في حوار مع المخرج الشاب منتظر سعدون :(مخدة) تعالج القيد الذي عاشه الفرد العراقي في سباق مستمر مع الوجع
مجلة الفنون المسرحية
في حوار مع المخرج الشاب منتظر سعدون :
(مخدة) تعالج القيد الذي عاشه الفرد العراقي في سباق مستمر مع الوجع
الدكتور جبارجودي ومن معه كسروا الحاجز وجعلوا الكفة متساوية بين المركز والمحافظات لدعم الأعمال المسرحية
متواليات زمكانية لأحلام تداخلت مع القلق عبر تمرحلات حياة إنسان يسكن رأسه الاغتراب منذ الطفولة
لم تختلف هذه التجربة عن العروض التي أنتجتها في السابق كونها كلها دخلت في مضمار التجربة الحديثة
لجأت الى التوليف وليس التأليف كون المونتاج السمعيبصري داخل فضاء العمل كان حاضراً في كل مشاهد العرض
أن تمثل العراق هذا وحده يكفي بأن نفتخر أنا وكادر العرض بهذا المنجز وبكل ثقة إننا سنقدم شيئاً مختلفاً
كتب – عبد العليم البناء
يحفل المشهد المسرحي العراقي كما العربي بدماء شابة تؤسس لخطوات ابداعية مغايرة لكنها لا تنفصل عن تاريخ الابداعات العراقية الرصينة، شكلاً ومضموناً، لعمالقة الابداع المسرحي العراقي محلياً وعربياً وعالمياً ..وهكذا كان موقف نقيب الفنانين العراقيين الدكتور جبار جودي في اقتناص المزيد من الطاقات والكفاءات الابداعية والعمل على دعمها وتوفير الفرصة لها لتقدم رؤاها وتجاربها عربياً ودولياً لاسيما مسرحيي المحافظات العراقية العزيزة في كسر تام للحاجز المصطنع بين المركز متمثلاً بفناني (العاصمة) وبين فناني الهامش متمثلاً بـ(المحافظات).. حيث ستشارك مسرحية (مخدة) دراماتورج وإخراج وسينوغرافيا الفنان الشاب منتظر سعدون من محافظة الديوانية وسط العراق في عرضها العالمي الأول، ضمن مسابقة العروض الكبرى بمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فى دورته السابعة برئاسة المخرج مازن الغرباوي، التي تنعقد بين الخامس والعشرين والثلاثين من تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، في مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية تحت رعاية وزير الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني واللواء أركان حرب خالد فوده محافظ جنوب سيناء، وتأتي هذه المشاركة النوعية في إطار إحتفاء المهرجان هذا العام بدولة العراق كضيف شرم المهرجان فى دورته حيث ستقام فعاليات عدة، ومنها: عقد ندوة عن تاريخ المسرح العراقي ورموزه يتحدث بها كل من د. حيدر منعثر، ود. صميم حسب الله، ويديرها الإعلامي عبد العليم البناء، وتكريم الفنان مازن محمد مصطفي والفنانة زهرة بدن بدرع سميحة أيوب التقديري في حفلي الأفتتاح والختام ، وكذلك عقد حفلي توقيع لكتابين مهمين أحدهما للناقد والمخرج الدكتور حليم هاتف والكاتب والمخرج منير راضي، واختيار الفنانة آلاء حسين عضوا في لجنة تحكيم لمسابقة الكبرى للمهرجان، وطلاق جائزتين مهمتين باسم الفنان القدير سامي عبد الحميد والمخرج المسرحي الكبير صلاح القصب وغيرها.
والمخرج الشاب منتظر سعدون من مواليد الديوانية عام ١٩٩٣عشق المسرح منذ نعومة أظفاره، وصقل موهبته بالدراسة الأكاديمية في معهد الفنون الجميلة بالديوانية ، ومن ثم في كلية الفنون الجميلة بجامعة بابل، وحالياً طالب دراسات عليا (ماجستير) في الكلية ذاتها، وعمل في النشاط المدرسي مشرفاً مسرحياً، ومن الأعمال التي شارك فيها مولفاً ومخرجاً، مسرحية (الأرملة السوداء) التي حصدت المركز الأول في مهرجان جامعات العراق الثاني المنعقد في البصرة، وأفضل إخراج وأفضل ممثل، وفي مهرجان كلية الفنون الجميلة أفضل عرض متكامل، وفي مهرجان المسرح الجامعي في القاهرة جائزه لجنة التحكيم وتنافست على أفضل سينوغرافيا، ومسرحية (المصلخ) وحصدت أفضل عمل ثاني في مهرجان جامعات العراق الثالث في الكوت، وأفضل مخرج في مهرجان كلية الفنون الجميلة في جامعة بابل، ومسرحية (الاختيار) التي حصدت المركز الأول في مهرجان وزاره الشباب والرياضة، فضلاً عن مشاكته ممثلاً في العديد من المسرحيات ومنها : مسرحية (آدم سز) وحصد عنها أفضل ممثل واعد في مهرجان كليه الفنون الجميلة - بابل شاركت المسرحية في مهرجان شرم الشيخ الدولي الأول، إضافة الى مسرحيات: (مارثون) العراق الاول، (red line)، و(ما تبقى من الوقت)، و(بلا عنوان)، و(ساتر للايجار)، و(ليلة ماطرة)، و(شواطئ الجنوح)، وغيرها..وبغية تسليط الضوء على مسرحيته (مخدة) التي يلعب أدوارها الفنانون : مصطفى الهلالي، نوفل خالد، علي نوري، حسن كريم، وإضاءة جعفر بشير، وتنفيذ الموسيقى حيدر حليم، كانت لنا جولة من الحوار مع المخرج الشاب منتظر سعدون توقفنا فيها عند محطات عدة ابتدأنها بالسؤال الآتي:
* ما الفكرة التي تنطوي عليها مسرحية (مخدة)؟
- (مخدة) هي متواليات زمكانية لأحلام تداخلت مع القلق عبر تمرحلات حياة إنسان يسكن رأسه الاغتراب منذ الطفولة وحتى عندما تقدم به العمر، ومابين الظل والضوء ترقص مرايا الروح التي لاتستكين وهي تبحث عن خلاصها بعيداً عن قرين الألم الذي لاينفك يلازمها، ويملي عليها خارطة هذا القيد الذي عاش معه الفرد العراقي في سباق مستمر مع الوجع, و(مخدة) هي مجموعة كوابيس تناولت صرخة مخلوق فرانكشتايني قادم من عالم غريب، يدخل في مختبر غير تقليدي يتم خلقه من جديد عن طريق راقص يمثل العالم المثالي، فيصطدم في الأخير ليرى ذلك العالم الغريب الذي أتى منه أفضل بكثير من هذه الفوضى التي شحن من أجلها.
* وما المعالجة الإخراجية التي اعتمدتها..لنص من توليفك وهل عملت على صياغة العرض باعتبارك كمخرج ودراماتورج للعرض؟
- مسرحية (مخدة) ليست تأليفاً وإنما توليفاً, لكن حدث خطأ في طريقة إعلان العرض من قبل إدارة شرم الشيخ, لم أعتمد المخرج في هذا العرض أسلوباً معيناً في آلية فرضية العرض وإنما اشتغلت على مرحلة القراءة المفتوحة للعرض كون الإخراج الحديث لم يؤسس الى خطاب خاص عند كل مخرج, بل ترك المتلقي يصبح (دراماتورج العرض) ويترك الخيار له في كيفية رؤيته لهذا العرض وعلى أي منطقة وأي أسلوب, وهذا ما تميزت به عروض مسرح ما بعد الدراما التي بدأت تأخذ حيزاً واسعاً في عروض المسرح الشبابي، كونها عروض تكسر مفهوم اللغة وتعمل على بث أداءات جسدية تعطي قيمة كلية للعرض، وتعمل على المتغيرات المشهدية في خطاب العرض يتم تركيبها بطريقة بصرية تتشكل وفق منهج معين يعمل عليه المخرج، لذلك لجأت الى التوليف وليس التأليف كون المونتاج السمعيبصري داخل فضاء العمل كان حاضراً في كل مشاهد العرض .
* ما الجديد الذي ستقدمه في هذا العرض ؟ وبماذا يتميز عن عروضك السابقة؟
- لم تختلف هذه التجربة عن العروض التي أنتجتها في السابق كونها كلها دخلت في مضمار التجربة الحديثة، التي حاولت الوصول إليها عن طريق بث مقترحات وفرضيات تتماشى مع المتغيرات التكنولوجية الخطيرة التي أسقطت كل المفاهيم الأخرى, ومواكبة المتغيرات الآيديولوجية التي يعيشها الفرد العراقي من الأنظمة (السياسية, الدينية, الاجتماعية)، التي عصفت بذاكرة شاب عراقي واكب هذه المتحولات بطريقة مباشرة.
* وماذا عن خياراتك على صعيد الممثلين وعناصر العرض الأخرى التي تسهم في تكامل صورة العرض؟
- اعتمدت في مسرحية (مخدة) على مجموعة شبابية واعدة جداً من طلبة معهد الفنون الجميلة في الديوانية وكلية الفنون الجميلة في بابل، كون هذه الفئة لازالت في بدايتها فيكون طرح منهجك وأسلوبك الاخراجي يسير بشكل أسرع مع الفئة التي أرتقت خشبة المسرح، وخصوصاً أن الممثل العراقي لم يتخلص من الكلائشية في التمثيل، وهذا ما أرفضه بملء الفم , كون المسرح العراقي وخصوصاً المسرح في المحافظات يفتقر الى تقنيات بصرية، فلجأت الى الاقتصاد في أدوات العرض البصرية الأخرى واعتمدت على تشكيل فضاءات متحركة من قبل الممثلين أنفسهم.
* وما الذي تتوقعه لعرض (مخدة) في عرضه العالمي الأول ممثلاً للمسرح العراقي، ضمن مسابقة العروض الكبرى بشرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي؟
- أن تمثل العراق هذا وحده يكفي بأن نفتخر أنا وكادر العرض بهذا المنجز, نحن سنطرح تجربتنا أمام الوفود الأجنبية والعربية الحاضرة، وسنترك الخيار لهم على ما يريدون أن يقولونه, لكني أتمنى وبكل ثقة إننا سنقدم شيئاً مختلفاً يمثل المسرح العراقي.
* - وكيف تنظر لدعم نقابة الفنانين العراقيين والنقيب الدكتور جبار جودي لعرض (مخدة)..؟
- شكري وشكر كادر العرض على هذا الدعم المتواصل من قبل المركز العام للنقابة ومن قبل الدكتور جبار جودي، وأولاً أتمنى له السلامة كونه يمر بظرف صحي طاريء، وثانياً عودتنا النقابة في المدة الأخيرة على هذا الدعم المتواصل لجميع فئات المسرحيين وخصوصاً مسرح المحافظات الذي نفتقده بشكل كبير، ولكن الدكتور جبارجودي ومن معه كسروا هذا الحاجز وجعلوا الكفة متساوية بين المركز والمحافظات لدعم الأعمال المسرحية.
* كلمة أخيرة..
- شكرا للاستاذ عبد العليم البناء على إجراء هذا الحوار كونه يعزز الثقة لدى شباب حالم ليس لديه غير المسرح يجد فيه نفسه أزاء هذه الظروف التي يعشها الشاب العراقي, وشكري وتقديري الى النشاط المدرسي في محافظة الديوانية المتمثل بالأستاذ باسم جهاد على توفيره قاعة التمرين وبعض مستلزمات العرض، وهذا ما عودتنا عليه هذه المؤسسة الداعمة للشباب بشكل مستمر، والشكر موصول للدكتور حليم هاتف الذي تراه دائماً ما يتصدر بكل حب وتقدير لدعم أعمال الشباب في محافظة الديوانية، و أيضا شكر وتقدير للأستاذ وليد قحطان نقيب فناني الديوانية للدعم المتواصل، و شكراً لكل من بذل ولو (حبة عرق واحدة) لإنجاح هذا المشروع الجمالي..
0 التعليقات:
إرسال تعليق