أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الاثنين، 28 ديسمبر 2020

مسرحية " الفيل الأزرق " تأليف هايل علي المذابي

مجلة الفنون المسرحية 


مسرحية " الفيل الأزرق  " تأليف هايل علي المذابي


إهداء/ إلى روح الشهيد الصحفي الشاعر: محمد عبده العبسي الذي استلهمت بعض من هذه المسرحية من قصة وفاته الغامضة.

 شخصيات المسرحية

عبدالله عبدالحليم:    35عاما، محقق صحفي يموت في ظروف غامضة ومجهولة

أم عبدالله:         أم الصحفي القتيل

صباح زيدان:     33عاما، حبيبة عبدالله و زميلته وصديقته الحميمة

منيرة بدران:      32 عاماً، زميلة صباح زيدان في الجريدة وصديقتها المقربة.

الدكتور صديق:   دكتور في علم النفس في الجامعة لديه معرفة عملية بصباح زيدان.

نادر “الأوراكل”:  وسيط روحي لتحضير الأرواح.

نادية هزاع:       تاجرة أدوية تعمل في التهريب وتزوير العلامات الطبية.

عبده الشيخ:       شريك نادية.

رئيس التحرير:  رئيس تحرير الصحيفة التي يعمل بها عبدالله وصباح ومنيرة.

المكان

صنعاء

الزمان

خريف 2013

الفصل الأول

المشهد الأول

تظهر على خشبة المسرح مكتب صباح زيدان وهي تستقبل زملائها في مكتبها بالجريدة لدى عودتها من السفر للدراسة.

صباح زيدان:

(تفتح ذراعيها لتحتضن منيرة بدران بحفاوة)

مرحباً صديقة عمري الغالية، والله أنني في شوقٍ بحرارة الأدغال إلى عذوبة

روحكِ وشهد حديثك، وما أجمل الحياة بقربك، أشكر الله كثيراً

على هذا الكثير الذي لا يُمل ولا يرجى سوى الاستزادة منه..

(تتقدم خطوتين)

منيرة بدران:

(تحتضنها بحرارة)

 لقد عادت لي سعادتي بعودتك كما عاد ليعقوب

بصره بقميص يوسف حين ألقاه عليه البشير، أنتِ إكسير المحبة

والحياة بقربكِ وبصحبتكِ شيءٌ لا يصفه إلا من أوتي الحظ الكبير

من البلاغة والفصاحة بل وأجزم أنه سيعجز عن ذلك..

 (تصمت قليلا)

مرحباً مرحباً بحبيبة عمري وقطعة روحي التي أجتزأت

يوم سافرتي فعشت ناقصة، واليوم تعود العارية فيا لفرحتي بكِ

وبروحي ..

صباح زيدان:

 (تسحب كرسياً وتأمرها بالجلوس)

تفضلي أيتها المنيرة البدرانة

التي لا تأفل عن الفكر والقلب..

منيرة بدران:

 (تجلس)

لله درك يا صباح زيدان.. بالله عليكِ كيف عشتي هذه

السنوات بلا تفكيرٍ فينا.. ألستِ قاسيةً على من يحبوكِ قليلاً؟

صباح زيدان:

(تهز رأسها يمينا ويساراً)

 والله ما غبتم عن البال طرفة عين يا

منيرة بدران ولكن الهاجس الذي ظل يسكنني دوماً هو الانتهاء

بأسرع وقت ممكن من الدراسة ولا أخفيكِ قلقي الدائم إلى جانب

ذلك على عبدالله فرسائله الأخيرة لي كانت تنبئ بأن ثمة ما يحوم

في الأفق وبأن شراً مستطيراً يتربص به.. ولا أدري فعلا كيف

غفلتُ عن طرح المزيد من الأسئلة لأحصل على تفاصيل منه ربما

أنساني ذلك قلقي الشديد عليه ولا مبالاته أيضاً بالمصائب التي

يراها في كل مرة هينة من سابقاتها لقد أخبرني ذات مرة أنه يرى

المشكلة التي تواجهه مثلما يرى الصينيون ” فرصة ” لاختبار

قدرات الذات والانتقال إلى وضع أفضل أكثر إشراقاً وقوة..

وبالمناسبة هل لديكِ يا منيرة بدران أي معلومات عن مشاكل عبدالله

قبل وفاته ومع من كانت؟

منيرة بدران:

كما تعلمين كيف كان عبدالله غامضاً محباً للعمل الفردي في الأغلب مستعينا على ما يمر به من صعوبات على إمكانياته وقدراته أكثر من أي شيء آخر لتجاوزها ولكني أشك في أن ثمة متورطين في قضية موته ولذلك التورط علاقة بما يجيده عبدالله من كشف للمستور الفاسد وتعرية للفاسدين لكن من وماذا وكيف فذلك ما لا أزيد عما تعلمين به شيئا ورغم هذا أقترح أن نبدأ البحث ونحاول الحصول على خيوط توصلنا إلى ما حقيقة ما تشعرين به بناءا على ما وصل إلى ذهنك من رسائله الأخيرة إليكِ  …

صباح زيدان:

وماذا تقترحين ..؟

منيرة بدران:

فلنبدأ من حيث مكان سكنه وأرشيف الصحيفة ..

صباح زيدان:

 هو ذلك وسأقوم بزيارة لأمه ثم نبحث في أرشيف الصحيفة ..

منيرة بدران:

لكن لا تنسي أن لا تبدي أي شكوك لأم عبدالله أو أي شخص آخر

حول ما تفكرين به حتى لا تهلك حسرة وأسى فربما كان موته

قضاء وقدر أهون من موته غدرا ومكيدة، وقاتلوه يتنعمون بالحرية.. هي ستبتهج فقط إن علمت ذلك وقد سيق قاتلوه إلى غياهب السجون لينفذ فيهم حكم الله جزاء لما اقترفته أيديهم وحينها فقط سيكون لها الفخر والشرف إن علمت أن ابنها مات بطلا وشهيدا في مكافحة الفساد والفاسدين أعداء الوطن وأعداء الحياة..

صباح زيدان:

 لا بأس سأحرص على ذلك كثيراً.. وستكون زيارتي لها للتعزية

وجس النبض فقط..

يخرج الجميع

يسدل الستار

 

المشهد الثاني

شركة نادية هزاع– مكتب الادارة وهي تتحدث مع شريكها عبده الشيخ عن صفقة “إكسير الحياة” وكيفية توزيعها في الاسواق…

نادية هزاع:

 هل انتهيت من عملية الدعاية لمنتجنا الجديد إكسير الحياة أيها الشريك ؟

عبده الشيخ:

نعم انتهيت من كل ذلك ولكن ثمة ما يقلق قليلا ..

نادية هزاع:

وما ذلك .. هل من كلب يبحث ورائنا ؟

عبده الشيخ:

الكلب مات ولكن جاءت صديقته في إثره ولعلها تنوي شراً ..

نادية هزاع:

بإمكانك أن تفصح فلا أحد يسمعنا غير هذه الجدران العمياء ..

عبده الشيخ:

لقد أخبرني بواب الجريدة التي كان المحقق عبدالله عبدالحليم يعمل فيها أن

صديقته المقربة جدا قد عادت من دراستها في الخارج وربما كان

عبدالله قد أخبرها شيئا في رسائله إليها قبيل وفاته ..

نادية هزاع:

لا تقلقني فبالكاد تخلصنا منه وكانت جريمتنا كاملة ولا أثر لوفاته

بتدبير أحد بل كان قضاءا وقدرا كما رآه الجميع .. لكن لو كان قد

أخبرها شيئا لماذا لم تفتح فمها حتى الآن كل ما علينا الآن فعله هو

الاهتمام ببيع منتجنا واسترداد كل ما بذلناه وخسرناه من جهد ومال في سبيل     هذه الصفقة وبخصوص صديقة عبدالله فلا يهمك أمرها سأقوم بزيارة       لشريكنا الثالث رئيس تحرير الجريدة التي تعمل فيها وأطرح عليه

ما نحن بقلق إزاءه ..

عبده الشيخ:

 أتمنى ذلك وبخصوص المنتج فأنا متأكد أنه لن يمر سوى شهر

واحد حتى نكون قد بعنا الكمية كلها نقدا لا آجل ولا تحت التصريف..

نادية هزاع:

 بإمكانك أن تذهب الآن وتهتم بتجارتنا ..

يخرج الجميع

يسدل الستار

 

المشهد الثالث

(على خشبة العرض هيئة منزل أم عبدالله عبدالحليم – صباح زيدان تتحدث مع أم عبدالله وتقدم لها التعازي)

أم عبدالله:

(جرس الشقة يدق وتذهب لتفتح الباب)

أهلاً ومرحبا.. هل من

خدمة أقدمها لك..

صباح زيدان:

(تمد يدها لمصافحتها)

هل هذا منزل أم عبدالله ؟

أم عبدالله:

 (تصافحها)

 هو ذاته و أنا أم عبدالله هل من خدمة أقدمها لك؟

صباح زيدان:

 جئت من أجل عبدالله و لكن قبل ذلك ألن تدعيني للدخول أولاً؟

أم عبدالله:

      أنا آسفة و لكن عبدالله قد مات… أرجو المعذرة تفضلي يا ابنتي..

صباح زيدان:

(تتقدم وتدخل)

 شكراً لك يا أمي..

أم عبدالله:

 (نظرات حزن تملأ عينيها)

 تفضلي يا ابنتي ريثما أحضر لك كوباً من القهوة..

صباح زيدان:

لا أريد شيئاً ولم آتِ لتكليفك أو إتعابك .. أشكرك يا أمي فقط

جئت كي أعزيكِ وأعزي نفسي بفقدان عبدالله فألف رحمة تغشاه

.. صبّرك الله و عصم قلبك من الحزن..

أم عبدالله:

رحمه الله، ولكن أحب أن أعرف من أنتِ..؟

صباح زيدان:

أنا صباح زيدان زميلة عبدالله في العمل وصديقته المقربة..

أم عبدالله:

ليتني فرحت برؤيتك و هو حياً، و ليته أفرحني بزواجه..

صباح زيدان:

(تخجل قليلا ويتورد خداها)

 رحمه الله وأسكنه فسيح جناته..

أم عبدالله      :

عبدالله حي في قلوبنا لم يغب و لم يمت.. أنا من مات

صباح زيدان:

 (تتنهد و زفرة طويلة تخرج من صدرها)

كيف كانت وفاة عبدالله فأنا كنت غائبة خارج البلاد للدراسة وللتو عدت..

أم عبدالله :

 لا شيء كل ما أعرفه أنه قد خرج كعادته في صباح ذلك اليوم بعد أن

حضّرت له الإفطار وشرب قهوته التي يحبها من يدي و لكنه لم

يعد بل اتصلوا بي من المستشفى واخبروني بأن عبدالله أصيب

بتسمم غذائي وقد توفي على الفور من مغادرته للمطعم الذي تناول فيه عشاؤه الأخير رحمه الله وأسكنه الجنة ..

صباح زيدان:

 رحمه الله وأسكنه الجنة ..

 (تصمت قليلا)

لابأس يا أمي فكل من عليها فان ويبقى وجه ربكِ ذو الجلال والإكرام ..

أم عبدالله      :

 لا إله إلا الله ..

صباح زيدان:

 عبدالله رسول الله ..

 (تصمت قليلا)

هل تسمحين لي بالانصراف الآن ..

أم عبدالله      :

 لقد أسعدتني زيارتك كثيرا فلا تحرميني من رؤيتك والحديث

معك ما دمتِ صديقة وزميلة عبدالله .. لا أريد تعطيلكِ عن أعمالكِ

يا ابنتي ولكني سأنتظر زياراتكِ لي دائماً ففي ذاك سلوى لقلبي لا

استطيع وصفاً لها..

صباح زيدان:

حتما يا أمي سأفعل وإن احتجتِ إلى شيء بإمكانك الاتصال بي

في أي وقت

(تناولها بطاقة بياناتها)..

أم عبدالله:

كان الله بعونك .. إلى اللقاء..

صباح زيدان:

إلى اللقاء أمي .. مع السلامة..

(تلوح بيدها وتغادر)

الفصل الثاني

المشهد الأول

(على الخشبة منظر لارشيف الصحيفة- صباح زيدان ومنيرة بدران تبحثان في جميع أعداد الصحيفة التي سبقت وفاة عبدالله وكان له فيها نصيب من المقالات والتحقيقات)

صباح زيدان :

(تقلب أوراق الصحيفة تلو الأخرى أمامها)

أنا لا أصدق أن هذه المواد كتبها عبدالله على الإطلاق، أنا أعرف جيداً ما يكتبه

وأعرف كيف يفكر..

(تتأفف).

منيرة بدران :

 (تتوقف عن تقليب الصحيفة هامسة)

 هل ثمة ما يريب في الأمر؟

صباح زيدان :

  (تتوقف عن الحركة لبرهة)

أظن ذلك.. بل أجزم ولا أظن..

منيرة بدران :

 (تلتقط الصحف من الطاولة وتعيد ترتيبها على الرفوف)

 لنغادر إذن بهدوء من هنا، قبل أن ينتبه إلينا أحد، فالحقيقة أنني لم أعد

أثق بشيء مما حولي..

صباح زيدان :

 رتبي الصحف مثلما كانت وإياكِ أن تخطئي في ترتيبها

 (تصمت وتذهب إلى أقصى المكان لتفكر بصوت مسموع)

إنني أشعر بالتناقض الرهيب بين مضمون تلك الرسائل التي كان يبعثها لي

وما توحي إليه وبين ما وجدته قبل لحظات ولكني لا أتمكن من

إدراك هذا الشعور، إنني عاجزة وخائفة جداً وأشعر برعشة

تسري بجسدي..

(تنتفض صباح زيدان وتسمع صوتاً يهمس بداخلها )

أهذا صوت قريني.؟

القرين:

تلك الرعشة هي مقدمة للتحليق، أهنئكِ جداً لقد امسكتِ بالخيط

الأول في قضية صديقكِ عبدالله.. استعيني بقدراتك وإمكانياتك في

الوصول إلى بقية ما تبحثين عنه، وعليكِ أن تؤمني بقضيتكِ،

فمن لا يؤمن بقضيته ليس له قيمة، فالأشياء تكتسب قيمتها ممن

يستهلكها وبقدر ما يستهلك منها بقدر ما يصبح لها قيمة، ما

ترينه من تناقضات وما تلتفتين إليه من الغرائب وما تكتشفينه

من علاقات وما تلتقطينه من حقائق في تلك الأشياء التي يراها

الآخرون تافهة وعادية ولا شيء يدعو للالتفات إليها أو التأمل

فيها  هي الخيوط التي ستوصلكِ إلى الحقيقة التي تبحثين عنها

حقيقة الحياة وحقيقة القضية الغائبة..

صباح زيدان :

  (يختفي صوت القرين وتلتفت لتجد مرعوبة لتجد خلفها منيرة

بدران)

ها ماذا هناك ..؟

منيرة بدران :

 (متعجبة قليلا)

ما بك يا صباح زيدان، أناديكِ منذ لحظات وأخبركِ

أنني انتهيت من الترتيب ولا تردين عليّ .. هل من خطبٍ ما ؟

صباح زيدان :

 لا لا شيء فقط سهوت وسرحت قليلا ونسيت المكان بما فيه ..

منيرة بدران :

خيرا .. دعينا نغادر المكان إذن ..

صباح زيدان :

(تمسك منيرة بدران من يدها وتغذ الخطى)

نعم فلنغادر..

يخرج الجميع

يسدل الستار

المشهد الثاني

(منظر مكتب رئيس تحرير الجريدة  بحضرة نادية هزاع )

نادية هزاع:

(تطرق الباب وتدخل)

صباح الخير حضرة الرئيس.

رئيس التحرير:

(يمد كفه ليصافحها)

 صباح الخير يا نادية ..

(يشير إلى الكرسي)

تفضلي بالجلوس..

نادية هزاع   :

 (تجلس وتبدأ بالحديث)

هناك…

رئيس التحرير:

(مقاطعاً)

قبل أن تتحدثي بشيء ماذا تشربين ؟

نادية هزاع   :

لم آتِ لأتضيف حضرة الرئيس.. لكن هناك ما يقلقني

بخصوص عودة الصحفية زميلة عبدالله وصديقته المقربة ؟

رئيس التحرير:

لا تقلقي يا سيدة نادية فأنا أكثر حرصا منكِ وحيطة ..

نادية هزاع   :

 أريد أن تثبت لي ذلك ..

رئيس التحرير:

وكيف تريدين أن أثبت لك ذلك .. ؟

نادية هزاع    :

أخبرني شيئا مقنعا يبدد كل مخاوفي وقلقي ..

رئيس التحرير:

لقد كلفت من يقوم بسحب كل ما كتبه عبدالله في نهاية أيامه عن

القضية من ارشيفه الخاص بمنزله ومن ارشيف الصحيفة وكلفت

قسم الاخراج بعمل نسخ أخرى من الصحيفة تحمل نفس التواريخ

القديمة التي تم إتلافها وسحبها ولكن مواضيع عبدالله التي كتبناها

بأسلوبه تشير إلى أشخاص آخرين ومواضيع أخرى ليس لنا أي

صلة قرابة بها لا من قريب أو بعيد وبهذا أمنت من الباحثين سواء

من جهات أمنية أو غيرها خصوصا ممن لهم علاقة بعبدالله ..

نادية هزاع   :

لكن ألا تظن أن ليس هناك من يحتفظ بالصحيفة في نسخها

الأصلية قبل تغييرها من الناس ..؟

رئيس التحرير:

لا تهتمي لهذا فقد نشرت الصحيفة ما ينفي ما نشرته في تلك

الأعداد لاحقا وهذا يبرأ الموقف ولو كنت قد لقيت عرضك عليّ

قبل نشر الجريدة تحقيقات عبدالله عن الصفقة لرفضت أن ننشر

تلك التحقيقات بل لعل نشرنا لها هو الصواب لسبب بسيط وهو

أن ذلك يبرأ ساحتي وساحة الجريدة أمام الرأي العام وأمام كل

من يعرف عبدالله ..

نادية هزاع    :

الآن أنا مطمئنة تماما وبالي في راحة وهدوء وسكينة بال ..

رئيس التحرير:

 هل لي بسؤال ؟

نادية هزاع   :

 تفضل ولو أنني أعرف هذا السؤال لكن لابأس تحدث ..

رئيس التحرير:

متى استلم بقية أتعابي ؟

نادية هزاع   :

 لا تهتم فنحن على وشك الانتهاء وسيتم بيع الكمية كاملة خلال

شهر واحد بعدها يمكنك استلام ثمن وقوفك معنا وانتصارك لنا

والانضمام إلينا ..

رئيس التحرير:

لابأس إذن وشهر واحد لن يكون كثيرا .. أشكرك سيدة نادية

هزاع..

نادية هزاع:

 لا تشكرني فما فعلته معنا يستحق أن نقابله بالوفاء والتقدير .. سأذهب الآن وطاب يومك .

يخرج الجميع

يسدل الستار

 

المشهد الثالث

(على الخشبة منظر منزل أم عبدالله – صباح زيدان تبحث مع عبدالله عن مستندات هامة لعبدالله في مكتبه)

أم عبدالله :

(تجيب جرس الشقة وتفتح الباب)

 مرحبا بابنتي صباح زيدان ..

صباح زيدان:

 (مبتسمة)

مساء الخير يا أمي ..

(تحتضنها)

أم عبدالله :

 تفضلي .. تفضلي لقد نورت الدنيا بزيارتك .. أهلا أهلا

 (تمشيان حتى الأريكة)

تفضلي أيتها الغالية..

صباح زيدان :

لا أريد الجلوس فمجيئي هو له سببان..

أم عبدالله :

 أتمنى أن تكون رؤيتي واحدٌ منها ..

صباح زيدان :

 بلا شك وهذا هو السبب الأول أما الآخر فهو من أجل أوراق ومستندات وملف قضية كان يعمل عليها الفقيد وهي بتكليف خاص من الجريدة ولم أجدها في أدراج مكتبه بالصحيفة وأعتقد أنه ربما يحتفظ بها في مكانٍ ما بمكتبه هنا أو على رفوف دواليبه ..

أم عبدالله :

لابأس يا صباح زيدان فرغم كل الحزن الذي يسببه لي دخول مكتبه إلا أن الأمر سيكون هيناً من أجلكِ، تفضلي معي

(تأخذها من يدها وتمشيان حتى الغرفة) ..

صباح زيدان :

 بإمكانك الاهتمام بأعمالك الأخرى حتى لا يسبب لكِ دخول الغرفة أي حزنٍ أو أسى ..

أم عبدالله :

لابأس وهذا أيضاً يرضي نوعاً ما..

يسدل الستار

 

الفصل الثالث

المشهد الاول

(منظر مكتبة الجامعة – صباح زيدان ومنيرة بدران )

منيرة بدران :

ها نحن في مكتبة الجامعة أكبر مكتبة في المدينة .. فلماذا أحضرتِنا إلى هنا في هذا الصباح الباكر ..

صباح زيدان :

 لا أخفيكِ لقد شعرت بقريني يحدثني بأشياء بدت لي غريبة حينها عندما كنا بأرشيف الصحيفة ولكنني فهمتها مطلقاً في زيارة لمنزل عبدالله ودخلت مكتبه بعد أن كذبت كذبة بيضاء على والدته اللهم اغفر لي بأن ثمة ملف لقضية كان عبدالله مكلف بالتحقيق فيها من قبل الجريدة ولم نجدها في أدراج مكتبه في الجريدة ولأنني كلفت بها فقد جعلني ازور مكتبه في المنزل لأبحث عنها ..

منيرة بدران :

وماذا وجدتي هناك ؟

صباح زيدان :

فتشت في الجرائد المؤرشفة التي يحتفظ بها ووجدتها نسخة أخرى مما وجدناه بأرشيف الجريدة وبحثت في أدراج مكتبه ولم أجد سوى قصاصة لجريدة لم يحتفظ عبدالله منها سوى بالخبر بدون أي إشارة إلى اسم الجريدة أو رقم عددها ..

منيرة بدران :

وماذا بها أو وما هو الخبر المكتوب ..؟

صباح زيدان :

 قد تتهمينني بالجنون لكنها شيء يدعو للتفكير به وربما لن ينتبه لهذه القصاصة أحد غيري ممن أجزم بأن دخلوا الشقة وفتشوا وبدلوا في أغراض مكتبه وقلبوها رأساً على عقب حتى تكون جريمتهم كاملة ..

منيرة بدران :

تكلمي إذن أنا مصغية ..

صباح زيدان :

وجدتُ الخبر يقول أن أحد الشعراء نشرت له قصائد قالها بعد موته ..

(تصمت صباح زيدان وتنتظر ردة فعل منيرة بدران )..

منيرة بدران :

 لا أدري حقيقة ما ترمين إليه ولكنني مصغية أكملي ..

صباح زيدان :

 لقد تم الأمر عن طريق وساطة روحية بين الشاعر وبين شخص متخصص وله القدرة على التواصل مع العوالم الأخرى بل ويجعلهم يظهرون ويتحدثون …

منيرة بدران :

 فلنذهب إلى أمينة هذه المكتبة الجالسة على ذاك الكرسي لتدلنا على سلامة هذا التفكير ومنطقيته من عدمها ..

صباح زيدان :

سنسألها عن كتب الوساطة الروحية بدون لفت انتباه ..(تخطوان إلى حيث أمينة المكتبة ويقفان أمامها)

منيرة بدران وصباح زيدان :

(بصوت خفيف معا )

صباح زيدان الخير أيتها الأمينة ..

أمينة المكتبة :

صباح زيدان الخير.. هل من خدمة أقدمها لكما ؟

منيرة بدران :

 نبحث حقيقة الأمر عن أي كتاب بخصوص تحضير الأرواح والوساطات الروحية ..

أمينة المكتبة :

هذا في قسم علم النفس هناك في رف الماورائيات في علم النفس..

صباح زيدان :

( تتهلل أساريرها وتبتسم )

شكراً جزيلاً أيتها الأمينة

(تمسك بمعصم منيرة بدران وتشدها نحو قسم كتب علم النفس التي أشارت إليه الأمينة )..

منيرة بدران :

 أظن هذا وحده لن يكفي أعني أن نجد شيئا يثبت ما هو موجود في تلك القصاصة نحتاج شيئا أكثر جدوى وفاعلية لنصل إلى ملا تفكرين به وأنا أفهمه جيداً وإن وصلنا لهذا الشيء الأكثر جدوى فسوف يكون بإمكاننا المحاولة لفك الشفرة والوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة..

صباح زيدان :

وما هو الشيء الأكثر جدوى ..؟

منيرة بدران :

نحتاج متخصص في الأمر وهذا يُلزمنا زيارة أحد المعارف القديمة ممن نثق بهم ولهم صاع وباع في هذا المجال وهو فقط من سيشجعنا ام على المضي قدما او على الانسحاب والبحث عن خيوط اخرى ..

صباح زيدان :

أحسنتِ يا صديقتي وبما أنني درست في هذه الجامعة في مرحلة البكالوريا فبإمكاني أن أجد ذلك الشخص ولكن يلزمني التأكد من جدول الطلاب في قسم علم النفس لأعرف مواعيد تواجده ..

منيرة بدران :

 من هو وما اسمه ؟

صباح زيدان :

 اسمه الدكتور صدقي ودرست لديه في أول سنة جامعية لي مادة متطلبة ..

منيرة بدران :

فلنجد الجدول إذن وبأسرع ما يمكن ..

صباح زيدان :

هيا بنا ..

يخرج الجميع

يسدل الستار

المشهد الثاني

(منظر خشبة المسرح مكتب الدكتور صديق مع صباح وصديقتها)

صباح زيدان :

صباح الخير دكتور

الدكتور صدقي :

صباح الخير

(يتفرس في وجهها كأنه يعرفه )

 تفضلي بالجلوس

صباح زيدان :

 أنا …

الدكتور صدقي :

(يقاطعها قبل أن تكمل كلامها )

صباح زيدان .. نعم صباح زيدان لقد تذكرتك يا ابنتي ..

صباح زيدان :

بالضبط دكتور.. أغبطك على ذاكرتك التي لم تشخ بعد كل هذا العمر .. ما شاء الله

الدكتور صدقي :

 تشرفت كثيرا بزياراتك لي ولكن ماذا فعلتي في حياتك بعد أن تخرجت من هذه الجامعة وأين انتهى بك المطاف ..

صباح زيدان :

 لا شيء كثير فقط سافرت إلى الخارج لدراسة الماستر وناقشت مذكرتي وعدت للعمل في نفس المكان السابق الذي كنت أعمل به .. الجريدة

الدكتور صدقي :

هذا ليس باليسير بل هو وافر جدا وإنجازٌ عظيم..

(يصمت برهةً )

ولكن هل لزيارتكِ لي علاقة بأمر دراسات عليا جديدة أو العمل في المجال الأكاديمي فهذا ما يزورنا طلابنا القدامى في الأغلب من أجله ..

صباح زيدان:

لا هذا ولا ذاك حقيقة الأمر لقد جئت من أجل موضوع آخر بعيد كل البعد عن كل هذا ..

الدكتور صدقي :

لابأس بإمكانك التحدث ..

صباح:

كنت قبل أن أسافر قد عملت مع أحد الصحفيين النبلاء والشجعان ويمكن تسميته مجازا محارب الفساد الأخير…

الدكتور صدقي:

 أرجح أنه تم اغتياله قبل أن تحكي لي فالأبطال أعمارهم قصيرة جدا.

صباح:

لذلك جئت إليك لتساعدنا في كشف المستور وبدلا من جريمة  كاملة ستكون جريمة موثقة بأدلة و تقدم المتورطين جميعا إلى العدالة لينالوا جزائهم..

الدكتور صدقي:

ربما حان وقت ايقاظ قوى المعرفة التي تعلمنها حتى شابت رؤوسنا من أجل نصرة الخير والحق.

صباح:

وجدت هذه القصاصة وهي الخيط الوحيد الذي لم يتلوث أو يختفي كما هو حال ما حصل في أرشيف الصحيفة وفي مكتبة عبدالله في منزله.

الدكتور صدقي:

لنرى ما لديكِ….

(يقرأ بتركيز عال ويعدل نظارته )

صباح:

يبدو أن في الأمر شيء صمتك يقول أنك تفكر في المنطق الذي يمكن ان نجده من هذه القصاصة..

الدكتور صدقي:

ثمة شخص يدعى الاوراكل في أوساطنا نحن دارسو علم  الماورائيات وهو يستطيع أن يساعدنا في فك الشفرة وحل اللغز..

صباح:

 نريد تحديد موعد معه..

الدكتور صدقي:

سأفعل حتما وسأتصل بك في مساء اليوم وكوني على استعداد.

صباح:

عرفتك عظيما في علمك وخلقك .. أشكرك .

(يخرج الجميع)

 

المشهد  الثالث

(يظهر على خشبة المسرح منظر لمنزل نادر الشهير بالأوراكل )

الأوراكل:

يبدأ التساؤل قبل الاستعداد لتحضير الروح من قبل الأوراكل هل أنتم مستعدون لخوض ورؤية الروح بلا خوف.

(الجميع يؤكد استعدادهم )

(يأمر الأوراكل أن يمسك الدكتور صدقي بيد صباح ويأمر صباح بأن تمسك بيد زميلتها فينفذون جميعا.)

أوراكل:

 بعد أن يطفئ القناديل و يشعل شمعة كبيرة على الطاولة لها ظل ممتد إلى حائط الغرفة ويتلوا الأوراكل طلاسما غريبة لم يفهمها أحد من الحاضرين.

الأوراكل:

يلتفت إلى الدكتور صدقي ويسأله:

هل أحضرت الفيل الأزرق فيبتسم الدكتور صدقي ويخرج شيئا من جيبه ويناوله للأوراكل.

الأوراكل:

(يمسك كأس الماء في يد وقبل أن يبتلع العقار الأزرق يأمر بإحضار الأوراق

من الشنطة التي جاء محملا بها)

 انتبهوا لكل ما سأقوله و انا هناك واكتبوا الثلاثة دفعة لا واحدة ولا اريد ان يفوتنا شيء مما ساتفوه به.

(يبتلع أوراكل عقار الفيل الأزرق)

ثم يغمض عينيه  وتمر عشر دقائق والصمت يستحوذ على المكان وفجأة.

أوراكل:

لقد وجدتك يا عبدالله ولك أصدقاء يحبونك لم استطع أن أحضرهم معي إلى هنا ولكن لهم أسئلة كثيرة وعليك أن تجيب عنها لتحقيق العدالة وترتاح روحك حتى الأبد..

عبدالله:

 كنت أعرف أنني سأموت خلال يومين بسبب قضايا الفساد الذي حاربته ولذلك كان لابد من أن احتاط للأمر ووضعت كل الملفات في صندوق البريد الإلكتروني وسأزودك بكلمة السر

(الجميع يتصبب عرقا ويكتبون ما يقوله الأوراكل)

أوراكل:

كيف مت يا عبدالله؟

عبدالله:

مت مسموما في نفس المطعم الذي لم أكن أعرف أن مالكه احد أياد الفساد الذين حاربتهم وفضحت فسادهم..

أوراكل:

 لك الرحمات هل تطلب من اصدقائك شيء قبل أن أعود إليهم..؟

عبدالله:

 كل شيء مرتب في صندوق البريد لكل ملفات الفساد وقائمة بجميع أسماء المتورطين في صفقات فساد مشبوهة وكل ما عليهم سوى إعادة توجيه الملفات وارسالها الى جميع عناوين الصحف والمواقع والفضائيات و سحب نسخة جميع الملفات وتسليمها إلى النائب العام والتشديد على الإسراع في القاء القبض على المفسدين قبل هروبهم وتحويل أموالهم..

يكمل عبدالله:

قل لهم جميعا حين تقابلهم على لساني “حتى لو استطعنا أن نخدع الأرض فلن نستطيع أن نخدع السماء و إن بدت جريمتكم كاملة فلا تنسوا أن الله شاهد ملك على جريمتكم..

 

المشهد الرابع

تختتم المسرحية بمنظر لضباط الأمن وهم يخرجون من خشبة المسرح والمجرمين مكبلين بالأغلال وصوت الإذاعة ينتصر للحق و ينتصر لعبدالله عبدالحليم فيفتح ملفات الفساد ويقرأ التقرير تلو التقرير و الاسم تلو الاسم لينام بعدها في مشهد عظيم من الخالدين.

 ستار

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption