أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 17 ديسمبر 2017

على هامش المغامرة المسرحية لصباح الأنباري

مجلة الفنون المسرحية

على هامش المغامرة المسرحية لصباح الأنباري


صالح الرزوق - رأي اليوم 


منذ سنوات وأنا أتابع باهتمام دعوة الكاتب المسرحي العراقي المقيم في أستراليا لتجديد بيت المسرح العربي وبلورة وظيفة تنويرية لفن تراكمت عليه غبار السنوات. فالمسرح أبو الفنون. وهو أقدم طقس للفرجة ولتطهير الإنسان من الانفعالات والعواطف، ولتحريره من قيود الواقع الجائر.
وقد انبرى الأنباري في غمار هذه الدعوة للتبشير بمجموعة من العناوين العريضة وفي رأسها: المونودراما ومسرح الإشارة والمسرح الصائت وغيرها. وتبعتها حزمة من العناوين النوعية المتخصصة، منها المونودراما التعاقبية والمسرحية الصامتة والمونودراما التاريخية…
وكان الأنباري متشددا في تحديد الفروقات الدقيقة بين هذه الأنواع. وذهب لما هو أبعد من ذلك وأكد أنه اللاعب الأساسي في ابتكار قوانين المسرح الصامت والمونودراما التعاقبية. وأردف: إذا كان هو رائد فن (المونودراما التعاقبية) على الورق، فإن الفنان فاروق صبري هو رائد هذا الفن على الخشبة. بمعنى أنه المخرج الأول الذي حول الكتابة إلى أداء على الخشبة وأمام جمهور النظارة.
وإذا لم تسنح لي الفرصة لمشاهدة جهود الفنان صبري، فقد قرأت تقريبا كل أعمال الأنباري. ويمكنني أن أخلص منها لنتيجتين أساسيتين:
أنه فنان محدث وشديد الطموح ولديه إحساس خاص بروح التحدي والمغامرة. وأعتقد أنه أسبغ على الدراما من عندياته أكثر من أي مسرحي آخر معاصر. إلا إذا استثنينا المسرح الشعري لمحمد الماغوط في (العصفور الأحدب) وسواها من العروض المكتوبة للتمثيل وليس للقراءة.
الملاحظة الثانية أنه ينظر للمسرح على أنه فن قوامه الشخصيات والمكان المحدود. ولا يوجد لديه إلحاح على الحكاية. وأهم مسرحياته تعتمد على الفكرة ونقيضها. بمعنى أن الدراما عنده انفعال حيال موقف وردة فعل وأحداث نفسية مجالها الوجدان والعواطف وليس بالضرورة الواقع.
ويمكن أن تقول إنه شاعر الإنسان على الخشبة. فاهتمامه غير المسبوق بعاطفة الممثل وبعالمه النفسي وانفعالاته من الداخل حولت أعماله إلى احتفال شعري بمواقف إنسانية. وربما لا توجد حالة مشابهة إلا في الرواية الفرنسية الجديدة التي تضفي الأحاسيس والانفعالات على عالم الأشياء.
إن مسألة التصنيفات ليست مهمة عندي. فالمسرح هو مسرح أولا وأخيرا، سواء تكلمت الشخصيات أو لزمت جانب الصمت. وسواء كانت فلسفة الكاتب طليعية أو كلاسيكية. ونحن حتى الآن نحتار بمشكلة شكسبير. هل هو مؤلف هذه التراجيديات العظيمة حقا، أم أنها منحولة حسب افتراضات عميد الأدب العربي طه حسين عن الشعر الجاهلي الكلاسيكي؟؟؟. فلغة الإليزابيثيين لا تتشابه بقاموسها وصياغتها مع لغة شكسبير. ناهيك أنه كتب عن فلورنسا وفينيسيا دون أية حجة قاطعة أنه غادر إنكلترا أساسا. وتصنيف شكسبير بحد ذاته لغز. فالدراسات المعاصرة تضعه بين رواد الحداثة، مع أن فلسفته بعناصرها التراجيدية وبإسقاطاتها مغرقة بالعاطفة والأحزان والتفجع والدموع. وهذا يرشحه ليكون رمزا من رموز الرومانسيين. ولحل هذا الإشكال يوجد الآن اتجاه لتصنيفه في طليعة بواكير الحداثة الأولى (انظر:ويلتوشWill Tosh ). وهي كلها أسماء وعناوين للمصالحة بين عدة وجهات نظر مختلفة ومتضادة.
ويعاني فن الشعر من نفس المشكلة. أين تنتهي القصيدة الكلاسيكية وأين تبدأ الحداثة؟ الإجابة تكاد تكون مستحيلة أمام فوضى المشاعر والتحديات التي يواجهها الإنسان العربي بشكل خاص والبشرية بشكل عام. فثورة المعلومات أعقبتها ثورة الأجهزة الصغرية، وهذا بدّل كثيرا من مواقفنا الفلسفية في تأويل العالم أو في طريقة تحليل وتفسير مشاكلنا كأفراد.
ولنأخذ كمثال المونودراما التعاقبية. للأنباري مثال واحد هو (أسئلة الجلاد والضحية). وشروط النوع لديه هي ظهور شخصيات على التوالي على الخشبة. ولكل منها موقف من نفس الحدث، وهو ظاهرة العنف والقتل العشوائي للردع وليس لتنفيذ حكم أو عقوبة.
لقد مهد فن القصة لهذا الأسلوب منذ ظهور (سداسية الأيام الستة) لإميل حبيبي. وهي عبارة عن مجموعة قصص من ست لوحات حكائية، تدور حول محور واحد هو نكسة حزيران، وما ألقته في نفس الإنسان البسيط من شبهات حيال وضعه الوجودي.
وفي فن الرواية إسهامات أغنى وأشمل. وأذكر على سبيل الذكر لا الحصر (رباعية الإسكندرية) للورنس داريل، والتي رسمت للثقافة الهيلينية في مصر الحديثة لوحة يغلب عليها التصوف. وهذه اللوحة تتألف من أربعة محاور كل منها تروي ظروف حياة شخصية أساسية بما تنطوي عليه من اسرار وألغاز ومواقف. وفي الذهن أيضا (السفينة) لجبرا إبراهيم جبرا و(خمسة أصوات) لغائب طعمة فرمان. ويصنف النقاد العملين فيما يسمى رواية الأصوات. وقد أضاف لها لاحقا نجيب محفوظ (ميرامار) و(المرايا).
كانت الفكرة المرجوة من هذا التكنيك تطويف العقل الكلاسيكي (بنفس معنى تعويم الوحدات النقدية المحلية)، وتخفيف الدور المركزي للعقل، وزيادة درجة التنوع أو مساحة الحرية لكل شخص على حدة.
ولكن هناك فرق أساسي بين تجربة الرواد وتجربة الأنباري. فالبدايات تطورت في ظل الأنظمة الشمولية التي تربط كل شيء بنقطة المركز. بينما يكتب الأنباري في مرحلة أهم صفاتها التناحر وتجزئة المجزأ أصلا، وسيادة عدة أساليب في الحكم والإدارة ضمن حدود البلد الواحد. ويتراوح الاختلاف هنا بين السلفية المعاصرة والعلمانية أو أشكال معدلة من ديمقراطية هجينة تخضع لشروط الدين والتقاليد.
وإذا عبر صباح الأنباري عن هذا الواقع المؤسف بتعاقب عدة شخصيات لكل منها دور ووجهة نظر (فتفسير القاتل للجريمة سيختلف بالضرورة عن تفسير الضحية أو القاضي أو عابر السبيل)، أو إذا لزم حيال ذلك الصمت وترك لشخصياته حرية الأداء ضمن جو يتحكم به الرعب والخشية لدرجة تكبيل اللسان عن النطق، فإن غيره استعمل التنافر في أدوات الديكور، أو الاختلاف في شدة السطوع ولون الإضاءة من الرمادي (لون للتستر والكتمان) حتى الأحمر القرمزي (لون صادم ومنبه).  ومن الأمثلة عن ذلك أفلام درامية حديثة لتاركوفسكي وهذا الرعيل المغامر. فالألوان وتجاور عناصر الطبيعة مع الإنسان وترتيب صور الأشياء على الشاشة هو الذي يصنع المعنى.
إن الأنباري جزء من مغامرة الإنسان المعاصر، الذي يدير أسرة لها طابع الإنتاج المحدود. بمعنى أن المطامح عنده ليست لامتناهية، وأنها لا تصل لدرجة الغرور بالذات أو الطمع. وللتوضيح: إن مسرحياته إجابة على سؤالين هما لغز محرض لحياتنا.
السؤال الأول عن القيود والأغلال التي تلغي كل إمكانيات الحوار مع الواقع، وتفرض على الشخصيات حركات متكررة تنهك مصادر العاطفة والشفقة والابتكار.
والثاني عن دورة الحياة المنطبقة على نفسها والمتكررة باتجاه محور شاقولي واحد يحول الإنسان إلى الشيء وضده. وهذا هو منبع الصراع في سلسلة مسرحياته ذات وحدات السرد الصغيرة والمتعاقبة.
وأود أن أعترف هنا أن صباح الأنباري ظاهرة فريدة ومختلف عليها حتى بمعايير ومقاييس الحداثة.  إن التمييز بين البانتومايم والمسرح الصامت، وبين المونودراما وسلسلة حلقات متعاقبة من مونودرامات متوالية، مشكلة عويصة. وفي الواقع لا يهمني إن كان ما رفد به الأنباري المسرح هو صوامت أو متواليات.
من منا لا يقول عن (ميرامار) محفوظ إنها رواية؟ ومن يصر على إدراجها في صنف “الأصوات”؟ …
العلاقة بين المصطلحين هي علاقة الجزء بالكل أو تحت النوع بالنوع. وكذلك بالنسبة للأنباري. إنه كاتب مسرحي مجدد وطليعي، وكل ما يهمنا مستوى مسرحياته. إلى أين وصلت بمكاشفة القارئ وبتعرية الذات الفنية؟
بنظري إنه يحاول تفجير الوضع الساكن وحالة الركود التي حولت المسرح العربي لنوع من التراكم أو الإضحاك الرخيص. وبكائياته تحاول أن تتخطى فلسفة الحدود الوضعية، وأن تذكرنا أن المسرح فن مفتوح، وأن الدراما عالم يختزل مستقبل البشرية في مصيرها التراجيدي. ويمكن أن تقول إنه نجح في رسالته سواء كانت كتاباته نوعا جديدا أو أنه زاوية صغيرة من زوايا الدراما، ويحاول أن يستشكفها بالمزيد من التأمل والاجتهاد الشخصي.

معرض كتاب جدة يعيد حيوية المسرح بعرض مسرحية "المتحف "

السبت، 16 ديسمبر 2017

«جلجامش»... الدمى تبحث عن زهرة الخلود في عرض بحريني يعرض للمرة الأولى في دبي

مجلة الفنون المسرحية

«جلجامش»... الدمى تبحث عن زهرة الخلود في عرض بحريني يعرض للمرة الأولى في دبي

ديانا أيوب - الأمارات اليوم 

لا يمكن تقليل التحدي الذي واجه كاتب ومخرج العمل المسرحي «جلجامش»، والذي قدم في اليوم الثاني من «المسرح العالمي للطفل والدمى»، في المركز التجاري العالمي في دبي، فنقل الشخصيات الأسطورية في هذه الملحمة إلى عالم الدمى فيه الكثير من المغامرة، حيث قدمت الفرقة البحرينية العرض وسط أجواء تمزج بين المرح الطفولي وسرد الأسطورة، معتمدة على السرد البسيط وغياب الحوار في العمل، ليكون التمثيل الإيمائي الصامت السبيل إلى إيصال الرواية لعقول الصغار.

كتب العمل الذي امتد عرضه إلى نحو 40 دقيقة، عادل المحميد، وبدأ العرض من الشاشة التي كانت تساند الممثلين على المسرح، إذ بحضور الدمى لم يكن هناك أي إضافات على المسرح باستثناء الإضاءة. انطلق العرض برواية الأسطورة عن جلجامش، وتحديه مع أنكيدو، وكيف هزمه بينما توسل إليه الأخير بألا يقتله، فاتفقا على أن يتحدا معاً، ويتجها إلى غابة الأرز بحثاً عن زهرة الخلود.

بدأت رحلتهما إلى غابة الأرز، ولكن اعترضتهما عشتار، التي حاولت منعهما من الدخول، مستعينة بالكثير من الحيوانات الضخمة التي حاربتهما. قضى أنكيدو في المعركة مع الوحش، ما جعل جلجامش يكمل الرحلة وحيداً، مع إصرار كبير على إيجاد زهرة الخلود. تم الاعتماد في هذا القسم من العمل على الدمى الضخمة، التي كانت تقدم على المسرح من خلال ممثلين يحركونها عبر الخشب، فكانت كل دمية تتطلب ممثلين أو ثلاثة لتحريكها، بينما كانت الشخصيات الأساسية في العمل تقدم من خلال ممثلين. هذا الاعتماد الثنائي على الممثلين والدمى أوجد للعمل نكهة خاصة، جعلته ينصرف إلى الكوميديا التي تداعب عقول الصغار، وتقدم الملحمة للصغار بعيداً عن التسطيح الذي قد نشاهده في عالم الدمى المتحركة، حيث العرض يحمل الكثير من التفاصيل، ويتطلب الكثير من التركيز، ولاسيما في الأحداث التي كانت تتوالى على المسرح بشكل متسارع، حيث تم اختصار الملحمة في وقت قياسي. وقد دعم هذا العرض الفني الصور التاريخية المعروفة حول الأسطورة، والتي كانت تدعم المشاهد التمثيلية، وتبين الحقائق التاريخية التي استند إليها العمل.

في القسم الأخير من العرض، نرى ما هو مستوحى من ثقافة الخليج، وهذا ما أُدخل على الملحمة لجعلها قريبة ومواكبة للمجتمع المحلي، فهنا يبدأ جلجامش بحثه عن زهرة الخلود في أعماق البحر، بمساعدة النوخذة المعتاد على الغوص لاستخراج اللؤلؤ. يعثر جلجامش على الزهرة، ولكن الثعبان يأخذها ويأكلها، فيتخلص منه جلجامش بعد أكله الزهرة. هذا المقطع الختامي يهدف إلى توصيل الرسالة الأساسية من العمل، وهي أن خلود البشر أمر غير ممكن، إذ يطلب النوخذة من جلجامش النظر إلى أرض المستقبل والخلود فتعرض صوراً من البحرين على الشاشة.

عن هذا العمل الذي يقدم للمرة الأولى، قال المخرج أحمد جاسم، لـ«الإمارات اليوم»، «في الواقع إن الأسطورة عنيفة ودموية، ولكسر هذا العنف، فقد تم تبسيط العرض بأخذه إلى عالم الدمى، مع الاستعانة بالدمى اللطيفة وغير المخيفة، إلى جانب إضافة بعض المشاهد غير الموجودة في الأسطورة، ومنها الأسماك، والذئاب، كي يشعر الأطفال بالراحة، وبأن العمل يتوجه إليهم». وأردف قائلاً «اعتمدنا اللغة البسيطة مع الراوي، ليستمتع الأطفال بالرواية وفهمها من خلال التمثيل بشكل أساسي». وشدد على أن «التاريخ العربي فيه الكثير من الأساطير وفي غاية الروعة، ومنها شخصية عنترة، أو داحس والغبراء، فكلها أساطير ضخمة ويمكنها أن توصل للطفل فكرة عن هذه المعارك، وإنما بشكل مختلف، وغير دموي».

وأكد جاسم أن العمل كتب منذ ثمانية أشهر، ولكن التدريبات على العرض بدأت منذ شهرين، وعلى نحو خاص لتقدم في دبي، فكان الجهد المبذول جباراً، خصوصاً أنه عمل على تصميم وتصنيع الدمى، وهذا كان يستغرق الكثير من الوقت، فكل دمية كانت تحتاج إلى نحو التسع ساعات من العمل في اليوم. ولفت إلى أن الدمى صنعت من الإسفنج بشكل أساسي، ولكنها تتطلب الكثير من المهارة في التحريك، لأن بعضها ضخم جداً، معتبراً أن الدمى متجددة وجميلة، ولكن القصور لدى الفنانين، وبأنه لو كان هناك مسرح دمى متواصل لكان الأطفال تعرفوا إليه بمعناه الراقي، وليس الساذج الذي يبرز الدمية كمهرج. وأوضح حرصه على إيصال هذه الثقافة من خلال التقنيات الصعبة في الدمى، من خلال المفاصل الكثيرة.

وعن معاناة خاصة تواجه مسرح الدمى، رأى جاسم أن هذا المسرح كغيره من المسارح، لا توجد فروقات، ولكن الإشكالية التي تواجهه هي السمعة الساذجة التي تجعله في خانة سطحية، ففي العالم العربي توضع الدمى في خانة التهريج، بينما في أوروبا وفي فرنسا بالذات، تقدم مسارح الدمى أعمالاً للصغار والكبار، وهناك شركات متخصصة في تقديم هذه الأعمال. وأضاف، «ينقص العالم العربي الفنانون الذي يؤمنون بالدمية، وأنه ليس من اليسير في العالم العربي إيجاد الممثلين القادرين على تحريك الدمى، فهذا تخصص، ومن عملوا في عرض اليوم، على سبيل المثال، لم تكن لديهم خبرات سابقة بتحريك الدمى، فالدمى تحتاج إلى الخفة في التحريك، وقد تمرنوا كثيراً على ذلك».




6 عروض مسرحية تونسية قبل توزيع جوائز "أيام قرطاج" وختام فعالياته اليوم

«ليلة ربيع ع وقمراء» السياسة حاضرة... والأداء مباشر!

مجلة الفنون المسرحية

«ليلة ربيع ع وقمراء» السياسة حاضرة... والأداء مباشر!
أول العروض في «مهرجان الكويت المسرحي الـ 18» شهد عودة العجيمي بعد غياب طويل


حمود العنزي -الرأي

في سياق فعاليات مهرجان الكويت المسرحي الثامن عشر، وعلى خشبة مسرح الدسمة، رفعت شركة «المهندز للإنتاج الفني» الستار عن عرضها المسرحي الذي حمل عنوان «ليلة ربيع ع وقمراء» تأليف فطامي العطار وإخراج ناصر البلوشي، وتمثيل محمد العجيمي وحسن إبراهيم وعبدالناصر الزاير ونورة وآخرون، والإشراف العام لخالد المفيدي.
 تخلل العرضَ فيضٌ من الاسقاطات الاجتماعية منها ما كان واضحاً، بينما افتقر بعضها إلى الوضوح، ما يجعلها بعيدةً عن متناول فهم المتلقي.. ويتضمّن العرض بعض القضايا منها التمسك بالمبادئ والتطلع إلى مصالح الشعوب، وخداع الحب والشعوذة... إلى جانب قضايا أخرى.
تدور الأحداث حول «ربيع»، الذي يجسد دوره الفنان محمد العجيمي، عائداً إلى المسرح الأكاديمي والجاد بعد غيبة طويلة استغرقت سنوات طوالاً... و«ربيع» هو أستاذ فلسفة ألقوا به وراء قضبان السجن لأن السلطة ترتاب في سلوكه السياسي، ولذلك هو يعيش منقسماً بين واقعه ومخيلته. فهو سجين بتهمة هو غير مقتنع بها، ويعلم أنه يدفع ذلك كضريبة لإخلاصه لوطنه. وعلى رغم أن العمل يتسم بالجدية فإنه لم يكن خالياً من بعض «الافيهات» والتعبيرات التي تحمل الخصوصية المحلية، وتثير ابتسام المتلقي.
 وعلى رغم غياب العجيمي عن المسرح سنوات عدة، فإنه أثبت نجوميته وخبرته الواسعة وتمكنه على خشبة المسرح.. واستطاع بحنكته وحرفته أن يتدارك الهبوط في مستوى الأداء الذي اعترى بعض المواقف، أو ظهر على بعض الممثلين المشاركين معه.
 ومن عناصر الإبهار البصري التي ميزت العرض الديكور الذي لعب دوراً مهماً في إكمال طاقة العمل وتوصيل رسالته... وقد تفنن المخرج ناصر البلوشي في استغلال الخدع البصرية، كي يصرف المشاهدين عن الانتباه إلى انتقال الديكور من مشهد إلى آخر... كما ظهر أيضاً أن المخرج وضع لمسات فنية جديدة خلال هذا العمل، أعانت المتلقي على التمتع والفهم معاً. وقد كان لكل من الموسيقى والإضاءة دوره في خدمة أهداف المسرحية، في حين كان التوفيق حليف الفريق الفني للعمل في المهام المنوطة بهم.

الندوة النقاشية
وضمن فعاليات اليوم الأول أعقبت العرض المسرحي، ندوة تطبيقية للعرض «ليلة ربيع ع وقمراء»... وقدمت الندوة الزميلة زهراء المنصور وعقب على المسرحية الدكتور محمد زعيمة الذي شكر المجلس الوطني على «تواصل فعالية مهرجان الكويت المسرحي، الذي أصبح ظاهرة فنية مهمة»، ومتابعاً: «تعودنا من المؤلفة فطامي العطار أن لديها حساً وطنياً عالياً، وقد كانت هناك مجموعة من الدلالات، والسؤال: إلى أين تريد الكاتبة أن تذهب بنا من خلال هذه الدلالات؟ وكيف يتعامل المخرج معها»؟  
وأضاف: «إننا أمام علامات رمزية وصلت إلينا عبر شخصية ربيع الذي لم يحدد ما هو! فقد كنا أمام المعتقل والثائر والحاكم، وتتداخل في عدة أزمنة حيث تم التعامل مع الرموز بحركة مراوغة، كما استخدم المخرج العديد من الألفاظ السمعية التي تذهب إلى إشارات متعددة ما نجم عنه التباس انعكس بالتشويش على الصورة».
 وانتقد زعيمة، الخطاب في العرض، معتبراً أنه يتصف بالمباشرة، لافتاً إلى «دلالة البالون الذي كان موجوداً مع ربيع، حيث يشي بأن هناك من يعمل خلف الستار»، ومردفاً أن «العمل يتضمن جملاً بلاغية متزاحمة ما خلق أزمة للممثل والمخرج، فاضطر الممثل أحياناً إلى أن يرددها من دون أي معني، وملاحظاً أن هناك انفعالاً عالياً يبتعد عن الصدق، بينما وضع الديكور الذي لم يراعِ المساحات الممثلين أمام مشكلة، وهي عدم استغلال جنبات المسرح وأيضا ملابس شخصية ربيع التي اتخذت شكلاً واحداً برغم تعدد الكاراكترات التي لعبها»، مشيداً بالكاتبة فطامي العطار وفريق العمل، قائلاً إنهم حاولوا واجتهدوا، وبينما شكر الممثلين لفت إلى أنهم كانت لديهم انفعالات زائدة على الحد أحياناً أو أقل منه أحياناً أخرى. 
 وفي سياق المداخلات، قالت سعداء الدعاس «إن الأداء كان ذا اتجاهين، الأول كان تقليدياً أما الثاني فهو يتناسب مع مسرح الطفل»، في حين ذهب علاء الجابر إلى أن «مشكلة العرض هي عدم التجانس ورغبة كل ممثل في أن يسيطر على العرض، والممثلون كانوا أكثر سيطرة من المخرج، وكنت أود لو كانت الرسائل رمزية لانها تصل افضل إلى المتلقي».
وقال الفنان عبدالعزيز الحداد: «كنت أمام ممثلين أكاديميين لم أعان عدم إيصال الرسالة، وتحية خاصة إلى الممثل محمد العجيمي الذي انسلخ من الكوميديا، ولم أشعر بجمود من المسرحية». 
 وانتقل الحديث إلى الكاتبة فطامي العطار فوجهت الشكر إلى الجميع، مردفةً: «خلال مرحلة كتابة القصة كنت أقف أمام مرحلة تصوير على عتبة الذات وأسمع ملاحظات ما أرمز إليه وأنا في حاجة إلى تلك الوقفة... من ناحية الجمل البلاغية فإنني أتفق بشدة في ممارسة بعض الحرفية».
أما المخرج ناصر البلوشي وبعدما شكر بدوره الجميع على إتاحة الفرصة، قال: «أنا سعيد لأنني أشارك في المهرجان للسنة الثانية... وأستفيد من كل الملاحظات، التي قيلت من أهل الخبرة والاختصاص، وقد قدمت وجهة نظري وأشكر فريق العمل على الجهد المبذول».

تتويج مسرحية "ليكستا" بالمرتبة الأولى في مهرجان المسرح المحترف لسيدي بلعباس

«صالحة» يناقش قضية فلسفية بطريقة سلسة قدمتها فرقة الشباب في مهرجان الكويت المسرحي الـ 18

مجلة الفنون المسرحية

«صالحة» يناقش قضية فلسفية بطريقة سلسة
قدمتها فرقة الشباب في مهرجان الكويت المسرحي الـ 18

محمد جمعة - الجريدة 

قدمت فرقة مسرح الشباب عرض"صالحة" تحت مظلة مهرجان الكويت المسرحي الـ 18 أمام حضور جماهيري كبير توافد على مسرح الدسمة يحدوه الأمل لمتابعة عرض مميز، ولعل السمعة الطيبة التي كونتها فرقة مسرح الشباب التابعة للهيئة العامة للشباب خلال السنوات السابقة كانت السبب المباشر في حرص قطاع كبير من المهتمين بالشأن المسرحي على مشاهدة نتاجهم في مختلف الفعاليات.

مسرحية "صالحة" من تأليف وإخراج أحمد العوضي، وشارك في بطولتها كل من سماح، علي الحسيني، عبدالعزيز بهبهاني، لولوة الملا، بدر الشعيبي، عبدالمحسن الحداد، ماجد العنزي، دعيج جمعان، صباح جمعان، عذبي جمعان، خالد العبيد، عبدالعزيز الدوسري، إضاءة فيصل العبيد، ديكور محمد الرباح، أزياء ابتسام الحمادي، مساعد مخرج مريم نصير.

قبل الدخول في تفاصيل العمل، سأتوقف عند فخ المؤلف المخرج، الذي قلما يجتازه فنان، وأزعم أن العوضي في "صالحة" استطاع أن يتعامل مع العمل بشخصيتين مختلفتين، كتب النص بحنكة؛ ثم انسلخ من شخصية الكاتب ليتعامل كمخرج ويترجم الفكرة بصرياً ببراعة، مستخدماً ثيمة التراث واللعب على الثنائيات، استطاع أن يجبر الجميع على متابعة عمله، الذي يطرح سؤالاً فلسفياً من خلال حكاية اجتماعية وهو "هل الإنسان مسير أم مخير؟ " واشتغل العوضي على جميع عناصر العرض المسرحي وخلق حالة من التناغم والتكامل، ليقدم لنا وجبة دسمة، تفاعلنا، ضحكنا، بكينا، ترقبنا مصائر الشخصيات التي تقاطعت في مواضع عدة، ووقفنا جميعاً لتحية هذا الفريق المميز بنهاية العرض.

الزواج بالسر

وبين المزار والقبر، تدور أحداث المسرحية حول قضية الزواج السري، وما يخلفه من مآسٍ من خلال قصة شاب يتزوج من فتاة سراً، لكنه يرفض حملها ويطالبها بالتخلص من الطفل، ليصطدم برفضها وتتوالى الأحداث إلى أن تضع الفتاة طفلها وتتخلص منه بأن تلقيه أمام أحد الأماكن، الذي بدا كأنه مزار دون تحديد المكان، هناك ينشأ في كنف صالحة تلك المرأة، التي احتار الجميع فيها وتدور الأحداث ويقفز بنا المخرج من فترة إلى أخرى؛ لتتزوج الأم ويكتشف زوجها وجود ابنها، ويلجأ إلى قتلها للتخلص من عارف، وتمضي الحياة إلى أن يتواجه الأبن مع زوج الأم في لعبة الانتقام، "صالحة" صراع محتدم على درب الحياة المليئة بالعثرات.

مقومات النجاح

على مستوى الرؤية الإخراجية، اشتغل العوضي على عنصر التمثيل أحد أهم مقومات نجاح أي عمل مسرحي لاسيما أنه يمتلك أسماء استطاعت أن تحدث الفارق، الفنانة سماح، التي أدت الشخصية ببراعة إلى أنها انهمرت في البكاء عقب العرض والفنان علي الحسيني، الذي يتمتع بلياقة كبيرة وقدرة على الانتقال من حالة إلى أخرى، بينما في رأي أن "صالحة" أعادت اكتشاف العديد من الأسماء لاسيما بدر الشعيبي ولولوة الملا وعبد العزيز بهبهاني، هذا التناغم في الأداء والحركة يؤكد على اشتغال المخرج على الممثلين.

بينما يمكن الحديث عن السينوغرافيا من زوايا عدة بداية من الديكورات، التي كانت بسيطة غير أنها معبرة لاسيما أن المخرج اعتمد على المسرح الفقير، الذي يلفه السواد موظفاً قطعتين من الديكور إحداهما تمثل المزار والأخرى القبر، بينهما دارت الأحداث وتنقل الممثلون وفق حركة طقسية في مثلث، أيضاً الأزياء كانت جزءاً من تركيبة كل شخصية ويعتبر المكياج أحد أبرز نقاط الضوء في العمل ولو خصصت جائزة مستقلة لأفضل ماكيير لذهبت لعرض "صالحة" اما الإضاءة فاتسمت بالدقة، وكانت على هيئة حزم بينما الموسيقى والمؤثرات فسارت في اتجاهين الأول الحديث والثاني التراثي الذي يعتمد على بعض الفنون الشعبية.

ويبقى أن المؤلف والمخرج العوضي اشتغل على لعبة الثنائيات في أكثر من موقع، فنحن أمام لغة ثنائية على خشبة المسرح بين الفصحى والمحلية في العديد من المشاهد وعلى مستوى الحدث اشتغل أيضاً على مستويين مستغلاً الجزء العلوي من خشبة المسرح، أما من ناحية التمثيل وظف ثنائية الرجل والمرأة، ومن ناحية الحد كان الصراع الثنائي بين الخير والشر والخوف والأمان والقبر والمزار.

انطلاق مهرجان الكويت المسرحي بتكريم ثمانية مسرحببن وبمشاركة فنانين خليجيين وعرب

مجلة الفنون المسرحية


انطلاق مهرجان الكويت المسرحي بتكريم ثمانية مسرحببن  وبمشاركة فنانين خليجيين وعرب


كونا 

انطلقت فعاليات الدورة الـ 18 لمهرجان الكويت المسرحي على خشبة مسرح الدسمة، يوم الثلاثاء، والذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب وسط مشاركة العديد من الشخصيات المسرحية والفنية والاعلامية من دول الخليج والدول العربية.

في البداية، ألقى د. الدويش كلمة الأمانة العامة، حيث أكد فيها أن "المهرجان حدث مسرحي رائد، وبات من المهرجانات المسرحية المتميزة في الخليج والوطن العربي، وله بصمة راسخة على خارطة المهرجانات العربية والدولية".

واستذكر المسيرة الرائدة للفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا، الذي غاب جسدا، وبقي حاضرا في الوجدان والذاكرة والتاريخ الثقافي الكويتي والعربي، لكونه علامة بارزة مشرقة في مسيرة الفن الكويتي، خصوصا على المستوى المسرحي، حيث ترك إرثا فنيا ثريا من الأعمال المسرحية التي ستنهل من عبقها الأجيال المتعاقبة.

وألقى كلمة الضيوف الفنان البحريني محمد ياسين، وجاء فيها: "من دواعي سرورنا المشاركة في الدورة الـ18 لمهرجان الكويت المسرحي هذا المهرجان، الذي يزداد حيوية وتألقا عاما بعد آخر، والذي يتميز بإتاحة الفرصة للعناصر المسرحية الشابة لتقديم إبداعاتها".

وأضاف: "الوفاء لجيل الرواد سمة أصيلة للمهرجان، بداية من لمسة وفاء لعملاق المسرح الخليجي والعربي الفنان عبدالحسين عبدالرضا، إلى تكريم رواد كوكبة من رواد المسرح في الخليج العربي والكويت. خالص الأمنيات بالتوفيق لهذا المهرجان المتميز، أحد عناصر دور الكويت الراسخ في التنمية الثقافية العربية".

لجنة التحكيم

بعد ذلك، أعلنت أسماء لجنة التحكيم، وهي: الفنان جاسم النبهان (الكويت) رئيسا، وعضوية: سكينة مراد (الكويت)، شادية زيتون (لبنان)، د. جمال الياقوت (مصر)، جمال سالم (الإمارات).

عقب ذلك، كرَّم د. الدويش 8 شخصيات، تقديراً لعطائها في مجال المسرح، وهم: الفنان والمخرج علي جمعة، الفنان والمخرج حسين المفيدي، والفنان والمخرج خالد أمين، الفنان والمخرج صالح الحمر، مهندس الصوت سالم إسماعيل، الفنان والمخرج فيصل العميري (تسلمها فيصل العبيد)، والفنان فيصل بوغازي، والفنان محمد ياسين.

عرض الافتتاح

بعد ذلك بدأ عرض الافتتاح (مشهد من الزمن الجميل)، الذي خلَّد ذكرى عمالقة المسرح الكويتي وأهم أعماله، منها: "مجنون سوسو" و"حفلة على الخازوق" وتطور السينوغرافيا فيها، وهما لفرقة مسرح الخليج العربي، و"الكويت سنة 2000" و"من سبق لبق" لفرقة المسرح العربي، و"سكانه مرته" لفرقة المسرح الشعبي، الذي شهد أول توظيف للفلكلور الشعبي بالمسرح في حقبة سيتينيات القرن الماضي، و"السدرة" و"النواخذة" لفرقة المسرح الكويتي.

وتدور أحداث عرض "مشهد من الزمن الجميل" حول "منصور" أحد العاملين في المسرح، الذي يقوم بإخفاء قطع ديكورات وأزياء وإكسسوارات لبعض المسرحيات الخالدة في منزله، خوفاً من رميها مع النفايات، ليستذكر معها أجمل قصص تلك الأعمال المسرحية، بتجسيد مشاهد قصيرة منها مع زوجته، بيد أن أحد المسؤولين من جيل الشباب يقوم بعملية جرد لما أخذه "منصور" من مخزن المسرح، الذي يكتشف مدى شغفه وحبه للمسرح، ويقترح عليه إنشاء متحف للمسرح الكويتي، للحفاظ على هذا الإرث المسرحي الثري.

وفي هذا العمل يتألق الثنائي إبراهيم الحربي وهيفاء عادل، بتناغمهما الرائع، لشخصيتي "منصور" وزوجته، إضافة إلى حضور كوميدي لافت للممثلين يوسف الحشاش (مسؤول المسرح) ومحمد الشطي (مساعد المسؤول)، وعودة موفقة للسينوغرافيست والمخرج نجف جمال، ونص موفق لعبدالله خالد الرويشد. وذلك في حفل افتتاح الدورة الـ 18 لمهرجان الكويت المسرحي.



الجمعة، 15 ديسمبر 2017

«المسرح العالمي للدمى»... فرح تحركه الخيوط

مجلة الفنون المسرحية

«المسرح العالمي للدمى»... فرح تحركه الخيوط

مجموعة من العروض العالمية التي تستضيفها دبي للمرة الأولى وعلى مدى 7 أيام

ديانا أيوب - الامارات اليوم 

مع المسرحية الفرنسية «باتا كريب»، انطلق أمس أول عروض المسرح العالمي للطفل والدمى في المركز التجاري العالمي في دبي، بتنظيم من مركز ديرة الثقافي، والذي يقام للمرة الأولى في دبي وعلى مدى سبعة أيام، مستضيفاً مجموعة من الأعمال المسرحية من العالمين الغربي والعربي. ويلقي المهرجان، الذي افتتحه الشيخ حشر بن مكتوم آل مكتوم، مدير دائرة إعلام دبي، الضوء على مسرح العرائس، من خلال استضافة العروض والورش التي تعمل على تقديم بعض الرسائل التوعوية للأطفال، من خلال هذا الفن القديم، الذي باتت عروضه قليلة في عصرنا هذا، فيعيد إلى الطفولة رونقها، ويبث في الأطفال الفرح من خيوطها المتحركة.

جدول العروض

يستضيف مهرجان مسرح الطفل والدمى مجموعة من العروض من العالم، ومنها عرض جلجامش من البحرين، وعرض «السيرك الصغير جداً» من سويسرا، و«حديقة النية الحسنة» من الإمارات، إلى جانب عمل «من هو خان» من كازاخستان، وعرض «هرمونيكا» من تونس، وعرض «كابروسيتا» من إسبانيا. إضافة إلى العروض تقدم مجموعة من ورش العمل حول مسرح العرائس، وكذلك تقدم بعض الأجنحة للجهات الراعية للحدث، ومنها هيئة دبي للثقافة والفنون، التي تقدم جناحاً خاصاً بالحرف الإماراتية التقليدية. كما سيتاح للزوار التعرف إلى الشخصيتين الكرتونيتين، سهيل وسهيلة، اللتين صممتا خصيصاً للحدث.

العرض في دبي هو الأول للفرقة بعد عروض عالمية على مدى 9 سنوات.

افتتح المهرجان مع المسرحية الفرنسية التي حملت عبر الديكور البسيط وثلاثة ممثلين الكثير من الرسائل الإيجابية حول الحياة، ودور المرأة في المجتمع. بدأ العرض مع ممثلين يلعبان دوريهما على المسرح كالمهرجين، وهما في حالة كسل وخمول، إذ يحاول أحدهما إن يوقظ الآخر الذي يستلقي تحت غطاء أبيض، وتبوء محاولاته بالفشل، بسبب الكسل الذي يتمتع به، ثم ينصرف إلى القيام بواجباته بالتنظيف.

يستيقظ الممثل الكسول، وتبدأ الأحداث بالتصاعد بينهما على المسرح. السينوغرافيا المسرحية تتميز بالإضاءة الخافتة، وبعض التفاصيل البسيطة جداً، كالمقعد والعربة الخاصة بتحضير الطعام، إلى جانب القش المتناثر على الأرضية. هذا التحدي للقيام بواجبات تنظيف القش، يتحول بعد ذلك إلى تحدٍّ فني عبر العزف على آلات موسيقية. العرض الموسيقي الذي بدأ على آلات «أكورديون» وبيانو صغير، تحول بعد ذلك إلى عرض ممتع مع الأصوات الموسيقية التي صدرت عن الأواني المطبخية، إذ راحا يعزفان على الزجاجات والأواني المعدنية بواسطة الملاعق الخشبية والمعدنية.

ظهور المرأة في العمل الصامت، الذي امتد على مدى ساعة من الوقت، والتي حضرت إلى العربة لتحضر الطعام، يبرز أهمية ودور المرأة في الحياة، فهي على الرغم من كونها في البداية ارتبط ظهورها الأنثوي بشيء من دور اجتماعي يركن إليها، إلا أنها في ختام المسرحية نجحت في التصويب على الدور الرئيس الذي تلعبه في الحياة. حضّرت المرأة الطعام وانصرفت، وراح الممثلان يحاولان بعدها تحضير الطعام في مغامرات فكاهية، إلى أن اكتشفا أن واحدة من البيض الذي كانا سيطبخانه تحمل روحاً بداخلها، وكان لابد من أن يجلس أحدهما عليها لتتحول إلى طير. حاول الرجل الجلوس عليها، فكانت محاولاته فاشلة، إلى أن عادت المرأة وظهرت وأتمت المهمة، ومنحت الحياة لطير أبيض سحري، لتبين كيف يكون الحضور الأنثوي سبب التوازن، وكيف تمنح الحياة في الكون. العمل الفكاهي يحمل الكثير من الرسائل المبطنة للأطفال، كما أنه يخاطب الكبار في لغة تمثيلية تتطلب الانتباه والاندماج في عالم العمل، دون أي تشويش أو غياب أي تفصيل، وهذا ما يفسر التوقيت الذي وضع له، إذ يصعب الاستمرار في هذا الاندماج الكلي أكثر من ساعة.

وقالت المخرجة والممثلة في العمل بريسيل ايسمان، لـ«الإمارات اليوم»: «يتميز العمل بكونه موجهاً إلى جميع الفئات العمرية، للصغار والكبار، فهو عرض موسيقي وخفيف، ويحمل بداخله الكثير من التفاصيل المهمة، والرسائل الواضحة، التي يمكن أن يفهمها كل من يشاهد العرض». ولفتت إلى أن المسرحية تؤكد على أنه حتى الأشخاص الذين نراهم بلا أهمية في الحياة، يمكنهم القيام بشيء مهم، فقد عملا على منح الحياة لطير. وأكدت أن العرض في دبي هو الأول للفرقة، وقد قدم العمل في العديد من المدن حول العالم على مدى تسع سنوات، ومنها اليابان، والصين، وتايوان، وكوريا الجنوبية، وماكاو.

ورأت ايسمان أن العمل المسرحي الصامت يحمل الكثير من المزايا، فالأطفال اليوم مدمنون على الهواتف والألعاب التكنولوجية، ويحتاجون إلى التركيز على الأشياء البسيطة، وهذا النوع من العروض يتطلب التركيز، فكل حركة وكل وضعية تعني شيئاً. وأردفت «العمل يتطلب الاندماج كي يتمكن المرء من استيعابه، سواء الكبار أو الصغار، فهو بمثابة هروب من الواقع، والتركيز على اللحظة». ولفتت إلى أن بعض الناس لا يحبون العروض الصامتة، بسبب غياب الحوار، فالجمهور ينتظر الكلام، وأحياناً من بين الجمهور من يصاب بخيبة الأمل، بسبب التوقعات الأخرى، فبعدها لا ينسجمون مع العرض. ورأت أن العمل بلا شك يحمل معنى بداخله، ويسعى كل ممثل إلى قيادة الجمهور لهذا المعنى، لكن بلا شك تبقى هناك بعض الطرق التي تؤدي إلى التأويلات عند الجمهور، وهي جيدة، كونها تسهم في تطوير العرض.




"سيلفى مع الموت" يشارك في مهرجان أربيل الدولي للمسرح بالعراق

الخميس، 14 ديسمبر 2017

رقصة بابل الممزقة على خشبة المسرح التونسي

مجلة الفنون المسرحية


رقصة بابل الممزقة على خشبة المسرح التونسي

محمد ناصر المولهي - العرب 

ما تخفيه اللغة يقوله الجسد، ربما من هنا نفهم أهمية العمل الكوريغرافي الذي يحكي ما يحكيه فقط بالجسد يرافقه في ذلك مصباح الموسيقى، فالحركة الراقصة هي الشكل والمعنى في آن واحد كما تقول الدكتورة ليلى محمد. وما يشهده الواقع العربي اليوم من أهوال تطال بداية الجسد، قد تعجز عن قوله اللغة والأصوات، وربما جاء الوقت لنحكيه بأجسادنا، أجسادنا المغلولة والتي عاشت وتعيش الواقع الدامي. 

ضمن فعاليات الدورة الـ19 لأيام قرطاج المسرحية وفي إطار المسابقة الرسمية للمهرجان، عرض بقاعة الفن الرابع في العاصمة التونسية العمل الكوريغرافي العراقي “0 سالب” للمخرج العراقي علي دعيم.


الإنسان العراقي

العرض يبدأ بشخص واحد مغبرّ يتوسط الركح، يجسد حركة تبدأ من الأسفل منذ اتكاء الممثل وظهره للجمهور، لينهض مجسدا حركات الخارج من الطين، حركات الخلق كما نراها، إذ وكأننا أمام إنسان يفقس من التراب، كما يرد في أساطير الخلق الدينية التي تقول إن الإنسان خُلق من طين. لكن ما الذي فعله ما إن خلق؟

ما فعله حركات بدأت من الأرض لترتفع في قامتها وتنتصب على ساقين. إنسان يحاول وعي ذاته ووعي محيطه، يحاول التخلص من بقايا غبار الطين وتحرير أطرافه، ليلتحق به إنسان آخر، وهنا تتحرر الحركة أكثر، وتبدأ في ثنائيات، تتشابه وتتنافر وتختلف. إنه الاجتماع الأول للإنسان، الذي كما أقره أرسطو “كائن لا يمكنه العيش بمفرده”.

السينوغرافيا بسيطة، ستار من خيوط في آخر الركح فيه درج، خلفه يؤدي أحد الممثلين حركات شبيهة بالتوجيهات، وكأنه هو اليد الخفية التي تحرك كل ما يدور على الركح، وحبل غسيل وبرميل يحرك داخله أحد الممثلين عصاه.

العمل الكوريغرافي لا يقترح حلولا نهائية لحال الإنسان العراقي وتاريخه بقدر ما يحاول أن يشخص ما آل إليه الوضع
تتوقف الموسيقى، ليقدم المشهد الذي نراه محوريا ورابطا في العرض، يدخل أطباء على وقع أصوات قاعة العملية، ويفتحون كتابا ليجروا جراحة عليه، وما هذه الجراحة إلا تمزيق الأوراق التي يرون أنها تستحق التمزيق. هو مشهد يوحي إلى التزوير الذي يقع على التاريخ، وطمس حقائق منه وتغيير مجراه. وهو تماما ما نراه في العراق اليوم، حيث تدمير الآثار والكتب والمخطوطات، وطمس كل ما لا يتماشى مع النزوات الطائفية من تواريخ عريقة، لأقدم التجمعات الحضارية وأقدم المدن البشرية.

إنها بابل التي طمسها على مر العقود جراحون كثيرون، أنظمة مستبدة، استعماريون متطرفون، طائفيون، كلهم يدّعون الصلاح والعلاج فيما دمروا ما دمروه من آلاف السنوات من الحضارة.

يربط هذا المشهدُ المشهدَ الأول بما يليه، إذ يقدم أربعة ممثلين حركات لعمال مختلفين، فيهم الصياد والنادل وماسح الأحذية والبناء. هؤلاء يؤدون حركات إيحائية حول أعمالهم. حركات تكون فرادى ثم تتمازج في كل مرة ليؤدي أربعتهم الحركة نفسها التي يؤديها أحدهم، كأن يؤدوا حركة الصياد أو البناء أو النادل. وكلما اجتمعوا ينسحب أحدهم، ويتبعونه في حركة دائرية تخطها مشية روبوتية.

إنه عصر الإنسان الآلة. الإنسان المحكوم بحركات ونسق لا محيد عنهما، وهنا يمكننا حتى أن نقارن حركات الإنسان الأولى بحركة هؤلاء الميكانيكية الرتيبة والمتكررة والفاقدة للحرية والمعنى.

ما يؤكد حديثنا حول نقد الحركات المتطرفة التي هدّمت التاريخ العراقي، هو حضور أحد الممثلين ملثما في الخلفية، مؤديا لحركات تشبه الذبح ومعلقا على حبل الغسيل ملابس نسائية، يتفحصها ويبعدها، ليعلق ملاحف برتقالية في دلالة واضحة على ملابس الإعدام التي كان يلبسها متطرفو “داعش” لضحاياهم.

يجتمع الإنسانان الأولان بهؤلاء ويتغير كل شيء، تتحرر الحركة، تنزع القمصان، ويعاد فتح الكتاب ثم يلقى، كلها قراءات يقترحها المخرج للخروج ببلد دمرته الحرب وأفرغته من قرون ناصعة من التحضر لتدخله ظلام الجهل والتمزق والعنف والدمار.

لكن كل ذلك ينتهي ما إن يدخل أحدهم بربطة عنق وكمبيوتر، يفتحه ليختفي كل شيء. العمل لا يقترح حلولا نهائية لحال الإنسان العراقي وتضميد تاريخه المجروح، بقدر ما يحاول أن يخرج للسطح تشخيصات لما آل إليه الوضع، تاركا للجميع الحرية في التفكير في حلول خاصة وعامة.

الضغط العقدي والاجتماعي حاضر في غياب العنصر النسائي المحكوم بالعادات، وفي أجساد الممثلين التي لم توح بالشكل المطلوب

أجساد ناقصة

في كتابه “الأورغانون الصغير” يرى المسرحي الألماني برتولت بريشت عناصر الكوريغرافيا الأساسية في الارتجال الإيمائي والإيماءة الأنيقة والتجانس العام للحركة التي تؤدي إلى الأسلبة وتُساهم في خلق تأثير التغريب، وإن حضر التجانس في عرض “0 سالب” فإنه كان ناقصا، خاصة في التصور الركحي للمثلين الذين أخفقوا في خلق التجانس بين الحركة والتموقع في بعض الحركات التي فشلت في أن تكون إيماءات.

إن الموسيقى التي لم تنقطع عن العمل الكوريغرافي، ساهمت ربما في حجب الكثير من النقائص، لكننا نتساءل إن كان المخرج يريد بداية التفحص وإنشاء رؤياه من عمق البدايات التاريخية، لماذا لم يستعن بموسيقى الإنسان، وهو ما لامسه قليلا بتقديمه لمشهد محموم تحت ضجيج الصراخ، صراخ القتلى والخائفين والنساء والضحايا، لكنه عاد إلى موسيقى رتيبة أغلبها وقع طبول، نتفهم الحرب وطبولها، لكن كان يمكن التنويع أكثر، أو حتى الصمت تاركا فسحة للجسد وموسيقاه.

مسألة أخرى نراها غريبة جدا، هو غياب العنصر النسائي في طرح إشكالي يحاول أن يمتد عميقا في أقاصي التاريخ، فحتى قصة الخلق كان فيها آدم وحواء، والتاريخ أيضا كانت النساء محركا مهما فيه، ولا أدل من زنوبيا التي حكمت سابقا تدمر وغيرها. غياب الجسد النسائي مثل حلقة نقص فادحة في العرض، الذي لم تتحرر فيه الحركة بالشكل المطلوب.

نتفهم الحركات المنقبضة والتي تحاول الفكاك من القيود وتحرير الأيدي من خلف الظهر، كما تداعبنا حركات الانحناء وغيرها، لكننا نلاحظ أن الحركات منغلقة في أغلبها. يظهر الأمر عاديا في البداية، إذ التاريخ الإنساني دائما حركة فكاك ومحاولة خروج من القيود، لكن حتى حركة الدوران أو الارتفاع أو فتح الأيدي كلها كانت حركات منغلقة، فما معنى أن تفتح ذراعيك فيما قدماك شبه مضمومتين؟

هنا ربما نحيل إلى معطى اجتماعي، حيث كأننا بالضغط العقدي والاجتماعي حاضر في غياب العنصر النسائي المحكوم بالعادات، وفي أجساد الممثلين، التي لم توح بالشكل المطلوب وهي تحاول التحدث عن أكثر المفاهيم تعقيدا، مفهوم الإنسان، بين ماضيه وحاضره، ثيمة مثل هذه من الغريب ألا تحضر فيها حركة جنسية واحدة، إذ أن أجساد الممثلين فقدت في بعض الأحيان الحرية والليونة وهذا يفسر بحجم الضغط الاجتماعي الذي يتعرض له حتى الممثل العراقي، لكن يمكن تجاوز ذلك ويبقى أن نشيد بجهد الممثلين.

رئيس مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى فى جولة عربية أوروبية

مجلة الفنون المسرحية

رئيس مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى فى جولة عربية أوروبية


ينطلق المخرج مازن الغرباوى، رئيس مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى فى جولة كبيرة عربية أوروبية فى إطار استعدادات إدارة المهرجان للدورة الثالثة المزمع إقامتها فى أبريل ٢٠١٨، ويقوم بالعديد من الجولات والاجتماعات لمناقشة بعض الملفات الخاصة بمهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابى، وتوقيع عدد من البروتوكولات، حيث ستكون رحلته بين دول متعددة منها تونس والإمارات والكويت وفرنسا.
جدير بالذكر أن الغرباوى   ومع  رئيس مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، بروتوكول تعاون مع الفنان حاتم دربالة، مدير مهرجان أيام قرطاج المسرحية، على هامش فعاليات المهرجان وحضر توقيع البروتوكول سفير مصر بتونس نبيل حبشي والدكتور عاصم نجاتي الاستاذ باكاديمية الفنون والدكتور حسن عطية رئيس المهرجان القومي للمسرح المصري والدكتور أبوالحسن سلام الاستاذ بجامعة الاسكندرية بقسم المسرح ولفيف من المسرحيين والفنانين التونسيين منهم الفنانة سيرين جنون والمخرج معز تومي .

قدم حفل توقيع البروتوكول الاعلامي التونسي حافظ العلياني وفي بداية الحفل عبر المخرج مازن الغرباوي عن سعادته بتوقيع البروتوكول، ووجه الشكر لكل الحاضرين، وأيضا لأعضاء اللجنة العليا لمهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي

ومن جانبه قال الفنان حاتم درباله مدير مهرجان أيام قرطاج المسرحية إن الاتفاقية تأتي في إطار التعاون بين البلدين وبين عدة مهرجانات عربية وأفريقية وعالمية، والهدف منها العمل على توطيد العلاقات وتبادل الخبرات والمعلومات حول المنجز المسرحي في كل دولة، ويفتح من خلالها إمكانات وآفاق بين صناع الفعل المسرحية، وفكرة التعاون بين الدول وبعضها في اختيار العروض وجودتها وتبادلها لعد تمنع الحياة المسرحية.


اختتام الندوة الفكرية حول ” موقع النقد المسرحي من الحياة المسرحية اليوم وغَدًا” بأيام قرطاج المسرحية - بــــــــدعم مـــــــــــــــن الهيئـــــــــة العــــــــــربية للــمسرح

مجلة الفنون المسرحية

اختتام الندوة الفكرية حول ” موقع النقد المسرحي من الحياة المسرحية اليوم وغَدًا” بأيام قرطاج المسرحية - بــــــــدعم مـــــــــــــــن الهيئـــــــــة العــــــــــربية للــمسرح

 بشرى عمور

اختتمت صباح اليوم أعمال الندوة الفكرية حول: ” موقع النقد المسرحي من الحياة المسرحية اليوم وغَدًا” والتي تندرج في إطار فعاليات الدورة 19 لأيام قرطاج المسرحية بدعم من الهيئة العربية للمسرح. على مدى ثلاثة أيام بمشاركة ثلة من المسرحيين والأكاديميين وذلك بإصدار بيان ختامي الذي أكد على إنشاء مرصد عربي يعنى بالنقد المسرحي، يكون بمثابة هيئة عربية مختصة في هذا الشأن وتتألف من أكاديميين ونقاد، بالتعاون مع المعاهد والكليات المسرحية والهيئات الإعلامية الثقافية.

وقبل الجلسة الختامية، تم انعقاد الجلسة الأخيرة من الندوة والتي احتوت على أربع مداخلات، برئاسة الإعلامي التونسي (لطفي العربي السنوسي) وبمساهمة: الباحث المسرحي العراقي (د.بشار عليوي) بورقة حول:”النقد المسرحي الجديد، مقترح لقراءة ميديولوجية للمشهد المسرحي المعاصر”، والناقد التونسي (حاتم التليلي السنوسي) بمداخلة حول:“ماهية الناقد الأخير: أو في مشروعية وساطة الفلسفة” التي تتحدث عن “ما يدعو إليه المبدع المسرحيّ اليوم، نتيجة وقوعه طريدة سهلة في طور “صناعة الثقافة” بعبارة “أدورنو” ووعيه السلبي بمقولة “أفول هالة الفن” بعبارة “والتر بنيامين”، هو معاملة الناقد كما لو أنّه بوق دعاية لأعماله، ولذلك فهو يحاول في كلّ مرّة الاجهاز عليه بطرق مختلفة، بعد أن صار يحتكم إلى بدائل جديدة في التسويق إلى أعماله دون أدنى تصحيح نقدي أو نظري، ما أعطى مشروعيّة استنبات الانحطاط المسرحيّ والإعلان عن عزاء ميتافيزيقيّ كان النّاقد قربانه. ربّما يصحّ الحديث -أمام عدميّة الرّاهن في أزمنة سرديات الموت وحالة “النزاع اللاانساني” بعبارة “ليوتار”-، عن موت الناقد المسرحي مثلما مات قرينه المؤلّف مع “رولان بارت”، ولكن التسليم بذلك لن يفضي إلا إلى نوع من السّبي المعرفي داخل معادلة الرّاهن عينه، لذلك صار يتوجّب البحث عن ثقب داخل تلك المعادلة منه يبدأ التفكير من جديد، وهي مهمّة قد تحرّض الفلاسفة على التدخّل في شؤوننا الحياتية والثقافية والمسرحيّة من جديد، حتّى إذا ما فعلت ذلك صار ممكنا التنبّؤ بمولد “الناقد الأخير”، ذلك الرّؤيوي الذي تكون من مهمّاته زراعة المستقبل”. أما الناقد و الأكاديمي السوري (د. سليم عجاج) فقد تناول في موضوع:”حول مناهج وآليات إعداد وتكوين الناقد المسرحي” مبرزا الخلاف المستمر منذ زمن بعيد بين المبدع والناقد خلافاً أزليا ,دون وجود منافذ للخروج من هذه الدائرة المغلقة التي هي بالأصل خط متصل تكمل بعضها البعض… ولابد لكل منهما أن يعترف بالآخر. ويرى أن المشكلة الرئيسة البادية للعيان هي مسألة الاعتراف المتبادل بالقيمة الفنية ..يسبقها الاعتراف الديموقراطي بأنني دون الآخر ذاهب نحو العدم. أنا هنا هي الذات المبدعة سواء كان الفنان (ممثل – مخرج – مؤلف…تقني..) أو (ناقد فني ..)

وشرح (د عجاج) في ورقته “أن النتاج الإبداعي يفرض واقع حضور الفنان.فإن المسألة التي تسحق النقاش بشكل موسع أكثر هي. من هو الناقد المؤهل لأن يعيد تقييم الإبداع ..والجهد الإنساني المتميز للفنان.. ويحظى بالاعتراف الذي تختصره كلمات بسيطة, هي عبارة عن الاعتراف بكل ما كتب أو بعضه..؟ وكيف للإبداع الذي سبق النقد…أن يسلم ( وهو مركز العالم ؟؟ ) ,ودون تكرار ما نعرفه جميعا عن مواصفات الناقد. .أعتقد أن مسألة التكوين الأكاديمي النقدي الصحيح واحدة من أهم وسائل إعداد الناقد الذي سيحظى بثقة المبدع..ولكن ومع وجود الكثير من التنافر والاضطراب في العلاقة بين النقاد والمبدعين… لا بد من الاعتراف بأن هناك مشكلة واضحة في سياق إعداد الناقد في المعاهد والجامعات.. وأيضا هناك الكثير من الاقتراحات التي تعزز دور الناقد والثقة بما يطرح على طريق تخفيف التوتر الطبيعي بين مبدعين ..فنان وناقد.

أما الورقة التي كانت حسن الختام، فكانت للباحث والناقد المسرحي الأردني (د. مخلد الزيودي) بعنوان:” فض الاشتباك وإزالة الحواجز” والتي قربنا من خلالها برأي الكثير من صُنًاع العرض المسرحي في الوطن العربي أن النقد ألأكاديمي لا ينشأ ضمن مناخ مسرحي بل في محيط المعاهد والكليات الجامعية التي تدرّس الفنون المسرحية ضمن الخطط الدراسية والمناهج المقررة كإطار نظري لابد منه، وما يرافقه من نماذج تطبيقية مستمدة من التجارب المحلية والعربية والعالمية إن توفًرت كعرض حي أو كعرض مسجل على قرص مدمج أو ما كتبه النقاد عن هذه التجربة أو تلك في مختلف وسائل الاتصال. يُدرك الأكاديمي أن العرض المسرحي الحيّ شيء آخر، كيف لنا أن نفض الاشتباك ونزيل الحواجز الوهمية بين “الأكاديمي” الجامعات والمعاهد ومناهجها الدراسية وبين صُنّاع العرض المسرحي حتى يستفيد النقد من الجهد الأكاديمي، ويتمكن هذا الجهد في الوقت نفسه من الاستفادة من الحياة المسرحية الحقيقية؟ إذ ما علمنا أن النقد المسرحي الذي رافق التجارب الأولى للمسرحيين الإغريق كان نقداً تعليمياً ذو وظيفة توجيهية بطبيعته، فهو الدليل الذي يوجه المتلقي إلى ما يجوز أن يتناوله أو يتركه، وان كتاب أرسطو “فن الشعر” الذي تعتمده المعاهد والأكاديميات مصدر أساسي لتعليم النقد ذو طبيعة وصفية لا إرشادية، استند إلى مشاهدة أرسطو الشخصية لعروض التراجيديا تلك التي كتبها سوفوكليس. وعليه فأن النقد عمل إبداعي في أساسه وتاريخه وهو يؤسس للمنجز الإبداعي ويعيد إنتاجه وينحت مصطلحاته وهو لا يتبع بل يبدع نصه ويشكل ماهيته ويقوم بقراءة تأويليه للمنجز الإبداعي. وأكيد أن الثقافة الأكاديمية ضرورة في هذا المجال ، لأن الموهبة لا تكفي ، كما لا تكفي الخبرة الميدانية وحدها . فالموهبة والخبرة منطلق لفهم الظاهرة المسرحية . أما العامل الأكاديمي، فيعمق ذلك الفهم ويحصنه بالمعرفة العالمة التي تقربنا من منبع الحقيقة أكثر. ستناقش هذه الورقة أسس التلاقي بين النقد الأكاديمي القائم على التنظير والنقد الفني الميداني من اجل فض الاشتباك وإزالة الحواجز بينهما من خلال تقديم نماذج تطبيقية.

تصوير : سعد - ع
















الفنان عادل حسان: القدس مصدر يحرك الإبداع في المسرح العربي

مجلة الفنون المسرحية

 الفنان  عادل حسان: القدس مصدر يحرك الإبداع في المسرح العربي


قال عادل حسان، الناقد والمخرج المسرحي، إن المسرح واحد من أهم وسائل التعبير، حيث إنه متنفس مباشر للتعبير عن أى قضية، وبالتالى ليس بعيدًا عن القضية الفلسطينية، مؤكدًا أنه يعتبر انتفاضة للتعبير عن قضية القدس والنضال العربي بشكل عام.

وأضاف حسان، خلال تصريحات تلفزيونية له ، أن كتاب المسرح قدموا نصوصًا كثيرة عن القدس مثل "لن تسقط القدس" وقدمت فى القاهرة وتم عرضها فى جميع الدول العربية ونجحت نجاحًا كبيرًا.

وأشار إلى أن المسرح أحيانا يكون مصدر قلق، للعدو حيث يتقمص المتفرج القضية المثارة على خشبة المسرح مما تدفعه إلى أن يخرج من أجلها ويثور.

وأوضح، أن هناك فرقة "الحكواتى" وهي واحدة من أهم الفرق التى تناولت قضايا العروبة ومواجهة الاحتلال، حيث أنها كانت تتحرك لجمهور فى الشارع المصري، وتعرض كل الانتهاكات والأفعال المهينة التى يفعلها الاحتلال تجاه الفلسطينيين.

وأضاف، أن مسرحية "وا قدساه" هى من أهم المسرحيات التى ناقشت قضية القدس، مؤكدًا أن "اليهودي التائه" عرض مسرحي أزعج السفارة الأمريكية بالقاهرة.

تجربتي في المونودراما التعاقبية

مجلة الفنون المسرحية

تجربتي في المونودراما التعاقبية  

صباح الأنباري

(1)
مشروع المونودراما

عنوان لا يشي بشيء أبعد من كونه مخططاً لتقديم المونودراما بطريقة ما لا تتعدى حدود النص الذي اعتدنا على قراءته، والعرض الذي اعتدنا على مشاهدته حسب، إذ لا جديد أو مدهش في هذا بعد أن امتلأت الرفوف بها منذ بدء العمل على الكتابة فيها وحتى يومنا هذا. 
لم أكن أعرف شيئاً عن هذا المشروع الذي وضع لبناته وبيانه الفنان فاروق صبري، ولم أقرأ عنه في صحيفة ما، أو مجلة ورقية أو الكترونية ما. وبعد قراءتي له وجدت فيه أفكاراً ابتكارية فعلاً، ورؤية واضحة تتجاوز فكرة الثنائية، ولا تسقط في فخِّ الازدواجية، ووجدت أنه من المشاريع القابلة على التطور لديناميتها، وإن من الممكن التنظير لها، أو تعزيزها بما يكفل انجازها عملياً. لقد قدّم المشروعُ ثلاثَ طرق مبتكرة من شأنها أن تجدد كثيراً في بنية المونودراما التقليدية وتخلِّصها من رتابتها، ولا تقفل أفكارها بقفل الشخصية الوحيدة المستوحدة المنفردة في بث شفرات النص من على خشبة المسرح، بل تعمد إلى إدخال الشخصية التي كانت افتراضية في السابق، ومكتفية باستلام شفرات الشخصية المرسِلة غيابياً، وتفعيل دورها في الردّ على تلك الشفرات في موقف زاخر بالتناقضات وردود الأفعال الدراماتيكية. هذه الطرق الصورية الثلاثة كما وردت في بيان صبري الذي أرسله إليَّ لاحقاً هي:

1. "يروي لنا الممثل الأول حكاية العرض فإن فرغ من عرضها يبدأ الممثل الثاني بسرد نفس الحكاية ولكن من وجهة نظر مختلفة، وربما متعارضة عن الممثل الأول.
2. ممثل واحد يروي حكايته الشخصية، والحكاية تفرش أمامنا أحداثاً وشخصيات وما ان ينهي أو على وشك الانتهاء من روايته، يحدث عبر تغيير في بعض تفصيلات الخشبة: الانارة والأزياء والإكسسوار و.. و.. و.. يظهر الممثل نفسه بملامح مختلفة يشخص شخصية رئيسة ثانية من الحكاية ليرويها ولكن لبعض مفاصلها التي تبدو مختلفة وربما متعارضة عن حكاية الشخصية الاولى…
3. حكاية ما يرويها ممثل وما أن يصل نصفها نفاجأ بممثل أخر مختلف شكلاً واداءً في الجسم والنفس، وفي بعض سياقات البنية المضمونية والجمالية للحكاية".

ولقد لفتت انتباهي الطريقة الأولى بما فيها من تعاقبية تتحاشى كسر عمود المونودراما محافظة على شكلها الأحادي الذي بدونه تفقد قانونها الرئيس، وقاعدتها الذهبية، وعمودها الفقري، وهذا هو بالضبط ما أوحى اليَّ بفكرة عنونتها بـ(المونودراما التعاقبية) تمييزاً لمشروعها المختلف عن المونودراما التقليدية بشكلها واسلوبها. ورأى صبري أنني اقتربت من جوهر مشروعه كثيراً جداً مما جعله يتبنى التسمية لتكون عنواناً لبيانه المنشور في عدد من المواقع الالكترونية، هذا فضلاً عن تأكيده على إمكانية هذه الطريقة على تعاقب شخصيتين أو ثلاث شخصيات حسب مقتضى فكرة النص مع الحفاظ طبعاً على ما تتصف به من (الفردانية).
*
النصوص التعاقبية
شرعت بكتابة أول نص تعاقبي تحت عنوان (أسئلة الجلاد والضحية) وحرصت على أن يكون من شخصيتين تشتركان بموضوعة واحدة، وتختلفان في طريقة روايتها ضماناً للحفاظ على الصراع الذي هو جوهر الدراما وقدرتها الدينامية على خلق التوتر اللازم الذي يطرد الضجر ويخلق نوعاً من التشويق لمتابعة سير الأحداث عند الشخصيتين. 
تم الاتفاق مع صبري على إخراجه، وبدأَ الاشتغالَ عليه، والتحضيرَ له، ووضع كافة المقترحات اللازمة للعرض إلا أن الفكرة لم تجد حينها مؤسسة فنية داعمة، أو جهة رسمية تأخذ على عاتقها مسؤولية دعم المشروع والصرف عليه. وهكذا ظلَّ على حاله قائماً ومؤجلاً إلى إشعار غير معلوم. لقد أثار المشروع لغطاً كثيراً، وأسئلة، وحيرة، وانتقاداً، وتقوّلات كثيرة قبل البدء به عملياً مما اضطرني إلى كتابة مقال حاولت فيه وضع النقاط على الحروف، وتعريف المونودراما التعاقبية، وأسسها، وافتراضاتها الفنية. وقد تم نشر المقال في صحيفة (العالم) البغدادية في عددها المرقم 1142 والصادر بتاريخ 18/ 11/ 2014. وتبعت تلك التعاقبية بتعاقبية أخرى وأخرى. 
ثلاث تعاقبيات ولا يزال صبري منتظراً اليوم الذي يطلق فيه صيحة وليدنا التعاقبي البكر. خلال ذلك تسنّى لي طبع كتابي الموسوم ( مذكرات مونودرامية) وقد تضمن على التعاقبيات الثلاث فرأيت بدافع الوضوح أن أضع مقدمة تلغي التباس التسمية وما سيثار مجدداً ضدها فاخترت المقال نفسه وأجريت عليه بعض التعديل ليكون نشره ملائما لكتابي الجديد.

التعاقبية وافتراضاتها الفنية في المونودراما 
تنطلق المونودرامات التعاقبية الثلاث فنياً من المشروع التعاقبي الابتكاري الجديد الذي بدأته بنصي الريادي الأول الموسوم (أسئلة الجلاد والضحية)(1) فما هي التعاقبيّة في المونودراما؟ وما هي افتراضاتها؟ وما ضرورتها؟ 
بدءا أُثبِّتُ وجهة نظري التي لا تتقاطع أو تتعارض مع وجهات نظر بعض الأخوة ممن حاول تذكيرنا، أو الردّ علينا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو الصحف اليومية بتعريف المونودراما التقليدية انطلاقاً من اعتبارهم أننا خرقنا قانونها المركزي، وخرجنا عن وحدانيتها وفردانيتها، والذي جاء فيه "إنها العرض المسرحي الذي تمثله شخصية واحدة" مؤكدين على أن القانون الأول الذي يحكم النصوص والعروض المونودرامية هو الفردانية وهو قانون غير قابل للنقاش أو المداولة، وله حصانة كبرى ضدَّ الخرق مهما بلغت درجة حداثوية هذا الخرق أو تجريبيته. وهو العمود الفقري الذي لا يمكن كسره لأن النصوص والعروض قائمة عليه، ومن دونه يتهاوى بناء المونودراما المرصوص متحوّلاً إلى بناء تقليدي لمسرحية متعددة الشخوص. وقد حافظت وأنا أكتب نصوصي التعاقبيّة الجديدة على قداسة هذا القانون. فالمسرحية تبدأ بشخصية واحدة مستحضرة ماضيها وما حدث لها (ذاكرتها الانفعالية) وتأثير ذلك على حياتها آنيا وبشكل حيّ على خشبة المسرح. ولم أدعْ الشخصية تتوقف عن بثّ شفراتها النفسية والاجتماعية والفكرية المضادّة لأسمح لشخصية أخرى بالدخول إلى الخشبة لتفعل ما فعلته الشخصية السابقة ثم أعود ثانية وثالثة لأكرر الحالة حتى نهاية العرض بل، تركت الشخصية الوحيدة تكمل بوحها (خطابها) على خشبة المسرح (داخل النص)، وتنتهي إلى حيث ينتهي معها الفعل الدرامي مجترحاً خاتمة النص أو العرض الذي تسدل الستارة على أحداثه وعلى شخصيته الوحيدة. 
إن ما طرحته الشخصية (نصياً أو تطبيقياً) يمثل رؤيتها، وتعارض هذه الرؤية أو تقاطعها مع رؤية شخصية غائبة ومسببة لأزمتها، ودافعة إياها إلى حضن الفردانية والوحدانية التي ينبثق عنها العنصر الأكثر أهمية وهو الصراع الدرامي الداخلي الذي يتجسد من خلال حدة التناقض بين الشخصية ونقيضها، وبينها وبين نفسها، وبينها وبين الضغوط الخارجية من جهة أخرى ولكن دون أي تواجد حيّ للشخصية النقيضة على خشبة المسرح من شأنه أن يخرق الوحدانية، أو أن يخرج منها دافعاً إياها إلى التعددية.
عند هذه النقطة، نقطة النهاية واسدال الستار بالمعنى المسرحي الخالص تبدأ التعاقبيّة حركتها منطلقة وعارضة وجهة النظر الأخرى للشخصية التي عاملتها الشخصية الأولى كشخصية متهمة في تسبب الأزمة التي أوقعتها في حبائل وحدانيتها المدمرة. 
الشخصية الثانية إذن لا تتصل بالأولى إلا من خلال كونها ضحية لها، ونتيجة من نتائجها، ومسبباً رئيساً لأزمتها. وهي تبدأ مشوارها المسرحي بعرض ما لها وما عليها مدافعة عن وجهة نظرها واختلافها عن الشخصية الأولى ضمن نسق مسرحي واحد غير خارق لقانونها العام (الفردانية). وما تقدمه يشكّل رؤية مستقلة هي رؤيتها الخاصة والمختلفة في خصوصيتها عن الشخصية الأولى. إن لها نصها أو عرضها الذي لا علاقة له بالعرض السابق إلا من خلال ما بينّاه من نقاط الاتصال، وهي تأتي ترتيبياً بعد انتهاء المنودراما السابقة لتغدو المونودراما اللاحقة ومن هنا جاءت تسميتي لها بـ(التعاقبية).
أما الرأي القائل بتسمية العرض الجديد بـ(عرض الحضور والغياب) فإننا نعترض عليه أولا لكونه مبنياً على أساس التعددية، وثانيا لإمكانيته على أن يكون أحادياً في نص مونودرامي واحد تجسّده شخصية واحدة على الخشبة من خلالها نضع أيدينا على فعل الحضور الذي تمارسه الشخصية المونودرامية، وفعل الغياب الذي يصل الينا من خلال أزمتها ومحاكمتها للشخصية الغائبة المتهمة والمحكوم عليها غيابياً.
التعاقبية إذن تفترض وجود شخصية فردانية للمونودراما الأولى تمثل مسرحيتها ثم تغادر الخشبة بعد اكتمال كلَ شيء (كما جاء ذلك في الفقرة الأولى من مشروع صبري). وتفترض شخصية أخرى للمونودراما الثانية كانت موجودة في ذهن الشخصية الأولى كندٍ لها ونقيض مستقل. ولا اعتراض على كون الممثل التعاقبي يقوم بدورين مختلفين اختلافاً تاماً تتحكم بإظهار مهارته الفنية، وتقنيته، وقدرته على تمثيل أكثر من دور واحد في أمسية مسرحية واحدة. وتفترض أيضاً أن الفعل حدث على خشبة المسرح وانتهى ليبدأ بعده فعل آخر يتضمن على العناصر المونودرامية كاملة وهذا هو السبيل السليم الذي تقفو عليه خطى العملية التعاقبية. 
*
وتأكيداً لسلامة العملية التعاقبية فقد وضعنا عنوانات النصوص بشكل يتلاءم مع مزدوجة التناقض الشخصي فالنص الأول تشكّل من مفردات ثلاث (أسئلة الجلاد والضحية) فاذا استبعدنا المفردة الأولى فان المفردتين الباقيتين تعطينا انطباعاً أولياً على وجود شخصيتين متناقضتين (غالب ومغلوب) ضامنتين للصراع المباشر بينهما كحوارية ثنائية محكومة بالاتصال ولكنها في مسرحنا التعاقبي محكومة بالانفصال. وما ينطبق على النص الأول فانه ينطبق على النص الثاني (القاص والقنّاص) والمركب من شخصيتين منفصلتين أيضاً، ومتناقضتين جوهرياً فالشخصية الأولى (القاص) موكّلة للدفاع عن الحياة وجمالها بينما الثانية (القنّاص) موكلة لقتل الحياة وتدميرها، وينطبق أيضاً على النص الثالث (القتيل والقاتلة).
المونودراما التعاقبية عملية تسعى إلى الخروج عن التقليدية في الكتابة والعرض، وعن الشكل والمضمون، وتسعى إلى تثبيت منهج درامي خاص يتجاوز القديم، ويجترح الجديد. وإذا كان الفنان فاروق صبري قد وضع الخطوة الأولى على طريق التبشير بالعملية التعاقبية فإننا توازياً معه وضعنا الخطوة الأولى على صعيد التطبيق النصي الذي سيعقبه بالتأكيد اشتغاله عليه تعاقبياً (تطبيقياً) على وفق منظوره الفلسفي، ورؤيته الفنية والفكرية. ومن الجدير الإشارة هنا إلى وجود مشتركات عامة بين مؤلف النص التعاقبي وبين مخرجه. مشتركات فكرية تلغي الكثير من الحدود، وتقرّب الكثير من وجهات النظر وإن لم تلغِ الاختلاف بينهما. وتثبيت افتراضاتي في هذا المقال لا تعني بالضرورة الغاء ما افترضه الأستاذ فاروق صبري من أسس عامة لهذا المشروع مرتبطة بالعرض المسرحي. ثمة فارق بسيط يتجسد في نوعية الاشتغال على هذا المشروع. فالفنان فاروق صبري يشتغل على جانبه التطبيقي إخراجياً بينما اشتغلُ أنا على جانبه التطبيقي نصياً. هو يشتغل على الخشبة كمساحة للعرض بينما اشتغل أنا على الورق كمساحة للنص، وعليه فإن افتراضاتنا أخذت جانباً تخصصياً مشتملاً على جانبي العملية المسرحية تنظيراً وتطبيقاً منذ بدء الاعلان عن التعاقبية كمشروع ابتكاري متجاوز للتقليدية بحدود محسوبة ومحدودة فنحن لا نزعم أننا كسرنا حاجز التقليدية وهدّمنا جدار التقليد بشكل تام بل أكدنا مراراً على أننا سعينا من وراء هذا المشروع إلى تحقيق ذلك بكلّ ما نملك من قوة الابداع المتواضعة، وتركنا الباب مفتوحاً على مصراعيه لمن يأتي بعدنا فيضيف من عندياته لبنة جديدة، أو افتراضات جديدة، أو ابتكارات داعمة ومعززة لطبيعة المشروع التجديدية. ولا نريد الإطالة هنا بل نترك القارئ مع نصوصنا الثلاثة ليتحرّى بنفسه عن جوهر العملية التعاقبية.

الثقافة للجميع تحتفي بمخرج العذراء والموت وجزيرة الماعز حنون: إكتسبت الخبرة من كبار المخرجين المسرحيين

مجلة الفنون المسرحية

الثقافة للجميع تحتفي بمخرج العذراء والموت وجزيرة الماعز
حنون: إكتسبت الخبرة من  كبار المخرجين المسرحيين

 احمد جبار غرب  - الزمان 

اقام منتدى الثقافة للجميع الذي يديره عبد جاسم كاظم الساعدي جلسة للفنان والمخرج المسرحي ابراهيم حنون وذلك في قاعة الاحتفالات في المنتدى عصر السبت الماضي ادارها الفنان كاظم النصار،  وإبراهيم حنون مخرج مسرحي نال العديد من الجوائز المحلية والعربية وآخر أعماله حصل على الجائزة الاولى في تونس وله اعمال كبيرة كالعذراء والموت وجزيرة الماعز وحرب وحروب  وغيرها وهو يمتلك رؤية حداثوية لمسرحة الواقع بصياغة في ابتكار واكتشاف متجدد ويمتلك ثقافة مسرحية غزيرة أهلته لامتلاك ناصية الإخراج وأيضا ادارته للمهرجانات في منتدى المسرح الذي شغله عدة سنوات.

 وفِي كل احتفالية لأي مبدع نشخص الكثير من الخلل والسلبيات في واقعنا الثقافي فتارة نشكو من التمويل وتارة من الدعم والاهتمام الحكومي ومرة من الصراع والتنافس غير الشريف واعني هناك من يدخل لهذا المسلك ولا يؤمنون به كرسالة ابداع وإنما اعتباره تجارة ينتج واردات مالية وشتان بين ان تقدم فنا فيه قيم ومن صميم الواقع وبين فن يحاول نقل مهن فنية اخرى وجعل صالة المسرح مرتعا لها كما ساد في الثمانينات إبان المسرح التجاري, لقد تكلم فنانون ونقاد عن همومهم وتطلعاتهم لكن للأسف هذه الشواغل تنتهي ما ان نبارح باب القاعة الخارجية للمبنى وهذا ما نلمسه في اغلب الاحتفاليات لكنه يعكس رغبة الفنان والكاتب ان يكون فنه متطورا وان تكون الدولة عاملا مساعدا على انتشار الوعي الثقافي بل تتبنى هذا الوجه الحضاري للبلد والثقافة ركن حيوي من هذا الوجه وليس تحجيمه ومحاولة تعطيله بل تريد نسفه في احيان اخرى وكلام الاصدقاء لا يخرج عن باب التمنيات اذا ان صخرة سيزيف ستبقى عالقة معنا الى قيام الساعة قدم للجلسة الدكتور الفنان كاظم نصار حيث اكد على دور الضيف في الحركة المسرحية وأيضا المامه بالجانب الاداري وحيا فيه روح المثابرة والعزيمة حيث فازت الكثير من اعماله بجوائز في المهرجانات العربية وأكد على ان الظروف الصعبة والقاهرة التي مر بها العراق لم تمنع من التفرد والتميز المسرحي العراقي في اعمال جادة وقيمة وهذا شيء ينم عن اصرار وعزيمة يمتلكها فنانا العراقي وأيضا على حرص الفنان العراقي لأخذ مركزه الذي يستحقه في الحراك المسرحي العربي وحتى الان وهذا شيء يسر النفس ويبعث على الفخر ان العراق وتونس هما الافضل عربيا في مجال الفن المسرحي وهذا تم بجهود فردية حقيقة وما نحصل عليه من متطلبات العمل المسرحي وديمومته  ثم تحدث الفنان والمخرج المسرحي ابراهيم حنون عن نشأته في مدينة الثورة تلك المدينة التي تعج بالناس الفقراء ماديا لكنها حقيقة منجم للمبدعين وفي كل مجالات الحياة  وقال ان (في المدينة  كانت هناك 78 فرقة مسرحية اسسها شباب وغالبيتهم من الطلاب ) ومما جاء في كلمته (يجب ان اتحدث عن مدينتي اولا مدينة الثورة وهي مدينة هائلة جدا هناك ناس جاؤا من الريف الى بغداد هذه المدينة صنعت حراك ليس طبيعيا هذا الحراك ممزوج بالقهر الاجتماعي وبالترقب والتربص ومحاولة تشكيل نفسها , مدينة بسيطة جدا تفتقر الى ابسط الخدمات فيها 27 فرقة مسرحية في السبعينات والثمانينات وهذه الفرق تتنافس فيما بينها وفيها مكتبة جدا مهمة وهي مكتبة العباس بن الاحنف وفيها ايضا دار للسينما اسمها الرافدين ) ويضيف (كنا صغارا ابان العطلة الصيفية نذهب  وكان  اغلب طلاب المدينة فقراء و يعملون في العطلة الصيفية ورغم ذلك كنا نذهب الى المكتبة مساء وكانت اعمارنا مابين 14 و18 سنة  وهذه بها تأثيرات اخرين وهذه المدينة التي شكلت نفسها قدمت للمسرح العراقي والثقافة العراقية ككل اسماء كثيرة ومعروفين ومؤشرين ابناء هذه المدينة وعند دخولي كلية الفنون الجميلة  وهذا شيء مهم جدا والصدمة الكبرى انه وجدت في كلية الفنون الجميلة في الثمانينات وتنافسا حقيقيا على مستوى الاساتذة الجامعيين الذين كانوا يدرسونا مثل المخرجين الرواد صلاح القصب ،عوني كرومي وبدري حسون فريد وانا اعتبره حيا ،شفيق المهدي وأسماء مهمة جدا , وكل من هؤلاء يمتلك مشروعا مسرحيا في ابتكار وتجديد ,عملت مع هؤلاء الكبار وساعدوني في ان اجد منطقة المسرح تكويناتها ارضيتها كيف اتعامل معها وان اجد ناصيتي ورؤيتي كتلميذ جديد يحاول اكتشاف ما يدور حول(ستيج) المسرح  لاستخلاص التجربة بكل ابعادها وتوظيف ما اتعلمه لقدراتي الشخصية) وتحدث الدكتور عبد جاسم كاظم الساعدي وهو الانسان الذي جعل بيته مكانا للثقافة ومجانا وهذا منتهى البذل والكرم تحدث عن هموم المثقف العراقي وعن همومه فيما يتعلق بالثقافة وتكابده الحصرة وهو يؤشر الى هذا المكان ويقول هو ملك لكم اعملوا عليه احتفلوا في مناسباتكم  هو منبركم نحن نحتاج هذه الادامة لنخرج بنتيجة حراكنا الثقافي وهو الموئل لنا في هذه الظروف العصيبة  وأنا اهيب بكل الفرق المسرحية اذا لم تجد مكانا فأقول لهم هنا مكانكم ..ثم يقول عنه زميله القديم سيد حميد الراضي إبراهيم حنون مخرج مسرحي عراقي من مواليد الستينات عمل بالمسرح المدرسي منذ نعومة أظفاره عام 1974 في مدينة الثورة وشارك في فرق عديدة في المدينة كممثل ومخرج في سبعينات وثمانينات القرن الماضي أشهر الأعمال (قصة حديقة الحيوان ) لألبي أخرجها الراحل رعد شوحي والقاعدة والاستثناء أخرجها المبدع حسين علوان وأعمال كثيرة ثم أنظم في الثمانينات الى أكاديمية الفنون الجميله ومن هناك بدأ مسيرته المسرحيه كمسرحي أكاديمي واخرج أعمال مميزة تأخذ طابع الجدية والرصانة وهو مسرح خاص  به وهو المزج بين الاثارة الجدلية والمزج الفني للمشهد السينمسرحي ويقترب الى مسرح الصورة لأستاذه صلاح القصب لكنه أبتعد عن هذه المدرسه لتأثره بالسينما والصورة في مسرحه سينمائية ممسرحة لكن حنون يبقى مسرحه (نخبوي) لسبب لأنه يبتعد عن الحوارية الدرامية القصصية ثم ختمت الجلسة  بتحية الضيف والتقاط الصور التذكارية معه). وحضر الجلسة عدد من الفنانين وزملاء واصدقاء الفنان .

الأربعاء، 13 ديسمبر 2017

"المسرح" يفرج عن نزلاء السجون في تونس.. وفنانون: نتمنى تكرارها في مصر

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption