أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 25 يناير 2015

تساؤلات توفيق الحكيم عن المسرح العالمي؟ / نبيل فرج

مدونة مجلة الفنون المسرحية
علي الرغم من أن توفيق الحكيم لم يكتب في حياته كلمة واحدة عن الحركة المسرحية في بلادنا‏,‏ التي عاصرها في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي
 ولم يرد في كتاباته اسم أحد من الكتاب الذين لمعوا في هذه المرحلة وكانوا علي صلة حميمة به, إلا أنه كان يتابع هذه الحركة وهؤلاء الكتاب متابعة دقيقة. بل ان بعض هؤلاء الكتاب الذين تأثروا بأدب توفيق الحكيم, كانوا يقرأون عليه نصوص مسرحياتهم, قبل أن يدفعوا بها للعرض, ثقة منهم في أن صاحب هذه القامة المثقفة العالية في المسرح المصري, الذي تقدم أعماله في أوروبا, هو خير من يحتكمون إليه.
تشهد بذلك حديقة المجلس الأعلي لرعاية الفنون والآداب في الزمالك, التي كان الحكيم يجلس تحت شجرتها, عندما كان يعمل في هذا المجلس, في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات يستمع إلي المؤلفين الذين يقرأون عليه نصوصهم المخطوطة, كما يشهد بها مكتبه في الدور السادس في الأهرام بعد أن انتقل إليه مستشارا للجريدة, ثم عضوا في مجلس إدارتها.
ولهذا كان الحكيم يستجيب بقلمه لأنشطة المسرح حين يدعي إليها, سواء بالأعمال التي قدمت له مثل أهل الكهف, الصفقة, إيزيس, شمس النهار, شهر زاد وغيرها, أو بنشر المقالات والكتب عن المسرح وتاريخه من أهم هذه المشاركات علي المستوي الفكري الكلمة التي كتبها في يوم المسرح العالمي الذي احتفل به المركز المصري للهيئة العالمية للمسرح, في السابع والعشرين من مارس1972, واختير أستاذ الباليه الفرنسي الحديث موريس بيجار لإلقاء كلمة الهيئة العالمية عن فن المسرح ورسالته, التي تترجم إلي كل اللغات الحية, وتقرأ من فوق خشبات المسارح في أنحاء الدنيا.
أما كلمة وتساؤلات توفيق الحكيم التي كتبها في هذه المناسبة, فلم تنشر في الدوريات الصحفية أو في كتبه, رغم قيمتها الفكرية البالغة التي تؤيد المسرح الشامل الذي تغدو فيه الكلمة إحدي عناصر العرض المسرحي, وليس العنصر الرئيسي فيه, حتي تتوفر للمشاهد المتعة بجمالياته العديدة, ويتحرر الفن من تقاليده المتوارثة, دون أن ينفصل عن ثقافة العصر العلمية والأدبية, ويتطور في العالم وفي بلادنا, في ضوء هذه الثقافة التي تري أن التقدم محتوم.
ولأهمية هذه التساؤلات التي تفصح عن إحاطة توفيق الحكيم بالمسرح العالمي, وبحاجة المسرح المصري الي البحث عن حلول لنقط ضعفه وقصوره, يعيد ملحق الأهرام نشرها في الذكري115 لميلاده في9 أكتوبر1898, والذكري26 علي رحيله في2 يوليو1987, وهذا نصها:
تساؤلات
المسرح الشامل, فكرة وتنفيذا, ليس بالشيء الجديد. فقد عرف في القرن الماضي, يوم رأي فاخبر أن المسرح يجب أن يجمع كل الفنون في صعيد واحد, الشعر أي الكلمة والدراما والموسيقي والرقص ثم التصوير والنحت والعمارة ممثلة في الديكور. ونفذ في أوبراته. ولكن القرن التاسع عشر في جملته وعمومه كان ينفتح علي ثقافة علمية ناهضة وعلي ثورات عقلية واجتماعية مبشرة, فاعتمد علي قوة الكلمة, وجعل النص هو قوام المسرحية, يخاطب به جمهور المثقفين. وكان المثقف حتي ذلك العصر شأن المثقف في زمن الأغريق والرومان والعصور الوسطي, ذا نوعية واحدة, وليدة الأعمال والكتب الكبيرة. اذ لم تكن قد وجدت أدوات اتصال جماهيرية تفنت هذه النوعية مثل السينما والإذاعة ثم التليفزيون... فالعودة اليوم إلي فكرة المسرح الشامل تثير التساؤلات الآتية.
هل هي علاج لأزمة المسرح التجارية بجذب جماهير جديدة اليه, جماهير لاتهمها الكلمة أو لا تفهمها. خاصة ونحن اليوم في عصر السياحة الكبري بتقدم الطيران. والسياح جمهور مهم للمسارح. وأكثرهم لا يفهم جيدا لغة البلد. فجعل الكلمة عنصرا ثانويا إلي جانب عناصر أخري كثيرة ومهمة مما يجعل المسرحية قابلة للإمتاع للاجنبي والمقيم علي كل المستويات ؟..
هل هي تأثر بالسينما التي تجعل الكلمة أي الحوار محدود الحيز ثانوي القيمة بالنسبة الي عناصر أخري مهمة ومثيرة تمتع العين والأذن, مما يحدو بالمسرح أن يتخلي عن فكرة الكلمة الي فكرة العرض, أي ترك فكرة المسرح الممتع للعقل وحده بالكلمة والأداء الي فكرة العرض المنوع الممتع للعين والأذن ولكافة الحواس ؟..
وأخيرا هل المسرح علي حق في اتجاهه الجديد هذا أو أن له رسالة خاصة به وحده تتصل بمستوي عقلي وثقافي معين, عليه أن يحافظ عليه مهما يتعرض لضيق نطاق جمهوره, وعليه أن يستعين في بقائه بتدعيم الأمة أو الدولة كما تدعم هياكل ثقافتها وحضارتها العليا, وكما تقدم الاعانات للطيران أو الصناعات الضرورية التي لا تغطي مصروفاتها ؟ أو أنه علي المسرح أن يعتمد علي نفسه ويبحث عن موارده وجمهوره بالطريقة التي توصله الي جذب المشاهدين من مختلف الطبقات والجنسيات ؟.. أو أنها بالفعل رسالة المسرح في هذا العصر الحاضر أن يغير مفهومه ونظرته, ويري أن الكلمة لم تعد هي كل شيء, وأن العقل لم يعد هو المصدر الوحيد والأهم للمعرفة ؟؟..
كل هذه تساؤلات تنتظر الإجابات, أو علي الأقل تستحق أن تعرض للبحث والدراسات والمناقشات, حتي نعرف موضع أقدامنا من قضية المسرح في العصر الحاضر, إلي بلادنا نحن علي وجه الخصوص.



0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption