الاحتفالية في التاريخ والتاريخ في الاحتفالية (الكتاب الثاني) / د.عبد الكريم برشيد
مجلة الفنون المسرحية
الاحتفالية مسرح والمسرح احتفال - 1
بهذه الكتابة الأخرى، والتي تبدأ من نقطة الصفر، لا اقول اليوم بانني عدت. ولا اقول بان العود احمد او ان العود محمد او ان العود محمود، فانا الحاضر في غيابي، وانا الغائب في حضوري، ولقد قلت وكتبت دائما بان الغياب ليس احتفاليا. وهذه الاحتفالية التي تؤكد على حيوية الحياة تدرك ان الحياة هي الحضور. وان الموت وحده هو الغياب المطلق
وفعلا. لقد (توقفت) عن الكتابة النظرية في هذا الصيف. بعد أن وصلت الى النفس الواحد بعد المائة في تلك الكتابة الأخرى ااتي انطلقت من مقالة بعنوان ( الاحتفالية حلال) ثم تلتها مقالة اخرى بعنوان ( الاحتفالية حلال والاحتفالية حرام) ولقد كان ما حركني في تلك الكتابة هو رغبتي في ان أظهر لكل الناس، أن الأصل في هذه الاحتفالية، والتي شغلت البلاد والعباد، هز انها ليست ايديولوجيا،ْ وليست حزبا له زعيم. وليست مدرسة تبحثةعن تلاميذ. وليست زاوية لها شيخ ويريدون. وبعكس ما قد فهم الفاهمون خطا. هو انها اجتهاد فكري. وأنها اختيار لنظام احتفالي وعيدي في الحياة، وأن هذا الاختيار لها أسبابه وله مقدماته وله حيثياته وله سياقاته وله اسباب نزوله. وانه ابدا لم يات من فراغ نظري او من عمى فكري. ولقد حاولت عبر عبر كل تلك المقالات ان احاور الفكرة بالفكرة. وان اكون باحساسي الجمالي فنانا، وان اكون بمنظومتي الفكرية والاخلاقية مفكرا. وان اكون باقتراحاتي الجديدة مهندسا وعرافا وداعية لنظام وجودي جديد يسمى النظام الاحتفاليةالمتجدد
في معنى التوقف التقني ..
وفعلا. لقد توقفت عن تلك الكتابة، من أجل ان ابدأ هذه الكتابة الاخرى، وهل عيشنا اليومي إلا كتابة حية بالأجساد الإنسانية الحية،في فضاء هذا الزمن التاريخي الحي ؟
وفعل الوقوف لا يمكن ان يكون له معنى الا في سياق المشي والحركة، ولقد توقفت عن رسم افكاري على الورق، ولكنني ما توقفت لحظة واحدة عن النظر العقلي ولا عن التفكير ولا عن الحلم ولا عن المخاطرة الفكرية والجمالية ولا عن التامل ولا عن اوليد وتربية الأفكار الجديدة والمستجدة.
وحتى اكون صادقا معكم ومع نفسي فانني اقول لكم ما يلي،ّلقد أتت علي لحظات فقدت فيها شهوة الكتابة المسرحية. وظننت، بيني وبين نفسي، بأنني قد طلقت الكتابة الإبداعية بشكل نهائي. وبذلك فقد ذبت بشكل كلي، ولشهور طويلة جدا، في الأسئلة الفلسفية. بحثا عن مسرح وجودي جديد. ولقد أكدت في كل تلك
الكتابات النظرية على ان ما نحتاجه اليوم،أكثر من غيره، ليس هو النظام المسرحي الخام. ولكن هو النظام الوجودي والحياتي العام. إيمانا مني بأنه لا يمكن ان نجدد مسرحنا من غير ان نجدد حياتنا اولا، ومن غير ان تكون لدينا رؤية صادقة ودقيقة وعالمة وفاهمة ومتفهمة للحياة. وهذا هو ما جعلني اترافع. في كل كتاباتي الفكرية، لفائدة الانسان والانسانيةولفائدة الحياة والحيوية. ولفائدة المدينة والمدنية، ولفائدة الرؤية الاحتفالية والعيدية للعالم. وان يكون ذلك الانحياز الفكري والجمالي والأخلاقي ضدا في الرؤية الملحمية، وضداوفي الرؤية العبثية، وضدا في الرؤية العدمية، وضداةفي الرؤية الفوضوية. ولقد ارتبط ذلك البحث عن العالم الآخر، وعن النظام الفكري والسياسي والجمالي والاخلاقي الآخر، بالأسئلة الأساسية التالية:
-- باية صورة يمكن ان نتصور الوجود الجديد في هذا العالم الجديد وفي هذا المنعطف التاريخي الجديد؟
-- وكيف يمكن ان نحيا هذه الحياة بشكل أصدق واجمل. وان نتذوق جمالياتها بشكل جميل ونبيل؟
-- وكيف يمكن ان نرتقي في تفكيرنا وابداعنا، من درجة استهلاك ما هو موجود الى ايحاد ماهو غير موجود. وان نصنع عالما جديدا، بنظام فكري وأخلاقي وجمالي جديد؟
وهذه الأسئلة الأساسية والمحورية، يمكن أن تتفرع عنها آلاف الأسئلة الأخرى . وهذا ما يمكن أن اقف عنده في هذا الكتاب الجديد. والذي هو الجزء الثاني من مشروع فكري موسع. ابتدائي بكتاب ( التيار الاحتفالي في المسرح العربي الحديث) والذي كان مجرد مقدمة نظرية عامة للدخول إلى التفاصيل الصغيرة والدقيقة للنظرية الاحتفالية ولفسفتها في التعييد الوجودي، في المسرح وغي ما وراء المسرح
المسرح تفلسف بالصورة الحية
شيء سهل جدا أن تروي قصة للناس. وان تسميها قصة او حكاية
أو رواية او مسرحية او شريطا سينمائيا. لأن الشيء الصعب او الاصعب، هو ان توجد شجرة الإبداع اولا. وان تبدأ فعل الخلق من درجة الصفر، والذي يمثلها السؤال الفكري والجمالي والأخلاقي قبل كل شيء، وما نرويه للناس ينبغي ان يكون له معنى، وان يكون له ما يبرره. وما يفسره، وان ينطلق من فكرة او من حالة او من قناعة او من تصور او من اختيار أو من نبوءة، وليس من فراغ، لأن فاقد الشيء لا يمكن ان يعطي شيئا. وأن من ينطلق من الفراغ يظل حبيس الفراغ
ولعل هذا هو ما جعلني - في كل مسيرتي ومساري - اكتب المسرحية. من غير أن انسى فلسفة الكتابة بشكل عام. ومن غير أن اكون كاتبا مفكراةاولا، وأن اضع رؤيتي الفلسفية المجردة في احداث وفي شخصيات وفي علاقات وفي تصورات وفي مفارقات وفي حوارات وفي تساؤلات وفي رموز وفي علامات وفي اشارات وفي نبوءات ..
وفي الشهور الأخيرة توقفت عن كتابة المسرحية، وكان ذلك
إيمانا مني بان ما أصبح يقدم اليوم ليس مسرحيات. بالمعنى الحقيقي للكلمة، ولكنه فقط مجرد عروض مسرحية. يسبقها اعداد لنصوص مسرحية.. تكون فقط حجة لتقديم مشاهد وفرجات مسرحية عابرة. وفي هذا الإعداد كثير من التشويش ومن الشويه ومن التحريف ومن الكذب على المسرح. والذي هو اساسا علم الوجود وهو فقه الحياة والأحياء..
ونعرف بان المسرح هو المسرح، وليس هو اي شيء اخر، ويمكن ان يستفيد هذا المسرح من التطور العلمي والتكنولوجيا. ولكن من غير ان يفرط في جوهره الحقيقي. والذي هو اساسا كتابة كاتب، وهووإخراج مخرج، وهو تمثيل ممثل وممثلة، وهو فضاء مؤثث تاثيثا غير واقعي، وهو تفاعل وتجاوب وتواطؤ جمهور مسرحي، وذلك في المكان العام. وفي اللحظة الاحتفالية والعيدية المشتركة والمقتسمة
وما نشاهده اليوم، تجاوزا هو (مسرح) .. وهو لعبة احتفالية مشتركة غاب عنها فاعلها الأول والأساس، والذي هو الكاتب المفكر. وغاب عنها المخرج القارئ أيضا، وغاب عنها المخرج الذي يتحدى النص المكتوب بالنص المشهدي. والذي يفسر ويؤول ويكمل ويجمل ويوضح ويحرك وينطق، بالصورة الحية، لما كتبه الكاتب بالكلمات وبالعبارات وبالإشارات والاستراحات الركحية
وذلك المخرج، العالم والفاهم والمبدع والحكيم والشاعر والعراف والمهندس، عوضه اليوم فاعل تقني بطموح محدود جدا. وهو بهذا مجرد حرفي، شغله الأساسي هو الكولاج والبريكولاج، ويمكن ان نقول بان هذا التقني الحرفي يعرف التقطيع ويعرف التركيب. ويعرف التفكيك، ويعرف الكولاج، ويعرف كيف يعيد ترتيب المشاهد المكتوبة، وكل ذلك من غير ان يقول شيئا جديدا. ومن غير أن يضيف للمتفرج اي معنى، ومن غير ان يقرا النص المسرحي اولا. ومن غير ان يفهمه، ومن غير ان يتواطأ معه فكريا. ومن غير أن يفجره من داخله. ونحن اليوم امام نموذج غريب وعجيب من المخرجين. والذي هو المخرج الخياط. والذي قد تكون له علاقة ما بشخصية مظلوم بن ظالم الخياط في مسرحية ( فاوست والاميرة الصلعاء)
ومهمة هذا المخرج الخياط هي مهمة تقنية خالصة. وهو في عمله هذاةيشتغل بالمقص. ويشتغل بالإبرة العوراء، والتي لها عين زاحدة،ّ. وهو لا يعرف ان هذا المسرح هو اساسا حياة وحيوية. وانه راي ورؤية ورؤيا، وان الاصل في الإخراج فعل الإخراج انه فلسفة قبل كل شيء.. هو فلسفة بالصوت وبالصورة. وهو فلسفة حياة بالأجساد وبالأشياء وبالأزياء وبالأضواء وبالظلال وبالألوان وبالكتل وبالرموز وبالعلامات وبالإشارات. وبهذا يكون النص المسرحي اليوم. وفي كثير من التجارب، هو أضعف حلقة في سلسلة المسرح المغربي والعربي الحديث والمعاصر.
النص المسرحي ذاكرة المسرح..
وانطلاقا من هذه القناعة. فقد عدت في هذا الصيف إلى كتابة نص مسرحي جديد.. تعزيزا لفعل الكتابة العاقلة والشاعرة والحكيمة والمتنبئة، وهو نص قد يراه البعض مونودراما، ولكنه ليس كذلك. وهو مجرد كتابة احتفالية متحررة من القوالب ومن القياسات ومن التعليمات ومن التسميات المدرسية الجاهزة. وعندما يحين الحين ساعلن عن اسم هذا العمل المسرحي ( الجديد) والذي يستمد جديده من القديم. اي مما هو كائن ومما هو ممكن ومما هو مستحيل ايضا. وبحسب الاحتفالية، فإنه لا وجود لشيء يمكن ان يسمى الجديد. وما هو موجود، في حياتنا وفي حياة فكرنا وفننا، هو فعل التجديد فقط، والذي هو مجرد رسكلة وتدوير وتحوير واعادة بناء القديم برؤية مختلفة ومخالفة
وهذا النص ( الجديد) يستخرج ممكناته مما هو كائن. والذي هو جوهر الوجود وجوهر الموجودات. وما قمت به . انا الكاتب،
هو مجرد حفر في اعماق الإنسان. وهل هذا الإنسان الذي نكتب له وعنه. جديد. ام ان قضاياه واسئلته وقضاياه ورؤيته هي الجديدة؟
وكل مسرح لا يطرح رؤية جديدة فإنه لا يمكن ان يكون جديدا ابدا. وكل إبداع لا يقرا ما كتبت الحياة. وما كتب التاريخ. وما كتبت الجغرافيا. وما كتب المفكرون والمبدعون السابقون لا يمكن ان يكون ابداعا حقيقيا
ويمكنك أن تقدم مسرحية بدون نص مسرحي، ولكنه ابدا لا يمكنك ان تؤسس مسرحا جديدا بدون كتابة مسرحية جديدة.. النص هو النواة الصلبة في المسرح. وهو الثابث المتغير، وهو القديم المتجدد، وهو الجذع المتفرع في تلفروع الجمالية الأخرى. وتاريخ للمسرح العالمي هو اساسا تاربخ الكتابة. ومن فعل هذه الكتابة بدا فعل التاريخ
ومن يقدم مسرحية بغير نص كمن يحرث في الماء. وكمن يغرس في الهواء. وكمن يبدع في الخواء، ولهذا فإنني اواصل فعل كتابة النص المسرحي. مستندا إلى إيماني بان المسرح الجديد اكذوبة. وبانه من الممكن جدا للكاتب الجديد والحديث ان تكون كتابته المسرحية قديمة. وان تكون،في المقابل، كتابة الكاتب القديم جديدة ومتجددة طوال التاريخ. ومن ينكر ان شكسبير اليوم اكثر حداثة وجدة من عشرات الآلاف من الكتاب الأحياء المحدثين والمعاصرين؟
وبالمناسبة فإنني احيي كل كتاب المسرح المغربي والعربي. واعتبر انهم كانوا مؤسسين، وكانوا مبشرين، وكانوا مناضلين في هذا المسرح. ويوم كان المسرح يخضع للرقابة القبلية. وكان النص المسرحي وكاتبه في فوهة المدفع. في ذلك الزمن لم يكن المسرح فرجة او مجرد حكاية أو مجرد وقت للترفيه عن النفس. ولكنه كان فن وعلم وفكر وفقه الإنسان لصناعة الإنسان.. وكان مدرسة. وكان مشفى. وكان مرآة يرى فيها المجتمع حسنه وقبحه.ويرى فيها مافيه وحاصره ومستقبله
ولقد كانت الاحتفالية اساسا فكرا. وكان فعل الاحتفال فيها فلسفة اعطيناها اسم فلسفة التعييد الاحتفالي. وكانت رؤية انسانية منفتحة على كل العلوم والفنون والآداب، مغربيا وعربيا ودوليا. وكانت حوارا جادا بين الأفراد والجماعات والمجتمعات والشعوب والأمم. وكان زواجا شرعيا بين الآداب والعلوم والفنون والصناعات
الاحتفالية النص ومضاعفه
( لا وجود لأي نص خارج النص) هكذا تردد الاحتفالية دائما، وما هو خارج النص الاحتفالي، بالنسبة للاحتفالي، ليس نصا حقيقيا، وقد يكون شيئا يشبهه، أو يكون شيئا له قناعه، ولكن ليس له وجهه، وعليه، فإن ذلك الشيء لا يمكن أن يكون نصا إضافيا آخر، أو أن يكون نصا بديلا، وهو بهذا ظل من ظلال هذا النص الأساس والمؤسس فقط، أو هو مجرد صورة من صوره المنعكسة في المرايا، أو هو مجرد صدى لصوته الحقيقي، وهو بهذا مجرد قراءة، أو هو قراءات متعددة لمتن واحد، ومهمتها الأساسية هو أن تقرأ هذا النص، في لغته الأصلية، وأن يتم ذلك من جميع الزوايا الممكنة، وأن توضحه، وأن تشرحه أيضا، وأن تترجمه ترجمة صادقة وأمينة، وأن تحلله تحليلا علميا بعيدا عن التأويل وعن التهويل، وأن تفككه أيضا، من أجل أن تعرفه، وليس من أجل أن تعبث به، وأن تشوهه، وبمثل هذه القراءة ـ القراءات فقط، يمكن أن يغتني النص، كما يمكن للقراءات الإخراجية الفقيرة أن تفقره أيضا، والتي قد يحدث أن تكون صادقة ووفية، كما قد تكون خائنة أيضا، والاجتهاد في ذات هذا النص لا يكون إلا مرة واحدة، أي عند كتابته، أو عند ولادته، والتي لا يمكن أن تتكرر مرتين أو أكثر، لأن النص كائن حي، وليس هناك كائن يمكن أن يولد أكثر من مرة واحدة، وهذا بخلاف القراءات والمقاربات الاخراجية والنقدية، والتي يمكن أن تكون متعددة ومتنوعة، وأن تتم بأدوات وبمنهجيات كثيرة جدا
وما هذه الاحتفالية، بكل أبعادها ومستوياتها الفكرية والإبداعية المتعددة والمتنوهة، إلا فكرة حية، وذلك في عالم الأفكار الحية والجديدة والمتجددة، وهذا هو ما أكد عليه الكتاب الأول، من كتب ( التيار الاحتفالي في المسرح العربي الحديث) والذي هو ( المقدمة) ـ وهذه الاحتفالية هي أساسا فكرة مفكرين من أهل هذا الزمن، والذي هو زمن الفكر والعلم وزمن الكشف والمكاشفة وزمن الاختراع والابتكار، وزمن الإدهاش والإبهار، وزمن التواصل والتلاقي، وزمن الحضور العيدي والاحتفالي، وأنها، في معناها الحقيقي، هي اجتهاد مجتهدين صادقين، وأنها أيضا، سيرة ومسيرة سائرين، وأنها مقصد قاصدين، وأنها عشق عاشقين، وأنها اندهاش مندهشين في هذا الكون الاحتفالي المدهش، وأنها أيضا، نبوءة متنبئين يشتغلون في علم المستقبليات
ويبقى السؤال، هذه الفكرة الأولية والمحورية، والتي تولدت عنها أفكار كثيرة ومتنوعة، من أين جاءت؟ وكيف جاءت؟
جوابا على هذا التساؤل يقول الاحتفالي:
هي أفكار جاءت من المستقبل، وأخطر كل الأفكار وأصدقها هي التي تأتي من أعمق أعماق المجهول في المستقبل، وقدر كل الأجساد الحية، والتي تأتي من المستقبل، أن تكون جديدة ومجددة ومتجددة، شكلا ومضمونا، وأن تكون مثيرة ومدهشة، وأن تكون مستفزة وصادمة، وأن تكون غريبة وعجيبة في بداياتها الأولى، وكذلك كان الأمر بالنسبة للفكرة الاحتفالية، والتي خالفت المعروف، وقفزت على الكائن، وبشرت بالممكن وبالمحتمل وبما ينبغي أن يكون، ولقد أكدت الاحتفالية أن وحدها أفكار الموتى هي وحدها التي من الماضي، أما الآتي الحي، فله بالتأكيد أفكاره الحية الأخرى
والسر في أن تظل هذه الاحتفالية الحية، على قيد الحياة، ولحد هذا اليوم، رغم العواصف والزوابع التي صادفتها، هو أن نهر أفكارها دائم الجريان والتدفق، وأن هذا النهر ينبع من أمامها وليس من خلفها، وبهذا فإن الاحتفالية الحقيقية، ليست هي تلك التي كانت، ولكنها تلك الاحتفاليات الحقيقية الأخرى، والتي سوف تأتي مع الزمن الآتي، وفي البيان الثالث لجماعة المسرح الاحتفالي . والذي صدر بمدينة الرباط سنة 1982 نقرأ ما يلي:
( الشيء في الاحتفالية لا ينظر إليه في سكونيته ولكن في حركيّته، وللاحتفالية حدان اثنان، حد الكائن وحد الممكن)
واخطر ما تعيبه الاحتفالية، في الفن وعلى الفنانين. هو النمطية، وهو المدرسية، وهو الاستعراض، وهو الاستظهار،، وهو التكرار، وهو الاجترار، وهو القوالب،، والخنادق، وهو القواعد المدرسية
ونعىف ان الأفكار الاحتفالية قد كانت دائما صريحة، وكانت واضحة، ولم تلجأ إلى التقية، وعن سؤال (وهل تعرضت أفكارك للمنع يوما؟) نجد الاحـتفالي يقول ( وهل الأفكار تمنع؟ ومن بمقدوره أن يمنعها؟ وكيف يمنعها وهي نار ونور، وكيف يقبض عليها وهي جمر ملتهب؟
ـــ بعض الحمقى يحاولون فعل ذلك دائما ..
نعم، وقد حاولوا منع أفكاري وقمعها واعتقالها، ولكنهم لم ينجحوا في مسعاهم البائس والتعس.. وقد ذهبوا اليوم إلى حيث لا يمكنهم الرجوع..) هكذا تحدث الاحتفالي في رحلته الافتراضية والتي اعطاها اسم (الرحلة البرشيدية)
0 التعليقات:
إرسال تعليق