أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

السبت، 11 مارس 2023

مسرحية للفتيان " اشتريه " تأليف طلال حسن

مجلة الفنون المسرحية

الكاتب  طلال حسن 


مسرحية للفتيان " اشتريه " تأليف طلال حسن   

                            


                           شعر : عبد المنعم الأمير







     شخصيات المسرحية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ ملك اريدو الولم

2 ـ الملكة

3 ـ الأميرة اكيمي

4 ـ الأمير خاشمر

5 ـ الوزير

6 ـ ابنة الوزير كشتمن

7 ـ امير لاراك انسبازي

8 ـ رفيق أمير لاراك جيس

9 ـ الإلهة الأم عشتار

10 ـ تابع خاشمر آمي

11 ـ تابع خاشمر ايلو








   المشهد الأول



                          بقعة ضوء ، تسلط

                          على الإلهة أشتريه


أشتريه : يا للآلهة ، ما أجمل الغابة هذا
الصباح ، وقد غسلتها من موات
الشتاء وكآبته ، أمطار الربيع " تدور
حول نفسها " آه .. إن مثل هذا
الجمال ، لا أراه في كل الكون ، إلا
هنا ، على سطح الأرض ، ترى ما
الحكمة ، في أن تخلق الآلهة ، هذا
الكون الواسع المذهل ، ولا تضع
بذرة الحياة سوى في هذا الكوكب
الصغير ؟ " تصمت متشممة ثم تبتسم
"هذه أمي عشتار ، إنني أشم رائحة
الربيع تفوح منها " تهتف " اظهري
يا أمي " تصمت منتظرة ثم تهتف "
عشتار .  

عشتار : " تظهر " أشتريه .

أشتريه : ناديتك يا أمي " فلم تظهري ، لكن
عندما ناديتك عشتار ..

عشتار : " تقترب منها " بنيتي ..

أشتريه : لابد أنك ظننت أن تموزك ، هو من
يناديك .

عشتار : أنت تعرفين ، أن تموز ليس هنا ،
ليناديني .

أشتريه : تموز كان وسيبقى في داخلك .

عشتار : بل هو في العالم الأسفل ، يا بنيتي.

أشتريه : انظري إليّ ، يقول الكثيرون ،
ممن عرفوا تموز ، إنني أشبهه .

عشار : إنه أمر طبيعي ، أنت ابنته .

أشتريه : وابنتك .

عشتار : وابنتي .

أشتريه : هذا يعني أنك كنت تعبدينه .

عشتار : تموز إله .

أشتريه : وعشتار إلهة .

عشتار : وأنت إلهة أيضاً .

أشتريه : نعم ، إنني إلهة ، لكن يبدو أن فيّ
من الراعي تموز الشيء الكثير .

عشتار : مهما يكن ، يا بنيتي ، فمكانك ليس
هنا على الأرض ، بل معنا نحن
الآلهة ، في أعالي السماء .

أشتريه : اطمئني ، يا أمي ، لن أبحث عن
راع ٍ أغريه ، فلا أظن أن الأرض
الآن ، راعياً مثل تموزك .

عشتار : إنني أخاف عليك ، فأنت مثلي ،
مليئة بالعاطفة ، وهذه ليست من
الصفات المعروفة في الآلهة .

أشتريه : لا تخافي ، يا أمي ، ففي داخلي
الكثير من صفات الآلهة أيضاً .

عشتار : هيا إذن ، يا بنيتي ، لنصعد معاً إلى
السماء .

أشتريه : اصعدي أنت ، سأبقى هنا قليلاً ، ثم
ألحق بك .

عشتار : آه منك " تتجه إلى الخارج " لا
تتأخري ، يا بنيتي .

أشتريه : اطمئني ، لن أتأخر ، سأصعد بعد
قليل .

عشتار : " تخرج " ....

أشتريه : " تتلفت منصتة " يبدو أنني لن
  أصدق اليوم ، فالجو محتدم بحيوات
متداخلة متقاطعة ، أستطيع أن أراها
من السماء ، نعم ، لكني أريد البقاء
قريباً منها ، أتشربها ، أعيشها ،
أتعامل معها ، وكأني لست أشتريه ،
" تصمت منصتة " هذا ملك اريدو
الولم ، ووزيره العجوز ، يبدآن
يومهما في قاعة العرش ، بحديث
غير عادي ، فلأذهب إلى هناك ،
وأنصت إليهما .


                         تطفأ بقعة الضوء ،

                         تضاء قاعة العرش


الوزير : مولاي .

الملك : مهلاً ، مهلاً ، لا أريد أن نتحدث
اليوم إلا في موضوع واحد ، وفد
لاراك .

الوزير : وهذا ما أردت أن أتحدث فيه ، يا
مولاي .

الملك : حسن ، تحدث ، إنني أسمعك .  

الوزير : يا مولاي ، على بعد ساعات ، وقد
يصل اريدو ، في أية ساعة ، من بعد
منتصف النهار .

الملك : أهلاً بهم في اريدو .

الوزير : إن الوفد ، كما تعرف يا مولاي ،
على جانب كبير من الأهمية .

الملك : بلغني أن الأمير انسبازي ، نجل
ملك اراك ، قد يكون على رأس هذا
الوفد .

الوزير : لقد تأكد هذا الآن ، يا مولاي ،
ووجوده على رأس الوفد ، يعطي
لهذه الزيارة ثقلها وأهميتها ، في
الظروف الراهنة .

الملك : مهما يكن ، فالوفد يجب أن يُستقبل
بحفاوة بالغة .

الوزير : بالطبع ، يا مولاي .

الملك : إن السلام بين اريدو ولاراك ،
يهمنا بقدر ما يهمهم .

الوزير : نعم يا مولاي ، فقد طال أمد
الصراع بيننا ، والأعداء يتربصون
بنا في الخارج ، وسينتهزون أول
فرصة للانقضاض على مملكتينا .

الملك : نأمل أن يكون موقفهم مطابقاً
لموقفنا ، حتى نكون معاً ، بمثابة سد
منيع ، في وجه الأعداء .

الوزير : لتعيننا الآلهة جميعاً ، وتسدد خطانا
، لخير مملكتينا الشقيقتين " يصمت
لحظة ، ثم يشير برأسه إلى الخارج "
مولاي .

الملك : ماذا ؟ " ينظر إلى الخارج " .....

الوزير : الأميرة أكيمي .

الملك : " يبتسم " إذا حضرت أكيمي ..

أكيمي : " من الخارج " بابا .

الملك : " يهز رأسه مبتسماً " ....

الوزير : دعها يا مولاي ، على سجيتها .


                        تدخل الأميرة أكيمي 

                       راكضة ، وهي تصيح


أكيمي : بابا .. بابا .

الملك : هش ، بنيتي . 

أكيمي : لا داعي للهش ، يا بابا ، مادمت
بنيتك .

الملك : نحن في قاعة العرش .

أكيمي : آه .

الملك : ولسنا هنا وحدنا .

أكيمي : " تتلفت حولها " عجباً ، لا أرى
أحداً ، بابا ..

الوزير : " يتنحنح " .....

أكيمي : أخشى أنك تعني وزيرك " تحضن
الوزير " لا يا بابا ، لا ، الوزير
واحد منا .

الوزير : أشكرك ، يا بنيتي .

أكيمي : " تهمهم " هم م م  ، بنيتك .

الوزير : أنا أول من حملك بين ذراعيه ، بعد
ولادتك .

أكيمي : " تنظر إلى أبيها " ....

الوزير : وأول من بشر جلالة الملك بمولدك
، عقب عودته منتصراً ، من معركة
كبيرة ، ضد مملكة لاراك .

أكيمي : نعم ، هذا ما ذكرته لي مراراً ،
وقلت أن أبي غضب لأني بنت ،
وليس ولداً ، كما كان يتمنى .

الوزير : " محرجاً " مولاتي ..

الملك : " يتظاهر بالغضب " ....

أكيمي : بل وقلت ، إنه كاد سيبعدك إلى
جزيرة واق .. واق .

الوزير : " ينظر مرتبكاً إلى الملك " مولاي
..

الملك : أصدقيني ، يا أكيمي ، أهو قال
ذلك ؟

أكيمي : نعم .

الوزير : أنا !

أكيمي : إذا اعترضت على مرافقة ابنتك
كشتن لي إلى الغابة .

الوزير : ومتى اعترضت على ذلك ، يا
مولاتي ؟

الملك : مهلاً ، أنا سأعترض هذه المرة .

أكيمي : " محتجة " بابا . 

الملك : لست بابا الآن ، إنني ملك اريدو .

أكيمي : مادمت لست بابا ، فأرجوك يا
جلالة الملك ، أن لا تمنعني ، وأنا
مواطنة من اريدو ، من الذهاب إلى
الغابة ، بصحبة رفيقتي كشتن ،
لمشاهدة الخشف .

الملك : كلا ، لا أوافق ، فقد ذهبت قبل
أسبوع إلى الغابة بهذه الحجة .

أكيمي : عفواً مولاي ، الحجة الآن مختلفة ،
فرفيقتي ابنة الوزير قالت لي ، إن
الخشف قد كبر الآن .

الوزير : خائفاً " ابنتي ..

أكيمي : " تهز رأسها " نعم ، ابنتك .

الوزير : مولاي .

الملك : لا عليك ، أعرف ابنتك " ينظر إلى أكيمي " و أعرف ابنتي .

أكيمي : مولاي .

الملك : عليك إذن أن تطيعي مولاك .

أكيمي : مرني يا مولاي ، أن أذهب إلى الغابة وسأطيع .

الملك : وإذا لم أمرك بذلك ؟

أكيمي : ما دمت بابا ، أعني ملك أريدو العادل ، فستأمرني .

الملك : " ينظر إلى الوزير " لا فائدة " للأميرة " حسن ، اذهبي لكن  لا تتأخري .

أكيمي : " تحضنه " شكراً بابا .

الملك : خذي معك رفيقتك .

أكيمي : طبعاً ، لن أذهب بدونها " تحضن الوزير " لا تخف على كشتن .

الوزير : لن أخاف عليها يا مولاي ، مادامت بصحبتك .

أكيمي : " تبتعد عنه " أنت وزير حقاً .

الملك : " يضحك" ......

أكيمي : " تتجه إلى الخارج " إلى اللقاء .

الملك : سأنتظرك على الغداء .

أكيمي : سنتغدى معاًُ كالعادة " تخرج " .

الوزير : مولاي .

الملك : لنعد إلى موضوعنا .

الوزير : " ينظر إلى الملك حائراً" ....

الملك : وفد لاراك ، والأمير أنسبازي .

الوزير :آه .. الوفد.. والأمير " بارتياح " اطمئن يا مولاي ، لقد أعددت كل شيء لاستقباله وإقامته ، و ..

الملك : ليرتح اليوم في القصر ، الذي أعد لأقامته ، وسأستقبله غداً هنا في مثل هذا الوقت .

الوزير : سمعاً وطاعة يا مولاي .

                يدخل الأمير خاشمر

        ويتقدم من الملك


خاشمر : مولاي .

الملك : لحظة واحدة يا خاشمر " للوزير " حسن ، اذهب وتابع ما اتفقنا عليه .

الوزير : " ينحني " أمر مولاي .

الملك : هذه فرصة ذهبية ، قد لا تتكرر ، ولا نريد أن تفلت منا .

الوزير : سننجح بعون الآلهة يا مولاي ، وسيتكرس السلام الدائم بين أريدو ولاراك.

خاشمر : " يرمق الوزير بنقمة " ..

الملك : اذهب ، ولتكن الآلهة معك .

الوزير : " ينحني ثم يخرج " ....

خاشمر : مولاي .

الملك : أعرف يا أبن أخي خاشمر ، أعرف ، أكيمي .

خاشمر : ما تفعله خطأ ، إنني أخاف عليها من الذهاب وحدها إلى الغابة .

الملك : أكيمي لا تذهب وحدها إلى الغابة ، بل برفقة كتشن .

خاشمر : هذا لا يكفي ، إنهما فتاتان ، والغابة مكان خطر على مثلهما .

الملك : لا بأس ، اذهب أنت معهما .

خاشمر : لي مهامي ، كما تعرف ، يا مولاي ، ثم إنها تفضل مصاحبة ابنة الوزير كتشن .

الملك : " يتجه نحو النافذة " عليك أن تتفهم هذا ، فكلتاهما بعمر واحد ، وهما مترافقتان منذ الصغر ، " ينظر عبر النافذة " أنظر ، الملكة وحدها في الحديقة .

خاشمر : " ينظر عبر النافذة " لا يا مولاي ، إنها ليست وحدها ، معها وصيفتها .

الملك : إنها وحدها إذن ، وعليّ أن أرافقها " يحدق فيه " تعلم يا خاشمر ، تعلم " يخرج " .

خاشمر : " بنبرة ناقمة " سأتعلم ، نعم ، سأتعلم ، فمثلي يتعلم ، ويعلم " يهتف " آمي .

آمي : " يدخل " مولاي .

خاشمر : الأميرة خرجت مع رفيقتها ، قبل قليل ، وذهبتا إلى الغابة .

آمي : رأيتهما يا مولاي .

خاشمر : خذ رفيقك ايلو ، والحقا بهما ، وتتبعاهما ، دون أن تراكما .

آمي : سمعاً وطاعة يا مولاي " يهم بالخروج " .

خاشمر : مهلاً .

آمي : " يتوقف " مولاي .

خاشمر : لدي مهمة لكما في غاية الأهمية .

آمي : مر يا مولاي .

خاشمر : عليكما أنت وايلو ، أن تنفذاها في دقة وسرية .

آمي : سمعا وطاعة يا مولاي . 

خاشمر : تعال " يتقدمه إلى الخارج " سأفصل لك الأمر .

آمي : " يتبعه " نعم ، يا مولاي .


      يخرج خاشمر ، يتبعه 

        آمي، تظهر أشتريه


أشتريه : يا لهؤلاء البشر ، لقد أعطتهم الآلهة الكثير من النعم ، لكنهم أحياناً يحبذون اللعب بالنار " تتجه إلى الخارج " فلأذهب إلى الغابة ، الجو هناك أفضل .

      تخرج أشتريه ، تخفت

        الأضواء شيئاً فشيئاً

        إظلام














المشهد الثاني




                غابة ، موسيقى راقصة ،

        تدخل أشتريه متمايلة

تغني :

رقص القلب وغنى وربيع الحب أزهر

وصدى الطير المعني سحر الغاب وعطر

* * * *

آه ما أحلى الحياة حين بالحب تضوع

* * * *

كلما جاء الربيع ضحك الغصن ومالا

وشدا الورد الرضيع ملأ الأرض جمالاً

* * * *


تتوقف أشتريه ، حين

    تنتهي الأغنية 

أشتريه : أي عشتار ، منْ ِمن الناس لا يعبدك ؟ أنت آلهة الجمال والحب والتجدد " تصمت مبتسمة " أظنها أمي " تهتف " ماما ، إنني لم أنادك ، بل تحدثت عنك ، كما يتحدث عنك أي إنسان ، رغم أني لست إنسانا، بل .. أنا ابنتك " تنظر إلى الخارج " تمهلي قليلاً ، لا تظهري الآن يا ماما ، هناك رجلان ، رجلان مريبان ، يسيران وكأنهما يتعقبان أحداً ما ، بقصد لابد أنه سيء " تتراجع نحو شجرة قريبة " ها هما قادمان ، فلأقف قرب هذه الشجرة .

          تقف قرب الشجرة ،

            يدخل آمي و أيلو


أيلو : أعتقد أن هذا الأمر خطير ، يا آمي.

آمي : أنا معك يا أيلو ، لكن الأخطر ألا ننفذه بحذافيره .

أيلو : يا للآلهة أنكي ، إن الأميرة تحب تلك الغزالة ، وستريق دمنا إذا أرقنا ..

آمي : صه " بصوت خافت " يبدو أن الأميرة، وصاحبتها ابنة الوزير ، قادمتان .

أيلو : مهلاً ، مهلاً " بصوت خافت " لنقل للأمير خاشمر ، أننا لم نر..

آمي : في هذه الحالة ، سيقدمك أضحية على مذبح الإله أنكي ، بدل أن يقدم أي عنزة .

أيلو : " محتجاً " لست عنزة يا آمي ، ليقدمني الأمير على مذبح الإله أنكي ، إنني ذكر ، أعني .. 

آمي : تعال " يجره نحو الخارج " الإله أنكي لن يبالي بذلك ، ما دام سيقدم على مذبحه ما يذبح "يخرجان " .

 أشتريه : " تتقدم قليلاً " هذان الرجلان اللعينان مكلفان بمهمة خطيرة ، ومهما تخوفا أو ترددا فإنهما سينفذانها ، قاتلهما الإله أنكي من رجلين سيئين " تصمت ناظرة إلى الخارج " ها هي أكيمي ، وصاحبتها كشتن ، قادمتان " تتراجع نحو الشجرة " فلأقف قرب الشجرة .

        تدخل أكيمي وكشتن ،

        وهما تتحدثان متلفتتين


أكيمي : يا للعجب ، إن الغزالة وخشفها ليسا هنا أيضاً ، ترى أين مضيا ؟

كشتن : من يدري يا مولاتي ،لعل صياداً تعقبهما ، و...

أكيمي : ماذا ؟ " تصيح بها " صه .

كشتن : عفواً يا مولاتي ، لم ...

أكيمي : لابد أنهما يجثمان في مكان آمن ، بعد أن تناولا طعامهما ، وارتويا .

كشتن :أنت محقة يا مولاتي ، لنعد من حيث أتينا إذن ، وندعهما يرتاحان .

أكيمي : " تضربها برفق على ذراعها " أيتها الكسولة ، إنني أعرفك ، أنت تريدين أن تنامي .

كشتن : وأن أحلم أيضاً .

أكيمي : كفاك أحلاماً يا كشتن ، ستهلكك هذه الأحلام .

كشتن : بل سأهلك إن لن يتحقق حلمي .

أشتريه : صلي لأمي عشتار ، وسأدعوها أنا أيضاً ، وسيتحقق حلمك .

أكيمي : لا عليك يا كشتن ، سأحقق لك هذا الحلم ، مهما كان .

كشتن : مولاتي ، هناك أحلام لا تستطيع تحقيقها سوى الآلهة عشتار .

أكيمي : آه ، فهمت ، ملعونة .

كشتن : لقد حققت عشتار حلمك يا مولاتي ، فلتحقق حلمي .

أكيمي : أنت واهمة يا كشتن ، إن ما تقصدينه لم تحققه عشتار .

كشتن : مولاتي ..

أكيمي : هش ، دعك من هذا ، أنصتي .

كشتن : " تنصت صامتة " ....

أكيمي : أسمع أصواتٍ ، تأتي من بعيد .

كشتن : أنا أيضاً أسمعها يا مولاتي ، لكني لا أظنها أصوات غزالة أو خشف .

أكيمي : هيا ، أنت لا تسمعين سوى أصوات حلمك ، " تدفعها برفق " تعالي نذهب ، لعلنا نراهما تحت إحدى الأشجار قرب الجدول .

كشتن : " تتلكأ " مولاتي ، أخشى أن تكوني قد تعبت ..

أكيمي : تعالي ، لم أتعب " تدفعها ثانية " هيا ، هيا " تخرجان " .

أشتريه :  " تتقدم قليلاً " يا لأكيمي من إنسانة غريبة ، إنها متعلقة بالغزالة وخشفها ، كما لو كانا إنسانين عزيزين عليهما ، من يدري ، لعلها متعلقة بهما لسبب لا أعرفه  " تنصت ناظرة إلى الخارج " هذان رجلان قادمان ، لكنهما على ما يبدو ، غريبان عن هذه المنطقة " تتراجع نحو الشجرة " فلأقف قرب الشجرة ، وأرى من هما .


                     يدخل الأمير انسبازي ، 

                       ومعه مرافقه جيس


جيس : مولاي ..

انسبازي : انظر يا جيس ، انظر .

جيس : لعل من الأفضل ، أن نواصل السير ، فها هي مدينة اريدو تلوح في الأفق .

انسبازي : هذا مكان غاية في الجمال ، لنرتح هنا بعض الوقت .

جيس : الأمر لك ، يا مولاي ، سأطلب من الحرس ، أن ينصبوا خيمة ، إذا أردت .

انسبازي : لا ، لن نبقى هنا طويلاً ، فلابد أن مضيفينا ينتظروننا الآن ، عند أبواب اريدو .

جيس : هذا حق ، يا مولاي ، خاصة وأنهم عرفوا أنك على رأس وفد لاراك .

انسبازي : اذهب أنت ، يا جيس ، وابقَ مع الجند ، سآتي بعد قليل .

جيس : لا يا مولاي ، أرجوك ، دعني أبقَ إلى جانبك .

انسبازي : اذهب ، يا جيس ، لن يأكلني الغول ، إذا بقيت وحدي .

جيس : عفواً يا مولاي " يبتسم " لا وجود للغول إلا في حكايات جدتي .

انسبازي : اذهب إذن ، وانتظرني .

جيس : أرجوك ، يا مولاي ، لا تتأخر .

انسبازي : حسن ، اذهب ، لن أتأخر . 

جيس : أشكرك ، يا مولاي .


                       جيس يخرج مسرعاً ،

                      يتلفت انسبازي مبهوراً

  

انسبازي : يا للجمال ، كنت أظن أن لا أجمل من ربيع لاراك ، لكن بعد أن رأيت ربيع أريدو .. آه ايتها الآلهة .

أشتريه : انسبازي ، عشتار ، يا لهذا الربيع " تبتسم منصتة " ماما ، إنني لا أناديك ، لا تأتي الآن ، إنها صيحة أعجاب .

أنسبازي : " ينصت باهتمام " أسمع ما يشبه الوشوشة ، تأتي من مصدر ، لا أعرف مكانه .

أشتريه : هذه ليست وشوشتي يا أنسبازي ، فأنت لا يمكن أن تسمعني ، أو تراني، إلا إذا أردت ذلك .

انسبازي : يا للآلهة أنكي " ينصت " هذه ليست وشوشة ، إنها أشبه ما تكون بحفيف مطاردة خفية ، بين الأحراش.

أشتريه : " تنصت " آه يبدو أنه محق .

انسبازي : " يمسك مقبض سيفه " فلأسرع نحو مصدر الصوت ، واقف على حقيقة الأمر .


                    يهم بالخروج ، تندفع

                    غزالة مصابة بسهم 


انسبازي : يا للآلهة أنكي ، هذه غزالة ، مصابة إصابة خطيرة .

الغزالة : " تتوقف وتتهاوى على الأرض ".

انسبازي : أوه " يقترب منها " يا للغزالة المسكينة ، إن جرحها ، على ما يبدو قاتل .

أشتريه : ما أرق مشاعرك يا انسبازي ، تمالك نفسك ، إن هي إلا غزالة . 

انسبازي : " ينحني على غزالة " لا بد أن من أصابها صياد متمرس " يمد يده إلى السهم " فلأسحب هذا السهم ، وإن كان الأمل في إنقاذها ضعيفاً جداً .

أشتريه : بل لا أمل في إنقاذها ، يا أميري الرقيق انسبازي .


                انسبازي يسحب السهم ،

                  تدخل أكيمي وكشتن


كشتن : مولاتي ، ها هي ذي الغزالة .

أكيمي : غزالتي .

كشتن : " ترى الغزالة مدماة على الأرض " أوه .. 

أكيمي : يا للويل ، غزالتي .

انسبازي : " ينهض والسهم المدمى في يده"...

أكيمي : " غاضبة " أنت ؟

انسبازي : أنا ! لا .

أكيمي : أيها القاتل .

انسبازي : لا ، لا .

أكيمي : أيها الجزار .

انسبازي : أرجوك ، تمهلي ، أنت مخطئة .

أكيمي : الأمر واضح كالشمس ، ها أنت والسهم القاتل في يدك .

انسبازي : لست أنا القاتل ، صدقيني ، إنني لا أقتل الغزلان .

أكيمي : بل أنت من قتلها ، ولابد أنك قتلت خشفها أيضا .

انسبازي : كلا لم اقتلها ، ولم أقتل خشفها ، أرجوك صدقيني ، إنني لم أر هذه الغزالة إلا الآن .

أكيمي : " بنبرة دامعة " لا أصدق ، لا أصدق " تقترب من الغزالة " آه .. غزالتي " تنهنه باكية " 

اشتريه : آه لابد مما ليس منه بد " تقترب من الغزالة " سأفعل ما أرجو ألا أندم عليه .

انسبازي : هذه الغزالة ، سأعيدها إلى الحياة من أجلك لو ..

اشتريه : " للغزالة " أيتها الغزالة ، انهضي.

الغزالة : " تتململ " ....

كشتن : " مذهولة " مولاتي .

أكيمي : " تنظر إلى الغزالة مذهولة " ...

انسبازي : " يحدق مذهولاً " ...

أشتريه : " للغزالة " انهضي ، انهضي .

الغزالة : " تهب ناهضة " ...

كشتن : آه .

أكيمي : يا للآلهة أنكي .  

انسبازي : " ينظر غلى اكيمي مذهولا ً " ....

أشتريه : ليس الإله أنكي من أعاد هذه الغزالة إلى الحياة .

الغزالة : " ترفع رأسها وتمأمئ " .. ماع .. ماع .. ماع .

الخشف : " يمأمئ من الخارج " ماع .. ماع .. ماع .

الغزالة : " تخرج مسرعة وهي تمأمئ " ماع .. ماع .. ماع .

أكيمي : الخشف " تسرع في إثر الغزالة " الخشف ، الخشف .

كشتن : مولاتي " تسرع في إثرها " انتظريني ، انتظريني .


                    تخرج أكيمي مسرعة ، 

                      وفي إثرها كشتن

انسبازي : أيتها الإلهة العظيمة ، أشكرك .. 

أشتريه : أرأيت يا أمي ؟ شكره لك ، ولومك سيكون لي . 

انسبازي : لا أحد من الإلهة ، يقدم على هذه الالتفاتة ، غيرك .

اشتريه : " تهمهم " هم م م م م م .

جيس : " يدخل " مولاي .

انسبازي : " يلتفت إليه " آه .. جيس .

جيس : " جيس ينظر غليه صامتا " ... 

انسبازي : يبدو إنني تأخرت بعض الشيء .

جيس : " يبتسم " يبدو ذلك يا مولاي .

انسبازي : " يبتسم " لا بأس يا جيس " يتجه إلى الخارج " هيا نذهب " يخرج " 

جيس : " يخرج في إثره " ....

أشتريه : أمي أعرف أنك هنا منذ وقت طويل ، اظهري ، ولوميني كما تشائين .

 

                      تظهر عشتار ، وتقف 

                        محدقة في أشتريه

أشتريه : أمي .

عشتار : إنني لا أظن ، يا بنيتي ، أن ثمة داعيا لما فعلته .

أشتريه : أنهما ربيعان بكران يا أمي ، ويهمني ألا يختلفان بسبب غزالة .

عشتار : هذا ليس من شأننا ، نحن الآلهة .

أشتريه : لو شئت يا أمي ، لصارا إلى ما هما جديران به .

عشتار : لم أشأ ولن أشاء .

أشتريه : أمي .

عشتار : إن الآلهة وهبت الحياة للإنسان ، ومعه وهبته الحرية ، يبق إذن حراً ، وليتحمل مسؤولية حريته ، ويختر ما يشاء بنفسه " تصمت " بنيتي ، علينا ألا نفرط بقدراتنا ، الأحياء جميعاً يعيشون ويموتون ، هذا ما قدرته عليهم الآلهة .

أشتريه : أصارحك يا أمي ، حين رأيتهما حزينين محتدمين ، حول الغزالة المدماة ، لم أستطع مقاومة عاطفتي .

عشتار : ما أخشاه ، يا أشتريه ، أن تواجهي هذه العاطفة ، في حالة إنسان .

أشتريه : لا يا أمي ، لا أريد أن أواجهها "مترددة " ولن أواجهها .

عشتار : أنت تحبين الأرض ، ولا بأس عليك ، إذ أعدت الحياة إلى الغزالة ، ولكن إذا تجرأت ، وأعدت الحياة إلى إنسان .

أشتريه : أعرف يا أمي ، أعرف ، أعرف .

عشتار : فلن تري الأرض بعدها ثانية .

أشتريه : " تطرق رأسها ثانية " ...

عشتار : لقد حان الوقت ، فلنعد إلى السماء " تتجه إلى الخارج " هيا .

أشتريه : " تتبعها صامتة " ....


                   عشتار تخرج ، أشتريه 

                       تخرج في إثرها 


أشتريه : " تظهر في إحدى الزوايا " هذه هي قلعة العرش في اريدو ، التي أنزلت الملكية فيها من السماء لأول مرة ، قبل الطوفان " تتقدم إلى الوسط " وهو هو الملك ووزيره العجوز " تعود إلى الزاوية " فلأقف جانباً ، وأنصت إلى حديثهما " تقف مبتسمة " أين أمي عشتار، لتقولي لي، آه منك يا اشتريه ، لا أدري ما الذي يجذبك إلى عالم البشر .


                     أشتريه تقف صامتة ، 

                    الملك والوزير يتحركان 


الملك : على هذا الأساس ، فإن الزيارة تبعث على التفاؤل .

الوزير : وتبشر بالخير ، يا مولاي .

الملك : وهذا ما نريده لنا ولهم ولكل الممالك الأخرى .

الملك : أنا معك ، وأرجو أن يكونوا مرتاحين ، حيث يقيمون .

الوزير : لقد أنزلنا الأمير ، كما أمرت يا مولاي ، في أفضل قصر من قصور الضيافة ، وكذلك الوفد المرافق له ، و أوقفنا على خدمتهم ، عدداً كبيراً من الخدم والخادمات .

الملك : أحسنتم ، فهذا يتفق مع مكانتهم الكبيرة ، فضلاً عن نوايانا الطيبة تجاههم .

الوزير : بعون الآلهة ، وحكمتك يا مولاي ، نرسي الأساس لعهد جديد ، يسوده التعاون والسلام ، بين أريدو ولاراك.

الملك : لتعنا الآلهة العظام على بناء وإدامة هذا العهد .

الوزير : فيما يتعلق بجدول المحادثات ، الذي .. " يصمت ناظراً إلى الخارج " مولاي .

الملك : إياك أن تقول لي ، إنها .. أكمي .

الوزير : عفواً مولاي ، لا أستطيع أن أقول إلا ما تراه عيناي ، الأميرة .

الملك : آه من أكيمي هذه ، لا أدري لماذا لم تخلقها الآلهة أميراً .

الوزير : لا أظن يا مولاي ، أنك ستحبها أكثر لو كانت أميراً .

الملك : آه منها .

الوزير : الآلهة عليمة بالبواطن ، يا مولاي ، وقد أعطتك ما أردته .

الملك : إن بعض أحاديثك هذه ، ترشحك لتكون كاهناً في معبد الإله أنكي ، وليس وزيراً في ملكة أريدو .

الوزير : " يبتسم " كدت يا مولاي أن أدخل المعبد، لو لم ألتق .. بزوجتي .

الملك : علي أن أقدم الشكر لزوجتك إذنم ، فلولاها لما كنت إلى جانبي الآن .

أكيمي : " من الخارج " بابا .

الملك : آه من بابا هذه ، ما أشد ضعفي أمامها .

      تدخل أكيمي راكضة ،

      وتتوقف أمام الوزير 

أكيمي : " للوزير " عمت صباحاً .

الوزير : عمت صباحاً يا أميرتي ، إن كتشن تنتظرك .

أكيمي : طبعاً ، فهي تأخذ أوامرها مني .

الملك : " يبتسم " ....

الوزير : هذا أمر مفروغ منه ، يا أميرتي .

أكيمي : " تحضنه " ليس قبل إذنك وموافقتك .

الوزير : إنني دائماً موافق .

أكيمي : " ترمق الملك " هكذا الأب وإلا ..

الملك : مري .

أكيمي : " تترك الوزير وتحضن الملك " لا ، أنت الملك ، ولك أن تأمرني بالتجول في الغابة .

الملك : أعتقد أنني أمرتك البارحة بذلك ، وأطعتني في الحال .

أكيمي : وسأطيعك اليوم أيضاً ، وفي الحال ، مرني ، هيا ، مرني ، مرني .

الملك : آه منك .

أكيمي : أنت تعرف ، يا جلالة ملك أريدو ، إن الربيع قصير ، قصير جداً ..

الملك : لكن الربيع ، على ما أعرف يا بنيتي ، ما زال في أوله .

أكيمي : وربيع العمر أقصر .

الوزير : في هذا ، إنها محقة يا مولاي .

الملك : حسن ، اذهبي ، وتجولي ..

أكيمي : على الخيل .

الملك : ماذا !

أكيمي : عرفت يا جلالة الملك بأنك ستوافق ، فأمرت السائس بإعداد حصانين .

الوزير : " ناظر إلى الخارج " مولاي .

الملك : لحظة ، أريد أن أنتهي أولاً ..

الوزير : عفواً ، عفواً مولاي ، الأمير خاشمر قادم .

أكيمي : الحصانان لي ولكشتن .

الملك : " يرمق الوزير بنظرة سريعة " كشتن.

الوزير : " يطرق برأسه محرجاً " .....

الملك : حسن ، ليرافقك خاشمر هذه المرة.

أكيمي : لا يا أبي ، لا داعي للعجلة ، فخاشمر سيرافقني العمر كله .

الوزير : مولاي ..

الملك : " ينظر إليه صامتاً " ...

الوزير : حان الوقت ، لابد أن أذهب ، واصطحب الأمير انسبازي للقائكم .

الملك : تفضل .

الوزير : " يخرج" ....

الملك : بنيتي ، جاء ابن عمك ، خطيبك " بصوت هامس " رحبي به .

      الملك الولم يتشاغل ،

      يدخل خاشمر مقطباً


خاشمر : مولاي .

أكيمي : صباح النور .

خاشمر : " يحدق فيها " .....

الملك : دعك منها ، إنها تمازحك .

خاشمر : " يغالب انفعاله " صباح الخير .

الملك : ليت أخي العزيز الراحل ، لم يورثك مزاجه العصبي .

خاشمر : لست عصبياً ، فهناك أمور لا يمكن احتمالها ، ولا يجب السكوت عليها .

أكيمي : أنت محق في هذا ، يا خاشمر .

خاشمر : البارحة خرجت ، وتجولت بصحبة ابنة الوزير وحدهما ، في الغابة .

الملك : لم تكونا وحدهما يا ابن أخي ، فقد كانت الغابة محاطة بالحرس من جميع الجهات .

خاشمر : واليوم تريد الخروج أيضاً ، وتتجول هذه المرة ، على الخيول .

أكيمي : وما الخطأ في ذلك ؟ إني أفضل فارسة في أريدو .

خاشمر : طبعاً ، لأنه لا توجد فتاة غيرك في أريدو ، تمتطي حصاناً .

أكيمي : ومن قال لك ، إني فتاة ؟

الملك : " يغالب ابتسامته " .....

خاشمر : عمي .

الملك : " يتظاهر بالغضب " أكيمي .

أكيمي : نعم ، إنني لست فتاة عادية ، فأنا ابنة أعظم فارس ، في أريدو .

الملك : كنت يا بنيتي ، كنت .

أكيمي : وما زلت ، يا أبتي .

الملك : بنيتي .

أكيمي : أنت أفضل ممن يظنون أنهم فرسان.

خاشمر : هذا أمر لا يطاق " يتجه إلى الخارج " سأذهب وآمر السائس أن يفك الحصانين .

أكيمي : حذار فأبي هو الملك .


      خاشمر يخرج منفعلاً ،

            أكيمي تحضن أباها


الملك : بنيتي ، أنت تنسين أحياناً ، أن خاشمر هو ...

أكيمي : ابن عمي .

الملك : وخطيبك .

أكيمي : وخطيبي .

الملك : هذا حسن ، وعليه يجب أن تحسني ...

أكيمي : فلأذهب الآن ، لديك ضيف مهم .

الملك : أكيمي ، أرجئي جولتك اليوم .

أكيمي : بابا ، أنت مليكي ، ولا أريد أن يكون علي ملك غيرك .

الملك : تجولي غداً ، وعلى الخيل .

الوزير : " يدخل " مولاي .

الملك : " ينظر إليه صامتاً " ....

الوزير : أمير لاراك ، انسبازي .

الملك : حسن " ينظر إلى أكيمي " بنيتي .

أكيمي : إنني أميرة اريدو ، يا أبي .

الملك : اذهبي ، وتجولي على الحصان .

أكيمي : سأبقى .

الملك : تبقين !

أكيمي : لا أريد أن أخالف رغبة خطيبي ، خاشمر .

الوزير : مولاي . 

الملك : " لأكيمي " آه منك " للوزير " ليتفضل أمير لاراك .

الوزير : أمر مولاي " يتجه إلى الخارج " ..

الملك : " يحدق فيها " ....

أكيمي : " تميل عليه " قيل أن أمير لاراك هذا بشع ، مثل جميع أهالي مدينته .

الملك : " مستنكراً " أكيمي .

أكيمي : لم أقل هذا أنا ، بل كاهن معبد الإله انكي .

الملك : دعك من كاهن معبد الإله أنكي ، لقد شاخ ، وخرف " ينظر إلى الخارج " ألزمي الصمت ، ها هو أمير لاراك قادم .


          يدخل أمير لاراك

      أنسبازي ، يتقدمه الوزير


الوزير : " للأمير " تفضل سيدي ، تفضل .

أكيمي : " مذهولة " يا للإله أنكي ، أهو إذن أمير ..

أنسبازي : " ينحني قليلاً للملك " عمت صباحاً ، أيها الملك العظيم .

الملك : عمت صباحاً ، وأهلاً ومرحباً بك ، في أريدو ، يا أمير لاراك .

أنسبازي :اسمحوا لي ، جلالة الملك ، أن أنقل اليكم تحيات أبي ، ملك لاراك ، وتمنياته الطيبة ، لكم ولأهالي أريدو.

الملك : أشكركم ، وأتمنى لكم ، ولأهالي لاراك ، كل الخير والتقدم .

أنسبازي : جلالة الملك ..

أكيمي : " تتقدم قليلاً " ...

أنسبازي : " يصمت إذ يراها " ....

الملك : " يشير إلى أكيمي " هذه ابنتي الأميرة ، أكيمي .

أنسبازي : " ينحني قليلاً " أميرتي .

أكيمي : هذه مفاجأة .

أنسبازي : بالفعل يا أميرتي .

الملك : " ينظر إليهما متعجباً " ....

أكيمي : لقد التقينا ، يا أبتي .

الملك : التقيتما !

أكيمي : يوم أمس ، في الغابة .

أنسبازي : وأي لقاء .

الوزير : نعم ، ابنتي كشتن حدثتني عن ذلك.

أكيمي : أعتقد أني مدينة لك بالاعتذار .

أنسبازي : عفواً ، كانت حادثة غريبة .

أكيمي : ما زلت حتى الآن ، لا أفهم بالضبط ما جرى .

أنسبازي : يا لها من أعجوبة ، إنني لم أر ما يماثلها من قبل .

أكيمي : لقد ظنت أول الأمر ، أنك أنت من أصابها ، بذلك السهم القاتل .

الملك : " يتابعهما مذهولاً " ....

أنسبازي : في الحقيقة ، فوجئت بها ، تندفع من بين الأشجار ، وتتجه نحوي ، كأنها تلوذ بي ، وما أن اقتربت مني ، حتى تهاوت على الأرض ، مضرجة بالدماء .

أكيمي : حمداً للآلهة ، لقد انجلى الموقف ، والغزالة وخشفها الآن بخير .

الملك : بنيتي .

أكيمي : عفواً يا أبي .

الملك : يفترض أن نتحدث مع ضيفنا الأمير أنسبازي ، حول ....

أكيمي : " تقاطعه متحمسة " أبتي .. أبتي .

الملك : " يصمت ناظراً إليها " ....

أكيمي : لو تعرف أي حصان رائع عنده .

الملك : حصان ! " يهز رأسه " .

أنسبازي : حصاني ، آه ، إنه حصان عربي أصيل .

أكيمي : إني أحب الخيول ، وعندي أكثر من حصان أصيل ، لكن حصانك ...

أنسبازي : هذا الحصان ، منذ الآن ، ليس حصاني ، بل حصانك .

أكيمي : " تنظر إليه صامتة " ....

أنسبازي : إنه هدية لك مني ، يا أميرتي .

أكيمي : أشكرك .

أنسبازي : أتمنى أن أراك تتجولين فوقه ، عبر الغابة ، في يوم قريب ، ويشرفني أن أكون رفيقك في هذه الجولة .

أكيمي : على الرحب والسعة " تنظر إلى الملك " بعد إذن أبي .

الملك : ومعكما خاشمر طبعاً .

أكيمي : " تنظر صامتة إلى أنسبازي " ...

أنسبازي : شكراً جلالة الملك .

أكيمي : أيها الأمير .

أنسبازي : أميرتي .

أكيمي : أريد أن أرى هديتك لي ...

الوزير : " ينظر إلى الملك " ...

أكيمي : الآن .

الملك : " يبدو حائراًَ " .....

أنسبازي : " يبتسم " الآن .

أكيمي : تعال إذن .

الملك : أكيمي .

أكيمي : عن إذنك يا أبي " تأخذ بيد أنسبازي وتجري به " تعال ، تعال " يخرجان " .

الوزير : مولاي .

الملك : أعتقد يا وزيري ، والعلم عند الآلهة ، أن هذا يسهل المحادثات بين أريدو ولاراك .

الوزير : أنت محق يا مولاي .

الملك : " يأخذ بيده ويسير به مسرعاً " تعال إذن نلحق بهما " يخرجان " .

أشتريه : " تتقدم قليلاً " أكيمي وأنسبازي ذهبا سريعاً ، وهما الآن ، يتأملان معاً ، الحصان العربي الأصيل ، ويخططان لجولة قريبة في الغابة " تصمت " عشتار ، أهذه مشيئتهما فقط ! لا تقولي نعم ، إني أرى آثار مشيئتك أيضاً " تصمت " لا تنزلي " تتجه إلى الخارج " سأصعد اليك ، ونقلب هذا الآمر بيننا .


      أشتريه تخرج ، الإضاءة 

          تخفت شيئاً فشيئاً


                   إظلام





المشهد الرابع




                الغابة ، منظر المشهد 

      الثاني ، تظهر أشتريه


أشتريه : عشتار ، حيثما كنت ، أصغي إلي ، إنني ابنتك أشتريه " تصمت " قبل أيام ، أردت منك أن تشائي ، أما الآن ، فأني حائرة ، خائفة ، لا أعرف ما أريد " تصمت " كانت أكيمي وقتها ، ثائرة غاضبة ، بسبب ما أصاب الغزالة ، لكن في أعماق غضبها ، وعبر ضباب ثورتها ، بدأت بذرة غامضة تتنفس ، وهل الربيع إلا بذور تتنفس ؟ آه أيها الربيع ، إن غيومك ورعودك وبروقك ، تبعث في النفس ، الحيرة والخوف " تنظر إلى الخارج " ها هي أولى غيوم الربيع تتجمع ، وستتلوها بلا شك بروق ورعود كثيرة ، وخطيرة " تتجه إلى إحدى الزوايا " فلأقف جانباً ، وأتابع ما يجري .


        أشتريه تقف جانباً 

          يدخل آمي وأيلو


آمي : لنتوقف هنا ، يا أيلو .

أيلو : حسن يا آمي " يتوقف " لديك ما تريد قوله ، قله وأرحني .

آمي : هذا حق ، أصغ ِ يا صديقي .

أيلو : كلي آذان صاغية .

آمي : الأيام القادمة حبلي ، ومهامنا على ما يبدو ، ستزداد .

أيلو : لتزداد مادام سيزداد معها الذهب .

آمي : هذا رأي أيضاً ، حقاً نحن رفيقا درب ، وأي درب .

أيلو : يا للآلهة " يتلفت قلقاً " أظن أن هذا المكان ، هو الذي أصبنا فيه الغزالة ، التي عادت إلى الحياة ، وكأنها لم تصب بسهم قاتل .

آمي : أنت محق ، إنه المكان نفسه .

آيلو : هيا ، الأفضل أن نبتعد ، إنه مكان مسكون بالأرواح الشريرة .

آمي : تمهل يا أيلو .

أيلو : لن أتمهل " يهم بالابتعاد " فلا شيء يخيفني في العالم عدا الأرواح الشريرة .

آمي : أيها الأحمق " يمسك به " أن موعدنا مع الأمير خاشمر هنا ، في هذا المكان .

أيلو : يا للأمير خاشمر ، آمي .

آمي : نعم .

أيلو : لم أفهم ، ما الذي يدعو الأمير إلى الإلحاح على قتل الغزالة وخشفها .

آمي : لو كنت أمير لفهمت .

أيلو : هل فهمت أنت ؟

آمي : أنا لست أميراً .

أيلو : مهما يكن ، فأنا أعتقد ...

آمي : دعك مما تعتقد ، فمهمتك ومهمتي أن ننفذ ، وننفذ فقط .

أيلو : " يهم بالكلام " .....

آمي : صه " ينظر إلى الخارج " أظنه الأمير خاشمر .

أيلو : " ينظر بدوره إلى الخارج " نعم ، أنت محق ، إنه هو .


        أيلو وآمي يلزمان

    الصمت ، يدخل خاشمر


خاشمر : " يشير لهما " تعالا .

آمي وأيلو :  " يسرعان نحوه " مولاي .

خاشمر : أصغيا ، نحن نتجول في الغابة .

أيلو : نحن .. ؟

خاشمر : أيها الأحمق ، أعني أنا و الأميرة و أمير لاراك .

أيلو : آه ، فهمت .

آمي : ونحن ، أنا وأيلو ، نتبعكم .

خاشمر : عيونكما فقط .

أيلو : " ينظر إلى آمي " .....؟

خاشمر : لا أريد أن نغيب عنكما ، شريطة ألا يراكما الأمير أو الأميرة .

أيلو : " ينظر ثانية إلى آمي " ؟ .. ؟

آمي : سمعاً وطاعة يا مولاي .

خاشمر : آمي .

آمي : مولاي .

خاشمر : أريدكما الليلة في أمر هام .

آمي : أمر مولاي .

أيلو : " ينظر إلى آمي " ...؟

آمي : " هامساً " الأمير و الأميرة .

أيلو : آه .

خاشمر : اذهبا .

آمي : : " يجر أيلو " هيا .

خاشمر : بسرعة .

آمي وأيلو : " يسرعان بالخروج " ....

خاشمر : لابد من حسم الموقف ، وبأسرع وقت ممكن ، وإلا فات الأوان ، فلأختف بعض الوقت " يتجه إلى الخارج " ثم التحق بالأميرة و أمير لاراك " يخرج " .

أشتريه : انقشعت الغيوم ، وتبدت السماء صافية " ترفع رأسها " عشتار .


      أشتريه تقف صامتة ،

      تدخل أكيمي وأنسبازي


أنسبازي : " يتوقف " لنتوقف هنا قليلاً .

أكيمي : " تتوقف " آه " تتلفت حولها " هذا المكان .

أنسبازي : من جهتي ، لن أنساه أبداً .

أكيمي : هنا التقينا أول مرة.

أنسبازي : ويا له من لقاء .

أكيمي : لقد ظننت في البداية ، أنك جرحت تلك الغزالة جرحاً قاتلاً .

أنسبازي : ثم ظننت أنني أعدتها إلى الحياة .

أكيمي : إنني حائرة ، لا أدري ما الذي علي أن أظنه .

أنسبازي :  صدقيني ، لو كنت أعرف ، أن جرحها يوصلني إليك ، لجرحتها بحق .

أكيمي : مهما يكن فها أنت وصلت إلي .

أنسبازي : نعم ، لكن للأسف ، وصلت متأخراً.

أكيمي : " تطرق رأسها صامتة " ....

أشتريه : لقد جاء خاشمر .

أنسبازي : " ينظر إلى الخارج " أميرتي ، ها هو خطيبك قادم .

أكيمي : " تنظر إلى الخارج نظرة قاتمة " ....

أشتريه : لم تعد السماء زرقاء .



      أنسبازي وأكيمي يقفان

    صامتين ، يدخل خاشمر

خاشمر : كفانا تسكعاً ، لنعد إلى أريدو .

أكيمي : خاشمر .

أنسبازي : " يكتم إنزعاجه " .....

أكيمي : الوقت ما زال مبكراً ، وسنبقى حتى منتصف النهار .

خاشمر : بل علينا أن نغادر الغابة الآن ، ففي الجوار ذئب مسعور .

أكيمي : نعم ، أنت محق ، هناك بالفعل ذئب مسعور ، حتى أنه هاجم الغزالة ، قبل أيام ، وأصابها بسهم قاتل .

خاشمر : " يقترب منها منفعلاً " أنت تعرفين جيداً ، من أصاب الغزالة ، بذلك السهم .

أكيمي : هذا ما ظننته ، لكن أتضح لي ، أني كنت مخطئة .

أنسبازي : أيتها الأميرة ..

خاشمر : " يبتعد عنها قليلاً " مهما يكن ، هذا ليس وقته " يحدق في أنسبازي " لدينا ضيف ، جاء في مهمة ، وسيعود قريباً من حيث أتى .

أنسبازي : أنت محق يا سيدي ، جئت في مهمة نبيلة ، وسأنجزها بنجاح ، بعون الآلهة والطيبين في أريدو ، ثم أعود إلى أراك .

خاشمر : " يصمت مغالباً انفعاله " ....

أنسبازي : " للأميرة " أيتها الأميرة ، من الأفضل الآن ، أن نعود إلى أريدو .

أكيمي : " ترمق خاشمر غاضبة " ....

خاشمر : تفضلي .

أكيمي : " تتجه إلى الخارج غاضبة " ....

خاشمر : " يسير محاولاً اللحاق بها " ....

أنسبازي : " يهز رأسه ، ثم يسير في أثرهما " ...

أشتريه : الغيوم بدأت تبرق ، ويا ويل الغابة من هكذا بروق .


الأميرة والأميران يخرجون ،

      يدخل أيلو و آمي


آمي : أرجو أن تكون عيناك ، قد رأتا ما رأته عيناي .

أيلو : أنت تعرف ، أن لي عينين كعيني البوم ، تريان حتى في الظلام .

آمي : لكن البوم يا أيلو لا يرى إلا في عتمة الليل .

أيلو : بوم يرى ليلاً ونهاراً .

آمي : لابد أنك إذن رأيت ، أننا قد نكلف في القريب العاجل ، بمهمة جديدة .

أيلو : ليكن ، فنحن موجودان لمثل هذا الأمر .

آمي : أيلو ، المهمة لن تكون ، هذه المرة ، إراقة دم غزالة .

أيلو : لا بأس يا آمي ، فهذا يعني من جملة ما يعنيه ، الكثير منن الذهب .

آمي : ويعني أيضاً ، الكثير من المخاطر .

أيلو : يا أهلاً بالمخاطر ، وذهب المخاطر.

آمي : تعال " يتجه إلى الخارج " وإلا فقأ الأمير أعينا ، التي قد يغيب عنها ما يجب أن تراه .

أيلو : لن يغيبوا عن عيني " يسرع في أثره " ما دام بريق الذهب يصدر عنهم .

        آمي وأيلو يخرجان ،

        تتقدم أشتريه قليلاً


أشتريه : " تتلفت حولها " فلأمض من هنا ، قبل أن تظهر أمي عشتار ، وتحدثني بالتفصيل عما يجري واضحاً أمام عيني " تختفي " .

عشتار : " تظهر في الزاوية الأخرى " آه من أشتريه هذه ، لعلها تظن أنها يمكن أن تغيب عني لحظة واحدة " تصمت " تموز ، لولاك لما تعذبت بتتبع هذه البنية الغريبة .

أشتريه : " تظهر " ماما .

عشتار : أوه أشتريه .

أشتريه : لا تنسي ، إني أبنتك .

عشتار : كفى يا بنيتي ، هيا نغادر هذه الغابة ، ونصعد إلى السماء .

أشتريه : ماما " تقترب منها " أصدقيني .

عشتاؤر : أشتريه .

أشتريه : أبي ، الراعي ، تموزك ، هل كان جميلاً ؟

عشتار : " في صوت حالم " كان تموز .

أشتريه : آه .

عشتار : ولو لم يكن الربيع .. الدفء .. ودفق الحياة .. لما رضيت أن توجدي .

أشتريه : مهما يكن ، فلكل تموزه ، ولا أدري ، أهذا من حسن الحظ ، أم من سوئه .

عشتار : إنه من حسن حظ الحياة " تتجه إلى الخارج " هيا يا بنيتي .


عشتار وأشتريه تخرجان،

تخفت الأضواء تدريجياً


  إظلام

 















المشهد الخامس



                ظلام ، موسيقى ، بقعة 

        ضوء على أشتريه


أشتريه : آه " تدور في حركات إيقاعية " ليل .. وربيع .. وقمر " تتوقف " ما أروع الإنسان ، صحيح أن الآلهة لم تهبه الخلود ، لكنها وهبته ما هو أهم منه " تصمت حائرة " إنني أحسه ، يسري دافئاً عذباً ، في عروقي ، لكني لا أعرف ما هو بالضبط " تصمت " ثم تغني ، مع حركات إيقاعية مناسبة " .


ما أروع الإنسان ما أروع الإنسان

* * * *

في صمته غنوة تنساب إذ يهوي

 وتنثر الألحان والورد والريحان

  ما أروع الإنسان

* * * *

الحب معناه   والقلب عيناه

     والأرض سكناه تحلو بها الأوطان

ما أروع الإنسان

                * * * *

هذي أمانيه           بالحب ترويه

فاسمع أغانيه تشدو بها الأغصان

ما أروع الإنسان

* * * *


                تظهر عشتار ، قبل

        نهاية الأغنية بقليل


أشتريه : " تتوقف " أمي !

عشتار : " تقترب منها " بنيتي .

أشتريه : أرجوك ، لم أعد صغيرة .

عشتار : ما تفعلينه ، في الفترة الأخيرة ، يقول أنك لم تكبري .

أشتريه : ماما ، أنت تنسين أنني إلهة مثلك ، ومثل أي إله آخر .

عشتار : هذا ما أريد أن لا تنسيه أنت ، يا بنيتي .

أشتريه : " في تردد " إنني لم أنسه يوماً ، ولن أنساه .

عشتار : بنيتي ، إن السماء للآلهة ، أما الأرض فللإنسان .

أشتريه : كما أن السماء للآلهة يا أمي ، كذلك الأرض .

عشتار : الكون كله للآلهة ، وليس الأرض والسماء فقط ، أما أنت فعالمك يكاد يقتصر على الأرض ، وكأنك واحد من البشر .

أشتريه : لا أرى ، ما الخطأ ، في أن ينزل إله ، إلى الأرض .

عشتار : الآلهة ، يا بنيتي ، تنزل أحياناً من السماء إلى الأرض .

أشتريه : وأنا أيضاً ..

عشتار :و أنت تصعدين أحياناً ، من الأرض إلى السماء ، وهذا لا يتفق أبداً مع كونك إلهة .

أشتريه : " محتجة " ماما .

عشتار : " بحزم " هذا يكفي ..

أشتريه : تلوذ بالصمت " ....

عشتار : لابد من وضع حد لهذا الأمر ، قبل فوات الأوان .

أشتريه : " تطرق رأسها صامتة " ....

عشتار : سأطلب من الإله أنكي ، إله الحكمة والبحار ، أن يغرق هذه الأرض ، بطوفان لا يبقي ولا يذر .

أشتريه : حذار يا أمي ، ستفني الحياة ، ويصير الكون كله ، صحراء واسعة ، تصفر فيها الرياح .

عشتار : كلا ، بل سيكون للآلهة الخالدين ، وليس لآلهة أطفال ، تدمع عيونهم ، وتخفق قلوبهم ، لأحداث عابرة ، في حياة بشر عابرين .

أشتريه : ماما ، اصعدي أنت إلى السماء ، واتركيني هنا على الأرض .

عشتار : حسن " تتجه إلى الخارج " سأصعد أنا إلى السماء ، وأذهب مباشرة إلى الإله أنكي .

أشتريه : اذهبي يا أمي ، فالإله انكي إله الحكمة ، ولن يغرق ببحاره الإنسان ، بسبب عواطف هو الذي وضعها فيه.

عشتار : " تخرج عابسة " ....

أشتريه : لنذهب ، فالإله انكي لن يصغي إليها ، بل ربما .. " تصمت حائرة " يا لحمقي ، ماما ، أنت عشتار ، تذكري تموز ، لا تقولي لي ، إن قلبك لم يخفق ، لقد خفق ، نعم خفق مرة ، وصرت أنا .. أشتريه " تهتف " ماما أرجوك " تصغي " .


                    موسيقى الأغنية ، تضاء

                        أكيتي في الشرفة


أكيمي : ما أعذب هواء هذا الليل ، آه إنه الربيع " تصمت " لو رأتني أمي ، أقف الساعة في هذه الشرفة ، لهتفت بي ، وقد بدا عليها القلق ، بنيتي ، ادخلي غرفتك ، لا تقفي هنا ، الجو بارد ، ستمرضين " تصمت مبتسمة " لابد أن أمي ، عندما كانت في عمري ، كانت تقف في مثل هذه الشرفة ، عند منتصف الليل ، آه إنه الربيع .

الوصيفة : " عند مدخل الشرفة " مولاتي .

أكيمي : " مازحة " أمي !

الوصيفة : نعم ، أمك " تبتسم " أمك الثانية .

أكيمي : " تهمهم مازحة " هم م م م .

الوصيفة : إنني أخاف عليك ، بقدر ما تخاف عليك أمك " تقترب منها " وقد رعيتك منذ أن ولدت .

أكيمي : " تلتفت إليها مبتسمة " ....

الوصيفة : مولاتي ..

أكيمي : " تهمهم حالمة " هم م م م م .

الوصيفة : فراشك معد ، يا مولاتي .

أكيمي : حسن ، اذهبي أنت .

الوصيفة : سأبقى في جناحك ، يا مولاتي ، حتى تدخلي ، وتنامي .

أكيمي : أشكرك .

الوصيفة : " تخرج " ....

أكيمي : " تنظر صامتة إلى القمر " ....

الغزالة : " صوت مأمأة " ماع .. ماع .. ماع .

أكيمي : الغزالة ، كلا ، هذا وهم ، من يدري ، لعل الصوت من داخلي ، فهي ترقد الآن على الأغلب ، مع صغيرها الخشف ، تحت شجرة ما في الغابة " تصمت وتنظر حالمة " أنسبازي ، أنسبازي " تصمت " لا أدري لماذا أتذكر أمير لاراك هذا ، كلما تذكرت الغزالة " تصمت " يا للإله أنكي ، أهو وهم ما رأيته في الغابة ، أم حقيقة واقعة ؟ كانت الغزالة تنزف على الأرض ، ونهض والسهم المدمى في يده ، وبعد قليل ، هبت الغزالة تعدو معافاة ، وأسرعت إلى خشفها " تتكدر ملامحها " خاشمر ، لا أظن ، إن ابن عمي هذا يمكن أن يكون مستغرقاً في النوم الآن ، أو هذا ما أتمناه على الأقل .


                        يُطفأ الضوء عن 

                    أكيمي ، يُضاء خاشمر 


خاشمر : يا للآلهة " يتقلب في فراشه " يبدو أنني لن أنام الليلة أيضاً " يعتدل " إنني لم أنم ، منذ أن حلّ أمير لاراك اللعين بيننا " يصمت " لا بأس ، سيغادلر أريدو عاجلاً ، ويعود إلى لاراك ، وهذا لمصلحته ، فقد نفد صبري " يصمت " لقد تمادى كثيراً مع الأميرة أكيمي ، وحرك فيها طيشها وخفتها و .. " يصمت " يا لرعونة أكيمي ، لقد نسيت أنها ابنة عمي ، بل وخطيبتي ، وأنها ستكون زوجتي ، شاءت أم أبت " بانفعال " ولماذا تأبى ؟ إنني ابن عمها ، وأبوها الملك مريض ، وليس له وريث للعرش غيرها " يصمت " مريض يتربص به أمراء .. وقادة جيش .. وكهنة .. وكذلك أعداء أشداء من خارج أريدو " ينهض " أيها الاله أنكي ، لا بد من إنقاذ مدينتك المقدسة أريدو ، وسأقدم على أي شيء لإنقاذها " يصمت " ذات مرة ، أطلقت سهما ، وأصبت به أكثر من عصفور ، والآن ، من أجل اريدو ، سأطلق السهم ثانية " يرتمي على السرير " سأجن ، سأجن إذا لم أنم " يصيح " أيتها الآلهة ، أريد أن أنام " يعتدل " في رأسي تدور أكثر من معركة ، ويبدو أنني لن أنام ، وهذه المعارك مستمرة " بحقد من بين أسنانه " انسبازي .


                    يطفأ الضوء عن 

                 خاشمر ، يضاء انسبازي


انسبازي : " بصوت مفعم بالعاطفة " أكيمي "يصمت " ليتها تقف الآن ، مستيقظة مثلي ، في الشرفة ، تنظر إلى هذا القمر ، وتحلم ، وتفكر ، لعل .. "يصمت" يا للحلم إن لضوء القمر الليلة ، أثراً سحرياً علي "يصمت " استيقظ يا انسبازي ، استيقظ ، أنت  أمير من لاراك ، وهي أميرة من اريدو ، وبينك وبينها خندق عميق ، مليء بجثث سنين من الخلافات والمعارك ، ثم أن الأمير خاشمر ، ابن عمها ، وخطيبها ، وسيحارب بكل ما يملك من قوة ، في سبيلها " يصمت " عشتار ، إن أكيمي ، تستحق أن يحارب المرء الدنيا ، بل الكون كله ، في سبيل الفوز بها " يصمت مبعدا نظره عن القمر " يا للأسف إن مهمتي تكاد تنتهي في أريدو ، وعلي أن أعود ، في القريب العاجل ، إلى لاراك ، آخ اريدو " يصمت " لقد نجحت وفادتي، وسيستتب السلام أخيراً بين لاراك وأريدو ، سيفرح أبي ، وكذلك أهالي لاراك ، بما أنجزته ، وسأعود قريباً إلى حياتي اليومية العادية ، بين القصر .. والغابة .. والنهر .. و .. " يهز رأسه " لا ، يبدو أنني لن أعود إلى حياتي القديمة ، حتى لو أردت ذلك ، نعم لن أعود .. " يرفع نظره إلى السماء " عشتار .


                       يطفأ الضوء عن 

                    انسبازي يضاء الملك


الملك : أخيراً سيعم السلام بين أريدو ولاراك ، وستصبح الحرب ، التي استمرت بينهما طويلاً ، شيئاً من الماضي .

الملكة : تعال نم إذن " تتثاءب " تعال نم .

الملك : هذا ما حلمت به طوال حياتي ، وصار الآن حقيقة واقعة .

الملكة : مادام حلمك قد تحقق ، فتعال نم ، ودعني أنم .

الملك : كلا ، لا أستطيع أن أنام ، نامي أنت .

الملكة : لن أستطيع النوم ، وأنت تدور في الغرفة أرقاً .

الملك : نعم ، غنني ارق ، وسأظل أرقاً ، وليس ذلك بدون سبب .

الملكة : أنت تحيرني ، كل شيء على ما يرام ، تعال نم ، وسترى الشمس ستشرق غداً على أريدو ، كما تشرق كل يوم .

الملك : لا أهمية عندي للغد ، وشمس الغد، إذا كانت اكيمي قلقة .

الملكة : ليس هناك ما يقلق اكيمي ، التي أفسدها دلالك ، إنها أميرة ، وستتزوج أميراً ، وتصبح وإياه ملكين ، على أعظم مملكة في العالم، أريدو .

الملك : أنت للأسف ، بعيدة كل البعد من ابنتنا اكيمي .

الملكة : هذا غير صحيح يا عزيزي ، إنها ابنتي مثلما هي ابنتك . ويبدو أن خوفك المفرط عليها ، يوحي لك بمخاوف وأوهام ، لا أساس لها في الواقع .

الملك : الأساس واضح ، واكيمي لا تخفيه، ولكنك أنت ، ولسبب ما ، لم تريه .

الملكة : أنت تخيفيني ، أخبرني بحق الآلهة، ما الذي رأيته ، ولم أره ؟ 

الملك : دعك من هذا الآن " يتجه إلى السرير " لنتمدد لعلنا ننام .

الملكة : يا للآلهة عشتار .


                   تطفأ الإضاءة ، تضاء 

                     اشتريه عند الشرفة 


اشتريه : ما لم تره الملكة ، ورآه الملك ، رأيته أنا أيضاً ، ورأيت معه ، ويا للهول ، بروقاً .. ورعوداً .. ودم "تهتف ملتاعة " عشتار .


                     اشتريه تختفي ، صوت 

                        بوم من بعيد 


                          إظلام 









المشهد السادس




                     عتمة شفافة ، اشتريه 

                     تتأمل القمر والنجوم 


اشتريه : القمر ، وكذلك النجوم ، تبدو من هنا ، جميلة ، ساحرة ، جذابة ، نابضة بالحياة ، أما عن قرب ، فليس غير الأرض ، من يتمتع بمواصفات كهذه " تصمت " لولا أن الآلهة استأثرت بالخلود ، وقررت الموت على جميع المخلوقات ، لفضلت أن أكون إنساناً ، أعيش هنا ، على سطح الأرض ، فحياتنا ، نحن الآلهة ، رغم أبديتها ، موحشة، باردة ، أشبه بالموت " تبعد نظرها عن القمر والنجوم " يا للويل ، ماذا يجري ؟ هناك شبح ، متلفع بالظلام ، يتسلل إلى القصر ، يحمل قوساً ، وسهاماً غادرة ، آخ ، ها هو اللعين ، يتسلق شرفة القصر الملكي ، ويرفع قوسه ، و ...

صوت بوم : هو .. هو .. هو ووو .

الملكة : " تصيح من العتمة " النجدة .. النجدة .. النجدة .

أشتريه : يا لآلهة العالم السفلي ، أشم رائحة دم ، فلأسرع ، وأر ما يجري .


         تطفأ بقعة الضوء

                يضاء الملك والملكة 


الملك : " يترنح ورأسه بين ذراعيه " آه .

الملكة : " تصيح " النجدة .. النجدة .

الملك : " يمد يده إلى السهم " لا تصيحي .

الملكة : النجدة .. النجدة .

أشتريه : " تظهر في إحدى الزوايا " آوه ، هذا السهم برق غادر ، يريد أن يشعل النار في الغابة كلها .

الملكة : يا ويلي ، دم .

الملك : لا عليك ، أنظري " يحاول نزع السهم " سأنزع السهم بنفسي .

الملكة : لا ، دع السهم ، لا تنزعه " تصيح " النجدة " ، نادوا الطبيب .

الملك : لا تصيحي " يحاول مجدداً انتزاع السهم " ستسمع أكيمي ، وتفز خائفة ، في هذا الليل .

الملكة : لا عليك ، ليفز من يفز ، المهم أنت " تصيح " النجدة ، النجدة .


                  يدفع باب الغرفة ،

        ويدخل الضابط مسرعاً


الضابط : مولاي .

الملكة : يا للآلهة ، أين أنتم ؟

الضابط : مولاتي ، نحن هنا ، والقصر في مأمن ، لا تخافي .

الملكة : القصر في مأمن ، والملك أصيب في جناحه بسهم غادر ؟

الضابط : إنه عمل خياني ، يا مولاتي ، ولن يفلت الجاني .

الملك : " يمسك السهم متألمً " آ .. ه .

الملكة : نادوا الطبيب بسرعة .

الضابط : مولاتي ، أرسلت في طلب الطبيب ، وسيأتي حالاً .

الملكة : يا ويلي " تقترب من الملك " ماذا فعلت ؟

الملك : " متألماً " كما ترين ، نزعت السهم.

الملكة : قلت لك ، دع ِ السهم ، حتى يأتي الطبيب ، وينزعه بنفسه .

الملك : لا عليك ، نزعته " يجلس متعباً متألماً " الإصابة طفيفة .

الملكة : طفيفة ! أنت تنزف " للضابط " لقد تأخر هذا الطبيب .

الضابط : اطمئني ، يا مولاتي ، اطمئني ، الطبيب سيأتي في الحال .

الملك : " بصوت متوجع متعب " أيها الضابط ..

الضابط : " يقترب من الملك " مولاي .

الملكة : لا تتحدث الآن ، أنت جريح ، ليعالجك الطبيب أولاً .

الملك : " للملكة " لحظة واحدة .

الملكة : آه . الملك : " الضابط " أرجو أن تقبضوا على الجاني .

الضابط : القصر بأكمله مطوق بالحرس ، وهم يمشطون كل شبر فيه ، ولن يفلت الجاني ، مهما كان ، يا مولاي.

الملك : " بصوت متعب " اقبضوا عليه .

الملكة : الويل له .

الملك : هذه فتنة ، فتنة كبيرة .

أشتريه : بل نار ، وأي نار .

الملك : لابد من القبض عليه ، والتحقيق معه ، لمعرفة من يقف وراءه .

الضابط : أمر مولاي .

الملك : " يتأوه " آه .

الملكة : الطبيب " للضابط " أسرعوا بالطبيب " تنظر إلى الملك " إن الملك متعب .


                  يدخل الطبيب العجوز 

                  مسرعاً ، حاملاً حقيبته


الضابط : مولاتي ، الطبيب .

الملكة : " تسرع إليه " تعال ، هيا ، أسرع.

الطبيب : ها إنني ، يا مولاتي .

الملكة : " تقوده نحو الملك " الملك أصيب في ذراعه بسهم غادر ، وقد انتزعه بنفسه ، هيا ، تعال عالجه .

الطبيب : اطمئني ، يا مولاتي ، سأعالج مولاي على الفور " يقترب من الملك " مولاي . 

الملك : مهلاً ، لا تتعجل ، إنني بخير .

الطبيب : " يعاين جرح الملك " أنت بخير فعلاً ، يا مولاي .

الملكة : أيها الطبيب .

الطبيب : " وهو يعالج الملك " نعم مولاتي .

الملكة : أريد أن تفحص السهم ، الذي أصيب به الملك ، أخشى أن يكون مسموماً .

الملك : لا أظن أنه مسموم " يريه السهم " انظر ، ها هو السهم .

الطبيب : " يتفحص السهم " أنت محق ، يا مولاي ، إنه ليس مسموماً .

الملكة : حمداً للآلهة .

الملك : عالج الجرح بسرعة ، فلابد أن أتدارك تداعيات هذه العملية الغادرة .

الطبيب : حالاً يا مولاي " يسرع بتضميد الجرح " لم تنزف ، يا مولاي ، شيئاً يذكر من الدماء ، لكني مع ذلك أنصح بالراحة .

الملك : لن أرتاح ، قبل أن أعرف الجاني ، وأنزل به وبمن يقف وراءه ، ما يستحقونه من عقاب .

أكيمي : " من الخارج " ماذا! أبي ؟ يا ويلي.

الملك : " للملكة " أرأيت ؟ هذه أكيمي .


                     تندفع أكيمي مولولة ،

                     الملة تقف لاحتضانه 


أكيني : " بصوت دامع " أبي .. أبي .

الملكة : " تحضنها " بنيتي .

أكيمي : سمعتك تصرخين .

الملك : لا عليك ، أبوك بخير ، انظري .

أكيمي : " تحاول التملص من أمها " أبي .

الملك : اتركيها ، يا عزيزتي .

الملكة : تمالكي نفسك " تتركها " أبوك جريح .

أكيمي : " تغالب دموعها " أبي .. أبي .

الملك : تعالي ، يا بنيتي ، هيا أنت ترينني أمامك ، إنني بخير ، اسألي الطبيب .

أكيمي : " تحضن الملك مغالبة دموعها " ....

الطبيب : الجرح سطحي ، يا أميرتي ، وقد عالجته ، وانتهى الأمر .أكيمي : : " بصوت تخنقه الدموع " كيف جرى هذا الحادث ؟ كيف جرى ؟

الملكة : جرى كل شيء بسرعة ، كأمه كابوس .

الملك : مهما يكن ..

الملكة : أفقت على حركة خافتة في الشرفة ، وقد ظننت أنها قطة ..

الملك : نهضت لأتأكد من حقيقة الصوت ، فانطلق سهم من الظلام ، أصابني في ذراعي .

أكيمي : الغادر ، الجبان ، الخائن " للضابط " أرجو أن تكونوا قد قبضتم عليه .

الضابط : " محرجاً " سنقبض عليه ، يا مولاتي .

أكيمي : ماذا !

الملك : لا عليك ، يا بنيتي ، لن يفلت ، وسينال جزاءه العادل .


                          يُسمع صوت في 

                     الخارج ، ويدخل خاشمر


خاشمر : مولاي .

الملكة : " تسرع نحوه " خاشمر ، اطمئن يا بنيّ ، كل شيء على ما يرام . 

خاشمر : مولاتي ، لقد أصيب مولاي الملك ، وكان يمكن أن ...

الملك : اهدأ يا خاشمر ، إنني بخير .

خاشمر : " يتقدم من الملك " مولاي ، أنا وأتباعي طوع أمرك .

أكيمي : " تنظر إليه مرتابة " .....

الملك : أشكرك ، أشكرك يا خاشمر .

خاشمر : لابد من معاقبة الجاني ، وسأعاقبه.

الملك : مهلاً يا خاشمر ، لا أحد حتى الآن ، يعرف من هو الجاني .

خاشمر : أنا أعرفه .

أكيمي : أبي .

خاشمر : و سأواجه بالجرم المشهود ، وأوقفه عند حده ، قبل فوات الأوان .

أكيمي : هذه مؤامرة .

خاشمر : نعم ، مؤامرة " يتراجع " وكاد جلالة الملك أن يكون ضحيتها .

الملك : خاشمر ، تمهل .

خاشمر : أرتح أنت يا مولاي " يتجه إلى الخارج " لقد جاء دوري .

أكيمي : " تحاول اللحاق به " خاشمر .

      خاشمر يخرج ، أكيمي

          تعود إلى الملك 


أكيمي : أبي ، إنه متهور ، طائش ، سيشعل نار الفتنة .

الملك : اطمئني ، يا بنيتي ، إني متيقظ ، ولن أفلت زمام الأمور من يدي " للضابط " أيها الضابط .

الضابط : مولاي .

أكيمي : إن أعوانه مجرمون ، قتلة .

الملك : تمهلي يا بنيتي " للضابط " أصغ ِ .

الضابط : مولاي .

الملك : راقبوا الأمير خاشمر ، و أبلغوني بتحركاته ، في أي وقت من الليل أو النهار .

الضابط : سمعاً وطاعة يا مولاي .

الملك : اذهب ، اذهب بسرعة .


        الضابط ينحني للملك

          ثم يخرج مسرعاً


الطبيب : مولاي .

الملك : دعني ، إنني بخير .

أكيمي : " تتمتم " خاشمر .

الطبيب : الفجر يكاد يبزغ ، يا مولاي ، ومن الضروري أن ترتاح .

الملك : أنت ترى ما يجري ، فكيف أرتاح ؟

أكيمي : يا ويلي .

الملكة : " للملك " الطبيب محق ، أرتح قليلاً .

الملك : سأرتاح ، لكن ليس الآن .

أكيمي : " تتمتم " لابد أن أفعل شيئاً ، قبل فوات الأوان .

الملكة : " تأخذ بيد الملك " أنت جريح ، تعال ، وتمدد في فراشك .

الطبيب : مولاي .

الملكة : " للطبيب " اذهب أنت إلى جناحك ، وسأرسل في طلبك إذا احتجنا إليك.

الطبيب : أمر مولاتي .


      الطبيب العجوز ينحني

          للجميع ثم يخرج


الملك : " للأميرة " أكيمي .

أكيمي : أبي " تقترب منه " أنت الآن بخير .

الملك : والجميع بخير ، وسيبقون بخير اطمئني .

أكيمي : إنني مطمئنة ، يا أبي ، مطمئنة .

الملكة : والآن ، يا بنيتي ، لابد لأبيك من الراحة .

أكيمي : " تقبل أباها " نم يا أبي ، و ارتح .

الملكة : اذهبي أنت أيضاً ، وارتاحي في غرفتك ، نحن في آخر الليل .

أكيمي : نعم يا أمي " تتراجع " سأذهب .

الملكة : تصبحين على خير .

أكيمي : تصبحين على خير " عند الباب " تصبح على خير يا أبي .

الملك : تصبحين على خير ، يا ابنتي .

          تخرج أكيمي ، الملك

            يعتدل في فراشه


الملكة : يا للآلهة .

الملك : ما قاله خاشمر يثير قلقي .

الملكة : وما تفعله أنت يثير جنوني " تجبره على التمدد " أمير لاراك لا يمكن أن ..

الملك : " يعتدل ثانية " أنا متأكد من هذا ، إن ما يقلقني هو خاشمر نفسه .

الملكة : " تجبره على التمدد ثانية " نم الآن ، واترك هذا للغد .

الملك : نامي أنت أيضاً ، ولتحمنا الآلهة مما قد يأتي به الغد .


        تطفأ الإضاءة عن

    الزوجين ، تضاء أشتريه


أشتريه : الملك على حق ، ليحمهم الإله أنكي ، مما سيأتيهم به الغد ، لكن الآلهة غالباً ما تترك الإنسان لمصيره " تهتف " عشتار ، إنني أشم رائحة المزيد من الدماء ، فلأسرع ، إن الكارثة وشيكة الوقوع .


    أشتريه تختفي ، الإضاءة

      تخفت شيئاً فشيئاً


      إظلام




المشهد السابع




        ظلام ، موسيقى ، يسلط

          الضوء على أشتريه


أشتريه : هنا ، الآن ستقرر مصائر كثيرة " تصمت " يا للويل ، أشم رائحة دماء ، أشتريه ، أنت ما الذي حشرك بين البشر ؟ " تهتف " أمي عشتار ، تموزك ، في عروقي ، تجري بحق ، قطرات من دم إنسان ، آه يا ويلي من هذه القطرات .


       يطفأ الضوء ، يضاء 

      أنسبازي ومرافقه جيس


جيس : مولاي .

أنسبازي : دعني يا جيس " يشد السيف حول وسطه " إن الأمر خطير .

جيس : خطير جداً ، يا مولاي ، وعلينا أن نسرع بالعودة إلى لاراك .

أنسبازي : كلا ، لن نعود الآن .

جيس : لقد تقرر هذا البارحة ، نحن أبناء اليوم ، و أخشى أن يكون ملك أريدو وشعبه و ... في خطر .

جيس : مولاي ، ما يجري في أريدو شأن داخلي ، وقد يفهم مجرد بقائنا ، فهماً خاطئاً ، يلحق الضرر بلاراك .

أنسبازي : دعك من هذا ، إن ما يهمني الآن ، أن يعرف الملك ومن حوله ، إنني لم ولن أتخلى عنهم ، في هذه الشدة .

جيس : حسن يا مولاي ، لنبق هنا ، والحرس من حولنا ، حتى تنجلي الأمور .

أنسبازي : بل سأذهب إلى قصر الملك ، واطمئن بنفسي على من فيه .

جيس : مولاي ، أرجوك ، لنتمهل قليلاً ، هذا أمر في غاية الخطورة .

أنسبازي : ليكن ، لن أنتظر أن تطيح هذه العاصفة بكل ما انجزناه .


                    أنسبازي يهم بالخروج ،

      يدخل الحارس مسرعاً


الحارس : مولاي .

أنسبازي : ابتعد عن طريقي ، ابتعد .

الحارس : الأميرة يا مولاي .

أنسبازي : " يتوقف " الأميرة أكيمي !

الحارس : نعم يا مولاي ، إنها قادمة .

أنسبازي : لتدخل حالما تصل .

الحارس : أمر مولاي .

أنسبازي : اذهب بسرعة .

الحارس : " يخرج مسرعاً " ......

أنسبازي : " لجيس " الأميرة أكيمي .

جيس : لابد أنها قادمة لأمر هام .

أنسبازي : اذهب وتفقد الحرس .

جيس : أمر مولاي " يخرج " .

أنسبازي : أيها الحارس .

أشتريه : " تظهر في إحدى الزوايا " .....

أنسبازي : أيها الحارس .

الحارس : " يطل من الباب " مولاي ، الأميرة .

أنسبازي : لتتفضل .

الحارس : " للأميرة " تفضلي يا مولاتي .


    الحارس ينسحب ، تدخل

      الأميرة مسرعة ، قلقة 


أكيمي : أيها الأمير ...

أنسبازي : أميرتي .

أكيمي : اهرب .

أنسبازي : أهرب !

أكيمي : أهرب ، أهرب بسرعة .

أنسبازي : مهلاً يا أميرتي ، اهدئي ، وأخبريني أولاً بما يجري .

أكيمي : أصيب أبي ، فجر اليوم ، وهو في جناحه ، بسهم في ذراعه .

أنسبازي : يا للغدر ، أرجو ألا تكون إصابة جلالته خطيرة .

أكيمي : الخطورة ليس في الإصابة ، وإنما في ما يمكن أن يجري ، أهرب ، أهرب .

أنسبازي : اهدئي يا أميرتي ، اهدئي .

أكيمي : كيف أهدأ والخطر يحيق بك ؟

أنسبازي : أتعنين ...؟

أكيمي : أرجوك ، افهمني ، هناك من يحاول إلصاق هذه التهمة بك .

أنسبازي : بي .. أنا !

أكيمي : الأمر في غاية الخطورة ، لا تبق هنا ، أهرب .

أنسبازي : لابد أنه خاشمر .

أكيمي : ليس هذا مهماً الآن .

أكيمي : نعم ، إنه هو ، خاشمر ، فهو يظن أنك تريد أن تأخذني منه .

أنسبازي : خاشمر محق في هذا .

أكيمي : " تنظر إليه مذهولة " .....

أنسبازي : سأخذك ، بموافقتك .

أكيمي : أنسبازي .

أنسبازي : أكيمي ...

أكيمي : " تنظر إليه صامتة " ....

أنسبازي : أعرف أنك موافقة . 

أكيمي : يا إلهي " تنظر خائفة إلى الباب " جاءوا .

أنسبازي : لا تخافي ، لدي حرسي .

أكيمي : خاشمر أرعن ، وله أتباع كثيرون ، متمرسون في الإجرام .

جيس : " يدخل مسرعاً " مولاي ، لنهرب ، لنهرب بسرعة .

أنسبازي : " يرمق الأميرة بنظرة خاطفة " كلا .

أكيمي : أهرب ، أرجوك .

جيس : ما زال أمامنا فرصة للهرب ، لنهرب الآن ، و إلا فات الأوان .

أنسبازي : ملك أريدو في محنة ، ولن أتركه ، وألوذ بالهرب .

جيس : الأمير خاشمر قادم ، ومعه عدد كبير من أعوانه ، لقد اعتقلوا حرسنا ، وهم يندفعون الآن داخل القصر .

أنسبازي : يا للرعونة ، إن فعلته هذه ، قد تشعل حرباً ، لا تنتهي إلا بنهاية أريدو ولاراك .

أكيمي : دعك من هذا الآن يا أنسبازي ، المهم حياتك ، أرجوك أهرب ، أهرب بسرعة .

أنسبازي : لا فائدة يا أكيمي ، حتى لو أردت ، فها هو خاشمر قادم ، ومعه أتباعه المدججون بالسلاح .


        يندفع خاشمر ، ومعه

        مجموعة من أتباعه


جيس : " يحاول اعتراض خاشمر " سيدي .

خاشمر : " يفاجئه بلكمة في وجهه " ....

جيس : " يتهاوى متألماً " .....

خاشمر : " لحرسه " خذوه " ، وأبقوا في الخارج .

الحرس : " يأخذون جيس ويخرجون " ...

خاشمر : " يتقدم من أنسبازي " أنت أيها اللاراكي ....

أنسبازي : أيها الأمير ، أرجو أن تتمهل ، إن ما فعلته وتفعله خطأ .

خاشمر : أنت لم تر بعد كل ما أريد فعله " يهم بالاندفاع نحو أنسبازي " .

أكيمي : " تعترضه " توقف .

خاشمر : " يتوقف" أكيمي .

خاشمر : ليس غريباً أن تكوني هنا ، بعد كل ما رأيته .

أكيمي : أنت لم تر ، إلا ما رآه طيشك ، وحقدك الأعمى .

الحارس : " يدخل مسرعاً " مولاي .

خاشمر : " يحدق بحقد في أنسبازي " ...

الحارس : الملك والملكة قادمان ، وجنود الملك سيطروا على جميع ....

خاشمر : " بغضب " سيصلون متأخرين " يستل خنجره " .

أكيمي : أيها الأرعن .

خاشمر : " يدفعها بقوة " ابتعدي .

أكيمي : " تحاول التشبث به " لا .

أنسبازي : " يحاول استلال سيفه " ...

خاشمر : " يطعنه " مت .

أنسبازي : " صارخاً بألم " آ..ي .

خاشمر : لن تنجو من هذه الطعنة ، حتى لو حضرك أطباء العالم وسحرته كلهم .

أنسبازي : " يتهاوى مضرجاً بدمائه " آ..ه .

أكيمي : " تندفع نحو خاشمر "ة أيها المجرم " تنهال عليه ضرباً " أيها المجرم ، قتلته .

خاشمر : قتلته " يدفعها " أنت .


    يدخل الملك والملكة

مسرعين ، وحولهما الحرس


الملكة : يا ويلي ، قتل أمير لاراك .

الملك : آو...ه.

أكيمي : " ترتمي على صدر أمها " أمي .

الملكة : " تحضنها " بنيتي .

الملك : " لخاشمر " أيها المجرم " " يتقدم منه " أتدري ما الذي فعلت ؟

خاشمر : نعم يا مولاي ، فعلت الواجب ، أراد أنسبازي قتلك ، فقتلته .

الملك : كذبت أيها الخائن ، أنت الذي أردت قتلي ، وليس أنسبازي ، ولا غيره .

خاشمر : " يحدق فيه جامداً " ...

الملك : لقد القي القبض على الجاني ، وأعترف بأنك أنت الذي أمرته بإطلاق ذلك السهم علي ، بهدف قتلي.

خاشمر : مولاي ، هذه مؤامرة ، أنا ابن أخيك ، أنا خطيب ابنتك ، أنا ....

الملك : أنت مجرم ، وسأنزل بك العقاب الذي تستحقه " للحرس خذوه " .

الحرس : " يأخذون خاشمر ويخرجون " ....

أكيمي : " تنفجر باكية " ....

الملك : أكيمي .

الملكة : دعها ، دعها تبكي .

أكيمي : " تنحني على أنسبازي باكية " ....

الملك : يا للمحنة التي سنواجهها .

الملكة : أسكت ، أرجوك ، هذا ليس وقته .


      تظهر عشتار ، الجميع 

      يجمدون في أماكنهم


أشتريه : أمي .

عشتار : " تقترب منها " بنيتي ، أشتريه .

أشتريه : لقد شممت رائحة دم ، وعلمت أن الكارثة وشيكة .

عشتار : " تضمها إلى صدرها " ....

أشتريه : هذا اللعين خاشمر ، لم يقتل أنسبازي وحده ، و إنما قتل أكيمي ، وآلاف الأبرياء من لاراك و أريدو .

عشتار : لا عليك يا بنيتي ، أنت آلهة ، إنه هذا يجري في كل يوم هنا ، على الأرض .

أشتريه : " تهز رأسها " ....

عشتار : بنيتي .

أشتريه : لن يجري هذا .

عشتار : لقد جرى ، و انتهى الأمر .

أشتريه : إنني آلهة .

عشتار : و أنا أيضاً آلهة .

أشتريه : لقد أعدت الحياة ، منذ فترة ، إلى غزالة .

عشتار : أنسبازي إنسان ، وليس غزالة .

أشتريه : ليكن ، لن أقف مكتوفة اليدين ؟

عشتار : " تحاول اعتراضها " بنيتي .

أشتريه : دعيني يا أمي ، إنه ما زال شاباً .

عشتار : إن آلاف الشباب ، وكذلك الأطفال ، يموتون في كل يوم على الأرض .

أشتريه : دعيني ، دعيني .

عشتار : لا تتعجلي يا أشتريه ، فأنت تعرفين الثمن الذي ستدفعينه .

أشتريه : أعرف .

عشتار : لن تري الأرض ثانية .

أشتريه : لابد أن أعيده إلى الأميرة يا أمي ، لابد أن أعيده .

عشتار : " تقف صامتة " .....

أشتريه : " تتقدم نحو أكيمي وأنسبازي " ...

عشتار : " تنظر إليها " ....

أشتريه : " بصوت مرتعش " أكيمي .

أكيمي : " تخرج من جمودها " ....

أشتريه : ناديه .

أكيمي : " بصوت باك " أنسبازي .

أشتريه : لقد سمعتها ، افتح عينيك .

أنسبازي : " يفتح عينيه " ....

أكيمي : آ...ه .

أشتريه : " تنظر إلى الملك والملكة " أنظرا .

الملكة : " تخرج من جمودها " عشتار .

الملك : يا للآلهة .

أكيمي : " تميل عليه " أنسبازي .

أشتريه : انهض يا أنسبازي ،انهض .

أنسبازي : " يمسك بيد الأميرة " أكيمي " ينهض " .

أكيمي : أنسبازي .

أنسبازي : شعرت بقطرتين دافئتين محبتين تلمسان وجهي ، فأفقت .

أكيمي : إنها .. إنها ..." تخنقها الدموع " .

أنسبازي : " يشد على كتفيها " إنهما ما أعرفه ... وما تعرفينه .. يا أكيمي .

أكيمي : " تبتسم من بين دموعها " أنسبازي .

أنسبازي : " يمسك يد أكيمي ، ويقف بها أمام الملك والملكة " مولاي ، مولاتي .

الملكة : " تبتسم مغالبة دموعها " آ..ه .

الملك : بني أمير لاراك .

أنسبازي : البارحة إتفقنا على إحلال السلام بين لاراك وأريدو .

الملك : وهذا ما آمل أن يدوم .

أنسبازي : سيدوم يا مولاي إلى الآبد ، إذا توحدت المملكتان .

الملكة : لتتوحد ، لتتوحد المملكتان .

الملك : بني ، إن مثل هذا الأمر ، لا يعود لي وللملكة فقط .

أنسبازي : " ينظر إلى أكيمي " ...

أكيمي : بل الأمر لك ولأمي ، يا أبتي .

الملكة : " بفرح " توحدت لاراك و أريدو إذن .

الملك : على بركة الآلهة " يمسك بيد الملكة " تعالوا نذهب إلى القصر الآن .


الملك والملكة يخرجان ،

يتبعهما أنسبازي وأكيمي


عشتار : بنيتي .

أشتريه : " تحضنها " أمي .

عشتار : أنت متعبة .

أشتريه : " بنبرة دامعة " نعم يا أمي ، إنني متعبة ، متعبة جداً .

عشتار : هيا يا بنيتي " تقود أشتريه إلى الخارج " نحن آلهة ، رغم كل شيء ومكانا ليس هنا على الأرض ، بل في السماء .



عشتار تسند أشتريه ،

وتمضيان إلى الخارج

إظلام

       ستار

9\11\2003





تجري أحداث هذه المسرحية ، في مدينة أريدو قبل الطوفان ، في حوالي "4500" سنة قبل الميلاد .

أريدو : مدينة عراقية قديمة من مدن ما قبل الطوفان ، تقع على بعد "40" كيلو متر إلى الغرب من محافظة الناصرية .




0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption