أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأربعاء، 1 أغسطس 2012

"السينوغرافيا" بين الشكلانية والرؤية المسرحية المتكاملة

مجلة الفنون المسرحية

"السينوغرافيا" بين الشكلانية والرؤية المسرحية المتكاملة

طرحت الحداثة وما بعدها أسئلة كثيرة على المسرح، وتحديداً سؤال تحدي الذات، والقدرة على الخروج من الإطار التقليدي الذي يعتمد على الحكاية أو الأداء إلى فضاء آخر تحتل فيه السينوغرافيا دور البطولة في بعض الأحيان على حساب المفردات الأخرى في العرض المسرحي 
وقد أثر التطور التكنولوجي في إخراج الأعمال المسرحية، وبات الاعتماد على المؤثرات أمراً لا غنى عنه في العرض، بل يمكن القول إن الكثير من المخرجين باتوا ينطلقون من الرؤية السينوغرافية تجاه النص، بمعنى أن فضاء الشكل قد أصبح لديهم هو الأساس الذي تبنى عليه مختلف العلاقات بين مفردات العرض .
مما لا شك فيه أن مهرجانات المسرح صارت حلبة سباق وتنافس بين المخرجين لتقديم عروض أكثر إبهاراً من حيث الشكل، وإبداع سينوغرافيا قادرة على جذب المتلقي، وتقديم الرؤية الإخراجية من خلال العناصر السينوغرافية، حتى إن بعض الأعمال ذهبت إلى أبعد من ذلك، وقلصت دور الحوار، والأداء الجسدي، وجعلت العلاقة بين العرض والمتلقي تقوم على ما يمكن أن تجود به السينوغرافيا من دلالات .
وإذا كانت السينوغرافيا في معناها الحرفي تعني البيئة المكانية للعرض، ووصف هذا المكان، وما يوجد فوق الخشبة من ديكور وأزياء وموسيقا، إلا أن هذا المفهوم أخذ بالتوسع مع الميل إلى إيجاد تأويلات تقوم على الشكل، أو لنقل إنها تنطلق منه، وهو أمر لا يمكن الحكم عليه بالسلب والإيجاب مسبقاً، وإنما يتأتى الحكم من داخل بنية كل عرض بشكل منفصل، فالأمر في المسرح كما هو حال الفنون البصرية يعتمد على قوة التأثير، وليس على ما تضمنته المشهدية من مكونات، أو ما استخدم فيها من أدوات .
وعن أهمية السينوغرافيا وكيفية تصنيف أهميتها بالنسبة لبقية العرض يرى المسرحي حميد سمبيج أن السينوغرافيا باتت في بعض العروض هي كل العرض، وأن قدرة العرض على جذب المتلقي لا يمكن أن تحدث من دون وجود سينوغرافيا فيها إبهار للمتلقي، ويقول سمبيج: “علينا أن نعترف أن العروض باتت تنحو أكثر فأكثر نحو إعطاء دور البطولة للسينوغرافيا، وهذا لا يلغي العناصر الأخرى في العمل المسرحي، لكنه يقرر حقيقة واقعة في المسرح الذي نشاهده منذ سنوات، خاصة أن عين المتلقي راحت تتعود شيئاً فشياً على وجود عناصر ومؤثرات جاذبة، وهو ما قدّمته التكنولوجيا للعمل المسرحي، لكن المسألة في نهاية الأمر تتوقف على المخرج المبدع الذي يستطيع أن يوظف السينوغرافيا لتأكيد فكرة العرض، وتثبيت إشاراتها ودلالاتها في ذهن المتلقي، وشده إلى متابعة العرض وتذوق جمالياته” .
ويعتقد سمبيج أن أهمية السينوغرافيا في بعض العروض تتجاوز أهمية الممثل نفسه، وهو لا يعني انتقاصاً من أهمية الممثل، وإنما إشارة إلى الدور المتنامي لها في العروض المسرحية، ويقول سمبيج: “علينا ألا ننسى أيضاً أن المسرح بوصفه فناً مشهدياً قد استفاد كثيراً مما قدمته السينما بصرياً، كما أن المسرح فن حي عليه أن ينافس في المجال البصري أيضاً، وهو ما يمكن أن تحققه السينوغرافيا في هذه المنافسة، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الفن المسرحي” .
الدكتور محمد يوسف الذي خاض تجربة طويلة في فني المسرح والتشكيل يرى أن العرض المسرحي يقوم على الترابط بين كل مكونات العرض، وأن كل عنصر في العرض له أهميته الخاصة، واستخدام السينوغرافيا بطريقة شكلانية من شأنه أن يؤذي العرض نفسه، و”هو ما نجده في بعض العروض التي لا يمتلك فيها المخرج رؤية متكاملة، ويتم التعويض عن ذلك باستخدام سينوغرافيا فيها الكثير من الإبهار، لكنها تمتلك القليل من الدلالات” .
ويتابع د . يوسف: “لقد أثرت الحداثة على الفنون برمتها، ومنها المسرح، ومن تأثيرات الحداثة دخول التكنولوجيا في العرض المسرحي، وهو ما يتجلى من خلال السينوغرافيا بشكل رئيس، لكن علينا الاعتراف بأننا نرى استحضار التكنولوجيا أحياناً بطريقة خاطئة، وبناء سينوغرافيا لا تنسجم مع بيئة العرض، وما يزيد الطين بلة أن بعض المخرجين تفلت من بين أيديهم الأمور في الربط بين السينوغرافيا والأداء، وهو ما يؤثر في مجمل العرض، كما بتنا نشاهد قوالب متشابهة في بعض العروض على مستوى السينوغرافيا، وهو ما ينم عن نقص في البحث من قبل المخرج، وعدم قدرة على وضع كل عناصر العرض في بوتقة واحدة، وهذا الأمر لا ينفي أن بعض المخرجين استفادوا بشكل كبير من السينوغرافيا، وأحيانأً ينطلقون في بناء العرض انطلاقاً منها، لكنهم يمتلكون الرؤية والقدرة على بناء عرض متكامل، وتوظيف عناصر العرض بالطريقة التي تخدم المناحي الفكرية والفنية والجمالية للعرض نفسه .

--------------------------------------------
المصدر : حسام ميرو - الخليج

الأربعاء، 6 يونيو 2012

إطلالة على المسرح الإسباني المعاصر

مجلة الفنون المسرحية

إطلالة على المسرح الإسباني المعاصر

محمّد محمّد الخطّابي :

 بمشاركة 23 فرقة مسرحيّة عالميّة تنتمي لتسع دول،كان قد إنطلق في 9 ايار/ مايو المنصرم المهرجان الدّولي 'الخريف في فصل الربيع للمسرح' لمدينة مدريد ، في دورته التاسعة والعشرين، ومن المنتظر أن تختتم فعاليات ووقائع هذا المهرجان يوم 3 حزيران/يونيو الجاري2012، وقد قدّمت خلال هذه الدّورة العديد من العروض المسرحية المنوّعة بمشاركة صفوة ممتازة من المخرجين والممثّلين العالميين، الذين ينتمون إلى مختلف مدارس الفنون المسرحية العالمية الحديثة، وفي مقدّمتهم بيتر بروك، وسيمون ماكبورني، وروبير لوباج وسواهم.
ومن البلدان المشاركة هذا العام: فرنسا، بلجيكا،بريطانيا،البرتغال،إيطاليا، كندا،الدانمارك، بولونيا بالإضافة إلى إسبانيا البلد المضيف. قدّمت هذه العروض، التي بهرت عشّاق المسرح من الجمهور، والمثقّفين والنقّاد، على خشبات العديد من القاعات المسرحية المنتشرة في مدريد وضواحيها وأرباضها. كما قدّمت ضمن فعاليات هذا المهرجان الرّبيعي كذلك بشكل مواز العديد من عروض الرّقص، والغناء، والموسيقى المختلفة، ولقد حوّل هذا المهرجان العاصمة الإسبانية في الأيام الأخيرة إلى عاصمة للمسرح الأوروبي، وقبلة للفنون والإبداع.
وحريّ بنا بهذه المناسبة أن نلقي نظرة عجلى على ثلاثة نماذج لأبرز المسرحيّين الإسبان في هذا العصر وهم: 'فاييّي إنكلان'، و'بويرو باييخو'، و'لويس ريّاثا'، الذين يمثلون إتجاهات مختلفة للنصّ الدرامي في المسرح الاسباني في حقب متفاوتة من تاريخنا المعاصر .
يتميّزالمسرح الاسباني على إمتداد تاريخه بالتنوّع والغنى والثراء، سواء في مواضيعه أو نصوصه أو جوهره.
ومنذ كتّاب المسرح الاسباني الكلاسيكيين الاقطاب أمثال 'فرناندو دي روخاس'، و'لوبي دي فيغا'، و'كالدرون دي لا باركا'، و'تيرسو مولينا '، و'خوان رويث دي ألاركون' ما فتئ المسرح الاسباني يحقق نجاحات تلوالأخرى في مختلف العصور، وقد بلغ أن قدّمت في مدريد وحدها منذ بضع سنوات في وقت واحد ما يقارب خمسين مسرحية تمثل مختلف الاتجاهات والمدارس المسرحية المتباينة. كما يعرف المسرح الاسباني نجاحات كبيرة كذلك خارج اسبانيا خاصة في أوروبا وفي بلدان أمريكا اللاتينية.

إنكلان وثورة النصّ
التيّارات الجديدة التي عرفها المسرح الغربي انطلاقا من عام 1887 في كل من باريس وبرلين وموسكو ولندن تعتبر انعطافا في تطويرهذا المسرح، حيث عرفت المواضيع الاساسية المتعلقة بالعروض المسرحية تطوّرا هائلا مهّدت السبيل الى ظهورالمسرح الحديث الذي سيصبح من أبرز رجالاته' برتولت بريخت'، و'أرثور أداموف'، و'جان جينيه '، و'غروتوسكي'، و'بيتر بروك'، وسواهم الذين يعتبرون برمّتهم من الوجوه المشعّة في تاريخ تطوّر المسرح الاوروبي. هذا التيّارلا يعتمد على الصورة المسرحية بقدر ما يعنى بجوهرالنصوص، هذه النقلة في عالم المسرح في اسبانيا قام بها الكاتب الاسباني 'فاييّي إنكلان' إنطلاقا من سنة 1906حيث بدأ يتجلى الابداع المسرحي في الورق والكتابة قبل أن يظهر على الخشبة بواسطة الإخراج المسرحي. وهناك نصّان بارزان لهذا المبدع هما 'نسر المجد' و'غنائية الذئاب' حيث بدأ مرحلة جديدة في الفن الدرامي في اسبانيا، وتغلف هذه النصوص أجواء من الظلام، والطلاسم، والموت، والدم، والعنف، والقساوة وعناصر أخرى ظلت بمنأى عن النصوص المسرحية الاوروبية وعن خشبات المسارح الغربية بشكل عام .لا تحتاج نصوص 'فايّيي إنكلان' سوى الى حيّز رمزي لابلاغها للجمهور، و تغدو كلمات شخصياته حليفة الضوء واللون والصّوت ولصيقة بأجسام الممثلين وحركاتهم ومواقعهم، ذلك انّ هذه النصوص تتوفر على قوّة سحرية ليس إنطلاقا من ثراء مضامينها وحسب، بل وبشكلها وإطارها ووقعها وتنغيماتها، هذه النصوص هي ذات طابع إجتماعي ونفسي في آن واحد، إذ لا يقوم العالم الدرامي لدى الكاتب سوى على النطق والقراءة كما كان الشأن في النصوص الواقعية، بل انه لصيق بالجّو الرمزي الجديد، أيّ طغيان الكلمة باعتبارها الخاتم الجديد لمسرح القرن العشرين. إنّ 'فاييي إنكلان' بهذا الاتجاه الجديد لم يكن كاتب نصوص وحسب، بل كان ممثلا ومخرجا مسرحيا في آن واحد داخل نصوصه نفسها. وهذا المنحى المسرحي لدى' إنكلان' ليس هروبا من الأعراف المسرحية او نكرانا لها بقدر ما هو عودة الى ينابيع الدراما، وانغماس في معايشة الفن المسرحي في أجلى معانيه وصوره. انه بهذا الاتجاه مثلما هو عليه الامر في التراجيديا الكلاسيكية يمثل رجوع الانسان الى رؤاه الأولى المبكرة للعالم الحافل بالأسرار والغوامض، هذا العالم المغلف بلغز التساؤل الأبدي، وما يتراءى له في نصوصه من شخصيات غريبة تتعانق فيها الخيالات وأضغاث الأحلام باللا وعي والهذيان. انّ فاييي إنكلان باتجاهه هذا قد أعاد الاعتبار لبعض الأبطال الكلاسيكيين الذين نعرفهم، انّ الاشكال المسرحية في نصوصه هي الحلقة الواصلة بين جيري وبريخت، أو أرتولد وأونيسكو أي بين المسرح الملحمي أو الحماسي ومسرح اللامعقول.

فايّيخو والدراما التاريخية

إنّ رؤية العالم التي تقدّمها لنا الدراما التاريخية هي نتيجة تداخل عملية تركيب ايديولوجي للحقيقة التاريخية بواسطة الكاتب بمساعدة المتفرّج ،هذا التركيب عادة ما يكمن في بنيوية رؤية الماضي عن طريق تلاقي الكاتب والمتفرّج في الحاضر، وانّ البعد القائم بين الزمنيين يغدو ملكا للسرد التاريخي. ذلك انه من أهم المميّزات الاساسية للدراما التاريخية القدرة على الربط بين الماضي والحاضر، وهنا تكمن مقدرة 'بايخو' في الوساطة التراجيدية بين الزمنيين. وخير مثال لدى الكاتب مسرحيتاه 'حكاية معلم' و'الظلام الملتهب' حيث تعتبر هاتان المسرحيتان تقصّيا مهووسا للظرف التراجيدي للإنسان كعنصر بارز من عناصر التاريخ. بل انّ هذا الهاجس في تقصّي عامل الزمن نجده في مسرحيتين أخريين للكاتب هما 'الحاكم للشعب' و'الإنفجار'، انّ الفرق بين الضمير المعتقدي والضمير التراجيدي لا ينحصر في تقبّل الحقيقة او تغييرها، بل على العكس من ذلك يكمن في عدم قبول إنشراح المتفرّج باجابة او تفسير يؤدّيان الي تلاشي الصراع القائم، ويحوّل الضمير التراجيدي عملية التساؤل الى تناوش تراجيدي وذلك بتفجير السؤال نفسه على خشبة المسرح ،وبالتالي نجعل المتفرج مشاركا بالضرورة في البحث عن الاجابة ليس على خشبة المسرح وحسب بل في الحيّز التاريخي كذلك. والاجابة رهينة بطبيعة الحال بمقدرة وكيفية تلقي المتفرج للسؤال وفهمه واستيعابه.
إنّنا اذا تأمّلنا مسرحيات 'باييخو' فسوف نجدها حافلة بهذا العنصر التساؤلي التاريخي، وهو بذلك يزيد في مضاعفة وظيفة الاعضاء السمعية والبصرية لدى المتفرّج، وتنشيط السّمات الكلامية لديه فتغدو التراجيديا عنده وسيلة مفتوحة وليس مغلقة، لانه بذلك يستبدل مفهوم القدرية بالحرية، محوّلا إيّاها الى المحور المحرك لنظرته التراجيدية للتاريخ ،وبذلك تغدو المسافة الممتدّة بين العطاء والاستقبال أيّ بين الكاتب والمتلقي للنصّ هي المسافة القائمة بين الضمير التراجيدي وتساؤله، والضمير وجوابه. وبذلك تتحوّل الدراما الى حقيقة تاريخية ويظل المتفرّج هو وحده باستطاعته تخطّي الحواجز وتجاوزها في سباق التاريخ.
وتتميّز الرؤية المسرحية لدى الكاتب المسرحي الاسباني 'لويس رياثا' إنطلاقا من مسرحيته 'الحصان داخل السور' بهالة من السخرية والترف والتهكّم في أجلى مظهره في المسرح الغربي الحديث، انّ الكاتب بدل ان يتقبّل مختلف الاشكال التجريبية للمسرح الجديد المنتشر بين ضفتي المحيط اي بين اوروبا وامريكا، يلجأ الي صنع أسلوب مسرحي جديد خاص به.ان قارئ نصوصه، وهو يأتي مباشرة بعد موجة العبث، لكي يتسنّى له فهم ما يقرأ لا بدّ له ان يقيم عددا من الوسائط او الصلات بين النصّ والعرض نظرا لتكاثف الرموزعنده وتداخلها ،وتفجيره لعنصرالأنا ولهويّة الممثل والمتفرج في آن واحد.

المسرح الإسباني والتراث الأندلسي
وتجدر الاشارة الى ان المسرح الاسباني على امتداد العصور قد استقى غير قليل من مضامينه وموضوعاته من التراث العربي والحضارة الاسلامية في الاندلس، كما يشهد بذلك معظم الدارسين والمستعربين الاسبان وغير الاسبان على حدّ سواء. حيث حفلت العديد من الاعمال المسرحية الاسبانية القديمة منها والمعاصرة بالاشارات الواضحة الى المظاهر الحضارية والثقافية وإبراز مواقف الشهامة والشجاعة والنبل والكرم والأنفة عند العرب والمسلمين. وتتجلى مظاهر هذا التأثير منذ القرون الوسطى وفي العصر الذهبي للمسرح الاسباني، أيّ منذ عصر الرومانسيين القدامى الى المجدّدين من المسرحيين الاسبان في القرن العشرين. ومن أبرز الكتاب الاسبان في هذا المجال على سبيل المثال وليس الحصر- 'فرانسيسكو فييّا إسبيسا' حيث شكلت المواضيع العربية في أعماله عنصرا أساسيا لإبداعاته الادبية والمسرحية على اختلافها. وقد حقق هذا الكاتب الاسباني نجاحات باهرة باعماله هذه داخل اسبانيا وفي بلدان امريكا اللاتينية، كما ترجم بعضها إلى اللغة العربية،إلا ان بعض هذه الاعمال لم تسلم من معاول التهجّم والهدم لبعض النقاد المتزمتين. في حين أنّ نقادا آخرين أنصفوه وجعلوه في طليعة الممهّدين والمبشّرين للمعاصرة والتجديد والحداثة في الادب الاسباني وفي امريكا الجنوبية. من أعماله الابداعية المعروفة في هذا الصدد مسرحيته 'قصر اللؤلؤ' (1911) التي نقلها الى اللغة العربية أستاذي في جامعة عين شمس بالقاهرة الدكتور لطفي عبد البديع. ومسرحيته 'بنو أميّة'(1913) و'باحة الريّاحين'(1908) و'عبد الرحمن الأخير'(1909) و'انتقام عائشة'(1911). ولد 'فرانسيسكو فييّا إسبيسا' في مدينة ألمرية 1877 وتوفي في مدريد1936.

الجمعة، 1 يونيو 2012

المسرح الألماني: مساع لإضفاء المزيد من التنوع الثقافي

مجلة الفنون المسرحية

المسرح الألماني: مساع لإضفاء المزيد من التنوع الثقافي


سعياً منه إلى تشجيع الأعمال المسرحية التي تتطرق لمشاكل المهاجرين، ينظم أحد المسارح الألمانية مسابقة مفتوحة للكتاب المسرحيين من أصول أجنبية، وذلك بسبب غياب مثل هذه المواضيع عن خشبة المسرح في ألمانيا.
هرمز شابة جذابة ومثقفة، وفي رحلة بحثها عن شريك حياتها المناسب، تتعرف هذه الفتاة الألمانية ذات الأصول التركية، على تسعة شبان من بينهم الشاب الألماني شتيفان، الذي يصف هرمز بالفتاة التركية التي لا تعرف إلى أي جهة تنتمي. أما هرمز نفسها فتقول بأنها تشعر بأنها ألمانية أكثر من شعورها بأنها تركية، غير أن ثمة أمور تدفعها في بعض الأحيان لتغيير رأيها. عن ذلك تعلق هرمز بالقول: "دائماً ينظر الألمان للأجانب وكأنهم هم من يرفض الاندماج. ونظراً لأن هذا الأمر يؤلمني كثيراً فإنني أفضل أن أكون تركية، غير أنني أيضاً أجد صعوبة في التسليم بذلك".
هذه المشاهد ليست واقعية، وإنما هي مقتطفات من مسرحية "سبعة رجال من أجل هرمز" من تأليف الكاتبة والصحفية من أصول تركية تانيا زيران. فمن خلال هذه المسرحية تود زيران أن تعكس مشكلة الهوية والانتماء التي تواجه الكثير من الألمان من ذوي الأصول الأجنبية. وباتت الكاتبة على وشك الانتهاء من نص هذه المسرحية.

إبداعات كتاب من أصول أجنبية

تلتقي زيران مرة في الشهر في المسرح الوطني لمدينة كاستروب غرب ألمانيا مع ثمانية مشاركين آخرين في مشروع "في المستقبل"، ويقومون معاً بدراسة وإدخال تعديلات على الأعمال المسرحية التي يكتبونها، إذ سيتم اختيار أفضل هذه الأعمال لتعرض في مسرح كاستورب الخريف المقبل، كما سيتم في الصيف تقديم بقية المسرحيات، التي تعكس واقع وآمال المهاجرين في المسارح الألمانية.
وتعتقد تانيا زيران بأن تلقى هذه الأعمال المسرحية الجديدة استحسان الجمهور، وتضيف قائلة: "أتمنى أن يصبح في السنوات العشر المقبلة أمراً عادياً أن تعرض مسرحيات لكتاب من أصول أجنبية على خشبة المسرح الألماني".
مختارات

ويرى زميلها في المشروع ميشائيل كوبيرس أديبيسي أن الأشخاص القادمين من ثقافات أخرى والمنفتحين على ثقافات جديدة لديهم الكثير ليقدمونه، ولديهم أيضاً قدرة أكبر على التواصل وبأساليب مختلفة، مقارنة بالأشخاص الذين لا يعرفون سوى ثقافة واحدة. ويضيف الكاتب الذي توج بجوائز أدبية كثيرة: "هؤلاء الأشخاص يملكون الكثير من الإمكانيات التي يمكن أن تساهم في تطوير المجتمع". وفي مسرحيته الفلسفية "المزج بين الريخستاغ وكافكا" يتحدث هذا الكاتب الألماني من أصول جامايكية عن الهوية المزدوجة.
تعدد الهوية إثراء للمجتمع
وحظيت هذه المواضيع المسرحية الجديدة بتقدير مديرة المشروع ماكسي أوبكسر، التي لم تبخل بالدعم ومد الكتاب الشباب ببعض النصائح، التي تخدم البناء الدرامي لمسرحياتهم وتضفي قوة على الشخصيات والمشاهد فيها. وتقول أوبكسر في هذا الإطار: "هذا المشروع يقدم رسالة مفادها أنه يمكن أن تكون للشخص هويات متعددة وأصول مختلفة، دون أن يضطر لاختصار نفسه في هوية واحدة". وتضيف المشرفة على المشروع بأنه لا بد من أن يصبح أمراً بديهياً، أن ينظر هؤلاء الأشخاص إلى أنفسهم بأنهم ألمان وأتراك في الوقت نفسه وأنه بإمكانهم الكتابة عن كلتا الثقافتين".

وهذا بالضبط ما يجسده الممثل والمخرج سيسان أكوس، في مسرحيته الكوميدية "نعم، أريد" والتي تتناول قصص حب مختلفة، يريد أصحابها تتويجها بالزواج، لكنهم يواجهون مشاكل كثيرة مثل معارضة الوالدين، كما يحصل على سبيل المثال بين عائلات تركية وألمانية، أو بسبب الالتزام الكبير لأحد الطرفين بالدين مقارنة بالطرف الأخر، أو بسبب المشاكل التي تواجه المثليين.
وفي شهر حزيران/ يونيو ستختار لجنة التحكيم المكونة من كتاب وأدباء ومثقفين العمل المسرحي الأفضل ضمن هذا المشروع، حيث سيحتفل العمل المتوج بأول عرض له في شهر تشرين الأول/ أكتوبر. وبغض النظر عن العمل الذي سيتوج بالجائزة فإن الرابح الآن هو المسرح الألماني، الذي اكتشف مواضيع جديدة، تتخذ من تعايش الثقافات المختلفة مادة لها.

ألكسندرا شيرله/ هشام الدريوش
مراجعة: عماد غانم

--------------------------------------
المصدر : DW

الخميس، 29 مارس 2012

صدور عدد جديد من فصلية "المسرح "

مجلة الفنون المسرحية

صدور عدد جديد من فصلية "المسرح "

صدور مجلة فصلية "المسرح" عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة وحتوى محور عددها الجديد "مارس/آذار 
2012" على قراءات نقديّة حول النصوص الفائزة بجوائز مسابقة التأليف المسرحي  التي تنظمها الدائرة وشارك في الملف أحمد ماجد، ياسر علام، السر السيد،  عواد علي، هيثم الخواجة، ويعرب سالم. 
رئيس التحرير أحمد   بورحيمة كتب في الافتتاحية بمناسبة مرور السنة الأولى لـ "المسرح" في عهدها
كفصلية - كانت تصدر بصفة سنوية من قبل- ان مخاوف البدايات وهواجسها تبددت،
وان أسرة المجلة تدخل السنة الجديدة وهي أكثر ثقةً في قدرتها على أن تتقدم أكثر بهذا المشروع المسرحي. 
وتعهد أبورحيمة ان يجد كل 
أهل المسرح العربي في المجلة ما يلبي تطلعاتهم وأشواقهم إلى منبر يواكب ما  يقدمونه من عطاء بالقراءة والتحليل والنقد والتوثيق؛ وفي ذات الوقت يزيد  حافزيتهم ويسند خطواتهم في السبيل إلى مسرح عربي أكثر جدة وإبداعيّة. 
عقب الافتتاحية نشرت المجلة كلمة اليوم العالمي للمسرح " كيف نعيش؟" وكتبها  الممثل الامريكي جون مالكوفيتش إضافة إلى تغطية موسعة لوقائع المائدة 
المستديرة التي نظمت في شهر يناير/كانون الثاني في إطار ملتقى المسرح 
العربي تحت عنوان "الربيع العربي والمسرح: أية علاقة؟" وشارك بالمداخلات  الناقد حسن المنيعي والمخرج عبدالإله فؤاد (المغرب) والمخرجة نورا أمين  والكاتب ياسر علام (مصر) وماهر صليبي وجمال آدم (سورية) ومصعب الصاوي ومحمد
سيد أحمد (السودان) وحميد العلاوي (الجزائر). 
باب  "دراسات" كُرس لكتابات حول الملتقى المسرحي وشارك هنا ايفلين غروسمان "مسرح القسوة والمتفرج .. فضاء جديد وجسد مهتز" والفاتح مبارك "طريق جاك رانسير  بين برخت وآرتو: المتفرج منعتقاً" وجميلة زقاي "الحلقة: صيغة عربية للفرجة 
المسرحية" كما ضم الباب قراءات نقدية حول عروض مسرحية حديثة وشارك بها  كاتيا عارفارا ".. ربيع مروة يجابه ذاكرة الحرب اللبنانية" وصبري حافظ كتب 
"يحيى يعيش.. لفاضل الجعايبي: المسرح والثورة التونسية" فيما كتبت عايدة 
كامل "السينوغرافيا المسرحية والتاريخ" .
وأجرت المجلة  حواراً مطولاً مع الممثل المسرحي الإماراتي أحمد الجسمي تحدث فيه عن تجربته
وعن الحراك المسرحي في الإمارات وعلاقته بالمشهد المسرحي العربي، وفي  زاويتها كتبت عائشة مصبح عن البنية التحتية للمسرح في الإمارات. وفي باب 
"متابعات" كتب الناقد المغربي خالد أمين "كن انت التغيير" تعقيباً على ما  كتبه عبدالكريم برشيد في العدد السابق للمجلة تحت عنوان "شيخ الاحتفالية 
يواجه النقاد". كما شارك في الباب ذاته فاضل الكعبي "ماهية مسرح الطفل 
والحاجة اليه". اما باب "متابعات" فشارك به جان جوان 
متابعاً صدى عرض مسرحية "طبق الأصل" التي كتبها الشيخ الدكتور سلطان 
القاسمي حاكم الشارقة واخرجها للمسرح السوري هشام كفارنة، وكتبت رنا زيد 
"مسرحية ماشي أون لاين: ماذا لو فقدنا ذاكرتنا الافتراضية؟" وعكس جهاد هديب اجواء الدورة الرابعة لمهرجان المسرح العربي، وكتبت فاطمة بلوفضيل عن 
مهرجان المسرح النسوي الذي نظم اخيرا في الجزائر، وكتب جميل الحمداوي "نحو 
استراتيجية عربية للتنمية المسرحية"، وضم الباب تغطيات أخرى لأنشطة مسرحية  شهدتها عواصم عربية عدة.
في باب "كتب" نطالع لعلي سفر  "محاضرات مايرهولد في الإخراج .. سجل الخبرة" ولجعفر العقيلي "المسرح 
السياسي عند سعد الله ونوس: التقنية، المضمون .. والجمهور" ولمحمد بوفلاقة  "ملامح الـمسرح الـجزائري.. كتاب الذكريات"، وكتب ابراهيم حاج عبدي  "الميزانسين في العرض المسرحي: هندسة الخشبة".  وفي باب نصوص نشرت المجلة "لعبة الفوضى الكونية" للكاتب سمير عبدالفتاح.



الخميس، 15 مارس 2012

برج فازليان: عميد المسرح اللبناني مواطن “قيد الدرس”

مجلة الفنون المسرحية

برج فازليان: عميد المسرح اللبناني مواطن “قيد الدرس”


لم تتغيّر لغته العربية «المكسّرة». بقيت على حالها منذ مجيئه إلى لبنان في بداية الستينيات، آتياً من إسطنبول. في بيروت، وجد الشاب الأرمني المتخرّج حديثاً من دراسة المسرح، ما يبحث عنه. تعرّف إلى شباب لبنانيين لديهم الهاجس المسرحي ذاته، كجلال خوري، ومنير أبو دبس، وريمون جبارة … إلى أن جمعه أنسي الحاج بالرحابنة، لتبدأ رحلة شراكته الطويلة معهم.

ولد فازليان في إسطنبول عام 1926. كان أبوه، هايك فازليان، تاجراً وثائراً معارضاً لنظام الحكم التركي، ومغرماً بالمسرح. شغَفُ الأب بهذا الفن كان سبباً في إرسال الابن للدراسة في «أكاديمية المسرح الخاصة» في إسطنبول. هناك، تلقى الشابّ تعاليمه من أستاذه الألماني كارل إيبرت، الهارب من بطش النازية. بعد أربع سنوات قضاها في الأكاديمية، تخرّج حاملاً صفة مخرج مسرحي. اتجه لإكمال معارفه لدى مؤسس المسرح التركي الحديث، محسن آرطغول، تلميذ ستانسلافسكي، وكانت باكورته الإخراجية «البخيل» لموليير التي قدّمها على المسارح التركيّة.

عام 1951، راوده هاجس الرحيل، بحثاً عن مساحات حريّة أوسع. هكذا جاء إلى لبنان ليجد مبتغاه. في عام 1953، أعاد تجربة «البخيل» على مسارح بيروت، فانطلقت شهرته في الوسط الثقافي. صار اسمه يتردّد في الصحف الأرمنية، ما دفع أرمن سوريا إلى دعوته لعرض المسرحية نفسها مرة ثالثة هناك. إقامة مُخرج «الزنزلخت» في العاصمة اللبنانية، وطدت علاقاته بمخرجين وممثلين يحملون الهاجس نفسه. هكذا، صار صديقاً لشريف خزندار، وجلال خوري. ومن خلالهما تعرّف إلى منير أبو دبس، الذي عرّفه بدوره إلى أنطوان ولطيفة ملتقى، وريمون جبارة. كانت هذه «الشلة»، التي بات فازليان أحد نجومها، تبحث عن «مسرح ذي واجهة عالمية». لم يطل الأمر، حتى اقترح صاحبنا على ملتقى وجبارة إعداد «كوميديا الأغلاط» لشكسبير. أنيطت ترجمة النصّ بأنسي الحاج الذي أبدع في نقلها بلغة حيوية، في حين كان على برج أن يُخرج العمل. عام 1963، عُرضت المسرحية في مهرجان «راشانا»، ونالت إعجاب الجمهور والصحافة. «كانت هذه بداية علاقتي الفعليّة مع الجمهور اللبناني والعربي». عام 1959، تزوّج بالفنانة التشكيلية الأرمنية سيرفارت كريكوريان، ومنها أنجب ابنه هاروت المايسترو الشهير.

قدّم أنسي الحاج برج فازليان إلى عاصي ومنصور الرحباني. في ذاك الوقت، كان الأخوان يبحثان عن مخرج لمسرحيتهما «بياع الخواتم» (1964) لتقديمها في فعاليات «مهرجانات الأرز». «ذهبت أنا والمخرج صبري الشريف إلى الأرز. كان من المفترض أن تقدم المسرحية في الهواء الطلق. سألت الشريف عن الموعد الذي تغرب فيه الشمس في هذا المكان؟ فأجابني: قرابة السادسة. قلت: إذاً، في هذا الوقت تبدأ فيروز بالغناء، ليظهر خلفها قرص الشمس بلونه القرمزي. وهذا ما حدث بعد شهرين فعلاً، ما أثار اهتمام الجمهور وإعجابه».

استمرّ عرض المسرحية ثلاثة أيام، قبل أن ينتقلوا ليقدّموها على خشبة «البيكاديللي» في الحمراء. «بعد هذه المسرحيّة، أخرجت أغلب أعمال الرحابنة حتى تاريخ اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975». تعاون مع عاصي ومنصور على إنجاز العديد من أعمالهما المسرحيّة الضاربة من «هالة والملك» (1967)، «إلى الشخص» (1968)، مروراً بـ«يعيش يعيش»، و«لولو» (1974)، وصولاً إلى «ميس الريم» (1975).

بعيداً عن المسرح الغنائي، وضع فازليان توقيعه على أعمال مهمّة خلال الحقبة الذهبيّة للمسرح اللبناني الحديث، أبرزها «الزنزلخت» (1969) لعصام محفوظ من بطولة نبيه أبو الحسن وريمون جبارة وفيليب عقيقي، و«اللعب عالحبلين» من اقتباس ريمون جبارة وبطولة شوشو (حسن علاء الدين). افتتاح المسرحيّة الأخيرة كان مقرراً ليلة 28 أيلول (سبتمبر) 1970. يتذكّر فازليان: كنت مع شوشو في الكواليس، في وقت كانت فيه فريال كريم تؤدي دورها على المسرح. وإذا بالجمهور يبدأ بالخروج، ظننّا أن عملنا قد فشل، لكن بعد قليل، دخل مازن علاء الدين شقيق شوشو، وصرخ: أنزلوا الستارة، لقد مات الرئيس جمال عبد الناصر.

لم يقتصر جهد فازليان الفني على الإخراج. مثّل في العديد من الأعمال الأرمنية والمصرية، وفي أفلام الرحابنة مؤدياً دور الضابط التركي في فيلم «سفر برلك» (1967) ودور الميكانيكي في فيلم «بنت الحارس» (1971). قدّمه المخرج الأرمني كاري كرابتيان عام 1969 بدور الضابط الإسرائيلي في فيلم «كلنا فدائيون» من تأليف أنطوان غندور. لكنّ قصّة ذلك الشريط انتهت بطريقة مأسوية. قُتل كرابتيان مع سبعة من المشاركين في العمل، بعد اندلاع حريق خلال تصوير المشاهد الأخيرة. “أنهيت تصوير مشاهدي وعدت إلى البيت”.

كان من المفترض أن يصوّروا مشهد تدمير أحد المرابع الإسرائيلية. لكن استخدام مصابيح عديدة وغيرها، أدى إلى اشتعال حريق في الصالة تحت الأرض. مات كرابتيان بينما كان يحاول إنقاذ الممثلين. في اليوم التالي، بثّت الإذاعة الإسرائيلية تقريراً عن الحادث خلال نشرتها الإنكليزية، قائلةً: لقد أدى الحريق إلى مقتل المخربين ونجاة الضابط الإسرائيلي!».

يستطرد برج فازليان في الحديث عن علاقته بالأخوين رحباني. «كنت من أشدّ المقربين من عاصي. أسرّ إليّ خلال العمل على مسرحية «ناطورة المفاتيح» بشعوره أنّه سيدخل في نفق مظلم. بعد شهرين، أصيب بنزف حادّ في الدماغ. مُنع الجميع من الدخول إليه باستثنائي. تنهمر دموعه وهو يتذكّر. يصمت قليلاً، ويتوقّف عند العلاقة المميزة التي جمعته بفيروز، وكيف لم تنفكّ هذه الأخيرة تردّد في بعض لقاءاتها الصحافية: لن أنسى الدرس الأول الذي علمني إياه برج فازليان، أن أغني لشخص واحد، كأني أغني للجميع.

بعد اندلاع الحرب الأهلية عام 1975، ترك برج فازليان مسكنه في منطقة الظريف، وهاجر إلى كندا وبقي فيها عشرين عاماً. حين عاد، أنجز مسرحيّة «جبران خليل جبران» (1996) عن نص غبريال بستاني، و«حبل المشنوق» (1999) للكاتب الكندي روبير غوريك الذي كان قد قدمه خلال إقامته في كندا.

بعد مسيرة قدّم فيها أكثر من 160 عملاً مسرحياً، عرض على «وزارة الثقافة اللبنانية» مشروع إقامة متحف أو معرض دائم للفنانين اللبنانيين وأعمالهم، «من أفيشات وبوسترات وثياب وديكورات، وما كتبته الصحف عنهم وعن أعمالهم. وقد أبدت السيدة فيروز استعداداً لتقديم ثوبها المسرحي الأول. لكنّ وعود الجهات الرسميّة بقيت حبراً على ورق».

يتحسر أحد أبرز روّاد الخشبة اللبنانيّة على حال الفنّ اليوم، «صار الناس يصفقون للفوضى والصراخ». أحبّ فازليان لبنان كثيراً، رغم أنّه لم يحصل على الجنسية اللبنانية، وما زال يحمل هويةً قيد الدرس. يحبّ مساحة الحرية الكبيرة فيه، ومساحة الفن والإنسانية، رغم ما شهده من حروب؛ هذه الحروب الوهمية التي تجتاح العالم العربي اليوم تحت عنوان الديموقراطية.

5 تواريخ

1926 – الولادة في إسطنبول (تركيا)

1964 – أخرج مسرحيّة «بياع الخواتم» أول أعماله مع الرحابنة، وكرّت بعدها السبحة ليخرج مسرحيات الأخوين حتى «ميس الريم»

1969 – أنجز عمله المرجعي «الزنزلخت» عن نصٍّ للأديب عصام محفوظ

1996 – بعد هجرته إلى كندا، عاد إلى بيروت، وقدّم مسرحية «جبران خليل جبران» عن نصّ لغبريال بستاني.

2012 – يؤدّي دوراً في مسرحية «أوبرا الضيعة» لفرقة «كركلا» التي تتواصل عروضها على خشبة «مسرح كركلا» (سن الفيل/ شمالي بيروت)
-----------------------------------------------------------
المصدر : الأخبار العدد ١٦٦٠ الخميس ١٥ آذار ٢٠١٢





الاثنين، 27 فبراير 2012

مجلة الفنون المسرحية

رحلة شكسبير الأفغانية إلى مسرح غلوب البريطاني



بي بي سية:

يأمل الممثلون الأفغان في إعادة تعريف شكسبير، وكذلك الوعي العام بالشأن الأفغاني، وذلك عن طريق المشاركة في واحد من أهم مهرجانات المسرح عبر العصور.

في بيت يقع في احد الشوارع الاكثر هدوءا بمدينة كابول، تقوم شابتان أفغانيتان بقراءة أعمال شكسبير لأول مرة.

فإحداهما تعمل ممثلة مسلسلات تلفزيونية، وهي تعمل في مجال التمثيل لاعالة زوجها وأبنائها السبعة، والأخرى تقوم بالبحث عن كل ما يتعلق بشكسبير عبر الإنترنت للتعرف على أعماله.

وتشكل الإثنتان جزءا من محاولة للقيام بأداء مسرحية”كوميديا الأخطاء”لشكسبير على على مسرح”غلوب”في لندن.

وفي إبريل القادم ستغادر الفتاتان أفغانستان وذلك للمرة الأولي لتتجها إلى لندن للقيام بالتمثيل على خشبة المسرح التاريخي لشكسبير.

ويأتي ذلك ضمن المشاركة في فعاليات الأولمبياد الثقافي البريطاني الذي يدشنه مسرح”غلوب”(الكرة) والذي سيقدم مسرحيات شكسبير بنحو 37 لغة، لفرق مسرحية من دول مختلفة.

وتشمل هذه الأعمال”العاصفة”من بنغلاديش، ومسرحية”سيمبيلن”من جنوب السودان، بالإضافة إلى مسرحية”خاب سعي العشاق”والتي ستعرض بلغة الإشارة البريطانية.

وسينتهي المهرجان الذي يستمر لمدة ستة أسابيع بعرض مسرحية”كوميديا الأخطاء”من قبل الفريق الأفغاني.

العائلة المفقودة
وتبدأ المسرحية في مطار كابول وبعودة أحد الآباء إلى وطنه أفغانستان بحثا عن أبنائه المفقودين والذين فقدهم – ليس في حادث تحطم سفينة كما كان يقصد شكسبير – ولكن في عاصفة رملية.

وتعتقد السيدة كورني جابر أن المواضيع التي تتناولها مسرحيات شكسبير وطيدة الصلة بالوضع بأفغانستان، حيث تقول”ستبدأ المسرحية بوالد يبحث عن عائلته المفقودة وسيتحدث إلى الناس هنا. فبعد 30 عاما من الحرب يعود الناس للبحث عن أقاربهم المفقودين، والعائلة تمثل أمرا مهما جدا، ولا يمكنك العيش بدون عائلتك.”

وتضيف جابر”الاوضاع الاجتماعية في انجلترا في عصر النهضة اقرب الى الوضع في أفغانستان المعاصرة أكثر من أي مكان أخر في أوروبا. فكل الرموز الثقافية في مسرحيات شكسبير لها مدلول في أفغانستان، وبالطبع فإن الشعر يعد مكونا أساسيا في الثقافة الأفغانية.”

وليست هذه هي المرة الأولى التي تتبنى فيها جابر أعمال شكسبير في أفغانستان، ففي عام 2005 أخرجت مسرحية ”خاب سعي العشاق” في حديقة قديمة في كابول.

وقوبل العرض باستحسان كعمل يتضمن اختلافا كبيرا عن الثقافة الشائعة فقد ظهر في المسرحية رجال ونساء يمسكون أيدي بعض، وقد ظهرت النساء في بعض الأوقات بدون غطاء الرأس.

ولكن جابر تصر على أنها لم تأت إلى أفغانستان كثورية، وتقول”أنا لست أحد أعضاء الحركة النسائية، وأنا لا اقوم بذلك لأجعل هذه النساء حرة، ولكنني أهتم بما أحتاج إليه من الناحية الفنية لأخبر القصة.”

تهديد بالقتل
وكانت أكبر التحديات هي إيجاد نسوة يرغبن في المشاركة في العمل المسرحي.

وكانت اثنتين من النساء اللاتي شاركن في مسرحية ”خاب سعي العشاق” قد اضطرتا لمغادرة البلاد، حيث تعيش إحداهن الآن في كندا وستظهر في العرض المسرحي ”كوميديا الأخطاء” بجانب ممثلتين أخرتين من مدينة كابول.

وتحاول جابر إيجاد ممثلات بالاعتماد على البحث من خلال المعارف والأصدقاء، وليس عن طريق الإعلان، حيث أن العديد من النساء اللاتي يذهبن للاختبار في مجال التمثيل يتعرضن للمضايقة والإهانة أو يتلقين تهديدات بالقتل بسبب مجال عملهن.

وتقول إحدى الممثلات ”أفغانستان مجتمع تقليدي، حيث هناك العديد من الناس يعانون من الأمية، ولا يفهمون فكرة المسرح. فأنا أتعرض للتحرش في الشارع، والناس يدعونني بالشاذة والعاهرة. ويقولون لي أنت أمرأة ويجب أن تمكثي بالبيت، وهم لا يفهمون الأمر.”

ومثل العديد من الممثلات، اعتادت عبيده – وهي ممثلة تعمل في كابول - أن تقوم بالتدريس في المدينة، وقد بدأت التمثيل عندما لم تتمكن من دعم عائلتها براتبها غير الكافي."

وتضيف عبيده ”ابنتي كانت مريضة جدا، وكنت أقوم بالتدريس في ذلك الوقت، ولكنني لم أستطع أن أحصل على ما يكفيني من المال، ولذا قلت لزوجي إن ابنته مريضة جدا وعليه أن يأخذها إلى المستشفى، ولكنه قال لي اذهبي إلى الجحيم أنت وابنتك، وقال لي أن انتظر حتى تتزوج فيقوم زوجها بالانفاق على علاجها. وإذا كان مقدرا لها أن تموت قبل ذلك، فدعيها تموت.”

وعن عملها في مجال التمثيل تقول عبيده ”شخصيتي في الأفلام التي أقوم بها تختلف تماما عن شخصيتي الحقيقية. فأي شخص يشاهدني في التلفاز يعتقد أن لي حياة جيدة جدا، ولكن المال الذي أحصل عليه من التمثيل يذهب في مصاريف الأبناء الدراسية وفي الإيجار السكني والفواتير الأخرى.”

"باريس صغيرة"
وكانت حركة طالبان قد حرمت التمثيل المسرحي، وحتى بعد 10 سنوات من سقوط نظام طالبان، لا تزال الحركة المسرحية ضعيفة في أفغانستان.

وكان مسرح كابول القومي يقدم عروضا لمسرحيات شكسبير ومولير، وكان من أكبر المسارح في أسيا، ولكنه تعرض للدمار خلال الحرب الأهلية في التسعينات ولم تتم إعادة بنائه أبدا.

ويتذكر ميرويس صديقي مدير مدرسة أغا خان للموسيقى في مدينة كابول أيام الأمجاد التي شهدتها المدينة فيقول ”أعمال شكسبير ليست شيئا جديدا على أفغانستان، فعندما كنت صبيا، اعتدنا أن نذهب إلى المسرح القومي في مدينة كابول، وشاهدنا أعمال شكسبير. كانت المدينة عبارة عن باريس صغيرة، حيث كان الناس يغادرون المسرح في الساعة الثانية صباحا. لقد كان عالما مختلفا.”

"أمور حساسة"
ويقدم المسرح القومي الآن عروضا للأطفال بجوار ما تبقى من حطام المسرح بعد تعرضه للدمار. ويدير المسرح الآن شابور صدقات المتخصص في مشروعات الفنون الأجنبية.

ويقول صدقات ”حينما يقوم المخرجون بعمل عرض مسرحي فهم يراعون تقاليد المجتمع، ويعملون بطريقة تراعي الأمور الحساسة الخاصة بالمجتمع.”

ويضيف ”يحتاج المخرجون للعمل مع الأشخاص الذين لديهم معرفة جيدة بالنواحي الثقافية على أرض الواقع، وإلا سيخاطرون أكثر بصرف الناس عن المسرح.”

ويوضح صدقات ”العديد من المخرجين يأتون إلى هنا، وعندما يغادرون ينتهي المشروع الذي جاءوا من أجله. فهم يقومون بتعيين ممثلين بعقود مؤقتة، ويقوم هؤلاء بدورهم، ولكن حينما يرحل المخرج، ينتهي الأمر، ولا يتركون خلفهم شيئا.”

وتنوي كورني جابر أن تعود بمسرحيتها إلى كابول بعد جولة في كل من الهند وبريطانيا وألمانيا.

ولكن الوضع الأمني المتدهور يعني أن المسرحية ربما لن تصل إلى أفغانستان في الوقت الراهن.

وبالنسبة للممثلين المشاركين في المسرحية، فإن تغيير وجه أفغانستان في الخارج أهم من العودة إلى أرض الوطن.

ويقول شاه محمد، أحد الممثلين بالمسرحية ”إن الأشياء الوحيدة التي ترتبط بأفغانستان عند الناس هي المخدرات،والحرب والإرهاب.”

ويضيف ”إن السبب الذي دعانا إلى عمل هذه المسرحية هو أن نري العالم أن أفغانستان ليست هي التي يظنها الناس، ففيها أناس موهوبون، وثقافة ثرية. ورغم الحرب، فإن الحياة فيها مستمرة.”

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011

صدور العدد الأول من "دفاتر مسرحية" مجلة متخصصة في الدراسات المسرحية

مجلة الفنون المسرحية


صدور العدد الأول من "دفاتر مسرحية" مجلة متخصصة في الدراسات المسرحية


دفاتر مسرحية مجلة متخصصة في الدراسات المسرحية تصدر عن المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباطر – المغرب العدد الأول في حلة أنيقة.

نبعت فكرة إخراج مجلة عن المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي من اعتبارات موضوعية تجلت أساسا في تاريخ المؤسسة والإشعاع الحاصل في القيمة والنوعية التربوية، والرغبة الأكيدة في السير بها إلى آفاق أرحب.

فهذه السنة ستعرف تخرج الفوج الواحد والعشرين بعد أن أضحت وجوه خريجي المعهد بألفتها تؤثث المشهد الفني والثقافي عموما في المغرب وخارجه. فلا من إنتاج مسرحي، سينمائي أو استعراضي، ولا من مهرجان أو ندوة وطنية إلا وكان المعهد حاضرا عبر خريجيه، سواء منهم من اختار له الإخراج مسارا، أو التشخيص، أوالسينوغرافيا، أو التنشيط الثقافي. والدليل على ذلك أن المعهد كمؤسسة قد ارتقى إلى درجة عليا من الخبرة تخول له، بحكم كفاءة هيئة تدريسه وعقلنة تسيير إدارته، الرقي إلى مصاف المؤسسات الكبرى في مجال التكوين المسرحي.

من هنا انبثقت في العمق فكرة "دفاترمسرحية" كمجلة علمية تعتني بالدراسات الدرامية، تكون تزكية لهذه السيرورة التصاعدية، مجلة تجعل من التكوين المسرحي هدفها الأساسي، فتفتح صفحاتها، ليس فقط لأقلام أساتذة المعهد، بل كذلك لكل أقلام الباحثين في مجال الدراسات التاريخية والنقدية والدراماتورجية والجمالية وسائر الفنون المرتبطة بالمسرح، كما تشكل أرضية سانحة للمبدعين في مجالات التأليف والاقتباس والترجمة، ومختبرا لشتى التجارب في مضمار الخلق والإبداع. وإذا كان لكل مشروع أهداف مرسومة، فإن "دفاترمسرحية"ستسعى جادة على تحقيق أهداف محددة، والغاية منها تسليط الضوء على الدور الرائد الذي يلعبه المعهد سواء في مجال التكوين أو الفضاء الثقافي الوطني والدولي. وهكذا سوف تبرز "دفاتر مسرحية" في أعدادها، مساهمة المعهد في الدينامية الفكرية والثقافية التي يشهدها المغرب، خصوصا وأن المسرح، باعتباره ملتقى لسائر الفنون، هو مرآة تعكس الواقع الثقافي والحضاري لكل شعب.

كما أن "دفاتر مسرحية" ستعمل على إبراز القدرات الفنية والتربوية لهيئة التدريس بالمعهد، تنظيرا وتطبيقا بحكم تخصصهم وتشربهم من مختلف التيارات والمدارس الكبرى. ثم إن "دفاتر مسرحية" ستهتم بإشعاع القيمة الفنية والجمالية لللإنجازات والأعمال التطبيقية للطلبة، سواء من حيث الامتحانات المفتوحة، أو ثمرات المحترفات تحت إشراف خبراء مغاربة وأجانب، أو الجوانب لتطبيقية لبحوث تخرجهم.

وسيظل هدفها الأسمى هو طرح سند يشكل بجديته مرجعية علمية للدارسين والباحثين وكل المهتمين بالحقل المسرحي. لقد كان من الضروري، لتحضير هذا العدد الأول، الارتكاز على المعايير الأكاديمية الصرفة، إذ المجلة صادرة عن مؤسسة لتكوين أطر عليا ذات أعراف جامعية لا محيذ عنها، من الواجب مماثلتها لحقيقة المستوى الذي صار المعهد يحظى به، والصيت الذي يتمتع به إن على المستوى الوطني والخارجي. لذا، فإن هيئة التحرير ووعيا منها بالأمر، رسمت لنفسها خطة عمل موضوعية في معالجتها لما يرد عليها من مواد ومقالات. شكلا، توزع المجلة على ثلاث محطات قارة. تهتم الأولى منها بالأساس، بالدراسات والأبحاث المتعلقة بالمسرح وبكل ما يرتبط به من تنظير وتأريخ، ومقاربات نقدية ووصفية أو تحليلية للمتون ومختلف الأشكال الفرجوية، وفنون وتقنيات الخشبة، والدراسات السوسيولوجية المتمحورة حول التلقي أو المسرح كظاهرة اجتماعية... وتهتم الثانية منها بنشر الإبداعات الفنية تأليفا وترجمة واقتباسا وغيرها. أما ثالثتها، فستخصص لتغطية أهم الأنشطة الفنية والتربوية والعلمية التي يعرفها المعهد على مدار الموسم الجامعي: إصدارات الاساتذة، الندوات، المحترفات والإنجازات الفنية في التشخيص والكوريغرافيا، أو الميم، أو الحكواتي، أو السينوغرافيا، أو تقنيات الإنجاز الركحي... وسيلاجظ القارىء أن "دفاتر مسرحية" ارتأت أن تكون قلادة عقدها ضيف شرف. وفي هذا الباب اختارت المجلة الاستاذ عبد الكريم برشيد ليكون ضيف عددها الاول. والغاية من ذلك الاحتفاء بهذا الرجل الذي نذر حياته للفن الدرامي فوشم تاريخ المسرح المغربي عبر عقود من الزمن، كما تشهد له بذلك جل مؤلفاته وكتاباته العديدة في هذا الميدان. بل هو صاحب تيار فني قائم بذاته، كان وما يزال قيد الدرس في المغرب، كما هو في الشرق العربي. "دفاتر مسرحية" تخرج إذن للوجود. فهي تأمل أن تساهم في إغناء الحقل الثقافي المغربي والعربي، متمنية بذلك إرضاء قرائها. فهي ذات صدر رحب، منفتحة، تتقبل الاختلاف وتحترم الرأي الآخر، تسعى للكمال وتطمح للدوام يتضمن هذا العدد دراسات وأبحاث
ضيف العدد إبداع وترجمة أنشطة المعهد إصدارات
عدد الصفحات 107 صفحة طبعت بدعم من وزارة الثقافة

الأربعاء، 29 يونيو 2011

اختتام أعمال ندوة المرأة في المسرح

مجلة الفنون المسرحية

اختتام أعمال ندوة المرأة في المسرح

ختتمت ندوة «المرأة في المسرح .. التجربة العربية من الواقع إلى المستقبل»، التي نظمت بفندق الرويال بدعم الهيئة العربية للمسرح، وبالتعاون مع نقابة الفنانين. وكان أطلق مندوب رئيس الوزراء وزير الثقافة طارق مصاروة الذي رحب بالفنانات والضيوف، صباح أمس أعمال الندوة، بحضور الأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبد الله، ونقيب الفنانين حسين الخطيب، ومشاركة مجموعة كبيرة من فنانات المسرح العربي، والمحلي. رصدت أوراق المشاركات في الجلسة الأولى، والثانية الصباحية معاناة المرأة المسرحية، تداعيات الواقع الاجتماعي، والنفسي، للمرأة العربية بعيدا عن استقراء حراكها الإبداعي في إنشاء الفضاء المسرحي، ما حدا بالفنانة نادرة عمران أثناء إبداء رأيها بالأوراق المقدمة، بمطالبة صاحباتها بالكف عن الشكوى، وتابعت حديثها إن المطلوب في مثل هكذا ندوات أن تشهد حراكا فكرياً، وعمليات هدم وبناء بالأساس، وكانت أكثر الأوراق التي أثارت جدلا بين الحضور ورقة المخرجة مجد القصص. في الجلسة الأولى التي أدارتها سميرة خوري، ضمن محور بعنوان قيود حالت دون المشاركة الكاملة للمرأة في المسرح: ناولت العراقية د. شذى سالم، القيم الاجتماعية وأثرها في بناء شخصية المرأة، بينما تحدث الكويتي عبد الستار ناجى عن المرأة في المسرح العربي، لجهة الصورة والمعوقات، وقدم الأردني عبد اللطيف شما، أرشفة عن بدايات مراحل دخول المرأة في المسرح المحلي. في الجلسة الصباحية الثانية، ومحورها راهن مشاركة المرأة في المسرح، لجهة مواجهة المحرمات والممنوعات، والمسرح والتربية، والمسرح والوسائط الإعلامية، والمهن المسرحية، والمؤسسات الرسمية والخاصة، تحدثت الأردنية مجد القصص، في دراسة مستفيضة، شدت الحضور لجرأة التناول، فيما عاينت السودانية سهير عبد الرحمن، والتي وصفت حال المرأة في المسرح السوداني بأنه أصبح مهنة من لا مهنة له. تحدثت في الجلسة الثالثة، ضمن محور تجارب نسوية: (شهادات) في مواجهة المجتمع والقيم والسلطات، اللبنانية سميرة بارودي، والكويتية أحلام حسن، وأدارت الجلسة، نادرة عمران. الجلسة الرابعة، جاءت بعنوان:» آفاق إبداع المرأة في المسرح»، وتناولت آفاق عمل الكاتبة، وعمل الممثلة، والسينوغرافيا وتقنيات العرض، وعمل الناقدة، ووظيفة المنتجة المسرحية (الإدارة والإنتاج المسرحي)، تحدثت فيها المصرية سوسن بدر، واللبنانية شادية زيتون، والمغربية د. لطيفة بلخير، وسمر دودين وادار الجلسة المخرج حاتم السيد.
الأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبد الله منافع قال: لسنا بصدد صفقة نورا لباب بيت الدمية، بل ولسنا بصدد البكاء على أبواب المسارح العربية في مشهد عاطفي، بل نحن هنا لنشهد منافع لمسرح عربي يتجدد بإسهام غير منقوص للمرأة العربية التي عانت من شظف الممارسة المسرحية لعقود خلت. واستعاد نقيب الفنانين حسين الخطيب، في كلمته رموزا من الميثيولوجيا الخاصة في كل بلد أتى منها الضيوف. وقال: بوعي العارفين المبدعين والبارين بالأمة والإنسان، نسجل ونرسم اليوم، وإياكم وبخيوط الشمس من صباح عماني، صباح عموني، صباح من تايكي .. تايكي الساكنة في رحم عمون، وروحها الممتدة في جبالها السبعة.

الثلاثاء، 18 يناير 2011

ذكرى عبدالصاحب تبث الجمال عبر منظومة الماكياج المسرحي

مجلة الفنون المسرحية

 ذكرى عبدالصاحب تبث الجمال عبر منظومة الماكياج المسرحي

ضمن اشتغالاتها المتنوعة تواصل المؤلفة وفنانة الماكياج ذكرى عبدالصاحب بث خطابها العلمي والأكاديمي في مجال عملها، فقد صدر مؤخراً عن مطبعة الخيال كتابها الجديد المعنون "منظومة الماكياج وعملها في تجسيد الشخصيات المسرحية - مسرح الطفل انموذجاً" والذي قدمت من خلاله بحثاً مستفيضاً في فن الماكياج، وخصوصاً في مجال مسرح الطفل، وجاء في متن البحث الكثير من العروض المنهجية والتطبيقات العملية على العديد من الأعمال المسرحية الخاصة بالطفل، كما تضمن الكتاب استعراضاً للأسس العلمية التي يبنى عليها فن الماكياج.
وفي مطلع الكتاب كتب الناشر مقدمة جاء فيها "ينطوي البحث في منظومة الماكياج بما تمثله من أهمية رئيسة في بنية أي عرض وبخاصة في المسرح على مغامرة لا تخلو من خطورة مع ما تقتضيه من بذل جهد ينطوي البحث في منظومة الماكياج بما تمثله من أهمية رئيسة في بنية أي عرض فني مضاعف للإحاطة بظاهرة مزدوجة الحضور على المستويين: النظري والعملي أي في المنطلقات التي تؤطر عمل الماكياج وتحدد وظيفته الرئيسة في العمل المسرحي من جهة وطبيعة التشكيل الذي يتوافق وحدود الشخصية ودورها في العرض من جهة أخرى انطلاقاً من الإحاطة بهوية هذه الشخصية وتجسيد تلك الهوية عملياً وتكييف بعدها البصري وأثرها في العمل المسرحي".

ثم ابتدأت المؤلفة كتابها بمقدمة عرّفت من خلالها بفن الماكياج حيث قالت "يعد فن الماكياج من الفنون الأساسية المكملة للعروض المسرحية لما يؤديه من دور فعال في إعطاء الممثل أبعادا تتفاعل مع أبعاد الشخصية المسرحية والتعبير عن مكنوناتها الداخلية الفاعلة والعاملة على تحقيق الشكل الخارجي للشخصية من خلال وجه الممثل وجسده واقناع المتلقي وخاصة إذا كانت الشخصية هي إحدى شخصيات مسرح الطفل لأن عملية إقناع الطفل بالشخصية المقدمة على المسرح هي بالتأكيد أصعب من إقناع الكبير، وهنا تكتسب هذه المنظومة أهمية مضاعفة بحكم الصفات السيكولوجية للطفل وطبيعة قدراته الذهبية والعوامل التي تحرك سلوكه، ونظراً لتلك الأهمية فإن للماكياج منظومة عمل متشعبة ومتداخلة مع باقي فنون السينوغرافيا المعروفة، ومع هذا الدور الحيوي للماكياج في الفعل المسرحي إلا انه ظل فقيرا في مجال الإثراء النظري والتأليف المبني على أسس علمية ومنهجية في بلدنا على الرغم من قدم الحركة المسرحية فيه، ولذلك فإن الهدف من تأليف هذا الكتاب والذي هو بالأصل دراسة أكاديمية خصصت للتقييم والتقويم والمناقشة والتحكيم العلمي الدقيق – هو سد الفراغ النظري في مجال خطير من مجالات المسرح بالأخص مسرح الطفل".

وفي مبحثها الأول تناولت المؤلفة مفهوم الماكياج عبر محورين علميين وضحت من خلالهما الكثير من النظريات العلمية الخاصة بهذا الفن، وقد نجحت الفنانة في طرح رؤى تنظيرية مكتملة، واعتمدت على مصادر ذات بعد فلسفي جمالي تجعل من الطرح سلساً وغير ممل، ففي محورها الاول الذي عنونته بـ "التشخيص"، وتحدثت بالقول "فن الماكياج عمل مكرس لانتاج المعنى الدلالي بالاعتماد على مبدأ قديم هو مبدأ (التشخيص) حتى تطورت غائية الماكياج وتعدت حدود الشكل لتخترق المحتوى النفسي ودلالاته واستطاع الماكياج التعمق اكثر في اظهار درامية موقف الانسام والذي كان مضمراً في طيات حياته منذ الازل واخذ طابعاً تزيينياً لا يمكن الاستغناء عنه حتى يومنا هذا بالاخص في المجتمعات المتحضرة، اضافة الى غائيته في المسرح قد استخدمه الرجال على حد سواء مع النسوة اللاتي استخدمنه رمزاً للجمال بألوانه الجذابة وتفنن في وضعه وتشكيله على البشرة والوجه وفي كل بقعة من أجزاء الجسم حيث الماكياج التجميلي أو التصحيحي ضروري جدا في السينما والتلفاز تزداد أهميته كلما تطورت تقنية الكاميرا والإضاءة.

وكان لنشأة التلفزيون ونهوض الانتاج السينمائي اثر بالغ في تقدم وتحسين الوسائل التي يستعملها اختصاصيو الماكياج في محيط عالم التسلية وكل نهوض عمليات الالوان (...) عاملا اضافيا لخلق مظهر طبيعي في صبغ الوجه وتغيير معالمها يمكنه خداع العين الفاحصة الناقدة لالات التصوير وإذا صاحب الماكياج اضاءة صحيحة كان عاملا في التعاون التام اللازم لنجاح الاخراج الحديث.

بينما قالت في محورها الثاني الذي جاء تحت عنوان "منظومة الماكياج والشخصية المسرحية": "تشكل منظومة الماكياج وحدة عمل متكاملة من ناحية الالية (آلية الاشتغال) ومواد التشكيل وادواته سواء في السينما او المسرح او التلفاز وتتألف منظومة الماكياج من عناصر هي المواد والادوات: فالادوات هي الطلاءات والمساحيق والغراءات ومواد كيميائية مختلفة في القوام والتكوين واللون وانواع الشعر والصوف والخيوط لعمل اشكال الشعر وصناعة اللحى والشوارب والباروكات اما الادوات فهي كل مايساعد في وضع هذه المواد وتشكيلها على وجه وجسم الممثل الذي يجسد شخصية معينة في مسرحية ما او عمل تلفزيوني او سينمائي والتي تحتويها حقيبة الماكياج كالفراجين والمقصات وادوات القطع وادوات الصب والمبارد".
وتسترسل المؤلفة في حديثها لتؤكد "كما يعتبر الاختصاصي في فن الماكياج هو الاداة الاهم في هذه المنظومة باعتباره جزءا لا يتجزأ منها وهذا ينطبق على الشخصية المجسدة اذ تعتبر جزءا مهما من هذه المنظومة ايضا وتدخل في عمل منظومة الماكياج وفي تجسيد الشخصية المراد العمل عليها عناصر اخرى مهمة هي: الوراثة، الجنس، البيئة، المزاج، الصحة والعمر والذي يتحدد بثلاثة مراحل هي: الشباب، متوسط العمر، الشيخوخة.
ذكرى عبدالصاحب وعبر مبحثها الثاني انطلقت الى فضاءات اوسع من المعرفة، فقد لصقت لنا على ورق كتاباتها منهج علمي منفتح يعرّف اكثر بهذا الفن الذي يحتاج العامل في وسطه الى دراية وامكانيات فنية وثقافية وجمالية واسعة فهي وعبر سرد تاريخي للتطور الحاصل فهي تقول: "لم يدرك الانسان البدائي الاول (انسان ما قبل التاريخ) ومنذ بداية تكوينه ماهية الماكياج رغم انه نشأ بنشوء ذلك المخلوق البشري ثم اصبح مكملا لحاجاته اليومية وفي اول ظهور للانسان على وجه الارض استعمل اوراق الاشجار للتستر بها والاغتسال كورق (السدر) او الاضطباغ كورق (الحناء) اذ ان الانسان البدائي الاول الذي كان يعيش في البراري والكهوف والمغارات كان يطارد الحيوانات ويصارعها للسيطرة عليها وتذليلها لمعيشته وقد لبس جلودها (متنكرا) وقلد اشكالها (متقمصا) لكي يستدرجها حتى يتمكن منها وقد اتخذ طريقا اكثر فاعلية وسهولة لغرض مخادعة الحيوان واستدراجه، ومن ثم السيطرة عليه واصطياده عن طريق المحاكاة وممارسة طقوس سحرية بدائية بالتنكر والاختفاء بهيئات مختلفة هذا التذكر جاء للتعبير عن الانفعالات النفسية والعاطفية والمعتقدات الدينية وطقوس السحر لاشباع حاجته اليومية من الطعام وغيرها فقد ارتبطت مفاهيم حياة الانسان الاولي غرائزه بالمفاهيم الروحانية والطقوسية.

إن الاصل الديني القوي للمسرح عامل له من الاهمية في المسرح اكثر مما هو مفهوم بصورة عامة من هنا جاءت فكرة المسرحة (ما يسمى بالغريزة التمثيلية) فمن خلال ميل الانسان البدائي بغريزته للتمسرح والتظاهر في كافة تعاملاته مع الطبيعة ومع اخيه الانسان بل مع كل الكائنات من حوله عندما كان يأتي لعشيرته آخر النهار ليحكي مشخصا لهم كيف قام باصطياد فريسته مستخدما عناصر جسده التعبيرية من ايماءات واشارات وحركات دالة تحمل معاني ما يسرد اذ انه ارتكز على دافع نفسي داخلي في تفسيره للظروف البيئية المحيطة به".
ثم تتحدث المؤلفة عن الحضارات الشرقية وخصوصاً (الهند، الصين، اليابان) وتقول في هذا الصدد: "أثرت وتأثرت تلك الحضارات بما يجاورها من الحضارات وكانت لهم تقاليدهم وشعائرهم وتعددت تلك الشعائر واختلفت نظرا لتعدد الديانات والعبادات لديهم وكانت طبيعة هذه الاحتفالات عبارة عن حركات راقصة تحمل رموزا واشارات يصحبها الغناء تمثل قالبا هو احد الاشكال الخاصة بالشعوب الآسيوية هذه الحركات والاشارات الاجتماعية تحولت انفا الى المسرح الشرقي التعبيري الذي تميز بالايقاع والتناغم وقد ظلت المسرحية الشرقية مجهولة تماما بالنسبة للمسرح الغربي حتى الجزء الاول من القرن التاسع عشر والتي اتخذت من جسد الانسان محورا رئيسا في التقاليد المسرحية.

وكانت ميزة الراقص هو تلوين الاطراف بزخارف ومنها الاصابع بالخضاب او بالرسوم الخاصة وتلوين الوجه ورسمه بطرق تتناسب مع تلك الحركات و الايماءات مع لبس الزي الخاص والمكملات فالميزة التي تمتاز بها مسارح الشرق هي عبارة عن تقاليد تراعي كل ما يتصل بالتمثيل الملابس والماكياج والحركات تجري كلها في نظام معلوم.

وقد افاضت المؤلفة في طرح رؤاها عن تلك الحضارات كل على حدة ، وطرحت عبر منظومة وعي متكاملة العديد من الاشكاليات ، فضلاً عن استعراضها للاساطير ومدى علاقتها بهذا الفن من حيث التأثير والتأثر.
وحتى يكتمل الطرح اخذت المؤلفة عيناتها من خمسة اعمال مسرحية عراقية خاصة بمسرح الطفل، حيث اشتغلت على تلك الاعمال عبر تطبيقات مليئة بالتمعن البصري والتأملي، وتلك الاعمال هي مسرحية " طائر بلون الفضة" تاليف حسن موسى واخراج سعدون العبيدي ومسرحية "انا بلبل" تاليف واخراج ناجد جباري ومسرحية "اصدقاء الشمس" تاليف جاسم محمد صالح واخراج عبد الكريم سلمان و مسرحية "زينب والنمل" تأليف طه سالم واخراج عبد علي كعيد ومسرحية " فيتامينات(O) ونزال التحدي" تاليف واخراج حسين علي هارف.
وقدمت المؤلفة في فصلها الاخير نتائج بحثها العامة والتوصيات الخاصة بالبحث، فضلا عن عدد من الملاحق التي لها علاقة بالبحث اضافة الى الصور التعريفية الخاصة بفن المكياج، ليكتمل المؤلف ويصير بين ايدينا كتابا مهما في الفن المسرحي يغني المكتبة العراقية أنتجته الذائقة الفنية للفنانة الكبيرة ذكرى عبدالصاحب.

-------------------------------------------------------
المصدر : عدنان الفضلي  - ميدل ايست أونلاين

الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

المسرح المعاصر والتقنيات الحديثة

مجلة الفنون المسرحية

المسرح المعاصر والتقنيات الحديثة

د.فاضل الجاف 

شهد المسرح الحديث في العقود الاخيرة تطورا كبيرا في مجال التكنولوجيا، وقد شمل هذا التطور ميادين معمار المسرح والسينيوغرافيا(الفضاء والمناظر المسرحية) والضؤ والصوت والازياء.
 ومما لاشك فيه ان هذا التطور أدى بشكل مباشرالى خلق آفاق جديدة امام المخرجين والمؤلفين والممثلين بإكتشاف سبل وأدوات وإمكانيات جديدة في التجسيد الإبداعي والخلق الفني، ناهيك عن تحسين ظروف التلقي، حيث أصبح بإمكان المتلقي أن يشاهد العرض في ظروف انسانية أفضل في ظل إمكانيات وتجهيزات حديثه على كل الاصعدة: الصوت والصورة والمسافة والراحة، مما يتناسب وروح العصر.

 وتجدر الاشارة الى ان هذا التطور لم ينبثق فجاءة في هذه المرحلة من تاريخ المسرح، فالتكنولوجيا المسرحية، كانت قائمة منذ العصر الاغريقي، بماكنتها البسيطة وحلولها السهلة في تجسيد مشاهد المسرحية، وقد تطورت هذه التكنولوجيا على مرّ العصور المسرحية.
 لكن التكنولوجيا المسرحية قديما كانت في مجملها سهل التنفيذ وذات وظيفة مجازية في معظم الأحيان.
 ويدرج بعض الباحثين التقنيات التكنولوجية التي شهدها المسرح في العصور الاولى من تطوره، ضمن التقنيات السهلة او البسيطة، اما ماجرى من تطور تكنولوجي للمسرح الحديث فيندرج ضمن النوع المعقد ذي سرعة وإيقاع شديدين، حتى انه بات من الصعب مواكبته من قبل المسارح ذات الامكانات المتواضعة.

فمثلا في مجال الصوت والمؤثرات الصوتية كان صوت الرعد ينفذ حتى الخمسينات من القرن المنصرم بإستخدام صفيحة معدنية، وصوت حافر الخيل كان ينفذ عن طريق إستخدام قشرة جوز الهند الجافة. وكانت ثمة ماكنة بسيطة تستخدم لإحداث صوت الرياح بفعل قماش من الخيش. أما صوت سقوط المطر فقد كان يتم عن طريق تحريك البازلاء الجافة في أنابيب. أما ما حدث من تطور في مجال الصوت والمؤثرات الصوتية في العقود الاخيرة، خصوصا بعد ظهور الكومبيوتر فتعد قفزة لم يشهدها تطور المسرح من قبل كما ونوعا وسرعة.

ومن الباحثين من يطلق على التطور الحاصل في مجال تقنيات المسرح ثورة داخل ثورة المسرح الحديث، ثورة مهّد لها روّاد المسرح الحديث من أمثال مييرهولد، كريغ، آبيا ونيهر ببدايات وإنجازات متمثلة بالخطوات الاولى في تغيير بنية المسرح معمارا وفضاء وأضاءة و تقنيات في الصوت. 
 كانت تصورات الرواد حول تغيير المسرح تغييرا جذريا تبدو حينها ضربا من الحلم والرؤى المستقبلية، لكن رؤى الرواد وتصوراتهم كشفت امام المسرح المعاصر عن آفاق وأفضية شاسعة ربما لم يكن تصورها سهلا إلا لمخيلة مبدعين من امثال مييرهولد وكريغ وآبيا.

ويمكن القول ان هذا التطور الهائل الذي بلغ أوجّه في المسرح الموسيقي والأوبرا وعروض الرقص، خلَقت لغة مسرحية جديدة لغة مسرح الحداثة وما بعد الحداثة، كما هي تتجلى واضحة في اعمال كبار مخرجي عصرنا، من أمثال جورجيو ستريهلر وروبرت ويلسون وروبرت ليباج. أعمال تحقق فيه الكثير من أحلام رواد المسرح الحديث الاوائل.
وكانت التكنولوجيا الأداة الرئيسة لتحقيق الحلم الفني، ومنفذا لرؤى مخيلة الفنان المسرحي.

ومما يجدر الإشارة اليه هو ان تطور التقنيات في المسرح الحديث إستمد دوافعه وجذوره أساسا من المخرج ومخيلته وسعيه الى تجسيد رؤاه وأحلامه. فالتصورات الجديدة لإستخدام التكنولوجيا في المسرح وتطويعه في مجالات مختلفة، برزت وتبلوّرت ببروز المخرج كصاحب مهنة مستقلة ومهمة في العملية الإبداعية.

 فالمخرجين الأوائل مييرهولد، كريغ، رينهاردت فعَلوا ونشَطوا دور السينوغراف والمصمم المعماري و مصصم الانارة ومهندس الصوت، وبدأ التقنيون يتبأون لأول مرة مكانة مهمة في ثورة المسرح. 
ولعل من الصواب القول بأن أول قفزة في سياق التطوّر التكنولوجي بعد اختراع قوة الكهرباء كانت البنائية، التي استوجبت هندسة أخرى في الفضاء المسرحي والمعمار والماكنة المسرحية. ان التطوّر الحاصل في هيكل التقنيات المسرحية لهي إمتداد لإنجازات البنائيين في مجال إستخدام البنى الكبيرة والماكنة المعقدة على المسرح وبتقنيات غاية في البراعة والإتقان. تقنيات دخلت كجزء حيوي ضمن هيكل العرض المسرحي  وليس بخاف فإن البنائية إنبثقت في المسرح كثمرة للجهد المشترك بين المخرج والفنان المعماري. وعليه فإن الأنجازات في مجال التكنولوجيا المسرحية ما هي إلا تحقيق لرؤى وتصورات الاوائل من المخرجين والرساميين والمهندسين وتعاونهم في عمل مشترك لتطوير مسرح العصر الحديث.

يقول كريستوفر بو في كتابه العرض المسرحي والتكنولوجيا كان كريغ يريد لمناظره المسرحية ان تتحرك كالصوت، مثلما الموسيقى تتحرك.
ويذكر ايضا ان احد مصصمي المناظر المسرحية في فرنسا كتب بعد لقائه كريغ في رسالة الى مدير مسرحه عام1910 يقول:
"إن كريغ يريد لمناظره ان تتطور مع سير المسرحية، لا أعرف كيف يمكن ان يتم تنفيذ مثل هذه الفكرة. ولكن الفكرة بحد ذاتها تعد من الدرجة الاولى. فلو تم تحقيق ذلك لغدا ثورة في مجال السينوغرافيا".

إن كريغ كان فنانا يدرك ضرورة الخيال وضرورة إدراك كون التكنولوجيا المسرحية  إمتدادا للخيال المسرحي ذاته. فأستخدامه عند مييرهولد وطرق الاستفادة منها كان جزء من العملية المسرحية والابداع الفني.
 ولعل المخرج البريطاني بيتر هول احسن من يعبّر عن الحذر من إستخدام الماكنة في المسرح من أجل الاستخدام فقط، فهو يقول: إن المسرح يحبّذ التناقض وعليه فإن الماكنة في المسرح تجب ان تستخدم كقيمة مجازية.

رؤى وأحلام دافينشي في المسرح البصري
كان اكبر الحالمين بالحلول التكنولوجية المبتكرة، هو الرسام والنحات الايطالي ليوناردو دافينشي الذي على يده حصل أهم تطوّر في تأريخ التقنيات المسرحية.

كان نموذج دافينشي لأوبرا أورفيوس تطورا هائلا في مجال الأوبرا. فقد صمم دافينشي العديد من الماكنات المسرحية في ميلانو. وكان أهم تصميم جديد له هو تصميمه خشبة مسرح تقدم عليها لأوبرا أسطورة أورفيوس 1518.

كان تصميم المنظر معقدا جدا في حينة، فقد أحتوى المنظر قبة تمثل قبة الكنيسة، تتفتح شيئا فشيئا على شكل جبل، لتكشف عن مشهد آخر، ثم تسحب الجبال عن المسرح من الجانبين. الى جانب هذا كان المشهد الأكثر غرابة هو المشهد الذي كان يرفع من تحت الارض كمصعد الى مستوى المسرح.
ماذا لو عاش دافينشي في عصر مييرهولد و كريغ!،لكانت إنجازاتة بلغت العصر الحديث بفاعلية خارقة.
 ففي الخمسينات من القرن المنصرم فقط بدأت المسارح تستخدم الاصوات المسجلة على الاسطوانات الكبيرة، وقد كان الاعتراض على أستخدام الصوت المسجّل شديدا في حينه.

إن المسرح البريطاني يعد من أهم المسارح الذي أختبر وحقق مختلف التقنيات الحديثة، وكان الى جانب المسرح الاميركي السبّاق في التجريب على كافة أنماط التقنيات الحديثة، فعروض الويست إيند وعروض برودواي حملت في مجال التقنيات الحديثة دهشة وانبهارا لمشاهدها لم يكن متاحا قبل ذلك. وكانت العروض الموسيقية لمسرحيات من أمثال الشعر 1957 و مسرحية يا لها من حياة حلوة 1963 السبَاقة في كشوفاتها التقنية.
وعلى الرغم من ان المسرح البريطاني لم يشهد نهضة تقنية تستحق الاشارة الى نهاية حرب العالمية الثانية، لكن بعد ذلك استمد كبار المصمين في المسرح والأوبرا الإلهام في خلق وإبتكار تقنيات جديدة أستخدمت من قبل المخرجين الشباب في الستينات من أمثال بيتر هول وتريفور نان وجون كاريد.

رواد التكنولوجيا في المسرح المعاصر


يوسف سفابودا:1920- 2002
المصمم التشيكي سفابودا صمّم و اخرج أكثر من 700 عمل مسرحي، منهدس معماري اصلا، مخترع المصباح السحري على المسرح، مؤسس الستائر المتعددة أو المضاعفة، إلى جانب عدد من التقنيات البصرية والسمعية.
نجح سفابودا في جعل الضؤ وسيلة مادية ملموسة، ذا قصد نحتي تجسيدي، وذلك بإستخدام العاكسات (بروجيكشن).
لقد نجح سفابودا في خلق تشكيلات مسرحية على شكل مونتاج مؤلف من الممثلين و الصورة المنبعثة من العاكسة، لينتج بذلك مشهدا ملئيا بالحيوية.
لم يكن هدف سفابودا في عمله يقتصر فقط على خلق صورة مسرحية كإنعكاس للضؤ المنبعث من العاكسة، بل كان نجح في خلق مشاهد نحتية مجسّدة، مفعمة بالحيوية والعنفوان الدرامي.

ومن التقنيات المهمة التي أبتكرها سفابودا إستخدام المكعبات في صف واحد، على شكل جدار، وفي كل مكعب كان ثمة بروجكتور يعكس الصورة على النظارة بهدف خلق عمل حي متحرك لفن العرض.
كان هدف سفابودا يتلخص في السينوغرافيا الحية والتي هي الاخرى الى جانب الضؤ والموسيقى يجب ان تشارك في الفعل المسرحي، أو أن تكون في حركة دائمة ولا ينبغي أن تقتصر الحركة على الممثلين فقط.
لعلنا لا نجانب الصواب إذا اعتبرنا سفابودا أهم مبدع ورائد ومطبق، بعد آبيا في مجال استخدام الضؤ وفي إبتكاره مفهوم السايكوبلاستيك وهو مفهوم يعتمد التقنيات العلمية الحديثة في تجسيد العلاقة بين الابعاد الثلاثة للفضاء المسرحي، وعلاقتها بالحالة النفسية والشعورية وبالنظارة في نفس الوقت. وفي رأيه ان مهمة السينوغراف تكمن في أستخدام هذه العناصر مجتمعة في وحدة واحدة، في بعد رابع يسميه الزمن- الفضاء، بما أن الحركة على المسرح تتطلب فضاء وزمنا.
إن منجزات سفابودا في مجال إستخدام التقنيات الحديثة في مجال ربط الفضاء الدرامي والزمن الدرامي والإيقاع الدرامي والضؤ الدرامي تعتبر من أهم إنجازات النصف الثاني من قرن العشرين.

روبرت ولسون

 إن المخرج الاميركي روبرت ولسون منهدس معماري ومصمم ديكور في المقام الأول، فهو عمله في الاخراج من التكوين المعماري والبصري للعرض قبل كل شيء ويساعده في تنفيذ ذلك خلفيته الثقافية كمعماري، ودرايته الواسعة في إستخدام التقنيات الحديثة، بالإضافة الى إعتماده على فريق كبير من أمهر التقنين في مختلف التقنيات المطلوبة في العرض المسرح … وإذا وضعنا جانب الانتقادات الموجهة إليه في هذا الصدد والتي تتلخص بطغيان الجانب البصري في عروضه على حساب النص والمضمون، فإن لروبرت ولسون طريقة متميزة ولغة فنية خاصة به فهو يقول : 
إنني أفكر في إعدادي الصور و التصاميم والرسوم البيانية، لكن ليس الهدف من الصور تصوير النص. وقد اعتاد ولسون على النقد المألوف الذي مفاده كيف يقوم المخرج برسم العرض قبل أن يلتقي بالممثلين، أو كيف يتم رسم الصورة والميزانسين دون وجود الممثل، وفي هذا الصدد يقول :

إنه مسألة تنظيم معماري في الزمن والفضاء، ولا يهم إن كان هناك ممثلون أو لا! فالضوء يتحرك، والأدوات المستعملة على المسرح تتحرك، إنها مسألة التوقيت، إنه البنيان (البناء) في الفضاء، لذلك أعتقد، إنه المعمار، أي بناء الشيء، سواء كان ذلك عند موزارت أو فاغنر أو شكسبير، باختصار إنه الأداء على أسس الرقص، دون الاكتراث بالبناء الأدبي للنص، فالقيمة البصرية تحل محل القيمة الأدبية دائماً. وعليه فإن الغرض القائم جمالياً لا يمس من قبل الجمهور، ولسون يحتفظ بخط البروسينيوم والمعمار التقليدي للمسرح ويسعى أن يقيم المتفرج علمه المسرحي هناك على مسافة.

 يبدأ ولسون عادة تمارينه بتنظيم ورشات عمل مع ممثليه لإلغاء المهمة الشفوية للعمل المسرحي، وغالباً ما تحدد متطلبات عمل الورشة باحتياجات الممثلين الفردية، لكن الورشة تحتوي دائماً على حركات جسدية عامة، يؤديها الجميع للعمل المسرحي.

وبرغم الخطوط العامة والسمات المشتركة لأسلوب ولسون، فإنه دائماً يبتكر شكلاً متميزا غير مألوف للعرض. ففي مسرحية "ماكنة هاملت" لهنري ميللر القصيرة، كان المؤلف قد خطط للعرض كي لا يتجاوز 15 دقيقة، لكن العرض في معالجة ولسون استغرق ساعتين ونصف، حيث وزع حوار المسرحية على الممثلين بشكل عشوائي، مما أعطى للعرض طابعاً سريالياً صرفاً. 
تشكل الموسيقى في الغالب عنصراً مهماً في العرض من البداية وحتى النهاية، ثم هناك الكلمات التي تدخل العرض بشكل متقطع.

إن السينوغرافيا في عرض ولسون المذكور تتضمن، بالإضافة إلى الهيكل المعماري، الصور المرسومة على الستائر، السلايدات المنفذة بدقة، بحيث تدخل البناء المعماري في إيقاع واحد مع الموسيقى والأداء المؤسلب المتأثر بروح المسرح المشرقي (نو الياباني).

روبرت ليباج
يتمتع المخرج الكندي روبرت ليباج، الملقب بساحر المسرح، بشهرة عالمية واسعة وحضور دائم في معظم المهرجانات المسرحية. ويحتل اسمه حالياً مكانة مرموقة بين أسماء أهم خمسة مخرجين مسرحيين بعد جيل بيتر بروك، وهم الأمريكي روبرت ويلسون، والألماني بيتر شتاين، والروسي ليف دودون، والفرنسية أريانا منوتشكين.
ويشارك هذا المخرج، الذي ولد في مدينة كوبيك عام 1957 ودرس المسرح فيها قبل أن ينتقل إلى فرنسا، الأمريكي روبرت ولسون في ريادة ما يسمى بالمسرح البصري.

ولعل الاستشهاد برأي المخرج الإنكليزي المعروف ريتشارد إر يساعدنا في الدخول إلى عالم ليباج المسرحي، وفهم أسلوبه الإخراجي، فهو يقول: "إن ليباج يحوّل المكان العام إلى مكان سحري، والمكان السحري إلى مكان واقعي سهل المنال، وليباج ممون أحلام، والأمر المحفّز بالنسبة إليّ أنه يعمل بلغة ومفردات تنتمي إلى لغة العرض".

 يقول ليباج ان التطور التقني جعل من المسرح يعيش عصر نهضة جديدة، فبالنسبة اليه ساعده هذا التطور في خلق الشكل المطلوب على المسرح، وفي تجسيد التصور الاخراجي بمساحة واسعة من الحرية.
تتسم أعمال ليباج المنجزة أسلوبه الإخراجي أفضل من تلك الأعمال التي يقدمها على المسارح الأوروبية كمخرج ضيف، حيث يعمل مع ممثلين من مدارس تأهيلية مختلفة، ضمن عقود مع مؤسسات مسرحية وتحت ظروف فنية مختلفة. 
وفي حين تتمتع "إكس ماشينا" بوحدة فنية في الأسلوب ومنهج صارم في التدريب والمران والعمل الدؤوب في الابتكار، يتم خلالها إنتاج أعمال مسرحية مدهشة بغية عرضها في المهرجانات العالمية وهي في أوج تكاملها. 

الصياغات السينوغرافية
في لعبة الحلم لأوغست سترندبرغ، تجري مشاهد المسرحية في مكعب مثبت على ركيزة، يدور المكعب لينتقل الممثلون من سطح إلى آخر حسب توالي المشاهد بطريقة مسرحية رشيقة، وكأنهم يعانون من ضغط هائل، ولا منفذ أمامهم سوى الحلم، بينما يتجلى البحر تحتهم على شكل مساحة مائية يشرف عليها المكعب المأهول بسكانه. وفي "حلم ليلة منتصف صيف" يحوّل ليباج الغابة الشكسبيرية إلى ساحة شاسعة من الوحل والمياه، تتمرغ فيها أجساد الممثلين ببدائية وعنفوان. 
ويهتم ليباج باللغة وأصواتها، ففي عروضه التي يعدها لفرقة "إكس ماشينا" يستخدم لغات عدة حسب انتقال المشاهد، ويكرر هذا الاهتمام في النصوص التي يكتبها بنفسه، حيث أن الجرس الموسيقي والتنويع الصوتي للغات المختلفة يضيفان على العرض شعراً إيقاعياً مثيراً، ويخلقان تأثيراً يضاهي التأثيرات البصرية.

الخلاصة

إن التتقينات الحديثة تمثل في جوهرها تحقيقا لخيالات ورؤى المسرحيين الاوائل ممن كانوا يسعون الى تجديد المسرح شكلا ومضمونا.
على المخرج ان يكون مطّلعا على المنجزات العملية في عصره، ويكون على وعي بانجازات الباحثين في مختلف مجالات العلوم. ان المخرج والتتقنين في عصرنا الحالي لايمكن أن يعيشوا بمعزل عن التطور العلمي والتكنولوجيا الذي غزت ميادين الحياة. وكلما كان إطلاع المخرج عميقا وشاملا كلما اصبح بمقدوره ان يجسّد أفكارة وتصوراته وحلوله الإخراجية بسهولة وبسبل فنية مدهشة و ساحرة. وكلما كان المسرح بمعزل عن التقنيات الحديثة أو غافلا عنها كلما أكتنفت لغة العرض صعوبات في التنفيذ والتحقيق.

ان لغة العرض شهدت تطورا كبير، لم يكن ليدور في خلد الرواد الاوائل من المجددين، فقد ادهشني عرض في الرقص على أحد مسارح ستوكهولم كان ينقل أجزاء مكملة من نفس العرض على مسرح في امستردام بتقنية بارعة و في مونتاج مبهر حيث ان المشهد الذي كان يجري أداءه على مسرح أمستردام، كان يشكَل جزاء حيا من عرض استوكهولم.

ولا يمكن إنكار حقيقة وجود مخرجين مبدعيين عملوا ويعملون بمنأى عن إستخدام التكنولوجيا المعقدة، الى هذا الصنف ينتمي على سبيل المثال، كروتوفسكي وبرووك في العصرالراهن، لكن تجاوز بعض المخرجين في اوربا التكنولوجيا والعمل بمبدأ الحد الادنى في العرض المسرحي لا يعني بالضرورة، الطلاق النهائي مع التكنولوجيا، فحتى في هذه الحال نرى ان كل شئ بإستثناء لغة العرض القائمة على الفضاء الفارغ عند برووك مثلا مرتبط إرتباطا وثيقا بالتطور التكنولوجي الحاصل في ميادين التقنيات المسموعة والمرئية، ناهيك عن مجالات التسويق والاتصال بالنظارة وبمختلف مسارح العالم وقطاعات الثقافة.
ففي آخر عرض شهدته لبيتر برووك في ستوكهولم في خريف عام المنصرم، شهدت كيف ان العرض البسيط العاري من كل التقنيات و باللغة الفرنسية، تصاحبه شاشة الترجمةـ فلم تعد اللغة حاجزا كبيرا أمام العرض المسرحي بفضل تقنيات الترجمة.

ومن الواضح ان الانتاج المسرحي بإعتماده على تقنيات الكومبيوتر قطع شوطا كبيرا في التنفيذ المتقن والسريع. في، حيث يتم برمجة المشاهد والضوء والموسيقى والصوت بطريقة يسيرة، مما يسهل إنتاج المسرحيات الطويلة الصعبة التنفيذ بأسابيع معدودة من المران والتدريب.
لعل إستخدام الكومبيوتر في مجالات الانتاج يعتبر اهم خطوة بعد اكتشاف الطاقة الكهربائية. فقد أصبح بإمكان فنان السينيوغرافيا ان يجسد نموذجه على شاشة الكومبيوتر وان يدخل عليه الممثلين وهم يتحركون وإختبار مدى إمكانية تغيير وتبديل المناظر عمليا،كي يصل الى نتيجة مضمونة قبل تنفيذ النموذج على الخشبة، والشئ نفسه ينطبق على الضؤ. اما بالنسبة لمصمم الازياء فقد حقق الكومبيوتر نجاحا في هذا المجال ايضا حيث يستخدم فنان الازياء صورة الممثل نفسه ليجرب معه مختلف أنواع الازياء وصولا الى الزي المناسب.

المسرح العربي والتكنولوجيا

وأمام هذا التطور الهائل الذي يشهده المسرح في الميدان التكنولوجي، نجد أن المسرح العربي يعاني قصورا كبيرا في استخدام التقنيات الحديثة وفي ندرة عدد تقنيين أكفاء، وان هذا القصور يشمل معظم ميادين المعمار والفضاء وهندسة الضؤ والصوت. ومما لاشك فيه ان القصور يشّكل أيضا نقطة مهمة في إنحسار المسرح العربي وتخلفه عن الركب المسرحي العالمي.

ان المسرح العربي بأمس الحاجة الى إعداد وتهيأة تقنيين أكفاء وجود التقنين في مختلف مجالات المسرح قبل إقناء الاجهزة والمعدات التقنية، فإن ذلك سيعطي للمسرح العربي زخما في طريق التطور والازدهار. ان الكليات ومعاهد المسرح في العالم العربي يجب ان تأخذ على عاتقها مهمة تدريس التكنولوجيا الحديثة في مناهج تدريس السينوغرافيا والضؤ والصوت والازياء

ومن جهة ثانية لا ينبغي أن نغفل دور التخلف التكنولوجي في المسرح العربي على إنحسار الجمهور الذي لا يمكن ان يعتاد على متابعة العرض المسرحي في صالات متهرئة وبتقنيات بالية.

يعيش المخرج في المسرح العربي في حالة تصادم دائم مع الخشبة، لكونها غير مجهزة بالتقنيات المطلوبة، وعليه فهي لا يمكن ان تستجيب لمتطلباته، وان كان مجهزا بالتقنيات فهناك غياب اوشحة في التقنين الاكفاء الذي بإمكانهم ان يقدموا للمخرج وللعرض ابعادا وجلولا إبداعية تضفي على العرض جوانب إضافات فنية لا تقل عن إبداع المخرج والممثل والمؤلف. 
 فإبداعات المخرج مهما كان بارعا، لايمكن ان تجسّد تجسيدا فنيا دقيقا متقنا الا بوجود الفنان التقني الذي بإمكانه ان يفتح بوجه المخرج أفاقا لا يمكن أن يتصوره أحيانا.

ان لغة العرض قائم في وظيفته ودلالاته في جزء كبير منه على العلاقة الابداعية والحرفية القائمة بين المخرج والتقنين، وهي علاقة مازالت ضعيفة في المسرح العربي، ان لم تكن معدومة في الكثير من العروض المسرحية.
 فالمخرج العربي مازال يجد نفسه وحيدا في العملية الابداعية و في إنتاج العرض، بينما نجد ان هذه العلاقة على درجة كبيرة من المتانة والحميمية في المسرح الغربي والشرقي معا، حيث ان فناني السينوغرافيا والضؤ والصوت يتفننون في خلق وتجسيد رؤى المخرج الفنية، بل فهم يعملون معا في انتاج العرض، إن الكلية في العمل الابداعي هي سمة المسرح المعاصر، هذه السمة مازالت ضعيفة، ان لم تكن معدومة في المسرح العربي.

ونتيجة لذلك نرى ان المخرج في المسرح العربي بشكل عام محروم من إبداعات الفنانين التقنيين، و لا يزال غير قادر على التعامل معهم  بلغة فنية قائمة على الحرفية وإحترام إبداع وعطاء الاخر، بغية الوصول الى عرض متكامل. وعليه فإن العروض المتكاملة تقنيا نادرة في المسرح العربي.

إن المسرح العربي لايزال يعتمد في لغة العرض على عطاءات المؤلف ثم المخرج وأخيرا الممثل. أما التقني فما زال دوره محدودا أو بعيدا عن الحرفية. بينما التكنولوجيا في المسرح المعاصر قطعت شوطا في كشف الحالة الانسانية في الدراما وتجسيد الدوافع الانسانية بأساليب حديثة، مسموعة ومرئية، فالتكنولوجيا الحديثة تمنح المؤلف المسرحي والممثل إمكانيات هائلة في تجسيد ما يدور في مخيلة المؤلف المسرحي شريطة ان يكون على دراية ووعي بذلك. وحتي في مجالات التجريب، فإن ما يسمى في المسرحي العربي تجريبا، خصوصا في مجال المسرح البصري على سبيل المثال، الذي هو اكثر المسارح اعتمادا على التقنيات الحديثة، فقد أكل الدهر عليه وشرب منذ الخمسينات في اوربا.
وأخيرا فان التكنولوجيا في المسرح لا يمكن ان يكتب لها النجاح من دون تقنيين مؤهلين تأهيلا تاما، ومن دون ممارستها بصورة مبدعة، ومن دون ان يتوفر لها المعمار المسرحي المناسب.

ملاحظة:
- استقيت معلوماتي عن سفابودا من كتاب العرض المسرحي والتكنولوجيا، كريستوفر بو. باللغة الانكليزية.
- المعلومات عن كريغ مستمدة من كتاب نهوض المسرح الحديث، غوستا بيرغمان، باللغة السويدية. 
- الفقرات الخاصة بالمخرجين ويلسون وليباج، مقتبس من كتاب المسرح السويدي، اراء وأفكار، د. فاضل الجاف، باللغة العربية

---------------------------------------------
المصدر : أيلاف 
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption