أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 6 مارس 2016

«حلم ليلة صيف» عمل جديد لمحترف عمشيت للمسرح

مجلة الفنون المسرحية

لا يزال محترف عمشيت للمسرح الذي تأسس سنة 1982 يتابع مسيرته من دون كلل أو ملل، فيخرّج الفوج تلو الفوج من الممثلين، بإدارة وإشراف المؤسس د. إيلي لحود. وهذا العام يطلّ الفوج الخامس عشر عبر مسرحية «حلم ليلة صيف» لشكسبير التي قدمت على خشبة مسرح الأباتي عمانوئيل خوري أنطش جبيل، وستعرض في 3 آذار المقبل على مسرح جامعة الروح القدس، وربما في أماكن أخرى، لأن أعمال التخرّج هي ملك المحترف وهي خاصة وغير تجارية والمهم بالنسبة لإدارة المحترف وللممثلين الجدد هي فترة التحضير التي تستغرق وقتاً طويلاً فيها يتعلّمون ويكملون إعدادهم. الممثلون الثمانية الجدد هم: جورج عبّود إيزابيل زغندي لورا عبّود بودي غصن ماري بال زغندي أندرو جبرايل إيلا حصري ريتا عبّود.

لقد وقع الاختيار في محترف عمشيت للمسرح، بالنسبة لتخرّج الفوج الخامس عشر، على مسرحية «حلم ليلة صيف» لوليم شكسبير، التي تميّزت من بين آثاره كلها لما فيها من «الفانتازيا» وروح الدعابة والمرح، والشعر والغرابة ولما تسمح به من تصرّف واقتباس. لم نأخذ المسرحية بمجملها، بل انتقينا منها بعض الملامح والثغرات الملائمة لممثلينا وممثلاتنا، والتي وجدنا فيها حافزاً للممثل تجريبياً ممتعاً، أو ذريعة لإظهار براعته ومقدرته وفنه، تيمناً بما اكتسبه في المحترف من معارف وخبرات.

«حلم ليلة صيف» مسرحية غريبة، طريفة، غير مألوفة. هي حلم الممثل، وحقل لاختبار قدراته. وهي الامتحان له حين يقرر أن يضع القناع أو أن ينزعه عن وجهه. وحين يرغب في التنقل من مكان إلى آخر ومن موقف إلى موقف، ومن دور إلى دور. كأنه بهلوان سيرك، يتأقلم مع المراحل ومع المخاطر، ويدجّن المصاعب، ويسترسل في اللحاق بالمخيلة. قناعاتنا... أن تكون «حلم ليلة صيف» هي حلم الممثل، أقصى أمنيته، وأحلى ما يرغبه ويتوخاه، وإن لم يجاهر أو يصرّح به. فالجانب الكبير في المسرح هو بصري، يصلنا، يعلّمنا، نقتدي به... من دون أن نحتاج إلى كلام، فالملعب، كل الملعب للممثل، ونزواته، وألاعيبه، ومراميه، الحرية مطلقة، من دون قيود، لكنها من دون عكازات، أو إكسسوارات.

المخيلة هي الملكة، هي سيدة الموقف، وعلينا أن نطيعها، أن نخدمها، ونلبي لها رغباتها وعلى الجسد أن يكون مطواعاً، حساساً، تعبيرياً بامتياز، وعلى الصوت أن يملأ الفضاء بالمعلوم والمقصود والمتخيّل الغائب أو أن يوفّر المناخ.

فعلى خشبة المسرح نملي كل ليلة «نشرة الطقس» على النظارة، وإن في عز الصيف.

عدنا إلى شكسبير أب المسرح، لكننا على تواصل كبير وآني، مع مجتمعنا الحالي، ومع إنسان اليوم. فالممثل الذي أمامكم، هو الراهن، هو الهنيهة، هو استمرارية التراث والتاريخ وهو وجدان مجتمعه النابض والحي والذي لا يموت ولا يضمحلّ، طالما هناك أجيال متدفقة، وأفواج في محترفنا، تنقل المشعل من يد إلى يد، وتحافظ على أمانة الصدق الغالية، وعلى قدسية الفن المسرحي الخالد والعريق، وعلى هيبة الخشبة ووقارها واحترام الجمهور والناس.

«حلم ليلة في منتصف الصيف»

ليلة منتصف الصيف تقع في الرابع والعشرين من حزيران (يوم ذكرى القديس يوحنا المعمدان) هل مثّلت المسرحية في تلك الليلة؟ أو أنها تتصل بعبادات قديمة وعقائد لصقت منذ القدم بهذا التاريخ. تنتمي المسرحية إلى المسرحيات المقنّعة (دخل هذا النوع إنكلترا أوائل القرن السادس عشر وأولع به النبلاء ورجالات البلاط) وتظهر لنا ميل وذوق شكسبير للماورائي ولما فوق الطبيعي. في المسرحية بهاء وجمال وشعر وقوة خيال وابتكار يختلط فيها الواقع بـ»الفانتاستيك». أغلب أحداث المسرحية تجري في الهواء الطلق، وفي غابة قريبة من مدينة أثينا.

هي قطعة من الخيال الخالص وشخصياتها تعمل تحت تأثير السحر والخيال، يتحدثون عن رؤى، ولا يسيطرون على آرائهم في كامل عقلهم، فهم أقرب إلى المهرّجين ويمثلون شخصيات ممكن أن تكون حية ونجد لها مثيلاً في الأوساط الاجتماعية.

ترفض «هرميا» التي تحب «ليساندر» أن تتزوج الرجل المقدّم لها من قبل أبيها «ايغوس» وهو «ديمتريوس» الذي تحبّه «هيلينا». وبحسب القانون والشريعة اللاتينيين سيحكم بالموت على «هرميا» في مهلة أربعة أيام، إن لم تطع وتستجيب لإرادة أبيها.

تحتمي «هرميا» مع «ليساندر» في غابة، ثم يتبعها «ديمتريوس» و»هيلينا» التي أخلصت لها وأودعتها سرها.

خلال الليل، أوبيرون ملك الجن وزوجته «تيتانيا» يتشاجران. «أوبيرون» بالاتفاق مع العفريت «بك»، يقطر في أذن «تيتانيا»، وهي نائمة رحيق زهرة يجعلها تشتهي أول مخلوق حي تلقاه حين تستيقظ.

وحتى يصالح «ديمتريوس» مع «هيلينا» يأمر بك باستعمال نفس الرحيق أو الخلطة السحرية مع «ديمتريوس».

يخطئ «بك» ويغلط فيسحر ويفتن «ليساندر» الذي يحاول بدوره إغراء «هيلينا» وحين يرى «أوبيرون» خطأ شريكه المتواطئ معه يلجأ إلى استعمال علاج مع «ديمتريوس» فيحصل تشويش وبلبلة وشيء من التعقيد.

بعد ذلك، وحين تستيقظ «تيتانيا» تجد حماراً (كناية عن حرفيّ أتيني مقنّع) فتغرم به.

وهكذا تتوالى التعقيدات فعلى «أوبيرون» أن يحرر «تيتانيا» وعلى «بك» بناء لأوامر ملك الجان أن يضع على الطريق الصحيح عواطف شباب آخرين مستعيناً بالعشبة أو بالخلطة السحرية...

مسرحية «حلم ليلة صيف» لشكسبير ليست غريبة كخيار بالنسبة لمحترف عمشيت المسرحي. فهو يختار دائماً نصوصاً أكيدة لكتاب عالميين مشهود لهم. وأحياناً يقتبس ويضع نصوصاً جديدة، ويختبر نصوصاً لكتّاب جدد...

مونتاج

وقد خضعت المسرحية التي تستغرق أكثر من ساعتين لعملية مونتاج قلّص زمنها وهو يهدف أي (المونتاج هذا) إلى دفع الممثل إلى استثمار معلوماته في مجال المسرح وتقنيات اللعب والتمثيل، بحيث يختبر قدراته، ومواهبه، وما حصّله من علم ومعرفة، وما اكتسبه من مهارات. والمسرحية هذه المليئة بـ»الفانتازيا» والتي تميّزت عند شكسبير، تسمح للممثل بأن يستعمل مخيلته، ومشاعره، وجسده، وصوته، وأن ينوّع، وأن ينتقل من مرحلة إلى مرحلة، ومن طريقة لعب إلى أخرى، بكل حرية. فهي الواقع إلى اللاواقع، والميتولوجيا إلى المعتقد الخرافي، والحلم إلى عالم الشعوذة والسحر، وتضم شخصيات تاريخية، وتراثية، والشياطين، والجن، وأصحاب المهن، وشظف العيش في الواقع، والغابة والبلاط، والأزمنة، وتناوب الليل والنهار، والنوم واليقظة.

حاول الممثلون المتخرّجون الثمانية والذين يشكّلون الفوج الخامس عشر من المحترف، أن يعكسوا كل هذه الأجواء من دون ديكورات عملاقة، وملابس مزركشة وفضفاضة، وإكسسوارات لمّاعة مغرية، وإضاءة ملونة، ومؤثرات خارجية طاغية. لا شيء سوى الممثل، سيد الموقف، والساحة، وبطل الهنيهة. الممثل العاري الذي يستعمل جسده، وصوته، ومخيلته، ومشاعره، يشغف كلي وفرح، وبلذة اللعب، والعطاء، ممسكاً بالإيقاع، مسيطراً على الزمن. وقد حاولنا أن نفصل ما بين مراحل المسرحية أو نربط بعضها ببعض باستعمالنا مقتطفات موسيقية كلاسيكية لكبار الموسيقيين من بريطانيين وفرنسيين وألمان. وعكسنا الغابة وما تحويه من مخلوقات عن طريق بعض المؤثرات الصوتية والأصوات الملتقطة.

لقد وضع المحترف نصب عينيه منهجية العمل على الممثل كجسد «كاميرا» يسجل، ويتلاعب بالصورة، ويجيد «المونتاج»، وعملية الدمج، والحذف، والتركيب. فهو الذي باستطاعته القبض على كل أشياء الفضاء الحاضن أو المتاخم، والسيطرة على أدوات الجسد، وعلى انفعالاته ومشاعره وما يمكن أن تمليه عليه المخيلة أو يوحي به الفكر أو يجول في خاطره. وقد تم في هذه المسرحية استعمال القناع لأن المسرحية هي مقنعة وهذا النوع من المسرحيات راج في بداية القرن السادس عشر، وعشقه النبلاء وأهل البلاط، في إنكلترا. والمسرحية التي تجري معظم أحداثها في غابة مليئة بـ»الفانتازيا» وبـ»الفانتاستيك» وفيها الجنّ (ملك وملكة) والعفاريت، والخلطة السرية المأخوذة من رحيق بعض الأنواع من الأزهار، وهي مليئة بالمواقف المفاجئة، واللاواقعية، والماورائية، التي عشقها شكسبير لما تحويه من ابتكار، وخلق، وطرافة، وخيال. وتسمح بحرية مطلقة للممثلين في أدائهم، وتحثّهم على الولوج في عوالم جديدة وغير مألوفة، وتسهّل لهم الانخراط فيها، ناهيك عن قوة الفعل فيها والحركة، وأهمية الإيقاع وتنوعاته، وتبدّل المواقف، وعدم معرفة كيفية نهاية الأمور سلفاً.

لقد تلقّن الممثلون في هذا العمل الروح الجماعية، وسرعة الخاطر والمبادرة، والانسجام الحركي، والتناغم الصوتي، وتركيب الشخصية والسهر على التنويع في خط عملها، واختبار المواقف المتنوعة، والمبتذلة، وخلق شيء من لا شيء، وتأمين الحضور والمكان للغائب أكان شخصاً أم فكرة أم شيئاً أم شبحاً أم جسماً مجرداً أو مختلقاً...

وقد ساهم الجميع في تكوين جو احتفالي ليس بالمأساتي ولا بالملهاتي، فيه الكثير من الغرابة، والطرافة، وغير الشائع أو المألوف، ضمن أجواء من صنع الممثل، فصلت ما بينها مقاطع موسيقية منتقاة من موسيقيين عالميين وبعض المؤثرات الصوتي التي توحي بالغابة كمكان حقيقي أو مفترض نتلقاه بالحواس أو بالخيال.

لقد جاء هذا العمل ليثبت مرة بعد ويؤكد خط الاعداد في المحترف الذي يعتمد التعبير، والجسد الحركي، قبل الكلمة، ويعتبر أن اللجوء إلى الكلام في المسرح هو موقف ضعيف حين نعلن عجزنا عن التعبير بالوسائل الأخرى. والكلام لا يختصر أو يلغي التعبير، بل يختصر الزمن الذي هو ضروري للفعل المسرحي، حيث لا فعل أو تعبير مسرحي من دون زمن ما. من هنا فهو يختلف عن اللوحة المعلقة على الجدار/ أو الكلمة المطمورة في المعجم أو القاموس، أو المنحوتة الصامدة في الحديقة العامة أو الشارع، أو النصب التذكاري الذي لا نحتمله، فنضيف إليه كلاماً وعبارات، كأنه بما يعبّر عنه، أو يدلّ إليه، غير مكتمل وغير مفهوم.

--------------------------
المصدر : جريدة المستقبل 

صورة الحداثة وما بعد الحداثة في المسرح العالمي / كارموس خيل تامورا

مجلة الفنون المسرحية

في البدء كانت الأسئلة، ثم جاءت الشكوك. ففي عالم المسرح الذي أتحرك فيه نجد أن نظام الإنتاج أصبح محور الحياة المسرحية. ربما انتصرت خيارات ما بعد الحداثة وإطار علاقة الإبداع المسرحي والمشاهد اقتصادي لكن مع وجود عنصر تشويه للنظريات الليبرالية الجديدة، فمعظم المباني التي تشهد التمثيل تقريباً ملكية عامة. وفي مواجهتها يقف المشرفون ذوو الانتماءات المختلفة الذين يخدمون في النهاية مصالح السياسي الذي وضعهم في هذا المكان. ويقوم بذلك على أساس حساب النتائج. ونسبة الإشغال هي في الوقت الراهن مقياس قيم الأعمال المسرحية. هذه التأملات التي تبدو هامشية أثارها تحويل الصورة التي يمكن الاحتفاظ بها من المسرح الحديث أوما بعد الحديث الى كلمات، عندما يكون المسرح الذي يتم دخوله قائماً في مجال خارج التاريخ لكن بسبب الغموض وليس لقرار. إذا قابلنا أن المسرح الحديث من مردر Merdre لألفريد جاري Alfred Jarry، حتى مسرح برتولد برشت، فيمكن فهم وجود أمكنة مثل أسبانيا حيث مرت هذه العملية دون أن يشعر بها أحد تقريباً. الآن نجد أنهم من أقطاب الكتابة المسرحية كتاب مثل غارثيا لوركا أو بايي إنكلان Valle Inclan، لكنهم في زمانهم عاصروا التوجه التقليدي المحافظ لدى الجمهور البرجوازي وكان عليهم أن يكتبوا أعمالاً أقل مخاطرة في الشكل والمضمون من أجل إرضاء أصحاب المسارح.

***

جاءت بعد ذلك فترة مظلمة استمرت أربعين عاماً حيث عاد المسرح يأخذ طابع حدث اجتماعي وسياسي. كان هناك مسرح شائع ومسرح ينقب في المصادر القائمة في أمكنة أخرى عن محاولته أن يكون في الحداثة. غير أن الوسائل كانت قليلة، وكان تأثيرها أقل لأنها كانت تتم في السر، خوفاً من القمع الشرطي. ومراقبة بشعة. في هذا السياق أدركنا نحن الشباب، بشكل جزئي، ما كان يحدث في نقاط أخرى وتعلمنا تيارات، أساليب، مفاهيم: قمنا بالتنظير بطريقة لم يفعلها أحد حول برتولد بريشت، لكننا لم نتمكن من مشاهدة عروض لنصوص له ذات أشكال مختلفة كي نكوّن فكرة واقعية مما كان عليه ذلك المسرح الذي دهشنا في ترجماته وتشكيلاته. كما نقرأ كل ما كان يقع بين أيدينا لكن بطريقة غير منظمة وكان ينقل لنا انطباعات فقط.

وصلنا متأخرين

وصلنا متأخرين الى كل شيء. عندما كنا نفهم شيئاً من الإبعاد، وصلتنا أفكار غروتوفسكي (حتى أشكاله الأكثر مادية)، ولكن في الوقت الذي كان يبدو لنا فيه رائعاً جعلنا عبث يونسكو وبيكت منه شعاراً، ربما كان ذلك عدم إمكانية اختراقه. كنا نعيش حياة مسرحية ثلاثية. الحياة اليومية، الحياة التي كانت تتجسد في العروض، الحياة التي كنا نريد أن نخترعها والحياة التي كانت تصلنا من الخارج، مثل الأفكار المتنورة التي كنا نفك رموزها من خلال الرسائل والصور.

كان زمن التحولات وعرفنا Living Theatre مباشراً وحياً، وقام ناقد من المدينة بكتابة "مسرح صعاليك لصعاليك"، في حين أن المهزلة الشعبية ذات الفصل الواحد والكوميديات كانت تحقق نجاحات على مستوى النقد وشباك التذاكر. وصلت أعمال أجنبية قليلة، وكان علينا أن ننظم رحلات جماعية الى نانسي Nancy التي تحولت الى مصدر وحينا وإلهامنا المسرحيين، وهناك اكتشفنا، دون أن نعد لذلك، "الفرسان الثلاثة" حسب رواية وإخراج روجية بلانشون Roger Planchon، إنتاج تياترو ليبير دي روما، الفرقة التي شاهدنا لها في مرحلة تالية عرض "أولاندو غاضباً" للوكا رانكوني في ملعب رياضي تم تحويله الى مسرح متحرك ومتغير بسبب الحركة، بتحريك الجمهور عبر دهليز من المشاهد والمسارح.

وبهذه القطع من حداثة مسرحية ما، الى جانب "المغنية الصلعاء"، التي شوهدت في شارع هوشيت في باريس Huchette أو أعمال المقهى المسرحي لرينيه أوبلاديا Rene Obladia، على سبيل الإشارة فقط، أعمال لا تزال خالدة اليوم في ذاكرتي كنقاط تمكنت من خلالها من تكوين فكرة أولية، أساسية عما كنا نفهمه، بأن نفهمه بأنه ينتمي الى الحداثة في تلك الأزمنة. حدث هذا بينما كنت أعيش في مدينة فيها آثار تنتمي الى الحداثة في الفن والمعمار وتعد نموذجية.

يجب أن نضع في هذا السياق مؤلفين واقعيين إسباناً مثل الفونصو ساستري Alfonoso Sastre وأنطونيو بوير باييخو Antonio Buero Vallejo اللذين تغلبا على الكثير من الصعاب، وتمكنا من مشاهدة أعمالهما معروضة ويشكلان نوعاً عن الدليل لمسرح احتمالي، مرتبط بالواقعية دائماً. الباقي كان عبارة عن قفز، ولم يقم الجدل، في أية حال من الأحوال، كزمن تاريخي، بل كوظيفة الالتزام او استمرار، كلاهما في الوقت نفسه. عدنا لنصطدم بنظم الإنتاج كعنصر مخفف للاهتمام الضئيل بالتنظير أو بالبحث، مرتبط بطريقة احتمالية بعالم الجامعة ودائماً كمبادرة شخصية لمتعصب للمسرح.

باروكي

لا يمكن أن ننسى فرانشيسكو نييا Francisco Nieva الشاعر والناثر الذي وصل من باريس يحمل مسرحاً بصرياً للغاية، باروكي، كان خارج نطاق المدارس المسرحية وربما كان أول إشارة لبعد حداثة غير مشكلة. رسام وسينوغرافي، ففي البداية كانت أعماله المشهدية، وعلى وجه الخصوص سينوغرافيا Marat - Sade لبيتر فايس Peter Weis أحد الأعمال المهمة لفهم تغيير في المسارح الإسبانية، المتناغمة مع الأزمنة التاريخية الحقيقية ترجمة ألفونصو ساستري وإخراج أدلفو مارسيياك Adolfo Marsillach وتمثل نقطة فارقة في تشكيل إمكانية التوصل الى جماليات أكثر التزاماً. تتخلى عن المعتاد وتفتح طرقاً أمام تجديد مسرحي، وفي هذه الحاالة انطلاقاً من المبادرة الخاصة، دون مساعدة أو معونة رسمية. هذا الإخراج العظيم انتهى بإلغاء العمل نظراً لحدث سياسي خاص بالنظام الديكتاتوري.

كان استرداد الديموقراطية قد أدى الى محاولة استرداد السنوات الضائعة في مجال الفنون المسرحية. وبصفة عامة تم اختيار نموذج من وسط أوروبا ينتمي الى فترة الخمسينيات والستينيات. مراكز درامية، وحداث إنتاج مؤسسية من خلال مساعدات للإبداعات الأكثر أهمية للفرق الخاصة. وفي ذلك الوقت كان شيء يلفت النظر. في هذا السياق أتذكر عملاً لأليثيا ألونصو Alicia Alonco في القصر الوطني في برشلونة عام 1976، كان رائعاً.

ولكن قبل ذلك كان قد تم استرداد كل القدرة الإبداعية لفابيا بوغثيربير Puigcerver Fabia الذي اقترح سينوغرافيات كانت استوديو مسرحياً حقيقياً يقوم على فضاء، والى جانب بيكتور Victor Garcia ونوريا إسبيرت Nuria Espert قدموا لنا العروض الأكثر أهمية في مطلع الستينيات بدأ بمسرحية "الخامات"، ثم يرما (Yerma) لغارثيا لوركا وانتهى بمسرحية لبايي إنكلان Valle inclan. وهي عروض لا تنسى بسبب جرأتها الشكلية، والتزامها الجمالي، وما كان يطلب من الممثلين وللقراءة، الحديثة أو ما بعد الحديثة؟ لهذه الأعمال التي تمثل نقطة فارقة لفهم وصول الأجواء الجديدة تماشياً مع الأزمنة المعاصرة. بينما كانت هناك الأعمال المتوهجة لفرقة إليس جو غلارس Els Joglars التي كانت طريقة لفهم المسرح غير المكتوب. وفي هذا الإطار نشير الى عملها الخالد ماري دوس Mary D'ous، سينوغرافيا ياغو بيريكوت التي منحت العمل مناخاً فيه إيعاز وأهمية، وعملها "كيخو Queijo" عندما تحول الفلامنكو الى مادة درامية وتعبيرات جمالية شعبية في خدمة الطبقات الفقيرة في إقليم قطالونيا Catalunya حيث التلاقي بين شاعر هو سلبادور إسبرو Salvador Eapriu ومسرحي ومخرج مثل ريكارد سلبات Ricard Salvat كانت النتيجة عروضاً مهمة، وعلى وجه الخصوص "طريق موت سينيرا" أحد الأعمال المميزة للمسرح القطالوني، لاستخدام اللغة القطالونية مسرحياً بشكل غير تقليدي، ومحاولة تطبيق جمالية تتصل بالتيارات الأكثر عصرية في المسرح الأوروبي.

إيماء

كما ظهر في الساحة فرقة Comediants التي بدأت من عمل إيمائي، من مدرسة جاك لوكو Jacques Lecoq، واستطاعت الانصهار مع تقليد البحر المتوسط الخاص بالاحتفال وتمكنت من إضفاء حيوية على المسرح في الشارع كمكان للاحتفال من منطق التقاليد. وفي عام 1977 التقت هذه الفرقة الإسبانية مع أعضاء الفرقة الأميركية Bread and Puppet تحت قيادة بيتر شومان Peter Schman، فكانت تجربة حياة، التزاماً جمالياً، وكذلك التقاء الشارع كمكان لعروضها، ولكن انطلاقاً من وجهة نظر سياسية بحتة، شكوى واتخاذ موقف من الأحداث السياسية والاجتماعية التي كانت تحدث.

وذات يوم استيقظنا لنجد أنفسنا بعد حداثيين، أو في ما بعد الحداثة، وهنا يكمن قلب النزاع لأنني لا أتذكر أحداً، لا مؤلفاً ولا مخرجاً ولا حتى رجل أعمال في عالم المسرح أعلن أنه ممارس لمسرح ما بعد الحداثة إذا نظرنا على مستوى النقد الى هذا المسلم الذي كان له حضوره في الأدب والفنون التشكيلية، قبل الفنون المسرحية بكثير ومع الانطباع بأننا في حضوره في الأدب والفنون التشكيلية، قبل الفنون المسرحية بكثير ومع الانطباع بأننا في الكثير من الأحوال نستولي على كلمة دون أن نشير الى أخريات كثيرات نحن غير قادرين على فهمها واليوم على ضوء مفاهيم علم الاجتماع أو الفلسفة، يمكن وضع حد بين مرحلة وأخرى، فإنني أشعر بالعجز عن التوصل الى هذه الحدود وفي الكثير من الحالات أقع في التناقضات التي لا يمكن أن تكون فقط نتاج عجزي، بل بسبب غموض المفهوم المطبق على الفنون المسرحية.

في سنة 1981 أسعدني الحظ في تنظيم دورة مهرجان مسرح بيتوريا ـ غاستيث Gasteiz - Vitoria حيث افتتحت العروض بمسرحية "ميديا" Medea، إخراج لويس باسكوال Luis Pasqual وتمثيل الممثلة نوريا إسبيرت Nuria، واختتمت بعرض للاديسلاو فيالكا Ladislao Fialka وكان بينهما عرض "ويلبول، ويلبول" Wielopole Wielopole لتاديوس كانتو، و(Flowers) لليندسي كمب Lindsay Kemp، و"أنتيغونا" لليفينغ ثيتر، وعلى رأسهم جوليان بيك Julian Beck، فرقة الرقص موميكس Momix، بين فرق أخرى، مع مشاركة عارضة لفرقة سويسرية تعمل في مجال مسرح Punk ربما كان في هذا البرنامج تلخيصاً لمرحلة طويلة من التيارات التي تعد حديثة كان بمثابة موجز، نهاية أو وداع لأهواء وشعريات كانت قد تركت أثرها في الكثير من المبدعين.

ما بعد الطليعة

منذ ذلك الحين يمكن الكشف عن علامات جلية لتيار يهدف الى تنظيف الشحوم من محتويات الإخراج، وتنظيف الكلمة من الشوائب، ليصبح النص المخرج مجرد عنصر لا أكثر في الخطاب المسرحي، كي تبقى فقط بنية وتطورات عرضية في بداية الثمانينيات كانت هناك حركة إيطالية يطلق عليها "ما بعد الطليعة Transvanguardia" كانت في تعبيرها المسرحي تشخيصاً لحدث مسرحي، جوانب من بنية لم تكن تستند الى محتويات، ولا حكايات وكل شيء كان عبارة عن وصمات مشهدية، في حفل اختفاء الإنسان كفاعل للسرد وضياع أي التزام أبعد من علم الجمال، في بعض المرات غاية الشبه بصناعة الألعاب النارية، لا يوجد ما يساعد على التفكير.

ربما كان الرقص حيث شوهدت الحركات والقفزات أكثر وضوحاً إذا كان الرقص المعاصر قد طور لغات جسدية أكثر وذات تعبير أوسع، فقد خلق في الوقت نفسه نواة لتيارات أخرى فرضت سرعتها ونفعيتها، قادتنا الى "قليل هو أكثر"، ما يترك الرقص الحالي خالياً من أي كتابة تتعلق بفن الرقص لوضع الجسد في حركة كمجرد حدث عرضي، يعيش في فضاء كي يلتقي بطاقات وليس مع مصير أو حدث.

هذه الطريقة القائمة على تجريد المسرح أو الرقص من أهم أشكال تعبيره، أضعف ما هو معقول، ما يمكن أن يبثه النص، الذي يتقلص في الكثير من الحالات الى صيغة تعجب متكررة، أو يستخدم كصوت وليس كغذاء للأفكار الفلسفية التي تقف وراء التمثيل، كل العمل، ربما تكون أحد الأدلة للكشف بطريقة ما الاقتراب من مسرح ما بعد الحداثة.

وجود الأجهزة السمعية البصرية على الخشبة، خاصة منذ وصول الفيديو، حل، بطريقة مبالغ في تكرارها، محل عمليات الحذف أو إثارة المشاعر، من أجل الحصول على توضيحات أو الأزمنة الأخيرة على تداخل هو في الواقع يطرح أسئلة على جوهر المسرح نفسه، ومن أجل اللعب مع آلة يمكنها أن تكرر صوراً الى ما لا نهاية، لكسر قدرة المسرح على أن يكون زائلاً لأنه يحث في زمن وفي مكان دون إمكانية نظرية للتكرار.

لقد بولغ في تقويم الفيديو على المسرح وكان بمثابة قطيعة سردية الأمر الذي يقربه أكثر من ظاهرة جماهيرية لما بعد الحداثة مثل التفزيون التناص الممكن بين المسرح والتلفزيون كان أحد المعالم التي زادت من ترسيخ فكرة ما بعد الحداثة للإخراج في بعض المناسبات تمت محاولة كسر التناقض المطلق الموجود بين اللغتين ويخلق مجالاً درامياً، غير ممكن تنسيقه دون تصادمات اليوم، وللأسف، نجد أن الفيديو في المسرح أصبح تقليداً ويعززه في ذلك التلفزيون الفيديو ـ كليب وحفلات موسيقى البوب، مثل البلاتوهات التلفزيونية حيث تقوم شاشات التلفزيون بتكرار الصور أو تقدم أخرى، لتشكل الديكور.

المسيرة كانت مثيرة للتفكيك، تفكيك كل ما هو مسرحي في جوهره، ليحل محله خليط عناصر متفرقة، وأحياناً بالصدفة، لا تتجمع في النهاية بل في مناسبات تسبب الرفض وهذا حملنا الى جمالية الخراب، الى عدمية، حيث ما هو إيمائي يكتسب تقييماً، بشرط أن يكون منتجاً بابداع القواعد القانونية للخطاب الجمالي القائم.

لأن المسارات التكاملية للتيارات المسرحية الجديدة طويلة وغير متساوية، مع الأخذ في الاعتبار الوقت الطويل الذي يستغرقه الجمهور في تقبلها بشكل معقول، لكن الصفوة المبدعة نجد أن الصيغ، التراجعات، مراجعات التيارات والتركيب في ما هو متغير الطبيعة، يبدو أن يسرى بسرعة غير معتادة إلا أنني لا أريد أن أبدو كأنني مضاد لما بعد الحداثة ربما يكلفني التخلي عن البنيوية التي تصاحبني وأصدر أحكاماً عن ثقة كبيرة، ولكن ضمن مجموعة واسعة من الاقتراحات التي ازدهرت في ما بعد حداثة الفنون المشهدية، فلا أحد يدري قادر على أن ينفي ما مثلته من كسر لبعض المحرمات أعمال روبرت ويلسون Robert Wilson، وهو ينتمي الى ما بعد الحداثة لكنه يبدو لي أحياناً حداثوياً بلا عقد.

فرقة لافورا ديلس باوس Fura Dels Baus أقامت خطاباً ما بعد حداثوي، شديد الوحشية، يلامس أحياناً ملامح أكثر تسلطية في التصرف الإنساني ليس كشيء خسيس بل كنتيجة لمنطق مواجهة جماليتها الطنانة، ذات العلامات الواضحة التي تنتمي الى ما بعد الثورة الصناعية، ربما ضمن خداع لنتائج مثيرة، لكنها تركت لنا صوراً قوية من الناحية المسرحية، هذا على الرغم من أن تطورها اللاحق حملها الى تكرار صيغ، لكن يطغى عليها دائماً العنصر المادي، للجهاز أو لأجهزة الفيديو التفاعلية كجزء من الكتابة المسرحية نفسها وكانت تجاربها هي التي تمادت لتصل الى حافة المستحيل إنها مرجعية أساسية لمسرح إيمائي.

فلنعد الى نظم الإنتاج والسوق. في لحظة ما بدأ إنشاء مهرجانات في أرجاء المعمورة كافة كانت سوقاً دولية جديدة، تتطلب عروضاً لجماليات جريئة، ذات نص قليل، كي لا تتعرض لمشاكل لغوية وأسلوب رسمي جداً، الأمر الذي يمكن أن تعتبره دوافع السوق لإنشاء فرق، مبدعين ونماذج عروض كان يمكنهم أن يقوموا بجولاتهم الدولية ناقلين فكرة ما بعد حداثوية للفن. بعض المبدعين حملوا مقترحاتهم، أدلتهم، لكن جاء بعدهم مقلدوهم، أي المبالغون لما بعد الحداثة الذين شذبوا محتويات الفنون المشهدية لتعاني من هزال أيديولوجي وبالتالي جمالي، كان يقترب كل يوم أكثر من العرض الذي كونه للتسلية فقط.

ربما نحن في زمن ما بعد الحداثة. وقد يصل الحداثيون الجدد، لكن المسارح تراكم عليها تناقضات، فك شفرات، إعادة اختراع. الجمهور تمثل لغات بعيدة عن المسرح، أسوأ من تضمنها قيمة تتعلق بعلم الاجتماع وتشكل جزءاً من الخيال الجماعي. بقاعات، مقطوعات، قطع، قطيعة مع الخطاب الأمامي، المذهب الطبيعي أو الواقعي المبالغ فيه، في هروبها من الأداء الجائز وصلت الى الأداء السفلي، وتتغذى من فكرة يصعب استيعابها، المتعلق بما هو "قليل هو أكثر"، إذ قد يخدم كتدريب ميتاتياتري ـ مسرحي داخل مسرحي ـ ولكن لوضع المسرح في مكان الاتصال، والفن والمشاركة، الذي ينتمي إليه من الضروري أن يبدأ من تقليدية ما.

فردية

لأننا يمكننا أن نؤكد أن غالبية العروض في السنوات الأخيرة تقوم على فردية شرسة، على نظرة قاسية للفرد في المجتمع، على عدوان مستمر من الخارج. نظرات ربما قليلة في طابعها الاجتماعي، لكنها في هذه اللحظات تؤدي الى إبداعات تقوم على هذا الهيكل العظمي البنيوي تصل الى أعمال ذات جودة وتستطيع نقل أحاسيس. أعني بهذه المدرسة الأرجنتينية الأخيرة، دانييل بيرونيسي Veronese Daniel، ريكاردو بارتيس، داولتي، رافائيل سبرجلبيورغ، مع حالة غير اعتيادية مثل حالة ريكاردو غرسيا Ricardo Garcia، مؤلف ومخرج أصبح بمثابة معبود في فرنسا، ويُعد خليفة الكاتب المسرحي الفرنسي الراحل كولتيس KOLTES.

انني أجد في الكتابة الدرامية في السنوات الأخيرة، مع المدرسة العظيمة التي نشأت الى يد خوسيه سانشيس سينيستيرا Jose Sanchos Sinistierra، جيلاً حقيقياً يكتب انطلاقاً من توجهات أقل اتباعاً لأرسطو، لكنهم يؤثرون كثيراً في المناخ وفي الأشخاص، ويقتربون دائماً من الأحداث انطلاقاً من مسرحة جلية، ملتزمة، ويمكنهم أن يتمكنوا من إبداع زمن جديد في المسارح. سنواصل مراقبة كل ما يحد فمما لا شك فيه أن السنوات الأخيرة وحرباً عالمية متخفية ستؤدي الى ظهور أخلاقيات وجماليات جديدة تتماشى مع القلق الذي عمّ الكون.

ربما يكون هذا مثالاً لمداخلة تنتمي الى ما بعد الحداثة. كل شيء فيها يقوم على التجربة، قليلة في إشاراتها، مثل محاولة الهرب من أي بلاغة. لقد حاولت الحديث عمّا رأيته، لأننا سندافع دائماً عن أن المسرح ليس فقط نصاً ولا نظرية، بل ممارسة، وأن الحدث المسرحي هو الوحيد الذي يمكن فهمه كعمل فني كامل يكتمل بنظرة الآخر، المشاهد. وانطلاقاً من وجهة النظر هذه فإن الفنون المشهدية وجدت في الفيديو عُدة جيدة، خادعة في بعض الحالات، من أجل معرفة تاريخه الكامل، ليس فقط الجزء المسرود أو المكتوب.

وفي رأيي أنه انطلاقاً من الشكوك نفسها من الطبيعي ألا توجد تقريباً مراجع حول مسرح ما بعد الحداثة، فلا يوجد أحد تقريباً اهتم بدراسته كظاهرة كونية، بل كتيار مبهم في إطار مسار تاريخي حيث الليبرالية الجديدة، الرأسمالية الأكثر وحشية قامت بقيادة المجتمع الغربي ووجدت فنانين خدومين ومفكرين حاولوا العثور على تبرير فكري وجمالي. أعتقد أنهم حققوا ذلك، لكن ليس بصورة كاملة، على أي حال ما حاولت التوصل إليه في الحد الأدنى من أجل إظهار الجوهر، أدى الى طرح الكثير من الأسئلة، بعضها تم إيجاد الإجابة عنه لأن مما لا شك فيه أن تهجين اللغات يحول الخطاب الى خطاب راجح.

--------------------------------------
نوقشت هذه الورقة في الندوة الفكرية التي عقدت على هامش مهرجان التجريبي في القاهرة تحت عنوان "المسرح في زمن ما بعد الحداثة"

المصدر : المستقبل 

إبراهيم سالم و"طرطوف" في ورشة مسرحية للمبتدئين

مجلة الفنون المسرحية

يدرب المسرحيّ الإماراتي إبراهيم سالم، عدداً من الشباب على فنون التمثيل المسرحي للمبتدئين في ورشة، تنظمها وترعاها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، ومن المؤمل أن تقدم نتاجها على هامش مهرجان أيام الشارقة المسرحية، الذي سينطلق 17 الجاري.
 ومنذ عودته من المشاركة في مهرجان المسرح العربي، والذي أقيم مؤخراً في الكويت، يقوم  بتدريب عدد من الشباب على فنون التمثيل المسرحي للمبتدئين في ورشة مسرحية، تنظمها وترعاها إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وتقام بشكل يومي في قاعة التدريبات الخاصة بالمسرح الحديث، حيث انطلقت الورشة بمشاركة 15 شاباً وشابة، منذ 20 يناير الماضي، ومن المؤمل أن تقدم نتاجها كعرض مسرحي على هامش مهرجان أيام الشارقة المسرحية الذي سينطلق في 17 مارس الجاري. 

اختار سالم، نص مسرحية "طرطوف" للفرنسي الشهير موليير، للاشتغال عليه لما يحويه من ثراء وعمق دراميين في حكاية ذات قالب كوميدي، وتم تكليف الكاتب العراقي أحمد الماجد لإعداد النص، بما يتوافق مع روح وسياقات ومعطيات العصر، وبرؤية خالية من سردية النص ونمطيته، بشرط المحافظة على فكرته الأساسية التي تتلخص في كشف زيف المدّعي "طرطوف"، ومن سار على نهجه من المنافقين والدجالين الذين يتاجرون بالأخلاق والقيم لتنفيذ مآربهم. 

وقال مشرف الورشة إبراهيم سالم: "أشركتُ شباب الورشة في خضمّ العملية المسرحية، من خلال جعلهم يناقشون النص ويتعرضون لطروحاته وأسباب اختياره، ومن ثم تكليف كل مشارك باختيار الأزياء المناسبة للشخصية التي يؤديها بنفسه، بذهابه إلى محلات الألبسة واختيار ما يراه داعماً ومضيفاً للشخصية الدرامية"، وأضاف كذلك كلفت أحد الشباب المشاركين بمهمة اختيار الموسيقى والمؤثرات الصوتية للعرض، وآخر لإدارة الإنتاج، وآخر للمكياج، وبذلك سيتخرج الشباب من هذه الورشة، بعد التعرف على  تفاصيل إنتاج العرض المسرحي، بالإضافة إلى التمثيل الذي يعد الهدف الأساسي من الدورة".

يذكر أن المشاركين في هذه الورشة، كانوا قد تدربوا على يد إبراهيم سالم في الورشة السابقة التي أقيمت في أواخر 2015، في مسرحية "بائع الدبس الفقير" لسعد الله ونوس، وقدم العرض وسط حضور بهيّ من المسرحيين والنقاد الذين تفاعلوا مع العمل.

--------------------------
المصدر : الشارقة 24

مهرجان القصة والمونودراما يجمع حكواتيين من العالم على مسرح مونو ـ الأشرفية

مجلة الفنون المسرحية

تنطلق فعاليات مهرجان القصة والمونودراما السنوية والدورة السابعة عشرة للمهرجان على مسرح مونو الأشرفية في اطار فعاليات الشهر الفرنكوفوني بعنوان «Linvitation au voyage» .

المهرجان يقام في قبو القديس يوسف في الجامعة في الاشرفية ويستمر من 15 الى 20 آذار الجاري في برنامج حكواتيين لبنانيين وعرب وأفارقة وأجانب ومن بين الاسماء المشاركة:

بيار دلغي (الجزائر)، نادين والش (كندا) مارك يوليون (فرنسا)، وميني ايفتن (الجزائر) مارسيل زاركوف (فرنسا)، وبيار ديلاي (فرنسا).

ظاهرة المونودرامات ازدهرت في العقدين الماضيين في المسرح العربي، والأسئلة تتكرر معها من مثل هل يمكن اعتبار هذه الظاهرة ابداعية تكرس نوعاً مي المسرح، أم أنها نتيجة أزمة كتلك التي يعيشها المسرح العربي سواء في سبل انتاجاته ودعمه او من خلال الجمهور؟ أم لتسهيل الأمور، أمور الاشتراكات في المهرجانات باعتبار ان المونودراما لا تكلف كثيراً المهرجانات التي تستضيفها؟

وتحولت الظاهرة في المدن الأخرى الى نوع يجمع كل هذه الأسباب، كأنها تعبر عن الأزمة وتعبر عن ايجاد الحلول المؤقتة على الأقل.

«الفجيرة» قصص مهرجان للمونودراما، وكلنا يعرف ان العديد من الكتاب العرب كتبوا المونودراما او حولوا بعض المسرحيات الى مونودراما، في اختزال عدد الممثلين واقتباس النص.

من هنا وبالاشارة إلى مهرجان المونودراما في بيروت الذي يشرف عليه ويديره المسرحي بول مطر ويقام في لبنان يعيد طرح الأسئلة ذاتها عليه لأن المونودراما بالمفهوم التأليفي والاخراجي موجودة ضمناً في كل عمل تتصدره قصة بطل على غرار هاملت وماكبث ويوليوس قيصر عند شكسبير والبخيل لموليير وكذلك التحليل عند مارون النقاش وغيرهم، وثمة أعمال مونودرامية جسدت بقوة على الخشبة لمخرجين مسرحيين كبار مثل صلاح القصب وغيره..

الجواب يكون بعد مشاهدة العروض على مسرح مونو والتي ستقدم حكواتيين كباراً من بلدان متعددة ووفقاً لما قدم من دراسات سابقة شهدنا نجاحات لعروض مهمة قدمت اسماء مبدعة وتمثيلية جداً لشخوص القصة، البيئة، المحيط، الناس، الانتروبولوجيا، انتروبولوجيا الشعوب وقضاياها والجغرافيا وما تتعرض له من أحداث قاسية ومؤلمة وبتعبيرات صوتية وجسدية مرئية جداً.

--------------------------------
المصدر : المستقبل - يقظان التقي

السبت، 5 مارس 2016

5 عروض مسرحية تشارك في مهرجان بورسعيد للمونودراما

مجلة الفنون المسرحية

أعلنت إدارة مهرجان بورسعيد للمونودراما في دورته الخامسة اليوم، الجمعة، أنه سيشارك هذا العام في التنافس رسميا خمسة عروض تم تصعيدها للمشاركة في المهرجان الذى سينطلق يوم 27 مارس الجاري.
ومن جانبه كشف المخرج إبراهيم فهمي أمين عام المهرجان عن أسماء العروض البورسعيدية التي ستشارك في المهرجان وهي عرض "انتى خريستوس" من تأليف الدكتور أحمد خالد واخراج محمد عبد اللطيف وعرض "الطلسم" من تأليف واخراج محمد عبد الرؤوف وعرض "أحلام منسية" من تأليف سعيد حجاج وإخراج أحمد السمان وعرض "دقة نار" من تأليف ياسر عاشور وإخراج خالد الفطايري وعرض " اللبيس" من تأليف محمد عبد الرؤوف وإخراج أيمن عادل.
وتابع أمين المهرجان " تم اختيار أفضل العروض البورسعيدية من ضمن عشرات العروض التي تقدمت لإدارة المهرجان حتى تمثل بورسعيد بشكل مشرف وتتنافس مع العروض المقدمة من محافظات مصر المختلفة ومن الدول العربية الشقيقة أيضا".
وبخصوص العروض التي ستقدم من خارج بورسعيد قال المخرج إبراهيم فهمي " هناك الكثير من المحافظات التي تواصلت معنا وستشارك فعليا فى المهرجان وتقدمت بعروض كما أن هناك عروض من الجزائر والمغرب ستشارك في المهرجان ولكن لن يتم الاعلان رسميا عن أسماء العروض المشاركة من خارج بورسعيد إلا بعد وقوع الإختيار عليها بشكل واضح".
جدير بالذكر أن مهرجان بورسعيد للمونودراما سينطلق في 27 مارس القادم وسيستمر لمدة أسبوع وهو مهرجان من تنظيم جمعية تنوير للتنمية الثقافية لرواد الثقافة ببورسعيد بالتعاون مع قصر ثقافة بورسعيد ومكتبة مصر العامة وتحت رعاية محافظة بورسعيد.

المصدر : البوابة 


تحميل "صناعة تاريخ ...ترجمات " مسرحيتان من الأدب الإيرلندي

مجلة الفنون المسرحية


صناعة تاريخ .. ترجمات
- مسرحيتان من الأدب الإيرلندي -
تاليف - برايان فرييل
ترجمة - د. محمود عبد الغني غنوم
سلسلة إبداعات عالمية - المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب - الكويت
ديسمبر 2005- العدد 355
---------------

تحميل مسرحية "المنزل ذو الشرفات السبع "تأليف أليخاندرو كاسونا

مجلة الفنون المسرحية


المنزل ذو الشرفات السبع
- مسرحية -
تأليف - أليخاندرو كاسونا
ترجمة - أنور ساطع أصفري
سلسلة إبداعات عالمية - المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب - الكويت
ديسمبر 2000- العدد 327
---------------

تحميل مسرحية "الملاح " من المسرح البولندي

مجلة الفنون المسرحية

الملاح
- مسرحية من الأدب البولندي -
تاليف - ييجي شانيافسكي
ترجمة - د. محمد هناء عبد الفتاح
سلسلة إبداعات عالمية - المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب - الكويت
ديسمبر 2007- العدد 369
---------------


اطلاق اسم سميحة ايوب على مسرح بالقومى

مجلة الفنون المسرحية

عقد المخرج خالد جلال رئيس قطاع شؤون الإنتاج الثقافى،اجتماعا بمكتبه مع قيادات المراكز والبيوت الفنية التابعة للقطاع ع.

بحضور د. مصطفى سليم رئيس المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، الفنان فتوح أحمد رئيس البيت الفنى للمسرح، د. أحمد عواض رئيس المركز القومى للسينما، الفنان هشام عطوة رئيس البيت الفنى للفنون الشعبية والإستعراضية، الفنان محمد دسوقى مدير مركز الهناجر للفنون .

جاء الإجتماع لوضع برنامج الإحتفال بإطلاق اسم سيدة المسرح المصرى والعربى الفنانة سميحة أيوب، على قاعة المسرح الكبير بالمسرح القومى وذلك فى الأربعاء الأخير من شهر مارس الجارى.

كما ناقش الإجتماع الخطوط العريضة لإحتفال عيد الأم الذى يقيمه قطاع الإنتاج الثقافى يوم 21 مارس الجارى بالمسرح القومى، ويكرم فيه الفنانات اللاتى أشتهرن بأداء دور الأم سواء فى السينما أو المسرح أو التليفزيون.

----------------------------
المصدر : وكالات 

"أيام الشارقة المسرحية": مساحات محلية

مجلة الفنون المسرحية

على مدار عشرة أيام، تُقام في مسارح قصر الثقافة ومعهد الشارقة للفنون المسرحية فعاليات الدورة الـ 26 من تظاهرة "أيام الشارقة المسرحية"، التي تنطلق في الـ 17 وتستمر حتى 27 آذار/ مارس الجاري.

ويلحظ على البرنامج الذي أعلن أمس اتساع المساحة المحلية واكتساء المهرجان بطابع خليجي واضح، حيث تُفتتح التظاهرة بعرض "صدى الصمت" لـ "فرقة المسرح الكويتي"، وهي من إخراج فيصل العميري عن نص للكاتب العراقي الراحل قاسم مطرود.
أما في المسابقة الرسمية، فتشارك 14 مسرحية محلية؛ هي: "ليلة" لـ علي جمال من "فرقة مسرح خورفكان"، و"عاشو عيشة سعيدة" لـ كاظم نصار من "جمعية كلباء للفنون الشعبية والمسرح"، و"شيطان البحر" لـ أحمد الأنصاري من "مسرح الشارقة الحديث"، و"أيام اللولو" لـ ناجي الحاي من "مسرح دبي الأهلي"، و"كن صديقي" لـ مرتضى جمعة من "مسرح عيال زايد"، و"تحوّلات حالات الأحياء والأشياء" لـ محمد العامري من "مسرح الشارقة الوطني"، و"مرثية الوتر الخامس" لـ فراس المصري من "جمعية دبا الفجيرة للثقافة والتراث والمسرح"، و"سجل كلثوم اليومي" لـ حسن رجب من "مسرح الفجيرة".
وضمن فئة خارج المسابقة، تُعرض ثلاثة مسرحيات؛ هي: "حافة الاقتراب" لـ محمود أبو العباس من "مسرح أم القيوين"، و"صوت السهارى" لـ حسن يوسف من "مسرح دبي الشعبي"، و"بازار" لـ محمد صالح من "جمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح".
ضمن تلك الفئة أيضاً، يُقدّم عرضان شاركا في الدورة الأخيرة من "مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة"، الذي نظّم في مدينة كلباء شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي؛ وهما: "شكسبير منتقماً" لـ مهند كريم، والذي يجمع ثلاثة نصوص لوليم شكسبير، و"قضية ظل الحمار" لـ أنس عبد الله عن نص لـ فريديش دروينمات.

كما تكرّم التظاهرة الممثّل والناقد المسرحي القطري غانم السليطي (1953)، والذي فاز بـ "جائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي" في دورتها العاشرة.

------------------------------------
المصدر : الشارقة - العربي الجديد

الجمعة، 4 مارس 2016

مسرح التعزية في العراق..أهداف سياسية تدعو الإنسان للثورة على واقعه وتلهمه معاني التضحية

مجلة الفنون المسرحية

أهمية الطقوس الدينية التراجيدية لم تكن مجرد مراسيم ارتبط احياؤها بالتقاليد العقائدية، وانما اسهمت في تطوير مسيرة المسرح العراقي، مثلما اسهمت الطقوس اليونانية في بناء المسرح الإغريقي. هذا ما أورده الباحث الدكتور مناضل داود من خلا ل كتابه"مسرح التعزية في العراق"والصادر عن دار المدى للثقافة والنشر. مبيناً ان المسرحيين في كل العالم اعتمدوا على استلهام مادة نصوصهم من الملاحم والقصص الفلكلورية التي أنتجتها شعوبهم على مر العصور،

 فأسسوا بذلك مسرحهم، وطوروه ليصبح مادة إنسانية فنية جدلية، حتى تكون لمدارس مختلفة، وما زال البحث مستمراً.
فمنذ ستانسلافسكي وإلى اليوم تتنافس روسيا وأوروبا وأميركا في طرق تربية الممثل كل بأسلوبها، وإذا مل الأوروبيون من طريقة عملهم ذهبوا إلى الشرق لاكتشاف هذه الطقوس في بلاد الشمس.
ويقول: ولد المسرح العراقي في الربع الأخير من القرن التاسع عشر على مجموعة من الرهبان المسيحيين في محافظة الموصل، فكانت البداية لها علاقة بالمسرحيات التي قدمتها الكنائس في العصور الوسطى مدن الموصل وروما وباريس حيث كان الرهبان يرسلون للدراسة ثم يعودون إلى العراق للعمل والتدريس في المدارس المسيحية.. وحين أسست الدولة العراقية عام 1921 وجد الفنانون العراقيون على قلتهم أن الاستعمار البريطاني يطوق عنق الوطن، فكان المسرح العراقي وطنياً على يد مؤسسه ورائده الأستاذ حقي الشبلي، والذي استبدل اسم المعهد الموسيقي باسم معهد الفنون الجميلة بعد أن أدخل فيه قسم الفنون المسرحية ببغداد. وهكذا ضاعت على المسرح العراقي فرصة ذهبية وهي الانتباه للإرث المسرحي الغني والمتمثل في الفرجة المسرحية في طقوس التعزية والتي ظهرت في العراق  بحدود القرن الرابع الهجري.. يقول الباحث والمخرج العراقي محمد سيف في حديثه عن وطنية المسرح العراقي إن القدر العراقي قد خزن في أعماقه دراما لم تنجز، حتى أصبحت تراجيديا أسطورية قادرة على أن تنجز عملاً مسرحياً بمعناه الحقيقي، إن التراجيديا الأسطورية من وجهة نظري هي مكان أو بالأحرى عرض للعقيدة التي تتأرجح ما بين الواقع والخيال..  فالمواجهة اختلاف يأخذ جذره من طقوس عاشوراء.. في الجسد، وهي ليست جسداً فردياً، وإنما الكل في حركة واحدة متوحدة متنوعة ومتناسقة، لا أحد يملك أن يجزم أن هذه الطقوس تمارس لسبب ديني فقط، بل سيبكي الشيعة ما دام الحسين سيكون شفيعهم يوم القيامة، وسيصرخون في وجه السياسي السلطوي الذي لم يقو على احتمالهم. وجدير ذكره إن هذه الطقوس منعت في منتصف السبعينات من القرن الماضي في العراق، وهكذا أسس الشيعة من خلال هذه الطقوس الفضاء الرحب لفرجة مسرحية تراجيدية، هذا المسرح الطقسي الذي كان أرتو يبحث عنه وكروتوفسكي في مسرحه الفقير.. وأخيراً يذهب بيتر بروك إلى قرية إيرانية نائية ليقول بعدها شاهدت شيئاً من أقوى الأشياء التي شاهدتها في المسرح في أيما وقت مضى: مجموعة من أربع مئة قروي يجلسون تحت شجرة ينتقلون من هدير الضحكات إلى النحيب العلني، رغم أنهم يعرفون تماماً نهاية القصة، فقد شاهدوا الحسين سابقاً وهو يتعرض لخطر القتل، وكيف كان يناور أعداءه، واستشهاده بعدئذ، وعندما يموت الحسين يغدو شكل المسرح حقيق. ولكن السؤال الأهم هنا أين هي التعزية في المسرح العراقي وهو وريث هذه التراجيديا التي تمت على أرضه؟. إن ثلثي المجتمع العراقي المكون من الطائفة الشيعية التي تمارس هذه الطقوس بكل وجدانها أنتجت مسرحاً لم نرد وأعني لم نجر عليه بحثاً أو نستقرئه أو نخض تجربة واحدة فيه. وإذ نعتقد في هذا البحث، أن هذه الفرجة مسرحية تمتلك من عناصر الدراما والتراجيديا ما يجعلها أن تكون مادة فنية مهمة تغني المسرح العراقي بشكل خاص والمسرح العربي بشكل عام، لنا أن نعيد سؤالنا مرة أخرى: أين هي التعزية في المسرح العراقي؟ والجواب ليس خافياً على أحد، فالسلطة الرسمية في العراق ومنذ أن تكونت الدولة هي سلطة طائفية، فقد أبعد الشيعة عن مراكز الحكم، ولما بدأ مخرجو المسرح الذين درسوا في روسيا وأوروبا وأميركا بتجارب جاهزة متأثرة بالمكان الذي درسوا فيه، كما ان أغلب المثقفين في العراق كانوا ومازالوا يتفادون هذه الطقوس، وبشكل عام ينظرون إلى الإسلام بشكل فوقي متأثرين بالفلسفات الأخرى، موضحاً أن الثقافة السائدة لدينا تناست الإشراقات العظيمة في الإسلام والمتمثلة في التصوف وإخوان الصفا والمعتزلة والقرامطة هذا للمثال وليس الحصر. والجدير ذكره أن العهد الإسلامي المتمثل بابن رشد وابن سينا والفارابي وابن خلدون، هو ذلك العصر الذي بزغت من خلاله أوروبا، وأخيراً لدينا عقدة نقص حقيقة وهي أننا لا نجيد اكتشاف ذاتنا ونلحق بالآخر الذي يتجاوزنا باكتشافه لنا، ابتداءً من المنجز الاقتصادي لقد عثرت أوروبا على النفط في بلادنا لتبيعنا إياه إلى المنجز الثقافي الذي ذكرناه سلفاً، فعلى سبيل المثال وحينما يتحدث مخرج مثل بيتر بروك عن مسرح التعزية، تتكشف لنا أهمية هذه الطقوس وتبدو عندئذ صالحة للبحث والاستقراء والتأمل بان أهمية بحث هذا الموضوع ودرجة حيويته في الزمن الراهن، يكمن في أنني أبحث عن المنجز الشخصي والهوية، فلا نستطيع أن نثبت جغرافيتنا من دون أن نمتلك تاريخنا، فعندما أقف على المسرح وأحرك يدي أو رأسي أو أطلق نفساً حاراً أشعر بانتمائي الحقيقي لهذا الفعل الذي يصبح أكثر ألفة عندما تعلق الرايات والقناديل معلنة عن أيام عاشوراء.. ويذكر ان مراسيم هذه المناسبة قد تحدث عنها بعض الرحالة والسفراء الأوروبيين الذين عاشوا في إيران في القرن السابع عشر أمثال الألماني اولياريوس 1671م والفرنسي تافرنييه، وإن أول من شاهد عرضاً للتعازي وأطلق عليه اسم عرض مسرحي درامي هو الإنكليزي فرانكلين وذلك عام 1788م ويقول السير لويس بيلي 1879م وهو دبلوماسي بريطاني عاش في طهران إذا توجب قياس نجاح الدراما عن طريق التأثير الذي تحدثه على الذين ألفت من أجلهم، أو على المشاهدين الذين تمثل أمامهم، فلا توجد أبداً مسرحية فاقت التراجيديا المعروفة في العالم الإسلامي باسم الحسن والحسين عليهما السلام. ويرى محمد عزيزة في كتابه الإسلام والمسرح ظاهرة غياب المسرح في العالم الإسلامي. والاستثناء الوحيد لقاعدة الغياب المسرحي هو التعازي الشيعية التي أعطت منذ القرن السابع الشكل الدرامي الوحيد الذي يعرفه.. إن إعادة تمثيل واقعة استشهاد الحسين بن علي كل عام في العراق، هي تعبير الناس عن الرغبة في محاكاة الواقعة التي تحاول الانسلاخ عن الدين في أحيان كثيرة، وذلك لمحاكاة الظروف المستجدة على المستويات الثقافية والاجتماعية والسياسية على الوجه الأخص. ويقول الدكتور فاضل سوداني في دراسة له بعنوان"التعازي طقس درامي شعبي"من المعروف أن التعازي في بداية نشوئها كانت تقليداً حياً لمأساة الإمام الحسين بكل تفاصيلها الواقعية، ولكن بمرور الزمن لم تعد طقساً دينياً فحسب وإنما امتزجت بالحياة السياسية والاجتماعية، حيث أن بطلها الحسين لم يعد رمزاً دينياً فقط بل رمزاً لبطل قومي، ثوري يستلهم الشعب ثوريته وتضحيته من خلال إعادة ذكراه. لقد قلنا إن الحسين أصبح بطلاً قومياً وثورياً، تنعكس ثورته ومأساته على الواقع المعيشي، فنرى أن هذه التظاهرات استغلت ضد الظلم الذي يعاني منه الإنسان في العراق المعاصر. فكثير من هذه القصائد والأغاني والأشعار لها أبعاد وأهداف سياسية تدعو الإنسان للثورة على واقعه الذي يعاني منه.

المصدر : ملاحق المدى - أوراق

14 عرضاً في مهرجان «أيام الشارقة المسرحية”

مجلة الفنون المسرحية

عقدت اللجنة العليا المنظمة لأيام الشارقة المسرحية اجتماعا أمس بقصر الثقافة واطلعت على تقرير لجنة «الاختيار والمشاهدة» الخاصة بعروض الدورة 26 من أيام الشارقة المسرحية التي أنهت أعمالها أخيراً، وقدمت إلى اللجنة العليا قائمة العروض المنتقاة للمشاركة في الدورة الجديدة من «الأيام» التي تنظم تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في الفترة 17 ـ 27 مارس 2016 بمسارح قصر الثقافة ومعهد الشارقة للفنون المسرحية.
وكانت «لجنة الاختيار والمشاهدة» التي ضمت: يحيى الحاج، خليفة التخلوفة، وغنام غنام ومحمد سعيد السلطي، والرشيد أحمد عيسى، قد شاهدت مشاريع الفرق المتقدمة للمشاركة على مرحلتين، خلال شهري يناير وفبراير الماضيين، وخلصت إلى اختيار14 عرضا للمنافسة على جوائز التظاهرة: «ليلة» من تأليف وإخراج علي جمال، لفرقة مسرح خورفكان، و«عاشو عيشة سعيدة» من تأليف علي الزيدي، وإخراج كاظم نصار لجمعية كلباء للفنون الشعبية والمسرح، و«شيطان البحر» لمسرح الشارقة الحديث، من تأليف مرعي الحليان وإخراج أحمد الأنصاري، و«أيام اللولو» من تأليف وإخراج ناجي الحاي لمسرح دبي الأهلي، و«كن صديقي» من تأليف أحمد ماجد وإخراج مرتضى جمعة لمسرح عيال زايد، و«تحولات حالات الأحياء والأشياء» من تأليف قاسم محمد وإخراج محمد العامري لمسرح الشارقة الوطني، و«مرثية الوتر الخامس» لجمعية دبا الفجيرة للثقافة والتراث والمسرح، من تأليف مفلح العدوان وإخراج فراس المصري، و«سجل كلثوم اليومي» تأليف محمود أبو العباس، وإخراج حسن رجب لمسرح الفجيرة.
فيما ارتأت «لجنة المشاهدة والاختيار» أن يشاهد الجمهور في برنامج «خارج المسابقة» ثلاثة عروض وهي: «حافة الاقتراب» لمسرح أم القيوين من تأليف وإخراج محمود أبو العباس، و«صوت السهارى» من تأليف عبد الله صالح وإخراج حسن يوسف لمسرح دبي الشعبي، و«بازار» لجمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح من تأليف وإخراج محمد صالح.
كما وقع الاختيار على عرضين متميزين من عروض الدورة الأخيرة لمهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة الذي نظمته إدارة المسرح بالدائرة في مدينة كلباء في اكتوبر الماضي، الأول «شكسبير منتقماً» وهو معد عن ثلاثة نصوص لوليم شكسبير، ومن إخراج مهند كريم، و«قضية ظل الحمار» من تأليف فريديش دروينمات وإخراج أنس عبدالله، وسيتم عرضهما على هامش التظاهرة المسرحية الأعرق في المنطقة والتي ستفتتح بعرض «صدى الصمت» لفرقة المسرح الكويتي، ومن تأليف الكاتب العراقي الراحل قاسم مطرود وإخراج فيصل العميري.

المصدر : جريدة الخليج 

'ترام الرمل' على خشبة المسرح

مجلة الفنون المسرحية
المسرحية استطاعت أن تلمس عواطف المشاهدين لأنها حكت عنهم وعبرت عن مجتمعهم بشكل بسيط وواضح وقوي.


تمتاز الإسكندرية دائمًا بالعديد من السمات والخصائص عن باقي مدن مصر من حيث طبيعة السكان والأماكن، وإذا كان بحرها الساحر هو الأشهر في جذب السياح ومرتادي الثغر إلا أن هناك معلمًا آخر لا يقل قوة في تأثيره المجتمعي على سكان المدينة وعلى مرتاديها، وهو "ترام الرمل" أو "الترام الزرقاء" كما يحب أن يطلق عليه الإسكندرانية.

فترام الرمل بالإسكندرية ليست مجرد وسيلة مواصلات عادية تنقل الراكب من محطة الرمل (أول الخط) إلى فيكتوريا (نهاية الخط)، مرورا بالعديد من المحطات الهامة والأماكن والأحياء الراقية والفقيرة، بل هي نسيج مجتمعي غريب يدمج طوائف عديدة من المجتمع بكل أشكالها وألوانها.

واستطاع الشاعر المتميز ميسرة صلاح الدين أن يلتقط هذا العنصر الهام في النسيج المجتمعي السكندري بشكل خاص والمصري بشكل عام، ويكتبه في مسرحية شعرية غنائية بنفس الاسم "ترام الرمل" وتعاون مع محمد حسني وفرقة "ابن البلد" في تقديم رؤية موسيقية ومسرحية عرضت على مسرح مكتبة الإسكندرية في حضور جمهور غفير من الشباب والكبار، الكل جاء من أجل مشاهدة "ترام الرمل" بدلا من أن يركبها.

لفت نظري في البداية الديكور البسيط والمعبر للترام على المسرح، فهو يصور مقاعد الترام ويجلس عليها عدد من الركاب يهتزون مع سير الترام كالعادة، ويحكي كل منهم قصته التي تعبر عن حال المجتمع ومشاكله.

كما بدأ الممثلون في توزيع "تذاكر" على الجمهور وهي عبارة عن ورقة صفراء بها أسم العمل والقائمين عليه، وأخذوا ينادون "تذاكر.. تذاكر" مما لفت نظر الجمهور لهم قبل أن تبدأ المسرحية.

عرضت المسرحية من خلال مرور الترام على المحطات المختلفة لكثير من المشاكل التي تعاني منها الإسكندرية مثل البيوت القديمة وشكلها الهندسي الجميل وكيف تحولت هذه البيوت والفيلات إلى عمارات وأبراج سكنية ذات كتل أسمنتية قميئة، ثم قدمت رؤية للوجوه المختلفة من الناس من بائعين ومتجولين وشحاذين وطلبة وموظفين وشباب وكبار كلهم في نسيج واحد يركب نفس الوسيلة يوميا ويقضي وقتا طويلا داخل هذه الوسيلة ليذهب من بيته إلى عمله أو كليته أو العكس.

قدمت المسرحية أيضا رؤية كوميدية لمشكلة الزواج وإلحاح الأهل على الفتاة بسرعة الزواج مما يسبب مشاكل عديدة، وكيف أن الفتاة تخشى من شبح العنوسة مجرد أن يتخطى سنها بضع سنوات بعد العشرين لتحاول أن تجذب عريسا بأي طريقة حتى لا تقع ضحية للعنوسة.

كما عرضت المسرحية أيضا لمشكلة أطفال الشوارع التي يعاني منها المجتمع دون أي حل واضح ومؤثر لوقفها، مرورًا بحكايات متنوعة على لسان الأبناء والآباء عن التعليم والإعلام والتلفزيون وغيرها من المشاكل اليومية التي تعاني منها الأسرة المصرية.

وتطرقت أيضا لمشاكل العنف في المجتمع، ولعصر الفتوات الذي انتهى ليحل محله البلطجية دون منازع، والأولياء الصالحون والكرامات التي يؤمن بها كثير من الأهالي باختلاف تعليمهم.

لم ينس المؤلف أن يتطرق لمشاكل الشتاء بالإسكندرية وعرضها بشكل ساخر من مفاجأة النوات للمسئولين دائما، وكأنهم لا يعرفون موعدها.

استطاعت المسرحية أن تلمس عواطف كل المشاهدين لأنها حكت عنهم وعبرت عن مجتمعهم بشكل بسيط وواضح وقوي مما أوصلها إلى قلوبهم في سرعة وسهولة.

استمتعت فعلًا بعمل متميز مع مجموعة من شباب الممثلين والمطربين في أداء رائع، أخرجني من حالة إحباط تنتابني وتنتاب كثيرين ممن حولي، لتتملكني مشاعر الأمل من جديد.

_________________________
المصدر : ميدل ايست أونلاين  - حسام عبدالقادر

كتاب “في المسرح العراقي المعاصر” تأليف ياسين النصير

مجلة الفنون المسرحية

في هذا الكتاب “في المسرح العراقي المعاصر” يقول  مؤلفه الناقد والباحث ياسين النصيرفي مقدمة كتابة : 
 (لا تتجاوز الكتب النقدية المؤلفة عن النشاط المسرحي في العراق عدد اصابع اليدين، من بينها خمسة كتب لي هي: وجها لوجه عام 1976، والمسرح في العراق، بتكليف من اليونسكو عام 1988"مشترك"، وبقعة ضوء بقعة ظل عام 1990 والأرجوانة عن المسرح الكردي، فُقد قبل الطبع بسبب أحداث 1991 في العراق، وهذا الكتاب، في حين أن النشاط المسرحي في العراق له مؤسساته الرسمية الكثيرة، وله فرقه الأهلية الممتدة في طول البلاد وعرضها، وله أنشطته الفنية التي ارتبطت بمعظم المؤسسات والنقابات المهنية، وله بعد ذلك مهرجاناته العراقية والعربية .... ثم له مواسمه المنتظمة وجمهوره المتزايد العدد باستمرار، ومع ذلك لم يلق النشر عنه إقبالا من قبل المعنيين .وما يطرحه النصير يشكل فعليا معضلة محيّرة، فكيف لم ترافق – على سبيل المثال – الحركة المسرحية الهائلة في السبعينيات حركة نقد وتأليف ونشر توازي سعتها وفرادتها؟ هل يتعلق هذا بثقافة العاملين في المسرح أم بقلة الوقت المتوفر للبحث والاستقصاء أم بنقص قيمي في النظر إلى أهمية عملية النقد وضرورتها؟ 
ولكن في كل الأحوال، ومهما كانت الأسباب، فإن نشاط الأستاذ "ياسين النصير" في مجال النقد المسرحي وتاريخ المسرح العراقي يسد نقصا كبيرا في هذا المجال . كما أن عطاءه الثر الذي أشرنا إليه وإلى ضرورة الإحتفاء به وتقييمه في مناسبات سابقة يشكل رافدا اساسيا في العمل الثقافي العراقي نقدا وبحثا في ظواهره الأساسية . وهناك عامل آخر يضاعف من أهمية هذا الكتاب وهو المساحة الزمنية التي غطّاها من عمر النشاط المسرحي العراقي والتي تصل إلى عشرين عاما، والسعة المكانية إذا جاز التعبير حيث لاحق النصير الحركة المسرحية في بغداد والموصل والبصرة والسليمانية وأربيل . إضافة إلى الصفة العملية وأقصد بها حضوره الفاعل والمثابر كما لمسناه فعليا، في مركز النشاط المسرحي من خلال عمله طول تلك السنين كعضو دائم في لجان التحكيم للنشاط المسرحي والمواسم المسرحية . ولم يشتمل الكتاب على متابعة النصير لتفصيلات النشاط المسرحي في داخل العراق فقط، ولكن في خارجه ايضا، من خلال متابعته لعروض المسرحيين العراقيين في الخارج والتي عُرضت على مسارح دمشق وبروكسل وأنترورين، أو من خلال مشاهدة اشرطة فيديو مسجلة عن تلك العروض .ولإحكام الجانب المنهجي في الكتاب، فقد عمد النصير إلى تقسيمه إلى بابين كبيرين كي يتلازم الجانب النظري بالجانب التطبيقي، فجعل الأول خاصا بدراسات عن المسرح والإخراج والديكور، في حين ضم الثاني دراسات نقدية تطبيقية عن (33) عرضا مسرحيا قدمت في داخل العراق وخارجه كما قلنا . 
وقد حاول الكاتب أن يقدم في الجانب التطبيقي صورة شبه كلّية عن عمل كل مخرج من خلال جمع أعماله المسرحية بتسلسل عروضها حتى يستخلص القارىء صورة عن عن هذا المخرج أو هذه الفرقة (وقد تابع فرقتين أساسيتين : فرقة أهلية هي فرقة المسرح الحديث التي أسست عام 1952، وفرقة حكومية هي الفرقة القومية للتمثيل وأسست عام 1968) . 
يمكننا أن نعد كتاب النصير هذا واحدا من بين أهم مصادر دراسة المسرح العراقي المعاصر

الخميس، 3 مارس 2016

صدور كتاب "مكتبة المسرح " تأليف د.عامر صباح المرزوك

مجلة الفنون المسرحية

صدر كتاب جديد  بعنوان "مكتبة المسرح "تأليف د.عامر صباح المرزوك عن الدار العربية للطباعة بواقع 254 صفحة من القطع المتوسط ... وجاء في مقدمة الكتاب التي قام بكتابتها  الاستاذ الدكتور علي محمد هادي الربيعي " وأنا بصدد التقديم لكتاب الباحث الدكتور عامر صباح المرزوك الذي عرفته جادّا وكادّا في مشروعه المعرفي ، فقد اتجه المرزوك مبكرًا إلى الببلوغرافيا وأصدر في ذلك مجموعة كتب ، واليوم يصدر كتابه هذا الذي احتضن مقالات استعرض فيها كتبا متخصصة في الفن المسرحي ، وهذه المقالات تَسَنَّت له كتابتها ونشرها في الصحف والمجلات العراقية عبر سنوات خلت ، ودليله في جمعها في كتاب واحد ثلاثة أسباب : أولها أن المرزوك أراد أن يُمَكِّنَ القراء الذين لم تسنح لهم فرصة قراءة هذه المقالات أو بعضها من قراءتها والتعرف عليها وأنا واحد منهم ، والسبب الثاني: أراد المؤلف أن يعرِّف القراء الذين لم يعرفوا بصدور مثل هذه الكتب والتنبيه إليها عن طريق نشر أخبارها مرة ثانية ، أما السبب الأخير والذي أجده أكثر موضوعيةً أن المرزوك أراد أن يحفظ تراثه الكتابي هذا من الفقدان أو الاندثار مع مرور الأيام بسبب تناثره في جرائد عديدة ، ولذلك سعى إلى تنضيد هذه المقالات ورصفها في كتاب واحد .
وأخيرًا أقول : إن الكتاب ضمَّ في متنه أربعين مقالة ، وهذه المقالات استعرضت أربعين كتابا ، بل أقول : لخصت أربعين كتابا ، وهذه المقالات توفر للقارئين والباحثين معلومات قيمة في الفن المسرحي ، كما أنها تدخر لهم في الوقت نفسه الكثير من الزمن الذي يصرفونه في البحث والتقصي ، أتمنى للمؤلف التوفيق ، وإلى مزيد" .

"مكاشفات".. صعود الحجاج وسقوطه

مجلة الفنون المسرحية

يُسمع صوت الحجاج، من خارج الخشبة، ثم يتوارى، لتحضير اغنيات أخرى- اغنية (سعدي الحديثي) في الغربية، مع الطبل والجوبي، (ولج عرنة ولج خانة)، واغنية اخرى لـ(داخل حسن) في مضايف الشيوخ وسط اهوار الجنوب.المرأة: مع حضور المرأة بملابس سوداء وعمة كبيرة على رأسها هذه المرّة تظهر في البدء بملابس بيضاء، وملابس (الحجاج الثقفي) السوداء ثم تنفسح أمامنا ارضية المسرح بيضاء ينتثـر عليها القطن الابيض، يندفها الحجاج بسيفه، كناية عن سفكه لدماء الأبرياء الطاهرة النقية.

ثم يغمرنا المخرج بلعبة: الستائر المعلقة والمتحركة، البيضاء، التي تكشف عن المستور خلفها، وتفضح ما يجري في فضائها الدموي، وتحولاته المكانية والزمانية بأسلوب أنيق، مشبع بصرياً بالوان حمراء وزرقاء.
هنا يحدث التقابل بين مستوى متواضع افقي للمرأة عائشة بنت طلحة ومستوى متعالٍ، جاثم على هيئة رجل يرفل بالبياض – ايضاً- كناية عن كرسي العرش، الذي يدرج عليه صعوداً وهبوطاً الحجاج نفسه.
ونحشر مع الممثلين في بقعة من هذا العماء الأبيض، الذي يتخبط فيه الحجاج، حيث تؤطر الاضاءة، موضعها (مخدعاً) يجمع عائشة بالحجاج وتضع شالاً ابيض يغطيه بالكامل، ثم يتقوض تحته ويركع، وهي تنطق بكلمات حرّة، تنحاز الى الانسان، وجوهره السليم، وحين تفرغ من حواراتها، تسحب عنه هذا البرقع الابيض الزائف ليبدو خلفه، بسواده الصارخ المقيت وعوائه الوحشي.
ويزداد الثراء البصري بانتقالات الاضاءة، والمؤثرات المجسمة بين مواقع حضرية، تمسح القرى، والقصبات، والمدن، بسياحتها الباهرة.
يقودنا انتهاء البصريات، الى قيام تناسخ جديد للحجاج، الذي بات ملتصقاً بكرسي السلطة حيث تتميز العاصمة بغداد غيظاً قرب نصب الحرية، مطالبة برحيله عن العرش الدموي، كما تظهره مناظر (الداتاشو).
واخيراً يظهر التابع، بأطوار وأدوار عدة (فاضل عباس) تارة سركال شيخ واخرى (جندياً)، ولاعباً بهلوانياً، ومهندساً ارضياً للطائرات، التي يوجهها تارة بصوته، واخرى بالمصباح الأحمر، صوت 7 × 7، من البوابة رقم (7).
والطريق الى (الحيرة) كما يعلق المذيع. وهنا في (الحيرة) يظهر مشترك لفظي، بين مدينة الحيرة التاريخية زمن المناذرة والغساسنة، بوصفها الحضاري المعروف، وبين حيرة الأنام او العباد، حين يشلّ الدكتاتور حراكهم، ويحجب عنهم التواصل مع الحرية في حياة معاصرة كريمة.
ويبدو ان انتقاء العرض للرقم (7) فيه دلالة طائفية مضمرة، في حرب الساسة، وتلويح احدهم للآخر، بالانتقام، والتطهير العرقي! متناسين ما تجرّه أمثال هذه الحماقات من تمزيق لأرواح الناس، اينما كانوا لتطال من يتفوه بها، وترديه ضحية على مذبح الغفلة، وحمّى التنافس غير الشرعي على تفوق مشبوه، شائه!.
وتستمر (الطائرة) المخطوفة عند الختام الى البوابة: (8) رقم الرحلة (8) حيث يقود طاقمها الركاب الى جهة مجهولة حيث (اللامكان)!.
تنشد عائشة حين تلتاع المرأة فيها، باهزوجة الفجيعة، وهي ترقص مهتزة بين جهات الكون الأربع، بعويل ينبع من رثاء أور، والندب والعويل على موت (تموز)، واختفائه في درك العالم السفلي، حيث اللاعودة، لقد أدّت مخطط اللطم والسبي، والانسحاق المأتمي، الفنانة (شذى سالم)، بما ينسجم، وروح التراجيديا العراقية الراسخة، في مسيرتها الدموية وفواجعها المتوالدة، والمتكاثرة، دون أمل، او بصيص رجاء في الخلاص من هذه المحنة المستعرة، التي يقبض مشعلو حرائقها ثمن عمالتهم بمقدار ما يزهقونه من أرواح بريئة، بلعبة نرد عشوائية قدرية، تخبط مصائر الناس، شمالاً وجنوباً، دون اي احساس بشيء اسمه الضمير!! فهم ينحرون البشر كالأنعام! وعائشة هذه يأتيها رسولٌ من الحجاج، يطلب يدها، فتكشف لعبة تخفّيه، بعد ان بعثت بيده رسالة هي ان تبصق في وجهه الملطخ بالعار.
هذه المجابهة تظهر كيف يتحوّل فيها الحجاج الى رمز وإمارة وطاغية ومتطاول، ومتجبر على غمار الناس، والمنتهك للأعراض، والدعي بأنه يعمرّ أحجار المدينة، وانهارها، وآبارها ونخيلها.. لكنها تدهمه بحقيقة خيانته (للانسان)، وتفحمه عائشة بالسؤال: ما قيمة ان تربح طابوقاً، وان ترصفه قبراً على روح الانسان او تضيّق عليه معاشه، ثم ترسله الى جهنم التي لا يحفها من أطياف الجنة، سوى ارواح ارسلت غدراً الى باريها!! – استخدم المخرج تقنية تخص مصصطلح (الجروتسك)، او الهيئة الشائهة، التي يختلط قبحها بتهريج صادم، لما تظهره بطانة الطاغية، وما يبطنونه مع وليّ نعمتهم (الحجاج) المتلوّن كالحرباء، والعابر للحدود الاستبدادية وما تنطوي عليه من قيم بدوية، وعشائرية، وعصابية تحزبية، مقبورة، لا تنسجم مع أنشودة الديمقراطية، وقبولها بالآخر الذي لم يعد ضدّاً، وجحيماً، بل مشاركاً ايجابياً فعالاً في صياغة الروح البشرية السوية، التي تتكامل روحاً وجسداً، تتفاعل الأنا والعالم، او المواطن ومجتمعه في نظام حكم نزيه، يرعى مصالحهم ويوصلهم الى بر الأمان.
ثم يسقط الحجاج وهو يبحث عبثاً عن سيفه، مع غلامه، الذي يصفر تارة بصفارة رقيبٍ، يترصد العشّاق في خلواتهم، لكن يتغافل حين يبصر ذوي الأمر فينا!! فيتحول الى ديوث منضبط يحرس شذوذ الحاكمين!.
ومن المفارقات في انجاز خطة العرض الإخراجية، أن يتقمص الممثلون شخصياتهم الحقيقية، ولوازمهم اللفظية، ويعلنوا أسماء الآباء، وطبائعهم المعروفة، بعيداً عن اسمي الدورين، الحجاج والثقفي، وعائشة بنت مصعب. فيصبح (ميمون) هو الحجاج وتصبح ابنة طه سالم هي (عائشة)!.
او ينسى (ميمون) الحوار، فيخاطب سيّافه التابع، بأن يعينه على أمره، فيظن انه يطلب سيفاً، لكنه، ينزاح انزياحاً تقويضياً! بالكامل، ويتحدث معه باللهجة الدارجة، انه (نسي الحوار) ويريد (تذكيره به)!.
برزت اللازمة في اللهجة الشعبية، النافرة، التي رافقت الحوارات العربية الفصيحة، التي أجاد نسيجها بروح الشفرات المؤلف قاسم محمد، حتى تكاد – احياناً- تحسبها شعراً مسرحياً، فتأتي الالفاظ لتزاحم بلّورها الصافي، بلطخات كثيفة من العتمة التداولية اليومية، الخابية وكأن صانع العرض يريد منها، إبراز اقنعة ممسرحة، تحمل ضاغطاً تغريبياً، مباشراً، للجمهور العريض، واستدراجه لفخاخ الدكتاتورية النشاز، وفضح دجلها ونفاقها وآلياتها المموهة تحت موسيقى الالفاظ الناصعة المتناسقة، لكنها في كنهها عبارة عن تلفيق منبري خطابي، لا يُغني من فقر، ولا يشبع من جوع!.
- ملاك، قديس، بقبعته، وقوامه المرسوم أسود طويل وبندقيته، هذا ما ينتهي اليه الحجاج في عصر اختراق الفضاء، وتكريس حقوق الانسان. عودة الحجاج للمرة الألف تاريخياً، هو لعنة التاريخ المضطرب، ووصمة في جبين الشعوب، لأنها غفت ساعة غفلة، لينقضّ عليها فحول من الغيلان الكاسرة، فيخنق وباؤه الأنفس، ويعمّ الفساد.
- تظهر بشاعة الدكتاتورية في قتله أقرب خلصائه، ليتدحرج هذا الفارس، مضرجاً بالدم، حتى يظفر بزوجته! وهي من الحرائر!.
- استثمر المخرج، المسرح الدوار، اختصاراً للزمن الواقعي واستبداله بالزمن الفني، وأظهر لنا الممثلة، وهي تلاحق الجلاد، عبر الوديان، والفيافي، والمدن لتظفر به، وتشفي غليلها من هذا المجرم العاتي، الذي يتفلت مثل الزئبق من القصاص، ويتكاثر مثل الفطر المسموم في السهوب الواسعة، فتضيق بالناس، الأرض بما رحبت تحت قبضته الظالمة، لكنه سيبقى طريد العدالة، وساعتها سيصرخ مثلما صرخ ريتشارد الثالث- شكسبير: مملكتي بحصان!.
قدم الفنان الراحل قاسم محمد، من منظومة مسرحية خصبة، من عمق تجارب المسرح الروسي، المنفتح على عقول اخراجية غربية خلاقة، وبمثل تفاعله مع المسرح الاوروبي، والامريكي تراه باحثاً متعمقاً بتراث الأجداد، منهم على سبيل المثال الفترة العباسية، وصولاً الى الفترة العثمانية، والى ظواهر القرن العشرين، حتى آخر أعماله المرموقة في دولة (الامارات) الشقيقة.
ومن نباهة قاسم محمد، انه كان متابعاً خلاقاً، لمؤلفات أدبية، تخص الأديب (محيي الدين البرادعي)، الموسومة (مكاشفات عائشة بنت طلحة)، وقراءته –ايضاً- لمؤلفات (محمود تيمور) ليختار مقاطع محددة منها، ليوظفها في نصّه المسرحي، تحت عنوان: (مكاشفات).
ويعمل المخرج (غانم حميد) منذ سنين خلت على (الثيمة) السياسية ويقرنها مثل بعض المخرجين العرب، والعراقيين الجادين، بالبعد الاجتماعي، وما تفرزه السلطة من مظاهر متنوعة، ابرزها احتكار المال والسلاح والوجاهة المتسلطة الكابتة للحريات، والمستأثرة بثروات الاوطان المستلبة، والمحكومة بالحديد والنار.
يندرج عرض (مكاشفات) تحت هذه اليافطة العريضة من (مسرح التحريض)، وان اتخذت لبوساً تاريخياً صرفاً، يخص شخصاً يدعى الحجاج بن يوسف الثقفي، وهو قرين هتلر، وموسوليني، وطغاة العرب الذي جاء ربيع الخلاص منهم، وقدمت الشعوب فلذات أكبادها لتحقيق انتصاراتها، ولكنها قد غفلت عن جرائم جديدة، تطبخ للانقلاب على هذا التغيير الوطني الحاسم، لطرق الحكم، والوصول الى السلطة.
المخرج (غانم حميد) عبر ممارسات اخراجية ابداعية سابقة، استفز أعلى هرم في السلطة، كما فعل بعض أقرانه، وهو اليوم، كعهدنا به بالأمس، ينتصر لما يرشحه له ضميره الوطني، ووجدانه الجمالي، ومسؤوليته الفكرية، لمجابهة طغيان اليوم السياسي، باستعارة أمثولة الحجاج الثقفي، الذي استبدل الثمار اليانعة، بجزّ رقاب العباد!. لكي يستتب له الحكم، باسم الدين، او الشرع، او بأسماء شعبوبة تلفيقية أخرى.
هذا المخرج في تجربته (مكاشفات) أعاد بعضاً من تقاليد مسرحنا العراقي من حيث تنفيذ سينوغرافيا مبتكرة كما هو ديدن اساتذتنا الرواد، وتلامذتهم في جلّ عروضهم الابداعية الوطنية الملتزمة.
وباتت لدينا بضعة أسماء من العاملين الناجحين في السينوغرافيا، ومنهم الفنان المبدع (علي محمد السوداني) الذي نفخر بمنجزاته الكثيرة، ومن بينهم عروض كاتب هذه السطور.
ولا ينبغي نسيان الدأب الجمالي، والتنفيذي لمساعد المخرج (إحسان هادي)، وما حفلت به موسيقى العرض من ثقافة غنائية، ولحنية، وهارمونية، اضفت البهجة الشكلية والجمالية، وحققت اطاراً واضحاً لوحدة عناصر العرض الفنية، التي تكاملت مع أداء الممثلين، المتزامنة بتعبيريتها الأخاذة مع سحر المؤثرات البصرية، والسمعية، ويتضح هذا في التركيب المشهدي الجذاب للممثلة شذى سالم، وهي تقارع الفضاء، والفراغ المفتوح بحسن وقفاتها، ووضعياتها، وتحكمها الاشاري، في دور (عائشة بنت طلحة).

المصدر : جريدة المدى - د. عقيل مهدي 

تقيم لجنة المسرح النسائي ورشة المسرح المدرسي السبت القادم / أبراهيم الحارثي

مجلة الفنون المسرحية

تنظم لجنة المسرح النسائي بجمعية الثقافة و الفنون بجدة يوم السبت القادم ورشة المسرح المدرسي و التي تقدمها المخرجة المسرحية سامية البشري وتعد البشري مدربة معتمدة لدى إدارة النشاط الثقافي بوزارة التعليم .

تتضمن الدورة عدة محاور منها نشأة المسرح المدرسي بشكل عام، ومفهوم المسرح وأهدافه، وشرح دور رائدة النشاط المسرحي، كما وتطرق لأساسيات التأليف المسرحي، وأساسيات الإخراج المسرحي، و مسرحة المناهج ، إلى جانب تناول بعض الكتب المفيدة عن كيفية الحركة بالمسرح وعناصر العرض المسرحي.

وبينت سأمية البشري أن مثل هذه الدورات تساهم في صناعة ثقافة جيدة عند الحضور سيما و أن وزارة التعليم تتجه الآن لتفعيل دورها تجاه المسرح المدرسي و ذلك من خلال المنافسات المسرحية التي باتت تقيمها سنويا.

 و أضافت البشري : ستكون الدورة موجهة للنساء فقط و حرصنا في لجنة المسرح أن نقدم لهم حقيبة متكاملة في مدة زمنية قصيرة قد تساهم بشكل أو بآخر في تقديم القدرة اللازمة لإخراج عرض مسرحي مدرسي ، و أشارت البشري أن لجنة المسرح النسائي ستقدم العديد من الدورات المسرحية تباعا سواء في المسرح المدرسي أو في الثقافة المسرحية بشكل عام
يشار إلى أن الدورة ستقام يوم السبت القادم بجمعية الثقافة و الفنون بجدة و هي مخصصة للنساء فقط.

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption