قراءة نقدية لمسرحية "الوحش والكبش ونصب الحرية "للكاتب صباح الأنباري
مجلة الفنون المسرحية
وضاء قحطان الحمداني
خلاصة المسرحية :
ان عنوان المسرحية يحمل معاني رمزية اكثر من غيره فالوحش هو جندي المارينز ، والكبش الفرد العراقي الانسان العادي البسيط ، ونصب الحرية
الذي يمثل رمز للحرية والعدالة والمساواة .تحكي
القصة ان هناك سجن هو سجن ابو غريب فيه معتقلين وشخصيات المسرحية ضمت : رجل 1سجين اول ، ورجل 2 سجين ثاني ، وكاتب
وسجين ثالث هم ابطال مسرحية صباح الانباري والمسرحية سياسية واجتماعية تنتقد الاوضاع السياسية والاجتماعية الراهنة والسابقة ، فالسجناء ملوا من السجن بعد سجنهم لمدة ستة اشهر ، اما الكاتب فانه مفعم بالامل ويقول لهم : بانهم سوف
يخرجوا ان اجلا ام عاجلا ويحلموا جميعا بيوم الحرية يوم الخروج من السجن ، ويبدا يسالهم الكاتب يسال السجينين عن سبب دخولهم السجن فيخبروه بانهما ليس لهما ذنب سوى انهم دافعوا عن عرضهم وقتلوا احد جنود الاحتلال لانه اراد ان يغتصب احدى الفتيات بعد ان قتلوا ابوها واخوها وامها امام ناظريها وهي تصرخ مستغيثة ، فيقول لهم
الكاتب ان المقاومة امر قانوني لكن لا قانون مع وجود المحتل لانه صاحب القرار الاول والاخير في اي امر يتخذه سواء اكان الامر خاطىء او صحيح ثم ان مجتمعنا العربي له عادات وتقاليد تختلف
جذريا عن عادات وتقاليد المواطن الغربي سواء اكان مواطنا عاديا او جنديا ، ثم يطلب الكاتب من
الرجل 1 والرجل 2 ان يمثلوا مسرحيته وهي التي تحكي واقعهم ثم ينتقل الحدث فجاة الى تمثيل واقعة الطف وتشابيه الامام الحسين حيث يمثل
دور اولاد عقيل والشمر وعندما يظهر الشمر يرجم بالحجارة حتى ينضح دما كثيرا ، وفي هذه الاثناء ياتي انتحاري مرتديا حزاما ناسفا ويدخل وسط جموع تشابيه الامام عليه السلام فيفجر نفسه ويقتلوا اولاد مسلم والشمر وبعض الرجال الذين كانوا بالقرب من تشابيه الامام الحسين وموكب الامام الحسين عليه السلام ، ثم النهاية تكون بان ياتي شخص ويفجر نفسه امام تمثال الحرية فيقتل من كان بالقرب من التمثال ويسقط الثمثال الذي يمثل رمزا للحرية والاحرار في الحياة جمعاء .
تحليل المسرحية :
ان المسرحية التي تحمل عنوان الوحش والكبش ونصب الحرية فيها اربع لوحات ، اللوحة الاولى: تمثل نزلاء السجن رجل 1 ورجل 2 والكاتب يهتم برجل 1 اكثر من رجل 2 لكن الاثنين لديهم نفس الاهداف والامال والطموحات وكانهما صورة ونسخة
عن الاخر او وجهان لعملة واحدة ، واللوحة الثانية : قصة دخولهم للسجن بسبب قتل احد رجال المارينز الذي اغتصب احدى الفتيات بعد ان قتل اخوها وابوها وامها ، واللوحة الثالثة : تجسيد تشابيه الامام الحسين وعرض لمواكب الامام الحسين المستمرة مهما زاد الارهاب وسطوته تجاه شيعة الامام لكنهم يبقون متحلين بالعزم والقوة والاصرار والصبر على
زيارة الامام الحسين ابن الامام علي وخليفة الرسول الاعظم ( محمد ) صلى الله عليه وعلى اله وصحبه المنتجبين الاخيار حتى لو كلفت زيارته بان يقتلوا في سبيل الدفاع عن ثورة الامام الحسين تلك الثورة
التي اعلت كلمة الله وكلمة الاسلام وشرف الله هو الكلمة كما يقول عبد الرحمن الشرقاوي في مسرحيته الحسين ثاءرا هي ثورة الانسانية وثورة الحق ضد الباطل في اي زمان حل واي مكان كان ، واللوحة الرابعة : هي مسالة متخيلة وهي قضية تفجير تمثال
الحرية بامريكا والكاتب يحدث تناص بين تمثال الحرية ل ( جواد سليم ) وتمثال الحرية ب( نييورك)
للنحات الفرنسي ( فردريك بارتولدي ) والنصب يمثل
سيدة تحمل مشعل في يد وكتاب في اليد الاخرى والراس فيه سبع اسنة ترمز الى قارات العالم السبع او البحار السبع وتنتهي المسرحية بعلو نشيد العراق موطني والقيام بحركة جست تشبه حركة المفكر
السجين في نصب الحرية ل( جواد سليم ) ، ان الكاتب صباح الانباري في مسرحيته اراد ان يسلط
الضوء على المعاناة التي تحدث في السجون وزيارة
سيد الشهداء ، وان هناك اشخاصا يحملون افكارا ووعي وادراك ولم يفعلوا شيء من اخطاء سوى انهم قاوموا بالطرق المشروعة ، والمسرحية متخيلة الاحداث ، وهي تمزج بين الوهم والحقيقة ، وهذا هو هدف الكاتب من كتابة هكذا نوع من المسرحيات
التي تمزج بين الوهم والحقيقة ، والمسرحية خالية
تماما من الطابع الكوميدي ، وتهتم اهتماما كبيرا بالاوضاع السياسية والاجتماعية الذي يعيشه البلد
في تلك الفترة ، وقد اشر البحث على مجموعة من
المعطيات وهي : ان المسرحية تكشف الحقيقة وتلمس الواقع فتقول الحقيقة في بعض اجزاء المسرحية وحواراتها وهذه هي الحوارات التي تثبت
هذا الشيء ، الكاتب : ( لانني لم ارحب بقدومهم ولم
اهتف بحياة من سبقوهم ، السابقون منحوا واحدة من مسرحياتي جاءزة الابداع ، ورقيبهم رفض عرضها
على اي مسرح من مسارحنا ) (١).
وايضا الحوار الاتي يكشف الحقيقة ويلمس الواقع ويصيب به كبد الواقع عندما يقول وهو مخاكبا رجل1 ورجل 2 ، الكاتب :( اريد منكما ان تتذكرا اليوم الذي دخل فيه المحتلون بلادنا بدعوى التحرير
وكيف تركوا الحدود مفتوحة ، بتعمد لمن هب ودب وكانوا قادرين على اغلاقها ، تذكر ما حدث بعد ذلك )(٢).
وبعد التفجير الذي اصاب موكب الامام الحسين عليه السلام نلاحظ ان رجل 1 يكشف الحقيقة ويحاول
هدم الجدار الرابع وكسر الايهام عندما يخاطب الجمهور بحواره ، رجل 1: ( اكان هذا مجرد كابوس ام هو ما حدث لنا فعلا .. اللعنة لم اعد اميز بين ما نقوم به من تمثيل وبين ما يحدث لنا فعلا .. لقد التبس علي الامر .. ساحاول ان .. هذه الوجوه اعرفها.. اليس هذا ابن صديقي .. انه هو بالتاكيد..
ولكن اين والده ¿ واين شقيقه الصغير ¿..( صارخا
بقوة ) ..لا .. لا يمكن ..لم يكن الامر حقيقيا ).(٢). وهو يذكرنا بمسرح بيرانديللو في احد اركانه حينما يمزج بين الوهم والحقيقة بين الحلم والواقع .
فيجيبه الممرض بجواب نلاحظ فيه كشف الحقيقة وعلى ارضية من الواقع ويذكرنا بحوار مسرحية ( هاملت ) على لسان شيكسبير ان الدنيا مسرح كبير والجميع فيه ممثلون ، الممرض : ( صدقت لقد صارت
حياتنا كلها تمثيل في تمثيل ) .
وتنتهي المسرحية باستخدام الموسيقى وبخاصة نشيد العراق موطني .شخصيات المسرحية قد تكون
متخيلة او حقيقية وهي شخصيات غير نمطية وتعد
رموز اراد المؤلف ان يوصلها للمتلقي .
الهوامش :
صباح الانباري ، مسرحية: الوحش والكبش ونصب الحرية ، مجموعة مسرحيات شهوة النهايات ،ط1،(
بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ،٢٠١٣ ).
المصدر نفسه ص 103.
المصدر نفسه ص 115
المصدر نفسه ص116. (2)
0 التعليقات:
إرسال تعليق