أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الخميس، 26 أكتوبر 2023

مسرحية للفتيان " عذراء اريدو " تأليف طلال حسن

مجلة الفنون المسرحية
الكاتب طلال حسن


   مسرحية للفتيان  " عذراء اريدو "  تأليف  طلال حسن

     شخصيات المسرحية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


1 ـ الملك

2 ـ الملكة

3 ـ الوزير

4 ـ الكاهن اكاشكو

5 ـ الكاهن العجوز

6 ـ الكاهنة

7 ـ الكاهنة العجوز

8 ـ الصياد اتانا

9 ـ الفتاة كاتيا

10 ـ الجدة

11 ـ المرافقات

12 ـ الكاهنة الشابة








المشهد الأول



                             داخل الكوخ ، الجدة

                              تتمشى بادية القلق


الجدة : انتصف النهار ، ولم تعد صغيرتي
كوكو " تتوقف مفكرة " لابد أنها الآن
عند شاطىء النهر ، تراقب الصياد
مبهورة ، وكأنه لا يصيد السمك ، وإنما
يأتي بالمعجزات " تتمشى قلقة " كم
أخشى أن تغرق كوكو في فتوة هذا
الصياد وأحلامه ، وهي مازالت طفلة لا
يزيد عمرها عن .. " الباب يُطرق
فتتوقف " ترى من الطارق ؟ هذه ليست
كوكتي ، إن كوكو لا تطرق الباب " تتجه
نحو الباب " إذن من يكون ؟ " الباب
يُطرق ثانية " مهلاً ، مهلً " تسرع في
مشيها " إنني قادمة " تفتح الباب ، يلوح
الكاهن اكاشكو .. مذهولة " سيدي الكاهن
اكاشكو !

اكاشكو : صباح الخير أيتها الجدة .

الجدة : صباح النور ، تفضل ، يا سيدي . 

اكاشكو : " يلتفت إلى الخارج ويومىء برأسه "
....

الجدة : " تنظر عبر الباب " ليتفضل من معك
يا سيدي ، البيت بيتكم .

اكاشكو : لا عليكِ ، إنهما مرافقايا الشابان ،
والأفضل أن ينتظرا في الخارج .

الجدة : كما تشاء ، يا سيدي " تتنحى قليلاً "
تفضل ، يا سيدي ، تفضل .

اكاشكو : " يدخل " باركك الإله العظيم انو .

الجدة : المجد للإله العظيم انو " تقف حائرة "
أهلاً بك سيدي ، أهلاً بك .

اكاشكو : " يتطلع حوله " أشكرك .

الجدة : عفواً سيدي ، إن كوخي مثلي تماماً ،
        بسيط ومتواضع .

اكاشكو : الآلهة العظيمة ، أيتها الجدة ، لا تحب
سوى البساطة والتواضع .

الجدة : لتحفظك الآلهة وترعاك ، يا سيدي .

اكاشكو : لا أظن أنك تعيشين وحدك في هذا
الكوخ المنقطع .

الجدة : بالطبع لا ، يا سيدي ، إن حفيدتي كوكو
        تعيش معي .

اكاشكو : " يبتسم " كوكو !

الجدة : " تبتسم بدورها " هكذا أدللها ، فهي
مازالت طفلة صغيرة .

اكاشكو : " يهز رأسه " طفلة .

الجدة : أرجوك سيدي " تشير إلى حشية بسيطة
" تفضل بالجلوس " مترددة " إن كنت
متعباً .

اكاشكو : لا ، لست متعباً ، أشكرك .

الجدة : عفواً ، إنها حشية فقراء ، لكن ..

اكاشكو : لا عليك ، كلنا فقراء أمام الآلهة .

الجدة : المجد للآلهة .

اكاشكو : " ينظر عبر النافذة " مررت من هنا ،
وأنا أتجول في هذه الغابة ، ورأيت الكوخ
، وأردت أن أسلم على من فيه .

الجدة : حفظتك الآلهة ، يا سيدي ، ورعتك .

اكاشكو : إنني أغادر هذه الأيام معبد الإله في
اريدو ، وأجيء بين فترة وأخرى ،
للإقامة في كوخ متواضع ، في الطرف
الآخر من الغابة .

الجدة : أنا معك ، يا سيدي ، فالجو في مثل هذه
الأيام رائع هنا .

اكاشكو : هذا ليس هو السبب الأساس ، أيتها
الجدة ، وإنما لأن الطاعون ، وهو سيف
حارق من سيوف الإله نركال ، يحصد
الناس في اريدو .

الجدة : " خائفة " فلتحمنا الآلهة من الطاعون
وشروره .

اكاشكو : إن الإله العظيم نركال غاضب أشد
الغضب ، وبدل أن يشعل حرباً ، تأكل
الأخضر واليابس في اريدو ، سلط على
أهلها سيف الطاعون الحارق .

الجدة : سمعت ،  يا سيدي ، أن الناس يموتون
كل يوم بالعشرات في اريدو .

اكاشكو : هذه ليست سوى البداية ، إن العالم
الأسفل ، الذي تملك عليه الإلهة
ارشكيكال سيفيض بالأموات ، إن لم
نفعل ما يرضي الإله نركال ، فيرفع عنا
سيف غضبه .

الجدة : " خائفة " المجد للإله نركال ، ولتحمنا
الطبيبة السيدة العظيمة كولا .

اكاشكو : المجد للآلهة ، المجد للآلهة " يصمت
فترة " أيتها الجدة .

الجدة : " تتطلع إليه " نعم سيدي .

اكاشكو : لا أذكر أنني رأيتكما مرة ، في معبد
الإله نركال ، لا أنت ولا حفيدتك .. "
يفكر " ما اسمها .

الجدة : كوكو ، يا سيدي .

اكاشكو : " يحدق فيها " لماذا ؟

الجدة : عفواً سيدي ، إن معبد الإله نركال في
اريدو بعيد ، وأنا كما ترى ، يا سيدي ،
امرأة متقدمة في العمر .

اكاشكو : لكن حفيدتك كوكو ليست متقدمة في
العمر " مستدركاً " على ما ذكرت .

الجدة : نعم يا سيدي ، إنها في الرابعة عشرة
من العمر ، وقد لا تصدق إذا قلت لك ،
إنها لم ترَ اريدو حتى الآن .

اكاشكو : عجباً ، إن من يسمعك يظن أن اريدو
في آخر العالم .

الجدة : لم يعد في هذا العالم ، يا سيدي ، من
يمكن أن يأخذها إلى اريدو ، فقد رحلت
أمها وهي تضعها .

اكاشكو : هذا أمر مؤسف حقاً .

الجدة : وقتل أبوها قبل ذلك في الحرب ، ولم
يعد لها غيري في هذا العالم ؟

اكاشكو : ما تشاؤه الآلهة لا يعرف سره ، أو يفهم
الحكمة منه أحد من البشر .

الجدة : المجد للآلهة العظيمة .

اكاشكو : لنضع ثقتنا في الآلهة ، ولنعمل بما تأمر
به ، وسيكون كل شيء على ما يرام .

الجدة : المجد للآلهة العظيمة .

اكاشكو : أيتها الجدة ، كنت أتمنى أن أقضي معك
مدة أطول ، لكن أزف الوقت ، وعليّ
الآن أن أذهب .

الجدة : مهلاً سيدي ، لعل كوكو تأتي ،
وتتشرف بلقائك " تنصت ثم تصيح فرحة
" إنها كوكو " تخاطبه بنبرة " أرجوك ،
ابقَ لحظة ، ستفرح كوكو برؤيتك .


                         يُدفع الباب ، وتدخل

                        كاتيا منطلقة الأسارير


كاتيا : جدتي . 

الجدة : كوكو ، انظري من شرفنا بالزيارة .

كاتيا : " تنظر إليه ، ويتلاشى انطلاقها " ....

الجدة : تعالي ، يا كوكتي ، وقبلي يد الكاهن ،
إنه رجل مبارك.

                 كانيا تبقى جامدة في مكانها

الجدة : سامحها يا سيدي, إنها فتاة صغيرة خجولة ولم يسبق لها أن رأت رجلاً مباركاص مثلك.

أكاشكو : لا عليك تبدو ذكية وستتعلم عاجلاً أو أجلاً كيف تتعامل مع الآخرين.

الجدة  : ألف شكر، فهذا عطف بالغ منك يا سيدي.

أكاشكو : " يقترب من كانيا" اسمك كوكو ؟ 

كانيا : كلا، اسمي كانيا.

أكاشكو : لكن جدتك تقول ان اسمك كوكو.

كانيا : هكذا تدللني وكأني مازلت فتاة صغيرة.

الجدة : أنت فتاة صغيرة فعلاً يا كوكتي.

كانيا : " محتجة " جدتي.

أكاشكو : مادمت لست فتاة صغيرة، فكان عليك أن تترددي على المعابد في أريدو كما تفعل الفتيات اللواتي في عمرك .

كانيا : سأزور أريدو في عيد الربيع.

الجدة : لن أدعك تذهبين وحدك ، فأريدو بعيدة ومترامية الأطراف .

كانيا : ومن قال أنني سأذهب وحدي ؟

الجدة : من سيأتي معك ؟

كانيا : أنت يا جدتي، أنت ستأتين معي .

الجدة : أنا ! لكني امرأة عجوز لا أقوى على سير هذه المسافة الطويلة كلها.

أكاشكو : لا عليك، فالآلهة قادرة على أن تجعلك تركضين كالغزالة .

الجدة : كالغزالة! آه يا سيدي ، يكفيني أن أسير كالسلحفاة .

أكاشكو : كانيا .

كانيا : " تنظر إليه صامتة" ....

أكاشكو : أخبرتني جدتك أن والديك قد رحلا إلى العالم الأسفل .

 كانيا : " لاترد" .

الجدة : نعم، رحلا دون أن ترى ايا منهما .

أكاشكو : من يدري؟ لعل للآلهة حكمة في ذلك .

كانيا : " تنظر إليه متوجسة" .

أكاشكو : ثم أن جدتك امرأة عجوز .

الجدة : نعم، ومريضة أيضاً .

أكاشكو : وقد لا يطول بها المقام في هذا العالم الفاني .

الجدة : إنني متعبة حقاً , لكني لا أريد أن أترك صغيرتي كوكو وحيدة .

أكاشكو : كوكو لن تكون وحيدة ما دامت في حمى الآلهة والمعبد هو قلعة الآلهة وحماها .

كانيا : " تنظر إليه بعدم ارتياح" .

الجدة : هل أفهم يا سيدي أن .. ؟

أكاشكو : نعم أيتها الجدة، يمكنها ، إذا أرادت أن تدخل المعبد .

الجدة : " فرحة" وتكون كاهنة؟ المجد للآلهة .

كانيا : كلا ، أريد أن أبقى هنا مع جدتي .

أكاشكو : لكن جدتك كما ترين امرأة..

كانيا : جدتي في صحة جيدة ولن أتركها أبداً مهما كان السبب .

الجدة : بنيتي ..

كانيا : جدتي ، أرجوك .

أكاشكو : " للجدة" دعك منها الآن، إن ما تريد الآلهة أن يكون سيكون .

الجدة : المجد للآلهة .

أكاشكو : لقد تأخرت ، علي أن أذهب بسرعة "يتجه نحو الباب" اهتمي بنفسك أيتها الجدة "يتوقف عند الباب" الطاعون ينتشر في كل مكان .

الجدة : "تتوقف مرتعدة" لتحمنا منه الطبيبة ، السيدة العظيمة، الآلهة كولد .

أكاشكو : "يفتح الباب" استودعكما الآلهة .

الجدة : في أمان الآلهة، سيدي .

أكاشكو : " يخرج مسرعاً، الجدة تغلق الباب".

الجدة :"منفعلة" أيتها المجنونة .. 

كانيا : جدتي ..

الجدة : إنه رجل مبارك .

كانيا : أكاشكو هذا ..

الجدة : قادته الآلهة إليك ..

كانيا : رأيته مراراً يتوارى خلف الأشجار ..

الجدة : لإنقاذك من هذا الفقر ..

كانيا : ويختلس النظر إلى .

الجدة : " تصمت محدقة فيها" .

كانيا : لم أرتح لنظراته يا جدتي ، لم أرتح إليها أبداً .

الجدة : لعلك مخطئة ، نعم مخطئة ، فتلك النظرات قد تكون نظرات الصياد وليس نظرات الكاهن .. أكاشكو .

كانيا : لا يا جدتي، للصياد نظرات مختلفة .

الجدة : كفى ، أنت مازلت طفلة، وطفلة مثلك لا تفهم .. النظرات .

كانيا : " تنصت" جدتي ..

الجدة : " تنصت بدورها" آه ، لعله الرجل المبارك عاد ..

كانيا : لا، هذا ليس .. أكاشكو .

الجدة : سأفتح الباب وسترين .

كانيا : توقفي يا جدتي .

الجدة :"تتوقف" .

كانيا : "تتجه نحو الباب" أنا سأفتحه .

الجدة : لا تتعجلي يا صغيرتي كوكو، تأكدي أولاً من هوية القادم .

كانيا : أعرفه، إنه هو .

الجدة : هو! من هو ؟

كانيا :"تفتح الباب، أتانا عند العتبة" .

كانيا : أتانا !

الجدة : أدابا !

كانيا : "مازحة" لا يا جدتي،حفيده .

الجدة : لقد كسر أدابا أجنحة ريح الجنوب ، وكم   أخشى أن يكسر حفيده قلبك .

كانيا : هذا أتانا يا جدتي وليس الكاهن.. أكاشكو .

الجدة : لتسامحك الألهة .

كانيا : "لأتانا" تفضل، تفضل .

أتانا : "يدخل حاملاً السمكة" لقد اصطدت السمكة بعد أن عدت إلى البيت فقلت في نفسي لن تأكلها غير ..كانيا .

كانيا : "تغمز له مشيرة إلى جدتها" .

أنانا : نعم، كانيا.. وجدتها العزيزة .

الجدة : آه .

كانيا : "تأخذ السمكة" أشكرك يا أتانا، إنها سمكة رائعة ، سأنظفها وأشويها لجدتي الحبيبة .

الجدة : "تهز رأسها" نعم، نعم، اخدعاني .

كانيا :جدتي ، لا تنسي أن جدي نفسه كان صيادا .

أتانا :"يفتح الباب ويخرج" .

كانيا : "تتجه إلى الخارج" جدتي ، سأذهب إلى النهر وأنظف السمكة .

الجدة : "تحدق بها" بنيتي، كوني أعقل مني .

كانيا : كلا" وهي تخرج حاملة السمكة" لن أذهب إلى أكاشكو .

الجدة : حقاً، لقد جنّت كوكو .


                           الجدة تدمدم متذمرة 

                           ، ثم تصفق الباب


                                إظلام
















المشهد الثاني




        النبع، كانيا تتمشى 

                          حاملةً ثوباً ملفوفاً


كانيا : هذا وقته ، إنه دقيق في مواعيده، كدقة ننا إله القمر "" تتوقف قلقة" لعلي أخطأت في مغادرة الكوخ ، إن جدتي مريضة ولم يخفف من مرضها الدواء الذي جاءها به الكاهن أكاشكو "تهز رأسها" لو كان الكهنة كلهم على شاكلته لما دخل أحد المعابد في أريدو "تنظر إلى الثوب" سيفرح أتانا به وسيعرف أني صرت خياطة ماهرة مثل جدتي "تمشي قلقة" ربما كانت الآن بحاجة إلي ، وأنا هنا أنتظر أتانا "تتوقف متلهفة" ها هو قادم، نعم، تأخر قليلاً، لكنه.. "يفتر تلهفها" لا، هذا ليس أتان، فأتانا عندما يسير..

الجدة : "تدخل لاهثة متوكئة على عصا".

الجدة :كوكو .

كانيا : " تسرع إليها" جدتي .

الجدة :"تتوقف لاهثة" لا تخافي إنني بخير .

 كانيا : أنت مريضة يا جدتي وكان عليك أن لا تغادري الفراش .

الجدة : جاء الكاهن أكاشكو بنفسه "تريها قنينة دواء" وجاءني بالدواء مرة أخرى .

كانيا :"تنظر إلى القنينة بعدم ارتياح" ليتك تتركين هذا الدواء يا جدتي فهو لم يفدك ولن يفيدك .

الجدة : بالعكس يا كوكتي ، إنه دواء شاف، وقال لي الكاهن أكاشكو اشربيه أيتها الجدة وسترتاحين إلى الآبد .

كانيا :"خائفة" جدتي ، ارميه .

الجدة : تعالي ، يًريد أن يراك.

كانيا : لا ، ليبتعد عنا ، لا أريد أن أراه .

الجدة : أيتها المجنونة، إنها أكاشكو كاهن معبد الإله نركال .

كانيا : ليكن من يكون ، لا..

أكاشكو :" يدخل ومن ورائه يدخل مرافقاه" .

الجدة :"هامسة" كوكو، جاء الكاهن أكاشكو .

كانيا : "متمتمة" لتأخذه آلهة العالم الأسفل ، أرشكيجال.

الجدة :"مؤنبة" بنيتي .

أكاشكو : "يقترب منهما" كانيا .

كانيا :جدتي مريضة ، وكان يجب ألا تغادر الفراش .

أكاشكو : جدتك مريضة فعلاً ، ولن ترتاح إلا إذا أطمأنت على مستقبلك .

كانيا : مُستقبلي هنا ، حيث ولدت وترعرت.

أكاشكو : أنت صغيرة ويتيمة وليس لك أحد هنا يرعاك ويحميك .

كانيا : لي جدتي .

أكاشكو : جدتك كما ترين امرأة مسنة ومريضة .

كانيا : مهما يكن، سأبقى مع جدتي ، سأبقى معها ما دامت على قيد الحياة .

الجدة :"بصوت واهن" كوكو ..

كانيا : جدتي .

الجدة : إنني .. كما يقول هذا .. الرجل المبارك..امرأة مسنة.. مر..يضة "تتهاوى"  آ..ه .

أكاشكو : "يسارع بإسنادها" استندي عليّ أيتها الجدة الطيبة .

كاني :" تترد في الاقتراب من الجدة" جدتي .

أكاشكو : "لكانيا" أرأيت ! 

الجدة : بنيتي .. يبدو أن آلهة .. العالم الأسفل .. أرشكيجال.. تناديني .

كانيا :" بصوت دامع" لا ، لا يا جدتي .

الجدة : أريحيني .. وأعملي بما ينصحك به .. هذا الرجل المبارك .

كانيا :" تنظر إلى أكاشكو صامتة" .

الجدة : الجدة :" تتأوه متألمة" آ..ه .

أكاشكو :" يشير لمرافقيه" تعالا .

المرافقان : "يسرعان إليه" سيدي .

أكاشكو : أسنداها .

"المرافقان يسندان الجدة"

أكاشكو : أنها متعبة ، لنأخذها إلى الكوخ .

الجدة : "بصوت وأهن" كا..نيا .

كانيا : "تنظر إليها متألمة" .

أكاشكو : هيا، فلنمض ِ .

" أكاشكو ومرافقاه يخرجون بالجدة، كانيا وحدها"

كانيا :ياللآلهة، جدتي مريضة وعليّ أن أكون إلى جانبها، لكن هذا الــ.. أكاشكو "تمشي منفعلة" آه يا جدتي ، أريد أن أبقى هنا ولا أريد أن أذهب لا إلى المعبد ولا إلى أي مكان آخر "تتوقف منفعلة" لابد أن أعود إلى الكوخ، فجدتي مريضة " تصمت ثم تهز رأسها" كلا ، لن أدخل الكوخ حتى يغادره أكاشكو وغراباه الغبيان " تنظر إلى الثوب" جئت لأفرح أتانا وأفرح معه، و.. "تسير متجهة إلى الخارج" جدتي بحاجة إليّ الآن ويجب أن أذهب..

أتانا : "من الخارج" كانيا .

كانيا : "تتوقف" أتانا .

أتانا : "يدخل فتلتفت كانيا وتسرع إليه" .

كانيا : تأخرت يا أتانا وهذه ليست عادتك .

أتانا : جئت ككل مرة في الموعد المحدد .

كانيا : عجباً، لم أرك .

أتانا : لم تكوني وحدك فوقفت أنتظر وراء تلك "يشير بيده" الشجرة .

كانيا : آه، رأيت إذن كل شيء .

أتانا : "يهز رأسه" .

كانيا : وسمعت أيضاً .

أتانا : ليس كل شيء .

كانيا :ها أنت قد رأيت أكاشكو .

أتانو : نعم، ورأيت معه..

كانيا : غراباه .

أتانا : ليته غراب مثلهما، فهو على ما يبدو .. أفعوان .

كانيا : افعوان !

اتانا : افعوان سام .

كاتيا : جدتي تقول إنه رجل مبارك .

اتانا : بل افعوان .. سام .. وغير مبارك .

كاتيا : لن أخالفك ، فأنت صياد ماهر ، والصياد أدرى . 

اتانا : وأنا الصياد ، لا أحب الافعوان .

كاتيا : وأنا مثلك ، لا أحبه .

اتانا : أنا أحب .. الغزالة .

كاتيا : " تبتسم فرحة " ....

اتانا : وإذا تصدى الافعوان للغزالة .. 

كاتيا : " تضحك " ادابا ، حين تصدت له الريح الجنوبية ، كسر جناحها .

اتانا : وأنا حفيده سأكسر الافعوان إذا تصدى للغزالة .

كاتيا : " تكف عن الضحك " لتبعدنا الآلهة عنه ، وعن غيره من الأفاعي السامة " تصمت ثم ترفع عينيها " اتانا .

اتانا : " ينظر إليها صامتاً " ....

كاتيا : " تدفع الثوب إليه " جئتك بهدية .

اتانا : " يقلب الثوب حائراً " ....

كاتيا : " تدمع عيناها " هذا ثوب نسجته بنفسي. 

اتانا : " يحدق فيها " أشكرك .

كاتيا : " بصوت تخنقه الدموع " آمل أن يعجبك .

اتانا : كاتيا ..

كاتيا : " بصوت باك " أردت أن أراك .. وقد ارتديت .. هذا الثوب .

اتانا : أنت تبكين ، ما الأمر ؟

كاتيا : " تجهش بالبكاء " جدتي ، جدتي ، يا اتانا .

اتانا : جدتك ستكون بخير ، اطمئني .

كاتيا : " تهز رأسها " ....

اتانا : إنها قوية كالصخر ، وستشفى .

كاتيا : لن تشفى مادام اكاشكو يحوم حولها .

اتانا : " بنبرة تهديد " هذا الافعوان .

كاتيا : " تتمالك نفسها " اتانا .

اتانا : " يهم بالخروج " سأكسر هذا الافعوان.

كاتيا : " تحضنه " لا يا اتانا ، لا ..

اتانا : دعيني ، سأكسره ، وأخلصكما منه .

كاتيا : " تتشبث به " لا أريدك أن تواجهه ، أو تتصدى له ، مهما كانت الظروف .

اتانا : " ينظر إليها صامتاً " ....

كاتيا : عدني .

اتانا : " لا يجيب " ....

كاتيا : عدني ، يا اتانا ، عدني .

اتانا : " يطرق مستسلماً " ....

كاتيا : " تأخذ الثوب منه " لم ترَ الثوب .

اتانا : سأراه فيما بعد .

كاتيا : " تفرد الثوب " انظر .

اتانا : " ينظر إليه صامتاً " ....

كاتيا : اتانا ..

اتانا : إنه جميل .

كاتيا : وسيكون أجمل لو لبسته .

اتانا : " يبقى جامداً " ....

كاتيا : هيا يا اتانا " تمد يديها بالثوب " أريد أن أراه عليك .

اتانا : ليس الآن ، يا كاتيا .

كاتيا : بل الآن ، أرجوك .

اتانا : " يأخذ الثوب " ....

كاتيا : أشكرك .

اتانا : " يهم بارتداء الثوب " ....

كانيا : "ترفع رأسها منصتة"

أتانا :"ينصت" لعله الأفعوان..

كانيا : لا أعتقد.

أتانا : لو جاء هذا الأفعوان السام..

كانيا : أتانا..

أتانا : سأكسره .

كانيا : لقد وعدتني .

أتانا : إنه أفعوان .

كانيا : "تنظر إلى الخارج" حمداً للآلهة، ليس هو بل أحد غرابيه .


                          يدخل أحد المرافقين 

                          ويتوقف على مبعدة


المرافق : أيتها الآنسة .

أتانا : " يهم بالتقدم نحوه" .

المرافق :" يتراجع خائفاً" .

كانيا :"تعترض أتانا" أتانا ، مهلاً يا أتانا .

أتانا : دعيني يا كانيا، فلأكسر جناح هذا الغراب .

كانيا : أرجوك ، لقد وعدتني .

أتانا :ينظر إليها صامتاًُ" .

كانيا : مهما حدث ومهما يحدث، من أجلي يا أتانا ابق أنت بعيداً .

أتانا :" يطرق رأسه صامتاً" .

كانيا :"تتطلع إلى المرافق" تكلم، ما الأمر؟

المرافق :"من مكانه" سيدي الكاهن أكاشكو أرسلني في طلبك .

كانيا : اذهب، لا شأن لي بسيدك .

المرافق : لكن جدتك مريضة جداً .

كانيا : جدتي !

المرافق : وتريد أن تراك قبل أن ..

كانيا :"تسرع نحو الخارج" جدتي.. جدتي.. جدتي .

المرافق :"يرمق أتانا بنظرة خاطفة ثم يخرج مسرعاً" انتظريني يا آنستي، انتظري، انتظري .

                             أتانا يهم بالخروج 

                             لكنه يتوقف حائراً

                                   إظلام


المشهد الثالث




                           الجدة في سريرها، 

                           أكاشكو يقف قربها



الجدة :"تتململ متألمة" كوكو .

أكاشكو : ستأتي كاني، ستأتي .

الجدة :كوكو.. كوكو .

أكاشكو : كوكو.. كوكو.. كوكو .

أكاشكو : صبراً،صبراً، ستأتي في الحال .

الجدة :" تحاول أن تعتدل" يا للآلهة..كولا..

أكاشكو : لا تنهضي، ابقي راقدة في فراشك .

الجدة : كلما شربت جرعة.. من دوائك ..

أكاشكو : هش، أنت متعبة، لا تتكلمي .

الجدة : ازداد حالي.. سوءاً .

أكاشكو : بالعكس أيتها الجدة ..

الجدة : "تهز رأسها" .

أكاشكو :لن يوقف المرض سوى هذا الدواء .

الجدة :لا، لن يقف المرض، سأموت .

أكاشكو : "يمسك قنينة الدواء" .

الجدة : "بصوت واهن" كوكو .

أكاشكو : "يقدم لها الدواء" اشربي .

الجدة :"تتراجع" لا .

أكاشكو :هذا الدواء سيشفيك .

الجدة :لا،لن يشفيني شيء .

أكاشكو : اشربي وسترين .

الجدة :"هاذية" إنني أسمع آلهة العالم الأسفل.. آرشكيجال.. تناديني.. تعالي.. تعالي.. تعالي .

أكاشكو :"ينظر إليها مترقباً" .

الجدة :"تطبق على يد أكاشكو" أيها الرجل المبارك ..

أكاشكو :"يربت على يدها" اطمئني.. اطمئني .. أنت بخير.. صدقيني .

الجدة : دعك مني.. إني راحلة.. كوكو .

أكاشكو : كوكو ؟

الجدة : أريدها في ..عهدتك .

أكاشكو :"يربت على يدها مغالباً فرحته" اطمئني.. ستكون في عهدتي .

الجدة : لن أطمئن.. إلا إذا .. وعدتني .

أكاشكو : أيتها الجدة.. "يرفع رأسه" ها هي قادمة.

الجدة : "تتطلع متلهفة نحو الباب" كوكو .

أكاشكو : أوصيها بما طلبته مني " يميل عليها".. وسأبقيها في عهدتي .. العمر كله .

الجدة : "تنظر إليه بامتنان" حفظتك الآلهة ، أيها الرجل الطيب .

كانيا : " تندفع داخلة وتسرع إلى جدتها" .

كانيا : جدتي .

أكاشكو : "يمسك بها" كانيا .

كانيا :"تحاول التملص منه" دعني .

أكاشكو : يشد على ذراعيها" لن أدعك تقتربين من جدتك .

كانيا : "بانفعال" دعني، دعني .

أكاشكو : أصغي إلي، ستتعرضين لخطر قاتل إذا اقتربت منها .

كانيا :" تصمت وتنظر إليه مذهولة" .

أكاشكو : جدتك مصابة .. بالطاعون .

كانيا : الطاعون !

أكاشكو : هذا المرض القاتل سريع الانتشار، وها هو قد وصل إلى هنا .

كانيا : جدتي لم تمرض أبداً ، وقد كانت بخير حتى وصلت إلى هنا .

أكاشكو : بالعكس يا كانيا ، لو وصلت في الوقت المناسب لما أصيبت جدتك بهذا المرض.

كانيا :" تسحب يديها من بين يديه" دعني .

الجدة :"بصوت واهن" كانيا .

كانيا :" تميل عليها" جدتي .

الجدة :" ترفع يدها المرتعشة" كانيا.. كانيا .

كانيا : "تمسك يدها"إنني هنا ، إلى جانبك يا جدتي .

الجدة : بنيتي .. آن لي أن أرحل .. عن هذا العالم .

كانيا :"بصوت دامع" لا ..لا تقولي هذا ..يا جدتي .

الجدة : لست أنا من يقول.. يا كانيا.. إن آلهة العالم الأسفل أرشكيجال.. تناديني.. تعالي.. تعالي.

كانيا :" بصوت باك ِ " جدتي .

الجدة : لابد أن أرحل .. فالآلهة وحدها تعيش أبداً تحت الشمس.. أما نحن البشر.. فأيامنا معدودات.. وأنا بشر .

كانيا :"تقبل يدها باكية" لا يا جدتي.. لا .. لا.

الجدة : اسمعيني.. يا كانيا..

كانيا : نعم، يا جدتي .

الجدة : رحل أبوك في الحرب.. وأمك رحلت.. وهي تضعك .. وها قد حان دوري.. وسألحق بهما.

كانيا :"تنظر إلى جدتها".

الجدة : هذا الرجل المبارك.. 

كانيا :"ترمق أكاشكو بنظرة ناقمة"

الجدة :وعدني أن يبقيك في عهدته.. ويرعاك.

كانيا : لا أريد أن يرعاني أحد .

الجدة : أنت فتاة صغيرة.. ولا يمكن أن تعيشي.. في هذا الفقر .. وحدك.

كانيا : لست وحدي يا جدتي.

الجدة : "محتجة" كوكو .

كانيا : "تنظر إليها دامعة العينين" .

الجدة : عديني.. يا كوكو.. عديني  .

كانيا : جدتي ..

الجدة : "يميل رأسها ببطء" آه.. كو..كو .

الجدة :"تفارق الحياة، أكاشكو يغطيها بملاءة" .

كانيا :"ترتمي على جدتها" جدتي، جدتي .

أكاشكو :"يرفعها عن الجدة" تعالي .

كانيا : دعني، دعني .

أكاشكو : الطاعون مرض معد ، وستتعرض حياتك للخطر إذا بقيت قربها .

كانيا :" تحاول التملص منه" دعني ، لا أريد الابتعاد عنها مهما كان الثمن .

أكاشكو : لا تبكِ يا كانيا ، جدتك ارتاحت من الآم الحياة وهي سعيدة في العالم الأسفل..

كانيا :" تنظر إلى جدتها وهي باكية" .

أكاشكو : وستسعد أكثر إذا رأتك مرتاحة وسعيدة ..

كانيا :" تحدّق فيه" .

أكاشكو : إنها تنظر إليك الآن من هناك وتنتظر منك أن تعملي بوصيتها .

كانيا : كلا .

أكاشكو : كانيا .

كانيا : سأبقى هنا .

أكاشكو : أنت فتاة قاصر ولابد لك من أحد يهتم بك ويرعاك .

كانيا : لي هنا من يهتم بي ويرعاني أفضل من أي إنسان آخر .

أكاشكو : "يطبق على يدها" هذا كلام قاصر وواجبي أن أحميك .

كانيا : "تحاول عبثاً سحب يدها" لا أريد حمايتك أنت بالذات، دعني .

أكاشكو : "ينادي أحد مرافقيه" أيها المرافق .

المرافق 1 : "يدخل مسرعاً" نعم سيدي .

أكاشكو : خذ هذه الفتاة، وانتظرني قرب العربة.

المرافق 1 : "يمسك بكانيا" سمعاً وطاعة سيدي "يتجه بكانيا إلى الخارج" .

أكاشكو : أرسل لي رفيقك، أسرع .

المرافق 1 : " يدفع كانيا" أمرك سيدي .

المرافق :"يخرج بكانيا" .

أكاشكو :" يبقى وحده" .

أكاشكو :"يأخذ قنينة الدواء ويحدق فيها" أيتها الطبيبة والسيدة العظيمة الآلهة كولا، إن لجندك الموشحين بالعسل قوة الصاعقة "يرمي القنينة جانيباً" وشكراً لك أيها الإله نركال ، إله الحرب والطاعون ، فأنت حليفي" يصمت لحظة ويتلفت حوله" النار ، النار لن تبقي أثراً لأي شيء "الباب يطرق" إنه رجل النار "يرفع صوته" أدخل .

المرافق 2 : "يدخل" سيدي .

أكاشكو : تعال .

المرافق 2 : "يقترب منه" أمرك سيدي .

أكاشكو : "أصغ جيداً" .

المرافق 2 : كلّي أذان صاغية .

أكاشكو : بعد قليل سأذهب إلى أريدو وسأصحب معي رفيقك وتلك الفتاة .

المرافق 2 :رافقتك السلامة سيدي .

أكاشكو : وأريدك أن تبقى هنا وحدك . 

المرافق 2 :  نعم !

أكاشكو : وحين نبتعد ونغيب عن أنظارك أشعل النار في الكوخ .

المرافق 2 : " ينظر متسائلاً إلى الجدة" .

أكاشكو : بكل ما فيه .

المرافق 2 : سمعاً وطاعة سيدي .

أكاشكو : والحق بنا بعد تنفيذ الأمر .

المرافق 2 : أمرك سيدي .

أكاشكو : لا تتأخر في إشعال النار في الكوخ ، فهذه المرأة العجوز ماتت بالطاعون .

المرافق 2 : "يتراجع خائفاً" الطاعون !

أكاشكو : "يتجه نحو الباب" سأذهب الآن " وهو يخرج" نفذ ما قلته لك بسرعة .

المرافق 2 : "يتراجع حتى يتكئ بالباب" الطاعون ، يا للويل، ألا يكفي أنه يحصد العشرات بسيفه الحارق،في أريدو حتى يلحق بنا إلى هذا المكان المنعزل من الغابة ؟ " يلتفت ويهم بفتح الباب" فلأخرج إلى الهواء الطلق وأشعل النار بالكوخ .

أتانا : " يدفع الباب ويدخل" .

المرافق 2 : " يتهاوى" .

أتانا : كانيا .

المرافق 2 : " يتماسك وينهض واقفاً" أنت ؟

أتانا : "ينظر إلى الجدة" يا للآلهة، ماذا جرى!

المرافق 2 : الجدة ماتت قبل قليل .

أتانا :"يحدق في الجدة" لم تشكُ الجدة من شيء إلا بعد مجيء " يلتفت إلى المرافق" رجلك المبارك .

المرافق 2 : لا علاقة لسيدي بالأمر ، لقد ماتت هذه المرأة العجوز بالطاعون .

أتانا : الطاعون !

المرافق 2 : نعم، وهو مرض خطير ، سريع الانتشار ، يحص العشرات كل يوم في أريدو .

أتانا : "يتلفت" أين كانيا؟

المرافق 2 : كانيا ؟ لعلك تعني حفيدة..؟

أتانا : نعم ، أين هي !

المرافق 2 : اصطحبها الكاهن أكاشكو  إلى أريدو .

أتانا : ماذا ! اصطحبها..؟

المرافق 2 : وسيدخلها المعبد، وسيجعل منها كاهنة .

أتانا : يا للعين .

المرافق 2 : "محتجاً" أرجوك، إنه ..

أتانا : "يحدجه غاضباً" صه .

المرافق 2 :"يتراجع خائفاً" هيا، تعال نخرج ، عليّ أن أحرق الكوخ بكل ما فيه .

أتانا : تحرق الكوخ  !

المرافق 2  : "يتراجع" هذه أوامر أكاشكو .

أتانا : لا يهمني أكاشكو، اذهب ، سأدفن الجدة بنفسي .

المرافق 2 : كلا ، لقد ماتت بالطاعون ، ولابد من حرقها مع الكوخ .

أتانا : " يتهدده" قلت لك اذهب .

المرافق 2 : "يستل خنجره" اذهب أنت ودعني أنفذ واجبي .

أتانا : " يفاجئه بلطمة قوية ويختطف الخنجر من يده ".

المرافق 2 : "يتداعى متألماً" آآآآآآآ .

أتانا : انهض .

المرافق 2 : " ينهض ويده فوق خده" .

أتانا : " يدفع له الخنجر" خذ خنجرك .

المرافق 2 : "يأخذ الخنجر خائفاً" .

أتانا : والآن اذهب وإلا ندمت .

المرافق 2 : " عند الباب" سترى عاجلاً أو أجلاً من منا سيندم أيها المجنون .

أتانا :" يتقدم نحوه" انتظر ، سأعطيك ما تستحقه فوراً .


                       المرافق يلوذ بالفرار

                         أتانا يصفق الباب


                               إظلام













المشهد الرابع



           
            غرفة منعزلة في 

                          المعبد ، كانيا وحدها


كانيا :يا إلهي ، منذ أيام وأنا سجينة في هذه الغرفة المنعزلة ، لا أرى أحداً ولا يراني غير الكاهن العجوز الذي يأتيني بالطعام "صمت" كم يبدو هادئاً، طيباً، لكنه صموت، حذر ، قلما يتبسط بالحديث معي "تنظر عبر النافذة" آه أتانا " الباب يطرق" ها هو الكاهن العجوز، لابد أنه جاءني بطعام الفطور .


                       الكاهن العجوز يدخل 

                       حاملاً صينية الطعام 


الكاهن العجوز: صباح الخير يا أبنتي.

كانيا : صباح النور .

الكاهن العجوز: جئتك بطعام الفطور .

كانيا : أشكرك، ضعه على المائدة .

الكاهن العجوز: "يقترب من المائدة" يا للآلهة الرحيمة ، أنت لم تأكلي طعام العشاء .

كانيا : لو كنت أشتهي لأكلت .

الكاهن العجوز: بنيتي، لم تعودي طفلة، دعك من هذا العناد، أنت بحاجة إلى الطعام .

كانيا : لن آكل .

الكاهن العجوز: كلي شيئاً، من أجلي .

كانيا : " تنظر إليه مفكرة" .

الكاهن العجوز:أصبري قليلاً يا ابنتي .

كانيا : لقد نفذ صبري، إني سجينه هنا منذ أيام.

الكاهن العجوز: كلي، فالآلهة ننا لن تنساك .

كانيا : إنني خائفة، ساعدني .

الكاهن العجوز: بنيتي ..

كانيا :ارحمني أرجوك .

الكاهن العجوز: أكاشكو لن يرحمني .

كانيا : أترك الباب مفتوحاً من الخارج .

الكاهن العجوز: ليس الأمر بهذه البساطة، هناك أكثر من حارس حولك .

كانيا :"تشيح بوجهها" خذ الطعام .

الكاهن العجوز: بنيتي .

كانيا : لا أريد أن آكل .

الكاهن العجوز: صبراً يا بنيتي .

كانيا : قلت لك لا أريد أن آكل ، ولن آكل.

الكاهن العجوز: اسمعيني، ضعي ثقتك بالآلهة ننا .

كانيا :" تدفع له الصينية" خذ الطعام وامض ِ.

الكاهن العجوز:"يأخذ الصينية" بنيتي..

كانيا : " تشيح بوجهها" .

الكاهن العجوز: مهما يكن، فالآلهة سترعاك، وسترين.

الكاهن العجوز: " يخرج ويغلق الباب وراءه .

كانيا : لتأخذ الآلهة ارشكيجال إلى العالم الأسفل الكاهن أكاشكو ومن معه في هذا المعبد "تصمت مغالبة انفعالها" يا لي من قاسية، متحجرة القلب، ما ذنب الكهنة الآخرين؟ وخاصة الكاهن العجوز الذي لا حول له ولا قوة ، بحيث لم يستطع حتى أن يترك الباب مفتوحاً من الخارج "تصمت مفكرة" الآلهة ننا، ترى لماذا الآلهة ننا؟ من يدري ، لعل ما قاله الكاهن العجوز مجرد كلام " تضع وجهها بين يديها" أتانا، أين أنت؟ ماذا تفعل الآن؟ لعلك جالس عند شاطئ النهر بعد أن بحثت عني حتى أصابك اليأس "ترفع وجهها" لا، أتانا لا ييأس وسيبحث عني "تهز رأسها" الآلهة ننا، يا للكاهن العجوز الطيب، لن ينقذني أحد من .. أكاشكو "تصيح بصوت دامع" أتانا "تصمت لحظة" لو يسمعني أتانا لصاح: كوكو .. كوكو .

أتانا : "من الخارج" كوكو .

كانيا : " تلتفت إلى النافذة" إنه هو..

أتانا : "يطل من النافذة" كوكو .

كانيا : "تقترب من النافذة" أتانا .

أتانا : "يتراجع" أحدهم بالباب .

كانيا : "تنصت" لتأخذه أرشكيجال، إنه أكاشكو.

أتانا : سأنتظرك هنا .

            "أتانا ينسحب بسرعة، يدخل أكاشكو عابساً" 

أكاشكو : "يقف عند النافذة" الإله نركال ، غله الحرب والطاعون يزداد غضبه يوماً بعد يوم ، ولابد أن زوجته أرشكيجال آلهة العالم الأسفل مرتاحة لذلك، وها هو الطاعون كما ترين ينتشر في اريدو انتشار النار في الهشيم ، ولن يهدأ الإله نركال ويذهب عنه غضبه إلا بتقدمة ذات أهمية خاصة "يحدق فيها" ومن يدري، فقد لا يرضى هذه المرة بأقل من فتاة فتية، عذراء، طاهرة .

كانيا : "تنظر إليه متوجسة" .

أكاشكو : أنت هنا في حماية الإله نركال، وستبقين في حمايته ما دمت داخل معبده.  

كانيا : "تشيح بوجهها".

أكاشكو : "يحوم حولها" الطاعون بلغ ذروته في اريدو، وهو لا يوفر أحداً خارج المعبد، سواء كان طفلاً أو رجلاً مسناً أو امرأة عجوزاً أو فتاة فتية جميلة .

كانيا : "تتململ متضايقة".

أكاشكو : كوكو .

كانيا : من فضلك ، اسمي كانيا .

أكاشكو : كانيا اسم حلو، لكن كوكو أحلى .

كانيا : "تشيح بوجهها" .

أكاشكو : "يحوم حولها ثانية" لابد من تقدمة يا كانيا ، وبأسرع وقت ممكن لإرضاء الإله نركال "يتوقف محدقاً فيها" نحن نبحث عن هذه التقدمة خارج المعبد، ولا أحد يستطيع أن يختار من بين من في المعبد إلا أنا، كاهن معبد نركال ، وأنا لن أقدم على ذلك إلا إذا .. "الباب يطرق" لنر من بالباب "يصيح" أدخل .

   

                            الباب يفتح ويدخل

                          الكاهن العجوز لاهثاً


الكاهن العجوز: سيدي .

أكاشكو : "بجفاء" نعم .

الكاهن العجوز: سيدتي كاهنة معبد الآلهة ننا قادمة إليك.

أكاشكو : هنا !

الكاهن العجوز: أمرتني أن أسبقها لأعلمك بقدومها .

أكاشكو :"يرمقه مرتاباً" أهلاً بها .

الكاهن العجوز: " يتشاغل بتنظيف المائدة" .

أكاشكو : "يتقدم قليلاً نحو الباب" قلما جاءت المعبد في غير مناسبة .

الكاهن العجوز: "يهمس لكانيا" الآلهة ننا .

كانيا : " تنظر إليه حائرة" .

أكاشكو : "للكاهن العجوز" خذ الطعام وأخرج .

الكاهن العجوز: "يحمل الطعام" سمعاً وطاعة سيدي "يخرج" .

أكاشكو : "يلتفت إلى كانيا" ماذا قال لك ؟

كانيا : من ؟

أكاشكو : ذلك العجوز الخرف .

كانيا : لاشيء .

أكاشكو : لقد سمعته يحدثك .

كانيا : ربما، لكني لم أنتبه إليه .

أكاشكو : "يفتح الباب" لم تنتبهي؟ يا للعجب "ينظر إلى الخارج" ها هي كاهنة معبد ننا قادمة، فلأحدثها في الحديقة "وهو يخرج" ابقي هنا حتى أعود .

  

                           يغلق الباب، كاني

                          تسرع نحو النافذة  


كانيا : "هامسة" أتانا .

أتانا : "يطل من النافذة" كانيا .

كانيا : قلت لك مراراً يا أتانا ألا تتبعيني .

أتانا : كانيا، لا يمكن أن أتركك وحيدة .

كانيا : لقد وعدتني يا أتانا، لقد وعدتني .

أتانا : لم أستطع ولن أستطيع الإبقاء بمثل هذا الوعد .

كانيا : إنني أخاف عليك، أنت لا تعرف أكاشكو .

أتانا : عرفته، وليعرف الآن .. أتانا .

كانيا : أتانا "بصوت تخنقه الدموع" يكفيني ما جرى حتى الآن .

أتانا : كانيا " يمسك يديها" أعرفك قوية، عنيدة، لا تضعفي مهما حدث .

كانيا :"بصوت باك" ما أفكر فيه يا أتانا هو جدتي ، جدتي المسكينة .

أتانا : اطمئني، لم أتركها لهم، لقد وضعتها بنفسي عند النبع، بين جذور شجرة الصفصاف، وسنزورها ، أنا وأنت قريباً.

كانيا : أشكرك يا أتانا .

أتانا : لا تشكريني ، هذا واجبي ، إنها ليست جدتك وحدك، بل هي جدتي أيضاً .

كانيا : أتانا .

أتانا : نعم يا عزيزتي .

كانيا : حافظ على الثوب الذي خطته لك .

أتانا : إنه في الكوخ ينتظرك .

كانيا : لو تدري كم تمنيت أن أراه عليك .

أتانا :سترينه عندما.. " بحماس" سأقيم حفلاً في يوم العمر الذي لن تنساه الغابة .

كانيا : " تدمع عيناها" .

أتانا : "يمسح دموعها" كانيا .

كانيا : "بصوت تخنقه الدموع" نعم .

أتانا : كفانا هذه الدموع .

كانيا :" تمسح عينيها" .

أتانا : أريد أن أرى دموع الفرح في هاتين العينين عندما ..

كانيا :" تسحب يدها من بين يديه" أتانا .

أتانا : لا، لا تخافي .

كانيا : اذهب الآن ، اذهب .

أتانا : كانيا .

كانيا :عد إلى الغابة يا أتانا، عد بسرعة .

أتانا : كلا، سأبقى ولن أعود إلا معك .

كانيا : "تلتفت نحو الباب" إنهم قادمون ، اذهب يا أتانا ، اذهب .


       أتانا ينسحب بسرعة، يفتح الباب

  ويدخل أكاشكو ومعه الكاهنة


أكاشكو : "مشيراً إلى كانيا" هذه هي الفتاة .

الكاهنة :"تحدق فيها" إنها أصغر مما توقعت .

أكاشكو : قد تبدو صغيرة، لكنها..

الكاهنة : "لكاني" ما أسمك يا صغيرتي !

كانيا : كانيا .

الكاهنة : قيل لي أنك يتيمة الوالدين .

كانيا : نعم .

الكاهنة : وأن جدتك ماتت مؤخراً بالطاعون .

كانيا : هذا ما يقوله " مشيرة إلى أكاشكو" الكاهن .

الكاهنة : وما يقوله الكاهن لابد أن يكون حقيقة .

كانيا : كانت جدتي بخير حتى جاء ..

أكاشكو :"للكاهنة" أنت تعرفين الطاعون ..

الكاهنة : "ترمقه بنظرة خاطفة" أعرف .

كانيا : سيدتي ..

الكاهنة :"تنظر إليها" نعم .

كانيا : لا أريد أن أبقى هنا .

أكاشكو : كانيا .

كانيا : أريد أن أعود إلى كوخنا في الغابة .

أكاشكو : "يصيح" كلا ..

الكاهنة : "تنظر إليه" .

أكاشكو :"يحاول تمالك نفسه" الحياة هناك خطيرة.

كانيا : هذه حياتي، وهي تعنيني وحدي .

الكاهنة : لا يا صغيرتي، بل تعنينا أيضاً .

كانيا : سيدتي .

الكاهنة : أنت أبنتنا .

كانيا : لا أستطيع العيش في هذا المكان .

أكاشكو : هذا المكان هو معبد الإله نركال .

كانيا :"بصوت مستغيث"  سيدتي، أرجوك .

الكاهنة : لا عليك، سآخذك معي وستبقين تحت إشرافي في معبد الآلهة ننا .

أكاشكو : "محتجاً" يا سيدتي، لكن ..

الكاهنة :"تقاطعه" لن ناقش هذا الآمر الآن، بل فيما بعد .

أكاشكو : "متضايقاً" حسن، كما تشائين .

الكاهنة : "لكانيا" هيا يا صغيرتي "تتجه نحو الباب" اتبعيني .

كانيا :"تسرع في إثرها" نعم، سيدتي .


                   تخرج الكاهنة وكانيا ،

        أكاشكو يبدو مغتاظاً


                               إظلام





المشهد الخامس



          جانب منعزل من 

                        الحديقة ، تدخل كانيا


كانيا : حقاً إن السجن مهما كان نوعه ومهما كانت سعته " تتوقف" إنني أعيش في معبد الآلهة نا وكأنني أعيش في سجن، ما دمت بعيدة عن الغابة والكوخ والنبع وأتانا.. و..

أتانا :"من وراء الشجرة" كانيا .

كانيا :"تتلفت متلهفة وخائفة " أتانا !

أتانا : "يطل برأسه مبتسماً" نعم، أتانا .

كانيا : يا للآلهة، عرفت أنك ستتبعني .

أتانا :"يقترب منها" هذا أمر طبيعي يا كانيا، فأنا ظلك .

كانيا : اذهب يا أتانا، اذهب .

أتانا :" يهز رأسه" .

كانيا :" تدفعه برفق" اذهب ، هذا مكان خطر، إنه معبد الإلهة ننا .

أتانا : لا يمكن أن أذهب وأتركك وحيدة .

كانيا : لا تخف ، إنني في أمان .

أتان :لن تكوني في أمان ما دمت قريبة  أكاشكو .

كانيا : إنني في معبد الآلهة ننا، والكاهنة تحميني من شروره .

أتانا : ربما إلى حين، فأكاشكو كم تعرفين إنسان شرير وعنيد .

كانيا : مهما يكن، فلا خيار لنا .

أتانا : بل لنا خيار .

كانيا : أتانا .

أتانا : لنهرب .

كانيا : نهرب !

أتانا :نعم نهرب ، هذا خيارنا ، ولا خيار لنا سواه .

كانيا : إنه الجنون بعينيه، فأكاشكو وأتباعه يعرفون الغابة شبراً شبراً .

أتانا : أعرف، وأعرف أكاشكو وأتباعه، ولهذا لن نهرب إلى الغابة .

كانيا : ياللآلهة ، إلى أين تريدنا أن نهرب إذن يا أتانا ؟

أتانا : نهرب إلى مكان بعيد لا يستطيعون الوصول إليه .

كانيا :"تنظر إليه متسائلة"....

أتانا : إلى الجبال .

كانيا : الجبال !

أتانا : نعم، الجبال ، وهي لو تعرفين في منتهى الجمال .

كانيا : لكن أحداً لا يعرفنا هناك .

أتانا : هذا أفضل .

كانيا : لا يا أتانا، لا ، لا.

أتانا : فكري يا كانيا، ليس أمامنا غير هذا الخيار .

كانيا : لا أستطيع أن أترك الغابة والكوخ والنبع و.. وجدتي؟ جدتي يا أتانا ، جدتي. 

أتانا : سنعود إليها يا كانيا، سنعود إليها .

كانيا : متى ؟

أتانا : فيما بعد .

كانيا : لن يأتي هذا الــ.. فيما بعد.. مادام أكاشكو على قيد الحياة .

أتانا : كانيا..

كانيا : لا يا أتانا ، لا أستطيع .

أتانا : هذه فرصتنا يا كانيا فلا تدعيها تفلت من بين أيدينا .

كانيا : أتانا " تتلفت خائفة " أحدهم قادم ، أهرب .

أتانا :" يتراجع " تعالي يا كانيا .

كانيا : أهرب .. أهرب .

أتانا : تعالي نهرب معاً .

كانيا : أهرب ، لعله أكاشكو .

أتانا : سأقتل هذا اللعين "منفعلاً" سأقتله ونرتاح من شروره .

كانيا : لا يا أتانا، لا ، و إلا لن نستطيع يوماً الأحتفال في الغابة ، أهرب من أجلي ، أهرب ، أهرب .

أتانا : " يتراجع " سأختبئ وراء الشجرة ريثما يذهب هذا القادم .


                  أتانا يختبئ ، يدخل

          الكاهن العجوز متلفتاً


الكاهن العجوز: بنيتي ..

كانيا : أهلاً ، أهلاً ومرحباً .

الكاهن العجوز: أصغي إلي..

كانيا : لو تعرف كم حزنت لما جرى لك .

الكاهن  العجوز: دعك مني ، إني رجل عجوز ، ولا يهم ما جرى أو يجري لي .

كانيا : لقد سمعت إنه.. أبعدك.. عن المعبد .

الكاهن العجوز: بل طردوني ، فهو يشك في أنني وراء خروجك من معبد الآله نركال .

كانيا : يشك ! " تبتسم" الآلهة ننا.

الكاهن العجوز: بنيتي.. أصغي إلي الآن.

كانيا : تبدو قلقاً، ما الآمر؟

الكاهن العجوز: أكاشكو يفعل المستحيل للوصول إليك .

كانيا : إنني هنا في حماية كاهنة معبد الآلهة ننا .

الكاهن العجوز: ليكن ، سيصل إليك .

كانيا : مستحيل ، فلا أكبر من الكاهنة .

الكاهن العجوز: الملك ، ملك أريدو أكبر .

كانيا : الملك !

الكاهن العجوز:نعم ، الملك ، وأكاشكو الآن في طريقه إلى القصر .

كانيا : مهما يكن ، فلا علاقة للملك بهذا الأمر.

الكاهن العجوز: لعلك على حق ، لكني أعرف أكاشكو وأعرف أنه سيوجد علاقة .

كانيا : يا للآلهة ننا، أنت تخيفني .

الكاهن العجوز: لم أتِ لأخيفك ، بل لأجنبك الخطر .

كانيا : ما العمل ؟

الكاهن العجوز: أهربي .

أتانا : "يطل برأسه" .

كانيا : "تقلب النظر بينهما محرجة" أهرب !

الكاهن العجوز: نعم ، أهربي .

كانيا : هذا مستحيل .

الكاهن العجوز: ستندمين إن لم تهربي .

كانيا : لا ، لا أستطيع .

الكاهن العجوز: أهربي قبل فوات الآوان .

كانيا :"تتلفت قلقة" يا ويلي الكاهنة، أمض " تشير لأتانا أن يذهب " أمض ، هيا ، هيا ، أمض بسرعة .

أتانا : "يبقى في مكانه" .

الكاهن العجوز: "يتراجع" أهربي .

كانيا : أتانا..

الكاهن العجوز: "يتوقف" نعنم !

كانيا : لا تتوقف ، الكاهنة قادمة " تشير خفية لأتانا أن يذهب" .

أتانا : "يختفي وراء الشجرة" .

كانيا : هيا يا عزيزي ، أمض ، أمض .

الكاهن العجوز: "يتراجع" هذه فرصتك الأخيرة، لا تجعليها تفلت من بين يديك " وهو يخرج" أهربي ، أهربي ، أهربي .

أتانا : " يطل من وراء الشجرة" كانيا..

كانيا : أختبئ يا أتانا ، أختبئ .

أتانا : الكاهن العجوز على حق .

كانيا : يا ويلتي ، أختبئ ، أختبئ .

أتانا : تعالي نهرب .

كانيا : ها هي الكاهنة .. جاءت ..

أتانا : لنهرب إلى الجبال .

كانيا : أختبئ الآن ، أختبئ أرجوك .


            أتانا يختبئ وراء 

                     الشجرة ، تدخل الكاهنة


الكاهنة : "لاهثة" كانيا .

كانيا : أهلاً ومرحبا ، سيدتي .

الكاهنة : " تتوقف متعبة" سألت عنك فقيل لي أنك غالبا ما تلجئين إلى هذا المكان .

كانيا : عفواً سيدتي ، لقد أتعبتك ، ليتك أرسلتِ من يستقدمني إليك .

الكاهنة : لا عليك ، الجو دافئ اليوم يا سيدتي وأردت أن أتمشى قليلاً .

كانيا : إني ألجأ أحياناً إلى هذا المكان يا سيدتي لأنه هادئ وجميل وأمن .

الكاهنة : أريدك أن تطمئني يا كانيا ما دمت ِفي حمايتي داخل معبد ننا فلن يستطيع أحد أن يطالك أو يمسكِ بسوء .

كانيا : أشكرك ، أشكرك يا سيدتي .

الكاهنة : لقد أحببتك ، وحبي لك يزداد يوماً بعد يوم ، وأحب أن تبقي إلى جانبي مطمئنة سعيدة .

كانيا : " تفكر حائرة" أشكرك يا سيدتي .

الكاهنة : منذ أيام وأنا أفكر في الحديث معك حول موضوع يهمك .

كانيا : هذا لطف منكِ يا سيدتي .

الكاهنة : أنت تعرفين ، إنك يتيمة ، وحيدة ، لا أحد لك بعد موت جدتك .

كانيا : هكذا شاءت الآلهة يا سيدتي .

الكاهنة : ووراء مشيئتها حكمة قد لا ندركها في بادئ الأمر .

كانيا : " تنظر إليها صامتة" ....

الكاهنة : و أنت تعرفين أيضاً ما يتهددك خارج معبد الآلهة نا .

كانيا : نعم سيدتي ، أعرف .

الكاهنة : لكل هذا ، ولأنه الخير والفضيلة والسلام أريد يا بنيتي .

كانيا : "تنظر إليها متوجسة " .

الكاهنة : أريدك أن تكوني منّا ، نحن كاهنات هذا المعبد .

كانيا : سيدتي ! 

الكاهنة : أريدك كاهنة .

كانيا : كاهنة !

أتانا : "يبدو مرتاحاً" .

الكاهنة : هذا أفضل  ، فأنت صغيرة وبريئة وطاهرة .

اتانا : "يبدو غير مرتاح" ....

كانيا : إني أخشى ألا أكون جديرة بمكانة كبيرة ومهمة كهذه .

أتانا : "ينظر إلى الكاهنة مترقباً " ....

 الكاهنة : بالعكس يا صغيرتي ، لا أحد أجدر منك بالكهانة في معبد الآلهة ننا .

اتانا : " يهز برأسه بعدم أرتياح " ....

كانيا : "تطرق لائذة بالصمت" ....

الكاهنة : إنني أمرأة عجوز ، وأخشى إذا مت ..

 كانيا : لا يا سيدتي ، لا تقولي هذا .

أتانا : " ينظر إليها مترقباً ".

الكاهنة : مهما يكن " تضع يدها على صدرها" فكريّ في الأمر " يبدو عليها الألم" وأنا واثقة أن الآلهة ننا "بصوت واهن متوجع" ستلهمك.. الصواب .

كانيا : "تقترب منها" يبدو أنك متعبة يا سيدتي.

الكاهنة : نعم " تستند عليها" إنني متعبة " بصوت واهن" أرجوكِ ، خذيني إلى غرفتي .

كانيا : هيا يا سيدتي " تسير بها ببطء نحو الخارج " أنت بحاجة إلى شيء من الراحة ، لا أكثر .


                   تواصلان السير ببطء

                   حتى تخرجان


أتانا : "يبرز غاضباً " سحقاً لأكاشكو " يتقدم إلى الوسط" إذا دخلت كانيا المعبد وصارت كاهنة فلن تخرج مطلقاً ، ولن أحتفل في الغابة "يصمت لحظة مفكراً" سأبقى هنا حتى يخيم ظلام الليل ، عندها أذهب إليها في غرفتها وأقنعها بالهرب إلى الجبال .

                يدخل خمسة رجال 

                         مسلحين ويحيطون بأتانا


رجل : لن تهرب يا أتانا لا إلى الجبال ولا إلى أي مكان آخر .

أتانا : " يتأهب للتصدي لهم" أبتعدوا وإلا ..

رجل : " يمسك بمقبض خنجره" لا فائدة من المقاومة ، تعال معنا بهدوء ولن يلحق بك ضر قيد شعرة .

أتانا : إنني أتانا ولن تأخذوني بالغدر أو بالقوة.


        أتانا يهاجمهم ، فيضربه

          أحدهم على رأسه


أتانا : " يتهاوى متألماً" آ آ آ ي .

رجل : "ينحني عليه" لقد أغمي عليه .

رجل : لنأخذه ونخرج بسرعة من الباب الخلفي. 

      الرجال الخمسة يسحبون

      أتانا ويخرجون مسرعين


                               إظلام  

          


















المشهد السادس




                       قاعة العرش ، الوزير 

                       العجوز ، العرّاف ، الطبيب


الوزير :تأخر الكاهن ، هذه ليست عادته ، آمل أن يحضر قبل مجيء الملك .

الطبيب : " بشيء من السخرية " من يدري ، لعل الأرواح الشريرة تلبسته .

العرّاف : أيها الطبيب ، أرجوك ، لا تنس أنك تتحدث عن كاهن معبد الإله نركال .

الطبيب : لم أنسَ ، عزيزي العراف ، لكنه في هذه الحالة إنسان مثلي ومثلك .

العراف : كلا ، إنه ليس مثلك ، فهو كاهن .

الطبيب : "يهم بالكلام" .

الوزير : "يعترضه" عزيزي ..

الطبيب : "يلوذ بالصمت" .

الوزير : إن أريدو ، وفي هذه الايام بالذات بحاجة إليه كاهناً .

العراف : "يهم بالكلام" .

الوزير : "يعترضه" سيدي ..

العراف : "يلوذ بالصمت" .

الوزير : لا أخفيكم ، إن جلالة الملك قلق ، وقلقه يزداد يوماً بعد يوم .

العرّاف : ومن يلوم جلالته؟ إن8ه الملك ، ملك أريدو المقدسة .

الوزير : إن الطاعون كما تريان ينتشر كالنار في أريدو ، ولابد من إطفاء هذه النار .

العرّاف : إنني معك ، الطاعون نار ستأكل لاالأخضر واليابس إن لم يوقف عند حده.

الوزير : لقد دعاكم جلالة الملك ليقف على رأيكم فيما يجري ، والسبيل إلى الخلاص .

العرّاف : لقد قلتها يا سيدي ، وأقولها على الدوام ، إنها الأرواح الشريرة تلبسّت أريدو ، وليس ذلك بدون سبب ، إن ..

الوزير : "يقاطعه" لنسمع إذا سمحت رأي الطبيب ، ولابد أن لديه ما يقوله .

العرّاف : " يصمت متضايقاً" .

الطبيب : الطاعون ، وكما قلت لجلالة الملك ، مرض ..

العرّاف : عرّف الماء بعد الجهد بالماء .

الطبيب : ولكل مرض سبب .

العرّاف : والسبب معروف ، الأرواح ..

الوزير : من فضلك .

 العرّاف : جلالة الملك يجب أن يعرف الحقيقة ، كل الحقيقة ، ولا شيء غير الحقيقة .

الوزير : لنسمع الطبيب إذن .

العرّاف : "مغتاظاً" الحقيقة معي ، وليس مع ..

الوزير : "للطبيب" تفضل .

الطبيب : ولكل مرض أيضاً علاج .

العرّاف : العلاج معروف ، طرد الأرواح ..

الوزير : من فضلك .. "للطبيب" أكمل .

الطبيب : إنني أعمل ليل نهار لإيجاد علاج لهذا المرض الخطير ، لكن للأسف ..

العرّاف : لا تتعب نفسك ، فالأرواح الشريرة التي تسببت بالطاعون لن تغادر أريدو بمنقوع البابونج .

الطبيب : للطاعون ، كما لغيره من الأمراض علاج ، وسنجده إن لم يكن اليوم ففي المستقبل .

العرّاف : "بشيء من الأنفعال" الآن وفي المستقبل لا علاج للطاعون إلا ..

الوزير : من فضلك "بصوت هامس" جاء الملك.


العرّاف يلوذ بالصمت صاغراً ، الملك يدخل ، الجميع ينحنون له بأحترام ، الملك يجلس على العرش


الوزير : "ينحني" مولاي .

الملك : "يحملق فيهم " أرجو ألا يكون الجميع قد حضروا .

الوزير : الجميع يا مولاي ، عدا الكاهن أكاشكو .

الملك : أكاشكو ! هذه ليست عادته .

الوزير : نعم يا مولاي ، ولابد أنه سيحضر حالاً.

الملك : إن لم يكن الطاعون قد تلبسّه هو الآخر. 

العرّاف : "يتململ محرجاً" .

الملك : ما الأخبار ؟ أمل أن تكون الأوضاع اليوم أفضل في أريدو .

الوزير : ستكون أفضل يا مولاي بعون الآلهة وبفضل اهتمامكم ورعايتكم ومكارمكم السخية .

الملك : هذا يعني أن الأوضاع لم تتحسن بعد .

العرّاف : ستتحسن حتماً يا مولاي ، فأنا من جهتي أبذل قصارى جهدي من أجل طرد الأرواح الشريرة من أريدو ..

الملك : يا لهذه الأرواح كم عنيدة .

العرّاف : مهما كانت عنيدة يا مولاي فإنني أكثر عناداً منها .

الملك : ومع ذلك فهي ما زالت تذرع إريدو وتحصد أرواح أهلها .

العرّاف : "محرجاً" مولاي ...

الملك : "يلتفت إلى الطبيب" وأنت ؟

الطبيب : أنا ؟ أنا يا مولاي في سباق مع الزمن .

الملك : من الواضح أن سلحفاة أعشابك لم تلحق بأرنب الطاعون .

الطبيب : مولاي ، إن سلحفاتي رغم بطئها صبورة ومثابرة وستلحق بالأرنب يوماً .

الملك : ربما ، ولكن بعد خراب أريدو .

الطبيب : "يلوذ بالصمت" .

الوزير : مولاي ، أشهد أن الجميع يبذلون قصارى جهدهم في خدمتكم وخدمة أريدو المقدسة ، وللخلاص من الطاعون فإنهم ..

الملك : الأمل بالآلهة وحدها .

الوزير : ونعم بالآلهة .

الملك : "ينظر باتجاه المدخل" أظنه الكاهن أكاشكو ، لنر ما سيقوله لسان الآلهة .

الحارس : "يدخل" مولاي .

الملك : الكاهن أكاشكو ؟

الحارس : نعم يا مولاي .

الملك : ليدخل .

الحارس : أمر مولاي "يخرج" .

الملك : لتقل الآلهة كلمتها ولن نعمل إلا بما تقوله الآلهة .

أكاشكو :" يدخ، يبدو متعباً، ينحني للملك" مولاي.

الملك : على غير عادتك ، تأخرت اليوم .

أكاشكو : عفواً، مولاي ، ولو لم يكن الموعد مع جلالتكم لاعتذرت عن الحضور .

الملك : لعل الأمر واضح ، فأنت تبدو متعباً .

أكاشكو : نعم ، بعض الشيء ، ربما أصبت ببرد. 

الملك : شفتك الآلهة أيها الكاهن .

أكاشكو : أشكرك يا مولاي .

الملك :  نرجئ الأمر إلى الغد ما دمت متعباً .

أكاشكو : عفواً يا مولاي ، الأمر خطير وليس عندي ما هو أهم من أريدو ومصير أريدو .

الملك : هذا ظني فيك " يشير له أن يجلس" تفضل ، إجلس .

أكاشكو : "يجلس" شكراً ، يا مولاي .

الملك : قبل قليل قلت للحضور إن الأمل في الخلاص من الطاعون بالآلهة وحدها .

أكاشكو : ونعم بالآلهة يا مولاي .

الملك : إن الآلهةو لم ولن تخيب آملنا .

أكاشكو : حاشا الآلهة .

الملك : ونحن ننتظر على أحر من الجمر كلمة الآلهة .

أكاشكو : لا أكتمك يا مولاي ، إن الإله نركال غاضب أشد الغضب .

العرّاف : المجد للإله نركال .

الطبيب :"يهز رأسه" .

أكاشكو : ولابد من تقدمة كبيرة تخفف غضبه وترضيه ، وإلا فإن أريدو بكل ما فيها سيسكنها الطاعون ويلقيها في العالم الأسفل .

العرّاف : نعوذ بالإله نركال وزوجته أرشكيجال ملكة العالم الأسفل من الطاعون والأرواح الشريرة .

الملك : لا عليك أيها الكاهن أكاشكو ، إن حظائري مفتوحة ، فأطلب ..

أكاشكو : مولاي ..

الملك : من عشرة إلى مئة ، بل ..

أكاشكو : غضب الإله نركال في غاية الشدة هذه المرة ، إنه الطاعون يا مولاي .

الملك :قل أيها الكاهن ، وسترى إننا عند ما يرضي الإله نركال مهما كان ..

أكاشكو : فتاة .

الملك : "ينهض" ماذا !

أكاشكو : فتاة عذراء طاهرة .

العرّاف : المجد للاله نركال .

الوزير : لكن مثل هذه التقدمة لم تقدم منذ ..

الملك : "يشير للوزير" ....

الوزير : "ينحني" عفواً مولاي .

أكاشكو : هذا ما يريدهالاله نركال .

الملك :" يطرق رأسه صامتاً" .

الطبيب : مولاي ، الطاعون مرض ..

العرّاف ::"يقاطعه" بل أرواح شريرة .

الملك :"ينظر إلى الوزير" .

الوزير : الأمر لك يا مولاي .

الملك :" يلتفت إلى أكاشكو" أيها الكاهن ..

أكاشكو : "ينهض مترنحاً" مولاي .

الطبيب : "يمسك بيده" سيدي .

أكاشكو : "يسحب يده بضيق " دعني .

الطبيب : أنت مريض يا سيدي .

أكاشكو : "يبتعد عنه مترنحاً" كلا لست مريضاً .

الطبيب : "ينظر إلى الملط" مولاي ، إنه ..

الملك : دعه .

الطبيب : لكن يا مولاي ..


          الوزير يلمسه خلسة ،

              الطبيب يصمت


الملك : "لأكاشكو" أجلس إذا أردت .

أكاشكو : "يحاول التماسك" شكراً يا مولاي ، برد وسيزول .

الوزير : مولاي ..

الملك : "ينظر إليه" .

الوزير : أرى أن من الأفضل ما دام الكاهن أكاشكو متعباً إرجاء الأمر إلى الغد .

أكاشكو : "يصيح" كلا .

الملك :"يلتفت إليه" .

أكاشكو : "يحاول تمالك نفسه" الأفضل ، بعد إذن مولاي ، أن نحيم الأمر الآن .

الطبيب : "لأكاشكو" سيدي الكاهن ، إن السيد الوزير يراعي وضعك الصحي .

أكاشكو : "بشيء من الغضب" إنني بخير "يتطلع إلى الملك" وما يهمني هو خدمة أريدو وملكها العظيم.

العرّاف : المجد للملك .

الملك : "لأكاشكو" أشكرك باسمي وباسم أريدو "يجلس ثانية على العرش" إنني أسمعك أيها الكاهن ، تفضل .

أكاشكو : نحن بحاجة ، وبأسرع وقت ممكن إلى فتاة فتية ، عذراء ، طاهرة .

الملك :فلنبحث عن مثل هذه الفتاة وسنجد أكثر من واحدة في أريدو .

أكاشكو : لا داعي للبحث يا مولاي ، هناك فتاة تتوفر فيها هذه الشروط .

الملك : هذا أفضل ، ائتنا بها على جناح السرعة .

أكاشكو : عفواً يا مولاي ، إن جلالتك وحدك من يستطيع أن يأمر بالأتيان بها .

الملك : أنا !

أكاشكو : نعم يا مولاي ، فالفتاة موجودة في معبد الآلهة ننا .

الملك : أهي كاهنة !

أكاشكو : لا يا مولاي ، بل فتاة ريفية يتيمة تواجدت في المعبد منذ أيام .

الملك : "ينظر إلى الوزير" .

الوزير :الأمر لك يا مولاي ، لكن ..

أكاشكو : "مخاطباً الملك" بدون هذه التقدمة سيستمر غضب الإله نركال ، بل وسيزداد حتى تغدو أريدو خرائب تنعق فيها الغربان .

الملك :ينظر إلى الوزير" ما يريده الإله لا يرفضه إنسان مهما كانت مكانته .

أكاشكو : باركتك الآلهة يا مولاي .

الطبيب : "يهز رأسه" .

العرّاف : المجد للملك .

اتلملك : "للوزير" إذهب إلى معبد الآلهة ننا وبلغ كاهنة المعبد بإرادتي .

الوزير : مولاي !

الملك : أريد هذه الفتاة " لأكاشكو" ما اسمها ؟

أكاشكو : كانيا .

الوزير :"يحدق فيه" .

أكاشكو : كانيا يا مولاي .

الملك : أريدها هنا في الوقت المحدد .

الوزير : "ينحني للملك" أمر مولاي .

الملك : إذهب إلى الكاهنة .. الآن .

الوزير : سمعاً وطاعة مولاي "يخرج" .

الملك : الفتاة كانيا ستكون هنا ، ماذا بعد ؟

أكاشكو : غداً ، عند منتصف النهار ، وفي ساحة الاحتفالات ، إذا وافقت يا مولاي ، نقدم الفتاة أمام الناس جميعاً إلى الإله نركال .

الملك : حسن ، رتب هذا الأمر اليوم مع الوزير ، وليعلمني بما اتفقتما عليه .

أكاشكو : " ينحني مترنحاً" أمر مولاي .

الملك يتجه إلى الخارج، الجميع ينحنون ،

أكاشكو يسير ويكاد يتهاوى 

الطبيب :"يسنده" دعني أساعدك الآن يا سيدي .

أكاشكو : "يسحب يده بعنف" دعني .

الطبيب : لكنك مريض .

العرّاف : كفى أيها الطبيب ، كفى .


      أكاشكو يخرج ، العراف

      يتبعه ، الطبيب وحده


                             إظلام


















المشهد السابع

            معبد الآلهة ننا ، 

                        الكاهنة والكاهن العجوز


الكاهنة : "عند النافذة" أيتها الكاهنة الشابة ، تعالي أنظري .

الكاهنة العجوز: "تسرع وتنظر عبر النافذة" آه .. كانيا "تبتسم" عرفت أنك تقصدينها .

الكاهنة : ما أروعها ، إنها حتى في ثيابها هذه زهرة نقية طاهرة بين الأزهار .

الكاهنة العجوز: لو كانت شابة فعلاً لغرت من حبك لها يا سيدتي .

الكاهنة : نعم ، إنني أحبها "تبتعد عن النافذة" ويشغلني أمرها كثيراً .

الكاهنة العجوز: أنا أيضاً يشغلني هذا يا سيدتي .

الكاهنة : ورغم تلميحاتي الكثيرة ، المباشرة وغير المباشرة فإنها على ما يبدو لم تنته بعد إلى قرار واضح .

الكاهنة العجوز: إنني أعتقد يا سيدتي أن مثل هذا القرار ينبغي ألا يتخذ بعجالة .

الكاهنة : أنت محقة ، لكني أخاف عليها ما قد تخفيه الأيام ، فضلاً عن أنني أريد مصلحتها .

الكاهنة العجوز: هذه حياتها يا سيدتي ، ولعلها تطمح أن تعيشها في مكان آخر وبطريقة أخرى تختلف عن حياتنا في هذا المعبد .

الكاهنة : آه منك ، فرغم مرور هذه السنين الطويلة فإن الغصة ما زالت في أعماقك.

الكاهنة العجوز: من يدري يا سيدتي ، فلو اخترت الطريق الأخرى لربما كان في داخلي غصة من نوع آخر .

الكاهنة : العالم مليء بالعجائب ، لكن لا أعجب من الإنسان .

الكاهنة العجوز: لنمهلها قليلاً حتى لا تتعجل فتختار ما تندم عليه في المستقبل .

الكاهنة : حسن ، لنمهلها "تبتسم" لنمهلها قليلاً ، فأنا أيضاً لا أريد أن أندم .

الكاهنة العجوز: حمتك الآلهة يا سيدتي من كل سوء وأمدت في عمرك .

الكاهنة الشابة: "تدخل على عجل" سيدتي .

الكاهنة : نعم .

الكاهنة الشابة: الوزير ..

الكاهنة : الوزير !

الكاهنة الشابة: بالباب يا سيدتي .

الكاهنة : فليتفضل .

الكاهنة الشابة: أمرك سيدتي " تتجه نحو الخارج" .

الكاهنة : "تنظر إلى الكاهنة العجوز" .

الكاهنة العجوز:عسى أن يكون الأمر خيراً يا سيدتي .

الكاهنة : في مثل هذه الظروف لا أندر من الخير.

الكاهنة العجوز: عن إذنك يا سيدتي .

الكاهنة : لا ، أبقي معي .

الكاهنة العجوز: سمعاً وطاعة سيدتي .

الكاهنة : "تنظر باتجاه الباب" ها هو قادم ، وسحنته كالعادة لا تنبئ بشيء .


      يدخل الوزير العجوز ، 

                       وينحني باحترام للكاهنة


الوزير : عمت ِ صباحاً سيدتي .

الكاهنة : عمت صباحاً .

الوزير : يسعدني سيدتي أن أنقل إليك تحيات مولانا الملك .

الكاهنة : لترعه الآلهة وتحميه وترفع هذه الشدة عن شعبه ومملكته أريدو .

الوزير : "يرمق الكاهنة العجوز بنظرة سريعة".

الكاهنة : إنها مستشارتي ومن أقدم الكاهنات في المعبد ، وأنا لا أخفي عنها شيئاً .

الوزير : عفواً ، الأمر لك سيدتي .

الكاهنة : أخشى أن يطول بنا الحديث " تجلس وتشير له بالجلوس" تفضل .

الوزير : "يجلس" شكرا سيدتي .

الكاهنة : زيارتك لي نادرة ، والأندر منها أن تأتيني بدون أمر هام .

الوزير : أنت محقة يا سيدتي ، والأمر هذه المرة هام جداً .

الكاهنة : خيراً .

الوزير : كل خير .

الكاهنة : إنني أصغي إليك ، تفضل .

الوزير : سيدتي ، أنت تعرفين الظروف الصعبة والدقيقة التي تمر بها مملكتنا أريدو .

الكاهنة : غمة وستزول بعون الآلهة .

الوزير : ومولانا الملك من جهته لم يدخر جهداً لتجاوز هذه الظروف .

الكاهنة : لد مرّ أجدادنا بظروف أكثر صعوبة وتجاوزوها .

الوزير : نعم ، تجاوزوها بالتضحية والإيثار وبذل كل ما هو غال ونفيس .

الكاهنة :لم يبخل أحد ، ولن يبخل بأي شيء يمكن أن يحقق الخير لأريدو .

الوزير : سيدتي ، لقد عجز الطب وكذلك السحر عن معالجة الأمر .

الكاهنة : ليكن إيماننا قوياً ، ففيما تعجز جهود الإنسان تنجح الآلهة .

الوزير : ونعم بالآلهة ، فقد قالت كلمتها الفصل على لسان كاهن معبد نركال .

الكاهنة العجوز: "تطرق برأسها" .

الوزير : يقول الكاهن أكاشكو إن الإله نركال ، إله الحرب والطاعون غاضب أشد الغضب ، ولن يخفف من غضبه غير تقدمة غاية في الطهارة .

الكاهنة : أتمنى ألا يكون قد قصد ما فهمته .

الوزير : بل هذا هو ما قصده يا سيدتي .

الكاهنة :لكن هثل هذه التقدمات انتهت في معابدنا منذ عقود من السنين .

الوزير : إنها أوامر الملك ، سيدتي .

الكاهنة : مهما يكن فلا أرى علاقة لي بهذا الأمر.

الوزير : عفواً سيدتي ، هناك فتاة في المعبد ، وقد وقع اختيار الآلهة عليها .

الكاهنة : ماذا ! في هذا المعبد !

الوزير : نعم ، اسمها كانيا .

الكاهنة : " تهب واقفة" كانيا !

الكاهنة العجوز:"تتمتم" يا للآلهة .

الوزير : نعم يا سيدتي ، هذا هو أسمها .

الكاهنة : تقول إن الآلهة اختارت كانيا ؟

الوزير : عفواً سيدتي ، لست أنا من يقول ذلك وإنما هو الكاهن أكاشكو .

الكاهنة العجوز: "بشيء من الانفعال" الكاهن أكاشكو ..

الكاهنة :"تنظر إليها" .

الكاهنة العجوز: عفواً سيدتي .

الوزير : "يجلس" شكراً سيدتي .

الكاهنة : "تحاول تمالك نفسها " عجباً ، ولماذا كانيا بالذات ؟

الوزير : الكاهن أكاشكو يقول ..

الكاهنة : أعرف ما يقوله الكاهن أكاشكو ، لكن فاته أن كانيا في حمايتي .

الوزير : عفواً يا سيدتي ، هذا لو كانت كاهنة في المعبد .

الكاهنة : ستكون كاهنة بعد أيام .

الوزير : لكنها الآن ليست كاهنة .

الكاهنة : " تدّق فيه متأثرة " .

الوزير : عفواً سيدتي ، قد تكون هذه الرسالة مؤلمة ، لكنها رسالة الملك نفسه .

الكاهنة : "تطرق صامتة" .

الوزير : سيدتي ، لقد أبلغتك رسالة الملك ، وعليّ أن أنقل ردك إلى جلالته .

الكاهنة : اذهب أنت الآن وسأرسل الفتاة إلى القصر مع مستشارتي .

الكهنة العجوز: "تبدو متألمة" .

الوزير : شكراً سيدتي "ينحني للكاهنة ويمضي إلى الخارج" .

الكهانة العجوز: سيدتي .

الكاهنة : "متألمة" آه .

الكاهنة العجوز: سيدتي .

الكاهنة : ما أشد مرارة هذا الكأس .

الكاهنة العجوز: لا يد لك في هذا الأمر .

الكاهنة : أردتها كاهنة معي هنا ، في معبد الآلهة ننا .

الكاهنة العجوز: ما نريده نحن البشر شيء ، وما تريده الآلهة شيء آخر .

الكاهنة : لو تركتها في معبد الإله نركال ربما كان أفضل .

الكاهنة العجوز: أردت لها الخلاص سيدتي .

الكاهنة :"تسير نحو النافذة " ويا له من خلاص "تنظر عبر النافذة" تعالي أنظري .

الكاهنة العجوز: "تقترب من النافذة وتنظر عبرها" آه ، زهرة طاهرة .

الكاهنة : زهرة تنتظر مصيرها ، ويا له من مصير .

الكاهنة العجوز: مسكينة كانيا ، لعل ذنبها الوحيد أنها .. كانيا .

الكاهنة : "تبتعد عن النافذة" ....

الكاهنة العجوز: يا للأسف ، إنها زهرة ، حتى في عمرها .

الكاهنة : أيتها الكاهنة .

الكاهنة العجوز: نعم سيدتي .

الكاهنة : اذهبي ونادي كانيا .

الكاهنة العجوز: "دون أن تتحرك" أمرك سيدتي .



                           الكاهنة تنظر إليها ،

                       الكاهنة تدمع عيناها


الكاهنة : أرجوك اذهبي .

الكاهنة العجوز: "تسير إلى الخارج وعيناها تفيضان      بالدموع " .

الكاهنة : أيتها الآلهة العظيمة ارشكيجال ، خذيني إلى عالمك الأسفل ، إن كانت هذه مشيئة الآلهة ، خذيني إلى عالمك حيث يكون التراب طعامي ، حيث لا أبصر أي ضياء ، فرغم إيماني لا أصدق أن هذا يمكن أن تكون مشيئة الآلهة "تضعف" لا ، لا ، أستغفر الآلهة العظام ، أستغفرها ، إنما أنا كاهنة في معبد الآلهة ننا ، بل أنا مجرد إنسانة ، إنسانة ضعيفة ، إنسانة .."تحتد" أيتها الآلهة ننا ، أكاشكو أيضاً كاهن ؟ " تحتد أكثر" أي اله هذا ، كاهنة أكاشكو "تضعف ثانية" أستغفر الآلهة .. أستغفر الآلهة "تحتد مرة أخرى " بئس الكاهن أكاشكو "تصمت" ها هما قادمان "بصوت مرتعش" أيتها الآلهة ننا ، أعينيني "بصوت باك" ما أمر هذا الكأس.


           تدخل الكاهنة العجوز

          وتدخل وراءها كانيا


الكاهنة العجوز: سيدتي "تغالب انفعالها" كانيا .

الكاهنة :"تتمالك نفسها" حسن .

الكاهنة العجوز: "تطرق دامعة العينين" .

الكاهنة : أنت متعبة ، اذهبي وارتاحي .

الكاهنة العجوز: أشكرك " تتجه إلى الخارج" أشكرك سيدتي "تخرج مسرعة" .

الكاهنة : " محرجة" بنيتي ..

كانيا : سيدتي ، لا تتحرجي ، سأفعل ما تشائينه.

الكاهنة : كانيا .

كانيا :إنني أعرف كل شيء يا سيدتي .

الكاهنة : تعرفين !

كانيا : نعم يا سيدتي .

الكاهنة : لن أسألك يا بنيتي كيف عرفت .

كانيا : هذا فضل كبير منك سيدتي .

الكاهنة :لكن أريدك أن تعرفي أن ما ستفعلينه ليس مشيئتي .

كانيا : نعم ، الكاهن أكاشكو يقول أنها مشيئة الآلهة العظام .

الكاهنة : هذا ما يقوله أكاشكو .

كانيا : وكذلك هي مشيئة .. الملك .

الكاهنة : آه لو تعرفين يا بنيتي كم هو محب وطيب ورحيم مولانا الملك .

كانيا : "تطرق رأسها حزينة" .

الكاهنة :تمنيت قبل قليل لو لم آت بك إلى هنا ، لقد أردت شيئاًً وأرادت الآلهة شيئاً آخر " تهز رأسها" آه يا للأسف .

كانيا : "تبقى مطرقة" .

الكاهنة : كانيا .

كانيا :"ترفع رأسها" نعم سيدتي .

الكاهنة : لقد علمت ِ بالأمر ، وكان بإمكانك أن تهربي .

كانيا : نعم .

الكاهنة : ولم تهربي ، لماذا ؟

كانيا : لم أشأ أن أخونك يا سيدتي ، وأخون أتانا .

الكاهنة : أتانا .

كانيا : خطيبي ، الصياد ، وقد أختطفه أكاشكو وسجنه في معبد الإله نركال .

الكاهنة : "تهز رأسها" .

كانيا : لو هربت لربما دفع أتانا حياته .

الكاهنة : هذا أتانا ، وماذا عني ؟

كانيا : سيدتي ، أنت رعيتني ووضعت كل ثقتك بي ، فكيف أخونك ؟

الكاهنة : "تفتح ذراعيها لكانيا" بنيتي .


                          كانيا ترتمي حزينة 

                          بين ذراعي الكاهنة


                              إظلام














المشهد الثامن




                  قاعة العرش ، الملك

        والملكة ، عند النافذة


الملكة :"تنصت مرعوبة" مولاي ، اسمع صراخهم ،اسمع صراخ هؤلاء الناس .

الملك : دعكِ  منهم يا عزيزتي ،  لا تصغي إليهم "يحاول إبعادها عن النافذة" تعالي نجلس .

الملكة : "تحاول التملص منه" اسمع ، إنهم يصرخون كالوحوش الجريحة .

الملك : لا أحد يلومهم ، فالطاعون يلتهمهم كالنار منذ أسابيع .

الملكة : "ترفع عينيها مبتهلة" أيتها الطبيبة والسيدة العظيمة الآلهة كولا ، رحمتك .

الملك : "يأخذ بيدها ويبعدها عن النافذة" لنطلب الرحمة من الإله نركال ، اله الحرب والطاعون ، ليتقبل تقدمتنا ويرفع الطاعون عن أريدو .

الملكة : "تتوقف متأوهة" آه .

الملك : "يسندها" تعالي هنا ، ما الأمر ؟

الملكة : " يدها فوق جبهتها" تملكني الدوار "تتهاوى جالسة" أكاد لا أقوى على الوقوف .

الملك : تماسكي يا عزيزتي ، إنها شدة وستزول .

الملكة : ليس الأمر بيدي ، إن الدوار يتملكني كلما تذكرت هذه الفتاة .

الملك : لا شأن لنا بها ، هذه مشيئة الآلهة .

الملكة : "تميل متأوهة" آه .. يكاد يغمى عليّ .

الملك :"يجلس إلى جانبها" ارتاحي ، ارتاحي قليلاً وستكونين بخير .

الملكة : الدوار يزداد ، ليتك تعفيني من حضور هذه المراسيم .

الملك : لا يمكن " ينهض واقفاً" لقد أقيم المذبح في ساحة الاحتفالات ، وستجري التقدمة أمام الناس ، وعليك أن تكوني إلى جانبي.

الملكة : لن أتحمل هذا يا عزيزي ، أنت تعرفني ، إنني أرتجف منذ الآن .

الملك : أرجوك تماسكي وتذكري أنك الملكة "ينظر نحو الباب" ها هو الوزير قادم ، انهضي وتمالكي نفسك .

الملكة : " تنهض متأوهة" آه ننا ، رحمتك .

يدخل الوزير ويتقدم 

من الملك والملكة

الوزير : "ينحني" مولاي .

الملك : "يرمق النافذة منصتاً" .

الملكة : "تنصت" يا للآلهة ، هناك صوت غريب .

الملك :"يلتفت إلى الوزير" نعم .

الوزير : جئ بالفتاة .. كانيا .

الملك يرمق الملكة بنظرة سريعة 

الملكة تتجه نحو النافذة

الوزير : أدخلتها مع مرافقتها من الباب الخلفي للقصر وهي تنتظر الإذن .. مولاي .

الملك : فلتدخل .

الوزير : أمر مولاي " يتجه إلى الخارج" .

الملكة : " عند النافذة" اسمع .

الملك : " ينصت" إني أسمع .

الملكة : هذا الصوت الغريب يعلو شيئاً فشيئاً ، حتى ليطغى على صراخ الناس " تنظر إلى الملك" إنه غضب الآلهة ننا .

الملك : لا يا عزيزتي ، إنها ريح لا أكثر .

الملكة : " تنظر عبر النافذة" وتلك الغمامة ..

الملك : الفتاة ستأتي بعد لحظة ، أرجوك تعالي.

الملكة : أهي مجرد غمامة ؟ " بصوت متشنج" كلا ، ليست مجرد غمامة وإنما ..

الملك : تمالكي نفسك "يقترب منها" ها هي قادمة .

الملكة : "تشيح بوجهها" آه .. لا أستطيع النظر إليها .


          يدخل الوزير متقدماً

          كانيا والكاهنة العجوز


الكاهنة العجوز : "تنحني للملك" مولاي .

الملك : أهلاً ومرحباً " يتطلع إليها " لا أرى معكما كاهنة معبد ننا .

الكاهنة العجوز: عفواًَ مولاي ، جئت نيابة عن كاهنة المعبد ، إن سيدتي تعتذر عن المجيء بنفسها ، إنها مريضة .

الملك : مريضة !

الكاهنة العجوز: اطمئن يا مولاي ، فمرض سيدتي عارض .

الملك : لتشفيها الآلهة كولا " يتطلع إلى كانيا" .

الكاهنة العجوز: " مشيرة إلى كانيا" كانيا يا مولاي .

الملكة : "ترمق كانيا بنظرة سريعة" .

الملك : " يشير إلى كانيا" تعالي يا بنيتي .

كانيا : "تقترب منه صامتة" .

الملكة : أنظري إلي .

كانيا :"ترفع رأسها ثانية" .

الملك : كانيا ..

كانيا : "تنظر إليه صامتة" .

الملك : أنت تعرفين يا بنيتي أن مدينتنا المقدسة أريدو في خطر .

كانيا : "تنظر إليه صامتة" .

الملك : "ينظر إلى الوزير مستنجداً" .

الوزير : "يطرق برأسه" .

الملكة : "تقترب من كانيا" .

الملك : " يتابعها متوجساً" .

الملكة :"تحضن كانيا" .

كانيا : "تبقى جامدة" .

الملكة : " تعود متأثرة إلى مكانها" .

الملك : "كأنما أفاق من كابوس" أكاشكو ، لقد تأخر ثانية ، ما الآمر ؟

الوزير :"يتلفت قلقاً" سيأتي حالاً يا مولاي ، سيأتي حالاً .

الملكة : " تتطلع عبر النافذة" الغمامة .. الغمامة السوداء.. تزحف نحو .. أريدو .

الحارس : " يدخل وينحني للملك" مولاي .

الملك : نعم .

الحارس : كاهن معبد الإله نركال .

الملك : ليدخل .

الحارس : أمر مولاي "يتجه إلى الخارج" .

الملك : أسرع .

الحارس : " يسرع" سمعاً وطاعة مولاي "يخر" .

الملك : آمل أن تكون الآلهة قد شفته لينفذ إرادتها ويرضي الإله نركال .

أكاشكو : "يدخل ، ويقف مرهقاً عند الباب" .

الوزير : "يسرع نحوه" أهلاً سيدي الكاهن .

أكاشكو : " يسير ببطء مهتزاً" ابتعد عني ، ابتعد ، إنني بخير .

الوزير : " يبتعد عنه قليلاً" طبعاً يا سيدي ، طبعاً ، أنت بخير ، تفضل " يهمس له" الملك ينتظرك .


        الكاهن يتوقف لاهثاً أمام 

                        الملك ، الملك يحدّق فيه


أكاشكو :"متوجساً" مولاي .

الملك : أيها الكاهن تبدو مرهقاً .

أكاشكو : لا ، لا يا مولاي ، لست مرهقاً .

الملك : يمكننا تأجيل هذا الأمر إلى موعد آخر اذا أردت .

أكاشكو : كلا ، الآن "لاهثاً" فأريدو ومصير أريدو فوق كل شيء.

الملك :هذه روح نعرفها فيك ، لكنك مرهق جداً .

أكاشكو : لا يا مولاي .

الملك : حسن ، لينب عنك كاهن آخر .

أكاشكو :كاهن آخر ! لا ، هذا لا يجوز ، لقد كلفتني أنا الآلهة ، وعليّ أن أقوم بذلك بنفسي .

الملك : كما تشاء "للوزير" فلنبدأ .

الوزير : "لأكاشكو" لقد أعددنا كل شيء ، تفضل .

أكاشكو : ليتفضل الملك والملكة أولاً .

الوزير :" للملك" مولاي .

الملك :" يذهب إلى الملكة ويأخذ بيدها" حان الوقت يا عزيزتي ، تفضلي .

الملكة : " تنظر عبر النافذة" أنظر ، الغمامة .

الملك :"ينظر عبر النافذة" .

الملكة : كأنها وحش ، وحش جبار يلتهم أريدو .

الملك : تعالي نذهب يا عزيزتي ، هذه عاصفة شديدة ، ليتها تمهلنا قليلاً .

الملكة :" تسير وعيناها على النافذة" أسمع دمدمة الآلهة ننا ، الويل لنا من غضبها .

الملك والملكة يخرجان

ومن ورائهما الوزير

أكاشكو : " للكاهنة العجوز" أنت ..

الكاهنة : نعم ، سيدي .

أكاشكو : أخرجي ودعينا وحدنا .

الكاهنة العجوز: " تبقى في مكانه" .

أكاشكو : قلت لك أخرجي .

الكاهنة العجوز: "تخاطب كانيا" بنيتي ..

كانيا : " تنظر إليها صامتة" .

الكاهنة العجوز: إنني بالباب ، لن أتركك وحيدة .

أكاشكو : "يصيح" اخرجي .

الكاهنة العجوز: "تنظر إلى كانيا ثم تخرج" .

أكاشكو : " يتقدم من كانيا مترنحاً" كانيا ..

كانيا : "تنظر إليه صامتة" .

أكاشكو : " يشير إلى الخارج" اسمعي صراخهم ، اسمعي صراخ أهل أريدو .

كانيا : "تبقى صامتة" .

أكاشكو : إنهم وحوش ، يأكلهم الطاعون ويريدون أكلك .

كانيا : "تبقى صامتة" .

أكاشكو : "يحوم حولها مترنحاً" ليتني لم أرك ، لكن من سوء حظي وسوء حظك أيضاً أني رأيتك " يتوقف" أنظري إلي ..

كانيا : "تنظر إليه صامتة" .

أكاشكو :"بحدة متصاعدة" إنني ، كما ترين ، كاهن ، لكن تحت ثيابي هذه يوجد إنسان .

كانيا : "تبقى صامتة" .

أكاشكو : "بحدة متصاعدة" منذ أن رأيتك وحتى الآن لم أرني مرة واحدة في عينيك ، ولم أر فيهما سوى الصياد أتانا .

كانيا : "تبقى صامتة" .

أكاشكو : لن تكوني لي ولن تكوني لأتانا ، لقد فات الأوان "يشير إلى الخارج" هذا خيارك وسأخذك إليهم الآن .

المرافق 1 : "يدخل مسرعاً " سيدي .

أكاشكو : "يلتفت إليه" نعم ؟

المرافق 1 :" يهمس له" الصياد هرب .

كانيا : " تتمتم فرحة" أتانا .

أكاشكو : هرب !

المرافق 1 : ضرب الحارس وهرب .

أكاشكو : لا بأس فليهرب " ينظر إلى كانيا" سيرى كانياه تقدم على المذبح أمام الناس في أريدو إلى الإله .. نركال .

المرافق 1 : " ينظر إلى الخارج" سيدي ، جاء الوزير .

أكاشكو : حسن " يترنح" لقد حانت الساعة .

المرافق 1 : " يحاول إسناده" سيدي ..

أكاشكو : " يزجره" أبتعد ، إنني بخير وسأبقى بخير حتى ..

الوزير :"يدخل مسرعاً ويتجه نحو أكاشكو" .

الوزير : سيدي ..

أكاشكو : ها نحن قادمون .

الوزير : الأفضل أن نسرع ، فالعاصفة توشك أن تجتاح أريدو ..

أكاشكو : مهلاً ، لن تهب العاصفة حتى أنفذ إرادة الآلهة .

المرافق 1 : المجد للآلهة .

أكاشكو : "يلتفت إلى كانيا" تعالي ، ستكونين الساعة لي ..  


                        يلتمع برق قوي يغمر قاعة 

                        العرش بنور ساطع غريب


المرافق 1 : يا للآلهة .. أهذا برق أم .. " يتفجر رعد يهز المكان، الجميع يتلفتون خائفين".

الكاهنة العجوز: " تدخل مولولة" أيتها الآلهة أرفقي بنا ، إن عاصفة بلون الليل تجتاح أريدو .

أكاشكو : "يمد يده إلى كانيات" كانيا .. كانيا.. "يتهاوى على الأرض" .

الوزير : "يتراجع خائفاً" الطاعون .

المرافق 1 : " يهرب خائفاً" الطاعون.. الطاعون .

الوزير : "ينظر إلى أكاشكو" مات .

الكاهنة العجوز: "تنظر إلى أكاشكو وتهز رأسها" أراد شيئاً، والآلهة أرادت شيئاً آخر ، وحققته .

كانيا : "تنظر إليه متأثرة" .

الكاهنة العجوز: أنت ملاك يا عزيزتي .الوزير : "ينظر إلى كانيا" الإنسان ، هذا السر المغلق ، من يمكن أن يفهمه ؟


                     يدخل أتانا هارباً ،

        يطارده ثلاثة حراس


حارس 1 : توقف ، توقف .

أتانا : " يسرع نحو كانيا" كانيا .

كانيا : لن أهرب وأتركك وحيدة بين أنياب الوحوش .

حارس 1 : " للحارسين" اقبضا عليه .

الحارسان يهمان

بالانقضاض عليه

الوزير : " للحارسين" مهلاً ، مهلاً .

الحارسان : " يتوقفان حائرين " ....

حارس 1 : سيدي ، أقتحم القصر ..

الوزير : " يشير له" .....

حارس 1 : " يتراجع" عفواً ، سيدي .

الوزير : " لكانيا" هذا إذن صيادك ؟

كانيا : "تهز رأسها" ؟.

الوزير : حسن .. " برق ورعد أشدا من السابق، للحراس" خذوهما من الباب الخلفي وليبقيا رهينتين عند كاهنة معبد ننا .

حارس 1 : أمرك سيدي " لكانيا وأتانا" هيا ، فلنسرع قبل أن يغرق هذا الطوفان أريدو.

الكاهنة العجوز: " للوزير" سيدي .

الوزير : ألحقي بهم ، هيا .

الكاهنة العجوز: "تلحق بهم مسرعة" .

الوزير : فلأسرع إلى جلالة الملك " يتجه إلى الخارج" حيثما يكون وأعلمه بما جرى .


          الوزير يخرج مسرعا ً،

                        برق ورعد شديدان


                               إظلام







المشهد التاسع




            معبد الآلهة ننا ،

        الكاهنة والكاهنة العجوز

الكاهنة العجوز: " عند النافذة" سيدتي ، اسمعي .

الكاهنة : إنني أسمع يا عزيزتي ، أسمع ، النا فرحون .

الكاهنة العجوز: من حقهم أن يفرحوا ، لقد رفعت الآلهة عنهم سيف الطاعون الحارق .

الكاهنة : إنهم يحتفلون لسبعة أيام ، وهذا هو اليوم الأخير .

الكاهنة العجوز: ومنذ الغد ، وكما شاءت الآلهة ستعود الحياة في أريدو إلى مجاريها .

الكاهنة : هذه هي الحياة ، فيها الخير وفيها الشر ، لكن الخير ، وبمشيئة الآلهة أبقى .

الكاهنة العجوز: وفيها ملا يكاد العقل يستوعبه .

الكاهنة : أنت محقة ، لكن للآلهة في ذلك حكمة .

الكاهنة العجوز: الكاهن أكاشكو مثلاً .

الكاهنة : الوزير ، هذا الداهية .

الكاهنة العجوز: نعم يا سيدتي ، داهية كبيرة ، حين  أعلن أن الوزير هو المخلص ..

الكاهنة : "تهز رأسها" المخلص .

الكاهنة العجوز: فقد افتدى شعب اريدو فرفعت الآلهة عنهم سيف الطاعون .

الكاهنة : يا للناس ، إنهم يقدسونه الآن .

الكاهنة العجوز:"تنظر عبر النافذة" سيدتي ، أرجوك تعالي أنظري .

الكاهنة :"تتقدم من النافذة وتنظر مبتسمة" عشتار ، جاء الربيع .

الكاهنة العجوز: سيدتي ، رغم إنني كاهنة ، وعجوز أيضاً ، فإني أعترف أن لا أروع من الربيع .

الكاهنة : وأنا معك .

الكاهنة العجوز: لنحتف بأروع ربيع ، سيدتي ، ها هما قادمان .


        يفتح الباب بهدوء

        ويدخل أتانا وكانيا


الكاهنة :" تبتسم" أهلاً بالربيع .

كانيا : " تقدم لها زهرة " سيدتي .

الكاهنة : " تأخذ الزهرة" أشكرك " .

أتانا : " يقدم زهرة للكاهنة العجوز" سيدتي .

الكاهنة العجوز: " تأخذ الزهرة" أشكرك " تتأمل الزهرة" آه ما أجملها " تنظر إلى كانيا" وإن كانت كانيا أجمل .

كانيا : "تغالب فرحها خجلة" .

الكاهنة : أنا معك " لأتانا" ما رأيك أنت يا أتانا ؟

أتانا : "يرمق كانيا بنظرة خاطفة" لا أستطيع أن أخالفك الرأي يا سيدتي .

الكاهنة العجوز: وهل يجرؤ ، وعلى مسمع من كانيا ؟

أتانا : "يغالب حرجه" سيدتي .

الكاهنة : والآن ، أسمعني يا أتانا .

أتانا : نعم سيدتي .

الكاهنة : اليوم ستنتهي الاحتفالات ، ومنذ الغد وكما قالت " تشير إلى الكاهنة العجوز" عزيزتنا ستعود الحياة إلى مجاريها .

الكاهنة العجوز: بعون الآلهة .

الكاهنة : أيها الصياد ..

أتانا : سيدتي .

الكاهنة : ماذا لو قلت لك أريد .. كانيا .

أتانا : كانيا !

الكاهنة : أريدها هنا ، كاهنة في معبد الآلهة ننا .

أتانا ينظر إلى كانيا

كانيا تنظر إليه بحيرة

الكاهنة : ها ، ماذا قلت ؟

أتانا : سيدتي ..

الكاهنة الشابة: "تندفع مسرعة" سيدتي ، سيدتي .

الكاهنة :ما الأمر يا صغيرتي ؟

الكاهنة الشابة : الملك.. والملكة ..

الكاهنة العجوز: " تتمتم" الملك .. والملكة ..

الكاهنة : ما خطبهما ! تكلمي .

الكاهنة الشابة : هنا سيدتي .. إنهما هنا .

الكاهنة : "تبدو مضطربة" الملك .. والملكة !

الكاهنة الشابة : نعم .. نعم .. يا سيدتي .

الكاهنة : "تتجه نحو الباب" المجد لننا .


      يفتح الباب بهدوء

      ويدخل الملك والملكة


الكاهنة : " تنحني للملك" مولاي .

الملك : "يربت على كتفها مبتسماً" .

الكاهنة : " تنحني للملكة" مولاتي .

الملكة :"تبتسم لها " .

الكاهنة : هذا شرف كبير أن تتفضلا بزيارة معبد الآلهة ننا بعد أن رفعت الآلهة سيف الطاعون الخارق عن مدينتنا المقدسة .. أريدو .

الملكة : إنه شرف لنا سيدتي .

الملك : الحقيقة أن الملكة أصرت في ختام هذه الاحتفالات أن تزورك في المعبد وتشكرك بنفسها .

الكاهنة : "مبهورة" تشكرني؟ " للملكة" مولاتي ..!

الملكة : أشكرك جزيل الشكر على حمايتك ورعايتك لعذراء أريدو .. كانيا .

كانيا : " تضع يديها فوق صدره مبهورة" ننا .

الكاهنة :آه ، إنها بمثابة ابنة لي ، حتى أني تمنيت أن تبقى هنا .

كانيا : "تقترب منها بشكل لا إرادي" أتانا .


      أتانا يربت على ذراعها،

        الملكة ترمق أتانا


أتانا : "ينحني للملكة" مولاتي .

الملكة : " تهمس للملكة" إنه صيادها مولاتي ، صياد كانيا .

الملكة : "تنظر إلى الملك مبتسمة " آه .

الكاهنة : مولاي .

الملك : نعم .

الكاهنة : " تشير إلى أتانا" هذا .. الصياد أتانا .

الملك : "ينظر إلى أتانا حائراً" .

أتانا : "ينحني للملك" مولاي .

الملكة :"تهمس مبتسمة للملك" .

الملك : آه ، الصياد " يبتسم" إنه صياد غزلان ماهر .

كانيا : عفواُ مولاي ، إنه صياد سمك .

الملك والملكة يضحكان

الكاهنة :"مبتسمة" ومع ذلك صاد غزالة جميلة .

أتانا : " يطرق رأسه مبتسماً".

كانيا :"تبتسم محرجة" .

الملكة : "تشير لكانيا " تعالي .

كانيا : " تتقدم محرجة إلى الملكة" مولاتي .

الملكة : " تشد على ذراعها" لو تعرفين يا بنيتي كم تعذبت " بصوت تخنقه الدموع" وأنا أراك في محنتك .

الكاهنة : مولاتي ..

الملكة : " تغالب انفعالها" .

الكاهنة : "كل شيء على ما يرام الآن .

الملكة : " تنظر إليها " .

الكاهنة : ونحن جميعاً بخير وفرح بفضلك يا مولاتي وفضل مولانا جلالة الملك .

الملكة : وسنكون دائماً بخير ، إن شاءت الآلهة.

الملك :  يخاطب أتانا" أتانا ..

أتانا : نعم ، مولاي .

الملك : أخبرني ، ماذا لو اخترتك صيادي الخاص؟

أتانا :"يرمق كانيا محرجاً" مولاي ..

الملك : لا تحرج ، إنني أريد أن أقدم لك خدمة ، لكن الخيار لك .

أتانا : بعد إذنك يا مولاي ، أفضل العودة إلى حياتي السابقة ، أصيد السمك ، وأربي غزلاني وبطّي وأطفالي وحملاني .

الكاهنة : أطفالك !

أتانا : سيكون لي أطفال بعون عشتار .

الملكة : "لكانيا" وأنت يا كانيا؟

كانيا : لابد أن أعود معه يا مولاتي .

الملكة : لماذا ؟

كانيا : من أين سيأتي بالأطفال إذا لم أعد معه؟

الملك : لا عليك ، سأعطيه جارية ، إذا أراد..

كانيا : "تبعد أتانا" لا يا مولاي ، لا يريد .

الملك : " مغالباً ضحكة" وأنت يا أتانا ، ماذا تقول ؟

أتانا : " يمسك يد كانيا" عندي غزالتي .

كانيا : "للكاهنة" سيدتي .

الكاهنة : لم يعد هناك ما يقال ، الخير ما اختارته عشتار .

كانيا : هيا يا أتانا .

أتانا : هيا يا عزيزتي .


          أتانا وكانيا يخرجان

            مسرعين يداً بيد

                                   إظلام

                                    ستار


0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption