسرحية من مصر


معاناة جيل من المسرحيين؛ حينما أتحدث عن تجربتى المسرحية لا يمكننى أن أزعم بقيمتها العظيمة ولكننى موقنة على أقل تقدير بأنها على قدر من الجدة والالتزام بقواعد الفن الإنسانى الراقى الذى يحترم عقلية القارئ أولاً  والمشاهد إن قدر الله وتم عرض هذه الأعمال يومًا على خشبة المسرح!!

وحينما أتحدث عن معاناتى ومعاناة جيلى من المسرحيين فى مصر، أخشى أن يأتى كلامى تقليديًا وربمًا يستشعر فيه من يقرأه السخط أو الشكوى نظرًا للحالة المتردية لأجنحة التلقى الأخرى.. وأقصد بها: النقد والإخراج.. النقد الذى يتجاهل أصحاب الكتابات الجدد ـ بالرغم من أننا لم نعد جددًا فأحدثنا تجربة تجاوز العشر سنوات، ومنا من زاد على العشرين وهى عمر معظمنا فى الكتابة.
كما إن المخرجين لا ينفذون إلا الأعمال القديمة أو المشهور أصحابها لأسباب عديدة لا أريد ذكرها لأن المخرجين الأعزاء أنفسهم يعرفونها والمعنى هنا .. فى بطن المخرج!!

وذلك لأن نصوصى المسرحية لا تزال كسيحة حبيسة دفتى الكتب، شخوصها ميتة بين السطور وأحداثها متوقفة .. كل هذا بسبب المخرجين الشهماء الذين يملأون الجو صراخًا لعدم وجود نصوص جيدة ترتقى لعبقريتهم السمحة وقدراتهم الإخراجية العظيمة فتراهم إما يلجئون لنصوص أجنبية أو يؤلفون هم نصوصًا كما يتراءى لهم ثم يقومون بإخراجها والتمثيل فيها أحيانًا فينالون الحسنيين وأحيانًا الثلاث حسنيات!! والمؤلفون الشباب وغير الشباب من الذين حصدوا الجوائز .. فليذهبوا إلى حيث يشاءون!!
يتعجب البعض حينما يعرفون أننى حصلت على أكثر من أحد عشر جائزة فى المسرح غير الشعر والدراسات الأدبية! وما يثير دهشتهم عدم تجسيد أى من مسرحياتى على خشبة المسرح.. والغريب أننى كدت أدمن تقديم أعمالى للمسابقات من كثرة يأسى من النقاد ولربما قام أحدهم بتقديم  أحد أعمالي، ولكى يشرع فى تنفيذها يطلب منى أن أذهب لمدير المسرح أو رئيس الهيئة  حتى يتمكن من تنفيذها .. وفى نهاية الأمر.. يصمتون كأنما انقطعت ألسنتهم التى كانت تصدح بالمديح والثناء فأشعر بالغصة تملأ قلبى وأوقن باللاجدوى!!
كما لا يمكننى ـ حفاظًا على ماء وجهى الإبداعى ـ أن أمضى طارقة أبواب النقاد وأنتظر من يفتح لى بابه ويبتسم فى زيف وهو يأخذ منى النصوص ثم يلقى بها فى أدراجه حتى يأكل عليها الدهر ويشرب أومن لا يقابلنى من الأساس أو يقول لى إن الصحف لا تنشر نقدًا إلا عن المشهورين وكأننى مدعية إبداع!!
الحق أقول: لقد أورثنى هؤلاء النقاد كثيرًا من الزهد فيما بين أيديهم وكثيرًا من الحزن!


هذا الزهد كما قلت فيما فى أيدى النقاد علاوة على ما فى أيدى مخرجى مسارح الدولة الذين ينفرون من تقديم النوعية التى أكتبها والذين يحرضون الكتاب على الكتابة بالعامية حتى يقدموا أعمالهم!

المصريون 

السبت، 3 يناير 2015

تحميل مسرحيات وليم شكسبير

مدونة مجلة الفنون المسرحية
ويليام شكسبير
ويليام شكسبير 
مسرحي وشاعر وممثل إنكليزي ولد في ابريل 1564 وتوفي في 23 أبريل 1616. يعتبر شكسبير واحداً من أهم كتاب المسرح في العالم، وأهم كاتبٍ باللغة الإنجليزية. يوصف بشاعر إنكلترا الوطني، وبأنه شاعر أفون، تحتوي أعماله الناجية على ثمانية وثلاثين مسرحية، ومائة وأربعة وخمسين سوناتا، وقصيدتين روائيتين طويلتين. تُرجمت مسرحياته إلى كافة اللغات الحية الرئيسية في العالم، ومُثلت أكثر مما مثلت مسرحيات أي مسرحي آخر.





لتحميل الكتب اضغط على اسم الكتاب

ما الدنيا إلّا مسرح كبير

مدونة مجلة الفنون المسرحية

هذه العبارة «الدنيا مسرح كبير، وأن كل الرجال والنساء ما هم إلا لاعبون على هذا المسرح»، هي إحدى مقولات الكاتب الكبير وليم شكسبير، التي نرددها مثل مقولة «أن نكون أو لا نكون...هذا هو السؤال أو المسألة»، وإذا قارنّا بين المسرح والدنيا، سنكتشف تماثلاً حد الدهشة.

ففي المسرح ستارة، تفتح بالبداية وتغلق في النهاية، وتلك حقيقة من حقائق الحياة، فلكل شيء بداية ونهاية، لتفتح من جديد على مسرحية جديدة، فهناك ولادة يليها موت وجيل ينفي الآخر، أما البشر في الحياة رجالاً ونساء، فهم لاعبون قد يكونون جيدين مهرة، أو يكونون فاشلين رديئين، أشبه بالوزراء والمسؤولين الذين يعبرون في حياتنا، بعضهم يبقى بالذاكرة، والبعض لا يترك تأثيراً، والبعض يكونون مكروهين من الناس.

وبالمسرح كذلك ديكور، مهمته أن يعطي المسرح الكلاسيكي شكلاً محاكياً للواقع، وقد يكون متقن الصنع قريباً من الواقع، وقد يكون رديئاً في رسمه وتصميمه وتنفيذه، ولا يناسب مضمون وتاريخ المسرحية، وفي الحياة هناك شكليات بعضها لا يعكس حقيقة البشر، مثلما هناك نفاق اجتماعي وديني، ومظاهر خادعة لا تعكس الجوهر والحقيقة.

وفي المسرح الكلاسيكي هناك ملقّن، وفي الحياة هناك من يلعب مثل هذا الدور، كما يوجد في المسرح بطل أو لاعب رئيسي، وهناك كمبارس ولاعبون ثانويون بل بعضهم هامشي، وهذا أيضاً ينطبق على الحياة.

وفي المسرح مشاهد مسرحية، وفي الحياة كذلك مشاهد في الواقع المتغير مع الزمن، مثل المشهد السياسي والاجتماعي، الذي لايبقى ثابتاً ولكنه في حركة جدلية، وهناك مساحيق وشعر مستعار، سواء على الرأس أو الذقن أوالشوارب، ويوجد مثلها في الحياة، كما يوجد قبعات مختلفة لنفس الممثل، وفي الحياة الأمر لا يختلف.

وفي المسرح كذلك دراما وكوميديا وتراجيديا وكوميديا سوداء، وهناك ضحك وبكاء وغضب وحزن وفرح، وهذا ينطبق على الحياة أيضاً، التي تحمل أفراحاً وأحزاناً وسخرية قدر، ونهايات سعيدة ونهايات مأساوية.

فهل كان شكسبير عبقرياً فذاً، أو فيلسوفاً عميقاً كي يكتشف ويصيغ مثل هذه العبارات؟ أم أن تراكم خبرات الحياة وتجاربها، تترك تأثيراً على ذهن ووعي الإنسان ورؤيته للحياة؟ أظن أنه لا يمكن الجزم، لكننا كبشر وفي كل سنة تمر وتمضي، نتذكر العام الماضي بإنجازاتنا وإخفاقاتنا، ونشعر أننا كبرنا ونكبر باتجاه النهاية المحتومة، وللعاقل أن يتعظ ويستفيد من أخطائه، ويتعلم من تجاربه التي مر بها، بإيجابياتها وسلبياتها.

وليد الرجيب
الراي

الجمعة، 2 يناير 2015

للمرة الأولى الحكومة تقدم دعما ماليا: مبدعو المسرح السوداني ينثرون الملح على الجراح

مدونة مجلة الفنون المسرحية



 الحوار الإيجابي كان عنوان النقاش الذي دار بين مبدعي المسرح في السودان والمسؤولين الحكوميين عن إدارة النشاط الثقافي. وللمرة الأولى ـ منذ وقت طويل-تعلن الحكومة عن دعم واضح ومحدد بلغ 500 ألف جنيه في شكل «محفظة للأعمال المسرحية». 
الندوة التي أقيمت ضمن مهرجان ولاية الخرطوم للثقافة والسياحة، تميزت بالجرأة والوضوح، الناقد السر السيد تطرق إلى تداخل الاختصاصات بين أجهزة الدولة المختلفة، المتمثلة في وزارتي الثقافة والمالية إلى جانب الأجهزة الأمنية، وضرب أمثلة بالعروض المسرحية التي وافقت وزارة الثقافة على تمويلها وتمت إعاقتها من وزارة المالية أو جهاز الأمن!
وأعاب على الدولة تركيزها على العروض المسرحية المتجسدة في المواسم والمهرجانات المسرحية فقط، من دون الالتفات إلى النشر المسرحي أو البحث العلمي المسرحي أو التدريب على الفنون المسرحية، وعزا هذا الأمر إلى غياب التخطيط والسياسات المسرحية التي تنظر إلى الفنون كاحتياج تنموي وفكري وعرفاني وحضاري وسياحي واقتصادي. وأشار إلى أن أغلب الدعم يتم بناء على تحقيق الاحتفاليات ذات العائد السياسي، وسلّط الضوء على قانون النظام العام الذي يساوي بين الفن المسرحي والحفلات الغنائية، وخلص إلى أن الدولة في حاجة ماسة إلى إعادة التفكير في نظرتها للمسرح.
وقال سعد يوسف في حديثه عن (إنتاج وتسويق الأعمال المسرحية في السودان)، إنّ مشكلة الانتاج المسرحي تتمثل في التسويق، الذي اعتبره معضلة أساسية. وأضاف «الحل يكمن في التركيز على المواسم المسرحية»، وقدّم سرداً لمواسم مسرحية ناجحة كان عمادها المسرح الأهلي منذ ثلاثينات القرن الماضي.
وتطرق الأكاديمي والمخرج صلاح الدين الفاضل إلى غياب الاهتمام بهذا الفن وقال، إن الحركة المسرحية في السودان تحتاج إلى (وجيع) يهتم بها ويتفاعل مع قضاياها وانتقد وجود المسرحيين بدون وظائف واضحة، وطالب بهيكلتهم وظيفيا حتى يتمكنوا من أداء دورهم مع إقرار السياسات المتوائمة مع دورالمسرحيين وتمتعهم بالمهنية التي تؤهلهم للقيام بهذا الدور .
وقال عبد الحفيظ على الله الاستاذ بكلية الدراما، إن العلاقة بين المنظمات والجمعيات الطوعية والفن المسرحي تشترط الوعي بأبعاد تأثير الاستفادة المتبادلة، باعتبار أن لكل فئة أجندتها وغاياتها. 
وأوضح الأنور محمد صالح العديد من الصعوبات التي واجهت الموسم المسرحي الأول لولاية الخرطوم وفي مقدمتها غياب النص الجماهيري، لكنه عاد بالقول بأن لجنة الموسم المسرحي وفقت كثيرا في تنفيذ العديد من العروض المسرحية، كما أنها أسهمت في خلق علاقة بين وزارة الثقافة والمسرحيين إلى جانب أنها أعادت الاعتبار للمسرح كوعاء ثقافي وتوعوي. تجاوب مسؤولي الحكومة تمثل في إعلان عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم عن دعم حكومته للمسرح من خلال محفظة للأعمال المسرحية قوامها 500 ألف جنيه سوداني، وأكد بأن الدولة مستعدة لعمل محفظة لتمويل الإبداع لضمان استمرار العروض المسرحية بعد إعفائها من الضرائب.
وأضاف الخضر أن مهمة الدولة الراشدة هي النظر إلى قضية الثقافة بعين الفحص والرضا والمسؤولية والقبول، مشيراً إلى أن الدولة لديها مسؤولية لبناء المجتمع وينبغي أن تقوم بها، واعترف بأن الدعم الذي تقدمه الدولة قليل جداً، مؤكداً إدراكهم أن حركة التوجيه التقليدية في المجتمع غير كافية.
وأشار الوالي إلى ضرورة الاتفاق على قدر من الحريات، كما طالب بضرورة أن يكون المسرحيون متفقين حول قضاياهم وعدّد خطط الولاية في تشييد مسرح في كل محلية.
وطالب وزير الثقافة والاعلام بولاية الخرطوم محمد يوسف الدقير، بشراكة حقيقية مع المسرحيين وأكد ضرورة وجود عمل مسرحي متواصل ومستمر، وقال إن هناك مخططا هيكليا أجيز من قبل الدولة يتيح تشييد مسرح بكل محلية.
الندوة حظيت بمشاركة نجوم المسرح والدراما وعلى رأسهم فائزة عمسيب، علي مهدي، زينب بليل، محمدعبد الرحيم قرني، اليسع حسن أحمد، مصطفى أحمد الخليفة وغيرهم من مبدعي هذا الفن، وتركزت معظم الآراء على ضرورة أن تفي الدولة بوعودها التي تكرّرت كثيراً بدون أن تتنزّل إلى أرض الواقع.
ويتجاوز تاريخ المسرح في السودان «مئة عام» منذ أن ابتدرته الجاليات الأجنبية في الخرطوم وصولاً إلى الرائد بابكر بدري في مدينة رفاعة بوسط السودان عام 1903 وعروض نادي الخريجين في عشرينيات القرن الماضي ومسرحيات خالد أبو الروس والعبادي وسيد عبد العزيز في الثلاثينيات، ومن بعدهم مسرح الفاضل سعيد وحقبة الفكي عبدالرحمن التي شهدت انتظاماً مميزاً للمواسم المسرحية.

صلاح الدين مصطفى
القدس العربي

د.يوسف عايدابي يلقي رسالة اليوم العربي للمسرح (بالرباط في العاشر من يناير 2015)


مدونة مجلة الفنون المسرحية


د.يوسف عايدابي يلقي رسالة اليوم العربي للمسرح (بالرباط في العاشر من يناير 2015)

((المسرح الذي نريد - د.يوسف عايدابي - السودان))
يوجه الدكتور يوسف عايدابي في اليوم العربي للمسرح الموافق العاشر من يناير / كانون ثاني 2015، رسالته من على منبر مسرح محمد الخامس في افتتاح الدورة السابعة من "مهرجان المسرح العربي" التي ستعقد في الرباط من 10 إلى 16 يناير 2015.
و قد بدأ العمل بهذا التقليد في هذه المناسبة منذ العاشر من يناير 2008 و الذي صادف الإعلان الرسمي عن ميلاد الهيئة العربية للمسرح و انعقاد مؤتمرها التأسيسي، حيث ألقى الرسالة في ذلك اليوم الفنان اللبناني دكتور يعقوب الشدراوي من على منبر قصر الثقافة في الشارقة، ثم ألقى رسالة العام 2009 في القاهرة الفنانة المصرية سميحة أيوب، فيما ألقى رسالة عام 2010 في تونس الكاتب التونسي عز الدين المدني، و تلاه في عام 2011 و من على منصة اليونسكو ببيروت الفنان العراقي يوسف العاني، و في عام 2012 في الأردن ألقت الفنانة الكويتية سعاد عبد الله الرسالة، أما في عام 2013 فكانت الفنانة المغربية ثريا جبران صاحبة الرسالة و ألقتها و هي على سرير الشفاء، و في عام 2014 و من على منصة الدورة السادسة لمهرجان المسرح العربي و التي عقدت في الشارقة، ألقى الرسالة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.
و يعتبر صاحب رسالة اليوم العربي للمسرح د. يوسف عايدابي  واحداً من علامات المسرح و الثقافة ليس في السودان فقط بل و في الوطن العربي عامة و منطقة الخليج خاصة، و هو الحاصل دكتوراه في تاريخ ونظرية المسرح (دراسات مقارنة)، جامعة بوخارست-رومانيا. متخصص في علوم المسرح والسينما
و يشغل الآن منصب المستشار الثقافي لصاحب السمو حاكم الشارقة (الإمارات العربية المتحدة) و مستشار الهيئة العربية للمسرح
و عايدابي عميد سابق لمعهد الموسيقى والمسرح بالخرطوم، السودان. أستاذ جامعي حاضر ودرّس في جامعات السودان ورومانيا والإمارات العربية المتحدة، ومدير سابق لمركز الفولكلور والتراث الثقافي بالخرطوم بحري، السودان. مؤسس مشارك لتيار (الغابة والصحراء) في الثقافة السودانية
و هو مؤسس مسرح لعموم أهل السودان، في سبيل تعددية وتنوع ثقافي في بلاد السودان.
وله العديد من الإصدارات المسرحية والنقدية والأدبية مؤلفاً ومؤلفاً مشاركاً ومعداً ومحرراً ناشراً.
من مؤلفاته المسرحية: العصفورة والممثلون  – (شاركت في مهرجان الشباب العربي بالجزائر عام 1972م)،  حصان البياحة، –  المشوهون، - الممسوسون،   الفنار، الحلم،..  إلخ. 
خبير في إدارة المعارض والمؤتمرات والمنتديات، عمل منسقاً عاماً ومديراً لمعرض الشارقة الدولي للكتاب بالشارقة، الإمارات العربية المتحدة.
المدير المسؤول لمنشورات القاسمي، الشارقة، الإمارات العربية المتحدة.
و هذا نص رسالته :
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
((المسرح الذي نريد))
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
د. يوسف عايدابي / السودان.
يعاني وطني السودان، أكثر من غيره على صعدٍ كثيرةٍ، سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية، من انشطار الهوية؛ فشق منه عربي، وشقه الآخر إفريقي.  لسانه عربي، ورطاناته متعددة متنوعة.  سحناته عربية وإفريقية، وجذوره مختلفة عديدة؛ فهو جسر ثقافة العرب إلى إفريقيا، وهو محل تفاعل ثقافات إفريقيا مع العروبة.
      إشكالات أهل السودان بين خياراتهم وواقعهم وآفاقه؛ فمنذ استقلاله، يجهد السودان لإقامة مجتمع متماسك واحد، ولكن هيهات، فالشمال شمال، والشرق شرق، والغرب غرب والجنوب جنوب. 
      ولقد انشغل المثقفون بهموم الوطن وأناسه، وذهبوا في ذلك الانشغال مذاهب شتى، كان لنا نصيب منها في مطالع ستينيات القرن الماضي، عندما كنّا شباباً في جامعة الخرطوم، فتنادينا، نحن كوكبة من شعراء الوطن، لطرح حيّز إبداعي جديد للثقافة السودانية تمييزاً لها، تحت مسمى "الغابة والصحراء" – نحو تعددية إثنية وثقافية، ولتنوع لقوس قزح ثقافي للهوية المتمددة والوطن المتمدد ليلم أشتات الأعراق والثقافات المتباينة؛ وبحيث يكون للجهات وناسها أصواتهم وأثرها وفعلها في ثقافة المركز. 
ومشى الوطن ومشي الزمان، لأدعو، في مطالع السبعينيات، لمسرح لعموم أهل السودان، متخذاً من مجمل أشكال التلاقي والتجمعات الشعبية في الحل والترحال، وفي البر والنهر، وفي البادية والحضر، وفي الغابة والجبل، ملعباً ومسرحاً ومكاناً لمسرحة لصيقة بالناس لقضاياهم؛ وأسهبت في ذلك الشأن تفصيلاً لأشكال وصيغ المسرح الطقوسية والتراثية والتقليدية، تعداداً لها وابتعاداً بها عن الصيغ الأوروبية، عن المنصة الإيطالية، بل وعن المباني الدائمة المتعارفة للمسارح، خروجاً إلى أرض الله الواسعة، فكل مكان نظيف فيه شمس أو بدر تمام، وفيه متلقٍ ومؤدٍ، هناك يكون المسرح الذي نريد؛ وما المسرح الذي نريده؟  إنه ذلك الكشّاف المباشر لما يعتمل في النفس، وما يعتور المجتمع، وما يُطرح من سُبل ينصلح بها حال الذات والجماعة. 
لا نريد مسرحاً للنخبة أو لفئة قليلة في بلداننا التي ترزح تحت نير الحروب والجوع والفقر والمرض.  في مثل بلادي الكليلة العليلة الممزقة، المقطوع شطرها – الغابة جنوباً، والمنفصل شقها – الصحراء شمالاً، لا نريد للمسرح إلا أن يكون إداةً  إجتماعيةٍ ووسيلة للمقاومة والكفاح ضد التفرقةِ والاحتراب.  على المسرح أن يكون في مناطق النزاع والشقاق، وفي أماكن العلم والتنمية، فرصةً للتسامح والتعايش والحوار؛ بل ولتقريب شقة الخلاف والاختلاف. 
مسرح اليوم في بلداننا هو ذلك الحبل السري، فلا ينبغي أن يكون إلاّ عضوياً بسيطاً مباشراً، متحللاً من الزوائد، منطلقاً من الناسِ ومن وحيهم.  أن يكون المسرح وصلاً في كلِ مكان، فما جدوى مسرحٍ في المدينةِ لمن يسخّره لإلهاءٍ في غير مصلحة الناس، بينما ربوع البلادِ في غمٍ وهمٍ وظلمةِ ليلٍ؟ 
نريد المسرحَ بدراً في ليل الأوطانِ، ونوراً في دروبها، وصوتاً هادراً في ميادينها، ونفيراً في بواديها؛ بل وبوسع المسرحِ أن يكون وسيلة ماضية مستدامة لتنمية الإنسان الجديد والمجتمع العربيّ الجديد.
فما علينا كمسرحيين إلاّ أن نعيد النظرَ في فكرة المسرح ودوره وووظيفته المبتغاة، وأن نتأكد أننا لا نحاكي ونتبع الغرب سيراً في الركب المتعولم.. إن ظروفنا الراهنة إجمالاً مضطربة متقلبة، وأناسنا يتطلعون حقيقة إلى ثقافةٍ بديلةٍ مختلفةٍ تهديهم السبيلَ إلى وجودٍ مغايرٍ، وحياةٍ أكثر سلماً وعدالةً.  وعلى المسرح أن يكونَ في طليعةِ أدوات المستقبل، وإلاّ فهو لزوم ما لا يلزم، زبدٌ يذهب جفاءً، فيا أهل المسرح، استيقظوا.
د. يوسف عايدابي  -  (السودان)



تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption