أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الاثنين، 12 يونيو 2017

دائرة السينما والمسرح تصدر ضوابط العمل المسرحي للفرقة الوطنية للتمثيل للموسم المسرحي (2017-2018)

مجلة الفنون المسرحية
الفنان فلاح ابراهيم 

دائرة السينما والمسرح تصدر ضوابط العمل المسرحي للفرقة الوطنية للتمثيل للموسم المسرحي (2017-2018)


كتب – عبد العليم البناء 

مدير المسارح فلاح إبراهيم : الخطة تسهم في تأصيل وتفعيل المشهد المسرحي والارتقاء به ابداعيا واداريا وتنظيميا لجنة 
*تشكيل لجنة فنية تتولى مهام لجنتي المشاهدة وفحص النصوص المسرحية لتقويم العروض المسرحية 
*تقديم 12 الى 15 عملا في كل موسم مسرحي مع مراعاة التنوع في الأساليب والاتجاهات
*اعتماد نظام الريبتوار المسرحي للاعمال المنجزة في يوم المسرح العالمي وتخصيص جوائز للمتميزة ومسابقة للنصوص المسرحية
*التعاقد مع  الرواد او الطليعيين الشباب من أجل رفع مستوى الخطاب الفني والفكري 
*الايفادات للعمل المسرحي لمرة واحدة  سنويا وبخلافه يتحمل كادر العمل النفقات كافة ويسري ذلك على الدعوات الشخصية ويكون الترشيح من خلال إدارة المسارح

يتواصل تفعيل الحراك الثقافي والفني في دائرة السينما والمسرح في ظل الإدارة الجديدة التي تقودها الفنانة الدكتورة اقبال نعيم التي اختارت طاقمها المتناغم والمنسجم الذي يسعى للوثوب الى أمام مستثمرا كل التراكمات الإيجابية المتحققة سابقا والعمل على تكريسها وتطويرها ونبذ وابعاد كل المظاهر والافرازات السلبية لما فيه خير الدائرة ومبدعيها خاصة والمشهد الثقافي والفي العراقي عامة وبدعم مباشر ومفتوح من لدن وزارة الثقافة والسياحة والاثار وعلى رأسها السيد الوزير فرياد رواندزي .
وعلى هذا الصعيد يحدثنا المخرج الفنان فلاح إبراهيم مدير قسم المسارح في دائرة السينما والمسرح عن أبرز مؤشرات خطة العمل الجديدة للنهوض بهذا القسم المهم والفعال عامة والفرقة الوطنية للتمثيل خاصة "من خلال اعتماد صيغ ومؤشرات متكاملة تسهم في تأصيل وتفعيل المشهد المسرحي والارتقاء به ابداعيا واداريا وتنظيميا واستثمار جميع طاقات مبدعي المسرح داخل وخارج الدائرة وفق أسس وضوابط متكاملة بعيدة عن المحاباة او المجاملة والارتجال والفوضى عبر اصدار ضوابط العمل المسرحي للفرقة الوطنية للتمثيل للموسم المسرحي (2017 – 2018)".
وفي هذا الصد قال إبراهيم : " تم تشكيل لجنة فنية من خمسة أعضاء يتولون مهام لجنتي المشاهدة وفحص النصوص المسرحية من أجل تقويم العروض المسرحية على أن يراعى التنوع في اختصاصاتهم (مخرج ، ممثل، كاتب، سينوغرافي ، ناقد) ويتم تقييم العمل وفق الاتي :20 بالمائة للاخراج و20 بالمائة للتمثيل و20 بالمائة للتأليف و20 بالمائة للسينوغرافيا و20 بالمائة للنقد مع تفضيل ان يكون أعضاء هذه اللجنة من خارج إدارة قسم المسارح".
مضيفا: " أن الخطة شملت إعتماد: " 12 الى 15 عملا مسرحيا في كل موسم مسرحي ويراعى في هذه الاعمال التنوع في الأساليب والاتجاهات وبحدود 5 أعمال تجريبية و2-5 لمسرح الطفل و2 للمسرح الشعبي و2 للعمال الكلاسيكية و2 لاعمال الكيروغراف والبانتومايم وهذه الفرات تتحرك حسب الاعمال المقدمة للإنتاج وتوافرها على أن يخصص 12 عملا لاعضاء الفرقة الوطنية للتمثيل مع تكليف الفنانين من خارج الدائرة من أجل تقديم أعمال مسرحية يتم انتاجها من الرواد أو من الطليعيين الشباب وحسب الأهمية والجودة الفنية للعمل المتعاقد عليه." 
وأكد إبراهيم أنه سيتم " العمل بتفعيل الاستمارة اليومية الخاصة بالتمارين المسرحية وفق الانموذج المعتمد من إدارة المسارح وبواقع (60-45)استمارة يومية ويتولى مسؤوليتها مدير المسرح بالتنسيق مع مدير الفرقة الوطنية ومدير المسارح ومدير الحسابات على أن تصرف المبالغ المخصصة بالاستمارة بعد إقرار العمل من اللجنة الفنية ومن أجل تفعيل عمل شعبة الإدارة المسرحية في هذا المجال الحيوي وضعت ضوابط خاصة بها حيث سيتولى مدير الشعبة المتابعة والتنسيق مابين مدير الإنتاج ومدير المسارح لغرض الوقوف على مجريات التمارين اليومية واعداد الاستمارة اليومية الخاصة بالتمارين المسرحية والبالغ عددها (45) استمارة لكل مسرحية وتعد وثيقة رسمية بتصديق مدير المسرح ومدير الفرقة الوطنية ومدير المسارح مع تأكيد دقة إجراءات الاستمارة وتدوين مجريات التمارين اليومية وتثبيت الحضور والغياب بشكل يومي ويتم انتخاب مديري المسرح من ذوي الشهادات الاكاديمية أو من ذوي الخبرات المسرحية ويتابع مدير المسرح المحافظة على على قاعة التمارين ونظافتها وتأمين إجراءات السلامة كافة ولايتم تكليف أي مدير مسرح من المخرج الابعد الرجوع الى مدير الشعبة المسرحية لتسمية احد منتسبيها المعتمدين ". 
وبخصوص الموسم المسرحي أوضح إبراهيم أنه تقرر أن " يتم الإعلان عن الموسم المسرحي الجديد من كل عام في 27 آذار لمناسبة الاحتفال بيوم المسرح العالمي وحسب التوقيتات الاتية :النصف الأول ويشمل الأشهر الرابع والخامس والسادس والنصف الثاني ويشمل الأشهر التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والأول والثاني والثالث على أن يتم تقديم الطلبات للمشاريع الخاصة بالموسم في نهاية كل عام (31 \12) ولا يتجاوزهذا الموعد".
مؤكدا : "على أن تلتزم المشاريع المقدمة للإنتاج بتقديم ملف المشروع الذي يشمل : النص الادبي أو الفكرة التي سيعمل عليها المخرج وأسماء كادر العرض ورسم الشكل المقترح لديكور العرض بالتفاصيل وأي تفاصيل أخرى والشكل المقترح للازياء وتحديد مكان العرض المقترح والفئة المستهدفة (كبار- صغار) وتتولى جهة الإنتاج التنفيذ بعد استحصال الموافقة على الملف المقدم وترشيحه للإنتاج من إدارة المسارح واللجنة الفنية" .
وبخصوص الترويج الإعلامي والدعائي أوضح الفنان المخرج فلاح إبراهيم أن " قسم العلاقات والاعلام في الدائرة سيتولى بالتنسيق مع إدارة الإنتاج ترويج العمل في وسائل الاعلام المرئية والمسوعة والمقروءة وشبكات التواصل الاجتماعي ومتابعة العمل من بداية التمارين وحتى يوم العرض ويتم تصميم الفولدرات والملصقات الخاصة به بعد أن تمر وفق السياق الإداري (العلاقات – المسارح – المعاون – المدير العام ) ومن ثم تنفذ وتطبع من قبل القسم الذكوركما يتولى قسم السينما أرشفة وتصوير العمل بالجودة الفنية والمواصفات التقنية العالية وتتم تسمية أحد النقاد المسرحيين للإشراف على الجلسات النقدية المستمرة المرافقة للاعمال الخاصة بالموسم من أجل تقويمها نقديا على ان تعقد هذه الجلسات بالتنسيق مع قسم العلاقات والاعلام من اجل الإعلان عنها ".
وتضمنت الضوابط – والحديث مازال لمدير المسارح – اعتماد " نظام الريبتوار المسرحي للاعمال المنجزة في نهاية كل موسم بالاعمال التي قدمت خلال الموسم خلال الاحتفال بيوم المسرح العالمي على أن يتم تخصيص جوائز للاعمال المتميزة من أجل تحفيز أعضاء الفرقة على العمل والمنافسة الشريفة فيما بينهم مع اقامة مسابقة سنوية للنصوص المسرحية يعلن عن نتائجها في يوم المسرح العالمي على ان تحمل كل دورة من المسابقة اسم أحد اعلام المسرح العراقي والتأكيد على إعادة مهرجان بغداد الدولي للمسرح ومهرجان المسرح العراقي ".
ومن أجل دعم مسيرة الإنتاج المسرحي أشار ابراهيم الى أن الخطة تضمنت إعتماد " نظام شباك التذاكر لاعمال الموسم المسرحي على أن لا يزيد سعر التذكرة عن خمسة الاف دينار للاعمال غير الشعبية التي سيكون سعر تذكرتها عشرة الاف دينار ويستثنى من ذلك طلبة معهد وكلية الفنون الجميلة ".
وتابع إبراهيم أن الخطة سمحت للدائرة "التعاقد مع فنانين من خارج الدائرة من الرواد او الطليعيين الشباب من أجل رفع مستوى الخطاب الفني والفكري للموسم المسرحي على أن تحدد أجور العقود للمخرج (1,5-3) مليون دينار والممثل (1,5-2,5) مليون دينار والمؤلف (500-1,5) مليون دينار وويتم أيضا تضييف عملين أو ثلاثة لفرق مسرحية عربية أو اجنبية مميزة وذات قيمة فنية عالية تقدم عروضها خلال سبعة أيام ويتم انتاجها من خلال شباك التذاكر مع الغاء مبدأ التعاون الذي لايفيد الدائرة اطلاقا وتشجيع التمويل ( السونسر) على وفق الأصول القانونية التي تضمن حقوق التمويل لعمل بذاته بعد رصده في باب الامانات لصالحه ".
ومن أجل تطوير قدرات أعضاء الفرقة يقول إبراهيم أن الضوابط شملت أيضا : "  تفعيل الاستمارة السنوية لاعضاء الفرقة الوطنية من أجل تقييم المنجز السنوي لكل عضو مع محاسبة المقصرين في ذلك إداريا مع إقامة الورش الخاصة بالتمثيل والإخراج والتأليف والسينوغرافيا بالاستعانة بالكفاءات العلمية والفنية من داخل وخارج الدائرة وبالتتنسيق مع كلية ومعهد الفنون الجميلة من أجل النهوض بمستويات العمل المسرحي واكتساب المهارات والخبرات الفنية المطلوبة كما يمكن ان تنفتح الإدارة على إقامة الورش للخارجيين على وفق مبدأ استثمار ذلك ماديا بواقع مبلغ مقطوع لمدة معينة".
وشملت الضوابط الجديدة الايفادات والمشاركات الخارجية حيث أكد الفنان المخرج فلاح إبراهيم مدير المسارح في دائرة السينما والمسرح ان" المشاركات الخارجية ستكون حصرا على المهرجانات الفنية الدولية العالية مثل: مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي والمعاصر ومهرجان المسرح الأردني ومهرجان أيام قرطاج المسرحي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح ومهرجان المحترف المسرحي ومهرجان المسرح الأردني للطفل ومهرجان طنجة المشهدي ومهرجان فجر المسرحي في ايران على ان يراعي الايفاد مشاركة كل عمل مسرحي لمرة واحدة في كل عام وبخلافه يتحمل كادر العمل النفقات كافة ويسري ذلك على الدعوات الشخصية ويكون الترشيح للمهرجانات المسرحية من خلال إدارة المسارح ولايمكن استحصال أي موافقة رسمية على مشاركة أي عمل مسرحي خارج العراق غير مدرج ضمن اعمال الموسم المسرحي التي تم عرضها للجمهور وعلى أن تكون المشاركة للاعمال المتميزة التي أشرت لنفسها خلال الموسم المسرحي واتفاق الجميع على انها هي التي تشارك في المهرجانات العراقية والدولية .

الأحد، 11 يونيو 2017

من عروض مهرجان مسرح الشباب الاردني 2017 مسرحية” العرس الوحشي”.. عمل مفتوح على التأويل بحرفية فنية عالي

مجلة الفنون المسرحية

من عروض مهرجان مسرح الشباب الاردني 2017 مسرحية” العرس الوحشي”.. عمل مفتوح على التأويل بحرفية فنية عالي

رسمي محاسنة

ان تخرج من عرض مسرحي وانت محمل بالاسئلة، ذلك يعني ان العمل فيه مايستفز العقل، ويشغل الوجدان، وان هناك فعل مسرحي استطاع ان يقتنص انتباهك، وياخذك الى فضاءات الاسئلة.
” العرس الوحشي”..النص المعروف،للعراقي” فلاح شاكر”، والذي شكل غواية لكثير من المخرجين، الذين هم بدورهم قاربوا النص من خلال رؤيتهم الخاصة، باعادة تركيب الحكاية، واستنطاق مدلولات معرفية وجمالية، لكن دون ان تغادر النص تماما.
المخرج ” محمد الجراح” يقدم عرضا يذهب بعيدا باتجاه مايصادر ماهو انساني في النفس، لكنه ليس مجرد حالة فردية، انما دلالة اوسع تمتد الى ماهو اكبر، في عمل محمل بالدلالات، فالحكاية تتمحور حول علاقة الام بالابن، الام التي تم اغتصابها بوقت مبكر من عمرها، ويتناوب عليها ثلاثة جنود، يتركون باحشائها ثمرة نجسة، عندما تحمل من احد منهم لاتعرفه، ويكبر الابن ” الحرام”، وكلما كبر ، تتكرر محاولاتها للخلاص منه دون جدوى، ليبقى شاهدا على فضيحة الروح، وجرحا يستحيل التئامه.
تبقى العلاقة محكومة بتلك النقود التي وضعتها في القبو الذي حبست ابنها فيه،وتعتقد بانه اخفاها عنها،تريدها لتخرج وتغادر المكان، وهنا يضعنا النص امام اسئلة لها علاقة بالام” اريج دبابنه”،فان اصرارها على ، وسؤالها الدائم عن النقود يضعنا امام احتمالات انها استمرأت لعبة المومس،ويقودنا الى هذا الاستنتاج سؤالها بالحاح عن النقود، او تفكر كانسانة تدرك بان هذه الفلوس يمكن ان تنجو بها، وتخرج من واقعها وماضيها، وكلا التأويلين من الصعب الجزم بهما، لان الصورة المرتسمة في ذهن المتلقي، انها ضحية، ومايتبع ذلك من تداعيات تاخذنا الى احالات انها ” الوطن” الذي تم اغتصابه واستباحته.
في الحوارات المحمومة بين الام والابن ” راتب عبيدات”، يتضح حجم القسوة والعزلة والخراب الذي اصاب النفوس، وتلك الذكريات البائسة التي تفرض وقعها الثقيل على حاضر الشخصيات، فكلاهما ضحايا، وهذه المعاناة هي نتيجة حتمية، والقسوة التي تصل لدرجة رغبة الام بقتل جنينيها وطفلها لاحقا، هي بسبب وجود المحتل البغيض،لكن هذه الحالة يتفرع عنها موقفين مختلفين، فاذا اعتبرنا انها الام بالمعنى المطلق، فانه من الصعب تفهمّ قسوتها، لكن في حال انه بذرة من احتلال ترك كل هذه الماّسي، فان الموقف يصبح محايدا، ويفقد الابن تعاطف المتلقي.
واذا كان هذا الفهم يقودنا الى ضرورة التخلص من الابن، ففي العرض يقوم الابن بخنق امه، ويملأ المكان المهجور بجثث الجنود، و كان قبل ذلك قد قتل ” سعيد” المترجم.
قدّم المخرج ” محمد الجراح” العرض في اجواء خانقة، حيث المكان المهجور،والمعزول عن الحياة، والمنقسم بحبل الى قسمين، وبمفردات ديكور تم توظيفها لصالح العرض، كما في الطاولة، او الاناء المملوء بالماء الذي يذكر الام بالمغتصبين، او المفردات الاخرى، مثل ذلك الكيس المعلق الذي يفرغ فيه الابن غضبه.
وقد كان الاداء ركنا اساسيا في العرض، حيث قدمت “اريج دبابنه” دورا يحمل شحنات الغضب والقهر والاشمئزاز والقسوة، دورا يسجل لها، باستخدامها لادوات تعبير عالية،في حالاتها المختلفة، وباحساس عال، وفي تناغم مع الممثل الشاب” راتب عبيدات”، الذي بهذا العمل يسجل شهادة ميلاد ممثل اردني على ىالساحة الفنية،حيث لم يهبط ايقاع الشخصيات، ولا الايقاع العام للعمل.
“العرس الوحشي”، عمل مفتوح على التأويل من حيث الفكرة، ومشغول باحترافية من حيث الرؤية الاخراجية بتوظيف عناصر العمل المسرحي،بذكاء ووعي كبيرين.












--------------------------------------------------
المصدر : ميديا نيوز

"دبي للثقافة" تطلق برنامج مسرح الشباب 2017-2018

عرض مسرحية «روح طالعة».. المسرح بوصفه أداة للنقد

مجلة الفنون المسرحية

عرض مسرحية «روح طالعة».. المسرح بوصفه أداة للنقد

 أحمد الطراونة

قدم المخرج محمد الختاتنة والكاتبة د.هناء البواب مع الممثل تامر بشتو المسرحية الجديدة الناقدة التي حملت عنوان «روح طالعة».

انطلقت عروض المسرحية مطلع شهر رمضان بلوحات فنية عكست واقعاً عربياً مؤلماً بعد سنوات موجعة من «ربيعه» الذي أتَى على الأخضر واليابس بحسب العرض.

المسرحية التي تعكس ما وصلت اليه الشعوب العربية من احوال مؤلمة قدمت نماذج من الشخصيات التي تؤكد تحكمها بمصائر العالم كشخصية الرئيس الاميركي ترمب، والروسي بوتين.

كما تعاين صراع مراكز القوى على امتلاك خيرات الوطن العربي، لتقدم المسرحية «الرئيس الكوري الشمالي» نموذجا اخر للتصدي ضد هذه القوى ومقاومتها.

يفتح الفصل الاول للمسرحية التي جاءت ضمن عدد من المشاهد بانتقاد الواقع الاجتماعي الاردني بحضور شخصية رئيس الوزراء د. هاني الملقي كطرف آخر في الحوار ليبحث مع عدد من الشخصيات التي مثلها الفنان تامر بشتو، ورود المصري، ليث الناطور، سهيل قدسية، غازي درويش، سلسبيلا البرايسة، مجموعة من القضايا التي تمس واقع المجتمع وتؤثر فيه كارتفاع الاسعار، وعدم الاهتمام بالمثقف والاديب، وقضايا الانتحار، ومواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها في المجتمع.

المسرحية التي وضع موسيقاها حسام الصباح، وديكور عصام شاهين، وتنفيذ الشخصيات ناصر خرما يستمر النقد في المشاهد التي تلي ليتطور الى نقد الحالة العربية حيث يظهر المواطن العربي، السوري والسوداني والعراقي واليمني والليبي وهم يبحثون في مطارات العالم على من يستقبلهم حيث تقدم كل شخصية جانبا مهما من مشاكلهم ، ليخرج الرئيس الأميركي ويرفض هذه الجاليات ويتعامل معها بازدراء، وكذلك الرئيس الروسي، ليصل بهم المطاف الى تقسيم هذه الجاليات على اسس عرقية او مذهبية.

تقدم المسرحية رؤيتها في الاحداث السياسية التي تجري في الخليج بين قطر من جهة ودول مجلس التعاون من جهة اخرى.

في نهاية العمل وبعد ان وصل المواطن العربي الى حال من الضياع يدخل من بوابة الخيمة جلالة الملك عبدالله الثاني ترافقه الموسيقى الوطنية فيصعد الخشبة ويقدم التحية للشعب الاردني والعربي ويعلن ترحيبه باستقبال الجاليات العربية وتقديم العون لها في ظل هذه الظروف العربية غير العادية. يمتلك الفنان بشتو قدرة على إدهاش المشاهد من خلال ما يمتلك من قدرات وتجربة في هذا النوع من المسرح الذي يلتزم بشروط مناقشة العديد من القضايا الجادة والهادفة سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو أخلاقية، متفاعلا مع الجمهور عبر شروط الفرجة الواعية التي تدعم عملية التواصل بين العرض الناقد الساخر، وهموم المتلقي وشواغله.

الختاتنة: المسرح مرآة الواقع

مخرج العمل محمد الختاتنة قال لـ»الرأي» ان هذا العمل ليس الأول الذي يخرجه ضمن الكوميديا السياسية الساخرة التي تنقل هم المواطن الاردني، فهو ابن هذا الوطن ويشعر بما يشعر به المواطن الفقير الذي انهكه الغلاء واتعبه، وان الصعوبة التي يعانيها خلال هذه الفترة هي مدى القدرة على ملامسة الواقع بالصوت والصورة بعيدا عن التوهان والتعقيد.

اضاف الختاتنة ان المسرح مرآة الواقع، وأن التقمص الذي قام به بشتو خلال العمل يجسد الفكرة الاهم وهي المسرح الكوميدي الساخر الذي يقدمه الفنان على طبق ساخن بعد الافطار في رمضان متنقلا بين شخصية الملقي وما يعانيه الشعب من رفع للاسعار وتازيم للموقف الاقتصادي مع كل حكومة جديدة تتشكل ثم التطور الذي احدثته على المسرحية هو النزاع الخليجي والمقاطعة على قطر بتقليد الشخصيات الخليجية كخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وامير الكويت في محاولته لحل الازمة العالقة ومن ثم السيسي باعتبار تجاهل قطر لموقفه ضدها، مرورا بشخصية رئيس كوريا الشمالية ومن ثم وجود اللاجئين بين يدي ترمب ليؤكد على عدم قبول أميركا للعرب ومن ثم رئيسة المانيا ميركل وشكواها من تزايد عدد اللاجئين ثم وصولهم الى تركيا وتهرب اردوغان من استقبالهم ثم وصولهم الى روسيا ويستمر بهم الحال حتى يصلوا الى الاردن ويفتح لهم جلالة الملك ذراعيه مقدما لهم الترحيب برغم ضعف الامكانيات المادية للاردن التي ما تزال تستقبل اللاجئين.

البواب:الديمقراطية الحقيقية

كاتبة العمل د.هناء البواب قالت: إن هذه ليست التجربة الاولى في هذا النوع من المسرح فهناك تجربة « سارحة والرب راعيها» و«داعش ع الصاجة» وغيرها من الكوميديا السياسية الساخرة التي تعكس الوجه الاخر للسياسة التي تجعلنا نضحك ليس من الموقف بل نضحك على انفسنا حزنا وهنا تظهر المفارقة في كون الكاتب يلامس وجعا عند المواطن لم يتمكن ان يعبر فيه بلسانه ويجد امامه متنفسا ليصرخ ويقول الله الله هذا ما نحتاجه.

وأضافت البواب: هنا فقط تشعر ان الديمقراطية الحقيقية تتمثل في الاردن بقيادته الهاشمية فنحن ديمقراطيين قولا وفعلا ولامجال لان نكون سوى ذلك لان المشهد امامنا يفرض علينا ذلك، وانه لاشروط تحكم العمل سوى رؤية متأصلة للفكرة وقدرة على متابعة الحدث ونشأة داخل الكواليس السياسية ليتعمق المشهد داخل الكاتب.

وتؤكد البواب ان هذا العمل هو رؤية متراكمة للوضع العربي حولنا حيث تتكون المسرحية من ثلاثة مشاهد كما تحدث عنها الختاتنة سابقا مشيرة الى قدرة الفنان الاردني على ابراز الصورة الحقيقية والمشهد المشرف لمواقف الاردن مع اللاجئين.

------------------------------------------------
المصدر : جريدة الرأي

السبت، 10 يونيو 2017

مسرحية " ما يتركه الغبار " تأليف حسين عبد الخضر

غنام يواصل تغريبته حاملاً حقيبة «سأموت في المنفى»

مجلة الفنون المسرحية

غنام يواصل تغريبته حاملاً حقيبة «سأموت في المنفى»

عمان - الرأي

بمشاركة صوت الفنان كمال خليل وعوده وألحانه، قدم الفنان المسرحي غنام غنام في مقر رابطة أهالي كفر عانا، المونودراما المسرحية «سأموت في المنفى» من تأليفه وإخراجه وتمثيله.

العرض تجلى كشريط ذاكرة شخصية وجمعية في آن، تقاطعت خلال سرد غنام له أدائياً وحكواتياً ونبضاً وتحليلاً، مجموعة من الدلالات والمحطات ومراحل من تاريخ التغريبة الفلسطينية ونضالات أبنائها وأبناء امتدادها العربيّ القوميّ الإنسانيّ.

شريط مخاتل غير ملتزم بتسلسل تاريخي، ولا شروط حسية، ولا قواعد أكاديمية؛ توقف أحياناً عند محطات تعود لوالده أو والدته أو أحد أقاربه، لم يعشها هو شخصياً، وزار في أحيان أخرى قرى في البال والوجدان، وأخرى تمثل وجعاً أكثر مما تغوص في المعاينة الفردية والتفاعل المادي الملموس.

بلا مفردات مسرحية من إضاءة أو ديكور أو مختلف معطيات السينوغرافيا، وخارج أي إطار أو علبة، وبموسيقى حيّة نابضة لرفيق درب وحب وحرب ومعاناة وهجرات ونضال، خلق غنام مدير التأليف والنشر في الهيئة العربية للمسرح بالشارقة، فرجته، جاعلاً منها (أي تلك الفرجة الحكواتية بامتياز)، لحظة ممكنة لتفاعل مجسّات التلقي، إذ منذ لحظة البدء قال للمحيطين به من ناس وأهالي ونواب وشرائح مختلفة غلب عليها الطابع الأسريّ الرمضانيّ الحميم، أنتم معي هنا في هذه اللعبة المستفزة لبعض مفاصل الذاكرة، وبعض أحداث جسام، وبعض سلوى وآه ودمعة وبسمة وضيق وفرج وصعود وهبوط وقراءة ومفارقة ووتر وأغنية وناي.

لا الولجة ولا كفر عانا بلدته الأم، ولا أريحا مسقط رأسه، ولا جرش أحد مطارح نشأته، ولا عمّان ساحة تحققه ونضاله ويساريته، ولا الشارقة ولا عواصم أخرى وبلاد ومطارات، غابت عن بال الراوي المؤدي المحلل المندهش الناظر في كنه الأشياء والناس والأماكن.

الحقيبة كانت بطلاً، شاهد القبر كان بطلاً، شقيقه فهمي والده صابر والدته، أبطال وهامشيون وقواعد اشتباك محكوم بالأمل واليقين والبحث عن ملاذ آمن.

فوانيس وحكايات عتيقة وإحساس فريد بالمأساة/ الملهاة، صور ومشاهد حزينة، جسّدها غنام بإحساس متناغم مع الحركات واللغة والأداء الفطري، فصول من دفتر الذكريات، تناوب تقليب صفحاتها بين العفوية والقصدية المدروسة، تسلسلٌ في السرد والحوار، تناوبٌ بين العامية والفصيحة في توليفة مؤثرة ومنسجمة مع البنية الكلية للعرض. مشاهد اختلط فيها الرمز بالواقع بالمتخيل بالمشتهى بالمعاش بالصادم المستلهم سطور الفجيعة وعناوينها، كمشهد مقبرة سحاب وقد انتشرت فوقها شواهد القبور، حيث كل شاهد يشير إلى قرية أو بلدة فلسطينية، للدلالة على الشتات والموت بعيداً عن حضن الوطن.

صدور مسرحية «الطريق إلى قانا» لجلال خوري منارة المسرح اللبناني

مجلة الفنون المسرحية

صدور مسرحية «الطريق إلى قانا» لجلال خوري منارة المسرح اللبناني

*د. فَرهاد رجبي

صدرت أخيراً في إيران الترجمة الفارسية لمسرحية «الطريق إلى قانا». يُعتبر جلال خوري من الكتّاب الذين يركّزون في مسرحياتهم على البنى الفكرية ويحاول إلقاء الضوء على هذه البنى مع التركيز على الحوار والمنطق

المسرحية «الطريق إلى قانا» للمخرج والكاتب المسرحي اللبناني جلال خوري )، ترجمتها الدكتورة فاطمة برجكاني الحائزة دكتوراه في المسرح من «معهد الدراسات المسرحية والسمعية المرئية والسينمائية» في «جامعة القديس يوسف» ودكتوراه في اللغة العربية وآدابها من «جامعة بيروت العربية».

صدرت الترجمة عن «دار نشر طنين» في طهران بعنوان «راهِ قانا».
تظهر أهمّيّة عمل المترجِمة في أوجه عدة، أوّلها أنّ الناطقين باللغة الفارسية يكتشفون الأفكار القيّمة لكاتب قدير في مجال النصّ المسرحي، ويتعرّفون إلى التجربة المميّزة الموجودة في المسرح العربي. وكون المسرحية باللغة العربية العامية بمعظمها، إلى جانب اللغة الفصحى، فذلك يزيد من أهميّة جهود المترجمة.
لهذه الأسباب، وتقديراً لخالق الأثر المسرحي هذا وجهود الترجمة، نحاول كتابة أسطر عن العمل مع التأكيد على الأسس الدلالية للمسرحية.
العقل الانساني هو الذي يكشف عن خفايا الأمور محاولاً إظهار الحقيقة. ويتّخذ العقل لذلك وسائل مختلفة كتحكيم المنطق وطريق الحوار المجدي. يبدو أنّ مسرحية «الطريق إلى قانا» في أحد وجوهها تُعتبر مشهداً نرى فيه صراع العقل للوصول إلى الحقيقة. من جانب آخر، يمكن دراسة هذا الأثر من زاوية البعد المعرفي الإبستمولوجي، من أجل الحصول على نظرية ماهيّة المعرفة وطرق الوصول إليها من مسير الفلسفة، التي تنسجم مع حوارات هذا العمل المسرحي.
يُعتبر جلال خوري من الكتّاب الذين يركّزون في مسرحياتهم على البنى الفكرية. يحاول إلقاء الضوء على هذه البنى مع التركيز على الحوار والمنطق. والأمر الآخَر الذي يدفعنا إلى التأمّل هو أنّ الكاتب يأخذ الإحساس في الاعتبار إلى جانب الفكر. وهكذا يستوحي الكاتب من الواقع والمشاعر الإنسانية، ويستفيد في الوقت نفسه من الإمكانيات الفكاهية والنظرة الفلسفية والصوفية، ليجعل من مسرحيته مشهداً لبلورة الأفكار الإنسانية المتعالية.
من الميزات البارزة في هذا النصّ المزج بين ثقافات مختلفة، حيث تلتقي الحضارات الغربية والهندية والشرق أوسطية التي هي مناطق بعيدة عن بعضها جغرافياً، وتجد هذه الحضارات الثلاث فرصة الحوار من خلال النصّ.
إنّ «الرجل الأوّل» هو شخصية جاهدة من أجل الوصول إلى حقيقة الأشياء والتاريخ. والشخصية الثانية هي رجل من رواسب الأزمنة البعيدة، يحمل إرث التجربة الإنسانية على مرّ الأزمنة. أمّا الشخصية الثالثة «نانسي»، فهي قسّيسة أميركية تنتمي إلى الإنجيليين المحافظين، إلى جانب الشخصية الرابعة (براديب) أي زوج نانسي من أصل هندي الذي يظهر في صراع مع زوجته في سبيل بلوغ الحقيقة. تحدث الوقائع في الفترة المعاصرة في جنوب لبنان، إلا أنّ الخليط الزمني والجغرافي من المكوّنات الرئيسية للأحداث والشخصيات في المسرحية.
كما أنّ الشخصيّتين الرئيسيتين في المسرحية لا تحملان اسماً لتكونا ممثلَين للإنسان المطلق من دون أيّ حدود يرسمها اسم معيّن أو ثقافة معيّنة.

يُعتبر الوصول إلى الحقيقة أهمّ رسالة للأديان السماوية والبشرية عبر التاريخ، وحاول كلّ منها تحديد مسار يوصله إليها. وبطبيعة الحال، يؤمن أصحاب كلّ دين، بأنّهم على الطريق الأصحّ، مستلهمين في ذلك ما تلقّوه من تعاليم دينية. ومن الممكن إيجاد تحوّل في هذه المسيرة بمرور الزمن أو بناء على التفسيرات المتعدّدة. يدرك خوري هذه الحقيقة بشكل دقيق ويحاول في الحوار بين الرجلين أن يضع مبدأ التعرّف إلى الحقيقة ليس على أساس كلام الآخرين أو نقل أفكارهم المتناسب مع افتراضاتهم المسبقة، بل على أساس التلقّي الداخلي لكلّ إنسان.
في سبيل محاولات الوصول إلى الحقيقة، يمكن اعتبار عنصرَي الزمان والمكان في المسرحية من العناصر الرئيسة التي تأخذ أبعاداً فلسفية. الزمن يُعتبر ظاهرة واحدة، ومن غير الصحيح تقسيمه إلى الجديد والقديم: «الجديد يا معلمي عتيق ولو ظاهر وبريق».
كما أنّ من الميزات الأخرى البارزة في ما يتعلّق بمقولة الزمان، هو التشابك العجيب بين الأحداث التاريخية الأسطورية (كمنشأ المسيح والدور التاريخي لقانا) والتيّارات العالمية المعاصرة كسيطرة الإنجيليين المحافظين والقضية الفلسطينية والحروب والصراعات المعاصرة و.... إضافة إلى ذلك، يحاول المؤلِّف أن ينظر إلى عنصر المكان بشكل مطلق، لذلك لا يقيّد نفسه بتسمية الأماكن: «هالمطرح إطار... (يبحث في كلامه) رؤبة أسرار، كل واحد بيلاقي فيه الّي جايبو معو».
نستنتج من خلال البناء الدلالي العميق للمسرحية أنّ جلال خوري بإدراكه العميق لأهمّ الهواجس والتحديات الإنسانية، يعتبر معرفة الحقيقة وكيفية الحصول عليها أبرز محاولة فطرية للإنسان، الأمر الذي يشغل بال البشرية في الماضي والحاضر. هذه المحاولات وإن ظهرت بأشكال وأساليب مختلفة، إلاّ أنّها مشتركة في أنّها تشغل ذهن الإنسان الباحث عن الحقيقة.
فهنيئاً للقرّاء الإيرانيين بقراءتهم الممتعة لترجمة هذا العمل المسرحي، خاصّة أنّها جاءت مرفقة بالنصّ العربي للمسرحية، ممّا يزيد فرصة العمل العلمي الأكاديمي للمتخصّصين وفقاً للغتين العربية (الفصحى والعامية اللبنانية) والفارسية.

* أستاذ مشارك في «جامعة گیلان» (إيران)

---------------------------------------------------
المصدر :  الأخبار 

'فيغارو' بومارشيه صوت المنادين بالحرية والانعتاق

مجلة الفنون المسرحية

'فيغارو' بومارشيه صوت المنادين بالحرية والانعتاق

أبوبكر العيادي

‬مسرحية 'زواج فيغارو' تكشف الواقع المرير للطبقة العاملة وما أحدثته الثورة الفرنسية من تغييرات كبرى‮ ‬في‮ ‬مجتمع كان‮ ‬يسيطر عليه‮ '‬الملك‮'.

“زواج فيغارو” مسرحية من كلاسيكيات المسرح الفرنسي، استنكر لويس السادس عشر نقدها اللاذع للقيم السائدة واستهزاءها بالسلطة، لأنها كانت تساند الطبقة البورجوازية الصاعدة في دعوتها إلى الحرية والمساواة بين البشر، وعُدّت من الأعمال التي بشرت بالثورة الفرنسية، رغم أن أحداثها تدور خارج فرنسا.

“زواج فيغارو” لصاحبها بيير كارون دو بومارشيه (1732- 1799) ألفها عام 1778، ولما منع عرضها، أعاد كتابتها بتكثيف مرجعيتها الإسبانية، وراح يخوض حملة وينظم قراءات في بعض الصالونات، لكسب التأييد لهذه المسرحية التي تبدو كتتمة لـ”حلاق إشبيلية” أو “الاحتياط غير المجدي”.

لم تمض أعوام حتى نجح بومارشيه في مسعاه وعرضت المسرحية على خشبة مسرح الأوديون في 25 أبريل عام 1784، دون أن يتنازل بومارشيه عن نقده المبطن للسلطة، رغم ما بلغه من موقف الملك لويس السادس عشر منها ووصفه إياها بالعمل المقيت، ومن موقفه منه هو نفسه حيث قال “هذا الرجل يستهزئ بكل ما يمثل السلطة” مضيفا أنها لن تعرض أبدا.

لاقت المسرحية نجاحا غير مسبوق، وظلت تعرض طوال العام، بواقع سبعة وستين عرضا في السنة، قبل أن تترامى أصداؤها خارج فرنسا، ليس فقط لنبرة الحرية فيها، وإنما أيضا لحداثة مضمونها وجدة طرحها، حتى أن موزارت تلقفها وصاغ منها عام 1786 أوبرا بالعنوان نفسه عرضت أول مرة في فيينا. ثم تبعه أنطونيو سالييري في يونيو عام 1789، أي قبيل الثورة ببضعة أيام، وبذلك دخل الخادم فيغارو التاريخ.

المنافسة بين الكونت وفيغارو ترمز إلى صراع تاريخي بين منظومة قديمة تتشبث بامتيازات مجحفة، وعالم جديد يتقد حيوية
تقع المسرحية في خمسة فصول، بطلها فيغارو، الذي يحمل سمات المؤلف من حيث إقباله على الدنيا بنهم واستشرافه الآتي، مثلما يحمل سمات الخادم كما صوّرها موليير، ولكنه يختلف عنه في نزوعه إلى التمرّد، مطالبا بالمساواة مع سيّده الكونت ألمافيفا، في قطع سافر مع أعراف المجتمع وتقاليده. وهي دعوة مباشرة إلى ثورة على القيم السائدة وعلى من يرعاها سواء من السلطة أو من الكنيسة من أجل قيام مجتمع جديد، قوامه الحرية والعدل والمساواة.

فالمؤلف إذ يصوغ خطابه على لسان بطله، إنما يعبر عمّا يعتمل في المجتمع الفرنسي آنذاك من إرهاصات يقظة الوعي وتنامي طبقة صاعدة هي البورجوازية، وتوق الرعايا إلى الحرية، دون استثناء النساء.

ويأتي ذلك بأسلوب يغلب عليه المرح والحيوية، ويقوم فيه الضحك بدور حمّال أفكار جديدة، بعضها يخص حرية التعبير التي يقابلها الأمراء والملوك بالمصادرة، وبعضها الآخر يمسّ حرية الأفراد وحقهم في المساواة.

خلال عرضها الشهر الماضي بمسرح 104 بباريس، حافظ المخرج جان بول تريبو على ديكور معتدل استقاه من لوحات جان هونوري فراغونار (1632- 1706) ذات الجمالية الحالمة القريبة من التجريدية، حيث اللهو والمرح والهزل تتداعى وتلتقي في فورة مجنونة -ومنه العنوان الفرعي يوم جنون-، وحيث يقع الانتقال من مونولوغ فيغارو ذي النبرة الجدية الرصينة، إلى لعبة الغميضة أو الاستغمّاية كما في الفصل الأخير.

والمسرحية وإن مازجها اللهو والضحك فإن ما يسيطر عليها في أغلب فصولها، هو النقد اللاذع الذي ينهض به فيغارو لإدانة امتيازات النبلاء غير العادلة، وامتهانهم الطبقات الشعبية المستضعفة، وفضح “حق التفخيذ” لديهم، ذلك الحق الذي يتيح للكونت ألمافيفا ابتزاز الخادم سوزان، فيلوّح لها بمقايضة نفسها بالمال.

وفيغارو، بما له من نباهة ودهاء وخبرة حياتية، هو الأقدر على تجاوز انتمائه الطبقي، وقد نجح إريك هرسون مَكاريل في أداء ذلك المونولوغ الطويل، الذي شــكل لحظة درامية فريــدة في آثار المسرح العالمي، حــين يقف البطل وحيدا في العتمة، يــروي قــصة حــياته بلسان المفرد، ويســتعيد الماضي في صيغــة المضــارع، متوجّــها إلى الــجمهور.

تحوم المسرحية حول خادم تتجاذبه امرأتان: سوزان، الخادم اللعوب للكونتيسة، التي يريد أن يتزوّجها، وينافسه عليها الكونت، ومارسلين المربية التي تساومه بدين سابق للزواج منه. وتبدو المنافسة بين الكونت وفيغارو رمزا لصراع تاريخي أو سياسي بين منظومة قديمة منهكة تتشبث بامتيازات مجحفة، وعالم جديد واعد يتقد حيوية.

المسرحية منعت لمدة أربع سنوات خلال الاحتلال النازي لفرنسا، لأن نقدها الجريء يتوجّه بشكل مباشر إلى جمهور قد يتأثر بخطابها سريعا
العرض يتسم بالوضوح والأمانة، مثلما يتسم ديكوره بالانسجام والاقتصاد في تأثيث المشاهد، وتبقى ميزته الأساس تقديم شخوص ينتمون إلى تاريخ الأدب وتاريخ فرنسا، يجد المتفرج متعة في استحضارهم واستحضار زمن وجودهم.

أما ما يتعلق بمدى اعتبار بومارشيه مبشرا بقيام الثورة الفرنسية، فالمخرج جان بول تريبو له وجهة نظر أخرى إذ يقول “شخصيا، لا أتصور بومارشيه يجرّد قلمه ليعدّ للاستيلاء على قلعة الباستيل، بل إنه استغل عبقرية الكاتب المسرحي المرح الكامنة فيه لمساندة الطبقة البورجوازية الناشئة في المطالبة بالحرية في شتى المجالات”.

وهو ما لا يخالفه فيه بومارشيه نفسه، حيث كتب في مقدمة مسرحيته إنها ليست مسرحية ثورية، ولو أن المؤرخين رأوا في قوله ذاك تضليلا للرقابة حتى لا تمنع عرضها، لأنه يؤمن أن الكاتب ينبغي أن يكون جريئا.

والمعروف أن المسرحية منعت فيما بعد لمدة أربع سنوات خلال الاحتلال النازي لفرنسا، لأن نقدها الجريء يتوجّه بشكل مباشر إلى جمهور قد يتأثر بخطابها سريعا، فيثور على القوات الغازية.

------------------------------------------------
المصدر : جريدة العرب 

جحيم بول سارتر في مشرحة المسرح التونسي

مجلة الفنون المسرحية

جحيم بول سارتر في مشرحة المسرح التونسي

مصدق عبدالنبي


مسرحية 'بورقة' تتمرد على المعهود بنص موغل في التراجيديا حيث تعالج ثلاث قضايا تتلخص في العلاقة مع الآخرين والانغلاق على الذات والحرية.

تجرأ المخرج التونسي جمال ساسي وسط مشهد مسرحي سمته الأبرز الكوميديا و”الوان مان شو”، على نفض الغبار عن نص قديم لجون بول سارتر موغل في التراجيديا، وتقديمه على شكل عمل مسرحي عالج من خلاله جملة من القضايا الملحة، وفي ذلك مغامرة غير مضمونة العواقب ضمن السياق الثقافي التونسي الراهن.

في فضاء موحش مكوناته كراس ثلاثة وتمثال برونزي وباب موصد وأضواء خافتة وممثلون ثلاثة رابعهم سجان، تنتابهم جميعا موجات من الخشية والتوجس، تبدأ أحداث مسرحية “بورقة” (فوضى) لمخرجها الممثل التونسي جمال ساسي.

“بورقة” اقتباس تونسي من المسرحية الأصل “ويكلو” أو “الأبواب المغلقة” لصاحبها جون بول سارتر، وقد كتبت في العام 1943 إبان ظرف عالمي يتسم بالنزاعات والحروب، مما انعكس على طبيعة الكتابات آنذاك.

اختار جمال ساسي لتمثيل الشخصيات الأربع في مسرحيته كلا من جمال مداني، وليلى الشابي، وإيناس عبدالسلام، ولسعد الجلاصي، وتختلف كل الشخصيات عن بعضها البعض اختلافا جذريا، فالأول صحافي خرّب جسده برصاصات عشر أطلقت عليه، والثانية موظفة بالبريد، والثالثة شابة بورجوازية متمرّدة، والرابع سجان في شكل خادم بغيض.

استطاعت المسرحية جمع كل هذه المفارقات في فضاء واحد وهو الجحيم، فهذا مصيرهم جميعا بعد ترجلهم عن أعباء الحياة. ويتحتم عليهم البقاء في نفس المكان والزمــان معا إلى ما لا نهاية له، رغم اختلافهم.

المخرج جمال ساسي يحاول في “بورقة” أن يؤكد على ثنائية العلاقات الإنسانية، فقد تتسم بالانغلاق ورفض الآخر المختلف، أو أنها تنحو باتجاه الانفتاح على الغرباء
تبدأ المشاهد المتسارعة للمسرحية بلقاء جاف بين ثلاثة من سكان للجحيم، يقودهم خادم عبوس يكتفي فقط بالرد على أسئلة الوافدين الجدد باقتضاب، ثم ينسحب بهدوء وراء باب موصد بإحكام. يجد غسان الصحافي نفسه وجها لوجه مع إسمهان الشابة البورجوازية، وإيناس موظفة البريد، يجمعهم رابط وحيد هو الجحيم، أي الإطار المكاني.

وتبدأ قصة تعارف الشخصيات على بعضها البعض، فيميل كل طرف لتبرئة نفسه من التهم التي أدّت به إلى هذا المكان السحيق، محاولا الذود عن براءته، إلاّ أن طول الزمن والجو المشحون يؤدّيان بهم في نهاية المطاف إلى سرد اعترافاتهم دون إخفاء عناصرها المؤلمة.

أثناء العرض تتكون تحالفات وبعض التفاهم بين الشخصيات الثلاث، ويكون محور الصراع دائما موظفة البريد سليطة اللسان، التي تخطط باستمرار لإرباك أيّة محاولة للتقارب بينها وبين الطرفين الآخرين، أو بين الطرفين الآخرين بعيدا عنها، وفي هذا إشارات إلى عمق الصراعات وتداخل المصالح بين مختلف الفاعلين في المجتمع، والممثلون الثلاثة عينة مصغرة منه.

يحاول المخرج جمال ساسي في “بورقة” أن يؤكد على ثنائية العلاقات الإنسانية، فقد تتسم بالانغلاق ورفض الآخر المختلف، أو أنها تنحو باتجاه الانفتاح على الغرباء، والقبول بهم والتعايش معهم، أو التجلد أمام سيل انتقاداتهم ومواقف عدم رضاهم. تعالج المسرحية ثلاث قضايا على غاية من الأهمية، وتتلخص في العلاقة مع الآخرين والانغلاق على الذات والحرية.

النص الأصلي لمسرحية “بورقة” لكاتبه جون بول سارتر موغل في الوجودية، وينجز هذا النص لأول مرة في تاريخ المسرح التونسي، وبالرغم من ذلك حاول جمال ساسي إضفاء بعض المشاهد، التي نجحت في منحه بعضا من الإيحاءات على الواقع اليومي المعيش في تونس.

المسرحية استطاعت جمع كل هذه المفارقات في فضاء واحد وهو الجحيم، فهذا مصيرهم جميعا بعد ترجلهم عن أعباء الحياة
وينسحب جزء كبير من النص الأول لجون بول سارتر على واقع التونسيين، بكل ما يكتنفه من غموض وصراعات بين التيارات المجتمعية والسياسية على اختلاف مشاربها.

ولئن كانت أحداث العنف الجسدي أبرز سمات الأعمال المسرحية العالمية التي اقتبست نص سارتر، فإن المخرج جمال ساسي اختار العنف اللفظي مطية له، ليكشف المنسوب العالي من التجريح وعنف الكلمة، اللذين ميزا الحراك السياسي والاجتماعي في تونس بعد ثورة الرابع عشر من يناير، وطيلة المسار الانتقالي وفترة المخاض العسيرة التي عاشتها البلاد.

نجح ساسي في إيصال رسائل عديدة لجمهور تونسي يميل أكثر نحو العروض الكوميدية، أو إلى تلك الجدية الملتصقة كثيرا بالواقع السياسي والاجتماعي المحليين، حيث صفق الجمهور بحرارة خلال عدد من المشاهد التي أدّاها الممثلون الثلاثة بحرفية عالية.

رسائل جمال ساسي في المسرحية تلخصت في ضرورة إنهاء الاعتماد على نظرة الآخر لنا معيارا أساسيا لتقييم ذواتنا، ووجوب الانفتاح على الآخر مهما اختلف عنا، وتقبّل قناعاته على تنوّعها وتعدّدها.

------------------------------------------------------
المصدر : جريدة العرب 

الجمعة، 9 يونيو 2017

من فوق برج ايفل الفرنسيون يطلون على مسرح الشباب العراقي

مجلة الفنون المسرحية

من فوق برج ايفل الفرنسيون يطلون على مسرح الشباب العراقي


يزور هذه الايام وفد فني فرنسي متخصص بشؤون المسرح للاطلاع على واقع الحركة المسرحية الشبابية في العراق .وفي لقاء خاص مع موقع دائرة السسينما والمسرح  الرسمي تحدثت السيدة ياقوته بلقاسم مديرة الوفد الفرنسي ومديرة الاعمال الفنية في شركة (سيوا الفرنسية ) عن طبيعة الزيارة والغرض منها فاجابت : ان الهدف الاساس من الرزسارة هو ان الفرنسيين بعيدون عن الابداع المسرحي العراقيولهذا كان لديهم هدف بان يكتشفوا المنجز المسرحي الشبابي العراقي باكبر قدر ممكن وذلك بسبب الانعزال الاعلامي الدولي عن ابداع المسرح العراقي اضافة الى نقل تجربة هذه العروض وافكارها للدول المتطورة في مجال الفن المسرحي عالميا ً , واشارت بلقاسم الى ان زيارتنا هي ليست لتقييم العروض وانما هي مشاهدة ونقل هذه التجارب للعالم وهي بمثابة بحث استقصائي للتجارب المسرحية العراقية الشبابية . وفي سؤال اخر حول وجود بروتوكول مسبق لهذه الزيارة وهل يشمل نشاطات اخرى ؟قالت بلقاسم , بالاساس هناك مشروع تعاون بين المخرجين والمؤالفين والممثلين الفرنسيين مع مجموعة من امثالهم من الفنانين العراقيين وهي ايضا تلبية لدعوة الدكتورة اقبال نعيم مدير عام دائرة السينما والمسرح في العراق وحول الانطباع المسبق عن المسرح العراقي اجابت , ان المسرح العراقي له تاريخه الكبير في المنطقة وله حضور على المستوى العربي والاقليمي .ومما تجدر الاشارة اليه ان الوفد الفرنسي قد شاهد عرضين شبابيين هما ( امونيوم ) للمخرج علي دعيم والثاني مسرحية ( سيلفا ) اخراج امير ابو الهيل . علما ان هناك ثلاثة عروض مسرحية لهذا اليوم الخميس سيشاهدها الوفد الفرنسي وهي مسرحية (نويز) الساعة الرابعة عصرا على منتدى المسرح ومسرحية ( سرداب ) الساعه السادسة مساءا على مسرح الرافدين اما العرض الثالث فهو مسرحية توبيخ الساعة التاسعة مساءا ًعلى خشبة المسرح الوطني .

تصوير : أسامة صبري









خط شروع جديد لانطلاق ابداعات منتدى المسرح

مجلة الفنون المسرحية
الفنان المسرحي حيدر جمعة 

خط شروع جديد لانطلاق ابداعات منتدى المسرح

عبر الفنان الشاب حيدر جمعة عن سعادته لانه وجد المتنفس الذي ينطلق من خلاله الى فضاءات مسرحية ارحب... جاء ذلك خلال حديثه للموقع الاليكتروني لدائرة السينما والمسرح...مشيرآ الى اته منذ ثلاثة اشهر لاستلامه هذه المهمة ونحن نعمل انا وفريقي الشبابي المتطوع ضمن خطة عمل اعدت لهذا الغرض بالتأكيد على نقطتين مهمتين هما 1 - الاهتمام بالبنية التحتية وإعمار المكان 2 - نةاصلة تقديم المشاريع الفنية. حيث اعمل بشمل متواصل بعيدآ وقت العنل الوظيفي من الساعة التاسعة صباحآ وختى الساعة العاشرة ليلآ...وعن سبب الاصرار للعمل بعذه الطريقة..قال حيدر...لقد تربيت صح اسريآ وفنيآ لإن الفن عطاء اكثر مما هو أخذ إضافة الى ان الدمار كبير

وانا فرح بهذا الجيش الشبابي المسرحي من طلبة معهد الفنون الجميلة وكلية الفنون الذي يعنلون معي من دون مقابل ويدفعهم حبهم للمسرح..

وعن ما تم تقديمه خلال هذه الفترة الوجيزة.. قال الفنان حيدر ..قدمنا ستة مسرحيات هي (( امونيا / نويز / سلفة/ هاملت / اليوم العاشر للفنان الكبير سامي قفطان / ولستظافة عرض لجبار جودي..)) فضلآ عن اختفائنا بالفنانين الكبار سامي عبد الحميد/ فاضل خليل / جواد الاسدي وسنحتفي ايضآ بالفنان الكبير صلاح القصب ..بالإضافة الى ذلك والحديث للفنان حيدر جمعة اننا نعمل ايضآ مع الفنون المجاورة كالطلسات الموسيقية التراثية والمعارض الفوتوغرافية وآخرخرها مان معرضآ للمصور احمد الزيدي.

اما مشاريعنا القادمة متعددة وسنذكرها تباعآ حالما تكتمل وتنضج ..بالإضافة الى للتحضير لمهرجان منتدى المسرح الذي يحتاج الى جهود كبيرة للظهور بشكل افضل واجمل...ولدي خطة لمفاتحة جميع السفارات لاستقدام العروض العالمية مو بلدانهم الى العراق..

واتمنى ان تنتقل عدوى المحبة الى كل الوسط الفني مثلما هي في المنتدى بفضل تواصل وتشجيع الدكتورة اقبال نعيم ندير عام دائرة السينما والمسرح...

الوفد الثقافي الفرنسي .. يشاهد مسرحية الرقص التعبيري (نويس) في منتدى الشباب المسرحي

مجلة الفنون المسرحية

الوفد الثقافي الفرنسي .. يشاهد مسرحية الرقص التعبيري  (نويس) في منتدى الشباب  المسرحي

جمعة السوداني ـ قاسم الفوادي
تصوير/ محمد حران

تواصلت يوم الخميس 1/6/2017 العروض المسرحية الشبابية في يومها الثاني بمناسبة زيارة الوفد الثقافي الفرنسي الى بغداد الذي يضم العديد من الشخصيات الثقافية والفنية والادبية  للاطلاع على واقع المسرح العراقي  بما يمتلكه العراق من ارث وعمق فني ومسرحي كبير  فضلا عن اخر الاعمال الفنية  التي يقدمها الفنانين المسرحيين الشباب  وتعزيز التواصل الثقافي المستمر ما بين العراق ودول اوربا لتحقيق التلاقح الثقافي ونقل الصورة الحقيقية عن الواقع العراقي المحب للفن والسلام .
 فعلى خشبة منتدى المسرح قدمت مسرحية (نويس) وهي من تأليف واخراج الفنان الشاب رسول عباس وتمثيل مجموعة من الشباب والمسرحية تعكس الواقع الصعب الذي يعيشه الشعب العراقي من خلال القتل المستمر والدمار الذي تمارسه المجاميع الارهابية المتمثلة بداعش ، والتحدي الاكبر للشعب العراقي في التصدي لذلك الارهاب ، وقد انطلقت المسرحية عبر ثلاث ثيمات وهي ( القتل والضوضاء والاختناق ) والتي عبرت عنها من خلال الرقص التعبيري والموسيقي وهي العلامات التي يمكن التعرف من خلالها على فكرة المسرحية  .
من جانبه اشاد الوفد الثقافي الفرنسي بهذه العروض المتميزة التي قدمها هؤلاء الشباب من خلال المداخلات النقاشية والفنية والتي جرت بعد انتهاء العرض المسرحي  .
الجدير بالذكر ان العروض انطلقت يوم امس الاربعاء بعرضين مسرحيين ، الاول على خشبة منتدى المسرح بعنوان (امونيا) تأليف واخراج وتمثيل عبد علي دعيم ، والثاني كان مسرحية (سلفة) تأليف واخراج ماجد عبد جمعة .
وسيكون الختام يوم السبت الموافق 3/6 بعرض مسرحية (هاملت) تأليف وليم شكسبير ، واخراج فكرت فاضل .

القسم الاعلامي
دائرة العلاقات الثقافية العامة
1/6/2017

الخميس، 8 يونيو 2017

المسرح السوري في سنين الجمر: هل كتب السوريون تراجيديتهم؟

مجلة الفنون المسرحية

المسرح السوري في سنين الجمر: هل كتب السوريون تراجيديتهم؟

علاء الدين العالم

خير ما تسمى به الحالة السورية، هو "تراجيديا إنسانية"، تراجيديا بكامل عناصرها المأساوية، وضعت الجميع أمام أسئلة جذرية عن الهوية والمجتمع والحرية، وفرضت واقعاً مشتعلاً يكوي كل من يقاربه. من هنا، وكغيره من المجالات الاجتماعية، وجد الفن نفسه أمام واقعٍ قاسٍ وزاخر بالأحداث، هرولت السينما نحو توثيق اللحظة الراهنة، وفتحت السردية السورية الكبرى الأدب على مصراعيه أمام أناس متعطشين للبوح، ماتت فنون أو تكاد، وأحييت أخرى، ولكن، ماذا عن المسرح السوري في هذه التراجيديا؟ وقبل ذلك، علامَ يدلل تركيب "المسرح السوري"؟ هل يقتصر على المسرح المُقدم في سورية تحت ظروف قاسية جداً، أم أنه يتسع ليشمل المسرحيين السوريين المتفرقين في أصقاع الأرض؟ وإذا كان المسرح عامة ــ والسوري على وجه الخصوص ــ محكوماً قبل أعوام "بالأمل" فهل هو اليوم محكومٌ بالعمل؟

في ظل هذا التوسع لمفهوم المسرح السوري، لم يعد ممكناً لمقالٍ نظري ــ مهما اتسع ــ أن يحيط بحال المسرح السوري في ظل الانفجار الذي تشهده سورية اليوم، لذلك سعت "ضفة ثالثة" إلى نقل حال المسرح السوري اليوم على لسان فاعليه الذين تحدثوا عن أثر الحالة السورية على المسرح، هل عاد الزخم الحاصل بالإيجاب على المسرح السوري أم لا؟ وكيف تم ذلك؟

هنا هذه المقاربات:



د.ماري الياس:

لم يكتب السوريون تراجيديتهم

كانت الناقدة والمترجمة د.ماري الياس، وهي المدرسة العريقة في المعهد العالي للفنون المسرحية، من أوائل الفاعلين الثقافيين الذين سعوا إلى خلق مسرح مستقل في سورية، عبر عمل مؤسساتي تطور حتى استحال إلى مؤسسة "مواطنون.فنانون" المستقلة التي تقدم كل عام دعماً للمشاريع المسرحية السورية. عن التراجيديا السورية والمسرح قالت:

"بالفعل تحولت الحالة السورية إلى تراجيديا إنسانية، لكن لم ينعكس هذا في المسرح السوري إلا قليلا، بل وقليلاً جدا. ببساطة لم يكتب السوريون إلى الآن "تراجيديتهم"، لم يكتبوا إلى اليوم ما يعطي هذه التراجيديا حقها. لم أطّلع على كل ما كتب، لكن ما يلفت النظر هو ما يُقدم داخل سورية، ومحاولة تجاهل الحدث، وهي أحد الأسباب التي تستدعي دعم العروض المسرحية التي تقارب التراجيديا السورية، فالأغلب يقارب الحدث من مسافة بعيدة جداً، لذلك نرى جل العروض المسرحية المقدمة في سورية تطرح أفكاراً هامشية نسبة لزخم هذه التراجيديا الإنسانية، وإذا كانت الرقابة قد حالت دون تقديم عروض مسرحية تقارب الحدث فعلاً، فإن هذه الرقابة ليست حاضرة بذات الصورة في عملية الكتابة المسرحية التي عجزت هي الأخرى إلى اليوم عن كتابة ما يتسق مع التراجيديا التي نحياها.

أما المحاولات التي حصلت خارج سورية، فأغلبها اتجه إلى اللاجئين، لكن هل يكفي طرح موضوع اللاجئين مسرحيا لنقل المأساة السورية؟! فمثلا عمل كل من عمر أبو سعدة (مخرج) ومحمد العطار (كاتب) في عروض "بينما كنت أنتظر، الطرواديات، أنتيغونا" ، وقاربا الحالة السورية. وتجدر الإشارة إلى أن العطار كان أول من كتب للمسرح في هذا السياق، وحاول مع أبو سعدة الاستناد إلى التراجيديا اليونانية في مقاربة التراجيديا السورية، كما في عرضهما "الطرواديات" عن نص بالاسم ذاته للكاتب اليوناني يوربيدس. أعطى يوربيدس اليوناني الكلام فيه لنساء من طروادة يتكلمن عن مأساتهن، وهنا مكمن القوة في النص، الكاتب المنتصر (اليوناني) يتكلم بلسان العدو (الطروادي)، وللأسف في العرض السوري لم تستثمر نقطة القوة تلك، كونه أعطي الكلام لنساء لاجئات لم يستوعبن مأساتهن تماما، كونها مازالت حديثة العهد.

من جهة أخرى، حاول بعض الشباب الكتابة من خلال ورشات الكتابة المسرحية، أذكر منها اثنتين نظمتهما "مواطنون.فنانون" وورشة أقامتها "Royal court" و"Britsh counsl"، وأنتجت هذه الورشات بعض النصوص منها نص "عندما تبكي فرح" لمضر الحجي الذي تفاءلت به خيرا لما فيه من بادرة نقدية للثورة الحقيقية، الثورة على الذات قبل المجتمع. لكن رغم ذلك، لم نقرأ نصاً إلى اليوم يقدم نظرة أدبية شاملة على ما جرى، وقد يكون هذا منطقيا كوننا ما زلنا في عين العاصفة، وما زالت الصورة غير واضحة.




تدعم اليوم "مواطنون.فنانون" المشاريع المسرحية المستقلة، لكن هذا ليس وليد الثورة، بل من الخطأ الحديث عن نشوء مسرح سوري مستقل بعد الحراك فقط، فأنا عملت منتصف العقد الماضي مع المعهد المسرحي في استوكهولم على تمويل عروض مستقلة داخل سورية، وقدمت للسويديين حينها اقتراحا يُعنى بتشجيع الشباب على الكتابة والإخراج المسرحي، وبالفعل تم المشروع، وتم تمويل بعض العروض وتشجيع الشباب على تقديم مسرح مستقل، ومن جملة العروض التي دعمناها وشجعنا أصحابها عرض "الشريط الأخير" لأسامة غنم، وعرض "المرود والمكحلة" لعمر أبو سعدة، وعرض "قصة حديقة الحيوان" لرأفت الزاقوت.

استمر هذا العمل الثقافي المستقل، وتطور، وانبثق منه "مواطنون.فنانون" التي اتسع معها هامش المنح المسرحية، وورشات الكتابة، لكن ما حصل هو ارتباك الفنانين الشباب لهول ما حدث من جهة، وانكفاء المؤسسات الحكومية بعد 2011عن دعم المسرح المستقل من جهة أخرى، حيث أُجهضت العلاقة البناءة بين المسرح المستقل ممثلاً بصناديق الدعم والمسرح الحكومي ممثلا بمديرية المسارح والموسيقى، هذه العلاقة التي جاهدنا إلى بنائها وشد أواصرها منذ عام 2006.

 

د.سمير عثمان:

المسرح لا يتطور في زمن الحرب

 

لم يتوقف د.سمير عثمان عن العمل المسرحي الأكاديمي في أيام الحرب، فبعد أن كان أستاذاً في قسم التمثيل ورئيساً له، عاد إلى تطوير مشروعه "مدرسة الفن المسرحي"، عن المسرح والحرب قال عثمان:

المسرح لا يتطور في زمن الحرب. لقد شتت الصراع السوري كوادر البلد، وحطم المعايير، وأدى إلى تضييق الأفق الضيق أصلاً... المؤسسات الثقافية الرسمية استمرت بالإنتاج بالرغم من قلة الإمكانات المادية وندرة الكوادر، كي تثبت أنها لم تلفظ أنفاسها. ولتحقيق ذلك فسحت المجال للهواة ليصعدوا إلى خشبة المسرح المحترف. وطبلت لبعض المسرحيين المتواضعين فنياً وعلمياً والموثوق بانتمائهم كي يكونوا نجوم المرحلة... من جهة أخرى تلقفت المؤسسات المانحة في الخارج (وهي شكلانية ومشتتة وبيروقراطية) كل من قال من المسرحيين: أنا معارض... ومنحتهم فرص إقامة عروض مسرحية وأبحاث، لم ولن تؤثر لا بالقضية السورية ولا بتطوير المسرح السوري...

 إنّ مجرد انقسام المسرحيين السوريين في الأزمة إلى فريقين أحدهما يطبل والآخر يزمّر، لهو دليل قاطع على عدم وجود مسرح سوري حقيقي، عميق وفعّال. كما أنّ الحرب السورية ليست حدثا بدئياً للتراجيكوميديا السورية الحالية، بل هي الذروة في هذه المأساة الهزلية الممتدة. لذلك فإن الضحالة التي ظهرت في المسرح مثلا، هي نتيجة طبيعية للخط البياني الساقط منذ عقود، والذي يعكس فشل أمة كاملة في بناء دولة ومجتمع ومسرح..

 

 

د.سامر عمران:

 كيف كان حال المسرح قبل الحرب؟

قدم المخرج سامر عمران عروضاً مسرحية عدة قبل الحرب وبعدها، وكان عميداً للمعهد العالي للفنون المسرحية قبل الحرب وبعدها أيضا، عن المسرح وأثر الحرب عليه يقول:

في الحقيقة لا أعرف بدقة إن كان هناك أثر إيجابي أو سلبي على المسرح في فترة الحرب المدمرة التي نعيشها، السؤال مبدئيا كيف كان حال المسرح قبل الحرب؟ في الحقيقة لم يكن هناك مسرح محترف يولِّد تقاليد فرجة وإنما مجرد تجارب فردية يمكن أن تكون جيدة فنيا وفكريا هنا أو هناك بين فترة وأخرى، ولا يبدو لي أن هذا محض صدفة، وتحدثت أكثر من مرة أن هذا أيضاً واحد من مسببات ما يجري في البلد، إن نظرنا بموضوعية وبعين محايدة سنجد أن الكثير من فناني المسرح استطاعوا إيجاد صيغة ما لتكوين مجموعة تقدّم ما يمكن تقديمه على المسرح وهذا التحدي للموت والعنف وللتطرف، هذا من مميزات المسرح كمكان للإبداع الجماعي والذي يكتمل بحضور المتلقين للمشاركة بهذا "التحدي".. أما على المستوى الآخر فأظن - خصوصا في السنتين الأخيرتين - أن العروض أخذت صيغة مالت للتعبير الشعاراتي المباشر عن توجّه أصحابها إيديولوجياً، في حين أعتقد أن هذه لربما يمكن أن تكون من مهام الإعلام، ولعبت بعض الصحافة دورا سلبيا بتكريس هذا الجانب وذلك بتخوين أي عرض لا يتحدث بهذه الطريقة - ولو بصيغة مباشرة وساذجة - وكأنه شريط إخباري، نحن بحاجة لسؤال أعمق ولرؤية فكرية وفنية أبعد تُفضي إلى انفعال مؤثّر ومغيّر لدى المتلقي وهذا يتطلب الحد الأدنى من شرط الحرية المسؤولة عند فنان المسرح، والحد الأدنى من الشروط المادية والتقنية، وهذا غير متوفر حاليا ولا أظن أنه سيتوفر في المستقبل القريب.. والمشكلة ليست في الحرب بذاتها وإنما بانتهازها واستخدامها لمصالح محض شخصية من قبل المسؤولين المؤثرين على الحركة الثقافية عموما والمسرحية خصوصا.. يكفي أن تعقد مقارنة بسيطة بين إنتاج فيلم سينمائي مهما قلَّت تكاليفه وبين إنتاج عرض مسرحي مهما بلغت تكاليفه، لتعرف حال المسرح السوري، وطبعا نحن نتحدث الآن وهنا، في خضم الحرب.

 

عبد الله الكفري:

المهم أن يبقى العمل المسرحي جارياً

منحت مؤسسة اتجاهات دعماً للمشاريع المسرحية المستقلة، في سعيها لتأسيس ثقافة مستقلة، بحيث ساهمت في خلق المزيد من الفرص أمام شباب المسرح السوري. كيف تلتمس المؤسسات المستقلة أثر الحرب على المسرح، يجيب المسرحي عبد الله الكفري المدير التنفيذي لمؤسسة اتجاهات قائلاً: 

من منطلق مؤسساتي أكثر منه فردياً، أؤكد أن الحراك أثّر بالإيجاب على المسرح السوري. والأهم هو السؤال عن كيفية هذا التأثير، فالحراك أثر على مستويات عدة: هناك تغييرات جذرية أصابت المشهد الثقافي السوري عموما، والمشهد المسرحي على وجه الخصوص، أولها انتقال الفنانين، إذ انتقل جل الفنانين السوريين من بيئتهم إلى بيئات أخرى، عربية أو أوروبية، وبصورة خاصة لبنان، حيث انتقل العديد من الفنانين السوريين إليه، وقابلوا جمهوراً جديداً، وقدموا أعمالهم في كنف سياسة ثقافية مختلفة عن سورية. في سورية الفنان يفترض وجود مؤسسة رسمية تقوم بدعمه عبر أشكال متنوعة، سواء عن طريق تأمين مكان البروفات، أو بتأمين مكان العرض...إلخ، بينما في لبنان فلا وجود لمؤسسة رسمية بالمعنى السالف، لا يوجد مسرح قومي في لبنان، والدعم في مجال المسرح ينحصر في صورة مناسباتية، لكن في المقابل أتاح هذا الانتقال أمام الفنان المسرحي السوري فرصا متعددة، ما خلق حيوية وجرأة على التعاطي مع العمل المسرحي. ورغم أن هذه التجارب ما زالت في طور اكتشاف الأدوات واختبارها، إلا أن أهميتها تكمن في تحريكها الوسط المسرحي السوري.

أحد أكبر التحديات التي تواجه الفنان السوري اليوم هو أن الإنتاج المتاح له، متاح مرة واحدة، وهذا يؤدي بدوره إلى أسئلة حول ضرورة المراكمة، وصعوبتها في ظروف إنتاجية كهذه، حيث للفنان فرصة واحدة فقط. زد على ذلك، أن هناك التفاتاً إلى ثيمات معينة دون سواها من جهة الداعم، فغدت موضوعات الحرب والثورة والتهجير محددات لدعم المشاريع.

وهناك مستوى آخر من التحديات يخص الفنانين السوريين الذين انتقلوا إلى أوروبا، حيث البيئة جد مختلفة، وتنتصب أمام الفنان تحديات مختلفة انطلاقا من اللغة وانتهاءً بالسياق الثقافي، يضاف إليها عدم الاستقرار. لكن، وبالرغم مما سلف، أرى أن هناك حيوية في المسرح السوري اليوم، وظهرت تأثيرات جلية على المسرح السوري إبان الحراك، منها النص المسرحي السياسي على سبيل المثال، إذ يوجد اليوم كتاب مسرح سوريون يعبّرون صراحة أن نصهم سياسي، وبغض النظر عن فحوى الرأي السياسي، إلا أن هذه الحالة جديدة على المسرح السوري وتستحق الوقوف عندها ودراستها.

من جهة أخرى، يواجه المسرح السوري ــ وينطبق هذا على الفن السوري قاطبة ــ إشكال "استحالة المتخيَّل"، فإلى اليوم ما زلنا ننتج أعمالا فنية لصيقة بالواقع لا تتجاوز التوثيق والتفسير والقراءة، ولهذا أسباب تفسره منها هول ما حدث ويحدث في سورية اليوم، وبالطبع يبقى ذلك رهن مرور الزمن.

على المؤسسات الثقافية المعنية بالإنتاج الثقافي السوري ودعم الفنانين المستقلين مواصلة دعم الفنانين بعيدا عن التقييم. فمثلا في "اتجاهات" نعنى جدا بالمنتج الفني، والمعيار الوحيد الذي على أساسه نختار المشاريع هو جديّة العمل الفني، ولا نلتفت لمنطقة دون أخرى في دعم المشاريع، فالفنانون السوريون ورغم وجودهم في سورية تحت ظروف قاسية جداً لكنهم لا يزالون قادرين على المنافسة والعمل. لذلك تتوجه اتجاهات للفنانين السوريين، سواء في سورية أو خارجها، في لبنان أو في أوروبا، أينما كان، المهم أن يبقى العمل المسرحي جارياً في ظل الظروف الصعبة التي تمر على الجميع من دون استثناء.

 

 

مضر الحجي:

لماذا المسرح؟

في نصه "عندما تبكي فرح"، يسائل الكاتب المسرحي مضر الحجي المفاهيم الثورية التي نادت بها الثورة السورية، مختبراً أثرها على شخصياته، مثلما اختبر اللغة في نصه الجديد "حبك نار". يؤكد "الحجي" ضرورة التمهل قبل تقييم أثر سنين النار على المسرح السوري "لكننا نستطيع رصد إشارات معينة في طريقها إلى أن تغدو أكثر وضوحا مع الزمن، وبالتالي أكثر قابلية للتقييم، لكن واحدا من أهم المستجدات التي حضرت في المشهد المسرحي السوري –إن جاز لنا أن نسميه مشهدا- هو سؤال المعنى، لماذا المسرح؟ أعتقد أن السؤال حاضر في ذهن أي مسرحي سوري محترف وإن تباينت الأشكال في تمظهرات السؤال أو طرق الإجابة عنه، وبعد أن تجاوز معظمنا الجواب التقليدي: "أنا أعمل في المسرح لأنني فنان مسرحي، وهذه هي مهارتي أو حرفتي في الحياة" فقد بدأ البحث الجدي العميق في إجابات أخرى أكثر عمقاً وأكثر أثراً على الشكل المسرحي وعلى المضمون أيضاً. وهنا تكمن أهمية سؤال من هذا النوع، إذ إنه ينعكس بالضرورة على المنتج المسرحي، خاصة أنه يحيل في بعض جوانبه إلى حضور المتلقي في العملية المسرحية كعنصر بات اليوم أكثر وعياً وذكاء وقدرة على قراءة المنتج المسرحي، وربما كان التحول في شخصية المتلقي المحرك الأكبر لكل التحولات في ما سميناه المشهد المسرحي السوري، متلقٍ لا يكتفي اليوم بالذهاب إلى المسرح، إنه أكثر قدرة على طرح سؤال، لماذا أذهب إلى المسرح؟ ما الذي انتظره منه؟ ما الذي يمكن أن أجده على الخشبة لا أستطيع أن أجده على شاشة التلفزيون أو في وسائل التواصل الاجتماعي؟ ومن هذا المنطلق أعتقد أننا بدأنا بالتفكير بالمتلقي بطريقة مختلفة عما كانت عليه من قبل، وربما التفكير بمكان مختلف كليا للمسرح في حياتنا.

في كل مرة أفكر فيها في موضوع تحولات المسرح السوري، أجد نفسي وبشكل تلقائي أفكر في إشكالية اللغة في المسرح- على سبيل المثال- كنت لفترة طويلة مضت أكتب نصوصي باللغة العربية الفصحى، وكنت أعزو الأمر إلى قدرة الفصحى الأعلى على التعبير، لكن مجمل ما ذكرته مسبقاً دفعني للتفكير بشكل مختلف باللغة، وربما ارتبط الأمر بالعلاقة مع المتلقي الذي غدا بالنسبة لي أكثر أهمية، وخضت تجربة اللغة العامية في نصي الأخير "حبك نار" بالنسبة لي كان الأمر بمثابة التحدي الفني الذي أستطيع القول إنني سعيد بخوض غماره، كيف للغة العامية أن تكون حاملاً للدراما وأن تحافظ على التوازن بين الواقعية والشعرية وأن تتفادى الوقوع في الثرثرة في الوقت ذاته. أعتقد أن سؤال اللغة وإن كان يتعاطى مع الشكل المسرحي، إلا أنه أثر بشكل كبير وعميق في المحتوى، وأتحدث هنا أيضاً عن تجربتي في نص "حبك نار".

خير ما تسمى به الحالة السورية، هو "تراجيديا إنسانية"، تراجيديا بكامل عناصرها المأساوية، وضعت الجميع أمام أسئلة جذرية عن الهوية والمجتمع والحرية، وفرضت واقعاً مشتعلاً يكوي كل من يقاربه. من هنا، وكغيره من المجالات الاجتماعية، وجد الفن نفسه أمام واقعٍ قاسٍ وزاخر بالأحداث، هرولت السينما نحو توثيق اللحظة الراهنة، وفتحت السردية السورية الكبرى الأدب على مصراعيه أمام أناس متعطشين للبوح، ماتت فنون أو تكاد، وأحييت أخرى، ولكن، ماذا عن المسرح السوري في هذه التراجيديا؟ وقبل ذلك، علامَ يدلل تركيب "المسرح السوري"؟ هل يقتصر على المسرح المُقدم في سورية تحت ظروف قاسية جداً، أم أنه يتسع ليشمل المسرحيين السوريين المتفرقين في أصقاع الأرض؟ وإذا كان المسرح عامة ــ والسوري على وجه الخصوص ــ محكوماً قبل أعوام "بالأمل" فهل هو اليوم محكومٌ بالعمل؟

في ظل هذا التوسع لمفهوم المسرح السوري، لم يعد ممكناً لمقالٍ نظري ــ مهما اتسع ــ أن يحيط بحال المسرح السوري في ظل الانفجار الذي تشهده سورية اليوم، لذلك سعت "ضفة ثالثة" إلى نقل حال المسرح السوري اليوم على لسان فاعليه الذين تحدثوا عن أثر الحالة السورية على المسرح، هل عاد الزخم الحاصل بالإيجاب على المسرح السوري أم لا؟ وكيف تم ذلك؟

هنا الحلقة الثانية والأخيرة:



وسيم الشرقي:
المسرح فن جماعي يتطلب بدءاً أمناً واستقراراً

عمل وسيم الشرقي كدرامتورغ لأكثر من عرض مسرحي، وقدم في دمشق سابقاً قراءات مسرحية من مسرحيات سورية معاصرة، عن الانفجار السوري وأثره على المسرح يقول:

بداية لا بدّ من التذكّر أنّ المسرح فنّ يحمل الجانب الإنتاجي منه أهميّة أساسيّة، فهو فنّ جماعي يتطلّب بدءاً أمناً واستقراراً وبنية تحتيّة تؤمّن اجتماع الناس وتقديم العرض المسرحي لهم، باعتبار أن العرض المسرحي بحضور الجمهور هو الهدف الأعلى لأيّ عمليّة مسرحيّة. بناءً على ذلك لا يمكن القول إنّ النتائج المترتّبة على الثورة السوريّة قد أحدثت نقلة إيجابيّة على المسرح داخل سورية من جهة ازدهار عروض المسرح وازديادها كمياً، ذلك لأنّ الغالبية العظمى من المناطق تعيش انعداماً للأمن والاستقرار، وأساسيّات الحياة المدنيّة.

ولكن لا بدّ أيضاً من استيعاب الحقيقة الجديدة المشكّلة لعالم السوريّين اليوم، والمتمثّلة في توزّع عدد كبير من السوريّين على دول اللّجوء، وأينما حلّ السوريّون بكثافة اليوم فإنّ وجودهم يشكّل حاجة لتعبير ثقافي عنهم بالعلاقة مع المجتمعات الأخرى، ويقدّم متعة ومحاولة لفهم العالم بالعلاقة مع السوريّين أنفسهم. في تلك المساحة، من الممكن القول إنّ عدداً لا بأس به من المحاولات المسرحيّة السوريّة، أو السوريّة-الأجنبيّة المشتركة قد قامت لتستهدف مجتمعات اللاجئين السوريّين، أو لتستهدف جمهور الدول المضيفة للتعريف بالوضع السوري، ووضع اللاجئين...إلخ.

على المستوى الشخصي أستطيع القول إنّ العلاقة مع المسرح بعد انطلاقة الثورة السوريّة كانت من موقع "مرن" ومتأقلم مع الظرف المتاح. فكانت علاقة إنتاج مسرحي مباشر وتقديم للعروض أمام الجمهور الحي من خلال مساحة الدراماتورجيا حين كان الأمر متاحاً، أي حين كنت مقيماً في دمشق التي تسمح توازنات آليات الإنتاج المسرحي فيها بخلق نوع من المسرح المستقل الذي لا يمثّل التطلّع السلطوي ويحاول أن يشذّ عنه.

أمّا اليوم نتيجة إقامتي في تركيّا فإنّ مساحة إنتاج مسرح سوري، أو سوري-تركيّ مشترك هي أكثر تعقيداً وتتطلّب الإجابة على عدد أكبر من الأسئلة السياسيّة والثقافيّة واللوجستيّة قبل القدرة على إنجاز أيّ مشروع جدّي ومحترم، ناهيك عن الكون جزءاً من المشهد المسرحي التركي الذي يعاني مشاكله الذاتيّة أيضاً. محاولة إنتاج مسرح ممتع ومجد هنا تبدو أكثر تعقيداً وإن كانت غير مستحيلة بالتأكيد.

بالعودة إلى الموقع الشخصي "المرن" أنهيت مؤخراً العمل على نص مسرحي سينشر قريباً كجزء من ورشة "الكتابة للخشبة" مع مؤسّسة "مواطنون فنّانون" وهي تجربتي الأولى للكتابة المسرحيّة خارج سورية، والتي تحمل بالنسبة لي كلّ تعقيدات وأسئلة الجدوى من الكتابة أو النشاط المسرحي مع كلّ هذا البعد عن البلاد، ومع تعاسة ما تعانيه البلاد نفسها. والأمر ذاته (أي كتابة نص مسرحي) ينطبق أيضاً على الكتابة النقديّة، أو الترجمة، أو أيّ عمل مسرحي آخر. يحاول أن يشكّل جزءاً من المشهد المسرحي السوري، في لحظة ضبابية لا يمكن التكهّن معها بشكل أي شيء سوري في المستقبل القريب، أو البعيد.

بالمحصّلة أشعر بأنّ الحراك السوري أثّر بشكل إيجابي على جرأتنا وفهمنا لأنفسنا وبلدنا والعالم المحيط بنا. كما أثّر بشكل سلبي على حياتنا وقدرتنا على الإنتاج والمراكمة. لكنّ قناعتي الشخصيّة أنّه أياً كانت النتائج الماديّة للحراك، لا يجب أن تكون المقاربة له متعلّقة بالندم وتقييم الأمور بالسلب والإيجاب. المحاكمة والوقوف مع الذات مهمّة بالتأكيد، ولكن فقط لفهم الوضع الجديد والتأقلم معه، والمراكمة عليه بعيداً عن اليأس، أو العدميّة.


وائل قدور:
 أين تكمن القيمة المضافة للفن؟

قُدّم نص وائل قدور "خارج السيطرة" كمشروع تخرج لطلاب السنة الرابعة تمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية 2014، ويعمل اليوم على نص جديد تحت عنوان "وقائع مدينة لا نعرفها"، بالإضافة لعمله على عرض مسرحي بعنوان "الاعتراف". يقول قدور عن حال المسرح السوري اليوم:

لا أدعي اطلاعي على كامل الإنتاجات المسرحية السورية التي واكبت حدث الثورة السورية. تسنّى لي حضور بعض العروض بصورة مباشرة في الأردن وفرنسا، فضلاً عن قراءة بعض النصوص المسرحية التي كُتبت خلال السنوات الست الماضية. إضافة إلى انخراطي في مشاريع كتابة وإخراج متفرقة، وبالتالي أضع رأيي في إطار مجتزأ ومحصور بحالتي الشخصية.

اتسمت بعض النصوص والعروض المسرحية التي واكبت الحدث السوري بالمباشرة والانفعالية، مما أدى إلى عروض عابرة سريعة النسيان. تجارب أخرى حاولت تجنّب المعالجة السياسية وركّزت على الجانب الإنساني من الحالة السورية فتناولت موضوعات عامة حول الغياب، الرحيل والذاكرة. وهناك بعض العروض تجاهلت الوضع الراهن كلياً.

برز لدي سؤال هام: كيف يمكن كتابة وإخراج أعمال مسرحية معاصرة ذات قيمة فنية عالية وقريبة من الحدث اليومي المُعاش؟ عروضٌ تلامس الحدث اليومي المُعاش من جهة وتدرك الشرط الاجتماعي والسياسي العام للبلد وللمنطقة ككل من جهة ثانية. عروضٌ لا تقع في فخ المباشرة ولكنها لا تبتعد عن نبض الشارع. عروضٌ تعي السياقات الثقافية والاجتماعية الكبرى ولكنها في الوقت نفسه لا تتعالى على المتلقي وتحلّق بعيداً عن اهتمامات الناس.

كشفت العروض والنصوص المسرحية المرافقة لأحداث الثورة في سورية عن حجم الاحتياج إلى الرؤية الإخراجية الشاملة المصحوبة بالاشتغال الدراماتورجي العميق.

قد لا يمكننا اليوم امتلاك إجابة شافية وشاملة تفيد بحجم استفادة أو عدم استفادة الإنتاجات المسرحية السورية، نصاً وعرضاً، من الثورة. ربما يمكننا الحديث اليوم عن ملامح عامة قد تقودنا، عبر البحث والمراقبة، إلى تحديد سمات أو توجهات أكثر وضوحاً.

أعتقد أن بعض المسرحيين أعادوا استخدام أدواتهم القديمة بمحتوى جديد، الأمر الذي قد لا يفضي في الوقت الراهن إلى نتاجات ذات جودة عالية، ولكنه يضعنا بالضرورة في سياق إعادة اختبار وتجريب ومساءلة الأدوات والقوالب السابقة.

يرفد هذه المسألة الانخراط المحدود حيناً والواسع أحياناً للمسرحيين السوريين في تجارب البلدان المجاورة وأوروبا سواء من خلال العمل مع فنانين مختلفي التجارب والسياقات ضمن إنتاجات فنية جديدة أو من خلال التحاق عدد من المسرحيين بجامعات ومدارس أكاديمية، وفي كلا الحالتين ينبغي للنتائج القادمة أن تكون إيجابية.

ولكن، في الوقت نفسه، عانى المسرحي السوري، ولا يزال، من شروط اللجوء القاسية خارج سورية، ومن شروط المعيشة التي لا تقل قسوة داخل سورية. وهو ما يحول دون تطور مهني أو ممارسة تراكمية أو هامش واسع في الخيارات.

تفعيل الشاهد كوثيقة درامية بات حاضراً في بعض التجارب المسرحية. الأمر الذي يُعد إيجابياً ولكنه يفتح باب النقاش واسعاً أمام شروط ومعايير استخدام الشهادات الحية في المسرح. كيف نتجنب نسخ الواقع عبر الشاهد؟ ما هي حدود الخصوصية؟ وأين تكمن القيمة المضافة للفن؟ (النقاش نفسه يتكرر في السينما الوثائقية السورية)". 


أسامة حلال:
ما هو دوري كمسرحي تجاه ما يحدث؟

أصبح لفرقة "كون" المسرحية السورية مكاناً ثابتاً لها في بيروت، حيث دأب مديرها المخرج أسامة حلال على تأمين مساحة يعمل فيها وفرقته، يؤكد حلال أن السؤال لأهم هو: "لماذا أعمل في المسرح، ما الجدوى من ذلك قبل الحراك وبعد الحراك؟"، قبل الحراك كان بحثي في المسرح جمالياً، عملت مع المراكز الثقافية الأجنبية في سورية كي أتمكن من العرض في الشارع أو خارج الأماكن والبنى التقليدية للمسرح في سورية، وقدمت معهم عروضاً على سطح بناء، وفي نفق مشاة، وكان همي آنذاك هو أنني لا أريد التعامل المباشر مع المؤسسات الحكومية السورية عموماً، ومديرية المسرح والموسيقى خصوصاً، وربما أنا من القلائل الذين لم تنتج لهم مديرية المسارح أي عمل، ولكن بالطبع عرضت على خشبات المسارح لكن دون الإنتاج. قبل الحراك، لم يكن ممكنا التفكير في الحرية السياسية والفكرية في المسرح، لذلك التفتّ وقتها للشكل الجمالي للعرض المسرحي، ورفضت كل الأشكال المسرحية السورية المكرسة آنذاك، وهي التي تنحصر في ثنائية (الممثل والنص)، ونشدت أشكال فرجة مسرحية جديدة تعنى بالشكل بقدر عنايتها بالمضمون.

أول الأسئلة الكبرى التي واجهتني مع بداية الثورة السورية هي: ما هو دوري كمسرحي تجاه ما يحدث؟ أحيانا شعرت أن المسرح ترف في الزخم المحيط به، لكن فيما بعد استنتجت أهمية المسرح كفن فاعل في المجتمع، قيمته تأتي من قدرته على تقديم أفعال رمزية تحمل اعتراضات على الواقع. من هنا، أعدت تقديم عرض "جثة على الرصيف" في دار الأوبرا عام 2011، وهو ما أثار حينها قلقاً حقيقياً، وبعدها قدمت عرض "سيلوفان" إذ قيل لي بعد تقديمه أنه غير مرحب بي في العمل المسرحي في سورية، وذلك لأني حينما قدمت عرض سيلوفان كنت أقوم بفعل اعتراض حالي حال المتظاهر الرافض للظلم. لذلك، تابعت عملي المسرحي بالرغم من خروجي إلى لبنان، وعندما أجد أن هناك من يراهن بروحه من أجل عرض مسرحي، فذلك يعني أن المسرح فن ضروري وليس نافل اليوم.

اليوم في بيروت، حيث أصبح لفرفة كون مكان ثابت للتدريب، لم نصل إلى ما وصلنا إليه لولا الثورة السورية لأنها أكدت لنا أهمية وضرورة فعل المسرح، وذلك من خلال تجربتي وتجربة المجموعة. بعبارة أخرى، الثورة دفعتني لتحويل العملية الإبداعية الفنية لحالة جمعية أشاركها مع الجمهور، فلم يعد العرض رأياً فردياً، بل هو سؤال ونقاش بين الجمهور، وهذا لم نتعلمه بالدراسة الأكاديمية بل بالتجربة، وبتجربة المسرح في الثورة تحديداً، فالحراك حرك طاقات وأدمغة الشباب بغض النظر عن تقييم المنتج. اليوم في فرقة كون هناك السوري والفلسطيني واللبناني والفرنسي، ما الذي جمع هؤلاء؟ جمعهم حبهم وحاجتهم  للمسرح وأسئلة أعضائه المشتركة حول الهوية والحرية. لذلك أجد أن السؤال الحاضر اليوم هو سؤال جدوى "لماذا أشتغل في المسرح" وليس سؤال كيفية: "كيف سأعمل في المسرح؟".

رغم إمكانية العمل في التلفزيون وما يحمله من استقرار اقتصادي للممثل، بيد أني آثرت العمل في المسرح، راهنت على ذلك، قدمت عروضاً قبل الثورة وبعدها، منها ما قدمته كما هو لكن التلقي كان مختلف بين حقبتين، وأقصد بالحديث هنا عرض "جثة على الرصيف" الذي قدمته قبل الثورة وأعدت تقديمه بعدها. برأي الثورة رتبت أدواتي كمسرحي وطورتها وأعطتني المعنى لعملي كفنان  ــ كما حال باقي المهن التي تطورت مع الثورة ــ وأثارت لي كماً هائلاً من التساؤلات التي كانت غائبة عن كل بيئة محيطة بي قبل الثورة بداية بمنزلي ونهاية بمكان دراستي.

زبدة القول، الثورة لم تحطم أصناما سياسية وحسب بل حطمت أصناما فنية أيضاً وحركت الواقع العربي كاملاً بعد فترة سكون وسبات.


نغم ناعسة:
استطعنا أن نكثف آلامنا ومآسينا

تدير نغم ناعسة اليوم مركز "ستيج آرت" الفني في دمشق، وكانت قد أعدت قبلاً ورشات لإعداد الممثل، عن صعوبات العمل المسرحي في دمشق وهل أثرت الحرب على المسرح بالإيجاب تقول ناعسة:

لو كانت  إجابتي بنعم فقط فأنا أكذب، وبالمقابل لو كانت (لا) فانا أكذب أيضا، هي (نعم ولا) بنفس الوقت، نعم أثر الحراك: لأننا استطعنا أن نكثف آلامنا ومآسينا الحقيقية والتراجيدية في (موسيقانا ومسرحنا وأفلامنا) أي بفننا بشكل عام، عبر تراكم سنين الحرب من خلال أعيننا التي هي (معرفة) الحياة.. وإذا قلت لك إننا نحن الأفلام والأساطير بحد ذاتها لمجرد النظر إلى وجوهنا فردا فردا.. فحتما ستكون الإجابة  بـ نعم وله أثر كبير جدا.

المسارح اليوم في كل بقاع البلاد تضررت، مما أثر على التواصل الفني والمسرحي بين الشباب فلا مهرجانات ولا احتفالات ولا تبادل ثقافي من خلال محاضرات وورشات عمل، وغدت دمشق المدينة الوحيدة التي تنتج عروضا خلال العام ولو كانت أقل من عدد أصابع يديك.. وبقيه المحافظات كما تعرف بحرب وبدونها (لا مسرح لمن ينادي)، وأصبح الاعتماد على الاجتهاد الشخصي أو التمويل من قبل جمعيات وجهات تعنى بالمسرح.. مما ساعد الكثير من الشباب السوريين على إنتاج مسرحيات لها قيمه فنيه خلال الحرب خلقت لديهم شعورا بالبقاء لمجرد إحساسهم بالإنتاج.

أما عن إجابتي بـ( لا) فلم تؤثر فلأن طاقات الشباب مهدورة بحرب وبدونها، وكان الدعم محصورا بفلان وعلتان، مخرج واحد ،عدة ممثلين، وهكذا، وأنا من الأشخاص الذين لم يعملوا كثيرا  بسبب هذه الفكرة(سيطرة الشللية على كل مجالات الفن قبل الحرب) فما بالك بعدها.

لذلك اخترت عزلتي في مركز ستيج أرت أنا وشركائي وفريق العمل الذي يرى الفن من جانبه الإنساني والفكري.. والذين يعملون بضمير وينتجون بضمير.. لذلك النتائج التي حققناها خلال فتره قصيرة كانت مبهرة على الصعيد الفني والأكاديمي رغم كل الصعوبات.. وهذا إن كان له أثر كبير.. فالأهم أثره على الناس الذين ليس لديهم القدرة على مغادره البلاد.. ولهم الحق في أن نكون.. ويكونوا.. ليكون هناك وطن..

أثر أي مركز ثقافي اليوم في معمعة هذه الحرب هو وصول هذه المراكز إلى تغيير عقلية الناس وكسر روتينهم والأهم تعليمهم الفن الراقي والهادف.. وتغيير وجهة نظرهم تجاه الفن.


عمر جباعي:
المسرح وسيلة رائعة للتعبير عن الذات

قدم المخرج المسرحي عمر جباعي عروضاً عدة في دمشق وبيروت، لم يجب جباعي بالفصحى، بل اختار العامية للتعبير عن حال المسرح السوري اليوم، فقال:

أنا ضد السؤال من أساس، شو أساسو السؤال؟ هاد كمان سؤال، بعدين بدنا نقرر هل هو: انفجار سوري عاد على الفن والأدب وغيره بالزخم؟ ولا حراك سوري أثر بالإيجاب... إلخ؟ إنفجار ولا حراك؟

طيب الحالة السورية شو يعني؟ رح افترض إني بعرف شو يعني، إيه ساعتها بصير بدي إسألك وإسأل حالي إنو هي كانت فودفيل واستحالت لتراجيديا؟ ولا هي تراجيديا أصلاً بس الآن لقلع أوديب عيونه؟

مسرح سوري؟!! هي بدعة! ممكن يكون في غول وعنقاء وخل وفي، بس مسرح سوري؟!! مسرح الحمرا مثلاً؟ الأوبرا؟ ولا مسرح المركز الثقافي العربي بجوبر قصدك؟ مسرح سوري متل مثلاً لما نقول المسرح الأوروبي أو هيك شي قصدك؟ فهمت، بس ما في مسرح سوري متل هيك. في هالكم واحد اللي ممتهنين المسرح، ويلي قلال ومشرذمين جغرافياً وفكرياً وفنياً ونفسياً لدرجة إنو ما في تراكم مسرحي بهالبقعة من العالم يخلينا نقول عنو: مسرح سوري، وهاد التشرذم كان قبل الحراك/الانفجار/الأزمة/المنعطف وزاد بعدها. الحكي بالسياسة لا بل الحكي عن حافظ الأسد شخصياً ما بخوف قد الحكي بهالقصة. لأنو متل يلي عم يفرك الجرح بالملح..

ليش عم اشتغل مسرح؟ ليش مصر اشتغل مسرح؟ بيغلط الإنسان، هيك طبيعتو، وما في مهنة تانية بين إيديي، هي من جهة، من جهة تانية، في حلم قديم كان يداعب شغلات فيني إنو المسرح يجي لعند الجمهور بدل ما الجمهور يجي عالمسرح، إني أعمل مسرح جماهيري، يعني الصالة تكون كومبليه كل الوقت، والمسرح يصير جزء من حياة الناس، هاد الحلم وحدة من الشغلات القليلة جداً اللي بتعطي معنى لحياتي، وكتير صعب _ويمكن مدعاة للانتحار حتى_ إني صير بلا حلم، مع إنو الله وكيلك ما عم إشتغل عليه بليرة. وطبعاً كمان صعب كتير إبتكار حلم بديل، خاصة إنو المسرح وسيلة رائعة للتعبير عن الذات، ما بتشبه أي وسيلة تعبير أخرى.

-------------------------------------------------
المصدر : ضفة ثالثة 
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption