مسرحية " طائر الدخان " بفصل واحد تأليف حسين عبد الخضر
مجلة الفنون المسرحيةفتى بعمر ١٥ عاما يجلس في الشارع، عاري الجذع، يرتدي بنطلون جينز وقبعة يحمل علما. يراقب الطريق خوفا من تقدم قوات القمع.
متظاهر١: هل ترى شيئا؟
فتى١: لا.
متظاهر٢: هل أنت واثق؟
فتى١: لا، حسن.
متظاهر٣: هذا ليس وقت التحشيش.
فتى١: ولا وقت الخوف.
متظاهر١: لسنا خائفين، نريد أن نتأكد من أنك يقظ.
فتى١: اطمئنوا، نمت ساعتين تحت الجسر عند الظهر.
متظاهر٢: نرجوا أن تكون صادقا.
فتى١: أنا لا أكذب هذه المرة. لقد تركت المزاح صدقوني.
متظاهر٣: سنصدقك.
فتى١:( يخرج سيجارا من جيبه ويدخن) أعرف أنهم ليسوا خائفين، لكن المتظاهر ما أن تستفزه بسؤال هل أنت خائف؟ حتى يسارع إلى نفي التهمة كالمجنون.
( تنطفئ السيجارة، فيعود إلى اشعالها) حكومة فاشلة في كل شيء، زبالة، حتى سجائرها زبالة. ( بانفعال) زبالة، زبالة، زبالة، يدلعونها فيقولون قمامة، الكلمة الفصيحة راقية، كأنها مسؤول حكومي يرتدي بدلة ويحقق معنا نحن الذين نجوب الشوارع بحثا في الزبالة عن لقمة نسكت بها صهيل بطوننا.
لماذا تأكل من القمامة؟
لأني جائع.
ولماذا أنت جائع وقذر هكذا؟
لأني فقير، يتيم، مشرد؟
هل تتعاطى المخدرات؟
هههههههه. مخدرات.
يبدو أنك كلاوجي. أنت أكبر كلاوجي. أنتم الفقراء سبب تعاسة البلد.
نحن تعساء لأننا فقراء يا سيدي.
لسانك طويل.
ولماذا يجب أن يكون قصيرا؟
لأنك مشرد تافه يقتات من القمامة.
اسمها زبالة يا سيدي.
تجادل كثيرا، من أين تعلمت هذه الوقاحة.
لست وقحا يا سيدي، أنت تسألني وأنا أجيبك.
زين، بسبب وقاحتك هذه سنستظيفك عدة أيام هنا.
لا أدري أين هنا، لكني أصبح في هذه الأيام الستة عبدا لكل من يرتدي زي رجال الحكومة. تعال، روح، أكنس، نظف، احمل هذا، ضع ذاك. ثم يطلقونني لأخدم عند أي صاحب عمل، نعم أخدم ولا أعمل، فمن يتقاضى الطعام مقابل خدماته يدعى خادما لا عاملا. أنا حسوني الخادم أعلن
. . . .
متظاهر١: (بصوت ممطوط) حسوني، هل أنت نائم.
فتى١: انخمد أنت.
متظاهر١: بعد قليل سنرسل أحدا بدلك.
فتى١: لا أشكو من شيء أنا مرتاح هنا.
متظاهر١: بعد قليل سيصل من يحل مكانك.
فتى١: كما تحب.
يعود الفتى للمراقبة مرددا بعض الشتائم.
فتى١: أبناء الكلب، لا يشبعون من السرقة، يسرقون المليارات، يسرقون كل شيء ولا يعطون لنا حتى القليل. في النهار يلبسون العمائم وفي الليل دق ورقص.
يأتي فتى٢، يرتدي لباسا مشابها لفتى واحد، ويحمل عصا بيده، ليحل مكان فتى١.
فتى٢: روح نام في الخيمة.
فتى١: ليست لدي رغبة في النوم. (يقدم له العلم).
فتى٢:لا، أفضل هذه.
فتى١: أنت تخترق ميثاق السلمية.
فتى٢: عندما يهجمون علينا لن تنفعنا السلمية.
فتى١: وهذه لن تنفعك أيضا.
فتى٢: ربما، لكني لن أموت بيد فارغة.
فتى١: يضحك.
فتى٢: ما الذي يضحكك؟
فتى١: لا شيء.
متظاهر٢: لماذا لم تنسحب يا حسوني؟
فتى١: لا رغبة لي في النوم.
متظاهر١: عليك أن تستريح قليلا. لقد تعبت اليوم.
فتى١: لا تشغل بالك بي أنا معتاد على هذا. نم أنت.
متظاهر١: كما تحب.
فتى٢: هو على حق. يجب أن تنام.
فتى١: لا أرغب في النوم. عندما أنام لا أرى سوى الكوابيس.
فتى٢: أنت مثلي إذن! ما إن أغمض عيني حتى يبدأ الموتى في الظهور، الغريب أنني لا أشعر بالخوف بل بالجوع. أشعر بجوع شديد يلتهم بطني بشراسة مهما تغيرت هويات الأموات. جوع لا يشبه أي جوع عشته في حياتي.
فتى١: لا بأس، عندما يزول نظام اللصوص هذا سيزول معه الجوع.
فتى٢: حتى عندما كان أبي حيا كنا نجوع، وبعدما استشهد في معارك الدفاع عن حكومة اللصوص إزداد جوعنا حتى أجبر أمي على التخلي عنا من أجل رغيف خبز في كف رجل أعرف أنها تكرهه.
( يخرج فتى٢ سيجارة ويقدم لفتى١ سيجارة، يرفض فتى١)
فتى١: شكرا، لقد دخنت قبل قليل.
فتى٢: ربما لأن أمك ميتة، وليس لك أخ ينتظر أن تطعمه.
( يضحكان)
( بعد قليل من الصمت يسمعان صوت المركبات الحكومية) يصيحان: لقد جاءوا، جاءوا.
( يخرج المتظاهرون من خيامهم، ويبدأون باشعال الإطارات لمنع تقدم قوات القمع.تبدأ القوات باطلاق القنابل الدخانية والرصاص الحي. تستقر قنبلة دخانية في رأس فتى٢، فتى١ يحمل العلم ويراوغ القنابل الدخانية المتوجهة إلى رأسه بشكل مباشر.
٣١/ ١٠/ ٢٠٢٢
0 التعليقات:
إرسال تعليق